المباحث الفقهیة ج01
تألیف: سماحة آیة الله العظمی المحقق الکابلی(دام ظله الوارف)
المباحث الفقهیة ج01
فصل فی الاجتهاد و التقلید
وجوب الإجتهاد و التقلید ص (1 - 3)
ارکان الاجتهاد ص (3 - 5)
احکام الاجتهاد ص (5 - 8)
ما هو رتبه الاجتهاد و التقلید و الاحتیاط ص (8 - 9)
موارد الاحتیاط ص (9 - 10)
جواز الاحتیاط ولو کان مستلزم لتکرار ص (10)
کلام محقق نائینی فی الاحتیاط ص (10 - 11)
کلام سید خوئی فی جوابه ص (11 - 12)
ینفى ذلک بأصالة البرائة ص (12 - 13)
هل الاحتیاط اذا استلزم التکرار لعب ص (13 - 14)
هل االاحتیاط فی العبادات یحتاج الی االاجتهاد و التقلید؟ ص (14 - 15)
لا حاجة الی التقلید و الضروریات ص (15)
المراد من البطلان عمل العامی ص (15 - 16)
ما هو معنی التقلید؟ ص (16 - 17)
الاشکال علی تفسیر التقلید والجواب عنه و قد استشکل ص (17 - 20)
عدم ورود التقلید فی النصوص ص (20)
دلیل وجوب التقلید للعامی ص (20 - 21)
دلیل وجوب التقلید للمجتهد ص (21 - 25)
المراد من التقلید عندنا ص (25 - 26)
اقوال حول اعتبار الحیاة فی المجتهد ص (26 - 34)
محصل البحث حول اعتبار الحیاة فی المجتهد ص (34 - 38)
اذعدل عن المیت الی الحی، لایجوز له العدول الی المیت ص (38 - 40)
لایجوز العدول عن الحی الی الحی الّا اذاکان الثانی أعلم ص (40 - 41)
فی صورت تعارض الفتویین احتمالات ثلاث ص (41 - 45)
فان کل من قلّد مجتهداً، یبقی بتقلیده مادام لم یصر غیره اعلم منه ص (45 - 49)
و لا یجوز العدول من الحى الى الحى بعد العمل بفتوى الاول ص (49 - 56)
یجب التقلید الاعلم مع الامکان ص (56 - 58)
و قد استدل لعدم وجوب تقلید الأعلم بوجوه ص (58 - 63)
اذا دار الامر بین طرح اصل الفتویین و اطلاقها ص (63 - 67)
استدلال علی وجوب التقلید الاعلم ص (67 - 69)
اشکال السید خوئی علی وجه الرابع والجواب عنه ص (69 - 72)
التفصیل بین دلیل اللّبی و اللّفظی ص (72 - 73)
التخییر فی التقلید اذا کان مجتهدان متساویین ص (74 - 75)
التقلید من غیر اعلم اذا لم یکن للاعلم فتوی فی مسألة ص (75 - 76)
وجوب الرجوع الی الحی الاعلم فی جواز البقا علی تقلید المیت ص (76 - 83)
عمل الجاهل المقصر بلا تقلید ص (83 - 84)
عمل الجاهل اذکان مطابقاً للفتوی ص (85 - 86)
الفرق فی الجاهل القاصر و المقصر فی المسئلة ص (86 - 88)
المراد من الاعلم ص (88 - 89)
عدم جواز تقلید المفضول فی صورة التوافق فتواه ص (89 - 90)
عدم الجواز تقلید غیر المجتهد ص (90)
معرفة المجتهد بالعلم الوجدانی و حجیته ص (90 - 94)
طرق اخری لعرفة المجتهد و تعیین التقلید عنه ص (94 - 95)
یشترط فى المجتهد أمور ص (95 - 100)
اشتراط العقل و الایمان ص (100 - 104)
اشتراط العلالة ص (104 - 106)
الشتراط الرجولة ص (106 - 108)
عدم جواز مرجعیة النساء ص (108 - 109)
اشتراط الحریة ص (109 - 110)
عدم جواز تقلید المتجزی ص (110 - 111)
ادلة صحة قضا المتجزی ص (111 - 116)
اشتراط الحیاة ص (116)
اشتراط الافضلیة ص (116)
اشتراط طهارة الولادة ص (116 - 118)
اشتراط عدم الاقبال الدنیا ص (118 - 119)
التنبیهات فی المسئلة ص (119 - 125)
المراد عن العدالة ص (126 - 128)
المراد من العدالة بین النسأ ص (128 - 135)
وجوه الاستدلال لقول المشهور ص (135 - 137)
هل تکون منافیات المروة، مخلا بالعدالة أم لا؟ ص (137 - 139)
یکفى فى تحقق العدالة، حسن الظاهر ص (139 - 141)
تثبت العدالةبشهادت عدلین و الشیاع ص (141 - 142)
وجب العدول عن المجتهد عند فقد الشرائطه ص (142 - 144)
بقا علی تقلید من یحرم البقاء ص (144 - 145)
وجوب علم المکلف بأجراء العبادات و غیره ص (145 - 146)
الجهل بالتعلم لا یکون عذراً ص (146 - 147)
وجوب تعلم مسائل الشک السهو ص (147 - 150)
حول وجوب التقلید فی المستحبات و المکروهات و المباحات ص (150 - 151)
وجوب العمل علی رأی الحادث عند تبدل رأی المجتهد ص (151 - 152)
وجوب الاحتیاط عدول المجتهد عن الفتوی الی لتوقف و التردد ص (152)
التخییر فی التقلید اذکان مجتهدان متساویان ص (152 - 153)
لزوم العدول الی الاعلم عمن یقول بحرمة العدول ص (154 - 155)
طرق العلم بفتوی المجتهد ص (155 - 156)
اذا قلّد من لیس له اهلیة الفتوی ص (156 - 157)
اذا کان الاعلم منحصراً فی شخصین ص (157 - 159)
جواز البقا عند الشک فی موت المجتهد او تبدل رأیه ص (159)
حول عبادة من کان بلا تقلید مدة من الزمان ص (159 - 174)
اذا دار الامر بین الاقل و الاکثر ص (174 - 175)
مساله 41 ص (175 - 176)
مساله 42 ص (176)
مساله 43 ص (176 - 189)
مساله 44 ص (189 - 190)
مساله 45 ص (190 - 191)
مساله 46 ص (191 - 192)
مساله 47 ص (192)
مساله 48 ص (192 - 194)
مساله 49 ص (194 - 195)
مساله 50 ص (195)
مساله 51 ص (195 - 199)
مساله 52 ص (199 - 200)
مساله 53 ص (200 - 204)
مساله 54 ص (204 - 205)
مساله 55 ص(205 - 206)
مساله 56 ص (206 - 207)
مساله 57 ص (207 - 209)
مساله 58 ص (209)
مساله 59 ص (209 - 210)
مساله 60 ص (210 - 212)
مساله 61 ص (212 - 213)
مساله 62 ص (213)
مساله 63 ص (213)
مساله 64 ص (214)
مساله 65 ص(214)
مساله 66 ص (214 - 215)
مساله 67 ص( 215 - 217)
مساله 68 ص (217 - 218)
مساله 69 ص (218)
مساله 70 ص (218)
مساله 71 ص (219)
مساله 72 ص (219)
فصل فی المیاه
فصل فی المیاه ص (219 - 227)
مساله 1 ص (227 - 240)
مساله 2 ص (240)
مساله 3 ص (240)
مساله 4 ص (240)
مساله 5 ص (241 - 244)
مساله 6 ص (244)
مساله 7 ص (244 - 246)
مساله 8 ص (246)
مساله 9 ص (247 - 258)
مساله 10 ص (258 - 259)
مساله 11 ص (259 - 260)
مساله 12 ص (261 - 262)
مساله 13 ص (262 - 267)
مساله 14 ص (267)
مساله 15 ص (267 - 268)
مساله 16 ص (268)
مساله 17 ص (268)
مساله 18 ص (269 - 272)
فصل الماء الجارى
فصل الماء الجارى ص (272 - 279)
مساله 1 ص (279)
مساله 2 ص (279 - 280)
مساله 3 ص (280 - 281)
اعتبار الدوام فی الماده ص (281 - 284)
مساله 8 ص (284 - 286)
فصل
الراکد بلامادة ینجس بالملاقات ص (286 - 303)
مساله 1 ص (303 - 304)
مساله 2 ص (305 - 314)
مساله 3 ص (314 - 315)
مساله 4 ص (315)
مساله 5 ص ( 315 - 316)
مساله 6 ص (316)
مساله 7 ص (316 - 321)
مساله 8 ص (321 - 328)
مساله 9 ص (328)
مساله 10 ص (329 - 330)
مساله 11 ص (330 - 332)
مساله 12 ص (332)
مساله 13 ص (332 - 333)
مساله 14 ص (333 - 337)
فصل فی ماء المطر
فصل فی ماء المطر ص (337 - 341)
مساله 1 ص (342 - 345)
مساله 2 ص (345 - 348)
مساله 3 ص (349)
مساله 4 ص (349 - 350)
مساله 5 ص (350 - 351)
مساله 6 ص (351)
مساله 7 ص (351)
مساله 8 ص (351)
مساله 9 ص (351)
مساله 10 ص (352)
مساله 11 ص (352 - 353)
فصل ماء الحمام
فصل ماء الحمام ص (353 - 359)
فصل فی ماء البئر النابع
فصل فی ماء البئر النابع ص (359 - 367)
مساله 1 ص (367 - 369)
مساله 2 ص (369 - 370)
مساله 3 ص(370)
مساله 4 ص (370)
مساله 5 ص (371)
مساله 6 ص (371 - 384)
مساله7 ص (384 - 385)
مساله 8 ص (385 - 386)
مساله 9 ص (386 - 388)
مساله 10 ص (388 - 393)
فصل الماء المستعمل فى الوضوء
فصل الماء المستعمل فى الوضوء ص (393 - 420)
مساله 1 ص (420 - 421)
مساله 2 ص (421 - 424)
مساله 3 ص (424)
مساله 4 ص (424 - 425)
مساله 5 ص (425)
مساله 6 ص (425)
مساله 7 ص (426)
مساله 8 ص(427 - 428)
مساله 9 ص (428)
مساله 10 ص (428)
مساله 11 ص (428 - 429)
مساله 12 ص (429 - 431)
مساله 13 ص (432)
مساله 14 ص (432 - 433)
مساله 15 ص (433)
فصل فی الماء المشکوک نجاسته
فصل فی الماء المشکوک نجاسته ص (434 - 438)
مساله 1 ص (439 - 445)
مساله 2 ص (445 - 447)
مساله 3 ص (447)
مساله 4 ص (447 - 449)
مساله 5 ص(449 - 454)
مساله 6 ص (454 - 465)
مساله 7 ص (466)
مساله 8 ص(466 - 467)
مساله 9 ص (467 - 469)
مساله 10 ص (469 - 470)
مساله 11 ص (471 - 472)
مساله 12 ص (472 - 475)
فصل الأسئار
فصل الأسئار ص (475 - 480)
فصل فی النجاسات
فصل فی النجاسات ص (481 - 498)
مساله 1 ص (498 - 501)
مساله 2 ص (501 - 511)
مساله 3 ص (511 - 522)
مساله 4 ص (522 - 523)
المنی نجس من کل حیوان ص (523 - 527)
المیتة نجسة من کل ماله دم سائل ص (527 - 539)
مساله 1 ص (539 - 541)
مساله 2 ص (541 - 549)
مساله 3 ص (550 - 553)
مساله 4 ص (554)
مساله 5 ص (554 - 558)
مساله 7 ص (563 - 564)
مساله 8 ص (564 - 568)
مساله 9 ص (569 - 572)
مساله 10 ص ( 572 - 576)
مساله 11 ص(576)
مساله 12 ص (576 - 579)
مساله 13 ص (580)
مساله 14 ص (580 - 581)
مساله 15 ص (581)
مساله 16 ص (581 - 582)
مساله 17 ص (582 - 584)
مساله 18 ص (584)
مساله 19 ص (584 - 586)
المباحث الفقهیة ج01
▲ المباحث الفقهیة ج01
فصل فی الاجتهاد و التقلید
▲ فصل فی الاجتهاد و التقلید
وجوب الإجتهاد و التقلید ص (1 - 3)
▲ وجوب الإجتهاد و التقلید ص (1 - 3)
(مسألة 1) یجب على کل مکلف فى عباداته و معاملاته ان یکون مجتهداً او مقلداً او محتاطاً.(1)
(1) هذا الوجوب التخییرى فطرى فان فطرة کل ذى شعور حاکمة على وجوب دفع الضرر المحتمل، حیث ان فى ترک الثلاثة احتمالا لضرر العقاب، فإنا نعلم بأنا لسنا مثل الحیوانات لم نکن مکلفین بالواجبات و المحرمات بل نحن مکلفون بها فإذا علمنا بذلک تحکم فطرتنا بدفع العقاب و طریقه منحصر بالثلاثة.
و العقل ایضاً یحکم بوجوب شکر المنعم و هو لا یحصل الا باطاعته و هى منحصرة بالثلاثه على التخییر.
و لکنه یکمن ان یقال: إن ترک شکر المنعم، یمکن أن یوجب ترک الانعام و لا یستلزم استحقاق العقاب; فالعمدة فى المقام هو حکم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل، و هو لا یحصل إلاّ باطاعة المولى و ترک عصیانه و هو یتوقف على الثلاثة بنحو التخییر; هذا فیما إذا علم اجمالا بالاحکام فى الشریعة المقدسة.
و اما إذا إنحل العلم الاجمالى بالظفر بالمقدار المعتد به من الأحکام، فالامر بالاجتهاد او الاحتیاط او تعلم المسائل، یکون طریقیاً إلى تنجــز الاحکام فلو کان الحکم الواقعى موجوداً، یکون منجزاً، فلا یجوز للمجتهد الرجوع إلى اصل البرائة إلاّ بعد الفحص و عدم وجدان الدلیل على المشکوک.
ثم ان بعض المعلقین على العروة الحق بالعبادات و المعاملات المستحبات و المکروهات و المباحات و بعض الآخر العادیات ایضاً.
و هذا لاوجه له فإن هذه الأمور یجوز ترکها و فعلها، فکیف یکون التقلید واجباً فیها، و اما وجوب الاجتهاد او التقلید او الاحتیاط فى الواجبات و المحرمات، فواضح، فإنه مع عدم الثلاثة یبتلى المکلف اما بفعل الحرام او ترک الواجب.
و امّا فى المعاملات، فلاجل عدم الابتلاء بأکل المال بالباطل، و حیث انه حرام فمآله الى ارتکاب الحرام.
ثم ان الاجتهاد عرّف باستفراغ الوسع والطاقة لتحصیل الظن بالحکم الشرعى -کما فى کلمات جملة من الاعلام- والاصل فیه هو اهل السنة، و تبعهم غیر واحد من اصحابنا.
و لکنه لا یتم على مسلک أصحابنا القائلین بانفتاح باب العلم و العلمى بالاحکام، فان الاجتهاد عندهم عبارة عن بذل الجهد او استفراغ الوسع لتحصیل الحجة على الحکم الشرعى، فان البحث عن حجیة خبر الواحد و ظواهر الکتاب و الاجماع المنقول المحفوف بالقرینة و الاجماع العملى المعبّر عنه بالسیرة من المتشرعة و الاصول العملیة و التعادل و الترجیح و غیرها داخل فى استفراغ الوسع و بذل الجهد.
نعم عند القائل بانسداد باب العلم و العلمى بالاحکام کالمحقق القمى((قدس سره)) لا یبعد صحة التعریف السابق و لکن التحقیق یقتضى عدم صحة التعریف المذکور حتى على القول بالانسداد لما حققنا فى محله من أن نتیجة مقدمات دلیل الانسداد على القول بتمامیتها هو التبعیض فى الاحتیاط لا حجیة الظن المطلق.
ثم انه بناءً على ما اخترناه من التعریف، یصبح النزاع بین الاصولى القائل بمشروعیة الاجتهاد و الاخبارى القائل بعدم مشروعیته، لفظیاً، فان الاصولى قائل بمشروعیته بمعنى تحصیل الحجة على الحکم الشرعى، و الاخبارى المنکر لها ینکره بمعنى تحصیل الظن بالحکم الشرعى، و اما العالم الذى یبذل الجهد لتحصیل الحجة على الحکم الشرعى، فهو مورد لقبولهم و إن لم یسمّوه مجتهداً.
ارکان الاجتهاد ص (3 - 5)
▲ ارکان الاجتهاد ص (3 - 5)
ثم إن الاجتهاد له ارکان ثلاثة: احدها العلوم العربیة، و العمدة فیها هو الصرف و النحو فلابد من تسلطه علیهما حتّى یمیز بین الفاعل و المفعول و المبتداء و الخبر و الحال و التمیز و... یعرف الماضى و المضارع و الأمر و النهى و جمیع الصیغ من کل باب کالثلاثى و الرّباعى و المجرد و المزید فیه و غیرها، و إلا فلا یعرف معنى الکتاب و السنة و آراء الفقهأ حیث ان کلها بلغة العربیة.
ثانیها علم الرّجال على مبنى مجموعة من الفقهاء و هم القائلون بأن عمل الأصحاب بالرّوایة لا یکون جابراً لضعفها سنداً و لا دلالة، و کذلک اعراضهم عنها لا یکون کاسراً لسندها حتى تخرج الروایة التى کانت رواتها ثقات عن الاعتبار.
و امّا على ما ذهب إلیه معظم الأصحاب من ان عمل المشایخ جابر لضعف السند و اعراضهم کاسر له، فلا حاجة کثیرة إلى علم الرجال.
قال المحقق الهمدانى ((قدس سره)): ( لیس المدارعندنا فى جوازالعمل بالروایة على اتصافها بالصحة المطلوبة، و الا فلا یکادیوجد خبر یمکننااثبات عدالة رواتها على سبیل التحقیق لولا البناء على المسامحة فى طریقها والعمل بظنون غیرثابت الحجیة، بل المدار على وثاقة الراوى اوالوثوق بصدور الّروایة و ان کان بواسطة القرائن الخارجیة التى عمدتها کونها مدونة فى الکتب الاربعة او المأخوذة من الاصول المعتبرة مع اعتناء الاصحاب بها و عدم اعراضهم عنها(الى ان قال): ولاجل ماتقدمت الاشارة الیه جرت سیرتى على ترک الفحص عن حالهم) انتهى
فعلى هذا المعنى یکون اللازم معرفة الروایة هل هى معمول بها عند الاصحاب لتکون حجة او معرض عنها، لتکون ساقطة عن الاعتبار، فعلیه لا تمس الحاجة الى علم الرجال الاّ فى بعض الموارد کما إذا لم یظهر لنا عمل الاصحاب على طبق الروایة او اعراضهم عنها.
قلت: العبرة بأحد الامرین إما وثاقة الروات الواقعة فى السند مع عدم اعراض الاصحاب عن الروایة، و أما الوثوق بالصدور و لو کان المنشأ فیه عمل الاصحاب، فلابد من ملاحظة الموارد لکى یعرف أن الوثوق بوثاقة الروات فى اى مورد یحصل و الوثوق بالصّدور کذلک، فالحاجة الى علم الرجال إنما هى لمعرفة حال الروات، فان المسائل التى لم یعرف فیها، عمل الاصحاب او کانت الآراء فیها
مختلفة، لابد فیها من التوجه الى المدرک و هو فى الغالب لیس إلاّ الأخبار
ثالثها علم الاصول و هو العمدة فى حصول الاجتهاد، و هو عبارة عن العلم بالقواعد الّتى یمکن أن تقع فى طریق الاستنباط کحجیة خبر الواحد و ظواهر الکتاب و السنة و الاجماع المنقول و الشهرة الفتوائیة المنضمة الى الروایة و الاستصحاب و اصالة الاشتغال و البرائة و التخییر و الظن المطلق عند الانسدادىو الخبر الراجح عند المعارضة و قاعدة الملازمة بین وجوب الشىء و وجوب مقدماته أو وجوب الشىء و حرمة ضده و مثل الملازمة بین انتفاء الشرط و انتفاء الجزاء و مثل ظهور الامر فى الوجوب و النهى فى الحرمة و حجیة العام بعد التخصیص فى الباقى و حمل المطلق على المقید أو على افضل الافراد و نحو ذلک.
احکام الاجتهاد ص (5 - 8)
▲ احکام الاجتهاد ص (5 - 8)
ثم ان الاجتهاد له احکام ثلاثة: الاول عدم جواز رجوعه إلى الغیر و التقلید له فإن ما یستنبط منه الغیر للحکم الشرعى باختیاره فهو قادر على الاستنباط، و الرجوع الى الغیر هو وظیفة الجاهل، و هو لیس بجاهل حتى یرجع الى الغیر.
الثانى جواز رجوع الغیر إلیه، فانه عالم بالاحکام الشرعیة، فمن لم یکن کذلک، یجوز له الرجوع الیه کما جرت علیه السیرة من المتشرعة و العقلاء.
الثالث جواز الافتاء و القضاء و التصدى للامور الحسبیة له، و تدل على ذلک عدة من النصوص :
منها مقبولة عمربن حنظلة قال : سألت أبا عبدالله علیه السلام عن رجلین من أصحابنا بینهما منازعة فى دین أو میراث فتحاکما الى السلطان و الى القضاة أیحل ذلک؟ قال: من تحاکم الیهم فى حق أو باطل، فإنما تحاکم الى الطاغوت، و ما یحکم له فإنما یأخذ سحتاً و إن کان حقاً ثابتاً له، لانه أخذه بحکم الطاغوت و ما أمر الله أن یکفر به، قال الله تبارک و تعالى : ( یریدون أن یتحاکموا الى الطاغوت ، وقدأمروا أن یکفرو به )
قلت : فکیف یصنعان ؟ قال : ینظران من کان منکم ممن قد روى حدیثنا ونظر فى حلالنا وحرامنا وعرف أحکامنا، فلیرضوا به حکماً، فانى قد جعلته علیکم حاکماً فاذاحکم بحکمنا، فلم یقبل منه فأنما استخف بحکم الله و علینا رد، و الرّاد علینا الرّاد على الله و هو على حد الشرک بالله.(1)
و منها صحیحة أبى خدیجة قال : بعثنى ابو عبدالله علیه السلام الى أصحابنا فقال : قل لهم : ایاکم اذا وقعت بینکم خصومة أو تدارى فى شىء من الاخذ والعطاء أن تحاکمواالى احد من هؤلاء الفساق، أجعلوا بینکم رجلا قد عرف حلالنا و حرامنا،فانى قد جعلته علیکم قاضیاً، وإیّاکم ان یخاصم بعضکم بعضاً الى السلطان الجائر(2) و منها ما رواه الصدوق عن على (ع) قال: قال على (علیه السلام) قال رسول لله (صلى الله علیه و آله) اللّهم ارحم خلفائى ـ ثلاثاً - قیل: یا رسول الله و من خلفائک ؟ قال: الذین یأتون بعدى یروون حدیثى و سنتى.(3)
ومنها مارواه اسحاق بن یعقوب قال : سألت محمد بن عثمان العمرى ان یوصل لى کتاباً قد سألت فیه عن مسائل اشکلت على، فورد التوقیع بخط مولانا صاحب الزمان (عجل الله فرجه):اما ما سألت عنه ارشدک الله و ثبّتک (الى ان قال): و امّا الحوادث الواقعة، فارجعوا فیها الى روات حدیثنا، فانهم حجتى علیکم و أنا حجة الله، و اما محمد بن عثمان العمرى فرضى الله عنه و عن ابیه من قبل فإنّه
ثقتى و کتابه کتابى.(4)
و منها صحیحة أخرى عن أبى خدیجة سالم بن مکرم الجمال قال: قال أبو عبدالله جعفر بن محمد الصادق علیه السلام: ایاکم ان یحاکم بعضکم بعضاً الى اهل الجور و لکن انظروا الى رجل منکم یعلم شیأً من قضایانا فاجعلوه بینکم فانى قد جعلته قاضیاً، فتحاکمو الیه.(5)
ثم ان المقبولة من حیث السند لا بأس بها فان عمر بن حنظله و ان لم یوثق فى کتب الرجال الا ان القدح ایضاً لم یرد فیه، فتلّقى الاصحاب لها بالقبول -حتى سمیت بمقبولة- یکفى فى الوثوق بصدورها فتکون حجة. على ان روایة(6) یزید بن خلیفه تدل على وثاقته و هو و ان لم یوثق بالخصوص الا ان روایة صفوان بن یحیى عنه تدل على وثاقته لقول الشیخ فى العدة ان صفوان و ابن ابى عمیر و
البزنطى لا یروون الا عن ثقة، روى صفوان عنه فى فروع الکافى ج4 ب کفارة الصوم، ص144.
و قد یناقش فى دلالتها بانها مختصة فى مورد المخاصمة و النزاع فلا تدل على حاکمیة الفقیه مطلقا.
الجواب عن ذلک ان مورد المقبولة و إن کان التخاصم و النزاع إلا ان کلام الامام (علیه السلام) عام حیث قال: قد جعلته علیکم حاکماً، و لم یقل: قد جعلته علیهما (اى المتخاصمین) حاکماً، فالعبرة بعموم کلام الامام(ع) لا بخصوصیة المورد، فاذن لا یبعد ان یکون حکم الحاکم حجة حتى فى مورد مثل ثبوت الهلال ایضاً.
و مما یدل على ان الهلال یثبت بحکم الحاکم صحیحة محمد بن قیس عن ابى جعفر (علیهما السلام) قال: اذا شهد عند الامام شاهدان انهما رأیا الهلال منذ ثلاثین یوماً، أمر الامام بافطار ذلک الیوم، اذا کانا شهدا قبل زوال الشمس و اذا شهدا بعد زوال الشمس، أمر الامام بافطار ذلک الیوم و اخّر الصلاة الى الغد فصلّى بهم.(7)
و المراد من الامام من الیه الحکم سواء کان المعصوم او نائبه الخاص او نائبه العام و هو الفقیه الذى یصلح له الحکم و هو یستفاد من صحیحة الحلبى و فى ذیلها: (و الامام بمنزلته (اى النبى) اذا رفع الیه قال: نعم(8)
فاذا ضممنا الیها معتبرة حفص بن غیاث، ینتج ان الامام یشمل الفقیه الجامع للشرایط، قال: سألت ابا عبدالله علیه السلام من یقیم الحدود السلطان او القاضى؟ فقال: اقامة الحدود الى من الیه الحکم.(9)
و قال المفید((قدس سره))فى المقنعة: فاما اقامة الحدود فهو الى سلطان الاسلام المنصوب من قبل الله و هم ائمة الهدى من آل محمد (علیهم السلام) و من نصبوه لذالک من الامراء و الحکام و قد فوضوا النظر فیه الى فقهاء شیعتهم مع الامکان.
فالمستفاد من صحیحة محمد بن قیس أّن حکم الفقیه الجامع للشرائط حجة فى اثبات الهلال و أوّل الشهر، فلا یبقى المجال لما قد یقال بان حکم الحاکم الجامع للشرائط لا دلیل على حجیته لا ثبات ذلک.
(1)(2)(3)- س ج 18 ب 11 من ابواب صفات القاضى ح 1 و 6 و 7 ص99 و 100 و 101
4- س ج 18 ب اامن ابواب صفات القاضى ح 9 ص 101
5- س ج 18 ب11 من ابواب صفات القاضى ح 5 ص 4
6-س ج 4 جدید ب 10 من ابواب المواقیت ح1
7- س ج 7 ب 6 من ابواب احکام شهر رمضان ح 1 ص 199
8- س ج 18 ب 17 من ابواب اقامة الحدود ح 2 ص 329
9- س ج 18 ب 28 من ابواب مقدمات الحدود ح 1 ص 338
ما هو رتبه الاجتهاد و التقلید و الاحتیاط ص (8 - 9)
▲ ما هو رتبه الاجتهاد و التقلید و الاحتیاط ص (8 - 9)
ثم لا یخفى أن الاجتهاد و التقلید و الاحتیاط فى مقام العمل فى عرض واحد فان کلا منها موجب لفراغ الذمة و لکن رتبة الاحتیاط متأخرة عن عدلیه لأّن معرفة موارد الاحتیاط فى کثیر من الموارد تحتاج الى الاجتهاد او التقلید، بل فى غیر واحد من الموارد لا یمکن الاحتیاط کدوران الأمر بین المحذورین و الشبهات الوجوبیة اذا کانت اطرافها کثیرة.
و التقلید ایضاً متأخر عن الاجتهاد لأن القطع بأن التقلید موجب لفراغ الذمة لابّد أن یکون عن اجتهاد لا عن تقلید و الّا لزم الدّور أو التسلسل:
بیان ذلک ان المکلف اذا علم بحجیة قول الفقیه بالنسبة الیه فهو مجتهد فى جواز التقلید و ان لم یعلم بذلک و قلّد غیره فى جواز التقلید فجواز العمل بقوله مشکوک فیه و اذا قلد الثالث ایضاً لا ینفع للشک فى حجیة قوله و هکذا فان رجع الى الرابع و الخامس فصاعداً لزم التسلسل و ان رجع الى الاول لزم الدور، فعلیه لابد له من تحصیل القطع بحجیة قول العالم للجاهل فان حصل له القطع بذلک فقد
اجتهد فیه و القطع یحصل بذلک بمراجعة عموم العقلاء فیه فان السیرة القطعیة من العقلاء جاریة على رجوع الجاهل الى العالم و العمل بقوله و من عدم ردع هذه السیرة نکشف امضائها عند الشارع.
نعم لا مانع من التقلید فى فروعه کجواز تقلید غیر الاعلم، و البقاء على تقلید المیت و التبعیض عند تساوى المجتهدین او التخییر بینهما و نحو ذلک.
موارد الاحتیاط ص (9 - 10)
▲ موارد الاحتیاط ص (9 - 10)
ثم إنّ موارد الاحتیاط کثیرة لانه اما یکون فى الشبهات الحکمیة و اما یکون فى الشبهات الموضوعیة و على التقدیرین اما تکون الشبهة وجوبیة و اما تکون تحریمیة و على التقادیر اما یکون الشک فى التکلیف او فى المکلف به، لا اشکال فى جواز الاحتیاط فى الشبهات التحریمیة مطلقاً و لم یستشکل فیه احد، و کذالا اشکال فى جوازه فى الشبهات الوجوبیة التوصّلیة، فلو شک فى انه مدین من فلان الف تومان أولا؟ جاز اعطائه له بلا اشکال.
جواز الاحتیاط ولو کان مستلزم لتکرار ص (10)
▲ جواز الاحتیاط ولو کان مستلزم لتکرار ص (10)
(مسألة4) الا قـوى جواز الاحتیاط و لو کان مستلزماً للتکرار(1) و امکن الاجتهاد و التقلید.
(1) الاشکال انما هو فى موردین أحدهماان الاحتیاط فى العبادات هل یکون فى عرض الاجتهاد و التقلید او یکون مقدماً علیهما او یکون مؤخراً عنهما.
الثانى هل یجوز الاحتیاط فى العبادات اذا کان مستلزما للتکرار کما إذا اشتبه القبلة و صلّى الى أربع جهات أو دار الأمر بین القصر و التمام أو بین الظهر و الجمعة.
قد یقال بتقدم الاحتیاط على الاجتهاد و التقلید، فان بالاحتیاط تکون البرائة قطعیة، بخلاف الاجتهاد و التقلید فان احتمال الخلاف باق فیهما.
و یردّه ان المجتهد أو المقلّد اذا اتى بالصلاة قصراً بحسب اجتهاده أو تقلیده، کان احتمال الخلاف ملغى فلا یعتنى به و وجوده کعدمه.
و قد یقال: بتقدم الامتثال التفصیلى بالاجتهاد أو بالتقلید او بالرجوع الى الامارة على الامتثال الاجمالى، لان التمییز و قصد الوجه منتف فى الامتثال الاجمالى، فمع امکان الامتثال التفصیلى، لاتصل النوبة الى الامتثال الاجمالى.
کلام محقق نائینی فی الاحتیاط ص (10 - 11)
▲ کلام محقق نائینی فی الاحتیاط ص (10 - 11)
و عن المحقق النائینى ((قدس سره))، أن العبادة لابد أن یؤتى بها عن تحریک المولى و بعثه، و لا یتحقق ذلک مع الاحتیاط، لان الداعى للمکلف نحو العمل و الا تیان به حینئذ لیس الا احتمال تعلق الامر به، و الانبعاث مستند الى احتمال البعث لا الى البعث نفسه، فمع التمکن من الامتثال التفصیلى و العلم بالواجب لا تصل النوبة الى الاحتیاط.
ثم لو شککنا فى ذلک و لم ندر ان الامتثال الاجمالى و الاحتیاط فى عرض الامتثال التفصیلى أو فى طوله بمعنى ان الانبعاث یعتبر ان یکون مستنداً الى الأمر جزماً، أو أن الانبعاث اذا استند الى احتمال الامر ایضاً یکفى فى الامتثال، فلا مناص من ان یرجع الى قاعدة الاشتغال، لأنه من الشک فى کیفیة الاطاعة و الامتثال و انه لابد ان یکون تفصیلیاً أو یکفى فیه الاحتیاط، فان العمل على تقدیر وجوبه عبادى، فاذا شک فى کیفیة طاعته، لابد من الا حتیاط; و قصد القربة و التعبد وان کان مأخوذا فى المتعلق شرعاً عنده و الشک فى اعتباره من الشک بین الاقل و الاکثر، الا ان اعتبار قصد القربة اذا کان معلوماً فى مورد و شک فى کیفیة طاعته، فهو یرجع الى الشک فى التعیین و التخییر و هو مورد لقاعدة الاشتغال و زاد ان العلم بالتکلیف موجود فى مورده فلابد من الخروج عن عهدته بما یراه العقل طاعة.
کلام سید خوئی فی جوابه ص (11 - 12)
▲ کلام سید خوئی فی جوابه ص (11 - 12)
و اجاب عن ذلک سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) أولا بانّا لانشک فى ان الامتثال الاجمالى فى عرض التفصیلى،فان الفارق بین التوصلى والتعبدى أنه لا یعتبر فى الاول أن یؤتى به بقصد الامر و الامتثال، فان تمام المقصود هو اتیان نفس المأمور به، و اما الثانى فالمقصود فیه ان یؤتى به بقصد الأمر ومضافاً الى المولى، و الاضافة الى المولى سبحانه، قد یتحقق باتیان ما هو المأمور به على وجه التفصیل، و قد یتحقق باتیانه على وجه الاجمال، فان اتیان ما هو المأمور به بین اثنین او ثلاثة، مضافاً الى المولى، یکفى فى تحقق الامتثال، الا ترى ان العقلاء لا یرون الامتثال الاجمالى فى طول الامتثال التفصیلى، بل یحکمون بتحقق الامتثال عند اتیان المحتملات و ان کان الآتى بها متمکنا من الامتثال التفصیلى.
و ثانیاً لو فرض الشک فى انه هل یعتبر فى مرحلة الامتثال، ان یکون التحرک عن تحریک المولى مع امکان العلم التفصیلى بالمأمور به او یکفى التحرک عن احتمال التحریک، نرجع الى اصل البرائة عن اعتبار ان یکون التحرک عن تحریک المولى، فنقول: ان المعلوم هو ان یکون اتیان المأمور به مضافاً الى المولى و مقروناً بقصد الامتثال، و الزائد عن ذلک مرفوع بأصالة البرائة.
و بعبارة اخرى، هل یعتبر الجزم بالمأمور به حین اتیانه ام لا؟
ینفى ذلک بأصالة البرائة ص (12 - 13)
▲ ینفى ذلک بأصالة البرائة ص (12 - 13)
فنقول: ینفى ذلک بأصالة البرائة، فاللاّزم هو اتیان المأمور به مضافاً الى المولى و ان لم یکن حین الاتیان جازماً بذلک، و لکنه یعلم بعد الاتیان بالمحتملات، انه أتى بالمأمور به، مقارنا بقصد الامتثال.
قلت: ما افاده لا یمکن المساعدة علیه، فان ظاهر التکلیف المتوجه الى العبد هو احراز متعلقه با جزائه و شرائطه، الا ترى ان ظاهر کلام المولى صلّ الى القبلة هو احراز الصلاة و احراز القبلة، فلو تمکن المکلّف من احراز اجزاء الصلاة و احراز القبلة و لم یحرزها و اقدم على الصلاة بلا معرفة اجزائها تفصیلا و بلا احراز القبلة و صلى الى اربع جهات، کان مقدما على ما هو مخالف لظاهر کلام المولى، فکیف یکون امتثاله الاجمالى فى عرض الامتثال التفصیلى.
نعم لو لم یتمکن من معرفة اجزاء الصلاة تفصیلا و لم یتمکن من احراز القبلة کذلک، یحکم العقل بکفایة الامتثال الاجمالى، فعلیه یکون الامتثال الاجمالى فى طول الامتثال التفصیلى، فلا یبقى المجال للقول بأن الامتثال الاجمالى عند العقلاء فى عرض التفصیلى.
و قد ظهر مما ذکر نا انه لا یبقى لنا الشک فى أن التحرک لابد ان یکون عن تحریک المولى و لا یکفى فیه ان یکون التحرک عن احتمال تحریکه حتى یرجع الى اصل البرائة، فان ظاهر کلام المولى إذا کان احراز المأمور به باجزائه و شرائطه، فلازمه هو ان یکون التحرک عن تحریک المولى، فلا یبقى لنا الشک حتى یرجع الى اصل البرائة.
على انه لو شککنا فى ذلک، کان مقتضى القاعدة، الاشتغال لأنه شک فى سقوط التکلیف بعد القطع بالثبوت، و الاشتغال الیقینى، یقتضى البرائة الیقینیة.
هل الاحتیاط اذا استلزم التکرار لعب ص (13 - 14)
▲ هل الاحتیاط اذا استلزم التکرار لعب ص (13 - 14)
و قد یستشکل على الاحتیاط إذا استلزم التکرار بانه لعب و عبث مع امر المولى کما إذا دار الامر بین القصر و التمام و کان الساتر مردداً بین الطاهرو النجس و القبلة مرددة بین اربع جهات و المسجد مرددا بین ما یصح السجود علیه و ما لا یصح السجود، فعلى الاحتیاط لابد ان یصلى صلاة واحدة کالظهر مثلا اثنین و ثلاثین مرة، و کذا العصر، فیصلیهما اربعاً و ستین مرة، واللعب و العبث بما انه مذموم، لا یمکن ان یقع مصداقا للواجب و محبوباً.
واجیب عن ذلک اولا بان تکرار المأمور به للاحتیاط، قد یکون فیه غرض عقلائى، کما إذا کان الاجتهاد أو التقلید او الرجوع الى الامارات محتاجا الى مؤونة زائدة، کالسفر الى بلد آخر او المشى الى مکان آخر، و کان تکرار العبادة للاحتیاط، اقل مؤونة منه، فاذن لایلزم من الحتیاط، العبث و اللغو.
و ثانیاً لو فرض انه لا غرض عقلائى فى الاحتیاط و کان الا جتهاد أو التقلید أو الرجوع الى امارة القبلة، ممکنا بسهولة، و مع ذلک احتاط فى مقام الامتثال
بالتکرار، یقع ماهو واجد للشرائط على طبق المأموربه، واللعب انما هو فى طریق الاحراز، فما هو امتثال لا یکون لعباً اصلا و ما یکون لعباً لا یکون به الامتثال.
اقول: لا شک فى ان العبد حین الشروع فى العمل حیث لا یمیّز اللّعب عن الامتثال، لا یکون مقدماً على اتیان وظیفته الفعلیة لاحتمال انه یلعب فیکون هذا النحو من العمل مرجوحاً عند العقل، فلا یراه فى عرض الامتثال التفصیلى.
و اما إذا کان هناک غرض عقلائى للتکرار، فاللعب و ان کان منتفیاً الا ان مخالفة ظواهر الادلّة المثبتة للأجزاء و الشرائط محقّقة، فان ظاهرها احرازها کما عرفت، فلو قال المولى: صلّ مع الطّهارة المائیة، لکان ظاهره احراز الماء ثم التوضأ او الاغتسال به ثم الصّلاة و کذا بقیة الشرائط.
فعلیه یکون الاحتیاط المستلزم للتکرار مرجوحاً الاّ فیما إذا لم یتمکن من تشخیص المأمور به تفصیلا، فهناک لا شبهة فى رجحان الاحتیاط فمهما تمکّن من الامتثال التفصیلى، کان الاحتیاط اللازم ترک الامتثال الاجمالى.
هل االاحتیاط فی العبادات یحتاج الی االاجتهاد و التقلید؟ ص (14 - 15)
▲ هل االاحتیاط فی العبادات یحتاج الی االاجتهاد و التقلید؟ ص (14 - 15)
(مسألة5) فى مسألة جواز الاحتیاط، یلزم ان یکون مجتهداً او مقلداً(1) لانّ المسألة خلافیة.
(1) فیه ان خصوص الاحتیاط فى العبادات یحتاج الى الاجتهاد او التقلید، لانّ جواز العمل به لا یکون من البدیهیات و الواضحات حتى لا یحتاج الى التقلید او الاجتهاد، و اما فى بعض موارد الآخر، فلا حاجة فیه الیهما، کالاحتیاط فى ترک شرب التتن و التدخین و الاحتیاط فى ترک المصارعة و ترک اللعب بکرة القدم و ترک شرب القهوة و ترک أکل الزبیب المطبوخ و ترک الصید و نحوذ لک و کذا ترک الاکل من الجبن و الدهن المصنوع فى بلاد الکفر و ترک الاکل فى السوق.
و کذ الأمر فى الواجبات التوصلیة کغسل الثوب و البدن من کل نجاسة ثلاث مرات.
و الحاصل ان فى کل مورد لا یحتمل فیه الوجوب التعبدى و کان فیه احتمال الحرمة او الکراهة، یجوز الاحتیاط بالترک بلا اجتهاد و تقلید.
فعلیه یرد الاشکال على الماتن و المحشین حیث لم یعترضوا علیه فى هذه المسألة فان الاحتیاط فى جمیع هذه الموارد لایحتاج الى الاجتهاد او التقلید کما عرفت.
اللّهم الاّ ان یقال: إن مراد الماتن من الاحتیاط هو الاحتیاط فى العبادات، فیرتفع الاشکال.
لا حاجة الی التقلید و الضروریات ص (15)
▲ لا حاجة الی التقلید و الضروریات ص (15)
(مسألة6) فى الضّروریات لا حاجة الى التقلید کوجوب الصلاة و الصّوم و نحوهما و کذا فى الیقینیات اذا حصل له الیقین، و فى غیرهما یجب التقلید ان لم یکن مجتهداً، إذا لم یمکن الاحتیاط(1) و ان امکن، تخیّر بینه و بین التقلید.
(1) قد تقدم ان التقلید انما هو لتحصیل المؤمن من العقاب فى مرحلة الاطاعة و الامتثال و فى الضروریات و الیقینیات، امکن الامتثال بلا تقلید و اجتهاد و احتیاط، و بعبارة اخرى الاجتهاد و التقلید، طریقان تعبدیان لاطاعة المولى، فاذا کان الواجب او الحرام ضروریاً او یقینیاً، لا حاجة الى التماس طریق تعبدى، و اما الاحتیاط فهو فیما اذا کان الواجب او الحرام ذا احتمالین او احتمالات، ففى
الضرورى او الیقینى، لا یحتمل الخلاف فلا موضوع للاحتیاط.
المراد من البطلان عمل العامی ص (15 - 16)
▲ المراد من البطلان عمل العامی ص (15 - 16)
(مسألة7) عمل العامى بلا تقلید و لا احتیاط باطل.(2)
(2) المراد من البطلان هو عدم جواز الاکتفاء به فى مرحلة الامتثال لعدم الحجة على الامن من العقاب، فحیث ان دفع الضرر المحتمل واجب یحکم العقل بتحصیل المؤمن بالاحتیاط او التقلید.
و لیس المراد منه البطلان واقعاً، فلو عقد على امرأة بالفارسیة بلا تقلید، یحکم العقل بعدم جواز ترتیب آثار الزوجیة علیه لاحتمال کونه فى الواقع باطلا، فیستحق العقاب بذلک، و کذا لو دار الامر بین القصر و التمام و اکتفى بالصلاة قصراً بلا تقلید، یحکم العقل بعدم جواز الاکتفاء بذلک، فان الاشتغال الیقینى یقتضى البرائة الیقینیة، و اصالة حرمة الاستمتاع بهذه المرأة جاریة، فلو اجتهد او قلّد من یقول بصحة العقد بالفارسیة و ان الوظیفة کانت قصراً یحکم بصحة العقد و الصلاة قصراً و هذا واضح.
ما هو معنی التقلید؟ ص (16 - 17)
▲ ما هو معنی التقلید؟ ص (16 - 17)
(مسألة8) التقلید هو الالتزام بقول مجتهد معین و ان لم یعمل بعد(1) بل و لو لم یأخذ فتواه فاذا اخذ رسالته و التزم بالعمل بما فیها، کفى فى تحقق التقلید.
(1) اختلف الأصحاب فى معنى التقلید على أقوال:
أحدها الالتزام بقبول قول مجتهد معین و ان لم یعمل بعد -کما اختاره المصنف ((قدس سره))-
ثانیها الأخذ بقول الغیر من غیر حجة.
ثالثها انه قبول قول الغیر من غیر حجة.
رابعها انه التعلم لأجل العمل -کما عن المیلانى ((قدس سره))-
خامسها انه العمل المستند الى فتوى المجتهد -کما عن عدة من الاصحاب- و هو الا قوى و هو الاخص من المعانى الأربعة، فان العمل المستند الى قول المجتهد، لا ینفک عن تعلّم فتواه و قبولها و أخذها و الالتزام بها و لاعکس فان التعلم و القبول و الأخذ و الالتزام، قد تتحق و لا یتحقق العمل;
و قد تطابقت اللغة و الاخبار و العرف على ان التقلید هو العمل المعلّق بالعنق، یقال تقلّد السیف اى جعل حبله فى عنقه، و قلّد البعیر للهدى اى علّق النعلین فى عنقه، و فى حدیث الخلافة، قلّدها رسول الله ((صلى الله علیه وآله)) علیاً اى جعلها فى عنقه، فعلیه یکون التقلید فى المقام، جعل العامى اعماله فى عنق المجتهد.
فلو فسّرناه بالالتزام، یکون معناه، جعل فتوى المجتهد فى عنق العامى فیصبح المجتهد مقلداً لانّه جعل فتواه فى عنق العامى، و هو مخالف لما تسالم علیه الأصحاب من أنّ المقلّد هو العامى لا المجتهد، فانه مقلَّد هذا کلّه بحسب اللغة.
و أمّا الاخبار، فایضاً تثبت معناه اللّغوى: منها صحیحة عبدالرحمان بن الحجاج قال: کان ابو عبدالله علیه، قاعداً فى حلقة ربیعة الرأى فجاءاعرابى، فسأل ربیعة الرأى عن مسألة، فاجابه، فلما سکت، قال له الاعرابى: اهو فى عنق؟ فسکت عنه ربیعة و لم یرّد علیه شیئاً، فأعاد المسألة علیه، فاجابه بمثل ذلک، فقال له الاعرابى: اهو فى عنق، فسکت ربیعة، فقال ابو عبدالله ((علیه السلام)) هو فى عنقه قال او لم یقل، و کل مفت ضامن(1)
و منها روایة اسحاق الصیر فى، قال: قلت لابى ابراهیم((علیه السلام)): ان رجلا أحرم فقلم اظفاره و کانت له اصبع علیلة فترک ظفرها لم یقصه فافتاه رجل بعد ما أحرم، فقصه فادماه فقال: على الذى افتى شاة(2)
و منها مارواه أبو عبیدة عن ابى جعفر((علیه السلام)): من افتى الناس بغیر علم و لاهدى من الله، لعنته ملائکة الرحمة و ملائکة العذاب، و لحقه وزر من عمل بفتیاه(3)
واما العرف، فترى انهم یقولون: قلّدت القلادة فى عنق الفتاة اوالزوجة و قلدتک الدعاء و الزیارة. اى جعلتهما فى عنقک.
(1)(3)- ج 18 ب 7 من ابواب آداب القاضى ح 2 و 1 ص 161
2- س ج 9 ب 13 من ابواب بقیة کفارات الاحرام ص 294
الاشکال علی تفسیر التقلید والجواب عنه و قد استشکل ص (17 - 20)
▲ الاشکال علی تفسیر التقلید والجواب عنه و قد استشکل ص (17 - 20)
و قد استشکل على ذلک صاحب الکفایة((قدس سره)) بان التقلید ان کان نفس العمل بفتوى الغیر، فاول عمل یصدر من المکلف، یصدر من غیر تقلید، لأن ذلک العمل غیر مسبوق بالتقلید الذى هو العمل، مع ان العمل لابد ان یکون مسبوقا بالتقلید، لانّ المکلّف لابد أن یستند فى اعماله الى الحجة، فکما أن المجتهد یستند عمله الى اجتهاده و هو امر سابق على عمله، کذلک العامى لابد ان یستند الى التقلید و یلزم ان یکون تقلیده سابقاً على عمله، فعلیه یکون التقلید هو الاخذ بقول الغیر والالتزام به، فالعمل الذى یصدر منه یکون مسبوقاً بالتقلید.
و یردّه انه لم یدّل آیة او روایة على ان العمل، لابد ان یکون مسبوقاً بالتقلید حتى نلتزم بما ذکره، بل الدلیل قام على ان العمل بلا تقلید باطل و لا یکون موجباً للأمن من العقاب، فاذا اتى به المکلّف مستنداً الى فتوى المجتهد، یکون العمل تقلیداً للمجتهد و اطاعة للمولى، فلم یتحقق عمل بلا تقلید حتى یحتاج الى الالتزام.
و قد یورد على تفسیر التقلید بالعمل بانه مستلزم للدّور، فان مشروعیة العبادة متوقفة على التقلید، اذ لو لم یقلّد، لم یتمکن من الاتیان بها بما أنها مأمور بها حتى تقع عبادة، فلو کان تقلیده متوقفاً على اتیانه بالعبادة -لعدم تحقق التقلید الاّ بالعمل - لدار.
و یردّه ان مشروعیة العمل العبادى یتوقف على الدلیل و الحجة علیه و لو کان فتوى المجتهد، ولا تتوقف على التقلید، فان التقلید لا یکون مشرّعاً و هو یتحقق بالعمل، فالتقلید یتحقق بالعمل بلا فرق بین العبادى و غیره و هو لا یتوقف على التقلید، بل یتوقف العمل على قیام الدلیل و الحجة علیه و لو کان فتوى المجتهد.
و قد یقال: ان ما ذکرتم من ان التقلید هو العمل المستند الى فتوى المجتهد یتم فیما إذا کان المجتهد واحداً او متعدداً مع الاتفاق فى الفتوى، و أما مع التعدد و التعارض فى الفتوى، فلا یکون التقلید الاّ الالتزام بقول احدهما او احدهم لان موضوع الحجة، لا یتحقق الا بالالتزام با حدى الفتویین او الفتاوى، و هو مقدمة لتطبیق العمل على طبقها.
و الوجه فى ذلک أنّ الحجة یمتنع ان تکون الجمیع، لاستلزامه الجمع بین الضدین او المتناقضین، ولا واحد معیّن لانه بلا مرجح، کما یمتنع الحکم بالتساقط و الرجوع الى غیر الفتوى لانه على خلاف السیرة و الاجماع، فاذن یتعیّن ان یکون الحجة ما یختاره المکلف و یلتزم به، فان الحجة فى مفروض الکلام هى احدى الفتویین او الفتاوى تخییراً و التمیز انما یکون بالاختیار و الالتزام.
و فیه اولا انه لو کان احدهما او احدهم اعلم، یطبّق عمله بفتواه فهو مثل ما اذا کان واحداً.
و ثانیاً انه لو لم یکن اعلم او لم یعرف، فبناءً على ما ذهب الیه الاستاذ الخوئى((قدس سره))، یأخذ باحوط القولین او الا قوال، فلا حاجة الى الاختیار و الالتزام.
و فیه اولا انه سیجئ انشاء الله ان الأخذ بذلک، لا یکون عملیاً و لا یتیسّر ذلک للعامى من اول الطهارة الى آخر الدیات.
و ثانیاً ان السیرة القطعیة قائمة على جواز تطبیق العمل على احدى الفتویین أو الفتاوى بلا فرق بین ان تکون مطابقة للاحتیاط اولا و بلا فرق بین ان یطبق عمله على ما التزم به من الفتوى و غیره فلو التزم ان یأخذ بفتوى زید و طبّق عمله بفتوى عمرو حین العمل لا بأس بذلک لما تقدم من ان التقلید هو العمل المستند بفتوى الفقیه و الالتزام لا دخل له فى التقلید اصلا.
عدم ورود التقلید فی النصوص ص (20)
▲ عدم ورود التقلید فی النصوص ص (20)
ثم ان عنوان التقلید لم یرد فى شیئ من النصوص المعتبرة لنبحث عن مفهومه سعة وضیقاً، نعم و رد فى ما رواه الاحتجاج مرسلا عن التفسیر المنسوب الى العسکرى ((علیه السلام)): (فأما من کان من الفقهاء صائناً لنفسه حافظا لدینه، مخالفاً على هواه، مطیعاً لأمر مولاه، فللعوام ان یقلّدوه، و ذلک لا یکون الا بعض فقهاء الشیعة لا کلّهم.(1)
و هى و ان تدل على اعتبار العدالة فى الفقیه و حجیة فتواه، الا ان ارسالها مانع عن الاعتماد علیها، و قد اشرنا فیما سبق أن التقلید لا یکون تقلیدیاً فلابد للعوام ان یقطع بوجوبه،
1- س ج 18 ب10 من ابواب صفات القاضى ح 20 ص95
دلیل وجوب التقلید للعامی ص (20 - 21)
▲ دلیل وجوب التقلید للعامی ص (20 - 21)
و الذى یمکن ان یستند العامى الیه فى التقلید أمران: احدهما الارتکاز الثابت ببناء العقلاء، حیث ان بنائهم فى امور المعاد و المعاش على الرجوع الى اهل الخبرة، و هذا لارتکاز ثابت لکل احد و قد جرت سیرتهم على ذلک و لم یردع عنها الشارع، فهى حجة، و لا یلزم ان یلتفت العامى الیها تفصیلا، و ان یتلفت الیها بادنى تنبیه و اشارة.
ثانیهما دلیل الانسداد، فان کل مکلّف معتنق بالدین، یعلم ان فى دین الاسلام واجبات و محرمات ولابد من الخروج عن عهدتها، و ذلک لا یمکن الاّ بالاجتهاد او التقلید او الاحتیاط، و الاول لا یکون واجباً عینیا على کل احد بالضرورة، و الاخیر یحتاج الى معرفة موارده و هو غیر میسور للعوام، فلا یبقى الا التقلید، فان الظن ایضاً لا یکون له حجة لانه لیس من اهل النظر و الاستنباط، حتى یکون ظنه اقرب الى الواقع، فلا یبقى له الا الرجوع الى العالم، فانه یعلم ان الشارع نصب له طریقاً و هو لیس الا فتوى العالم و أهل الخبرة.
و لکن العامى لا یقدر ان یقرر دلیل الانسداد على هذا النحو الا ان العالم و المجتهد إذا قرّره و بیّنه، یقطع بذلک، فبیان العالم، یوجب علمه بذلک، لا انه حجةعلیه تعبداً حتى یقال: ان حجیة قوله یحتاج الى دلیل.
هذا کله بالنسبة الى العامى;
دلیل وجوب التقلید للمجتهد ص (21 - 25)
▲ دلیل وجوب التقلید للمجتهد ص (21 - 25)
و امّا المجتهد، فیمکن له ان یستدل على جواز التقلید فى شرع الاقدس بأمور:
منها الایة مبارکة: (فلو لا نفر من کل فرقة منهم طائفة لیتفقهوا فى الدین و لینذروا قومهم اذا رجعوا الیهم لعلهم یحذرون.)(1)
فانها تدل على وجوب النفر لوقوعه عقب لو لا التحضیضیة و لکنه مقدمى و الغایة منه التفقه و الانذار و الغرض منه الحذر، فالحذر عند الا نذار واجب، سواء حصل العلم للمنذر بالفتح ام لا؟ و ذلک لاطلاق الآیة.
و منها قوله تعالى: فاسألوا أهل الذکر ان کنتم لا تعلمون(2) فان الامر بالسؤال عن أهل الذکر، مقدمة للعمل بما اجابوا، فالمراد هو وجوب السئوال لاجل العمل و لیس المراد هو السؤال فى نفسه، فانه لغو لا یکون مصّححاً للأمر، ان لم یکن مقدمة للعمل، فتکون الایة دلیلا على حجیة قول العالم للجاهل، فیجب علیه العمل به.
و قد نوقش فیها من وجوه: الأول أنّ المراد من الآیة وجوب السؤال الى ان یحصل العلم ثم العمل به، فلا دلالة لها على وجوب التقلید و العمل على قول العالم تعبداً.
و فیه انه خلاف المتفاهم عند العرف الا ترى أنه لو قال المولى: ان لم تعلم علاج المرض، فراجع الطبیب، یفهم العرف منه الوظیفة عند الجهل هو الرجوع الى اهل الخبرة و قبول قولهم، لا الرجوع الیهم لتحصیل العلم.
الثانى أن أهل الذکر قد فسّر فى الاخبار باهل الکتاب او الائمة علیهم السلام و هو ینا فى ان یکون المراد منه الفقهاء، فلا تدل الآیة على حجیة قول الفقیه للعامى.
الجواب ان التفسیر انما هو لبیان بعض مصادیق العالم و الکلى و هو لا یوجب تخصیصه به، فان اثبات الشىء لا ینفى ما عداه، فالمورد ان کان من الامور الاعتقادیة کنبوة نبینا((صلى الله علیه وآله))، فالمناسب ان یسأل عن علماء الیهود لانهم عالمون بالتورات التى فیها علامات نبى الخاتم، و ان کان من الفروع، فالمناسب أن یسأل عن النبى او الائمة((علیهم السلام)) و عند عدم الوصول الیهم، فالمناسب ان یسأل عن الفقهاء فالآیة تضمنت القاعدة الکلیة المسلّمة عند العقلاء و هى رجوع الجهال الى العلماء و لا اختصاص لها بمورد دون مورد.
الثالث ما افاده سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) من ان مورد ها ینا فى القبول التعبدى، حیث انه من الاصول الاعتقادیة بقرینة الآیة السابقة علیها و هى قوله تعالى : (و ما ارسلنا قبلک الّا رجالا نوحى الیهم، فاسألوا أهل الذکر ان کنتم لا تعلمون) و هو ردّ لاستغرابهم تخصیصه سبحانه رجلا بالنبوة من بینهم، فموردها النبوة و یعتبر فیها العلم و المعرفة و لا یکفى فیها مجرد السؤال من دون ان یحصل به الا ذعان، فلا مجال للاستدلال بها على قبول قول الفقیه تعبداً.
الجواب عن ذلک قد ظهر مما أجبنا به عن الوجه السابق، فان الامر بسؤال الجهال عن العلماء ارشاد الى القاعدة الکلیة المسلمة عند العقلاء و هو رجوع الجاهل الى العالم فى کل مورد و امضاءله.
و الذى یکشف عن ذلک انهم لو لم یسألوا عن علمائهم واعتقدوا نبوة نبینا بملاحظة معجزاته، لم یکونوا معاقبین لأجل ترک السؤال.
ولکنه یمکن المناقشة فیها بانها لیست دلیلا مستقلا لجواز التقلید وحجیة قول الفقیة، بل تکون امضاء للسیرة العقلائیة القائمة على رجوع الجاهل الى العالم، و هو لاینافى قیام الدّلیل على ان النبوة لا تثبت الا بالعلم و الیقین، فان العقل حاکم بان ما هو اصل الدین و اساسه لا یثبت بالظن فالسؤال بالنسبة الى النبوة لابد ان یکون بمقدار یحصل العلم بها ولوکان ذلک بالسؤال عن عدة من العلماء.
و امّا الاخبار فهى على طوائف: إحدیها الاخبار الآمرة بالافتاء لبعض الأصحاب کقول أبى جعفر((علیه السلام)) لأبان بن تغلب: إجلس فى مسجد المدینة و أفت الناس، فانى أحّب أن یرى فى شیعتى مثلک (3)
و منها ما رواه معاذبن مسلم النحوى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: بلغنى انک تقعد الجامع فتفتى الناس، قلت: نعم وارد ت ان اسألک عن ذلک قبل ان اخرج: إنى اقعد فى المسجد فیجیئى الرجل، فیسألنى عن الشئ فاذا عرفته بالخلاف لکم أخبرته بما یفعلون، و یجیئ الرّجل أعرفه بمودتکم و حبکم، فاخبره بما جاء عنکم و یجیئ الرجل لا أعرفه و لا ادرى من هو فاقول: جاء عن فلان کذا و جاء عن فلان کذا، فادخل قولکم فیما بین ذلک، فقال لى: اصنع کذا، فإنى کذا اصنع.(4)
الثانیة النصوص المشتملة على ارجاع الناس الى اشخاص معینین کا العمرى و ابنه، و یونس بن عبد الرحمان و زکریا بن آدم، و یونس مولى آل یقطین، و الارجاع الى روات حدیثهم، فان الارجاع الیهم کما یشمل الّروایة عنهم((علیهم السلام))کذلک یشمل الافتاء و اعمال النظر و الاجتهاد و الاستنباط، کالجمع بین العام و الخاص و المطلق و المقید و الخبرین المتعارضین.
منها ما رواه أحمد بن اسحاق عن ابى الحسن((علیه السلام)) قال: سألته و قلت: من أعامل و عمن آخذ؟ و قول من أقبل؟ فقال: العمرى ثقتى فما ادّى الیک عنى، فعنّى یؤدى، و ما قال لک عنى فعنى یقول، فاسمع له و اطع فانه الثقة المأمون، قال: و سألت ابا محمد((علیه السلام)) عن مثل ذلک؟ فقال: العمرى و ابنه ثقتان، فما ادیا الیک عنى فعنى یؤدیان و ما قالا لک فعنى یقولان فاسمع لهما و اطعهما فانهما الثقتان المأمونان.(5)(الحدیث)
و منها ما رواه عبد العزیز بن المهتدى و الحسن بن على بن یقطین جمیعاً عن الّرضا((علیه السلام)) قال: قلت: لا اکاد اصل الیک اسألک عن کل ما احتاج الیه من معالم دینى، أفیونس بن عبدالرحمان ثقة آخذ منه ما احتاج الیه من معالم دینى؟ قال: نعم.(6)
و منها ما رواه الشعیب العقر قوفى قال: قلت لابى عبدالله((علیه السلام)): ربمااحتجنا ان نسألک عن الشىء فمن نسأل؟ قال: علیک بالاسدى یعنى ابا بصیر.(7)
و منها ما رواه یونس بن یعقوب قال: کنا عند ابى عبدالله((علیه السلام)) فقال: اما لکم اما لکم من مستراح تسترحون الیه؟ ما یمنعکم من حارث بن مغیرة النضرى.(8)
و منها ما رواه على بن مسیّب الهمدانى قال: قلت للرضا((علیه السلام)): شقتى بعیدة و لست أصل الیک فى کل وقت، فمن من آخذ معالم دینى؟ قال: من زکریا بن آدم القمى المأمون على الدین و الدنیا، قال على بن المسیّب: فلمّا انصرفت، قدمنا على زکریا بن آدم، فسألته عما احتجت الیه.(9)
و منها ما رواه عبدالعزیز بن المهتدى قال: قلت للرضا((علیه السلام)): ان شقتى بعیدة، فلست اصل الیک فى کل وقت، فآخذ معالم دینى عن یونس مولى آل یقطین؟ قال: نعم.(10) و نحوها غیرها.
1- التوبة 9- الآیة 122
2- الانبیاء 21- الآیة 7
3-س ج 20 ص 116 ب الهمزة
4-س ج 18 ب 11 من ابواب صفات القاضى ح 36 ص 108
5- س ج 18 ب 11 من ابواب صفات القاضى ح 4
6- س ج 18 ب 11 من ابواب صفات القاضى ح 4 و 9 و 15 و 23و 24 و 27 و 31 و 33 و 34 و 35 و 36 و 42 و 45.
7- س ج 18 ب 11 من ابواب صفات القاضى ح 4 و 9 و 15 و 23و 24 و 27 و 31 و 33 و 34 و 35 و 36 و 42 و 45.
(8)(9)(10)س ج 18 ب 11 من ابواب صفات القاضى ح 4 و 9 و 15 و 23و 24 و 27 و 31 و 33 و 34 و 35 و 36و 42 و 45.
المراد من التقلید عندنا ص (25 - 26)
▲ المراد من التقلید عندنا ص (25 - 26)
و قد تحصل مما ذکرنا أن التقلید فى المقام هو العمل المستند الى قول الغیر، و الدلیل على جوازه امور ثلاثة:
الاول السیرة القطعیة بین العقلاء، فانها قائمة على رجوع الجاهل الى العالم بلا فرق بین المسلمین و الکفار، و العقل قاطع به فى کل حرفة و فن، و لم یردع.
عنها الشارع، بل آیة السؤال تدل على امضائها.
الثانى آیة النفر، فانها تدل على وجوب الإنذار بعد التفقّه، بلا فرق بین الا نذار الصریح و الضمنى، کما فى بیان الوجوب و التحریم، فیکون القبول العملى واجباً، و الا لزم لغویة الانذار، و مقتضى الاطلاق عدم الفرق بین ما إذا حصل العلم للمنذَرین و عدم حصوله، فعلیه یجب على العامى قبول قول الفقیه و العمل بمقتضاه تعبداً و هو التقلید الّذى نحن بصدده.
الثالث الروایات الکثیرة المتواترة اجمالا الدالة على الرجوع الى الفقهاء و الروات و العمل على طبق اقوالهم و فتیاهم کما تعرضنا لجملة منها.
فالنتیجة أن الأدلة الأربعة دلت على وجوب التقلید على من لم یکن مجتهدا و لم یکن قادراً على الاحتیاط، اولم یقدم علیه و ان کان قادراً علیه.
اقوال حول اعتبار الحیاة فی المجتهد ص (26 - 34)
▲ اقوال حول اعتبار الحیاة فی المجتهد ص (26 - 34)
(مسألة 9) الا قوى جواز البقاء على تقلید المیت، و لا یجوز تقلید المیت ابتداء(1)
(1) اختلفوا فى اعتبار الحیاة فى المجتهد المقلَّد و عدمه على اقوال ثلاثة:
أحدها جواز الرجوع الى المیت مطلقاً بلا فرق بین الابتداء و الاستدامة کما عن الأخباریین و بعض الأصولیین کالمحقق القمى((قدس سره)) فى جامع الشتات و هو مختار العامة ایضاً.
ثانیها عدم الجواز مطلقا، لا ابتداء و لا استدامة.
ثالثها التفصیل بالمنع عن تقلید المیت ابتداء و جوازه بحسب البقاء اما القول الأول، فقد استدلوا علیه بوجهین.
الأول أن الآیات و الرّوایات الّدالة على حجیة فتوى الفقیه و العالم و أهل الذکر، لم تقیّد بحال الحیاة، فمقتضى الا طلاق عدم الفرق فى الحجیة بین الحیاة و
الممات، فالنتیجة هو التخییر بین تقلید الحى و المیت.
و أجیب عن ذلک، بأن الاختلاف فى الفتوى بین الاحیاء و الاموات و کذا بین الاموات انفسهم و بین الاحیاء کذلک، مانع عن شمول الاطلاقات لها، فان شمولها للجمیع، یستلزم الجمع بین المتضادین او المتناقضین و لبعضها دون البعض، ترجیح بلا مرجّح، فلا تشملها الاطلاقات.
و یرّده النقض بالأحیاء اذا کانو متعددین، فکلما کان الجواب عند تعدد الاحیاء، کان الجواب کذلک عند تعدد الاموات، و الجواب الحلى سیجئ انشاء الله.
و اجاب سیّدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) عن الاطلاقات بان الأدلّة القائمة على حجیة فتوى الفقیه و جواز الرجوع الیه لا اطلاق لها من تلک الناحیة لتشمل فتوى المیت فى نفسها، و ذلک لأنها انما دلت على وجوب الحذر عند انذار المنذر و الفقیه او على السؤال عن أهل الذکر او على الرجوع الى روات الحدیث او الناظر فى الحلال و الحرام او غیر ذلک من العناوین الواردة فى الاخبار و لا شبهة فى ان القضایا ظاهرة فى الفعلیة، بمعنى ان معنى قولنا- مثلا-: العالم یجب اکرامه، ظاهره انه من کان متصفاً بالعلم بالفعل هو الذى یجب اکرامه، لا الأعم منه و ممن انقضى عنه المبدأ، اذاً مقتضى الأدلة المتقدمة ان من کان متصفاً بالانذار -فعلا- او بالفقاهة او العلم او غیرهما من العناوین بالفعل، هو الذى یجوز تقلیده; و لا اشکال فى ان المیت لا یتصف بالانذار او أهل الذکر او بغیرهما من العناوین المتقدمة بالفعل (الى ان قال): و لا نرید بذلک دعوى ان الحذر یعتبران یکون مقارنا للانذار - و حیث ان هذا لا یعقل فى فتوى المیت فان الحذر متأخر عن انذاره لا محالة، فلا تشمله المطلقات- بل نلتزم بعدم اعتبار التقارن بینهما، قضاء لحق المطلقات لعدم تقییدها بکون احدهما مقارنا للآخر.
و انما ندعى ان فعلیة العناوین المتقدمة و صدقها بالفعل هى المأخوذة فى موضوع الحجیة بحیث لو صدق ان المیت منذر بالفعل او فقیه او من اهل الذکر کذلک، وجب الحذر عند انذاره و حکمنا بحجیة فتواه و ان لم یکن الحذر مقارنا لانذاره، کما اذا لم یعمل المکلف على طبقه بان فرضنا ان المجتهد افتى و انذرو شمل ذلک زیداً -مثلا- ثم مات المجتهد قبل ان یعمل المکلف على طبق فتواه، فانه حجة حینئذ لان انذاره المکلف انما صدر فى زمان کان المجتهد فیه منذراً بالفعل، اى کان منذراً حدوثاً و ان لم یکن کذلک بحسب البقاء.
و اما اذا لم یصدق المنذر او الفقیه او بقیة العناوین المتقدمة على المیت و لو بحسب الحدوث کما فى التقلید الابتدائى، نظیر فتوى ابن ابى عقیل بالاضافة الى امثالنا، فلا تشمله المطلقات لأن انذاره لیس من انذار المنذر او الفقیه بالفعل.
و فیه ان آیتى النّفر و السؤال و أمثالهما، انما تدل على حجیة قول الفقیه و العالم لأنه اهل الخبرة بالاضافة الى أحکام الله، فلو لم یکن آیتى النفر و السؤال کان الجهال یرجعون الى العلماء و یعملون باقوالهم و یحترمون نظریاتهم کما جرت علیه السّیرة من المشترعة بل من العقلاء -فالآیتان امضاء للسیرة و الإنذار فى الحقیقة انّما یکون ببیان حکم الله تعالى، و هو تبارک و تعالى حىّ و أحکامه باقیة، ففتوى الفقیه انما هو طریق الى حکم الله و لا دخل لحیاته و موته بالاضافة الیه أصلا، و لم یقم أى دلیل على انّ الفقیه الحى فتواه طریق تام الى حکم الله، فاذا مات صارت طریقیته ناقصة;
الا ترى أن الطّبیب إذا الف کتاباً فى الطّب، یرجع العقلاء الیه بلا فرق بین حیاة المؤلف و فوته، و لا یحتملون أن کشف نظریاته عن الواقع، ینقص بعد الموت.
و اما ما استشهد به على ذلک من قوله: العالم یجب اکرامه، ظاهره ان من کان متصفاً بالعلم فعلا، یجب اکرامه، فلا شهادة له على ما ادّعاه اصلا فان موضوع الاکرام هو الحى کالاقتداء، کما اذا قال: صّل خلف العالم، فهل یصح ان یقال: ان الاقتداء بالمیت لا یمکن فتقلیده باطل.
و المثال المناسب للمقام أن یقول المولى: یحرم إهانة العلماء، فنقول: لا فرق فى حرمتها بین الأحیاء و الاموات.
و بتقریب آخر ان لانذار المنذر حیثیتان: احدیهما حیاته و فقاهته و تلبسه بالانذار;
ثانیهما اشتماله على حکم الله تعالى، و لا شک فى ان الحذر مترتب على الحیثیتة الثانیة، فان المکلّف ان حذر و اطاع، کان مطیعاً لله تعالى و ان لم یحذر و لم یطع کان عاصیاً، و لا یصّح اسنادهما الى الفقیه المنذر أصلا، فمنه یعلم ان التفقه، طریق الى حکم الله و الا نذار ابلاغ له، فحیاته او موته بعده لا دخل له فى لزوم الحذر اصلا. ثم انه کما لا دخل لحیاة المنذر فى لزوم الحذر، کذلک لادخل فیه لکون المنذَرین هم القوم، و ان صرّح فیها بانذارهم، فان الآیة المبارکة منزلة على ما هو الغالب المتعارف بین المسلمین من ان المحصلین و العلماء بعد نیل و طرهم فى المعاهد العلمیة، إذا رحلو منها رجعوا الى قومهم و ینذرهم لا ان انذار القوم شرط فى لزوم الحذر، فانه منفى قطعاً، ألا ترى أنه لو نفر من افغانستان الى النجف او قم مثلا و بعد فراغ التحصیل هاجر الى الافریقیا او الهند و أنذر هناک، لم یستشکل علیه أحد و قد و فى بوظیفته الشرعیة جزماً، و کذا اذا بقى فى الحوزة مشغولا بالتدریس و التألیف.
و الحاصل أن الآیة تدّل على وجوب أمور أربعة:، 1، وجوب النفر، 2، وجوب التفقه فى الدین، 3، وجوب الانذار إذا رجع، 4، وجوب الحذر على المنذَرین سواء کانو من القوم او غیرهم، فکما ان انذار القوم، لا یکون شرطاً فى وجوب الحذر - مع التصریح به فیها- فکذلک حیاة المنذر لیست شرطا له، لعدم دلالة الآیة على المقارنة بین الانذار و الحذر- کما اعترف الاستاذ بذلک-.
فعلیه کما یجب الحذر بعد انذار المنذر اذا کان حیاً، کذلک یجب الحذر بعد انذاره حتى على من لم یکن موجوداً عند الانذار و وجد بعد فوت المنذر.
فالآیة المبارکة امضاء للسّیرة الجاریة بین العقلاء و هو رجوع الجاهل الى العالم بلا فرق بین حیاته و موته، و بلا فرق بین ان یکون الرجوع بالسؤال عن العالم أو بالرجوع فى رسالته بعد موته و بلا فرق بین ان یکون الانذار شفاهاً أو بالکتب فى الرّسالة، فوظیفة الفقیه بیان احکام الله و هو انذار مطلقا.
الوجه الثانى سیرة العقلاء و بنائهم على الرجوع الى العلماء بلا فرق بین الأحیاء و الاموات، الا ترى انه لو مرض احدهم لرجعوا فى علاجه الى القانون من بوعلى سینا و غیره من کتب الاموات من غیر نکیر من احد، و حیث لم یردع عنها فى الشریعة المقدسة، نستکشف انها ممضاة و حجة شرعاً.
و أجاب سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) عن هذه السیرة بقوله: ان جریان السیرة على رجوع الجاهل الى العالم مطلقاً و ان کان غیر قابل للمناقشة الا أنها لو لم تکن مردوعة بما یأتى من الادلة الواردة فى حجیة فتوى الفقیه، ظاهرة فى فتوى احیائهم ـ لا تقتضى جواز تقلید المیت فى نفسها، و ذلک لما مر من ان العامى فضلا عن غیره، لا تخفى علیه المخالفة بین العلماء الأموات و الاحیاء فى المسائل الشرعیة، بل بین الاموات انفسهم، و مع العلم بالمخالفة لا تشمل السیرة فتوى المیت بوجه، لأن الأدلة ومنها السیرة غیر شاملة للمتعارضین.
و فیه أولا بالنقض فى فتوى الأحیاء، فانها مختلفة جداً کما هو واضح، فهل یمکن ان یقال: انه لا سیرة على رجوع الجاهل الى العالم لاجل الا ختلاف بین العلماء فى الفتوى.
و ثانیاً بالحل، فان السیرة جاریة على رجوع الجاهل الى العالم بلا فرق بین الحى و المیت -کما فى الرجوع الى قانون بو على و غیره-، و الاختلاف فى الفتوى، مانع عن قیام السیرة فى خصوص مورده فى فرض التساوى لا مطلقا، و لا فرق فى ذلک بین الأحیاء و الأموات، فلو اختلف المیت و الحى فى الفتوى، تسقط الأدلة اللفظیة بالتعارض، فلو کان احدهما اعلم من الآخر، قامت السیرة على
الرجوع الیه و ان کان هو المیت، و لم یرد اى ردع عن ذلک، بل عرفت ان آیة النفر تدّل على الامضاء.
ثم ان سیدنا الاستاذ((قدس سره)) و ان سلّم الرجوع الى الاعلم و ان کان من الأموات، لقیام السیرة على ذلک، فلو وقع التعارض فى المسألة الطبیة بین الحى و ابن سینا فى القانون و علم ان ابن سینا اعلم من ذلک الطبیب، لرجع العقلاء الى ابن سینا لا الى الطبیب الحى و لا یرون موته موجباً لنقص نظریته.
قال((قدس سره)): إن السیرة مما لایمکن الاستدلال بها فى المقام، و ذلک
لاستلزامها حصر المجتهد المقلّد فى شخص واحد فى الاعصار باجمعها لان أعلم علمائنا من الاموات و الأحیاء شخص واحد لا محالة، فاذا فرضنا انه الشیخ او غیره، تعین على الجمیع الرجوع الیه، حسب ما تقتضیه السیرة العقلائیة و ذلک للعلم الاجمالى بوجود الاختلاف بین المجتهدین فى الفتیا و مع العلم بالمخالفة، یجب تقلید الأعلم فحسب من دون فرق فى ذلک بین عصر و عصر و هو مما لا
یمکن الالتزام به لانه خلاف الضرورة من مذهب الشیعة و لا یسوغ هذا عندهم بوجه لتکون الأئمة ثلاثة عشر.
الجواب اولا ان الشیعة و علمائهم، لم یتفقوا على ان العالم الفلانى المیت اعلم من الجمیع، لان العلماء والمجتهدین المتأخرین عن ذلک المتوفى، یعتقد اکثرهم او جماعة منهم بأن المتأخرین اعلم من المتوفى، لان للعلم سیراً تکاملیا، و المتأخرون قد استولوا على نظریات المتوفى مع نظریات ابکار حدثت بعد موته.
و جملة منهم یعتقدون بعدم جواز تقلید المیت ابتداء و ان کان اعلم لاجل الاجماع المدعى فى المقام.
و طائفة ثالثة، تعتقد ان السیرة المذکورة مردوعة بآیة النفر و السؤال.
و ثانیاً لو اغمضنا عن ذلک و فرضنا أن الکل، اتفقوا على اعلمیت احد الاموات و لم یعتقدوا على الاجماع المدعى فى المقام على عدم الجواز، و لم یعتقدوا بمردوعیة السیرة، لَما یرون ما ذکره((قدس سره))مانعا عن التقلید، فانه استبعاد محض، فلو فرض اتفاق الکل على ان الشیخ الطوسى مثلا اجود استنباطاً من جمیع الأموات و الاحیاء، کان تقلیده بمقتضى السیرة متعیناً، والاستبعاد المذکور، لا یقاوم السیرة ولا قیمة له اصلا.
و لکنه مع ذلک کلّه، لا یجوز تقلید المیت ابتداءً، و ذلک لان للمرجع عنوانین: احدهما فقاهته و عرفانه لاحکام الله تعالى.
ثانیهما نیابته عن ولى الأمر(عجل الله فرجه) أو کونه منصوباً حاکماً و هو یوجب زعامته النسبیة و انه رافع لعلم الاسلام و حام للدین و مروّج له، عملا و یقیم الحدود و قد ینهض فى قبال الکفار و الطوا غیت عند توفّر الشروط (کالامام الشیرازى و الامام الخمینى (قدس سرهما) و یأخذ الوجوهات وارث من لا وارث له و یصرفها لا قامة دعائم الدین و الحوزات العلمیة و یتصرف فى اموال الغائبین و القاصرین و یفصل الخصومات مباشرة او بالتوکیل.
و بعبارة اخرى، المرجعیة فى عصر الغیبة إمتداد للامامة، و الجامعة تحتاج الى الامام لحفظ الشریعة و تطبیقها فى کل عصر و زمان و لاقامة العدالة الاجتماعیة.
فلو فرض ان الشیخ الطوسى ((قدس سره)) مثلا اعلم من الکل لطول باعه فى الاخبار و الرجال و الفقه، حتى فقه العامة و لقرب عهده بزمن الأئمة((علیهم السلام)) وهو المعروف بشیخ الطائفة; فقلّد کل الشیعة له، سقط هذه البرکات کلها، لانه((قدس سره)) افتى بدفن سهم الامام((علیه السلام)) او ایداعه عند امین، قالمقلد، لایتخطى من فتوى مقلده، فتسقط زعامة المرجع و یبقى الجامعة بلازعیم و امام، و هذا مما لا یرضاه الله و لا الرسول و لا الامام(عجل الله فرجه)
و لا یخفى ان هذا المحذور یلزم على تقلید المیت ابتداء و أمّا البقاء على تقلید المیت، فلا یلزمه هذا المحذور أصلا، فمن کان مقلداً للحى فمات یرجع المقلّد فى مسألة البقاء الى الحى فاذا جوّز البقاء او أوجبه فیما اذا کان المیت أعلم، یکون الزعامة للحى و هو المرجع فى اخذ المالیات الاسلامیة و تدعیم قوائم الدین و ترویجه و اقامة الحوزة و امثالها و العمل بفتوى المیت فى الفروع الفقهیة کمسائل الطهارة و النجاسة و الصلاة و امثالها لا ینافى زعامة الحى و مرجعیته فى الأمور الاجتماعیة التى اشرنا الیها.
محصل البحث حول اعتبار الحیاة فی المجتهد ص (34 - 38)
▲ محصل البحث حول اعتبار الحیاة فی المجتهد ص (34 - 38)
و الحاصل أن التقلید الابتدائى من المیت یوجوب تعطیل الزعامة و الامامة، بخلاف البقاء فانّ الزّعامة و امتداد الامامة و رفع علم الاسلام، تقوم بمن باجازته یبقى على تقلید المیت.
ثم ان الکلام فى البقاء على تقلید المیت، یقع فى مقامین:
الأوّل فیما إذا لم یعلم المخالفة بین المیت و الحى فى الفتوى و احتمل توافقهما فى ذلک.
الثانى فیمااذا علم المخالفة بینهما فى الفتوى:
أمّا المقام الاول، فیمکن الاستدلال فیه على جواز البقاء بکل ما استدل به على جواز تقلید المیت ابتداءً، فانه یدل علیه بالأولویة.
و یمکن ان یستدل هنا بامرین آخرین ایضاً: أحدهمااستصحاب الحجیة الجارى فى المقام، فان فتوى الحى، کانت حجة على العامى حین حیاته، فاذا شککنا فى بقائها بعد موته نستصحبها، فنقول: الحجیة باقیة تعبداً. الا ان یمنع الاستصحاب فى الشبهات الحکمیة لمعارضته باستصحاب عدم الجعل بعد الموت.
ثانیهما الأخبار الّدالة على الرّجوع الى الفقهاء کزرارة و محمد بن مسلم و برید و أبى بصیر، فاذا اخذ فتواهم و لم یعمل بعد و مات الفقیه، مقتضى الاطلاق حجیة فتواه بعد الموت ایضاً.
و هل یعتبر فى جواز البقاء العمل بفتوى المیت فى حال حیاته ام لا؟ الظاهر هو الثانى، فان عنوان البقاء او التقلید، لم یذکر فى لسان دلیل معتبر، فنقول: یجوز العمل على فتوى من عاصره المقلدومات فان فتواه کان حجة علیه فى زمن حیاته، فنستصحبها بعد الممات.
بل یمکن التمسک باطلاق آیتى النفرو السؤال، فان الفقیه اذا انذر فمات یجب الحذر بما انذره و ان لم یعمل به حال حیاته و کذا اذا سأل عن اهل الذکر و تعلّم فمات المسؤل عنه، یجب العمل بما تعلّم منه و ان لم یعمل حال حیاته.
ثم ان الاستاذ الخوئى((قدس سره)) ذهب الى ان العمل بفتوى الفقیه الراحل و ان لم یعتبر فى البقاء على تقلیده، الا ان تذکر الفتوى، معتبر فیه، قال((قدس سره)): الصحیح اعتبار الذکر فى البقاء و ذلک لأن بالنسیان ینعدم أخذه السابق و رجوعه الى المیت قبل موته لانه لا یترتب معه اثر علیهما، فان المقلّد حینئذ انما یعلم ان المیت افتى فى مسألة العصیر -مثلا- اما بنجاسته على تقدیر غلیانه او طهارته و هو کالعلم الاجمالى بان الحکم الواقعى اما الحرمة او الا باحة، لیس بمورد للأثر، بل یحتاج الى رجوع جدید، و جواز الرجوع الى المیت حنیئذ یحتاج الى دلیل لانّه تقلید ابتدائى من المیت، و لا فرق بین الرجوع الیه و الرّجوع الى غیره من المجتهدین الأموات من الابتداء، حیث ان کلیهما رجوع الى المجتهد بعد الموت، و هو المعبر عنه بالتقلید الابتدائى، و معه یشترط فى جواز البقاء أو وجوبه أن لا یکون المقلّد ناسیاً لفتوى المیت.
و فیه أولا ما عرفت سابقاً من انّ التقلید فى المقام مصداق لرجوع الجاهل الى العالم و أهل الخبرة و السیرة قائمة على ذلک، و لااثر للموت فى خبر و یتهم کما نشاهد ذلک فى الطب و الهندسة و الریاضى و امثالها; فان ما کتب فى هذه العلوم یکون مرجعاً للعقلاء بلا فرق بین حیات المؤلّف و فوته.
و ثانیاً انه لو اغمضنا عن ذلک وقلنا بمقالة الاستاذ من اعتبار وجود المکلف بما له من الشروط من البلوغ و العقل حین حیاة المجتهد و افتائه و انذاره، کان فتواه حجة بالنسبة الیه سواء عمل او لم یعمل و سواء تعلّم او لم یتعلم، فکما ان الحجیة لیست مشروطة بالعمل، کذلک لیست مشروطة با لتعلّم و الذکر بلا فرق بین حال الحیاة و بعدها، و کما یجوز فى حال الحیاة الرّجوع الى رسالته، فکذلک بعدها.
و ما ذکره ((قدس سره)) من أنّ الرّجوع الى المیت بعد النسیان، تقلید ابتدائى، فقد ظهر مما قدمنا جوابه من ان التقلید الابتدائى، لا یضر ما لم یکن موجباً لکسر الزعامة و تعطیلها، هذا تمام الکلام فى المقام الاول.
و أما المقام الثانى و هو ما اذا علم الاختلاف بین المیت و الحى فى الفتوى فان کان إحدیهما موافقة للاحتیاط و الأخرى مخالفة له، لا اشکال فى جواز العمل بما هو الموافق للاحتیاط بلا فرق بین المیت و الحى، فان الاحتیاط مؤمّن من العقاب جزماً،ـ کما اذا افتى بالحرمة و الآخر بالاباحة. و اما لو فرض ان کلتا الفتویین على خلاف الاحتیاط، او ان کلتیهما على وفق الاحتیاط من جهة و على خلافه من جهة أخرى،ـ کما اذا افتى احدهما بالحرمة و الآخر بالوجوب، فعلیه إما أن لا یعلم اعلمیة احدهما على الآخر أو یعلم؟
فعلى الأول تتعارض الإطلاقات الدّالة على حجیة الفتوى، فان حجیتهما تستلزم الجمع بین المتضادین او المتناقضین، فتساقط الفتویان عن الحجیة، فان امکن الاحتیاط لابد للمکلف ان یحتاط بالجمع بینهما، و ذلک للعلم الاجمالى بالأحکام الالزامیة، فیحکم العقل بالخروج عن عهدتها.
و امّا ان لم یمکن الاحتیاط ذاتا - کدوران الأمر بین المحذورین او لضیق الوقت کما اذا دار الأمر بین القصر و التمام و لم یسع الوقت للجمع بینهما، فالعقل یحکم بالامتثال الاحتمالى لأنه المیسور.
و على الثانى، فلابد من الأخذ بقول الأعلم، لان الاطلاقات و ان کانت متساقطة، الاّ أن السّیرة القطعیة، قائمة على الأخذ بقول الأعلم، فان کان هو المیت یجب البقاء، و ان کان الحى، یجب العدول; هذا اذا لم یکن قول غیر الأعلم موافقا للاحتیاط، أو موافقاً للاعلم من الاموات، و الاّ فعلى الاول یتخیر المکلّف بین الأخذ بقول غیر الاعلم و الأعلم، و على الثانى، فان کان اعلم الاموات، اعلم من هذا الحى ایضاً، یأخذ بقول غیر اعلم الاحیاء و ان کان مساویاً مع أعلم الأحیاء، فالاحوط ان یأخذ بقول اعلم الأحیاء للاحتراز عن مخالفة من یقول بعدم جواز تقلید المیت و غیر الأعلم.
و توضیح المقام ان الصور المتصورة، ثلاث: إحدیها ان یکون فتوى غیر الاعلم موافقة للاحتیاط و فتوى الاعلم مخالفة له.
الثانیة ان تکون فتوى غیر الاعلم مخالفة للاعلم من الاحیاء و موافقة للاعلم من الاموات بحیث یکون اعلم من اعلم الاحیاء.
الثالثة ان لا تکون فتوى غیر الاعلم موافقة للاحتیاط و لا لفتو الاعلم من الاموات.
أما الصورة الأولى فالمکلف فیها مخیّربین تقلید الأعلم و غیره فالعمل بفتوى الاعلم موجب لبرائة الذمة لحجیتها ببناء العقلاء و سیرتهم، و العمل بفتوى غیر الاعلم موجب لفراغ الذمة لکونها موافقة للاحتیاط.
و امّا الصورة الثانیة، فیتعیّن على المکلف تقلید غیر الأعلم من الأحیاء لموافقة فتواه للاعلم من الاموات، فاذن لم تقم السیرة على الأخذ بفتوى اعلم الاحیاء بل قامت على الاخذ بفتوى الاعلم و ان کان من الاموات و محذور عدم جواز التقلید من المیت ابتداء لایلزم هنا لأنه یقلّد الحى الّذى یکون فتواه موافقة للأعلم من الأموات.
و اما الصورة الثالثة، فیتعین فیها تقلید الأعلم من الاحیاء لما عرفت من أن تقلید غیر الأعلم، کان جائزاً عند تحقق احد الشرطین: موافقة فتواه للاحتیاط او للأعلم من الأموات، و کلاهما منتف هنا، فلابد من تقلید الأعلم لحجیة فتواه عند المعارضة مع فتوى غیر الاعلم فان الادلّة اللّفظیة و ان کانت متساقطة الاّ أن السیرة القطعیة قائمة على الرجوع الى الأعلم، فلو دار الأمر بین وجوب الظهر و الجمعة و افتى الاعلم بوجوب الجمعة لابد من الاخذ بقوله و کذالامر فى بقیة الموارد.
ثم انّ معنى حجیة فتوى الفقیه، اعتبارها علماً تعبداً فان أصابت الواقع کانت منّجزة له و ان اخطأت کما اذا افتى بالإباحة و کان فى الواقع حراماً أو واجباً، تکون معذرة -کما اذا افتى با باحة شرب التتن و کان فى الواقع حراماً، لایعاقب المکلف لاستناده فى الشرب الى الحجة ولا فرق فى ذلک بین فتوى الحى و فتوى المیت.
اذعدل عن المیت الی الحی، لایجوز له العدول الی المیت ص (38 - 40)
▲ اذعدل عن المیت الی الحی، لایجوز له العدول الی المیت ص (38 - 40)
(مسألة10) اذا عدل عن المیت الى الحى، لا یجوز له العدول الى المیت.(1)
(1) العدول عنده((قدس سره)) انما یکون بترک الالتزام بفتوى المیت، و الالتزام بفتوى الحى، کما اذا کان الثانى أعلم، فلو عدل ثانیاً الى المیت، یکون من التقلید الابتدائى.
و فیه أولا أن التقلید لم یذکر فى لسان الآیة او الروایة حتى اذا فسر بالعمل، جاز الرجوع الى المیت ثانیاً و اذا فسّر بالالتزام، لا یجوز العدول ثانیاًلبطلان الالتزام الأول.
و ثانیاً لو کان فتوى المیت على وفق الإحتیاط و فتوى الحى على خلافه و کان اعلم، جازله العدول الى الحى، و لکنّه لا یمنع من الرّجوع الى المیت ثانیاً لأن فتواه على وفق الاحتیاط.
و کذا إذا کان فتوى المیّت موافقة لفتوى الحى الأعلم، فاستند فى العمل الى فتوى الحى، لا مانع عن الاستناد ثانیاً الى فتوى المیت لأن کلتى الفتویین واحدة.
و ثالثاً أنه لو کان المیت و الحى، متساویین فى العلم، فمع الاختلاف فى الفتوى، لابد من الأخذ بأحوط القولین، لان دلیل الحجیة لایشملهما للتناقض، و لا یشمثل احدهما لعدم الترجیح; فعلیه لو کان فتوى المیت موافقة للاحتیاط، لابد من الاخذ بها و لا یجوز العدول الى الحى، و لو کانت فتوى الحى موافقة للاحتیاط، تعیّن العدول الیه و لایجوز البقاء على تقلید المیت.
ولکنه یمکن أن یمنع ذلک بوجهین: أحدهما أن الأخذ باحوط القولین عسر للعامى، فانه یتوقف على معرفة کلتى الفتویین، حتى یأخذ بأحوطهما، و أنّى له ذلک، على أن السیرة من المتشرعة قائمة على اخذ کل مقِلّد بفتوى مقلَّده و ان کانت مخالفة لفتوى المجتهد الآخر الموافقة للاحتیاط
ثانیهما إرجاع الائمة((علیهم السلام)) السائلین الى آحاد الفقهاء و الاخذ بقولهم ومقتضى الاطلاق جواز الاخذ بقول من ارجع الامام ((علیه السلام)) الیه و ان کان مخالفا لفتوى الفقیه الآخر الموافقة للاحتیاط، فلو کان الأخذ باحوط القولین واجباً لنّبه((علیه السلام)) الیه فى احد الأجوبة.
فعلى هذا لو کان المیت و الحى متساویین فى الفضیلة و عدل إلى الحى صحّ ما افاده فى المتن من عدم جواز الرجوع ثانیاً الى المیت لأنه یعّد تقلیدا ابتدائیاً من المیت، نعم لو کان فتواه موافقا للاحتیاط، لا مانع من الرجوع الیه، لان العمل بالاحتیاط جائز على کل تقدیر و ان لم یکن واجباً لما عرفت من الوجهین.
لایجوز العدول عن الحی الی الحی الّا اذاکان الثانی أعلم ص (40 - 41)
▲ لایجوز العدول عن الحی الی الحی الّا اذاکان الثانی أعلم ص (40 - 41)
(مسألة 11) لا یجوز العدول عن الحى الى الحى الاّ اذا کان الثانى اعلم.(1)
(1) هنا مسائل: ألأولى اذا لم یعلم المخالفة بین الأعلم و غیره فى الفتوى، جاز الرّجوع الى کل منهما، لأن تعین تقلید الأعلم انما یکون فیما اذا علم الاختلاف بینهما فى الفتوى، و لم یکن فتوى غیر الاعلم موافقة للاحتیاط و الاّ کما جاز التقلید عن الأعلم، جاز التقلید عن غیره ایضاً.
و کذا الکلام فى المتساویین فى الفضیلة اذا لم یعلم الاختلاف بینهما فى الفتوى.
الثانیة فیما اذا علم الاختلاف بینهما فى الفتوى، فان کان أحدهما اعلم، یتعین تقلیده على الأحوط فیما اذا لم یکن فتوى الآخر موافقة للاحتیاط.
الثالثة اذا لم یحرزان احد هما اعلم من الآخر، فهل یکون مقتضى القاعدة هو تساقط الفتویین و الرّجوع الى أحوط القولین، أو التخییر بینهما.
الرابعة انه لو بنى على التخییر، فهل یکون التخییر ابتدائیاً او استمراریاً؟
ذهب جماعة من الأصحاب الى عدم جواز العدول عن الحى الى الحى، بل عن غیر واحد دعوى الاجماع علیه، و اختاره شیخنا الاعظم((قدس سره)) فى رسالة الاجتهاد و التقلید، فعلیه یکون التخییر ابتدائیاً.
و عن المحقق و الشهید الثانیین، التصریح بجواز العدول عن الحى الى الحى، و حکى عن النهایة، و علیه بنى المحقق الاصفهانى (صاحب نهایة الدارایة) (قدس الله أسرارهم) فعلیه یکون التخییر استمراریاً.
و استدل لهذا القول بوجهین: الاول ان اطلاق مثل آیتى النفر و السؤال یدّل على حجیة قول الفقیه مطلقا، سواء رجع الى غیره أم لا؟ فحجیة قوله للعامى، لم یقید بعدم رجوعه الى غیره، فالنتیجة أن التخییر استمرارى.
و اجیب عن ذلک بأن الا طلاقات لا تشمل المتعارضین لاستلزامه الجمع بین المتنافیین، فلو افتى أحدهما بحرمة شرب التتن و الآخر باباحته یلزم أن یکون حراماً و مباحاً و هو غیر معقول.
و کذا لا تشمل أحدهما المعیّن دون الآخر لعدم الترجیح
فی صورت تعارض الفتویین احتمالات ثلاث ص (41 - 45)
▲ فی صورت تعارض الفتویین احتمالات ثلاث ص (41 - 45)
قلت فى مورد تعارض الفتویین: الاحتمالات ثلاثة:
أحدها أن یکون إحدى الفتویین مشتملة على الحکم الإلزامى و الاخرى على الترخیصى.
ثانیها ان یکون کلتاهما مشتملة على الحکم الالزامى کالوجوب و الحرمة. ثالثها ان یکون کلتاهما مشتملة على الحکم الترخیصى.
فعلى الأوّل، الترجیح انما هو لما اشتمل على الإلزام لتحقق الإنذار به دون الآخر، فتشمله آیة النفر وحده.
و على الثانى، حیث ان کلیهما مشتمل على الانذار، فلا ترجیح لاحدهما على الآخر، و لکن التخییر فى المسألة الفقیة قهرى، لعدم جواز طرحهما والرجوع الى الإباحة لأن کلتى الفتویین متّفقة على نفى الإباحة و فى کثیر من المواردنقطع بعدمها،نعم اذا احتمل مخالفة کلتیهما للواقع، یحکم بالتساقط فالمرجع هو اصل الاباحة.
و على الثالث لا مانع من الأخذ بأحدهما أو ترکهما معاً،فقد ظهر مماذکرناعدم صحة القول بالتساقط مطلقاً، بل لابد من التفصیل.
ان قلت: اذا کان قول الفقیه حجة فیما اذا اشتمل على الحکم الالزامى، فهو حجة فیما اذا اشتمل على الحکم الغیر الالزامى ایضاً لعدم القول بالفصل فیتساقطان.
قلت: القدر المتیقن من القول بعدم الفصل هو ما اذا لم یکن له معارض، بخلاف ما اذا کان له معارض، فالآیة تدل على حجیة الفتوى المشتملة على الانذار، و لا أقل من کونها مرحّجة لها على المشتملة على الترخیص فلا تصل النوبة الى التساقط.
الثانى الاستصحاب و ذلک لأن المکلف قبل الأخذ بقول احدهما، کان مخیرا بین الأخذ بهذا أو ذاک، لأن المفروض تساوى المجتهدین و فتوى کل منهما واجدة لشرائط الحجیة، فاذا رجع الى احدهما و شککنا فى ان فتوى الآخر، باقیة على حجیتها التخییریة او ساقطة عن الاختیار، حکمنا ببقاء حجیتها التخییریة بالاستصحاب، و مقتضى ذلک ان المکلف مخیر بین البقاء على تقلید الاول و العدول عنه الى الآخر.
و فیه أنه لایبعد قیام السیرة من المتشرعة على التخییر الابتدائى فاذا عمل بفتوى أحدهما، یعمل بها، مادام لم یصر غیره اعلم، و یشهد على ذلک الرجوع الى العلماء و المحصّلین فى الحوزات العلمیة، فان کل من قلّد مجتهداً، یعمل بفتواه حتى فیما اذا کانت على خلاف فتوى غیره الموافقة، للاحتیاط. و هذه السیرة کما تمنع من جریان استصحاب التخییر، کذلک تکون حجة على جواز الأخذ بأحدى الفتویین و ان کانت مخالفة للاحتیاط الموافق لفتوى الآخر.
فالسّیرة المذکورة لها موردان: احدهما اختلاف المجتهدین فى ابتداء التقلید، فان السیرة قائمة على جواز العمل بفتوى احدهما و ان کان على خلاف الاحتیاط.
ثانیهما کون التخییر ابتدائیاً لا استمراریاً - کما عرفت - و قد نوقش فى الاستصحاب بوجوه أخرى ایضاً: احدها عدم احراز الموضوع عند الشک فى البقاء، فان کان الموضوع، من لم تقم له الحجة على الحکم الشرعى، فقد ارتفع بتقلید أحدهما لصیرورة فتواه حجة بالأخذ، و ان کان الموضوع من تعارض عنده الفتویان، کان باقیاً، و حیث لم یحرز ذلک، لا یجرى الاستصحاب لدوران الموضوع بین مقطوع الارتفاع و مقطوع البقاء.
و فیه أن التخییر ثبت للمکلّف الذى تعارض عنده الفتویان فاذا أخذ بأحدیهما، لم یتغیر الموضوع، فانه المکلف المذکور و أخذه بفتوى احدهما من الحالات التى لا توجب تغیر الموضوع، فالاستصحاب لا مانع منه.
ثانیها ان التخییر فى الحجیة مما لا محصّل له، فان اعتبار الطبیعى الجامع بین مادل على وجوب شى و مادل على حرمته - علما تعبدیا و حجة کاشفة عن الواقع، معناه ان الجامع بین المتنافیین، قد جعل طریقا الى الواقع، و لا معنى لجعل الجامع بین الضدین - مثلا - طریقاً و کاشفاً عن الواقع فلا معنى للحجیة التخییریة، اللهم الاان یرجع الى ایکال امر الحجیة الى اختیار المکلف بان یتمکن من جعل ما لیس بحجة حجّةً بأخذه بفتوى احد المتساویین،لانه حینئذ، قد جعل الفتوى المأخوذة حجة فعلیة و طریقا الى الواقع بعد ما لم یکن کذلک، و الحجیة التخییریة بهذالمعنى صحیحة، الا انها لیست موردا للاستصحاب لابتلائه بالمعارض، و ذلک لأن فتوى احد المتساویین اذا اتصفت بالحجیة الفعلیة لأخذ المکلف بها و شککنا ان فتوى المجتهد الآخر هل یجوز الأخذ بها او لا؟ جرى إستصحاب جواز الأخذ بها، فیتعارض الاستصحابان;
أحدهما استصحاب جواز الأخذ بفتوى المجتهد الآخر الذى نشک فى جواز الأخذ بها بقاءً، لانه مسبوق بالجواز على الفرض.
ثانیهما استصحاب حجیة ما اتصف بالحجیة الفعلیة بالأخذ لان الأصل عدم سقوطه عن الحجیة بالرجوع الى المجتهد الآخر، فاستصحاب بقاء التخییر بالنسبة الى ما لم یأخذ به قبل ذلک، معارض باستصحاب بقاء الحجیة الفعلیة فیما أخذ به.
الجواب عن ذلک، یتوقف على التّکلم فى مقام الثبوت تارة و فى مقام الاثبات أخرى.
اما الکلام فى المورد الأول، فنقول، یمکن أن تکون الحجیة مجعولة على کل من الفتویین، مشروطة باخذها، فاذا أخذها تکون حجة فعلیة مادام آخذابها، فاذا ترکها و أعرض عنها و أخذ بفتوى الآخر صارت حجة فعلیة، و صارت الأولى حجة شأنیة، لفقدان شرطها و هو الأخذ و لکنه یتوقف على ان یکون الأخذ باحدهما واجباً و الا فلو ترک الأخذ بکل واحد منهما، لزم عدم حجیتهما معاً
و اما الکلام فى المورد الثانى، فنقول: قد تحققت السّیرة القطعیة من المتشرعة و الاجماع العملى، على التخییر عند تساوى المجتهدین، فاذا أخذ المکلف باحدیهما و استند فى مقام العمل بها فرغت ذمته فاذا شککنا فى جواز الأخذ بالأخرى، نستصحب بقائه، و مقتضاه جواز أخذ فتواه و استناد العمل بها ایضاً و هذا معنى التخییر.
و بعبارة أخرى، یجوز للمکلف أن یستند فى المرحلة الأولى فى عمله بکل واحد من الفتویین بمقتضى ما تقدم من السیرة،فاذااخذباحدى الفتویین، نشک فى ان جواز الاستناد الیها تبدل الى وجوب الاستناد ام لا؟ نستصحب جوازه فعلیه یکون التخییر استمراریاً.
فان کل من قلّد مجتهداً، یبقی بتقلیده مادام لم یصر غیره اعلم منه ص (45 - 49)
▲ فان کل من قلّد مجتهداً، یبقی بتقلیده مادام لم یصر غیره اعلم منه ص (45 - 49)
و لکنّ الذى یمنع عن ذلک هو قیام السیرة على التخییر الابتدائى فان کل من قلّد مجتهداً، یبقى بتقلیده مادام لم یصر غیره اعلم منه، فهو مانع عن جریان الاستصحاب.
و عن الشیخ الأنصارى((قدس سره)) ان استصحاب الحجیة التخییریة حاکم على استصحاب بقاء الحجیة فى احدهما المعیّن و هو ما أخذه و اختاره من الفتویین، فان الشک فى بقاء الحجیة المأخوذة و فعلیتها، مسبب عن الشک فى بقاء التخییر الثابت بالسیرة و الاجماع العملى، فاذا استصحبناه، زال الشک فى بقاء الفتوى المأخوذة على حجیتها الفعلیة حتى بعد أخذ الفتوى الآخر، فلا یجرى الاستصحاب فیها.
قلت: ما افاده صحیح، ان لم تکن السیرة قائمة على خصوص التخییر الابتدائى، و الّا فلم یبق المجال لاستصحاب التخییر.
و لکن الاستاذ((قدس سره)) استشکل علیه بان الحجیة التخییریة لا معنى لها سوا ایکال امر الحجیة الى اختیار المکلف بان تتصف الفتوى بالحجیة الفعلیة بأخذها، و من الظاهر ان عدم الحجیة الفعلیة بهذا المعنى، لیس من الآثار الشرعیة المترتبة على بقاء الحجیة التخییریة لیکون استصحابها، حاکماً على بقاء الحجیة التعیینیة، و انما هو من الآثار العقلیة التى لاتترتب على الاستصحاب.
اقول: الظاهر صحة ما افاده الشیخ، فان نفس استصحاب التخییر رافع للشک فى فعلیة حجیة الفتوى المأخوذة، فیکون المکلف مخیّراً بعد الأخذ باحدى الفتویین بین ان یعمل بها او یأخذ بفتوى الآخر، فجواز الأخذ بکل من الفتویین، حکم شرعى ثبت بالاستصحاب، فلا یبقى المجال لاستصحاب الحجیة المأخوذة هذا اولا.
و ثانیاً لو تنزلنا عن ذلک فنقول: اذا استصحبنا التخییر، یترتب علیه رفع تعیّن الحجة المختارة، فکما ان الحجیة حکم شرعى، کذلک عدمها ایضاً امر شرعى، الا ترى ان الوجوب و الحرمة و الاستحباب و الکراهة و الاباحة احکام شرعیة، فعدمها ایضاًامور شرعیة، قابلة للاستصحاب.
و ثالثاً أن الأستاذ((قدس سره)) قال فى غیر مورد: ان المستصحب او أثره لا یلزم ان یکون حکماً شرعیا، بل یکفى ان یکون قابلا للتعبد و من الواضح ان رفع الحجیة التعیینیة قابل للتعبد، فیترتب على استصحاب التخییر بلا اشکال .
ثم قال الاستاذ((قدس سره)): ان معنى الحجیة على ما هو الصحیح من الطریقیة هو الکاشفیة و الوسطیة فى الاثبات، اعنى جعل ما لیس بعلم علماً تعبداً، و نتیجة ذلک ان المجعول شرعاً انما هو احراز الواقع تعبداً لا لمنجزیة و المعذّریة، لأنّهما من الاحکام العقلیة المترتبة على الحجیة بالمعنى الذى ذکرناه لا ان الحجیة هى المنجزیة و المعذریة، و یترتب على هذا ان المکلف اذا أخذ باحدى الفتویین، کانت الفتوى المأخوذة حجة فعلیة علیه، و لازمها ان یکون الحکم الذى أدّت الیه الفتوى المأخوذة، متنجزاً علیه، و مع صیرورة الفتوى الاولى، حجة فعلیة، لا تبقى الفتوى الثانیة على الحجیة التخییریة بوجه کما ان الحکم الفرعى قد تنجز على المکلّف بأخذه الفتوى المؤدیة الیه، و هو حکم تعیینى، منجز علیه، و لا معنى معه لبقاء الفتوى الثانیة على الحجیة التخییریة; و بهذا یتضح أن الفتوى الثانیة بعد ما اتصف الفتوى الأولى بالحجیة الفعلیة من جهة أخذ المکلف بها، لا یعقل اتصافها بالحجیة التخییریة حدوثاً، کما لایعقل بقائها علیها، سواء کان المستصحب حجیة الفتوى المأخوذة بها سابقاً، او کان هو الحکم الفرعى الذى ادت الیه الفتوى المأخوذ بها، بل ذلک فى الحکم الفرعى اوضح لانه حکم تعیینى منجز على المکلّف بأخذه الفتوى المؤدیة الیه، فان التخییر انما هو فى الحجیة و المسألة الاصولیة دون الحکم الفرعى لتعینه بالأخذ بما ادّت الیه، اذاً کان استصحاب الحجیة الفعلیة او الحکم الفرعى المتنجز، معارضاً لاستصحاب الحجیة التخییریة الثابتة على الفتوى الثانیة کما ذکرناه.
و بهذا یظهر ان هناک حکماً فعلیاً شرعیاً و هو الحکم الفرعى الذى أدّت الیه الفتوى المأخوذ بها و تعبّدنا به الشارع بمقتضى حجیتها فان حال المقام حال بقیة الاحکام الثابتة بالحجج والامارات الشرعیة.(1)
وفیه اولا انه لا یمکن المساعدة علیه بوجه، فان الفتوى المأخوذة لا یحرز بها الواقع و لا یتنجز حتماً، لانها مبتلاة بالمعارض، فکیف یستصحب ما لا یقین بحدوثه، غایة ما هناک ان التعذیر قطعى، حیث ان الشارع اکتفى بالعمل باحدى الفتویین، و اماالتنجیز فهو احتمالى.
و ثانیاً ان التناقض الصریح موجود فى تقریراته، حیث یقول أولا: لا یعقل اتصافها بالحجیة حدوثاً، کما لا یعقل بقائها علیها. ثم یقول بعد اسطر: کان استصحاب الحجیة الفعلیة او الحکم الفرعى المتنجز، معارضاً لاستصحاب الحجیة التخییریة الثابتة على الفتوى الثانیة.
أظنّ ان هذا من طغیان قلم المقرر((قدس سره)) و لا اظنّ صدوره من الاستاذ((قدس سره))
و ثالثاً أن معنى الحجیة التخییریة فى المقام، هو جواز استناد المکلف فى مقام العمل بأىّ من الفتویین شاء، و هو امر معقول، فلا محذور فى ان یقول المولى لعبده: اکتفى منک بان تستند فى مقام العمل بفتوى زید مثلا او بفتوى عمرو.
ثم إنّ الشیخ المحقق الاصفهانى((قدس سره)) یقول فى المقام: لا حاجة الى ما افاده الشیخ الاجل (اى شیخنا الانصارى((قدس سره))) من ان استصحاب الحجیة التخییریة حاکم على استصحاب الحکم المختار، فان استصحاب الحکم الّذى أخذه المکلف قبل ذلک، لا یوجب تعیّنه علیه، لوضوح انه کان ثابتاً من الابتداء، و لم یکن ثبوته مانعاً عن ثبوت الآخر، فکیف یمنع عن ثبوته بقاءً فاستصحاب الحجیة الفعلیة لقول المجتهد الاول، لاینا فى استصحاب الحجیة التخییریة لفتوى المجتهد الآخر فان حال الحکمین بحسب البقاء حالهما بحسب الحدوث.
و فیه ان حدوث الحکمین کان بعنوان التخییر على الفرض، فأخذ احدى الفتویین المشتملتین على الحکمین و العمل على طبقها یحقق التقلید، فیحتمل ان فتوى المقلّد صارت حجة فعلیة متعینة علیه، و لاسادّ لهذ الاحتمال الا استصحاب التخییر، فیکون حاکماً على استصحاب الحجیة الفعلیة المأخوذة، فالنتیجة عدم صیرورة الفتوى المأخوذة، حجة فعلیة متعیّنة علیه، فله أن یأخذ بعد العمل بهذه الفتوى، بالفتوى الاخرى و یعمل بها.
و لکنّ هذا کله، مبنى على عدم قیام السیرة و الاجماع العملى على ان التخییر ابتدائى و الاّ فلا یبقى المجال لاستصحاب التخییر، وقد عرفت قیامها على ذلک.
1-التنقیح الاجتهاد و التقلید ص 126
و لا یجوز العدول من الحى الى الحى بعد العمل بفتوى الاول ص (49 - 56)
▲ و لا یجوز العدول من الحى الى الحى بعد العمل بفتوى الاول ص (49 - 56)
و استدل للقول بان التخییر ابتدائى و لا یجوز العدول من الحى الى الحى بعد العمل بفتوى الاول بوجوه: الأول الاجماع الذى ادعاه المحقق القمى و غیره من الفقهاء، و لا یبعد قیام السیرة على ذلک، فان من قلّد مجتهداً، یبقى على تقلیده مادام لم یصر غیره اعلم منه، فالأحوط عدم العدول.
الثانى أصالة التعیین، فان ما أخذه من الفتوى و قلّد مفتیها کانت حجة علیه، فلو کان التخییر باقیاً، صح العدول و الاّ فلا، و حیث ان استصحاب التخییر محل کلام، إما للشک فى بقاء الموضوع و امّا لکون الشبهة حکمیة و اما لکونه تعلیقیاً، فالاحوط عدم العدول و البقاء على تقلید الاول.
و بعبارة أخرى من قلّده أولا کانت فتواه حجة علیه و فتوى الآخر یشک فى حجیتها علیه، و الأصل عدم الحجیة و تعین العمل بفتوى الأوّل.
الثالث ان التخییر الاستمرارى و العدول، یستلزم احد الامرین على سبیل منع الخلو و کلاهما باطل: احدهما التبعیض فى المسألة الکلیة.
ثانیها نقض الآثار فى الوقایع السابقة.
اما التبعیض فى المسألة الکیلة، فکما اذا قلّد من یقول بلزوم القصر على المقیمین فى الحوزة العلمیة - مثلا - اذا لم یقصدوا اقامة العشرة، و ان طال الزّمان، کالمحصّلین فى الحوزة العلمیة مدة عشر سنوات او اکثر فاذا سافر من مقره فى قم الى طهران و رجع فى قم و لم یقصد العشرة یجب علیه القصر - کما افتى بذلک جملة من الاعلام منهم الامام الخمینى(قدس الله أسرارهم).
ثم اذا عدل الى من یفتى بوجوب التمام على المقیمین فى الحوزة مدة طویلة، اذا رجعوا من سفر و ان لم یقصد و الا قامة عشرة ایام کما افتى بذلک جملة من الاعلام منهم السید الحکیم و الاستاذ الخوئى((قدس سرهما)) و هو الا قوى. فهذا المکلف الذى صلى الظهرین و العشاء قصرا، یتمّها بعد العدول، و هذا هو التبعیض فى المسألة الکلیة.
و اما نقض الآثار، فهو لزوم القضاء و الاعادة بعد العدول اذا رأى الثانى بطلان ما أتى به بفتوى الأول.
ثم ان سیدنا الاستاذ خوئى، استشکل على التبعیض فى المسألة الکیلة و قال: ان مورد التقلید و الفتوى، انما هو المسألة الکیلة دون کل جزئى من جزئیاتها، فلا یلزم التبعیض فى المسألة الکیلة.(1)
و فیه ان هذالاشکال، لم یظهر لنا وجهه، فان جواز العدول و التخییر الاستمرارى بین الفتویین، یستلزم ذلک لامحالة، فان المکلف اذا قلّد من یفتى بوجوب القصر، یصلّى قصراً، فاذا عدل الى من یفتى بوجوب التمام یصلى تلک الصلاة تماماً فى یوم آخر، بل یمکن ذلک فى یوم واحد کما اذا صلّى الظهر قصراً و عدل الى من یقول بوجوب التمام، فیصلّى العصر تماماً فتحقق التبعیض بین صلاتین لا تبعیض بینهما واقعاً، فان الواجب فیهما اما هو القصر او التمام.
ثم قال الاستاذ((قدس سره)): انما یلزم منه نقض آثار الوقایع المتقدمة و هو امر، لا مناص من الالتزام به، لمخالفتها لما هو الحجة الفعلیة على المکلف اللهم الاّ ان یقوم دلیل على اجزائها، و هذا لا یقتضى عدم جواز العدول و لیس فى الالتزام به أىّ محذور کما هو الحال فى موارد العدول الواجب. و فیه اما بناءً على التخییر الاستمرارى، لا یمکن الالتزام بنقض الآثار الوقایع المتقدمة، فلو قلّد یوماً من یفتى بوجوب القصر، و قلّد فى یوم آخر من یفتى بوجوب التمام وفى یوم ثالث، رجع الى القائل بالقصر و فى الرابع، رجع الى من یقول بالتمام و هکذا، فکیف یمکن الالتزام بالاعادة او القضاء فى الصّلوات المتقدمة.
و لا یقاس المقام بالعدول الواجب، فان فى موارده، نلتزم بنقض آثار الوقایع المتقدمة، لان الحجة الفعلیة، هى فتوى المعدول الیه فقط و یجب العمل على طبقها، ان لم یقم دلیل على الاجزاء.
و امّا فى المقام، فبما ان التخییر استمرارى على الفرض، یجوز العمل بکلتى الفتویین، و مقتضاه ان الشارع اکتفى بالعمل بکل منهما، فکیف یحکم بوجوب القضاء و الاعادة.
ثم ان سید نا الاستاذ((قدس سره)) قال فى مورد آخر(2): ان التخییر بین الفتویین، تخییر فى المسألة الأصولیة، و هى الحجیة، و لا یکون فى المسألة الفرعیة لا واقعیة و لا ظاهریة، اما التخییر الواقعى فى الحکم الفرعى فکالتخییر بین القصر و التمام فى الأماکن الأربعة، و التخییر بین الخصال الثلاث فى الکفارة، فانه تخییر واقعى فى الحکم الفرعى.
و أمّا فى المقام، فالحکم الواقعى واحد على طبق احدى الفتویین و لا یکون اثنین، فان کلا منهما ینفى الآخر. (الى ان قال):
و اما عدم کونه من التخییر الظاهرى، فللعلم بأن المکلف، مأمور بالعمل بفتوى هذا المجتهد معیناً او فتوى المجتهد الآخر، و لا یحتمل ان یکون مخیراً واقعاً بین العمل بهذا او بذاک، و مع انتفاء الشک الذى هو الموضوع للاحکام الظاهریة، لا مجال للتخییر الظاهرى بوجه.
قلت: ما أفاده من نفى التخییر الواقعى، صحیح، و اما نفى التخییر الظاهرى فلا وجه له، فان المکلف مخیر بین العمل بالفتویین على الفرض، و هو یستلزم التخییر ظاهراً بین المؤدیین، فاذا افتى احدهما بوجوب الظهر یوم الجمعة، و الآخر بوجوب الجمعة، یکون الملکف مخیراً بحسب الظاهر بین الواجبین، فکیف ینفى التخییر بینهما.
و العلم بان المکلف مأمور بالعمل بفتوى هذا المجتهد معینا، او بفتوى المجتهد الآخر واقعاً، شک فى مرحلة الظاهر فى حجیة هذه او تلک فعند الشک فى حجّیة إحدى الفتویین واقعاً خیّرنا الشارع بجواز الاستناد فى مقام العمل بکل واحد منهما فهذا هو التخییر الظاهرى.
الرابع انّ جواز العدول، یستلزم المخالفة القطعیة فى بعض الموارد کما اذا قلّد احد المتساویین القائل بوجوب القصر على المقیمین فى الحوزات العلمیة مادام لم یقصد اقامة عشرة ایام و ان طال مکثهم فیها، ثم عدل الى من یفتى بوجوب التمام علیهم اذا اراد و المکث فیها ثلاث سنین فصاعدا فقصّر الرباعیات فى عدة من السنین بمقتضى فتوى الاول و أتمها فى سنین اخرى بمقتضى فتوى الثانى، فانه یعلم بان القصر او التمام، مخالف للواقع قطعاً، بل قد یعلم ببطلان بعض الصلوات تفصیلا، کما اذا قلّد من یفتى بالقصر، فصلّى الظهر قصراً، ثم قلّد من یفتى بالتمام، فصلى العصر تماماً، فانه یقطع ببطلان العصر تفصیلا، لأنّ الواجب
الواقعى ان کان القصر فالعصر باطل لاتیانها تماما، و ان کان التمام، فالعصر باطل ایضاً، لبطلان الظهر لانه اتى بها قصراً، وفات الترتیب، فعلیه لا مجال للقول بجواز العدول عن المساوى الى المساوى، فالتخییر لا یکون استمراریاً.
و اجاب سیدنا الاستاذ((قدس سره)) بان هذه المناقشة، لا تختص المقام، بل تأتى بعینها فى موارد العدول الواجب ایضاً، کما اذا فرضنا -فى المثال- ان المجتهد الثانى اعلم من الأول، و ان الاول مات أو جنّ او انه عدل عن فتواه بعد ما عمل المکلف على طبقها، فان العدول فى تلک الموارد، واجب و لا اشکال فیه; و الذى ینبغى ان یقال فى حل الشبهة فى مطلق العدول ان المکلف اذا عدل الى الفتوى المتأخرة، فمقتضى القاعدة الأولیة ان یعید اعماله التى اتى بها على طبق الفتوى المتقدمة، لان بالفتوى الثانیة یستکشف عدم مطابقتها للواقع من الابتداء. انتهى
و فیه اولا انه((قدس سره)) عد من موارد وجوب العدول، موت المجتهد الاول، مع انه لو کان اعلم، وجب البقاء و لا یصّح العدول.
و ثانیاً انه لو قلد الأعلم فى برهة من الزمان ثم جنّ او عرضه النسیان، فقلد غیره، کیف یستکشف ان فتواه کانت على خلاف الواقع فهل تکون کاشفیة فتوى غیر الاعلم، اقوى من الاعلم؟ کلا; فما هو الموجب لاعادة الاعمال السابقة الموافقة لفتوى الأعلم.
نعم لو عدل المجتهد عن فتواه، او کان المعدول الیه أعلم من المعدول عنه لابد من اعادة الاعمال السابقة ان لم یقم دلیل على الاجزاء و لم تکن موافقة للاحتیاط.
و ثالثا ان مقامنا و هو العدول عن المساوى الى المساوى، لا یقاس على الموردین المشار الیهما، فان العدول عن الفتوى الأولى، اعتراف منه على أنها کانت خاطئة، فلابد من اعادة الاعمال المطابقة لها;
و أمّا الأعلم فبما أن نظریاته، أتم کشفاً من غیره، فلابد من اعادة الاعمال المخالفة لها، ان لم تکن على وفق الاحتیاط.
و اما المتساویان فلا وجه لکون فتوى احدهما کاشفة عن بطلان الأخرى، و الاّ لما جاز العدول عن الأول الّذى قلّد الى الآخر، لان فتواه کاشفة عن بطلان فتوى الآخر و عدم مطابقتها للواقع فکیف یجوز العدول الیه.
فمن جواز العدول و التخییر یستفاد ان الفتویین فى عرض واحد و لا تکون احدیهما کاشفة عن بطلان الأخرى و عدم مطابقتها للواقع، فلا یجب الاعادة و لا القضاء و الالزم المحذور الذى ذکرناه آنفاً.
فقد تحصل من جمیع ما ذکرنا أن التخییر بین الرجوع الى المتساویین بدوى، فاذا قلد احدهما فى موارد الاختلاف، فلابد من ان یبقى على تقلیده و لو فرض قیام الدلیل على جواز العدول الى المساوى، لا حاجة الى اعادة الاعمال السابقة الواقعة على طبق فتوى الاول لما عرفت، هذا کله بناء على ما هو الصحیح من حجیة الأمارات من باب الطریقیة، کما هو المشهور بین الأصحاب.
و أما بناء على الموضوعیة و أن قیام الأمارة موجب لجعل المؤدى کما قیل، فالتخییر اوضح، فان کلا منهما، أوجب جعل مؤداه بمعنى ان الذى اصاب الواقع فهو فعلىّ منجز و له المصلحة، و الذى لم یصبه، قد جعل مؤداه و فیه المصلحة.
فعلیه تکون الفتویان المتخالفتان، داخلتین فى باب التزاحم، و الفرق بین التعارض و التزاحم، هو ان التعارض تکاذب بین الدلیلین فى مقام الجعل، فاذا تعارض الدلیلان فى صلاة الجمعة و الظهر یوم الجمعة کل منهما یکذب الآخر فى مقام الجعل، فیعلم ان مؤدى احدهما مجعول و الآخر غیر مجعول، فیرجع الى المرجحات فى باب التعارض من الاشهریة و مخالفة العامة و موافقة الکتاب و الافقهیة و الا وثقیة على اختلاف المبانى.
و امّا التزاحم فلا تکاذب فیه بین الدلیلین فى مقام الجعل، بل مؤدى کلیهما مجعول و لکل منهما ملاک من المصلحة و المفسدة، و لکنّ المکلف لا یقدر على امتثال کلیهما، فیکون تقیید احد الاطلاقین من ناحیة عجز المکلف، لامن ناحیة عدم الملاک;
و المرجحات هنا غیر المرجحات هناک، فهنا یکون الترجیح بالاهمیة و احتمالها و ان لیس له البدل یقدم على ما له البدل، کالطهارة الخبثیة و الحدثیة، فلو کان عنده الماء مقدار احدیهما، لابد ان یصرف فى ازالة الخبث لعدم البدل لها و اما الطهارة المائیة فلها البدل و هو التیمم، فلابد ان یزیل النجاسة بالماء الموجود، فیکون فاقدا للماء و وظیفته التیمم، فیصلى مع الطهارة الخبثیة و الحدثیة و اما لو صرفه فى الطهارة الحدثیة، یبقى بدنه نجسا، فلابد من ان یصلى مع نجاسة البدن، و هو لا یجوز فى حال العمد.
و لو غرق عالم و جاهل و لم یقدر على انقاذهما، یجب علیه انقاذ العالم لأهمیته، بل احتمال الاهمیة ایضاً مرجّح، فلو غرق المؤمنان و یحتمل أن أحدهما عالم، لابد من انقاذه بحکم العقل.
نعم لو لم ینقذ الأهم و عصاه کان اطلاق الامر بالمهم، فعلیاً; فان المانع عن فعلیته، هو امتثال الأمر بالأهم، فمع عدمه، یکون فعلیاً.
و ان تساویا فى الأهمیة، کان اطلاق کل منهما، فعلیاً عند عدم الاتیان بالآخر، لانّه لا موجب لسقوط الاطلاق فى کلیهما، مع التمکن من امتثال أحدهما.
و قال فى التنقیح: اذاً لا مناص من تقیید اطلاق کل منها بعدم الاتیان بالآخر.(3)
و فیه منع، فان اطلاق کل منها مقیّد باتیان الآخر لا بعدم اتیانه کما هو واضح، فعند ترک أحدهما کان الآخر، فعلیاً و عند ترکهما، کان کلاهما فعلیا، فعند ترکهما، یستحق عقابین، لانه جمع بین الترکین و تمام الکلام فى الأصول.
1-التنقیح الاجتهاد و التقلیدص 132
2- التنقیح الاجتهاد و التقلید ص128
3- التنقیح الاجتهاد و التقلیدص133
یجب التقلید الاعلم مع الامکان ص (56 - 58)
▲ یجب التقلید الاعلم مع الامکان ص (56 - 58)
(مسألة12)یجب تقلید الاعلم مع الامکان على الاحوط.
(1) قال بعض الأصحاب یجب تقلید الأعلم على الاقوى; و عن السید فى الذریعة أنه من المسلمات عند الشیعة، و عن المحقق الثانى دعوى الاجماع علیه.
و قال سیدنا الاستاذ((قدس سره)): بل وجوبه مع العلم بالمخالفة و لو اجمالا، فیما تعم به البلوى، هو الاظهر.
و قال السیّد المیلانى((قدس سره)): یجب تقلید الاعلم على الاقوى اذا علم تفصیلا او اجمالا بوجوده و بأنه یخالف غیره و یفتى بالوجوب او التحریم فى المسائل المبتلى بها;
و نسب الى جماعة ممن تأخر عن الشهید الثانى((قدس سره)) عدم الوجوب، و جواز الرجوع الى غیر الاعلم، منهم صاحب الفصول((قدس سره)).
التحقیق یقتضى ان یقال: ان الصور المتصورة، ست و لا یجب تقلید الأعلم فى اربع منها، و یجب فى صورتین:
أحدیها ان لا یعلم المخالفة بین الأعلم و غیره فى المسائل المبتلى بها فتجرى أصالة عدم المخالفة، فیجوز تقلید غیر الأعلم.
ثانیتها العلم بالموافقة بین الفتویین فیها.
ثالثها العلم بالمخالفة بین الفتویین مع العلم بان فتوى غیر الأعلم موافقة للاحتیاط، و فتوى الأعلم مخالفة له، کما اذا افتى الأعلم بکفایة مطلق الغسل عن الوضؤ و افتى غیره بوجوب ضم الوضؤ الى الغسل الاّ فى غسل الجنابة.
رابعها العلم بالمخالفة مع العلم بان فتوى غیر الاعلم موافقة لفتوى الأعلم من الأموات، فان فى هذه الصورة لم تقم السیرة من العقلاء و المتشرعة، على ترجیح الأعلم من الأحیاء.
ففى هذه الصور لا یجب تقلید الأعلم و یجوز تقلید غیره.
خامسها ما اذا کان الاختلاف بین الفتویین و کان فتوى غیر الأعلم مخالفة للاحتیاط و فتوى الأعلم موافقة له، ففى هذه الصورة یجب تقلید الأعلم.
سادسها ما اذا کان فتوى کل منهما موافقة للاحتیاط من جهة و مخالفة له من جهة أخرى، کما اذا افتى احدهما بوجوب الظهر یوم الجمعة و الأخر بوجوب الجمعة، فهنا ایضاً لابد من تقلید الأعلم، لقیام السیرة من العقلاء على تقدیمه.
و حیث أن الموارد مختلفة، کما عرفت و العامى لا یقدر على تشخیص الصور المتقدمة، کان الاحتیاط اللاّزم تقلید الأعلم.
و قد استدل لعدم وجوب تقلید الأعلم بوجوه ص (58 - 63)
▲ و قد استدل لعدم وجوب تقلید الأعلم بوجوه ص (58 - 63)
و قد استدل لعدم وجوب تقلید الأعلم بوجوه:
الأول، الکتاب العزیز: (فلو لانفر من کل فرقة منهم طائفه لیتفقهوا فى الدّین، و لینذروا قومهم اذا رجعوا الیهم لعلّهم یحذرون.(1)
فانه یدل على ان من تفقّه و انذر یجب الحذر من انذاره بلا فرق بین الأعلم و غیره.
و کذا لأمر فى قوله تعالى (فاسألوا أهل الذکر ان کنتم لا تعلمون.(2) فان السؤال عن أهل الذکر واجب لأجل العمل، بلا فرق بین الأعلم و غیره.
الثانى السنة فان الرّوایات الکثیرة دلّت على الرجوع الى اصحاب الأئمة کیونس بن عبد الرحمان و ذکریابن آدم و أبى بصیر و امثالهم لأخذ معالم الدین منهم، مع انهم کانوا مختلفین فى الفضیلة و الفتوى، فیستفاد منها عدم وجوب تقلید الأعلم، و جواز تقلید غیر الأعلم ایضاً.
الجواب عن الآیة فسیجىء، و اما عن الأخبار، فبأن الأصحاب، کانوا یأخذون الاحکام من الامام((علیه السلام)) بلا واسطة او مع واسطة واحدة و کانوا ینقلون ما سمعوه منه((علیه السلام)) فلم یکن الاختلاف فى الفتوى بینهم الا نادراً، فان الإختلاف بین الفقهاء فى هذه الأعصار انما هو لطول العهد و الفصل الطویل و الاحتیاج الى علم الرجال و اللغة و علم الاصول، و اما فى عصرهم ((علیهم السلام)) اذا شکّوا فى الحکم رجعوا الى الامام((علیه السلام))، فازالو الشک او رجعوا إلى اصحابهم((علیهم السلام)) الذین یراجعون الامام((علیه السلام)) و کثیر منهم کانوا حافظین للاخبار، و لم یکن لهم الاستنباط مثل هذه الأعصار.
و یدلّنا على ذلک الأخبار الکثیرة.(3)
فالرجوع الى المفضول مع وجود الأفضل، کان لأجل أنه ینقل نظر الامام(ع) کما أن الأفضل ایضاً کان ینقل نظره((علیه السلام)) فالفرق بینهما لم یکن الا ان الافضل کان اکثر حفظاً للروایات، و المفضول کان اقل حفظالها، و لم یکونا مثل هذه الأزمنة حتى یکون احدهما أجود استنباطا من الآخر و اقدر على رد الفروع الى الأصول، و ذلک للاحاطة على علم الّرجال و الأصول و آراء الفقهاء و الاجماعات المنقولة و غیرها بما لم تکن لها فى تلک الأزمنة عین و لا أثر، فاعمال النظر و الاستنباط فیها، کان قلیلا، فجواز الرجوع الى المفضول مع وجود الافضل فى تلک الازمنة، لا یستلزم جوازه فى زماننا و امثاله، لان الامام(ع) کان یطمئن بان من یرجع السائلین الیهم، ینقلون لهم آرائه((علیه السلام)).
و لو تنزلنا عن ذلک و قلنا: ان اعمال النظر فى الرّوایات و الاستنباط منها، کان، کثیراً و کان الأفضل أجود استنباطا من المفضول، فنقول: لا یستفاد من الروایات انه((علیه السلام)) ارجع السائلین الى المفضول مع الاختلاف بینه و بین الافضل و عدم کون فتوى المفضول موافقة للاحتیاط، او کون فتوى کل منهما موافقة للاحتیاط من جهة و مخالفة له من جهة أخرى.
و أمّا اذا لم یعلم الاختلاف بینهما، او کان، ولکن فتوى المفضول کانت موافقة للاحتیاط، فیجوز الإرجاع الى کل منهما.
و على الجملة لا دلالة لروایات الارجاع على الارجاع الى المفضول فى مورد لا یجوز تقلیده.
و أما آیتا النفر و السؤال، فقد اجاب عنهما سیدنا الاستاذ((قدس سره)) و غیره بانهما تدلاّن على حجیة فتوى غیر الأعلم کالاعلم، بالاطلاق، و قد ذکرنا غیر مرّة فى البحث عن حجیة الخبر و التعادل و الترجیح و غیرها ان اطلاق ادلة الحجیة لا یشمل المتعارضین و لا مجال فیهما للتمسک بالاطلاق، فان شموله لکلیهما موجب للجمع بین الضّدین أو النقیضین، و لاحدهما دون الآخر ترجیح بلا مرجّح، و لاحدهما المخیّر اعنى احدهما لا بعینه، لا دلیل علیه، فان مفاد ادلة الحجیة، انما هو الحجیة التعیینیة، لا حجیة هذا أو ذاک، اذاً مقتضى القاعدة هو التساقط فى کل دلیلین متعارضین، الاّ اذا قام هناک دلیل على ترجیح احدهما او على التخییر کالاخبار العلاجیة، و هو مختص بالخبرین المتعارضین و لا دلیل علیه فى غیرهما فى مورد التعارض، ففى مثل المقام من تعارض الفتویین، لابد من الحکم بتساقطهما.
و قد یقال: ان مقتضى القاعدة هو التخییر بین المتعارضین، فان الأمر یدور بین رفع الید عن اصل الدلیلین و رفع الید عن اطلاقهما مع التحفّظ على أصلهما، و متى دار الأمر بینهما، یتعیّن الثانى لامحالة، لانه لا مقتضى لرفع الید عن الدلیلین بالکلیة;
فاذا افتى احد المجتهدین بلزوم القصر و الآخر بوجوب التمام و علمنا من الخارج ان صلاة واحدة فى یوم واحد، لا تجب مرتین، لزم الاخذ باصل الفتویین و رفع الید عن اطلاقهما فى التعیین، فیتخیر المکلف بین القصر و التمام.
و کذالکلام اذا افتى احدهما بوجوب الجمعة فى یومها و الآخر بوجوب الظهر فیها، نرفع الید عن اطلاق کل منهما فى التعیین، فنلتزم بالوجوب التخییرى و ذلک برفع الید عن اطلاق کل منهما فى التعیین.
و اجاب عنه سیدنا الاستاذ((قدس سره)) و قال: و أمّا فى أمثال المقام التى لیس للدلیلین فیها نص و ظاهر، بل دلالتهما بالظهور و الاطلاق فلا مناص من الحکم بتساقطهما، فان الحجیة فى المتعارضین اذا کانت بالاطلاق اعنى اطلاق أدلة الحجیة لشمولها لهذا و ذاک و هذه الفتیى و تلک، فحیث ان لکل منهما اطلاقاً من جهة أخرى ایضاً و هى حجیة کل منهما اخذ بالآخر ام لم یؤخذ به و لا یمکن الاخذ باطلاقهما من کلتا الجهتین، لا ستلزامه الجمع بین الضدین او النقیضین، کان رفع المعارضة بینهما منحصرا برفع الید عن اطلاق أحدهما او کلیهما، و هذا یتصور بوجوه:
أحدها ان یرفع الید عن اطلاق الادلة الدالة على الحجیة فى احدهما دون الآخر، بان یلتزم بحجیة احد المتعارضین دون الآخر رأساً.
و ثانیهما ان یتحفظ باطلاق الادلّة الدالة على الحجّیة فى کلا المتعارضین، فیلتزم بحجیة فتوى غیر الاعلم مطلقا، سواء اخذ بفتوى الاعلم ام لم یؤخذ بها و بحجیة فتوى الاعلم مقیدة بما اذا لم یؤخذ بفتوى غیر الأعلم بان تکون حجیة احدیهما مطلقة و حجیة الأخرى مقیدة.
و ثالثها عکس الصورة الثانیة بان تکون حجیة فتوى الاعلم مطلقة، اخذ بفتوى غیر الاعلم ام لم یوخذ بها و حجیة فتوى غیر الاعلم مقیدة بما اذا لم یؤخذ بفتوى الاعلم.
رابعها ان یتحفظ على اطلاق الادلة فى کلیهما، فیلتزم بحجیة کل منهما مقیدة بما اذا لم یؤخذ بالآخر.
و حیث ان شیئاً من ذلک لامرجح له، فلا یمکننا التمسک بالاطلاق فى شیئ من المتعارضین لا فى أصل الحجیة و لا فى اطلاقها و تقییدها و هو معنى التساقط، کما قدّمناه.(4)
قلت: الوجوه الثلاثة الأولى، لا مرجح لأحدها على الآخر -کما ذکره- فان شمول ادلة الحجیة لکلتا الفتویین على حد سواء، فتقدیم احدیهما على الأخرى، او جعلها فى طول الأخرى، لا وجه له، فان المجتهدین کلا منهما، تفقّه و أنذر، فکیف تقبل فتوى احدهما دون الآخر.
و أما الوجه الرابع، فالظّاهر أن له الترجیح، فان أحدهما لو افتى بوجوب الجمعة یومها و الآخر بوجوب الظهر فیه، و افتى احدهما بوجوب القصر و الآخر بوجوب التمام أو افتى احدهما بدلالة الامر على الوجوب و الآخر افتى بدلالته على الاستحباب او افتى احدهما بدلالة النهى على التحریم و الآخر افتى بدلالته على الکراهة -مثلا- لا یمکن الالتزام بسقوطهما و الاخذ بخلاف کلتا الفتویین فانه مما یقطع ببطلانه.
فلابد من الالتزام بکلتى هما على التخییر، و هو المقدار الممکن من الأخذ بالدلیلین.
1- القرإن الکریم: السورة 9: التوبة الآیة: 122
2- القرإن الکریم: السورة21 -الأنبیاء الآیة 7
3- س ج 18 ب 11 من ابواب صفات القاضى ح 3و 4 و14 و16 و 17 و 20 و 21 و 23 و 25 و 27و 30 و 33 و34 و 37 و 40 و 41.
4- التنقیح ألاجتهاد و التقلیدص139
اذا دار الامر بین طرح اصل الفتویین و اطلاقها ص (63 - 67)
▲ اذا دار الامر بین طرح اصل الفتویین و اطلاقها ص (63 - 67)
و بعبارة اخرى اذا دار الامر بین طرح اصل الفتویین او طرح اطلاقهما کان الثانى هو المتعین، لأن الضرورات تقدر بقدرها، و لا ضرورة الا فى طرح الاطلاقین، فالنتیجة هو التخییر.
و یؤیّده الأخبار العلاجیة الدالة على التخییر عند فقد المرجحات فى المتعارضین.
و على الجملة المقتضى للأخذ بکلتا الفتویین موجود و هو آیتا النفر و السؤال، و المانع انما هو الأخذ بکل منهما تعییناً و هو مقتضى الاطلاق فى الفتویین، فاذا رفعنا الید عن الاطلاقین ارتفع المانع، فلا مقتضى لرفع الید عن اصل الفتویین و هو بلا موجب.
و قد ظهر مما ذکرنا ان التخییر الوارد فى الاخبار العلاجیة على طبق القاعدة، فان المقتضى لحجّیة کل من المتعارضین موجود، و هو مادل على حجیة خبر الثقة و المانع هو لزوم الجمع بین الضدین أو النقیضین، و هذا المانع یرتفع عند رفع الید عن مقتضى الاطلاق فى کل منهما و هو التعیین، فنلتزم بالأخذ بکل من المتعارضین على التخییر.
و لکنّ هذا البیان یجرى فى تعارض الفتویین فیما اذا کان المجتهدان متساویین و اما اذا کان احدهما أعلم من الآخر، فالسیرة و بناء العقلاء قائمة على الأخذ بفتوى الأعلم و رفع الید عن فتوى غیر الأعلم و هى تصلح أن تکون قرینة لبیّة على خروج فتواه عن تحت الآیتین و بقاء خصوص فتوى الأعلم تحتهما و بعبارة أخرى سیرة العقلاء قرینة على خروج فتوى غیر الأعلم عند التعارض مع فتوى الأعلم عن تحت الآیة.
و لو اغمضنا عن ذلک و قلنا بتساقط اطلاق الفتویین بالتعارض لانفسهما کان مفاد الآیتین هو التخییر بین الأعلم وغیر الاعلم کفرض التساوى;
و لکنّ قیام السّیرة القطعیة على ترجیح فتوى الأعلم عند التعارض، یمنع من الإلتزام بالتخییر، فلابد من الأخذ بفتوى الأعلم و طرح فتوى غیر الأعلم.
فقد تحصل أن الإستدلال بالآیتین لا ینفع القائلین بعدم وجوب تقلید الأعلم.
هذا کلّه بناء على ما هو المشهور من أن آیة النفر تدّل على الحکم المولوى و أما على المختار من دلالتها على وجوب مولوى و ارشادى، فالأمر واضح فان النفر و التفقه واجب بوجوب کفائى، و اما الانذار، فهو ایضاً واجب کفائى ان کان هناک فقهاء متعددون، و ان کان واحدا فهو علیه واجب عینى.
و أمّا ایجاب الحذر فهو ارشادى کوجوب الاطاعة، فان کان المنذران متساویین فى العلم، یتخیر المکلّف بالأخذ بفتوى أى منهما شاء، و ان کان احدهما اعلم، یتعین الأخذ بفتواه و العمل بها، لما عرفت من قیام السیرة على الاخذ بفتواه عند التعارض، و أمّا عند عدم العلم به، فیجوز الرجوع الى کل منهما.
الوجه الثالث أن وجوب تقلید الاعلم، موجب للعسر على المکلفین، و ذلک للحرج فى تشخیص مفهوم الاعلم و فى تمییز مصادیقه و فى وجوب تعلّم آرائه و فتاویه;
بیان ذلک انه لو وجب تقلید الأعلم، وجب على کل مکلّف ان یتعلّم فتواه و یحصل آرائه من مظانها، و هذا فیه حرج على اهل البلاد، فضلا عن سکنة القرى و البوادى، فالاقتصار على تقلید الاعلم، فیه حرج عظیم و هو مرفوع فى الشریعة المقدسة.
لا یقال: ان تقلید غیر الأعلم ایضاً یحتاج الى تعلم فتواه و تحصیل آرائه فلزوم الحرج على حدّ سواء بینهما.
لأنّا نقول: إن الأعلم منحصر بفرد واحد فى جمیع الأعصار، فیلزم رجوع کل الشیعة الیه بخلاف ما اذا لم یکن تقلیده واجبا، فیرجع الشیعة الى المتعدد من المجتهدین، فلا یلزم الحرج.
الجواب عن ذلک أن العامى لا یقدر على تشخیص الأعلم، الا انه یرجع الى اهل الخبرة، و هم قادرون على تشخیص الاعلم مفهوما و مصداقاً، فلا حرج فیه، و اما الاخذ بآرائه و فتاویه، فمیسور فى هذا العصر للأخذ من رسالته، فالحرج منفى رأساً.
على ان تقلید الأعلم، لا یجب على الاطلاق، بل یجب فى صورتین من ستّ کما تقدم(1) و فى هاتین الصورتین، لا یلزم العسرو الحرج اصلا و حیث ان التفکیک بین الصور الّست، یشکل على العامى، فالاحتیاط اللازم هو تقلید الاعلم -ان عرف - مطلقاً.
الوجه الرابع ان سیرة المتشرعة، قد جرت على تقلید الفقهاء و العلماء فیما ابتلوا به من المسائل، بلا فحص من الأعلم بها، فلوکان تقلید الأعلم واجباً عندهم، کان اللازم علیهم الفحص عنه، فمن عدمه، نستکشف عدم الوجوب.
الجواب عن ذلک ان جریان السیرة على الرجوع الى الفقهاء و العلماء انما یکون فیمااذا لم یعرف الاعلم، و اما اذا عرف و عرف الاختلاف بینه و بین غیره، فالسیرة جاریة على الرجوع الیه لا الى غیره.
الا ترى انه لو وقع الاختلاف بین طبیبین فى علاج مرض و دوائه، کانت السیرة جاریة بالعمل على ما هو نظر الأعلم، لا بما هو نظر غیره، و کذا الکلام فى الفقه و الهندسة و الریاضیات و غیرها.
الوجه الخامس أن الائمة((علیهم السلام)) قد ارجعو السائلین من العوام الى اشخاص معینین من اصحابهم کزکریا بن آدم و یونس بن عبد الرحمان و محمد مسلم و غیر هم، مع انهم((علیهم السلام)) کانوا بین الناس فاذا کانت فتاوى هؤلاء حجة مع وجود نفس الامام((علیه السلام))، کانت فتاواهم حجة عند وجود الأعلم بطریق اولى، فان الاعلم لایزید على نفس الامام(ع).
الجواب عن ذلک ان الروات الذین ارجعوا الناس الیهم کانت نظریاتهم و فتاواهم، مرآتاً لنظر یاتهم((علیهم السلام)) و کانوا((علیهم السلام)) یطمئنون بذلک، و لهذا عبروا بانهم ثقاتنا و انهم مأمونون على الدین و الدنیا و فى بعض کلماتهم((علیهم السلام)): ان ما أدّیا إلیک عنى فعنى یؤدیان و ما قالا لک، فعنّى یقولان. و فى صحیحة جمیل بن دراج قال: سمعت ابا عبدالله ((علیه السلام)) یقول: بشّر
المخبتین بالجنة: برید بن معاویة العجلى و ابو بصیر لیث بن البخترى المرادى و محمد بن مسلم و زرارة اربعة نجباء امناء الله على حلاله و حرامه، لو لا هؤلاء
انقطعت آثار النبوة و اندرست(2) و نحوها غیرها من الروایات الکثیرة، فانها کما تشمل الروایة، تشمل الفتوى ایضاً، فانهم أمناء الله على حلاله و حرامه، مطلقا، کانوا روات اومفتین.
فالارجاع الیهم، ارجاع الى أخذ نظریاتهم((علیهم السلام)) منهم، فلا یدل الارجاع الیهم، على جواز الرجوع الى غیر الاعلم مع وجود الأعلم، فضلا عن الاولویة، فان غیر الاعلم، یبین نظریاته و فتواه و ان علم انها تخالف الاعلم، و أما أصحاب الأئمة، فکان کل اهتمامهم على ان یبین نظریاتهم((علیهم السلام)) فالارجاع الى الاصحاب ارجاع الیهم((علیهم السلام)) بالواسطة.
و قد ظهر مما ذکرنا عدم صحة الجواب بما فى التنقیح(3) حیث قال: اذا الامام((علیه السلام)) انما ارجع الیهم السائل لعدم العلم بمخالفتهم معه((علیه السلام)) فیما یفتون به.
فالصحیح فى الجواب ان یقال: انما ارجع الیهم للعلم بالموافقة، حیث قال: انهم أمناء الله على حلاله و حرامه. فان کمال اهتمامهم، کان بان ینقلوا او یفتوا بما اخذوه منهم((علیهم السلام)).
فالمتحصل انه لا یجوز تقلید غیر الأعلم فیما اذا کان فتواه على خلاف الاعلم فى الموردین المتقدمین.
1- ص57
2- س ج 18 باب 11من ابواب صفات القاضى ح 14 ص 103
3- الاجتهاد و التقلیدص 141
استدلال علی وجوب التقلید الاعلم ص (67 - 69)
▲ استدلال علی وجوب التقلید الاعلم ص (67 - 69)
و قد استدل على وجوب تقلید الاعلم بوجوه:
الأول أن ما دلّ على جواز التقلید فى الأحکام الشرعیة لا یشمل المتعارضین فتسقطان و تصل النوبة الى السّیرة و بناء العقلاء، و لا اشکال فى ان بناء العقلاء و السّیرة من المتشرعة، جاریة على تقلید الأعلم، للاجماع القطعى على عدم وجوب الإحتیاط، بل عدم امکان معرفة موارده لکثیر من الناس.
و نحن و ان ناقشنا فى عدم شمول دلیل التقلید للفتویین المتعارضتین بل قلنا بشموله و سقوط اطلاقى الفتویین فى فرض التساوى و سقوط اطلاق خصوص فتوى غیر الأعلم فى فرض الاختلاف فان سیرة العقلاء قرینة لبیة على بقاء اطلاق فتوى الأعلم بحاله;
و لکن النتیجة واحدة و هى وجوب تقلید الأعلم على الفرضین. نعم لا دلیل على وجوب تقلید الأعلم مطلقاً، بل انما یجب فیما اذا وقع الخلاف بین الأعلم و غیره فى الموردین المتقدمین، و حیث ان العامى بل اغلب المقلدین لا یعرفون موارد الاتفاق و الاختلاف، فالاحتیاط اللازم هو التقلید من الأعلم مطلقاً.
الثانى دلیل الانسداد، فان العامى یقطع بأحکام کثیرة و واجبات و محرمات فى الشرع الأقدس، و باب العلم التفصیلى و العلمى و هو الحجة المعتبرة، منسد بالنسبة الیه، فانه لا یقدر على الاستفادة من الطّرق المنصوبة الیها، و لا یجوز اهمالها لأنه مکلف، لیس مثل البهائم، و یعلم بان الشارع کلّفه بها، و الأحتیاط فى جمیع الموارد متعذر بالنسبة الیه لعدم معرفة موارده، بل لو علمها، یکون موجباً للعسر والحرج بل لاختلال النظام، فنعلم علماً قطعیاً بعدم وجوبه علیه.
و امّا الرجوع الى اصل البرائة فى جمیع الموارد، فیوجب مخالفة قطعیة کثیرة التى عبّر عنها بالخروج عن الدّین، فلا یبقى له باب مفتوح الا باب العالم، للقطع بان الشارع یرید منه الامتثال، و لا طریق له الاالرّجوع الیه، فنعلم ان الشارع، نصب فتوى الفقیه و العالم حجة له، فاذا لم یکن الاختلاف بین الفقهاء فى الفتوى، یجوز الرجوع الى کل منهم، و فى مورد الاختلاف یکون المتعین هو الأخذ بفتوى الأعلم، للعلم بان الرجوع الیه، موجب لفراغ الذمة،وهى الحجة یقیناً، و اما فتوى غیره، فمشکوک الحجیة، فلا یعلم بفراغ الذمة ان عمل بفتواه.
الثالث الاحتیاط و اصالة التعیین، فانه اذا دار الأمر بین وجوب تقلید الأعلم و التخییر بینه و بین غیر الأعلم، تکون الوظیفة هو الرجوع الى الأعلم، للعلم بفراغ الذمة بالرّجوع الیه، و الشک فیه فى الرجوع الى غیره فالعقل یستقل بالتعیین و الرجوع الى الأعلم، فان فتواه مقطوع الحجیة و فتوا غیره مشکوک الحجیة.
الرابع ان فتوى الفقیه انما اعتبرت للطریقیة الى الأحکام الواقعیة و حیث أن فتوى الأعلم اقرب الى الواقع من فتوى غیره لسعة إحاطته و اطلاعه على مالم یطلع به غیره من المزایا و الخصوصیات، فلامناص من الأخذ بها دون فتوى غیره.
و بعبارة أخرى، ان المراد بالأعلمیة، ان یکون احد المجتهدین، اقوى و ادق نظراً فى تحصیل الحکم عن مدارکه، و امتن استنباطاً له عن مبادى تحصیله بأن یکون أعرف بالقواعد و الکبریات و کیفیة تطبیقها على صغریاتها لحسن سلیقته اذاً فالأعلم مطلع على جملة من المزایا و الخصوصیات الدخیلة فى عرفانه لکیفیة تطبیق الکبریات على الصغریات، بخلاف غیر الأعلم، فنسبة الأعلم الى غیره
کنسبة العالم الى الجاهل.
اشکال السید خوئی علی وجه الرابع والجواب عنه ص (69 - 72)
▲ اشکال السید خوئی علی وجه الرابع والجواب عنه ص (69 - 72)
و استشکل على هذا الوجه سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) بان المراد بالأقربیة ان کان هو الأقربیة الطبیعیة و الاقتضائیة بمعنى ان الأعلم من شأنه ان تکون فتواه
اقرب الى الواقع من فتوى غیره، فالصغرى صحیحة و الأمر کما ادعى، الا انه لاکبرى تنطبق على هذه الصغرى، حیث انّ الأقربیة الطبیعیة، لم تجعل ملاکا للتقلید و لا لوجوبه.
و ان ارید بالأقربیة الأقربیة الفعلیة بان تکون فتیا الأعلم اقرب الى الواقع بالفعل بالاضافة الى فتوى غیر الأعلم، فالصغرى غیر مسلمة و لا مثبت لدعوى الأقربیة، اذ لا یمکن ان فتیا الأعلم اقرب الى الواقع مطلقاً، کیف و قد یکون فتوى غیر الأعلم، موافقة للمشهور و لفتیا الاساطین و المحققین کشیخنا الأنصارى و صاحب الجواهر و غیر هما ممن هو اعلم من الحى بمراتب، و مع کون فتوى الأعلم على خلاف المشهور، کیف تکون أقرب الى الواقع من فتوى غیر الأعلم.
الجواب ان ما افاده لا یمکن المساعدة علیه، فان فلسفة التقلید لیست الا برائة الذمة من التکالیف الواقعیة المعلومة بالاجمال لکل مکلّف و الطریق الأقرب الیها بالنسبة الى العامى لیس الا التقلید، لما عرفت من أنّ الاحتیاط متعذر له، فضلا عن کونه حرجیاً، و الظن لا یحصل له، وان حصل لا عبرة بظنه لکونه جزافاً، و لا یمکن له الاستفادة من الطرق المنصوبة کالخبر الواحد و ظواهر الکتاب، و الأجماعات المنقولة المحفوفة بالقرائن، و الاجماع المحصّل فى بعض الموارد.
و ما ذکره((قدس سره)) من أن الأقربیة الطّبعیة، لیست ملاکاً للتقلید و لا لوجوبه، ابطال للتقلید رأساً، لما عرفت من ان سیرة العقلاء جرت على التقلید من العالم فى کل فن و علم، و لیس هذا لا لأجل درک الواقعیات الا ترى أن المریض الذى یراجع الدکتور لعلاج مرضه و یعمل بنسخته لیس غرضه الاّ درک الدواء النافع لمرضه، فکیف یقال: إن الأقربیة الطبیعیة لیست ملاکاً للتقلید.
و بعین هذا الملاک جرت السیرة و بناءالعقلاء على ترجیح الأعلم و لیس الا لاجل حکم العقل بان نظراته اقرب الى الواقع، و بناء العقلاء لیس أمراً تعبدیاً اصلا.
و امّا ما ذکره من ان فتوى غیر الأعلم، قد تکون موافقة للاساطین و الشیوخ و المحققین کالشیخ و صاحب الجواهر مثلا، فجوابه انا قد ذکرنا سابقاً ان غیر الأعلم ان کانت موافقة لأعلم الأموات، لا یجب تقلید الأعلم فى ذلک الفرع لعدم البناء من العقلاء على تقلید الأعلم الحى.
و یجب الفحص عنه(1)
(1) الصّور المتصورة خمس: الاولى ان یعلم ان احد المجتهدین اعلم من الآخر و لم یعرفه بشخصه، و علم بالاختلاف بین الفتویین.
الثانیة أن یعلم أعلمیة أحدهما اجمالا، و لم یعلم الاختلاف بینهما.
الثالثة أن یعلم الاختلاف بینهما فى الفتوى و لم یعلم الأعلمیة.
الرابعة أن لا یعلم الأعلمیة و لا الاختلاف فى الفتوى.
الخامسة أن یعرف فقیها جامعا للشرائط و یشک فى وجود فقیه آخر.
أمالصورة الأولى فیجب فیهااحد الامرین اماالفحص عن الأعلم حتى یعرف، لأن فتواه حجة و معذّر جزماً، فلو قلّد أحدهما بلا فحص، لا یقطع بفراغ ذمّته.
و إمّا الأخذ باحوط القولین لانه موجب لفراغ الذمة سواء کان موافقاً لفتوى الأعلم فى الواقع او موافقا لغیره.
فان لم یعرف الأعلم بعد الفحص، یتعین الأخذ باحوط القولین، و ان لم یتمکن من ذلک، یأخذ بمظنون الأعلمیة و ان لم یکن فبمحتمل الأعلمیة و ان لم یکن، فیتخیر.
و امّا الصورة الثانیة، فتجرى فیها أصالة عدم الاختلاف بینهما، فیجوز التقلید من اى منهما شاء، لأنّ المناقشة فى شمول أدلة الحجیة لهما انما هى فى فرض الاختلاف.
و اما لو لم یجر اصالة عدم الاختلاف للبناء على عدم جریان الاستصحاب فى العدم الازلى، فیشکل التمسک بأدلة حجیة الفتوى، کآیتى النّفر و السؤال لأنه من التمسک بالعام فى الشبهة المصداقیة، فلا یجوز، فلو کانت الفتویان متفقتین، کانتا مصداقاً للعام و ان کانتا مختلفتین لم تشملهما الآیتان.
التفصیل بین دلیل اللّبی و اللّفظی ص (72 - 73)
▲ التفصیل بین دلیل اللّبی و اللّفظی ص (72 - 73)
و قد یفصّل بین الدلیل اللّبى و اللّفظى، فان کان الدلیل على التخصیص لبیاً جاز التمسک بالعام فى الشبهة المصداقیة، کما فى المقام، فکل من الفتویین حجة مادام لم یعلم بالاختلاف.
و یردّه ان التخصیص یوجب ان یعنون العام بغیر عنوان الخاص فاذا لم یصدق عنوان العام على المشکوک، لایجوز التمسک به، بلا فرق بین المخصص اللّبى و اللفظى، هذا بناء على المشهور.
و امّا على المختار من أن الاختلاف فى الفتویین، یوجب سقوط الاطلاق فیهما لا أصل الفتوى، تکون النتیجة هو التخییر.
و أمّا الصّورة الثالثة، فعلى المختار یکون التخییر فیها من الأول بلا فحص عن الأعلم، فان الاحتیاط مرفوع للعسر و الحرج و التخییر ثابت سواء قلنا بشمول الایتین لهما او لعدمه.
و اما الصّورة الرابعة، فالسیرة جاریة فیها على التخییر من الأول فیجوز التقلید من أیهما شاء.
و أما الصّوره الخامسة، فیجب فیها التقلید ممن یعرفه لحجیة فتواه و عدم معرفة مجتهد آخر، فضلا عن مخالفته له فى الفتوى.
و ینبغى التنبیه على أمور:
الأول أنه لو اختلف المجتهد ان فى الفتوى و لم یعرف الأعلم، سواء علم اجمالا أن أحدهما اعلم ام لا، فقد ذهب الاستاذ((قدس سره)) -کما عرفت- الى وجوب الأخذ بأحوط القولین، لسقوط الفتویین بالتعارض، فعلى هذا المبنى لا أثر للظن بأ علمیت احدهما، فضلا عن الاحتمال لأن الاحتیاط یوجب القطع بفراغ الذمة و الاخذ بمظنون الاعلمیة، لا یوجب ذلک.
و أما على المختار من ان التعارض انما یکون بین الإطلاقین، لا أصل الفتویین فان کان احدایهما مشتملة على الانذار (اى على الحکم الالزامى) تتقدم على الأخرى، و ان لم یکن کذلک أو کانت کلتاهما مشتملة على الالزام، فان کان احدهما مظنون الأعلمیة او محتملها، تتقدم فتواه على الأخرى، لدوران الامر بین التعیین و التخییر، و مقتضى القاعدة هو التعیین فى الحجیة.
و ان لم یکن کذلک، کان المکلّف بعد سقوط الإطلاقین، مخیراً فى أخذایهما شاء.
و امّا على المشهور من أن الاخذ بأحوط القولین، لا یجب للاجماع و قیام السیرة على التخییر عند التعارض، فالظن بالأعلمیة أو احتمالها، یوجب التّرجیح لدوران الامر بین التعیین و التخییر، وقد عرفت ان مقتضى القاعدة فى مقام الحجیة هو التعیین، و لکن ذلک انما هو فیما اذا لم یکن فتوى الآخر موافقة للإحتیاط و الا فیجوز الأخذ بها، کما یجوز الاخذ بفتوى مظنون الاعلمیة.
التخییر فی التقلید اذا کان مجتهدان متساویین ص (74 - 75)
▲ التخییر فی التقلید اذا کان مجتهدان متساویین ص (74 - 75)
(مسألة 13) اذا کان هناک مجتهدان متساویان فى الفضیلة، یتخیر بینهما(1) الا اذا کان احدهما اورع فیختار الاورع.
(1) الثانى ان ما اختاره الماتن مبنى على قیام السیرة العملیة على التخییر و على عدم لزوم الإحتیاط، کما هو المشهور و هذا هو الاظهر، فان الاخذ بالفتوى المشتملة على الإنذار، و ان کان مقتضى آیة النفر الا أن السّیرة على التخییر، تمنع عن الفتوى بلزوم الأخذ بتلک الفتوى، ولکنه لا اشکال فى ان الاولى و الاحوط ذلک.
و هل الأورعیة مرجّحة أم لا، الاحوط هو الأول، فان المرجعیة هى الزعامة الدینییة و امتداد للامامة، فیحتمل ان الشارع المقدس اعتبر عند المعارضة حجیة خصوص فتوى الأورع، فیدور الامر بین التعیین و التخییر و قد تقدّم ان التّعیین فى مقام الحجیة هو مقتضى القاعدة.
الثالث أنه لو کان احدهما أعلم و الآخر أورع، یقدم الاعلم لان فتواه اقرب الى الواقع من فتوى الأورع.
و اما ما ذکره شیخنا الاعظم الانصارى((قدس سره)) من الجزم بترجیح الأورع، فهو فى طول الاعلمیة لا فى عرضها، فلو کان المجتهدان متساویین فى العلم و احدهما اورع من الآخر، یقدم علیه، لا ان الأورع مقدم حتى على الأعلم.
الرابع ذکر الشیخ المحقق الأصفهانى ((قدس سره)) ان الملاک للتّرجیح لیس فى الأورعیة، بدعوى ان القاعدة تقتضى الاخذ بما یحتمل تعیّنه فیما اذا استند الاحتمال الى اقوائیة الملاک فى أحدهما عن الملاک فى الآخر، کما فى الاعلمیة، و اما اذا کان احتمال التعین مستند الى امر خارج عن الملاک، فلا یقتضى الاصل فیه التعیین.
و فیه ان احتمال التعین اذا کان موجودا، فهو کاف فى الترجیح، و ان کان منشأه خطورة المنصب أو الاعلمیة أو شىء آخر; نعم اذا کان احتمال الترجیح منتفیا بان یقطع بعدم الترجیح بالأورعیة، لا یحتمل التعیین حتى یؤخذ به و قد جزم شیخنا الانصارى ((قدس سره)) الترجیح باحتمال الأورعیة لاحتمال أن الشارع جعله مرجّحاً، فلا شئ یسدّ هذالاحتمال، فهو کاف للالتزام بالتعیین و معه یسقط فتوى الآخر عن الحجیة، للشک فیها و الاصل عدمها.
التقلید من غیر اعلم اذا لم یکن للاعلم فتوی فی مسألة ص (75 - 76)
▲ التقلید من غیر اعلم اذا لم یکن للاعلم فتوی فی مسألة ص (75 - 76)
(مسألة 14) اذا لم یکن للاعلم فتوى فى مسألة من المسائل، یجوز فى تلک المسألة الاخذ من غیر الأعلم وان امکن الاحتیاط(1)
(1) اذا قال الاعلم: فیه إشکال أو تأمل أو تردد، و نحوها، فلا اشکال فى جواز الرّجوع الى غیره و الاخذ منه، فانه فقیه و عالم و سیرة المتشرعة، قائمة على ذلک و اطلاقات الکتاب و السنة، تشمل فتواه، لعدم المعارض لها;
و کذالامر اذا احتاط الأعلم فى الشبهة الحکمیة، قبل الفحص و کان لغیره فتوى فیها، فیجوز الأخذ بها فى الموردین، و ان أمکن الاحتیاط.
و امّا اذا افتى الاعلم بالحکم الظاهرى، و قال: الاحتیاط اللازم، یقتضى ذلک، مثلا، فقال سیدنا الاستاذ ((قدس سره)): (لم یجز للمکلّف ان یرجع فى ذلک المورد، الى فتوى غیر الأعلم، بوجود فتوى الأعلم بالاحتیاط، اذ لا یشترط فى وجوب تقلیده ان تکون له فتوى بالحکم الواقعى، بل افتائه بالحکم الظاهرى ایضاً یمنع عن حجیة فتوى غیر الأعلم.)
و مراده ((قدس سره)) هو ان الأعلم ان افتى بالحکم الظاهرى و وجوب الاحتیاط، و ناقش فى الأدلة الّتى استدل بها غیر الأعلم على الحکم الواقعى، لا یجوز الرجوع الیه لان الأعلم خطّاه فى استدلاله، -کما اذا افتى غیر الأعلم بعدم وجوب الموافقة القطعیة فى الشبهة المحصورة، و التزم بحرمة المخالفة القطعیة للمعلوم بالاجمال، ولکن الأعلم یرى وجوب الموافقة القطعیة، و حرمة المخالفة القطعیة.
اقول: التحقیق یقتضى التفصیل فى المقام، و هو أن غیر الأعلم إن افتى بعدم وجوب الاحتیاط، وعیّن الحکم الواقعى فى الشبهة الحکمیة المقرونة بالعلم الاجمالى، وکانت فتواه موافقة لفتوى الأعلم من الاموات، جاز الرجوع الیه و اخذ فتواه لأن بناء العقلاء، غیر جار على الرجوع الى اعلم الاحیاء، بل جار على الرجوع الى من توافق فتواه للأعلم من الاموات اذا کان اعلم من اعلم الاحیاء ایضاً،
و لکن هذا التفصیل، لا یختص بهذا المورد بل یجرى فى غیره ایضاً کما هو واضح.
و أمّا اذا لم یکن فتواه موافقة لفتوى الأعلم من الاموات صحّ ما أفاده الاستاذ((قدس سره)) من وجوب الرجوع الى الأعلم و ان افتى بالاحتیاط.
وجوب الرجوع الی الحی الاعلم فی جواز البقا علی تقلید المیت ص (76 - 83)
▲ وجوب الرجوع الی الحی الاعلم فی جواز البقا علی تقلید المیت ص (76 - 83)
(مسألة 15) اذا قلد مجتهداً کان یجوز البقاء على تقلید المیت، فمات ذلک المجتهد، لا یجوز البقاء على تقلیده فى هذه المسألة (1) بل یجب الرجوع الى الحى الأعلم فى جواز البقاء و عدمه.
(1) لأن بعد موته یشک فى اعتبار فتاواه و منها هذه الفتوى، فلابد من الرجوع الى الحى الأعلم، فان حجیة فتاویه مسلّمة و یقطع بها، فان أفتى بجواز البقاء، یحکم بحجیة فتاواه الاّ ما یرجع الى الزعامة، کالخمس مثلا فان اخذه لادارة الحوزة العلمیة و الفقراء، وظیفة للمرجع الحى، و کذالحکم فى ثبوت الهلال و الصّلح و الدّفاع و تطبیق الشّریعة و اقامة الحدود و حفظ شؤون الاسلام و
المسلمین، فان جمیعها وظیفة للزعیم الدینى الحى و ینقضى أمدها بموته، فلا یجوز فیها البقاء على تقلید المیت.
و هنا مسائل
الأولى اذا افتى المیت بجواز البقاء على تقلید المیت و افتى الحى ایضاً بذلک، و کلاهما اعتبر العمل فى جواز البقاء او افتى المیت و الحى بجواز البقاء اذا تعلم فتاوى المیت، او افتى کلاهما بجواز البقاء اذا التزم المقلد بالعمل بما فى رسالة المیت، ففى جمیع هذه الصّور یجوز للمقلّد ان یبقى على تقلید المیت استناداً الى فتوى الحى الأعلم، فلا اثر لفتوى المیت بجواز البقاء کما لا اثر لفتواه بعدم جوازه.
و کذالکلام اذا کان فتوى المیّت بجواز البقاء مشروطا بالعمل و فتوى الحى مشروطا بالالتزام فتکون دائرة فتوى المیت اضیق و دائرة فتوى الحى اوسع او کان الأمر بالعکس او اشترط احدهما التعلم و الآخر العمل، ففى الجمیع یکون العبرة بفتوى الحى، لا بفتوى المیت بلا فرق بین ان یفتى بجواز البقاء او عدمه.
و على الجملة ان افتى الحى بجواز البقاء یجوز، و ان افتى المیت بعدم جوازه، و ان افتى الحى بعدم الجواز، لا یجوز وان افتى المیت بجوازه.
المسألة الثانیة ما اذا افتى المیت بجواز البقاء على تقلید المیت و کان التقلید عنده الالتزام بفتاواه أو التعلم لها، و کان التقلید عند الحى الاعلم، العمل بفتوى المجتهد، فهنا یجوز البقاء على تقلید المیت لمن عمل بفتواه، فاذا کان المقلّد قد عمل بفتوى المیت و کان قد التزم بفتوى مجتهد آخر، فمات و بقى على تقلیده لأجل فتوى هذا المجتهد الذى مات بعده، فیکون المقلد قد عمل بفتواه، فاذا مات یجوز البقاء على تقلیده فیما عمل به، فاذن یستند فى البقاء على تقلیده فیما عمل به بفتواه و هو البقاء على تقلید مجتهد مات قبل هذا المجتهد، و حیث قد عمل بفتواه، فیجوز له البقاء على تقلید هذا المیّت الثانى فى کل ما تعلّمه و التزم به، لان الحى الأعلم، قد افتى بجواز البقاء على تقلید المیت فیما عمل به، و المقلّد قد عمل بفتوى المیت و هو بقائه على تقلید مجتهد ثالث من الاموات، فاذا تعلّم فتواه او التزم بها، جاز له البقاء على جمیع فتاوى المتعلقة بالتکلیف او الوضع، أما المتعلقة بالتکلیف فکوجوب السورة فى الصّلاة، فان الحى الأعلم ان لم یر وجوبها فى الصلاة و لکنه افتى بجواز البقاء على تقلید المیت، فیفتى بوجوب السورة على من یبقى على تقلید المیت.
و أمّا المتعلقة بالوضع، فهو فتواه بجواز البقاء على تقلید المیت لمن تعلّم او التزم بفتاویه، و حیث ان المکلف عمل بهذه الفتوى و بقى على تقلید المیت بعد الالتزام بفتواه، جاز له البقاء على تقلیده حتى فى مسألة جواز البقاء.
و نظیر المقام، ما اذا دلّ الدلیل على حجیة خبرالعادل، ثم قام خبر العادل على حجیة مطلق خبر الثقة، فیکون حجة بواسطة خبر العادل.
المسألة الثالثة، ان الحى و المیت، اذا افتیا بوجوب البقاء على تقلید المیت، فاذا افتى المیت بوجوب البقاء، اذا عمل المقلد بفتواه و افتى الحى بالوجوب اذا تعلّمها، عمل أو لم یعمل، او افتى کلاهما بوجوب البقاء اذا تعلّمها او التزم بفتاویه، فلا مجال للقول بحجیة فتوى المیت بوجوب البقاء، لانها لغو فان الشّارع جعل فتوى الحى بوجوب البقاء حجة، فلم یبق مجال لجعل الحجیة لفتوى المیت
بوجوب البقاء.
واما اذاکان معنى التقلید عند المیّت الالتزام بفتاوى المجتهد وکان عند الحى العمل بها، فهنا یمکن ان تکون الحجیة مجعولة لکلتى الفتویین، لعدم لزوم اللغویة کمامر فى المسألة السّابعة.
المسألة الرابعة ان یفتى الحى بوجوب البقاء و المیت یفتى بجوازه، فهل یجوز للعامى ان یرجع الى الحى فى تلک المسألة لیجب علیه البقاء على تقلید المیت و حیث ان المیّت یفتى بجواز البقاء و العدول، فیعدل الى الحى بفتوى المیت؟
قال سید نا الاستاذ((قدس سره)): و الصّحیح أن المقلد له أن یعدل الى الحى بفتوى المیّت بالجواز، و دعوى أن ذلک یستلزم الجمع بین الحجتین التعیینیة و التخییریة، مند فعة بانه یلزم اذا اتحد نظر المیت و الحى، فیما هو الموضوع للحکم فى مسألة البقاء، أو أنهما اختلفا فى ذلک و کانت دائرة موضوعه عند الحى اوسع منها لدى المیت، و اما اذا اختلفا فى ذلک و کانت دائرة موضوع الحکم عند المیت اوسع منها لدى الحى، کما اذا افتى المیت بجواز البقاء مع تعلم الفتوى و ان لم یعمل بها، و افتى الحى بوجوب البقاء مع العمل، فلا یلزم محذور الجمع بین الحجتین، و ذلک لان فتوى الحى بوجوب البقاء، قد جعلت فتاوى المیت، متصفة بالحجیة فیما عمل به المقلد، و قد فرضنا انه عمل بفتوى المیت بالجواز فى مسألة البقاء، و اذا اتصفت فتوى المیت بالحجیة فى تلک المسألة، جاز للمقلد کل من العدول و البقاء فیما افتى به المجتهد المیت، حتى فیما لم یعمل به و تعلّم حکمه من المسائل.
و من الظاهر أنه لیس فى المسائل التى لم یعمل بها المقلّد حال حیاة المیت، اجتماع الحجتین، لأن کون فتوى المیت حجة تعیینیة انما هو فى المسائل التى عمل بها المقلد دون ما لم یعمل به، فلیس فیها فتوى المیت بجواز البقاء و هى حجة تخییریة، فحسب، فاین یلزم فى تلک المسائل، اجتماع الحجتین؟
على أنّه لا مانع من اجتماع الحجیة التعیینیة و التخییریة فى مورد واحد، فان الحجیة التعیینیة انما ثبتت لفتوى المیت ببرکة الحى بوجوب البقاء بما هى فتوى المیت، بمعنى ان الجهات التى ساقت الحى الى الحکم بوجوب البقاء، ککون المیت اعلم، او حرمة العدول عنه، نظر الى ان الموت کمال فلا یوجب سقوط فتواه عن الاعتبار، على ما ترشدنا الیه السیرة و غیرها او غیرهما من الجهات -انما دلّت على أن فتوى المیت بما هى کذلک حجة تعیینیة، و لاینا فى ذلک، کونها حجة تخییریة بلحاظ ان الحجة قامت على جواز العدول، و توسیط فتوى المیت بالجواز.(1)
الجواب أن ما أفاده ((قدس سره)) لا یمکن المساعدة علیه من وجهین:
الأول أن فتوى الحى بوجوب البقاء فیما عمله المقلّد و فتوى المیت بعدم وجوبه وجواز العدول الى الحى فى نفس المسألة متضادان لأن الوجوب التعیینى لا یجتمع مع الوجوب التخییرى فان الواجب التعیینى لا یجوز ترکه و الواجب التخییرى یجوز ترکه عند اتیان العدل، فلا یجتمعان فى موضوع واحد;
الا ترى أنه لو کان مقلّدا لمن یوجب صلاة الجمعة فى یومها، فمات و کان فتوى الحى بوجوب البقاء على تقلیده و کان فتوى المیت جواز البقاء و جواز العدول الى الحى و کان فتوى الحى وجوب صلاة الظهر فى یوم الجمعة، فالنتیجة ان فتوى المیت تکون وجوب الاتیان بصلاة الجمعة ان بقى على تقلید المیت و وجوب الاتیان بصلاة الظهر ان عدل الى الحى و تکون فتوى الحى وجوب صلاة
الجمعة على المقلد لوجوب البقاء على تقلید المیت فوجوب صلاة الجمعة و عدم وجوبها، متضادان بل متناقضان فلا یمکن الجمع بینهما و ان قلنا بجواز اجتماع الامر و النهى، فانه مختص بما اذا کانت الجهتان تقییدیتین و فى المقام لیستا کذلک بل تعلیلیتان.
الثانى ان الاختلاف بین الحى و المیت فى الفتوى، یوجب عنده((قدس سره)) سقوط کلتا الفتویین عن الحجیة، فلا یبقى المجال لهذا البحث اصلا.
فالتحقیق ان یقال: ان کان المیت اعلم من الحى یجب البقاء فى المسائل الفرعیة، و لا وجه للتخییر بین البقاء و العدول فى هذا الفرض، و ان کان الاعلم هو الحى، یجب العدول و لا وجه للبقاء فى هذا الفرض.
و ان کانا متساویین فى الفضیلة، یتخیر بین البقاء و العدول و ان کان الأحوط هو العدول، لانه لا قائل بوجوب البقاء على فرض التساوى، و اما القائل بوجوب العدول، فموجود، لما عرفت من ان بعض الاصحاب قائل بحرمة البقاء على تقلید المیت، و اما جواز العدول فممالا اشکال فیه.
ثم إنّ سیدنا الاستاذ((قدس سره)) قال: اذا افتى الحى بجواز البقاء او وجوبه و افتى المیت بحرمته، فهل للمقلد ان یبقى على تقلید المیت فى مسألة البقاء لحجیة فتواه بفتوى الحى بجواز البقاء او وجوبه، او لیس له البقاء فى تقلیده فى مسألة البقاء و یجوز له او یجب علیه البقاء فى المسائل الفرعیة.
و بعبارة اخرى تجویز الحى أو ایجابه البقاء على تقلید المیت، هل یشمل مسألة البقاء ایضاً، حتى یلزم منه حرمة البقاء فى بقیة المسائل او لا یشملها، فله البقاء على تقلید المیت فى بقیة المسائل؟
الثانى هو الصحیح لانه لا مانع من البقاء على تقلید المیت فى المسائل الفرعیة غیر مسألة البقاء، و الوجه فیه ان فتاوى المیت، قد سقطت عن الحجیة بموته، فلا تتصف بالاعتبار الا اذا افتى الحى بحجّیتها التخییریة کما اذا جوّز البقاء على تقلیده، أو التعیینیة کما اذا او جبه، و فتوى المیت بحرمة البقاء، لا یمکن ان تتصف بالحجیة فى مسألة البقاء بفتوى الحى بجواز البقاء او وجوبه، لان شمول تجویز الحى او ایجابه لفتوى المیت بحرمة البقاء یستلزم عدم شموله لها و یلزم من حجیة فتوى المیت عدم حجیتها و ما استلزم فرض وجوده عدمه، فهو محال، و الوجه فى هذا الاستلزام ان المیت یفتى بحرمة البقاء فلو کانت فتواه هذه حجة شرعیة -بأن شملتها فتوى الحى بجواز البقاء- لزم منها عدم حجیة فتاواه الّتى منها فتواه بحرمة البقاء، اذن لا یمکن ان تشمل فتوى الحى بالجواز اوالوجوب لفتوى المیت بحرمة البقاء، و هذا بخلاف سائر فتاواه، فانه لا محذور فى حجیتها بشمول فتوى الحى لها هذا.
على انا لا نحتمل شمول فتوى الحى بجواز البقاء او وجوبه لفتوى المیت بحرمته و ذلک لان فى الواقع و مقام الثبوت، لا یخلو اما ان یکون البقاء على تقلیدالمیت محرماً لارتفاع حجیة فتاواه بموته، و اما ان یکون جائزاً -بالمعنى الأعم- و لا تکون حجیة فتاواه ساقطة بموته و لا ثالث.
فان کان البقاء محرّماً واقعاً، کانت فتوى الحى بجواز البقاء مخالفة للواقع و معه لا تتصف بالحجیة الشرعیة لمخالفتها للواقع على الفرض، و اذا سقطت فتوى الحى عن الحجیة، لم تکن فتوى المیت بحرمة البقاء حجة بوجه لسقوط فتاواه عن الحجیة بموته، و انما تتصف بالاعتبار اذا افتى الحى بحجیتها و قد فرضنا انها ساقطة عن الحجیة ، لمخالفتها للواقع، فهى غیر معتبرة فى نفسها، فما ظنک بان تکون موجبة لحجیة فتوى المیت بحرمة البقاء.
و اما اذا کان جائزا بحسب الواقع، ففتوى الحى بجواز البقاء مطابقة للواقع الا ان فتوى المیت بحرمة البقاء مخالفة له، فلا تکون حجة بوجه. اذاً لنا علم تفصیلى بعدم حجیة فتوى المیت بحرمة البقاء، سواء کانت مطابقة للواقع او مخالفة له و فتوى الحى بجواز البقاء -بالمعنى الاعم- غیر محتملة الشمول لفتوى المیت بحرمة البقاء، و مع عدم احتمال حجیتها بحسب الواقع و مقام الثبوت، کیف یعقل ان یشملها دلیل الحجیة و هو فتوى الحى فى مقام الاثبات انتهى.
و فیه ان دلیل الحجیة لا یشمل الفتویین المختلفین، فعلى مبناه تسقطان معاً -کما تقدم- فان کان أحدهما أعلم، لابدّ من اخذ فتواه بلا فرق بین المیت و الحى، و ان کانا متساویین، فیفرق بین القول بجواز البقاء و القول بوجوبه، فعلى الأول یکون مبناه ((قدس سره)) هو الاخذ بأحوط القولین و هو قول المیت بحرمة البقاء، لأنه إن عدل الى الحى، فقد جمع بین القولین مع کونه احوط و على الثانى یکون المقلد مخیراً بین القولین و ان کان الاحوط هو العدول الى الحى فى غیر مسألة البقاء لان القائل بوجوب البقاء مع التساوى نادر و المشهور هو العدول الى الحى فى جمیع المسائل، وذلک لانّ القول بوجوب البقاء لا یمکن اتمامه بدلیل.
1- التنقیح الاجتهاد و التقلیدص188
عمل الجاهل المقصر بلا تقلید ص (83 - 84)
▲ عمل الجاهل المقصر بلا تقلید ص (83 - 84)
(مسألة16) عمل الجاهل المقصر الملتفت باطل، و ان کان مطابقاً للواقع(1)
(1)ما ذکره مبنى على ما ذکره شیخنا الاعظم الانصارى((قدس سره)) فى مبحث العمل قبل الفحص من رسالة البرائة، من عدم تحقق نیة القربة (لأن الشاک فى کون المأتى به موافقاً للمأمور به کیف یتقرب به؟ و قال (رحمه الله) فى مبحث الشبهة الوجوبیة: (من قصد الاقتصار على أحد الفعلین، لیس قاصداً لامتثال الامر الواقعى على کل تقدیر،نعم هوقاصد لامتثاله على تقدیر مصادفة هذا المحتمل له، لا مطلقاً، و هذا غیر کاف فى العبادات المعلوم وقوع التعبدبها) و یظهر منه((قدس سره)) انه اتکل بظهور الاجماع على ذلک حیث قال: ان ظاهر کلام السید الرضى((قدس سره)) فى مسألة الجاهل بوجوب القصر، و ظاهر تقریر اخیه السید المرتضى((قدس سره)) ثبوت الاجماع على بطلان صلاة من لا یعلم احکامها.
و مراده((قدس سره)) اعتبار الجزم بالنیة فى التعبد المعتبر فى صحة العبادات لأجل الاجماع.
و فیه أن الاجماع المحصل غیر حاصل و المنقول منه لیس بحجة کما حققناه فى الاصول. فان الذى یعتبر فى العبادة بحکم العقل و بناء العقلاء هو صدور العمل من العبد بداعى أمر المولى، سواء کان جزمیا او احتمالیاً، و الجامع هو اتیان العمل مضافاً الى المولى، فعلیه یکون عمل الجاهل المقّصر المطابق للواقع محکوماً بالصحة.
و یرد على الماتن((قدس سره)) أنه عبر بالعمل و هو شامل للمعاملات ایضاً و لم یقل احد من الأصحاب: ببطلان معاملات الجاهل المقصّر، الا ترى انه لو غسل ثوبه المتنجس بالبول مرتین، و لم یعلم ما هو حکم الشارع فیه، او باع داره من بالغ عاقل با المعاطاة او أستأجر دارا بالمعاطاة و لم یعلم صحتها و بطلانها، هل یمکن الحکم بالبطلان مع البناء على صحة المعاطاة؟!
نعم لو ارید من البطلان عدم الاکتفاءبه وانه یجب علیه السؤال عن حکمه، صحّ ما ذکره حتى فى المعاملات، فان المکلف اذا عامل بالبیع او الاجارة او المضاربة، لابد ان یعلم حکمها، حتى لا یقع فى الرباء و أکل المال بالباطل و لکن مقصود الماتن لیس منه الا العبادة و ذلک بقرینة ما ذکره بعد ذلک بقوله: و (حصل منه قصد القربة)
عمل الجاهل اذکان مطابقاً للفتوی ص (85 - 86)
▲ عمل الجاهل اذکان مطابقاً للفتوی ص (85 - 86)
و امّا الجاهل القاصر و المقصر الذى کان غافلا حین العمل و حصل منه قصد القربه فان کان مطابقا لفتو المجتهد الذى قلّده بعد ذلک، کان صحیحاً(1) والاحوط مع ذلک مطابقته لفتوى المجتهد الذى کان یجب علیه تقلیده حین العمل.
(1) عملا بما دل على حجیة رأیه و لو بعد العمل، و اما مطابقته لرأى من یجب علیه تقلیده حال العمل، فلا دلیل علیه، فان ادلة الحجیة لا تقتضى السببیة کما هو المحقق فى محله.
ثم إن عمل الجاهل ان کان مطابقاً لفتوى من کان یجب علیه تقلیده حین العمل و من یجب علیه ان یرجع الیه فعلا، فلا اشکال فى صحته بلا فرق بین القاصر و المقصّر، و ان کان مخالفا لهما، فلا اشکال فى بطلانه.
انما الاشکال فیما اذا طابق عمله فتوى من کان یجب علیه تقلیده حین العمل و خالف فتوى من یجب علیه ان یرجع الیه فعلا.
قال السیّد الحکیم((قدس سره)) حول المسألة الثالثة و الخمسین فى المستمسک: (انه لو کان عمل العامى فى مدة عمره بلا تقلید، غفلة او عمداً، فالمدار فى صحة اعماله مطابقتها لفتوى من یجب الرجوع الیه حال العمل، لا حال الالتفات او الندم، لحجیة الفتوى السابقة فى حقه دون اللاّحقة.)
و قال فى المقام: (اما اعتبار مطابقته لرأى من یجب علیه تقلیده حال العمل فلا دلیل علیه، فان ادلة الحجیة، لا تقتضى السببیة -کما هو محقق فى محلّه).
و انت ترى أنّ الفتویین متنافیتان، و الصّحیح هو ما أفاده هنا، فان المکلف اذا ندم من عدم المراجعة الى العالم وبنى على الرجوع الیه، فلابد له من الرجوع الى العالم الفعلى، فوظیفته هو الأخذ بما یعینه، علیه فعلا من وجوب القضاء و الاعادة و عدمه. و هذا واضح اذا کان المجتهد واحداً، او کان متعدداً و الاعلم محرزاً.
و أمّا مع التعدد وعدم احراز الأعلم و الاختلاف فى الفتوى بینهم، فقد تقدّم أن الأقوى هو التخییر فى الرّجوع الى أیّهم شاء، و ان کان مختار الأستاذ((قدس سره)) هو الأخذ بأحوط الأقوال أو القولین على ما تقدّم.
الفرق فی الجاهل القاصر و المقصر فی المسئلة ص (86 - 88)
▲ الفرق فی الجاهل القاصر و المقصر فی المسئلة ص (86 - 88)
ثم لا یخفى الفرق بین الجاهل القاصر و المقصّر، فانّ القاصر هو الذى لا یمکن أن یصل الى العالم أو اعتمد على القطع أو الأمارة المعتبرة أو فتوى الفقیه، ثم انکشف الخلاف و کان قطعه جهلا مرکبا و الامارة أو فتوى الفقیه مخالفة للواقع، فانه لا یستحق العقاب على مخالفة الواقع، لإعتماده على الحجة و هى معذرة له.
و أما القضاء أو الإعادة فى الصلاة فیدور مدار حدیث لاتعاد الصّلاة الا من خمسة، الوقت و الطهور و القبلة و الرکوع و السجود، بل لو عمل بفتوى المجتهد، لا یبعد قیام السیرة على عدم القضاء.
وهل یکون الجهل القصورى فى اصول الدین ایضاً متصوراً ام لا؟
قد یقال:بعدم تصوره فیها، بدعوى ان باب العلم بها، لکل أحد مفتوح، فلو فحص و تجسّس عنها، یحصل له العلم بما هو الحق و الواقع من العقائد، فالجهل بها دائما، یکون عن تقصیر، فلهذا یکون کل من انحرف عن الاسلام الأصیل، مستحقا للعقاب.
و لکن الصحیح امکان ذلک فیهاایضاً، فان کثیرا من اهل القرى و الرساتیق یعیشون فى محیط یعتقدون فیه، صحة ما سمعوا من آبائهم و امهاتهم و لا یحتملون صحة غیره، فکیف یفحصون و یتجسّسون عنه، نعم من ذهب الى المدرسة و سمع من الاستاذ، الاسلام و المذهب الجعفرى و غیره من الادیان، کان عقله، حاکما بالفحص عما هو الحق والصواب، فان لم یفحص و لم یصل الى ما هو الحق، یستحق العقاب، لانه مقصّر فى عدم الوصول الى الحق، و التقلید فى اصول الدین، لا یجوز بحکم العقل.
ثم انّ المقصر ان کان ملتفتاً حین العمل و اکتفى باتیان بعض المحتملات و صادف الواقع، لا یکون مستحقاً للعقاب من أجل العصیان لعدم تحققه، و لکنه مستحق له من أجل التجرى، حیث أن عقله حاکم باحراز الواقع. إمّا بالسؤال عن العالم و إمّا بالاحتیاط، و حیث انه ترکهما، یکون متجریا على المولى، فیستحق العقاب. و هل یکون حدیث لاتعاد شاملا له اذا کان تارکالغیر الخمسة ام لا؟ الظّاهر هو الثانى، لوجهین: الاول انه قد ادعى الاجماع على ان الجاهل المقصر بحکم العامد، و لا شک فى أن الترک العمدى لکل جزء من الصلاة موجب للبطلان.
الثانى العقل، فان الحدیث عند العرف، شامل لمن اتى بالعمل باعتقاد الصحة و بعده شک فیها أو توجه الى انه ترک مثل السورة مثلا سهواً او جهلا بلا تقصیر، و أما مع التقصیر فالعقل حاکم بعدم الاکتفاء بالمأتى به ولزوم الاحتیاط، فلو لم یأت بالمشکوک، یحکم بلزوم الاعادة و القضاء.
و بعبارة أخرى، الحدیث یدّل على عدم لزوم الاعادة عند ترک غیر الخمسة ان کان لعذر، کالنسیان و السّهو و الجهل القصورى، فلا یشمل الجهل التقصیرى ان کان ملتفتاً حین العمل، و اما ان کان غافلا حینه، فقد ادّعوا ان الاجماع المذکور شامل له ایضاً.
و قال سیدنا الاستاذ((قدس سره)): هذا اذا تم الاجماع، کما ادّعى ، و اما لو لم یتم، أو قلنا: إن القدر المتیقن منه لو تم هو استحقاق العقاب لا البطلان، فیحکم بصحة عمله لحدیث لاتعاد.
و فیه أن الاجماع على أنّ الجاهل المقصّر عامد، إنما هو فى المسألة الفقهیة، فهو ناظر الى البطلان، لأنّ المبحوث عنه فى الفقه هو الصّحة و البطلان لا استحقاق العقاب و عدمه، فانه بحث کلامى لیس الفقه محلا لبحثه، هذا أولا.
و ثانیاً أن الترک مستند الى الجهل الّذى لا یکون عذراً، فکیف یکون مشمولا للحدیث.
المراد من الاعلم ص (88 - 89)
▲ المراد من الاعلم ص (88 - 89)
(مسألة 17) المراد من الأعلم من یکون اعرف بالقواعد و المدارک للمسألة و اکثر اطلاعاً لنظائرها و للاخبار و اجودفهماً للأخبار، و الحاصل ان یکون اجود استنباطا، و المرجع فى تعیینه، اهل الخبرة و الاستنباط(1)
(1) الکلام یقع فى موردین: الأول فیما هو المراد من الاعلم، الثانى فیما هو الدلیل على اعتبار الأعلمیة فى المرجع.
اما المورد الاول، فنقول فیه ان المفهوم اللغوى للاعلم و ان کان واضحاً، فان العالم بالفارسیة هو (دانا) و الاعلم (داناتر) و هذا المعنى لیس مرادا فى المقام، فان من حفظ دورة الفقه من الطهارة الى الدیات، یکون بحسب اللغة أعلم ممن لم یکن حافظا کذلک، فاذا لم یکن له ملکة الاستنباط، لا یجوز تقلیده، و کذا اذا کان حافظا للأخبار الکثیرة و حافظا للقواعد و الکبریات الأصولیة و الفقهیة، و لکنّه لم یکن قادراً على الإستنباط، او کانت قدرته ضعیفة.
فالمراد منه فى المقام من کان قادراً على ردّ الفروع الى الأصول، و اعرف فى تشخیص الوظیفة الفعلیة من ادلتها و اصولها، و هو المعبر عنه بالاجود استنباطاً.
و اما المورد الثانى، فنقول فیه: ان الدلیل على اعتبار الاعلمیة فى المرجع هو بناء العقلاء على انتخاب الأعلم من العلماء عند اختلافهم فى النظریة فى جمیع الفنون: طباً کان أو فلسفة او هندسة او فقهاً او ریاضیاً او غیرها;
و هذا لبناء منهم لیس جزافاً او تعبداً، بل لأجل حکم العقل بان الأعلم یکون نظره اقرب الى الواقع، فان العقلاء فى جمیع الفنون همهم انما هو درک الواقع لاغیر، فمن کان اکثر دقة و عمقاً و اشدّ مهارة فى عملیة الاستنباط و أقدر فى تطبیق الکبریات على الصغریات، کان مرجعاً مطاعا عندهم، فلو وقعت المخالفة بینه و بین من کان دونه، یرفضون الثانى و یأخذون بقول الأول بلا شبهة، و هذا البناء لم یردع عنه، فیکون ممضىً عند الشرع، و هذا هو الدلیل على تعیّن تقلید الأعلم عند الاختلاف.
عدم جواز تقلید المفضول فی صورة التوافق فتواه ص (89 - 90)
▲ عدم جواز تقلید المفضول فی صورة التوافق فتواه ص (89 - 90)
(مسألة 18) الاحوط عدم تقلید المفضول حتى فى المسألة التى توافق فتواه فتوى الأفضل(1)
(1) ما ذکره من الاحتیاط لاوجه له، فان تقلید الأعلم، متعیّن عند الاختلاف بینه و بین غیره، فاذا توافقا فى الفتوى، صح العمل بها بلا ان یستند الى احدهما، بل لو لم یعلم الاختلاف بینهما، صح الاستناد الى فتوى غیر الأعلم لاصالة عدم المخالفة لفتوى الأعلم، فان ادلة الحجیة تشمل کلتا الفتویین و لا دلیل على اعتبار تعیین الأعلم فى مثل المقام و الاستناد الى فتواه، بل یجوز الاستناد الى فتوى غیر الأعلم ایضاً.
و على الجملة اذا توافق الأعلم و العالم فى الفتوى، صح الاستناد الى کل واحد منهما و الى مجموعهما.
و دعوى أنّ الاستناد الى مجموع الفتاوى غیر صحیح، لأنّ المجموع بما هو مجموع اعنى اعتبارضم کل واحدة منها الى الاخرى فى مقام الاستناد، ینافى حجیة کل من الفتاوى بنفسها، لما ذکرناه من ان کل واحدة من الفتاوى حجة على استقلالها، فلا معنى لانضمام بعضها الى الاخرى فى مقام الاستناد. مدفوعة بانا لا نقول باعتبارضم کل واحدة من الفتاوى الى الاخرى حتى یقال:
لا دلیل على اعتبار الانضمام، فان کل واحدة منها حجة باستقلالها، بل نقول: بجواز الاستناد الى المجموع من حیث المجموع، فان کل واحدة منها تؤکد الأخرى، و هذا نظیر ما اذا دلت عدة من الاحادیث الصحاح على وجوب صلاة الجمعة، فیقول الفقیه، إنى استند فى الفتوى بالوجوب الى مجموع هذه الصحاح، و ان کان کل واحدة منها کافیة فى اثبات الوجوب، و لکن المجموع یوجب الاطمینان، و اذا زاد علیه کمیة أخرى، یوجب القطع، لکون الرّوایات متواترة.
عدم الجواز تقلید غیر المجتهد ص (90)
▲ عدم الجواز تقلید غیر المجتهد ص (90)
(مسألة19) لا یجوز تقلید غیر المجتهد و ان کان من اهل العلم کما أنه یجب على غیر المجتهد التقلید و ان کان من اهل العلم(1)
(1) اما عدم جواز تقلید غیر المجتهد و ان کان من اهل العلم، فلدعوى الاجماع على عدم حجیة قوله، و لم یدّل اىّ دلیل على حجیة فتواه، فان الدلیل دلّ على حجیة قول الفقیه و العالم و العارف بالاحکام، و القدر المتیقن هو المجتهد، فعلیه یجب على غیره الاحتیاط او التقلید لعدم امکان تفریغ الذمة لغیر المجتهد الا بهما.
معرفة المجتهد بالعلم الوجدانی و حجیته ص (90 - 94)
▲ معرفة المجتهد بالعلم الوجدانی و حجیته ص (90 - 94)
(مسألة 20) یعرف اجتهاد المجتهد بالعلم الوجدانى، کما اذا کان المقلّد من أهل الخبرة، و علم باجتهاد شخص، و کذا یعرف بشهادة عدلین(2) من اهل الخبرة.
(2)امّا العلم الوجدانى، فحجیته ذاتیة، و لا شبهة فى ثبوت الاجتهاد به کسائر الأمور. و أمّا شهادة العدلین، فقد استدل على حجیتها مطلقاً بوجوه:
الأوّل الإجماع على حجیتها فى الشریعة المقدسة مطلقا.
و فیه أن تحققه على حجیتها و ان کان غیر بعید، الاّ انه لیس اجماعاً تعبدیاً کاشفا عن رأى المعصوم(ع) فان الوجه فیه أحد الوجوه الآتیة
الثانى ان الشارع، قد جعل البینة حجة عند التخاصم و الترافع فى الدّعاوى، فحجیّتها فى غیرها بطریق أولى. فان الترافع یکون بعد المخاصمة والمعارضة والنقض والا برام ، فحجیتها هناک تستلزم حجیتها عند عدم المعارضة بالا ولویة. و لأن حق النّاس اذاثبت بها، مع اهتمام الشارع به فغیره یثبت بطریق اولى .
وقد نوقش فى الأولویة بأن الدّعوى والخصومة،مما لا مناص من حلّه بشئ، فان بقاء التخاصم والترافع ینجر الى اختلال النظام، فما ترتفع به المخاصمات، لا یستلزم ان یکون حجة فى غیرها ایضاً ومن هنا ان الیمین تفصل بها الخصومة شرعاً، ولا تعتبر فى غیرها، فالاو لویة لا تبتنى على اصل صحیح .
ویمکن أن یجاب عنها بان فصل الخصومة والدعوى ، لو کان منحصراً فى البینة، لکان للمناقشة مجال، و اولوّیة ممنوعة، ولکن الا مر لیس کذلک فان فى کثیر من الموارد، لا توجد البینة فتفصل الخصومة بالیمین او التحالف فلم یلزم اختلال النظام اصلا ، فعلیه تبقى الاولویة بحالها، فهى دلیل على حجیة البینة .
الثالث موثقة مسعدة بن صدقة عن أبى أبى عبد الله((علیه السلام)) قال : سمعته یقول : کل شئ هو لک حلال، حتى تعلم انه حرام بعینه، فتدعه من قبل نفسک، وذلک مثل الثوب یکون علیک، قد اشتریته، و هو سرقة، و المملوک عندک ولعلّه حرّ، قد باع نفسه، أو خدع وبیع قهراً، او امرأة تحتک وهى اختک او رضیعتک، و الاشیاء کلها على هذا حتى یتبین لک غیر ذالک، او تقوم به البینة.(1)
اما السند، فمعتبر، لأن مسعده ابن صدقة و ان لم یوثّق صریحاً، الّا انه وقع فى اسناد کامل الزیارات، فیکون موثّقاً بتوثیق عام.
و لکن سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) ناقش فى دلالتها، بتقریب أن البینة، لم یثبت لها حقیقة شرعیة، و لا متشرعیة، انما استعملت فى الکتاب و الاخبار بمعناها اللّغوى، و هو ما به البیان و الظهور، و معه لا یمکن أن یستدل بها على حجیة البینة المصطلح علیها، لعدم کونها مستعمل فیها فى شهادة العدلین. فالصّحیح أن یستدل على حجیة البینة بالمعنى المصطلح علیه - بما حاصله انا علمنا من الخارج أن النبى((صلى الله علیه وآله))کان یعتمد على اخبار العدلین فى موارد الترافع من غیر شک، و اعتماده - ص - یدلنا على أن شهادة العدلین ایضاً من مصادیق الحجة و ما به البیان، فانه لو لا کونها کذلک، لم یجز له ان یعتمد علیها ابداً، فبهذا نستکشف انّها حجّة مطلقاً من دون ان یختص بموارد الخصومة و القضاء، لان اعتماد الشارع علیها، یدلنا على ان خبر العدلین حجة معتبرة فى مرتبة سابقة على القضاء، لا انه اتصّف بالحجیة بنفس القضاء.
الجواب عن ذلک ان اعتماد الشارع علیها عند الترافع، لعلّه کان لاجل ان الترافع و الخصومة بحاجة الى القضاء و الفصل، و الا لبقى الترافع فیلزم اختلال النظام، کما افاده قبیل ذلک، فینقض علیه بکلامه((قدس سره)).
فالصحیح تمامیة الاستدلال بها باحد وجهین: الاول ان البنیة قد ثبت فیها حقیقة متشرعیة، فانها لعلها فى اکثر من مأة مورد، استعملت فى شهادة العدلین.
الثانى لو تنزلنا عن ذلک، فنقول: اذا کانت البینة فى الموثقة بمعنى الحجة، فقد طبقها الرسول الاکرم((صلى الله علیه وآله)) فى موارد المرافعات على شهادة العدلین، فعلیه تکون حجة مثبتة للاجتهاد و غیره، فالبینة حجة تعبدیة بلاشبهة.
و هل یثبت الاجتهاد بخبر الواحد الثقة ام لا؟ الظاهر هو الاول فان السیرة القطعیة، جاریة على العمل به، بلا فرق بین الاحکام و الموضوعات فان عمل العقلاء فى امور معاشهم و معادهم على ذلک، کالاخبار عن الاسعار و الموت و المجئ من سفر و التشییع و السرقة و امثالها، فعلیه یحکم بحجیته لعدم الردع عنها.
إن قلت: إن الموثقة تدلّ على الردع عن السّیرة العقلائیة القائمة على العمل بخبر الواحد فى الموضوعات الخارجیة، حیث ورد فى ذیلها: الاشیاء کلها على هذا، حتى یستبین لک غیر ذلک أو تقوم به البینة.
قلت: اذا کان خبر الثقة، معمولا به عند العقلاء فى الموضوعات، لیس ذلک الا لاجل حکم العقل بأنه یکشف عن الواقع الى حد الوثوق و الاطمینان، فان العقلاء، لا یبنون على شئ جزافا وبلا مبرّر، فاذن یکون ما اخبر به الثقة، داخلا فى المستبان، فان الاستبان، قد یکون بالعلم و قد یکون بالاطمینان و امّا قیام البینة، فهى حجة تعبداً سواء کانت موجبة للاطمینان ام لا؟
و مما ذکرنا یظهر ان ما افاده الاستاذ((قدس سره)) من عدم حجیة خبر الثقة، اذا عارض قاعدة الید، لا یمکن المساعدة علیه، فان خبر الثقة اذا کان موجبا للوثوق، یقدم على قاعدة الید، الاترى انک لواردت أن تشرى من الدّکان قماشاً للقباء، و اخبر صدیقک الثقة ان الاقمشة الموجودة فى هذا الدکان، کلها غصبى، سرقها من فلان، لانصرفت عن الشراء منه و لیس ذلک الاّ لأجل تقدیم خبر الثقة على الید، و کذالکلام اذااردت ان تشترى لحما من القصاب، و اخبر صدیقک ان هذا القصاب اعرفه انه لایستقبل الحیوان إلى القبلة و لا یسمّى عندالتذکیة، لا نصرفت عن الشراء منه، و لیس هذا الا لأجل تقدیم خبر الثقة على سوق المسلمین;
و قد یستشکل على اعتبار البینة و خبر الثقة فى الاخبار بالاجتهاد، بانه من الامور الحد سیة، فان ملکة الاجتهاد لیست امرا حسیا، و البینة و خبر الثقة، لا تکونان حجة الاّ فى الامور الحسیة.
و الجواب انه و ان کان من الامور الحد سیة، الاّ انه قریب بالحس، فاهل الخبرة، ان باشر المجتهد، و رأى استدلا لانة و استنباطاته، یعلم باجتهاده،و یعرف أنه مجتهد، فیجوز له الشهادة بذلک. فمعرفة ملکة الاجتهاد، کمعرفة ملکة العدالة، تحصل بالمعاشرة.
1-س ج 12 ب 4 من ابواب ما یکتسب به ح 4 ص 60
طرق اخری لعرفة المجتهد و تعیین التقلید عنه ص (94 - 95)
▲ طرق اخری لعرفة المجتهد و تعیین التقلید عنه ص (94 - 95)
اذا لم تکن معارضة بشهادة آخرین من اهل الخبرة، ینفیان عنه الاجتهاد و کذا یعرف بالشیاع المفید للعلم، و کذا الأعلمیة، تعرف بالعلم، او البنیة غیر المعارضة او الشیاع المفید للعلم.(1)
(مسألة21)اذا کان مجتهدان، لا یمکن تحصیل العلم باعلمیة أحدهما و لا البینة، فان حصل الظن بأعلمیة أحدهما، تعیّن تقلیده(2) بل لو کان فى احدهما احتمال الأعلمیة، یقدم، کما اذا علم انهما اما متساویان أو هذا المعیّن اعلم، و لا یحتمل اعلمیة الاخر، فالاحوط تقدیم من یحتمل اعلمیته.
(1) العلم بالاجتهاد أو غیره حجة ذاتا، سواء حصل من الشیاع او غیره.
(2) قد تقدم أنه ان لم یعلم الاختلاف بینهما، تخیّر المکلف، سواء کان أحدهما مظنون الأعلمیة ام لا؟ بل و لو کان معلوم الاعلمیة، نعم الأحوط هو الرّجوع الى مظنو ن الأعلمیة، فضلا عن معلومها.
و أما ان علم الاختلاف بینهما فى الفتوى، فبما أن الاخذ باحوط القولین متعذر بالنسبة الى اکثر الناس، بل السیرة من المتشرعة جاریة على عدم وجوب الاخذ باحوط القولین، فالظن بالاعلمیة بل احتمالها موجب للترجیح لدوران الامر بین التعیین و التخییر، والقاعدة تقتضى التعیین کمامر، حیث ان العمل بفتواه، موجب للعلم بفراغ الذمّة، و اما العمل بفتوى الآخر، فلا بوجب ذلک.
و المصنف ایضاً لا یفتى بوجوب الأخذ بأحوط القولین عند الاختلاف.
یشترط فى المجتهد أمور ص (95 - 100)
▲ یشترط فى المجتهد أمور ص (95 - 100)
(مسألة22)یشترط فى المجتهد أمور: البلوغ(3)
(3)قال سیدنا الاستاذ((قدس سره)): لم یقم اىّ دلیل على أن المفتى یعتبر فیه البلوغ; بل مقتضى السیرة العقلائیة الجاریة على رجوع الجاهل الى العالم عدمه، لعدم اختصاصها بما اذا کان العالم بالغاً بوجه، فاذا کان غیر البالغ طبیباً ماهرا فى الطبابة، لراجعه العقلأ فى معالجاتهم من غیر شک، کما ان الاطلاقات یقتضى الجواز، لصدق العالم و الفقیه و أهل الذکر و نحوها على غیر البالغ، کصدقها على البالغین.
و استبعاد أن یکون المقلَّد للمسلمین، صبیاً مراهقاً، اذا کان واجداً لسائر الشرائط، مما لاوقع له، کیف و من الانبیاء و الاوصیاء (علیهم افضل السلام) من بلغ مرتبة النبوة او الامامة و هو صبیى، فاذا لم تکن الصباوة، منافیة للنّبوة و الامامة، فلا تکون منافیة للمرجعیة ابداً، و لم نستفد من مذاق الشرع، أن تصدّى غیر البالغ للافتاء و المرجعیة امر مرغوب عنه فى الشریعة المقد سة.
و اما ما ورد من أنّ عمد الصّبى و خطاه واحد(1) و انه رفع القلم عن الصبى حتى یحتلم(2) فهما اجنبیان عن محل الکلام، اذ المرادمن أن عمد الصّبى خطأ، على ما ورد فى ذیل روایة أخرى (عمد الصبیان خطأ یحمل على العاقلة)(3)، ان دیته فى القتل العمدى خطأ على عاقلته (الى ان قال): کما ان الروایة الثانیة کذلک، لان کون الصبى مرفوعاً عنه القلم اى عدم کونه مؤاخذا بأفعاله و تروکه، لا یقتضى عدم جواز تقلیده، و الحکم ببطلان اقواله و عدم اعتبار فتاواه (الى ان قال): فان کان عدم جواز التقلید من الصبى، موردا للتسالم و الاجماع القطعى، فهو والا فلا مانع من الرجوع فى التقلید الیه، اذا کان واجداً لبقیة الشرائط المعتبرة فى المقلَّد، و حیث لا سبیل لنا الى احراز التسالم على عدم الجواز، فلا مانع من تقلید غیر البالغ بوجه(4) (انتهى کلام الاستاذ((قدس سره))) و هو موافق للسید الحکیم((قدس سره))فى المستمسک.
قلت: هنا عدة ملاحظات:
الاولى ان الصبى لا یتصور التقوى و العدالة بالنسبة الیه، فان العدالة امّا عبارة عن ملکة اتیان الواجبات و ترک المحرمات و هى لا یتصور بالنسبة الیه، لعدم توجه الاوامر والنواهى الیه، و اما عبارة عن الاستقامة فى جادة الشرع و الصّبى لم ترسم له الجادة بالأوامر و النواهى، فکیف یحرز له العدالة.
فاذن لا رادع عن الکذب و الإفتاء بغیر ما انزل الله.
الثانیة انّ عدة من النصوص، دلت على عدم سماع شهادة الصبیان الاّ فى القتل، (منها) صحیحة ابن حمران، قال: سألت ابا عبد الله((علیه السلام)) عن شهادة الصبى؟ فقال: لا، الاّ فى القتل یؤخذ بأوّل کلامه و لایؤخذ بالثانى(5).
فاذا لم یسمع شهادتهم الاّ فى القتل، لا تقبل فتواهم بالاولویة القطعیة فان الشهادة تقبل من العامى الجاهل اذا کان عادلا و لا تقبّل، تقبل من الصّبى، فکیف فتواه؟! فان خطورة الفتوى غیر خفیة.
الثالثة ما ذکره الاستاذ((قدس سره)) من عدم منافاة الصّباوة للنبوة و الإمامة، فلازمه عدم المنافاة مع المرجعیة بطریق أولى، غیر تام، فان هذالدلیل یثبت امکان مرجعیة الصبى و نحن لا ننکره، فانه یمکن ان یکمّل الله عقل الصبى و شعوره فوق البالغین، فیصیر مرجعاً، فمن این یحرز هذه العنایة من الله تعالى بالنسبة الى الصّبى، و هل یصح أن یقال: ان الصّبى یصلح ان یکون نبیاً و اماماً، فلماذا لا یصلح ان یکون شاهداً؟ او بایعا أو مشتریاً.
ثم انّه لو اغمضنا عن جمیع ما ذکرنا، فلا اقل من دوران الأمر بین التعیین و التخییر، فیقال: هل یخیّر العامى بین تقلید البالغ و الصبى او یتعین الأول؟ لا شک فى ان العقل یحکم بالتعیین، فان الاجماع ادعى على عدم جواز تقلید الصبى، فلا أقل من الشک فى حجیة فتواه، فیرجع الى أصالة عدم الحجیة.
و امّا الاطلاقات، فلا شک فى أنّها منصرفة عن الصبیان و ان بلغوارتبة الاجتهاد، بل لا مجال لشمولها لهم من الأوّل، فان آیة النفر، تدل على ان النفر و التفقه،واجب کفائى، فان کثرالفقها، یبقى الوجوب الکفائى على حاله، فیکون الانذار أیضاً واجبا کفائیاً، و ان کان منحصراً فى واحد، صار عینیاً، و الصّبى لا یشمله الوجوب مطلقاً، لا الکفائى و لا العینى، فلا یجب علیه الانذار بوجه، فلا یکون فتواه حجة، فاذن لا یجوز تقلیده هذا.
و یمکن أن یستدلّ على ذلک بوجوه أخرى: (الأول) ان التقلید عبارة عن جعل المقلّد عمله قلادة فى عنق المقلّد، و الصّبى، لا یمکن ان یکون عنقه محلا للقلاّدة لعدم صحة أن یکون الصّبى ضامنا للعمل، فان البلوغ یعتبر فى الضامن.
و تدلّ على ضمان المفتى صحیصة عبدالرّحمان بن الحجاج، قال: کان ابو عبدالله((علیه السلام)) قاعداً فى حلقة ربیعة الرأى، فجاء اعرابى، فسأل ربیعة الرأى عن مسألة، فأجابه، فلمّا سکت قال له الاعرابى: أ هو فى عنقک؟ فسکت عنه ربیعة و لم یردّ علیه شیئاً، فآعاد المسألة علیه، فاجابه بمثل ذلک فقال له الاعرابى: أهو فى عنقک، فسکت ربیعة، فقال ابو عبد الله((علیه السلام)): هو فى عنقه، قال أو لم یقل، و کل مفت ضامن(6)
(الثانى) ان المرجعیة امتداد للإمامة و زعامة للشیعة و مفت للأمة و له الحکم بالحرب و الصلح و اقامة الحکومة الاسلامیة عند التمکن و توفر الشروط و القیام بأمور الحوزات العلمیة و أخذ الوجوهات الشرعیة و صرفها فى ما یراه من المصالح العامة و له نصب القیم على الصغار و المجانین و السّفهاء و القاصرین و اموال الغائبین، و له الحکم بثبوت الهلال فى رمضان و شوال و ذى الحجة و فصل الخصومة عند التخاصم و المرافعة و بغیرها من الأمور الحسبیة و من المقطوع عدم صلاحیة الصبى لها.
(الثالث) انه یعتبر البلوغ فى البایع و المشترى و المجیر والمستأجر و المزارعة و المساقاة و النکاح و جمیع المعاملات، فلو لم یعتبر فى المرجع، یلزم ان تکون المرجعیة أقل اهمیة من جمیعها، و هذا مما یخالفه ارتکاز المتشرعة جزماً.
فقد تحصل مما ذکرنا ان البلوغ شرط فى المجتهد جزما، و ان ماذهب الیه السید الاستاذ و السید الحکیم((قدس سرهما))من عدم اعتباره فیه; لا یمکن المساعدة علیه.
نعم لو فرض عدم وجود مرجع حى جامع للشرائط، و لم یوجد رسالة من الاموات و انحصر المرجع فى الصّبى، یؤخذ بفتاویه، لا من حیث الفتوى بل من حیث ان ما افتى بوجوبه او جزئیته هو مظنون الوجوب او الجزئیة و ما افتى بحرمته او مانعیته هو مظنون الحرمة او المانعیة، فالاتیان بالأولین و ترک الآخرین انما هو من باب الإحتیاط.
ثم إن الاستاذ((قدس سره)) قال: اذا کان المجتهد بالغاً فى زمان العمل بفتواه الا انه انما تصدى للاستنباط قبل البلوغ، فلا شبهة فى جواز الرجوع الیه و هو خارج عن موضع النزاع بالکلیة.
ثم قال: (إنا لو قلنا باشتراط البلوغ فى المقلّد، و أخذ العامى الفتوى منه قبل بلوغه، ثم بلغ فمات، فله ان یبقى على تقلیده فیما أخذه او تعلّم، و ذلک لما قدمناه فى التکلّم على مسألة جواز البقاء، ان عنوان البقاء على تقلید المیت، غیر وارد فى شیئ من الأدلّة حتى یتوقف جوازه على ملاحظة معنى التقلید و تفسیره بل یکفى فى جوازه أخذ الفتوى و تعلّمها حال الحیاة.)
و فیه انه لا یمکن المساعدة فى شیئ من الأمرین و ذلک لأنّ الدلیل -کماعرفت- دلّ على حجیة فتوى البالغ لا الصبى ، فاذا بلغ و لم یمض ما استنبطه فى حال صباه، لا یجوز الرجوع الیه; و ان امضاه صحّ الرجوع و یکون من تقلید البالغ.
و کذالکلام فى الأمر الثانى، فاذا بلغ بعد الاستنباط فى حال الصباء و مات قبل الامضاء، لا تکون فتاواه حجة لما عرفت من الوجوه على عدم حجیة فتوى الصّبى، نعم اذا امضاه بعد البلوغ، صح البقاء.
و نظیر المقام ما اذا باع قبل البلوغ و مات بعده، لا یحکم بصحة بیعه الا اذا امضاه بعد البلوغ.
(1)(2)- س ج 19 ب 11 من ابواب العاقلة ح2، 3
3-س ج 19 ب 11 من ابواب العاقلة ح2، 3
4- التنقیح الاجتهاد و التقلید ص215 و 216
5-س ج 18 22 من ابواب الشهادات ح2
6- س ج 18 ب 7 من ابواب آداب القاضى ح2 ص161
اشتراط العقل و الایمان ص (100 - 104)
▲ اشتراط العقل و الایمان ص (100 - 104)
و العقل(1) و الایمان(2)
(1) اما اعتباره حدوثا فمن ضروریات الفقه، فان المجنون، لا یقدر على الاستنباط، و امّا بقاء، فقد یقال: ان الموت کما لا یمنع عن تقلید المیت، فکذلک الجنون.
و فیه انه قیاس مع الفارق، فان الموت للعلماء العاملین، نحو کمال و ارتقاء و وصال الى جوار رحمة الله; و اما الجنون، فهو تنزل عن رتبة الکمال و مهانة و سقوط عن أعین النّاس، فلا یناسب المجنون ان یکون مرجعاً للتقلید بقاء ایضاً، فانه مخالف لما هو المرتکز فى اذهان المتشرعة.
و یشهد على ما ذکرنا أن الأنبیاء و الرّسل، کلهم اتصفوا بالموت، و لم یتّصف أحدهم بالجنون.
على أن المرجعیة لا تنحصر فى الفتوى بل نحو زعامة دینیة، فیرجع الیه فى اعطاء الوجوهات و عند الاختلاف فى روئیة الهلال فى العید و الوقوفین فى الحج و فى الصّلح و الحرب عند تهاجم العدو و نحو ذلک.
نعم لو عمل بفتواه قبل الجنون، یحکم بصحة اعماله السابقة و لا حاجة الى الاعادة.
(2) قد استدل لاعتباره فى المرجع بعدة من النصوص:
(منها) مقبولة عمر بن حنظلة.(1)
(و منها) حسنة ابى خدیجة.(2)
(و منها) روایة على بن سوید.(3)
(و منها) ماوراه احمد بن حاتم بن ماهویه و اخوه.(4)
(و منها) ماورد فى بنى فضال عن حسین بن روح.(5)
و ناقش سید نا الاستاذ((قدس سره))فى الأولیین بانهما وردتا فى القضأ و لاملازمة بین القضاء و الفتوى.
على ان اعتبار الایمان فى الّروایتین من جهة ان الموضوع للحکم بالحجیة فیهما هو ما اذا حکم الحاکم بحکمهم((علیهم السلام)) لانه الذى جعله حاکما على الناس، و غیر الاثنا عشرى، انما یحکمون بحکم انفسهم، لا بحکمهم(ع) فاذا فرضنا فى مورد ان المفتى من غیر الشیعة، الا انه یحکم بحکمهم(ع) لعرفانه باحکامهم و قضایاهم -کما هو مفروض الکلام- لم یکن وجه لان تشمله الرّوایتان. على أن المقبولة ضعیفة السند(6).
قلت: لا یمکن المساعدة على ما افاده((قدس سره)) فان اعتبار الایمان فى القاضى، یستلزم اعتباره فى المفتى بطریق اولى، لان القضاء و الافتاء منصبان الهیان، و لکن الثانى اعظم من الأول و اکبر منه بدرجات، فاذا کان الایمان معتبرا فى الاصغر، فیعتبر فى الاکبر بالأولویة القطعیة فان الفتوى طریق للمشى العملى لکل الشیعة فى العبادات و المعاملات دائماً و اما القضاء، فقد یبتلى به بعض الشیعة، و الأکثر لا یبتلى به فى تمام العمر و لو مرّةً واحدةً هذا أولا.
و ثانیاً ان الفتوى لا یعرف مدرکها الاّمن قبل المفتى، فلا طریق للمقلد الى ان هذا الفتوى من المخالف، مبنیة على آراء اسلافه او على احادیث الأئمة((علیهم السلام)) و من الواضح أن من لا یعتقد بإمامتهم(ع) لا تکون فتواه مبینة على أحادیثهم((علیهم السلام)).
و ثالثاً ان ما ذکره((قدس سره)) من ان غیر الاثنا عشرى، انما یحکم بحکمهم لا بحکم الائمة، فلو فرض انه یفتى او یحکم بحکمهم(ع)، لم یکن وجه لأن تشمله الرّوایتان، غیر تام، فان المقبولة، صریحة فى ان (ما یحکم له، فانما یأخذ سحتاً و ان کان حقاً ثابتاً له) فان الحکم بالحق و العدل، داخل فى حکمهم(ع) و مع ذلک حکم بحرمة ما أخذ بحکمهم، و لیس ذلک الا لبطلان منصبهم و فساد عقیدتهم، فاذا کان ذلک مانعا عن أخذ الحق بحکمهم، کان مانعا من الأخذ بفتواهم ایضاً بالأولویة، فاذا کان المدّعى قاطعاً على ان له على زید مثلا الف تومان و انکره زید فترافعا عند قاضى الجور، فحکم على زید بالاعطاء، کان ما یأخذه بحکمه سحتاً، مع أن ما حکم به مطابق للواقع، فکیف یمکن الحکم بان الأخذ بفتواه جائز، مع ان المقلد لایعلم بمطابقتها له.
و اما ضعف سند المقبولة لاجل عمر بن حنظله، فیمکن ان یجاب عنه بوجوه الأوّل أن عمل الأصحاب بها حتى عبر عنها بالمقبولة، یکفى فى الوثوق بصدورها عن المعصوم(ع)، و قدرواها المشایخ الثلاثة فى الکافى و الفقیه و التهذیب.
الثانى وثقه الشهید((قدس سره)) فى شرح الدرایة - کما عن نقد الرّجال ص 253 فهو و ان لم یکن کتوثیق الشیخ و النجاشى و غیرهما من القدماء و لکنه ممّا ما یؤیّد وثاقته.
و یؤیده امران: الأول ما رواه یزید بن خلیفه، قال: قلت لأبى عبد الله((علیه السلام)): ان عمر بن حنظلة أتانا عنک بوقت. فقال أبو عبدالله(ع): اذا لا یکذب علینا (الى ان قال): صدق(7) (یعنى عمر بن حنظلة)
و حیث ان یزید بن خلیفة لم یوثق جعلناه مؤیّداً، اللّهم الاّ ان یقال: ان روایة احد الثلاثه (صفوان، بزنطى، ابن ابى عمیر) عنه یوجب وثاقته، فیکون ثقة کما تقدم.
الثانى ان عمر بن حنظلة وقع فى سند الرّوایات، سبعین مورداً (على ما فى معجم رجال الحدیث) و لم یرد فیه قدح مع کونه رجلا معروفاً، فهو یؤیّد وثاقته.
فمجموع هذه الأمور یکفى فى الاعتماد علیه و اعتبار روایاته.
و أمّا الأحادیث الثلاثة الأخیرة، فدلالتها على عدم جواز التقلید من غیر الشیعة، تامة الا ان اسانیدها ضعیفة، فان فى سند روایة على بن سوید محمد بن اسماعیل الرّازى و على بن حبیب المدائنى و کلاهما لم یوثق فى کتب الرجال، و فى سند الثانیة جماعة من الضعاف، منهم احمد بن حاتم بن ما هویه،
و فى سند الثالثة ابو الحسین بن تمام و عبدالله الکو فى و هما لم یوثقا. و لکنّ السید الحکیم((قدس سره)) ناقش فى دلالة الأولین بان الظاهر من الأول هو خبر ابن سوید کون المانع عدم الایتمان لا مجرد اعتقاد الاخلاف، مع ان منصرفه القضاة الذین کانوا یعتمدون على القیاس و نحوه من الحجج الظنیة فى مقابل فتوى المعصومین، و لیس مثلهم محل الکلام.
و الثانى محمول على الاستحباب للاجماع القطعى على خلاف ظاهره
و فیه انه لو اغمضنا عن سنده، فلا اشکال فى دلالته اصلا، فانه صریح فى عدم جواز الأخذ من غیر الشیعة، و الحکمة فیه هو انکارهم و لایه الائمة((علیهم السلام)) و هو من اظهر افراد الخیانة، و أى خیانة اکبر من انکار قضیة الغدیر
و أمّا الاجماع القطعى على عدم اعتبار المسن و کثیر القدم فى حبهم، صحیح الا أن اعتبار التشیع المستفاد منه، فلا وجه الانکاره، بل الاجماع قائم على اعتباره، فالایمان معتبر فى المرجع و کثرة السن و کثرة القدم فى حبهم مستحب.
(1)(2)(3)(4)(5) س ج 18 ب 11 من أبواب صفات القاضى ح 1 و6 و 42 و 45 و 13
6- التنقیح: الاجتهاد و التقلید ص219
7- س ج 3 ب 10 من ابواب المواقیت ح 1
اشتراط العلالة ص (104 - 106)
▲ اشتراط العلالة ص (104 - 106)
و العدالة(1)
(1) قد استدل على اعتبار العدالة فى المفتى بوجوه:
الاول الإجماع - کما عن الشیخ الأعظم((قدس سره)) حیث ادّعى الإجماع على اعتبار العقل و الایمان و العدالة فى المقلَّد.
الثانى آیة النبأ، فانها وردت فى الإخبار عن حسّ، فاذا لم یکن إخبار الفاسق عن حسّ حجة، فإخباره عن حدس لیس بحجة بالأولویة.
الثالث خبر الاحتجاج المروى عن الحسن العسکرى((علیه السلام))(1)
الرّابع الارتکاز عند المتشرعة، فان المرتکز عند هم قدح المعصیة الصغیرة فى المرجع فضلا عن الکبیرة، حیث ان المرجعیة زعامة دینیة الهیة و امتداد للولایة و الامامة، فلا یرضى الشارع لان یتصدى لها من لبس ثوب المذلّة لکثرة الخطأ
و العصیان و سقط عن الانظار للطّغیان.
الخامس الأولویة القطعیة المستفادة من إعتبار العدالة فى إمام الجماعة و الشاهد.
السّادس الفاسق ظالم اما لنفسه او لغیره او کلیهما، و قال الله تعالى: و لا ترکنوا الى الذین ظلموا، فتمسّکم النّار.(2)
أما الإجماع، فالظاهر تحققه، و لا اظن ان یفتى احد من الفقهاء بجواز تقلید الفاسق ولکن الکلام فى ان الاجماع مقدم على الارتکاز او الأمر بالعکس.
و الظاهر ان منشأ فتوى العلماء باعتبار العدالة فى المفتى هو الارتکاز المحقق بینهم الواصل من الشارع یدا بید بعدم رضاه لمرجعیة الفاسق، و لو نوقش فى ذلک، فنقول: إن الإجماع و الارتکاز یثبتان أمراً واحداً و هو اعتبار العدالة فى المرجع، و لا أثر لأن تکون الاصالة للارتکاز أو الإجماع.
و امّا آیة النبأ، فان قلنا بدلالتها على اعتبار العدالة فى الراوى، فتدلّ على اعتبارها فى المرجع بطریق أولى، لأنّه یخبر عن الحس و الحدس باختلاف الموارد.
و اما الوجه الخامس فهو تام، فان الزعامة الدینیه، لاتقل عن امام الجماعة و الشاهد، بل ارقى منهما بدرجات.
و اما الوجه السادس، فایضاً تام، فان الرکون و الاعتماد على الفاسق ، رکون الى الظالم و هو منهى عنه.
و اما خبر الإحتجاج، فضعیف السند، حیث إن فى طریق تفسیر العسکرى ((علیه السلام)) عدة من المجاهیل.
و اما المناقشة فى الدلالة - کما فى المستمسک(3) و التنقیح(4)، فالظاهر عدم تمامیتها، فان قوله: فاما من کان من الفقهاء صائناً لنفسه، حافظاً لدینه، مخالفاً على هواه، مطیعاً لأمر مولاه، فللعوام ان یقلّدوه (5)، یدل على ارقى مرتبة العدالة، فان الفاسق، لا یکون صائناً لنفسه و حافظاً لدینه بل یکون مطیعاً لهواه و مخالفاً لأمر مولاه. فکیف یجوز تقلیده.
و اما ما افاده سیدنا الاستاذ((قدس سره)) من أنا لو سلمنا دلالة الروایة على اعتبار العدالة فى المفتى بحسب الحدوث، فلا دلالة لها على اعتبارها فیه بقاء کما اذا قلّده حال عدالته ثم طرأ علیه الفسق و الانحراف.
فلا یمکن المساعدة علیه، فان التقلید من المفتى فى مسألة واحدة، لایکون تقلیداً له فى جمیع المسائل، فان الاستناد الى قول المفتى فى کل مسألة تقلید له فى خصوص تلک المسألة، والعمل بفتواه فى مسألة أخرى تقلید آخر، فلو کان عادلا عند العمل بفتواه فى مسألة، فصار فاسقاً عند العمل بفتواه فى مسألة آ خرى لا یجوز الاستنادالى فتواه جزماً، فانّ الاستناد بفتواه فیها تقلید ابتدائى.
1-س ج 18 ب 10 من ابواب صفات القاضى ح 20 ص 94
2-القران الکریم السورة هود 11 - الآیة 113
3- ج 1 ص 43
4-الاجتهاد و التقلید ص 223
5-س ج ب 10 من ابواب صفات القاضى ح 20 ص 95
الشتراط الرجولة ص (106 - 108)
▲ الشتراط الرجولة ص (106 - 108)
و الرّجولة (1)
(1) قال السیّد الحکیم((قدس سره)): (و اما اعتبار الرجولة، فهو ایضاً کسابقه عند العقلاء و لیس علیه دلیل ظاهر غیر دعوى انصراف اطلاقات الادلة الى الرجل، و اختصاص بعضها به، لکن لو سلم، فلیس بحیث یصلح رادعاً عن بناء العقلاء، و کانه لذلک افتى بعض المحققین بجواز تقلید الانثى والخنثى).(1)
و استدلوا على عدم جواز الرّجوع الى المرأة فى التقلید بصحیحة ابى خدیجة سالم بن مکرم الجمال، قال: بعثنى ابو عبدالله((علیه السلام)) الى اصحابنا، فقال: قل لهم: ایاکم اذا وقعت بینکم خصومة او تدارى فى شى من الأخذ و العطإ، ان تحاکموا الى احد هاؤلاء الفساق، اجعلوا بینکم رجلا قد عرف حلالنا و حرامنا، فانى قد جعلته علیکم قاضیاً، و ایاکم ان یخاصم بعضکم بعضاً الى السلطان الجائر.(2)
و بمقبولة عمر بن حنظلة (الى ان قال)((علیه السلام)): ینظران من کان منکم قد روى حدیثنا و نظر فى حلالنا و حرامنا و عرف أحکامنا، فلیرضوا به حکماً، فانى قد جعلته علیکم حاکماً فاذاحکم بحکمنا، فلم یقبل منه فانمااستخف بحکم الله، و علینا ردّ، و الرّاد علینا، الرّاد على الله، و هو على حدّ الشرک بالله الحدیث.(3)
و أنت ترى ان فى الصحیحة قد صرّح بالرجل، و المقبولة ظاهرة فیه، فاذا اعتبرالرجولة فى القاضى، ففى المفتى بالاولویة.
و فیه أن الأولویة ممنوعة، فان القضاء یتوقف على مواجهة المتخاصمین و الشهود، و هى لا تناسب المرأة، و أما الإفتاء، فیمکن بالکتب و الرسالة و النقل، فلا یتوقف على مواجهة الأجانب.
و أجاب سیدنا الاستاذ عنه بانهما ناظران الى الغالب، فان قضاة الجور ایضاً کانوا من الرجال، فلهذا عبر فى الصحیحة بالرجل لا من جهة ان الرجولة شرط فى القاضى، فلا تعتبر فى القضاء، فضلا عن الافتاء.
على انه لم یقم اى دلیل على التلازم بینهما لیعتبر فى کل منهما ما یعتبر فى الآخر، مضافاً الى ان المقبولة ضعیفة السند.
ثم قال: و الصحیح ان المقلَّد یعتبر فیه الرجولة و لا یسوغ تقلید المرئة بوجه، و ذلک لانا قد استفدنا من مذاق الشارع أنّ الوظیفة المرغوبة من النساء، هى التحجب و التستر و تصدى الأمور البیتیة دون التدخل فیما ینا فى تلک الأمور. و من الظاهر ان التصدى للافتاء بحسب العادة جعل للنفس فى معرض الرجوع و السؤال لأنهما مقتضى الرءاسة للمسلمین، و لا یرضى الشارع بجعل المرأة نفسها معرضاً لذلک أبداً، کیف و لم یرض بامامتها للرجال فى صلاة الجماعة، فما ظنک بکونها قائمة بأمورهم و مدیرة لشؤون المجتمع و متصدیة للزعامة الکبرى للمسلمین.
و بهذ المرتکز القطعى فى اذهان المتشرعة، یقید الاطلاق و یردع عن السیرة العقلائیة الجاریة على رجوع الجاهل الى العالم مطلقاً رجلا کان او امرأة.
قلت: الانصاف أن هذا الوجه قابل للمناقشة، فان الجمع بین المرجعیة و الحجاب ممکن، فالمرأة تنشر فتاویها فى الرسالة و تجیب الاستفتإات و تدفعها الى المستفتین بواسطة محارمها کالزوج و الاخ و الابن و امثالهم، فلا تقتضى الحاجة ان تواجه الرّجال الأجانب، بل نقول: ان النساء تشکل نصف الجامعة و المراجع کانوا الرجال، فلم یعطلن فى حوائجهن الیهم، فکذ الحال اذا کان الأمر بالعکس.
1- المستمسک ج 1 ص 43
2- س ج 18 ب 11 من ابواب صفات القاضى ح 6 ص 100
3- س ج 18 ب 11 من ابواب صفات القاضى ح 1 ص 99
عدم جواز مرجعیة النساء ص (108 - 109)
▲ عدم جواز مرجعیة النساء ص (108 - 109)
و لکن التحقیق، یقتضى عدم جواز مرجعیة النساء لوجه آخر و هو ان المرجعیة من شؤون الإمامة و الزعامة بل امتداد لها وهى من مختصات الرجال فانّ الأنبیاء و اوصیائهم و الأئمة من الآدم الى زماننا هذا، لم یکن واحد منهم من النساء، فان فاطمة الزهرا((رضی الله عنه)) کانت معصومة و عالمة و لم تکن إماماً، فان الأئمة منحصرة فى اثنى عشر، و لم ترد روایة على انها کانت إماماً و کذلک مریم بنت عمر ان فانها مع علو شأنها و رفعة مکانها، لم تفوض الیها الزعامة الدینیة، فاذا کانتا کذلک، فبقیة النساء لا تصلح للمرجعیة و الزعامة جزماً فحیث ان لباس الإمامة مختص بالرجال، فالمرجعیة کذلک.
و مما ذکرنا ظهر ان النساء، لا تصلح لرّئاسة الجمهوریة و رئاسة الوزراء ایضاً فانها نحو زعامة للامة، فتختص بالرّجال، و قد قال الله تعالى: الرجال قوّامون على النساء، فان سمة القیمومیّة مختصة بالرّجال لأنهم اقوى تعقلا و جسماً و ادارة.
هذا کله مع عدم الانحصار، و امّا معه، فلابد من الأخذ بقولها من باب الاحتیاط، فکلما افتت بالوجوب، یأتى به المکلّف من باب الإحتیاط و کلّما افتت بالحرمة یترکه احتیاطاً، و کذ الکلام فى الجزئیة والشرطیة و المانعیة.
اشتراط الحریة ص (109 - 110)
▲ اشتراط الحریة ص (109 - 110)
و الحریة على قول (1)
(1) اختلف الاصحاب على قولین احدهما اعتبارها فى المرجع و هو المحکى عن جماعة من الأصحاب منهم الشهید الثانى((قدس سره)) و قیل: انه المشهور.
و ذهب سیدنا الأستاذ الخوئى و السید الحکیم(قدس سرّ هما) و جماعة أخرى الى عدم اعتبارها، بدعوى أن بناء العقلاء جار على الرجوع الى العالم بلا فرق بین الحر و العبد، و الاطلاق فى الادلّه اللفظیة کآیتى النفر و السؤال، یشمل الحر و العبد، فلو نفر العبد باذن مولاه و تفقّه و انذر، یجب الحذر کانذار الحر، و کذا اذا سأل العبد عن الحکم الشرعى فاجاب یجب قبول قوله.
و قد تقدّم ان المرتکز عند المتشرعة انه یعتبر فى المرجع العقل و العدالة حدوثاً و بقاء لأن فقداتهما منقصة، لا تلیق هذا المنصب العظیم، و لکن العبودیة، لیست منقصة بوجه، فان العبد قد یکون ارقى مرتبة من غیره بل قد یکون ولیاً من أولیاء الله، و قد یبلغ مرتبة النبوة کلقمان.
قلت: نتکلم تارة فى فرض عدم الانحصار و أخرى فى فرض الانحصار، اما فى الفرض الأول، فالا قوى اعتبار الحریة، فان العبودیة لغیرالله، لا تخلو عن المنقصة و لأجلها یخفّف الحدود بالنسبة الیه، فلو زنى و هو محصن لا یرجم، بل یجلّد نصف الحد خمسین جلدة، و هذا التخفیف ناشىء عن المنقصة فیه کالمرأة المرتدة عن فطرة، فانّها لا تقتل بل تحبس، بخلاف الرجل الحرفانه اذا ارتد عن فطرة، یقتل هذا من ناحیة.
و من ناحیة أخرى، العبید تباع و تشترى کالحیوانات و الاموال و مثل هذا الانسان لا یصلح للرّئاسة و الزعامة الکبرى التى هى تالیة للامامة و الولایة.
و على الجملة المرجعیة لا تلخص فى بیان الفتوى، حتى یقال: لا فرق فى ذلک بین الحر و العبد، فاذا کان هناک فقیه حر، لابد من تقلیده و لو لاجل أصالة التعیین فى مقام الحجیة.
اما الفرض الثانى، فالضّرورة تقتضى الرّجوع الیه و لو امکن له ان یشترى نفسه من المولى، فلابدّ له ذلک و لو باعطاء ثمنه من الزکاة و الخمس، فیزول ما یتصور فیه من النقص.
عدم جواز تقلید المتجزی ص (110 - 111)
▲ عدم جواز تقلید المتجزی ص (110 - 111)
و کونه مجتهداً مطلقاً، فلا یجوز تقلید المتجزى (1)
(1) کما هو المشهور و ادعى علیه الاجماع
و فیه انّ دعوى الاجماع مجازفة لعدم تعرض اکثراً الأصحاب لهذه المسألة
و یمکن أن یستدّل على جواز تقلید المتجزى بأمور:
الأول، سیرة العقلاء فانها قائمة على الرّجوع الى المتجزى فیما یکون عالماً به الا ترى ان الطبیب اذا کان متخصصاً فى بعض علوم الطب کمرض العین مثلا او الاذن او القلب، یراجعون الیه فى علاج ذلک المرض، فکذا الکلام فى الفقه، و لم یردع عنها فى الکتاب و السنة.
الثانى آیة النفر، فان من تفقّه فى باب الطّهارة أو البیع او الحج أو المیراث، یکون مأموراً بالانذار بمقتضى الآیة، فیجب على المنذرین القبول، فیثبت حجیة انذاره مادام لم یعارضه انذار المجتهد المطلق فاذا تعارضا، کانت سیرة العقلاء جاریة على الأخذ بقول المجتهد المطلق.
الثالث صحیحة ابى خدیجة على ما فى نسخة الکافى و الفقیه، قال: قال لى ابو عبدالله((علیه السلام)): إیاکم ان یحاکم بعضکم بعضاً الى اهل الجور و لکن أنظروا الى رجل منکم یعلم شیئاً من قضائنا، فاجعلوه بینکم، فانى قد جعلته قاضیاً فتحاکموا الیه.(1) و فى التهذیب (2) شیئاً من قضایانا.
1- الکافى ج 7 ص 412 الفقیه ج 3 ص 2
2- التهذیب ج 6 ص 219
ادلة صحة قضا المتجزی ص (111 - 116)
▲ ادلة صحة قضا المتجزی ص (111 - 116)
فهذه الصحیحة کما ترى ظاهرة فى صحة قضاء المتجزّى و حجیته، فتکون فتواه حجّة ایضا لأنّ القضا یکون بفتوى جزئیة، و الفتوى تکون بنحو عام، فعدم اعتبار الاجتهاد المطلق فى القضاء، یستلزم عدم اعتباره فى الفتوى.
الرابع مقبولة عمر بن حنظله عن الصادق((علیه السلام)) قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن رجلین من أصحابنا بینهما منازعة فى دین أو میراث، فتحاکما الى السلطان أو الى القضاة، أیحل ذلک؟ قال: من تحاکم الیهم فى حق أو باطل، فإنّما تحاکم الى الطاغوت، و ما یحکم له فانّما یأخذ سحتاً، و ان کان حقّاً ثابتاً له، لأنه أخذه بحکم الطاغوت و ما أمر الله ان یکفر به، قال الله تعالى: یریدون ان یتحاکموا الى الطاغوت و قد أمروا أن یکفروا به - قلت: فکیف یصنعان ؟ قال: ینظران من کان منکم ممن قد روى حدیثنا و نظر فى حلالنا و حرامنا و عرف احکامنا، فلیرضوا به حکماً، فانى قد جعلته علیکم حاکماً، فاذا حکم بحکمنا، فلم یقبل منه، فانّما استخف بحکم الله و علینا ردّ، و الراد علینا، الراد على الله، و هو على حد الشرک بالله، قلت: فان کل واحد منهما اختار رجلا و کلاهما اختلفا فى حدیثنا ؟ قال: الحکم ما حکم به اعدلها وافقههما و اصدقهما فى الحدیث و اورعهما و لا یلتف الى ما یحکم به الآخر، قال: فقلت: انهما عدلان مرضیان عند أصحابنا لیس یتفاضل کل واحد منهما على صاحبه ؟ قال: فقال: ینظر ما کان من روایتهما فى ذلک الذى حکما المجمع علیه أصحابک، فیؤخذ به من حکمنا و یترک الشاذ الذى لیس بمشهور عند أصحابک، فان المجمع علیه لاریب فیه، و انما الأمور ثلاثة أمر بین رشده، فیتبع، و أمر بین غیه، فیجتنب، أمر مشکل یرد حکمه الى الله عزّ و جل و الى الرسول، قال رسول الله((صلى الله علیه وآله)): حلال بیّن و حرام بین و شبهات بین ذلک، فمن ترک الشبهات نجامن المحرمات، و من أخذ الشبهات، ارتکب المحرمات و هلک من حیث لا یعلمه، قلت: فان کان الخبر ان عنکم مشهورین، قد رواهما الثقات عنکم ؟ قال: ینظر فما وافق حکمه حکم الکتاب و السنة و خالف العامة، فیؤخذ به و یترک ما خالف حکمه حکم الکتاب و السنة ووافق العامة، قلت: جعلت فداک أرأیت ان کان الفقیهان عرفا حکمه من الکتاب و السنة و وجدنا أحد الخبرین موافقاً للعامة و الآخر مخالفاً باى الخبرین یؤخذ ؟ قال: ما خالف العامة ففیه الرشاد، فقلت: جعلت فداک فان وافقها الخبران جمیعاً ؟ قال: ینظر الى ما هم الیه امیل حکامهم و قضاتهم فیترک و یؤخذ بالآخر، قلت: فان وافق حکامهم الخبرین جمیعاً ؟ قال: اذا کان ذلک، فأرجه حتى تلقى إمامک، فان الوقوف عند الشبهات خیر من الاقتحام فى الهلکات.(1)
ثم ان عمر بن حنظلة، کان معروفاً کثیراً الّروایة، لم یرد فیه قدح فى کتب الرّجال، بل وثّقه الشهید فى شرح الّدرایة کما عن نقد الرّجال ص 253 فلا بأس به، و لا سیما أن روایته هذه إشتهرت بالمقبولة.
و المراد من قوله((علیه السلام)): روى حدیثنا لیس کل حدیثهم، فان ذلک مقطوع العدم، لتعذر ذلک و لا سیما فى زمن صدور الروایة، فیکون المراد روایة حدیثهم و معرفة احکام الحلال والحرام فى الجملة لا جمیع الأحکام فیستفاد منها کفایة جملة من الأحکام فى القضاء و الفتوى، فالنتیجة حجیة قضاء المتجزى و فتواه فیما اجتهد فیه.
ثم ان المورد السؤال فى المعتبرة وان کان النزاع و المخاصمة فى الدین و المیراث الا أن کلام الامام((علیه السلام)) عام حیث قال: (فإنى قد جعلته علیکم حاکماً) و مقتضاه حجیة حکم الحاکم و لو کان فى غیر الدین و المیراث و المخاصمة، لأن العبرة بعموم کلام الامام لا بخصوصیة المورد. و لو کان مراده ((علیه السلام))جعل الحاکم فى خصوص المتخاصمین لقال: فانى قد جعلته علیهما حاکماً. فاذاً کان حکم الحاکم حجة حتى فى مثل ثبوت الهلال و غیره.
الخامس آیة السؤال: فاسألوا أهل الذکران کنتم لا تعلمون.(2)
و حیث ان رجوع الجاهل الى العالم فطرى یحکم به العقل، فالأمر بالسؤال ارشاد الى ما یحکم به العقل من رجوع الجاهل الى العالم، و حیث ان المتجزى عالم، فیشمله أهل الذکر فیکون جوابه للسئوال حجة، والدّلیل على انه ارشادى انه لو لم یسأل عن اهل الذکر وفات الواقع لا یعاقب بعقابین احدهما على ترک السؤال و الآخر لفوات الواقع بل العقاب هو لفوات الواقع دائماً.
و لکن سیدنا الاستاذ((قدس سره)) استشکل على الاستدلال بها لحجیة قول الفقیه للجاهل، و قال: إن السؤال مقدمة لحصول العلم، و معنى الآیة: فاسألوا لکى تعلموا فان سیاقها یقتضى ان یکون المراد من اهل الذکر علماء الیهود و ان الله سبحانه امر الجهلاء بالسؤال عنهم لکونهم عالمین بکتبهم و من هنا ورد فى آیة اخرى: فاسألوا أهل الذکر ان کنتم لا تعلمون بالبینات و الزبر. (3)
و فیه أن شأن النزول و ان کان السؤال عن علماء الیهود، الا أن ذلک، لاینا فى کون الأمر بالسؤال إرشاداًالى ما یحکم به العقل من رجوع الجاهل الى العالم، و لا یکون المراد من أهل الذکر خصوص علماء اهل الکتاب، بل هم احد المصادیق لأهل الذکر، و کان مورد الحاجة، السئوال عنهم عند بعثة النبى الاکرام((صلى الله علیه وآله)) حیث ان المشرکین، استشکلوا بانه (ص) بشر، و الرسول لابد ان یکون ملکاً او مقروناً بالقوة القاهرة التى تخضع لها الرقاب، فانزل الله تعالى: (و ما ارسلنا من قبلک الارجالا نوحى الیهم، فاسألوا اهل الذکر الخ).
فالسؤال عن اهل الذکر، انما هو لیبدو لهم ان أنبیاء السلف، کانوا بشراً یوحى الیهم کالنبى الخاتم((صلى الله علیه وآله)) و لم یکونوا ملائکة أو مقرونین بالقوة التى یخضع لها الناس، فالمصداق فى ذلک العصر، کان علماء اهل الکتاب، و فى زمان الأئمة(ع) کانوا هم المصداق و فى عصر الغیبة، المصداق هو العلماء، فلیس الآیة لبیان الحکم التأسیسى المختص بعلماء اهل الکتاب، فان القران، یجرى فى العصور جریان الشمس و القمر، و لو اختص بقوم، مات بموت ذلک القوم -کما هو مضمون الحدیث.(1)
بل یمکن ان یقال: إن الامر المولوى بالسؤال عن أهل الذکر عند نزول الآیة، لا یمکن، لأن ایجاب السؤال على الذین لم یؤمنوا به((صلى الله علیه وآله))، لغو لا أثر له، و هذا ایضاً، یؤکدان الأمر بالسؤال عنهم ارشاد الى ما یحکم به عقلهم من أن الجهال، لابد أن یرجعوا الى العلماء، لیرتفع عنهم الجهل و التحیّر، فهو نحو ایقاظ و توجیه الى ما یحکم به عقلهم من الرجوع الى اهل الخبرة و الاطلاع، فالامر المولوى لاارضیة له أصلا.
و اما ما افاده((قدس سره)) من ان السؤال مقدمة لحصول العلم و معنى الآیة فاسألوا لکى تعلموا، الخ، ففیه انه خلاف الطریقة المألوفة عند اهل المحاورة، بل المراد من الآیة هو السؤال إن کنتم، جهلاء، فیکفى فى رفع الجهل الوثوق الحاصل بجواب أهل الخبرة، فهو نظیر قول المولى لعبده: ان لم تعلم الطریق، فاسأل أهل القریة، فلیس المراد تکرار السؤال حتى یحصل العلم، بل المراد هو السؤال حتى یحصل الوثوق بقول بعضهم، کما یتفق ذلک للمسافر عند عدم العلم بالطریق کثیراً.
فقد تحصّل ان الامر بالسؤال ارشاد الى ما یحکم به عقلهم من رجوع الجاهل الى العالم و امضاء لبنائهم العقلائى و سیرتهم، فعلیه لو کان المتجزى مستنبطاً لبعض ابواب الفقه لا مانع من تقلیده عقلا و لا شرعاً; الا انه فیما اذا لم یکن المجتهد المطلق موجودا و لو وجد فالا حوط التقلید عنه.
و یؤکد ما ذکرنا انه اذا ترک السؤال عن أهل الذکر و اعتقد برسالة النبى((صلى الله علیه وآله)) من طریق آخر کالنظر فى المعجزة، مثلا لا یکون معاقباً بترک السؤال.
1- الوافى ج 1 من صفحة 286 الى صفحة 290
2- النحل 16 - الآیة 43 - الأنبیاء 21 - الآیة 7
3- النحل: 16 - الآیة 43
اشتراط الحیاة ص (116)
▲ اشتراط الحیاة ص (116)
و الحیاة فلا یجوز تقلید المیت ابتداءً(1) نعم یجوز البقاء کما مر، و ان یکون اعلم، فلا یجوز على الاحوط تقلید.
(1) قد ادعى الاجماع على عدم جواز التقلید عن المیت ابتداء، و تقدم الکلام فى ذلک و ان الاجماع المحصل غیر حاصل و المنقول لیس بحجة، و لا سیما أن المسالة، لم تکن معنونة فى کلام القدماء،
و العمدة فى اعتبار الحیاة هى الحاجة الى الزعامة فى عصر الغیبة، و المیت لا یصلح لها فالمرجع زعیم یرجع الیه فى اثبات اول الشهر فى رمضان و شوال و ذیحجة و فى الحرب و الصّلح مع المها جمین على المسلمین و فى فصل الخصومة الواقعة بینهم و فى اعطاء الوجوهات و إقامة الحوزات العلمیة و إدارتها، و إقامة الحدود و التعزیرات و الدفاع عن المظلومین و احقاق حقهم و اعزام الآمرین بالمعروف و الناهین عن المنکر و المبلغین و امثالها من الأمور الحسبیة.
و امّا مسائل العبادات و المعاملات، فلا مانع فیها من البقاء على تقلید المیت بإجازة المرجع الحى.
اشتراط الافضلیة ص (116)
▲ اشتراط الافضلیة ص (116)
المفضول مع التمکن من الأفضل(2)
(2) قد تقدم الکلام فى ذلک(1) و قلنا: ان الصّور المتصورة ست و یجوز تقلید المفضول فى الصور الأربع، و یتعیّن تقلید الأفضل فى الصّورتین.
1- ص57
اشتراط طهارة الولادة ص (116 - 118)
▲ اشتراط طهارة الولادة ص (116 - 118)
وأن لا یکون متولداً من الزنا(3)
(3) مقتضى سیرة العقلاء، و إطلاق آیتى النفر و السؤال و اطلاق صحیحة أبى خدیجة و مقبولة عمر بن حنظلة المتقدمتین، جواز مرجعیة و لدالزنا، اذا کان جامعا للشرائط، و لکنه مع ذلک قدادّعى الاجماع على عدم جواز مرجعیته، و ذلک لما ورد من النصوص بالنسبة الیه و هى على طوائف:
منها ما دل على عدم جواز شهادته و عدم قبولها و ان کان عادلا، کصحیحة محمد بن مسلم قال: قال ابو عبدالله((علیه السلام)): لا یجوز شهادة ولد الزنا.(1)
و منها ما دل على عدم جواز امامته للصلاة، کصحیحة أبى بصیر عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: خمسة، لا یؤمّون الناس على کل حال و عدّمنهم المجنون و ولد الزنا.(2)
و منها مادل أنّ دیته دیة الیهودى و هى عدة روایات بین مرسلة و ضعیفة منها مارواه ابراهیم بن عبد الحمید عن جعفر((علیه السلام)) قال: دیة ولد الزنا دیة الذمى ثمانمأة درهم(3).
و فى سندها عبدالرحمان بن حماد و هو لم یوثق.
و منها ما دل على انه لا یطیب أبدا کصحیحة ابى خدیجة عن أبى عبدالله((علیه السلام)) قال: لو کان احد من ولد زنا نجا، نجا سایح بنى اسرائیل، قیل: و ما کان سایح بنى اسرائیل؟ قال: کان عابداً، فقیل له: إن ولد الزّنا لا یطیب ابداً و لا یقبل الله منه عملا، فخرج یسیح بین الجبال و یقول: ما ذنبى(4).
و منها ما دل على انه اسوء من الکلب و الخنزیر کموثقة زرارة عن ابى جعفر((علیهما السلام)) قال: سمعته یقول: لا خیر فى ولد الزنا و لا فى بشره و لا فى شعره و لا فى لحمه و لا فى دمه و لا فى شیئ منه، عجزت عنه السفینة و قد حمل فیها الکلب و الخنزیر.(5)
و منها ما دل على انه اسوء من الیهود و النصارى و المحبوس کصحیحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر((علیهما السلام))قال: لبن الیهودیة و النصرانیة و المجوسیة، احب الىّ من ولد الزنا(6).
و المستفاد من هذه النصوص ان فیه منقصة، فلا یلیق للمرجعیة قطعاً فانها کما تقدم من شؤون الامامة و الزّعامة الکبرى، فلابد ان یکون المتصدى لها بریئاً من النقص و العیب و من کل ما یوجب سقوطه من الاعین و مهانته بین الناس.
فعلیه لا بأس بدعوى الاجماع على طهارة المولد فى المرجع.
و منها ما دل على انه لا یطهر الى سبعة آباء، مثل مارواه ابن ابى یعفور عن ابى عبدالله((علیه السلام)): لا تغتسل من البئر التى یجتمع فیها غسالة الحمام فان فیها غسالة ولد الزنا و هو لا یطهر الى سبعة آباء(7)
1- س ج 18 ب 31 من ابواب الشهادات ح 3 ص276
2- س ج 5 ب 31 من ابواب صلاة الجماعة ح1 ص397
3- س ج 19 ب 15 من ابواب دیات النفس ح3 ص164
4-س ج 14 ب 14 من ابواب ما یحرم بالمصاهرة ح 9 و 7 ص338
5-س ج 14 ب 14 من ابواب ما یحرم بالمصاهرة ح 9 و 7 ص338
6- س ج 15 ب 75 منابواب احکام الاولاد ح 2 ص184
7- س ج 1 ب 11 من ابواب الماء المضاف ح 4 ص159
اشتراط عدم الاقبال الدنیا ص (118 - 119)
▲ اشتراط عدم الاقبال الدنیا ص (118 - 119)
و ان لا یکون مقبلا على الدنیا و طالبالها، مکبّاً علیها، مجّداً فى تحصیلها، ففى الخبر من کان من الفقها صائناً لنفسه، حافظا لدینه مخالفا لهواه مطیعاً لأمر مولاه، فللعوام ان یقلدوه(1)
(1) لو ارید بهذا الخبر أمر فوق العدالة، فلا دلیل علیه اصلا، فان هذا الخبر ضعیف السند، فلا یعبأبه، و ظاهر المتن أنه شرط آخر غیر العدالة حیث ذکره زائداً على اعتبار العدالة.
و لعل نظره((قدس سره)) مراعاة الاحتیاط، و ان لم یصرح بذلک و لا شک فى أولویة ذلک، فان کان المجتهدان جامعین للشرائط، و لکن احدهما کان زاهدا و معرضا عن الدنیا و مخالفا لهواه حتى فى المباحات و کان متأسّیاً بعلى ابى طالب((علیه السلام))، کان تقلیده اولى و ارجح.
فان المرجعیة معرض لمزلّة الاقدام، فلابد من أن یکون المرجع ذاملکة قدسیة قویة، حتى لا زلّ قدمه عند تهاجم المزاحمات و على الله التوکل و به الاعتصام.
فقد تحصل مما ذکرنا انه یعتبر فى المرجع امور عشرة، البلوغ و العقل و الایمان و العدالة، و الّرجولة، و الحریة، و الحیاة فى التقلید الابتدائى، و طهارة المولد، و الأعلمیة، و الاجتهاد المطلق على الاحوط. و اما عدم الاقبال على الدنیا فهو من المرجحات لا من الشروط.
التنبیهات فی المسئلة ص (119 - 125)
▲ التنبیهات فی المسئلة ص (119 - 125)
و ینبغى التنبیه عى أمور:
الاول هل یعتبر العقل و الایمان و العدالة و الاجتهاد المطلق و الحیاة و الاعلمیة، بقاء ایضاً ام لا؟
اما الحیاة فقد تقدم الکلام فیها و قلنا: بعدم اعتبارها بقاء، لانه لا یوجب انتفاء الزعامة، و الاجتهاد المطلق یعتبر بقاء لعدم رفع الحاجة بتقلید المتجزى، فلو کان أعلم فى باب من ابواب الفقه، یجوز تقلیده فى ذلک الباب، الّا انه لا یکفى فى رفع حاجات المقلد، فانه بحاجة الى التقلید فى اکثر ابواب الفقه، و لهذا کتبنا فى الرّسالة: انه یعتبر فى المقلَّد ان یکون مجتهداً مطلقاً.
و کذا الکلام فى الأعلمیة، فانها معتبرة بقاء، فلو قلد الأعلم فى اول بلوغه ثم بعد برهة من الزمان، صار غیره أعلم، ففى موارد وجوب تقلید الأعلم، لابد من الرجوع الیه، لقیام سیرة العقلاء على الرجوع الیه عند الاختلاف على تفصیل تقدم.
و اما العقل و الایمان و العدالة، فقد یستدل على عدم اعتبارها بقاء، بالاستصحاب فیقال: ان هذا الفقیه، کان فتاواه حجة، عند الاتصاف بالاوصاف المذکورة فنستصحب حجیتها عند زوالها.
و استشکل علیه سیدنا الاستاذ ((قدس سره)) بانه استصحاب فى الشبهة الحکمیة، و لا نقول: بجریانه، و الّا فارکانه تامة لا مانع من جریانه.
و فیه أن الاستصحاب غیر جار، و ان قلنا: بجریانه فى الشبهة الحکمیة لأنّ اعتبارها فى المرجع من الأرکان، سواء کان الدلیل على اعتبارها، الاجماع او الارتکاز او الاولویة، و بعبارة أخرى، الاوصاف الثلاثة، حیثیات تقییدیة و هى جزء للموضوع ، فبانتفائها ینتفى الموضوع، فکیف یجرى الاستصحاب، فاذا قام الدلیل على ان المجتهد العاقل یجوز تقلیده، فاذا جنّ، لم یبق لنا الشک فى عدم
جواز تقلیده فلا مجال لجریان الاستصحاب، کذا الکلام فى اخویه.
و امّا الأدلّة الاجتهادیة، مع قطع النظر عن الارتکاز و الاجماع، فلا مانع من شمولها لفاقد الأوصاف، کما اذا کتب الرسالة فى حال عقله و ایمانه و عدالته، ثم زال الأوصاف، فیقال: انه تفقه و أنذر، فیجب العمل و الحذر بما کتب فى الرسالة ففتواه تکون حجة، و کذا سیرة العقلاء، فانها جاریة فیما اذا زال الأوصاف; الا ترى أنّ الطّبیب إذا کتب رسالة فى الطب، ثم عرض له النسیان او الجنون او الفسق، لا یمنع ذلک من الرجوع الى رسالته عند العقلاء.
و لکن المانع فى المقام هو الارتکاز و الاجماع، و هما متلازمان، فان الارتکاز للمتشرعة محقق على أن المجنون أو الفاسق أو غیر المؤمن، لا یصلح للمرجعیة و لو بقاء، فلاجل هذا الارتکاز یفتى العلماء باعتبار الاوصاف المذکورة فى المرجع حدوثاً و بقاء، فیتحقق الاجماع الکاشف عن راى المعصوم((علیه السلام)).
لا یقال:کما أن عروض الموت للمرجع لا یمنع من البقاء على تقلیده، فلیکن الأوصاف المذکورة کذلک، لأنه یقال: ان الموت للانبیاء و الأوصیاء و المراجع، نحو ترقّ و تکامل، و لأجله اتصف به الانبیاء و لم یتصف أحد هم بالجنون.
الثانى ان المرجع، لابد أن یکون استنباطه للاحکام من الأدلّة الشرعیة المعوّل علیها عند الأصحاب، و هى الکتاب و السنة و الاجماع و العقل، فان تصّدى له من الطرق الغیر المتعارفة، کالرّمل و الجفر و الإستخارة و القرعة و امثالها، فلا ینبغى الشک فى عدم جواز تقلیده، لعدم کونه فقیهاً و أهل الذکر و ناظراً فى حلالهم و حرامهم، نعم ان قطع بالحکم الشرعى من هذه الطرق، کان حجة لنفسه و لا یکون موضوعاً لجواز التقلید بالنسبة للغیر.
و اما ان کان المجتهد بانیاً على انسداد باب العلم و العلمى و تصدّى لاستنباطها بدلیل الانسداد، فهل یجوز تقلیده ام لا ؟ فنقول: قد یکون المجتهد منحصراً فى الانسدادى ، و قد لا یکون کذلک، و على الأوّل، فامّا یکون قائلا بالکشف او الحکومة.
و قد ذهب صاحب الکفایة((قدس سره)) الى عدم جواز تقلیده، و ان کان المجتهد، عالماً بالاحکام الشرعیة على الکشف، و ذلک لعدم تمامیة مقدمات دلیل الانسداد بالنسبة الیه، لانّه لا یتمکن من ابطال الاحتیاط و ان کان مستلزماً للعسر و الحرج، و انما المتمکن لابطاله لأجل العسر و الحرج هو المجتهد، فلابد للعامى من العمل بالاحتیاط، و ان کان مستلزماً للعسر و الحرج.
نعم ان ادى العمل به الى الاختلال النظام، یجوز له العمل بالظن، و ان کان منشأه فتوى المجتهد الانسدادى و هکذا الأمر على الحکومة، فان المجتهد یرى عدم وجوب الاحتیاط أو عدم جوازه لکونه مخلّاً بالنظام، و امّا العامى فبما انه لا یقدر على ذلک، فلابد ان یعمل بالاحتیاط.
و فیه انه یعدّ من الغرائب، فان العامى لا یقدر على معرفة موارد الاحتیاط، فکیف یعمل به، فاذا کان محدثاً و ملوّثاً بالنجاسة، و الماء لا یکفى لرفع الحدث و الخبث، فکیف یحتاط هنا، و کذا اذا شک فى ان هذ الیوم عید أو آخر رمضان، فکیف یحتاط، مع العلم بان صوم یوم العید حرام و صوم رمضان واجب، و کذا اذا افتى قاضى السعودى بان هذا الیوم عید و اعتقد العامى بانه تاسع ذیحجة، فهل
یعرف العامى الاحتیاط فى مثل المقام.
فعلیه لابدّ للعامى أن یقلّد المجتهد الانسدادى، فانه على الکشف عالم بالاحکام الشرعیة، حیث یرى أن الشارع جعل الظن حجة و طریقاً الى أحکامه، فانه من رجوع الجاهل الى العالم.
و امّا على الحکومة، و ان کان المجتهد جاهلا بالأحکام الشرعیة، لأن المفروض انسداد باب العلم و العلمى بالنسبة الیها، الا أنه عالم بالوظیفة الفعلیة، بلا فرق بین أن یکون قائلا بحجیة الظن عقلا، لأجل انه یقبح من المولى ان یطالب من العبد فوق الاطاعة الظنیة و یقبح من العبد ان یکتفى بما دون الاطاعة الظنیة، أو یکون قائلا بلزوم التبعیض فى الاحتیاط، و هو اتیان کل ما هو مظنون الوجوب و الجزئیة، و ترک کل ما هو مظنون الحرمة أو المانعیة فان العسر و الحرج یرتفع بالتبعیض فى الإحتیاط، هذا کله فى فرض الانحصار.
و امّا فى فرض عدم الإنحصار بان یوجد مجتهد یرى انفتاح باب العلم و العلمى بالأحکام، فالمتعیّن على العامى تقلیده، و لا یجوز تقلید الانسدادى.
الثالث ان المجتهد ان کان عالماً بالاحکام الشرعیة الفرعیة، أو کان عالماً بقیام الحجة و الطریق علیها، فانه عالم بها وجدانا أو تعبداً، فلا اشکال فى جواز تقلیده لصدق الفقیه علیه بلا شبهة، و کذا الکلام اذا قلنا: بمقالة المشهور من أن المجعول هو الحکم المماثل و هو مؤدى الطرق و الامارات بمعنى جعل الحکم المماثل و المؤدّى و هو المسمّى بالحکم الظاهرى، و من اجل ذلک قالوا: ان ظنیة الطریق لاینا فى قطعیة الحکم، فالفقیه، عالم بالاحکام، إمّا الأحکام الواقعیة و إمّا الأحکام الظاهریة، فتقلیده على التقدیرین، مما لا شبهة فیه.
انّما الکلام فى جواز التقلید على مسلک صاحب الکفایة((قدس سره)) حیث ذهب الى أن الحجیة، لیست بمعنى جعل المؤدى و الحکم المماثل، و لا بمعنى اعتبارالطریق علماً تعبدیاً، بل بمعنى التعذیر و التنجیز، فان أصاب الواقع، یکون منجزاً و ان أخطأ، یکون معذراً، فلا مصداق للحجیة الّا التنجیز و التّعذیر، فعلیه یستشکل فى جواز التقلید، فانّ المجتهد لا یکون عالماً بالحکم الواقعى و لا بالحکم الظاهرى و لا یصدق علیه الفقیه، فکیف یصّح تقلیده، و هل هو الا من رجوع الجاهل الى الجاهل.
و أجاب صاحب الکفایة عن هذ الاشکال بان المجتهد، عالم بموارد قیام الدلیل و الحجة على الحکم الشرعى، و متمکّن من تشخیصها، و لهذ الوجه یصح تقلیده و رجوع الجاهل الیه.
و فیه انه ان قام الدلیل و الخبر الصحیح على الوجوب أو الحرمة، فهل یصدق علیه البیان أم لا ؟ فعلى الأول یکون علماً تعبدیاً و من آثاره التنجیز عند الاصابة و التعذیر عند الخطاء، و هما حکمان عقلیان یترتبان على العلم الوجدانى و التعبدى بلا فرق بینهما اصلا.
و على الثانى، فلا مجال للتنجیز و التعذیر، بل یحکم العقل بان عقاب بلا بیان قبیح، فالمرجع هى البرائة العقلیة و النقلیة، و لو قیل: إن الخبر الصحیح اذا قام على الوجوب یجب الاتیان، و ان قام على الحرمة یجب الترک و ان لم یتحقق البیان، للزم التخصیص فى حکم العقل، فکأنه قیل: عقاب بلا بیان قبیح الّا فى هذا المورد.
فلابد من الالتزام بان الحجیة للطریق بمعنى اعتباره علماً و بیاناً تعبدیاً و ان احتمال الخلاف ملغىً، فلو قام على الوجوب او الحرمة، فقد تم البیان و العقاب على مخالفته عقاب مع البیان.
و لو قام على الاباحة، کان العقاب على الارتکاب منتفیاً لقیام الطریق المعتبر علیها.
و احتمال کونه حراما واقعاً و ان کان موجوداً، الا ان العقاب منتف جزماً لأن معنى حجیة الخبر هو عدم العقاب على الارتکاب، و لولم یکن حجة و بیاناً کان احتمال الحرمة مساوقاً لاحتمال العقاب، و العقل حاکم بوجوب دفع الضرر المحتمل.
ثم ان سیدنا الاستاذ((قدس سره)) بعد ما ابطل تفسیر الحجیة بالمنجزیة و المعذریة، قال: انه على تقدیر القول به، لا وجه للمناقشة فى جواز تقلید المجتهد بما قدمنا تقریبه، (الى أن قال): ان المجتهد على هذا المسلک (اى مسلک صاحب الکفایة) ایضاًیصدق علیه الفقیه و العالم و سرّه ان مفهوم الفقیه غیر مقیّد بخصوص العلم بالحکام الواقعیة أو الظاهریة. بل هو انما اعم منهما و العلم بقیام الحجة على الاحکام، و ان فسرنا الحجة بمعنى المنجزیة و المعذّریة، و یدلنا على ذلک أن الاخبار المتقدمة فى محلها، قد دلّتنا على ارجاع الائمة((علیهم السلام)) شیعتهم الى آحاد الروات و کبراء اصحابهم کیونس بن عبدالرحمان و زکریا بن آدم و غیرهما، و لا شبهة فى أنه على هذا المسلک و تخصیص الفقیه بخصوص العلم بالأحکام، لا یصدق علیهم الفقیه و لا العالم لعدم علمهم بالاحکام الواقعیة و لا الظّاهریة (الى ان قال): و على الجملة لا فرق فى جواز الرجوع الى المجتهد بین القول بأن المجعول فى الحجج و الامارات هو الطریقیة و الکاشفیة و القول: بانه الحکم المماثل و القول: بانّه المنجزیة و المعذّریة.(1)
قلت: ما افاده لا یمکن المساعدة علیه، فان الملاک فى ارجاع الائمة(ع) الى الروات هو کونهم عارفین بالأحکام، کما تدل على ذلک روایات کثیرة
منها صحیحة ابى خدیجه. و مقبولة عمربن حنظلة المتقدمتان.(2) فان عرفان الحلال و الحرام موضوع لجواز القضاء و نصب القاضى و الحاکم، فمن لم یکن عارفاً بحلالهم و حرامهم، لیس منصوباً للقضاء فلیس منصوباً للافتاء بالأؤلویة، فکیف یصح تقلیده و الرجوع الیه.
و على الجملة المستفاد من الأحادیث ان العارف بحلالهم و حرامهم، هو
العالم باحکام الله اما وجداناً او تعبداً و هو المنصوب للحکومة و الافتاء و هو المرجع و المقلَّد.
1- التنقیح: الاجتهاد و التقلیدص246
2- ص 112
المراد عن العدالة ص (126 - 128)
▲ المراد عن العدالة ص (126 - 128)
(مسألة 23) العدالة عبارة عن ملکة اتیان الواجبات و ترک المحرمات.(1)
(1) إختلف الأصحاب فى ذلک على اقوال:
أحد ها ما اختاره الماتن((قدس سره)) و نسب الى المشهور بین المتأخرین من ان العدالة، ملکة اوهیئة راسخة، او حالة باعثة نحو الاطاعة باتیان الواجبات و ترک المحرمات.
ثانیها، أنها عبارة عن اتیان الواجبات و ترک المحرمات الناشى عن الملکة النفسانیة، فهى عمل خارجى مسبّب عن الملکة.
و لکن هذین التعریفین، یرجع کل منهما الى الآخر، فان احد التعریفین، ناظر الى السبب و المقتضى، و الآخر ناظر الى المسبب و المقتضى.
فمن ارتکب المعصیة خرج من العدالة على التعریفین، اما على التعریف الثانى فواضح، و اما على الأول، فلان العدالة عبارة عن الملکة الباعثة على اتیان الواجبات و ترک المحرمات، فاذا ترک الواجب أو اتى بالحرام، لم تکن الملکة باعثة، على ذلک، فلا یکون عادلا، الا ان یتوب، فتعود عدالته.
ثالثها انها عبارة عن نفس اتیان الواجبات و ترک المحرمات، فهى عبارة عن الاستقامة فى جادة الشرع، فعلیه اذا بلغ الصبى و اتى بالواجب و ترک الحرام فى یوم أول بلوغه، یکون عادلا، بخلاف التعریفین الاولین، فانه بما انه لا ملکة له، لا یکون عادلا. و فیه ما سیجئ.
رابعها انها عبارة عن الاسلام و عدم ظهور الفسق، نسب الى العلامة((قدس سره)).
خامسها انها عبارة عن حسن الظّاهر، فحسب.
سادسها ما عن الحلّى و الکفایة من انها عبارة عن ترک الکبائر و عدم الإصرار على الصغائر، و قال: إنه الأشهر.
و یمکن أن یقال: ان التعاریف الستة من باب شرح الاسم و کلها راجع الى معنى واحد و مفهوم فارد، و هو أن المؤمن المتعهد المطیع لله تعالى الا نادراً، عادل، و کلها راجع الیه حتى التعاریف الثلاثة الأخیرة، فان المقصود من الاسلام و عدم ظهور الفسق، لیس فى یوم أو یومین بل المراد عدم ظهور الفسق الّا نادراً، و هو ینطبق على التعاریف الثلاثة الاولى. و کذا المراد من حسن الظاهر، ذلک
مستمراً، و ینطبق على التعاریف المتقدمة، فان من کان له حسن الظاهر مستمراً، فهو الآتى بالواجبات و التارک للمحرمات و هو الآتى بالواجبات و التارک للمحرمات عن ملکة.
ان قلت: کیف یرجع التعاریف الى معنى واحد و مفهوم فارد، مع ان التعریف الاول و الثانى، اعتبر فیهما الملکة و لم تعتبر فى بقیة التعاریف.
قلت: المراد من اتیان الواجبات و ترک المحرمات، و عن الاسلام و عدم ظهور الفسق، و عن حسن الظاهر، و عن ترک الکبائر و عدم الإصرار على الصغائر لیس یوماً أو یومین أو ثلاثة، بل المراد الاستمرار على ذلک، و هو مستلزم لحصول الملکة و المنشأ فى الابتداء هو أمر المولى و نهیه، و الاستمرار على طاعة المولى موجب لحصول الملکة جزماً.
و الّذى یشهد على ذلک أن من أتى بالواجبات فى یوم واحد و لم یأت بالحرام و لو لعدم الابتلاء به، لایحکم بعدالته عند القائلین بالأقوال الاربعة، بل لابد ان یحرز انه کذلک و احرازه، یحتاج الى المعاشرة أو شهادة البینة أو الشیاع، فعلیه، لا یحکم بعدالة من بلغ و صلى و لم یأت بالحرام فى یوم أول بلوغه، لعدم الابتلاء به.
ثم ان سیدنا الاستاذ((قدس سره)) ذهب الى ان العدالة لیست من الصفات النفسانیة، بل هى صفة عملیة، لانها فى اللغة هى الاستقامة و عدم الجور و فى الشرع هى الاستقامة فى جادته، و الى ذلک اشیر فى جملة من الآیات المبارکة، کما فى قوله تعالى عزمن قائل: فان خفتم ان لا تعدلوا، فواحدة(1) و قوله تعالى و لن تستطیعوا ان تعدلوا بین النساء(2) لاضافة العدالة فیهما الى الذات بلحاظ استقامتها فى جادة الشرع و تطابق اعمالها لأحکامه.(3)
فیه أنّ ما أفاده صح فى الآیة الأولى، و المقصود هو ان لکم ان تنکحوا من النساء الى اربع بشرط ان تعدلوا فى الانفاق و القسمة فى المضاجعة مثلا، فان خفتم ان لا تعدلوا فواحدة، فالمراد هى العدالة المتعلقة بالجوارح;
و امّا الآیة الثانیة، فنفى فیهاالعدالة بنفى التأبید، فکیف یکون المراد العدالة الخارجیة المستندة الى الّذات، منتفیة بنفى التأبید، بل المراد منها العدالة فى المحبة القلبیة. کما تدل على ذلک صحیحة هشام بن الحکم (فى حدیث) انه سأل ابا عبدالله ((علیه السلام)) عن قوله تعالى: (فانکحوا ما طاب لکم من النساء مثنى و ثلاث و رباع، فان خفتم ان لا تعدلوا فواحدة) قال: یعنى فى النفقة و عن قوله تعالى
(و لن تستطیعوا أن تعدلوا بین النساء و لو حرصتم، فلاتمیلوا کل المیل فتذورها کالمعلّقة) یعنى فى المودة.(4)
(1)(2)- السورة 4 - النساء الآیة: 3 و 129
3- التنقیح: الاجتهاد و التقلید ص 255
4- س ج 15 ب 7 من أبواب القسم و النشوزح 1 ص 86
المراد من العدالة بین النسأ ص (128 - 135)
▲ المراد من العدالة بین النسأ ص (128 - 135)
فالمراد ان الذى یجب العدالة فیه بین النساء هو النفقة و العدل فیها ممکن و الذى لا یمکن العدل فیه بین النساء هو المودة القلبیة، فلیس بواجب.
و السّبب فیها أمور خارجیة، کاخلاق بعضهن و وجاهتها و غیر ذلک.
ثم ان شیخنا الانصارى و جماعة أخرى من الفقهاء((قدس سرهم)) ذهبوا الى ان العدالة لابد ان تکون هى باعثة على اتیان الواجبات و ترک المحرمات عن ملکة، و أما نفس الاعمال الخارجیة، اذا لم تکن منبعثة من الملکة النفسانیة، فلا یترتب علیها الآثار المرغوبة من جواز الشهادة و جواز الافتاء و القضاء و غیر ذلک، و قد إستدل علیه بوجوه:
الأول أن الشک فى أن الملکة معتبرة فى العدالة أو لیست کذلک من الشک فى سعة مفهوم العدالة وضیقه وتردده بین السعة والضیق، و لا مناص معه من الأخذ بالقدرالمتیقن منه فى ترتب الآثار علیه و هو المضیق، و امّا الزائد على ذلک أعنى الموسّع، فلا، و ذلک للشک فى أن الآثار المرغوبة من العدالة، هل یترتب علیه فى الشّریعة المقدسة أولا؟ و مقتضى الأصل عدم ترتّبها علیه،
و استشکل علیه سیدنا الاستاذ((قدس سره)) بان العدالة لیست من المفاهیم المجملة المردّدة بین السعة و الضیق، حتى یجب الأخذ بالقدر المتیقن منها کما ذکره و انما هى مفهوم مبیّن لما تقدم و یأتى ایضاً من انها بحسب اللغة و الأخبار، هى الاستقامة العملیة فى جادة الشرع، و ان هذا هو الذى أخذ فى موضوع الأحکام الشرعیة، و هو مفهوم موسّع، فاذا شککنا فى تقییده بالملکة، فلا محالة ندفع احتمال التقیید بالاصل.
و ثانیاً لو تنزلنا عن ذلک و قلنا: إن مفهوم العدالة، مجمل دائر امره بین الأقل و الاکثر، فنأخذ بالمتیقن و هو الاکثر فیما اذا اخذ العدالة فى موضوع الآثار بالقرینة المتصلة کما فى الشاهد بقوله عزّ من قائل: (و اشهدوا ذوى عدل منکم.(1)
فان القدر المتیقن من الموضوع المقید بذلک القید المجمل هو الشاهد الذى یستقیم فى أعماله عن الملکة النفسانیة الداعیة الى الطاعة، لانه الذى نقطع بترتب الاثر علیه، و اما الشاهد الذى یستقیم فى أعماله، لا عن ملکة، فنشک فى ترتب الأثر علیه و الاصل عدم نفوذ شهادته، و عدم ترتب الأثر علیها.
و لا یتم ذلک فیما اذا أخذت العدالة فى موضوع الحکم بالقرینة المنفصلة، کما فى بابى الفتوى و القضاء، فان الادلة القائمة على حجیة فتوى الفقیه من السیرة و غیرها، مطلقة، و لم یقید فیها اعتبارها بما اذا کان المنذر أو العالم، عادلا و انما استفدنا اعتبار العدالة بدلیل منفصل، کالضرورة أو روایة الاحتجاح أو غیرهما مما استدل به على اعتبارها، فاذا فرضنا ان مفهوم العدالة، مجمل مردد بین الموسّع و
المضیق، فلا مناص من ان یقتصر فى تقلید المطلقات بالمقدار المتیقن من المقید، فان المخصص المنفصل اذا کان مجملا، اقتصر فى تخصیص العموم به بالمقدار المتیقن منه، و هو المنذر الذى لا یستقیم فى اعماله للقطع بعدم جواز تقلیده، لأنّه مقتضى دلیل المقیّد و المخصّص.
و اما اذا کان مستقیماً فى اعماله و لم ینحرف عن جادة الشرع یمینا و لا شمالا غیر ان استقامته، لم یکن عن ملکة نفسانیة، فنشک فى تقیید المطلقات به، و مع الشک فى التخصیص و التقیید الزائدین یتمسک بعموم العام او اطلاق المطلق، و به یحکم بجواز التقلید ممن له استقامة عملیة، و ان لم یکن واجداً للملکة النفسانیة.(2)
و فیه أولا ان ما افاده((قدس سره)) من ان العدالة لیست من المفاهیم المجملة، بل هى مفهوم مبیّن، لا یتم، و الشاهد على ذلک اختلاف الأصحاب فى تفسیرها على ستة اقوال، و المفهوم المبیّن، لیس معناه مورداً للاختلاف بینهم کما هو واضح، و قد عرفت ان بعضهم، فسّرها بنفس الملکة الباعثة على اتیان الواجبات و ترک المحرمات، فکیف ینفى تقیید مفهومها بالملکة بالأصل.
و ثانیاً ان لازم ما أفاده ثانیاً، ان یکون العدالة المعتبرة فى الشاهد اقوى مما هو معتبر فى المرجع، و هذا مما لم یقبله ارتکاز المتشرعة، فان ما یعتبر فى الشاهد، یعتبر فى المرجع بالأولویة، بل یعتبرون فى المرجع الملکة القویة القد سیة حتى لا تکون مغلوبة للمزاحمات.
الثانى الاخبار الواردة فى ان امام الجماعة، یعتبر الوثوق بدینه، روى یزیدبن حماد عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: قلت له، اصلى خلف من لا اعرف ؟ فقال: لا تصل الا خلف من تثق بدینه.(3)
فانّ المستفاد من مثلها من الأخبار، ان مجرد الاستقامة العملیة على جادة الشرع بلا ملکة، لا توجب الوثوق بالدّین، فلابد من الملکة الباعثة لها، لیحصل الوثوق بأنه لا یرتکب المعاصى فى المستقبل ایضاً.
الثالث الرّوایات الواردة فى العدالة، فانّها قد أخذت فى موضوعها اوصاف و عناوین خاصة، لا تنطبق إلّا على صاحب الملکة.
منها روایة عبدالله بن ابى یعفور قال: قلت لابى عبدالله((علیه السلام)): بم تعرف عدالة الرّجل بین المسلمین، حتى تقبل شهادته لهم و علیهم ؟ فقال: ان تعرفوه بالستر والعفاف و کف البطن و الفرج والید و اللّسان، و یعرف باجتناب الکبائر التى أوعد الله علیها النّار. (الحدیث)(4)
و هذه الروایة، عبّر عنها غیر واحد بالصّحیحة، و لکن الأمر لیس کذلک فانها رویت بطریقین: أحدهما ما رواه الصدوق باسناده عن عبدالله بن ابى یعفور و فى سنده أحمد بن یحى العطار، و هو لم یوثق.
ثانیهما ما رواه الشیخ باسناده عن ابن ابى یعفور و فى طریقه محمدبن موسى الهمدانى و هو لم یوثق، حیث ان وقوعه فى اسناد کامل الزیارات، معارض بتضعیف ابن الولید له بانه کان یضع الحدیث. فعلیه لا تکون الروایة حجة.
قال الأستاذ((قدس سره)): تقریب الاستدلال بها یتوقف على مقدمتین: إحدیهما أن یکون قوله((علیه السلام)): ان تعرفوه بالستر والعفاف، معرفاً منطقیاً، بان تکون الجملة المذکورة، حداً و رسماً للعدالة و بیاناً لماهیتها، نظیر قولنا: حیوان ناطق فى الجواب عن أن الانسان ما هو، اذاً العدالة عین الاشتهار و المعروفیة بالستر والعفاف و غیرهما مما ذکر فى الحدیث.
ثانیهما ان یکون الستر والعفاف من الصفات النفسانیة، فانه اذا ضممنا إحدى المقدمتین المذکورتین الى الآخر، انتجت ان العدالة، ملکة ومن الصفات النفسا نیة، وکلتا المقدمتین ممنوعتان:
امّا المقدمة الاولى، فلأن الجملة المذکورة، معرف اصولى لغوى اعنى ما ینکشف به الشى و لیست معرفاً منطقیاً بمعنى الحد أو الرسم و کون المعرّف عین المعرّف، و ذلک أما أولا، فلان ظاهر قوله((علیه السلام)): أن تعرفوه بعد قول السائل: بم تعرف عدالة الرّجل ؟ انه انما سأل عما یعرف و یستکشف به العدالة لا انه (ع) سأل عن ماهیتها و حقیقتها.
(الى ان قال:) اما ثانیاً، فلانه لم یذکر فى الجواب ان العدالة هى الستر والعفاف، و انما قال: ان تعرفوه بالستر و العفاف، و من البدیهى ان الاشتهار و المعروفیة بهما لیسابحقیقة العدالة.
قلت: الظاهر ان کون الملکة کیفیة نفسانیة أو حالة کذلک لیست عین الستر والعفاف، و لا یتوقف وجودها على العینیة و على ان یکون الستر والعفاف حداً او رسماً لها، بل هما طریق و علامة لها، فان المواظبة على اتیان الواجبات و ترک المحرمات، توجب حصول الملکة النفسانیة، فاذا حصلت، سهلت الطاعة و اجتناب المعاصى على صاحبها، فانکار العینیة، لا یوجب عدم کون العدالة ملکة، فهى تحصل باستمرار اتیان الواجبات و ترک المحرمات و یشهد على عدم العینیة ان الستیر والعفیف یطلق على من یتورع عن محارم الله و لا یطلق عرفاعلى من اتى بالحج والصلاة والزکات والخمس والجهاد مثلا، فلو کان عینها، لا طلق الستیر والعفیف على من اتى بالحج و الصلاة و الزکات و الخمس و الجهاد مثلا، فلو کان عینها، لا طلق الستیروالعفیف على من اتى بالواجبات ایضاً.
و لأجل ذلک قال((علیه السلام)) بعد ذلک: و یکون منه التعاهد للصلوات الخمس اذا واظب علیهن و حفظ مواقیتهن بحضور جماعة من المسلمین و ان لا یتخلف عن جماعتهم فى مصلّاهم الّا من علّة (الحدیث)(5)
و المستفاد من هذه الروایة ان العدالة تتحقق بترک المحرمات و اتیان الواجبات، و لا دلالة لها على ان العدالة ملکة، فلا تدل على ما اختاره الشیخ و الجماعة.
و لکن المکلّف اذا واظب على ترک المحرمات و اتیان الواجبات، حصلت له الملکة، کما عرفت. فمن کان معروفاً بالستر والعفاف، فهو ذو ملکة جزماً.
ثم ان المستفاد من الروایات و اقوال الفقهاء أمور:
الأوّل هو اعتبار الملکة فى العدالة.
الثانى عدم اعتبار کونها بمرتبة تلازم ترک المعصیة دائماً، فان ذلک لا یمکن فى غیر المعصوم، و لم یعتبر فى العدالة.
الثالث انه لا یکفى ادنا مراتبها، بحیث لا یحصل الوثوق بدینه، بل لابد من حصول مرتبة توجب الوثوق بانه لا یرتکب المعصیة فى الحضور و الخفاء. و لو ارتکبها احیاناً لغلبة الشیطان و النفس الأمارة بالسوء، لندم فوراً، قال الله تعالى (ان الذین اتقوا اذا مسهم طائف من الشیطان، تذکروا فاذا هم مبصرون.(6)
و قال تعالى ایضاً: (ولا تقبلوا لهم شهادة ابداً و أولئک هم الفاسقون الا الذین تابوا(7).)
الرابع أن الملکة لابّد أن تکون فى المرجع قویة، و الاّلزالت العدالة و تکون ملکته مغلوبة للمزاحمات و المهاجمات الکثیرة.
قال السیّد الحکیم((قدس سره)): بل المرتکز عند المتشرعة قدح المعصیة فى هذا المنصب على نحو لا تجدى عندهم التوبة و الندم فالعدالة المعتبرة عندهم مرتبة عالیة لا تزاحم و لا تغلب، و الانصاف انه یصعب جداً بقاء العدالة، للمرجع العام فى الفتوى -کما یتفق ذلک فى کل عصر لواحد او جماعة اذالم تکن بمرتبة قویة عالیة ذات مراقبة و محاسبة، فان ذلک مزلّة الاقدام و مخطرة الرجال العظام، و منه سبحانه نستمد الاعتصام.
ثم ان الکبائر التى او عد الله تعالى علیها النار، هادمة للعدالة بلا اشکال و هل الصّغائر کالکبائر فى هدم العدالة ام الا؟
المعروف بین الأصحاب أنها لا تقدح فى العدالة إلاّ بالاصرار علیها فان الاصرار على الصّغیرة من الکبائر، و یظهر من المتن عدم الفرق بین الکبائر و الصغائر.
1- الطلاق 65 - الآیة 2
2- التنقیح الاجتهاد و التقلید ص 359 و ص 360
3- س ج 5 ب 12 من أبواب صلاة الجماعة ح 1 ص 395
4- س ج 18 ب 41 من ابواب الشهدات ح 1 ص 288
5- س ج 18 ب 41 من ابواب الشهادات ح 1 ص 288
6- الاعراف 7 - الآیة 201
7-النور - الآیة 4 و 5
وجوه الاستدلال لقول المشهور ص (135 - 137)
▲ وجوه الاستدلال لقول المشهور ص (135 - 137)
و استدل للقول المشهور بوجوه: الأول نفس روایة ابن ابى یعفور حیث قال: و یعرف (العدالة) باجتناب الکبائر التى او عد الله علیها النار بتقریب ان الاجتناب عن الصغائر ایضاً لو کان معتبراً فى العدالة، لم یکن للحصر باجتناب الکبائر وجه.
الجواب أن الاجتناب عن الکبائر، معرف و طریق و امارة للعدالة فى ظرف الجهل و عدم العلم بانه هل یرتکب الصغائر ام لا؟ فاذا علم بأنه یرتکب الصغائر فیعلم انحرافه عن جادة الشریعة، فکیف یحکم بعدالته .
و الدلیل على ما ذکرنا جملة اخرى فى نفس الروایة: (والد لا لة على ذلک کله ان یکون ساترا لجمیع عیوبه) فان ارتکب الصغیرة فى مرأى الناس، لا یکون ساترا لجمیع عیوبه، على انه لوارتکب الصغیرة، لا نطمئن بانه لا یرتکب الکبیرة فى المستقبل فالاجتناب عن الکبائر، طریق للعدالة فى ظرف الجهل بالحال، لا عند العلم بالانحراف عن الجادة و لو بارتکاب الصغائر.
الثانى ان الاجتناب عن الکبائر، موجب للعفو عن الصغائر لقوله تعالى: ان تجتنبوا کبائر ما تنهون عنه، نکفر عنکم سیئاتکم، فکما أن التوبة تمنع عن حصول الفسق بالمعصیة و ترفع اثرها، فاجتناب الکبائر دافع عن حصول الفسق، و الدفع اهون من الرفع، فان العدالة تزول بارتکاب الکبیرة و تعود بالتوبة، و هى لاتزول بارتکاب الصغیرة مع الاجتناب عن الکبائر.
و فیه ان ارتکاب الصغیرة خروج عن الصراط المستقیم، و الاجتناب عن الکبائر آناما، لایکفى فى العفو عن الصغیرة فانه حاصل للفساق ایضاً، فالمراد هو الاجتناب عن الکبائر طیلة الحیاة و هو لم یحرز، فکیف یحکم بأن ما اتاه من الصغیرة معفو عنه،
و استصحاب عدم الاتیان بالکبائر فى المستقبل و ان کان جاریا بالنسبة الى المحرمات الا ان استصحاب عدم الاتیان بالواجبات کالصلاة و امثالها، ایضاً جار، فلا یحرز عدم ارتکابه للکبائر فان ترک الصلاة ایضاً من الکبائر، فخروجه عن الصراط بارتکاب الصغیرة محرز والعفو غیر محرز.
الثالث ما ذکره المحقق الهمدانى((قدس سره)) من ان ارتکاب الصغائر عن علم و عمد موجب للفسق و الخروج عن جادة الشرع، ولکن ارتکابها عن عذر عرفى، لاینا فى العدالة و الستر والعفاف، کما اذا ترک النهى عن المنکر او الامر بالمعروف، أو لم ینصر المغتاب او لم یخرج عن مجلس الغیبة حیاء او بدعوة الصدیق مع الکراهة فى القلب، فان الاعذار العرفیة، تقبل فى امثال المقام، فلا تکون مثل هذه الصغائر، منافیة للعدالة و لستر العیوب عرفاً.
و فیه ان الانحراف عن جادة الشرع مناف للعدالة، فان تاب فورا، تعود العدالة، و الا یکون خارجا عن الجادة و عن الصراط المستقیم و لا یکون عادلا لأنه قد عصى الله تعالى،
وحکم العرف بأنه غیر منحرف عن الجادة، لا أثر له، فان فهم العرف، متبع فى فهم الألفاظ وأما فى تطبیق المفاهیم على المصادیق فلا مجال فیه لفهم العرف، ألا ترى أن المسافة الموجبة للقصر، ثمانیة فراسخ، فلوکانت أقل بمقدار نصف متر، حکم العرف بتحقق المسافة، وهو باطل لعدم وجوب القصر فى الناقصة ولو کان النقص باقل من شبر واحد.
ففى المقام اذاارتکب الصغیرة یحکم العقل بانه عاص وبما ان الحاکم فى مرحلة الاطاعة والعصیان هوالعقل ، فلا قیمة لحکم العرف بانه غیر عاص; فانتیجة أن المرتکب للکبیرة أوالصغیرة، یخرج عن العدالة فلا تعود الاّ بالتوبة والندم.
هل تکون منافیات المروة، مخلا بالعدالة أم لا؟ ص (137 - 139)
▲ هل تکون منافیات المروة، مخلا بالعدالة أم لا؟ ص (137 - 139)
هل تکون منافیات المروة، مخلا بالعدالة أم لا؟
نسب الى المشهور أنهم یرونها ، مخلّة بها لوجهین : الأوّل أنها عیب فلا بد من سترها لروایة عبدالله بن ابى یعفور: والدلیل على ذلک أن یکون ساترالجمیع عیوبه، فلو خرج العالم فى السوق بلا عمامة أو حافیاً، لا یکون ساتراً لعیبه ، فلا یکون عادلا، وان لم یصدق علیه الفاسق ایضاً، فلا یترتب علیه آ ثار العدالة، هذا اذا کان ذلک فى العادة یعّد عیباً عرفیاً، وان لم یعد عیباً، فلا یکون مخلا با لعدالة وهذا یختلف باختلاف البلدان .
الثانى ان ارتکاب ما یخالف المروة، یدلّ على عدم الحیاء من الناس، ومن کان کذلک ، فلا یسحییى من الله ایضاً، فان من لا حیاء له لا ایمان له .
ولکن الظاهر عدم تمامیة شئ من الوجهین : اما الأول ، فلأنّ المراد من العیوب الواردة فى الّروایة، هى ما نهى فى الشّریعة عنها، فان الامام ((علیه السلام)) بما أنه مبیّن للاحکام الشریعة من الواجبات والمحرمات والمستحبات والمکروهات ، لا یرى المباح عیباً وان کان على خلا ف العادة، فالمراد من العیوب فیها، کلما هو على خلاف الشرع .
واما الثانى ، فلأنه لا ملازمة بین عدم الحیاء من الناس وعدم الحیاء من الله ، فان الزهاد والسالکین الى الله، والتارکین للدنیا، لا یفرحون بمدح الناس ولا یغتمون بذمهم ، وقد روى عن على ((علیه السلام)): لا یکمل ایمان العبد حتى یکون الناس عنده کالأباعر.
نعم لوکان العمل المنافى للمروة، موجباً للهتک والمهانة، لا یجوز ارتکابه ، فیکون منافیاً للعدالة، فان توهین المؤمن حرام وان کان نفسه . فمنافیات المروة، مادام لم تصل الى حد الحرمة، تجمع مع العدالة، وان وصلت حدها ، منعت عنها لأجل الحرمة کبقیة المحرمات . ویستثنى من ذلک خلف الوعد فانه یمنع عنها وان لم نقل بحرمته وذلک لموثقة سماعة عن ابى عبدالله((علیه السلام)): من عامل الناس فلم یظلمهم وحدثهم فلم یکذبهم ووعدهم ، فلم یخلفهم ، کان ممن حرمت غیبته وکملت مروته وظهر عدله ووجبت اخوته(1)
فانّها تدلّ با لمفهوم على أن من خلّف الوعد لا یکون عادلا ، کما ان الظالم والکاذب خارج عن العدالة.
وتعرف بحسن الظاهر الکاشف عنها علما او ظنّاً(1)
(1) حیث اختار الماتن ان العدالة هى الملکة الباعثة على اتیان الواجبات و ترک المحرمات، جعل الحسن الظاهر، کاشفا عنها.
و کذا الکلام بناء على القول الثانى و الثالث و السادس، فان حسن الظاهر، کاشف عن العدالة، و لو کان ظنیاً نوعیاً.
و اما بناء على القول الخامس و الرابع، فالعدالة هى نفس حسن الظاهر فان الاسلام و عدم ظهور الفسق، عبارة أخرى عن حسن الظاهر، فلا یکشف عن شى آخر.
1- س ج 8 ب 152 من ابواب احکام العشرة ح 2 ص 597
یکفى فى تحقق العدالة، حسن الظاهر ص (139 - 141)
▲ یکفى فى تحقق العدالة، حسن الظاهر ص (139 - 141)
و یمکن أن یقال: إنه یکفى فى تحقق العدالة، حسن الظاهر المعبر عنه بالاسلام و عدم ظهور الفسق، بلا فرق بین القول بانه نفس العدالة أو انه کاشف عنها، و ذلک لعدّة من النصوص:
(منها) صحیحة عبدالله بن المغیرة، قال: قلت لابى الحسن الرضا((علیه السلام)) رجل طلّق امرأته و اشهد شاهدین ناصبین؟ قال: کل من ولد على الفطرة و عرف بالصلاح فى نفسه، جازت شهادته.(1)
هذه الصحیحة لا دلالة لها على قبول شهادة الناصب، فان الناصب فاسق بل أفسق الفساق للعداوة لأهل بیت العصمة و الطهارة، و لعله((علیه السلام)) لأجل التقیة، لم یردّه و بین الحکم الواقعى فان من ولد على الفطرة و عرف بالصلاح جازت شهادته، و الناصب لم یعرف بالصّلاح أصلا.
و (منها) معتبرة علاء بن سیابة، قال: سألت أبا عبدالله((علیه السلام)) عن شهادة من یلعب بالحمام ؟ قال: لا بأس اذا لم یعرف بفسق.(2)
و (منها) صحیحة محمدبن مسلم عن ابى جعفر((علیه السلام)) قال: لو کان الامر الینا، لأخذنا شهادة الرّجل اذا علم منه خیر الحدیث.(3)
و (منها) صحیحة عماربن مروان عن ابى عبدالله((علیه السلام)) فى الرجل یشهد لإبنه و الإبن لأبیه، و الرّجل لإمرأته ؟ فقال: لا بأس بذلک اذا کان خیراً.(4)
و (منها) موثقة سماعة عن ابى بصیر عن ابى عبدالله((علیه السلام))قال: لا بأس بشهادة الضیف اذا کان عفیفاً صائناً.(5)
و منها موثقة أخرى عن سماعة و قد تقدمت آنفاً.
و (منها) معتبرة السّکونى عن جعفر عن ابیه((علیهما السلام)) ان شهادة الأخ لاخیه تجوز، اذا کان مرضیاً و معه شاهد آخر.(6)
والظاهر من هذه النصوص أن من حسن ظاهره، تقبل شهادته، بلا فرق بین ان یحصل منه العلم أو الظن باتیان الواجبات وترک المحرّمات او لم یحصل ، ولکن حصول الظن، لا ینفک عن حسن الظاهر الذى اعتبر لقبول الشهادة تعبداً. وهل یعتبر فى اثبات حسن الظاهر المعاشرة ام لا؟
وقد استدل للأول بوجهین :
الأول أن ستر العیوب انما یتحقق فیما اذاکانت فى معرض الظهور، فسترها ولم تظهر، فیثبت حسن ظاهره، وتقبل شهادته، والا فلا طریق لنا الى اثبات حسن الظاهر وستر العیوب .
الثانى موثقة سماعة المتقدمة(7)
والمستفاد منها أن المعاشرة معتبرة فى الجملة، حتى یظهر انه ، ساترلعیو به ام لا؟ فلا بد من احراز حسن الظاهر إما با لعلم او الا طمینان او شهادة العدل او الثقة.
وهنا روایة تدل على اعتبار الوثوق بدین امام الجماعة، وهى ما رواه على بن راشد قال : لأبى جعفر((علیهما السلام)): انّ موالیک قد اختلفوا، فأصلى خلفهم جمیعاً ؟ فقال : لا تصل الا خلف من تثق بدینه.(1)
وناقش الاستاذ ((قدس سره)) فیها بمناقشتین: احدیهما ان فى سند ها سهل بن زیاد وهو لم یوثق، فالروایة ضعیفة.
ثانیتهما أنها قاصرة الدّلالة على المدعى، اذالمراد بالوثوق بدین الرجل هو ان یکون الامام إمامیاً اثنى عشریاً، للروایات المانعة عن الصلاة خلف المخالفین .
قلت: لا اشکال فى ان الروایة ضعیفة لاجل سهل بن زیاد، قال النجاشى: سهل بن زیاد ابو الآدمى الرازى کان ضعیفاً فى الحدیث غیر معتمد فیه و کان احمد بن محمد بن عیسى، یشهد علیه بالغلو و الکذب و أخرجه من قم الى الرى و کان یسکنها.
و امّا المناقشة الثانیة، فلا مجال لها، فان الراوى فرض الاختلاف فى الموالین للامام الجواد((علیه السلام))، و من الواضح ان موالیه((علیه السلام)) کانوا شیعیاً امامیاً فاختلافهم لم یکن فى الدین، بل لعلّة فى الفروع و شرائط امام الجماعة، فجوابه((علیه السلام)) ناظر الى کون امام الجماعة متدیّناً و عادلا.
فلاتنافى النصوص المتقدمة الدّالة على کفایة حسن الظاهر فى العدالة فمن نثق بحسن ظاهره، یصح ان نقول: نثق بدینه.
(1)(2)(3) س ج 18 ب 41 من ابواب الشهادات ح 5،6،8،9،10،19
(4)(5)(6) س ج 18 ب 41 من ابواب الشهادات ح 5،6،8،9،10،19
7- ص 129
تثبت العدالةبشهادت عدلین و الشیاع ص (141 - 142)
▲ تثبت العدالةبشهادت عدلین و الشیاع ص (141 - 142)
و تثبت بشهادة العدلین(1) و بالشیاع المفید للعلم (2)
(1) فانها حجة مطلقاً، الّا فى موارد خاصة کالزنا و اللواط و السحق و الدین على المیت فان الثلاثة الاولى یعتبر فیها اربعة و الاخیر یحتاج الى ضم الیمین مع البنیة، و اما فى غیرها، فالبینة المصطلح علیها حجة مطلقا للسیرة العملیة المتصلة بزمن المعصومین ((علیهم السلام)) الممضاة عندهم((علیه السلام))
(2) او الاطمینان فانه حجة ببناء العقلاء المتصل بزمن المعصوم((علیه السلام)) و حیث لم یردع عنه یکون ممضىً عنده.
1- س ج 5 ب 10 من ابوات صلاة الجماعة ح 2 ص 389
وجب العدول عن المجتهد عند فقد الشرائطه ص (142 - 144)
▲ وجب العدول عن المجتهد عند فقد الشرائطه ص (142 - 144)
(مسألة 24) اذا عرض للمجتهد، ما یوجب فقده للشرائط، یجب على المقلّد، العدول الى غیره (1)
(مسألة 25) اذا قلّد من لم یکن جامعاً للشرائط و مضى علیه برهة من الزمان، کان کمن لم یقلّد أصلا فحاله حال الجاهل القاصر او المقصر(2)
(1) الشروط المعتبرة فى المقلّد فى التقلید الابتدائى، عشرة:1- البلوغ،2- العقل 3- الایمان 4ـ العدالة 5 ـ الرّجولة 6ـ الحریة 7ـ الحیاة 8 ـ الأعلمیة فى فرض التعدد 9 ـ الاجتهاد المطلق 10ـ طهارة المولد .
ثم ان اربعة منها، غیر قابلة للتغییر کالبلوغ و الرجولة و الحریة و طهارة المولد و اما الحیاة فقد تقدم انها معتبرة حدوثاً و لا تعتبر بقاء.
و أمّا الخمسة الباقیة، فهل هى معتبرة بقاء کما هى معتبرة حدوثاً ام لا ؟ و بعبارة أخرى، هل حالها حال الحیاة فتعتبر حدوثاً، لا بقاء، کما هو الحال فى الروایة فالراوى اذا کان عاقلا و عادلا و مؤمناً و حیاً عند الروایة، فلا یعتبر بقائها فى حجیة الرّوایة، فلو صار بعد الروایة مجنوناً او فاسقاً او مخالفاً او مرتداً او میتاً، لا یضر بها اصلا، باقیة على حجیتها.
و نسب هذ القول الى بعض الاصحاب و ان لم نعرف قائله، و قد یقال فى وجهه: ان تقلید هذا الرجل حین اجتماعه للشرائط کان جائزاً و فتواه کانت حجة فنستصحب بقائها.
و فیه اولا انه لا یجرى فى الشبهات الحکمیة، لمعارضته باستصحاب عدم الجعل و ثانیاً لو اغمضنا عنه، فهو غیر جار ایضاً و ذلک، لان العقل و العدالة و الاجتهاد و الایمان حیثیات تقییدیة، تعّد جزء الموضوع، بل رکنه فبانتفائها ینتفى الموضوع، و بعبارة اخرى ارتکاز المتشرعة، حاکم بان هذه الشروط معتبرة حدوثاً و بقاءً، فبانتفائها ینتفى الموضوع، فکیف یجرى الاستصحاب، الا ترى ان المجنون و الجاهل و الفاسق و المخالف و المفضول، لا تصلح للتقلید و الزعامة الکبرى للشّیعة و ان کانوا مسبوقین بالعقل و الاجتهاد و العدالة و الایمان و الأفضلیة، فان غیر الأعلم اذا صار اعلم، یجب العدول الیه على تفصیل تقدم.
(2) اذا قلد من لم یکن أهلا للفتوى، لقیام البینة على ذلک، ثم کشف الخلاف کان جاهلا قاصراً. و اذا قلّد من لم یکن أهلا للفتوى، بلا فحص و سؤال، کان مقصراً، و الفرق بینهما انه یسهل قصد القربة فى فرض القصور فانه یعتقد أن ما یأتیه هى وظیفته الشرعیة فیأتیه قربة الى الله.
وأما فى فرض التقصیر فلا یعلم انه هى وظیفته الفعلیة، ولا یجزم بانه مأموربه فان احتمل تعلق الا مر به واتاه برجائه، فان صادف الواقع، یحکم بصحته والا فلا وعلى الثانى ، یستحق العقاب بخروج الوقت، فان کل من ترک الواجب فى وقته، یستحق العقاب .
وامّاالقاصر، فلا یستحق العقاب فى فرض خروج الوقت، لانه لم یکن مقصّراً، فهو معذور وأماالأجزاء والشرائط ، فان ترک بعضها استناداً الى فتواه، ثم رجع الى الجامع للشرائط وافتى بجزئیته أوشرطیته، فان کان من الارکان، یجب القضاء والاعادة لأجله وان لم یکن منها، لا یجب، وذلک لصحیحة زرارة عن ابى جعفر((علیهما السلام)): قال: لا تعاد الصلاة الاّ من خمسة : الطّهور والوقت والقبلة والرکوع والسجود(1)
و هذه الصحیحة، لا تختص بالناسى بل تشمل الجاهل ایضاً بلا فرق بین القاصر و المقصر ان تمشى منه قصد القربة. و القاطع اذا کان قطعه جهلا مرکباً، ملحق بالقاصر.
1- س ج 4 ب 1 من ابواب افعال الصلاة ح 14 ص 683
بقا علی تقلید من یحرم البقاء ص (144 - 145)
▲ بقا علی تقلید من یحرم البقاء ص (144 - 145)
(مسألة 26)اذا قلّد من یحرّم البقاء على تقلید المیت، فمات، و قلّد من یجّوز البقاء، له ان یبقى على تقلید الأوّل فى جمیع المسائل، الّا مسألة حرمة البقاء.(1)
(1) الوجه فى ذلک ان البقاء على تقلید المیت امّا یکون محرماً فى الواقع و اما ان یکون جائزاً و لا ثالث، فان کان محرماً بحسب الواقع، فلا یمکن البقاء على تقلید المیت، لأنّ أمد حجیة فتاواه انقضى بالموت، فلا یمکن البقاء و الإعتماد على فتوى، لا تکون حجة، و ان کان البقاء جائزاً فى الواقع، ففتواه بحرمة البقاء مخالفة للواقع، فلا تکون حجة ، فلا تشملها فتوى الحى بجواز البقاء، فلنا علم تفصیلى بان فتوى الحى بجواز البقاء، لا تشمل فتوى المیت بحرمة البقاء، فهى لیست بحجة على کل حال، فمع عدم شمول فتوى الحى بالجواز لفتوى المیت بحرمة البقاء، یتعیّن أن تکون شاملة لسائر المسائل الفرعیة من دون مزاحم، فیجوز البقاء على تقلید المیت فى جمیع المسائل الفرعیة الّا فى مسألة حرمة البقاء.
ان قلت: فتوى المیت بحرمة البقا، یراد منها ان الموت یوجب الشک فى حجیة فتواه، و الشک فى الحجیة مساوق للقطع بعدمها، فالمراد ان البقاء على تقلید المیت بلا مراجعة الحى حرام، لا أنه حرام بحرمة ذاتیة، کاکل لحم الخنزیر مثلا. فعلیه،اذا افتى الحى بجواز البقاء، یجوز البقاء على تقلیده حتى فى مسألة حرمة البقاء، فاذا بقى على تقلیده فى هذه المسألة، یجب العدول فى جمیع المسائل الى الحى.
قلت: المراد من حرمة البقاء على تقلید المیت فى المسائل الفرعیة بلا مراجعة الحى کما عرفت فاذا راجع الحى و افتى بجواز البقاء یکون المراد منه جوازه فى المسائل الفرعیة، لا فى مسألة حرمة البقاء، فمسألة حرمة البقاء لا تراد من فتوى الحى قطعاً، لأنّه لو أرید ت منها للزم من جواز البقاء عدمه و هو لو لم یکن مستحیلا، لکان غیر مراد قطعاً.
و على الجملة مراد المیت من حرمة البقاء البقاء فى المسائل الفرعیة و مراد الحى من الجواز هوالعمل بفتوى المیت فى المسائل الفرعیة و هذا واضح.
وجوب علم المکلف بأجراء العبادات و غیره ص (145 - 146)
▲ وجوب علم المکلف بأجراء العبادات و غیره ص (145 - 146)
(مسألة 27)یجب على المکلّف العلم بأجزاء العبادات و شرائطها و موانعها و مقدماتها.(1)
(1) وجوب العلم بالمذکورات وجوب عقلى ارشادى فیما اذا لم یتمکن من الاحتیاط، فان العلم الاجمالى بوجود الواجبات و المحرمات فى الشریعة المقدسة موجود لکل احد، فاذا توقف امتثالها على العلم بالاجزاء و الشرائط و الموانع یحکم العقل بمعرفتها و تعلّمها، فاذا لم یتعلمها، وفات الواجب فى وقته یکون مستحقا للعقاب.
و أما لو لم یتوقف الامتثال على المعرفة التفصیلیة وامکن الاحتیاط، فلا حکم للعقل بتعلم الاجزاء و الشرائط، فلو شک فى ان السورة جزء للصلاة ام لا؟ جاز الاتیان بها رجاءً و ان کان الاحوط التعلم،
انما الاشکال و الکلام فیما اذا کان الواجب مشروطاً و لم یتمکن المکلّف من تعلم الاجزاء و الشرائط، بعد حصول الشرط، فیکون عاجزا عن الامتثال واما قبل حصول الشرط، فلا تکلیف کى یجب مقدمته الوجودیة و مقتضى الاطلاق فى حدیث الرفع، عدم وجوب التعلّم قبل الوقت و حصول الشرط.
و لکن الذى یمنعناعن ذلک، ماوراه الشیخ فى الأمالى بسنده المعتبر عن مسعدة بن زیاد عن جعفر بن محمد((علیهما السلام)) و قد سأل عن قول الله تعالى: و لله الحجة البالغة، فقال: ان الله تعالى یقول للعبد یوم القیامة عبدى کنت عالماً؟ فان قال: نعم، قال له: افلا عملت بماعلمت ، و ان قال: کنت جاهلا، قال: أفلا تعلّمت حتى تعمل، فیخصمه، فتلک الحجة البالغة.(1)
1- تفسیر البرهان ج 1 ص560
الجهل بالتعلم لا یکون عذراً ص (146 - 147)
▲ الجهل بالتعلم لا یکون عذراً ص (146 - 147)
فیستفاد من ذلک ان الجهل بالتعلم، لا یکون عذراً، فاذا کان ترک الواجب مستنداً الى ترک التعلّم، یکون مستحقاً للعقاب، فیجب على المجتهد تعلم الاحکام و الأجزاء و الشرائط عن ادلتها التفصیلیة، و یجب على المقلّد تعلم الاحکام و الأجزاء و الشرائط عن تقلید.
و لا جل الاشکال المذکور، التزم المحقق الاردبیلى و من تبعه الى وجوب التعلم نفساً، و لکن المستفاد من الحدیث المذکور، هو وجوب التعلم من باب الطّریقیة و المقّدمیة.
و الّذى یکشف عن ذلک، ان المکلف اذا کان قادرا على التعلم و ترکه عمداً، ثم مات أوجن قبل دخول وقت الصّلاة، لا یکون، معاقبا جزما.
و قوله تعالى: أفلا تعلمت حتى تعمل، اقوى شاهد على ان التعلم، مقدمة للعمل و لیس واجبا نفسیاً.
ثم ان المکلف ان علم الابتلاء بالواجب فى المستقبل او احتمله، وجب علیه تعلّم المقدمات و الاجزاء و الشرائط و الموانع، و استصحاب عدم الابتلاء بالواجب فى المستقبل، و ان کان جاریا فى نفسه، الا انه فى المقام لا اثر له، فان التعلم واجب فى فرض احتمال الابتلاء وجدا ناً فان المستفاد من المعتبرة المتقدمة ان الواجب، منجز بالاضافة الى وجوب التعلّم، فى وقته، و لو قبل حصول شرط الوجوب، فلو توجه فى اوّل النهار أن الصّلاة واجبة علیه بعد زوال الشمس، فیجب علیه تعلم اجزاء الصّلاة و شرائطها، قبله، لأنّ الصّلاة ان ترکت فى وقتها لعدم التعلم، یستحق العقاب للحدیث المذکور.
و هذا بخلاف بقیة المقدمات، فلو کان عنده الماء بمقدار الوضوء، لا یجب علیه حفظه قبل دخول وقت الصلاة، فله اهراقه لعدم وجوب الطهارة المائیة علیه قبل دخول وقتها، و کذا الکلام فى الساتر و بقیة المقدمات.
نعم لو تمکن من الاحتیاط و علم طریقه و اراد الامتثال الاجمالى، لا یجب علیه تعلم المسائل، فمن شکّ فى أن وظیفته القصر أو التمام، یجوز له الجمع بینهما، فلا یجب علیه تعلّم الوظیفة الفعلیة و ان کان احوط.
و کذا الکلام فى الصّوم، کما اذا لم یعلم انه دائم السفر ام لا؟ صح له الصوم رجاء و القضاء بعد رمضان، و اذا لم یعلم ان الوظیفة هى الجمعة او الظهر، جاز ترک التعلم و الجمع بینهما.
وجوب تعلم مسائل الشک السهو ص (147 - 150)
▲ وجوب تعلم مسائل الشک السهو ص (147 - 150)
و لو لم یعلمها، لکن علم اجمالا ان علمه واجد لجمیع الاجزاء و الشرائط و فاقد للموانع، صحّ و ان لم یعلمها تفصیلا(1)
(مسألة 28) یجب تعلم مسائل الشک و السهو بالمقدار الذى هو محل الابتلاء غالباً(2) نعم لو اطمأنّ من نفسه انه لا یبتلى بالشک و السهو صح، عمله وان لم یحصّل العلم باحکامها(3)
(1) و ذلک لما تقدم من الامتثال الاجمالى فى عرض الامتثال التفصیلى فلواتى بالصلاة مع الاقامة و الاستعاذة و السورة و جلسة الاستراحة و القنوت و
تثلیث التسبیحات الأربع، یحکم بصحّتها و ان لم یمیز الواجب من المستحب.
(2) التقیید بالغلبة لا وجه له، فان ابتلى بالشک أو السّهو و امکن له الاحتیاط، صح عمله و لا یکون مستحقاً للعقاب، و ان لم یمکن له الاحتیاط، لا یحکم بصحة عمله، و ان لم یکن مورداً للابتلاء غالباً.
(3) الوجه فیه أن الإطمینان حجة، فلا یجب علیه تعلّم احکامها، فان لم یبتل، یحکم بصحة عمله، و أما لو ابتلى بهما و فات الواجب لعدم تعلّم احکامهما فقد یقال: انه مستحق للعقاب، لفوت الواجب لأجل ترک التعلّم.
و فیه أنه یتم فیما اذا کان التعلم واجبا نفسیا، و اما اذا کان واجباً طریقیاً، و مقدّمیا لاتیان الصّلاة الصّحیحة، فکما أنه لوقطع باتیان الصلاة الصحیحة فى وقتها بلا تعلم أحکام الشک و السّهو، و کان جهلا مرکباً، لا یمکن الحکم باستحقاق العقاب لعدم التقصیر، و کذا الکلام فى الإطمینان، فانه حجة کالقطع.
نعم لو لم یطمئن بعدم الابتلاء و قصّر بعدم التعلّم و لم یبتل بالشک و السهو صحّ عمله، و ان ابتلى وفات الواجب یکون مستحقا للعقاب.
ثم انه نسب الى الشیخ الاعظم الانصارى((قدس سره)) انه أفتى بفسق من ترک تعلم مسائل الشک و السّهو.
و ذکر فى وجهه أمور اربعة: الأول انّه یکون متجریا و مستحقا للعقاب لحرمة التجرى.
و فیه ان الشیخ((قدس سره)) لا یقول بحرمة التجرى، فلا وجه لهذا التوجیه.
الثانى أن التجرى و إن لم یکن حراماً، الاّ أنه یکشف عن عدم کون المتجرى عادلا لأنه کاشف عن عدم ملکة العدالة له.
و فیه أن المتجرى و ان لم یکن عادلا، الّا أنه لا یکون فاسقاً ایضاً فانه یتحقق بارتکاب الحرام و المتجرّى، لم یرتکبه، فهو لیس بعادل و لا فاسق، و الواسطة بینهما موجود، و هو من لم یحصل له ملکة العدالة، و لم یرتکب الحرام ایضاً، کالمکلّف فى أول اوان بلوغه، اذا لم یرتکب الحرام، فانه لیس بعادل لعدم الملکة و لیس بفاسق لعدم ارتکاب الحرام.
الثالث ان الوجه فى ذلک ان التعلم واجب نفسى، فترکه، موجب للفسق
و فیه أن الشیخ((رحمهم الله))، لم یلتزم بذلک، بل یراه واجباً طریقیاً، و لا یترتب على مخالفته الّا التّجرى، لا الفسق.
الرابع ما اختاره سیدنا الاستاذ((قدس سره)) من أن التجرى و ان لم یکن حراماً، الّا انه مانع، عن صدق العادل على المتجرى لان العدالة عبارة عن الاستقامة فى جادة الشرع و الحرکة بترخیص الشارع و اذنه، و المتجرى، لایصدق علیه عنوان الصالح و الخیّر و الموثوق بدینه، فانه لایبالى بالدین، و لا یعتنى باحتمال مخالفة الله و عصیانه، فلا بد من الحکم بفسقه، و هذا الوجه هو الصحیح، فما افاده الشیخ فى غایة المتانة.
و فیه ان مآل هذالوجه الى الوجه الثانى، فان العناوین المذکورة و ان لم تصدق علیه الا أنّ عنوان الفاسق ایضاً لا یصدق علیه، لعدم ارتکابه الحرام و لا لترک الواجب فاذا لم یکن التّجرى حراماً کما هو المفروض، فکیف یحکم بفسق المتجرّى.
و الظاهر ان مراد الشیخ(قدس سره ) أمر آخر، و هو ان تارک تعلم مسائل الشک و السهو، فاسق لأجل ترک الواجب، فان من یأتى بصلوات الخمس فى الاسبوع والشهور، یبتلى بحکم العادة بالشک والسهو احیانا، فبماانه لایعلم حکمهما، کان بعض صلواته مخالفاً للمأمور به، فیکون داخلا فى تارک الصّلاة.
حول وجوب التقلید فی المستحبات و المکروهات و المباحات ص (150 - 151)
▲ حول وجوب التقلید فی المستحبات و المکروهات و المباحات ص (150 - 151)
(مسألة 29) کما یجب التقلید فى الواجبات والمحرمات، یجب فى المستحبات(1) و المکروهات و المباحات.
بل یجب تعلم حکم کل فعل یصدر منه، سوا کان من العبادات او المعاملات او العادیات (2)
(مسألة 30) اذا علم ان الفعل الفلانى، لیس حراماً(3)
و لم یعلم انه واجب او مباح او مستحب او مکروه، یجوز له ان یأتى به لاحتمال کونه مطلوبا و برجاء الثواب، و اذا علم انه لیس بواجب، و لم یعلم انه حرام او مباح، له ان یترکه لاحتمال کونه، مبغوضاً.
(1) لا یکون التقلید فى الواجبات و المحرمات، واجباً تعیینیاً، بل للمکلّف ان یکون عاملا بالاحتیاط، فیأتى کلما هو مقطوع الوجوب او محتمله و یترک کل ما هو مقطوع الحرمة و محتملها، نعم اذا لم یعرف طریق الاحتیاط، لابد من التقلید.
و امّا المستحبات و المکروهات و المباحات مع عدم احتمال الوجوب و الحرمة فلا وجه لوجوب التقلید فیها، فان من یعلم ان الدعا عند رؤیة الهلال، لا یکون واجباً، بل اما مستحب او مباح، یأتى به برجاء الامر او یترکه و اذا علم ان النفخ فى الطعام، لا یکون حراماً، امّا مکروه أو مباح، فهو مخیر بین الفعل و الترک، فلا و جه لوجوب التقلید فیه.
و قد تقدم ان الأصل فى وجوب التقلید او الاحتیاط او الاجتهاد، هو فراغ الذمة عن الواجبات و عدم ارتکاب المحرمات، فاذا علم ان العمل لا یحتمل فیه الوجوب و لا الحرمة، فلا مقتضى لوجوب التقلید فیه للقطع بعدم العقاب.
و التقلید فى المعاملات ایضاً، انما هو للاجتناب عن اکل المال بالباطل و هو حرام.
(2) هذا اذا احتمل الوجوب أو الحرمة، و أما مع عدم إحتمالهما، فلا وجه لوجوب تعلم کل فعل صدر منه، فانه بلا موجب.
نعم فى المعاملة لابد من العلم بحکمها، لحرمة الربا و اکل المال بالباطل، و کذالکلام فى المعاملات بالمعنى الأعم، کالنکاح و الطلاق و الإرث، و أمثالها، فلو لم یعلم احکامها یقع فى الحرام.
(3) اذا تردد العمل بین الواجب و المستحب و المکروه و المباح، یتخیّر العامى بین التقلید و معرفة حکمه و بین الاحتیاط باتیانه رجاءً.
و اذا دار الأمر بین الحرام و غیر الواجب، کما جاز له التقلید، کذلک یجوز له الترک للاحتیاط و رجاء المبغوضیة. و اذا دار بین الواجب و الحرام فى الشبهة الحکمیة، لا یمکن له الاحتیاط بل لابد له التقلید و هو المتعیّن.
و أما اذا دار بین الواجب و الحرام فى الشبهة الموضوعیة، کما اذا شکّ فى آخر رمضان انه یوم منه لإحتمال کونه ثلاثین یوماً أو یوم عید لإحتمال کونه تسعة و عشرین یوماً، فیکون صومه حراماً، فاذا لم یثبت هلال شوال، یجب الصوم، لاستصحاب بقاء رمضان، و ان اراد الاحتیاط، فلابد من السفر، فان ثبت انه کان عیدا لیس علیه شى، و ان لم یثبت، یجب علیه قضاء یوم آخر رمضان.
وجوب العمل علی رأی الحادث عند تبدل رأی المجتهد ص (151 - 152)
▲ وجوب العمل علی رأی الحادث عند تبدل رأی المجتهد ص (151 - 152)
(مسألة 31) اذا تبدل رأى المجتهد، لا یجوز للمقلد البقاء على رأیه الأول(1)
(1) لانه اعتراف ببطلان الرأى الأول، و یستثنى منه ما اذا کان الرأى الأول، موافقاً لرأى الأعلم، فان الأدلة اللفظیة و ان تتساقط بالتعارض الا ان سیرة العقلاء، جاریة على الرجوع الى الأعلم، فتبدّل رأى غیر الأعلم لا أثر له.
ان قلت: ان کان هنا اعلم من الأول، لم یکن تقلید غیر الاعلم جائزاً، قبل تبدل الرأى، فکیف یتصور ذلک ؟.
قلت: عدم جواز تقلید غیر الأعلم انما هو فیما کان الاختلاف بینهما و لم یکن فتوى غیر الاعلم موافقاللاحتیاط، فلو فرض انه کان فتوا هما وجوب صلاة الجمعة فى عصر الغیبة، فقلد غیر الأعلم ثم تبدل رأیه و افتى بوجوب صلاة الظهر فى یوم الجمعة، یجب البقاء على رأیه الأول لأنه موافق لفتوى الأعلم.
و کذالکلام اذا کان فتوا هما، وجوب التسبیحات الاربع فى الأخیرتین، ثلاث مرات فعدل غیر الأعلم الى ان الواجب مرة واحدة، لا یجوز للمقلد الرجوع الى الرأى الجدید لانه مخالف للاحتیاط و لفتوى الأعلم.
فما فى المتن من عدم جواز البقاء على رأیه الأول، لا یتم على اطلاقه، بل لابد من التفصیل.
وجوب الاحتیاط عدول المجتهد عن الفتوی الی لتوقف و التردد ص (152)
▲ وجوب الاحتیاط عدول المجتهد عن الفتوی الی لتوقف و التردد ص (152)
(مسألة 32) اذا عدل المجتهد عن الفتوى الى التوقف و التردد، یجب على المقلد الاحتیاط او العدول الى الأعلم بعد ذلک المجتهد.(1)
(1) کما اذا قال: فیه اشکال أو تأمل او تردّد مثلا، فیجوز للمقلد العمل بالاحتیاط أو الرّجوع الى الأعلم بعده، لأن فتواه الأولیة سقطت عن الاعتبار.
التخییر فی التقلید اذکان مجتهدان متساویان ص (152 - 153)
▲ التخییر فی التقلید اذکان مجتهدان متساویان ص (152 - 153)
(مسألة 33) اذا کان هناک، مجتهدان متساویان فى العلم، کان للمقلد، تقلید أیهما شاء.(1) و یجوز التبعیض فى المسائل (2) و اذا کان أحد هما أرجح من الآخر فى العدالة او الورع او نحو ذلک، فالاولى بل الاحوط اختیاره.
(1) ان لم یعلم الاختلاف بینهما فى الفتوى، سواء علم الاتفاق او شک فیه و أما اذا علم الاختلاف بینهما، فهل یتخیر فى تقلیدأیهما شاء او یجب الاخذ باحوط القولین؟
لا شبهة فى ان مقتضى الاحتیاط، الأخذ بأحوطهما، و لکنه لا یبعد دعوى قیام السّیرة على عدم وجوب الأخذ بأحوط القولین، فانّ من یقلّد المجتهد، یعمل بفتواه مطلقاً سواء کانت فتوى الآخر، مخالفة لها أم لا؟.
و یؤکّد ذلک أن الامام((علیه السلام))ارجع السائلین الى الرواة فى موارد مختلفة و لم یشر فى شىء منها الى الاحتیاط او الأخذ بأحوط القولین، مع أنّ الاختلاف فى الفتوى بین الرّواة، لم یکن بعزیز. اللّهم الا ان یقال: إن اجوبه الرواة کانت بما سمعوه من الامام(ع) و الاختلاف فیه کان فى غایة الندرة و منشأه کان صدور البعض الروایات تقیة.
(2) بان یقلد فى بعض المسائل احد هما و فى البعض الآخر عن الآخر مادام لم یلزم بطلان العمل بفتوى کلاالمجتهدین ،کما اذاأفتى أحدهما بکفایة المرة فى التسبیحات الأربع و وجوب السورة فى الصلاة، وافتى الآخر بوجوب التثلیث فى التسبیحات و عدم وجوب السورة فى الصلاة، فلو أخذ بفتوى الأوّل بعدم وجوب التثلیث و بفتو الثانى بعدم وجوب السورة فى الصّلاة، فصلّى و اکتفى بتسبیحات الأربع مرة واحدة، و ترک السورة، کانت صلاته باطلة عند کلا المجتهدین لأجل ترک التثلیث فى التسبیحات و ترک السورة، و قاعدة الاشتغال، تقتضى اعادة الصلاة، لعدم قیام الحجة على الفراغ.
لزوم العدول الی الاعلم عمن یقول بحرمة العدول ص (154 - 155)
▲ لزوم العدول الی الاعلم عمن یقول بحرمة العدول ص (154 - 155)
(مسألة 34) اذا قلّد من یقول بحرمة العدول حتى الى الأعلم، ثم وجد أعلم من ذلک المجتهد، فالأحوط العدول الى ذلک الأعلم و ان قال الأول: بعدم جوازه. (1)
(مسأل 35)اذا قلد شخصاً بتخیل انه زید، فبان عمراً، فان کانا متساویین فى الفضیلة و لم یکن على وجه التقیید، صحّ و الّا فمشکل.(2)
(1) اذا وجد الأعلم، کانت وظیفته الرجوع الیه، فان افتى بالبقاء على تقلید غیر الأعلم، بقى علیه، و ان افتى بالرجوع الى الأعلم، لابد من الرجوع الیه، فان فتواه بعدم جواز الرجوع الى الأعلم، مخالفة لفتوى الأعلم، فلا تکون حجة، لما تقدم من أن الأدلة اللّفظیة، و ان تسقط بالتعارض فى مورد الاختلاف، الا ان سیرة العقلاء، جاریة على الرجوع الى الأعلم، کما نشاهد ذلک فى کل فنّ من الفنون، فلو اختلف الأعلم و غیره فى الطب، فقال احد هما: إن علاج المرض الفلانى، ذاک الدواء، و قال الآخر: العلاج بغیره، فالعقلاء یأخذون بنظر الأعلم منهما، و لا یعتنون بنظر غیر الأعلم.
الوجه فى ذلک أن غیر الأعلم بالنسبة الى الأعلم، یعدّ جاهلا، والعقلاء یرجعون الى العالم لا الجاهل، فالمبرّر لإختیار الأعلم، هو عین ملاک جواز التقلید، فکما ان رجوع الجاهل الى العالم، فطرى، کذلک الرجوع الى الأعلم.
(2) التقیید انما هو فى مقابل الاطلاق، فکما ان الاطلاق، لا یتصور بالنسبة الى الفرد الخارجى، فکذلک التقیید، و غایة ما یمکن ان یقصده المقلد، انى اقلد هذا الرجل بشرط کونه زیداً و مقیدا به،فان بان أنه زید، فلا اشکال، و ان ظهر انه عمرو فان علم ذلک قبل التقلید، لم یقلده و لکنه قلّده، و کشف انه بخلاف ما قصده و شرطه، لا یضر، فان تمام الموضوع لجواز التقلید، کونه، فقیها، جامعا للشرائط وعمرو کذلک على الفرض، فکماأن قصدکونه زیداً واشتراط ذلک، لا یکون من شرائط صحّة التقلید، فکذلک کونه عمرواً، لا یکون مانعاً شرعیاً عن التقلید، فاستناد العمل بفتوى الجامع للشرائط، موجب لفراغ الذمة و هومحقّق، و ان لم یتحقق کونه زیداً، فانه لا یضر.
و لا یقاس المقام على التقیید الواقع على الکلى، فلو قال المولى: إن أفطرت فى نهار رمضان، أعتق رقبة مؤمنة، فلو اعتق کافرة، لا یجزى، لان الموضوع للعتق حصة خاصة من الکلّى، و هى رقبة مؤمنة، و هو لم یتحقق، و عتق الکافرة لم یکن متعلقا للتکلیف، فکیف یجزى. بخلاف المقام، فان الموضوع هو اسناد العمل الى الفقیه الجامع للشرائط و هو قد تحقق.
و نظیر المقام هو ما اذا اعطى المالک زکاته للفقیر بشرط انه زید وبهذا لقصد فبان انه عمرو، فان کان فقیراً، لا اشکال فى فراغ ذمته، لان تمام الموضوع لفراغ الذمة اعطاء الزکاة للفقیر المؤمن، و هو متحقق، و اما کونه زیدا او عمرواً، فلا دخل له فى الموضوع اصلا.
و بعبارة أخرى روح التقلید هو تطابق العمل للواقع او الحجة، فلو عمل برهة من الزمان بلا تقلید، ثم انکشف انطباقه للواقع او فتوى المجتهد الجامع للشرائط، کفى فى فراغ ذمته، و محل کلامنا، لا یقصر عن ذلک، کما هو واضح، فلا اشکال فى ذلک اصلا.
طرق العلم بفتوی المجتهد ص (155 - 156)
▲ طرق العلم بفتوی المجتهد ص (155 - 156)
(مسألة 36) فتوى المجتهد، تعلم بأحد أمور: (الأوّل) ان یسمع منه شفاهاً. (الثانى) ان یخبر بها عدلان (الثالث) اخبار عدل واحد، بل یکفى اخبار شخص موثق یوجب قوله الاطمینان (1) و ان لم یکن عادلا.
(الرابع) الوجدان فى رسالته، فلابد ان تکون مأمونة من الغلط.
(1) قد حققنا فى الأصول حجیة خبر الثقة مطلقا. و السیرة القطعیة من العقلاء، قائمة على ذلک، فحجیة خبر العدلین، تثبت بالأولویة القطعیة.
على أن حجّیة البینة، ثابتة فى الفقه مطلقا، الا فى موارد خاصة، کالزنا و اللواط و السحق فانها، تحتاج الى اربعة شهود.
و لم یذکر الماتن الّا الأمور الأربعة، مع ان الفتوى، تثبت بالاستفتاء سواء کان المجیب هو المجتهد، او کان غیره و هو أمضاه، و کذا یثبت بالاطمینان.
و اما الشیاع المفید للظن، فلا حجیة فیه، لأن الظن لا یغنى من الحق شیئاً، و اما إذا افاد الإطمینان، فلا اشکال فى ثبوتها به، فانه حجة، مطلقا، لقیام السیرة العقلائیة على ذلک.
و هل یکفى فى نقل الثقة الوثوق النوعى او یعتبر الوثوق الشخصى ؟
الأقوى هو الثانى، فان المقلد، مادام لم یثق بفتوى المرجع، لیس له ان یعمل بها.
وأما ثبوتها بالوجدان فى الرّسالة العملیة، اذا کانت مأمونة من الغلط، فلا اشکال فیه، و یلحق بها الحواشى و التعلیقات على رسالة الغیر اذا کانت، مورداً لتأیید المحشّین، کالتعلیقات الکثیرة على العروة الوثقى.
و امّا ثبوتها بالرادیو و التلفزیون، فمتوقف على حصول الإطمینان.
اذا قلّد من لیس له اهلیة الفتوی ص (156 - 157)
▲ اذا قلّد من لیس له اهلیة الفتوی ص (156 - 157)
(مسألة 37) اذا قلّد من لیس له أهلیة الفتوى، ثم التفت وجب علیه العدول(1) و حال الاعمال السابقة، حال عمل الجاهل الغیر المقلّد، و کذا اذا قلّد غیر الأعلم، وجب على الأحوط، العدول الى الأعلم، و اذا قلّد الأعلم، ثم صار بعد ذلک غیره أعلم، وجب العدول الى الثانى على الاحوط(2)
(1) العدول، یتحقق فیما اذا قلد على طبق موازین الشرع، ثم اقتضت ان یراجع غیره، کما اذا شهد ت البینة على اعلمیة شخص، فقلّده، ثم انکشف أن الاعلم، کان غیره.
و أما اذا قلّد شخصاً للشیاع او قیام البینة على اجتهاده، ثم انکشف الخطاء و أنه لم یکن مجتهداً، وجب علیه ان یقلد أعلم الموجودین و هذا لا یکون عدولا بل یکون من التقلید الابتدائى.
و أعماله السابقة إن کانت موافقة لفتوى من رجع الیه، فهو و الاّ فلابد من الاعادة أو القضاء، لعدم تحقق التقلید من المجتهد، و ان لم یکن مستحقاً للعقاب لاستناده الى الحجة کاالبینة و الشیاع.
و اما اذا قلّده جزافا و بلا تحقیق، ثم علم انه لم یکن اهلا للفتوى، کان مستحقا للعقاب ایضاً لتقصیره فى الرجوع الى العالم.
(2) عدم فتواه بلزوم العدول، لعلّه لعدم العلم بالاختلاف فى الفتوى بین الأعلم و غیره، و الاّ فیجب العدول على التفصیل الذى قد تقدم.
و أمّا الأعمال السابقة، فالظاهر عدم لزوم القضاء فیها لحدیث لاتعاد و للسیرة القطعیة القائمة على عدم لزومه.
اذا کان الاعلم منحصراً فی شخصین ص (157 - 159)
▲ اذا کان الاعلم منحصراً فی شخصین ص (157 - 159)
(مسألة 38) اذا کان الأعلم، منحصرا فى شخصین و لم یمکن التعیین، فان أمکن الاحتیاط بین القولین، فهو الأحوط، و الا کان مخیرا بینهما(1)
(1) الاحتمالات ثلاثة: (أحدها) أن یعلم انهما أما متساویان أو احدهما أعلم و احتمال الاعلمیة، کان فى کل منهما على الآخر.
(ثانیهما) أن یعلم أنه لا تساوى بینهما و أن أحدهما أعلم من الآخر و لکنه لا یدرى انه زید أو عمرو
(وثالثها) أن یعلم أنهما إما متساویان أو أن زیداً هو الأعلم، و لا یحتمل أعلمیة عمرو.
لا شبهة فى أنه ان لم یعلم الاختلاف بینهما فى الفتوى، یتخیر الملکف بینهما، بلا فرق بین الاحتمالات الثلاثة.
و ان علم الاختلاف، فان امکن الاحتیاط، فالاحوط هو الأخذ باحوط القولین، لان ادلة الحجیة لا تشمل کلیتهما، للزوم التناقض، و لا أحدهما للزوم الترجیح بلا مرجح، فلا دلیل على حجیة شئ منهما، فیما اذا نعلم بالتکالیف الإلزامیة فى الشرع الاقدس، فالراجح هو الراجح هو الأخذ بأحوط القولین، لیحصل الیقین بفراغ الذمة، و فى هذالفرض، لا اثر للظّن بالأعلمیة، لأن الاخذ بقول مظنونها لا یوجب الاّ الظن بفراغ الذمة و الاخذ باحوط القولین، یوجب الفراغ الیقینى، فیقدم علیه بلاشبهة.
و لکن الکلام فى وجوب هذا الاحتیاط و عدمه؟
و قد ادّعى السید الحکیم((قدس سره)) الاجماع على عدم وجوب الاحتیاط; و تؤیدها بل یؤکدها السیرة القطعیة الجاریة بین المتشرعة فى رجوع الجاهل الى العالم بلا فرق بین امکان الاحتیاط و عدمه، فان الاختلاف فى الفتوى بین المجتهدین غیر عزیز، و مع ذلک نرى أن المقلّدین یراجعون الى فتوى أحدهم، بلا فرق بین ان تکون موافقة لفتوى غیره او مخالفة لها و بلافرق بین ان تکون موافقة للاحتیاط أو مخالفة له.
فعلیه لو کان احدهما مظنون الأعلمیة او محتملها، یتعین الأخذ بفتواه، لدوران الأمر بین التعیین و التخییر، و مقتضى القاعدة فى مقام الحجیة، هوالأخذ بالتعیین، لأنّ الأخذ بفتواه یوجب العلم بالفراغ و الأخذ بفتوى الآخر، یوجب الشک با الفراغ.
و أمّا على الإحتمال الثانى، فان کان أحدهما، مظنون الأعلمیة و الآخر موهومها فلابد من الأخذ بالمظنون الأعلمیة، لمزیته على الآخر فان التخییر انما هو فیما اذا لم یکن لأحدهما مزیة على الآخر، فیدخل فى دوران الامر بین التعیین و التخییر لأنه لا یحتمل ان یکون موهوم الاعلمیة حجة و المظنون الأعلمیة، لیس بحجة.
و یجرى هذا البیان على الإحتمال الأول ایضاً، فان الظن بالأعلمیة، یوجب مزیة فتواه، على فتوى الآخر، فیدور الأمر بین التّعیین و التخییر. و اما على الاحتمال الثالث، فلابد من ان یقلّد زیداً لاحتمال اعلمیته و عدم احتمال أعلمیة الآخر، فبدور الامریین التعیین و التخییر و مقتضى القاعدة هو التعیین.
جواز البقا عند الشک فی موت المجتهد او تبدل رأیه ص (159)
▲ جواز البقا عند الشک فی موت المجتهد او تبدل رأیه ص (159)
(مسألة39) اذا شکّ فى موت المجتهد أو فى تبدّل رأیه أو عروض ما یوجب عدم جواز تقلیده (1) یجوز له البقاء الى أن یتبیّن الحال.
(1) کالجنون والفسق و الانحراف و النسیان، یجرى استصحاب الحیاة و العقل و العدالة و الایمان و عدم النسیان و عدم تبدل الرأى، فیجوز البقاء على تقلیده، و حیث أن الشبهة موضوعیة، فلا یجب الفحص عن حاله، حتى یتبین الحال، فیحکم بصحة أعماله و ان کانت مسبوقة بالموت او الجنون او الفسق مثلا.
حول عبادة من کان بلا تقلید مدة من الزمان ص (159 - 174)
▲ حول عبادة من کان بلا تقلید مدة من الزمان ص (159 - 174)
(مسألة40) اذا علم أنّه کان فى عباداته بلا تقلید مدة من الزمان و لم یعلم مقداره، فان علم بکیفیتها وموافقتها للواقع، او لفتوى المجتهد الذى یکون مکلّفاً بالرّجوع الیه فهو(1) و الاّ فیقضى المقدار الذى یعلم معه بالبرائة على الأحوط وإن کان لا یبعد جوازالاکتفاء بالمقدار المتیقن(2)
(1) لا شک فى أنه إن تبیّن موافقته لفتوى من یقلده فعلا یحکم بصحته، و کذا یحکم بصحته، اذا بان ان عمله، کان موافقاً لفتوى من کان اعلم من المجتهد الفعلى، و لکنه مات، فان العمل الموافق لفتوى الأعلم، یحکم بصحته و ان کان مخالفاً لفتوى الحى الّذى هو دونه فى العلم فان الاختلاف ان کان بینهما، جرى سیرة العقلاء على ترجیح الأعلم و الرّجوع إلیه.
فان لم نقل بوجوب البقاء على تقلیده لعدم الاستناد حین العمل، فلا شبهة فى الحکم بصحته اذا انکشف المطابقة .
فما افاده الأستاذ((قدس سره)) من أن الطریق الى استکشاف مطابقة عمله، للواقع هو فتوى المجتهد الّذى یجب علیه تقلیده عند الالتفات، دون المجتهد الذى کان یجب تقلیده حین العمل، لسقوط فتواه عن الحجیة بالموت او بغیره من الاسباب، لایمکن المساعدة علیه، فان الحجة التعیینیة له، کان العمل بفتوى الاعلم الموجود حین العمل، و المفروض مطابقته لها، فاىّ مانع من الحکم بالصّحة.
و أما ان کان مساویاً للحى الفعلى او کان الحى اعلم، فالعبرة بالمطابقة لفتواه لامحالة لعدم قیام السیرة على ترجیح المیت هنا.
و اما اذا انکشف مخالفته لفتوى الأعلم الفعلى، فان کانت فى الخمسة الرکنیة: کالوقت و الطهور و القبلة و الرکوع و السجود، فلا اشکال فى وجوب الاعادة فى الوقت و القضاء فى خارجه، لحدیث لا تعاد المتقدمة.(1)
و أما لو کان عمله، موافقاً للاعلم حین العمل، و مخالفا للمرجع الفعلى، فمقتضى اطلاق کلام الاستاذ، الحکم بالاعادة.
قال((قدس سره)): فاذا افتى بأن الواجب على من احد ث بالاکبر و تیمّم لعدم تمکنه من الاغتسال، ثم أحدث بالاصغر، هو الوضؤ دون التیمّم، و المفروض ان المکلّف یتمّم لصلاته، کشف ذلک عن ان عمله کان مخالفا للواقع، لفقده الطهور الذى هو رکن الصّلاة، فوجوب الاعادة و القضاء فى هذه الصّورة، مما لا ینبغى التوقف فیه حتى على القول بعدم وجوب الاعادة فى موارد تبدل الاجتهاد و العدول، لما ادعى من الاجماع و السیرة على عدم وجوبهما.
و ذلک، لأنا لو سلمنا هما و التزمنا فى تلک الموارد بالاجزاء، فهو امر قلنا به على خلاف القاعدة، لانها تقتضى وجوب الاعادة و عدم الاجتزاء بما اتى به، و معه لابد من الاقتصار فیه على موردهما، و هو ما لو صدر العمل عن الاستناد الى فتوى من یعتبر قوله فى حقه، او على الاقل صدر عن العلم بفتواه، بان کانت وصلت الحجة الیه.
و اما من لم یستند فى عمله الى حجة شرعیة، و لا أن فتوى المجتهد السائغ تقلیده و صلت إلیه، فلا تشمله السیرة و الاجماع بوجه.
و اما اذا کان عمل العامى، مخالفا للواقع لفقده شیئاً من الأجزاء و الشرائط غیر الرکنیین کما اذا اتى بالتسبیحات الأربع مرة واحدة، أو صلّى من دون سورة، و قد افتى المجتهد الفعلى بوجوب التسبیحات ثلاث مرات، أو بوجوب السورة فى الصّلاة، فالصحیح عدم وجوب الاعادة و القضاء، اذا لم یکن ملتفتا حال عمله و مترددا فى صحته حین اشتغاله به، و ذلک لحدیث لا تعاد، لأنّه یشمل الناسى و الجاهل القاصر و المقصر کلیهما.
و فیه أولا، ان التیمّم الذى اتى به الجاهل الجنب ان کان موافقاً لفتوى الأعلم فى ذلک الوقت، لابد من الحکم بصحته، لان الملاک فى صحة العمل، هو تطابقه بفتوى الأعلم، و تمشّى قصد القربة منه، و کلا هما تحقق على الفرض، و الذى فقد هو الاستناد الى فتواه و لا دلیل على اعتباره.
و ثانیاً انه لو تنزلنا عن ذلک، فنقول: اذا تیمّم و صلّى، لا یصدق ان صلاته فاتت، فلا یجب علیه القضاء، فانه بأمر جدید. و موضوعه الفوت و هم لم یحرز.
ثم إنّ المحقق النائینى((قدس سره)) استشکل على شمول حدیث لا تعاد للجاهل بلا فرق بین القاصر و المقصّر، و قال: باختصاصه بالناسى و ان الظاهر المستفاد من قوله((علیه السلام)): لا تعاد الصلاة، ان المکلّف الذى تترقب منه الاعادة و هو قابل فى نفسه لا یجابها، لا یجب علیه الاعادة تفضلا من الشارع فیما اذا کان عمله، فاقداً لغیر الخمسة المذکورة فى الحدیث، فان المکلف الذى تترقب منه الاعادة بمعنى ان من شأنه ان تجب فى حقه، هو الذى ینفى عنه وجوبها و لایکلّف بالاتیان بنفس المأمور به، و اما من لا تترقب منه الاعادة و لا ان من شأنه ان یکلّف بها لانه مکلّف باتیان الواقع نفسه، فلا معنى علیه بالاعادة، او ینفى عنه وجوبها بالحدیث لانه مأمور بالاتیان بنفس الواجب الواقعى، و هذا بخلاف ما لو لم یکن مکلفا بالواقع و الاتیان بنفس المأمور به.
و لا یتحقق هذا بغیر الناسى بوجه، لانه لنسیانه و عدم قدرته على الاتیان بالواجب نفسه، قابل للامر بالاعادة، و معه یصح ان ینفى عنه وجوبها عند التفاته الى عمله، فیصح ان یقال: ایها الناسى للسورة فى الصلاة، اعدها او لا تعدها تفضلا.
و اما الجاهل، فهو مکلّف بالواجب نفسه، فان الاحکام الواقعیة، غیر مختص بالعالمین بها، و غایة الأمر أن الجهل معذر من حیث العقاب اذا کان مستندا الى القصور، و مع انه مکلف بالواقع، و هو ایضاً، متمکن من الاتیان به، لا معنى للأمر باعادته، و مع عدم قابلیة المورد للامر بالاعادة، لا یمکن ان ینفى عنه وجوبها بالحدیث، فانه حینئذ من توضیح الواضح لانه غیر مکلف بالاعادة فى نفسه، فما معنى نفى وجوبها عنه بالحدیث، اذا الحدیث غیر شامل للجاهل باقسامه.
و قد استشکل علیه سیدنا الاستاذ((قدس سره)) قال: أما اولا فلأنه لو تم فانما یختصّ بالجاهل الملتفت الذى یتردّد فى صحة عمله و بطلانه لأنّه متمکن من الاتیان بالواجب الواقعى و لو بالاحتیاط، و أما المعتقد صحة عمله من جهة التقلید او غیره فهو والناسى سواء، لعدم قابلیته للتکلیف بالواجب نفسه لعدم قدرته على الاتیان به و لو بالاحتیاط، فانه یعتقد صحته و من الظاهر ان التمکن من الامتثال شرط لازم لکل تکلیف و خطاب، فاذا لم یکن المکلّف مأمورابالواقع، فلا مانع من الامر بالاعادة فى حقه کما مر، فاذا صحّ تکلیفه بالاعادة، صحّ ان ینفى عنه وجوبها بالحدیث.
و أما ثانیاً، فلأن الجاهل اذا صلّى من دون سورة حتى دخل فى الرکوع واحتمل أن تکون السّورة واجبة فى الصّلاة، فهل یکلّف باتیان الواقع نفسه، مع عدم امکان تدارکه لتجاوزه عن محلّه؟ لا ینبغى الشبهة فى عدم کونه مکلّفا بنفس المأمور به لعدم امکان تدارکه و معه یدور الأمر بین الحکم بوجوب المضى فى صلاته، مع عدم شئ علیه و الحکم بوجوب الاعادة علیه، اذاً وجوب الاعادة لا ینحصر بالناسى و الجاهل المعتقد صحة عمله، بل یجرى فى حق الجاهل الملتفت ایضاً اذا تجاوز عن محل الواجب المقرر له و لم یتمکن من تدارکه و مع امکان ایجاب الاعادة فى حقه، لامانع من ان ینفى عنه وجوب الاعادة بالحدیث. قلت: أما الاشکال الأوّل، فوارد على النائینى((قدس سره)) و لا مفرّ منه.
و أمّا الاشکال الثانى، فغیر وارد علیه، فان الجاهل المقصر مأمور بالواقع المأمور به فلابد له من إتیانه و جهله لا یکون عذراًحتى لا یکون مأموراً بالاعادة عند ترک غیر الأرکان، فانه یکون تفضلا منه تعالى على المعذور، وهو منحصر فى الناسى و المعتقد للصحة لأجل التقلید أو الإجتهاد.
فکما أن العامد لترک غیر الأرکان، لایکون مشمولا للحدیث بالاتفاق، فکذلک الجاهل المقصر، فانه ملحق به، فاذا ترک السورة و دخل فى الرکوع، یکون مأمورا بنفس اتیان المأمور به، و هى الصلاة مع السورة، و هى بلا سورة، لم تکن متعلّقة للأمر، فهو قبل الدخول فى الرکوع و بعده، یکون مکلفاً باتیان الصلاة مع السورة، فکیف یشمله حدیث لاتعاد.
ثم انه قد یستدلّ على بطلان عمل الجاهل المقصّر، اذا خالف الواقع بالاجماع حیث ان الفقهاء قالوا: إن الجاهل المقصّر عامد، و مقتضاه بطلان عمله اذا خالف الواقع و استثنوا من ذلک الجهر فى موضع الاخفات و العکس و الاتمام فى موضع القصر بالاجماع، فتصح صلاته و ان کان ذلک عن جهل تقصیرى، فلو کان اعمال الجاهل المقصر محکومة بالصّحة مطلقاً، لم یکن الوجه لا استثناء الموردین من
الحکم بالبطلان.
و ناقش سیدنا الاستاذ فى هذا الوجه بان القدر المتیقن من الاجماع المّدعى ان الجاهل المقصر کالمتعمد من حیث استحقاقه العقاب، و هو امر موافق للقاعدة، نلتزم به و ان لم یکن هناک اجماع بوجه، و ذلک لاستقلال العقل به، فان الحکم قد تنجز علیه بالعلم الاجمالى على الفرض، فاذا لم یخرج عن عهدته، استحق العقاب على مخالفته.
و اما الاجماع على بطلان عمله وانه کالمتعّمد فى مخالفة الواقع، فلم یثبت بوجه فان الاجماع المدعى لیست باجماع تعبدى لیتمسک باطلاق معقده و انما یستند الى حکم العقل او ما یستفاد من الادلة الشرعیة من ان الجاهل المقصر، یعاقب بمخالفته للواقع و هما انما یقتضیان کونه کالمتعمد من حیث العقاب لا البطلان، فان المدارفى الصّحة و الفساد کما تقدم موافقة العمل او مخالفته للواقع، فاذا فرضنا ان عمله مطابق للواقع الامن ناحیة بعض الاجزاء و الشرائط غیر الرکنیتین و الاخلال به لم یکن موجبا للاعادة و البطلان، لم یکن وجه لوجوب الاعادة و القضاء علیه.
على أن فقهائنا((قدس سرهم))، لم یلتزموا بذلک و لم یجروا احکام المتعمد على الجاهل المقصر فى جملة من الموارد:
منها ما لو اعتقد زوجیة إمرأة، فوطأها، فان المتولّد من ذلک الوطأ یلحق بأبیه، مع انه على ذلک زنا فى الواقع و المتولد منه ولد زنا، الاّ أنهم لایلتزمون باجراء احکام زنا علیه، و لا یرتبون على الولد، احکام المتولد من الزنا.
و (منها) ما لو عقد على امرأة ذات بعل او معتدة، معتقداً لعدم کونها کذلک، فانهم لم یحکموا بحرمتها علیه، مع انه على ذلک من العقد على المعتدة أو على ذات بعل، متعمداً.
و (منها) ما لو افطر فى نهار شهر رمضان عن جهل تقصیرى، فانا، لانلتزم فیه بالکفارة مع ان الجاهل المقصّر، لو کان کالمتعمد، و جبت علیه الکفارة لا محالة، فمن هذا یستکشف عدم تحقق الاجماع على بطلان عمل الجاهل المقصّر بوجه. و فیما افاده((قدس سره)) مواقع للنّظر:
الأول ان قول الفقهاء: الجاهل عامد، ظاهر فى البطلان، فکما ان السورة لو ترکت عمداً بطلت الصلاة فکذلک اذا ترکت عن جهل تقصیرى فان الفقهاء فى الفقه، یبحثون عن الصحة و الفساد، لا الثواب و العقاب فان البحث عن ذلک، فى علم الکلام، لا الفقه.
و یشهد لذلک استثناء الفقهاء، صحة صلاة الجاهل المقصر اذا اخفت فى موضوع الجهر او اجهر فى موضع الاخفات او اتم فى مورد القصر، فان الاستثناء المذکور، استثناء عن الفساد، لا عن استحقاق العقاب و هذا اکبر شاهد على ان قولهم: الجاهل المقصر عامد، ناظر الى بطلان صلاته الا فى الموارد المذکورة و لا نظر له الى عدم استحقاق العقاب فى الموارد المذکورة، فما ذکره الاستاذ من ان کلامهم هذا ناظر الى استحقاق العقاب، ساقط جزماً.
الثانى ان ما ذکره أنه لواعتقد زوجیة امرأة فوطأها الخ
فنقول: إن هذا وطأ شبهة لاشتباه الموضوع و لاربط له بان الجاهل عامد فانّ المعتقد للزوجیة و ان کان جاهلا بالموضوع بالجهل المرکب الاّ انه لا یکون داخلا فى الجاهل المقصّر، فانه محل الکلام فى الشبهات الحکمیة، و لا ربط له باعتقاد الخلاف فى الموضوع، کما فى المثال المتقدم.
و منه یظهر الاشکال فى المثال الثانى، فانه ایضاً داخل فى الجهل المرکب و لا یکون داخلا فى الجاهل المقصر، کما هو واضح.
و بعبارة أخرى، کلام الفقهاء، الجاهل عامد، یراد منه أن الجاهل بالحکم تقصیراً، عامد فیحکم ببطلان عمله اذا کان فاقد اللجزء أو الشرط، و لا یکون جهله عذراً، و امّا الشبهات الموضوعیة، فبما أن الفحص فیها لا یجب، یکون الجهل فیها عذراً، فالتقصیر لا یتصور فیها.
و اما الجاهل المقصر اذا افطر فى نهار رمضان عن جهل، فالاکثر على انه یوجب الکفارة، کالمرحوم میلانى و الشاهرودى و الامام الخمینى و الگلپایگانى، و الحکیم و غیرهم((قدس سرهم)).
نعم سیدنا الاستاذ الخوئى، لم یلتزم فیه بالکفارة.
و الاظهر هو الأوّل، فان الاطلاقات تشمل الجاهل خصوصاً المقصر، فانه قد افطر عن جهل عمداً، و هو لا یکون عذراً.
و قد یقال: إن مقتضى الاحتیاط فى الموارد المهمة کالفروج و الاموال و النفوس هو الاجتناب عن وطى الشبهة و النکاح فى مورد احتمال المرأة ذات بعل او فى العدة أو أنها أخت رضاعیة، فلو لم یجتنب فى الموارد المذکورة و صادف الحرام، یکون مستحقا للعقاب.
قلت: ما ذکر من لزوم الإحتیاط فى الموارد المهمة، لا اصل له اصلا، فان القواعد الکلیة کما تجرى فى موارد غیر المهمة، تجرى فیها ایضاً، فاذا شک فى أن المرأة الفلانیة اخت رضاعیة ام لا؟ یرجع الى اصالة عدم تحقق الرضاع، فیجوز التزویج، و الاحتیاط بالاجتناب استحبابى،
و اذا علم أن فلاناً کافر حربى و مضى برهة من الزمان و احتمل انه أسلم لا یجب الفحص، فیجوز قتله و اغتنام أمواله. و لو صاد ف رجلا یحتمل کونه حربیاً، لا یجوز قتله و لا اغتنام امواله، لا صالة عدم کونه حربیاً و قد جرى بناء العقلاء على احترام البشر و حفظ حقوقه، و لم یردع عنه الشارع الاّ فى الحربى و النّاصبى و المرتد، فانّهم لا احترام لهم، بل أوجب الشارع قتلهم مع التمکن و عدم الأضرار بالنفس و غیرها من المؤمنین، و الفرق انما هو فى أموالهم، فانهامن الحربى و الناصبى یجوز أخذها و اغتنامها، أما المرتد، فتنتقل أمواله الى ورثته المسلمة فلا یجوز اخذها.
و أما اذا اعتقد زوجیة امرأة أو اعتقد أنها خلیة، فتزوجها، فهو من الوطى الشبهة اذا انکشف انها اجنبیة او ذات بعل، و لیس داخلا فى عمل الجاهل المقصّر، بل لا یتصور فیه، فان العقیدة امر قهرى، یحصل للانسان احیاناً، و قول المرأة مسموع فى انها خلیة و غیر معتدة.
هذا کله حول انکشاف عدم مطابقة عمل الجاهل المقصر لفتوى من یرجع الیه فعلا.
و اما اذا انکشف ان عمله موافق لفتواه، فلا حاجة الى الاعادة او القضاء فان الذى فات هو الاستناد الى الفتوى، و لادلیل على اعتباره فى صحة العمل.
و اما اذا لم ینکشف ان اعماله السابقة، کانت موافقة لفتوى المرجع او مخالفة لها لنسیانه صورة العمل الذى أتى به، فهل یحکم بصحته أو فساده و جهان:
استدل للأوّل بموثقة محمد بن مسلم عن ابى جعفر((علیهما السلام)) قال: کلّما شککت فیه مما قد مضى، فامضه کما هو.(2)
و بما رواه ایضاً عن أبى عبدالله((علیه السلام)) قال: سمعت ابا عبدالله((علیه السلام)) یقول: کلّما مضى من صلاتک و طهورک، فذکرته تذکراً، فامضه و لا اعادة علیک فیه.(3)
و هذه الرّوایة و ان کانت ضعیفة لاجل موسى بن جعفر الواقع فى السند الا أنها مورد لعمل الاصحاب و موافقة للأولى، فلا بأس بها.
و مقتضا هما ان الشک بعد العمل و الفراغ منه لا عبرة به مطلقاً.
و استدل للثانى بروایتین: احدیهما حسنة بکیربن اعین قال: قلت له: الرجل یشک بعد ما یتوضّأ؟ قال هو حین یتوضأ اذکر منه حین یشک.(4)
ثانیتهما روایة محمد بن مسلم عن ابى عبدالله((علیه السلام)) انه قال: اذا شک الرّجل بعد ما صلّى، فلم یدر اثلاثاً صلى ام اربعاً و کان یقینه حین انصرف انه کان قد أتم، لم یعد الصلاة و کان حین انصرف اقرب الى الحق منه بعد ذلک.(5)
و هاتان الروایتان تدلان على ان العلة فى قاعدة الفراغ هى الاذکریة و الاقربیة للحق و الواقع، فعلة الحکم بصحة العمل بعدالفراغ ان العامل حین العمل کان متوجهاً و ذاکراً و عاملا بالحق و الواقع و کلّما مضى الزمان، یعرض النسیان للانسان، فعلیه لاتجرى القاعدة بالنسبة الى الجاهل لانّه لا یتصور له الاذکریة و الاقربیة الى الواقع لعدم علمه به، فصحة عمله رهینة للصدفة و الاتفاق، لا من جهة الطبع و العادة.
فعلیه لابد من الرّجوع الى الأصول العملیة، أما بالنسبة الى الاعادة فمقتضى الأصل هو الاحتیاط لأنّ الاشتغال الیقینى یقتضى البرائة الیقینیة، فلو توجه فى الوقت انه اتى بالعمل بلا تقلید و لم یذکر صورة العمل، لابد من الاعادة بعد التقلید.
و أمّا بالنسبة الى القضاء فان قلنا بأن القضاء تابع للأداء و أن الأمر بالموقت یکون من باب تعدد المطلوب، فالمطلوب الأوّلى هو الاتیان فى الوقت، فان لم یأت به فیه، یکون المطلوب الاتیان بالعمل الى آخر العمر، فایضاً یجرى قاعدة الاشتغال، فان الأمر قد توجه الیه یقیناً و الشک انما هو فى الفراغ.
و کذ الکلام إن قلنا: إن القضاء بامر جدید و موضوعه الفوت و هو امر عدمى و عبارة عن عدم اتیان الواجب فى الوقت، فباستصحاب عدمه فى الوقت، یحرز الفوت، فیجب الإتیان بالقضاء الى آخر العمر.
و أما إن قلنا: إن الفوت أمر وجودى و هو بمعنى الذهاب من الید أو من الکیس، فلا یجب القضاء لعدم احراز موضوعه و هو الفوت فانه لازم لعدم اتیان الواجب فى الوقت لا انه نفسه، فاثباته بالاستصحاب یکون مثبتاً، فلا حجیة فیه.
(2) الاقوال فى المسألة ثلاثة، الاوّل ما ذهب الیه سیدنا الاستاذ((قدس سره)) من الاکتفاء بالقدر المتیقن و هو الاقل.
الثانى ما ذهب الیه صاحب الحاشیة (و هو الشیخ محمد تقى((قدس سره))) و هو وجوب الاتیان بالاکثر، حتى یحصل الیقین بالبرائة.
الثالث ما نسب الى المشهور من الاتیان بالقدر الذى یظن معه بالبرائة ولا یخفى ان محل الکلام لیس فیما اذا دارالأمرفیه بین الاقل والا کثر فى اصل توجه التکلیف، فانه مورد للبرائة عند الجمیع کما اذا شک فى انه اقترض من زید تسعة دراهم او عشرة، فان توجه التکلیف بالنسبة الى العشرة مشکوک فیه من الأول، فیرجع فیه الى اصالة البرائة من الزائد على القدر المتیقن.
و محل الکلام انما هو فیما اذا علم ان سنة واحدة مثلا قد مضت من حین بلوغه و اتى بالصلاة بلا تقلید و لم یعلم صورة ما أتى به حتّى یطبقه بفتوى المجتهد، و یحتمل مطابقته لفتوى المجتهد من باب البخت و الاتفاق و الصدفة.
قال الاستاذ((قدس سره)): و الصحیح انه یقتصر بقضاء المقدار الّذى یتیقن فواته و بطلانه، و اما الزائد المشکوک فیه فیدفع وجوب القضاء فیه بالبرائة و ذلک لأن القضاء بالامر الجدید و موضوعه الفوت و هو مشکوک التحقّق فى المقدار الزائد عن القدر المتیقن، و الأصل عدم توجه التکلیف بالقضاء زائدا على ما علم بفوته.
و توضیحه أنّ المکلّف فى محل الکلام و أن علم بتنجز التکلیف علیه سنة واحدة و کان یجب ان یصلّى فى تلک المدة مع التیمم مثلا لا مع الوضؤء الا انه عالم بسقوط هذا التکلیف فى کل یوم للقطع بامتثاله أو عصیانه، فسقوط التکلیف المنجز معلوم لا محالة و انما الشک فى سببه و انه الامتثال او العصیان لانه جاهل مقصّر على الفرض و حیث أن القضاء بامر جدید، و موضوعه الفوت و هو معلوم التحقّق فى مقدار معیّن، و الزائد علیه مشکوک، فالشک فى وجوب قضائه شک فى توجه التکلیف الزائد فیدفع بالبرائة; و استصحاب عدم اتیان المأمور به فى المدة الزائدة، لا یترتب علیه اثبات عنوان الفوت، کما مرّ غیر مرة. إنتهى ملخصاً.
و فیه أن ما أفاده((قدس سره))، ینفى التصریح بوجوب القضاء بمعنى انه لم یقم علیه الدلیل الصریح، و لکنه لا ینفى وجوبه من باب الاحتیاط، فان التکلیف کان منجزاً على الجاهل المقصر، و سقوطه إما بالامتثال و إما بالعصیان، لا ینفع فى نفى وجوب الاحتیاط من باب دفع الضّرر المحتمل، فنقول: یجب على المقصر القضاء من جهة الاحتیاط و احتمال الفوت، فانه موجب لاحتمال، استحقاق العقاب، و الذى ینفع فى نفى وجوبه هو احراز الامتثال، و هو بعد غیر محرز.
و ملخص الکلام، ان التکلیف المنجز لابد فى سقوطه من تحقق الامتثال و هو بعد غیر محرز، و سقوطه امّا بالامتثال و اما بالعصیان، لا ینفع لانه لا یوجب الأمن من العقوبة و دفع الضّرر المحتمل.
و بعبارة اخرى یجب على المکلف امتثال أو امر المولى اما بالاجتهاد و اما بالتقلید و امّا بالاحتیاط، و الا و لان کلا هما مفقود على الفرض، فلم یبق الاّ الاحتیاط و هو موجب للامن من العقوبة، و احتمال سقوط الامر فى الوقت بالعصیان، موجب لاحتمال العقوبة، فلابد من سدّ هذا لاحتمال بالاحتیاط و تحصیل المؤمن.
ثم استشکل الاستاذ((قدس سره)) على صاحب الحاشیة بانّه لا یرجع الى محصّل لان التنجز ید ور مدار المنجز حدوثاً و بقاء، فیحد ث بحدوثه کما انه یرتفع بارتفاعه و من هنا قلنا بجریان الأصول فى موارد قاعدة الیقین لزوال الیقین بالشک السارى لا محالة، و مع زواله یرتفع التنجز اذ لا معنى للتنجّز من غیر منجز، فلا یکون مانع من جریان الأصول فى موردها، فاذا علم بنجاسة شىء، ثم شک فى مطابقة علمه و مخالفته للواقع، جرت فیه قاعدة الطهارة، و لا یعامل معه معاملة النجاسة بوجه، اذلا منجز لها بقاء، و على ذلک فالمکلّف فیما مثل به و ان کان علم بوجوب قضاء الصلاة فى الیوم الاوّل، و لأجله تنجّز علیه وجوب القضاء الا أنه عند الشک و التردد بین الاقل و الاکثر، لاعلم له بما فاتته من الصلوات و اذا زال العلم زال التنجز لا محالة، و لا یکفى العلم السابق بحدوثه فى التنجز بحسب البقاء و من ثمة اذا استدان من زید متعدداً و تردد فى انه الاقل او الاکثر، جرت البرائة عن وجوب رد الاکثر، مع العلم بتنجّز وجوب رد العین حین استلامها من الدائن و انما تردد بعد وصولها و تنجز الأمر بالاداء و لا وجه له سوا ما قدّمناه من ان التنجز، یرتفع بارتفاع العلم الذى هو المنجز، فان وجوب دفع ما أخذه انما کان متنجّزا مادام عالما بالحال، فاذا زال، زال التنجز لا محالة و جرى الاصل بالاضافة الى المقدار الزائد المشکوک فیه. انتهى ملخصاً.
الجواب عن ذلک: أما أولا، فبأن العلم و التّنجز فى المقام باق، فانه یعلم بتنجز وجوب الصلوات فى أوقاتها، و الشک انما هو فى فراغ الذمة عمّا اشتغلت به یقیناً، و قد عرفت ان سقوط التکلیف بخروج الوقت، لا یکون مؤمّناً و المؤمن منحصر بالامتثال إمّا فى الوقت او فى خارجه.
و عدم العلم بالفوت الزائد على المتیقن، لا ینفع فى حصول المؤمن.
و ثانیاً ان قیاس المقام بقاعدة الیقین، فاسد، فان هناک یزول العلم من أصله، و فى المقام لا زوال له، و کلامه بأنّ التنجز دائر مدار العلم، ینتقض بما اذا علم أن أحد الکأسین خمر، فیجب الاجتناب عنهما، فاذا ذهب السیل باحد هما، زال العلم بوجود النجس، و مع ذلک یجب الاجتناب عن الآخر، فالتنجز باق مع ان العلم قد زال، و لا یجوز شربه.
و قد یقال: إن العقل اذا کان حاکما باتیان المأمور به فى الوقت أو اتیان قضائه فى خارج الوقت، کان الأمر باتیان القضاء فى خارج الوقت ارشادیاً،و مخالفة الأمر الارشادى، لا توجب استحقاق العقاب.
و یدفعه أولا: انه لو بنى على ذلک، لزم ان الصلاة واجبة بوجوب التخییرى بین الاتیان فى الوقت أو خارجه و هو مقطوع الفساد; فان الامر المتعلق بالصلاة فى الوقت تعیینى، فلا حکم للعقل کذلک قبل فوت الواجب فى الوقت، فاذا فات، و امر الشارع بالقضاء، یحکم العقل بوجوب الاتیان فى خارج الوقت تعییناً.
و ثانیاً ان الامر بالقضاء انما هو لیتدارک به المصلحة الملزمة الفائتة، فیکفى فى حکم العقل بوجوب القضاء احتمال الفوت، لانه یحکم بتحصیل المؤمن و لا یحرز الاباتیان القضاء.
و على الجملة المکلف اذا اتى بالعمل فى الوقت عن اجتهاد أو تقلید، ثم شک بعد الوقت فى صحته و فساده، یحکم بصحته فمادام لم یحرز الفوت، لا شىء علیه، و هذا بخلاف ما اتى به لا عن تقلید و اجتهاد، فان العقل یحکم بتحصیل المؤمن و هو لا یکون الا باتیان القضاء، فانه فى الوقت لم یأت به عن اجتهاد او تقلید حتى یحکم بفراغ ذمته، فیکفى فى حکم العقل احتمال الفوت، فانه یساوق احتمال العقاب.
و قد ظهر مما ذکرنا عدم صحة الاستدلال بقاعدة الفراغ، فانّ الأذکریة معتبرة فى الاستدلال بها، و فى المقام حیث انّ الجاهل مقصر و لا یکون عارفاً بالوظیفة الفعلیة عن إجتهاد أو تقلید، فاذکریته و عدمها سیان.
و یؤکد ما ذکرناه من لزوم الاتیان بالقضاء من باب الاحتیاط، حکم الاصحاب ببطلان عمل الجاهل المقصّر، فانهم حکموا بعدم جواز الاکتفاء بما اتى به من العمل فى نظر العقل، فان الاشتغال الیقینى یقتضى البرائة الیقینیة حتى یحصل الامن من العقاب.
1- ص 143
2-س ج 5 ب 23 من ابواب الخلل الواقع فى الصلاة ح 3 ص336
3- س ج 1 ب 42 من ابواب الوضوء ح 6 و 7 ص331و332
4- س ج 1 ب 42 من ابواب الوضوء ح 6 و 7 ص331و332
5- س ج 5 ب 27 من ابواب الخلل الواقع فى الصلاة ح3 ص343
اذا دار الامر بین الاقل و الاکثر ص (174 - 175)
▲ اذا دار الامر بین الاقل و الاکثر ص (174 - 175)
ثم انه اذا دار الأمر بین الاقل و الاکثر و کان الأقل ایضاً فى نفسه کثیراً، کما اذا اشترى من الّدکان فى طول السنة شیئاًفشیئاً، و ثبّته فى الدفتر کلما اشتراه، فاذا شک فى انه الف او الفان او ثلثة آلاف او عشرة آلاف مثلا، یجب علیه الرّجوع الى الدفتر و الحساب، و لا یجوز ان یقتصر بالاقل بلا مراجعة الدّفتر، نعم اذا اختار الاکثر من باب الاحتیاط، لا مانع منه، و اما اذا ضاع الدفتر لابد ان یصالح مع الدائن، و الاقتصار بالاقل لا یوجب فراغ الذمة جزماً، لان النسیان کالطبیعة الثانیة للانسان، فانى جرّبت ذلک مراراً فى الاقتراض التدریجى فى ثلاثة اشهر اواکثر، فکنت ازعم انى مدین بالف، فلما راجعت الدفتر ثبت انه الفان او ثلاثة آلاف مثلا.
و اما فى مثل الصلاة و الصیام الفائتة، فالظاهر هو الاکتفاء بالقضاء بمقدار یظن معه بالفراغ، فان الاقتصار بالأقل یوجب الشک فى الفراغ و لزوم الاتیان بالاکثر یوجب العسر و الحرج و ان کان موجباً للقطع بفراغ الذمة، فخیر الامور اوسطها و هو الظن بالفراغ.
و قد تحصل مما ذکرنا أن الأظهر هو القول الثالث الذى ذهب الیه المشهور من اتیان قضاء الفوائت بالمقدار الذى یظن معه بالفراغ.
مساله 41 ص (175 - 176)
▲ مساله 41 ص (175 - 176)
(مسألة 41) اذا علم ان اعماله السابقة، کانت مع التقلید، لکن لا یعلم أنها کانت عن تقلید صحیح ام لا ؟ بنى على الصحة. (1)
(1) التقلید الصّحیح عبارة عن تقلید مجتهد جامع للشرائط. و الباطل هو التقلید عمّن لم یکن کذلک، فاذا شک فى انه جامع للشرائط ام لا ؟ یجب علیه الفحص، فان لم یکن جامعا لها، فلابد فى الاعمال الآتیة التقلید عن الجامع لها، و أمّا الاعمال الماضیة، فان لم یتحفظ صورتها، یحکم بصحتها لاصالة الصّحة، فان المسلم، لا یعمل عملا فاسداً. و اما ان تحفظ صورتها و کیفیتها، فان لم یخلّ بالأرکان فیها، یحکم بصحتها لحدیث لا تعاد الصّلاة إلّا من خمسة. فانه کما یشمل الناسى، یشمل الجاهل القاصر ایضاً.
و أما إن أخلّ بها، فلابد من الإعادة فى الوقت و القضاء فى خارجه لما هوالمذکور فى المستثنى فى حدیث لا تعاد... و لا فرق فى ذلک بین ان یکون التقلید صحیحاً او فاسداً.
و لو استند فى التقلید الى شهادة الفساق، و کان المشهود له جامعاً للشرائط، لا یضّر فى صحتها، فان المدار فى صحتها تطابقها لفتوى من هو جامع للشرائط.
و لو استند فیه الى البینة الشرعیة، و انکشف خطأها و ان المشهود له، لم یکن جامعاً للشرائط، جرى فیه ما تقدم من التفصیل:
فلو اخل بالارکان، لابد من الاعادة و القضاء و ان أخل بغیرها، یحکم بصحتها لحدیث لا تعاد الجارى فى الناسى و الجاهل القاصر کما عرفت.
مساله 42 ص (176)
▲ مساله 42 ص (176)
(مسألة 42) اذا قلد مجتهداً ثم شک فى أنه جامع للشرائط ام لا، وجب علیه الفحص(1)
(1) قد یکون الشک فى بقاء ما کان ثابتا له من العلم و العدالة، و العقل و نحوها، فهنا لا حاجة الى الفحص لجریان الاستصحاب بلا شبهة.
و أخرى فى ان ما کان ثابتاً عندى و علمت به او قامت علیه البینة، هل کان ثابتاً فى الواقع، او کان العلم جهلا مرکباً و البینة کانت خاطئة لفسق احد الشاهدین، فیکون من الشک السّارى، فهنا یجب الفحص لعدم ثبوت انه جامع للشّرائط، و اعماله السابقة کالاعمال الصادرة عن الجاهل القاصر، و لا یجوز البقاء على تقلیده لعدم ثبوت أنه جامع للشرائط.
و امّا اذا کان حین الانذار و نشر الرّسالة العملیة، جامعا للشرائط، و لکنها زالت بقاء، فهل یجوز العمل بفتاویه السابقة ام لا ؟ مقتضى اطلاق آیتى النفر و السؤال جواز ذلک، الا ان مقتضى ارتکاز المتشرعة و التوقیع المبارک من الناحیة المقدسة عدم جوازه لما تقدم من ان المرجعیة هى الزعامة الدینیة الکبرى بعد الامامة فلا یصح تصدّیها الا للمجتهد الجامع للشرائط حدوثاً و بقاءً، فان المرجعیة امتداد
للامامة و الزعامة، کما فى قوله(عجل الله فرجه): فانهم حجتى علیکم و أنا حجة الله.
مساله 43 ص (176 - 189)
▲ مساله 43 ص (176 - 189)
(مسألة 43) من لیس أهلا للفتوى، یحرم علیه الافتاء(1) و کذا من لیس أهلا للقضاء، یحرم علیه القضاء بین الناس(2) و حکمه لیس بنافذ، و لا یجوز الترافع الیه (3) و لا الشهادة عنده و المال الذى یؤخذ بحکمه حرام وان کان الآخذ محقاً(4) الا اذا انحصر استنقاذ حقه بالترافع عنده (5)
(1) لأنه افتراء على الله، قال: ألله اذن لکم أم على الله تفترون; فان الفقیه یجوز له الإفتاء لأنه نوع من الإنذار المصّرح به فى الآیة المبارکة.
و اما من لم یکن فقیها و عالماً، فلا یجوز له الافتاء، و کذا اذا کان فاقداً للشرائط الأخرى: کالعقل و العدالة و البلوغ و الایمان و الرجولة وغیرها.
(2) و ذلک لصحیحة سلیمان بن خالد عن ابى عبدالله((علیه السلام)): قال: اتّقوا لحکومة، فانّ الحکومة إنّما هى للامام العالم بالقضاء العادل فى المسلمین لنبى أو وصى نبى (1) و فى نسخة أخرى کنبى او وصى نبى.
و هى صحیحة بطریق الصّدوق، و أما طریق الکلینى و الشیخ، ففیه سهل بن زیاد و هو لم یوثق.
ثم انه لو کنا نحن و هذه الصحیحة، لقلنا: بعدم جوازه الاّللمعصوم، و لکن هنا روایات أخرى دلّت على جوازه لمن نصبه المعصوم بالخصوص أو العموم:
(منها) صحیحة ابى خدیجة: سالم بن مکرم الجمال قال: قال ابوعبدالله جعفربن محمد الصّادق((علیه السلام)): ایاکم ان یحاکم بعضکم بعضاً الى اهل الجور و لکن انظروا الى رجل منکم، یعلم شیئاً من قضایانا، فاجعلوه بینکم، فانى قد جعلته قاضیاً فتحاکموا الیه.(2)
(و منها) صحیحة أخرى من أبى خدیجة، قال: بعثنى ابو عبدالله((علیه السلام)) الى أصحابنا، فقال: قل لهم: إیاکم اذا وقعت بینکم خصومة أو تدارى فى شىء من الأخذ و العطاء أن تحاکموا الى أحد من هاؤلاء الفساق، اجعلوا بینکم رجلا قد عرف حلالنا و حرامنا،فانى قد جعلته علیکم قاضیاً، وإیاکم ان یخاصم بعضکم بعضاً الى السلطان الجائر.(3)
و (منها) مقبولة عمربن حنظلة عن ابى عبدالله((علیه السلام))(الى ان قال): ینظران من کان منکم قد روى حدیثنا و نظر فى حلالنا و حرامنا و عرف احکامنا فلیرضوا به حکماً، فانى قد جعلته علیکم حاکماً، فاذا حکم بحکمنا، فلم یقبل منه، فانما استخف بحکم الله و علینا ردّ، و الراد علینا، الراد على الله و هو على حد الشرک بالله الحدیث.(4)
و هل یعتبر الاجتهاد فى القضاء أو یجوز للمقلّد ایضاً ذلک إذا عرف الاحکام بالتقلید ؟ فیه قولان:
المشهور بین الاصحاب هو الاوّل، بل ادعى علیه الاجماع کما عن جماعة من الاصحاب منهم الشهید الثانى فى مسالکه.
و ذهب صاحب الجواهر الى الثانى، بدعوى ان المستفاد من الکتاب و السنة صحة الحکم بالعدل و الحق و القسط من کل مؤمن و ان لم یکن له مرتبة الاجتهاد و استدل علیه بجملة من الایات و الروایات:
أمّا الآیات، فمنها قوله تعالى: ان الله یأمرکم أن تؤدو الأمانات الى اهلها و اذا حکمتم بین الناس ان تحکموا بالعدل.(5)
و منها قوله تعالى: یا أیّها الذین آمنوا کونوا قوّامین لله شهداء بالقسط و لا یجر منّکم شنئان قوم على أن لا تعدلوا إعدلوا.(6)
و منها المفهوم من عدة آیات: و من لم یحکم بما أنزل الله، فأولائک هم الفاسقون.(7) و هم الظّالمون(8) و هم الکافرون.(9)
و المستفاد منها أن من حکم بما انزل الله، لیس بفاسق و لا بظالم و لا بکافر بلا فرق بین المجتهد و المقلّد اذا حکم بما حکم به مقلَّده.
و أمّا الرّوایات، فمنها قوله((علیه السلام)): القضاة أربعة ثلاثة فى النار و واحد فى الجنة: رجل قضى بجور و هو یعلم، فهو فى النار و رجل قضى بجور و هو لا یعلم فهو فى النار و رجل قضى بالحق و هو لا یعلم فهو فى النار و رجل قضى بالحق و هو یعلم فهو فى الجنة.(10)
(و منها) صحیحتا أبى خدیجة المتقدمتان آنفا، فان مقتضى الا طلاق فیهما جواز قضاوة المقلّد، فانه یعرف حلالهم و حرامهم، و یعلم شیئاً من قضایاهم و لو بالتقلید، فان المراد من العلم فى هذه الصحیحة اعمّ من الوجدانى و التعبدى و الاّ فالمجتهد ایضاً، لا یکون عالما بالاحکام وجداناً.
(و منها) صحیحة الحلبى: قال: قلت لابى عبدالله((علیه السلام)): ربما کان بین الرجلین من أصحابنا المنازعة فى الشىء، فیتراضیان برجل منا، فقال: لیس هو ذاک، انما هو الذى یجبر الناس على حکمه بالسیف و السّوط.(11)
الى غیر ذلک من النصوص التى ادعى((قدس سره)) بلوغها بالتعاضد اعلى مراتب القطع.
و دلالتها على أن المدار فى الحکم و القضاء بالحق الذى هو عند النبى و اهل بیته، ((علیه السلام)) بلا فرق فى ذلک بین ان یکون المتصدى للقضاء، مجتهدا و من لم یبلغ مرتبة الاجتهاد، فانّ المقلّدین أیضاً عالمون بالاحکام و القضاء بالتقلید، بل ذکر((قدس سره)) ان ذلک لعلّه اولى من الأحکام الإجتهاد یة الظنیة، ثم ایّد ما ذکره بقوله بل قد یدّعى ان الموجودین فى زمن النبى((صلى الله علیه وآله وسلم)) ممن امر بالترافع الیهم، قاصرون عن مرتبة الاجتهاد، و انما کانوا یقضون بما سمعوه من النبى((صلى الله علیه وآله وسلم))، فدعوى قصور من سمع جملة من الاحکام مشافهة او بالتقلید، عن منصب القضاء بما علمه، خالیة عن الدلیل، وردّ((قدس سره)) الاجماع المدعى فى کلماتهم بقوله: و اما دعوى الاجماع التى قد سمعتها، فلم اتحققها، بل لعلّ المحقق عندنا خلافها.
فیلخص ما استدل به على العموم بأمور:
الأول الآیات الآمرة بالحکم بالعدل و القسط، فاطلاقها یشمل المقلد کالمجتهد.
الثانى الروایات الآمرة بالقضاء بالحق و الآمرة بالرجوع الى من یعلم قضایانا او عرف احکامنا و حلالنا و حرامنا.
الثالث ان الموجودین فى زمن النبى من الصحابة، کانوا قد یرا فع الیهم بامره((صلى الله علیه وآله وسلم)) مع انهم لم یکونوا مجتهدین.
الرابع ان دعوى الاجماع على اعتبار الاجتهاد فى القاضى، فلم اتحققها، بل لعل المحقق عندنا خلافها.
الجواب عما أفاده((قدس سره))أن مقبولة عمر بن حنظلة هکذا: ینظران من کان منکم ممن قد روى حدیثنا و نظر فى حلالنا و حرامنا و عرف أحکامنا، فلیرضوا به حکماً، فانّى قد جعلته علیکم حاکماً(الحدیث)
فانّ الجملات الثلاث، لا مصداق لها الّا المجتهد فهى تقیّد جمیع المطلقات و لو سلّم: أن المقلّد ایضاً ناظر الى الحلال و الحرام و عارف بالاحکام، فلا یسلّم انه راو للحدیث، فهو قرینة قطعیة على ان المراد هو المجتهد و هو الّذى جعل حاکما مطلقاً لا مختصاً بالترافع و المخاصمة، لأنه((علیه السلام)) لم یقل: جعلته علیهما حاکماً بل قال: جعلته علیکم حاکماً، فصّح ان یقال: إن حاکمیة الفقیه عام، فیثبت بحکمه الهلال و العید و أمثاله. فان العبرة بعموم کلام الامام((علیه السلام))، و خصوصّیة مورد السؤال، لا توجب تخصیص کلامه((علیه السلام)) به.
و أمّا المقلّد، فلم یجعله الامام((علیه السلام)) حاکما و ان کان عارفا للحرام و الحلال بالتقلید کما عرفت.
و یؤیّده التوقیع: و أمّا الحوادث الواقعة، فارجعوا فیها الى رواة حدیثنا فانهم حجتى علیکم و انا حجة الله. فان رواة الحدیث لا یشمل المقلّد، فان حجته(عجل الله فرجه) ظاهر فى کونهم عارفین لمعناه و هم المجتهدون، فان من روى الحدیث و لم یعرف معناه، لا یصلح ان یکون حجته(عجل الله فرجه).
و حیث ان فى سنده اسحاق بن یعقوب و هو لم یوثق، جعلناه مؤیّداً.
و أمّا المناقشة فى سند المقبولة، فلا مجال لها لان عمر بن حنظلة کان إمامیاًمعروفاً و کثیر الروایة و لم یرد فیه قدح و تلقّاهاالأصحاب بالقبول، فهذا یکفى فى اعتباره.
و اذا أمکن الترافع عند المجتهد، فلا مجال للرجوع الى غیره و ان کان عارفا بالاحکام للتقلید و الأخذ من المجتهد، و أمّا ان لم یمکن ذلک، فیکفى فى فصل الخصومة حکم المقلّد المنصوب من قبل المجتهد، فحاکمیته فى طوله لا فى عرضه.
الوجه فى ذلک أن البلاد الاسلامیة بسعتها و تشتتها تحتاج الى القضاة، و المجتهد لا یوجد فى کل بلدة منها، فحینئذ لابد من نصب القضاة کى لا تبطل الدماء و الحقوق و الحدود.
و بعبارة أخرى ما دامت الجامعة باقیة، کانت الحوادث واقعة، و المرجعیة هى الزعامة الدینیة فى امتداد الامامة، فکما ان الامام ((علیه السلام)) کان ینصب القضاة لحل مشاکلها، فکذالمرجع لابد له من ذلک.
و أما سیدنا الاستاذ((قدس سره))، فقد اجاب عن صاحب الجواهر بأن القدر المتیقن (مما دل على جعل الحاکم) هو المجتهد او ان العالم و العارف بالاحکام، لا یصدق على المقلّد و لا اقل من انصرافه عنه.
و فیه أن القدر المتیقّن، یؤخذ من الدلیل اذا لم یکن له اطلاق و کان مجملا، و الاّ فیتمسک بالاطلاق و مقتضاه جواز القضاء للمقلّد اذا علم شیئاً من قضایاهم((علیهم السلام)) و لو بالتقلید و دعوى الانصراف ممنوعة.
و لکّن الّذى یمنعنا من التمسک بالاطلاق ما عرفت من أنّ الجملات الثلاث المذکورة فى المقبولة، لا مصداق لها الّا المجتهد، فهى تقید جمیع المطلقات، فالمجعول للحکومة من قبله ((علیه السلام)) هو المجتهد لا غیر.
هل یعتبر الرجولة فى القاضى أم لا؟
المتعارف فى الجامعة الغربیة، مساوات النساء للرّجل فى جمیع الشئون الاجتماعیة من رءاسة المملکة و الوزراء فضلا عن القضاء، و کذا الأمر فى بعض الممالک الإسلامیة، حیث یکون مقلّدالغربیین و مقتدیاً بهم.
و لکنه على خلاف الفطرة البشریة و القوانین الاسلامیة المطابقة لها، الا ترى ان القرءان الکریم ناطق بأن الرجال قوّامون على النساء فانّ رئاسة الجامعة الصّغیرة فى البیت، فوّضت للرجال، فضلا عن رئاسة الجامعة الکبیرة.
فالکلام تارة فیما هو مقتضى الأصل، و أخرى فیما یقتضیه الدّلیل. اما الاول فلا اشکال فى ان مقتضاه عدم ولایة احد على احد وعدم نفوذ القضاء.
و أمّا الثانى، فنقول: الدلیل قام على حکومة النبى و الوصى و من نصبه احدهما فان المنصوب من قبل الوصى هو الرّجل الذى روى حدیثهم و عرف الحلال و الحرام و علم قضایاهم، و الرجل و ان لم یذکر فى المقبولة الا انها منصرفة الیه جزماً.
فالدّلیل لم یقم على أهلیة النساء للقضاء، بل عدة من النصوص دلت على عدم اهلیتها لهذالمنصب، و الیک جملة منها:
(منها) مارواه الجعفى عن الباقر((علیه السلام))(12)
و (منها) ما رواه انس بن محمد عن أبیه عن جعفر بن محمد عن آبائه فى وصیة النبى لعلى((علیهما السلام)): یا على لیس على المرأة جمعة و لا تولّى القضاء.(13)
و (منها) ما رواه عبد الرحمن بن کثیر عن ابى عبدالله((علیه السلام)): قال: فى رسالة أمیر المؤمنین الى الحسن((علیهما السلام)): لا تملک المرأة من الامر ما یجاوز نفسها، فان ذلک انعم لحالها و ارحى لبالها و ادوم لجمالها، فان المرأة ریحانة و لیست بقهرمانة.(14)
و (منها) ما رواه ابن عباس عن النبى((صلى الله علیه وآله وسلم)) فى حدیث: و لو خلقت حواء من کلّه، لجاز القضاء فى النساء کما جاز فى الرّجال.(15)
هذا کله مضافاً الى صحیحتى ابى خدیجة، فان الرّجل ذکر فیهما صریحاً، کما عرفت و على الجملة یکفى فى عدم نفوذ قضائهن عدم الدّلیل على ذلک، و الروایات النافیة المشار الیها و ان لم تکن نقیة الاسانید، الا انها مؤکدة لحکم الأصل.
اضف الى ذلک أن الفحص فى الشرایع السّابقة من زمن أبینا آدم((علیه السلام)) الى زمن نبینا و الائمة((علیهم السلام))، یعطى أن المرأة لم تفوض الیها ادارة الجامعة، فلم تکن رسولا و لانبیاً و لا اماماً و لا رئیسةً للحکومة و لا حاکماً و لا قاضیاً، فیستفاد من ذلک انها لا تصلح لهذه الأمور.
و لعلّ الوجه فى ذلک هى قلة التعقل و ضعفه فى النساء مع قوة العاطفة و الإحساس فیهن، فان ادارة الجامعة تحتاج الى قوة التعقل و التدبیر، و یشهد لذلک ما هو الواقع فى الجامعة المدنیة، فانها منذ اکثر من مأتى سنة إهتمت على تعلیم النّساء و الرجال و تربیتهم فى صفّ واحدو ادّعوا مساوات النساء مع الرّجال فى جمیع الحقوق و لا یرون أىّ محدودیة للنساء فى ادراة الجامعة، و مع ذلک یکون عدد النساء التى و صلت للرءاسة الجمهوریة و الحکومة اقلّ من عشر الرجال، و لا یکون ذلک الا لاجل ضعف التعقل و التدبیر فیهن، و أما قوة العواطف و الاحساس فیهن التى تناسب تربیة الاولاد، فوجدانیة یدرکها کل أحد، و لا تناسب ما هو وظیفة القاضى من الحکم بضرب العنق و الرّجم و قطع الید و نحوها.
بقى الکلام فیما أشرنا الیه من أن الفقیه الجامع للشرائط، منصوب للحکومة من قبل الامام((علیه السلام)) کما تدل علیه المقبولة، و هو ینصب لحل مشاکل الجامعة من یقدر على فصل الخصومة و القضاء و لو بالتقلید، و هو لیس منصوباً من قبل الامام((علیه السلام))، بل منصوب من هو منصوب من قبله ((علیه السلام)).
و یشهد لذلک رسالة الامام أمیر المؤمنین((علیه السلام)) الى مالک الاشتر: (إختر للقضاء افضل رعیتک) فانه ((علیه السلام))لم ینصبه للقضاء، بل أمرالمالک بأن ینصبه لذلک.
فلو لم یکن للقاضى المنصوب نصب القضاة، لَیبطل الدماء و عطّلت الحدود مع انه قد ورد عن المعصوم((علیه السلام))(انه لا یبطل دم امرأ مسلم) فى زهاء خمسة عشر حدیثاً، و قد ورد نصوص کثیرة فى ان إقامة حد واحد أنفع من المطر أربعین صباحاً; و قد ورد ایضاً، انه لیس فى اقامة الحد نظرة ساعة او لیس فى الحدود نظر ساعة.
ان قیل: مقتضى صحیحة سلیمان بن خالد عدم جواز الحکم الا للنبى او الوصى:
عن أبى عبدالله((علیه السلام)): قال: إتقوا الحکومة، فان الحکومة انما هى للامام العالم بالقضا العادل فى المسلمین لنبّى أو وصى نبى (او کنبى)(16)
قلنا: الحصر لیس بحقیقى، بل اضافى بالنسبة الى قضاة الجور و حکّامه، و الدلیل على ذلک، ماعرفت من النصوص المعتبرة الدالة على نصب الفقهاء للحکومة و القضاء فاذا نصب الفقیه من یعرف الحلال و الحرام و القضاء و لو بالتقلید کان عمله داخلا فى عمل الوصى و منتهیا الیه بالواسطة.
و قد ظهر مما ذکرنا الجواب عن روایة اسحاق بن عمار عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: قال امیرالمؤمنین((علیه السلام))لشریح: یا شریح قد جلست مجلساً لا یجلسه (ماجلسه) الا نبى او وصى نبى او شقى.(17)
فان عمل المنصوب من قبل الوصى، داخل فى عمل الوصى و عمل مالک الاشتر و من نصبه للقضاء، داخل فى عمل على((علیه السلام)).
و یؤید ما ذکرناه مرسلة ابى اسحاق السبیعى قال: قال امیرالمؤمنین((علیه السلام)): الناس، آلوا بعد رسول الله الى ثلاثة: آلوا الى عالم على هدى من الله قد اغناه الله بما علم عن غیره و جاهل مدّعى للعلم لاعلم له معجب بما عنده، قد فتّنته الدّنیا و فتن غیره و متعلّم من عالم على سبیل هدى من الله و نجاة، ثم هلک من إدعى وخاب من افترى.(18)
نعم لابد للفقیه ان ینصب من هو فى مرتبة عالیة من الفتوى و العدالة، فان منصب القضاء من مزال الأقدام، و لأجل ذلک شرط امیرالمؤمنین((علیه السلام)) على شریح ان لا ینفّذ القضاء، حتى یعرضه علیه; کما تدل على ذلک صحیحة هشام بن سالم.(19) و لیس ذلک إلاّ لعدم کونه واجدا لشرائط القضاء.
(3) أمّا عدم نفوذ حکمه، فلانه لیس منصوبا من قبل المعصوم، فلا دلیل على نفوذ حکمه، بل الدلیل قام على عدم جواز الترافع الیه: کمعتبرة ابى بصیر عن ابى عبدالله((علیه السلام)) (20) و مقبولة عمر بن حنظلة عنه((علیه السلام)).(21)و کذا لآیة المبارکة: و لا ترکنوا الى الذین ظلموا فتمسّکم النار.
و من الواضح ان الترافع الى من لیس اهلا للقضاء، رکون الى الظالم، فهو حرام، و قد یقال: ان مورد قضاء قاضى الجور ان کان عینا خارجیا، لا یحکم بانه سحت فان للسّحت اطلاقین: احد هما ما لا یصح کسبه کثمن الکلب و الخنزیر و العذرة.
و ثانیهما ما هو الخبیث ذاتاً، کأکل المیتة و لحم الخنزیر، و الملک الخارجى المجسّم فى العین الشخصیة، لا یکون داخلافى شئ من الاطلاقین.
ویمکن الجواب عن ذلک بأن الامام (ع ) طبّق السّحت على مااخذه بحکم قاضى الجور والطاغوت، فالمناقشة فیه اجتهاد فى مقابل النص وهو مردود.
اللّهم الّا أن یقال: إن المغصوب منه اذا رأى ماله عند الغاصب، یجوز أخذه بأى وجه اتفق و ان لم یقدر على أخذه، یجوز التقاص من مال الغاصب، و هو من المسلّمات، فعلیه یکون المراد من السّحت ما حکم بثبوته و لم یکن ثابتاً او طبّق الکلى على الفرد الخارجى، فهذان القسمان سحت بتصریح الامام((علیه السلام)) به; فالمستفاد من المقبولة حرمة الترافع الى قضاة الجور و سلطانه و هو من المنکرات، فلابد للمؤمن أن ینهى عن المنکر، و قد ورد عن النبى((صلى الله علیه وآله وسلم)): بسند معتبر ان الله(عزوجل) لیبغض المؤمن الضعیف الذى لا دین له، فقیل: و ما المؤمن الضّعیف الّذى لا دین له؟ قال: الذى لا ینهى عن المنکر(22) فالمراجع الى قضاة الجور و سلطانه، عامل للمنکر، فهو اسوء من الذى لا ینهى عنه، فهل یبقى له دین.
(4) و ذلک لتصریح المقبولة بذلک و قد عرفت تفصیله .
(5) قد استدل على عدم جواز الترافع عنده حتى فى فرض الانحصار بوجوه:
(الأوّل) اطلاق المقبولة، فانّ حکمه((علیه السلام)) بانه سحت، مطلق یشمل صورة الانحصار أیضاً.
(الثانى) أنّه إعانة على الاثم و هو حرام.
(الثالث) انه امر بالمنکر و هو حرام و لأجل هذه الوجود ذهب الاکثر الى التحریم حتى فى فرض الانحصار.
و لکن الظاهر جواز الترافع الیه فى هذا الفرض، لوجهین: (الأول) قاعدة لا ضرر و لا ضرار، کما تدل علیه موثقة زرارة عن ابى جعفر((علیهما السلام))(23)
و هذه القاعدة حاکمة على جمیع الأدلّة، فعلیه تختص المقبولة بفرض عدم الانحصار و عدم لزوم الضرر، کما اذا وجد قاضى العدل و من له أهلیة القضاء.
(الثانى) ما ورد من جواز الکذب و الحلف الکاذب لدفع الضرر المالى من الرّوایات الکثیرة: (منها) صحیحة محمد بن صباح عن ابى الحسن((علیه السلام)) قال: قلت لابى الحسن((علیه السلام)): إن أمّى تصدّقت علىّ بنصیب لها فى دار، فقلت لها: ان القضاة لا یجیزون هذا و لکن اکتبیه شراء، فقال: إصنع من ذلک ما بدالک و ما ترى انه یصوغ لک، فتوثقت، فأراد بعض الورثة أن یستحلفنى أنى نقدتها الثمن و لم انقدها شیئاً، فما ترى ؟ قال: احلف له.(24)
و الا طلاق فى المقبولة، یقیّد بهذه الصّحیحة، و یلحق بالانحصار تعسر الوصول الى قاضى العدل، کما اذا کان بعیداً من حیث المکان.
و لا یخفى انه یشترط جواز الرجوع الى قاضى الجور فى فرض الانحصار، بالعلم بالحق، وجدانا او تعبداً، کالاقرار بالحق او قیام البینة به، فلا یجوز فى فرض الظن به فضلا عن احتماله، لأنّ الضرر، لا یتحقق الا فى مورده و کذا جواز الحلف یتوقف على ثبوت الحق عنده.
1- س ج 18 ب 3 من ابواب صفات القاضى ح 3 ص 7
2- س ج 18 ب من ابواب صفات القاضى ح 5 ص 4
3- س ج 18 ب 11 من ابواب صفات القاضى ح 6 ص 100
4- س ج 18 ب 11 من ابواب صفات القاضى ح 1 ص 99
5- النساء - 4 - 58
6- المائدة: 5 - 8
(7)(8)(9)- المائدة: 47، 45، 44
10- س ج 18 ب 4 من ابواب صفات القاضى ح 6
11- س ج 18 ب 1 من ابواب صفات القاضى ح 8 ص 5
12-س ج 14 ب 123 من ابواب مقدمات النکاح ح 1 ص 162
13- س ج 18 ب 2 من ابواب صفات القاضى ح 1 ص 6
14- المستدرک ب 2 من ابواب صفات القاضى ح 1و2
15- المستدرک ب 2 من ابواب صفات القاضى ح 1و2
16- س ج 18 ب 3 من أبواب صفات القاضى ح 3 ص 7
17- س ج 18 ب 3 من ابواب صفات القاضى ح 2و4 ص 7
18- س ج 18 ب 3 من ابواب صفات القاضى ح 2و4 ص 7
19- س ج 18 ب 3 من ابواب صفات القاضى ح 1 ص 6
20- س ج 18 ب 1 من ابواب صفات القاضى ح 3 ص 3
21- س ج 18 ص 99
22- س ج 11 من ابواب الامر بالمعروف ح 13 ص 397
23- س ج 17 ب 12 من ابواب احیاء الموات ح 3 ص 341
24- س ج 16 ب 42 من ابواب الإیمان ح 1 ص 211
مساله 44 ص (189 - 190)
▲ مساله 44 ص (189 - 190)
(مسألة 44) یجب فى المفتى و القاضى العدالة(1) و تثبت العدالة بشهادة عدلین و بالمعاشرة المفیدة للعلم بالملکة أو الاطمینان بها(2) وبالشیاع المفیدللعلم.
(1) یمکن ان یستدل على ذلک بوجوه:
(الأول) صحیحة سلیمان بن خالد بطریق الصدوق عن ابى عبدالله((علیه السلام)): اتقوالحکومة، فان الحکومة انما هى للامام العالم بالقضاء العادل فى المسلمین لنبى او وصى نبى (کنبى)(1) و المحور فى القضاء هو العلم و العدالة.
(الثانى) صحیحة ابى خدیجة المتقدمة.(2)
(الثالث) حکم العقل، فان الغرض من نصب القضاة، لیس الا اقامة العدل فلو لم یکن القاضى عادلا، لما یصلح لذلک اصلا، فان من وظائف القضاة الحکم بالقتل و القصاص و الرّجم و قطع الید و الرّجل و الجلد و الدیة و أمثالها و المجرم یعطى الرّشأ للقاضى حتى لا یقضى علیه بذلک، و الرادع عنه، لا یکون الّا ملکة العدالة، بل ما دلّ على اعتبار العدالة فى الشّاهد، یدل على اعتبارها فى القاضى بالأولویة القطعیة، لانه لا اثر لعدالة الشاهد الا فیما اذا کان القاضى عادلا.
(الرابع) الإجماع، فانّ علماء الشیعة خلفا عن سلف أطبقوا على اعتبارها فى القاضى و لم یوجد عالم افتى بعدم اعتبارها فیه، و لکنه لیس باجماع تعبدى فانه ناشىء من حکم العقل بالتقریب المتقدم ولکن العدالة المعتبرة فى القاضى لابد ان تکون عن ملکة قویة حتى لاتکون مغلوبة للمزاحمات، ولا یکفى فى اثباتها حسن الظاهر، فانه کاف فى امام الجماعة، وأما فى المقام فلا بدمن اعتبار ملکة قویة لأن الفرض لا یحصل الاّ بها.
ولعل صحیحة سلیمان بن خالد ناظرة الیها، حیث قال فیها: کنبى او وصى نبى (لنبى) یعنى لا بد ان یکون القاضى فى ارقى مرتبتها.
(2) فان الاطمینان حجة عقلائیة، یعمل بها العقلاء فى جمیع امورهم ویلحق به خبر الثقة، فان السیرة العقلاء جاریة على العمل به مثل الاطمینان.
1- س ج 18 ب 3 من ابواب صفات القاضى ح 3 ص 7
2- ص 178
مساله 45 ص (190 - 191)
▲ مساله 45 ص (190 - 191)
(مسألة 45) اذا مضت مدة من بلوغه وشک بعد ذالک فى أن اعماله کانت عن تقلید صحیح ام لا؟ یجوز له البناء على الصّحة فى اعماله السابقة (1) وفى اللاّحقة یجب علیه التصحیح فعلا (2)
(1) التقلید الصّحیح عبارة عن تقلید مجتهد جامع للشرائط، فانه موجب للحکم بصحة صلاته وصومه وبقیة اعماله، وحیث انه یحتمل صحّتها لاحتمال تقلید صحیح ، یحکم بصحتها لاجل قاعدة الفراغ وحدیث لا تعاد الصّلاة الاّ من خمسة: الطهور والوقت والقبلة والرکوع والسجود، فان صورة العمل وکیفیته لیست بمحفوظة، حتى لا تجرى القاعدة.
(2) لانها مشروطة بشرائط ولهااجزاء، فلا بد من احرازها حین العمل،والحکم بالصّحة للاعمال السابقة، لا یستلزم الصحة بانسبة الى الاعمال اللاحقة، لأن القاعدة لا تثبت اللوازم العقلیة ولاالشرعیة المترتبة علیها، فان القاعدة وان کانت من الأمارات الا انّها ایضا لا تثبت اللوازم ، فان صحة الاعمال اللاحقة من اللوازم العقلیة لصحّة الاعمال السابقة; بل یمکن ان یقال : ان صحتها لیست لازمة عقلیة، لصحة الاعمال السابقة ایضاً، فان الاعمال السّابقة کانت محکومة بالصحة لأجل قاعدة الفراغ وحدیث لا تعاد تعبداً، ولا مجال لجریانهما فى العمل اللاّحق الّذى یعلم کیفیته ویتحفظ بصورته وأنه أتاه بغیرسورة مثلا، فاذن لابد للمکلف الرجوع الى المجتهد الجامع للشرائط والعمل على طبق فتواه.
مساله 46 ص (191 - 192)
▲ مساله 46 ص (191 - 192)
(مسألة 46) یجب على العامى ان یقلد الاعلم فى مسألة وجوب تقلید الأعلم او عدم وجوبه (1) و لا یجوز ان یقلّد غیر الأعلم اذا افتى بعدم وجوب تقلید الأعلم (2) بل لو افتى الأعلم، یشکل جواز الاعتماد علیه، فان القدر المتیقن للعامى تقلید الاعلم فى الفرعیات.(3)
(1) لاستقلال العقل بان فتوى الاعلم حجة، سواء کان فتوى غیره ایضاً حجة ام لا؟ فهو متیقن الحجیة.
(2) و ذلک للشک فى حجیة فتواه و هو مساوق للقطع بعدم الحجیة فان العقل، لا یجیزان یعتمد المکلّف على مشکوک الحجیة.
(3) قد استشکل على الماتن عدة من الأعلام: قال: الامام الحمینى((قدس سره)): لا اشکال فیه، و کذا الاستاد الخوئى و الگلپایگانى و الشاهرودى و الحکیم و الخوانسارى و الشریعتمدارى و غیرهم(قدس الله اسرارهم) و کذا بعض المعاصرین من الاحیاء.
والتحقیق یقتضى و رود الاشکال على الماتن و المعلّقین: امّا على الماتن فبان سیرة العقلاء جاریة على الرجوع الى الاعلم فى مطلق العلوم سواء کان فقهاً او طباً او فلسفة او اصولا او ریاضیاً، أو غیرها، فلا وجه للقول: بالأخذ بالقدر المتیقن.
و أما الاشکال على المعلّقین، فبأن السیرة القطعیة قائمة على الرجوع الى الاعلم فیما اذا کان الاختلاف بینه و بین غیر الاعلم، فمع هذه السّیرة من العقلاء کیف یوّجه الفتوى بعدم وجوب تقلید الأعلم. الا ترى انه لو افتى الاعلم بوجوب الجمعة فى عصر الغیبة و افتى غیره بوجوب الظهر یوم الجمعه، و الأعلم یخطّأ مدرک فتوى غیره، فکیف یجوّز تقلیده مع العلم العلم بأن مدرک فتواه باطل
نعم اذا لم یعلم الاختلاف بین الأعلم و غیره، لا مانع من الرّجوع الى غیره و الافتأ به.
مساله 47 ص (192)
▲ مساله 47 ص (192)
(مسألة 47)اذا کان مجتهدان احدهما أعلم فى احکام العبادات و الآخر فى المعاملات، فالأحوط تبعیض التقلید (1) و کذا اذا کان أحدهما أعلم فى بعض العبادات مثلا و الآخر فى البعض الآخر.
(1) الملاک فیما افاده من الاحتیاط فى التبعیض، ان وجوب تقلید الأعلم عنده موافق للاحتیاط، و لم یفت به قبل ذلک، فمن افتى بوجوب تقلید الأعلم، یفتى بوجوب التبعیض فى المقام و من احتاط هناک، لابد ان یحتاط فى المقام،
و قد تقدم انه ان کان فتوى غیرالأعلم، مخالفة لفتوى الأعلم و لم تکن موافقة للاحتیاط و لا موافقة للأعلم من الاموات، کان تقلید الأعلم متعیناً.
مساله 48 ص (192 - 194)
▲ مساله 48 ص (192 - 194)
(مسألة 48) اذا نقل شخص فتوى المجتهد خطاً،یجب علیه اعلام من تعلّم منه، و کذا اذا أخطأ المجتهدفى بیان فتواه، یجب علیه الاعلام.(1)
(1) وجوب الاعلام منحصر فیما اذا کان الحکم الواقعى الزامیاً کالواجب و الحرام، فأخطأ و افتى بغیر الالزام کالاستحباب و الکراهة و الاباحة، او نقلها.
و اما اذا کان الواقع غیر الالزامى، فأخطأ فى النقل او فى الفتوى و افتى بالالزام او نقله، فقد یقال: بعدم وجوب الاعلام لان ترک المباح او اتیانه بزعم الحرمة اوالوجوب، لا محذورفیه، بل هو امر مستحسن لأنه موافق للاحتیاط.
و فیه ان ترک المباح او اتیانه و ان لم یکن فیه محذور الّا أن اعتقاد المباح حراماً اوواجبا تشریع، فانه لیس مماجاء به النبى ولیس من الدین ،فکیف یصح ان یعتقد بانه من الدین، و فى عیون اخبار الرضا((علیه السلام)) ان ادنى ما یخرج الرجل من الایمان، ان یقول للحصاة: هذا نواة، ثم یدین بذلک و یبرأ ممن خالفه.(1)
و بعبارة أخرى المفتى أو الناقل، سبب لأن یعتقد العامى ما لیس من الدین أنه منه، فکیف لا یجب علیه ان ینبهه بأنه لیس بواجب أو لیس بحرام المستفاد من أدلّة الحرام عدم رضاء الشارع بوقوعه سواء کان بالمباشرة او بالتسبیب، و یدل على ذلک عدة من النّصوص:
(منها) صحیحة عبدالرحمن بن الححاج(2) و (منها) صحیحة ابى عبیدة.(3)
و منها صحیحة معاویة بن وهب عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: قلت: جرز مات فى زیت او سمن أو عسل؟ فقال: اما السمن و العسل، فیؤخذ الجرز و ما حوله و الزیت یستصبح به، و فى ما رواه الشیخ و قال فى بیع ذلک: الزّیت یبیعه و یبینه لمن اشتراه لیستصبح به.(4)
و المستفاد من هذه الصحیحة ان الشارع لا یرضى بأکل النجس و لو مع الجهل و لهذا امر ان یعلم للمشترى حتى لا یأکله، و مقتضى الارتکاز عدم الفرق بین الزیت و غیره، فمن قدّم الى غیره الخمر او المتنجس لیشربه فقد ارتکب الحرام و لا یجوز.
و اما غیر المأکول و المشروب اذا کان نجساً، فهل یجب الاعلام ام لا یجب؟ الظاهر هو الثانى، و ذلک لموثقة ابن بکیر، قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن رجل اعار رجلا ثوبا، فصلّى فیه و هو لا یصلّى فیه؟ قال: لا یعلمه، قال: قلت: فان اعلمه، قال: یعید.(5)
1- سفینة البحار: الحاء بعده الصّار.
(2)(3)- س ج 18 ب 7 من ابواب آداب القاضى ح 2و1 ص 161
4- س ج 16 ب 43 من ابواب الاطعمة المحرمة ح 1 ص 461
5- س ج 2 ب 47 من ابواب النجاسات ح 3 ص 1069
مساله 49 ص (194 - 195)
▲ مساله 49 ص (194 - 195)
(مسألة 49) اذا اتفق فى أثناء الصلاة مسألة لا یعلم حکمها، یجوز له ان یبنى على أحد الطرفین (1) بقصد ان ان یسأل عن الحکم بعد الصلاة و انه اذا کان ما اتى به على خلاف الواقع، یعید صلاته، فلو فعل ذلک و کان ما فعله مطابقا للواقع لا یجب علیه الاعادة.
(1) کما اذا شک بین الاثنین و الثلاث و ظنّ بالثلاث و لم یعلم ان الظن فى عدد الرکعات بحکم الیقین ام لا، فبنى على الثلاث رجاءً، فسأل عن المجتهد و افتى ان الظن فى عدد الرکعات بحکم الیقین، یحکم بصحة صلاته.
و لو بنى على الاثنین و أتم الصّلاة، و سأل عن المجتهد، یفتى ببطلان الصلاة لان الظن فى عدد الرکعات بحکم الیقین و قد زاد رکعة فى الصّلاة.
و لو کان مشغولا بالسورة و شک فى اتیان الحمد، فقرأه برجاء الواقع یحکم بصحة صلاته، فاذا سأل مقلّده یفتى بذلک، فان وظیفته وان کانت عدم الاعتناء بهذا الشک لقاعدة التجاوز، الا ان اتیان الحمد رجاءً، لا یوجب البطلان.
و اما اذا عرض الشک فى الاثناء و لم یعلم حکمه، فهل له قطع الصلاة ام لا؟ المشهور بین الأصحاب حرمة القطع للاجماع.
و لکنه یمکن ان یقال: ان الاجماع دلیل لبّى و القدر المتیقن منه هو القطع العمدى مع امکان الجزم باتمامها صحیحة، و فى المقام لا یعلم بصحتها لو اتمها مع عروض الشک، فلا یشمله الاجماع، و لکنه یتم لو کان جاهلا قاصراً، فان جهله باحکام الشک عذر له، و لم تکن حرمة قطع الصّلاة منجزة علیه.
و اما اذا کان مقصراً و ترک تعلم احکامها عمدا و اختیارا، کان وجوب تعلم الاحکام و حرمة قطع الصّلاة، منجزاً علیه، فهو یوجب استحقاق العقاب و ان کان جاهلا بالحکم، فانّ الجهل التقصیرى، لا یکون عذراً له.
مساله 50 ص (195)
▲ مساله 50 ص (195)
(مسألة 50) یجب على العامى فى زمان الفحص عن المجتهد او عن الاعلم ان یحتاط فى اعماله.(1)
(1) الاحتیاط یحصل بالأخذ بأحوط القولین أو الأقوال، فان احدها حجة علیه، فمادام لم یعرفها، لابد من الاحتیاط، لان الاحکام الواقعیة منجزة لأجل العلم الإجمالى بها و الاجتهاد و التقلید، منتفیان، فلا مجال الّا للإحتیاط.
و ان لم یعرف موارد الاحتیاط، یأخذ بفتوى أعلم الأموات و یعمل به. و ان لم یعلم ذلک ایضاً، یأخذ باحد المحتملات، فان اصاب الواقع فهو و الّا، لابدّ من القضاء أو الاعادة بمقتضى فتوى من یرجع الیه.
مساله 51 ص (195 - 199)
▲ مساله 51 ص (195 - 199)
(مسألة 51) المأذون و الوکیل عن المجتهد فى التصرف فى الأوقاف او فى أموال القصّر، ینعزل بموت المجتهد.(1). بخلاف المنصوب من قبله، کما اذا نصبه متولیاً للوقف أو قیّماً على القصّر، فانه لا تبطل تولیته و قیمومته على الاظهر.(2)
(1) أما عزل الوکیل، فلأنه وجود تنزیلى للموکّل، فاذا مات خرج عن أهلیة التصرف، فلا تبقى للوکیل، و بعبارة أخرى سیرة العقلاء قائمة على صحة تصرفات الوکیل مادام الموکل حیاً، و لم تقم ذلک بعد موت الموکل.
و لکن التحقیق یقتضى التفصیل بین الموارد، فاذا کان متعلق الوکالة باقیاً تبقى و اذا لم یبق المتعلق لا معنى لبقائها.
بیان ذلک أن الوکیل یتصرف فیما للموکل ذلک، فبیع امواله و عقد النکاح له و طلاق زوجته، کل ذلک صحیح للموکل، فاذا مات الموکل، لا معنى لبقاء الوکالة، فان امواله تنتقل الى الورثة و زوجته تبین بالموت و التزویج للمیت غیر معقول، و الوکیل فى الأمور الحسبیة یتصور مادام الموکل حیاً، فبعد الموت لا یعقل تصرفه فیها، فوکیله ینعزل.
و أما ثلث الترکة اذا أوصى به للصّلاة أو الصوم او الحج مثلا فلا مانع من التوکیل فیه فان النائب الذى یتصّدى لذلک بعد الموت هو الوکیل، فانه ینوى الصلاة و الصوم و الحج و الزیارة نیابة عن الموکل، و لا اشکال فیه أصلا، غایة ما فى الباب ان الاصطلاح جرى على اطلاق الوکیل عن الحى و الوصى عن المیت و أما النائب، فیمکن أن یکون عن الحى و أن یکون عن المیت، الا ترى انه لو کان المستطیع الذى استقر فى ذمته الحج، ضعیفاً لا یقدر على اعماله، یصح ان یقول للآخر: انت نائبى فى الحج سواءً کنت حیاً فى اشهر الحج أو میتاً.
نعم ادعى الاجماع على بطلان الوکالة بالموت، و لو سلّم ذلک فالقدر المتیقن منه هو فیما لا یبقى الموضوع فیه للوکالة، کما عرفت، فانه دلیل لبىّ یؤخذ منه القدر المتیقن.
(2) قد استدل على ولایة المطلقة للفقیه بأمور:
(الاول) التّوقیع المروى عن کمال الدّین و تمام النعمة للصّدوق و عن کتاب الغیبة للشیخ الطوسى و عن احتجاج الطبرسى(قدّس الله اسرارهم): و اما الحوادث الواقعة، فارجعوا فیها الى روات حدیثنا، فانهم حجتى و أنا حجة الله.(1)
(الثانى) قال الصدوق: قال على (ع) :قال رسول الله (ص): اللّهم ارحم خلفائى - ثلاثاًـ قیل: یارسول الله : ومن خلفائک قال : الّذین یأتون بعدى یروون حدیثى و سنتى.(2)
(الثالث) قوله((علیه السلام)): مجارى الأمور و الأحکام بید العلماء بالله الأمناء على حلاله و حرامه.(3)
(الرابع) قوله ((صلى الله علیه وآله وسلم)): الفقهاء امناءالرّسل. (4)
(الخامس) مقبولة عمر بن حنظلة (الى ان قال): و قد جعلته علیکم حاکما.(5) فانها عامة لجمیع المؤمنین، فحاکمیته ثابتة لجمیعهم و لا تکون مختصة بالمتخاصمین.
(السادس) صحیحة محمد بن اسماعیل بن بزیع عن ابى جعفر((علیه السلام)) قلت له: یموت الرّجل من اصحابنا و لا یو صى الى أحد و یخلف جوارى، فیقیم القاضى رجلا منّا، فیبیعهن، او قال یقوم بذلک رجل منّا، فیضعف قلبه لانهن فروج فما ترى فى ذلک؟ قال: فقال: اذا کان القیم به مثلک و مثل عبد الحمید فلا بأس.(6)
و المستفاد من الجمیع لا سیما الصّحیحة أن الفقیه الجامع للشرائط اذا نصب قیما على الصّغار او متولیا على الاوقاف، یصح له التصرف فیها و فى اموال الصّغار حتى بعد موت الفقیه، فان مقتضى اطلاق قوله((علیه السلام)): اذا کان القیم مثلک الخ، عدم الفرق بین موت الناصب و حیاته.
و بعبارة اخرى اذا نصب قاضى الجور قیّما على الصغار مثل ابن بزیع و عبدالحمید کان مشروعاً و تصرفاته نافذة بلا فرق بین حیاة القاضى و موته، فمن نصبه الفقیه الجامع للشرائط،کان کذلک بالأولویة القطعیة، فمنه یعلم ان موت الفقیه لا یوجب عزله.
و قد ظهر مما ذکرنا عدم تمامیة ما افاده سیدنا الاستاذ((قدس سره)) من ان الفقیه لیس له الحکم بثبوت الهلال و لا نصب القیّم و المتولّى من دون انعزالهما بموته لان هذا کله من شؤون الولایة المطلقة، و قد عرفت عدم ثبوتها بدلیل، و انما الثابت أن له التصرف فى الأمور الّتى لابد من تحققها فى الخارج بنفسه أو وکیله، و معه اذا نصب متولّیاً على الوقف او قیما على الصّغیر،فمرجعه الى التصرف فیها بالوکالة و لا کلام فى ان الوکیل ینعزل بموت موکله و هو الفقیه فى محل الکلام.
الوجه فى ذلک انه لم یقم أى دلیل على أن نصب القیم من شؤون الولایة المطلقة، بل صحیحة ابن بزیع - کما عرفت - دلّت على صحة ذلک من قاضى الجور فصحته من الفقیه الجامع للشرائط بالأولویة.
و أمّا ثبوت الهلال و نصب المتولى على الأوقاف، فکلاهما کان من وظائف قضاة الجور، و حیث ان الامام((علیه السلام))نهى عن مراجعتهم و أمر بالرجوع الى الفقیه، فقد فوّض وظائف القضاة الیه، فکلّما کان من وظائفهم، یثبت بحکم الفقیه لا محالة.
و قد تقدم أن المقبولة دلّت على حاکمیة الفقیه مطلقا، حیث قال((علیه السلام)): فانى قد جعلته علیکم حاکما. و لا اختصاص لها بالمتخاصمین فراجع.
أضف الى ذلک ان الفقیه لو فرض انه مرجع عام لعامة المسلمین، فجاء موسم الحج و اختلفوا فى ثبوت الهلال و فى الوقوف فى العرفات و المشعر و کان الهلال ثابتاً عنده فلا یحکم بثبوته و یقول: حکمى غیر نافذ، فکل من ثبت عنده الهلال، یقف فى العرفات و المشعر، و کل من لم یثبت عنده یؤخر الوقوف بعد الیوم، فهذا مما لا یرضى الشارع به جزماً، بل وظیفته هو الحکم بثبوت الهلال، حتى یکون المسلمون مدرکین للوقوفین و العید على طبق ما ثبت عند الفقیه، فلو لم نقل بثبوت ذلک بحکمه، فقد التزمنا، بنقص مکتب التشیع، و هذا باطل جزماً و مخالف لارتکاز المتشرعة.
1- س ج 18 ب 11 من ابواب صفات القاضى ح 8 ص 101
2- س ج 18 ب 11 من ابواب صفات القاضى ح 7 ص 101
(3)(4)- المستدرک ج 3 ب 11 من ابواب صفات القاضى ص 270
5- س ج 18 ب 11 من ابواب صفات القاضى ح 1 ص 99
6- س ج 13 ب 11 من ابواب عقد البیع و شروطه ح 2 ص 270
مساله 52 ص (199 - 200)
▲ مساله 52 ص (199 - 200)
(مسألة 52) اذا بقى على تقلید المیت من دون ان یقلد الحى فى هذه المسألة کان کمن عمل من غیر تقلید.(1)
(1) لیس الأمر کذلک، فان من عمل بلا تقلید، لم یستند بما کان حجة عنده، بل احتمال صحة عمله لیس الّا من باب الصدفة للواقع، بخلاف البقاء على تقلید المیت، فانه استند الى ما کان حجة مسلّمة عنده، و العقلاء لا یرون الحیاة دخیلة فى اعتبار نظر أهل الخبرة، فلو کانت الحیاة دخیلة فى الحجیة، فلابد من اقامة الدلیل على ذلک.
و قال السید الحکیم((قدس سره)): لأن المراد من صحة التقلید کونه جار یا على الموازین العقلائیة، و هذا المعنى مفقود فى صورة الشک فى جواز البقاء و کذا فى صورة الغفلة عن ذلک، و اعتقاده جواز البقاء، فانه و ان کان معذوراً فى هذه الصورة عند العقل، لکنه لا یخرج عن کونه غیر جار على موازین العقلائیة، لان جواز البقاء على تقلید المیّت مشکوک، و الغفلة عن ذلک لا تجعله صحیحاً;
و فیه ما عرفت من ان البقاء على تقلید المیت، لا یکون خروجا عن الموازین العقلائیة فان العقلاء، لا یرون الحیاة دخیلة فى الحجیة.
و یشهد على ذلک انه لواخذ المریض نسخة من الطبیب، فمات الطبیب، لا یحتمل المریض بطلانها، فمنه یظهر ان العمل بنظر اهل الخبرة بعد الموت، لا یکون خروجاً عن الموازین العقلائیة.
نعم لو قرع سمع المقلّد ان فتوى المفتى، یبطل بالموت و احتمل ذلک، یجب علیه بحکم العقل ان یرجع الحى الأعلم فى مسألة البقاء، فان افتى بالجواز، یحکم بصحة اعماله السابقة و الا فلا.
و على الجملة لا دلیل على بطلان فتوى الفقیه بالموت، و حیث أن المشهور بین الأصحاب هو الرجوع الى الحى بعد موت المقلّد، فالأحوط هو ذلک خروجا عن مخالفة المشهور.
هذا کلّه بالنسبة الى الأحکام الکلّیة بالإضافة الى المقلّدین، و أمّا الأمور المتعلّقة بالزعامة والحکومة و القضاء، فلا مجال للرجوع فیها الى المیّت کالأمر بالجهاد و الصّلح و الحکم بثبوت الهلال و العید و أخذ الوجوهات و ادارة الحوزة و اعانة الفقراء و نحوها، فان هذه الأمور من وظائف المرجع الحّى.
مساله 53 ص (200 - 204)
▲ مساله 53 ص (200 - 204)
(مسألة 53) اذا قلّد من یکتفى بالمرة مثلا فى التسبیحات الأربع و اکتفى بها، أو قلّد من یکتفى فى التیمم بضربة واحدة، ثم مات ذلک المجتهد، فقلّد من یقول بوجوب التعدّد، لا یجب علیه اعادة الأعمال السابقة.(1) و کذا لواوقع عقدا او ایقاعاً بتقلید مجتهد یحکم بالصّحة، ثم مات و قلّد من یقول بالبطلان، یجوز له البناء على الصّحة.(2) نعم فیما سیأتى یجب علیه العمل بمقتضى فتوى المجتهد الثانى و اما اذا قلّد من یقول بطهارة شئ کالغسالة، ثم مات وقلّد من یقول: بنجاسته، فالّصلوات و الأعمال السابقة، محکومة بالصّحة وان کانت مع استعمال ذلک الشئ(3) و اما نفس ذلک الشئ اذا کان باقیا، فلا یحکم بعد ذلک بطهارته، و کذا فى الحلّیة و الحرمة، فاذا افتى المجتهد الأول بجواز الذبح بغیر الحدید مثلا، فذبح حیوانا کذلک، فمات المجتهد و قلّد من یقول: بحرمته، فان باعه او اکله، حکم بصحة البیع و اباحة الأکل، و أمّا اذا کان الحیوان المذبوح موجوداً، فلایجوز بیعه و لا اکله(4) و هکذا.
(1) هذه المسألة لها صور کثیرة، فلابد من التعرض لکل مسألة علیحدة:
احدهاما ذکره من الاکتفاء فى تسبیحات الأربع بالمرة فى الصّلاة، او اکتفى بقرائة الحمد دون السورة فى الأولیین لفتوى المیت بذلک، ثم قلّد من یقول: بعدم کفایة المرّة فى التسبیحات، و لا الحمد وحده فى الأولیین، ففیهما و امثالهما من الاجزاء و الشرائط التى یعذر الجاهل فیها، لا تجب الاعادة لقوله((علیه السلام)): لا تعاد الصلاة الا من خمسة: الوقت و القبلة و الطهور و الرکوع و السجود.
الثّانیة أن یکون الاختلاف بین المعدول عنه و المعدول الیه فى الطهور مثلا فافتى الاول بوجوب الوضوء فى الجبیرة المستوعبة لتمام العضو، و افتى الثانى بوجوب التیمم فیها، فقد یقال: إن العدول الى الثانى ان کان فى الوقت، وجبت الاعادة و ان کان فى خارج الوقت ففیه تفصیل، فان کانت فتوى المجتهد الثانى مستندة الى امارة معتبرة و دلیل اجتهادى کاشف عن عدم مطابقة العمل للواقع من الأول، وجب القضاء، و ان کانت مستندة الى اصالة الاشتغال و الاحتیاط التى لیس لها لسان الکشف عن عدم مطابقة العمل للواقع، لم یجب القضاء لأنها لا تثبت الفوت الّذى هو موضوع وجوب القضاء کما اذا کانت فتوى الثانى، بوجوب التعدد فى مثال المتن، مستندة الى قاعدة الاشتغال.
و فیه انه یتم ان لم تقم السیرة من المتشرعة على صحة ما اتى به على طبق فتوى الأول، و هى قائمة على ذلک، الّا فیما اذا انکشف الخلاف و البطلان بالقطع الوجدانى و هو من الندرة بمکان.
و یشهد لما ذکرنا عدم معهودیة القضاء و التدارک لما اتى به على طبق فتوى الأول من المتدینین و العلماء و المحصّلین فى الحوزات العلمیة فضلا عن عموم المؤمنین، فان التقلید و فوت المقلَّد الأول و العدول الى الحى محل الابتلاء للعموم فاذا قلّد والحى یطبقون الاعمال اللاحقة بفتواه، لا السابقة.
ثم ان السید الحکیم ((قدس سره)) افتى بعدم وجوب الاعادة و القضاء للاعمال السابقة الّتى أتى بها على طبق فتوى الأوّل لاستصحاب الحجیة لفتوى المیّت بالاضافة الى الوقایع السّابقة.
و یردّه أنّ الاستصحاب حجة مادام لم ینکشف الخلاف بفتوى الحى، فاذا انکشف کیف یکون حجة; و بعبارة أخرى، اذا انکشف الخلاف بما هى حجّة فعلا و هى فتوى الحى کان اطلاق دلیل الواقع محکماً حتى بالاضافة الى الوقایع السابقة، و معه کیف جرى الاستصحاب على أنه لا یجرى فى الشبهات الحکمیة، لمعارضته باستصحاب عدم الجعل
نعم لا مانع من جریان الاستصحاب ان کان نظر الحى هو الاحتیاط، کما اذا افتى المیت بکفایة ضربة واحدة فى التیمم و احتاط الحى بضربتین، فیجرى الاستصحاب لأنّ خلافه لم ینکشف.
(2) الحکم بالصّحة مطلقا محل اشکال، بل لابدّ من التفصیل و هذا هى الصّورة الثالثة، فان عقد على امرأة بالفارسیة، و کانت فتوى المیت صحته و لکنها ماتت قبل الرجوع الى الحى القائل بفساده، یحکم بصحته، فلا مجال لدعوى الورثة مهر المثل، فان السیرة قائمة على ذلک.
و أمّا إن کانت حیّة عند الرجوع الى الحى، فلا مجال للقول: بالصحة، فانها مورد الابتلاء فى الحال و المستقبل، فکیف یرتب آثار صحّة العقد، مع ان مقلَّده، یقول: ببطلان العقد الفارسى و حرمة ترتیب آثاره و ان المرأة اجنبیة.
و کذالکلام فیما اذا کانت المعاطاة موجبة للملکیة عند المیت و اشترى دارا بها، و کانت مسکناً له حین الرّجوع الى القائل بفساد بیع المعاطاة، فکیف یسکنها، و مرجعه یفتى بانّها لیست ملکاً للمشترى.
و أمّا اذا اشترى شاة بالمعاطاة و ذبحها و أکلها، فیحکم بالصّحة، لما عرفت من قیام السّیرة بذلک، و أما اذا کانت الشاة باقیة، فهى و إن لم تکن ملکاً للمشترى بحسب الفتوى الحى الا أن السّیرة قائمة على جواز التصرف فیها، و ذلک لتراضى الطرفین به.
(3) لقیام السّیرة بذلک، و أمّا نفس ذلک الشئ اذا کان باقیاً، فلا یحکم بعد ذلک بطهارته، کما اذا اصابت الغسالة ثوباً و کان باقیاً حین الرجوع الى الحى، فلابد من تطهیرة، و لا یجوز ان یصلى معه.
(4) کما اذا ذبح الحیوان باستیل و مات مقلَّده، فقلَّد من یقول: بعدم جواز الذبح به، فلا اشکال فى عدم جواز اکله، و أمّا بیعه لمن یرى حلّیة اکله اجتهاداً أو تقلیداً، فهل یجوز أم لا؟ الظّاهر هو الثانى، بناء على عدم جواز بیع المیتة و أمّا على القول بجواز بیعها لمن یستحلّها، فالجواز هو الاظهر لان المشترى فى المقام لایراه میتة، بل یراه، مزکّى، و الأحوط نقله الى من یراه حلالا بالصّلح.
و کذ الکلام فیما اذا لم یکن المذبوح باستیل موجوداً و لکن جلده صنع فرواً و کان باقیاً، فان البایع حسب تقلیده یراه جلد المیتة و المشترى یراه جلد المزکّى فان نوقش فى بیعه، لا یناقش فى نقله بالصلح، و لعلّنا نتکلم فیما یأتى فى موارد تبدل الرأى أو العدول الى الحى او الأعلم اکثر من ذلک انشاء الله.
مساله 54 ص (204 - 205)
▲ مساله 54 ص (204 - 205)
(مسألة 54) الوکیل فى عمل عن الغیر کاجراء عقد او ایقاع او اعطاء خمس او زکاة أو کفارة او نحو ذلک، یجب ان یعمل بمقتضى تقلید الموکّل لا تقلید نفسه اذا کانا مختلفین و کذا الوصى فى مثل ما لو کان وصیاً فى استئجار الصّلاة عنه، یجب ان یکون على وفق فتوى مجتهد المیت(1)
(1) قال سیدنا الاستاذ((قدس سره)): یختلف حکم المسألة باختلاف الموارد فان تفریغ ذمة الغیر قد یصدر من المتبرّع، و أخرى من الولى و ثالثة من الوصى و رابعة من الوکیل، فان کان المتصدى للتفریغ هو المتبرع او الولى کالولد الاکبر اذا اراد تفریغ ذمة والده المیت عن الصلاة و الصّیام، فلا مناص من ان یفرغا ذمة المیّت بما هو الصّحیح عندهما، حتى یسوغ لهما الاجتزاء به فى تفریغ ذمته -وجوباً او استحباباً- فاذا کان المیت بانیا على وجوب التسبیحات الأربع ثلاثاً او على وجوب السورة فى الصّلاة، دون المتبرع او الولى، جاز لهما الاقتصار فى التسبیحات الأربع بالمرة الواحدة أوبالصّلاة من دون السورة، لأنهما محکومان بالصحة و مفرغان ذمة المیت عندهما، و کذلک الحال فیما اذا اختلفا فى الارکان، کما اذا بنى المیت اجتهادا او تقلیداً على وجوب التوضّأ فى بعض الموارد مع الجبیرة و بنى الولى و المتبرع على وجوب التیمم فیه، فان اللازم أن یراعیا الصّحیح عندهما، لا الصحیح عند المیت.
و فیه انه لا یتم على مبناه((قدس سره)) فانه بنى على أن المقلد فى مورد الاختلاف بین مقلَّده و مجتهد آخر، لابد من أن یأخذ بأحوط القولین و من الواضح ان احوطها هو تثلیث التسبیحات الأربع و الصّلاة مع السورة، فکیف یقنع الولى بما هو رأى مقلَّده، مع ان الاحوط هو الأخذ بفتوى مجتهد المیت.
و کذ الأحوط فى المثال الثانى هو الأخذ بالقولین و الجمع بین وضوء الجبیرة و التیمم، حیث أن أحد القولین لا یکون موافقا للاحتیاط.
فتفریغ ذمة المیت، یتوقف على الجمع بینهما من الولى.
نعم فى مورد التبرع، یصح ان یقتنع بما هو فتوى مقلّده حیث انه لا الزام علیه و امّا على المختار من عدم لزوم الأخذ بأحوط القولین، صحّ ما افاده((قدس سره)) بلا فرق بین الولى و المتبرع.
مساله 55 ص(205 - 206)
▲ مساله 55 ص(205 - 206)
(المسألة55) اذا کان البایع مقلداً لمن یقول بصحة المعاطاة -مثلا- أو العقد بالفارسى و المشترى مقلّداً لمن یقول: بالبطلان، لا یصح البیع بالنسبة الى البایع ایضاً، لانه متقوّم بالطرفین(1) فاللازم ان یکون صحیحاً من الطرفین، و کذا فى کل عقد کان مذهب احد الطرفین بطلانه و مذهب الآخر صحته.
(1)استشکل على المتن السید الحکیم و الاستاذ((قدس سرهما)) بان الواقع واحد امّا صحیح و امّا فاسد، و اما فى مرحلة الظّاهر، فیمکن التفکیک بینهما، فلا مانع من ان یکون العقد صحیحاً بالنسبة الى أحدهما و فاسدا بالنسبة الى الآخر.
و فیه ان التفکیک فى مرحلة الظاهر، لا یفید بل موجب للنزاع، فلا یمکن لأحدهما ترتیب آثار الصحة، فاذا اخذ البایع الثمن لاعتقاد انه ملکه، یأخذه المشترى لزعمه انه باق على ملکه، و البایع یدفع المبیع الى المشترى و هو لا یقبله فید فعه الى البایع فاى اثر لهذا التفکیک.
و لعل ما ذکرنا هو مراد الماتن((قدس سره)) فان اعتقاد البایع صحة البیع لا یکون تمام الموضوع لترتیب آثارها على هذا البیع، فترتیب آثار الصّحة متقوم بالتزام الطرفین بها.
و بعبارة أخرى سیرة العقلاء قائمة على ترتیب الأثر المرغوب على البیع لکل من المتبایعین على حسب حاجتهما، فالبایع یحتاج الى الثمن و یرید قبضه و التصرف فیه کیفما یشاء و یحتاج الیه، و المشترى یحتاج الى المبیع و یرید قبضه و التصرف فیه بحسب حاجته و هذا الاثر المرغوب لا یترتب على البیع فى المقام، فالسیرة العقلائیة منتفیة فى مثله، فلا تشمله الادلة الامضائیة کقوله تعالى: أحل الله البیع و نحوه، فصح ان یقال: ان الفساد عند احد الطرفین یستلزم الفساد عند الآخر ایضاً، فلا یقاس ابواب العقود و المعاملات بالاحکام التکلیفیة، فانها یمکن ان تثبت فى حق احد دون الآخر، کالغسالة التى یرى بعضهم طهارتها و هى محکومة بالنجاسة و وجوب الاجتناب عند غیره.
و قد اجاب الاستاذ((قدس سره)) عن هذا الاشکال بان الفساد عند احدهما واقعاً یستلزم الفساد عند الآخر، الا ان کلامنا انما هو فیما راى احدهما بطلان المعاملة بحسب الحکم الظاهرى الثابت عنده بالاجتهاد أو التقلید و رأى الآخر صحتها ظاهراً کذلک هذا ملخص کلامه((قدس سره))
و فیه ما عرفت من أن الاختلاف بین المتبایعین بحسب الظاهر یمنع من ترتیب الاثر المرغوب فى البیع، فیحکم بفساده ظاهرا من الطرفین، لعدم شمول ادلة الامضاء مثله.
مساله 56 ص (206 - 207)
▲ مساله 56 ص (206 - 207)
(مسألة56) فى المرافعات اختیار تعیین الحکام بید المدعى(1) الاّ اذا کان مختار المدعى علیه أعلم، بل مع وجود الأعلم و امکان الترافع الیه، الاحوط الرجوع الیه مطلقا(2)
(1) الوجه فیه هو ان المدعى هو الذى یحتاج فى اثبات مدعاه الى الحجة، فله ان یقیم الحجّة باى وجه شاء و یستدل بأى دلیل اراده فلیس للمنکر ان یعّین الحاکم او الشهود أو ان یقول: لا اقبل ان ترافع عند فلان، فانه غیر مسموع عند العقلاء و لا یعتنون بما یقترحه، فانه لیس له الامطالبة الحجة من المدعى، و کذا الامر فى الاستدلات العلمیة، فان النافى یکفى نفیه، و الاثبات انما هو على المدعى.
و قد ظهر مما ذکرنا ان ما افاده الماتن من أن مختار المدعى علیه ان کان اعلم، یتعین الترافع الیه، لا یمکن المساعدة علیه، فان الأعلمیة، لا تکون موجبة له فى القضاء، بل الاعلم و غیره سیان، الا اذا کانت الشبهة حکمیة، و کان منشأ النزاع هو ثبوت الحکم الشرعى و عدمه، فهناک یتعین الترافع الى الأعلم، لأنه أجود استنباطاً بالاضافة الى الاحکام الشرعیة، و هو یعلم بان المعاطاة موجبة للملکیة ام لا؟ و ان العقد الفارسى موجب لحلیة الزوجة ام لا؟
(2) قد عرفت انه لاوجه للرجوع الى الأعلم الا اذا کان منشأ النزاع هى الشبهة الحکمیة، أمّا فى لشّبهات الموضوعیة، فلا فرق فیها بین الأعلم و غیره.
مساله 57 ص (207 - 209)
▲ مساله 57 ص (207 - 209)
(مسألة57) حکم الحاکم الجامع للشرائط، لا یجوز نقضه و لو لمجتهد آخر(1) الا اذا تبیّن خطأه(2)
(1) و ذلک لمقبولة عمر بن حنظلة(1) فانها صریحة بحرمة النقض.
(2) یظهر من بعض الروایات ان حکم الحاکم له موضوعیة، لایجوز مخالفته و لو مع القطع بالخلاف:
(منها) مارواه خضر النخعى عن أبى عبدالله((علیه السلام))(2) فى الرجل یکون له على الرجل المال، فیجحده، قال: فان استحلفه، فلیس له ان یأخذ شیئاً و ان ترکه و لم یستحلفه فهو على حقه.
(ومنها) ما رواه عبدالله بن وضاح عن ابى عبدالله((علیه السلام))(3)(وفیها) و لولا أنک رضیت یمینه فحلفته لأمرتک أن تأخذ من تحت یدک، و لکنک رضیت بیمینه و قد ذهبت الیمین بما فیها.
(ومنها) ما رواه سلیمان بن خالد بسند صحیح قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن رجل وقع له عندى مال آخذه (فآخذه) لمکان مالى الذى أخذه، و أجحده و أحلف علیه، کما صنع؟ قال: ان خانک فلا تخنه و لا تدخل فیما عتبه علیه.(4)
و هذه الصّحیحة -کما ترى- تدل على عدم جواز مخالفة حکم الحاکم و لو مع القطع بالخلاف.
و لکن الأولیین ضعیفتان، فلا یعتمد علیهما، و صحیحة سلیمان ظاهرة فى عدم الجواز، و فى قبالها صحیحة ابى بکر الحضرمى، قال: قلت له: رجل لى علیه دراهم فجحدنى و حلف علیها، أیجوز لى إن وقع له قبلى دراهم أن آخذه منه بقدر حقّى؟ قال: فقال: نعم.(5)
و حیث ان الأولى ظاهرة فى عدم الجواز و هى صریحة فیه، فتحمل الأولى على الکراهة.
ثم انّ حکم الحاکم، لا یجوز نقضه لأحد المتخاصمین و ان قطع بالخلاف، فانه لا یسمع منه و لا یقبله العقلاء و لا اثر له و یکون ملوماً عند الاجتماع و لا طریق له الى اثبات قطعه بالخلاف، فلا یکون القضاء موجبا لفصل الخصومة، و قد عرفت ان المقبولة صریحة فى ذلک.
و اما ما دل علیه صحیحة ابى بکر من جواز التقاص، و انما هو فیما بینه و بین الله بحیث لا یطلع علیه احد، فان الحاکم لا یغیّر الواقع، کما تدل على ذلک صحیحة هشام بن الحکم(1) عن ابى عبد الله((علیه السلام)) قال: قال رسول الله((صلى الله علیه وآله)): انمااقضى بینکم بالبینات و الایمان و بعضکم ألحن بحجته من بعض فأیما رجل قطعت له من مال أخیه شیئاً فانّما قطعت له به قطعة من النار.
1- س ج ب 11 من ابواب صفات القاضى ح1 ص99
2- س ج 18 ب 10 من ابواب کیفید الحکم ح1 ص180-179
3- س ج 18 ب 10 من ابواب کیفید الحکم ح2 ص180-179
(4)(5)- س ج 12 ب 83 من ابواب مایکتسب به ح7و4 ص204و203
مساله 58 ص (209)
▲ مساله 58 ص (209)
(مسألة 58) اذا نقل ناقل فتوى المجتهد لغیره، ثم تبدل رأى المجتهد فى تلک المسألة، لا یجب على الناقل اعلام من سمع منه الفتوى الأولى و ان کان احوط، بخلاف ما اذا تبین له خطأه فى النقل، فانه یجب علیه الاعلام.(1)
(1) لابد فى المقام من التفصیل، فوجوب الإعلام انما هو فیما اذا أخطأ فى نقل الحکم الإلزامى، فنقل انه مباح أو مستحب أو مکروه، و فى الواقع کان واجباً او حراماً فحیث انه یوجب ترک الواجب أو فعل الحرام، یجب علیه الاعلام.
و اما اذا اشتبه علیه الحکم الغیر الالزامى بالالزامى، فنقل ان الدعاء عند روئیة الهلال واجب أو أن شرب التتن حرام عند المجتهد الفلانى، فتبین ان فتواه استحباب الدعاء و کراهة الشرب او اباحته، فلا یجب علیه الاعلام لعدم الدلیل علیه فانه لیس سبباً لترک الواجب او فعل الحرام.
مساله 59 ص (209 - 210)
▲ مساله 59 ص (209 - 210)
(مسألة 59) اذا تعارض الناقلان فى نقل الفتوى، تساقطا(1) و کذا البینتان، و اذا تعارض النقل مع السّماع عن المجتهد شفاهاً، قدم السّماع و کذا اذا تعارض ما فى الرسالة مع السماع(2)
و فى تعارض النقل مع ما فى الرسالة، قدّم ما فى الرّسالة مع الأمن من الغلط.
(1) التساقط انما هو عند التکافوء، و أمّا اذا کان أحدهما ثقة و الآخر غیرها یقدم الثقة بلا اشکال، و أمّا اذا تعارض النّقل مع السّماع شفاهاً، قدّم السّماع لأنّه یوجب الإطمینان بل القطع و النقل الذى موجب للظن لا یعارض القطع.
(2) فى تقدیم السماع على ما فى الرسالة مطلقا: تأمّل، فان کانت الرسالة ممادّونها بعض الثقاة، یکون التعارض بین السماع و النقل، فیقدم السّماع و اما ان کانت الرّسالة بخط المجتهد أو امضائه، فیقدّم ما فى الرسالة لأنّها أضبط، فان الاهتمام بالکتابة اکثر من المکالمة، فطبعاً تقدّم على السماع.
و على الجملة إن تعارض الناقلان أو السماعان أو الرّسالتان یقدّم الثانى لاحتمال العدول، و ان کان التاریخ واحداً فمع التکافوء یسقطان بالمعارضة، و لکنه لا یتصور فى السّماع، فانّه فى آن واحد لایتکلم بکلامین.
1- س ج 18 ب 2 من ابواب کیفیة الحکم ح1 ص169
مساله 60 ص (210 - 212)
▲ مساله 60 ص (210 - 212)
(مسألة 60) اذا عرضت مسألة لا یعلم حکمها و لم یکن الأعلم حاضراً، فان امکن تاخیرا الواقعة الى السؤال وجب ذلک(1) و الا فان امکن الاحتیاط، تعین(2) و ان لم یمکن یجوز الرجوع الى المجتهد آخر الاعلم فالاعلم و ان لم یکن هناک مجتهد آخر و لارسالته یجوز الرجوع، الى المجتهد آخر الاعلم فالاعلم و ان لم یکن هناک مجتهد آخر و لارسالته، یجوز العمل بقول المشهور بین العلماء اذا کان هناک من یقدر على تعیین قول المشهور، و اذا عمل بقول المشهور، ثم تبین له بعد ذلک مخالفته لفتوى مجتهده، فعلیه الإعادة او القضاء(3) و اذا لم یقدر على تعیین قول المشهور، یرجع الى اوثق الأموات(4) و ان لم یمکن ذلک ایضاً، یعمل بظنه و ان لم یکن له ظن بأحد الطّرفین، یبنى على احدهما، و على التقادیر بعد الاطلاع على فتوى المجتهد، ان کان عمله مخالفا لفتواه فعلیه الاعادة او القضاء(5)
(1) لا دلیل على وجوب التأخیر مع امکان الاحتیاط، و قد تقدم ان الامتثال الاجمالى فى عرض التفصیلى فیما اذا لم یعرف المأمور به، لا فى طوله، راجع مسألة 4 فى اوائل البحث.
(2) لاوجه لتعیّن الاحتیاط مع وجود فالاعلم و عدم العلم باختلاف فتواه لفتوى الأعلم، بل فى هذا الفرض یجوز الرّجوع الیه مع فقد الأعلم، من الأول، فانه مخیّر بین الاحتیاط و الرجوع الیه.
و ان لم یوجد مع عدم امکان الاحتیاط، یرجع الى المشهور بین الفقها لانه اقرب الى الواقع، و ان لم یعرف ذلک، یرجع الى اعلم الاموات، و لم نعرف وجهاً لتعبیر الماتن: أو ثق الأموات. و ان لم یمکن ذلک ایضاً، یرجع الى فتوى المیت و ان لم یکن اعلمهم.
و ان لم یمکن ذلک ایضاً، یعمل بظنه و ان لم یکن له الظن بأحد الطرفین او الاطراف، یعتمد على ما یحتمله.
الوجه فى ذلک أنا نعلم اجمالا بتکالیف الزامیة فى الشرع الاقدس، فان لم یکن لنا طریق الیها، لابد من تفریغ الذمة بالاحتیاط، فان لم یمکن ذلک، تصل النوبة الى العمل بالظن، و ان کانت الشبهات کثیرة و کان الاحتیاط الکلى موجباً للعسر و الحرج تصل النوبة الى التبعیض فى الاحتیاط و ان لم یمکن الاحتیاط مطلقا، فلابد من العمل بالظن، و قد حققنا ذلک فى مبحث الانسداد.
(3) لان المکلّف یأتى بالعمل على طبق القول المشهور لانه اقرب الى الواقع، لالقیام الدّلیل على حجیته بالخصوص، و نتیجته هو وجوب الإعادة أو القضاء اذا انکشف مخالفته لفتوى من یرجع الیه.
بخلاف ما اذا کان ذلک لقیام الدّلیل على الحجیة بالخصوص، فعلیه یفصّل فى فرض إنکشاف الخلاف بین ما یعذر فیه الجاهل و ما لا یعذر فیه کالأرکان.
و یمکن أن یقال: إنه فى فرض العمل بالقول المشهور، یجرى دلیل انسداد صغیر و نتیجته عند القائلین بالکشف، حجیة الظن الحاصل منه، فعلیه یمکن ان یتمسّک بحدیث لاتعاد الصلاة الامن خمسة... لعدم وجوب الاعادة عند الاخلال بغیر الأرکان. فان الظن المذکور، لا ینقص عن فتوى المرجع.
(4) لاوجه لما افاده فان المرجع هو اعلم الاموات کما اشرنا الیه انفاً.
(5) لأنّه لم یقم الدلیل على اعتبار هذه الأمور بالخصوص و انما یأتى بها من باب الاحتیاط، فلا یکون حین العمل معتقداللصحة حتى یشمله حدیث لاتعاد...
و فیه ما عرفت من أن دلیل انسداد صغیر، یجرى فعلى الکشف یکون الظن الحاصل من هذه الأمور حجّة منصوبة، فلا فرق بینه و بین فتوى المرجع فى جریان حدیث لاتعاد.
مساله 61 ص (212 - 213)
▲ مساله 61 ص (212 - 213)
(مسألة61) اذا قلّد مجتهداً ثم مات فقلّد غیره، ثم مات، فقلد من یقول: بوجوب البقاء على تقلید المیت او جوازه، فهل یبقى على تقلید المجتهد الأوّل أو الثانى؟ ألأظهر الثانى(1) و الاحوط مراعاة الاحتیاط.
(1) قال السید الحکیم((قدس سره)) فى وجهه: (لإنّ التقلید الأول قد انقطع بتقلید الثانى المفروض الصّحة، فالرجوع الى الاول بعد تقلید الثانى، لیس من البقاء على التقلید بل هو من التقلید الابتدائى، فاذا کان رأى الثالث وجوب البقاء، تعیّن البقاء على تقلید الثانى).
و استکشل على المتن عدة من معلّقى العروة بأن الثالث الحى ان أفتى بوجوب البقاء تعیّن البقاء على تقلید الأول لان عدو له الى الثانى لم یکن على طبق الموازین الشرعیة وان افتى بجواز البقاءوجواز العدول ،اما یبقى على الثانى و اما یعدل الى الحى.
و التحقیق یقتضى ان یقال: ان کان الأول اعلم من الثانى و الثالث، یجب البقاء على تقلیده، فانّ العدول عن الأعلم الى غیره لایجوز.
و ان کان الثانى أعلم و علم الاختلاف بینه و بین الحى یجب البقاء علیه، و ان لم یعلم الاختلاف، یجوز البقاء و یجوز العدول و ان کان البقأ احوط.
مساله 62 ص (213)
▲ مساله 62 ص (213)
(مسألة 62) یکفى فى تحقق التقلید أخذ الرسالة و الالتزام بالعمل بما فیها و ان لم یعلم ما فیها و لم یعمل(1) فلو مات مجتهده، یجوز له البقاء و ان کان الاحوط مع عدم العلم، بل مع عدم العمل و لو کان بعد العلم عدم البقاء و العدول الى الحى بل الاحوط استحبابا- على وجه- عدم البقاء مطلقا، و لو کان بعد العلم والعمل.
(1) قد تقدّم ان التقلید هو العمل المستند الى فتو المجتهد، فلا یکفى اخذ الرسالة و الالتزام بالعمل بما فیها.
مساله 63 ص (213)
▲ مساله 63 ص (213)
(مسألة63) فى احتیاطات الأعلم، اذا لم یکن له فتوى یتخیر المقلّد بین العمل بها و بین الرجوع الى غیره الاعلم فالاعلم(1).
(1) اذا دار الأمر بین الظهر و الجمعة أو القصر و التمام او خمریّة هذا الاناء او ذاک من موارد الشک فى المکلّف به، لا یجوز الرجوع الى من لایوجب الاحتیاط، بل یتعین علیه العمل بما افتى به مقلَّده من وجوب الموافقة القطعیة، لانه یخطّأ من لایوجبها.
مساله 64 ص (214)
▲ مساله 64 ص (214)
(مسألة 64) الاحتیاط المذکور فى الرسالة امّا استحبابى و هو ما اذا کان مسبوقاً أو ملحوقاً بالفتوى و امّا وجوبى و هو ما لم یکن معه فتوى و یسمّى بالاحتیاط المطلق و فیه یتخیر المقلد بین العمل به و الرّجوع الى مجتهد آخر(1)
و أما القسم الأول، فلا یجب العمل به و لا یجوز الرّجوع الى الغیر، بل یتخیر بین العمل بمقتضى الفتوى و بین العمل به.
(1) هذا یتم فى مثل الاحتیاط فى الشبهة قبل الفحص کما عرفت و أمّا الاحتیاط فى الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالى، فلا یجوز الرجوع فیه الى الغیر.
مساله 65 ص(214)
▲ مساله 65 ص(214)
(مسألة65) فى صورة تساوى المجتهدین، یتخیر بین تقلید ایهما شاء، کما یجوز له التبعیض حتى فى أحکام العمل الواحد(1) حتى أنه لو کان مثلا فتوى احدهما وجوب جلسة الاستراحة و استحباب التثلیث فى التسبیحات الأربع و فتوى الآخر بالعکس، یجوزان یقلّد الأوّل فى استحباب التثلیث و الثانى فى استحباب الجلسة.
(1) فیه اشکال بل منع، فان المکلّف اذا قلّد أحدهما فى استحباب الجلسة و الآخر فى استحباب التثلیث و ترکهما فى الصّلاة، کانت صلاته باطلة عند کلا المجتهدین فلا مؤمن له من العقاب فى هذه الصّلاة، فان الاجتهاد و الاحتیاط منتفیان فى الفرض، و التقلید لا یکون مؤمناً لفتوى کلا المجتهدین بالبطلان.
مساله 66 ص (214 - 215)
▲ مساله 66 ص (214 - 215)
(مسألة 66) لا یخفى أنّ تشخیص موارد الاحتیاط عسر على العامى، اذ لابد فیه من الاطلاع التام(1) و مع ذلک قد یتعارض الإحتیاطان، فلا بد من الترجیح و قد لا یلتفت الى اشکال المسألة حتّى یحتاط، و قد یکون الاحتیاط فى ترک الاحتیاط، مثلا الأحوط ترک الوضوء بالماء المستعمل فى رفع الحدث الأکبر، لکن اذا فرض انحصار الماء فیه، الأحوط التوضأ به، بل یجب ذلک بناء على کون احتیاط التّرک استحبابیاً، و الأحوط الجمع بین التّوضّأ به و التّیمّم، و ایضاً الأحوط التثلیث فى التسبیحات الأربع، لکن اذا کان فى ضیق الوقت و یلزم من التثلیث وقوع بعض الصلاة خارج الوقت، فالاحوط ترک هذا الاحتیاط، او یلزم ترکه، و کذا التیمم بالجص خلاف الاحتیاط، لکن اذا لم یکن معه الاّ هذا، فا الاحوط التیّمم به، و اذا کان معه الطین مثلا، فالاحوط الجمع و هکذا.
(1) فإنّ الأمر قد یدور بین صرف الماء فى الطّهارة الحدثیة أو الخبثیة فیما اذا کان کافیاً لأحدهما، و قد یدور بین الصّلاة مع السّاتر النجس أو عاریاً و قد یدور بین الصلاة الى أربع جهات مع التیمّم و الى جهتین مع الوضو لضیق الوقت، فان الاحوط لمتحیر القبلة أن یصلى الى اربع جهات و لکن الوقت اذا کان ضیقا، لا یسعها کذلک مع الوضوء فلابد من أن یتیمّم و یصلى الى اربع جهات لان القبلة من الارکان و الطهارة المائیة لیست منها فلا یقدر العامى على الترجیح
مساله 67 ص( 215 - 217)
▲ مساله 67 ص( 215 - 217)
(مسألة 67) محل التقلید و مورده هو الاحکام الفرعیة العملیة، فلا یجرى فى اصول الدین(1) و فى مسائل اصول الفقه و لا فى مبادى الاستنباط من النحو و الصرف و نحوهما، و لا فى الموضوعات المستنبطة العرفیة او اللّغویة و لا فى الموضوعات الصّرفة، فلو شک المقلد، فى مایع انه خمر او خل مثلا، و قال المجتهد انه خمر لا یحوز له تقلیده، نعم من حیث انه مخبر عادل، یقبل قوله، کما فى اخبار العامى العادل و هکذا. و أمّا الموضوعات المستنبطة الشرعیة کالصلاة و الصوم و نحوهما، فیجرى التقلید فیها، کالأحکام العملیة.
(1) لأن اصل الدین و أساسه، لابّد أن یثبت بالقطع و الیقین کالتوحید و النّبوة و المعاد، حتى یصدق على الانسان أنه مسلم أو مؤمن، و بعبارة أخرى الشّهادة على التّوحید و النّبوه و المعاد، لا تحقق الاعند القطع بها، فان الشهادة هو الاخبار القطعى فى الحال و عند التکلم عن المشهود به کالتوحید و الرسالة، و هذا لا یتحقق بالتقلید، فان غایة ما یترتب علیه هو الظن، هذا اولا.
و ثانیاً، قد تقدّم أنّ التّقلید هو الإستناد فى مقام العمل الى العالم وجعله قلادة فى عنقه، و أصل الدّین هو الایمان و الإعتقاد، و هو لا یمکن أن یجعل قلادة فى عنق الغیر.
و ثالثاً ان السیرة القطعیة الجاریة فى رجوع الجاهل الى العالم، انما هى فى الأعمال الجوارحیة، کالصّلاة و الصّیام و الحج و الطّب و الهندسة و امثالها، فان نظر العالم مورد للقبول فیها تعبّداً، و أما الأصول الاعتقادیة، فرجوع الجاهل الى العالم فیها لیس الالتحصیل العلم لا للقبول تعبّداً.
و أمّا مسائل أصول الفقه، کحجیة الخبر و الاستصحاب و ظواهر الکتاب و السنة و أنّ الأمر ظاهر فى الوجوب و النّهى فى التحریم و امثالها، فا الظاهر جواز التقلید فیها، فان المقلَّد، یسند الحکم الى الامام(ع) لقیام خبر الثقة به و یجرى الاستصحاب فى الشبهات الموضوعیة، بل تقدم من الماتن ان تقلید غیر الأعلم، منوط بفتوى الاعلم بجواز تقلیده، و هو عبارة أخرى عن حجّیة فتوى الأعلم فى
مسألة أصول الفقه، فتکون فتوى غیر الاعلم حجة بفتوى الأعلم بها و مسألة الحجیة من المسائل الاصولیة لا الفرعیة و لکن الماتن فى ذیل مسألة(46) قال: (بل لو افتى الاعلم بعدم وجوب تقلید الاعلم، یشکل جواز الاعتماد علیه.) و فیه انه ینافى ما یظهر منه فى صدر هذه المسألة فراجع
و امّا مبادى الاستنباط کالنحو و الصرف و امثالها، فالظاهر قیام سیرة العلماء و الفقهاء على الاعتماد على ما هو المسلم عند الصرفیین و النحویین و البیانیین مثلا.
و کذا الکلام فى الموضوعات المستنبطة العرفیة و اللّغویة، کالصعید و الغناء و المفازة و أمثالها، فان الفقهاء یعتمدون على قول العالم بمفاهیمهالحصول الوثوق بها، لاللقبول تعبداً و ان لم یحصل الوثوق. و امّا الموضوعات المستنبطة الشرعیة، فالتقلید فیها من الفقیه کالتقلید فى الاحکام العملیة.
مساله 68 ص (217 - 218)
▲ مساله 68 ص (217 - 218)
(مسألة68) لا یعتبر الأعلمیة فیما امره راجع الى المجتهد الا فى التقلید(1)
و اما الولایة على الأیتام و المجانین و الأوقاف التى لا متولى لها و الوصایا التى لا وصى لها و نحو ذلک، فلا یعتبر فیها الأعلمیة(2) نعم الاحوط فى القاضى ان یکون اعلم من فى ذلک البلد او فى غیره مما لا حرج فى الترافع الیه.
(1) فیما اذا کان الاختلاف بینه و بین غیره، فان الأدلة اللفظیة تتساقط، بالتعارض، فتصل النوبة الى سیرة العقلاء و لا شک فى أنها قائمة على الرجوع الى الأعلم و هى غیر مردوعة.
و لکنه یمکن ان یقال: أن ما قلنا فى التقلید، یجرى فى غیره ایضاً فاذا لم یکن الاختلاف بین القاضیین، مثلا، فى الحکم و القضاء، جاز الترافع الى کل واحد منهما، و ان وقع الاختلاف لأجل الشبهة الحکمیة، فلابد من الرجوع الى الأعلم کما هو المستفاد من مقبولة عمر بن حنظلة من ترجیح خبر الافقه، بل لو لم تکن المقبولة ایضاً، کان العمل عند التعارض، بقول الأعلم;
و أمّا فى الشبهات الموضوعیة، فلا ترجیح لقول الاعلم و الأفقه. لانها لیست مورد الاستنباط، حتى یقدّم أجود استنباطاً على غیره.
(2) لعدم الدّلیل على اعتبارها و کفایة کل من کان مجتهدا جامعا للشرائط و اما ما ذکره من الاحتیاط فى أعلمیة القاضى، فلإحتمال أن یصادف النزاع اختلاف النظر فى الحکم الکلى.
مساله 69 ص (218)
▲ مساله 69 ص (218)
(مسألة69) اذا تبدل رأى المجتهد، هل یجب علیه اعلام المقلدین ام لا؟ فیه تفصیل، فان کانت الفتوى السابقة، موافقة للاحتیاط، فالظاهر عدم الوجوب، و ان کانت مخالفة، فالاحوط الاعلام، بل لا یخلو عن قوة(1)
(1) قال بعض المعاصرین: فى قوته اشکال بل منع لأن تفویت الواقع مستند الى حجیة فتوى المجتهد فى ظرفها و هى بجعل الشارع.
و فیه أن ذلک موجب لجواز الفتوى حدوثا، و اما من حیث البقاء فالمتبع هو قوله تعالى: و لینذروا قومهم. فان بیان الحکم الالزامى مصداق للانذار و هو وظیفة الفقیة.
مساله 70 ص (218)
▲ مساله 70 ص (218)
(مسألة70) لا یجوز للمقلد اجراء أصالة البرائة او الطهارة او الاستصحاب فى الشبهات الحکمیة(1) و أما فى الشبهات الموضوعیة، فیجوز بعد ان قلّد مجتهده فى حجیتها، مثلا اذا شکّ فى أن عرق الجنب من الحرام نجس ام لا؟ لیس له اجراء اصل الطهارة لکن فى أن هذالماء أو غیره لا قته النجاسة ام لا؟ یجوز له اجرائها بعد أن قلّد المجتهد فى جواز الاجراء.
(1) لأن إجرائها فیها، یتوقف على الفحص عن الدلیل و عدم وجوده و هو خارج عن قدرة المقلد، و أمّا فى الشبهات الموضوعیة، فلا یتوقف اجرائها على الفحص عن الدّلیل او شئ آخر کما حقّق فى محله.
مساله 71 ص (219)
▲ مساله 71 ص (219)
(مسألة71) المجتهد غیر العادل او مجهول الحال، لایجوز تقلیده و ان کان موثوقاً به فى فتواه، و لکن فتاواه معتبرة لعمل نفسه، و کذا لاینفذ حکمه و لا تصرفاته فى الأمور العامة و لاولایة له فى الأوقاف و الوصایا و أموال القصّر و الغیّب(1)
(1) کل ذلک لعدم کونه جامعاً للشرائط، فان العدالة من شرائط المجتهد کما تقدم.
مساله 72 ص (219)
▲ مساله 72 ص (219)
(مسألة 72) الظن بکون فتوى المجتهد کذا، لایکفى(1) فى جواز العمل الا اذا کان حاصلا من ظاهر لفظه شفاهاً أو لفظ الناقل أو من ألفاظه فى رسالته، و الحاصل الظّن لا یکون حجّة الاّ اذا کان حاصلا من ظواهر الألفاظ منه أو من الناقل.
(1) لما دلّ على عدم حجیته من العقل و النقل، نعم اذا کان حاصلا من ظواهر الألفاظ، یکون حجة، و کذا اذا کان موجباً للوثوق لقیام السیرة من العقلاء على ذلک.
فصل فی المیاه
▲ فصل فی المیاه
فصل فی المیاه ص (219 - 227)
▲ فصل فی المیاه ص (219 - 227)
فصل فی المیاه
فصل
الماء إمّا مطلق أو مضاف(1) کالمعتصر من الاجسام او الممتزج بغیره مما یخرجه عن صدق اسم الماء. و المطلق اقسام: الجارى و النابع غیر الجارى و البئر و المطر والکر والقلیل(3)
و کل واحد منها مع عدم ملاقاة النجاسة، طاهر مطهر من الحدث و الخبث(4)
(1) قال السّید الحکیم((قدس سره)): (إن تقسیم الماء الى المطلق و المضاف بلحاظ المسمّى)
و فیه أنّ المسمّى هو الموضوع له، و التقسیم لیس بلحاظه، و الاّلزم ان یکون التقسیم حقیقیاً، و کان اطلاق الماء على المضاف حقیقة، مع ان الامر لیس کذلک، فان اطلاق الماء على ماء الرّمان و البطیخ و الورد و امثالها مجاز.
فعلیه یکون التقسیم بلحاظ المستعمل فیه، فان ما یستعمل فیه هذا للفظ امّا مطلق او مضاف، فاستعماله فى المطلق، حقیقى و فى المضاف مجازى;
فهذا التقسیم کتقسیم الصّلاة الى الصّحیحة و الفاسدة، بناء على انها موضوعة للصحیحة فالمراد أن ما یستعمل فیه الصلاة، امّا صحیح او فاسد، فاستعمالها فى الماهیة التامة من حیث الاجزاء و الشرائط، حقیقة و فى الناقصة مجاز.
نعم لو کانت الصّلاة، موضوعة للأعم، کان تقسیمها الى الصحیحة و الفاسدة
حقیقیاً. ثم ان الماء بما له من المفهوم الحقیقى و المسمّى، لو قسّم الى المطلق و المضاف، لزم جعل قسیم الشئ قسماً له، فان الماء المضاف قسیم للماء المطلق، فکیف یجعل قسماله.
و کذا الصلاة بناء على انها اسم للصحیحة، ان قسّمت بما لها من المفهوم الحقیقى الى الصّحیحة و الفاسدة، لزم جعل قسیم الشئ قسماً له و هو باطل.
و لکن الذى یسهل الخطب أن باب المجاز واسع، و الماء بالمعنى المستعمل فیه، یقسم الى المطلق و المضاف.
(3) الاولى ان یقسّم الماء الى اقسام ستة بنحو آخر: الأول الجارى الذى بلغ حد الکر ولم یکن له مادة. الثانى النابع غیر الجارى، الثالث الکر الّذى لا یکون جاریاً و لا له مادة، الرابع ما لا یکون کرا ولا یکون جاریا و له مادة یصدق علیه عنوان البئر، الخامس القلیل الذى لیس له مادة، السادس ماء المطر.
و أمّا ما أفاده الماتن و إرتضاه الاستاذ((قدس سرهما)) فیرد علیه ان الجارى اذا لم یکن کراً لا خصوصیة له.
(4) قد تسالم الالهیون فضلا عن المسلمین ان الماء طاهر و مطّهر، بل هذا من ضروریات الّدین. و یمکن ان یستدل علیه بالکتاب و السنة أمّا الکتاب فبآیتین احدیهما قوله تعالى و أنزلنا من السماء ماء طهوراً.(1)
و قد فسّر الطهور، جمع کثیر بانه طاهر فى نفسه و مطهّر لغیره.
و استشکل على الاستدلال بالآیة بوجوه:
(ألأول) ما عن بعض اللغویین من أن الطّهور بمعنى الطّاهر، فلا تدل الآیة على أن الماء مطهر لغیره.
وفیه انه لیس بمعنى الطاهر جزماً و الاّلصح استعماله فى کل ما هو طاهر کاللبن و القرطاس و الخشب و غیر ذلک و هو باطل بلا شبهة،
فمنه یعرف ان الطهور لیس بمعنى الطاهر وحده بل بمعنى طاهر فى نفسه و مطهر لغیره.
(الثانى) ما قیل: من ان الطهور فعول و هو من صیغ المبالغة، کالا کول، فهو أشد طهارة من غیره من الأجسام، فهو طاهر بطهارة شدیدة، کما فى قوله تعالى: و سقاهم ربّهم شراباً طهوراً.(2)
فالمراد أن شراب الجنة ذو طهارة شدیدة.
و أجاب سیّدنا الاستاذ الخوئى عن ذلک بأن ذلک صحیح فى الأمور الخارجیة التى لها واقع، فالطهارة بمعنى النظافة، یمکن فیها الشدة و الضعف، فیقال: إن هذا الثوب اطهر من ثوبک أى أشد نظافة منه، و أمّا الأمور الاعتباریة التى لیس لها واقع الاّحکم الشارع و اعتباره، کما فى الطهارة المبحوث عنها فى المقام و الملکیة و الزّوجیة و غیرها من الأحکام الوضعیة التى اعتبرها و جعلها فى حق المکلّفین، فهى مما لا یعقل اتصافه بالأشدیة و الاقوائیة، فلا یصح ان یقال: إن ملکک بالدّار أشدّ من ملکک بالکتاب او ان حکم الشارع بالطهارة فى هذا الشئ أشد من حکمه بها فى الشئ الآخر، فالشارع ان حکم فیهما بالطهارة او بالملکیة فهما على حد سواء، و الا فلاطهارة و لا ملکیة فى البین اصلا، ففى الامور الاعتباریة لا معنى للاتصاف بالشدة و الضّعف، بل الامر فیها یدور بین الوجود و العدم و النفى و
الاثبات، و علیه فلا یعقل استعمال الطهور فى الآیة بمعنى المبالغة.
و أجیب بأن المستشکل، لا یسلّم ان الطهارة فى الماء النازل من السماء امر اعتبارى بل هى امر خارجىّ کالطهارة فى شراب الجنة، فکما أن الطهارة فیه بمعنى النظافة الشدیدة فکذلک الماء النازل من السماء طهارته شدیدة لبعده من تلوثات الأرض، فکیف یقال: ان طهارة الماء امر اعتبارى کالزوجیة و الملکیة و لا یقبل فیه الشدة و الضعف و الخصم لا یقبله.
الصحیح ان یقال: ان الطهور اطلق على اربعة اشیاء:
(الأول) التیمم کما فى صحیحة زرارة عن ابى جعفر((علیهما السلام)) قال: فان التیّمم احد الطهورین.(3)
(الثانى) التراب کما فى صحیحة محمد بن حمران و جمیل بن دراج عن ابى عبدالله((علیه السلام)): إنّ الله جعل التراب طهوراً کما جعل الماء طهوراً.(4)
(الثالث) الشراب کما فى الآیة المبارکة المتقدمة، و المراد من الطهور فیها لیس النظافة و الطّهارة الشدیدة، بل المراد منها انه طاهر فى نفسه و مطهر لغیره و ذلک لما رواه الکلینى بسنده الصّحیح عن محمد بن اسحاق المدنى عن ابى جعفر((علیهما السلام))(الى ان قال)(ع): فیسقون منها شربة یطهر قلوبهم من الحسد و یسقط عن ابصارهم الشعر و ذلک قول الله (عزّوجل) و سقیهم ربّهم شرابا طهوراً.(5)
(الرابع) الماء کما فى الآیة المتقد مة و المراد منه ما یتطهر به نظیر السحور فانه ما یسحر به و الفطور بمعنى ما یفطر به و الحنوط بمعنى ما یحنط به و الوضوء بمعنى ما یتوضأ به و الوقود بمعنى ما یوقد به.
فالطهور فى الأول بمعنى المطّهر لا غیر فان التیمم مطّهر من الحدث و لا یطلق علیه الطاهر لأنّ الطهارة و النجاسة تطلقان على الذات و لا تطلقان على الفعل أصلا فلا یقال: ان هذالفعل طاهر و ذاک نجس.
و الطّهور فى الثانى و الثّالث و الرّابع بمعنى طاهر فى نفسه و مطهّر لغیره و قد ظهر مما ذکرنا تمامیة الاستدلال بالآیة على مطهّریة الماء فانّه مطهّر لغیره و لاینافیه کون طهارته شدیدة لعدم تلوثه بتلوّثات الأرض فنقول: انه طاهر فى نفسه و مطهّر لغیره و نظافته شدیدة.
(الثالث) أن الآیة على تقدیر دلالتها على مطهریة الماء، فهى، مختصّة بالماء النازل من السماء و هو المطر، فلا تدلّ الآیة على مطهریة میاه الأرض کماء البحر و البئر والعیون.
الجواب ان المیاه کلها نزلت من السماء لقوله تعالى: و أنزلنا من السماء ماءً بقدر، فاسکنّاه فى الأرض و إنا على ذهاب به لقادرون.(6)
روى على بن ابراهیم فى تفسیره عن ابى الجارود عن ابى جعفر((علیهما السلام)) فى قوله تعالى: (و أنزلنا من السماء ماء بقدر فأسکناه فى الأرض )فهى الانهار و العیون و الآبار.(7)
و أمّا البحار فالظاهر أنها مخلوقة قبل نزول الماء من السماء و لیست مجتمعة من الانهار لأنّها ما لحة، و ما نزل من السماء لیس بمالح.
و أمّا قوله تعالى: و أنزلنا الحدید فیه بأس شدید و منافع للناس.(8)
فالإنزال فیه بمعنى الایجاد، کما عن على((علیه السلام)): انزاله ذلک خلقه ایاه.(9)
و کذا قوله تعالى: و ان من شئ الاعندنا خزائنه و ما ننزله الابقدر معلوم.(10)
و التعبیر بالانزال و النزول، انما هو لأجل وصول النعمة من العالى الى الدانى رتبة و الاّ فالمراد هو الایجاد.
(الوجه الرابع) أن الماء فى الآیة نکرة فى سیاق الاثبات، فلا تفید العموم فالمراد ان فرداًمن أفراد المیاه النازلة من السماء مطهّر.
الجواب أن الآیه نزلت فى مقام الامتنان على العباد، فجعل المطهّریة لفرد منه بلا تعیین، ینافیه، فلابد أن یکون المراد کل فرد من أفراد المیاه.
ثانیتهما قوله تعالى: و ینزل علیکم من السّماء ماءً لیطهّرکم به(11)
و هو صریح فى مطهّریة الماء النازل من السماء.
و دعوى اختصاصها بوقعة بدر لانها مورد نزولها، فلا تدل على التعمیم، مدفوعة بأنّ نصوصاً وردت فى أن نزول الآیة فى مورد خاص أو تفسیرها به، لا یوجب اختصاص الآیة بذلک المورد، لأنّ القران یجرى مجرى الشمس و القمر و یشمل جمیع الأطوار و الأعصار من دون ان یختص بقوم دون قوم، و فى تفسیر العیاشى: و لو ان الآیة نزلت فى قوم ثم مات اولئک القوم، ماتت الآیة، لما بقى من القرءان شیئ و لکن القرءان یجرى أوله على آخره.
و فى الوافى روى عن ابن بکیر عن أبى عبدالله((علیه السلام)) قال: نزل القرآن بایاک اعنى واسمعى یاجاره.(12)
و فى الکافى عن عمر یزید بن قال: قلت لابى عبدالله((علیه السلام)): الّذین یصلون ما أمر الله به ان یوصل، قال: نزلت فى رحم ال محمد(صلى الله علیه و علیهم) و قد تکون فى قرابتک ثم قال: فلا تکونن ممّن یقول للشیئ انه فى شیئ واحد(13)
و قد یستشکل على الآیتین بان الطهارة من الخبث و الحدث بالمعنى الفعلى، لم تثبت فى زمن نزول الآیتین، فیمکن ان یکون المراد من التطهیر التطهیر من الاقذار العرفیة و الکثافات الخارجیة، کما افاده الاستاذ((قدس سره))
و یردّه ان الطهارة من الحدث الاکبر و الأصغر، ذکرت فى القرءان کقوله تعالى: ان کنتم جنبا فاطّهروا و قوله تعالى و اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوا وجوهکم و ایدیکم الى المرافق الخ، فالأول لازلة الحدث الاکبر و الثانى لازالة الحدث الاصغر و حیث انّ الطهارة الحدثیة، لم تکن من الأمور المعلومة عند عامة الناس، فلهذا امر، بایجادها و اما ازالة الخبث و النجاسة بالماء فکانت معلومة معهودة عند العامة، لم یذکرها فى القرءان، ایکالا بوضوحها، و یشهد علیه صحیحة ابى خدیجة(14)
أضف الى ذلک ان الایتین تدلان على الطهارة الخبثیة الشرعیة المبحوث عنها فى المقام ایضاً و ذلک اولا انه من البعید جداً ان الصلاة کانت مشروطة بالطهارة الحدثیة و ابلغها الرسول((صلى الله علیه وآله)) و لم تکن مشروطة بالطهارة الخبثیة و لم یبلغها للمسلمین، فعلیه کان المسلمون، یستفیدون من الآیتین المشتملتین على مطهریة ماء السماء، کلتى الّطهارتین.
و لو تنزلنا عن ذلک و سلمنا ان النبى((صلى الله علیه وآله)) لم یبلغ الطهارة من الخبث فى تلک الأوان، کان المسلمون لم یستفدوها من الآیتین الاّ أن ذلک لا یستلزم ان الطهارة الخبثیة بالمعنى المبحوث عنه فى المقام، لم تکن مرادا منهما،فان ذلک یستلزم اختصاصهما بتلک المسلمین فى الصدرالاول، و قد عرفت ان القرءان لا یختص بقوم دون قوم، بل یجرى مجرى الشمس و القمر، فاذاً یکون المسلمون فى جمیع الاعصار مشمولین للآیتین، یستفیدون منهما الطهارة الحدثیة و الخبثیة فلا یبقى شک فى انهما تثبتان کلتى الطهارتین، فلا نحتاج الى اثباتهما بالروایات و ان کانت کثیرة جداً فى موارد مختلفة.
بقى الکلام فى أن الآیتین، تثبتان الطّهوریة و المطّهریة للماء النازل، کما هو
صریح الآیتین فهل تکون مختصه به او تعم جمیع المیاء و لو کان موجوداً بالاعجاز أو مأخوذا من الهواء کما اذا رکّب بین هدروژین و اکسوژین؟ الظاهر هو الثانى و ذلک للاطلاق فى قوله تعالى: (و ان کنتم مرضى او على سفر او جاء احدکم من الغائط و او لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتیمموا صعیدا طیباً(15)
و أنت ترى أن کلمة ماءً وقعت فى سیاق النفى، فتفید العموم، فاذا وجد الماء من أى صنف کان، لایجوز التیمم.
نعم لو کانت کلمة ماء، معرّفة باللاّم، لم یمکن التمسّک باطلاقها لاحتمال کون الّلام للعهد الذهنى أو الذّکرى و أنّ الماء النّازل من السماء کما فى الآیتین هو المطهّر دون غیره.
و مما ذکرنا ظهر أنه لا مجال للقول بأن المطّهر هو الماء النازل من السماء و ان اسکن فى الأرض وجرى من العیون او جمع فى الآبار- کما فى الآیة المبارکة، و امّا ماء البحر، المالح،فبما انه لا یکون نازلا من السماء، فلا یکون مطهراً.
وذلک لأن اطلاق الماء فى الایة-کما عرفت - شامل لکل اصناف الماء فمن کان عنده ماء بحر لایجوز له التیمّم، بل لابد من التطهّر به.
1- الفرقان السّورة25 الآیة48
2- سورة الانسان -76 الآیة21
3- س ج 2 ب21 من ابواب التیمم ح1 ص991
4-س ج 2 ب 23 من ابواب التیمّم ح1 ص994
5- تفسیر البرهان سورة الدهر76ص415
6-سورة المؤمنون23- الآیة18
7- تفسیر على بن ابراهیم ج2 ص91
8- سورة الحدید-57 الآیة25
9- تفسیر نور الثقلین ج5ص250ح100
10-الحجر-15 الآیة21
11-الانفال-8 الآیة11
12- ج 19 ص1770 من الوافى
13-الجزء الثانى ص156ح28
14- س ج 1ب 34 من ابواب احکام الخلوة ح5 ص251
15- المائدة5 - الایة6
مساله 1 ص (227 - 240)
▲ مساله 1 ص (227 - 240)
73(مسألة1) الماء المضاف مع عدم ملاقاة النجاسة، طاهر لکنه غیر مطّهر لامن الحدث و لا من الخبث(1) و لو فى حال الاضطرار(2) و ان لاقى نجساً تنجس و ان کان کثیراً بل و ان کان مقدار الف کر (3) فانه ینجس بمجرد ملاقاة النجاسة و لو بمقدار رأس ابرة فى احد اطرافه فینجس کله (4) نعم اذا کان جاریاً من العالى الى السافل و لاقى سافله النجاسة لا ینجس العالى منه(5)
(1) أمّا طهارته فى نفسه، فلعدم المقتضى لنجاسته، فان الأشیاء کلّها طاهر ما لم یلاق النجاسة، و هو المتسالم علیه بین المسلمین، نعم اذا کان المضاف مأخوذاً من النجس أو المتنجس، فهو نجس فهذا واضح.
و اما عدم رفع الحدث به فهو المشهور بین الأصحاب و هو المستفاد من قوله تعالى المتقدم آنفاً، فان الله تعالى امر بالتیمم عند عدم وجدان الماء، و مقتضى الاطلاق عدم الفرق بین وجود المضاف و عدمه.
و نسب الخلاف فى المقام الى الصدوق((قدس سره)) و انه جوّز الوضوء و الغسل بماء الورد لخبر یونس عن ابى الحسن((علیه السلام)) قال: قلت له: الرجل یغتسل بماء الورد و یتوضأ به للصّلاة؟ قال(ع): لابأس بذلک(1)
قال الشیخ((قدس سره)): هذا خبر شاذ، أجمعت العصابة على ترک العمل بظاهره.
أضف الى ذلک أن سنده ضعیف لأجل سهل بن زیاد، فانه لم یوثق.
على ان دلالته أیضا غیر تامة، فانّ ماء الورد اذا کان معتصرا عنه مضاف و لکنه نادر الوجود، و أما ما یتعطّر بمجاوردة الورد، فهو مطلق یصدق علیه الماء بلا اشکال سواء کان مأخوذا بالتقطیر، کما اذا القى الورد فى الماء فأغلى و اخذ منه القطرات المتصاعد کما هو المتعارف فى زماننا او القى الورد فى الماء و بقى مدة من الزمن، فیتعطر الماء بالمجاورة.
ثم انه لو شککنا فى المراد من الروایة أنه خصوص القسمین المطلقین او الأعم منهما و من قسم المضاف، نتمسک باطلاق الآیة فنقول: المراد منها هو ماء الورد اذا صدق علیه الماء، و المضاف بما انه لا یصدق علیه الماء بلا اضافة، لا یکون مرادا منها.
و مما ذکرنا ظهر ضعف ما ذهب الیه الاستاذ((قدس سره)) من سقوط الروایة عن الاعتبار لأجل المعارضة للکتاب، فان المعارض له هو اطلاقها، لانفسها، فاذا کان المراد من الروایة هو ماء الورد اذا کان باقیا على الاطلاق، لا تکون معارضة للآیة فلماذا تسقط عن الاعتبار.
و اما ازالة الخبث بالمضاف، فذهب الى کفایتها الشیخ المفید و السید المرتضى((قدس سرهما)) لوجوه:
(الأوّل) إطلاق الغسل فى الرّوایات: (منها) صحیحة محمد عن أحدهما((قدس سرهما)) قال: سألته عن البول یصیب الثوب؟ قال: اغسله مرتین(2)
(و منها) صحیحة ابن ابى یعفور قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن البول یصیب الثوب؟ قال: اغسله مرتین(3)
(ومنها) موثقة سماعة قال: سألته عن بول الصّبى یصیب الثوب فقال: اغسله، قلت: فان لم اجد مکانه؟ قال: اغسل الثوب کله(4)
(ومنها) صحیحة زرارة عن ابى جعفر((قدس سرهما)) قال: لاصلاة الابطهور و یجزیک من الاستنجاء ثلاثة احجار، بذلک جرت السنة من رسول الله((صلى الله علیه وآله)) و امّا البول فانه لابّد من غسله(5)
(ومنها) صحیحة یونس بن یعقوب قال: قلت لابى عبدالله((علیه السلام)): الوضوء الذى افترضه الله على العباد او لمن جاء من الغائط أو بال؟ قال: یغسل ذکره و یذهب الغائط، ثم یتوضأ مرّتین مرتین(6)
و فیه أولا أن الغسل و إن لم یقیّد بالماء فى هذه الموارد، الاّ أن کثرة الغسل بالماء و الأمر به، یوجب انصراف الغسل الى الغسل بالماء لقلة استعمال الغسل بغیر الماء بل هو نادر.
واجاب سیدناالاستاذ((قدس سره)) عن هذا الوجه بان کثرة الافراد و قلّتها لا تمنع عن صدق الاسم على الأفراد النادرة و القلیلة و بعبارة أخرى الغسل لیس من المفاهیم المشککة حتى یدعى ان صدقه على بعض افراده، اجلى من بعضها الآخر، بل الغسل کما یصدق على الغسل بالماء، کذلک یصدق على الغسل بغیره حقیقة کالغسل بماء الورد بناء على انه مضاف، اذالغسل لیس الا بمعنى ازالة النجاسة و الکثافة و هى صادقة على کل من الغسلین و بعد صدق الحقیقة على کلیهما، فلا تکون قلّة وجود احدهما خارجاً موجبة للانصراف، کما هو ظاهر.
و فیه أن مدّعى الانصراف، لا ینکر أن صدق الغسل على الغسل بغیر الماء حقیقى، بل یدعى ان انس لفظة الغسل بالغسل بالماء، یوجب ظهورا ثانویاً بحیث اذا اطلق الغسل، ینصرف الى الغسل بالماء، و مدعى الانصراف فى جمیع موارده لا یدّعى أن صدق اللّفظ على المنصرف عنه لیس بحقیقى، بل یقول: صدقه على کلیهما حقیقى، غایة الامر کثرة الاستعمال على حصة من المعنى الحقیقى، توجب
انس اللفظ بتلک الحصة، فاذا اطلق اللفظ تنسبق الى الذهن;
الا ترى أن صدق مالا یوکل على الانسان على نحو الحقیقة و مع ذلک اذا اطلق ینسبق الى الذهن غیر الانسان من الحیوانات الغیر المأکولة، و هذا واضح.
و ثانیاً ان الغسل فى موارد کثیر من النصوص، قیّد بالماء، فهذا التقیید یوجب تقیید المطلقات ایضاً:
(منها) مارواه برید بن معاویة عن ابى جعفر((علیهما السلام)) انه قال: یجزى من الغائط المسح بالاحجار و لا یجزى من البول الاّ الماء(7)
(ومنها)صحیحة داود بن فرقد عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: کان بنو اسرائیل اذا اصاب احدهم قطرة بول، قرضوا لحو مهم بالمقاریض و قد وسع الله علیکم بأوسع ما بین السماء و الارض جعل لکم الماء طهوراً(8)
(و منها) موثقة عمار الساباطى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سأل عن الکوزو الاناء یکون قذراً، کیف یغسل و کم مرة یغسل؟ قال: یغسل ثلاث مرات یصب فیه الماء، فیحرک فیه ثم یفرغ منه ثم یصب فیه ما أخر، فیحرک فیه ثم یفرغ ذلک الماء، ثم یصیب فیه ماء آخر، فیحرک فیه ثم یفرغ منه و قد طهر(9)
(ومنها) مارواه عن الفضل ابى العباس فى حدیث انه سأل ابا عبدالله((علیه السلام))عن الکلب فقال: رجس نجس، لایتوضأ بفضله واصبب ذلک الماء و اغسله بالتراب أوّل مرة ثم بالماء(10)
(ومنها) مارواه ابو اسحاق النحوى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سألته عن البول یصیب الجسد؟ قال: صبّ علیه الماء مرتین(11)
(و منها) صحیحة الحسین بن ابى العلاء قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن البول یصیب الجسد؟ قال: صبّ علیه الماء مرتین(12)
و على الجملة الروایات الآمرة بالغسل بالماء فى ابواب مختلفة کثیره جداً فعلیه تکون الروایات الآمرة بالغسل مطلقاً، مقیدة بها، فعلیه لا یبقى اى مجال للقول: بأن المضاف مطهّر من الخبث.
اضف الى ذلک أن التطهیر بالماء کان امرامراً تکزاً فى اذهان المسلمین، کما تدل على ذلک صحیحة أبى خدیجة عن أبى عبدالله((علیه السلام)) قال: کان الناس یستنجون بثلاثة أحجار، لانهم کانوا یأکلون البسر و کان یبعرون بعراً، فاکل رجل من الانصارالدباء، فلان بطنه فاستنجى با الماء، فبعث الیه النبى((صلى الله علیه وآله)) قال: فجاء الرجل و هو خائف یظن ان یکون قد نزل فیه شیئ یسوؤه فى استنجائه بالماء، فقال له هل عملت فى یومک هذا شیئاً؟ فقال له: نعم یا رسول الله، انى و الله ما حملنى على الاستنجاء بالماء الا انى اکلت طعاماً فلان بطنى، فلم تغن عنى الحجارة شیئاً، فاستنجیت بالماء فقال له رسول الله((صلى الله علیه وآله)): هنیئاًلک، فان الله(عزوجل) قد انزل فیک آیة فابشر (ان الله یحب التّوابین و بحبّ المتطهرین) فکنت اول من صنع هذا و اول التوابین و اول المتطهرین(13)
فقد تحصل ان اطلاق الغسل فى جملة من الرّوایات، یراد منه الغسل بالماء للانصراف اولا و للروایات الکثیرة المقیدة ثانیاً و للارتکاز فى اذهان المتشرعة ثالثا.
(الوجه الثانى) الاجماع حیث استدل له السید المرتضى((قدس سره)) على کفایة الغسل بالمضاف فى تطهیر المتنجسات. و هذا الاجماع على امر کبروى و هو ان الأصل فى کل ما لم یدل الدلیل على حرمته او نجاسته هو الحلیة و الطهارة و قد طبّقها هو على المقام بدعوى انه لم یرد دلیل على المنع من تطهیر المتنجس بالمضاف، فهو امرجائز و حلال و المغسول محکوم بالطهارة. و صدور امثال ذلک منه(ره) فى المسائل الفقهیة غیر عزیز.
و الاجماع على الکبرى المتقدمة و ان کان محققاً، الا ان الاشکال کله فى تطبیقها على المقام. و هو لا یمکن بوجه لما عرفت من ادلة الاجتهادیة على اعتبار الغسل بالماء فى ازالة النجاسة و التطهیر عنها، فکیف تطبّق الکبرى المذکورة علیها، مع ان العلماء فى جمیع الاعصار لم یطبقوها على المقام الا، السیّد و الشیخ المفید((قدس سرهما))
(الوجه الثالث) ان الغرض من وجوب الغسل لیس الاازالة عین النجاسة و هى کما تحصل بالماء کذلک تحصل بالمضاف او بغیر من المایعات.
الجواب اولا انه لم یقم دلیلا على ذلک، و قد عرفت ان الدلیل على اعتبار الغسل بالماء، هو النصوص الآمرة بذلک.
و ثانیاً انه لو کان الغرض من الغسل مجرد ازالة عین النجاسة، لما احتاج الیه اذا زالت العین با الجفاف کما اذا جف البول فى الثوب أو البدن و هو لا یلتزم بذلک جزماً، و کذا اذا أزالها بالمسح على الارض و الحائط.
أضف الى ذلک ان المحقق((قدس سره)) روى فى المعتبر عن الحسین بن ابى العلاء عن الصادق((علیه السلام)) قال: سألته عن الثوب یصیبه البول؟ قال: اغسله مرتین الأول للازالة و الثانى للنقاء(14)
فهى تؤید أن الغرض من الغسل لیس مجرد ازالة عین النجاسة، بل الغرض ازالة العین و الأثر، و لا دلیل على أن المضاف یزیلهما.
و على الجملة المستفاد من النصوص فى موارد مختلفة ان الغرض من الغسل، لیس مجرد ازالة العین، بل العمدة هى ازالة الاثر، الاترى ان ولوغ الکلب یوجب اثراً لایزول الا بالتّعفیر و الغسل بعد ذلک مرتین، و ولوغ الخنزیر یوجب الغسل سبع مرات، مع انه لا یرى هنا عین النجاسة.
(الوجه الرابع) قوله تعالى: وثیابک فطّهر(15) بتقریب ان الله تعالى امر نبیه بتطهیر الثیاب و لم یقیّده بالماء، فالمطلوب هو حصول التطهیر سواء کان بالماء او شئ آخر کالمضاف.
الجواب عن ذلک أن الأمر بتطهیر الثیاب اظهر من الامر بالغسل فى ان یکون ذلک بالماء، فان الغسل بالمضاف ممکن و خرجنا عنه لأجل الانصراف و لتقییده بالماء فى النصوص الکثیرة کما عرفت.
و امّا التطهیر فلا یحصل الاّ بالماء لانه هو الذى جعله الله طهوراً و انزله من السماء لعباده لیطّهرهم، و الرّوایات الدّالة على ذلک کثیرة.
فنقول: الثوب یجب تطهیره لقوله تعالى: و ثیابک فطهّر، و کلما یجب تطهیره یجب ان یطهّر بالماء للآیتین المشار الیهما و لصحیحة داود بن فرقد عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: کان بنوا اسرائیل، اذا أصاب احدهم قطرة بول، قرضوا لحومهم بالمقاریض و قد وسع الله علیکم بأوسع ما بین السّماء و الأرض و جعل لکم الماء طهوراً فانظروا کیف تکونون(16)
و هذه الصحیحة و درت فى مورد الامتنان، فلو کان غیر الماء طهوراً لذکره الامام((علیه السلام)) ایضاً
و ناقش سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) على استدلال السید المرتضى ره بالآیة على التطهیر بالمضاف، بما ملخصه ثلاث:
الاولى أنّ المراد من التطهیر فى الآیة هى ازالة الکثافات العرفیة المنافیة للنظافة لا ازالة النجاسة الشرعیة المحصلة للطهارة الاعتباریة و لعل احکام النجاسات لم تکن ثابته فى الشریعة المقدسة حین نزول الآیة المبارکة فلا تکون الایة مربوطة بالمقام.
الثانیة أنّ الاخبار الواردة فى المقام فسرت الطهارة بتقصیر الثیاب و تشمیرهاکى لا تتلوث بالنجاسات حتى تحتاج الى التطهیر.
الثالثة ان حملنا التطهیر فیها على التطهیر شرعاً الذى هو مورد الکلام، فلا یمکن الاستدلال بها ایضاً فان الآیة على هذا دلّت على لزوم تطهیر الثیاب و اما ان التطهیر یحصل بأى شئ فهى ساکتة عن بیانه و لا دلالة لها على کیفیة التطهیر و أنّه بالماء او بشئ آخر.
و قد ظهر الجواب عنها بما قد مناه من ان الآیة آمرة بتطهیر الثیاب و لا اختصاص لها بالرسول الاکرم((صلى الله علیه وآله)) بل تشمل جمیع الامة، و تفسیرها بتشمیر الثیاب او تقصیرها بیان لبعض المصادیق فلا یکون موجباً للانحصار.
و کذا عدم تبلیغ احکام النجاسات حین نزولها لا یوجب ان المراد منها ازالة القذارات العرفیة لا غیرها بل هى احد المصادیق
فاذا اضممنا الیها الکتاب و السنة المشار الیهما، دلّت على أن تطهیر الثیاب واجب و لا یکون مطهّرها الاّ الماء. و اما المضاف فلا دلیل على مطهریته اصلا، على ان الأمر یدل على الوجوب، و ازالة القذارات العرفیة، لاتکون واجبة و مقدمة للصلوة فالمراد هو التطهیر من النجاسة
(الوجه الخامس) الروایات الواردة فى جواز التطهیر بالمضاف: منها موثقة غیاث بن ابراهیم عن ابى عبدالله((علیه السلام)) عن ابیه عن على((علیهم السلام)) قال: لا بأس أن یغسل الدّم بالبصادق(17)
و منها مرسلة الکلینى قال: روى انه لا یغسل بالرّیق شئ الاّ الدم(18)
و منها صحیحة حکم بن حکیم بن فى خلاد انه سأل ابا عبدالله((علیه السلام)) فقال له: ابول فلا اصیب الماء و قد اصاب یدى شیئ من البول فامسحه بالحائط و بالتراب ثم تعرق یدى فامسح(أمّس) به وجهى، .و بعض جسدى او یصیب ثوبى؟ قال: لا بأس به(19) فهى تدل على کفایة مطلق اذلة النجاسة فى طهارة المحل
الجواب عدم تمامیة الاستدلال بها أمّا موثقة غیاث فهى مختصة بالبصادق والدّم فیکون اخص من المدعى فان السید یدعى ان المضاف یطهّر مطلق النجاسات و هى لا تثبت ذلک.
على أنّها معارضة بما رواه نفس الغیاث من عدم مطهریة البصاق غیر الدم
و اما صحیحة محمد بن حکیم فتدل على عدم منجسیة المنجس و لا تدل على صیرورة المتنجس بازالة العین طاهرة. و مقتضى انحصار المطهر بالماء بقاء الید متنجسة و اما الکلام فى ان المتنجّس منجس ام لا؟ فیأتى فى بحث النجاسات انشاءالله.
ثم انک قد عرفت ان معتبرة غیاث بن ابراهیم لا تکون دلیلا لما اعاده السید من جواز غسل النجاسة بالمضاف، و هل یمکن الالتزام بمضمونها بان نقول ان البصاق مطهر للدم مطلقا ام لا؟
الظاهر هو الثانى فان ذلک مخالف لما تسالموا علیه و لم یقل بمضمونها احد من الاصحاب حتّى السید و المفید((قدس سرهما)) فانهما یریان المضاف مطهرالمطلق النجاسة لا خصوص الدم و بقیة الأصحاب ینکرون التطهیر بالمضاف مطلقا، فعلیه لابد من حملها على التقیة، فان الحنفیة أجازوا ازالة النجاسة بکل مائع غیر الأدهان و جوّز أبو حنیفة جواز الوضوء بالمضاف.
و یمکن ان تحمل على الدم الموجود فى الفم کالخارج من اللثة فان الریق یطهره و هو الذى افتى به الاصحاب.
(2) و خالف فى المقام ابن ابى عقیل فذهب الى مطهریة المضاف حینئذ.
و استدل على ذلک بما رواه عبدالله بن المغیرة عن بعض الصادقین (20) قال: اذا کان الرجل لا یقدر على الماء و هو یقدر على اللّبن فلا یتوضّأ باللّبن نّما هو الماء او التیمم فان لم یقدر على الماء و کان نبیذاً فانى سمعت حریزاً یذکر فى حدیث ان النبى((صلى الله علیه وآله وسلم)) قد توضأ بنبیذ و لم یقدر على الماء.
قال الشیخ((قدس سره)): اجمعت العصابة على انّه لا یجوز الوضؤ بالنبیذ.
و فیه اولا أن المروى عنه لیس المعصوم فأن الصادقین تطلق على الصادقین و الثقات من الرّوات لا على المعصومین فان الصادقین با التثنیة یطلق على الباقر و الصادق((علیها السلام)).
و ثانیاً سلمنا أن المروى عنه هو احد المعصومین، فتحمل الروایة على التقیة (قال ابو حنیفة بجواز الوضو بنبیذ التمر فى السفر).
و یشهد على ذلک اسناده جواز الوضو بالنبیذ الى حریز، فلو کان جائزا لبیّنه من قبله و أمضاه.
اضف الى ذلک أن النبیذ من التمر قسم من المسکر و هو نجس فکیف یمکن الحکم بجواز الوضوء به.
(3) اما اصل تنجس المضاف بملاقات النجاسة فهو مما اتّفق علیه الاصحاب و تدل علیه النصوص الکثیرة فى موارد مختلفة منها موثقة عمار بن موسى الساباطى:(21) انه سأل ابا عبدالله((علیه السلام)) عن رجل یجد فى انائه فأرة و قد توضّأ من ذلک الاناء مراراً او اغتسل منه او غسل ثیابه و قد کانت الفأرة متسلّخة فقال: ان کان رآها فى الاناء قبل ان یغتسل او یتوضّأ او یغسل ثیابه، ثم یفعل ذلک بعد ما رآها فى الانإ فعلیه أن یغسل ثیابه و یغسل کل ما أصابه ذلک الماء و یعید الوضو و الصّلاة الخ .
و منها ما رواه زکریا بن آدم.(22)
و منها ما رواه السکونى عن جعفر عن ابیه((علیهما السلام)).(23)
2و منها ما رواه زرارة عن ابى جعفر((علیهما السلام)).(4)
2و منها ما رواه جابر عن ابى جعفر((علیهما السلام))(5)
و هذه الروایات تدلّ على نجاسة المضاف بالملاقاه سواء کان قلیلا او کثیراً فى القدر کما فى روایة ذکریا حیث قال: سألت اباالحسن((علیه السلام)) عن قطرة خمر او نبیذ مسکر قطرت فى قدر فیه لحم کثیر و مرق کثیر، قال: یهراق المرق او یطعمه أهل الذمة او الکلب و اللحم اغسله و کله.
و غایة ما یمکن أن یکون فى القدر من المرق هو مقدار الکر و مقتضى الاطلاق نجاسته بالملاقاة و امّا اذا کان المضاف او المایع کالنفط مقدار الف او میلیون کرٍّ فهل یمکن الالتزام بنجاسته بملاقات قطرة من النجس ام لا؟
یظهر من الماتن و جماعة کثیرة من الاصحاب الاول بل ادعى الاجماع على ذلک.
و لکنه لا یخلو من تأمل لان الروایات المشار الیها لا تشمل لمثله، و الاجماع یؤخذ منه القدر المتیقن،فثبوته على السرایة فى الکثرة المفرطة غیر ظاهر، و من هنا لا مجال للحکم بنجاسة عیون النفط المستخرج فى عصرنا لمباشرة الکافر له بالرطوبة المسریة.
فکما أن سرایة النجاسة من السافل الى العالى على خلاف الارتکاز و لا یلتزم بها أحد من الاصحاب فکذلک المقام، و بعبارة اخرى لا علم لنا بسرایة من موضع الملاقاة الى جمیع بحر النفط او المضاف فیجرى فیه اصالة الطهارة.
(4) قد عرفت انه فى الکثرة المفرطة کعیون النفط لا مجال للالتزام بذلک.
(5) نسب هذا الى المشهور قال فى المستمسک بل قیل: انه مذهب الکل عدا السید فى المناهل، و ما ذهب الیه ضعیف جداً و مخالف لما هو المرتکز عند المتشرعة و الّا لزم عدم امکان التطهیر بالمإ القلیل کما اذا صبّ المإ من الا بریق على المتنجس بالبول و سرى النجاسة الى ما فى الا بریق کیف یطهر؟
فاذا اذا صبّ الجلاب من ابریق على ید کافر، فلا ینجس ما فى الا بریق و ان کان متصلا بما فى یده.
1-س ج 1 ب 3 أبواب الماء المضاف ح1 ص148
(2)(3)- س ج 2 ب 1 من ابواب النجاسات ح1و2ص1001
4- س ج 2 ب 3 من ابواب النجاسات ح 3 ص1003
(5)- س ج 1 ب 9 من ابواب احکام الخلوةح1 و5 ص222و223
(6)- س ج 1 ب 9 من ابواب احکام الخلوةح1 و5 ص222و223
7-س ج 1 ب 9 من ابواب الخلوةح6 ص223
8- س ج 1 ب 31 من ابواب احکام الخلوة ح3 ص247
9-س ج 2 ب53 من ابواب النجاسات ح1ص1076
10-س ج 2 ب 12 من ابواب النجاسات ح2ص1015
(11)(12)- س ج 2 ب 1 من ابواب النجاسات ح3 و4ص1001
13-س ج 1 ب 34 من ابواب احکام الخلوةح5 ص251
14- المعتبر ص121
15- المدثر السورة74 الآیة4
16-س ج 1 ب 1من ابواب الماء المطلق ح4ص100
(17)(18)- س ج 1 ب 4 من ابواب الماء المضاف ح2 و 3ص149
19-س ج 2 ب 6 ابواب النجاسات ح1ص1005
20- س ج 1 ب 2 من ابواب الماء المضاف ح 1 ص 147
21- س ج 1 ب 4 من ابواب الماء المضاف ح 1 ص 106
22- س ج 2 ب 38 من ابواب النجاسات ح 8 ص 1056
23- س ج 1 ب 5 من ابواب الماء المضاف ح 3 ص 150
(24)(25)- المصدر ص 149
مساله 2 ص (240)
▲ مساله 2 ص (240)
74(مسألة 2) الماء المطلق لا یخرج بالتصعید عن اطلاقه (1) نعم لو مزج معه غیره و صعد کماء الورد یصیر مضافا(2)
(1) و ذلک لصدق الماء على المصعّد بلا عنایة کما یصدق على المصعّد منه.
(2) الحکم بالاضافة فى جمیع الموارد لا یصح فان الماء المخلوط بالورد اذا
صعّد قد یصدق علیه الماء بلا عنایة و ان کان معطّراً فیصح الوضوء و التطهیر به.
مساله 3 ص (240)
▲ مساله 3 ص (240)
75(مسألة 3) المضاف المصعّد مضاف (1)
(1) هذا غیر مطرد، الا ترى انه لو القى التراب فى المإ بالمقدار الذى یصیّره مضافاً ثم غلى بالنار أو بغیره لا یصعد الّا الاجزاء المائیة و امّا التراب فبما انه ثقیل لا یصعد، فالمصعد مطلق بلا اشکال ثم ان ما ذکره الماتن هنا یناقض ما ذکره فى المسألة الآتیة(4) حیث حکم بان المصعد من المضاف النجس یستحیل بخاراً ثم ماء و یمکن ان یکون مراده المضاف المصعد عن المضاف، مضاف فلا یناقض المسألة الآتیة فتأمل.
مساله 4 ص (240)
▲ مساله 4 ص (240)
76(مسألة 4) المطلق أو المضاف النجس یطهر بالتصعید لاستحالته بخاراً ثم ماء.(1)
(1) قال السید الاستاذ((قدس سره)): هذا هو الحق الصراح الذى ید عمه البرهان فان الحاصل بالتصعید موجود مغایر للموجود السابق و هو ماء مطلق، فلا وجه للتوقف فى الحکم بمطهریته، اذاً لا تختص ذلک بالماء النازل من السماء.
و قال السید الحکیم((قدس سره)): ما حاصله الاستحالة موجبة لمغایرته له عرفاً، على نحو لا یجرى معه استصحاب الحکم لتعدد الموضوع و هذا هو المدار فى مطهریة الاستحالة لجریان اصالة الطهارة بلا معارض.
و قال السید الخمینى((قدس سره)) لا یخلو من اشکال.
و قال السید المیلانى((قدس سره)) فیه اشکال.
و قال السید الگلپایگانى((قدس سره)) مشکل
قلت: تحقق الاستحالة فى المقام لا یخلو عن اشکال فان الماء المصعّد بالبخار
هو الماء النجس الذى کان مطلقاً او مضافا قبل التصعید فیمکن ان یقال: ان هذا الماء کان نجسا قبل التصعید فهل صار طاهراً ام لا؟ لا یبعد جریان الاستصحاب، فان التبخیر یوجب ارتفاع اجزاء صغار الماء بواسطة الحرارة فبتراکمها یتحقق الماء و لا دلیل على ان التبخیر موجب للطهارة.
و یشهد لما ذکرنا تبخیر الخمر و اخذ عرقه فانه حامل لآثار الخمر حتى اسکاره، فلو کان التبخیر موجباً للطهارة، لصار عرق الخمر طاهراً و حلالا، مع انه باق على حرمته و نجاسته و اسکاره و الاستحالة الّتى توجب الطّهارة هى فیما اذا اوجبت تغییر الماهیة کما اذا صار الکلب ملحاً فى المعدن.
مساله 5 ص (241 - 244)
▲ مساله 5 ص (241 - 244)
77(مسألة 5) اذا شک فى مایع انه مضاف او مطلق فان علم حالته السابقة اخذ بها(1) و الاّ فلا یحکم علیه بالاطلاق و لا بالاضافة (2) لکن لا یرفع الحدث و الخبث(3) و ینجس بملاقاة النجاسة ان کان قلیلا، و ان کان بقدر الکر لا ینجس لاحتمال کونه مطلقاً و الأصل الطهارة(4)
(1) فان کانت الحالة السابقة الاطلاق یستصحب فیحکم بانه مطلق فیصح به الوضوء و الغسل، و ان کانت هى الاضافة و القى فیه مقدار من الماء فشک فى أنه باق على اضافته أو صار مطلقا، لا اشکال فى جواز استصحاب الاضافة فیحکم بانه ینفعل بالملاقاة و ان کان بمقدار الکر و لا یرفع الحدث و الخبث.
(2) قد تکون الحالة السابقة الاطلاق و الاضافة و یشک فى المتقدم و المتأخر منهما، فیجرى الاستصحاب فیهما و یسقطان بالتعارض و لا یرفع الحدث و الخبث.
(3) استشکل علیه بعض المعاصرین بقوله: فى اطلاقه اشکال بل منع فان الشک فى الاطلاق او الاضافة ان کان بنحوالشبهة المفهومیة کان مرجعه الى الشک فى تقید زائد فى الوضوء او الغسل، اذالمکلّف یعلم بوجوب الوضوء أو الغسل علیه و لکنه لا یعلم انه مقید بشیى زائد و هو کون المایع اصفى و ارق من ذلک اولا؟ فتجرى البرائة حینئذ عن التقیید الزائد کما هو الحال فى سائر موارد الشک فیه لان مرجع الشک فى المقام الى دوران امر الوضوء او الغسل بین الاقل و الاکثر و المرجع فیه اجراء البرائة عن الزائد و الحکم بصحة الصلوة الواقعة مع الاقل، و مع هذا لایجرى استصحاب بقاء الحدث لعدم ترتب اثر عملى علیه
فیه أنه غیر وارد اصلا و ذلک لأن فى الشبهة المفهومیة لا یحرز صدق الماء على المائع المشکوک و الوضوء او الغسل لابد ان یکون بالماء فمع عدم احراز انّ هذاالمایع ماء لایحکم بصحتهما فکیف یحکم بصحة الصلوة الواقعة مع الاقل، فیقال: ان کان هذا المایع ماء یحکم بصحة الوضوء و ارتفاع الحدث و ان کان مضافاً فالحدث باق لبطلان الوضوء فلا مانع من استصحاب الحدث اصلا فیحکم بعدم جواز الدخول فى الصلاة معه.
و لو فرض الحکم بصحة الوضوء کان رافعاً للحدث فلا یجرى الاستصحاب لعدم الشک لا انه غیر جار لعدم ترتب اثر عملى علیه کما ذکره هذا القائل.
ثم إن سیّدنا الاستاذ((قدس سره)) قال: ان الاستصحاب لا یجرى فى الشبهات المفهومیة فى شیئ اما الاستصحاب الحکمى فلاجل الشک فى بقاء موضوعه و ارتفاعه و اما الاستصحاب الموضوعى فلانه ایضاً ممنوع اذ لا شک لنا فى الحقیقة فى شیئ لان الاعدام المنقلبة الى الوجود کلها، والوجودات الصائرة الى العدم باجمعها معلومة محرزة عندنا و لا نشک فى شیئ منهما و معه ینغلق باب الاستصحاب لامحالة لانه متقوم فى الشک فى البقاء و قد مثلّنا له فى محله بالشک فى الغروب کما اذا لم ندر انه هو استتار قرص الشمس او ذهاب الحمرة عن قمة
الرأس فأستصحاب وجوب الصوم او الصلوة لا یجرى لأجل الشک فى بقاء موضوعه و الموضوع ایضاً غیر قابل للاستصحاب اذ لا شک لنافى شیئ فان غیبوبة القرص مقطوعة الوجود، و ذهاب الحمرة مقطوع العدم فلاشک فى امثال المقام الا فى مجرد الوضع والتسمیة و أن اللفظ هل وضع على مفهوم یعّم استتارالقرص ام لا؟
قلت: لا یمکن المساعدة على ما أفاده و ان کان((قدس سره)) یصّر على ذلک فى غیر مورد، و ذلک لأنّ مورد الاستصحاب هو الشک فى البقاء و لا فرق فى أن یکون منشأ الشک هو الوضع او امراً آخر فان النهار موضوع لوجوب الصوم و صلاة الظهرین فاذا استتر القرص و لم یذهب حمرة المشرقیة لا مانع من استصحاب النهار و اثره عدم جواز افطار الصوم و عدم جواز الدخول فى صلاة المغرب و...
(4) هذا مبنى على ما بنى علیه المحقق النائینى و غیره من عدم جریان الاستصحاب فى الاعدام الازلیة.
و أما بناء على جریانه کما علیه صاحب الکفایة و سیدنا الاستاذ((قدس سرهما)) فیحکم بنجاسته لأن هذا المایع الکر قبل وجوده لم یکن متصفاً بالمائیة فاذاوجد هل صار متصفاً بها ام لا؟ الاصل عدم الاتصاف بها فالمایع الکر محرز بالوجدان، و اتصافه بالمائیة منفى بالتعبّد فیشمله ما دل على نجاسة کل مایع باالملاقاة و قد استثنى منه الماء الکر و حیث أن الاظهر جریان الاستصحاب فى الأعدام الازلیة، کان المایع المذکور محکوما بالنجاسة بالملاقاة.
مساله 6 ص (244)
▲ مساله 6 ص (244)
78(مسألة 6) المضاف النجس یطهر بالتّصعید کما مرّ(1) و بالاستهلاک فى الکر أو الجارى
(1) مرّ ان الاظهر عدم طهارته لعدم تحقق الاستحالة، و یشهد على ذلک بقاء سکر الخمر بعد التصعید، فلو کانت الاستحالة بالتصعید لزال سکره جزماً، بل هو العلة فى بقاء الحرمة و النجاسة بعد التصعید
و اما الاستهلاک فى الکر او الجارى فیوجب طهارته کما هو المستفاد من النصوص.(1)
1- س ج 1 ب3 من ابواب الماء المطلق ح3،7 و ب5 ح6 وب9 ح14
مساله 7 ص (244 - 246)
▲ مساله 7 ص (244 - 246)
79(مسألة7) اذا القى المضاف النجس فى الکر فخرج عن الاطلاق الى الاضافة تنجس ان صارمضافا قبل الاستهلاک(1) و ان حصل الاستهلاک و الاضافة دفعة(2) لا یخلو الحکم بعدم تنجسه عن وجه لکنه مشکل
(1) فان الکر اذا صار مضافا بملاقات المضاف النجس یتنجس بلا شبهة و هذا واضح و لو فرض استهلاکه بعد ذلک فى المطلق لا یحکم بطهارته.
(2) هذا ممتنع فان استهلاک المضاف فى الکر المطلق لا یتحقق الا بانعدام المضاف و صیرورته مطلقا فاذا تحقق الاضافة حینئذ یلزم ان یکون الماء الواحد فى آن واحد مطلقاً و مضافاً و من الواضح انه اجتماع للضدین و هو مستحیل.
و قد استشکل على ذلک السید الحکیم((قدس سره)) بان الاستهلاک عبارة اخرى عن ذهاب الموضوع بنحو یمتنع ان یجرى استصحاب نجاسته، و لاملازمة عقلا بین ذلک و بین صدق الماء المطلق على المستهلک فیه کى یلزم اجتماع الضدین.
و فیه ان ذهاب الموضوع فى المضاف لیس الاّ باستهلاکه فى المطلق فکیف تنفى الملازمة بین ذلک و بین صدق الماء المطلق على المستهلک فیه فان الاستهلاک لا یعقل فیما اذا صار المطلق مضافاً،
ثم انه لو اغمضنا عن ذلک و قلنا بامکان حصول الاستهلاک و الاضافة فى آن واحد فهل یحکم على الکر الموجود بالطهارة او النجاسة؟
قد یقال بالأول و علّل (بان الماء المطلق مادام مطلقاً لا یضره ملاقاة المضاف المتنجس لکونه معتصماً و فى حال خروجه عن الاطلاق لا وجود للمضاف المتنجس حتى یتنجس بملاقاته)
هذا ما ذکره بعض المعاصرین.
الجواب عن ذلک ان خروجه عن الاطلاق انما یکون بملاقاة المضاف وهى کما توجب زوال الاطلاق توجب زوال الطهارة فى آن واحد فکیف یحکم بطهارة الکر المضاف
ثم ان سیدنا الاستاذ((قدس سره)) ذکر صورة أخرى لم یتعرض لها الماتن و هو ما اذا القى المضاف فى الکر و استهلک فیه و صار مطلقاً فحکم بالطهارة بلا فرق بین بقاء الاطلاق او صیرورته مضافاً بعد ذلک فان المضاف النجس قد انعدم بالاستهلاک فکان المجموع زائداً عن کرواحد و طاهراً
و یمکن ان یستشکل علیه بان المضاف النجس الملقى فى الکر الواحد یوجب فى اوّل الالقاء صیرورة الجزء الیسیر منه مضافا طبعاً فیحکم بنجاسته فیقّل الباقى المطلق عن الکر فینجس بملاقاة المضاف قبل ان یستهلک فیه
و قد ذکر الاستاذ((قدس سره)) ان نظر الماتن فى الکر فى هذه المسألة هو الکر بجده لازائداً عنه.
مساله 8 ص (246)
▲ مساله 8 ص (246)
80(مسألة 8) اذا انحصر الماء فى مضاف مخلوط بالطین، ففى سعة الوقت یجب علیه ان یصبر حتى یصفو و یصیر الطین الى الاسفل ثم یتوضأ على الاحوط(1) و فى ضیق الوقت یتیمم لصدق الوجدان مع السعة دون الضیق.
(1) بل على الاقوى فان صحیحة محمد بن مسلم آمرة بالتأخیر عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سمعته یقول: اذا لم تجد ماءً و أردت التیمم، فأخّر التیمم الى آخر الوقت، فان فاتک الماء لم تفتک الارض(1)
و الخارج عن تحتها صورة القطع بعدم وجدان الماء الى آخر الوقت فان التأخیر فیها، لافائدة فیه بل یوجب فوات فضیلة اول الوقت.
و اما فى فرض احتمال وجدان الماء الى آخر الوقت، فیجب التأخیر فضلا عن الیقین بالوجدان کما فى المقام، و قد افتى الماتن بوجوب التأخیر عند العلم بالوجدان الى آخر الوقت فى بحث احکام التیمم فى(مسألة3) والصحیح ما ذکره هناک فلاوجه للتوقف عن الفتوى فى المقام، على أن الانسب کان ان یتعرض لهذه المسألة فى باب التیمم لا فى المقام.
1- س ج 2 ب22من ابواب التیمم ح1 ص993
مساله 9 ص (247 - 258)
▲ مساله 9 ص (247 - 258)
81(مسألة9) الماء المطلق باقسامه حتى الجارى منه- ینجس اذا تغیر بالنجاسة فى احد او صافه الثلاثة من الطعم و الرائحة و اللون(1) بشرط ان یکون بملاقاة النجاسة، فلا یتنجس اذا کان بالمجاورة(2) کما اذا وقعت میتة قریباً من الماء فصار جائفا و ان یکون باوصاف النجاسة دون اوصاف المتنجس (3) فلو وقع فیه دبس نجس فصار احمر او أصفر لا ینجس الا اذا صیّره مضافاً. نعم لا یعتبر ان یکون بوقوع عین النجس فیه بل لووقع فیه متنجس حامل لاوصاف النجس فغیّره بوصف النجس تنجّس ایضاً(4) و أن یکون التغیر حسّیاً(5) فالتقدیرى لا یضّر فلو کان لون الماء احمر او اصفر، فوقع فیه مقدار من الدم کان یغیّره لو لم یکن کذلک، لم ینجس.
و کذا اذا صب فیه بول کثیر لا لون له بحیث لو کان له لون غیّره(6) و کذا لو کان جائفاً فوقع فیه میتة کانت تغیّره لو لم یکن جائفاً و هکذا ففى هذه الصور مالم یخرج عن صدق الاطلاق، محکوم بالطهارة على الاقوى(7)
(1) تدل على ذلک النصوص الکثیرة منها صحیحة محمد بن اسماعیل عن الرضا((علیه السلام)) قال: ماء البئر واسع لایفسده شیئ الا ان یتغیر ریحه او طعمه فینزح حتى یذهب الریح و یطیب طعمه لان له مادة(1) و هى مشتملة على الطعم و الریح.
و منها صحیحة عبدالله بن سنان قال: سأل رجل ابا عبدالله((علیه السلام)) و انا حاضر عن غدیر أتوه و فیه جیفة؟ فقال: ان کان الماء قاهراً و لا توجد منه الریح، فتوضّأ(2) و هى مشتملة على الریح و منها صحیحة حریز.(3)
و منها معتبرة شهاب بن عبد ربه قال: أتیت ابا عبدالله((علیه السلام)) أسأله، فابتدأنى، فقال: ان شئت فسأل یا شهاب، و ان شئت اخبرناک بما جئت له; قلت: اخبرنى قال: جئت تسألنى عن الغدیر یکون فى جانبه الجیفة، أتوضّأ منه اولا؟ قال: نعم، قال: توضّأ من الجانب الآخر الّا ان یغلب الماء الریح فینتن و جئت تسألنى عن الماء الراکد من الکر مما لم یکن فیه تغیّر او ریح غالبة، قلت: فما التغیّر؟ قال: الصفرة فتوضّأ منه و کلما غلب کثرة الماء فهو طاهر.(4)
و هى کما ترى مشتملة على الریح و اللّون.
و منها ما رواه المحقق((قدس سره)) فى المعتبر قال: قال:((علیه السلام)) خلق الله الماء طهوراً لا ینجّسه شىء الّا ما غیّر لونه أو طعمه او ریحه.(5)
و قال فى الوسائل: و رواه ابن ادریس مرسلا فى اوّل السرائر و نقل انه متفق على روایته.
و عن ابن ابى عقیل: انه المتواتر عن الصادق((علیه السلام)) عن آبائه.
و عن صاحب الذخیرة أنه الذى عمل به الامة و قبلوه.
(2) فان المستفاد من اکثر نصوص الباب هو حصول التغیر بملاقاة النجاسة بعینها کالمیتة و الدم و البول و المنى و ان کان عاماً للمجاورة ایضاً الاّ أن منصرفه هو ملاقاة عین النجس
و عن الجواهر انه مما لا خلاف فیه بل مجمع علیه
و قد یقال:ان صحیحة محمد بن اسماعیل تشمل التغییر باالمجاورة ایضاً حیث قال الرضا((علیه السلام)): (ماء البئر واسع لایفسده شیئ الا ان یتغیر ریحه او طعمه فینزح حتى یذهب الریح و یطیب طعمه لان له مادة)
تقریب الاستدلال ان ملاقاة النجس لم تفرض فى الصحیحة فمقتضى الاطلاق فیها أن النجس لا یفسده لا بالملاقاة و لا بالمجاورة الا ان یکون موجباً لتغیّره فاذا اوجب النجس التغیّر فى الماء بالریح او الطعم لابد من نزحه حتى یذهب الریح و یطیب الطعم، فمقتضى الاطلاق وجوب النزح اذا تغیّر ریحه بالمجاورة ایضاً
و قال الاستاذ((قدس سره)) فى مقام الجواب ان المراد من الشیئ هو النجس الذى یکون ملاقاته موجبا للنجاسة و کان من شأنه التنجیس و لم یثبت کونه موجبا للانفعال إن لم تتصل المیتة بالماء لبعدها او لوجود مانع فى البین.
الجواب عن ذلک ان الشیئ مطلق لم یفرض ملاقاته للماء فاذا اوجب مجاورة الجیفة لتعفّنه و نتنه فلابد من ان ینزح حتى یطیب طعمه و یذهب ریحه،
و یؤکد ذلک النبوى المتواتر کما عن ابن ابى عقیل خلق الله الماء طهورا لاینجسه شیئ الاّ ما غیّر لونه او ریحه او طعمه
فنقول: اذا کان مجاورة الجیفة موجبة لتغیّر ریحه لابّد من الحکم بنجاسته و لکن الذى یمنعنا عن الالتزام بذلک أمران:
احدهما انصراف الصحیحة و النبوى الى الملاقاة فان المتفاهم عرفا من قوله لایفسده شیئ او لا ینجسه شیئ هو ملاقاة الشئ النجس فالمجاورة خارجة لاجل الانصراف
الثانى اتفاق الاصحاب على ذلک قال فى الجواهر: لعلّه لاخلاف فیه بل مجمع علیه، فان احدا من الاصحاب لم یفت بان المجاورة موجبة للنجاسة
ثم اذا کان التغیر مستنداً الى الملاقاة و المجاورة معاً کما اذا وقع نصف المیتة فى الکر و کان النصف الآخر خارجا منه، و کان التغیّر مستنداً الى الداخل و الخارج بحیث لم یکن احدهما موجباً للتغیّر فهل یحکم بنجاسة الکرام لا؟
ذهب سیدنا الاستاذ((قدس سره)) الى عدم الانفعال بدعوى انّ الملاقى لم یوجب التغیّر و ما اوجبه لم یلاق الماء و یعتبر فى انفعال الماء استناد التغیر الى ملاقاة النجس الذى یوجب التغیر.
فیه انّه لا یمکن المساعدة علیه لما تقدم من انّا لا نلتزم بأن المجاورة موجبة للانفعال لوجهین احدهما اتفاق الاصحاب على عدم الانفعال و ادّعى فى الجواهر انه مجمع علیه، الثانى انصراف الصّحیحة و النبوى الى صورة الملاقاة و شیئ من الوجهین لا یجرى فى المقام، أمّا الاجماع فهو دلیل لبّى والقدر المتیقن منه هى المجاورة وحدها; و فى المقام المجاورة و الملاقاة کلاهما اوجب التغیر فلا مانع من الحکم بالانفعال لعدم تحقق الاجماع هنا.
الثانى انصراف الحدیثین الى صورة الملاقاة و فى مفروض الکلام تحقق الملاقاة فصحّ أن یقال إن نصف المیتة وقع فى الکر فتغیّر باوصافها فیحکم بانفعاله.
و بعبارة اخرى الحدیثان لایشملان التغیر الحاصل بالمجاورة بلا ملاقاة و اما اذا تحققت الملاقاة و تغیّر الکر فهو محکوم بالنجاسة لعدم خروجه عن مدلولهما عرفاً سواء کانت الملاقاة وحدها موجبة للتغییر او مع المجاورة.
و یمکن إرجاع الوجهین الى الوجه الواحد و هو ان الاصحاب لا یرون المجاورة وحدها موجبة للانفعال مع انّ الملاقاة لم تذکر فى الحدیثین فمنه یعرف أن الانصراف عندهم محقق فانهم((قدس سرهم)) مع انهم اهل اللسان یرون الملاقاة معتبرة فى الانفعال و لاوجه لاعتبارها الاّ الانصراف.
(3) و ذلک لان مورد النصوص نجس العین کالمیتة و الدم و البول و الجیفة، نعم صحیحة ابن بزیع و النبوى المتقدمتان و ان کانتا عامتین للمتنجس ایضاً الاّ ان منصرفهما هو خصوص ملاقاة عین النجس الموجبة لحمله او صافها و هو الذى یساعده ارتکاز المتشرعة فان التنفر عن عین النجس ذاتى و هو یوجب التنفر عن الماء الذى حمل اوصافها، بخلاف التنفر عن المتنجس فانه عرضى فاذا زال الموضوع بالاستهلاک زال التنفر العرضى فعلیه اذا وقع فى الماء دبس نجس و استهلک فى الماء الکر و زال اضافته یحکم بطهارته و ان تغیّر بلون الدبس قلیلا بمقدار لایوجب الاضافة
بقى الکلام فیما نسب الى الشیخ الطوسى((قدس سره)) من أنّ الکر یتنجس اذا تغیّر بأوصاف المتنجس ایضاً و استدل لذلک بالنبوى المتقدم: خلق الله الماء طهوراً لاینجسه شیئ الاّ ما غیّر لونه او طعمه او ریحه، فان قوله(ص): ما غیّر یشمل النجس و المتنجس کلیهما.
و فیه اولا انّ ظاهر الحدیث عند العرف هو شیىء من النجاسات فاذا لم یکن النجس منجساً فالمتنجس لا ینجس بالأولویة القطعیة فلا حاجة لان یراد من کلمة ما: الأعم فعلیه یکون النجس المغیّر منجساً و لا نظر للحدیث الى المتنجس اصلا.
على أنّ التغیّر الحادث من النجس هو الموجب للنفرة و کراهة الطبع بخلاف ما یحدث من المتنجس فانه کثیراًمّا یوافق الطبع کماء الورد و الدّبس و میاه الفواکه المتنجسة.
و ثانیاً لو اغمضنا عن ذلک و قلنا ان الحدیث مطلق بالنسبة الى النجس و المتنجس و کذا صحیحة ابن بزیع فهى ایضاً مطلقة بالنسبة الیهما، فقلنا: ان ذیل الصحیحة یوجب التقیید بالنجس و هو قوله(ع): فینزح حتى یذهب الریح و یطیب طعمه.
و من الواضح ان الریح النتن و الطعم الخبیث من آثار النجاسة لا المتنجس لما عرفت من ان المتنجسات کثیرا ما توافق الطبع و لا نفرة ذاتیة منها فالذیل اقوى شاهد على ان المراد من المنجسّ هو النجاسات و المراد بالتغییر هو التغییر بها و بأوصافها لا باوصاف المتنجسات.
فیستفاد من الذیل أن علة تنجس الماء هو الریح النتن و خبث الطعم و لاجل هذین الوصفین یجب النزح حتى یزولان و هو یقیّد النبوى ایضاً فیراد منه التغیر بالنجس و بأوصافه لاباوصاف المتنجس.
(4) کما هو المشهور بین الأصحاب و استدل علیه بوجوه: احدهما ان تغیّر الماء بالأعیان النجسة قلیل و لا یوجد الاّ نادرا و لا یصح حمل الاطلاقات على الفرد النادر، فلا محیص من تعمیمه الى التغیر بالمتنجسات ایضاً فیما اذا اوجبت تغیر الماء باوصاف النجس.
و الوجه فى ذلک ان المیتة و غیرها من النجاسات اذا وقعت فى کر أو اکثر منه فهى انما تغیر جوانبها الملاصقة لها فى شىء من اوصافها الثلاثة اولا ثم تغیر حوالى ما اتصل بها و ما جاورها ثانیاً ثم تلک المجاورات تغیّر مجاوراتها الملاصقة و هکذا... الى ان ینتهى الى آخر الماء، فالمیتة مثلا تغیّر الماء بواسطة المجاورات المتنجسة لا بنفسهاوبلا واسطة، فلا محیص من تعمیم التغیر الموجب للانفعال الى التغیر باوصاف النجس اذا حصل بملاقاة المتنجس.
قال سیدنا الاستاذ((قدس سره)): و هذا الوجه و ان ذکر فى کلمات الاکثرین و لکنه لا یخلو عن مناقشة، لان سرایة التغیر الى مجموع الماء و ان کانت بواسطة المتنجسات لا بعین النجاسة کما ذکر الّا ان الدلیل لم یدلنا على نجاسة الماء المتغیر بملاقات المتنجس، و ان کان التغیر باوصاف النجس، فان الدلیل انما قام على انفعال الماء المتغیر بملاقاة نفس النجس، فلابد من الاقتصار علیه.(6)
توضیحة ان الماء الواحد کالکر مثلا اذا لاقى احد اطرافه للمیتة مثلا و تغیّر الجمیع، یصدق علیه ان هذا الکر لاقى المیتة و تنجس لاجل التغیّر بها، فلا یشمل هذا الدلیل ما اذا اخذنا مقدارا من ماء هذا الکر و القیناه فى کر آخر و تغیّر لانه لم یلاقى المیتة بل لاقى ما هوتغیّر بملاقاة المیتة.
و فیه ان صحیح ابن بزیع الاتى یشمل کلا التغییرین.
ثانیها صحیحة محمد بن اسماعیل بن بزیع المتقدمة، فان اطلاق قوله((علیه السلام)) فیها: لا یفسده شىء الا ان یتغیّر... یشمل کل ما هو صالح للتنجیس و من الظاهر ان المتنجس الحامل لاوصاف النجس کالماء المتغیر باوصاف النجاسة، صالح لان یکون منجساً.
و من هنا ینجس ملاقیه من الید و الماء القلیل و غیر هما فاطلاق الروایة یشمل النجس و المتنجس اذا لاقى ماء البئر و غیّره باحد اوصاف النجاسة و قال الاستاذ((قدس سره)): و هذا الوجه هو الذى ینبغى ان یعتمد علیه فى المقام.
و یمکن ان یناقش فى هذا الاستدلال بان الظاهر من قوله: لا یفسده شىء، هو النجاسات لا المتنجسات کما تقدم.
فالاولى هو الاستدلال بذیلها: فینزح حتى یذهب الریح و یطیب الطعم فان النزح موجب لنبع ماء جدید فى البئر و نجاسته مادام الریح النجس او طعمه باقیاً، فان الملاقاة بالمتنجس المتغیر موجبة لنجاسة الماء النابع من البئر.
و یمکن ان یستدل على ذلک بصحیحة حریز عن ابى عبدالله((علیه السلام)): قال((علیه السلام)): کلما غلب الماء على ریح الجیفة فتوضّأ من الماء و اشرب فاذا تغیّر الماء و تغیر الطعم، فلا توضّأ منه و لا تشرب.(7)
فان مقتضى الاطلاق فیها عدم الفرق بین ان یکون التغیر بملاقاة الجیفة او بملاقاة الماء المتغیر المتنجس بالجیفة فان تمام الملاک فى النجاسة ریح الجیفة و طعمها سواء کان بملاقاة نفس الجیفة أو بملاقاة الماء المتغیر بالجیفة.
نعم خرج عن ذلک التغیّر بمجاورة الجیفة لما عرفت من قیام الاجماع على عدم نجاسة الماء بالمجاورة و ان اوجبت التغیّر فیه.
ثالثها وجه عقلى، و حاصله أن الماء المتنجس الحامل لاوصاف النجس اذا لاقى کراً و غیّره بأحد أوصاف النجس، فهو لا یخلو عن احد اوجه ثلاثة:
فامّا أن نقول: ببقاء کل من الملاقى و الملاقى على حکمهما، فالماء المتنجس نجس و الکر المتغیّر به طاهر و هو مما نقطع ببطلانه، فان الماء الواحد المتغیّر کله لا یحکم علیه بحکمین.
او نقول: بطهارة الجمیع و هو ایضاً مقطوع البطلان لما ثبت فى محله بغیر واحد من الادلة من ان الماء المتغیر لا یطهر من دون زوال تغییره.
او نقول: بنجاسة الجمیع و هو المطلوب.
استشکل علیه سیدنا الاستاذ((قدس سره)) بان هذا الوجه ینحل الى صور ثلاث:
الاولى ان یکون الماء المتغیّر موجباً لتغیر الکر باحد اوصاف النجاسة مع استهلاکه فى الکر لکثرته و قله المتغیّر.
الثانیة: الصّورة مع استهلاک الکر فى المتغیّر لکثرته بالاضافة الى الکر، کما هو الحال فى ماء الأحواض الصغیرة فى الحمّامات فانه اذا تغیّر بنجس و لاقاه الکر الواصل الیه بالانابیب، فلا محالة یوجب تغیّر الواصل و استهلاکه، لقلته بالاضافة الى ماء الحیاض، فانه یصل الیه تدریجاً لا دفعةً.
الثالثة: الصّورة من دون ان یستهلک احد هما فى الآخر لتساویهما فى المقدار و هذه صور ثلاث:
اما الصّورة الاولى فنلتزم فیها بطهارة الجمیع، و لا منافاة فى ذلک للادلّة الدّالة على عدم طهارة المتغیرالا بارتفاع تغیّره و ذلک لأنها انما تقتضى نجاسته مع بقاء التغییر، على تقدیر بقاء موضوعه و هو الماء المتغیّر، لا على تقدیر الارتفاع، و انعدام موضوعه بالاستهلاک فى کرّ طاهر.
فیه أن ما ذکره((قدس سره)) لا یمکن المساعدة علیه بوجه فنقول: اولا إن الاستهلاک الذى ذکره، لا یصّح بوجه بل لم یتحقق أصلا، فانّ الاستهلاک عبارة عن انعدام الموضوع و الموضوع هو الماء المتغیّر و هو لم ینعدم بل غیّر الکرّ، فلابد من القول: بالعکس و هو استهلاک الکر الطاهر فى الماء المتغیّر فتغیّر کلّه، فیحکم بنجاسة الجمیع، الا ترى أن استهلاک المضاف فى الکر عبارة عن عدم بقائه و استهلاک الدم الملقى فى الکر عبارة عن انعدامه و عدم بقاء لونه و طعمه و کذا الکلام فى استهلاک البول و الخمر والد بس النجس و امثالها.
ففى محل الکلام کان موضوع النجاسة هو الماء المتغیّر و هو باق فکیف یحکم بالطهارة.
و ثانیاً: ان هذا مخالف لصریح صحیحة ابن بزیع و صحیحة حریز المتقد متین فانها ناطقتان ببقاء النجاسة مادام التغیر باقیاً، فالقول بالطهارة فى المقام یکون اجتهاداً فى مقابل النص.
و قد ظهر مما ذکرنا حکم الصّور الثانیة و الثالثة ایضاً فان التغیر باق فیهما فیحکم بالنجاسة، و لا مجال فى الصّورة الثالثة للرّجوع الى أصالة الطهارة بعد تساقط الاستصحابین بالمعارضة، فان الماء المتغیّر باوصاف النجاسة نجس مادام متغیراً، فان التغیر باوصاف النجس علة محدثة للنجاسة و مبقیة لها.
و قد تبیّن مما تقدم فى مدلول الصحیحتین أن لإلقاء الماء المتغیر باوصاف النجس فى الکر صورتین احدایهما استهلاکه فیه بماله من التغیر، فلا یتغیر الکر اصلا، فهنا یحکم بطهارة الکر بلا فرق بین ان یکون الملقى قلیلا او کثیراً.
ثانیتهما أن یتغیر الکر بالالقاء باحد اوصاف النجس، فیحکم بنجاسته مطلقاسواء کان الملقى قلیلا او کثیراً. فتقسیم الاستاذ لتقسیم صورة تغیر الکر الى اقسام ثلاثة و الحکم بالطهارة فى بعضها لا وجه له اصلا فان الحکّم فى جمیعها نجاسة الکر.
ثم ان الاستاذ((قدس سره)) قال: (لا یخفى ان مورد هذه الصحیحة (اى صحیحة ابن بزیع) من قبیل الصّورة الثانیة من الصور المتقدمة فى الوجه العقلى، و هى ما اذا لاقى متنجس حامل لاوصاف النجس ماء و غیّره باوصاف النجس مع استهلاک الماء فى المتغیّر و قد ذکر أنا التزمنا فیها بنجاسة الجمیع من غیر ان ینا فى هذا، الأدلّة الدّالة على اعتصام الکر الّا بالتغیّر بملاقاة عین النجس لانه فرع بقاء موضوع الکر و لا یتم مع استهلاکه و انعدامه و یستفاد هذا من الصحیحة المتقدمة حیث دلت على ان النابع محکوم بالنجاسة لملاقاته المتغیر الباقى فى البئر و استهلاکه فیه الا ان یکثر و یغلب علیه.)
و فیه ان الصحیحة تشمل الصور الثلاث و تحکم بنجاسة ماء البئر مادام التغیرباقیاً بلا فرق بین الصور الثلاث أصلا، فان نزح الماء الفاسد من البئر تدریجى، فینبع الماء من البئر تدریجاً فیفسد مادام الفساد و التغیر باقیا و ان کان النابع من البئر اکثر من ما بقى من المتغیر فان العبرة ببقاء التغیّر فاذا ذهب الریح و طاب الطعم بالنزح یطهر.
(5) یظهر من تمثیله انه خص التغیّر الحسى بالباصرة، مع انه عام للحواس الثلاثة من الباصرة والشامة والذائقة،فلولم یر التغیر بالبصر ولکنه ادرک بالذائقة یحکم بنجاسته.
على ان التغیر اذا کان فعلیاً و کان الصبغ الموجود فى الماء مانعا عن درکه بالبصر، یشکل الحکم بطهارة الماء الا ترى انه لوکان هناک کران متساویان و القى فى احد هما ثلاثة ارطال من الدم فصار متغیرا و القى فى الآخر مقدارها مع الصبغ الاحمر او بعد القائه فلم یظهر التغیر من الدم، فهل یمکن الحکم بطهارة الثانى و نجاسة الاول؟ کلّا، فان التفکیک بینهمالا یکون عرفیا و لا عقلائیاً.
(6) یشکل الحکم بالطهارة لما عرفت من ان التغیّر الحسى لا یکون منحصراً باللّون، فأنّ القاء بول کثیر فى الکر یوجب تغیرالطعم، فیحکم بالنجاسة، کذا اذا کان الکر جائفاً بالمجاورة فالقى فیه المیتة فانه یوجب زیادة النتن و شدته فکیف یحکم بطهارته.
نعم لو لم یکن القاء البول او المیتة موجباً للتغیر فى احد من اللون و الطعم و الریح، لا یکون موجباً للنجاسة.
(7) قد عرفت ان القاء المیتة ان کان موجباً لزیادة النتن و شدته یوجب النجاسة فانها لاقت الماء و غیرته بزیادة الریح النتن.
ثم لا یخفى ان التغیّر هو الموضوع للحکم بالنجاسة، لا انه طریق الى کمیة النجاسة، کما نسب الى العلامة((قدس سره)) فى القواعد و غیرها.
و الدلیل على ذلک وجوه: الاول انه المأخوذ فى لسان الروایات و ظاهرها انه الموضوع للنجاسة، لا انه طریق الى کمیة خاصة منها
الثانى انه لو قلنا بالطریقیة الى الکمیة، لکان اللازم الحکم بالطهارة اذا القى فى الکر کمیة قلیلة من النجاسة و ان اوجبت تغیره حساً بتغیر شدید و هذا ممالا یمکن الالتزام به.
الثالث أن تحدید الکم المقتضى للتغیّر مجهول لا طریق الى معرفته و لازمه الحکم بالطهارة عند الشک فى الکمیة لاجل الاستصحاب و ان کان التغیر واضحاً و معلوماً.
ان قلت: ان التغیر طریق شرعى الى حصول الکم المنجّس فتکون النصوص المتضمنة للنجاسة، واردة فى مقام الجعل الحکم الظاهرى لا الواقعى
قلت: هذا مخالف لظاهر النصوص جزماً، فان المستفاد منها ان التغیر هو الموضوع للحکم بالنجاسة لا انه طریق الیه
1- س ج 1 ب من ابواب الماء المطلق ح12،11،1ص105و102
(2)(3)- س ج 1 ب من ابواب الماء المطلق ح12،11،1ص105و102
4- س ج 1 ب 9 من ابواب الماء المطلق ح 11 ص 119
5- س ج 1 ب 1 من ابواب الماء المطلق ح 9 ص 101
6- التنقیح ج 1 ص 85
7- س ج 1 ب 3 من ابواب الماء المطلق ح 1 ص 102
مساله 10 ص (258 - 259)
▲ مساله 10 ص (258 - 259)
82(مسألة 10) لو تغیّر الماء بماعد الأوصاف المذکورة من اوصاف النجاسة مثل الحرارة و البرودة و الرقة و الغلظة و الخفة و الثقل، لم ینجس ما لم یصر مضافا(1)
(1) الوجه فى ذلک أنّ المستفاد من صحیحة ابن بزیع المتقدمة و غیرها من الرّوایات أن الموجب للنجاسة هو التغیر باحد الثلاثة (الریح و الطعم و اللون) لا بغیر ها فان صحیحة ابن بزیع حصر المنجس بالریح و الطعم و ألحق اللّون بهما لصحیحة شهاب(1) و للنبوى المتفق علیه بین الاصحاب
قال المحقق فى المعتبر: قال((علیه السلام)): خلق الله الماء طهوراً لاینجسه شیئ الا ما غیّر لونه او طعمه اوریحه(2)
و مقتضى الحصر عدم تنجسه بغیرها، فما نسب الى صاحب المدارک من الحکم بنجاسة الماء بمطلق التغیّر و ان لم یکن بأحد الثلاثة، لاوجه له، فان الروایات المطلقة الدالة على ان التغیر موجب للنجاسة تقیّد بالتغیر بالثلاثة لما عرفت من الحصر و کذالاوجه لما نسب الیه من ان التغیر باللون لایوجب النجاسة.
1- س ج 1 ب من ابواب الماء المطلق ح11 ص119
2- س ج 1 ب1 من ابواب الماء المطلق ح9ص101
مساله 11 ص (259 - 260)
▲ مساله 11 ص (259 - 260)
83(مسألة11) لا یعتبر فى تنجسه ان یکون التغیّر بوصف النجس بعینه(1) فلو حدث فیه لون او طعم اوریح غیر ما بالنجس- کما لو إصفّر الماء مثلا بوقوع الدم تنجّس و کذا لو حدث فیه بوقوع البول او العذرة رائحة اخرى غیر رائحتهما فالمناط تغیر احد الاوصاف المذکورة بسبب النجاسة و ان کان من غیر سنخ وصف النجس.
(1) التغیّر یتصور على أنحاء أحدها التغیر بوصف النجس کحمرة الدم و عفونة الجیفة. الثانى التغیر بسنخ وصفه کالصفرة الحاصلة بملاقاة الدم الأحمر او الاسود و هذان القسمان داخلان فى التغیر بالانتشار
الثالث ان یکون التغیر بوصف النجس فى الجملة و لو کان وصفاً له بعد ملاقاة الماء نظیر الحناء الذى وصفها الخضرة فاذا لاقت الماء صار وصفها الحمرة،
الرابع التغیر مطلقا و لو بوصف اجنبى عن وصف النجاسة مطلقا او بزوال وصفه.
یظهر من صاحب الجواهر احد الأولین للتبادر او لأنه المتیقن و یرجع فى غیره الى استصحاب الطهارة
و مقتضى اطلاق النبوى المتفق علیه بین الاصحاب هو مطلق التغیر
الظاهر ان التبادر الذى ادعاه فى الجواهر هو الاظهر فأن تناسب الحکم و الموضوع و موارد الاستعمال یعضده، و الیک جملة من النصوص
منها موثقة سماعة: اذا کان النتن الغالب على الماء فلا تتوضّأ و لا تشرب(1)
و منها صحیحة ابن بزیع المتقدمة: حتى یذهب الرّیح ویطیب طعمه(2)
و منها خبر العلاء: لابأس اذا غلب لون الماء لون البول(3)
و منها صحیحة حریز عن ابى عبدالله((علیه السلام)): کلما غلب الماء على ریح الجیفة فتوضّأ من الماء واشرب(4)
و منها صحیحة شهاب بن عبد ربه الدالة على التغییر بالریح واللون(5)
ثم ان النبوى المتفق علیه و ان دل على تحقق الانفعال بمطلق التغیر الا انّه لا بد من تقییده بالتغیر الّذى یوجب فساد الماء و ذلک لصحیحة ابن بزیع المتقدمة، فان النزح لا یکون الا لازالة الفساد فى الریح والطعم فعلیه یکون المستفاد من الجمیع اعتبار التغیر بوصف النجاسة فى الجملة ولو کان ثبوته لها باالملاقاة للماء لا قبلها، فلو کانت الملاقاة موجبة للتغیر بوصف اجنبى عن النجاسة، لا توجب النجاسة.
(1)(2)(3)(4)- س ج 1 ب 3 من ابواب الماء المطلق ح6و12و7و1
5- س ج 1 ب 9 من ابواب الماء المطلق ح11ص119
مساله 12 ص (261 - 262)
▲ مساله 12 ص (261 - 262)
84(مسألة 12) لا فرق بین زوال الوصف الاصلى للماء او العرضى (1) فلوکان الماء احمر او أسود لعارض، فوقع فیه البول حتى صار ابیض تنجس وکذا اذا زال طعمه العرضى او ریحه العرضى .
(1) قال الاستاذ((قدس سره)) : هذه المسألة تبتنى على دعوى انصراف الادلة الى صورة حدوث التغیّر فى اوصاف الماء بما هو ماء.
وهذه الدعوى فاسدة لا یعتنى بها لمکان اطلاقات الاخبار، حیث انها تقتضى نجاسة الماء المتغیر فى شىء من اوصافه الثلاثة بملاقاة النجس بلا فرق فى ذلک بین کون الاوصاف المذکورة اصلیة وکونها عرضیة، ففى صحیحة ابن بزیع : ماء البئر واسع لا یفسده شىء الاّ ان یتغیّر ریحه او طعمه... وهى تقتضى نجاسة البئر بتغیر شیىء من ریحه او طعمه، واطلاقها یشمل جمیع الآبار مع ماهى علیه من الاختلاف باختلاف الاماکن بالبداهة، فرب بئریشرب من مائها، وهو حلو صاف، بل یتعیّش به فى بعض البلاد وبئر لایستفاد من مائها فى الشرب لأنه مالح او امیل الى المرارة لمروره على ارض مالحة او ذات زاج وکبریت وماء بعضها مرّ کما فى بعض البلاد، ومن البین ان هذه الاوصاف خارجة عن ذات المیاه و عارضة علیها باعتبار أراضى الآبار، الا ان مقتضى اطلاق الصحیحة: ان تغیر شىء من الاوصاف المذکورة یوجب انفعال البئر اذ یصدق ان یقال: انها بئر تغیر ریحها او طعمها فتنجّس; ثم لا یخفى ان هذه المسألة و المسألة المتقدمة غیر مرتبطین، و لا تبتنیان على مبنى واحد کما عرفت.(1) انتهى کلامه زید فى علو مقامه.
ما افاده((قدس سره)) لا یمکن المساعدة علیه، فنقول: اولا ان المسألتین من واحد واحد و مبتنیتان بمبنى واحد و هو انه هل یعتبر فى تنجس الماء ان یکون تغیره بوصف النجس او بسنخه او باثره الذى یؤول الیه کما لو فرض ان القاء البول فى الکر اوجب ریحاً کریهاً ینفر عنه الطبع، او یکفى فیه مطلق التغیر و ان لم یوجد فیه شیىء من وصف النجاسة او سنخها او اثرها الذى یؤول الیه.
فان قلنا بالاوّل - کما هو المختار- وفاقاً لصاحب الجواهر، لا یصح الحکم بالنجاسة فى هذه المسألة و لا فى المسألة السابقة الّا فیما اذا تغیّر الماء بوصف النجس او سنخه او اثره الذى یؤول الیه فى کراهة الطبع، فلو کان ماء البئر مالحاً او مرّاً و القینا فیه مقدارا من الدم، فزال ملاحته او مرارته، لا نحکم علیه بالنجاسة لانه لا توجد فیه صفة النجاسة و لا سنخها و لا اثر الذى ینفر عنه الطباع، و قد عرفت ان المستفاد من الروایات هو ذلک.
و لکن الاستاذ وفاقا للماتن اختار الثانى لاطلاق صحیحة ابن بزیع کما عرفت.
و یرد علیه((قدس سره)) ثانیاً ان ما اختاره هنا ینافى ما تقدم منه فى(صفحة 84) من التنقیح حیث قال هناک: فان هذا لاطلاق و الاستعمال،(حتى یذهب الریح و یطیب طعمه) انما یصّح اذا کان التغیر الحاصل بالطّعم او الّریح تغیّرا بریح کریهة او طعم خبیث اذ مع فرض طیب الطعم او الریح لا معنى لطیبه ثانیاً.(2)
1- التنقیح ج ص 96 و97
2- التنقیح ج 1 ص 84
مساله 13 ص (262 - 267)
▲ مساله 13 ص (262 - 267)
85(مسألة 13) لو تغیر طرف من الحوض مثلا تنجس فان کان الباقى اقل من الکر تنجس الجمیع و ان کان بقدر الکر بقى على الطهارة و اذا زال تغیّر البعض طهرالجمیع ولو لم یحصل الامتزاج على الاقوى.(1)
(1) نسب الى اکثر الاصحاب عدم اعتبار الامتزاج فى حصول الطهارة بل
قیل:(لم یعرف القول بالامتزاج من قبل المحقق فى المعتبر) و لکن اکثر المعلقین فى العروة ذهبوا الى اعتبار الامتزاج فتوىً - کما عن الامام الخمینى((رحمهم الله)) او احتیاطاً کما عن المیلانى و الگلپایگانى((رحمهم الله)) و غیرهم.
و الا ظهر هو عدم اعتباره لوجوه: الاول لا شک فى ان الاتصال یوجب طهارة بعض اجزاء ماء نجس، فاذا طهر ذلک الجزء بالاتصال فهو ماء طاهر متصل بالکر فهو ایضاً مطهر لان حکم الامثال فیما یجوز و ما لا یجوز سواء فاذا طهّر مااتصل به من الماء النجس صار طاهراً و بما انّه متصل بماء نجس آخر فهو یطهره و هکذا فیحکم بطهارة الجمیع لما عرفت من ان حکم الامثال فیما یجوز و ما لا یجوز سواء.
و بعبارة اخرى لو لم یکن الاتصال مطهراً فالامتزاج ایضاً لا یطهر، لانّا اذا مزجّنا الکر مع الماء النجس لا یحصل لنا العلم بان کل جزء من اجزاء الکر وصل الى کل قطرة من ماء نجس و الى اعماق کل قطرة فان کل قطرة لهاابعاد ثلاثة فالکر یتصل بسطح کل قطرة فالحکم بطهارة عمق القطرة انما هو بالاتصال.
الثانى صحیحة محمد بن اسماعیل بن بزیع المتقدمة، فانها ظاهرة فى ان الاتصال بالمادّة بعد زوال التغیّر موجب للطهارة.
و قال السید الحکیم فى المقام: (و محصل ما ینبغى ان یقال فى تقریب الاستدلال: ان قوله((علیه السلام)): واسع و ان کان یحتمل ان یراد منه الکثیر، لکن لما کان ذلک امرا خارجیاً عرفیاً، کان خلاف ظاهر البیان الوارد من الشارع، فیتعین ان یکون المراد منه انه واسع الحکم، و لا سیما بملاحظة عدم المناسبة فى التعبیر عن الکثرة بالسعة و علیه فیکون قوله((علیه السلام)): لا یفسده شىء من قبیل التفصیل بعد الاجمال، فترجع الجملتان الى مضمون واحد، و رجوع التعلیل الیه محتمل)
و فیه انه لا یمکن المساعدة علیه، فان کلمة واسع وصف جار على الموصوف و هو ماء البئر، فجعله وصفاً جاریاً على متعلق الموصوف یحتاج الى القرینة، و کونه امرا خارجیا عرفیا لا یصلح للقرینیة، فانه ذکر تمهیداً لقوله((علیه السلام)): لا یفسده شىء، فانه((علیه السلام)) اشار بهذالقول الى عدم فساده وتنجسه بالملاقاة نظیر قوله ((علیه السلام)):اذابلغ الماء قدرکر لا ینجسه شىء، فالماء الراکد کریته مانع الانفعال و ماء البئر و سعته و کثرته مانع عن الانفعال فان له وجود سعى، تحت الارض، فالمستفاد منه ان المنجس هو تغیّره بالملاقاة فاذا نزح منه وزال التغیّر وذهب ریح النتن و طاب طعمه طهر لان له مادة.
فالتعلیل جاء فى مقام الجواب عن توهم السؤال: کیف یکون زوال الریح و طیب الطعم موجباً للطهارة و قد تنجس بالتغیّر، فقال((علیه السلام)): لان له مادة.
فهذه الصحیحة ظاهرة فى ان الاتصال بالمادة بعد زوال التغیّر کاف فى حصول الطهارة: فلو کان الامتزاج شرطاً للطهارة لا شار الیه فیها و لم یقتصر((علیه السلام)) على ذکر التعلیل.
ان قلت: ان الامتزاج بالنزح حاصل قهراً، فکیف یقال: بعدم اعتباره فى التطهیر.
قلت: الامتزاج الحاصل قبل ذهاب الریح و طیب الطعم لا اثرله فان الماء نجس، فاذا نزحنا الدلو الأخیر و زال التغیّر طهر و ان لم نمتزج ما خرج من المنبع مع ما فى البئر
ثم ان العلمین الحکیم و الخوئى((قدس سرهما)) سلّما حصول الامتزاج بین الخارج من المادة و ماء البئر الباقى بعد النزح فیستشکل علیهما بان مورد التعلیل فى الصحیحة صورة امتزاج ما فى المادة با الماء المتغیر على نحو یزول تغیّره بتوسط النزح لان الحکم المعّلل مطهّریة زوال التغیر بتوسط النزح و هو انما یکون مع الامتزاج لابدونه، فکیف یستفاد من التعلیل مطهریة الاتصال مطلقاً؟
و بعبارة اخرى الاتصال بالمادة هو المقتضى للطهارة و الامتزاج شرطها و التغیر هو المانع فاذا زال المانع بالنزح اثّر المقتضى و الشرط فى طهارة البئر فکیف یمکن التعّدى من مورد الصحیحة الى المقام بلا امتزاج فلا یستفاد من الصحیحة حصول الطهارة بلا امتزاج فى محل الکلام.
و اجاب العلمان عن هذالاشکال بان الامتزاج و ان کان حاصلا الاّ ان الامام علیه السلام علّل الطهارة بزوال التغیر و الاتصال بالمادة فلو کان للامتزاج دخل فى حصول الطهارة کان اللازم ذکره ایضاً فعدم التعرض له کاشف عن عدم اعتباره.
و یمکن ان یناقش فى هذا الجواب بان الشرط اذا کان حاصلا لاحاجة الى ذکره عندالمحاورة الاترى انه اذاصعد الدخان من مکان و سأل عن ذلک، یقال فى الجواب اشتعل النار فى الخشب فصعد الدّخان، فلا یصح ان یعترض علیه بانک لماذا اسکتّ عن جفاف الخشب و هو شرط فى الاحتراق
فالجواب الصحیح هو ما ذکرنا من ان امتزاج المادة مع الماء المتغیر فى البئر لا اثر له اصلا لأن المجموع نجس فاذا زال التغیر لم یحصل الامتزاج بعده و مع ذلک حکم((علیه السلام))بطهارته فمنه یعلم عدم اعتبار الامتزاج فى حصول التطهیر بل یکفى مجرد الاتصال بالعاصم مادة کان اوکّراً.
الثالث موثقة حنان قال: سمعت رجلا یقول لابى عبدالله((علیه السلام)) انى ادخل الحمام فى السحر، و فیه الجنب و غیر ذلک، فأقوم، فأغتسل فینتضح علىّ بعد ما افرغ، من مائهم، قال: الیس هو جار، قلت: بلى قال: لا بأس(1)
قال الاستاذ((قدس سره)): و هى لأجل ترک الاستفصال مطلقة، فتعم الدفع و الرفع بمعنى انه اذا اتصل بالمادة، یطهر سواء کان الماء متنجساً قبله ام لم یکن و سواء وردت علیه النجاسة بعد اتصاله ام لم ترد، فهو محکوم بالطهارة على کل حال، و هى کما ترى تقتضى عدم اعتبار الامتزاج، فان المادة بمجرد اتصالها بماء الحیاض لا تمتزج به بل یتوقف على مرور زمان لا محالة و بالجملة انها تدل على کفایة الاتصال
و بتلک الموثقة نتعدى الى امثال المقام، و نحکم بطهارة الماء باجمعه عند زوال التغیر عن الجانب المتغیر(2)
قلت: الظاهر عدم تمامیة هذ الاستدلال فان الموثقة لیست فى مقام البیان الاّ من ناحیة الدفع، فان الجنب لا یخلو من النجاسة غالباً، فیحتمل السائل نجاسة ما فى الحوض الصغیر لاغتسال الجنب فیه، فّأجاب الامام (علیه السلام) بان الاتصال بالحوض الکبیر لجریان الماء منه الى مکان غسل الجنب مانع عن النجاسة و دافع عنها، و لیست فى مقام بیان حکم الماء المتنجس قبل الاتصال بالحوض و انه لعل یطهر بمجرد الاتصال او یعتبر فیه الامتزاج، فهى متکفلة لحکم الدفع و لا نظر فیها سئوالا و جواباً الى حکم الرفع و ان مجرد الاتصال کاف او یحتاج الى الامتزاج
و المقام نظیر ما نسب الى السید المرتضى((قدس سره)) من أن اطلاق قوله تعالى:
کلوا مما امسکن. یدلّ على طهارة لعاب فمّ الکلب الصیود.
و یرّده ان الآیة لیست فى مقام البیان من تلک الجهة بل فى مقام بیان ان ما قتله کلب الصیود لا یحتاج الى التذکیة و فرى الاوداج بل حلال اکله و اما لعاب الکلب و الدم الخارج من الصید فلابد من غسله
1- س ج 1 ب من ابواب الماء المضاف ح8 ص154
2- التنقیح ج1 ص99 بأدنى تغییر
مساله 14 ص (267)
▲ مساله 14 ص (267)
86(مسألة14) اذا وقع النجس فى الماء فلم یتغیر ثم تغیّر بعد مدة فان علم استناده الى ذلک النجس تنجس(1) و الا فلا.
(1) صح ذلک لأن النصوص الدّالة على نجاسة الکراذاتغیر بملاقاة النجاسة مطلقة بالنسبة الى حصول التغیّر بلا فصل زمنى او مع الفصل، فیحکم بالنجاسة على التقدیرین.
و اما اذا لم یعلم بان التغیر حصل بوقوع النجس او بوقوع میتة طاهرة کالسمکة، فهل یحکم بالطهارة او النجاسة؟ الظاهر هو الأول و ذلک لاستصحاب طهارة الماء فان التغیر ان کان بالمیتة النجسة فانه کان و لم یکن متغیرا بالنجس فالآن کما کان، و لا یعارضه الاصل عدم تغیره بالمیتة الطاهرة لانّه لا یترتب علیه الاثر و لابد فى الاستصحاب من ترتب الاثر علیه شرعاً، نعم لازمه ان التغیر انما یکون بالنجس و هو لازم عقلى لایترتب على الاصل و الاصل المثبت لا حجیة فیه.
مساله 15 ص (267 - 268)
▲ مساله 15 ص (267 - 268)
87(مسألة15) اذا وقعت المیتة خارج الماء و وقع جزء، منها فى الماء و تغیّر بسبب المجموع من الداخل و الخارج، تنجس(1) بخلاف ما اذا کان تمامها خارج الماء.
(1) قد تقدم ان النبوى المتفق علیه و صحیحة ابن بزیع و ان لم یقیدا بالملاقاة، الا انهما منصرفان الیها و لاجل ذلک قلنا ان التغیر بالمجاورة لا یوجب النجاسة.
على ان صاحب الجواهر ادعى الاجماع على ذلک، و اما اذا کان التغیر بالمجموع من الداخل و الخارج فتشمله الاطلاقات فان الماء قدلاقى النجاسة و تغیر بها فیحکم بنجاسته والاجماع الذى ادعاه فى الجواهر یؤخذ منه القدر المتقین و هو ما اذا لم یکن التغیّر بالملاقاة اصلا بل کان بالمجاورة.
على أنّ الغالب هو وقوع بعض الجیفة فى الماء و بروز بعضها الآخر فلا تکون کل الجیفة تحت الماء فاذا القیت الجیفة فى الماء یغشى الماء بعضها و یبقى بعضها الآخر بارزاً، و التفکیک بینه و بین فرض المسألة فى الحکم بعید عن المرتکز العرفى.
مساله 16 ص (268)
▲ مساله 16 ص (268)
88(مسألة16) اذا شک فى التغیر وعدمه او فى کون للمجاورة او بالملاقاة او کونه بالنجاسة او بطاهر لم یحکم بالنجاسة(1)
(1) اذا کانت الحالة السابقة هو التغیر و شک فى زواله لا شبهة فى استصحاب التغیر و الحکم بالنجاسة، و اما اذا کانت توارد الحالتین او الطهارة ففى الاولى یجرى الاستصحابان فیسقطان بالتعارض و المرجع هو اصل الطهارة وفى الثانیة ایضاً کذلک و کذا اذا شک ان التغیر بالمجاورة او بالملاقاة او انه بالنجاسة او بطاهر، ففى الجمیع یحکم بطهارة الماء فاصالة عدم الملاقاة او عدم التغیر بالنجاسة محکمة.
مساله 17 ص (268)
▲ مساله 17 ص (268)
89(مسألة 17) اذا وقع فى الماء دم و شیئ طاهر احمر فاحمّر بالمجموع لم یحکم بنجاسته(1)
(1) قد تقدم ان الدم اذا کان بمقدار یصلح لأن یغیر الماء یحکم بنجاسته و ان ضم الیه صبغ طاهر فانه لا یکون مانعاً من النجاسة.
و اما اذا کان الدم قلیلا لا یصلح ان یغیر الماء فالقى مع الصبغ الاحمر و غیّر
الماء لا یحکم بالنجاسة لان شرط النجاسة هو التغیر بالنجاسة فاذا فات الشرط لم یحکم بالنجاسة.
مساله 18 ص (269 - 272)
▲ مساله 18 ص (269 - 272)
90(مسألة18) الماء المتغیر اذا زال تغیّره بنفسه من غیر اتصاله بالکر او الجارى لم یطهر(1) نعم الجارى و النابع اذا زال تغیره بنفسه طهر لاتصاله بالمادة و کذالبعض من الحوض اذا کان الباقى بقدر الکر کما مرّ.
(1) الکلام تارة فى القلیل و اخرى فى الکر او ماله المادة.
اما القلیل المتنجس بالتغیر ان زال تغیره لاجل الاتصال بالکر او الجارى یطهر و امّا اذا زال تغیّره بنفسه فالظاهر بقائه على النجاسة اجماعاً و هذا الاجماع و ان لم یکن تعبدیا الاّ أن الظاهر تحققه و ان کان مدرکه الاطلاقات الدالة على انفعال القلیل بملاقاة النجاسة و الظاهر انه لم یدع أحد من الاصحاب ان زوال التغیر فیه موجب للطهارة.
و أما الکثیر فالمشهور فیه هو النجاسة و عن یحى بن سعید القول بالطهارة لوجوه:
الاول أصالة الطهارة فانه ماء نشک فى طهارته و نجاسته فالمرجع هى قاعدة الطهارة.
و هذه القاعدة هى المرجع ان لم نقل بجریان الاستصحاب فى الشبهات الحکمیة لمعارضته باستصحاب عدم الجعل و اما ان قلنا بجریانه فیها فلا تصل النوبة الیها لحکومته علیها، فأنّ الدلیل الحاکم یرفع موضوع الدلیل المحکوم بعد اعمال التعبد تعبداً فان الاستصحاب یرفع الشک و هو الموضوع لقاعدة الطهارة.
و الاشکال علیه باختلاف الموضوع، فان متیقن النجاسة هو الماء المتغیر و المشکوک هو الماء بلا تغیر، فلا وحدة بین القضیة المتیقنة و المشکوکة;
مدفوع، فان الموضوع فى القضیتین هو الماء عند العرف و التغیر یعّد من الحالات کما حقق ذلک فى مبحث الاستصحاب
الوجه الثانى ان المستفاد من النصوص أن الموضوع للنجاسة هو تغیّر الماء فما دام الموضوع باقیاً تکون النجاسة باقیة فاذا انتفى الموضوع انتفى الحکم.
و فیه ان المستفاد من النصوص ان التغیر علة لحدوث النجاسة و اما بعد زواله فهل یبقى النجاسة ام لا فلابد من التماس دلیل آخر الاترى ان ملاقاة النجاسة موضوع لنجاسة الماء القلیل و هى تحدث بها فاذا انتفى الملاقاة لا تنتفى النجاسة، فلیکن التغیر من هذا القبیل.
الوجه الثالث مارواه محمد بن ادریس فى السرائر: اذا بلغ الماء قدرکر لم یحمل خبثاً(1) فانها تدل على رفع النجاسة بعد زوال التغیر و الوجه فى ذلک ان عدم حمل الخبث یعم الرفع و الدفع فاذا کان الماء نجساً فبلغ قدر الکر ارتفع نجاسته لعدم تحمل الکر النجاسة کما انّه اذا کان طاهرا یدفع النجاسة عنه فلا یقبلها، و هذا بخلاف قوله((علیه السلام)): اذا بلغ الماء قدرکر لا ینجّسه شیئ فانه ناظر
الى خصوص الدفع و لا یشمل الرفع.
فعلیه اذا کان الماء متغیّراً بالنجاسة و بلغ الى حدالکر فزال تغیّره یطهر بمقتضى هذا الحدیث لأن ما دّل على نجاسة الماء المتغیر بالنجاسة یقیّد اطلاقه الاحوالى و لا یخصّص عمومه الافرادى فالکر المتغیر نجس مادام متغیراً فاذا زال تغیره یطهر لانه لا یحمل النجاسة و الخبث.
و هذا بخلاف قوله((علیه السلام)): اذا بلغ الماء قدر کر لاینجسه شیئ الاّ اذا تغیّر فان اخراج الکر المتغیر یوجب تخصیص عمومه الافرادى فاذا خرج عن تحته فرد من الکر و هو الکر المتغیر فهو خارج سواء بقى تغیّره اوزال من قبل نفسه لانه یدل على ان الکریة دافع للنجاسة و لا یدل على انها رافعة لها.
و قد یناقش فى دلالة الحدیث بان لا یحمل الخبث مجمل فیحتمل ان یراد منه الرفع و الدّفع او خصوص الثانى فیؤخذ منه بالقدر المتیقن و هو الدفع فیکون مفاده مع حدیث آخر: اذا بلغ الماء قدرکر لا ینجسه شیئ; واحداً وکلاهما یدل على ان الکر دافع للنجاسة و لا یدل على انه رافع لها ایضاً.
و فیه انه فرق واضح بین عدم حمل الخبث و عدم تنجسه فان الاول ظاهر فى الرفع و الدفع و الثانى ظاهر فى الدفع فقط، فان عدم الحمل عام لنجاسة الماء قبل الکریة و لوقوع النجس فیه بعدها فلا یتحمل الکر شیئاً منهما و اما عدم تنجسه بوقوع النجاسة -کما هو مفاد الحدیث الآخر- فهو مختص بالدفع و لا یشمل الرفع
و لکن العمدة هى المناقشة فى السند، فان الحدیث مرسل و لم یرو فى کتب الحدیث المعتمدة عند الشیعة.
على انه مهجور عند المشهور و لم یعتمدوا علیه، و معارض بما دل على انفعال الماء القلیل فان المتمم کراً قلیل ینفعل بملاقاة النجاسة بلافرق بین ان یکون المنجس هو المتمم بالکسر او بالفتح.
الوجه الرابع صحیحة ابن بزیع المتقدمة فانها تدل على ان الموجب للنجاسة هو التغیر، و الامر بالنزح لیس الا لاجل زوال التغیر کما یدل على ذلک حتى التعلیلیة، فمدخول حتى علة غائیة للنزح و قوله((علیه السلام)): لان له مادة تعلیل للأمر العرفى فکأن السائل یسأل کیف یکون النزح علة لزوال التغیر فاجاب ((علیه السلام)) بقوله: لان له مادة. فان النزح موجب لنبع الماء من المادة فیقل التغیر الى ان یرفع رأساً.
و فیه انه و ان کان محتملا الا انه یبعده ان منصب الامامة یقتضى ان یبیّن ((علیه السلام)) الامر الشرعى و هو حصول طهارة الماء لاجل المادة، لا ان یبیّن ان النزح مع وجود المادة موجبان لزوال التغیر، فانه امر عرفى یعرفه کل احد
و بعبارة اخرى ان غایة ما یستفاد من الصحیحة ان النزح و زوال التغیر فى ماء البئر موجبان لطهارته و اما ان العلة للطهارة هو خصوص زوال التغیر لاالمادة فلا یستفاد منها اصلا، فعلیه لادلیل على ان زوال التغیر من الکر و لو کان بلا اتصال بالمادة او العاصم موجب للطهارة.
و الحاصل ان مادل على ان الکر رافع للنجاسة و دافع لها مرسل لاحجیة فیه، و ما دل على ان الکر دافع للنجاسة کاالنصوص الدالة على عصمة الکر لاتشمل المقام لان الکر المتغیر قد خرج من تحتها بالنصوص الدالة على ان التغیر موجب لنجاسة الکر
فهذه النصوص تخصص عمومها الافرادى و تخرج الکر المتغیر عن تحتها مطلقا فلو زال تغیره بنفسه لا مجال للحکم بطهارته للنصوص الدالة على عصمة الکر لما عرفت من انها لا تدل على ان الکریة رافعة لنجاسة نفسه فان الکر المتغیر قد خرج من تحتها بالتخصیص الافرادى فهذ الفرد خارج عنها سواء بقى تغیّره او زال و ذلک لعدم شمول نصوص عصمة الکر للکر المتغیر و ان زال تغیّره، و کذا لاتشمله صحیحة ابن بزیع.
1- السرائر ص8 و المستدرک ج1 ص198
فصل الماء الجارى
▲ فصل الماء الجارى
فصل الماء الجارى ص (272 - 279)
▲ فصل الماء الجارى ص (272 - 279)
فصل الماء الجارى: و هو النابع السائل على وجه الارض فوقها او تحتها کالقنوات لا ینجس بملاقاة النجس ما لم یتغیر سوا کان کّرا او اقل(1) و سواء کان بالفوران او بنحو الرشح، و مثله کل نابع و ان کان واقفاً(2)
(1) الکلام یقع فى مقامین: احدهما فى موضوع الجارى و الآخر فى حکمه.
اما المقام الاول، فالمشهور فیه هو التعریف بما ذکره الماتن((قدس سره)) فاعتبروا فیه النبع و الجریان الفعلى
و فیه ان النبع لو اعتبر فیه لخرج مثل الدّجلة و الفرات من الجارى لما نقل من اهل الخبرة من انهما میاه الثلوج من جبال الترکیة و لخرج منه المیاه المتعارفة فى المدن الجاریة فى الانابیب، فانها تجمع فى المخازن من الأمطار و الآبار و لا تکون فى حال الجریان نابعة من الأرض
فالصحیح فى التعریف ان یقال: ان الماء الجارى هو الماء العاصم السائل على الارض سواء کانت عصمته لاجل الکثره کالدجلة و الفرات ومیاه الأنابیب او للنبع من الارض کالقنوات و العیون السائلة فى الأرض.
فالکر الواقف فى محلّه او العین النابع غیرالسائل خارج عن الجارى فان المعتبر فى الجارى هو فعلیة الجریان لا شأنیته، و کذا ما یجرى فى الارض بلا دوام و لا عصمة
المقام الثانى فنقول فیه ان الماء الجارى، لا ینفعل بملاقاة النجاسة بلا فرق بین ان یکون کثیراً او قلیلا و یدل على ذلک عدة من النصوص:
منها موثقة سماعة قال: سألته عن الماء الجارى یبال فیه؟ قال((علیه السلام)): لا بأس به(1) و هى کما ترى ظاهرة فى عدم الانفعال بالبول.
و دعوى ان عدم البأس یمکن ان یرجع الى البول فیه فلا یکون دلیلا على عصمة الماء الجارى فتصبح الروایة مجملة
مدفوعة فان السؤال و قع عن الماء الجارى الذى یبال فیه، فجواب الامام بعدم البأس ظاهر فى عدم انفعاله بالبول
و منها صحیحة داود بن سرحان قال: قلت لابى عبدالله((علیه السلام)): ما تقول فى ماء الحمام قال((علیه السلام)): هو بمنزلة الجارى(2)
و دعوى ان وجه التنزیل غیر معلوم فتکون الروایة مجملة، مدفوعة بان وجه التنزیل هو الاعتصام فکماان الماء الجارى معتصم فکذلک ماء الحمام فلا ینفعل بملاقاة النجاسة
و اجاب سیدنا الاستاذ عن هذه الصحیحة بأن نظهر هم((علیهم السلام)) فى تلک الرّوایات الى دفع توهم الانفعال بتنزیل ماء الحمام منزلة الجارى و من الظاهر ان المیاه الجاریة فى اراضى العرب والحجاز منحصرة بالجارى الکثیر و لا یوجد فیها جار قلیل، و ان کان یوجد فى اراضى العجم، فالتنظیر و التشبیه بلحاظ ان الجارى الکثیر کما انه معتصم لکثرته و یتقوى بعضه ببعض کذلک ماء الحمام یتقوى بعضه ببعض(3)
و هذا الجواب لا یمکن المساعدة علیه فان جواب الامام((علیه السلام)) کلّى و لم یشبّه ماء الحمام بالمیاه الموجودة فى بلاد العرب بنحو القضیة الخارجیة فالحکم فى ماء الحمام هو حکم الماء الجارى فى اى مکان کان قلیلا کان او کثیراً، هذا اولا.
و ثانیاً ان ما ذکره((قدس سره)) هنا ینافى ما تقدم منه (فى صفحة117) حیث قال هناک: فالروایات تشمل لکل من الجارى الکثیر و القلیل، فعلیه لا یکون البول فى الجارى موجبا للانفعال و ان کان قلیلا.
و منها صحیحة ابن بزیع المتقدمة فانها تدل على ان التغیر بالنجاسة موجب لانفعال البئر، فاذا زال التغیر بالنزح طهر لأن لها مادة و مقتضى الاطلاق عدم الفرق بین کون ما فى البئر قلیلا او کثیراً، فاذا کان ماء البئر رافعاً للنجاسة کان دافعاً لها بالاولویة القطعیة، على أنّ صدر الصحیحة صریح فى الدفع حیث قال: لا یفسده شیئ و المستفاد من التعلیل فى الذیل ان کل ما له مادة معتصم بلا فرق بین البئر و العین و الجارى و الکثیر و القلیل
فالمحتصل مما ذکرنا ان الجارى عاصم و لا ینفعل بملاقاة النجاسة سوا کانت له مادة اصلیة کالعیون الجاریة او جعلیة کالمیاه الجاریة فى الانابیب او کان کثیرا فى نفسه کالدجلة و الفرات و الجیحون و امثالها
بقى الکلام فیما یمکن ان یکون معارضاً لاعتصام الجارى القلیل و البئر القلیل و هو مفهوم نصوص الکر و هى کثیرة: منها صحیحة محمد بن مسلم عن ابى عبدالله((علیه السلام)) و سأل عن الماء تبول فیه الدواب و تلغ فیه الکلاب و یغتسل فیه الجنب، قال((علیه السلام)): اذا کان الماء قدرکر لم ینجسه شیئ(4)
وبهذا المضمون روایات کثیرة، و مفهومها أن الماء اذا لم یبلغ حد الکر ینفعل بالملاقاة مطلقا، فیقع التعارض بین الطائفتین بالعموم من وجه فالصحیحة تدل على عصمة ماله المادة کراً کان او قلیلا و روایات الکر تدل على ان غیر الکر ینفعل بالملاقاة سواء کان له المادة ام لا و سوا کان جاریاً ام لا، فمورد التعارض هو القلیل الذى کان له المادة او جاریاً فمفهوم نصوص الکر یدل على عدم اعتصامه و صحیحة ابن بزیع تدل على اعتصامه و کذا نصوص الجارى بالنسبة الیه و مقتضى القاعدة تقدیم الطائفة الثانیه على الاولى فانه لو عملنا بها فى مورد التعارض تختص نصوص الکر بالراکد الذى لامادة له و یخرج منها القلیل الذى له مادة ولا یلزم منه اى محذور واما اذا قد منا نصوص الکر و قلنا بانفعال غیره و ان کان له مادة یلزم الغاء المادة و الجریان و عنوان البئر الواقع فى کلام الحکیم و هو مما لا یمکن الالتزام به
ثم لا یخفى ان المستفاد من صحیحة ابن بزیع المتقدمة ان المادة رافعة للنجاسة مطلقا سوا کان فى البئر او فى الجارى و لا یحتمل ان المادة فى البئر ترفع النجاسة و فى غیرها لا ترفعها و لکنّها مختصة بالمادة الاصلیة.
و هل المادة الجعلیة تلحق بها ام لا؟ الظاهر هو الاول و ذلک لموثقة حنان المتقدمة قال: سمعت رجلا یقول لابى عبدالله((علیه السلام)): أنّى ادخل الحمام فى السحر و فیه الجنب و غیر ذلک، فاقوم فاغتسل فینضح على بعد ما افرغ من مائهم قال: الیس هو جار؟ قلت: بلى، قال لا بأس(5)
و نظیر هذا النحو من الترجیح فى الاخبار کثیر: منها مارواه ابوبصیر بطریق صحیح عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: کل شیئ یطیر فلا بأس ببوله و خرئه(6)
و فى صحیحة ابن سنان عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: اغسل ثوبک من بول کل ما لا یؤکل لحمه(7)
و فى موثقة عمار عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: کل ما اکل لحمه فلا بأس بما یخرج منه(8)
فان النسبة بین صحیحة ابى بصیر و صحیحة عبدالله بن سنان التعارض با العموم من وجه و مورد الافتراق فى صحیحة ابى بصیر الطیر الذى یؤکل لحمه و مورد الافتراق فى صحیحة عبدالله بن سنان غیر الطیر من الحیوان الذى لا یؤکل لحمه و الطیر الغیر المأکول مورد للتعارض فصحیحة ابى بصیر ناطقة بطهارة مدفوعیه و صحیحة ابن سنان ناطقة بنجاستهما لانه غیر مأکول، فلو قدّمنا صحیحة ابى بصیر یخرج الطیر الغیر المأکول من عموم کل ما لا یوکل لحمه فتختص صحیحة ابن سنان بغیر الطیور کالکلب و الاسد و النمر و الهرة و الثعلب و الارنب و امثالها و لا محذور فیه اصلا
و اما ان قدّمنا صحیحة ابن سنان و خرجنا الطیر الغیر المأکول من عموم کل ما یطیر و قلنا بنجاسة مدفوعه، یلغو عنوان کل شیئ یطیر، فى صحیحة ابى بصیر، فان الطیر المأکول و ان یبقى تحتها الاّ ان حکمه قد علم من موثقة عمار الناطقة بأن کل مااکل لحمه فلا بأس بما یخرج منه فانه شامل للطیر و غیره
و هکذاالکلام فیما نحن فیه فلو قدمنا صحیحة ابن بزیع على مفهوم نصوص الکر، یحکم باعتصام القلیل الذى له مادة و یخرج من اطلاق مفهومها و لا محذور فیه اصلا، فان القلیل الذى لیس له مادة یبقى تحت المفهوم، بخلاف ما اذا قدمنا المفهوم على الصحیحة وقلنا بانفعال القلیل مطلقا و ان کان له مادة فانه یلغو عنوان البئر الذى له مادة، فان البئر الذى فیه ماء کثیر بمقدار الکر و ان یبقى تحته الاّ ان اعتصامه لکریته لاللمادة فعلیه لامناص من تقدیم صحیحة ابن بزیع على مفهوم نصوص الکر و الحکم باعتصام ما له المادة و ان کان قلیلا و کذالکلام فى غیر المفهوم مما دل على انفعال القلیل بالملاقاة فتقید بالصحیحة و یحکم بعدم انفعال کل ماله مادة و ان کان قلیلا.
ثم إنه یمکن أن یقال: إن الاصل فى الاعتصام هو الکر و المادة المذکورة فى صحیحة ابن بزیع طریق الیه، و یمکن ان یستدل على ذلک بامور:
الاول صدر صحیحة ابن بزیع و هو قوله((علیه السلام)): ماء البئر واسع لا یفسده شیئ فان الواسع لا یطلق على القلیل بل یصدق على الکر و ما فوقه
الثانى انه قد اتفق الاصحاب على عدم کفایة المادة اذا کانت تنتهى بایام و اسبوع بل یعتبرون فیها الدوام و الاستمرار و المادة التى کذلک کثیر من الکر جزماً.
الثالث ان الجارى الذى یکون عاصما لابد ان یکون له مادة کاالعیون الجاریة او کان متصلا باالکر کمیاه الحمام الجاریة من المخزن الى الاحواض الصغار فلو لم یکن المخزن کراً لم یکن عاصماً و رافعا للنجاسة من الحیاض الصغار.
الرابع صحیحة اسماعیل بن جابر عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سألت ابا عبدالله علیه السلام عن الماء الذى لا ینجسه شیئ؟ فقال((علیه السلام)): کرّ قلت: و ما الکر؟ قال: ثلاثة اشبار فى ثلاثة اشبار(9)
فهذه الصّحیحة ظاهرة فى أنّ الکریة هى العلّة الوحیدة للاعتصام فلو لم تکن المادة داخلة فى الکر لبیّنها معه.
فمن هذه الامور الاربعة نطمئن بان المادة داخلة فى الکر فان کانت اقل منه سواء کانت اصلیة او جعلیة لا تکون عاصمة.
(2) مقتضى اطلاق الصحیحة عدم الفرق بین الفوران و الرشح فان المادة تصدق على کلیهما، بل الغالب فى الآبار و القنوات هو الرشح دون الفوران.
فما عن والد صاحب الحدائق من ان الآبار الرشحیة اذا تنجّست لا تطهر بالنزح بل لابد من القاء الکر علیها، مما لا یمکن المساعدة علیه فانه اجتهاد فى قبال النص فان صحیحة ابن بزیع صریحة فى ان النزح موجب للطهارة.
1- س ج 1 ب 5 من ابواب الماء المطلق ح4 ص107پ
2- س ج 1 ب7 من ابواب الماء المطلق ح1 ص111
3-التنقیح ج1 ص121
4-س ج 1 ب 9 من ابواب الماء المطلق ح1ص117
5- س ج 1 ب 9 من ابواب الماء المضاف ح8 ص154
6- س ج 2 ب 10 من ابواب النجاسات ح1 ص1013
7- س ج 2 ب8 من ابواب النجاسات ح3
8- س ج 2 ب 9 من ابواب النجاسات ح12
9- س ج 1 ب9 من ابواب الماء المطلق ح7 ص118
مساله 1 ص (279)
▲ مساله 1 ص (279)
91(مسألة 1) الجارى على الارض من غیر مادة نابعة او راشحة اذا لم یکن کراً، ینجس بالملاقاة، نعم اذا کان جاریاً من الأعلى الى الاسفل لا ینجس اعلاه(1) بملاقاة الاسفل للنجاسة و ان کان قلیلا.
(1) لو جرى الماء على الارض و لم یکن له مادة فان کان الجریان بدفع و شدة لا ینجس العالى بملاقاة السافل لعدم سرایة النجاسة الى العالى من السافل عرفاً. و اما اذا کان الجریان بلا دفع و شدّة کما اذا کانت الارض سویة مائلة قلیلا فلاقى السفلة النجاسة یحکم بنجاسة الجمیع لاجل السرایة عند العرف فجدول اطراف الجادة.
اذا لم یکن مجموع ما فیه مقدار الکر ینفعل بملاقاة النجاسة احد اطرافه.
و اما اذا کان بمقدار الکر لا ینفعل لانه لا یعتبر فى عدم انفعاله شکل خاص من المربع او المکعب او المسدس فالماء الواقف فى الجدول بعد قطع اتصاله بالنهر ان کان بقدر الکر لا ینفعل بملاقاة النجاسة.
مساله 2 ص (279 - 280)
▲ مساله 2 ص (279 - 280)
92(مسألة 2) اذا شک فى ان له مادة ام لا و کان قلیلا ینجس بالملاقاة(1)
(1) قال السید الحکیم((قدس سره)) فى وجه ذلک: لان الجمع بین مادل على انفعال القلیل و ما دلّ على اعتصام ذى المادة یقتضى کون موضع الانفعال القلیل الذى لیس له مادة، فاذا احرزت قلة الماء وجرت أصالة عدم المادة، فقد احرز موضوع الانفعال بعضه بالوجدان وبعضه بالاصل فیترتب حکمه(1)
و قال السید الاستاذ(ره) فى وجه ذلک: إن هذا القلیل لم یکن متصفاً بالاتصال قبل خلقته و نشک فى اتصافه به حین خلقته و وجوده فالأصل انه لم یتصف بالاتصال حین خلقته ایضاً فهو ماء قلیل بالوجدان و غیر متصل بالمادة بالأصل فبضم الوجدان الى الأصل، یتم کلا جزئى الموضوع للحکم بالانفعال.(2)
قلت: ما افاده العلمان لا یمکن المساعدة علیه، فان استصحاب العدم الأزلى و ان کان جریانه فى نفسه موردا للتأیید الّا ان المقام لیس مجراه و ذلک لجریان الاستصحاب النعتى فى المقام، فنقول: ان هذا الماء حین وجد کان متصلا بالمادة جزما و نشک فى بقائه فنستصحبه، فانه لیس ماء مخلوق الساعة بل کان جزئاً من العاصم الذى هو البحر او البئر او المطر او العین، و الثلاثة الاولى و ان نقطع بالانقطاع منها فعلا الا انا لا نعلم بالانقطاع من العین فنستصحب الاتصال بالمادة.
نعم لا یجرى هذا الاستصحاب اذا احتملنا انه ثلج مذاب لانتفاء العلم بانه کان متصلا بالمادة و لکن هذا الفرض نادر. و یتم ما افاده الماتن و العلمان فى خصوص هذالفرض فقط.
1- المستمسک ج1 ص135
2- التنقیح ج 1 ص 132
مساله 3 ص (280 - 281)
▲ مساله 3 ص (280 - 281)
93(مسألة 3) یعتبر فى عدم تنجس الجارى اتصاله بالمادة(1) فلو کانت المادة من فوق تترشح و تتقاطر، فان کان دون الکر ینجس. نعم اذا لاقى محل الرشح للنجاسة، لا ینجس(2)
(1) فان الماء المنفصل من الجارى اذا لم یبلغ حدّ الکر، قلیل ینفعل بملاقاة النجاسة فان العبرة فى الاعتصام هو الاتصال باالمادة الاصلیة کالاتصال باالماء الجارى من العین او الجعلیة کالاتصال بالکر، فلو انفصل الماء من المادة بالتقاطر فهو قلیل و ان کان التقاطر سریعاً فلو اجتمع المتقاطر فى مکان ثم جرى على الارض فانه جار قلیل.
(2) لان محل الرشح متصل بالمادة.
اعتبار الدوام فی الماده ص (281 - 284)
▲ اعتبار الدوام فی الماده ص (281 - 284)
94(مسألة 4) یعتبر فى المادة الدوام(1) فلو اجتمع الماء من المطر او غیره تحت الارض و یترشح اذا حفرت لا یلحقه حکم الجارى(2)
65(مسألة 5) لو انقطع الاتصال بالمادة کما لو اجتمع الطین فمنع من النبع کان حکمه حکم الراکد فان ازیل الطین لحقه حکم الجارى و ان لم یخرج من المادة شىء فاللازم مجرد الاتصال.
96(مسألة 6) الراکد المتصل بالجارى کالجارى فالحوض المتصل بالنهر بساقیة یلحقه حکمه و کذا اطراف النهر و ان کان ماءها واقفاً.
97(مسألة 7) العیون التى تنبع فى الشتاء مثلا و تنقطع فى الصیف یلحقها الحکم فى زمان نبعها
(1) الظاهر ان مراده من الدّوام کون المادة طبیعیة موجبة لجریان الماء على وجه الأرض بطبعها کما یشهد على ذلک تمثیله بقوله: فلو اجتمع الماء من المطرالخ
و فیه اولا ان الدوام الذى ذکره احالة على مجهول فان الدوام امر نسبى یصدق على الیوم و الاسبوع و الشهر و الشهرین و ستة اشهر و سنة و سنین و التحدید بمقدار خاص من الزمان مشکل لا یمکن اقامة الدلیل علیه.
و ثانیاً یلزم على هذا خروج المادة الجعلیة عنها بتاتاً، مع انها ملحقة بمادة اصلیة کما عرفت من النصوص الواردة فى الحمام.
منها صحیحة داود بن سرحان قال: قلت لابى عبدالله((علیه السلام)) ما تقول فى ماء الحمام قال: هو بمنزلة الماء الجارى.(1)
و منها صحیحة بکر بن حبیب عن ابى جعفر((علیه السلام)): ماءالحمام لا بأس به اذا کانت له مادة.(2)
و منها موثقة حنان المتقدمة و الروایات فى هذا الباب کثیرةٌ(3) فعلیه لابد من الالتزام بان المادة مادامت کرا و ما فوقه کان الجارى منه معتصماً بلا فرق بین المادة الاصلیة و الجعلیة.
ثم ان الشهید((قدس سره)) ذکر فى الدروس ان الجارى لا یعتبر فیه الکریة على الاصح، نعم یعتبر فیه دوام النبع.
و قد اختلف الاصحاب فى المراد منه، فالشهید الثانى فى روض الجنان حمله على الاستمرار فى النبع و ان ما ینبع فى بعض فصول السنة لا فى بعضها الآخر، لا یحکم علیه بالاعتصام.
و استشکل علیه فى الحدائق بان اشتراط دوام النبع فى المادة على خلاف اطلاق صحیحة ابن بزیع فانّها لم تقید بدوام النبع.
و استشکل علیه ایضاً بانه ان ارید بالاستمرار الاستمرار الى الا بد فهو مما لا یوجد فى العالم الّا نادراً على ان احرازه مشکل لعدم طریق لنا الى ان دوامه ابدى.
و لو ارید به الاستمرار المقید بوقت خاص فیقع الکلام فى تعیین هذا الوقت و ان المراد منه اى زمان; فهذا الاحتمال فى غایة السقوط.
التفسیر الثانى ما یظهر من الاستاذ((قدس سره)) من ان المراد من دوام النبع استمراره حین ملاقاة النجس لا على وجه الاطلاق، و قال((قدس سره)) و لا بأس به فى نفسه الا انه لیس امر زائدا على ما اعتبرناه فى الجارى من الاتصال بالمادة.
(2) لانصراف المادة المعتبرة فى الجارى عن مثل هذا الجارى الذى یستمر منها یوماً او یومین و بعبارة اخرى نزّل الامام((علیه السلام)) فى صحیحة داود بن سرحان ماء الحمام، منزلة الجارى، فلابد ان یکون الجارى اقوى مادة من ماء الحمام و هو لا یکون الا فیما اذا کان الجریان مستمراً حتى یکون وجه التنزیل فى المنزل علیه أقوى من المنزّل و الا فماء الحمام ایضاً له مادة یستمر منها فى یومین او ثلاثة ایام، فاالجارى المذکور فى کلام الامام((علیه السلام))منصرف الى الشطوط و الانهار لکثرة استعمال الجارى فیها عند الناس.
ففرق بین المادة المعتبرة فى عصمة الماء فیکفى فیها کریة المادة و المادة المعتبرة فى الجارى فانه لابد فى مادته من الاستمرار فى النبع کالعیون الجاریة دائماً او فى فصل کالشتاء مثلا.
و الظاهر ان مراد الشهید من دوام النبع هو النبع الذى به یصدق الجارى عند العرف کالعیون الجاریة دائماً او فى فصل کالشتاء مثلا.
و امّا التفاسیر التى ذکروها فالظاهر انها بعیدة عن مراده((قدس سره)) قال الاستاذ((قدس سره)): و امّا اعتبار فعلیة النبع و عدم کفایة الاقتضاء بالمعنى المتقدم، و هو کون المادة بحیث یخرج منها بدل المتحلّل من الماء و یستمر منه، فلم یقم علیه دلیل بل الغالب فى الآبار أن مادتها تقتضى النبع بمقدار المتحلّل من مائها و لا تنبع فیها دائماً، فانه یؤدى الى غرق العالم کله.(4)
و فیه اولا آن ما افاده((قدس سره)) صحیح فى الآبار فان النبع فیها یکون بدل المتحلّل و لیس دائمیا الا انه اجنبى عن کلام الشهید((قدس سره)) فانه اعتبر الدوام فى ماء الجارى لا فى البئر و لو لم یکن النبع فى الجارى دائمیاً لا یتحقق الجریان.
و ثانیاً انّ ما ذکره((قدس سره)) من ان النبع الدائم یوجب غرق العالم کله، لا یمکن المساعدة علیه فان العیون و القنوات یکون النبع فیها دائمیاً اکثر من الف سنة و مع ذلک لم یوجب غرق العالم مع ان العیون و القنوات فى کرة الارض لعلّها یکثر عددها من عشرة ملایین فلو فرض ان عدد الآبار ایضاً عشرة ملایین و کان النبع منها موجباً لجریان الماء منها موجباً لجریان الماء منها فى سنین لا یوجب غرق العالم فان الخالق الحکیم دبّرها بنحو لا یوجب الغرق فان المیاه من العیون و الآبار تجرى فى الانهار و یصرف قسمة منها فى المزارع و استعمال الناس و الزائد یجرى فى الانهار و الشطوط و منها الى البحر ثم بالتبخیر یصعد الى السماء فیشکّل السحاب ثم ینزل بصورة المطر و الثلج الى الارض و هکذا.
1- س ج 1 ب 7 من ابواب الماء المطلق ح 1 ص 111
(2)(3)- س ج 1 ب 7 من ابواب الماء المطلق ح 4 و غیرها ص 111
4- التنقیح ج 1 ص 144
مساله 8 ص (284 - 286)
▲ مساله 8 ص (284 - 286)
98(مسألة 8) اذا تغیر بعض الجارى دون بعضه الآخر فالطرف المتصل بالمادة لا ینجس بالملاقاة و ان کان قلیلا.(1)
و الطرف الآخر حکمه حکم الراکد ان تغیر تمام قطر ذلک البعض المتغیر(2) و الافالمتنجس هو المقدار المتغیر فقط لاتصال ماعداه بالمادة
(1) و ذلک لاجل الاتصال بالمادة و لا یعتبر فى عصمته الکریة فان نفس المادة دافعة للنجاسة.
(2) فلو کان قلیلا ینجس بالملاقاة، و احتمال طهارته لاطلاق مادل على طهارة المتصل بالمادة، مدفوع بانصراف الاطلاق الى الاتصال فى الاثر فان العمود الجارى ان کان طاهرا او متصلا بالمادة یکون دافعا للنجاسة و رافعالها و اما ان کان بعض العمود متنجساً بالتغیر فالاتصال به لا یکون دافعالها، کما هو المرتکز العرفى الذى نزل علیه التعلیل.
و لکن صاحب الجواهر، تأمّل فى الحکم بنجاسة المتأخر القلیل بعد ما ضعّف الحکم بالطهارة فیه، فانه یصدق علیه عنوان الجارى واقعا، فلاوجه للحکم بانفعاله، لانه جار غیر متغیّر، على انه لو احتملنا عدم دخوله فى عنوان الجارى فهو معارض باحتمال دخوله فیه، فالاحتمالان یتعارضان، فیسقطان و یرجع معه الى قاعدة الطهارة فیه.
و ناقش فى ذلک سیدنا الاستاذ((قدس سره)) بان الموضوع للحکم بالاعتصام لیس هو عنوان الجارى کما عرفته سابقاً و انما حکم علیه بعدم الانفعال لان له مادة(1)
قلت: ما افاده((قدس سره)) لا یمکن المساعدة علیه لما عرفت من صحیحة داود بن سرحان حیث نزل فیها ماء الحمام منزلة الجارى فاذا لم یکن الجارى موضوعا للاعتصام لم یکن وجه لهذا لتنزیل، فالجارى موضوع للاعتصام و خرج من الجارى القلیل الذى لیس له مادة.
فالجارى الکثیر او ماله مادة کل منها موضوع للاعتصام و لا اشکال فى ان المقام داخل فى الجارى الکثیر و ماله مادة عقلا، و لکن الظاهر انصراف الجارى عن مثل هذا الجارى الذى بعضه نجس بالتغیر کما عرفت ان عنوان ماله المادة منصرف عنه.
و أما ما افاده الاستاذ من ان المورد من الموارد الرجوع الى عموم ما دل على انفعال القلیل، فیرد علیه أن هذا الماء کثیر و له مادة فکیف یشمله عموم ما دل على انفعال القلیل.
فالنتیجة ان عنوان ماله المادة و عنوان الجارى، منصرف عنه و عنوان العام ایضاً لا یشمله لان الماء کثیر و له مادة عقلا، فاذن یکون المرجع هى قاعدة الطهارة و ان کان الاحوط هو الاجتناب.
1-التنقیح ج1ص147
فصل
▲ فصل
الراکد بلامادة ینجس بالملاقات ص (286 - 303)
▲ الراکد بلامادة ینجس بالملاقات ص (286 - 303)
فصل: الراکد بلا مادة ان کان دون الکر ینجس بالملاقاة بلا فرق بین النجاسات(1) حتى برأس ابرة من الدم الذى لا یدرکه الطرف(2) سواء کان مجتمعا او متفرقاً مع اتصالها بالسواقى، فلو کان هناک حفر متعددة فیها الماء و اتصلت بالسواقى و لم یکن المجموع کرّاً، اذا لاقى النجس واحدة منها تنجس الجمیع و ان کان بقدر الکر لا ینجس و ان کان متفرقا على الوجه المذکور فلو کان ما فى کل حفرة دون الکر و کان المجموع کرا و لاقى واحدة منها النجس لم تنجس لاتصالها بالبقیة.
(1) على ما هو المشهور بل ادعى علیه الاجماع فى کلمات جماعة من الاصحاب و خالفهم ابن ابى عقیل و ذهب الى عدم انفعال القلیل بملاقاة النجاسة و تبعه الفیض الکاشانى فى ذلک.
و عن صاحب المعالم و العلامة المجلسى و المحقق البهبهانى ان الاخبار الدالة على نجاسة الماء القلیل بملاقاة النجاسة متواترة.
و عن الرّیاض : جمع منها بعض الاصحاب مأتى حدیث، و عن الشیخ الانصارى((قدس سره)) فى کتاب طهارته عن بعض الاصحاب انها تبلغ ثلاثمأة روایة.
و کیفما کان النصوص الدالة على ذلک کثیرة جداً و هى على طوائف: منها ما ورد فى انفعال الماء الأقل من الکر بملاقاة النجاسة.(1)
و منها ما ورد فى عدم انفعال الکر بملاقاة النجاسة الدالة على انفعال الاقل منه بالملاقاة.(2)
و منها ما ورد فى ابواب الاسئار.(3)
و لا شک فى حصول التواتر الاجمالى بها فانا نقطع ان بعضها صادر عن المعصوم((علیه السلام))
و استدل المحدث الکاشانى على عدم انفعال القلیل بالملاقاة بوجوه:
الاول ماروى عن النبى((صلى الله علیه وآله وسلم)) خلق الله الماء طهورا لا ینجسه شىء الا ما غیر لونه او طعمه او ریحة(4) و قال ابن ادریس فى السرائر: انه متفق على روایته.
الثانى ما روى عن الصادق((علیه السلام)) انه قال: کلما غلب الماء على ریح الجیفة فتوضأ من الماء و اشرب و اذا تغیّر الماء و تغیّر الطعم فلا توضّأ و لا تشرب.
الثالث ما رواه عبدالله بن سنان عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سأل رجل ابا عبدالله((علیه السلام)) و انا جالس عن غدیر اتوه و فیه جیفة ؟ فقال:: اذا کان الماء قاهرا و لا یوجد فیه الریح فتوضّأ. هذه الروایات و غیرها من المطلقات رویت فى ج 6 من الوافى ص 20 و ص 21و بعد هما.
الجواب عن ذلک انها مطلقات قابلة للتقیید فیقید ها الروایات الواردة فى انفعال القلیل بمجرد الملاقاة و قد عرفت تواترها اجمالا فانها ناطقة بانفعال القلیل بمجرد الملاقاة و ان لم یحصل التغیر فى احد اوصافه، فعلیه تختص هذه المطلقات بالماء الکثیر الذى کان کرّاً او فوقه فانه لا ینفعل الا بالتغیّر.
و یؤکد ذلک صحیحة صفوان الجمال قال: سألت اباعبدالله((علیه السلام)) عن الحیاض التى ما بین مکة الى (و خ ل) المدینة تردها السباع و تلغ فیها الکلاب و تشرب منها الحمیر و یغتسل فیها الجنب و یتوضّأ منها، قال: کم قدر الماء؟ قال: الى نصف الساق و الى الرکبة، فقال: توضّأ منه.(5)
فلو لم یکن الفرق بین القلیل و الکثیر، لم یکن وجه لقوله((علیه السلام)): و کم قدر الماء. و جواب الراوى بقوله: الى نصف الساق و الى الرکبة یدل بوضوح على ان الحیاض کان اکثر من الکر و لم تکن قلیلا، فان الماء الى نصف الساق فى الصحرا یکون اضعاف الکر عادة، فعدم الانفعال مستند الى الکریة.
و اما نصوص الکر لا سیما صحیحة اسماعیل بن جابر تکون فى بادى النظر معارضة للمطلقات الدالة على ان التغیر موجب للانفعال بالعموم من وجه فان المطلقات تدل على ان الماء اذا تغیر ینفعل سواء کان کرا او قلیلا و ان لم یتغیر لا ینفعل سواء کان کرا او قلیلا.
و نصوص الکر تدل على الماء اذا بلغ حد الکر لا ینفعل سواء تغیر ام لا و ان لم یبلغ حده ینفعل بالملاقاة تغیّر او لم یتغیر فاالماء الکر المتغیر مورد للتعارض و الماء القلیل الغیر المتغیر کذلک، و لکن الروایات الاخرى تدل ان الکر المتغیر نجس فعلیه تصبح نصوص الکر اخص من المطلقات فتنقلب النسبة من العموم من وجه الى عموم المطلق.
تدل على ذلک صحیحة ابن جابر و صحیحة شهاب بن عبد ربه حیث قال ابو عبدالله((علیه السلام)): و جئت تسأل عن الماء الراکد من الکر مما لم یکن فیه تغیّر او ریح غالبة، قلت: فما التغیّر؟ قال: الصفرة فتوضّأ منه و کلما غلب کثرة الماء فهو طاهر.(6)
و فى صحیحة اسماعیل بن جابر: سألت اباعبدالله((علیه السلام)) عن الماء الذى لا ینجسه شىء ؟ فقال: کرّ، قلت: و ما الکر ؟، قال: ثلاثة اشبار فى ثلاثة اشبار.(7)
فالنتیجة ان الکر لا ینفعل بالملاقاة الا اذا تغیّر بالنجاسة و القلیل ینفعل بها تغیّر او لم یتغیّر.
الوجه الرابع أنه لو انفعل الماء القلیل بالملاقاة لما امکن تطهیر المتنجس بالماء القلیل راجع الوافى.(8)
الجواب عن ذلک مذکور فى التنقیح ج 1 ص 166
الوجه الخامس الروایات الخاصة الظاهرة فى عدم انفعال القلیل بالملاقاة:
منها صحیحة زرارة عن ابى عبدالله((علیه السلام))قال: سألته عن الحبل یکون من شعر الخنزیر یستقى به الماء من البئر هل یتوضّأ من ذلک الماء ؟ قال((علیه السلام)): لا بأس.(9)
و هذه الصحیحة ظاهرة فى عدم انفعال ماء الدلو بالتقاطر من الحبل علیه.
الجواب عن ذلک ان النصوص المتقدمة للتواتر الاجمالى فیها، تدل على انفعال القلیل بالملاقاة قطعا، فهذه الصحیحة مخالفة للسنة القطعیة فلا مجال للعمل بها، فان امکن التأویل فیها فهو و الا فلا بد من طرحها فان الامام((علیه السلام)) قال فى مقام العلاج بین المتعارضین خذ بما اشتهر بین اصحابک و اترک الشاذ النادر، فتحمل اما على التقیة و اما على عدم وصول الحبل للماء لمکان الفصل بین الدلو والحبل بشیئ طاهر، فیکون السئوال ناظراً الى الانتفاع بعین النجس و انه هل یجوز ام لا و لا سیما فیما هو مقدمة للعبادة و هو الوضوء للصلوة.
و اما على طهارة شعر الخنزیر کما ذهب الیها السید المرتضى((قدس سره)) لاجل هذه الصحیحة و لکنها لا یمکن الالتزام بها.
و منها روایة أبى مریم الانصارى قال: کنت مع ابى عبدالله((علیه السلام)) فى حائط له، فحضرت الصلوة فنزح دلوا للوضوء من رکى له، فخرج علیه قطعة من عذرة یابسة، فاکفأ رأسه و توضّأ بالباقى(10)
الجواب انّ الروایة ضعیفة السند لاجل بشیر الرّاوى عن ابى مریم لتردده بین الثقة و غیره فتطرح.
و منها روایة زرارة عن ابى جعفر((علیهما السلام)) قال: قلت له: راویة من ماء سقطت فیها فأرة او جرز او صعوة میتة؟ قال: اذا تفسخ فیها فلا تشرب من مائها و لا تتوضأ وصبّها، و ان کان غیر متفسخ فاشرب منه و توضّأ و اطرح المیتة اذا اخرجتها طریة، و کذلک لجرّة و حب الماء و القربة و اشباه ذلک من اوعیة الماء و قال: و قال ابو جعفر((علیهما السلام))اذا کان الماء اکثر من روایة لم ینجسه شیئ تفسخ فیه او لم یتفسّح فیه الا ان یجیئ له ریح تغلب على ریح الماء(11)
و فیه اولا انهاضعیفة السند لاجل على بن حدید فى سندها و هو لم یوثق.
و ثانیاً انها مشتملة على ما لا یقول به أحد من الاصحاب و هو الفرق بین تفسخ المیتة و عدمه فان من یقول بنجاسة القلیل بملاقاة المیتة یقول على التقدیرین و من یقول بعد مها، یقول على التقدیرین.
و امّا قوله: اذا کان الماء اکثر من راویة، لم ینجسه شىء، فیمکن ان یکون ناظرا الى الکر، فان الرّاویة فسرت بالقربة التى تعد للسفر و مرکبة من ثلاثة جلود، و الظاهر ان الجلود من البقر لان جلود غیره لضعفها و لطافتها لا تتحمل الماء الکثیر فى السفر لانخراقها بالثقل.
و کیفما کان فلابد من طرحها لمعارضتها للسنة القطعیة
و منها مارواه ابن مسکان عن محمد بن میسّر قال: سألت اباعبدالله((علیه السلام)) عن الرجل الجنب ینتهى الى الماء القلیل فى الطریق و یرید ان یغتسل منه و لیس معه اناء یغرف به و یداه قذرتان، قال: یضع یده ثم یتوضّأ، ثم یغتسل، هذا مما قال الله تعالى عزوجل: (ما جعل علیکم فى الدین من حرج.)(12)
و قد یناقش فیهاکما فى طهارة المحقق الهمدانى بانّها وردت تقیة لاجل الجمع بین الوضوء و غسل الجنابة فانه عندنا یکفى عن الوضوء.
و یمکن ان یجاب عنها بان الوضوء یمکن ان یراد منه معناه اللغوى و هو الغَسل، فلا تکون موافقة للعامة.
و الجواب الصحیح هو حمل القلیل على مقابل النهر و البحر لا فى مقابل الکر فیمکن ان یکون بمقدار الکر فانّ الکر و الکرین قلیل بالنسبة الیهما و اطلاق القلیل على ما دون الکر اصطلاح بین الفقهاء و لم یعلم ان هذا الاصطلاح کان فى زمنهم((علیه السلام)).
بل لو کان القلیل مستعملا فى مادون الکر فى زمنهم((علیه السلام)) یکون ظاهرا فى ذلک، و ترفع الید عنه للسنة القطعیة الدالة على انفعال القلیل بالملاقاة.
و یحتمل ان تحمل القذارة على الوسخ و القذارة العرفیة لا النجاسة فانه ایضاً قذارة عند العرف.
الوجه السادس ان ما یستدل الفقهاء به على اشتراط الکر مفهومات لا تصلح لمعارضة المنطوقات المبرهن علیها، فان الدلالة المنطوقیة تتقدم على الدلالة المفهومیة، و بعبارة واضحة ما دل على انفعال القلیل بملاقاة النجاسة هو مفهوم ما دل على عدم انفعال الکر بالملاقاة و مادل على عدم انفعال القلیل منطوقات و هى اقوى من الدلالة المفهومیة، فکما ان النص یقدم على الظاهر کذلک یقدم المنطوق على المفهوم.
الجواب عن ذلک منع الصغرى اولا منع الکبرى ثانیاً:
اما منع الصغرى فلانک قد عرفت ان النصوص الدّالة على انفعال القلیل بالملاقاة لا تنحصر بالمفهوم بل مادل بالمنطوق روایات کثیرة جداً.
و اما منع الکبرى فلانّ الدلالة المنطوقیة الغیر الصریحة و المفهومیة کلتاهما من الظواهر و القاعدة فى تعارضها تقدیم الاظهر على الظاهر و ان کان مفهوماً فقوله((علیه السلام)): خلق الله الماء طهورا لا ینجسه شىء الا ما غیّر لونه او طعمه او ریحه. مطلق و قوله((علیهما السلام)): اذا بلغ الماء قدر کر لا ینجسه شىء. مفهومه ان لم یبلغ الماء قدر کر، ینجسه شىء و هذا المفهوم اخص من المطلق فیکون اظهر فیقدّم علیه.
فالنتیجة ان الکر لا ینجسه الّا التغیر بالملاقاة و القلیل ینجّسه الملاقاة و ان لم یتغیر بها.
ثم ان سیدنا الاستاذ((قدس سره)) اجاب ثانیاً و قال: ان المعارضة للدلالة المفهومیة ترجع الى معارضة الدلالة المنطوقیة لاستحالة التصرف فى المفهوم بما هو فانه معلول و ملازم للخصوصیة المذکورة فى المنطوق، و علیه فالمعارضة بین منطوقین دائماً.
الجواب عن ذلک أنا لا نرى مانعاً من تقیید اطلاق المفهوم بمادلّ على ان القلیل ان کان له مادة لا ینفعل بالملاقاة لان المفهوم لا یکون معلولا تکوینیاً حتى لا یمکن التصرف فیه الا باالتصرفى العلة.
فالنتیجة أنّ الکریة و المادة کل منهما مانع من الانفعال الّا بالتغیّر. هذا بناء على أن المادة موجبة للعصمة تعبداً.
و اما بناء على ما لم نستبعده من رجوع المادة الى الکریة فاطلاق المفهوم باق على اطلاقه، و ماله المادة داخل فى منطوق نصوص الکر.
الوجه السابع ان اختلاف الروایات الواردة فى تحدید الکر یکشف کشفاقطعیا عن عدم اهتمام الشارع بالکر حیث حدّ فى بعضها بسبعة و عشرین شبراً و فى بعضها الآخر بستة و ثلاثین و فى ثالث باثنین و اربعین شبراً و سبعة اثمان شبر، فعلیه لا مناص من حملها على بیان استحباب التنزة عما لم یبلغ حدّ کر لما بینها من اختلاف کثیر.
و فیه اولا ان الحمل على الاستحباب یصح فى مثل الامر الظاهر فى الوجوب لقیام القرینة على انه غیر مراد، فیحمل على الاستحباب.
و أمّا اطلاق النجس و ارادة استحباب الاجتناب عنه، فلم یعهد فى استعمال الشارع فان التعبیر بالنجس کالصریح فى وجوب الاجتناب و حرمة الشرب.
و ثانیاً ان اختلاف الاخبار فى التحدید بین الاقل و الاکثر، کاشف عن أن الاقل یکفى فى العصمة و لکن الأفضل هو الأخذ بالاکثر، و لا یصلح ان یکون قرینة على ان النجس لا یجب الاجتناب عنه.
الوجه الثامن انّ الماء القلیل لو کان ینفعل بالملاقاة، لبیّن الشارع کیفیة التحفظ علیه و امر بحفظه عن ملاقاة النجاسة و المتنجسات کایدى المجانین و الصبیان المتقذرة غالباً و لم یرد من الشارع روایة فى ذلک و ایضاً استلزم ذلک نجاسة جمیع میاه البلدین المعظمین (مکة و مدینة) لانحصار مائهما فى القلیل غالباً و تصل أیدى الاطفال و نظائرها مما هو متنجس على الاغلب، و معه کیف یصنع اهل البلدتین بل بذلک یصبح جعل احکام الماء فى حقهم من الطهارة و غیرها لغواً ظاهراً، فعلیه کیف یعتبر فى الوضوء و الشرب طهارة الماء مع عدم وجود ماء طاهر فى البلدتین.
الجواب امّا عن الاول فبانه على الشارع ان یبیّن حکم الماء القلیل و انه ینفعل بملاقاة النجاسة و المتنجس و قد دلّت على ذلک الروایات الکثیرة المتقدمة فعلى المکلّف ان یتحفظ على طهارة ماء الشرب.
فان على الشارع بیان أنه نجس و امّا الاجتناب عن النجاسات و المتنجسات فهو على المکلف.
و اما الثانى و هو لزوم نجاسة جمیع میاه البلدتین المعظمتین لانحصار مائهما فى القلیل غالباً، فهو یتوقف على ان المتنجس مع الواسطة منجس فلو التزمنا بذلک لزم نجاسة جمیع البلدتین و ذلک لانه اذا اصاب الید اوالشفه المتنجس من احد الزوار اوالأهالى بالماء القلیل ینجس ذلک فاذا استعمله الآخرون بالوضوء و الطهارة یتنجسون فاذا ذهبوا الى المقاهى و المطاعم تنجست و هکذا فان النجاسة مسریة فتسرى الى جمیع البلد و الالتزام بنجاسة جمیع البلدین مما لا یمکن الالتزام به فاذن لابد من الالتزام بان الماء القلیل لا ینفعل بالملاقاة مع المتنجس مع الواسطة.
فانّ الالتزام بان المتنجس مع الوسائط منجس الى ما لا نهایة فهو محل کلام بین الاعلام فلا بد من ملاحظة نصوص الباب و ان المستفاد منها ماذا؟
و ذکر المحقق الهمدانى((قدس سره)) انه من التزم بان المتنجس منجس الى ما لا نهایة، فلا یمکن له انکار نجاسة کل شىء فى البلاد و من انکر ذلک فلا حق له فى دعوى الاجتهاد و الاستنباط فانه لا یقوى على استنتاج المطالب عن المبادى المحسوسة فضلا ان یکون من اهل الاستدلال و الاجتهاد.
ثم ان صاحب الکفایة و الشیخ محمدحسین الاصفهانى صاحب نهایة الدرایة((قدس سرهما)) انکرا انفعال القلیل بالمتنجس و استدلّا على ذلک بان القائلین بانفعال القلیل بملاقاة المتنجس استدلوا بامور ثلاثة: احدها الاجماع ثانیها المفهوم فى نصوص الکر، ثالثها الاخبار الخاصة:
اما الاجماع فهو غیر متحقق فى انفعال القلیل بملاقاة المتنجسات فانه دلیل لبىّ و القدر المتیقن منه انفعاله بملاقاة اعیان النجاساة و لا نقطع بتحقق الاجماع على انفعال القلیل بملاقاة المتنجس.
و امّا نصوص الکر فمد لو لها تعلیق العموم لا عموم السلب فمفهومها ان القلیل ینجسه شىء ما و القدر المتیقن منه هى عین النجس فاذا ثبت منجسیة بعض الاعیان النجسة ثبت غیره لعدم القول بالفصل و للاخبار الخاصة الدالة على منجسیتها للقلیل، و اما المتنجسات فلا یستفاد من النصوص انها کالنجاسات موجبة للانفعال.
و أمّا الاخبار الخاصة، فهى تختص بعین النجاسات من الکلب و الدم و البول و غیرها من الأعیان النجسة کما انها المنسبق من الشىء فى الاخبار العامة و لا اقل انها القدر المتیقن منه کما اشرنا الیه آنفا، و على الجملة لا دلیل على انفعال القلیل بالمتنجسات هذا ملخص ما افادا((قدس سرهما))
قلت: أما الاجماع، فقد نقله جماعة کثیرة کالقاضى و المحقق و الفاضل الهندى و الوحید البهبهانى و العلامة بحر العلوم و السید المقدس الکاظمى و المحدث البحرانى و المحقق القمى و الشیخ الاکبر کاشف الغطأ و نجله الحسن و الشیخ محسن الأعلم و صاحب الجواهر و السید المتبحر القزوینى و الشیخ الاعظم الانصارى(قدّس الله اسرارهم) بل حکى عن جماعة من الاصحاب دعوى الضرورة علیه.
و لکن الاجماع لو کان محققاً فلیس اجماعا تعبدیا کاشفا عن رأى المعصوم بل مدرکه النصوص الآتیة فلا بد من ملاحظتها:
منها صحیحة احمد بن محمد بن ابى نصر قال: سألت ابا الحسن((علیه السلام)) عن الرجل یدخل یده فى الاناء و هى قذرة؟ قال: یکفئ الاناء(13)
و مقتضى الاطلاق عدم الفرق بین صورة وجود عین النجاسة و زوالها عنها. و انت ترى انها لا تشمل المتنجس بالمتنجس.
و منها موثقة سماعة عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: اذا اصاب الرجل جنابة فادخل یده فى الاناء فلا بأس اذا لم یکن اصاب یده شیئ من المنى (14) و مفهومها انه اذا اصاب یده شیئ من المنى ففیه بأس و لا فرق فى ذلک بین بقاء المنى فى الید و زواله عنها للاطلاق. و هى ایضاً لا تشمل المتنجس بالمتنجس.
و منها موثقة اخرى لسماعة قال: سألته عن رجل یمس الطست أو الرّکوة ثم یدخل یده فى الاناء قبل ان یفرغ على کفیه؟ قال یهریق من الماء ثلاث جفنات و ان لم یفعل فلا بأس و ان کانت اصابته جنابة فادخل یده فى الماء فلا بأس به ان لم یکن اصاب یده شیئ من المنى و ان کان أصاب یده فأدخل یده فى الماء قبل ان یفرغ على کفیّه فلیهرق الماء کله.(15)
و مقتضى الاطلاق عدم الفرق بین بقاء المنى فى الید و زواله عنه.
و هى کما ترى مختصه بالمتنجس بعین النجس فلا تشمل المتنجس باالمتنجس.
و منها ما رواه ابو بصیر عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سألته عن الجنب یحمل (یجعل خ ل) الرکوة او التور فیدخل اصبعه فیه؟ قال: ان کانت یده قذرة فاهرقه، و ان کان لم یصبها قذر فلیغتسل منه. هذا مما قال الله تعالى: ما جعل علیکم فى الدّین من حرج(16)
و هذه الموثقة کما ترى مقتضى الاطلاق فیها عدم الفرق بین بقاء عین القذارة فى الید وزوالها عنها بلا غسل.
ولکنها تدل على أن الید ان لم یصبها قذر لا یوجب تنجس الماء و ان کانت متنجسة بالماء المتنجس، فان عنوان القذر لا یصدق على المتنجس بالمتنجس فانه مختص بالمتنجس بعین النجس.
و منها صحیحة شهاب عن ابى عبدالله((علیه السلام)) فى الرجل الجنب یسهو فیغمس یده فى الاناء قبل ان یغسلها: انه لا بأس اذا لم یکن اصاب یده شیئ(17)
و مفهومها البأس فى صورة الاصابة و هى ایضاً لاتشمل المتنجس بالمتنجس فان الظاهر هو اصابة المنى فى الید.
و منها موثقة ابى بصیر عنهم((علیهم السلام)) قال: اذا ادخلت یدک فى الاناء قبل ان تغسلها فلا بأس الا ان یکون اصابها قذر بول او جنابة فان ادخلت یدک فى الماء و فیها شیئ من ذلک فاهرق ذلک الماء(18)
و قد یقال: ان هذه الموثقة تعارض الاخبار المتقدمة فان صدرها و ان یوافقها و لکن ذیلها ظاهر فى أن شرط الانفعال ملاقاة عین النجس و هو قوله((قدس سره)): و لن ادخلت یدک فى الماء و فیها شیئ من ذلک و هو ظاهر فى ان شرط الانفعال هو ملاقاة عین النجس فان ادخل یده فى الماء و لم یکن فیها شیئ من البول او المنى لا ینفعل فهو یقید الاخبار المطلقة المتقدمة، فیکون المراد من الجمیع ان شرط الانفعال هو ملاقاة عین النجس.
و اجاب عن ذلک سیدنا الاستاذ((قدس سره)) بان للقذر اطلاقین فربما یطلق و یراد منه المعنى الاشتقاقى بمعنى الحامل للقذارةو علیه فاضافته الى البول و الجنابة اضافة بیانیة کخاتم فضة اى قذر من بول او جنابة، و لا بأس بالاستدلال المتقدم حینئذ فان مفهوم الراویة انه اذا لم یکن فى الید بول اوجنابة فلا بأس بادخالها الاناء.
و اخرى یطلق و یراد منه المعنى المصدرى اى القذارة و بهذا تکون اضافته الى البول و الجنابة اضافة نشویة و معناه ان فى الید قذارة ناشئة من بول او جنابة، و علیه لا یتم الاستدلال المذکور بوجه لان الید حینئذ و ان کانت خالیة من البول و الجنابة الا انها محکومة بالقذارة الناشئة من ملاقاة البول او الجنابة فصحّ ان یقال: فیها شیئ من القذر، و بما انه لا قرینة على تعیین ارادة احد المعنیین، فتصبح الروایة مجملة، و لا یصح الاستدلال بها على التقیید.
هذا کلّه على انّ الرّوایة غیر خالیة عن المناقشة فى سندها حیث إن فى طریقها عبدالله بن المغیرة و لم یظهر انه البجلى الثقة، فالروایة ساقطة عن الاعتبار انتهى کلام الاستاذ
و فیه او لا ان ذکر القسم الرابع للاضافة مناف لما هو المعهود من النحاة من ان اقسامها ثلاثة: لامیة 2 ظرفیة3 بیانیة و لم یعهد النشویة منهم الا ان یقال: لاعبرة بقولهم فلا مانع من کون الاضافة اربعة اقسام.
و ثانیاً انّ عبدالله بن المغیرة البجلى ثقة و هو المعروف المشهور و من الاصحاب الاجماع و قد وقع فى اسانید خمسمأة و واحد و عشرین مورداً فالمطلق ینصرف الیه کما هو المعمول فى الرجال فعلیه تکون الروایة معتبرة.
ثم لا یخفى ان مقتضى الروایات الدالة على الانفعال بالملاقاة بالنجس او المتنجس بعین النجس و اما اذا لاقى الماء المتنجس بالمتنجس لا بعین النجس کما اذا لاقى الماء الدم فتنجس ثم اصاب هذا المتنجس ید الانسان لا اشکال فى انّ الید یتنجس بملاقاة الماء و أمّا اذا أصابت الید ماء آخر فهل یتنجس بذلک ام لا؟
لا تشمل الرّوایات المتقدمة ذلک لانها مشتملة على البول او المنى او القذارة و نحوها و هذه العناوین لم تتحقق هنا و لکنّ الذى یمنع الرجوع الى اصالة الطهارة هى دعوى الاجماع على أن الملاقاة بالمتنجس الثانى ایضاً منجس و هکذا
و لکنه قد یستدل على تنجیس مطلق المتنجس للماء بصحیحة زرارة قال: قال ابو جعفر((علیهما السلام)) الا أحکى لکم وضوء رسول الله((صلى الله علیه وآله وسلم)) فقلنا: بلى فدعا بقعب فیه شیئ من ماء فوضعه بین یدیه ثم حسرعن ذراعیه ثم غمس فیه کفه الیمنى ثم قال: هکذا اذا کانت الکف طاهرة.(19)
فبمفومها تدل على عدم غمس الکف فى الماء اذا کانت الکف نجسة ولاوجه له الاّ تنجس الماء بمطلق الکف النجسة سوا کانت ملاقیة لعین النجس او للمتنجس، فهى تدّل على ان المتنجس بملاقاة المتنجس و هو المتنجس مع الواسطة منجّس للماء.
و لکن الظاهر عدم تمامیة هذا الاستدلال و ذلک لان الماء القلیل اذا ادخل فیه الکف النجس یکون مستعملا فى رفع الخبث و یکون غسالة و هى مما لایجوز استعماله فى الوضوء و الغسل و ان قلنا بطهارتها فضلا عن القول بنجاستها فیحتمل ان یکون عدم جواز ادخال الکف النجس فى الماء بصدق الغسالة علیه و عدم جواز استعمالها فى رفع الحدث، فهذا الاحتمال یوجب اجمال الصّحیحة فلا یتم الاستدلال بها على ان ملاقاة المتنجس مع الواسطة للماء موجبة لنجاسته
فالنّتیجة هى أنه لم یثبت بالنصوص ان المتنجس مع الواسطة منجّس للماء القلیل، فیبقى ما ادعاه السید بحر العلوم من الاجماع على أن المتنجس بالواسطة منجّس للماء فان تم هذالاجماع فهو و الاّ فلابد من التفصیل بین المتنجس بالنجس و المتنجس بالمتنجس و القول بنجاسة الملاقى فى الاوّل و عدمها فى الثانى
فعلى هذا لایلزم نجاسة البلدین المعظمین لعدم العلم بانّ هذا الماء لاقى النجس او المتنجس بلاواسطة.
و أمّا اذا لاقى المتنجس مع الواسطة فبما انا لا تعلم بنجاسته یرجع فیه الى قاعدة الطهارة.
ثم لا یخفى الفرق بین هذالتفصیل و ما ذهب الیه المحققان صاحب الکفایة و صاحب نهایة الدرایة فانهما ذهبا الى عدم انفعال الماء بمطلق المتنجس بلا فرق بین المتنجس الاول و الثانى و نحن نقول بان المتنجس الاول کالنجس موجب للانفعال، و الذى لم یثبت منجسیته هو المتنجس الثانى الذى نسمیه المتنجس مع الواسطة
(2) ذهب الشیخ الطوسى((قدس سره)) الى عدم انفعال الماء بالدم المذکور لصحیحة على بن جعفر عن اخیه ابى الحسن((علیه السلام)) قال: سألته عن رجل رعف، فامتخط فصار بعض ذلک الدم قطعاً صفاراً فاصاب انائه هل یصلح له الوضوء منه؟ فقال((علیه السلام)): ان لم یکن شیئاً یستبین فى الماء فلا بأس و ان کان شیئاً بیّناً فلا تتوضأ منه(20)
تقریب الاستدلال انه ان علم باصابته الماء و لکن لم یستبن فیه لصغره فهو یوجب نجاسته
و لکن الشیخ الانصارى((قدس سره)) استشکل علیه بانه یعلم اجمالا بان الدم وصل الاناء و لا یعلم بانه اصاب الماء او خارج الاناء فبما ان خارج الاناء لیس محلا للابتلاء لا یکون العلم الاجمالى منجّزا فیجوز التوضّى باالماء
و الظاهر ان الصحیحة لا تدل على ما ذهب الیه الطوسى و لا على ما ذهب الیه الانصارى((قدس سرهما)) فان اصابة الدم بالاناء مسلّم و هو ظرف المأ و اصابته بالماء مشکوک فیرجع فیه الى اصالة الطهارة و لم یفرض فیها اصابة الماء حتى یفصل بین ما استبان منه و ما لم یستبن بل اصابته للماء مشکوک فیه
نعم لو قال على بن جعفر ان الدم اصاب الاناء او الماء کان ما ذکره الشیخ الانصارى صحیحاً و لو قال انه اصاب الماء کان التفصیل منطبقا على ما ذهب الیه الشیخ الطوسى و لکن الصحیحة دلت على ان الدم اصاب الاناء فیظن اصابته الماء فاجاب((علیه السلام)) بان الدم اذا لم یستبن فى الماء یصح الوضوء منه للشک فى اصابته له.
و قد یقال: ان قاعدة الطهارة او استصحابها کادت ان تکون من الامور البدیهیة، و مثلها لا یخفى على مثل على بن جعفر الذى هو من العلماء الاجلاء فحمل الصحیحة على السئوال عن الشبهة الموضوعیة بعید فلابد من حملها على السؤال عن شیئ آخر.
الجواب عن ذلک ان جریان القاعدة او الاستصحاب فى الشبهة الموضوعیة انما صار من الواضحات لاجل هذه الروایات و لم یعلم وضوحه قبل صدور هذه الروایات فى زمنهم((علیهم السلام)) و لعلّ الباعث على السؤال کان الظن باصابة الدم للماء للعلم باصابته الاناء.
و قد ظهر مما ذکر انه لا یمکن المساعدة على ما افاده السید الحکیم((قدس سره)) من انّ الصحیحة معرض عنها عند المشهور فیسقط بذلک عن الحجیة
ثم ان السید الحکیم و الاستاذ الخوئى((قدس سرهما)) احتملا فى المقام ان الصحیحة ناظرة الى ان الاجزاء الصغار من الدم او العذرة لا یصدق علیهما العنوان عرفا فلا یشملها ما دل على وجوب الاجتناب من الدّم او العذرة فلا یوجب ملاقاتها انفعال الماء فلو کانت العذرة اجزاء صغارا انتشر بالکنس او هبوب الریح فوقع على الجبهة المتعرّقة لا توجب التنجس لانصراف الادلة عن شمول مثل هذه الاجزاء
و فیه ما تقدم منا سابقاً ان صیرورة النجس اجزاء صغارا لا یوجب استحالته فکیف ینفک حکمه عنه فاذا کان الموضوع باقیا یلحقه حکمه و لا اثر لتفرق الاجزاء و اجتماعه، و لا عبرة بحکم العرف فى امثال المقام کما نرى فى تشخیص المسافة و النصاب و الکر و الاوزان فالموضوع فى امثال المقام لابد من ان یحرز عند العقل و لا عبرة بالمسامحات العرفیة فیها.
1- س ج 1 ب 8 من ابواب الماء المطلق ص 112 و غیرها
2- س ج 1 ب 9 من ابواب الماء المطلق ص 117 و غیرها
3- س ج 1 ب 3 من ابواب الاسئار ص 162 و غیرها
4- الوافى ج 6 ص 18
5- س ج 1 ب 9 من ابواب الماء المطلق ح 12 ص 120
6- س ج 1 ب 9 من ابواب الماء المطلق ح 11 ص 119
7- س ج 1 ب 9 من ابواب الماء المطلق ح 7 ص 118
8- ج 6 ص 19
9- س ج 1 ب 4 من ابواب ماء المطلق ح 2 ص 125
10- س ج 1 ب من ابواب الماء المطلق ح12 ص115
11- س ج 1 ب 3 من ابواب الماء المطلق ح8و9 ص104
12- س ج 1 ب 8 من ابواب الماء المطلق ح 5 ص 113
(13)(14)- س ج 1 ب8 من ابواب الماء المطلق ح7 و9ص114
15- س ج 1 ب8 من ابواب الماء المطلق ح10ص114
(16)(17)- س ج 1 ب8 من ابواب الماء المطلق ح11و3 ص115و113
18- س ج 1 ب8 من ابواب الماء المطلق ح4ص113
19-س ج 1 ب 15 من ابواب الوضوء ح2 ص272
20- س ج 1 ب8 من ابواب الماء المطلق ح1 ص112
مساله 1 ص (303 - 304)
▲ مساله 1 ص (303 - 304)
99(مسألة1) لافرق فى تنجس القلیل بین ان یکون وارداً على النجاسة أو موروداً(1)
(1) خلافا للسید المرتضى فى الناصریات و الحلى فى السرائر بل جعله الصحیح المستمر على اصل المذهب و فتاوى الاصحاب، قال السید(ره):
الوجه فیه انا لو حکمنا بنجاسة القلیل الوارد على النجاسة لادّى ذلک الى ان الثوب لایطهر الاّ بایراد کر من الماء علیه و ذلک یشق، فدل على ان الماء الوارد على النجاسة لا یعتبر فیه القلة و الکثرة، کما یعتبر فیما یرد علیه النجاسة، الجواب عن ذلک قد ظهر مما تقدم من ان التطهیر بالماء القلیل قد ثبت فى الشرع فیمکن ان یلتزم فیه بعدم الانفعال لأجل التخصیص کما نلتزم بعدم تنجس ماء الاستنجاء او عدم تنجیسه على خلاف یأتى فبعدم تنجس الماء القلیل فى مقام التطهیر، لا یمکن الالتزام بعدم التنجس بالملاقاة فى غیره فانه مستلزم لرفع الید عن نصوص الانفعال بلاوجه.
مع انه یمکن الالتزام بتنجس الماء عند التطهیر ایضاً و مع ذلک حکم الشارع بحصول التطهیر و تمام الکلام فى ذلک سیأتى انشاء الله.
ثم انه قد یفصل فى الانفعال بین استقرار الملاقاة و بقاء الماء مع النجاسة فینجس و بین ما اذا طفر الماء و لم یستقر معها فلا ینجس کما اذا طفر الماء بعد اصابة النجاسة الى محل آخر، استدل علیه بمعتبرة عمر بن یزید قال: قلت: لابى عبدالله((علیه السلام)) اغتسل فى مغتسل یبال فیه و یغتسل من الجنابة، فیقع فى الاناء ما ینزو من الارض؟ فقال: لابأس به(1)
و فیه ان الاستدلال غیر تام فان المغتسل الذى یبال فیه و یغتسل من الجنابة لا یکون کل ارضه نجساً فان البول ینجّس و جریان ماء الغسل یطهّر غایة ما فى الباب العلم بنجاسة بعض مواضعها و طهارة بعضها الآخر فلم یعلم ان ما نزى هل نزى من الموضع النجس او الطاهر و مقتضى القاعدة طهارة مالاقى بعض اطراف
الشبهة المحصورة فالمعتبرة منطبقة على القاعدة.
فلا فرق فى الحکم بنجاسة القلیل اذا لاقى النجاسة بین استقراره معها و عدمه.
1- س ج 1 ب 9 من ابواب الماء المضاف ح7 ص154
مساله 2 ص (305 - 314)
▲ مساله 2 ص (305 - 314)
100(مسألة2) الکر بحسب الوزن الف و مأتارطل بالعراقى(1) و بالمساحة ثلاثة و اربعون شبراً الاّ ثمن شبر(2) فبالمن الشاهى و هو الف و مأتان و ثمانون مثقالا(3) یصیر أربعة و ستین منّاً الا عشرین مثقالا.
(1) على المشهور و خالف فى المقام السید المرتضى و الصدوق فى الفقیه فذهبا الى ان الکر الف و ثمانمأة رطل بالعراقى.
و استدل المشهور بمرسلة ابن ابى عمیر عن بعض أصحابنا عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: الکر من الماء الذى لا ینجسه شیئ الف و مأتارطل(1) و الّرطل هو بمعنى الوزن و لکنه جعل اسماً لمکیال معین فى العراق و لمکیال آخر فى المدینة و لمکیال ثالث فى مکة
فالرطل العراقى اسم لکیل یوازن مأة و ثلاثین درهماً و المدنى یوازن مأة و خمسة و تسعین درهماً و المکى یوازن مأتى و ستین درهماً.
فحملواما فى المرسلة على العراقى بقرینة صحیحة محمد بن مسلم عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: و الکر ستمأة رطل(2) بحمل الرّطل فیها على المکى جمعاً بینهما فلوارید من کلتیهما معنى واحد لزم طرح احدهما و اخذ الآخر و الاول متعین عند العرف لأنّ الجمع مهما أمکن أولى من الطرح.
و هذا مبنى على ما هو المشهور بین الاصحاب من أن مرا سیل ابن ابى عمیر و اصحاب الاجماع کالمسانید و الاصل فى هذ الکلام ما ذکره الکشى فى رجاله من ان الاصحاب اجمعوا على تصحیح ما یصح عن جماعة منهم یونس بن عبدالرحمان و صفوان بن یحیى بیاع السابرى و محمد بن ابى عمیر و عبدالله بن المغیرة و الحسن بن محبوب و احمد بن محمد بن ابى نصر
و هئولاء من اصحاب أبى ابراهیم موسى بن جعفر و ابى الحسن على بن موسى الرضا((علیهما السلام)) و قد ذکر السید بحر العلوم((قدس سره)) فى منظومته الاجماع على تصحیح ما یصحّ عن المذکورین و لکنه فى فوائده فى ترجمة ابن ابى عمیر حکى دعوى الاجماع عن الکشى و اعتمد على حکایته، فحکم بصحة اصل زید النرسى لان راویه ابن ابى عمیر.
و لکن دعوى هذا الاجماع مخدوشة صغرى و کبرى أمّا الصغرى فلان مورد الاجماع هو علمهم و وثاقتهم و فقاهتهم لا ان کل ما یروونه مرسلا او عن الضعفاء فهو صحیح، و لو تنزل عن ذلک وسلمنا ان مراد الکشى هو تصحیح ما یصح عنهم و ان کان مرسلا او منقولا عن الضعفاء، فهو اجماع منقول لا حجیة فیه کما حقّق فى الاصول
و اما ما قد یقال: ان ابن ابى عمیر لا یرسل و لا یروى الا عن ثقة فقد ثبت خلافه فانه روى عن على بن ابى حمزة البطائنى و قال ابن فضال انه کذاب ملعون و روى عن الضعفاء الآخرایضاً
فعلیه لا مجال للعمل بالمرسلة و اما صحیحة محمد بن مسلم فلابد من حمل الرطل فیها على المکى و ذلک لوجوه:
الاول ان صحیحة على بن جعفر تدل على ان الماء البالغ الف رطل ینفعل بالملاقاة قال: سألته عن جرة ماء فیه الف رطل وقع فیه اوقیة بول هل یصلح شربه او الوضوء منه؟ قال: لا یصلح(3)
و المراد منه العراقى; لان احتمال ان یکون المراد منه المکى او المدنى ینفیه صحیحة محمد بن مسلم; لانها کالصریح فى ان الکر لا یزید على الف و مأتى رطل عراقى، و صحیحة على بن جعفر کالصریح فى ان المراد من صحیحة محمد بن مسلم لیس هو المدنى او العراقى، لان الف رطل عراقى اذا انفعل بالملاقاة فستّمأة رطل عراقى او مدنى ینفعل بالاولویة القطعیة، فان ستمأة رطل مدنى یساوى تسعمأة رطل عراقى.
فالنص فى کل منهما و هو العقد السلبى یرفع الاجمال عن العقد الایجابى، فصحیحة ابن مسلم قرینة على ان المراد من صحیحة على بن جعفر هو الرطل العراقى; لانه لو کان المراد منها المدنى او المکى لزم زیادة الکر عن الف و مأتى رطل عراقى و هو منفى بالعقد السلبى من صحیحة ابن مسلم
و صحیحة على بن جعفر بعقد السلبى ینفى ان یکون المراد من صحیحة ابن مسلم، هو الرطل العراقى او المدنى، فالمراد منها هو الرطل المکى یقیناً
الثانى سیجىء انشاء الله ان الکر بحسب المساحة یکون سبعة و عشرین شبراً، و قال سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)): انا و زناه غیر مرة، فوجدناه موافقا لستّمأة رطل مکى یعنى هذا المقدار من الماء بحسب الوزن یملأ سبعة و عشرین شبراً من المساحة و هذا دلیل قطعى على انّ الکر لیس مکعبه ثلاثة و اربعین شبراً الاّ ثمن شبر کما ذهب الیه المشهور ولا ستة وثلاثین شبرا، کما عن المحقق و صاحب المدارک
والعجب من بعض المعاصرین حیث إنه التزم بقول المشهور فى الوزن والمساحة مع أنه رأى مانقله الاستاذ((قدس سره))من ان الفاً و مأتى رطل العراقى یساوى سبعة و عشرین شبراً من المساحة، فلو بنینا کراً و مخزنا مساحته سبعة و عشرون شبراً یملئه الف و مأتا رطل عراقى من الماء و لو بنینا کرا مساحته ثلاثة و اربعون شبراً و القینا فیه الماء المذکور یبقى اکثر من ثلثه خالیاً: فکیف یمکن الجمع بین الوزن و المساحة فان المساحة المذکورة لا یملأها الا الف و تسعمأة رطل
و کذا یرد الاشکال على المحقق و صاحب المدارک فانهما ذهبا الى ان الکر بحسب المساحة یکون ستة و ثلاثین شبراً و هذه المساحة لا یملأها الا الف و ستمأة رطل، فکیف یمکن الالتزام بان وزنه الف و مأتا رطل و من حیث المساحة ستة و ثلاثون شبراً، مع ان الکر مقدار من الماء وزنه الف و مأتارطل و المساحة جعلها الشارع طریقا الیه لتسهیل الامر، فان الزراع و الشبر موجود لکل احد، و فى کل مکان، فان توافق الوزن و المساحة یکون الطریق معتبراً و ان اختلفا یؤخذ بالوزن و یطرح الطّریق ان لم یکن قابلا للحمل على الوزن فان الوزن المذکور مسلم عند المشهور و المحقق و صاحب المدارک و القمیین القائلین بان المساحة سبعة و عشرون شبراً.
الثالث ان عدة من الروایات المتقدمة دلت على ان ملاقاة النجس او المتنجس موجب لانفعال الماء: منها موثقة عمار بن موسى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) فى حدیث فقال((علیه السلام)): کل شیئ من الطیر یتوضّا مما یشرب منه الا ان ترى فى منقاره دماً، فان رایت فى منقاره دماً فلا توضأ منه و لا تشرب(4)
و قد خرج من تحته ما له المادة لصحیحة ابن بزیع المتقدمة و الکر للنصوص الدّالة على ان الماء اذا بلغ قدرکر لا ینجسه شیى، و صحیحة محمد بن مسلم المتقدمة دلّت على أن الکر ستمأة رطل و قد عرفت ان لفظ الرطل مجمل یدور امره بین العراقى و المدنى و المکى فنأخذ بالمتیقن و هو المکى و هو قد خرج من اطلاق موثقة عمار الدالة على ان الملاقاة للدّم موجب للنجاسة و غیره یبقى تحت الاطلاق فیحکم بالانفعال لاجل الملاقاة فان المخصص او المقید المجمل المنفصل لا یوجب اجمال العام و المطلق کما حقق فى الاصول
(2) الاقوال فى المسألة ثلاثة و ما ذکره الماتن هو المشهور بین الاصحاب
و ذهب المحقق، و صاحب المدارک الى ان مساحته ستة و ثلاثون شبراً
و ذهب القمیّون و العلامة و الشهید و المحقق الثانیان و المحقق الاردبیلى و الشیخ البهائى الى ان مساحته سبعة و عشرون شبراً.
و الصحیح هو القول الاخیر و یدل على ذلک وجوه: الاول ما تقدم من ان صحیحة محمد بن مسلم، تدل على أن الکر ستمأة رطل مکى و هو یوازى الفاً و مأتى رطل عراقى و هو یوازى ثلاثمأة و سبعة و سبعین کیلواً و الکیلو یوازى مأتى وتسعة وثمانین مثقالا شرعیا فالکر بحسب المثقال یوازى 108953 مثقالا شرعیاً
و هذا المقدار من الماء بحسب ما نقله الاستاذ یملأ مخزناً، مساحته سبعة و عشرون شبراًو امّا على المبنى المشهور، فاذا بنینا مخزناً مساحته ثلاثة و اربعون شبراً الاّ ثمن شبر یبقى مقدار سبعمأة رطل خالیا من الماء فبناء على المساحة لا یکون هذ الماء کرا و بناء على الوزن الذى اختاروه یکون کراً
و هذالاشکال یرد على المحقق و صاحب المدارک فلو وضعنا الفا و مأتى رطل فى مخزن مساحته ستة و ثلاثون شبراً یبقى مقدار 396 رطل خالیاً من الماء فبحسب الوزن هذا الماء کر و بحسب المساحة لیس بکر و هذالتناقض الذى یلزم على قول المشهور و المحقق یؤکد صحة ما اخترناه من کون الکر سبعة و عشرین شبراً.
الثانى صحیحة اسماعیل بن جابر قال: قلت لابى عبدالله((علیه السلام)) الماء الذى لا ینجسه شیئ؟ قال: ذراعان عمقه فى ذراع و شبر وسعة(سعته)(5)
تقریب الاستدلال ان المراد من سعته بحسب متفاهم العرف هو سعة سطح الماء لاطوله و عرضه
و المراد من الزراع هو شبران کما یشهد بذلک رجوع کل احد الى ذراعه و شبره فالمراد ان الکر ما هو اربعة اشبار عمقه فى ثلاثه اشبار سعة و الظاهر من هذالکلام انه((علیه السلام)) فرض الماء مدوراً لان سعته من کل جانب هو ذراع و نصف فالسعة بهذا المقدار من کل جانب انما یفرض فى الدائرة و اما بقیة الاشکال فالخطوط فیها یختلف حتى فى المربع فان الخط من الزاویة الى الزاویة یزید على الخط من الضلع الى الضلع و الماء بطبعه ایضاً یتشکل بالدائرة فان قطرة من الماء اذا اصاب على السطح المساوى یقع بشکل الدائرة
و تحصیل المساحة من الدائرة انما هو بضرب نصف القطر بنصف المحیط و قطر الدائرة فى المقام انما هو ثلاثة اشبار و المحیط انما یکون ثلاثة اضعاف القطر فاذا کان القطرثلاثة اشبار یکون المحیط تسعة اشبار فیضرب شبر و نصف فى اربعة اشبار و نصف و الحاصل انما یکون سبعة اشبار الاربع شبر فاذا ضربناها فى العمق و هو اربعة اشبار یصیر الحاصل سبعة و عشرین شبراً.
الثالث صحیحة اخرى من اسماعیل بن جابر عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سألته عن الماء الذى لا ینجسه شیئ؟ فقال: کرّ، قلت: و ما الکر؟ قال: ثلاثة اشبار فى ثلاثة اشبار(6)
و هذه الصحیحة کالصریح فى سبعة و عشرین شبراً فان جواب الامام ((علیه السلام)) ناظر الى الابعاد الثلاثة و ان کل بعد ثلاثة اشبار و لو لم یکن کذلک لبیّن البعد الثالث فالمتعارف فى بیان الجسم المتساویة الابعاد هو ذکر البعدین کخمسة فى خمسة او اربعة فى اربعة.
فعلیه اذا ضربنا الثلاثة فى ثلاثة یصیر الحاصل تسعة و اذا ضربناها فى ثلاثة یصیر الحاصل سبعة و عشرین شبرا.
و قد نوقش فى سند هذه الصحیحة بأنها رویت فى الکافى عن ابن سنان و فى موضع من التهذیب عن محمد بن سنان و موضع آخر منه عن عبدالله بن سنان و فى الاستبصار عن عبدالله بن سنان فلو کان الراوى هو عبدالله بن سنان تکون الروایة صحیحة و ان کان محمد بن سنان فالروایة ضعیفة و بما انه مردّد بینهما فالروایة تسقط عن الاعتبار.
الجواب عن ذلک ان ابن سنان کثیرا یطلق و یراد منه عبدالله بن سنان و ارادة محمد بن سنان عنه قد تتفق فهو قلیل کما یشهد بذلک المحدث الکاشانى الفیض و قد روى الشیخ عن عبدالله بن سنان فى الهتذیب و الاستبصار و اطلاق ابن سنان فى الکافى ینصرف الى عبدالله بن سنان فالتعبیر بمحمد بن سنان فى موضع آخر من تهذیب یحتمل فیه السهو من الکتّاب و النساخ.
على انه یحتمل ان یکون ما وقع فى سنده محمد روایة اخرى فالروایة مرویة بطریقین فلا یضر وقوع محمد بن سنان فى احدهما فى حجیة ما وقع فى سنده عبدالله بن سنان.
و قد یناقش فى الاستدلال بالصحیحتین بان موثقة ابى بصیر تعارضهما قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن الکر من الماء کم یکون قدره ؟ قال: اذا کان الماء ثلاثة اشبار و نصف فى مثله ثلاثة اشبار و نصف فى عمقه فى الأرض فذلک الکر من الماء.(7)
بتقریب انها تدل على مسلک المشهور فان ضرب ثلاثة اشبار و نصف فى مثله ثم الضرب على مثله فى العمق ینتج ان الحاصل ثلاثة و اربعون شبراً الّا ثمن شبر.
و السند معتبر فان ابا بصیر اما هو لیث بن البخترى او یحیى ابن القاسم و کلاهما ثقة و عثمان بن عیسى ایضاً موثق بل هو من اصحاب الاجماع و لا یضر فیه کونه واقفیاً.
و لکنه یمکن المناقشة فى دلالتها فان الابعاد الثلاثة لم تذکر فیها بل ذکر البعدان فثلاثة اشبار و نصف یکون المراد منها سطح الماء فیفرض الماء مدوراً فعلیه یکون محیطه عشرة اشبار و نصف شبر فنضرب نصف القطر بنصف المحیط یکون حاصله تسعة و اذا ضربناها فى العمق یصیر الحاصل اثنین و ثلاثین شبراً فیزید هذا على المختار بخمسة اشبار و لعل الوجه فى ذلک ان موضع الماء فى الغدران لا یکون مسطحا مستویاً بل موضع منه احفض و موضع آخر ارفع فلهذا عبّر بثلاثة اشبار و نصف حتى یتحقق الکر فى جمیع الموارد. بقى الکلام فیما ذهب الیه المحقق صاحب الشرایع و السید صاحب المدارک من کون الکر ستة و ثلاثین شبراً و استندافى ذلک بصحیحة اسماعیل بن جابرالمتقدمة حیث قال الامام((علیه السلام)): ذرا عان عمقه فى ذراع و شبر سعته.
تقریب الاستدلال ان السعة تشمل البعدین الطول و العرض فیکون کل منهما ذراع و شبر فیکون کل منهما ثلاثة اشبار، فاذا ضربنا الثلاثة فى ثلاثة یکون الحاصل تسعة اشبار فاذا ضربناها فى اربعة اشبار العمق یصیر الحاصل ستة و ثلاثین شبراً.
قلت: ما ذکراه و ان لم یکن ظاهراً من الصحیحة الّا انه محتمل و لکن الذى ینفى هذا الاحتمال ما تقدم من ان الفا ومأتى رطل من الماء یملأ سبعة و عشرین شبراً من المکان و هذا یؤکد ما ذکرناه من ان الصحیحة ناظرة الى الماء المدور الذى له قطر واحد و قد عرفت ان حاصل الضرب فیه یصیر سبعة و عشرین شبراً.
و اما ما ذهب الیه الصدوقان و السید المرتضى من ان وزن الکر الف و ثمان مأة رطل بالعراقى فهو مبنى على العمل بمرسلة ابن ابى عمیر و حمل الرطل فیها بالمدنى.
و فیه اولا انه یوجب طرح صحیحة محمد بن مسلم المتقدمة الدالة على ان الکر ستمأة رطل، و المراد منه المکى فیکون الفاً و مأتى رطل بالعراقى.
و هذا بخلاف ما اذا حملنا الرّطل فى المرسلة على العراقى فانه یوافق المراد منه فى الصحیحة.
و ثانیاً انهم ذهبوا الى ان الکر بالمساحة سبعة و عشرون شبراً و هذا لا یوافق الوزن فان الفاً و ثمان مأة رطل عراقى یزید على المساحة المذکورة بکثیر و هو الثلث ستمأة رطل بالعراقى.
فقد تحصل ان الاوفق بالقواعد هو ان مساحة الکر سبعة و عشرون شبراً و وزنه الف و مأتا رطل بالعراقى فاذا کان الماء ثقیلا لاجل الاختلاف باالملح و امثاله فیمکن تحقق الوزن قبل تحقق المساحة و اذا کان خفیفاً لاجل صفائه فیمکن تحقق المساحة قبل تحقق الوزن کماء المطر، فاذاتحقق احد هما کفى فى تحقق الکر و الاعتصام.
و اما موثقة ابى بصیر الدالة على ان الکر اثنان و ثلاثون شبرا کما عرفت فتحمل على العلامة، فتدل على ان هذا المقدار من الماء مشتمل على الکر و لا یضر زیادته على المقدّر بالوزن فان المضر هو التقدیر الذى کان انقص من الوزن ولیس شىء من التقدیرات کذلک بل امّا مساوللوزن کصحیحتى اسماعیل بن جابراو یزید علیه کموثقة ابى بصیر.
(3) صیرفیاً
(1)(2)- س ج 1 ب 11 من ابواب الماء المطلق ح1و3 ص123و124
3- س ج 1 ب8 من ابواب الماء المطلق ح16 ص116
4- س ج 1 ب 4 من ابواب الاسئار ح2 ص166
5- س ج 1 ب10 من ابواب الماء المطلق ح1 ص121
6- س ج 1 ب 9 من ابواب ابماء المطلق ح7 ص118
7- س ج 1 ب 10 من ابواب الماء المطلق ح 6 ص 122
مساله 3 ص (314 - 315)
▲ مساله 3 ص (314 - 315)
101(مسألة 3) الکر بحقة الإسلامبول و هى مائتان و ثمانون مثقالا مائتا حقة و اثنتان و تسعون حقة و نصف حقة.(2)
(2) الکر یکون وزنه (156000) درهماً یستفاد ذلک من مکاتبة جعفر بن ابراهیم بن محمد الهمدانى (1)و مکاتبة على بن بلال (2) و مکاتبة اخرى عن ابراهیم بن محمد الهمدانى.(3)
و حیث انه یکون کل عشرة دراهیم سبعة مثاقیل شرعیة یکون الکر109200مثقالا شرعیاً و حیث ان کل مثقال شرعى ثلاثة ارباع المثقال الصیرفى یکون الکر 81900 مثقالا صیرفیاً. فالکر بالکیلو یصیر 377 و کل کیلو یکون 217 مثقالا صیرفیاً و خمس حمص و نصف حمص و ربعه .
(1)(2)(3)- س ج 6 ب 7 من ابواب زکاة الفطرة ح 1و2و3 ص 236و237
مساله 4 ص (315)
▲ مساله 4 ص (315)
102(مسألة 4) اذا کان الماء اقل من الکر و لو بنصف مثقال یجرى علیه حکم القلیل.(1)
(1) و ذلک لان النصوص الدالة على التقدیر بالوزن ظاهر فى انه تحقیقى لا تقریبى فلا مجال للمسامحة فیه، و اما مادل على المساحة فان وافق الوزن فهو التقدیر تحقیقى و ان زاد علیه فهو تقریبى مبنى على الاحتیاط کما عرفت فى موثقة ابى بصیر الدالة على ثلاثة اشبار و نصف.
مساله 5 ص ( 315 - 316)
▲ مساله 5 ص ( 315 - 316)
103(مسألة 5) اذا لم یتساو سطوح القلیل ینجس العالى بملاقاة السافل کالعکس(1)، نعم لو کان جاریا من الاعلى الى الاسفل، لا ینجس العالى بملاقاة السافل من غیر فرق بین العلو التسنیمى و التسریحى.(2)
(1) لا اشکال فى ان هذا الفرض یکون فى الماء الواقف الراکد و فیه یشکل تصور اختلاف السطوح فان السافل ان کان متصلا بالعالى یجرى الماء من العالى الى السافل فلا یکون ملاقاة السافل موجبة لنجاسة العالى، و ان لم یکن متصلا فلا وجه لنجاسة العالى بملاقاة السافل.
(2) لا اشکال فى عدم تنجس العالى بالسافل ان کان هناک دفع و قوة بلا فرق بین العلو التسنیمى و التسریحى، و کذا اذا کان الدفع من الاسفل الى الاعلى و لاقت النجاسة له فان نجاسته بالملاقاة لا توجب نجاسة الاسفل کما اذا کان الدفع بوسیلة المکینة الکهر بائیة.
و کذا لا اشکال فى حصول النجاسة للجهة العالیة بملاقاة السافلة اذا کان الجریان بهدوء و حرکة یسیرة.
انما الاشکال فى انه اذا شککنا فى انّ هناک دفع وقوه ام لا؟ فهل یکون المرجع فیه اطلاقات الانفعال و عموماته کما عن الشیخ الاعظم الانصارى (ره)او یرجع الى عموم مادل على اعتصام الماء او قاعدة الطهارة او استصحابها ؟ لا یبعد الرجوع الى الثانى فان الانفعال معلول للسرایة و هى مشکوکة فیرجع الى استصحاب الطهارة او قاعدتها.
مساله 6 ص (316)
▲ مساله 6 ص (316)
104(مسألة 6) اذا جمد بعض ماء الحوض و الباقى لا یبلغ کرّاً، ینجس بالملاقاة و لا یعصمه ما جمد(1) بل اذا ذاب شیئاً فشیئاً ینجس ایضاً و کذا اذا کان هناک ثلج کثیر فذاب منه اقل من الکر فانه ینجس بالملاقاة و لا یعتصم بما بقى من الثلج.
(1) لان السیلان معتبر فى مفهوم الماء عرفا، و الجمود العارض علیه یمنع عن
صدق الماء علیه فلا یدخل فى اطلاق ادلة احکام الماء و کر منه و لا یجرى على قلیله احکام القلیل فلو انجمد و لاقى النجاسة، تنجس موضع الملاقاة لا تمامه بخلاف الماء القلیل فانه بالملاقاة ینجس کله. و عن العلامة فى المنتهى و الشهید فى الحواشى الحاق الجامد بالمایع، و عن القواعد و التحریر التوقف فیه.و قد ظهر ضعفه مما عرفت من الاطلاق عرفاً فان الماء و الثلج موضوعان عند هم فلا یثبت احکام احد هما على الآخر.
مساله 7 ص (316 - 321)
▲ مساله 7 ص (316 - 321)
105(مسألة 7) الماء المشکوک کریته مع عدم العلم بحالته السابقة فى حکم القلیل على الأحوط (1) و ان کان الاقوى عدم تنجسه بالملاقاة، نعم لا یجرى علیه حکم الکر، فلا یطهّر ما یحتاج تطهیره الى القاء الکر علیه و لا یحکم بطهارة متنجس غسل فیه و ان علم حالته السابقة یجرى علیه حکم تلک الحالة.
(1) قد استدل لذلک بوجوه: الاول: ان الملاقاة مقتضیة للانفعال و الکریة مانعة فاذا احرز المقتضى و شک فى المانع یبنى على عدمه لأن الأصل عدمه فیثبت المقتضى.
و فیه ان قاعدة المقتضى و المانع لا دلیل على اعتبارها فلا یثبت المقتضى اذا نفینا المانع بالأصل.
الثانى: ان مقتضى العمومات انفعال الماء بالملاقاة خرج منها الکر فمع الشک فى کرّیة الموجود یشک فى مصداق المخصّص و العموم مرجع فى الشبهات المصداقیة.
و فیه ان مقتضى التحقیق عدم جواز التمسک بالعام فى الشبهة المصداقیة فلو قال المولى اکرم العلماء ثم قال بعد ایام لا تکرم فساقهم فاذا علمنا ان زیدا عالم و نشک فى عدالته و فسقه لا یمکن الحکم بوجوب اکرامه لقول المولى اکرم العلماء لأن المخصّص قرینة على ان موضوع العام هو العالم العادل فعند الشک فى العدالة لا یصّح التمسک بالعام لعدم احراز الموضوع، ففى المقام موضوع الانفعال هو الماء الذى لا یکون کراً و لم یحرز عدم کریته فلا مجال للتمسک بالعام.
الثالث: ان اناطة الرخصة بامر وجودى یدل على انها منوطة باحرازه عرفاً فاذا قال المولى لعبده لا تدخل علىّ احدا الا اصدقائى، یکون منه المفهوم عرفا ان موضوع اجازة الدخول هو احراز الصداقة فکما لا یجوز ادخال معلوم العداوة کذلک لا یجوز ادخال مشکوک الصداقة ففى المقام یجب الاجتناب عن الماء الذى لاقى النجاسة الا اذا احرز کریته فما دام لم یحرز ذلک یجب الاجتناب عنه.
و فیه أن ظاهر اناطة الّرخصة بامر هو جعل الحکم الواقعى لموضوعه الواقعى فموضوع الرخصة و جواز الاستعمال بعد الملاقاة هو الکر فاذا احرز الکریة یحرز جواز الاستعمال و اذا شک فى ذلک یشک فى جواز الاستعمال و فى طهارته فلماذا لا یرجع الى قاعدة الطهارة او استصحابها، و یرجع الى مادل على انفعال الماء بالملاقاة فان الماء الذى ینفعل بالملاقاة، ما لیس بکر فمادام لم یحرز ذلک کیف یحکم بانفعاله بالملاقاة.
و فى المثال لا یجوز ادخال مجهول الحال على المولى لاستصحاب عدم الصداقة فیه فیحرز عدمها، و اذا کانت الحالة السابقة الصداقة تستصحب فیجوز ادخاله على المولى و اذا لم تکن الحالة السابقة معلومة لا یجوز الادخال لعدم تحقق الموضوع فان الحکم ینتفى بانتفاء الموضوع بلا فرق بین الترخیصى و الالزامى.
الرابع: الاستصحاب و یدعى جریانه فى الموضوع تارة و فى وصفه اخرى.
اما الاول فتقریبه ان الاستصحاب یجرى بمفاد لیس التامة فیقال ان الکر لم یکن فى هذا المکان، فالآن کما کان.
و فیه انه لا یجرى لعدم ترتب اثر عملى علیه، فان نفى کریة هذاالماء لا یترتب علیه لانه من اللوازم العقلیة و هو موقوف على حجیة الأصل المثبت و لا اثر عملى غیره أصلا.
و اما الثانى فتقریبه ان یقال: ان هذا الماء حین عدم وجوده لم یکن متصفاً بالکریة فحین ما وجد هل اتصف بها و وجد معها ام لا ؟ فنقول: الأصل عدم اتصافه بهاو هذا الأصل هو استصحاب عدم ازلى و لا بأس به، فیحکم على الماء المذکور بانه قلیل.
و قد ناقش المحقق النائینى على هذا الاستصحاب بان العدم قبل وجود الموضوع و الذات محمولى و هو بعد تحقق الموضوع نعتى، فترتیبه علیه من اظهر انحاء الأصل المثبت.
و فیه ان الأمر لیس کذلک فان هذا الماء قبل وجوده لم یکن متّصفاً بالکریة و الآن کما کان فان المنفى بالأصل هو عدم الاتصاف و لا نرید ان نثبت بهذا الاصل ان هذا الماء متصف بعدم الکریة فهذا الاصل لا یکون مثبتاً.
و کذا لا وجه للقول بان الکریة من لوازم الماهیة حیث انها مرتبة و سیعة من مراتب طبیعة الماء فلا یصح ان یقال: ان کریة هذا الماء لم تکن قبل وجوده لانه کر قبل وجوده و بعده و لا وجه للقول بأن الماء یتصف بالکریة بعد وجوده.
و هذا القول توهم فاسد فان الکریة تعرض للماء بعد وجوده و هو من مقولة کم متصل و هو أحد الاعراض التسعة و هو احد اقسام الموجود فهو عرض قائم بالماء فکیف یتحقق قبل وجوده.
ثم إنه لو تنزلنا عن ذلک و قلنا بعدم جریان الاستصحاب فى العدم الازلى فنقول: یمکن جریان الاستصحاب فى عدم النعتى ایضاً و هو مبنى على ان المیاه کلها نازلة من السماء کما فى قوله تعالى: و انزلنا من السماء ماء بقدر فاسکناه فى الارض و إنا على ذهاب به لقادرون.(1)
فنقول: ان هذا الماء حین ما نزل من السّماء لم یکن کراً، و الآن کما کان فینفى الکریة و یترتب علیه تمام آثار القلة فعلیه لا وجه لقول الماتن و ان کان الاقوى عدم تنجسه بالملاقاة.
نعم لو تنزلنا عن ذلک ایضاً و قلنا بعدم جریان استصحاب العدم الازلى و النعتى، فیکون المتعین هو ما افاده فى المتن فان الکریة ان لم تنف بالأصل یحتمل ان یکون هذا الماء کراً فلو لاقاه النجاسة لا یحکم بنجاسته لاحتمال کریته.
فلو غسلنا متنجساً بالغمس فیه فهل یحکم بنجاسة الماء و الثوب او بطهارتهما او یفصل بین الماء و الثوب فیحکم ببقاء الماء على طهارته و بقاء الثوب على نجاسته لانه ان کان کراً فکلاهما طاهر و ان کان قلیلا فکلاهما نجس فنستصحب الحالة السابقة فى کلیهما فیحکم بطهارة الماء و بقاء نجاسة الثوب و هذا هو الصحیح، فان التفکیک بینهما و ان لم یکن مطابقا للواقع الا انه ما لم یستلزم مخالفة قطعیة عملیة لا مانع من الالتزام به.
فالحاصل انه ان لم نقل بجریان الاستصحاب فى العدم الازلى و لا فى العدم النعتى فى المقام لابتنائه على الدقة العقلیة و ان الاخبار لا یشمل مثلها او کانت الحالة السابقة متضادة بتوارد الحالتین و لم یعلم السبق و اللحوق بان علمنا بکریته فى زمان و قلته فى زمان آخر و لم یعلم السبق و اللحوق ففى مثل هذه الحالة لا یجرى الاستصحاب کما ذهب الیه صاحب الکفایة بدعوى عدم احراز اتصال زمان الیقین بزمان الشک او یجرى الاستصحاب فى الحالتین و یسقط بالمعارضة کما هو المختار، فلابد من تأسیس اصل آخر یرجع الیه عند الشک و هو فى المقام قاعدة الطهارة فى الماء او استصحابها.
و لکن هذا الماء لا یجرى علیه حکم الکر، فلا یطهر ما یحتاج تطهیره الى القاء الکر علیه کالماء المتنجس فان تطهیره یحتاج الى القاء الکر علیه، و هذا الماء بما انه لم یحرز کریته لا یترتب على القائه على الماء النجس طهارته، فهل یحکم بنجاستهما ام لا ؟فان اتصل احد هما بالآخر و لم یمتزجا، فلا مانع من استصحاب النجاسة فى المتنجس و استصحاب الطهارة فى المشکوک الکریة و ان قلنا بان مجرد الاتصال بالکر موجب للطهارة و ذلک لعدم معلومیة ان هذا الماء کر.
نعم ادعى الاجماع على ان الماء الواحد لا یکون محکوما بحکمین متضادین فان تم هذا الاجماع فهو و یکون المرجع هو قاعدة الطهارة و الا فالاستصحابان جاریان و لکن تحصیل الاجماع فى مثل المقام مشکل فان الاجماع المحصل غیر حاصل و المنقول لیس بحجة فلا مانع من جریان الاستصحاب فى کل من المائین.
و ان امتز جافان کان الماء المتنجس قلیلا بان یندک فى مشکوک الکریة لا مانع من جریان استصحاب الطهارة فیحکم بطهارة الجمیع و اما اذا کان المشکوک الکریة قلیلا اضافیاً بان یکون الماء النجس باضعافه فان تحقق الاندکاک او لم یتحقق یحکم بنجاسة الجمیع لان استصحاب نجاسة الماء المتنجس جار و اندکاکه وعدم اندکاکه سیان لان استصحاب طهارة ماء المشکوک الکریة غیر جار لعدم ترتب اثر عملى علیه.
1- السورة مؤمنون 23 - الآیة 18
مساله 8 ص (321 - 328)
▲ مساله 8 ص (321 - 328)
106(مسألة 8)الکر المسبوق بالقلة اذا علم ملاقاته للنجاسة ولم یعلم السابق من الملاقاة والکریة ان جهل تاریخهما او علم تاریخ الکریة حکم بطهارته.(1) و ان کان الاحوط التجنّب و ان علم تاریخ الملاقاة حکم بنجاسته.(2) و اما القلیل المسبوق بالکریة الملاقى لها فان جهل التاریخان او علم تاریخ الملاقاة حکم فیه بالطهارة مع الاحتیاط المذکور، و ان علم تاریخ القلة حکم بنجاسته(3)
(1) لهذه المسألة صور ثلاث: الاولى: ما اذا کان الماء قلیلا و حدث فیه الکریة و الملاقاة و جهل تاریخهما.
الثانیة: ما اذا کان تاریخ حدوث الکریة معلوماً و تاریخ الملاقاة مجهولا.
الثالثة: ما اذا کان تاریخ الملاقاة معلوماً و تاریخ الکریة مجهولا.
الوجه فیما ذکره الماتن((قدس سره)) هو ان الأصلین فى مجهولى التاریخ یجریان فیتساقطان بالتعارض فیرجع الى قاعدة الطهارة هذا بناء على ما هو المنصور من أن الأصلین یجریان و یتساقطان بالتعارض کما هو المختار للشیخ الانصارى((قدس سره)).
و امّا بناء على المختار لصاحب الکفایة فلا یجریان لعدم شمول دلیل الاستصحاب للمقام لانه یحتمل فیه انتقاض الیقین بالیقین فتکون الشبهة مصداقیة فیرجع الى قاعدة الطهارة من اوّل.
و امّا اذا علم تاریخ الکریة و جهل تاریخ الملاقاة فیجرى الاستصحاب فى
مجهول التاریخ و اثره طهارة الماء و اما فى معلوم التاریخ و هى الکریة فلا یجرى الاستصحاب لعدم الشک فیه فان تاریخ حدوثها معلوم فلا یشمله دلیل الاستصحاب لان الیقین فیه قد نقص بالیقین.
(2) الوجه فیه واضح فان تاریخ الملاقاة ان کان معلوماً یستصحب عدم الکریة الى زمان الملاقاة فان الملاقات محرزة بالوجدان کما اذا تحققت فى یوم الجمعة و حیث انا لم نعلم تاریخ حدوث الکریة، نستصحب عدمها الى زمان الملاقاة فنقول الملاقاة فى یوم الجمعة محرزة بالوجدان و عدم الکریة فیها محرز بالأصل فیتحقق موضوع الانفعال.
و قد ناقش سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) فیما ذکره الماتن من التفصیل فحکم بالنجاسة فى الصورتین المتقدمتین ایضاً بدعوى انا اذا احرزنا الملاقاة بالوجدان فلا مانع من احراز الجزء الآخر اعنى عدم الکریة بالأصل إذبه یتحقق کلا جزئى الموضوع للانفعال.
و دعوى انه معارض باصالة عدم تحقق الملاقاة فى زمان عدم الکریة، قد عرفت اند فاعهابان الاصالة المذکورة ممالااساس له اذ لا اثر شرعى لیترتب على عدم الملاقاة فى زمان القلة، بل الاثر مترتب على وجود القلة و الملاقاة و قد احرزنا هما بالأصل و الوجدان و معهما نقطع بترتب الاثر و لا یبقى عندئذ شک فى ترتب الاثر حتى یرجع الى استصحاب عدم الملاقاة فى زمان القلة، ثم ان لازم جریان استصحاب عدم الکریة عند احراز الملاقاة بالوجدان هو الحکم بالنجاسة فى جمیع الصور الثلاث المتقدمة هذا ملخص کلامه((قدس سره)).
اقول ما افاده((قدس سره)) مبنى على امرین احدهما أن الأصل یجرى فى معلوم التاریخ کما یجرى فى مجهوله فاذا کان تاریخ الکریة معلوماً کیوم الجمعة مثلا یجرى اصالة عدمها الى حین الملاقاة بدعوى ان تاریخ الکریة و ان کان معلوماً بحسب عمود الزمان الا انه مجهول بالنسبة الى حدوث الملاقاة.
الثانى ان اصالة عدم الملاقاة فى زمان القلة لا تجرى لعدم ترتب الاثر علیها.
و لکن کلا الأمرین غیر تام: أما الامر الاول فلان نصوص الاستصحاب قاصرة عن شمول معلوم التاریخ فلو علمنا ان الماء فى الیوم الثلثا و الاربعا و الخمیس قلیل و صار کراً فى یوم الجمعة لا مجال للاستصحاب بالنسبة الى الکریة و اما الملاقاة فبما انها مجهول التاریخ یجرى فیها استصحاب عدمها الى یوم الجمعة و اثره طهارة الماء و الجهل بان الکریة مقدمة على الملاقاة او مؤخرة عنها منشأه هو الجهل بتاریخ الملاقاة فلا بد من اجراء الأصل النافى فیها فیقال: الاصل عدم الملاقاة الى زمان الکریة و اثره طهارة الماء.
قوله: و قد احرزنا هما (اى القلة و الملاقاة) بالأصل و الوجدان و معهما نقطع بترتب الأثر و لا یبقى عندئذ شک الخ لا یتم و ذلک لان رتبة هذاالأصل لایکون مقدماًعلى اصالة عدم الملاقاة فى زمان القلة، بل الاصلان فى عرض و احد، فلا یصح ان یقال: ان جریان الأصل فى احدهما، لا یبقى المجال للاصل الآخر.
ثم إنّ الوجه فى عدم جریان الأصل فى معلوم التاریخ هو ان الیقین فیه قد نقض بالیقین فلا تشمله نصوص الاستصحاب.
و دعوى انه مجهول بالنسبة الى الحادث الآخر و لا یعلم انه مقدم علیه او مؤخر عنه فلا مانع من نفى تقدمه بقوله: الأصل عدم الکریة الى حین الملاقاة، فیما اذا کان تاریخ الکریة معلوماً.
مدفوعة بانّا اذا اجرینا الأصل فى مجهول التاریخ و قلنا: الأصل عدم الملاقاة الى حین الکریة، فقد الغى احتمال تقدم الملاقاة على الکریة بنصوص الاستصحاب حیث انها نهانا عن نقض الیقین بالشک فان احتمال حدوث الملاقاة قبل الکریة منتف بالتعبدالشرعى و باطل و میت.
فاذا أجرینا الاستصحاب فى عدم الکریة الى حین الملاقاة کان ذلک احیاء للاحتمال الملغى و الباطل و المیت و هو لا یجوز.
و لتوضیح المطلب نذکر نظیراً للمقام فلو توضأ المکلف ثم شک فى انه نام ام لا یجرى استصحاب بقاء الوضوء فیصلى ثم یشک بالوجدان فى فراغ ذمته عن الصلوة لان النوم ان کان محققا بطل وضوئه فبطل صلوته فهل یجوز له ان یتمسک بأصالة الاشتغال و أن الأصل عدم فراغ ذمته عن الصلوة لاحتمال تحقق النوم بعد الوضوء؟ کلّا، فان احتمال النوم قد الغى بنصوص الاستصحاب فهو متیقن بالوضوء تعبداً فصلاته صحیحة ففى المقام ایضاً نقول: ان احتمال تقدم الملاقاة على الکریة قد الغى بجریان الاستصحاب فى مجهول التاریخ فلو اجرینا الاستصحاب فى معلوم التاریخ یلزم احیاء الاحتمال الذى الغاه الشارع بنصوص الاستصحاب و هو لا یجوز
و بعبارة اخرى الشک فى مجهول التاریخ سببى و فى معلوم التاریخ مسبّبى فبعد اجراء الاصل فى الشک السببى لا یبقى المجال لاجرائه فى المسببى کما هو واضح
ثم إن بعض المعاصرین استشکل على المتن و قال: (امّا فى فرض الجهل بتاریخهما معاً، فالاظهر نجاسته لان استصحاب عدم الملاقاة فى زمان الکریة لا یجرى فى نفسه اما بملاک عدم حالة سابقة له اذا لو حظ زمان الکریة بنحو القیدیة او بملاک انه مثبت اذا لو حظ زمان الکریة بنحو المعرفیة الخ)
قلت: ما ذکره لعلّه یعّد من الغرائب،و الوجه فى ذلک انّ القول بالطهارة لیس مبنیاً على جریان استصحاب عدم الملاقاة فى زمان الکریة بل مبنى على تعارض الاستصحابین احدهما استصحاب عدم الکریة الى حین الملاقاة و مقتضاه نجاسة الماء و الآخر استصحاب عدم الملاقاة الى حین الکریة و مقتضاه طهارة الماء فبعد تساقطهما یرجع الى قاعدة الطهارة
على ان استصحاب عدم الملاقاة فى زمان الکریة غیر جار لعدم الاثرله فان ملاقاة النجاسة فى زمان الکریة وعدمها سیان، و لم یدع احد جریانه حتى یناقش فیه، فما تفرّعه على هذالاستصحاب ساقط کله.
ثم قال هذا المعاصر: (و اما فى المقام فلایکون الشک فى اصل الملاقاة بل فى حصة خاصة منها و هى وجودها فى زمان الکریة و لا یترتب على استصحاب عدم وجودها فیه نفى الموضوع و هو صرف وجود الملاقاة القابل للانطباق على هذا الزمان و على غیره الخ)
قلت: هذا الکلام اغرب من السابق، فان الشک لیس فى وجود الملاقاة فى زمان الکریة، بل الشک فى وجودها فى زمان القلة فان الحالة السابقة هى القلة و ملاقاتها للنجاسة موجبة لنجاسة الماء و الاصل النافى لملاقاة النجاسة للقلیل مثبت لطهارة الماء، و قد عرفت ان استصحاب عدم الکریة الى حین الملاقاة، مثبت للنجاسة، فیسقطان بالتعارض و یرجع الى قاعدة الطهارة، فیسقط کلّما فرعه علیه
من الاصل المثبت و غیره.
ثم انک قد عرفت ان الماتن قال: (و ان علم تاریخ الملاقاة حکم بنجاسته.)
و استکشل المعاصر المذکور علیه: بقوله: (فى الحکم بالنجاسة اشکال بل منع و الاظهر الطهارة لان استصحاب بقاء الکریة الى زمان الملاقاة یجرى و لا یعارضه استصحاب عدم الملاقاة الى زمان القلة الخ)
و هذا الکلام لا مجال له اصلا، فان المفروض ان الحالة السابقة هى القلة، فکیف یستصحب بقاء الکریة الى زمان الملاقاة، و الظاهر ان هذه التعلیقة مربوطة بالمسألة الآتیة و عند الطبع جعلت تعلیقة لهذه المسئلة سهواً.
(3) فان الاستصحابین فى مجهولى التاریخ یسقطان بالتعارض فیرجع الى قاعدة الطهارة و ان علم تاریخ الملاقاة کیوم الجمعة مثلا، یستصحب عدم حدوث القلة الى زمانها فیترتب علیه طهارة الماء
و اما اذا علم تاریخ القلة فلایجرى فیها الأصل لما تقدم و اما الملاقاة فیستصحب عدمها الى حین القلة فیحکم بنجاسة الماء لأنّ ملاقاة النجاسة للماء محرزة بالوجدان و عدم ملاقاتها للکر محرز بالأصل فبضم الوجدان الى الاصل یحکم بالنجاسة هذا ما بنى علیه الماتن((قدس سره))
و یمکن ان یقال: ان أصالة عدم الملاقاة الى زمان القلة لا اثرلها فى مقام العمل فلا تجرى لان الملاقاة فى زمان الکریة و عدمها سیان فالماء محکوم بالطهارة و ان اردنابها اثبات الملاقاة فى زمان القلة فهى مثبتة فلا تکون حجة
فینبغى التنبیه على أمرین
الأول أن الملاقاة فى هذا الفرع یختلف مع الملاقاة فى الفرع المتقدم فان الحادث هناک کانت الکریة فلو راینا فیها قطعة من المیتة او العذرة جرى البحث المتقدم فیحکم بالطهارة فى فرضین الجهل بتاریخهما و العلم بتاریخ الکریة. بخلاف هذا الفرع فان قطعة من النجاسة کالمیتة او العذرة مثلا لو کانت باقیة فى الماء کان محکوما بالنجاسة فى الفروض الثلاثة: الجهل بتاریخهما و العلم بتاریخ القلة و العلم بتاریخ الملاقاة لانّ الماء القلیل الملاقى للنجاسة نجس مطلقاً، فلابد من فرض الملاقاة وزوالها بمعنى عدم بقاء النجاسة فیه بأن یکون الملاقاة بولوغ الکلب او بعبوره منه مثلا او بالبول فیه.
الثانى ان سیدنا الاستاذ((قدس سره)) استکشل على المتن بانه لاوجه لافتائه بالاحتیاط لانه بعد جریان قاعدة الطهارة او استصحابها لا اساس علمى له الا على نحو الاحتیاط المطلق الجارى فى جمیع الموارد حتى مع وجود الدلیل الاجتهادى على خلافه.
قلت: قد افتى السید الماتن بالطهارة فى الفرعین و احتاط بالاجتناب بعد ذلک و هذ الاحتیاط حیث انه مسبوق بالفتوى فهو من الاحتیاط الذى یدرک به الواقع و هو حسن على کل حال و لا یکون واجبا حتى یحتاج الى اساس علمى
و الاصول المشتملة على الاحکام الظاهریة لا تکون رافعة لحسن الاحتیاط بل الاحتیاط فى مواردها احسن منه عند قیام الدلیل الاجتهادى، فانه علم تعبدى کاشف عن الواقع، بخلاف قاعدة الطهارة التى هى المرجع عند تعارض الاصول و تساقطها فانها حکم ظاهرى محض لا کاشفیة له من الواقع بوجه فان موضوعه هو الشک فى الواقع فلا یقاس الاحتیاط فى موردها بالاحتیاط عند قیام الامارة الکاشفة عن الواقع، و قد ظهر ان اشکال الاستاذ غیر وارد على المتن.
مساله 9 ص (328)
▲ مساله 9 ص (328)
107(مسألة 9) اذا وجد نجاسة فى الکر و لم یعلم انها وقعت فیه قبل الکریة او بعدها، یحکم بطهارته الا اذا علم تاریخ الوقوع(1)
(1) هذه المسألة تکرار للفرع الاول من المسألة الثامنة المتقدمة بتفاوت یسیر و هو الکر المسبوق بالقلة الاّ أنّه علم ملاقاته للنجاسة و لم یعلم تاریخهما، او علم تاریخ الملاقاة، و قد تقدم ان الحکم فى فرض الجهل بالتاریخ هو الطهارة و فى فرض العلم بتاریخ الملاقاة هو النجاسة لجریان استصحاب القلة الى حین الملاقاة بلا معارض لعدم جریان الأصل فى معلوم التاریخ
و التفاوت الیسیر هو ان الفرع المذکور مشتمل على فرض العلم بتاریخ الکریة و هنا لم یشتمل على ذلک.
و یظهر من تقریرات الاستاذ((قدس سره)) ان هذه المسألة عین المسألة المتقدمة بکلافرعیها.
و فیه انه لعله من سهو القلم، لان هذه المسألة لم تشتمل على الفرع الثانى من تلک المسألة و هو القلیل المسبوق بالکریة الملاقى للنجاسة.
مساله 10 ص (329 - 330)
▲ مساله 10 ص (329 - 330)
108(مسألة10) اذا حدثت الکریة و الملاقاة فى آن واحد حکم بطهارته و ان کان الاحوط الاجتناب(1)
(1) الحکم بالطهارة انما هو لاطلاق النصوص الدالة على ان الکر لا ینفعل بالملاقاة ففى صحیحة اسماعیل بن جابر قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن الماء الذى لا ینجسه شیى؟ فقال: کرّ(1)
و فى صحیحة معاویة بن عمار قال: سمعت ابا عبدالله((علیه السلام)) یقول: اذا کان الماء قدر کرلم ینجسه شیئ(2)
و مقتضى الاطلاق عدم الفرق بین ان یکون الکریة مقارنة للملاقاة او مقدمة علیها فانه لا فرق فى مانعیة المانع عن تأثیر المقتضى بین تقدمه و مقارنته له
و لو تنزلنا عن ذلک و قلنا بعدم ظهور النص لعدم الانفعال فى فرض المقارنة، فنقول کما لایشملها المنطوق، کذلک لا یشملها المفهوم فانه نقیض المنطوق، فالمرجع هو عموم طهارة الماء و خرج عنه القلیل الملاقى للنجاسة و بقى تحته الکریة المقارنة للملاقاة
و لو اغمضنا عن ذلک ایضاً، یکون المرجع هى قاعدة الطهارة او استصحابها
ثم ان المحقق النائینى((قدس سره)) ذهب الى الانفعال و لعله اعتمد فى ذلک الى القاعدة العقلیة و هى ان ثبوت الشیئ للشیئ فرع ثبوت المثبت له و بما ان الکر موضوع لعدم الانفعال باالملاقاة فلابد ان یکون متحققا قبلها و الاّ انخرم القاعدة العقلیة
و یرده ان اللازم من ذلک ثبوت الموضوع و تقدمه على الحکم رتبة لازماناً و هو((قدس سره)) یعترف بذلک فى بحث الترتب حیث التزم بان عصیان الأمر بالأهم و فعلیة الأمر بالمهم و امتثاله فى زمان واحد مع أن عصیان الأمر بالاهم موضوع لفعلیة الامر بالمهم و هو موضوع لامتثاله، فالاختلاف بین الموضوع و الحکم لا یکون الا بالرتبة
فنقول فى المقام: ان الموضوع لعدم الانفعال هو الکر و هو مقدم على عدم الانفعال بالرتبة فلا تنخرم القاعدة العقلیة و هى ثبوت الشیئ للشیئ فرع ثبوت
المثبت له. اللّهم الاّ ان یقال: إن ظاهر النص: (اذا بلغ الماء قدر کرّ لا ینجسه شیئ) تقدم الکریة على الملاقاة زماناً و فى فرض الاقتران حیث لا تقدّم للموضوع على الحکم، فالاحوط هو الاجتناب.
1- س ج 1 ب9 من ابواب الماء المطلق ح7 و6 ص118
2- س ج 1 ب9 من ابواب الماء المطلق ح6 ص118
مساله 11 ص (330 - 332)
▲ مساله 11 ص (330 - 332)
109(مسألة11) اذا کان هناک ماء ان احدهما کر و الآخر قلیل و لم یعلم ان ایّهما کر فوقعت نجاسة فى احدهما معیناً او غیر معین، لم یحکم بالنجاسة(1) و ان کان الاحوط فى صورة التعیّن الاجتناب
(1) اما عدم الحکم بالنجاسة فلانها ان لاقت الکر، لم تؤثر شیئاً و ان لاقت القلیل نجّسته و حیث ان ملاقاة القلیل مشکوکة تجرى فیه اصالة عدم الملاقاة فیحکم فیه بالطهارة و لا تعارضها اصالة عدم ملاقاتها للکر لعدم ترتب اثر عملى على هذالاصل
و التحقیق فى المقام یقتضى التکلم فى مسائل فان المائین اما ان یکون الحالة السابقة فیهما الکریة او القلة او مجهولة و على التقادیر اما ان یکون الملاقاة بالمعین او غیر معین.
فهنا مسائل: الاولى: ان تکون الحالة السابقة فیهما الکریة ثم علمنا بعروض القلة على احدهما غیر المعین، فلاقت النجاسة احدهما الغیر المعین او احدهما المعین فهنا یحکم بطهارة المائین لاستصحاب الکریة فى الملاقى و لا یجرى الاستصحاب فى الآخر لعدم الاثر له.
الثانیة: ان تکون الحالة السابقة فیهما القلة ثم علمنا بحدوث الکریة فى احدهما غیر المعین ثم لاقت النجاسة أحدهما فان کان معیناً یجب الاجتناب عنه وحده لاستصحاب کونه قلیلا و لا یعارضه الاستصحاب فى الآخر لعدم ترتب الاثرله
و ان کان غیر معین یجب الاجتناب عن کلیهما لان استصحاب القلة فى الملاقى جار و مقتضاه نجاسته، و بما انه غیر معین فیجب الاجتناب عن کلیهما لانّ العلم الاجمالى بالنجاسة منجّز
الثالثة: ان تکون الحالة السابقة مجهولة کما اذا توارد الحالتان و لم یعلم السبق واللحوق و لکنه علمنا ان احدهما کر والاخر قلیل بلا تعیین فلاقت النجاسة احدهما، فهنا لایجب الاجتناب لان ملاقاتها للکر بلا اثر و للقلیل مشکوکة فلا تجب الاجتناب بلا فرق بین ان یکون الملاقى معیناً او غیر معین.
الرابعة: ان تکون الحالة السابقة مجهولة رأساً فلاقت النجاسة احدهما المعین فیجرى فیه استصحاب العدم الازلى او النعتى فیحکم بوجوب الاجتناب عنه
الخامسة: الصورة و لکن النجاسة لاقت احدهما الغیر المعین، فنقول: ان مالاقته النجاسة لم یکن کراً فى الازل او لم یکن کراً عند التقاطر من السماء فیحکم بنجاسته، و بما ان العلم الاجمالى منجز للتکلیف فیجب الاجتناب عنهما
و قد ظهر مما ذکرنا الاشکال فى اطلاق کلام الاستاذ((قدس سره)) حیث قال: (و اما اذا لاقت النجاسة احدهما غیر المعین فکلا المائین محکوم بالطهارة)
وجه الاشکال هو انه اذا کانت الحالة السابقة القلة او المجهولة ولاقت النجاسة احدهما غیر المعین فاى مانع من استصحاب القلة فى الملاقى و وجوب الاجتناب عنهما لتنجیز العلم الاجمالى
و کذا ظهر الاشکال على الماتن حیث حکم بالطهارة على الاطلاق، فلو کانت الحالة السابقة فیهما القلة ثم علمنا بصیرورة احدهما کراً و لم نعرفه فوقعت النجاسة على المعین او غیر المعین لکانت الوظیفة هى الاجتناب عن خصوص
الملاقى فى فرض التعین و عن کلیهما فى فرض عدم التعین.
للعلم الجمالى بوقوع النجاسة فى القلیل أو الکر
مساله 12 ص (332)
▲ مساله 12 ص (332)
110(مسألة 12) اذا کان ماء ان أحدهما المعین نجس، فوقعت نجاسة لم یعلم وقوعها فى النجس أو الطاهر، لم یحکم بنجاسة الطاهر(1)
(1) لجریان استصحاب الطهارة او قاعدة الطهارة فیه بلا معارض فان النجس یجب الاجتناب عنه قبل وقوع هذه النجاسة فلم یعلم بوقوع النجاسة حدوث تکلیف جدید
و بعبارة اخرى العلم الاجمالى منجز للتکلیف فیما اذا تساقطت الاصول فى اطرافه و فى المقام لا تساقط للأصل فان الاصل فى معلوم النجاسة لایجرى فیجرى فى المشکوک بلا معارض.
مساله 13 ص (332 - 333)
▲ مساله 13 ص (332 - 333)
111(مسألة13) اذا کان کر لم یعلم أنه مطلق أو مضاف، فوقعت فیه نجاسة لم یحکم بنجاسته (1) و اذا کان کران أحدهما مطلق و الآخر مضاف، و علم وقوع النجاسة فى احدهما و لم یعلم على التعیین، یحکم بطهارتهما.
(1) لانه ان کان کراً من الماء لم ینفعل بملاقاة النجاسة و ان کان مضافا انفعل بها فلا مانع من استصحاب الطهارة و قاعدتها لان الانفعال مشکوک.
و کذا الکلام فى کرین فان النجاسة ان وقعت فى المطلق لم تؤثر فیه و ان وقعت فى المضاف نجسته و حیث انه مشکوک فلا مانع من الرجوع الى قاعدة الطهارة او استصحابها
مساله 14 ص (333 - 337)
▲ مساله 14 ص (333 - 337)
112(مسألة14) القلیل النجس المتمم کراً بطاهر او نجس نجس، على الاقوى(1)
القلیل المتمم کرّاً
(1) اختلفوا هنا على اقوال ثلاثة: احدها ما ذهب الیه المشهور من أن تتمیم النجس القلیل کراً لایؤثر فى طهارته بلا فرق بین ان یکون المتممّ طاهرا او نجساً بل ینجس الماء الطاهر
ثانیها ما ذهب الیه السید المرتضى و ابن حمزه((قدس سرهما)) من ان تتمیمه بطاهر موجب لطهارته بخلاف التتمیم بالنجس فانه لایوجب الطهارة.
ثالثها ما ذهب الیه ابن ادریس من أن تتمیمه کرّا موجب للطّهارة بلافرق بین أن یکون المتمّم طاهراً او نجساً
والأقوى هو القول المشهور: الوجه فى ذلک أن الماء القلیل المتمم بما انه لاقى الماء المتنجس ینجس بالملاقاة للاطلاقاة المتقدمة الدالة على ان الماء القلیل ینفعل بالملاقاة و هى کثیرة جداً:
منها موثقة عبدالله بن ابى یعفور عن ابى عبدالله((علیه السلام)) (فى حدیث) قال: و ایّاک ان تغتسل من غسالة الحمام ففیها تجتمع غسالة الیهود و النصرانى و المجوسى و الناصب لنا اهل البیت فهو شرهم، فان الله تبارک و تعالى لم یخلق خلقا انجس من الکلب و ان الناصب لنا اهل البیت لأنجس منه(1)
فان النهى عن الاغتسال بغسالة الحمام ظاهر فى نجاسة الماء المتمم کراً فانها مرکبة من غسالة الطاهر و النجس حیث أن المسلمین یغتسلون فى الحمام مع طهارة البدن کغسل الجمعة و مس المیت و غسل یوم العید و العرفة و من الجنابة مع طهارة البدن و غسل الزیارة و الایام المتبرکة الأخرى فالغسالة مجتمعة من المیاه النجسة و الطاهرة و هى تبلغ الکر غالباً
و استدل السید المرتضى و ابن حمزه بوجهین، الاول ان بلوغ الماء کراً یوجب استهلاک النجاسة الطارئة علیه و انعدامها بلا فرق بین سبق الکریة على طرو النجاسة و لحوقها.
و فیه انّ المستفاد من الادلة أن النجاسة الطارئة تستهلک فى الکر و لا تؤثر فیه و اما النجاسة السابقة على الکریة فیحتاج ارتفاعها الى دلیل و من المحتمل أنها باقیة بحالها و ان عرضت الکریة بل عرفت ان الدیل دلّ على انها موجبة لنجاسة مالاقاه من الماء الطاهر، فهذا نوع من القیاس
الثانى ان العلماء اجمعوا على طهارة الکر الذى فیه شیئ من الاعیان النجسة بالفعل مع احتمال ان تکون النجاسة طارئة علیه قبل کریته فلو لا کفایة بلوغ الماء کراً مطلقا فى الحکم بطهارته لما امکن الحکم بطهارته
و اجاب الاستاذ((قدس سره)) عن ذلک بقوله: (وهذا منه((قدس سره)) عجیب، فان طهارة الکر الذى وجد فیه نجاسة مسألة ذات شقوق و صور و قد حکمنا فى بعضها بالطهارة و ناقشنا فى بعضها
و انما حکمنا بالطهارة فى البعض لاجل استصحاب الطهارة او قاعدتها، و هو حکم ظاهرى فکیف یمکن بذلک اثبات الطهارة الواقعیة فى المقام والقول بأن تتمیم النجس کرّاً موجب لطهارة الماء واقعاً، فهذا الوجه کالوجه السّابق مصادرة.)
و فیه انه((قدس سره)) بنى على نجاسة الماء فى الصور الثلاث کما تقدم فى (ص238) من التنقیح حیث قال هناک ان لازم جریان استصحاب عدم الکریة عند احراز الملاقاة بالوجدان هو الحکم بالنجاسة فى جمیع صور الثلاث المتقدمة فکیف یقول هنا: و قد حکمنا فى بعضها بالطهارة.
نعم المختار عندنا الحکم بطهارة الماء الا فى فرض واحد و هو ما اذا کانت الملاقاة معلوم التاریخ و الکریة مجهول التاریخ فیستصحب عدمها الى حین الملاقاة فیحکم بنجاسة الماء و لکن هذالفرض نادر فان الغالب هو عدم العلم بالحالة السابقة و عدم العلم بتاریخ الملاقاة.
و لکن الطهارة فى هذا الفرض ظاهرى لأجل الاستصحاب و الکلام انما هو فى الحکم الواقعى للماء المتمم کراً، والسید المرتضى یدعى طهارته واقعاً، کما قال الاستاذ((قدس سره))
و استدل ابن ادریس فى السرائر على ان تتمیم الکر مطلقا موجب للطهارة اى و لو کان تتمیم النجس بالنجس، فلو کان الماء القلیل مقدار نصف الکر نجساً و القینا علیه مقداره نجساً آخر فصار کلاهما کراً یحکم بطهارته لما ورد عنهم علیهم السلام: (اذا بلغ الماء کراً لم یحمل خبثاً) و قال: ان کلمة (خبثاً) نکرة واقعة فى سیاق النفى و هى تفید العموم فتشمل الخبث المتقدم و المتأخر، و معنى لا یحمل انه لا یتصف بالخبث مطلقا.
فلو کان الماء قبل الکریة نجساً ترفعه فیصیر طاهراً و ان اصابته النجاسة بعد الکریة تدفعها، و ادعى فى السرائر الاجماع على نقلها و انها مما رواه الموافق و المخالف.
و استشکل علیه المحقق((قدس سره)) و قال: و الذى رواه مرسلا السید و الشیخ و آحاد ممن جاء بعده و المرسل لا یعمل به و کتب الحدیث عن الائمه خالیة عنه اصلا و اما المخالفون فلم اعرف به عاملا سوى ما یحکى عن ابن حى و هو زیدى منقطع المذهب، و ما رأیت اعجب ممن یدعى اجماع المخالف و المؤالف فیما لا یوجد، الانادراً.
ثم ان سیدنا الاستاذ قال: و اما اذا لم تتم دلالتها کما علیه بعضهم او سندها کما قدّمناه، فوصلت النوبة الى الأصول العملیة فهل یحکم بطهارة المتمّم کراً مطلقا او فیما تتم بالطاهر او بنجاسته کذلک؟ یختلف ذلک باختلاف المبانى فى المسألة.
قلت: ما افاده((قدس سره)): لا یمکن المساعدة علیه، فانه((قدس سره)) قال لو اغمضنا عن سندها و قلناباعتباره یقع التعارض بینها و بین مادل على انفعال القلیل بالملاقاة و بعد التساقط یرجع الى عمومات الفوق و هى ما دل على عدم انفعال الماء مطلقا الا بالتغیر فى احداو صافه الثلاثة کما دل على عدم جواز الشرب و الوضوء من الماء اذا غلب علیه ریح الجیفة و تغیر طعمه و على جواز هما فیما اذا غلب الماء على ریح الجیفة(2) و ما نفى البأس عن ماء الحیاض اذا غلب لون الماء لون البول(3)
قلت: لو طرحنا المرسلة لضعف السند یبقى ما دل على انفعال القلیل بالملاقاة سلیما عن المعارض فیحکم بنجاسة المتّمم کراً، فکیف تصل النوبة الى الأصول العملیة
1- س ج 1 ب11 من ابواب الماء المضاف ح5ص159
(2)(3)- س ج 1 ب 3 من ابواب الماء المطلق ح1 و7 ص102و104
فصل فی ماء المطر
▲ فصل فی ماء المطر
فصل فی ماء المطر ص (337 - 341)
▲ فصل فی ماء المطر ص (337 - 341)
فصل
ماء المطر حال تقاطره من السماء کالجارى(1) فلا ینجس ما لم یتغیر و ان کان قلیلا سواء جرى من المیزاب او على وجه الارض ام لا(2) بل و ان کان قطرات بشرط صدق المطر علیه و اذا اجتمع فى مکان و غسل فیه النجس طهر و ان کان قلیلا(3) لکن مادام یتقاطر علیه من السماء
(1) قال السید الاستاذ((قدس سره)): هذه العبارة کعبارة سائر الاعاظم((قدس سرهم)) غیر واقعة فى محلها لان کون ماء المطر کالجارى لیس مدلول آیة و لاروایة و غایة ما هناک انه ماء عاصم کالکر و نحوه و أمّا انه کالجارى من جمیع الجهات و لو فى الاحکام الخاصة المترتبة على عنوان الجارى فلم یقم علیه دلیل
قلت: الظاهر ان هذالاعتراض غیر وارد على المتن و لاعلى الاعاظم، فان کونه کالجارى مستفاد من النصوص الواردة فیه:
منها صحیحة هشام بن سالم أنه سأل ابا عبدالله علیه السلام عن السطح یبال علیه، فتصیبه السماء فیکف فیصیب الثوب؟ فقال: لا بأس به ما اصابه من الماء اکثر منه(1)
و منها صحیحة على بن جعفر عن اخیه موسى((علیه السلام)) قال: سألته عن البیت یبال على ظهره و یغتسل من الجنابة ثم یصیبه المطر أیؤخذ من مائه فیتوضّأ به للصلوة؟ فقال: اذا جرى فلا بأس به، قال: و سألته عن الرجل یمّر فى ماء المطر و قد صبّ فیه خمر فأصاب ثوبه هل یصلى فیه قبل أن یغسله؟ فقال: لا یغسل ثوبه و لا رجله و یصلّى فیه و لا بأس (به)(2)
و منها صحیحة هشام بن الحکم عن ابى عبدالله((علیه السلام)) فى میزابین سالا احدهما بول و الاخر ماء المطر فاختلطا فأصاب ثوب رجل لم یضره ذلک(3)
و منها مرسلة الکاهلى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) (فى حدیث) قال: قلت: یسیل علىّ من ماء المطر أرى فیه التغیّر و أرى فیه آثار القذر، فتقطر القطرات علىّ و ینتضح علىّ منه و البیت یتوضّأ على سطحه فیکف على ثیابنا، قال: ما بذا بأس لا تغسله کل شیئ یراه ماء المطر فقد طهر(4)
و هذه النصوص کما ترى تدل على عاصمیة ماء المطر و انه لا ینفعل بملاقاة
النجاسة و هو من اظهر خواص الماء الجارى فوجه التشبیه اظهر فى المشبه به فان الماء الجارى یعرفه کل احد انه لا ینفعل بملاقاة النجاسة و یطّهر غیره فکذلک المطر و لا ینفعلان الاّ بالتغیر.
(2)نسب الى الشیخ((قدس سره)) فى التهذیب و الا ستبصار انه قال: ماء المطر اذا جرى من المیزاب فحکمه حکم الجارى.
و المستند لذلک هو صحیحة على بن جعفر و صحیحة هشام بن الحکم المتقدمتان ففى الاولى ذکر الجریان و فى الثانیة ذکر الجریان من المیزاب
و فى کلامه((قدس سره)) احتمالات ثلاثة احدها ان ماء المطر اذا جرى من المیزاب فحکمه حکم الجارى و ان لم یجر من المیزاب لا یکون کذلک فعلیه ان نزل فى الصحرأ او البر أو البحر لا یکون بحکم الجارى
الثانى: انّ ماء المطر بحکم الجارى مطلقا سواء فى ذلک حال نزوله من السماء و حال جریانه من المیزاب فهو ملحق بالجارى فى کلتا الحالتین.
الثالث: ان ماء المطر حال نزوله من السماء موجب للطهارة بلا عصر و انفصال الغسالة بخلاف ما یجرى منه فى المیزاب فانه کالجارى فاذا اعتبرنا فى الغسل با الجارى العصر و انفصال الغسالة نقول بذلک فیما یجرى من المطر فى المیزاب ایضاً، بخلاف ما اذا غسلنا بالمطر حال نزوله من السماء فانه لا یحتاج الى العصر و انفصال الغسالة لما فى المرسلة: کل شیئ یراه ماء المطر فقد طهر
اما الاحتمال الاول فضعیف الى النهایة و لا یصلح نسبته الى فقیه فضلا عن شیخ الطائفة
و اما الثانى و ان کان قریبا فى نفسه الا ان الا قرب منه هو الثالث فان الشیخ یعمل بالمرسلة التى عمل بها المشهور، فاذن یزید ماء المطر على الجارى حال نزوله من السماء فانه مطهّر مطلقا، بخلاف ما یجرى منه فى المیزاب فان حکمه حکم الجارى و لا یزید علیه.
فبناء على العمل بالمرسلة یزید المطر على الجارى لاطلاق المرسلة و اما بناء على عدم العمل بها للارسال فالمتعیّن هو الاحتمال الثانى فان حکم ماء المطر هوحکم الجارى على ما یستفاد من النصوص
و نسب الى ابن حمزة اعتبار الجریان فى مطهریة المطر و لعله استند فى ذلک الى صحیحة على بن جعفر المتقدمة حیث قال(): اذا جرى فلا بأس به.
و لا یخفى عدم صحة هذالاستدلال، فان اعتبار الجریان هناک، لخصوصیة المورد، فان الکنیف الذى یبال فیه یوجب تغیر المطر فاذا اشتد المطر وجرى لا یتأثر و لا یتغیر بالکنیف فهو محکوم بالطهارة.
على أنه لو اعتبر الجریان فى مطهریته اختصت بما اذا نزل على ارض صلبة و اما اذا نزل على الرمل و الحصى فلا یکون مطهراً و هذا مما لایمکن الالتزام به بوجه.
ثم انه نسب الى المقدس الاردبیلى((قدس سره)) انه حمل الجریان على الجریان بالقوة فلوجاء المطر بمقدار لو کانت الارض صلبة لجرى علیها، کان مطهراً والا فلا.
و هذا الحمل یحتاج الى القرینة فلا یمکن الذهاب الیه بدونها و قد عرفت ان اعتبار الجریان انما هو لخصوصیة المورد.
و الذى یشهد على ما ذکرنا التعلیل فى صحیحة هشام المتقدمة حیث قال((علیه السلام)): لا بأس به ما اصابه من الماء اکثر منه: فان الماء اذا جرى على الکنیف یکون اکثر من النجس و غالبا علیه فکما ان الوکوف دال على الغلبة فکذا الجریان.
و مما ذکر ظهر انه لا تدل على اعتبار الجریان فى مطهریة المطر، صحیحة اخرى عن على بن جعفر فى کتابه عن أخیه موسى((علیه السلام)) قال سألته عن المطر یجرى فى المکان فیه العذرة فیصیب الثوب أیصلى فیه قبل ان یغسل؟ قال: اذا جرى به المطر فلا بأس(5)
فان اعتبار الجریان انما هو لخصوصیة المورد و هو وجود العذرة فى المکان فان ماء المطر ان کان واقفاً فى مکان فیه العذرة یتغیر بها سیما اذا کانت رطبة، فاذا جرى لا یحصل فیه التغیر فیکون طاهراً.
(3) اذا جاء من المطر قطرات یسیرة بحیث لا یصدق علیها المطر عند العرف لا یترتب علیها احکامه نعم عن روض الجنان: کان بعض من عاصرناه من السّادة الفضلأ یکتفى فى تطهیر الماء النجس بوقوع قطرة واحدة علیه، و لیس ببعید و ان کان العمل على خلافه)
فیه انّ نزول قطرة واحدة لا یصدق علیه مجیئ المطر عند العرف فکیف یکون مطهرا للماء النجس. و لعل مراده ان المطر النازل اذا کان بمقدار یصدق علیه
المطر عند العرف اذا و قع قطرة منه فى الماء النجس یطهر.
قال السید الحکیم((قدس سره)): هو فى محله و الفرق بین القامین واضح -کما فى الجواهر-.
قلت: ما أفاده: لا یخلو عن تأمل فان القطرة الواحدة اذا نزلت من السماء و لم یصدق علیها المطر فکیف یطهر الماء النجس الذى لم تصبه الا قطرة من المطر
و بعبارة أخرى لا یصدق عرفا باصابة القطرة ان الماء النجس اصابه المطر بل اصابه قطرة منه، فاذا لم یصدق على نزول قطرة واحدة مجیئ المطر، کذلک لا یصدق باصابة القطرة اصابة المطر عند العرف، فلا یشملها المرسلة: کل شیئ یراه ماء المطر فقد طهر
و قد ظهر مما ذکرناه انه لو کان ماء المطر مجتمعا فى مکان و غسل به الثوب النجس فان اصابته القطرات من المطر یحکم بطهارته و اما اذا اصابته قطرة واحدة لا یحکم بطهارة الثوب لعدم صدق روئیة المطر على اصابة القطرة، و الماء المجتمع من المطر اذا لم ینزل علیه المطر ماء قلیل ینفعل بملاقاة النجس و لا یترتب علیه احکام المطر لاختصاصها باالماء النازل من السماء حین نزوله و الاّ
فجیمع المیاه نازل من السماء و اسکن فى الارض کما تدل علیه الکتاب و السّنة و العلوم الجدیدة.
(1)(2)(3)- س ج 1 ب6 من ابواب الماء المطلق ح1و2و4 ص108و109
4- س ج 1 ب6 من ابواب الماء المطلق ح1و2و4و5 ص108و109
5- س ج 1 ب 6 من ابواب الماء المطلقح 9ص110
مساله 1 ص (342 - 345)
▲ مساله 1 ص (342 - 345)
113(مسألة1) الثوب او الفرش النجس اذا تقاطر علیه المطر و نفذ فى جمیعه طهر(1)
و لا یحتاج الى العصر أو التعدد(2) و اذا وصل الى بعضه دون بعض طهر ما وصل الیه هذا اذا لم یکن علیه عین النجاسة و الا فلا یطهر الا اذا تقاطر علیه بعد زوال عینها.
(1) ذلک لصحیحة هشام بن سالم المتقدمة فانها تدل على طهارة السطح الذى یبال فیه باصابة المطر و علّل بأن ما أصابه من الماء اکثر منه فمنه یعلم ان کل جسم نفذ فیه النجاسة او اصابها، یطهر باصابة المطر اذا کان اکثر من النجاسة
الکامنة فیه، و لا فرق فى ذلک بین اقسام المتنجس ارضا کان او فرشاً او ظرفاً او ثوباً کان محتاجا الى العصر او التعدد ام لا
ان قلت: ان الصّحیحة تدلّ على طهارة ما یکف من السطح و علّل بان الماء اکثر من البول الذى اصاب السطح، فیمکن ان یکون کثرته حال نزول المطر فما یکف منه طاهر لاجل الاتصال بالمطر فلا تدل على طهارة السطح بعد انقطاعه
قلت: اطلاق کلام الامام((علیه السلام)) بطهارة الموکوف الذى یصیب الثوب یدل على طهارته حتى بعد انقطاع المطروهو فرد شایع رأیناه کثیراً فیدل على طهارة السطح باصابة المطر و نفوذه فیه، لانه لو کان باقیا على نجاسته کان ما یکف منه بعد انقطاعه نجساً لان المطر لا یصدق علیه بعده لانه ماء کان مطراً حین نزوله من السماء و اما بعد الانقطاع فهو ماء کبقیة المیاه.
(2) قد استدل لذلک بوجوه: الاول مرسلة الکاهلى المتقدمة حیث قال فیها: کل شیئ یراه ماء المطر فقد طهر
فان ما دلّ على اعتبار العصر او التعدد و ان یعارضها بالعموم من وجه و مورد الاجتماع اناء الخمر و ما شرب منه الخنزیر و ما مات فیه الجرز فان اناء الخمر یغسل ثلاث مرات و الأخیران یغسلان سبع مرّات.
و المرسلة متقدم علیه لوجهین: الأول ان دلالة المرسلة على العموم بالوضع فان کلمة کل موضوعة للعموم و دلالة مادلّ على التعدد بالاطلاق و قد قرر فى الاصول ان الدلالة الوضعیة مقدمة على الاطلاق الذى هو نتیجة مقدمات الحکمة
الثانى ان المرسلة خاصة بماء المطر و ما دل على التعدد مطلق یشمل ماء المطر و غیره من المیاه فلو قدم علیها یلزم لغویة عنوان المطر و هو خلاف ظاهر الروایة جداً فانها ظاهرة فى ان للمطر خصوصیة فیتعین العکس و هو الأخذ بعموم المرسلة و تقیید دلیلى العصر و التعدد
الوجه الثانى ان العمدة فى دلیل اعتبار العصر هو ارتکاز العرف فان الماء القلیل ینفعل بملاقاة النجاسة عند الغسل فلابد من عصر المغسول حتى یخرج و اما اذا غسلنا بالکر او الجارى او المطر فلا دلیل على اعتبار العصر فان الماء المعتصم لا ینفعل بالملاقاة فلا دلیل على اعتباره مطلقا
و اجاب عن هذ الوجه سیدنا الاستاذ((قدس سره)) بان الدلیل على اعتبار العصر لیس هو الارتکاز بل الدلیل علیه هو عدم تحقق الغسل بدونه بلا فرق بین الغسل بالقلیل و الکر و الجارى فان غمس المتنجس فى الماء بلا عصر و دلک لا یکون غسلا فلا یتحقق التطهیر.
قلت: الظاهر أن ما افاده((قدس سره)) قابل للمناقشة فان الغسل بالماء القلیل لابایتحقق بلا عصر کما افاده و أمّا بالماء الکثیر فیتحقق الغسل بغمس المتنجس فیه و نفوذ الماء فى جمیع اجزائه، فان ذلک لا یجتمع مع بقاء النجاسة فیه.
على انه على ما افاده((قدس سره)) یلزم ان لا یطهر الثوب اذا غمسناه فى الماء الجارى او الکر و ان ابقیناه ایّاماً و هو مما لا یقبله ارتکاز المتشرعة، فانا نتیقن بحصول الطهارة فى هذا المورد فمنه نعلم ان العصر لا یعتبر فى الغسل بالکثیر.
الوجه الثالث ما افاده سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) من الاستدلال على عدم اعتبار العصر و التعدد بصحیحة هشام بن سالم المتقدمة الدالة على کفایة مجرد
اصابة المطر للمتنجس فى تطهیره معللا بأن الماء اکثر حیث دلّت على طهارة السطح الذى یبال علیه اذا رسب فیه المطر قال((قدس سره)): فیستفاد منها ان للمطر خصوصیة من بین سائر المیاه تقتضى کفایة اصابته و قاهر یته فى تطهیره المتنجسات بلا حاجة فیه الى تعدد او عصر.
و ما افاده لا یمکن المساعدة علیه فنقول اولا: ان الامام((علیه السلام)) قال فى مقام التعلیل: ما اصابه من الماء اکثر منه. ولم یقل: ما اصابه من المطر اکثر منه، فمنه یظهر ان حصول الطهارة اثر لکل ماء عاصم اذا کان قاهراً و غالبا على النجس فهو على خلاف ما افاده ادل فالغسل فى الکر أو الجارى لعاصمیتهما لا یحتاج الى التعدد و العصر کما ذکرناه لان الماء اکثر من النجس.
و ثانیاً لو تنزلنا عن ذلک و قلنا: اللّام الداخل على الماء للعهد الذکرى فالمراد هو ان ماء المطر اکثر من النجس لقلنا: ان هذالاثر و هو حصول طهارة السطح المبال اثر لکل ماء عاصم و المطر احد مصادیقه، و لا خصوصیة للمطر هنا والدلیل على ذلک انا لو اجرینا النهر على السطح المبال أو بنینا علیه مخزنا لکر فوکف منه الماء یحکم بطهارته، و لا یقول أحد من الفقهاء أنه نجس لانّه یعتبر فى الغسل بالکر التعدد
مساله 2 ص (345 - 348)
▲ مساله 2 ص (345 - 348)
114(مسألة 2) الاناء المتروس بماء نجس کالحّب و الشربة و نحوهما اذا تقاطر علیه طهر مائه و انائه بالمقدار الذى فیه ماء(1) و کذا ظهره و اطرافه ان وصل الیه المطر حال التقاطر و لا یعتبر فیه الامتزاج(2) بل و لاوصوله الى تمام سطحه الظاهر و ان کان الاحوط ذلک
(1) قد یقال: ان المطر لا یطهر الماء لعدم قیام الدلیل على ذلک و لا یصلح الاستدلال بمرسلة الکاهلى فان المطر یرى السطح الفوقانى من الماء المتنجس ولا یکفى ذلک فى طهارة الجمیع والا لزم طهارة المضاف المتنجس باصابة المطر و لا یقول بها احد من الاصحاب الاّ العلامة((قدس سره)) فى بعض کتبه و هو واضح الفساد لمخالفته لاتفاق الاصحاب، فکما ان المضاف لا یطهر بالمطر فکذلک الماء المتنجس
و اجاب سیدنا الاستاذ((قدس سره)) عن هذالاشکال بانه یمکن ان یستدل لذلک بصحیحة هشام بن الحکم المتقدمة عن ابى عبدالله((علیه السلام)) فى میزابین سالا احدهما بول و الآخر ماء المطر فاختلطا فاصاب ثوب رجل لم یضّره ذلک(1)
بتقریب ان البول الملاقى للمطر او غیره من المیاه لا یستهلک فیه دفعة بان یعدمه الماء بمجرد اختلاطهما و انما یستهلکه بعد مرحلتین و توضیحه ان الماء اذا وصل الى البول و اختلطا صارمضافا فاذا زاد الماء تزول الاضافة فیصیر الماء متغیراً فاذا زاد الماء یزول التغیّر فیطهر فیستهلک البول فى الماء بعد المرحلتین، فالصحیحة تدل على ان الماء النجس یطهر بنزول المطر علیه. هذا مخلص ما افاده((قدس سره))
و فیه انه لا یمکن المساعدة علیه فان الماء الذى یتغیر بالبول یستهلک فى ماء المطر الجارى من المیزاب لکثرته و قلة ما تغیّر بالبول، فینعدم الماء المتغیر بالبول لقاهریة المطر الجارى فى المیزاب و این هذا مما هو محل الکلام من اصابة المطر للسطح الفوقانى من الماء المتنجس و بقائه بحاله بلا استهلاک فطهارة المتنجس بالاستهلاک و انعدام الموضوع لا تستلزم طهارته بمجرد تقاطر المطر علیه فهذ الدلیل اخص من المدعى
و اجاب السید الحکیم((قدس سره)) عن هذاالاشکال بان العمدة فى طهارة الماء النجس بتقاطر المطر علیه الاجماعات المستفیضة على انه بحکم الجارى و قد عرفت آنفاً طهارة الماء النجس بمجرد اتصاله بالجارى قال((قدس سره)): هذا مضافاً الى الاجماع المحکى على طهارته بوقوع المطر علیه کما عن المفاتیح و الروضة.
اقول: اذا بنینا على ان المرسلة حجة لعمل الاصحاب بها فباصابة المطر على الماء النجس یطهر سطحه الفوقانى و هو یطهّر الباقى لا تصاله به و قد تقدم منا سابقا ان الماء الکر و الجارى یطهّران الماء النجس بمجرد الاتصال، فکذا المطر فانه یطهّر السطح الفوقانى و بما ان الماء الواحد المطلق لا یکون محکوما بحکمین فیحکم بطهارة الجمیع.
ثم لا یخفى ان المرسلة تدل على طهارة الماء المتغیر باصابة المطر.
روى الکاهلى عن رجل عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: قلت أمرّ فى الطریق فیسیل علىّ المیزاب فى اوقات أعلم ان الناس یتوضأون، قال: لیس به بأس لاتسأل عنه، قلت: و یسیل على الماء المطر ارى فیه التغیّر و أرى فیه آثار القذر فتقطر القطرات علىّ و ینتضح علىّ منه، و البیت یتوضأ على سطحه فیکف على ثیابنا؟ قال: ما بذا بأس لا تغسله کل شیئ یراه ماء المطر فقد طهر(2)
و لکنّ الالتزام بذلک مخالف لاتفاق الأصحاب فان أحداً منهم لا یفتى بطهارة الماء المتغیّر بالنجاسة باصابة المطر مادام متغیّراً و هذا موهن لهذه المرسلة.
و أمّا فى الوسائل فهکذا: قلت: یسیل علىّ من ماء المطر ارى فیه التغیر و ارى فیه آثار القذر، فتقطر القطرات علىّ و ینتضح علىّ منه، و البیت یتوضأ على سطحه فیکف على ثیابنا؟ قال: ما بذا بأس لا تغسله، کل شیئ یراه المطر فقد طهر(3)
و الظاهر صحة نخسة الوافى فان فى نسخة الوسائل یرى التنافى، بین قوله: یسیل علىّ ماء المطر و قوله فتقطر القطرات علىّ، فان السیلان لا یجتمع مع تقاطر القطرات.
(2) فان المستفاد من النصوص کصحیحة هشام و صحیحة على بن جعفر و صحیحة هشام بن الحکم ان ماء المطر عاصم کالکر و الجارى و قد أسلفنا ان الاتصال بالعاصم موجب للطهارة فان العاصم یطهّر ما اتصل به و هو یطهّر ما اتصل به و هکذا فان حکم الامثال فیما یجوز سواء فاذا رأى المطر الحوض النجس یطهّر سطحه الفوقانى و هو یطهّر ما اتصل به من الحوض فانه متصل بالعاصم.
و قد ظهر مما ذکر ضعف ما افاده السید الحکیم((قدس سره)) من انه لا دلیل على ان القطرات الممتزجة بالماء النجس معتصمة مادام التقاطر، لا سیما مع استهلاکها فیه
وجه الضعف انک قد عرفت ان النصوص تدل على عصمة ماء المطر و انه یطهّر ما رآه فاذا طهر السطح الفوقانى یطهر بقیته باتصالها به و هو متصل بالعاصم، و هذا الکلام نحو اجتهاد فى قبال النص.
و یمکن ان یستدل بذلک بقوله تعالى: و انزلنا من السماء ماء طهورا(4)
و قد فسّر الطهور بما هو طاهر فى نفسه و مطهّر لغیره فکل شیئ قابل للتطهیر یطهّره المطر و الماء لا یستثنى منه فاذا طهر السطح الفوقانى فهو یطهّر ما تحته و هکذا فلا حاجة الى الامتزاج و لعلّ منشأ القول بالامتزاج هو قیاس الماء بغیره من الاجسام فان الثوب النجس اذا اردنا تطهیره بالماء فلا یطهر الا بایصال الماء الى جمیع اجزائه و لا یمکن تطهیره بایصاله الى بعض اجزائه دون البعض و هذا القیاس فاسد، فان تطهیر الثوب یحتاج الى ذلک لانّ تطهیر جزئه لا یؤثر فى تطهیر البقیة بخلاف الماء فان تطهیر جزئه یؤثّر فى تطهیر البقیة فانه طاهر فى نفسه و مطهّر لغیره و کذا الجزء الذى طهّر باتصاله فانه طاهر فى نفسه و مطهّر لغیره.
و اما ما افاده الاستاذ((قدس سره)) من الاستدلال بصحیحة اسماعیل بن بزیع حیث حکم بطهارة ماء البئر بعد النزح بمقدار یذهب الریح و یطیب الطعم لان له مادّة فهو استدلال بتنقیح المناط لا انه شامل للمطر بمقتضى الفهم العرفى فان المادة فى البئر متصلة و فى المطر منفصلة بالتقاطر و لاجل ذلک ناقش السید الحکیم فى
المطر بان کل قطرة تصل الى الماء النجس تستهلک فیه فینفعل و لا مجال لمثل هذه المناقشة فى مادة البئر
و اما الاستدلال بصحیحة هشام الواردة فى المیزابین فلا یتم فان الطهارة هناک حاصلة بالاستهلاک و هو فوق الامتزاج، فکیف یستدل بها لعدم اعتبار الامتزاج.
1- س ج 1 ب 6 من ابواب الماء المطلق ح4 ص109
2- الوافى ج6 ص46
3- س ج 1 ب 6 من ابواب الماء المطلق ح5 ص109
4- الفرقان الآیة48
مساله 3 ص (349)
▲ مساله 3 ص (349)
115(مسألة3) الأرض النجسة تطهر بوصول المطر الیها بشرط أن یکون من السماء(1) و لو باعانة الریح و امّا لو وصل الیها بعد الوقوع على محل آخر کما اذا ترشح بعد الوقوع على مکان فوصل مکانا آخر لا یطهّر. نعم لو جرى على وجه الارض فوصل الى مکان مسقّف بالجریان طهر.
(1) المستفاد من النصوص انّ المطر حال نزوله من السماء طاهر و مطهّر فاحکامه مختصة بهذه الصورة و لا فرق فیه بین أن یصل الى محل النجس مستقیما او باالاعوجاج کما اذا انحرف بالرّیح فانه على التقدیرین مطهّر و کذا اذا جرى فى المیزاب و وصل الى مکان مسقف فانّه مطهّر فى حال التقاطر.
و اما اذا وقع فى مکان و ترشح منه الى محل نجس لا یطهر فانه بحکم ماء قلیل.
مساله 4 ص (349 - 350)
▲ مساله 4 ص (349 - 350)
116(مسألة4) الحوض النجس تحت السماء یطهر بالمطر(1) و کذا اذا کان تحت السقف و کان هناک ثقبة ینزل منها على الحوض بل و کذا لو اطارته الریح حال تقاطره فوقع فى الحوض و کذا اذا جرى من میزاب فوقع فیه
(1) قد تقدم ان المطر یطهّر الماء کما یطهّر الاجسام، انما الکلام فى مقدار یصل الى الحوض النجس، و الاقوال فیه ثلاثة، الاول ماحکاه الشهید الثانى عن بعض السادة الفضلا من کفایة اصابة القطرة الواحدة من المطر النازل من السماء.
الثانى اصابة المطر بمقدار یصل الى جمیع اجزاء الحوض بالامتزاج و هولا یتحقق الا باصابة المطر الکثیر و الاّ فهو یستهلک فى الحوض.
الثالث اصابة المطر بمقدار یصدق عند العرف ان المطرنزل على الحوض فهو یکفى فى طهارته بلا امتزاج کما عرفت
و الاقوى هو القول الثالث اما القول الأول فهو مردود لعدم الصدق العرفى بان المطر اصاب الحوض و اما ما نقض به الاستاذ((قدس سره)) من ان اصابة القطرة بالخشب النجس لا یوجب طهارته فهو غیر وارد على هذالقول لما عرفت من أنّ تطهیر الأجسام یفارق تطهیر الماء فان الخشب اذا کان باطنه ایضاً نجساً لا یطهر و ان اصاب المطر ظاهره اجمع بخلاف الماء فانه اذا اصاب ظاهره یطهر باطنه لما فیه من الخصوصیة
و هل یعتبر نزول المطر بمقدار لا یستهلک فى الحوض ام لا؟ ذهب الاستاذ الى الأول و قال: اشترطنا نزول المطر بمقدار لایستهلک فى الماء المتنجس لیصح ان یقال -لدى العرف- ماء المطر موجود على السطح الظاهر من الحوض و لکن الاظهر هو الثانى، فان الاستهلاک لا یمنع من التطهیر کما هو الحال فیما اذا اوصلنا به الکر او الجارى بمقدار یستهلک فیه فان المطهر هو الاتصال بالکر او الجارى و ان قطعناه منه بعد الاتصال فلا یتعبر ان الماء الکر او الجارى موجود فیه فحال المطر هو حالهما فان الماء العاصم مطهّر باتصاله بالماء النجس و ان استهلک فیه ما وصل الیه
و اما القول بالامتزاج فقد عرفت فى ما تقدم عدم الدلیل علیه فاذا صدق عرفاً انّ المطر اصاب هذا الحوض یحکم بطهارته.
مساله 5 ص (350 - 351)
▲ مساله 5 ص (350 - 351)
117(مسألة5) اذا تقاطر من السقف لا یکون مطهراً، بل و کذا اذا وقع على ورق الشجر ثم وقع على الارض(1) نعم لو لاقى فى الهواء شیئاً کورق الشجر او نحوه حال نزوله لا یضر، اذا لم یقع علیه ثم منه على الارض، فبمجرد المرور على الشیئ لا یضرّ
(1) فصدق اصابة المطر شرط فى التطهیر فاذا وقع على السقف ثم تقاطر منه الى المتنجس لا یصدق اصابة المطر و هذا بخلاف المرور على ورق الشجر فى الهواء فانه لا ینافى صدق اصابة المطر فیکون مطهراً.
مساله 6 ص (351)
▲ مساله 6 ص (351)
118(مسألة6) اذا تقاطر على عین النجس فترشح منها على شیئ آخر، لم ینجس اذا لم یکن معه عین النجاسة و لم یکن متغیراً(1)
(1) لانّه بحکم الجارى العاصم و کل عاصم کذلک
مساله 7 ص (351)
▲ مساله 7 ص (351)
119(مسألة 7) اذا کان السطح نجساً فوقع علیه المطر و نفذ و تقاطر من السقف لا تکون تلک القطرات نجسة(1) و ان کان عین النجاسة موجودة على السطح و وقع علیها لکن بشرط ان یکون ذلک حال تقاطره من السماء، و اما اذا انقطع ثم تقاطر من السقف مع فرض مروره على عین النجس فیکون نجساً، و کذ الحال اذا جرى من المیزاب بعد وقوعه على السطح النجس
(1) لا تصالها بالمطر
مساله 8 ص (351)
▲ مساله 8 ص (351)
120(مسألة8) اذا تقاطر من السقف النجس یکون طاهراً اذا کان التقاطر حال نزوله من السماء سواء کان السطح ایضاً نجساً او طاهراً(1)
(1) لما عرفت من عصمة المطر و طهارة کل شیئ کان متصلا به.
مساله 9 ص (351)
▲ مساله 9 ص (351)
121(مسألة9) التراب النجس یطهر بنزول المطر علیه اذا وصل الى اعماقه حتى صار طیناً(1)
(1) هذا من آثار کل ماء عاصم کراً أو جاریاً او مطراً و حیث أن الاستاذ الخوئى((قدس سره)) لم یستشکل هنا فامضاه و التزم بذلک مع انه فى غسل الثوب النجس فى الکر أو الجارى یعتبر العصر لعدم تحقق الغسل بدونه، و طهارة التراب النجس بنفوذ الماء العاصم فیه، یؤکّد عدم اعتبار العصر فى غسل الثوب النجس به ایضاً فان النفوذ فیهما على نهج واحد.
مساله 10 ص (352)
▲ مساله 10 ص (352)
122(مسألة10) الحصیر النجس یطهر بالمطر و کذا الفراش المفروش على الارض، و اذا کانت الارض التى تحتها ایضاً نجسة، تطهر اذا وصل الیها نعم اذا کان الحصیر منفصلا عن الارض یشکل طهارتها بنزول المطر علیه اذا تقاطر منه علیها، نظیر ما مر من الاشکال(1) فیما وقع على ورق الشجر و تقاطر منه على الارض
(1) تقدم منه الجزم بعدم حصول الطهارة فیما اذا اصاب ورق الشجر ثم منه على الارض.
مساله 11 ص (352 - 353)
▲ مساله 11 ص (352 - 353)
123(مسألة11) الاناء النجس یطهر اذا أصاب المطر جمیع مواضع النجس منه. نعم اذا کان نجساً بولوغ الکلب یشکل طهارته بدون التعفیر(1) لکن بعده اذا نزل علیه یطهر من غیر حاجة الى التعدد.
(1) فان کل شیئ یطهّر بالماء مطلقا او بشرط العصر و التعدد یطهّر باصابة المطر بلا تعدد و عصر و اما ما لا یطهر بالماء وحده بل یحتاج تطهیره الى التعفیر فلا یطهر بالمطر وحده ففى صحیحة ابى العباس عن ابى عبدالله((علیه السلام))(فى حدیث) انه سأله عن الکلب؟ فقال: رجس نجس لا یتوضأ بفضله و اصبب ذلک الماء و اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء(1)
فما لا یطهر بالماء بلا تعفیر لا یطهّر بالمطر ایضاً
ان قلت: التعارض بین المرسلة و صحیحة ابى العباس بالعموم من وجه و محل الاجتماع ما ولغه الکلب و أصابه المطر فالمرسلة تدل على طهارته برؤیة المطر و الصحیحة تدل على اعتبار التعفیر فى تطهیره و بما ان دلالة المرسلة بالعموم الوضعى یقدم على اطلاق الصحیحة فعلیه لا حاجة الى التعفیر.
قلت: هذا صحیح فى کل ما یطهر بالماء کغسل سبع مرات بولوغ الخنزیر و موت الجرز فى الاناء و غسل ثلاث مرات لاناء الخمر،
فنقول: روئیة المطر یکفى فى التطهیر و لا حاجة الى التعدد بعدها و اما ما لا یطهّره الماء کما فى ولوغ الکلب بل یطهره التراب ثم الماء
فلا یطهّره المطر کما لا یطهّر المضاف و الماء المتغیر بالنجاسة الاّ بعد زوال الاضافة و التغیر.
1- س ج 2 ب 70 من ابواب النجاسات ح1 ص1091
فصل ماء الحمام
▲ فصل ماء الحمام
فصل ماء الحمام ص (353 - 359)
▲ فصل ماء الحمام ص (353 - 359)
فصل ماء الحمام بمنزلة الجارى بشرط إتصاله بالخزانة(1) فالحیاض الصغار فیه اذا اتصلت بالخزانة لا تنجس بالملاقاة اذا کان ما فى الخزانة وحده او مع ما فى الحیاض بقدر الکر من غیر فرق بین تساوى سطحها مع الخزانة او عدمه و اذا تنجس ما فیها یطهر بالاتصال بالخزانة بشرط کونها کراً و ان کانت اعلى و کان الاتصال بمثل المزملة و یجرى هذا الحکم فى غیر الحمام ایضاً(2) فاذا کان المنبع الاعلى مقدار الکر او ازید و کان تحته حوض صغیر نجس و اتصل بالمنبع بمثل المزّملة، یطهر و کذا لو غسل فیه شىء نجس فانّه یطهر مع الاتصال المذکور.
(1) الاقوال فى ماء الحمام خمسة، احدها ما ذهب الیه المشهور من اشتراط اعتصام ماء الحمام ببلوغ مادته کراً بنفسها.
ثانیها عدم اشتراطه بشیئ و انه ماء معتصم بلغت مادته کراً ام لم تبلغه فالماء المعتصم اربعة الکر و الجارى و المطر و ماء الحمام اختاره فى الحدائق.
ثالثها التفصیل بین ما اذا بلغ ما فى الخزانة و الحیاض الصغار کراً فعاصم و ما لم یبلغه مجموعهما، فیبقى على عدم الاعتصام
رابعها التفصیل بین الدفع و الرفع فان کان الخزانة بضم ما فى الحیاض الصغار کرا فعاصم و دافع للنجاسة و امّا فى مقام الرفع فلا یکفى ذلک فلو کان ما فى الخزانة بضم الحیاض کراً و لکن الحیاض کانت متنجسة لا یکفى فى رفع النجاسة بل یحتاج رفعها الى کون ما فى الخزانة وحده کراً، لما عرفت من ان الماء المتمم کراً لا عصمة له بل یکون نجساً -هذالقول یظهر من عبارة المتن-
خامسها التفصیل بین ما اذا کان سطح المادة و الحیاض مساویا فیکفى فى العصة بلوغ المجموع کراً و مع عدمه لا یکفى بل لابد من کون المادة و حدها کراً
نعم عن ابن ادریس طهارة المتمم کراً و لکنه شاذ.
و منشأ الاختلاف هو اختلاف الاستظهار من النصوص و عمدتها صحیحة داود بن سرحان قال: قلت لابى عبدالله((علیه السلام)): ما تقول فى ماء الحمام؟ قال: هو بمنزلة الماء الجارى(1)
و منها صحیحة محمد بن مسلم قال: قلت لابى عبدالله((علیه السلام)): الحمام یغتسل فیه الجنب و غیره، اغتسل من مائه؟ قال: نعم لا بأس أن یغتسل منه الجنب، و لقد اغتسلت فیه، ثم جئت فغسلت رجلىّ، و ما غسلتهما إلا مما لزق بهما من التراب(2)
ومنها صحیحة اخرى من محمد بن مسلم قال: رأیت أبا جعفر((علیه السلام)) جائیاً من الحمام و بینه و بین داره قذر فقال: لو لا ما بینى و بین دارى، ما غسلت رجلى و لا یجنب ماء الحمّام(3)
و منها روایة بکر بن حبیب عن أبى جعفر((علیه السلام)) قال: ماء الحمام لا بأس به اذا کانت له مادة(4)
و منها صحیحة حنان بن سدیر قال: سمعت رجلا یقول لابى عبدالله((علیه السلام)) انى ادخل الحمام فى السحر و فیه الجنب و غیر ذلک فأقوم فاغتسل، فینتضح علىّ بعد ما افرغ - من مائهم ؟ قال: الیس هو جار ؟ قلت: بلى قال: لا بأس.(5)
و ما یمکن ان یستدل لقول الحدائق و من وافقه باطلاق النصوص المتقدمة فان مقتضى الاطلاق فیها عدم اعتبار الکریة اصلا لا فى المادة و لا فى الحیاض و لا فى المجموع.
اقول: ما ذکروه یتوقف على کون النصوص مبینة للقضیة الحقیقیة و لا ثبات الحکم الکلى للموضوع الکلى.
و یرده وجوه:
الاول صحیحة حنان المتقدمة فان ماء الحمام لو کان بمنزلة الجارى عاصماً مطلقاً، لم یقل الامام((علیه السلام)): الیس هو جار بل قال: ماء الحمام لا ینفعل.
الثانى ان صاحب الحدائق حمل ماء الحمام على الماء الموجود فى الحیاض الصغار ناسباً له الى الأصحاب و حمل المادة على اطلاقها و قال مقتضى الاطلاق عدم اعتبار الکریة فیها.
فنقول: اذا کان المراد من ماء الحمام الحیاض الموجودة فى ذلک الزمان فلا بد من ان یکون المراد من المادة هى المادة الموجودة فى زمن صدور الاخبار و هى الخزانة التى کانت فیها اضعاف الکر حیث أنها اعدت لأهل البلد و لا یحتمل فیها ان یکون بمقدار کر و احد فضلا عن ان یکون اقل منه.
الثالث مقتضى الارتکاز عدم الفرق فى العصمة و عدمها بین ان یکون الماء فى الحمام او الدار اوالمدرسة او الخان او غیرها من الا مکنة.
الرابع یظهر من الأصحاب الاتفاق على أن ماء الحمام المسوول عنه فى النصوص هو الحیاض الصغار الموجودة فى الحمام فعلیه تکون النصوص مشتملة على القضیة الخارجیة التى لا یتصور فیها الا طلاق.
فعلیه یکون المراد من قوله: ماء الحمام بمنزلة الجارى او لا ینجب ماء الحمام. هو الماء الموجود فى الحیاض المتصل بالخزانة التى هى اضعاف الکر.
و قد ظهر مماذکرنا ان ماء الحمام لا خصوصیة له فان النصوص ناظرة الى الحمامات الموجودة فى زمن صدور الاخبار و الخزانة الموجودة کانت مشتملة على اضعاف الکر، فلا تدل على عاصمیة ماء الحمام اذا کان مجموع ما فى الخزانة و الحیاض بمقدار الکر مع عدم تساوى السطوح.
و قد ظهر مما ذکرنا ما فى کلام الاستاذ((قدس سره)) من الاشکال قال((قدس سره)): لا فرق فى الحکم باعتصام ماء الحمام بین تساوى سطحى المادة و ماء الحیاض و اختلافهما و غایة الامر ان الحکم المذکور فى صورة تساوى السطحین على طبق القاعدة و فى صورة اختلافهما على خلافها و انما التزمنا به لأجل الصحیحة المتقدمة.
و قال((قدس سره)) بعد صفحة: و لا مانع من تقوى احدهما بالآخر (اى العالى و السافل) و لو مع اختلاف سطحى المائین و لا یضره التعدد العرفى، و هو کما ترى لا یختص بمورد دون مورد و هل ترى من نفسک الحکم بعدم اعتصام ماء الحیاض المتصلة بالمادة الجعلیة فیما اذا خرب الحمام بحیث لا یصدق علیه انه حمام و حیث انا لا نحتمل ذلک بالوجدان فنتعدى منه الى کل ماء قلیل متصل بشىء من المواد و لو فى غیر الحمام.
اقول: قد عرفت أن صحیحة داود بن سرحان و غیرها ناظرة الى الحمامات الموجودة فى عصر صدور الأخبار و کانت الخزانة مشتملة على اضعاف الکر فاتصال الحیاض الصغار السافلة سطحها عن سطح خزانتها یکفى فى عصمتها کما تدل على ذلک صحیحة حنان المتقدمة، فلا تدلّ نصوص الحمام على عصمة ما فى الحیاض اذا لم تکن الخزانة کراً و ان کانت کرا بضم ما فى الحیاض الیها فانها خارجة عن مدلولها لما عرفت من ان نصوص الحمام مشتملة على القضایا الخارجیة و ناظرة الیها، فمفادها بعد ضم بعضها الى بعض و تقیید المطلقات بما اشتمل على القید، هو ان الحیاض اذا کانت متصلة بالخزانة التى هى اضعاف الکر بالجریان منها الیها، کانت عاصمة و لا تنفعل بملاقاة النجاسة، فلا تدل على عاصمیة ما فى الخزانة اذا کان بضمه مع ما فى الحیاض کراً مع اختلاف السطوح و کان ما فى الخزانة جاریاً على الحوض.
فما افاده الماتن و أیدّه الاستاذ((قدس سرهما)) لا یمکن المساعدة علیه، لانه لا دلیل على عاصمیة ما فى الخزانة اذا جرى على الحیاض الا اذا کان کراً من غیر ضم ماء الحیاض الیه، فان العالى لا یتقوى بالسافل اذا کان دافعاً بقوة الیه و السافل ایضاً لا یتقوى بالعالى الا اذا کان بنفسه کراً
فعلیه اذا لاقت النجاسة العالى و لم یکن وحده کراً یجب الاجتناب عنه و ان لاقت السافل الاحوط هو الاجتناب عنه، لا عن العالى و المادة المذکورة فى روایة ابن حبیب (بناء على اعتبارها) ظاهرة فیما هو العاصم کالخزانة التى کانت کراً بنفسها فلا تشمل غیره.
(2) یظهر منه((قدس سره)) ان المرکب من الخزانة و الحیاض اذا کان کرا دافع للنجاسة و لو مع عدم تساوى السطوح، یختص هذا بالحمام و لا یجرى فى غیره، و لعله التزم بذلک لا طلاق المادة فى روایة بکر بن حبیب، و أما فى غیر الحمام فلابد فى العصمة ان تکون الخزانة و حدها کراً، و الّا فلا عصمة لها- هنا لا بد من التأمل-.
و فیه ما عرفت من ان المادة ظاهرة فى العاصم فلا تشمل غیره بحسب متفاهم العرف فقد ظهر الى الآن ان نصوص الحمام لا تشمل على حکم تعبّدى خاص بل کل ما کان عاصماً فى الحمام کان عاصماً فى غیره بلا فرق بینهما اصلا.
ثم إن سیّدنا الاستاذ((قدس سره)) قال (على ما فى تقریراته): و اما ما فى شذرات المحقق الخراسانى((قدس سره)) من الاستدلال فى التعدى عن ماء الحمام الى سائر الموارد بما ورد فى بعض روایات الباب من تعلیل الحکم بطهارة ماء الحمام بقوله: لأنّ له مادة، فیتعدى بعمومه الى کل ماء قلیل متصل بمادته بمثل المزملة و نحوها، فهو من عجائب ما صدر منه((قدس سره)) لان التعلیل المدعى مما لم نقف على عین منه و لا اثر فى شیئ من روایاتنا،: صحیحها و ضعیفها و لم ندر من این جاء به((قدس سره))
أقول: الظّاهر انّ المحقق الخراسانى((قدس سره)) کان ناظراً الى روایة بکر بن حبیب المشار الیها روى عن ابى جعفر((علیه السلام)) قال: ماء الحمام لا بأس به اذا کانت له مادة(6)
و قد عرفت ان المادة ظاهرة فى العاصم، فیستظهر منها، ان کل ماء له مادة لا بأس به، فلا ینفعل بملاقاة النجاسة فلو کان فى الدار أو المدرسة حوض صغیر متصل بالکر، صحّ ان یقال: انه لا ینفعل بالملاقاة لان له مادة و هو الکر وهو((قدس سره)) قد عبّر بالتعلیل فى ذیل صحیح هشام راجع ص258 من التنقیح.
1- س ج 1 ب من ابواب الماء المطلق ح1،3،2و4 ص111
(2)(3)(4)- س ج 1 ب7 من ابواب الماء المطلق ح2،3و4 ص111
5- فروع الکافى ج 3 ص 14 و س ج 1 ب 9 من ابواب الماء المضاف ح 8 ص 154
6- س ج 1 ب من ابواب ماء الحمام ح4ص111
فصل فی ماء البئر النابع
▲ فصل فی ماء البئر النابع
فصل فی ماء البئر النابع ص (359 - 367)
▲ فصل فی ماء البئر النابع ص (359 - 367)
فصل
ماء البئر النابع بمنزلة الجارى لا ینجس الاّ بالتغیّر سواء کان بقدر الکر او اقل(1) و اذا تغیر ثم زال تغیره من قبل نفسه طهر لأنّ له مادّة و نزح المقدّرات فى صورة عدم التغیّر مستحب(2) و اما اذا لم یکن له مادة نابعة فیعتبر فى عدم تنجسه، الکریة(3) و ان سمّى بئراً کا الآبار الّتى یجتمع فیها ماء المطر و لا نبع لها
(1) الا قوال فى المسئلة ثلاثة:
احدها: ان ماء البئر ینفعل بملاقاة النجاسة مطلقا، و هو المشهور بین قد ماء الأصحاب.
ثانیها: ما هو المشهور بین المتأخرین من عدم انفعاله مطلقا الاّ بالتغیّر
ثالثها: التفصیل بین ما اذا کان کراً فلا ینفعل و ما اذا لم یکن کراً فینفعل و نسب هذالقول الى الشیخ حسن البصروى و التفصیل بین بلوغه ذراعین فى ذراعین فلا ینفعل و عدم بلوغه الى هذ الحد فینفعل -کما عن الجعفى- فهو یرجع الى التفصیل بین الکر و عدمه.
و استدل القدماء بروایات کثیرة جداً الدّالة على النزح لاجل النجاسات المختلفة قد عقدلها فى الوسائل ثمانیة ابواب تشتمل على اکثر من ستین روایة و قالوا: ان الامر بالنزح ارشاد الى النجاسة
و لا شبهة فى انّ الروایات متواترة اجمالا و الامر بالنزح قد صدر من المعصوم جزماً و لکنها لا تدل على نجاسة البئر لوجوه:
الاول: ان الأمر بالنزح جاء فى مورد نقطع بعدم نجاسة الماء فیه
روى معاویة بن عمار عن أبى عبدالله((علیه السلام))(1) فى الوزغة ثلاث دلاء
و روى یعقوب بن عیثم عن ابى عبدالله((علیه السلام))(2) فى سام ابرص سبع دلاء
و فى روایة منهال جاء فى العقرب عشردلاء(3)
الثانى: اختلاف کثیر بین روایات الباب ففى صحیحة ابى خدیجة عن ابى عبدالله((علیه السلام))(4) جاء فى الفأرة اربعون دلواً
و فى صحیحة الفضلاء جاء فیها و فى الکلب و الخنزیر دلاء(5) و هو یصدق على ثلاثة دلاء لانّها اقل الجمع.
و جاء فى موثقة عمار فى الکلب و الفأرة و الخنزیر نزح جمیع الماء(6)
و جاء فى صحیحة معاویة بن عمار نزح جمیع الماء لبول الصبى(7)
و جاء فى روایة على بن أبى حمزة فى بول الصبى نزح دلو واحد(8)
الثالث: تصریح النصوص المعتبرة بعدم انفعال البئر بملاقاة النجاسة:
منها صحیحة محمد بن اسماعیل بن بزیع عن الرضا((علیه السلام)) قال: ماء البئر واسع لا یفسده شیئ الاّ ان یتغیّر ریحه، او طعمه، فینزح حتى یذهب الریح، و یطیب طعمه لان له مادة(9)
و منها صحیحة على بن جعفر عن اخیه موسى((علیه السلام)) قال: سألته عن بئر ماء وقع فیها زبّیل (زنبیل خل) من عذرة رطبة، او یا بسة، او زبّیل من سرقین أیصلح الوضوء منها؟ قال: لا بأس.(10)
و منها صحیحة معاویة بن عمار عن ابى عبدالله((علیه السلام)) فى الفأرة تقع فى البئر فیتوضّأ الرجل منها، و یصلّى و هو لا یعلم، أیعید الصلوة، و یغسل ثوبه؟ فقال:
لا یعید الصلوة، و لا یغسل ثوبه.(11)
ومنها روایة اخرى من معاویة بن عمار عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سمعته یقول: لا یغسل الثوب و لا تعاد الصلوة مما وقع فى البئر الاّ أن ینتن، فإن أنتن غسل الثوب، و أعاد الصلوة، و نزحت البئر.(12)
و منها موثقة ابى بصیر عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: قلت لا بى عبدالله((علیه السلام)) بئر یستقى منها، و یتوضئ به و غسل منه الثیاب، و یعجن به، ثم علم أنّه کان فیها میّت قال: لا بأس، و لا یغسل منه الثوب و لا تعاد منه الصلوة(13)
و التحقیق یقتضى ان یقال: ان النصوص الدالة على طهارة ماء البئر عند ملاقاة النجاسة تحمل على عدم التغییر کصحیحة على بن جعفر و امثالها.
و اذا تغیّر یجب نزح الماء حتى زال التغیر کما تدل على ذلک صحیحة ابن بزیع و صحیحة معاویة بن عمار المتقدمتان
و صحیحة الفضلاء المتقدمة ایضاً تدل على النجاسة فى فرض التغیر.
ثم انه یبعّد الحمل على التقیة الجمع بین النزح و عدم وجوب اعادة الوضوء و الصلوة و عدم غسل ما اصابه ذلک الماء کما فى روایة ابى عیینة(14) و روایة یعقوب بن عیثم(15)
نعم فى صحیحة اخرى من ابن بزیع(16) سأل الراورى عن ما یطهّرها (ما الذى یطهّرها) و فى صحیحة على بن یقطین قال الامام((علیه السلام)): فانّ ذلک یطهّرها انشاءالله تعالى(17)
فتقریره((علیه السلام)) للراوى فى الاولى و تصریحه فى الثانیة ظاهران فى النجاسة فلابد من حملهما على التطهیر من القذارة العرفیة او النجاسة الشرعیة حملا على التقیة.
الرابع ان الآبار فى الغالب یکون کراً و هو لا ینفعل بملاقاة النجاسة لاجل نصوص الکر و لا یحتمل ان یکون وجوده فى البئر الذى له مادة موجبا للنجاسة.
ثم ان الاستاذ((قدس سره)) قال: فالصّحیح فى المقام أن یقال: ان الطائفتین من اظهر انحاء المتعارضین فان کل واحدة منهما تنفى ما تثبته الأخرى، فلا محیص فیهما من الترجیح بمرجحات باب المعارضة المقررة فى بحث التعادل و الترجیح(18)
و قال((قدس سره)) فى موضع آخر: فاالضابط الکلى فى جمیع الطوائف المتقدمة الدالة على نجاسة البئر أنها ان لم تکن صریحة فى نجاسة البئر و کانت قابلة لضرب من التأویل فنحملها على تحصیل النظافة و دفع الاستفذار الطبیعى عن الماء.(19)
و هذ الکلام لا یخلو من التنا فى مع ما سبق، فان التعارض و الرجوع الى المرجحات لا یکون الا عند الیأس من الجمع الدلالى بین الطائفتین و لو مع ملاحظة القرائن و أنت ترى أن صریح کلامه الثانى هو حمل النزح على تحصیل النظافة و دفع الاستقذار الطبیعى عن الماء.
و قال((قدس سره)) فى موضع الآخر: إن المذاهب الاربعة مطبقة على انفعال ماء البئر بالملاقاة و کذا غیرها من المذاهب على ما وقفنا علیه من اقوالهم فالترجیح ایضاً مع ما دل على طهارة البئر لانها مخالفة للعامة فلا مناص حینئذ من حمل اخبار النجاسة على التقیة.
هذا على ان الاخبار المذکورة قرینة على أنهم((علیهم السلام)) لم یکونوا بصدد بیان الحکم الواقعى و انما کانوا فى مقام الاجمال و التقیة و هذا کما فى صحیحة محمد بن اسماعیل بن بزیع.(20)
حیث سأل عما یطهر البئر فاجاب((علیه السلام)) بقوله: ینزح دلاء منها، فان الدلاء جمع یصدق على الثلاثة لا محالة و لا قائل من الفریقین بمطهریة الدلاء الثلاثة للبئر و الزائد عنها غیر مبیّن فى کلامه((علیه السلام)).
أقول: ان لم یکن نزح الثلاثة موافقاً لأحد من مذاهب العامة فکیف یتحقق به التقیة، و هذا نظیر ما نتوضأ فى مرءآهم و لم نغسل الرجل و لم نمسح و ترکنا هما فکیف تتحقق التقیة بل هذا یوجب بغضهم الاکثر.
فعلیه یکون هذا و امثاله مؤکّدة لما ذکرناه من الحمل على التنزه و الاستحباب و رفع التنفر.
ففى موثقة اسحاق بن عمار عن جعفر عن ابیه((علیهما السلام)) ان علیا((علیه السلام)) کان یقول: الدجاجة و مثلها تموت فى البئر ینزح منها دلوان او ثلاثة.(21)
و عن الصادق((علیه السلام)) فى العصفور دلو واحد.(22)
و فى روایة على بن ابى حمزة عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال سألته عن بول الصبى الفطیم یقع فى البئر، فقال دلو واحد.(23)
فمثل هذه النصوص یبعّد الحمل على التقیة و لا یقربه أصلا و قد یقال: ان طهارة البئر على خلاف اجماع المتقدمین من الاصحاب و الالتزام بها خرق للاتفاق القطعى بینهم و هو لایجوز.
قلت الاتفاق بینهم مبنى على الاخبار الآمرة بالنزح فلا یکون اجماعا تعبدیاً کاشفا عن رأى المعصوم فاذا ناقشنا فى دلالتها على النجاسة کما عرفت فلا یعتمد على الاجماع المذکور اصلا، فالنتیجة ان ماء البئر لا ینفعل الاّ بالتغیر، و النزح مع عدمه انما هو للتنزه و رفع النفرة و القذارة العرفیة
بقى الکلام فى القول الثالث و هو التفصیل بین الکر و عدمه فلا ینفعل بالملاقاة ان کان کراً و ینفعل بها اذا لم یکن کراً و نسب هذا القول الى الحسن البصروى.
و ما یمکن ان یستدل به لهذ القول وجوه:
الاول: موثقة عمار قال سأل ابو عبدالله((علیه السلام)) عن البئر یقع فیها زبیل عذرة یابسة اورطبة فقال: لا بأس اذا کان فیها ماء کثیر(24)
الثانى: مارواه الحس بن صالح الثورى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: اذا کان الماء فى الرّکى، لم ینجسه شیئ، قلت و کم الکر؟ قال: ثلاثة اشبار و نصف عمقها فى ثلاثة اشبار و نصف عرضها(25)
الثالث: صحیحة ابن بزیع عن الرضا((علیه السلام)): قال: ماء البئر واسع لا یفسده شیئ إلاّ ان یتغیّر ریحه او طعمه فینزح حتى یذهب الریح و یطیب طعمه لان له مادة(26)
و المراد بالوسعة هو الکثرة.
الرابع: ان النصوص الدالة على عدم انفعال البئر بالملاقاة تحمل على الغالب و هو کریتها، فیبقى ما دلّ من النصوص على انفعال القلیل بالملاقاة بلامعارض.
الخامس ان نصوص النزح الدالة على انفعال البئر بالملاقاة لا تشمل ما اذا کان ماء البئر کرا لامتناع ان تکون المادة سبباً للانفعال
قلت: الظاهر عدم تمامیة هذه الوجوه: أمّا الموثقة فاعتبار الکثرة فیها انما هو لعدم حصول التغیر فان الذنبیل من العذرة یغیّر الماء الا اذا کان کثیراً و لم یثبت للشارع الأقدس اصطلاح فى الکثرة بمعنى الکریة، بل الظاهر من الکثرة الکثرة العرفیة المانعة من التغیر فى الماء لا الکریة المعتبرة فى عدم انفعال الماء بالملاقاة فان الکر الواحد یغیر بذنبیل العذرة، فالموثقة مفصلة بین التغیر و عدمه.
و اما روایة الثورى فضعیفة السند فان حسن بن صالح الثورى لم یوثق و لم یعمل بها القائلون بالانفعال و لا القائلون بعدمه.
و اما صحیحة ابن بزیع فالوسعة فیها اشارة الى اتصال ما فى البئر بالمادة فى اعماق الأرض سوا کان المجتمع فیها کراً اواقل فهى مفصّلة بین التغیرو عدمه فان تغیّر ینفعل وإن کان مافیها کراً وان لم یتغیر،لا ینفعل و ان کان اقل من الکر.
و اما غلبة الکریة فى ماء البئر و ان لم تکن بعیدة الا ان الجمع بین نصوص اعتصام البئر و ما دل على انفعال القلیل بالملاقاة یکون بحمل الثانى على غیر ماء البئر، فلو بنى على التقیید بالکر لم تبق خصوصیة لماء البئر و هذا على خلاف ظاهر نصوصه.
على ان هذالقول مردود عند القدماء و المتأخرین فان القدماء قائلون بانفعال البئر بالملاقاة بلا فرق بین الکر و القلیل و التغییر و عدمه
و المتأخرون قائلون بعدم انفعالها الا بالتغییر بلا فرق بین الکر و عدمه
و اما الخامس: فنقول فیه ان المادة کما لا تکون سبباً للانفعال فیما اذا کان ما فى البئر کراً کذلک تکون مانعة عن الانفعال الا عند التغییر و ان لم یکن کراً لما عرفت من صحیحة ابن بزیع و صحیحة معاویة بن عمار و غیرهما من ان العبرة بالتغیر فان تغیر ینفعل و الافلا، و لا فرق فى ذلک بین ان یکون ما فى البئر کراً او غیره.
(2) خلافاً للشیخ الطوسى((قدس سره)) حیث ذهب الى وجوب النزح تعبدا و تبعه العلاّمة فى المنتهى و بعض آخر واستدل له بانه مقتضى الجمع بین الدّلیلین فان نصوص النزح و ان کانت ظاهرة فى الارشاد الى النجاسة و لکنّا نرفع الید عن هذالظهور بقرینة النصوص الدّالة على الطهارة بعد الملاقات ما دام لم یتغیر ماء البئر فنحملها على وجوب النزح تعبّداً.
و فیه: ان الحمل على التعبّد بعید عن فهم العرف فنحمل نصوص النزح على الارشاد الى القذارة العرفیة و هو قریب الى فهمهم عند عدم امکان الاخذ بظاهرها و هو الارشاد الى النجاسة
و بعبارت اخرى ان لم یمکن الأخذ بظاهرها و هو الارشاد الى القذارة التى تسمى بالنجاسة، نحملها على الارشاد الى القذارة الضعیفة التى لا تسمى بالنجاسة، فان المرتکز فى الأذهان أن ملاقاة النجاسة للبئر توجب نوعاً من القذارة و لکن الشارع لم یرها مانعة من الشرب و الوضوء و الصلوة ما دامت لم تکن موجبة للتغیّر و مع ذلک استحب النزح لرفع هذه القذارة
(3) لما تقدم من ان ما لیس له المادة ان لم یبلغ قدر الکر ینفعل بالملاقاة و لا یجدى تسمیته بئراً فان الاحکام الخاصة تترتب على البئر التى لها مادة.
1- س ج 1 ب 19 من ابواب الماء المطلق ح2و7 ص137
2- س ج 1 ب 19 من ابواب الماء المطلق ح2و7 ص137
3- س ج 1 ب 22 من ابواب الماء المطلق ح 7 ص143
4- س ج 1 ب 19 من ابواب الماء المطلق ح4 ص138
(5)(6)- س ج 1 ب17 من ابواب الماء المطلق ح5و8ص135
7- س ج 1 ب 15من ابواب الماء المطلق ح4ص132
8- س ج 1 ب16 من ابواب الماء المطلق ح2 ص133
9- س ج 1 ب14 من ابواب الماء المطلق ح6 ص126
10- س ج 1 ب14 من ابواب الماء المطلق ح8،9،10،و5 ص127و126
(11)(12)(13)- س ج 1 ب14 من ابواب الماء المطلق ح8،9،10،و5 ص127و126
14- س ج 1 ب 14 من ابواب الماء المطلق ح13،19،21 ص128،129و130
(15)(16)- س ج 1 ب 14 من ابواب الماء المطلق ح13،19،21 ص128،129و130
17- س ج1 ب17 من ابواب الماء المطلق ح2ص134
(18)(19)- التنقیح ص296و303
20- س ج 1 ب 14 من ابواب الماء المطلق ح 21 ص 130
21- س ج 1 ب 18 من ابواب الماء المطلق ح 3و6 ص 137
22- س ج 1 ب 18 من ابواب الماء المطلق ح 3و6 ص 137
23- س ج 1 ب 16 من ابواب الماء المطلق ح 2 ص 133
24- س ج 1 ب 14 من ابواب الماء المطلق ح15ص128
25- س ج 1 ب9 من ابواب الماء المطلق ح8 ص118
26- س ج 1 ب 14 من ابواب الماء المطلق ح6و7 ص126و127
مساله 1 ص (367 - 369)
▲ مساله 1 ص (367 - 369)
124(مسألة1) ماء البئر المتصل بالمادة اذا تنجس بالتغیّر، فطهره بزواله و لو من قبل نفسه(1) فضلا عن نزول المطر علیه او نزحه حتى یزول. و لا یعتبر خروج ماء من المادة فى ذلک(2)
(1) قد یقال: ان الارتکاز العرفى مانع من اعتبار خصوصیة النزح فى الطهارة، فیکفى زواله من قبل نفسه.
و فیه ان الظاهر من شرطیة النزح فى حصول الطهارة هو زوال التغیر باخراج الماء المتغیر النجس و تعویضه بماء طاهر الذى ینبع من المادة فطهارته بزوال التغییر من قبل نفسه مشکل، فالنزح ان لم یکن اقوى فلا شبهة فى کونه احوط.
نعم اخراج الماء المتغیر بالمکائن الکهربائیة کاف لأنّ المقصود من النزح و هو تعویض ماء نجس بطاهر، یتحقق به و التعبیر بالنزح انما هو لعدم وجود وسیلة اخرى لاخراج الماء من البئر فى ذلک الزمان غیره و الا فلا خصوصیة له.
و من ذلک یظهر انه لو قلنا بمقالة المشهور بین القدماء من نجاسة ماء البئر
بالملاقاة بلا حصول التغییر و وجوب نزح الاربعین او الخمسین دلواً مثلا یکفى اخراج ماء البئر بذلک المقدار فى حصول الطهارة بالمکائن الحدیثة الکهر بائیة فان العرف لا یرى الموضوعیة للنزح بالدلو فى ذلک
(2) اما اذا اتصل بالجارى او المطر فیطهر بعد زوال التغیر و ان لم یخرج من المادة شئ
و اما اذا زال التغیر بنفسه فقد عرفت الاشکال فى حصول الطهارة، فان النزح الموجب لزوال التغیر و حصول الطهارة یلازم تعویض الماء النجس بماء طاهر فمع عدمه و بقائه بحاله یشکل ان یستفاد من الصحیحة طهارته.
و ینبغى التنبیه على امر و هو أن الاستاذ((قدس سره)) قال: اذا وقع فى البئر ما یوجب نزح اربعین او خمسین او غیرهما من المقدرات غیر نزح الجمیع، فهل یکفى فى تطهیرها نزح المقدر مرة واحدة بمثل دلو کبیر یسع الاربعین او غیره من المقدرات او بالمکائن الجدیدة، و نحوها، او لابد فیه من نزح المقدر دلواً فدلواً الى أن ینتهى و یتم، التحقیق هو الثانى لانه مقتضى الجمود على ظواهر الاخبار حیث دلّت على نزح اربعین دلواً و نحوه ولایستفاد منها کفایة مطلق الاخراج و الاعدام و لاسیما انا نحتمل بالوجدان ان یکون للنزح التدریجى خصوصیة دخیلة فى حصول الغرض واقعاً فان المادة یمکن ان تدفع بدل المتحلّل من الماء اذا نزح شیئاً فشیئاً و لیس الامر کذلک فیما اذا نزح منها مقدار ثلاثین او اربعین دلواً مرة واحدة فان المادة لا تدفع الماء بهذا المقدار دفعة، و من المحتمل ان یکون لخروج الماء من المادة بمقدار المتحلل بالنزح مدخلیة فى حصول الغرض شرعاً.(1)
اقول لا یمکن المساعدة على ما افاده((قدس سره)) و ذلک لان النزح التدریجى اذا کان کافیا فى حصول الطهارة کما هو مدلول النص، کان النزح الدفعى أو السریع بالمکینة، کافیاً بالاولیة القطعیة فان النزح التدریجى یوجب نزح مقدار من الماء الطاهر الخارج من المادة مع النجس طبعاً و یبقى مقدار من الماء النجس فى البئر حتى بعد اکمال اربعین دلواً، اما اذا اخرجناه بالدلو الکبیر او المکینة السریعة الحدیثة فالخارج هو النجس بتمامه و الباقى هو الطاهر الخارج من المادة الشاغل مکان النجس، فکیف لا یکون موجبا لطهارة البئر.
1- التنقیح ج1 ص306
مساله 2 ص (369 - 370)
▲ مساله 2 ص (369 - 370)
125(مسألة2) الماء الراکد النجس کراً کان أو قلیلا یطهر بالاتصال بکر طاهر او بالجارى او النابع غیر الجارى و ان لم یحصل الامتزاج على الاقوى، و کذا بنزول المطر(1)
(1) قال الاستاذ((قدس سره)) ان اتصال الماء النجس بالکر او الجارى و غیرهما من المیاه العاصمة یطهّره کما عرفت فهل یکفى ذلک فى تطهیر الآبار المتنجسة ایضاً على القول بانفعالها، او ان طریق تطهیرها یختصّ بالنزح؟
الثانى هو الظاهر لان العمدة فى کفایة الاتصال بالکر و الجارى و امثالهما انما هو التعلیل الوارد فى صحیحة محمد بن اسماعیل بن بزیع (لان له مادة) حیث تعدّینا بعمومه الى کل ماء عاصم، فاذا بنینا على نجاسة البئر و رفعنا الید عن هذه الصحیحة باعراض المشهور عنها او بتأویلها لم یبق هناک دلیل على کفایة الاتصال بالعاصم، و ینحصر تطهیر البئر بالنزح.(1)
اقول: الدلیل لا ینحصر بصحیحة ابن بزیع فان صحیحة حنان بن سدیر المتقدمة تدل على کفایة الاتصال با العاصم فى عدم الانفعال، فکما ان المادة الجعلیة و هى الخزانة فى الحمام دافعة للنجاسة و رافعة لها فکذا المادة الاصلیة کالجارى و المطر فاذا اتصلا بالبئر النجس یطهرانها بلااشکال.
1- التنقیح ج1 ص308
مساله 3 ص(370)
▲ مساله 3 ص(370)
126(مسألة3) لا فرق بین انحاء الاتصال فى حصول التطهیر فیطهر بمجرده و ان کان الکر المطهر مثلا اعلى و النجس أسفل، و على هذا فاذا ألقى الکر لا یلزم نزول جمیعه، فلو اتصل ثم انقطع کفى. نعم اذا کان الکر الطاهر اسفل، و الماء النجس یجرى علیه من فوق، لا یطهر الفوقانى بهذا الاتصال(1)
(1) لعدم صدق المادة على الکر الاسفل بالنسبة الى ما یجرى علیه من فوق فان صحیحة ابن بزیع: (لان له مادة) لایشمل المقام و کذا صحیحة حنان فان قوله((علیه السلام)): الیس هو جار؟ ظاهر فى الجریان من المادة الى الحوض الصغیر، فلا یشمل جریان القلیل الى الکر، فلا یتقوى العالى بالسافل الا اذا کان السافل دافعاً بقوة الکهر باء و امثاله.
و کان على الماتن ان یستثنى مثل المقام فى اوائل فصل الحمام بل هناک قال بالعکس: (من غیر فرق بین تساوى سطحها مع الخزانة او عدمه) و یمکن ان یکون مراده((قدس سره)) هناک مثل المقام و ان کانت عبارته قاصرة.
مساله 4 ص (370)
▲ مساله 4 ص (370)
127(مسألة4) الکوز المملؤ من الماء النجس اذا غمس فى الحوض یطهر و لا یلزم صب مائه و غسله(1)
(1) صحّ ما افاده ان لم ینفذ الماء النجس فى اعماقه و الا فلابد من وضعه فى الکر أو الجارى بمقدار ینفذ الماء الطّاهر فى اعماقه و الا فیطهر ظاهره دون باطنه.
مساله 5 ص (371)
▲ مساله 5 ص (371)
128(مسألة5) الماء المتغیر اذا القى علیه الکر فزال تغیره به یطهر، و لا حاجة الى القاء کر آخر بعد زواله(1) لکن بشرط ان یبقى الکر الملقى على حاله من اتصال اجزائه، و عدم تغیره، فلو تغیر بعضه قبل زوال تغیر النجس او تفرق بحیث لم یبق مقدار الکر متصلا باقیاً على حاله، تنجس و لم یکف فى التطهیر و الاولى ازالة التغیر أولا ثم القاء الکر او وصله به.
(1) لتحقق الاتصال بالعاصم و زوال التغیر، و لا دلیل على اعتبار کون الاتصال به بعد زوال التغیر، فان عمدة الدلیل على ان الاتصال بالمادة مطهر هى صحیحة ابن بزیع و موردها التغیّر مع الاتصال بالمادة، فکما ان هناک زواله کاف فى التطهیر فکذا فى المقام.
نعم اذا کان الکر الطاهر کراً بحده و تغیّر جزء منه بالملاقاة مع المتغیر تنجس الجمیع لان القلیل قد لاقى الماء المتغیر بالنجاسة.
و کذا الکلام لوالقى الکر على المتغیر بالتدریج فان کلما القى ینفعل بالملاقاة بل لو القینا نصف الکر اولا ثم القینا نصفه الآخر ثانیا تنجس الجمیع.
مساله 6 ص (371 - 384)
▲ مساله 6 ص (371 - 384)
129(مسألة6) تثبت نجاسة الماء -کغیره- بالعلم(1) و بالبینة و بالعدل الواحد على اشکال لا یترک فیه الاحتیاط(2) و بقول ذى الید و ان لم یکن عادلا(3) ولا تثبت بالظن المطلق على الاقوى(4)
(1) اختلقوا فى المقام على اقوال ثلاثة: احدها أنها تثبت بالظن مطلقا و نسب هذالقول الى الحلبى ابى صلاح
ثانیها انها لا تثبت الا بالعلم الوجدانى و نسب هذا القول الى ابن البراج
ثالثها ما هو المشهور بین الأصحاب من ثبوتها بالعلم و بعض الظنون و بما لا یوجب الظن کالاستصحاب ولا تثبت بمطلق الظن
و استدل للأول بان اکثر الاحکام الشرعیة ظنى و مبنى علیه و النجاسة من الاحکام فتثبت به.
و فیه ان کون اکثر الاحکام الشرعیة ظنیا لا یثبت حجیة مطلق الظن، فکل ظن قام الدلیل على حجیته فى الموضوعات تثبت به بل قد تثبت بما لا یوجب الظن کالاستصحاب و ما لا دلیل على حجیته لا تثبت به بل لو قلنا بتمامیة مقدمات دلیل الانسداد و حجیة مطلق الظن، لا مجال للقول بثبوت النجاسة بمطلقه فان نتیجة دلیل الانسداد (لو تمّت مقدماته) هى حجیة الظن فى الاحکام الکلیة الالهیة لافى الموضوعات الخارجیة و الاحکام الجزئیة کنجاسة هذالماء و حرمة شربه،، فهذا القول لا دلیل علیه اصلا.
و أمّا القول الثانى فقد استدل له بروایتین احدیهما موثقة عمار عن ابى عبدالله((علیه السلام)) (فى حدیث) قال: کل شیئ نظیف حتى تعلم انه قذر، فاذا علمت فقد قذر و ما لم تعلم فلیس علیک(1)
ثانیتهما مارواه حفص بن غیاث عن جعفر عن ابیه عن على((علیه السلام)) قال: ما ابالى أبول اصابنى او ماء اذا لم اعلم(2) فانهما تدلاّن على اعتبار العلم فى ثبوت النجاسة.
و فیه ان العلم قد اخذ طریقا للنجاسة و الامارات المعتبرة تقوم مقامه لان ادلة اعتبارها یجعلها علما تعبدیاً فتکون حاکمة على ما دل على اعتبار العلم بها.
و من الأمارات المعتبرة البینة و هى شهادة عدلین و استدلوا على اعتبارها بوجوه: الاول الاجماع على اعتبارها بین الاصحاب و هذالاجماع و ان لم یکن اجماعاً تعبدیا کاشفا عن قول المعصوم الا انه یوکّد ان النصوص الدالة على اعتبار البینة تدل على اعتبارها مطلقا الا فى موارد نادرة کالزنا و اللواط و السحق و الدعوى على المیت فان الثلاثة الاولى لا تثبت بشهادة عدلین و تثبت باربعة عدول و الدعوى على المیت لا تثبت بها الا اذا ضم الیها الیمین.
الوجه الثانى الأولویة القطعیة فان البینة حجة عند الترافع و المخاصمة و قد قدمت على ما فى قبالها من الحجج کالید و اخبار الثقة و الاستصحاب و اصالة البرائة و نحوها فاذا ثبتت حجیتها عند التخاصم مع ما فیها من المعارضات والمخاصمات تثبت عند عدم المعارضة بطریق اولى و على الجملة اعتبار البینة شرعا مطلقا غیر قابل للانکار.
و قد ناقش سیدنا الاستاذ فى هذه الأولویة بأن المخاصمة و المرافعة لابد من حلها و فصلها بشیئ، حیث ان فى بقائها بحالها ینجر الامر الى اختلال النظام فما به ترتفع المخاصمات لا یلزم ان یکون حجة على الاطلاق حتى فى غیر موارد المرافعة، و من هنا نرى ان الایمان مما تفصل به الخصومات شرعاً مع انها لا تعتبر فى غیر موارد المرافعة وعلى الجملة لا تقاس الخصومة بغیرها فالأولویة لا ساس لها.
و فیه اولا ان فى کثیر من الموارد لا یکون البینة للمدعى و مع ذلک لم یختل النظام، و الخصومات فصلت بتوجیه الیمین الى المنکر فان حلف سقط الدعوى و ان لم یحلف یوجهه على المدعى فان حلف ثبت الدعوى و ان نکل سقط الدعوى.
و ثانیاً ان البینة لو لم تکن حجة قبل التخاصم و المرافعة لأمکن للشارع ان یعتبر الحلف اولا للمدعى فان لم یحلف وجّهه للمنکر.
و ثالثاً ان النصوص الدالة على اعتبار البینة لا تختص بالمخاصمة الا ترى انه اذا مات احد لم یعرف له وارث و جاء احد انه ابن المتوفّى و قام البینة فیعطى الارث له و کذا اذا ادعى الدّین على المیت و اقام بینة و حلّفه القاضى مع اقامة البینة فیعطى الدین من ترکة المیت و ان کان الوارث صغاراً لا تقدر على النفى او کان کبیراً و لا ینفیه و یقول لا اعلم بالدین
و کذالوادعى النسب من بنى هاشم لاجل اخذ الخمس فاذا اقام بینة على انه من بنى هاشم یعطى الخمس اذا کان فقیراً.
و کذا لو التقط اللقطة و اراد ان یعّرفها سنة فجاء احد و اقام بینة على انه له یعطى له، و کذا فى غیرها من الموارد الکثیرة، فحجیة البینة لا تختص بالتخاصم بل هى اوسع منه و لم یناقش فى حجیتها أحد من الاصحاب.
الثالث مارواه مسعدة بن صدقة کل شیئ هو لک حلال حتى تعلم انه حرام بعینه فتدعه من قبل نفسک و ذلک مثل الثوب یکون علیک قد اشتریته و هو سرقة و المملوک عندک لعلّه حرّ قد باع نفسه، أو خدع فبیع قهرا أو امرأة تحتک و هى اختک أو رضیعتک، و الاشیاء کلها على هذا حتى یستبین لک غیر ذلک، او تقوم به البینة.(3)
سندها محل کلام حیث ضعّف المسعدة العلامة و المجلسى و لکن الظاهر ان الروایة موثقة فان مسعدة وقع فى اسانید کامل الزیارات و جعفر بن محمد به قولویه وثق الرّجال الواقعة فى اسانیده فهو موثق و تضعیف العلامة و المجلسى و غیرهما لا یعارضه لانه من القدماء و قریب العهد باصحاب الأئمة((علیهم السلام))
و یؤیده أن الاصحاب ذکروا فى مدحه ان روایاته غیر مضطرب المتن و أن مضامینها موجودة فى سائر الموثقات، فاذن لا بأس فى سندها.
و لکن سیدنا الاستاذ((قدس سره)) ناقش فى دلالتها بان لفظة البینة لم تثبت لها حقیقة شرعیة و لا متشرعیة و انما استعملت فى الکتاب و الاخبار بمعناها اللغویة و هو ما به البیان و ما به یثبت الشیئ و منه قوله تعالى: جاءَتهم رسلهم بالبینات و با الزّبر(4)
و قوله تعالى: حتى تأتیهم البینة(5)و قولى تعالى: ان کنت على بینة من ربّى(6) و غیرها من الموارد.
و کذا ما ورد عن النبى((صلى الله علیه وآله وسلم)) فى صحیحة هشام بن الحکم من قوله: انما اقضى بینکم بالبینات و الایمان.(7)
الى ان قال: و على الجملة لم یثبت ان البینة بمعنى عدلین فى شیئ من تلک الاستعمالات و انما هى بمعناها اللغوى کما مّر و البینة بهذا المعنى اصطلاح بین العلماء و لعله ایضاً کان ثابتاً فى الدور الأخیر من زمانهم((علیهم السلام)).
و على ما ذکرناه فالروایة المتقدمة لا دلالة لها على اعتبار البینة بمعنى شهادة عدلین، بل لابد من احراز حجیتها من الخارج.
نعم لما علمنا خارجاً ان الشارع کان یعتمد على اخبار العدلین فى المخاصمات و فى موارد القضاء بین الناس، استکشفنا من ذلک ان اخبار العدلین ایضاً من مصادیق الحجة و ما به البیان و بهذا نحرز انه حجة على نحو الاطلاق من غیر ان یختص اعتباره بموارد الخصومة و القضاء، لان اعتماد الشارع علیه یدلنا على ان اخبار العدلین حجة معتبرة فى مرتبة سابقة على القضاء لا انه صار حجة بنفس القضاء (الى ان قال): و هذا غایة ما امکننا من اقامة الدلیل على حجیة البینة فى الموضوعات، و ما ذکرناه ان تم فهو، و الا فلا دلیل على ثبوت النجاسة بالبینة.
قلت: ما أفاده من عدم ثبوت الحقیقة الشرعیة للبینة بمعنى شهادة عدلین فى الکتاب و فى کلمات الرسول((صلى الله علیه وآله))فهو صحیح فانها اطلقت فیهما بمعنى الحجة لا شهادة العدلین فهى من احد مصادیقها.
و اما انکاره للحقیقة المتشرعیة فلا یمکن المساعدة علیه فان المستفاد من الروایات الکثیرة ان البینة اطلقت و ارید منها شهادة عدلین:
منها صحیحة ابى بصیر(8): اکثرهم بینة یستحلف و تدفع الیه
و منها صحیحة حمران بن اعین(9) حیث عبّرتارة بشهود و اخرى بالبینة.
و منها موثقة سماعة(10): و اقام کل واحد منهما بیّنة سواء فى العدد
و منها صحیحة منصور(11): لان الله عزوجل انما امران تطلب البینة من المدعى.
و منها مارواه عبدالله بن سنان(12): و أقام کل واحد منهما البینة سواء فى العدد
و منها موثقة ابن ابى یعفور(13): و ان کانت علیه بینة عادلة؟.
و منها صحیحة الحلبى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سألته عن الرّجل یطلّق امرأته و هو غائب عنها من أىّ یوم تعتّد به؟ فقال: ان قامت لها بینة عدل أنّها طلّقت فى یوم معلوم و تیقنت فلتعتدّ من یوم طلقت(14)
و منها صحیحة هشام بن الحکم عن ابى عبدالله((علیه السلام)) انه قال فى من صام تسعة و عشرین قال: ان کانت له بیّنة عادلة على اهل مصر أنّهم صاموا ثلاثین على رؤیته، قضى یوماً(15)
و یستفاد من النصوص ان العمل على البینة و شهادة عدلین مماجرت علیه السیرة العملیة من المسلمین من زمن الائمة((علیهم السلام))
ففى صحیحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر((علیهما السلام)) قال: سألته عن رجلین شهدا على رجل غائب عند امرأته انه طلقها فاعتدت المرأة و تزوجت ثم ان الزوج الغائب قدم و زعم انه لم یطلّقها(الحدیث)(16)
و فى صحیحة محمد بن مسلم عن ابى عبدالله((علیه السلام)) انه قال: کان رسول الله((صلى الله علیه وآله)) لم یجز فى الهلال إلاّ شاهدى عدل(17)
و فى صحیحة عبید الله بن على الحلبى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: قال على((علیه السلام)): لا تقبل شهادة النساء فى رؤیة الهلال الاّ شهادة رجلین عدلین.(18)
و فى معتبرة زید بن على((علیه السلام)) عن ابیه عن آبائه((علیهم السلام)) قال: سئل رسول الله((صلى الله علیه وآله)) عن الساحر فقال: اذا جاء رجلان عدلان فیشهدان علیه فقد حلّ دمه.(19)
(2) استدل فى الحدائق على حجیة قول العدل الواحد بالنصوص: منها الروایات الدالة على جواز الاعتماد بأذان الثقة حیث قال: المؤذن مؤتمن.(20)
و منها ما دل على ثبوت عزل الوکیل بخبر الثقة ففى صحیحة هشام بن سالم: حتى یبلغه العزل عن الوکالة بثقة.(21)
و منها ما دل على ثبوت الوصیة بإخبار الثقة کما فى موثقة اسحاق بن عمار عن ابى عبدالله((علیه السلام)).(22)
و منها ما دل على الاعتماد على قول البایع کما فى صحیحة حفص بن البخترى، عن ابى عبدالله((علیه السلام)) فى الرّجل یشترى الأمة من رجل فیقول: إنّى لم أطأها، فقال: ان وثق به فلا بأس أن یأتیها.
الظاهر ان هذه النصوص تدل على اعتبار خبر الثقة فلا یدل على اعتبار خبر العدل، فان النسبة بینهما عموم من وجه، فیمکن ان یکون عادلا و لم یکن ثقة کما اذا کان آتیاًبالواجبات و تارکا للمحرمات و لم یکن ضابطاً و کان کثیر السهو و النسیان.
و لکن العمدة فیه هو سیرة المتشرعة و العقلاء فانهم یعملون بخبر الثقة فى معاشهم و معادهم و لم یردع عنه الشارع. قد یقال: انه یکفى فى الردع موثقة مسعدة بن صدقة المتقدمة، فانها مانعة عن العمل الا عند الاستبانة و هو القطع او قیام البینة.
و یدفع ذلک اولا بان محل البحث هو خبر الثقة و هو یوجب الوثوق و الاطمینان فهو داخل فى قوله یستبین لک غیر ذلک.
و ثانیاً ان الاستبانة اعم من الاستبانة الوجدانیة والتعبدیة و الا فلم یبق مجال للعمل بالاستصحاب و الید مع ان العمل بهما فى الموضوعات مورد للاتفاق.
و یشهد لما ذکرنا قوله((علیه السلام)): رفع ما لا یعلمون فانه عام لعدم العلم و عدم قیام الحجة فان خبر الواحد و الاستصحاب و ظواهر الالفاظ و ان لم توجب العلم و لکن ادلّة حجیتها نزلتها منزلة العلم فکما ان العلم اعم من الوجدانى و التعبدى، فکذلک الاستبانة فعند العلم یتحقق الاستبانة القطعیة و عند قیام الحجة یتحقق الاستبانة التعبدیة و کذا فى مورد الاستصحاب.
و هل یعتبر فى حجیة خبر الثقة الوثوق الفعلى اولا؟ بل یکفى الوثوق النوعى و ان لم یحصل الوثوق فعلا؟
ذهب سیدنا الاستاذ((قدس سره)) الى الثانى و قال: و لا نعتبر الوثوق الفعلى ایضاً فى اخباره فان اللازم ان یکون الخبر موثوقا به فى نفسه سواء افاد اخباره الوثوق للسامع فعلا ام لم یفده.
اقول ما افاده((قدس سره)) یشکل اتمامه بدلیل و لا سیما أنه یرى الدلیل على اعتباره السیرة و بناء العقلاء و هم لا یبنون على شیئ تعبداً بل بنائهم کاشف عن حکم العقل و هو لا یحکم بحجیة خبر الثقة تعبداً بل یحکم بها لاجل کشفه عن الواقع و کونه طریقاً الیه نظیر العلم، فلا بناء للعقلاء تعبداً فاذن لابد من الوثوق الفعلى لقیام الخبر.
و بعبارة اخرى بناء العقلاء و سیرتهم دلیل لبّى و القدر المتقین منه هو اعتبار الخبر فیما اذا اوجب الوثوق الفعلى فاذا لم یکن موجبا لذلک فلا یحرز البناء من العقلاء على العمل به.
(3)على المشهور بین المتأخرین و عن صاحب الحدائق انّ ظاهر الاصحاب الاتفاق علیه و استدل علیه بامور:
الاول السیرة القطعیة المستمرة الى زمانهم((علیهم السلام)) فانها على العمل بخبر ذى الید بلا اشکال.
الثانى الروایات الواردة فى زیت متنجس:
منها صحیحة معاویة بن وهب عن ابى عبدالله((علیه السلام)) فى جرذ مات فى زیت ، ما تقول فى بیع ذلک؟ فقال: بعه و بینه لمن اشتراه لیستصبح به(23)
و منها ما رواه اسماعیل بن عبدالخالق عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سأله سعید الاعرج السّمان و انا حاضر عن الزیت و السّمن و العسل تقع فیه الفأرة فتموت کیف یصنع به؟ قال: اما الزیت فلا تبعه الاّ لمن تبیّن له فیبتاع للسراج و أمّا الاکل فلا.(24)
فلو لم یکن اخبار ذى الید حجة لم یکن وجه لبیان نجاسة الزیت،
و منها صحیحة معاویة بن عمار قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن الرجل من اهل المعرفة بالحقّ یأتینى بالبختج و یقول: قد طبخ على الثلت و أنا أعرف انّه یشربه على النصف أفأشربه بقوله و هو یشربه على النصف؟ فقال: لاتشربه، قلت: فرجل من غیر أهل المعرفة ممّن لانعرفه یشربه على الثلث و لا یستحلّه على النصف یخبر نا أنّ عنده بختجاً على الثلث قد ذهب ثلثاه و بقى ثلثه یشرب منه؟ قال: نعم(25)
و منها صحیحة معاویة بن وهب عن البختج، فقال: اذا کان حلواً یخضب الأناء و قال صاحبه: قد ذهب ثلثاه و بقى الثلث فاشربه.(26)
و المستفاد من هاتین الصحیحتین ان قول ذى الید یسمع اذا لم یکن متهماً فان شربه على النصف کما فى الاولى یوجب الاتهام بالکذب، کما ان عدم کونه حلوا مع عدم خضب الاناء یوجب الاتهام بالکذب، فان ما ذهب ثلثاه یکون حلوا و یخضب الاناء.
ثم إن هناروایتین ربما یکون ظاهرهما المنافاة لما عرفت: احدیهما موثقة عمار عن ابى عبدالله((علیه السلام)) فى حدیث انه سأل عن الرجل یأتى بالشراب، فیقول: هذا مطبوخ على الثلث، قال: ان کان مسلماً و رعاً مؤمناً (مأموناً) فلا بأس ان یشرب(27)
الثانیة صحیحة على بن جعفر عن اخیه، قال: سألته عن الرّجل یصلّى الى القبلة لا یوثق به أتى بشراب یزعم انه على الثلث، فیحل شربه؟ قال: لا یصّدق الاّ أن یکون مسلماً عارفاً.(28)
قال السید الحکیم((قدس سره)): المتعین حملهما على الاستحباب لصراحة الصحیح الاول بعدم اعتبار الورع و الایمان و التفکیک بینهما و بین الاسلام بعید.
و لکن الظاهر ان الجمع الدلالى الذى ذکره بعید فلا مجال للحمل على الاستحباب بل تعارضا، و بما ان هاتین الروایتین مخالفتان للعامة فلابد من الاخذ بهما و طرح الاولى، فعلیه یعتبر فى المقام ان یکون المخبر مسلما عارفاً و اما اعتبار الورع فیحمل على الافضلیة.
ثم ان الاستاذ قال: یمکن ان یستدل على اعتبار اخباره بالطهارة بما علل به جواز الشهادة استناداً الى الید: من انه لو لا ذلک لما بقى للمسین سوق(29)
و تقریب ذلک: انا نعلم بنجاسة جملة من الاشیاء بالوجدان کنجاسة یدزید و لباسه و لا سیما فى الذبایح، للعلم القطعى بنجاستهابالدم الذى یخرج عنها بعد ذبحها، فلو لم نعتمد على اخبار ذى الید بطهارة تلک الاشیاء بعد تنجسها، للزم الحکم بنجاسة اکثر الاشیاء و هو یوجب اختلال النظام و معه لا یبقى للمسلمین سوق.(30)
اقول: لا یمکن المساعدة على ما افاده((قدس سره))، فان هنا امرین احدهما الید و هى امارة على مالکیة ذیها،
ثانیهما اخبار ذى الید و هو محل البحث فعلا، هل یکون معتبراً فى اثبات الطهارة و النجاسة ام لا؟
و من الواضح ان الید امارة على مالکیة ذى الید کما تدل علیها هذه الروایة المشار الیها و هو واضح.
و اما اخبار ذى الید فلا تدل هذه الروایة على اعتباره اصلا، و لا یلزم من عدم اعتباره اختلال النظام بوجه، فلوا خبر بطهارة اللّحم الذى یبیعه او السکین الذى بیده مثلا، و لم نقبله نطهر اللحم و السکین فاین اختلاف النظام؟
و لا یقاس هذا بالید التى هى امارة المالکیة، فان من عدمها یلزم اختلال النظام جزماً، لانه لامجال لنا من شراء شیئ من السوق، لأنّ کلما اردنا شرائه، نحتمل انه لیس ملکالذى الید لاحتمال الغصب و السرقة و المعاملة الباطلة.
فالمتحصل مما ذکرنا ان اخبار ذى الید بالنجاسة یسمع مطلقا، و امّا الاخبار بالحلیة و الطهارة بعد ما کانت الحالة السابقة هى الحرمة و النجاسة فیتوقف حجیته على کون المخبر مسلما عارفاً و ان لم یکن عادلا.
(4) کما هو المشهور بین الاصحاب بل لم ینقل الخلاف الا عن ظاهر النهایة و صریح الحلبى، و استدل لهذا القول بوجوه:
الأوّل ان اکثر الاحکام الشرعیة مبنیة على الظنون فلابد من العمل بالظن.
الثانى انه یمتنع ترجیح المرجوح على الراجح فلابد من العمل بالظن.
الثالث صحیحة على بن جعفر عن اخیه موسى((علیه السلام)) -فى حدیث- قال سألته عن رجل اشترى ثو با من السوق للّبس لایدرى لمن کان، هل تصلح الصلوة فیه؟ قال: ان کان اشتراه من مسلم، فلیصل فیه، و ان اشتراه من نصرانى فلا یصّل فیه حتى یغسله (وفى نسخة السرائر) فلا یلبسه و لا یصلى فیه.(31)
الرّابع مارواه ابو بصیر عن ابى عبدالله((علیه السلام))(32) الدالة على القاء على بن الحسین((علیهما السلام)) الفرو المجلوب من العراق لاحتمال کونه من میتة.
الجواب: اما عن الاول، فبأن مدرک الاحکام الشرعیة هى الظنون المعتبرة لا مطلق الظن فاذا قام الدلیل على حجیة ظنّ خاص نلتزم به و لا مجال للتعدى الى کل ظن فان الظّن لا یغنى من الحق شیئاً.
و اما عن الثانى فبأنا نلتزم بخلاف الظن لقیام الحجة علیه کاصل الطهارة او استصحابها او اخبار الثقة او ذى الید فانها حجة و ان کان الظن على خلافها.
و امّا عن الثالث فبان صحیحة على بن جعفر تحمل على الاستحباب و ذلک بقرینة صحیحة معاویة بن عمار قال : سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن الثیاب السابریّة یعملها المجوس و هم أخباث(أجناب) و هم یشربون الخمر و نساؤهم على تلک الحال، ألبسها و لا أغسلها و اصلّى فیها؟ قال: نعم قال معاویة: فقطعت له قمیصاً و خططته و فتلت له از راراً و رداءً من السّابرى، ثم بعثت بها الیه فى یوم جمعة حین ارتفع النّهار، فکأنه عرف ما ارید فخرج بها الى الجمعة(1)
و اما عن الرّابع فبان مقتضى الاصل، عدم تذکیة الحیوان الذى صنع منه الفرور، و قد حققنا فى محله انه اذا جرى اصالة عدم التذکیة، فلا یصلى فیه.
(1)(2)- س ج 2 ب 37 من ابواب النجاسة ح4و5 ص1054
3- س ج 12 ب4 من ابواب ما یکتب به ح4 ص60
4- الفاطر السورة: 35 - الایة 25
5- البینة السورة: -98 الآیة1
6- هود السورة:11 الآیة28
7- س ج 18 ب2 من ابواب کیفیة الحکم ح1ص169
(8)(9)(10)(11)- س ج 18 ب 12 من ابواب کیفیة الحکم ح1،9،12و14
12- س ج 18 ب12 من ابواب کیفیة الحکم ح15 ص186
13- س ج18 ب9 من ابواب کیفیة الحکم ح1ص179
14- س ج 15 ب26 من ابواب العدد ح2 ص444
15- س ج7 ب5 من ابواب احکام شهر رمضان ح13
16-س ج 15 ب 37 من ابواب العدد ح2 ص466
17- س ج18 ب14 من ابواب کیفیة الحکم ح1 ص193
18- س ج 7 ب11 من ابواب احکام شهر رمضا ح7و8ص208
19-س ج18 ب51 من ابواب الشهادات ح2 ص304
20- س ج 18 ب51 من ابواب الشهادات ح2 ص304
21- س ج 4 ب3 من ابواب الاذان و الاقامة ح2 ص618
22- س ج 13 ب2 من ابواب احکام الوکالة ح1ص286
23- س ج12ب6 من ابواب مایکتسب به ح4ص66
24- س ج 12 ب6 من ابواب ما یکتسب به5ص67
(25)(26)- س ج 17 ب 7 من ابواب الاشربة المحرمة ح4و3 ص234
27- س ج 17 ب7 من ابواب الأشربه المحرمة ح6و7 ص235
28- س ج 17 ب7 من ابواب الأشربه المحرمة ح6و7 ص235
29- س ج18 ب25 من ابواب کیفیة الحکم ح2ص215
30- التنقیح ج1 ص322
31- س ج2 ب50 من ابواب النجاسات ح1 ص1071
32- س ج 2 ب61 من ابواب النجاسات ح3 ص1081
مساله7 ص (384 - 385)
▲ مساله7 ص (384 - 385)
130(مسألة7) اذا اخبر ذوالید بنجاسته و قامت البینة على الطهارة قدّمت البینة(1) و اذا تعارض البینتان تساقطتا اذا کانت بینة الطهارة مستندة الى العلم(2) و ان کانت مستندة الى الاصل تقدّم بینة النجاسة(3)
(1) لانّها حجة اقوى و قد قامت السیرة من المتشرعة من زمن الائمّة و اصحابهم على ذلک، فان المدعى اذا اقامت البینة على مالکیته لما فى ید احد، ینتزع منه و یعطى للمدعى.
و هل یجوز الشهادة على الطهارة لاجل قاعدتها ام لا؟ الظاهر هو الثانى، فان الشهادة هو اخبار قطعى عن الواقع فمع الشک فى الطهارة کیف یخبر عن الطهارة قطعاً، نعم صح ان یقول: هو مشکوک الطهارة، فیجرى فیه قاعدتها، فاذا اخبر ذوالید بالنجاسة لم تجر قاعدة الطهارة لثبوت النجاسة تعبداً.
(2) التّساقط لیس مشروطاً بکون بینة الطهارة مستندة الى العلم بل مشروط بتکافؤ البینتین، فلو کانت بینة الطهارة مستندة الى العلم و بینة النجاسة مستندة الى الاستصحاب لامجال للقول بالتساقط، بل تقدّم بنیة الطهارة لارتفاع موضوع الاستصحاب بالبینة.
و کذ الکلام فى العکس، فلو کانت بینة النجاسة مستندة الى العلم، و بینة الطهارة مستندة الى الاستصحاب، قدم بینة النجاسة لعدم جریان الاستصحاب مع قیام البینة على النجاسة.
(3) ان کانت مستندة الى العلم و الاّ فان کانت مستندة الى استصحاب النجاسة و بینة الطهارة ایضاً کانت مستندة الى الاستصحاب تساقطتان للتکافؤ کما عرفت.
1- س ج 2 ب73 من ابواب النجاسات ح1 ص1093 و شاهد الجمع ح5 من هذالباب
مساله 8 ص (385 - 386)
▲ مساله 8 ص (385 - 386)
131(مسألة8) اذا شهد اثنان بأحد الامرین و شهد اربعة بالآخر یمکن بل لا یعبد تساقط الاثنین بالاثنین و بقاء الآخرین(1)
(1) استشکل علیه الاستاذ((قدس سره)) بان دلیل اعتبار البینة انما دلّ على اعتبار الشهادات و البینات الخارجیة و من الظاهر انه یستحیل ان یشمل کل بینة خارجیة حتى ما کان منها متعارضاً لان شمولها لاحدهما دون الآخر ترجیح بلا مرجح و شموله لهما مستلزم للجمع بین المتناقضین او الضدین، فلا محیص من سقوط المتعارضین عن الاعتبار و نسبة دلیل الاعتبار الى کل من الاکثر و الاقل على حد سواء.
اقول: غایة ما یمکن ان یوجه به کلام الماتن امور ثلاثة:
الاول أنّ حجیة البینة تکون من باب الطریقیة، فالطریقان المثبتان للواقع اقوى من طریق واحد.
الثانى ان سیرة العقلاء على ترجیح الاکثر فانهم یعملون بالاکثر عند المعارضة.
الثالث صحیحة ابى بصیر قال: سألت أبا عبدالله(ع) عن الرحل یأتى القوم، فیدعى داراً فى أیدیهم و یقیم البینة و یقیم الذى فى یده الدّار البینة أنه ورثها عن ابیه و لا یدرى کیف کان أمرها؟ قال: اکثر هم بینة یستحلف و تدفع الیه، و ذکر أنّ علیّاً((علیه السلام)) اتاه قوم یختصمون الخ(1)
و الظاهر عدم تمامیتها أما الأول، فانه لا یوجب الا الظن بالترجیح و لا دلیل على اعتبار مطلق الظن.
و امّا الثانى فلا حجیة فیه فان السیرة ان لم تکن ممضاة، فلا قیمة لها و لا دلیل على امضائها.
و امّا الثالث، فالصّحیحة، لا تدل على تقدیم الاکثر بل تدل على ترجیح الاکثر فى مقام القضاء بتوجیه الحلف الى ذیه بل هى تدل على عدم تقدیم اکثرهم بینة و الاّ لقال یقدم اکثرهم بینة، فلو قال(ع) کذلک لتعدّینا الى کل مورد کانت البینة فیه اکثر، و أمّا استحلاف ذى بینة اکثر فهو مختص بباب القضاء لأنّه لا استحلاف فى غیره و لا اثرله فیه.
1- س ج18 ب12 من ابواب کیفیة الحکم ح1صص181
مساله 9 ص (386 - 388)
▲ مساله 9 ص (386 - 388)
132(مسألة9) الکریة تثبت بالعلم و البینة و فى ثبوتها بقول صاحب الید وجه(1) و ان کان لا یخلو عن اشکال(2) کما ان فى اخبار العدل الواحد ایضاً اشکالا(3)
(1) لا اشکال فى ثبوت الکریة بالعلم و البینة کغیرها من الموضوعات الخارجیة، و اما ثبوتها بقول صاحب الید، فقد التزم به فى المستمسک قال: و السیرة العلمیة فى المقام و ان کانت غیر ثابتة لندرة الابتلاء، لکن السیرة الارتکازیة محققة فانه لاریب عند المتشرعة فى جواز الاعتماد على خبر ذى الید فى الکریة و النجاسة و غیرها مما یتعلق بما فى الید من دون فرق بین الجمیع و السیرة الارتکازیة حجة کالعملیة فلاحظ.
قلت: السیرة تطلق على الجرى العملى لا على الامر الذهنى و الارتکازى، فانه لا یتصف بالسیرة لانها منتزعة من الجرى العملى الخارجى و تحمل علیه فیقال: الجرى العملى من العقلاء و المتشرعة سیرة منهم، و اما الامر الارتکازى فهو من الأمور الجوانحى و القلبى الذى هو فى قبال العمل الخارجى فعلیه لا یمکن ان یکون مورداً لتقریر المعصوم و امضائه،
نعم لوادعى انه لا فرق فى اخبار ذى الید بین الکریة و الطهارة و النجاسة بحسب الارتکاز فانّ السّیرة العملیة جاریة على الاعتماد بخبر ذى الید فى
الاخیرین، فکذا الأول، لَما کان بعیدا و لکنه یتوقف على حصول القطع بعدم الفرق و هو مشکل.
(2) لما عرفت من عدم حصول القطع بعدم الفرق و عدم قیام الدلیل الخاص على اعتبار خبر ذى الید فى الکریة.
(3) هذالاشکال قوى ان لم یکن العادل ثقة کما اذا کان کثیر النسیان و لم یحصل الوثوق بخبره و هذا بخلاف البینة، فانها حجة تعبداً و ان لم یوجب خبرها وثوقاً.
و اما خبر الثقة اذا اوجب الوثوق فهو حجة سواء کان عادلا ام لا؟ و قد عرفت ان معتبرة مسعدة لا تکون رادعة فان خبر الثقة اذا اوجب الوثوق فهو داخل فى الاستبانة و اما قیام البینة فانه حجة تعبداً سواء اوجب الوثوق ام لا؟
و قد تقدم ان النسبة بین خبر العدل و خبر الثقة عموم من وجه، فان الفاسق المتحرز عن الکذب خبره حجة و العادل الذى کثر نسیانه لا یکون خبره حجة لعدم حصول الوثوق بخبره.
مساله 10 ص (388 - 393)
▲ مساله 10 ص (388 - 393)
133(مسألة10) یحرم شرب الماء النجس(1) الاّ فى الضرورة و یجوز سقیه للحیوانات. بل و الاطفال ایضاً(2) و یجوز بیعه مع الاعلام (3)
(1) اجماعاً، نصّا و فتوى بل لعله من ضروریات الدین و النصوص الدالة على حرمة الشرب لعلها بالغة حد التواتر.
منها صحیحة حریز عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: کلما غلب الماء على ریح الجیفة فتوضّأ من الماء و اشرب، فاذا تغیّر الماء و تغیّر الطعم فلا توضّأ منه و لا تشرب.(1)
و منها ما رواه ابو خالد القماط أنّه سمع ابا عبدالله((علیه السلام)) یقول فى الماء یمرّ به الرجل و هو نقیع فیه المیتة و الجیفة فقال ابو عبدالله((علیه السلام)): ان کان الماء قد تغیّر ریحه أو طعمه فلا تشرب و لا تتوضّأ منه.(2)
و منها موثقة سماعة عن ابى بصیر، قال: سألته عن کرّ من ماء مررت به -و أنا فى سفر- قد بال فیه حمار او بغل او انسان، قال: لا توضّأ منه و لا تشرب منه.(3)
و منها موثقة سماعة عن ابى عبدالله((علیه السلام))(4) قال: سألته عن الرّجل یمرّ بالماء و فیه دابة میتة قد أنتنت، قال: اذا کان النتن الغالب على الماء فلا تتوضّأ و لا تشرب.
و منها ما رواه زرارة عن ابى جعفر((علیهما السلام)) قال: قلت له: راویة من ماء سقطت فیها فأرة أو جرذ، أو صعوة میتة، قال: إذا تفسخ فیها فلا تشرب من مائها و لا تتوضّأ و صبّها.(5)
و لا شبهة فى ان فتوى الأصحاب بالحرمة نشأت من هذه النصوص فالاجماع لیس تعبدیاً.
و أما جواز الشرب عند الضرورة، فیدل علیه - مضافاً الى قوله تعالى: ما جعل علیکم فى الدین من حرج - فحوى ما دل على جواز شرب الخمر عند العطش الشدید، کموثقة عمار عن ابى عبدالله((علیه السلام)) (فى حدیث) انه سأله عن رجل اصابه عطش حتى خاف على نفسه، فاصاب خمراً قال: یشرب قوته.(6
فیستفاد منها جواز الماء النجس بالاولویة.
(2) و اما سقیه للحیوانات فالظاهر عدم المنع منه و ان ورد الکراهة فى سقى الخمر لها ففى معتبرة غیاث عن ابى عبدالله((علیه السلام)): ان امیر المؤمنین((علیه السلام)) کره ان تسقى الدواب الخمر.(7) و نحوها غیرها و روایة ابى بصیر تدل على کراهة ما لا یحل للمسلم اکله او شربه ان یسقى الدواب.
و اما الصبیان فسقیهم الخمر لا یجوز کما ورد فیه عدة من الروایات.(8)
و أمّا الماء النجس، فقد یقال: لا یجوز سقیه للصبیان لأن ما دل على تحریم شربه کاشف عن وجود المفسدة فیه فالاطفال و ان لم یکلّفوا بالاجتناب عنه إلّا ان القائهم فى المفسدة لا یجوز، لعدم رضاء الشارع بذلک.
و قد یجاب عن ذلک اولا بان المفسدة تکشف بالنهى عن شربه للمکلفین و لا نعلم بها للصبیان، فلعل المفسدة تدور مدار التکلیف، و ثانیاً لو تنزلنا عن ذلک و التزمنا بالمفسدة فنقول: ان المفسدة، ذات مراتب من حیث الشدة و الضعف، فان کانت المفسدة، شدیدة کقتل النفس المحترمة، فلا یجوز ایجادها لا بالمباشرة و لا بالتسبیب بل یجب دفعها باى وجه کان فلو کانت فى معرض التلف بالماء او النار او الحیوان یجب انقاذها. و ان کانت دونها فى الشدة فان علمنا بعدم رضاء الشارع بتحققها یحرم التسبیب کسقى الاطفال للخمر فان النصوص دلت على عدم الجواز و کذا الامر فى اللواط و الزنا للاطفال بل یجب الردع عن هذه الأمور.
و ان کانت المفسدة اضعف کشرب الصبیان للماءالنجس فلم یدلنا الدلیل على حرمة التسبیب فاذا شککنا فیها لا مانع من الرجوع الى اصل البرائة.
قلت: یمکن ان یقال: اولا ان ما دل على حرمة شرب النجس للمکلفین یدلّ على وجود المفسدة فیه و عدم توجه التکلیف الى الصبیان انما هو لفقد انهم لشرطه و هو البلوغ لا لعدم وجود المفسدة فیه.
و ثانیاً ان روایة ابى بصیر (تدل على کراهة سقى البهائم للماء النجس) عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سألته عن البهیمة البقرة و غیرها تسقى أو تطعم ما لا یحلّ للمسلم أکله او شربه أیکره ذلک ؟ قال: نعم یکره ذلک.(9)
فاذا کان سقى النجس للبهائم مکروهاً کان للصبیان ممنوعاً.
و ثالثاً أنّ النصوص الواردة فى بیع الدهن النجس (10) الدالة على وجوب الاعلام لیستصبح به تدل على عدم جواز اکله و لو للصّبى و الاّ لقال: یطعم به الصبیان او یستصبح به، فانّ المنفعة الظاهرة المرغوبة فى الدهن هو الا کل فلو کان اطعامه للصبیان جائزاً، لم یکن وجه للعدول عنه الى الاستصباح الذى هو فى طوله لا فى عرضه فان الانتفاع الاولى باادهن هو الاکل فان لم یکن مشروعاً تصل النوبة الى الانتفاع الثانوى و هو الاستصباح.
و قد ظهر مما ذکر، ان ما التزم به الاستاذ الخوئى((قدس سره)) من جواز التسبیب لاکل الصبى للنجس و عدم جوازه للمکلفین لا یمکن المساعدة علیه، فان المکلّف الغافل و الناسى کالصبى فى عدم توجه التکلیف الیه، فالتسبیب بالنسبة الیهما محکوم بحکم واحد و هو الحرمة فى کلیهما، فالاخبار الناهیة عن بیع الدهن المتنجس الا مع اعلام المشترى، شاهدة على ان النهى عن عمل یکشف عن مبغوضیة ایجاده على الاطلاق من دون فرق فى ذلک بین صدوره عنه بالمباشرة و صدوره بالتسبیب سواء کان التسبیب الى المکلف الغافل او الصّبى.
و یؤکده امران: الاول ان الاکل قد نفى صریحاً فى صحیحة اسماعیل بن عبد الخالق حیث قال((علیه السلام)): اما الزیت فلا تبعه الا لمن تبیّن له، فیبتاع للسراج و اما الاکل فلا(11) اى فلا یبتاع للاکل سواء کان الآکل هو المشترى أو صبیانه.
الثانى ان الروایات الواردة فى السمن النجس و المرق النجس بالفأرة او الخمر کثیرة و لم یذکر فى اى منها ان المتنجس یعطى للاطفال.
منها ما رواه ذکریابن آدم قال: سألت أبا الحسن((علیه السلام)) عن قطرة خمر او نبیذ مسکر قطرت فى قدر فیها لحم کثیر و مرق کثیر قال: فقال: یهراق المرق او یطعمه اهل الذمة او الکلاب و اللّحم اغسله و کله.(12)
فلو کان اطعامه للاطفال جائزاً لذکره.
و منها ما رواه جابر عن ابى جعفر((علیهما السلام))قال اتاه رجل فقال: وقعت فارة فى خابیة فیها سمن أو زیت فما ترى فى أکله ؟ قال: فقال له ابو جعفر((علیه السلام)): لا تأکله، فقال له الرجل: الفارة أهون علىّ من أن أترک طعامى من اجلها قال: فقال له أبو جعفر((علیه السلام)): إنّک لم تستخف بالفارة، إنّما استخففت بدینک ان الله حرّم المیتة من کل شىء(13)
یظهر منها ان السائل کان متأثرالترک طعامه لاجل الفارة، فلو کان اطعامه للاطفال جائزاً لنبّه بذلک لیقلَّ تأثره من ترک طعامه.
فتحصل مما ذکرنا أن اطعام المتنجس لا یجوز للأطفال کما لا یجوز للمکلفین، فان النصوص و ان اشتملت على السمن و الزیت و العسل و المرق الا ان الخصوصیة لم تلحظ فیها فان المستفاد منها عدم جواز اکل المتنجس و عدم جواز التسبیب الیه بلا فرق بین المکلف و غیره من الاطفال و المجانین.
(3) لوجوبه للنصوص الدّالة على البیان عند بیع الدهن المتنجس لما عرفت من ان الدهن لا خصوصیة فیه فان المناط هو بیع المتنجس الذى منفعته الظاهرة و الشایعة هى الاکل فیلحق الماء المتنجس به.
فالعلّة فى الاعلام هو عدم تسبیبه لاکل النجس، فعلیه لو علم البایع ان المشترى لا یأکله فهل یجب الاعلام ام لا ؟ الظاهر هو الثانى فان البایع لا یکون سبباً لاکل النجس لا نتفائه فى الخارج.
و اما اذا علم ان المشترى یأکله سواء أعلم البایع نجاسته ام لا فهل یجب الاعلام ام لا؟ الظاهر هو الاول فان الغرض من الاعلام امکان داعویته لترک الاکل و هو محقق و لا یمتنع، و عصیانه خارجا لا یکون موجبا لجواز ترکه المأمور به نظیر امر الشارع بالصلوة لمن یعلمه انه یترکها فان العلم بالعصیان لا یمنع عن التکلیف.
(1)(2)(3)(4)- س ج1 ب3 من ابواب الماء المطلق ح1،4،5و6
5- س ج 1 ب 3 من ابواب الماء المطلق ح 8 ص 104
6- س ج 17 ب 36 من ابواب الاشربة المحرمة ح 1 ص 302
7- س ج 17 ب 10 من ابواب الاشربة المحرمة ح 4 ص 246
8- س ج 17 ب 10 من ابواب الاشربة المحرمة ح 6 ص 247
9- س ج 17 ب 10 من ابواب الاشربة المحرمة ح 5 ص 247
10- س ج 12 ب 6 من ابواب ما یکتسب به ص 66
11- س ج 12 ب 6 من ابواب ما یکتسب به ح 5 ص 67
12- س ج 17 ب 26 من ابواب الاشربة المحرمة ح 1 ص 286
13- س ج 1 ب 5 من ابواب الماء المضاف ح 2 ص 149
فصل الماء المستعمل فى الوضوء
▲ فصل الماء المستعمل فى الوضوء
فصل الماء المستعمل فى الوضوء ص (393 - 420)
▲ فصل الماء المستعمل فى الوضوء ص (393 - 420)
فصل: الماء المستعمل فى الوضوء طاهر، مطهر من الحدث و الخبث.(1)و کذالمستعمل فى الاغسال المندوبة(2) و امّا المستعمل فى الحدث الاکبر(3) فمع طهارة البدن لا اشکال فى طهارته و رفعه للخبث و الا قوى جواز استعماله فى رفع الحدث ایضاً(4) و ان کان الاحوط مع وجود غیره التجنب عنه(5) و اما الماء المستعمل فى الاستنجاء(6) و لو من البول(7) فمع الشروط الآتیة طاهر(8) و یرفع الخبث ایضاً، لکن لا یجوز استعماله فى رفع الحدث و لا فى الوضوء و الغسل المندوبین(9) و اما المستعمل فى رفع الخبث غیر الاستنجاء، فلا یجوز استعماله فى الوضوء و الغسل(10) و فى طهارته و نجاسته خلاف(11) و الاقوى ان ماء الغسلة المزیلة للعین نجس، و فى الغسلة الغیر المزیلة الاحوط الاجتناب.
(1) لا یخفى ان محل الکلام فى الماء المستعمل هو الماء القلیل و اما الکثیر کالجارى و الکر فهو خارج عن محلّ الکلام، فانه لا ینفعل بملاقاة النجاسة ما لم یتغیر کما تقدم و امّا القلیل المستعمل فهو ستة اقسام احدها المستعمل فى تنظیف البدن مع طهارته، ثانیها المستعمل فى رفع الحدث الاصغر کالوضوء.
ثالثها المستعمل فى الاغسال المندوبة او الواجبة بالنذر و شبهه مع عدم کون المکلف محدثا لا بالاکبر و لا بالاصغر و کالوضوء التجدیدى.
رابعها المستعمل فى رفع الحدث الاکبر کغسل الجنابة و الحیض و النفاس.
خامسها المستعمل فى الاستنجاء.
سادسها المستعمل فى ازالة الخبث.
أمّا الاول، فلا اشکال فى طهارته و مطهریته من الحدث و لم یخالف فیه احد من الأصحاب و هو واضح.
و امّا الثانى و هو المستعمل فى رفع الحدث الأصغر و بما انه طاهر لا مقتضى لنجاسته فهو مطهر للحدث و الخبث لقوله تعالى: هو الذى ینزل علیکم من السماء ماء لیطهر کم به.(1)
و فى روایة عبدالله بن سنان عن ابى عبدالله((علیه السلام)) (فى حدیث) قال: و أمّا الماء الذى یتوضأ الرّجل به، فیغسل به وجهه و یده فى شیئ نظیف، فلا بأس ان یأخذه غیره و یتوضّأ به.(2)
و اما ما رواه زراره عن احدهما((علیهما السلام)): قال: کان النبى اذا توضّأ أخذ ما یسقط عن وضوئه فیتوضّأون به.(3)
فلا یکون دلیلا فى المقام لانه((صلى الله علیه وآله)) طاهر مطهر ظاهراً و باطناً فماء وضوئه یکسب البرکة و المعنویة فلا یحتمل فیه الحزازة و المنقصة.
و لکن فى اطلاقات طهارة الماء و مطهریته کفایة بل طهارة المستعمل فى الوضوء من ضروریات الفقه.
(2) و هذا هو القسم الثالث من المستعمل کما اذا کان متطهرا و اغتسل للجمعة او العید او فى لیالى القدر فانه ماء طاهر استعمل فى البدن الطاهر فیشمله اطلاقات طهوریة الماء و مطهریته، و لم یدلّ أى دلیل على اشتراط الماء المطهر للحدث او الخبث بان لا یکون مستعملا فى الغسل قبله فعلیه یکون حاله بعد الاستعمال کحاله قبله.
و لکنه نسب الى الشیخ المفید((قدس سره)) استحباب التنزّه عن المستعمل فى الطهارة المندوبة من الغسل و الوضوء بل المستعمل فى الغسل المستحب کغسل الید للاکل.
و اورد علیه الاصحاب بانه لا دلیل علیه من الاخبار و لا من غیرها.
و اجاب عن ذلک شیخنا البهائى فى الحبل المتین بان المستند فیما ذکره المفید((قدس سره)) هو ما رواه محمد بن على بن جعفر عن الرضاء((علیه السلام)) (کما فى الوافى) قال: (من اخذ من الحمام خزفة فحکّ بها جسده فاصابه البرص فلا یلو من الا نفسه و استدل البهائى بهذه الجملة: من اغتسل من الماء الذى قد اغتسل فیه فاصابه الجزام فلا یلو منّ الا نفسه).
قال محمد بن على: فقلت لأبى الحسن((علیه السلام)): ان اهل المدینة یقولون: ان فیه شفاء من العین، فقال: کذبوا یغتسل فیه الجنب من الحرام و الزانى و الناصب الذى هو شر هما و کل خلق من خلق الله ثم یکون فیه شفاء من العین ؟انما شفاء العین قرائة الحمد و المعوذتین و آیة الکرسى و البخور بالقسط و المرّ و اللّبان)(4)
قال البهائى((قدس سره)): فان اطلاق الغسل قى قوله: من اغتسل من الماء الذى قد اغتسل فیه...) یعم غسل الواجب و المندوب. و تعجب من الأصحاب کیف لم یلتفتو الى هذا الحدیث قائلا بأن اکثر هم لم یتنبهوا له.
و اورد علیه صاحب الحدائق، بان صدر الروایة و ان کان مطلقاً کما عرفت الا ان ذیلها قرینة على ان مورد الروایة انما هو ماء الحمام، حیث ورد فى ذیلها فقلت: ان اهل المدینة یقولون...
و علیه فظاهر الروایة کراهة الاغتسال من ماء الحمام الذى یغتسل فیه الجنب و غیره من المعدودین فى الحدیث و لا دلالة لها على کراهة الاغتسال فى مطلق الماء المستعمل.
هذا على ان الروایة على تقدیر تمامیة الاستدلال بها مختصة بکراهة الاغتسال من المستعمل فى الغسل و لا دلالة لها على کراهة الغسل من المستعمل فى الوضوء و قال: ان الاستدلال بصدر الروایة من دون ملاحظة أن ذیلها قرینة على صدرها من احد المفاسد المترتبة على تقطیع الحدیث و فصل بعضه عن بعض، فما ذکره المفید مما لا دلیل علیه.
قلت: مورد الروایة و ان کان الحمام الاّ ان الملاک هو اطلاق قول الامام((علیه السلام)): من اغتسل من الماء الذى اغتسل فیه...؟. و مقتضاه عدم الفرق بین الحمام و غیره من الحیاض الخارجة من الحمام و عدم الفرق بین ان یکون ما اغتسل فیه کراً او اقل و خصوصیة المورد لا تکون موجبة لاختصاص کلام الامام به.
فعلیه صحّ ما ذکره المفید((قدس سره)) من استحباب التنزه من الماء المستعمل.
ثم ان سیدنا الاستاذ((قدس سره)) سلّم الاطلاق و لکن ناقش بوجه آخر و هو ان هذه الروایة و نظائرها انما وردت لارشاد الناس الى مصالحهم و التجنب عما یضرهم و من جملته الاحتفاظ على صحة ابدانهم بالاجتناب عن استعمال ما اجتمعت فیه الاوساخ التى قد تؤدّى الى سرایة الأمراض.
و لم ترد لبیان الحکم المولوى، و علیه یتم ما اورده الاصحاب فى المقام من انه لا مدرک لما ذهب الیه المفید((قدس سره)).
قلت: الظاهر صحة ما افاده المفید((قدس سره)) فان صحة ابدان العباد محبوب للمولى فما یضر هم قد یکون حراماً، کما اذا کان الضرر کثیرا و قد یکون مکروها، کما اذا کان الضرر خفیفا قلیلا، و یشهد لذلک وجوب علاج الامراض و التحفظ على صحة البدن، الا ترى ان استعمال الماء ان کان مضراًبالبدن لا یجوز الغسل و الوضوء بل یجب التیمّم و لیس هذا الّا لاجل حفظ الصّحة، و کذا اذا کان الطعام مضراً بالبدن یحرم اکله و لیس هذا الا لاجل حفظ الصحة، فعلیه لا مانع من الجمع بین الارشاد و الکراهة، الصوم فى شهر رمضان واجب فاذا کان مضرّاً یحرم و یجب الافطار.
و بعبارة أخرى حفظ الصحة مطلوب للمولى مطلقا، کما عرفت من الأمثلة و ما یضرها و یوجب زوالها قد یکون حراماً و قد یکون مکروهاً کما فى احتمال الضرر اذا کان ضعیفاً، فعلیه صحّ ما نسب الى المفید((قدس سره)) من انه یستحب التزّه من الماء المستعمل فى رفع الحدث فان حفظ الصحة محبوب للولى و ما یضرها مرجوح إمّا بحد الحرمة او الکراهة.
(3) هذا هو القسم الرابع من اقسام المستعمل و لا اشکال فى طهارته فى نفسه و رفعه للخبث لاطلاقات طهوریة الماء و لم یخالف فیها الا ابن حمزة فى الوسیلة فذهب الى نجاسته، و لا دلیل لما نسب الیه اصلا.
(4) نسب هذا الى مشهور المتأخرین و نسب عدم الجواز الى الشیخ المفید فى المقنعة و الشیخ الطوسى فى المسبوط و الصدوقین و ابنى الحمزة و البراج
استدلّ له بروایات منها مارواه عبدالله بن سنان عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: لا بأس بان یتوضأ بالماء المستعمل، فقال: الماء الذى یغسل به الثوب او یغتسل به الرجل من الجنابة لا یجوز ان یتوضأ به و اشباهه، و اما الذى یتوضأ الرجل به فیغسل به وجهه و یده فى شیئ نظیف فلا بأس ان یأخذه غیره و یتوضأ به(5)
بدعوى ان قوله و اشباهه ظاهر فى العطف على الضمیر المجرور بکلمة منه، فتدلّ على المنع من الوضوء بکل مستعمل فى رفع الحدث الاکبر جنابة کان او حیضاً او نفاساً، فدلالتها على المنع تامة.
انما الکلام فى سندها فان فیه احمد بن هلال العبر تائى الذى رجع عن التشیع الى النصب کما عن سعد بن عبدالله الاشعرى و ورد التوقیع بلعنه على ید ابى القاسم حسین بن روح.
و عن الکشى انه ملعون مذموم و روى عن العسکرى((علیه السلام)) لعنه و برائته منه و انه وارد فى جهنم و حذّر موالیه عنه، و روى فى ذمه روایة طویلة، و عن الشیخ فى الفهرست انه غال متهم فى دینه و عن التهذیب انه لا یعمل بما یختص بروایته و عن العلامة ان روایته غیر مقبولة.
و استدل لو ثاقته بوجوه عمدتها ثلاثة: الاول ان النجاشى قال هو صالح الروایة.
الثانى انه ورد فى اسانید کامل الزیارات لجعفر بن محمد بن قولویه، و هو وثق رواته بنحو العموم.
الثالث انه وقع فى اسانید تفسیر على بن ابراهیم القمى و هو ایضاً وثق رواته بالعموم.
و لاجل ذلک ذهب سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) فى المعجم الى وثاقته و ان ضعّفه فى التنقیح، قال فى المعجم: فالمتحصّل ان الظاهر ان احمد بن هلال ثقة غایة الامر أنه کان فاسد العقیدة و فساد العقیدة لا یضر بصحة روایاته على مانراه من حجیة روایة الثقة مطلقاً.
ولکن الظاهر عدم الاعتماد علیه، فان الشیخ فى الاستبصار قال: فى ذیل الحدیث(90) من الجزء(3): احمد بن هلال ضعیف فاسد المذهب لا یلتفت الى حدیثه فیما یختص بنقله.
و قال النجاشى: احمد بن هلال ابو حعفر العبر تائى صالح الروایة یعرف منها و ینکر و قد روى فیه ذموم من سیدنا ابى محمد العسکرى((علیه السلام))
و محمد بن الحسن بن الولید ایضاً کان لا یعمل بروایته.
و منها صحیحة محمد بن مسلم عن احدهما((علیهما السلام)): سألته عن ماء الحمام فقال((علیه السلام)) ادخله بأزار و لا تغتسل من ماء آخر الاّ أن یکون فیهم (فیه خ ل) جنب، او یکثر أهله فلا یدرى فیهم جنب أم لا.
تقریب الاستدلال ان الغسل بماء آخر غیر الحمام لا یجب فان النهى جاء فى محل توهم الوجوب فقال لا یجب الغسل بماء آخر بل یغتسل بماء الحمام الا اذا کان فیه جنب او یکثر اهله و کان مظنة لوجوده، فیجب الغسل بماء آخر لعدم جواز استعمال الماء المستعمل فى رفع حدث الجنابة فى الغسل ثانیاً
و اجاب صاحب المعالم عن هذا الاستدلالا بان الامام((علیه السلام)) نهى عن الغسل من ماء آخر الا اذا کان فى الحمام جنب فحینئذ لا یکون الغسل من ماء آخر منهى عنه، بل یجوز الغسل من ماء الحمام، کما یجوز من غیره،فان الاستثناء من النهى انما یوجب ارتفاع الحرمة فحسب ولا یثبت به الوجوب او غیره فلا تدل الصحیحة على عدم جواز الاغتسال بماء الحمام ان کان فیه جنب.
و هذا الجواب کما ترى مبنى على حرمة الغسل بماء آخر غیر الحمام ان لم یکن فیه جنب و هذا مما نقطع بخلافه فان الغسل بماء غیر الحمام یجوز و ان علم بعدم وجود الجنب فیه فضلا عن الشک فى وجوده.
فالظاهر ان المراد من النهى عن الاغتسال بماء آخر هو نفى الرجحان فالمعنى (والله العالم) هو انه لا رجحان فى الغسل بماء آخر غیر الحمام الا اذا کان فیه جنب او کان مظنة وجوده فیه فحینئذ یرجح الغسل بماء آخر خارج الحمام، فکما ان الامر یجیئ فى مقام دفع توهم الحذر یجیئ النهى فى مقام دفع توهم الوجوب و الرجحان فکأن السائل کان المرتکز فى ذهنه رجحان الغسل بماء آخر لان الحمام محل لازالة النجاسات و القا ذورات و الا و ساخ فنهى((علیه السلام)) و نفى رجحان الغسل بماء آخر الا اذا کان فى الحمام جنب او کان مظنّة لوجوده فحینئذ یرجح الغسل بماء آخر.
و لکن الاستاذ((قدس سره)) قال: المیاه الموجودة فى الحمامات ثلثة اقسام: احدها ماء الخزانة.
و ثانیها ماء الاحواض الصغیرة المتصل بالخزانة التى هى المادة الجعلیة له.
و ثالثها ما یجمع من الغسالات فى مکان منخفض او فى بئر معّدة للغسالة فى نفس الحمامات، و الماء الآخر الذى نهى عن الاغتسال فیه لا یمکن ان یکون ماء الخزانة، و ذلک لوجهین:
احدهما ان الاغتسال فى نفس الخزانة، لم یکن مرسوماً فى زمانهم کما انه غیر متعارف فى زماننا فى الحمامات ذات الاحواض الصغیرة فانهم کانوا یغتسلون حول الحیاض حسب ما کان متعارفا عندهم
ثانیهما ان ماء الخزانة اکثر من الکر بمراتب و اى مانع من الاغتسال فى مثله، و ان اغتسل فیه جنب فان النزاع کما قدمناه یختص بالماء المستعمل القلیل و امّا المیاه المعتصمة، فلا مانع من رفع الحدث بها و ان اغتسل فیها من الجنابة.
کما انه لم یرد به ماء الاحواض الصغیرة لعدم تعارف الاغتسال فى الحیاض بل و لا یتیسّر الدخول فیها لصغرها و انما کانوا یأخذون الماء منها بالأکف و الظروف و یغتسلون حولها.
(الى ان قال): اضف الى ذلک کله ان ماء الحیاض الصغار هو بعینه ماء الخزانة التى یعبر عنها بالمادة و هو متصل بها، فلا یصحّ ان یطلق علیه ماء آخر، بمعنى غیر ماء الخزانة فارادة ماء الحیاض ایضاً غیر ممکنة.
(الى ان قال): یتعین ان یراد به المیاه المجتمعة من الغسالة فهو الذى نهى((علیه السلام))عن الاغتسال فیه بقوله: و لا تغتسل من ماء آخر (الى ان قال): فالمحتصل الى هنا ان النهى فى الصحیحة المتقدمة انما تعلّق على الاغتسال من ماء الغسالة.
ثم ان هذالنهى تنزیهى لا محالة اذا الغسالة معرض لاحتمال وجود النجاسة و ذلک: لأن الغسالة و ان ذهب جماعة الى نجاستها بدعوى ان الظاهر مقدم فیها على الأصل کما قدمه الشارع على اصالة الطهارة فى البلل المشتبه الخارج بعد البول و قد افتى بها جماعة منهم العلامة فى القواعد على ما ببالى الا ان التحقیق طهارتها، و ذلک لدلالة غیر واحد من الاخبار:
منها صحیحة محمد بن مسلم قال: قلت لابى عبدالله((علیه السلام)): الحمام یغتسل فیه الجنب و غیره اغتسل من مائه ؟ قال: نعم لا بأس أن یغتسل منه الجنب و لقد اغتسلت فیه و جئت فغسلت رجلى و ما غسلتهما الاّ بما لزق بها من التراب(6)
اذ لو کانت الغسالة نجسة لم تکن رجله((علیه السلام)) محکومة بالطهارة لبعد عدم ملاقاتها للغسالة النجسة الموجودة فى الحمام.
قلت: ما افاده((قدس سره)) لا یمکن المساعدة علیه بوجه:
اما اولا فلان الغسالة و الخزانة و ماء الحیاض کلها ماء الحمام، فلابد ان یکون المراد من ماء آخر ما هو خارج عن الحمام فالمراد انه لا رجحان فى الغسل بماء خارج عن الحمام بل یغتسل بمائه الاّ اذا کان فیه جنب او مظنة وجوده لکثرة اهله فحینئذ یرجح الغسل بماء آخر خارج عن الحمام او فى الحمام اذا لم یکن ملوثا بالجنب و لا معنى لأن یکون المراد انه ان کان فى الحمام جنب فیغتسل بالغسالة الّتى هى غسالة الجنب و غیره و هى لاتنفک عن النجاسة لنجاسة بدن الجنب غالباً و نجاسة الثوب الذى کان یطهر بماء الحمام سابقاً کما اعترف بذلک
و صحیحة محمد بن مسلم تدلّ على طهارة ارض الحمام و هى على القاعدة حیث ان فیها تجرى الغسالة النجسة و الماء الطاهر، فیجرى فیها اصالة الطهارة.
و اما ما یجتمع فى البئر من الغسالة فهو نجس لأنه مجمع للغسالة المزیلة للنجاسة فکیف یأمر الامام((علیه السلام)) بالغسل منها ان کان فیه جنب
و ثانیاً فأنّ الظاهر من الصحیحة ان الدخول بازار انما هو فى الخزانة ان لم یکن فیها جنب و ان کان فیها جنب رجح((علیه السلام)) الغسل بماء خارج عن الحمام او فى الحمام اذا لم یکن ملوثا بالجنب لما تقدم من النص من انه من اغتسل بماء اغتسل فیه فاصابه الجزام لا یلو منّ الانفسه.
و ما ذکره((قدس سره)) من ان الغسل فى الخزانة لم یکن مرسوما فى زمانهم، غیر ثابت بل یظهر من نفس الصحیحة انه کان مرسوماً و الاّ فلا یضر وجود الجنب عند حوض اذا اغتسل الداخل بازار عند حوض آخر فلا یتوجه منه الیه اىّ حزازة و منقصة فلما ذایتغتسل بماء آخر؟
ثم قال(فى التنقیح): و الذى یدل على ما ذکرناه من استناد المنع الى احتمال النجاسة لا الى ان الماء مستعمل فى رفع الحدث، ان الامام لم یفرض فى الروایة اغتسال الجنب فى الحمام بل استثنى صورة وجود النجب فیه او احتماله و ان لم یغتسل اصلا، کما اذا اراد تنظیف بدنه عن الاوساخ من دون ان یغتسل من الجنابة، فمن ذلک یظهر ان المنع مستند الى احتمال النجاسة لعدم خلو بدن الجنب عن النجاسة غالباً و هى توجب نجاسة الغسالة لامحالة انتهى.
و فیه اولا ان وجود الجنب فى الحمام ظاهر فى اغتساله فیه، و احتمال عدم غسله فیه ضعیف ملحق بالعدم
و ثانیا ان نجاسة بدن الجنب اذا اوجب نجاسة الغسالة فکیف امر الامام((علیه السلام)) الاغتسال بهذه الغسالة النجسة عند وجود الجنب فى الحمام
و مما استدل به على المنع صحیحة ابن مسکان قال: حدثنى صاحب، لى ثقة أنه سأل أبا عبدالله((علیه السلام)) عن الرجل ینتهى إلى الماء القلیل فى الطریق، فیرید أن یغتسل و لیس معه اناء و الماء فى وهدة (وهادة) فان هو اغتسل رجع غسله فى الماء کیف یصنع؟ قال: ینضح بکف بین یدیه و کفا من خلفه، و کفا عن یمینه، و کفا عن شماله، ثم یغتسل(7)
تقریب الاستدلال ان السائل لما کان المرتکز فى ذهنه عدم صحة رفع الجنابة بالماء المستعمل فى رفع الحدث الاکبر، سأله عن کیفیة الغسل فیما اذا رجع الغسالة الى الماء الذى یغتسل به، و هو((علیه السلام)) أقرّه على ذلک حیث لم یردعه عن ذلک و صار بصددالعلاج و بیان طریق یمنع عن رجوع الماء المستعمل الى مرکزه.
الجواب عن ذلک: انه لو سلم ان السؤال کان عن غسل الجنابة، لم تدل الصحیحة على انه((علیه السلام)) أقرّ السائل على معتقده و مرتکزه و تصدى لبیان العلاج، و ذلک: لان نضح الماء الى الجوانب لا یمنع عن رجوع الغسالة الى المرکز بل یوجب سرعة رجوعه الیه، فلو کان بصددالعلاج لأمره بالغسل بأقل ما یتحقق به بان یصبّ الماء قلیلا و یمسح به البدن او امره بجمع التراب فى مجرى الغسالة حتى لاتصل الى المرکز، فاطلاق الأمر بالغسل بعد النضح یدل على جواز الغسل بالماء و ان رجع الیه الغسالة، فیکون رادعاً عما هو المرتکز فى ذهن السائل فهو على الجواز ادل، و لعل الأمر بالنضح کان من آداب الغسل بماء قلیل کما ورد الامر به عند الوضوء بماء قلیل.
و منها صحیحة محمد بن مسلم عن ابى عبدالله((علیه السلام)): و سئل عن الماء تبول فیه الدوّاب، و تلغ فیه الکلاب و یغتسل فیه الجنب، قال، قال((علیه السلام)): اذا کان الماء قدر کر لم ینجّسه شیئ.
تقریب الاستدلال ان غسل الجنابة فى الماء اذا لم یکن مانعاً عن استعمال الماء ثانیا، لم یکن وجه فى ذکره فى عداد الولوغ، فکما انه مانع عن الاستعمال کذلک غسل الجنابة.
الجواب عن ذلک: ان غسل النجابة لا ینفک فى الغالب عن اصابة المنى للماء فان کان قلیلا ینجس به الماء، فالسؤال من جهة النجاسة و لهذا اجاب((علیه السلام)): بان الماء اذا کان قدر کر لم ینجسه شیئ فهى تدلّ على المنع من استعمال غسالة غسل الجنابة ثانیاً و ان کانت طاهرة.
ثم إنّ صحیحة على بن جعفر عن ابى الحسن الأول((علیهما السلام)) تدل على جواز الغسل بالمستعمل، قال: سألته عن الرجل یصیب الماء فى ساقیة، او مستنقع أیغتسل منه للجنابة، او یتوضأ منه للصلوة؟ اذا کان لایجد غیره و الماء لا یبلغ صاعاً للجنابة، و لا مداً للوضوء، و هو متفرق فکیف یصنع و هو یتخوف أن السباع قد شربت منه؟ فقال: ان کانت یده نظیفة فلیأخذ کفا من الماء بید واحدة، فلینضحه خلفه و کفا أمامه، و کفا عن یمینه، و کفا عن شماله، فان خشى ان یکفیه غسل رأسه ثلاث مرات، ثم مسح جلده بیده; فان ذلک یجزیه; و ان کان الوضوء غسل وجهه، ومسح یده على ذراعیه، و رأسه، و رجلیه، و ان کان الماء متفرقاً فقدر أن یجمعه و الاّ اغتسل من هذا و من هذا و ان کان فى مکان واحد و هو قلیل لا یکفیه لغسله، فلا علیه ان یغتسل و یرجع الماء فیه، فان ذلک یجزیه.(8)
و الجملة الأخیرة صریحة فى جواز الغسل مع رجوع الغسالة فى الماء الذى یغتسل منه، فان ما غسل به الرأس یرجع الى مکانه الأول فیستعمل فى غسل البدن.
(5) لما عرفت من ان جماعة من الاصحاب کالشیخ المفید و الطوسى و الصدوقین و ابنى الحمزة و البراج على ما حکى عنهم ذهبوا الى عدم الجواز لروایة ابن سنان المتقدمة حیث جاء فیها: الماء الذى یغسل به الثوب او یغتسل به الرجل من الجنابة، لا یجوز ان یتوضأ منه و اشباهه.
و نحن و ان ناقشنا فى سندها لاجل احمد بن هلال، الا ان فتوى جمع من الاکابر بمضومنها کما اشرنا الیها،تکون منشاءً للاحتیاط.
و کذا صحیحة على بن جعفر المتقدمة آنفاً التى استدللنا بها للجواز، جاء فیها، (اذا کان لایجد غیره) و کذا جاء فیها: (و ان کان فى مکان واحد، و هو قلیل لا یکفیه لغسله، فلا علیه ان یغتسل و یرجع الماء فیه) فان هذا کله منشأ للاحتیاط.
(6) هذا هو القسم الخامس من الماء المستعمل.
(7) کما حکى التصریح به عن جماعة من الاصحاب بل قیل: لا یعرف فیه الخلاف و عن جامع المقاصد نسبته الى الاصحاب و عن المدارک و الذخیرة انه مقتضى النص و کلام الاصحاب
و قد یقال، ان الاستنجاء یطلق على غسل موضع النجو و هو الغائط فشموله لغسل موضع البول لا یخلو عن تأمل.
و یندفع بان کلا من السؤال و الجواب الواردین فى النصوص ناظران الى القضیة الخارجیة، و ماء الاستنجاء من الغائط، لا ینفک عن ماء الاستنجاء من البول، فالدلیل، یکون ظاهراً فى طهارتهما معاً کما هو، واضح.
(8) للنصوص الکثیرة: منها صحیحة عبدالکریم بن عتبة الهاشمى قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن الرجل یقع ثوبه على الماء الذى استنجى به أینجس ذلک ثوبه؟ قال: لا.(9)
و منها صحیحة الاحول، قال: قلت لابى عبدالله((علیه السلام)): اخرج من الخلاء، فاستنجى بالماء فیقع ثوبى فى ذلک الماء الذى استنجیت به؟ فقال: لا بأس(10)
و منها صحیحته الأخرى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: قلت له: استنجى ثم یقع ثوبى فیه و انا جنب، فقال: لا بأس به.(11)
و منها مارواه یونس بن عبدالرحمان عن رجل عن العیزارعن الاحوال عن الاحول انّه قال لابى عبدالله((علیه السلام)) (فى حدیث): الرجل یستنجى فیقع ثوبه فى الماء الذى استنجى به؟ فقال: لا بأس، فسکت فقال: أو تدرى لم صار لا بأس به؟ قال: قلت: لا ولله، فقال: إنّ الماء اکثر من القذر.(12)
ثم انّ المسلّم عندنا أمران: أحدهما عموم ما دل على أنّ الماء القلیل ینفعل بملاقاة عین النجس، ثانیهما عموم ما دل ان الماء المتنجس ینجس کلّما یلاقیه، و هذه النصوص تدلّ على عدم تنجس الثوب بملاقاة ماء الاستنجاء خارجا عنه فهو محکوم بالطهارة، او تخصص العموم الثانى فیکون ماء الاستنجاء نجساً و لکنه لاینجس غیره
الظاهر هو الاول، فان الملازمة العرفیة بین طهارة الملاقى و الملاقى، لا تنکر، و انت ترى ان النصوص المتقدمة ظاهرة بل صریحة بعدم نجاسة الثوب بماء الاستنجاء و لازمه طهارة ذلک الماء عرفا، فهى تخصّص عموم ما دل على انفعال القلیل بملاقاة عین النجس کموثقة عمار بن موسى الساباطى أنه سأل ابا عبدالله((علیه السلام)) عن رجل یجد فى انائه فارة و قد توضّأ من ذلک الاناء مراراً، او اغتسل منه، او غسل ثیابه، و قد کانت الفارة متسلّخة، فقال: ان کان رآها فى الاناء قبل ان یغتسل أو یتوضأ او یغسل ثیابه، ثم یفعل ذلک بعد ما رآها فى الاناء فعلیه أن یغسل ثیابه و یغسل کل ما أصابه ذلک الماء.(13)
فانها کالصّریح فى تنجّس الماء بملاقاة عین النجس و منجسیته لکل ما لاقاه.
و قد یقال: (ان الاظهر نجاسته، فان ارتکازیة نجاسة العذرة و تنجس الملاقى لها بالملاقاة قرینة لبیة مانعة عن ظهور ما دل على طهارة الثوب الملاقى لماء الاستنجاء فى طهارته و معها یرجع الى اطلاق دلیل انفعال الماء القلیل بملاقاة عین النجس اذالدلیل المذکور حینئذ یدل على انثلام الملازمة بین نجاسة شیئ و نجاسة ملاقیه اما فى مرتبة ملاقاة الثوب لماء الاستنجاء او فى مرتبة ملاقاة الماء للعذرة، بل لا یبعد القول بان مناسبة الحکم و الموضوع الارتکازیة، تقتضى تعین الانثلام فى المرتبة الاولى دون الثانیة)
و فیه اولا ان ارتکازیة نجاسة العذرة و تنجس الملاقى لها بالملاقاة، کارتکازیة تنجس الملاقى للماء المتنجس با لملاقاة، کلتا هما متخذة من النصوص الدالة على ذلک و لیست أمرا عقلیاً غیر قابل للتخلّف، فاذن صّح ان یدعى ان النصوص الدالة على طهارة الثوب بعد ملاقاة ماء الاستنجاء ظاهرة عرفاً فى طهارته، فتکون مخصصة للنصوص الدالة على تنجس الماء القلیل بملاقاة عین النجس.
و بعبارة أخرى الارتکاز المذکور لا یصلح ان یکون قرینة صارفة للظهور عن الطهارة و مانعة عن الظهور.
و ثانیاً انه لو وقع الثوب على ماء الاستنجاء و جذب مقدارا منه کان مقتضى النصوص طهارته بما فیه من الماء و لا یمکن التفکیک بینه و ما بقى فى الارض بان یقال: إن ما جذبه طاهر و ما بقى فى الارض نجس فلابد من الالتزام بطهارتهما معاً.
و اذا عرفت ذلک، فیقع الکلام فى انه مع الحکم بطهارته شرعاً، هل یکفى فى رفع الحدث و الخبث اولا یکفى فى رفعهما أو ان فیه تفصیلا؟
(9) الأقوال فى المسألة ثلاثة:
الأول عدم جواز استعماله فى رفع الحدث و الخبث لانه نجس و لکن ما اصاب منه فى الثوب معفو عنه، و اختاره الشهید((قدس سره)) وکل من رأى نجاسته.
الثانى ما اختاره صاحب الحدائق((قدس سره)) و نسب الى المحقق الاردبیلى فى شرح الارشاد من انه رافع للحدث و الخبث لانه محکوم بالطهارة شرعاً.
الثالث ما اختاره الماتن((قدس سره)) من التفصیل بین الخبث و الحدث فیرفع الاول دون الثانى، و نسب الى جماعة من محققى المتأخرین.
و قد ظهر مما حققنا بطلات القول الأول، و انه مخالف لظاهر النصوص و اما ما اختاره الماتن من التفصیل، فلادلیل علیه سوى دعوى الاجماع الذى ادعاه العلامة((قدس سره)) و تبعه جملة من الاعلام من ان الماء الذى ازیل به الخبث، لا یرفع الحدث و منه ماء الاستنجاء.
و قد یدعى الاجماع على عدم رافعیة خصوص ماء الاستنجاء للحدث.
الجواب عن ذلک: أولا ان الاجماع المحصل غیر حاصل و المنقول لیس بحجة.
و ثانیاً ان بعض من ادّعى الاجماع فى المسألة استند فى الحکم بعدم رفعه الحدث الى روایة عبدالله بن سنان، حیث وردفیها: الماء الذى یغسل به الثوب او یغتسل به الرجل من الجنابة لا یجوز ان یتوضأ منه و اشباهه.
فیحتمل ان یکون مدرک المجمعین هذا الحدیث بدعوى ان غسالة الثوب و غسالة الاستنجاء کلتاهما استعملت فى رفع الخبث فهما من واد واحد و مع هذ الاحتمال لاقیمة لدعوى الاجماع و ان قلنا باعتبار الاجماع المنقول، و حیث ان الروایة ضعیفة السند لأجل احمد بن هلال، فالتفصیل لاوجه له.
و ثالثاً انه یحتمل ان تکون دعوى الاجماع من جهة ذهاب المجمعین الى نجاسة الغسالة مطلقا و من الواضح ان الغسالة النجسة لا ترفع الحدث، و حیث اثبتنا ان غسالة الاستنجاء طاهرة، فلا یبقى المجال للاعتماد على هذالاجماع.
و قد تحصل ان القول الأوّل و الثالث، لم یقم الدلیل على شیئ منهما و ظهر أنّ الاقوى هو القول الثانى الذى ذهب الیه صاحب الحدائق و المحقق الاردبیلى((قدس سرهما)) من جواز الوضوء و الغسل و تطهیر الثوب به.
نعم اذا وجد ماء آخر فالاحوط عدم رفع الحدث به، کما ان الاحوط فى صورة انحصار الماء به استعماله فى رفع الحدث مع ضم التیمم الیه اذا وسع الوقت و اما مع ضیق الوقت فلا تصل النوبة الى التیمم بل لابد من استعماله فى رفع الحدث مطلقا.
و هذالاحتیاط یجرى فى الماء المستعمل فى رفع الحدث الاکبر ایضاً، اذا اراد ان یستعمله فى رفع الحدث ثانیاً فمع عدم الانحصار یختار الماء الآخر و مع الانحصار ینضم التیمم فى سعة الوقت و یکتفى باستعماله فى ضیقه.
و ظهر مما ذکرنا الاشکال فیما ذکره الماتن من عدم جواز استعمال ماء الاستنجاء فى الوضوء و الغسل المندوبین فانّ دعوى الاجماع مدفوعة لعدم حجیته کما عرفت.
و أمّا خبر ابن سنان و ان اشتمل على عدم جواز الوضوء بالغسالة الاّ انه ضعیف السند.
و لو تنزّلنا و قلنا باعتباره فلا یشمل ماء الاستنجاء لما تقدم من طهارته للنصوص الدالة علیها.
(10) ما افاده مبنى على الاجماع الذى ادعاه العلامة((قدس سره)) من ان ما استعمل فى رفع الخبث لا یرفع الحدث، و على روایة عبدالله بن سنان المتقدمة.
و قد عرفت ان الاجماع المنقول لیس بحجة و روایة عبدالله بن سنان ضعیفة لأجل احمد بن هلال.
(11) هذالخلاف بعد البناء على نجاسة القلیل بملاقاة النجاسة و امّا بناء على الطهارة، فلا مجال للقول بالنجاسة هنا، فالقائلون بانفعال القلیل بالملاقاة، اختلفوا على اقوال:
الاول الحکم بالنجاسة مطلقا بلا فرق بین المتنجسات، اناء کانت او غیره و لا بین الغسلات فى التعدد و الاتحاد، حکى هذا القول عن المحقق و العلامة و الشهیدین و المحقق الثانى و الصدوق و غیر هم بل جامع المقاصد انه الاشهر بین المتأخرین.
الثانى القول بالطهارة مطلقا بلا فرق بین الغسالة الاولى و الثانیة و اختاره صاحب الجواهر((قدس سره)) و جماعة اخرى.
الثالث ما اختاره الماتن((قدس سره)) من التفصیل بین غسالة المزیلة للعین فهى نجسة و غسالة الغسلة الغیر المزیلة، فاحتاط فیها بلا فرق بین ان لا تکون للنجاسة عین او کانت زائلة بغیر الماء.
الرابع التفصیل بین غسالة الغسلة التى تتعقبها طهارة المحل فهى طاهرة و غسالة الغسلة التى لا تتعقبها الطهارة، فهى نجسة، فاذا احتاج التطهیر الى تعدد الغسلات کان الطاهر غسالة الغسلة الاخیرة فقط.
و هذا القول حکاه صاحب مفتاح الکرامة عن استاذه الشریف((قدس سرهما)) و اختاره سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره))
و اما القول الاوّل فاستدلوا على ذلک بوجوه: احدها دعوى الاجماع على نجاسة الماء القلیل المستعمل فى غسل الجنابة و الحیض اذا کان فى بدن المغتسل نجاسة کما نقله صاحب الحدائق عن العلامة((قدس سره))
و فیه: اولا أن الاجماع المنقول لاحجیة فیه کما مرغیر مرّة
و ثانیا انه اخص من المدعى، فانه لو سلّمناه لا یثبت نجاسة الغسالة التى لم تکن من عین النجس بل کانت من المتنجس، فان الاجماع على تقدیر تسلیمه لا یشمل غیر معقده و هو فیما اذا کان فى بدن المغتسل نجاسة من الدم او المنى و امّا المتنجس الذى لم یکن فیه عین النجس فلا یشمله فاذا شککنا فى طهارته و نجاسته نرجع فیه الى قاعدة الطهارة.
ثانیها مفهوم نصوص الکر، فانه یدل على ان غیر الکر اذا لاقى نجساً ینجس، فان المانع من النجاسة هى الکریة، فالماء القلیل الملاقى للنجس ینجس لوجود المقتضى و انتفاء المانع.
الجواب عن ذلک ان منطوق نصوص الکر قضیة سالبة کلیة و مفهومها لا یکون الا قضیة موجبة جزئیة و هى ان الماء اذا لم یبلغ مقدار الکر ینجسه شیئ، لما حقق فى محلّه من ان نقیض السالبة الکلیة، موجبة جزئیة، و لکن التسالم بین الاصحاب قاض بعدم الفرق بین النجاسات، فان کلها منّجسة لما یلاقیها بلا فرق بینها اصلا، و المستفاد من النصوص ان المتنجس بلا واسطة منجس لما یلاقیه ایضاً، فالمفهوم و ان لم یدل على العموم الافرادى بالاضافة الى کل افراد النجس و المتنجس الاّ ان الاجماع و النصوص قرینة على العموم الافرادى بالاضافة الى المفهوم کالمنطوق
لکنه لا یکفى فى اثبات ما ادعاه المستدل من النجاسة المطلقة لاحتیاجه الى اثبات العموم الاحوالى و لا دلیل علیه، فاذن نحتمل ان الماء القلیل الملاقى للنجس او المتنجس فى حال کونه غسالة لا یکون نجساً.
ثم ان السید الحکیم((قدس سره)) قال: و لما لم یتعرض الشارع لکیفیة التنجیس، فلابد ان یکون ذلک اتکالا منه على ما عند العرف، و لاریب انهم لا یفرقون فى تنجیس النجاسات بین الوارد و المورود و بین ما یکون مستعملا فى مقام التطهیر و بشرائطه و بین غیره، فیکون مقتضى الاطلاق ذلک ایضاً.
و مراده((قدس سره)) ان العموم الاحوالى ایضاً یستفاد من مفهوم نصوص الکر و غیرها بقرینة فهم العرف، فانهم یفهمون منها ان الملاقاة موجبة للنجاسة فى جمیع الحالات سواء کانت حین التطهیر او غیره.
اقول: ما افاده صحیح ان لم یمنع عنه مانع، و لکنه موجود،فان الالتزام بنجاسة الغسالة الّتى تتعقّبها طهارة المحل یستلزم الالتزام باحد محذورین: فاما ان نلتزم بطهارة الماء القلیل حین ملاقاته للمتنجس و مادام فى المحل و یحکم بنجاسته حین انفصاله عنه بالعصر او بغیره و اما ان نقول بانفعاله من حین وصوله للمتنجس، و نجاسته مطلقا قبل انفصاله عنه و بعده الا ان خروجه من المتنجس یوجب الحکم بطهارته کما هو المصرح به فى کلام بعض الاصحاب و لا یمکن الالتزام بشیئ منهما: (اما اولهما) فلان القلیل لو کان محکوما بالطهارة حال اتصاله بالمتنجس لم یکن وجه لنجاسته بعد الانفصال، فلنا ان نسأل عن انه لماذا تنجس بعد خروجه عن المحل.
و (دعوى) ان السبب فى تنجسه انما هى ملاقاته للمتنجس و هى تقتضى انفعال الماء القلیل على ما دل علیه مفهوم نصوص الکر (مدفعة) بان نصوص الکر انما تدل بمفهومها على نجاسة القلیل من حین ملاقاته للنجس او المتنجس و لا دلالة لها على انفعاله بعد ملاقاة النجس بزمان من دون ان یتنجس بها حین الملاقاة، فهذا مما لا یمکن الالتزام به عرفاً.
و (اما ثانیهما) فلان طهارة المحل مع فرض نجاسة الماء المستعمل فى تطهیره امر بعید، فکیف یطهر بغسله بالماء النجس! و ذلک لانا اذا بنینا على نجاسة الماء حال اتصاله با المتنجس، لزم الحکم بنجاسة المقدار المتخلف منه فى المحل بعد عصره و انفصال غسالته، فان الماء لا یخرج من المحل بتمامه و مع نجاسته کیف یحکم بطهارة المحل؟ فلا مناص من الحکم بنجاسته.
و بعبارة اخرى المتسالم علیه عند الاصحاب ان الماء القلیل الواحد لا یکون محکوما بحکمین بحیث یکون بعضه طاهرا و بعضه نجساً، فلوبنینا على نجاسة الغسالة المتعقبة لطهارة المحل لزم تخصیص هذه القاعدة، فان الماء الباقى فى الثوب یحکم بطهارته و الغسالة المنفصلة منه یحکم بنجاسته
بل یلزم محذور آخر و هو کون الماء النجس مطهراً، فان الغسالة المتعقبة لطهارة المحل نجس عند القائلین بنجاسة الغسالة مطلقا، فکیف یکون مطهّرا للمحل بالانفصال؟
و هنا محذور ثالث و هو انه لو بنبنا على النجاسة فى هذه الغسالة یلزم ان یتنجس جمیع الثوب اذا کان المتنجس بعضه فانّ صبّ الماء على الموضع النجس یوجب نجاسته و هو یتعدى الى المواضع الطاهر، فیتنجس و اذا صببنا الماء علیه یتنجس بوصوله الیه، و یسرى الى الموضع الطاهر و هکذا، فیلزم ان لا یکون الغسل الثانى مطهراً بل هو منجّس، فیلزم التسلسل فى الغسل الى ان یتنجس جمیع الثوب.
و الحاصل انه لو بنینا على نجاستة الغسالة المتعقبة للطهارة لزم ان یکون الماء النجس مطهراً و أن یکون الماء الواحد القلیل محکوماً بحکمین و هو طهارة الباقى و نجاسة المنفصل و ان لا یکون الغسلة الثانیة مطهرة لانفعال الماء باصابة المحل و سرایته الى محل طاهر، فلابد من تطهیره ایضاً و هکذا
و ببیان آخر ان قلنا ان الماء القلیل فى الغسلة الثانیة لاینفعل بملاقاة المحل، لزم تخصیص واحد و هو ان الماء القلیل ینفعل بملاقاة المتنجس الا فى الغسلة الثانیة، فانه لا ینفعل بها.
و ان قلنا بنجاسته بها، لزم التخصیص فى قواعد ثلاث:
احدها قاعدة ان الماء النجس لا یکون مطهراً الا فى حالة الغسل، فانه مطهر للمحل.
ثانیتها قاعدة ان الماء الواحد القلیل لا یکون محکوماً بحکمین الا فى مقام الغسل فان المنفصل نجس و الباقى طاهر
ثالثتها ان الماء المتنجس منجس لکل مالاقاه الا فى حالة الغسل فان الغسالة الاخیرة متنجسة و لکنها لا تکون منجسة لما تسرى الیه من محل طاهر.
و من الواضح ان التخصیص الواحد اهون من تخصیص القواعد الثلاث
ثم انه لو اغمضنا عن ذلک و قلنا بعدم الترجیح لتخصیص قاعدة انفعال القلیل بملاقاة المتنجس، فیدور الامر بین تخصیصها و تخصیص القواعد الثلاث فعلى الاول الغسالة الثانیة محکومة بالطهارة و على الثانى محکومة بالنجاسة فعند عدم الترجیح یرجع الى قاعدة الطهارة فنقول بطهارتها.
ثالثها النصوص الخاصة الوارة فى الغسالة: منها موثقة عمار الساباطى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سئل عن الکوز و الاناء یکون قذرا، کیف یغسل؟ و کم مرّة یغسل؟ قال: یغسل ثلاث مرّات، یصب فیه الماء فیحرک فیه، ثم یفرغ منه، ثم یصب فیه ماء آخر فیحرک فیه، ثم یفرغ ذلک الماء ثم یصب فیه ماء آخر، فیحرک فیه ثم یفرغ منه و قد طهر (الحدیث)(14)
تقریب الاستدلال انه لو کانت الغسالة طاهرة لم یکن وجه لوجوب افراغ الماء عن الاناء فى المرتبة الثالثة.
الجواب عن ذلک ان التفریغ فى المرتبة الثالثة انما هو لیتحقق غسل الاناء ثلاث مرات، فالغسالة فى المرتبة الثالثة طاهرة و مطهرة للاناء فهى کالغسالة الثانیة فى المتنجس بالبول فانها طاهرة و مطهرة للثوب.
و منها الاخبار الواردة فى غسالة الحمام کموثقة ابن ابى یعفور عن ابى عبدالله((علیه السلام)) (فى حدیث) و ایاک ان تغتسل من غسالة الحمام ففیها تجتمع غسالة الیهودى و النصرانى و المجوسى و الناصب لنا اهل البیت فهو شرهم، فان الله تبارک و تعالى لم یخلق خلقاً أنجس من الکلب و أن الناصب لنا اهل البیت لانجس منه.(15)
الجواب عن ذلک انها تدل على نجاسة الغسالة لملاقاتها عین النجس کالناصب وغیره و نحن التزمنا بنجاسة الغسالة الاولى، فهى تدل على ردّ القول بطهارة الغسالة مطلقا لا على رد ما اخترناه من طهارة الغسالة المتعقبة بطهارة المحل.
ثم ان القائلین بطهارة الغسالة مطلقا استدلوا بروایات:
منها مرسلة یونس عن رجل عن العنزار عن الاحول أنه قال لابى عبدالله((علیه السلام)) (فى حدیث)، الرجل یستنجى فیقع ثوبه فى الماء الذى استنجى به؟ فقال: لا بأس، فسکت فقال: او تدرى لم صار لا بأس به، قال: قلت: لا و الله، فقال: ان الماء اکثر من القذر.(16)
و فیه اولا ان الروایة مرسلة و ضعیفة
و ثانیاً انه لو اغمضنا عن ذلک فهى من ادلة القائلین بعدم انفعال القلیل بملاقاة النجاسة و البحث فعلا بعد البناء على ان القلیل ینفعل بالملاقاة.
و ثالثاً انه من المحتمل أن اکثریة الماء من القذر فى خصوص المودر مانعة عن الانفعال لا فى کل مورد.
و منها روایة عمر بن یزید قال: قلت لأبى عبدالله((علیه السلام)) اغتسل فى مغتسل یبال فیه و یغتسل من الجنابة، فیقع فى الاناء ما ینزو من الارض؟ فقا: لا بأس به.(17)
و فیه ان الروایة اجنبیة عن المقام و الحکم بعدم البأس على القاعدة فان المکان الذى یبال فیه و یغتسل من الجنابة مشکوک الطهارة و النجاسة، فلا یعلم ان ما ینزو من الارض لاقى النجاسة، فان البول و غسالة المنى ینجس الارض و جریان ماء الغسل یطهرها، فلا یعلم ملاقاته للنجاسة و لم یفرض فى الروایة أن ما ینزو، لاقى غسالة المنى حتى یتم الاستدلال.
و منها صحیحة محمد بن مسلم قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن الثوب یصیبه البول؟ قال: اغسله فى المرکن مرتین فان غسلته فى ماء جار فمرة واحدة.(18)
تقریب االاستدلال أن الغسالة لو کانت نجسة، لم یطهر الثوب بغسله فى المرکن لتلوّثه بغسالة نجسة فى المرکن.
الجواب عن ذلک انها لا تدل على طهارة الغسالة الاولى، فان المرکن یفرغ منها ثم یغسل فیه ثانیاً، وقد عرفت ان الغسالة المتعقبة بطهارة المحل محکومة بالطهارة.
و منها صحیحة محمد بن النعمان عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: قلت له: استنجى ثم یقع ثوبى فیه و أنا جنب؟ فقال: لا بأس به.(19)
تقریب الاستدلال أن استنجاء الجنب لا یخلو من غسالة المنى، فلو کانت نجسة لنجّست الثوب.
الجواب عن ذلک ان غایة ما یستفاد منها طهارة ماء الا ستنجاء حتى من المنى فیختص بمورده و لا یستفاد منها طهارة الغسالة کلیة.
ثم ان المحقق الهمدانى((قدس سره)) ذکران استثناء الاصحاب خصوص ماء الاستنجاء من عموم انفعال القلیل بالملاقاة یشعر باختصاصه بالخروج و عدم طهارة غیره من الغسلات فانها ایضاً لو کانت طاهرة لم یبقى مجال لاستثناء خصوص ماء الاستنجاء لانه من احد افرادها، فتخصیصهم له بالذکر یدلنا على مسلمیة نجاسة الغسالة عندهم.
و فیه اولا ان قوله: و تخصیصهم له الخ، لا یخلو عن المناقشة فانا نقول: ان تخصیصهم له بالذکر یدلنا على عدم مسلّمیة طهارة غیره و لا یدل على مسلمیة نجاسة غیره، فان فیه خلافاً و اقوالا اربعة کما عرفت.
و ثانیاً لو اغمضنا عن ذلک و قلنا بمسلّمیة نجاسة غیره عندهم، فالنجس هو الملاقى لعین النجس و هى الغسالة الاولى، فلا تشمل الغسالة المتعقبة بطهارة المحل.
فأنّ الاستثناء وقع مما لاقى عین النجس، فیقال: الماء القلیل الملاقى لعین النجس ینجس الاماء الاستنجاء.
و لکن هذا ایضاً لا کلیة فیه، فان غسالة تطهیر بول الرضیع الذى لا یأکل الطعام ملاقیة لعین النجس و لا تکون محکومة بالنجاسة، فانها متعقبة بطهارة المحل، فتکون طاهرة; و قد ظهر مما ذکرنا الاشکال فیما افاده الاستاذ((قدس سره)) فى هذا المقام حیث قال((قدس سره)): و ما افاده (الهمدانى) متین.
1- الانفال الآیة: 11
(2)(3)- س ج 1 ب 8 من ابواب الماء المضاف ح 2و1 ص 152
4- س ج 1 ب11 من ابواب الماء المضاف ح2
5- س ج 1 ب9 من ابواب الماء المضاف ح13 ص155
6- س ج1 ب7 من ابواب الماء المطلق ح2 ص111
7- س ج1 ب10 من ابواب الماء المضاف ح2 ص157
8- س ج 1 ب10 من ابواب الماء المضاف ح1 ص156
9- س ج1 ب13 من ابوابالماء المضاف ح5 ص161
(10)(11)(12)- س ج1 ب13 من ابواب الماء المضاف ح1،2، و4 ص161
13- س ج1 4 من ابواب الماء المطلق ح1
14- س ج 2 ب53 من ابواب النجاسات ح1 ص1076
15- س ج1 ب11 من ابواب الماء المضاف ح5 ص159
16- س ج1 ب13 من ابواب الماء المطلق ح2 ص161 (العلل ص105)
17- س ج 1 ب9 من ابواب الماء المضاف ح7 ص154
18- س ج2 ب2 من ابواب النجاسات ح1 ص1002
19- س ج1 ب13 من ابواب الماء المضاف ح4ص161
مساله 1 ص (420 - 421)
▲ مساله 1 ص (420 - 421)
134(مسألة1) لا اشکال فى القطرات التى تقع فى الاناء عند الغسل و لو قلنا بعدم جواز استعمال غسالة الحدث الاکبر.(1)
(1) و ذلک للنصوص الکثیرة الدالة على ذلک: منها صحیحة الفضیل بن یسار عن ابى عبدالله((علیه السلام)) فى الرجل الجنب یغتسل فینتضح من الماء فى الاناء؟ فقال: لا بأس(1) (ما جعل علیکم فى الدین من حرج.)
و منها صحیحة شهاب بن عبد ربه عن ابى عبدالله((علیه السلام)) انه قال: فى الجنب یغتسل فیقطر الماء عن جسده فى الاناء، فینتضح الماء من الارض فیصیر فى الاناء انه لا بأس بهذا کله.(2)
و منها صحیحة عمر بن یزید المتقدمة.(3) و لکن الظاهران السؤال فیها ناظر الى الطهارة و النجاسة لا الى استعمال المستعمل فى الحدث الاکبر ثانیاً.
ثم انه لو بنینا على عدم جواز استعمال ما یغتسل به الجنب فى رفع الحدث ثانیاً کما فى روایة عبدالله بن سنان المتقدمة فلا اشکال فى القطرات کما عرفت.
و اما اذا کان الماء مرکباً من المستعمل و غیره بحیث لا یصدق علیه عنوان احدهما، بل یصدق علیه عنوان المرکب منهما، فهل یجوز استعماله فى رفع الحدث ثانیاً ام لا؟ اختار سیدنا الاستاذ((قدس سره)) الجواز، و احتمله الشیخ الاعظم الانصارى((قدس سره)) بدعوى ظهور دلیل المنع فى انحصار الغسل به.
و قال الاستاذ((قدس سره)) ما حاصله ان المرکب من شیئین لا یصدق علیه عنوان احدهما بل یصدق علیهما عنوان المرکب.
و مع عدم صدق عنوان الماء المستعمل على المرکب من المائین، یبقى تحت
اطلاقات طهوریة الماء لا محالة و مقتضاها جواز الاکتفاء به فى رفع الحدث.
و یمکن ان یقال: ان عنوان المستعمل عنوان مشیر الى ما رفع به الحدث الاکبر، فنقول: ان ما رفع به الحدث الاکبر لا یرفع الحدث ثانیاً لاجل روایة عبدالله بن
سنان.
فهذا نظیر ما دل على حرمة اکل التراب، فان الحرمة لا تکون دائرة لمدار هذالعنوان بل تشمل ما اذا صببنا علیه الماء فصار طیناً و کذالامر فى کثیر من الموارد.
(1)(2)(3)- س ج 1 ب 9 من ابواب الماء المضاف ح5،6،و7 ص154
مساله 2 ص (421 - 424)
▲ مساله 2 ص (421 - 424)
135(مسألة2) یشترط فى طهارة ماء الاستنجاء امور: الاول: عدم تغیره فى أحد الأوصاف الثلاثة.(1)
الثانى: عدم وصول نجاسة الیه من خارج.(2)
الثالث: عدم تعدى الفاحش على وجه لا یصدق معه الاستنجاء.(3)
الرابع: ان لا یخرج مع البول او الغائط نجاسة اخرى مثل الدم(4) نعم الدم الذى یعد جزئاً من البول او الغائط لا بأس به(5)
الخامس: ان لا یکون فیه الاجزاء من الغائط بحیث یتمیز(6)
أما اذا کان معه دود أو جزء غیر منهضم من الغذاء او شیئ آخر لا یصدق علیه الغائط فلا بأس به.(7)
(1) بلا خلاف ظاهر و عن الشیخ الاعظم الانصارى وغیره من الاصحاب((قدس سرهم)) دعوى الاجماع علیه و یدل علیه ما دل على انفعال الماء بالتغیر، فانّ النصوص الدالة على طهارة ماء الاستنجاء ناظرة الى حیثیة الملاقاة و انها لا توجب النجاسة و بعبارت اخرى الاطلاقات الدالة على طهارته منصرفة الى ان ملاقاة النجاسة بالاستنجاء لاتوجب النجاسة و لا نظر لها الى حیثیة التغیّر فاذن تشمله النصوص الدالة على انفعال الماء بالتغیّر.
و ان قلت: ان اخبار الاستنجاء مطلقة و الانصراف لیس بمحرز، فمقتضى الاطلاق عدم الفرق بین ما اذا تغیّر ماء الا استنجاء و مااذا لم یتغیر، فلابد من الالتزام بطهارته حتى فى فرض التغییر.
قلت: اجاب سیدنا الاستاذ عن هذالاشکال بان النسبة على هذا بین اخبار ماء الاستنجاء و ما دل على نجاسة الماء المتغیر عموم من وجه لان الطائفة الاولى تقتضى طهارة ماء الاستنجاء مطلقا تغیر بالنجاسة ام لا؟ کما ان الطائفة الثانیة دلت على نجاسة الماء المتغیر کذلک سواء استعمل فى الاستنجاء ام لم یستعمل، فتتعارضان بالاطلاق فى مادة الاجتماع و الترجیح مع الطائفة الثانیة: لان فیها ما هو عام و هو صحیحة حریز: کلما غلب الماء على ریح الجیفة فتوضأ من الماء و اشرب و اذا تغیر الماء و تغیر الطعم، فلا تتوضأ منه و لا تشرب.
و بماان دلالته بالوضع، فیقدم على اطلاق الطائفة الاولى لا محالة و بذک یحکم بنجاسة ماء الاستنجاء عند تغیره باوصاف النجس.
اقول هذا الذى افاده((قدس سره)) لا یمکن مساعدته بوجه، فان العام الوضعى و هو قوله((علیه السلام)): کلما غلب الماء الخ اجنبى عن مورد المعارضة و ما هو معارض لنصوص الاستنجاء و هو (ذیل الصحیحة) یکون دلالته بالاطلاق لا بالوضع فاذن بقى التعارض بحاله هذا اولا.
و ثانیاً ان الذیل ایضاً لا نظر له الى مورد التعارض، فانه ناظر بمقتضى لا العهد الذکرى الى الماء المذکور فى الصد و المراد منه هو الماء الکثیر قطعاً، فعلیه تکون الصحیحة اجنبیة عن محل الکلام فان کلامنافى الماء القلیل الملاقى للنجاسة فى الاستنجاء و صحیحة حریز تبین حکم الماء الکثیر و الکر، فعلیه لا ترجیح لأحد الاطلاقین على الآخر، فیتساقطان، فالمرجع هى قاعدة الطهارة.
فعلیه العبرة بالانصراف، فان تم یحکم بنجاسة الماء المتغیر بالاستنجاء و ان لم یتم لا دلیل على نجاسته، و حیث انه ادعى الاجماع على نجاسته، فالاحوط هو الاجتناب.
(2) و ذلک لان النصوص تدل على طهارة ماء الاستنجاء و ظاهرها عدم تنجسه بملاقاة الاخبثین بالاستنجاء و لا نظر لها الى ما اذا کان یده نجسة قبل الاستنجاء مثلا او کان المحل نجساً بنجاسة اخرى، فیشمله ما دل على انفعال الماء القلیل بملاقاة النجاسة.
(3) فان الاستنجاء یصدق على تطهیر المخرجین بالماء و لا ینجس بذلک لنصوص خاصة و اما اذا تعدى الى مواضع آخر غیر المخرجین، فلا یکون تطهیره داخلا فى الاستنجاء، فیشمله عموم مادلّ على أن الماء القلیل ینفعل بملاقاة النجس و لا یشمله نصوص الاستنجاء.
(4) کدم البواسیر، فان نصوص الاستنجاء، لا تشمل تطهیر الدم، فیکون عموم ما دل على انفعال الماء القلیل بملاقاة الدم محکماً.
(5) لاوجه لهذالاستثناء فان الدم اذا کان مستهلکافى البول او الغائط لا یصدق علیه الدم فیعمه نصوص الاستنجاء لعدم وجود الدم، و اما اذا کان موجوداً مستقلا، فلا یدخل تطهیره فى نصوص الاستنجاء لأنه عبارة عن غسل موضع النجو و هو الغائط، فلا یشمل غسل موضع الدم، فلا مناص من الحکم بنجاسته.
و اشکل من ذلک ما اذا خرج الدم مع البول، فان الاستنجاء عبارة عن ازالة النجو و هو الغائط و الحقنا غسل مخرج البول به لتلازم الغائط مع البول عادة و لعله لا ینفک عنه کما هو المعتاد و اما الدم الخارج معه فلا یشمله الاستنجاء، فلا یجیئ حکمه من طهارة مائه.
(6) قال السید الحکیم ((قدس سره)) فى وجهه: لو کانت فیه فهى بمنزلة النجاسة الخارجیة فى اهمال النصوص بالنسبة الیها، لکونها متعرضة لحکم الماء من حیث الملاقاة فى المحل لا غیر، فلا تشمل الملاقاة فى خارجه، و المرجع حینئذ عموم الانفعال.
و السید الاستاذ ایضاً وافقه فى ذلک.
اقول: ان ما فاداه((قدس سرهما)) مخالف لاطلاق النصوص و مقتضاه عدم الفرق بین وجود جزء من الغائط معه و عدمه، فهذا الشرط مبنى على الاحتیاط.
(7) عن الشیخ الاعظم انه جزم بالنجاسة لان المتنجس محکوم بحکم النجاسة الخارجیة التى عرفت نجاسة الماء بها لقصور ادلة الطهارة عن شمولها.
قلت: کلام الامام((علیه السلام)) بعدم البأس بملاقاة ماء الاستنجاء للثوب مطلق و مقتضاه عدم الفرق بین وجود الاشیاء المذکورة فى ماء الاستنجاء و عدمه.
مساله 3 ص (424)
▲ مساله 3 ص (424)
136(مسألة3) لا یشترط فى طهارة ماء الاستنجاء سبق الماء على الید و ان کان احوط.(1)
(1) لترک الاستفصال مع ان العادة جاریة بسبق کل منهما.
مساله 4 ص (424 - 425)
▲ مساله 4 ص (424 - 425)
137(مسألة4) اذا سبق بیده بقصد الاستنجاء ثم أعرض ثم عاد لا بأس إلا اذا عاد مدة ینتفى معها صدق التنجس بالاستنجاء فینتفى حینئذ حکمه.(1)
(1) فان الموضوع للحکم بالطهارة هو ماء الاستنجاء، فاذا کان الفصل بین الاعراض و العود طویلا، لا یصدق التنجس بالاستنجاء، فینتفى حکمه.
مساله 5 ص (425)
▲ مساله 5 ص (425)
138(مسألة5) لا فرق فى ماء الاستنجاء بین الغسالة الاولى و الثانیة فى البول الذى یعتبر فیه التعدد.(1)
(1) للاطلاق، فان الحکم بعدم البأس فى ملاقاة الثوب لماء الاستنجاء مطلق و هو یشمل غسالة مخرج الغائط و البول بلا فرق فى الثانى بین الغسلة الاولى و الثانیة.
مساله 6 ص (425)
▲ مساله 6 ص (425)
139(مسألة6) اذا خرج الغائط من غیر المخرج الطبیعى فمع الاعتیاد کالطبیعى، و مع عدمه حکمه حکم سائر النجاسات فى وجوب الاحتیاط من غسالته.(1)
(1) الظاهر ان تفصیله بین المعتاد سواء کان طبیعیاً او غیره و بین غیره مبنى على انصراف الاطلاقات الیه، ففى المعتاد یحکم بطهارة الغسالة و فى غیره یحکم بعدم طهارتها لعموم ادلة انفعال الماء القلیل لغسالته.
قلت: اطلاقات الاستنجاء منصرفة الى ما هو المتعارف من غسل الموضع الاصلى لخروج النجو، فیحکم بطهارة غسالته، و اما الموضع الغیر الاصلى و ان کان خروج النجو منه معتاداً، فیشکل الحکم بطهارة غسالته لانصراف الاطلاقات عنه فان الانصراف الحاصل من غلبة الوجود و ان کان بدو یا یزول الا ان انصراف الحاصل من غلبة الاستعمال، لا مناص من الالتزام به، فان غلبة الاستعمال توجب انس اللفظ للمعنى المستعمل فیه و ظهوره فیه، فهو حجة، و اما غسل الموضع الغیر الاصلى و ان کان معتاداً لبعض الاشخاص، فانه نادر بالاضافة الى بقیة الناس، فلا اقل من الشک فى شمول الاطلاقات له، فیرجع فیه الى عموم اطلاقات الانفعال، و لا سیما ان الحکم بالطهارة على خلاف القاعدة فیقتصر فیه على المتیقّن.
مساله 7 ص (426)
▲ مساله 7 ص (426)
140(مسألة 7) اذا شک فى ماء انه غسالة الاستنجاء او غسالة سائر النجاسات یحکم علیه بالطهارة(1) و ان کان الاحوط الاجتناب.
(1) هذا مبنّى على استصحاب الطهارة بتقریب ان هذالماء کان طاهراً، فان کان مستعملا فى الاستنجاء کان باقیا على طهارته و ان کان مستعملا فى غیره صار نجساً، فیستصحب الطهارة، و هذا مبنى على ان التخصیص و ان کان بمنفصل یوجب تعنون العام بعنوان وجودى او ما هو کالوجودى و علیه، فان عموم انفعال الماء القلیل بملاقاة النجس قد خصص بماء الاستنجاء فلا محالة، یتعنون الباقى بعنوان المستعمل فى سائر النجاسات او بغیر المستعمل فى الاستنجاء لان عنوان الغیر نظیر العنوان الوجودى، فیقال: القلیل المستعمل فى سائر النجاسات او غیر المستعمل فى الاستنجاء ینفعل بملاقاة النجس و من الظاهر ان صدق هذا العنوان على الغسالة المفروضة غیر محرز لإحتمال انه من المستعمل فى الاستنجاء و مع الشک فى الانطباق لا یمکن التمسک بالعام، فیرجع فیه الى استصحاب الطهارة او قاعدتها.
قلت: التحقیق یقتضى ان التخصیص باخراج امر وجودى یوجب تعنون العام بعنوان عدمى، فیکون موضوع الانفعال الماء القلیل الملاقى للنجاسة فى غیر حالة الاستنجاء، فالملاقاة محرزة بالوجدان و عدم کونه مستعملا فى الاستنجاء محرز بالاصل، فیحکم بانفعاله، فیقال: ان هذالماء لم یکن مستعملا فى الاستنجاء فى زمان، فالآن کما کان، فبالتمسک بأصالة العموم لا یبقى مجال لاستصحاب الطهارة او قاعدتها.
مساله 8 ص(427 - 428)
▲ مساله 8 ص(427 - 428)
141(مسألة8) اذا اغتسل فى الکر -کخزانة الحمام- او استنجى فیه لا یصدق علیه غسالة الحدث الاکبر(1) او غسالة الاستنجاء او الخبث.
(1) اذا بنینا على ان الماء المستعمل فى الحدث الاکبر او فى الاستنجاء او فى ازالة الخبث مع بقائه على الطهارة کالغسالة المتعقبة بطهارة المحل، لا یرفع الحدث ثالنیاً، فهل یختص بالقلیل او یعم الکثیر ایضاً؟ ظاهر الاصحاب الاتفاق على الاوّل.
و عن المحقق فى المعتبر ان المنع عن الاستعمال حتى فى الکثیر لو تم، لمنع الاغتسال فى البحر ایضاً فیما اغتسل فیه جنب او استنجى فیه احد، فانه على هذا لا یفرق بین کر و اکرار، و هو مما لا یمکن الالتزام به، فالمنع مختص بالقلیل.
و یدل على ذلک مضافا الى اتفاق الاصحاب، صحیحتان:
احدیهما صحیحة صفوا بن مهران الجمال، قال : سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن الحیاض التى ما بین مکة إلى (وخل) المدینة تردها السباع و تلغ فیها الکلاب، و تشرب منها الحمیر، و یغتسل فیها الجنب و یتوضأ منها، قال: و کم قدر الماء؟ قال: الى نصف الساق، و الى الرکبة، فقال: توضّأ منه.(1)
ثانیتهما صحیحة محمد بن اسماعیل بن بزیع قال: کتبت الى من یسأله عن الغدیر یجتمع فیه ماء و یستقى فیه من بئر، فیستنجى فیه الانسان من بول او یغتسل فیه الجنب ما حدّه الذى لا یجوز؟ فکتب: لا تتوضأ من مثل هذا الاّ من ضرورة الیه.(2)
و هى تحمل على الماء الذى بلغ حد الکر و النهى یحمل على الکراهة، فانّ الماء الذى یستنجى فیه و یغتسل فیه من الجنابة یتنفر منه الطبع، فنهى عن التوضأ الاّ عنه الضرورة، فانه لو کان نجساً لم یجز الوضوء به حتى عند الضرورة باتفاق الأصحاب.
ثم ان مورد الصحیحتین و ان کان الکر الاّ انّ المطر و ذالمادة یلحقان به لعدم احتمال الفرق بینها، فان ما لا ینفعل بملاقاة النجاسة، لا یتأثر بغسل المتنجس فیه او بغسل الجنابة و المسألة واضحة.
1- س ج 1 ب 9 من ابواب الماء المطلق ح12ص120
2- س ج1 ب9 من ابواب الماء المطلق ح14 ص120
مساله 9 ص (428)
▲ مساله 9 ص (428)
142(مسألة9) اذا شک فى وصول نجاسة من الخارج او مع الغائط یبنى على العدم(1)
(1) هذا واضح، فان ماء الاستنجاء طاهر و اذا شک فى انه هل وصل الیه نجاسة خارجیة او خرج مع الغائط دم؟ نفى بالأصل.
مساله 10 ص (428)
▲ مساله 10 ص (428)
143(مسألة10) سلب الطهارة او الطّهوریة عن الماء المستعمل فى رفع الحدث الاکبر او الخبث استنجاء او غیره، انما یجرى فى الماءالقلیل دون الکر فما زاد کخزانة الحمام و نحوها.(1)
(1) قد تقدم حکم هذه المسألة فى المسألة الثامنة و لم یعلم وجه الاعادة.
مساله 11 ص (428 - 429)
▲ مساله 11 ص (428 - 429)
144(مسألة11) المتخلف فى الثوب بعد العصر من الماء طاهر(1) فلو اخرج بعد ذلک لا یلحقه حکم الغسالة. و کذا ما یبقى فى الاناء بعد إهراق ماء غسالته.
(1) المتخلف طاهر سواء على المختار من طهارة الغسالة المتعقبة بطهارة المحل او على القول بنجاسة الغسالة مطلقا، فانه ایضاً یقول بطهارته و نجاسة ما انفصل عن المحل، فان الغسالة ما غسل به المحل و قد خرج عن مثل الثوب بالعصر فمابقى لا یکون غسالة، فالقائل بنجاسة الغسالة مطلقا، لا یقول بنجاسة ما بقى فى المحل بعد العصر لعدم صدق الغسالة علیه. و قد تقدم ان القول بنجاسة الغسالة مطلقا یستلزم المحاذیر الثلاثة:1- کون الغسالة المتنجسة مطهرة للمحل 2- و کون الماء الواحد محکوماً بحکمین 3- و ان المتنجس لا یکون منجساً.
مساله 12 ص (429 - 431)
▲ مساله 12 ص (429 - 431)
145(مسألة12) تطهر الید تبعا بعد التطهیر، فلا حاجة الى غسلها(1) و کذالظرف الذى یغسل فیه الثوب و نحوه.
(1) و ذلک لان الحکم بطهارة الثوب بالغسل مرتین فى المرکن یستلزم عرفاً طهارة الید و المرکن تبعاً، فلو کانا باقیین على النجاسة لنبّه بذلک و انهما یحتاجان الى الغسل و التطهیر بعد تطهیر الثوب مستقلا و لم یأت ذلک فى شیئ من نصوص الباب و کذا الکلام فى السدة و الخرقة فى غسل المیت.
و من البعید جداً بقاء هما على النجاسة و حصول الطهارة للمغسول، فان نجاستهما یستلزم نجاسته، وعدم حصول الطهارة له.
و استشکل سیدنا الاستاذ((قدس سره)) فى ذلک بانه لا دلیل على طهارة الید و الظرف بتبع طهارة المتنجس المغسول، نعم الغالب غسلهما حین غسل المتنجس و علیه فطهارتهما مستندة الى غسلهما کما ان طهارة المغسول مستندة الى غسله.
قلت: قد عرفت أنّ الدلیل على التبعیة هو الفهم العرفى مع سکوت المولى فى مقام البیان، و العادة قاضیة على ان الغسلة الثانیة لا تصل دائماً الى کل موضع اصابته الغسالة الأولى فى الید و الظرف، فلو لم تکن طهارته حاصلة با التبع لنبّه بذلک فى نصوص الباب.
و یؤکد ذلک ان صحیحة محمد بن مسلم دلت على تطهیر الثوب المتنجس بالبول فى المرکن مرتین، قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن الثوب یصیبه البول؟
قال: اغسله فى المرکن مرتین، فان غسلته فى ماء جار فمرة واحدة.(1)
و المرکن من الأوانى، فلو لم یکن انه یطهر بالتبع لأمر الامام((علیه السلام)) بغسله بعد تطهیر الثوب، مرة اخرى لان الاوانى لابد فى غسلها بماء قلیل ثلاث مرات على ما نطقت به موثقة عمار الساباطى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سئل عن الکوز و الاناء یکون قذراً، کیف یغسل، و کم مرة یغسل؟ قال: یغسل ثلاث مرّات، یصب فیه الماء فیحرک فیه، ثم یفرغ منه، ثم یصب ماء آخر فیحرک فیه، ثم یفرغ ذلک الماء، ثم یصبّ فیه ماء آخر فیحرک فیه ثم یفرغ منه و قد طهر (الحدیث).(2)
و اجاب عنه سیدنا الاستاذ((قدس سره)) بأن الآنیة فى لغة العرب عبارة عن الظروف المستعملة فى خصوص الاکل و الشرب او فیما هو مقدمة لهما کالقدر و لم یظهر لنا مراد فها بالفارسیة و لیس معناها مطلق الظرف و علیه، فلا یعتبر فى تطهیر المرکن غسله ثلاث مرات لاختصاص ذلک بالآنیة.
و فیه اولا انا راجعنا کتب اللغة کألمنجد و المحیط المحیط و الرائد و فسّر فیها الاناء بمعنى الظرف و الوعاء و لم یفسر فى شیئ منها بمعنى ظرف الاکل. نعم فى (ألوسیط) فسّر بوعاء الطعام، و الشراب.
و ثانیاً لو تنزلنا عن ذلک و قلنا: ان الاناء ظرف معّد للاکل و الشرب ففى الموثقة قرینة على ان الغسل ثلاث مرات لا یختص بالاناء و هو ذکر الکوز فى السئوال، فانه لا یکون معداً للاکل و الشرب، فان المتعارف ان الماء من الکوز یؤخذ فى آنیة اخرى و یشرب.
و ثالثاً إن العرف لا یفهمون من المرکن المذکور فى الصحیحة الخصوصیة، فلو غسل الثوب فى القدر ایضاً یکون مرتین ، و القرینة على ذلک هو ذکر الماء الجارى فیها حیث قال: ان غسلته فى ماء جار فمرة، فمنه یستفاد ان غسل الثوب المتنجس بالبول فى الظرف مطلقا حکمه هو الغسل مرتین و ان الظرف یطهر بالتبع سواء اطلق علیه الآنیة کالقدر (کما اعترف به الاستاذ) او لم یطلق کالمرکن هذا کله.
و لکن التحقیق یقتضى أن یقال: ان مقتضى موثقة عمار المتقدمة ان الغسل ثلاث مرات فى الآنیة و غیرها (و هو مطلق الظّرف) بالماء القلیل انما هو فیما اذا کان قذراً و هو ظاهر فى ملاقاة عین النجس کما اذا کان الظرف متنجساً بالبول او الغائط او الدم او غیرها من النجاسات.
و اما اذا کان متنجساً بالمتنجس کما فى المقام، فلا یکون قذراً حقیقة بل یکون قذراً حکماً، فلا یجب غسله ثلاث مرات، فالاکتفاء بالغسل فى المرکن مرتین للمتنجس بالبول و طهارة المرکن انما هو لعدم قذارة المرکن لعدم ملاقاته لعین النجس لا لعدم صدق الاناء علیه، فانه بمعنى الوعاء و هو صادق علیه کما فى کثیر من اللغات و قیل انه و عاء الماء. و یردّه الموثقة، فان الکوز و عاء الماء فلو کان الاناء ایضاً و عاء الماء یلزم عطف الشیئ على نفسه، و الظاهر ان السئوال فى الموثقة عن وعاء الماء و مطلق الوعاء، فاحتمال ان یکون المراد من الاناء خصوص و عاء الطعام و الشراب ایضاً ضعیف.
1- س ج2 ب2 من ابواب النجاسات ح1ص1002
2- س ج2 ب53 من ابواب النجاسات ح1 ص1076
مساله 13 ص (432)
▲ مساله 13 ص (432)
146(مسألة13) لو اجرى الماء على المحل النجس زائدا على مقدار یکفى فى طهارته، فالمقدار الزائد بعد حصول الطهارة، طاهر(1) و ان عدّ تمامه غسلة واحدة و لو کان بمقدار ساعة و لکن مراعاة الاحتیاط اولى.
(1) لان العبرة فى طهارة المتنجس بزوال النجاسة بالماء فاذا زالت، یطهر المحل، فاجراء الماء علیه بعدها اجراء للماء على المحل الطاهر، فلا مقتضى لنجاسته و عدّه غسلة واحدة لا یوجب نجاسته، فعلیه ما ذکره من اولویة الاحتیاط بلا مقتضى.
مساله 14 ص (432 - 433)
▲ مساله 14 ص (432 - 433)
147(مسألة14) غسالة ما یحتاج الى تعدّد الغسل کالبول مثلا، اذا لاقت شیئاً، لا یعتبر فیها التعدد(1) و ان کان احوط.
(1) الحکم فى هذه المسألة من عدم لزوم التعدد مبنى على وجود اطلاق، او عموم یتمسک به عند الشک.
و استدل الاستاذ((قدس سره)) للاکتفاء بالغسل مرّة باطلاق عدة من النصوص:
منها صحیحة زرارة قال: قلت له: اصاب ثوبى دم رعاف او غیره او شیئ من منى فعلّمت اثره الى ان اصیب له الماء، فأصبت و حضرت الصلوة و نسیت ان بثوبى شیئاً وصلیت، ثم انى ذکرت بعد ذلک، قال: تعید الصلوة و تغسله، قلت: فانى لم أکن رأیت موضعه و علمت انه اصابه، فطلبته فلم أقدر علیه، فلما صلیّت وجدته، قال: تغسله و تعید. (الحدیث)(1)
فانّ الأمر بالغسل مطلق و مقتضاه کفایة الغسل مرّة واحدة.
و منها موثقة عمار الساباطى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) انه سأل عن رجل لیس علیه الا ثوب و لا تحلّ الصّلوة فیه، و لیس یجد ماء یغسله، کیف یصنع؟ قال: یتیّمم و یصلى، فاذا أصاب ماء غسله و اعاده الصلوة.(2)
و مقتضى الاطلاق ان الثوب یطهر بمطلق غسله من دون تقییده بمرتین او اکثر.
قلت: یمکن المناقشة فى الاطلاق فى هذین الحدیثین فان الراوى یعلم بلزوم الغسل، فتارة ینسى غسله، فیصلى و اخرى لا یجد موضعه، فیصلى فالسئوال ناظر الى ان اعادة الصلوة واجبة ام لا؟ و الامام فى مقام الجواب من حیث وجوب الاعادة و اما الغسل و ازالة النجاسة، فیعلمه السائل فامر الامام بالغسل ارشاد الى ما یعلمه السائل، ولیس فى مقام البیان من هذه الجهة. حتى یتمسّک باطلاق الغسل
و منها مرسلة محمد بن اسماعیل عن بعض اصحابنا عن ابى الحسن((علیه السلام)) فى طین المطر أنه لا بأس به أن یصیب الثوب ثلاثة ایام الاّ أن یعلم أنه نجسه شیئ بعد المطر، فان اصابه بعد ثلاثة ایام، فاغسله، و ان کان الطریق نظیفاً لم تغسله.(3)
و الاطلاق فى هذه الروایة تام و لکن الارسال یمنع من الاعتماد علیها.
1- س ج 2 ب24 من ابواب النجاسات ح2 ص1063
2- س ج2 ب45 من ابواب النجاسات ح8 ص1067
3- س ج 2 75 من ابواب النجاسات ح1 ص1096
مساله 15 ص (433)
▲ مساله 15 ص (433)
148(مسألة15) غسالة الغسلة الاحتیاطیة استحبابا یستحب الاجتناب عنها.(1)
(1) کما اذا کان الشیئ مشکوک الطهارة، فالاحتیاط یقتضى تطهیره و الاجتناب عن غسالته.
فصل فی الماء المشکوک نجاسته
▲ فصل فی الماء المشکوک نجاسته
فصل فی الماء المشکوک نجاسته ص (434 - 438)
▲ فصل فی الماء المشکوک نجاسته ص (434 - 438)
فصل
الماء المشکوک نجاسته طاهر(1)
الاّ مع العلم بنجاسته سابقاً، و المشکوک اطلاقه، لا یجرى علیه حکم المطلق(2)، الاّ مع سبق اطلاقه و المشکوک اباحته محکوم بالاباحة(3) الا مع سبق ملکیة الغیر، او کونه فى ید الغیر المحتمل کونه له.
(1) و ذلک لموثقة عمار: کل شیئ نظیف حتى تعلم انه قذر، فاذا علمت فقد قذر و ما لم تعلم فلیس علیک.(1)
و لمارواه حماد بن عثمان عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: الماء کله طاهر حتى یعلم أنّه قذر.(2)
و فى مرسلة الکاهلى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: قلت: أمّر فى الطریق فیسیل علىّ المیزاب فى اوقات أعلم ان الناس یتوضؤن؟ قال: لیس به بأس لاتسأل عنه.(3) و الاستصحاب ایضاً حاکم بطهارة المشکوک، فان الماء خلق طهوراً، فاذا شک فى طرو النجاسة علیه یستصحب طهارته
نعم اذا علم نجاسته سابقاً و شک فى طهارته یستصحب النجاسة.
(2) لأنّ الشک فى الاطلاق و الاضافة یؤول الى انه ماء او لیس بماء و لیس عندنا قاعدة تقتضى انه ماء، نعم اذا کانت الحالة السابقة الاطلاق یستصحب و یترتب علیه آثار الماء المطلق من رافعیته للحدث و الخبث.
(3) لقوله((علیه السلام)) فى صحیحة عبدالله بن سلیمان عن ابى جعفر((علیه السلام)) (فى حدیث)... کل ماکان فیه حلال و حرام، فهو لک حلال حتى تعرف الحرام بعینه، فتدعه.(4)
و قد یقال: ان الاموال خارجة عن هذ الاصل فان الاصل فیها الحرمة کما عن الشیخ الانصارى((قدس سره)) فى ذیل تنبیهات البرائة و استدل لذلک بوجهین: (الاول) الاجماع (الثانى) روایة محمد بن زید الطبرى عن الرضا((علیه السلام))(فى حدث): لا یحل مال الاّ من وجه أحلّه الله (الحدیث)(5) الیک تمامه:
قال: کتب رجل من تجار فارس من بعض موالى أبى الحسن الرضا((علیه السلام)) یسأله الاذن فى الخمس فکتب الیه: بسم الله الرحمن الرحیم، ان الله واسع کریم، ضمن على العمل الثواب و على الضیق الهّم لا یحل مال الاّ من وجه أحلّه الله، إنّ الخمس عوننا على دیننا و على عیالنا و على موالینا (أموالنا) و ما نبذله و نشترى من أعراضنا ممّن نخاف سطوته فلا تزووه عنا، و لا تحرّموا انفسکم لیوم فاقتکم دعانا ما قدرتم علیه (الحدیث)
فانها تدل على ان الاموال محکومة بالحرمة حتى یتحقق سبب حلّیتها و مع الشک فى وجود السّبب المحلّل، یجرى الاصل فى عدمه.
و فیه ان الروایة ضعیفة السند فان احمد بن المثنى الواقع فى السند مهمل و محمد بن زید الطبرى مجهول و سهل بن زیاد لم یثبت وثاقته.
و اما الدلالة فقد ناقش فیها سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) و قال: ان الروایة قاصرة الدلالة على المدعى، لان المراد من قوله((علیه السلام)): لا یحل مال... الخ لو کان هو ما ادعاه المستدل من ان کل مال محکوم بحرمة التصرف فیه حتى یتحقق سبب حلّیته لم تکن فیه جهة ارتباط بالسؤال حیث ان السائل انما سأله عن الاذن فى التصرف فى الخمس، و هل له ربط بحرمة التصرف فى الاموال حتى یتحقق سبب حلیته؟! فالظاهر ان مراده((علیه السلام)) بذلک الاشارة الى قوله عز من قائل (لا تأکلوا اموالکم بینکم بالباطل الا ان تکون تجارة عن تراض) فان الخمس ملکهم((علیهم السلام)) فلو ارادوا الاذن لاحد فى التصرف فیه لم یجز ذلک الا فى ضمن معاملة عن تراض من هبة او بیع او غیرهما من الاسباب المحلّلة للتصرف و الاکان من اکل المال بالباطل.
و فیه: اولا: انه لا یمکن المساعدة علیه، فانه کما ان الهبة و البیع من الاسباب المحلّلة للمال، فکذلک الاذن و التحلیل و الاباحة، فانها محلّلة للمال; کما صرّح بذلک فى نصوص التحلیل هذا.
و ثانیاً: انّ الربط بین السؤال عن الاذن فى التصرف فى الخمس و الجواب: و هو قوله((علیه السلام)): لا یحل مال الاّ من وجه احلّه الله. موجود، فان مصرف الخمس قد عیّن فى الآیة المبارکة و هى الیتامى و المساکین و ابن السبیل و السائل فى الروایة أحد تجار فارس و هو لیس مصرفا للخمس حتى یأذن له ولى الأمر، فلایوجد هنا سبب محلّل للمال.
فاذا تم دلالتها على اصالة الحرمة فى الاموال یخصّص بها ما دل على اصالة الحلیة من قوله((علیه السلام)): کل شیئ فیه حلال و حرام، فهو لک حلال حتى تعرف الحرام بعینه; فانه عام للاموال و غیرها، فیخرج الأموال من عمومه، فیقال إلاّ لأموال، فان حلیتها یحتاج الى السبب المحل الخاص.
فالعمدة هى المناقشة فى السند کما عرفت، فعلیه لم تثبت اصالة الحرمة فى الاموال، فلو شک فى بیضة انها من دجاجته او دجاجة جاره یتمسک باصالة الحلیة، فیحکم باباحة التصرف فیها و کذالو شک فى ماء انه من بئره او بئر غیره او فى ثمرة انها من شجره او شجر غیره او فى حیوان انه متولد من حیوانه او حیوان غیره او فى سمکة انه صادها او صادهاغیره و کذلک لو کان مال للکافر الحربى او الناصب و احتمل انتقاله الى ملک مسلم، یستصحب بقائه على ملک الحربى و الناصب، فیجوز اخذه و التصرف فیه.
و لکن الفرق بین المثال الاخیر و الامثلة المتقدمة لایخفى، فان الامثلة المتقدمة تجرى فیها اصالة الحلیة، فیجوز التصرف فیها و اما البیع المتوقف على الملک او الوقف، فلا یجوز لان البیع و الوقف لا یکون الاّ فى ملک.
و اما المثال الاخیر، فکما یجوز التصرف فیه کذلک یجوز بیعه و وقفه لان تملک مال الحربى و الناصبى جائز فیترتب علیه جمیع آثار الملک.
و اما لو تواردت الحالتان على الملک و کان ملکاً له فى زمان و ملک غیره فى زمان آخر، فهل یجوز التصرف فیه ام لا؟ لا اشکال فى سقوط الاستصحابین بالتعارض، فیشک فى حلیة التصرف و حرمته، فیرجع الى اصالة الحلیة.
و اما ما یتوقف على الملک، فلا یترتب، فلا یجور بیعه و وقفه لانهما موقوفان على الملک، فلو باعه شککنا فى انتقاله الى المشترى، فیستصحب عدم انتقاله الیه و هو معنى الفساد.
و اما لو کان الملک لاحد سابقا و علم انه انتقل الیه او الى غیره، فلا یجوز ترتیب آثار الملک علیه لاستصحاب عدم انتقاله الیه و هذا الاستصحاب و ان کان معارضاً باستصحاب عدم انتقاله الى ملک الغیر و بعد التساقط ایضاً لا یثبت الملکیة لاحدهما، فلو باعه احدهما یحکم بعدم انتقاله الى ملک المشترى.
و هل یجوز التصرف فیه لأجل أصالة الحلیة ام لا؟ قال الاستاذ((قدس سره)): بعدم جریانها لان المال کان ملکاً لغیره على الفرض و مقتضى قوله تعالى: لا تأکلوا اموالکم بینکم بالباطل الا ان تکون تجارة عن تراض(6)
و قول ابى عبدالله((علیه السلام)) (فى موثقة سماعة: أنّ رسول الله((صلى الله علیه وآله)) قال: من کان عنده امانة، فلیؤدها الى من ائتمنه علیها، فانها لا یحل دم امرأمسلم و لا ماله الابطیبة نفسه (و رواها فى الکافى بسند صحیح) عدم حلیته له الاّ بالتجارة عن تراض أو بطیب نفسه و الأصل عدم انتقاله بهما و به یحکم بعدم حلیة التصرفات فى المال.
أقول: ما افاده، لا یمکن المساعدة علیه، فانّا نعلم بان المال قد خرج عن ملک مالکه المعلوم برضاه و بطیب نفسه و نشک فى انه دخل فى ملکه او ملک غیره فان کان داخلا فى ملکه یجوز تصرفاته و ان کان داخلا فى ملک غیره لا یجوز له التصرف فیه، فالأمر دائر بین الحلیة و الحرمة، فلا مانع من الرّجوع الى اصالة الحلیة.
و بعبارة أخرى الذى علم مالکیته قد خرج المال عن ملکه برضاه و بطیب نفسه و الذى لا یعلم مالکیته له بل یحتمل انه مالک یوجب احتمال حرمة التصرف فیه فیکون المورد شبهة تحریمیة موضوعیة، فیرجع فیها الى اصالة الحلیه و البرائة.
فالمقام نظیر البیضة التى لا یعلم انها من دجاجته او دجاجة جاره، فکما یرجع فیها الى اصالة الحلیة فکذلک المقام.
1- س ج2 ب37 من ابواب النجاسات ح4 ص1054
2- س ج1 ب1 من ابواب الماء المطلق ح5 ص100
3- س ج1 ب13 من ابواب الماء المضاف ح3 ص161
4- س ج17 ب1 من ابواب الاطعمة المباحة ح1 ص90
5- س ج6 ب3 من ابواب الانفال ح2 ص375 س
6- القرآن الکریم سورة النساء الآیة29
مساله 1 ص (439 - 445)
▲ مساله 1 ص (439 - 445)
149(مسألة1) اذا اشتبه نجس او مغصوب فى محصور -کإناء فى عشرة- یجب الاجتناب عن الجمیع.(1) و ان اشتبه فى غیر المحصور کواحد فى الف مثلا، لا یجب الاجتناب عن شیئ منه(2)
(1) لتوجه التکلیف الى المکلّف جزماً، فان خطاب لا تغصب او لا تتوضأ بالنجس متوجه الیه و اصالة الاباحة او الطهارة فى کل من المشتبهین معارضة بمثلها فى الآخر، فیتساقطان فالمرجع هى اصالة الاحتیاط و هذا فى المشتبه بالمغصوب واضح.
و امّا فى المشتبه بالنجس فقد یقال: ان توضأ المکلف باحدهما، فیصلّى ثم یغسل موضع الوضوء و توضأ ثانیاً، فیصلى، فیقطع بحصول الامتثال للقطع بصحة احدى الصلاتین.
و فیه انّه اجتهاد فى قبال النّص ففى موثقة سماعة عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن رجل معه إناءان فیهما ماء وقع فى احدهما قذر لا یدرى ایّهما هو؟ و لیس یقدر على ماء غیره؟ قال: یهرقهما جمیعاً و یتیمم(1) و نحوها موثقة عمار.(2)
و لعل الحکمة فى الأمر بالاهراق و التیمّم هى ان الشارع لا یرضى أن ینجس المکلف وجهه و اعضاء وضوئه و لباسه و بدنه (فأن تطهیر کل ما اصابه الماء النجس مشکل، فان الماء حین التوضأ یترشح فى غیر اعضاء الوضوء جزماً.)
فى مسیر العبادة و تحصیل العلم بحصول الطهارة المائیة، فان الطهارة المائیة لها بدل و هى الطهارة الترابیة.
و لکن سیدناالاستاذ((قدس سره)) ذهب الى التخییر بین الوضوء و التیمم و قال: ان الامر و ان کان یقتضى التعیین فى نفسه الا انه فى المقام لما کان وارداً فى مقام توهم الحظر اوجب ذلک صرف ظهوره من التعیین الى التخییر و ذلک لان المکلف حینئذ واجد للماء حقیقة -کما قد مناه- و مقتضى القاعدة تعین الوضوء، و لکن الشارع نظر الى ان فى التوضأ من المشتبهین على الکیفیة السابقة حرجاً نوعیاً على المکلفین، قد رخّص فى اتیان بدله و هو التیمم، فا الأمر انما ورد فى مقام توهم المنع عنه و هو قرینة صارفة لظهور الامر فى التعیین الى التخییر.
و فیه أن السؤال فى الموثقة ظاهر فى السؤال عن الوظیفة الفعلیة و جوابه((علیه السلام)) ظاهر فى بیان الوظیفة الفعلیة و انها اهراق المائین و التیّمم، و لم یکن المرتکز فى ذهن السائل عدم جواز التیمم، حتى یکون الجواب و الأمر بالتیمم دفعاً لما توهّمه السائل.
و یؤیّد ذلک أن الامر بالتیمم ان کان تخییریاً، لقال((علیه السلام)): ان شاء یهریقهما و یتیمم، و لم یأمر بالإهراق و التیّمم جزماً.
و على الجملة: لا یکون الامر بالاهراق و التیّمم ظاهرا فى دفع توهم الحظر حتى یکون المراد جواز التیمم لا وجوبه.
على انه لو توضّأ بأحدهما، یجرى استصحاب بقاء الحدث، فهو محدث بحکم الشارع، فیحرم دخوله فى الصلاة.
و هذا بخلاف قوله تعالى: (اذا حللتم فاصطادوا)، فان المرتکز هناک کان عدم جواز الصید للحجاج حتى فى غیر حال الاحرام; لانهم ضیوف الله و لا یناسبهم قتل الحیوان فى المضیف فالأمر بالصّید ظاهر فى دفع توهم الحظر، فیکون المراد جواز الصید بعد الاحرام لا وجوبه.
ثم ان هنا فرضاً آخر و هو ان یتوضأ باحدهما ثم غسل مواضع الوضوء بالثانى ثم یتوضأ به فیصلى صلوة واحدة.
و صاحب الکفایة((قدس سره)) فصل بین ان یکون الماء ان قلیلین أو کرین، قال إنّ المائین ان کانا قلیلین،، فوجوب التیمم حینئد على طبق القاعدة من غیر حاجة فیه الى النص، و ذلک للعلم التفصیلى بنجاسة بدن المتوضئ او المغتسل عند اصابة الماء الثانى، اما لنجاسته او لنجاسة الماء الأول، و بما أن الثانى ماء قلیل، لا یکفى مجرد اصابته فى طهارة بدنه، فبعد غسل مواضع الوضوء او الغسل بالماء الثانى،
یشک فى طهارة بدنه، فیستصحب نجاسته المتیقنة حال اصابة الماء الثانى. و لا یعارضه استصحاب طهارته المعلومة اجمالا اما قبل الغسل بالماء الثانى او بعده و ذلک للجهل بتاریخها، و عدم اتصال زمان الشک بزمان الیقین فیها، و هذا بخلاف النجاسة، فان تاریخها معلوم و هو اول آن اصابة الماءالثانى بدنه، و لاجل ان الوضوء من المشتبهین، یوجب ابتلاء بدن المتوضئ بالنجاسة و الخبث، امره
الشارع بالتیمم حینئذ لان الطهارة المائیة لها بدل و هو التیمّم، و لا بدل للطهارة الخبثیة، فهى متقدمة على الطهارة المائیة فى نظر الشارع.
و أما اذا کاناکرین، فوجوب التیمم على خلاف القاعدة، و لا نلتزم به مع قطع النظر عن النص، و ذلک لأن ثانى المائین اذا کان کراً، و لم یشترط فى التطهیر به تعدد الغسل، کان مجرد وصوله على تقدیر طهارته الى اعضاء المتوضئ، موجبا لطهارتها.
و معه یقطع بصحة الوضوءإما لطهارة الماء الاوّل، فالتوضأ به تام، و اما لطهارة الماء الثانى، و قد فرضنا انه غسل به اعضاء الوضوء، ثم توضأ، فوضوؤه صحیح على کل تقدیر.
نعم له علم اجمالى بنجاسة بدنه فى احد الزمانین، إما عند وصول الماء الاول الى بدنه او حال وصول الماء الثانى الیه، الا ان هذالعلم الاجمالى، لا اثرله للعلم الاجمالى بطهارة بدنه ایضاً، و مع العلم بالحادثین و الشک فى المتقدم و المتأخر منهما، لا یجرى الاستصحاب فى شیئ منهما، و مع عدم جریان الاستصحاب، یرجع الى قاعدة الطهارة، وهى تقتضى الحکم بطهارة بدنه، انتهى ما أفاده صاحب الکفایة((قدس سره)).
و استشکل علیه سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) بان الاستصحاب کما یجرى فى معلوم التاریخ کذلک یجرى فى مجهول التاریخ، فالنص على خلاف القاعدة فى کلتاصورتى قلة المائین و کثرتهما. و ذلک لتعارض استصحاب الطهارة مع استصحاب النجاسة فى صورة قلة المائین، فان المکلف کما یعلم بنجاسة بدنه فى زمان، کذلک یعلم بطهارة بدنه فى زمان آخر لان المفروض أنه غسل مواضع اصابة الماء الاول بالماء الثانى و بعد تساقط الاستصحابین یرجع الى قاعدة الطهارة فى کل من القلیلین و الکثیرین او القلیل و الکثیر.
قلت: یرد على کلا العلمین ان استصحاب الطهارة لا یجرى، کما لا یجرى قاعدة الطهارة، و ذلک لانّا نعلم بحدوث النجاسة فى البدن إما عند استعمال الأول و اما عند استعمال الثانى و أما حدوث الطهارة فغیر معلوم، لان المستعمل اوّلا ان کان هو الماء الطاهرفى الواقع،فلم یحدث شیئافى البدن لانه کان طاهرا، فغسله بماء طاهر لا یحدث طهارة فیه لان تحصیل الحاصل محال و ان کان المستعمل اولا هو الماء النجس واقعاً فقد تنجس البدن، فبغسله بالماء الثانى الطاهر واقعاً، حدث الطهارة فى البدن، و لکنه مشکوک فیه، فمع عدم القطع بحدوث الطهارة کیف نستصحبها؟ فأذن جرى استصحاب النجاسة بلا معارض، و معه لا مجال للرجوع الى قاعدة الطهارة ایضاً لعدم بقاء الموضوع.
هذا الذى ذکرناه لم یتوجه الیه احد من الاصحاب فیما اعلم،
و لا فرق فى ذلک بین ان یکون الماء قلیلین او کرّین او مختلفین فعلیه یکون الأمر باهراق الماء و التیّمم على طبق القاعدة.
ثم ان سیدنا الاستاذ((قدس سره)) بعد ما اجرى استصحاب الطهارة و استصحاب النجاسة و التزم بسقوطهما بالتعارض و بالرجوع الى قاعدة الطهارة بعده کما عرفت قال: و لکن التحقیق عدم جریان قاعدة الطهارة فى شیئ من الصورتین و ان النص فیهما على طبق القاعدة، و ذلک لمکان العلم الاجمالى بنجاسة بعض اعضاء المتوضئ، و مقتضى ذلک عدم جواز الرجوع الى اصالة الطهارة:
بیان ذلک: ان الماء الثانى کراً کان أو قلیلا،انما یرد على بدن المتوضئ متدرّجا، لاستحالة وروده على جمیع اعضائه دفعة واحدة، حقیقة حتى فى حال الارتماس; لان الماء حینئذ انما یصیب رجلیه -مثلا- اولا، ثم یصل الى غیرهما من اجزائه شیئاً فشیئاً، فیعلم المکلف بمجرد اصابة الماء الثانى لأحد اعضائه - بنجاسة هذا العضو على تقدیر ان یکون النجس هو الماء الثانى،- او بنجاسة غیره کما اذا کان النجس هو الماء الاول و مقتضى هذا العلم الاجمالى، وجوب غسل کل ما اصابه من المائین، و معه لا مجال لقاعدة الطهارة فى صورتى قلة المائین و کثرتهما، فالروایة فى الصورة الثالثة کالثانیة على خلاف القاعدة.
قلت: ما افاده((قدس سره)) لا یمکن المساعدة علیه فیما اذا کان المستعمل ثانیاً قلیلا، فان العلم الاجمالى المذکور لا یکون منجزاً للتکلیف لانحلاله الى علم تفصیلى و شک بدوى و ذلک لأنّ العضو الذى یرید غسله بالماء المشتبه الثانى، یقطع بحدوث النجاسة فیه امّا بالماء الاول و اما بالماء الثانى فانّه اذا اصاب العضو، یقطع بنجاسته تفصیلا قبل انفصال الغسالة. فلا مانع من استصحاب نجاسته و اما العضو الآخر الذى لاقى الماء الإول، فهو مشکوک النجاسة و لا مانع من استصحاب الطهارة فیه، فانه ملاق لاحد اطراف الشبهة، و قد حقق فى محلّه ان الملاقى لطرفى الشبهة، محکوم بالنجاسة فاذا اصبّ الماء القلیل فى کل عضو من أعضاء الوضوء بعد الغسل او الوضوء بالماء الاول، یعلم تفصیلا بنجاسته قبل انفصال الغسالة، فکیف یحکم بصحة الوضوء و الصلاة. و الملاقى لأحد اطرافها مجرى للاستصحاب او البرائة على تفصیل مذکور فى محله نعم اذا کان المستعمل ثانیاً کراً، صحّ ما ذکره من العلم الاجمالى، و لکن النتیجة هى ان النص الآمر باهراق الماء و التیمم على طبق القاعدة.
(2) قد تقدم ان المحصور و غیره لم یوخذ فى لسان الدلیل، و العلم الاجمالى منجز للتکلیف مهما کان اطراف المعلوم بالاجمال الا اذا کان بعض الاطراف خارجا عن محل الابتلاء او کان ارتکاب الکل فى الشبهة الوجوبیة او الاجتناب عن الکل فى التحریمیة موجباً للضرر او العسر و الحرج.
و لکن بعض المعاصرین ذهب الى ان الاطراف اذا کانت کثیرة کواحد فى الف، یصبح احتمال انطباق التکلیف المعلوم بالاجمال على کل واحد منها ضعیفاً بدرجة تؤدى الى الاطمینان بعدم الانطباق، فلم یجب الاجتناب لقیام الحجة حینئذ على عدم الانطباق.
و فیه ان کثرة الاطراف لا توجب الاطمینان بعدم الانطباق و ان صار الاحتمال ضعیفا، فان احتمال انطباق المعلوم بالاجمال على الفرد الذى یرید ارتکابه، یوجب الاضطراب اذا کان فى ارتکابه احتمال العقاب او الهلاک، فلابد من تحصیل المؤمن، والا لزم جواز ارتکاب الجمیع; فان الاحتمال فى کل واحد ضعیف، فیلزم جواز المخالفة القطعیة و طرح المعلوم بالاجمال و بعبارة أخرى ان نسبة المعلوم بالاجمال الى کل فرد من اطرافه کنسبته الى الافراد الأخرى بلاتفاوت، فلو حصل الاطمینان على انه لا ینطبق على هذالفرد، فلابد من حصول الاطمینان على عدم انطباقه على کل فرد من افراد الاطراف لانّ حکم الامثال فیما یجوز و ما لا یجوز سواء، فیلزم سقوط العلم الاجمالى و هذا خلف، فکیف یمکن ان یدعى ان الحجة قائمة على عدم انطباقه على هذا الفرد و ذاک الفرد و...
و على الجملة العلم الإجمالى، لا یجتمع مع الاطمینان بان المعلوم بالاجمال لا ینطبق على الافراد.
(1)(2)- س ج1 ب8 من ابواب الماء المطلق ح2،14 ص113و116
مساله 2 ص (445 - 447)
▲ مساله 2 ص (445 - 447)
150(مسألة2) لو اشتبه مضاف فى محصور، یجوز ان یکرر الوضوء و الغسل(1)
الى عدد یعلم استعمال مطلق فى ضمنه، فاذا کانا اثنین یتوضأ بهما، و ان کانت ثلاثة أو أزید یکفى التوضوء باثنین، اذا کان المضاف واحداً، و ان کان المضاف اثنین فى الثلاثة یجب استعمال الکل، و ان کان اثنین فى اربعة تکفى الثلاثة و المعیار: ان یزداد على عدد المضاف المعلوم بواحد.
و ان اشتبه فى غیر المحصور جاز استعمال کل منها، کما اذا کان المضاف واحداً فى الف(2) و المعیار: ان لا یعد العلم الاجمالى علماً، و یجعل المضاف المشتبه بحکم العدم، فلا یجرى علیه حکم الشبهة البدویة ایضاً و لکن الاحتیاط اولى.
(1) لان ذلک یوجب القطع بحصول الطهارة المائیة، و لیس التصرف فى المضاف کالتصرف فى المغصوب حتى یکون حراما و لا کالتصرف فى النجس حتى یوجب تلوث اللباس و البدن به،
فالوظیفة هى التوضأ بما یزید على عدد المضاف بواحد -کما فى المتن-
(2) اختلفوا فى ان الشبهة الغیر المحصورة، العلم فیها کلاعلم، فالشبهة باقیة او ان الشبهة کلا شبهة، فکانه لاعلم و لا شبهة،
فعلى الأول یرجع فیها الى الأصول العملیة، فان کان المعلوم بالاجمال غصباً یرجع الى أصالة الا باحة و ان کان نجساً، فالمرجع أصالة الطهارة و ان کان مضافاً، فالمرجع أصالة الاشتغال، ففى الثالث لا فرق بین الشبهة المقرونة بالعلم الاجمالى و الشبهة البدویة، لعدم أصل، یثبت اطلاق الماء الاّ اذا کانت الحالة السابقة هى الاطلاق فیستصحب.
و على الثانى، یجوز ارتکاب کل واحد من الأطراف بلا مراجعة الى الأصول، لأنّ الشبهة اذا کانت کلا شبهة لا موضوع للرجوع الى الأصول، فیجوز الوضوء و الغسل و الشرب و التصرفات الأخرى من کل واحد من الأطراف لأن الحرام او النجس، محکوم بالعدم على الفرض.
ثم انه یظهر من المتن اختیار الثانى، حیث قال: و یجعل المضاف المشتبه بحکم العدم و لکن الأقوى بل المتعین هو الاول، لانه اذا کان الاطراف کثیرة و کان بعضها خارجا عن محل الابتلاء أو کان الاجتناب عن الجمیع او إرتکاب الجمیع موجبا للعسر و الحرج، یسقط العلم عن التنجیز فصار العلم کلاعلم و اما الشبهة فباقیة و جداناً، فیرجع فیها الى الاصول -کما عرفت.
و بعبارة أخرى، اذا کانت الشبهة باقیة و جداناً، فکیف یفرض المشتبه بحکم العدم و اىّ دلیل دلّ على ذلک؟
مساله 3 ص (447)
▲ مساله 3 ص (447)
151(مسألة3) اذا لم یکن عنده الاّ ماء مشکوک اطلاقه و اضافته و لم یتیقن انّه کان فى السابق مطلقا یتیمّم للصلوة و نحوها(1)، و الأولى الجمع بین التیمّم و الوضوء به.
(1) لا اشکال فى انه اذا کانت الحالة السابقة هى الاطلاق یستصحب فیتوضأ به.
و اما اذا لم تکن معلومة او توارد علیه الحالتان، ففى الصّورة الاولى یرجع الى استصحاب العدم الازلى، فیحکم بانه لیس ماء مطلقا، فیتعیّن علیه التیمّم.
و یمکن جریان الاستصحاب النعتى ایضاً بتقریب ان المکلف قبل وجود هذا المایع کان فاقد الماء و بعد وجوده یستصحب فاقدیته للماء، فیکون وظیفته التیمّم، هذا اذا کانت الحالة السابقة هى الفقدان و أمّا اذا تواردت الحالتان و کان فى زمان واجدا للماء و فى آخر فاقداله و اشتبه التقدم و التأخر، فالاستصحابان یسقطان بالمعارضة، فهل یجب التیمم او الجمع بینه و بین الوضوء فیه خلاف؟ الاقوى وجوب الجمع للعلم الاجمالى بوجوب أحدهما علیه، و اختار سیدنا الاستاذ((قدس سره)) وجوب خصوص التیمیم و سیجئ تحقیق الکلام فى ذلک فى المسألة الخامسة انشاء الله تعالى.
مساله 4 ص (447 - 449)
▲ مساله 4 ص (447 - 449)
152(مسألة4) اذا علم اجمالا ان الماء نجس او مضاف یجوز شربه(1) و لکن لا یجوز التوضأ به، و کذا اذا علم انه امّا مضاف او مغصوب، و اذا علم انه امّا نجس او مغصوب فلا یجوز شربه ایضاً کما لا یجوز التوضأ به، و القول بأنه یجوز التوضأ به ضعیف جداً.
(1) اما جواز الشرب، فلا صالة الطهارة و اما عدم جواز الوضوء به، فللعلم ببطلانه اما لنجاسته او اضافته، و کذا یجوز الشرب و لا یجوز الوضوء اذا علم انه اما مضاف او مغصوب، فان اصالة الاباحة تجرى و مقتضاها جواز الشرب و اما الوضوء، فلا یجوز للعلم التفصیلى ببطلانه اما للغصب او للاضافة، فان الوضوء لا یجوز بالمغصوب کما لا یجوز بالمضاف.
و اما اذا علم انه اما نجس او مغصوب، فلا یجوز شربه ایضاً; لانّ شرب النجس او المغصوب حرام، و کذالایجوز التوضأ به لان الوضوء بالنجس او المغصوب باطل.
و لکن عن الشیخ محمد طه نجف و الشیخ على آل صاحب الجواهر، جواز الوضوء به و ان لا یجوز شربه، و قد بتنیا على ما هو المشهور من ان الغصب لا یمنع عن صحة العبادة بوجوده الواقعى و انما یمنع عنها بوجوده العلمى و قد ادّعى فى مفتاح الکرامة الاجماع على ذلک، و حیث ان الغصبیة لم تثبت فى المقام، فلا تکون مانعة عن التوضأ، و النجاسة مشکوک فیها، فیرجع الى قاعدة الطهارة.
و بعبارة اخرى العلم قد تعلق بالجامع بین الغصب و النجس، فلم یعلم خصوص الغصب لا اجمالا و لا تفصیلا، فلا یکون على تقدیر کونه غصباً واقعاً مانعاً عن العبادة، و شربه حرام لانه اما نجس او مغصوب و التصرف فى الغصب حرام.
و بتقریب آخر أنّ العلم الاجمالى مقتض لتنجزالتکلیف و شرطه تساقط الأصول فى الأطراف و فى المقام لامجال لجریان اصالة الاباحة بالنسبة الى الوضوء، فانّ الوضوء صحیح فیما لا یعلم غصبیته بلا حاجة الى اصالة الا باحة، فاصالة الطهارة بانسبة الى الوضوء تجرى بلامعارض.
و فیه أن عدم الغصبیة بالنسبة الى صحة الوضوء شرط واقعى کما هو مقتضى قولهم((علیه السلام)): لا یحل مال امراء مسلم الا بطیبة نفسه. و قولهم((علیهم السلام)): فلا یحل لاحد ان یتصرف فى مال غیره بغیر اذنه.
فاصالة الا باحة تعارض اصالة الطهارة، فتسقطان بالمعارضة، فکما لا یجوز شربه لا یجوز التوضأ به.
و بعبارة اخرى اباحة الماء شرط واقعى لصحة الوضوء فان المغصوب مبغوض واقعاً، فلا یصلح ان یکون مقرباً.
مساله 5 ص(449 - 454)
▲ مساله 5 ص(449 - 454)
153(مسألة5) اذا اریق أحد الانائین المشتبهین من حیث النجاسة او الغصبیة، لا یجوز التوضأ بالآخر(1) و ان زال العلم الاجمالى و اریق احد المشتبهین من حیث الاضافة، لا یکفى الوضوء بالآخر. بل الاحوط الجمع بینه و بین التیمم.(2)
(1) الوجه فى ذلک ان المعلوم بالاجمال سواء کان نجساً او غصباً، قد تنجز و صار فعلیاً من جمیع الجهات، لأنّ المؤمّن لیس الا اصالة الطهارة أو الاباحة و کلتاهما سقطتا بالتعارض، فلا مؤمّن یؤمّن عن استحقاق العقاب فى ارتکاب المعلوم بالاجمال، واراقة احد الأطراف، لا یوجب عود المؤمن و احیائه، لانها لاتزید على ارتکاب احد الاطراف بالعصیان، فاذا شرب أحدهما عصیاناً بقى الاخر على وجوب الاجتناب جزماً و لا مجال للقول بان الحرام یحتمل ان یکون ما ارتکبه و هذالباقى یشک فى حرمته فیرجع فیه الى اصالة الاباحة و الطهارة و ذلک لان هذالاحتمال کان من الأول و قد سقط الاصل المؤمن من الطرفین.
ثم ان السید الحکیم((قدس سره)) قال: (التحقیق ان العلم الاجمالى مانع من جریان الاصول فى کل واحد من الأطراف مع قطع النظر عن معارضتها، بحیث لو فرض عدم المعارضة، لم تجر ایضاً، للزوم التناقض و نقض الغرض; اما بناء على ان المانع هو المعارضة فیشکل وجوب الاجتناب عن الباقى، لعدم المعارضة بعد الاراقة، و المعارضة قبلها، لا توجب سقوط الاصل فى الفرد الباقى الى الأبد اذ لا دلیل علیه، بل هو خلاف اطلاق أدلّتها).
فیه اولا انه لو فرض عدم المعارضة بین الأصول، جرت بلا شبهة الا ترى انه لو کان هنا کأسان من الماء الطاهر و أصاب قطرة البول فى احدهما بلا تعیین یتعارض الاستصحاب فیهما، فیسقطان بالمعارضة، فیجب الاجتناب عنهما; قضیة لتنجیز العلم الاجمالى.
و اذا کان هناک اناءان من الماء فاصاب احدهما المعین قطرة الدم، ثم اصاب قطرة بول احدهما الغیر المعین، لا یکون العلم الاجمالى منجزاً للتکلیف لعدم تعارض الأصول، فان ما اصابه الدم یجب الاجتناب عنه و الطّرف الآخر مشکوک النجاسة، فیجرى فیه استصحاب الطهارة و هو مؤمّن من العقاب فلو فرض بعد ذلک انکشف ان قطرة البول کانت اصابت الماء الطاهر، لا یکون شربه قبل الانکشاف موجباً للعقاب، لان الاصل جرى بلا معارض و هو مؤمّن من العقاب.
و ثانیاً: ان اطراف المعلوم بالاجمال قد خرجت من اطلاقات ادلة الاصول، فلم تجر فیها لأجل المعارضة، فبعد اراقة احدهما او ارتکابه مع بقاء العلم الاجمالى الاول بحاله، لا دلیل على دخول الباقى تحت ادلة الاصول بعد الخروج، فکیف یقال: انه خلاف اطلاق ادلتها.
(2) المحتملات ثلاثة: احدها: وجوب الوضوء فقط فلا حاجة الى التیمّم.
ثانیها: وجوب التیمم فقط، فلا حاجة الى الوضوء
ثالثها: ما فى المتن من الجمع بین الامرین.
أمّا الاحتمال الاول، فقیل فى اثباته انه مقتضى الاستصحاب، فان الوضوء بهذ المایع، کان واجبا قبل اراقة الآخر، فالآن کما کان، فاذا کان التوضأ بهذالباقى واجباً، کفى فى حصول الطهارة التى هى شرط الصلوة.
و فیه اولا ان التوضأ بهذالمایع کان واجبا بحکم العقل، و لم یکن کافیاً فى حصول الطهارة و لهذا کان العقل یحکم بالتوضأ بالمایعین حتى یحصل العلم بحصول الطهارة، و بعد اراقة الآخرایضاً یحکم العقل بالتوضأ بهذالمایع مع ضم التیّمم حتى یحصل العلم بحصول الطهارة، فالاستصحاب غیر کاف فى نفسه لاثبات الطهارة المائیة، بل التوضأ بالمایع الموجود احد طرفى المعلوم بالاجمال.
و ثانیا لو تنزلنا عن ذلک و قلنا بجریان الاستصحاب، فهو لا یثبت أن الوضوء قد حصل بالماء المطلق و مع عدمه لا ینفع جریانه، فالقول بوجوب الوضوء و حده ساقط.
اما الاحتمال الثانى فقد اختاره سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) و قال فى وجهه: ان العلم الاجمالى، لا ینجز متعلقه فیما اذا کانت اطرافه طولیة، بیان ذلک ان وجوب الوضوء انما هو مترتب على عنوان واجد الماء کما ان وجوب التیمّم مترتب على عنوان فاقد الماء، لانّه مقتضى التفصیل فى قوله تعالى: اذا قمتم الى الصلوة فاغسلوا وجوهکم و أیدیکم الى المرافق (الى قوله): و ان کنتم مرضى او على سفر او جاء احد منکم من الغائط او لا مستم النساء فلم تجدوا ماء فتیمّموا صعیدا طیباً.(1)
ثم ان المراد بالفقدان لیس هو الفقدان الحقیقى، و انما ارید به عدم التمکن من استعمال الماء و ان کان حاضرا عنده و ذلک للقرینة الداخلیة و الخارجیة.
اما القرینة الداخلیة، فهى ذکر المرضى فى سیاق المسافر و الجنب فان الغالب وجود الماء عند المریض الا انّه لا یتمکن من استعماله لا انه لا یجده حقیقة.
نعم لو کان اقتصر فى الآیة المبارکة بذکر المسافر فقط دون المرضى لکان حمل عدم الوجدان على الفقدان الحقیقى بمکان من الامکان، فان المسافر فى البوادى و الفلوات کثیرا ما لا یجد الماء حقیقة.
و اما القرینة الخارجیة، فهى الاخبار الواردة فى وجوب التیمم على من عجز عن استعمال الماء لمرض او ضرر و نحوها.
و المراد بالتمکن من استعمال الماء لیس هو التمکن من غسل بدنه بل المراد به ان یتمکن الملکف من استعماله فى خصوص الغسل او الوضوء، لوضوح ان الماء اذا انحصر بماء الغیر و قد اذن مالکه فى جمیع التصرفات فى مائه و لو فى غسل بدنه و لکنه منعه عن استعماله فى خصوص الغسل او الوضوء، یتعیّن علیه التیمم لصدق عدم تمکنه من استعمال الماء و ان کان متمکنا من غسل بدنه، فاذا تمهد ذلک فنقول:
المکلف فى مفروض المسئلة، یشک فى ارتفاع حدثه على تقدیر التوضؤ بالمایع الآخر، لا حتمال ان یکون مضافاً، و معه لا مانع من استصحاب حدثه لما بنینا علیه من جریان الاستصحاب فى الأمور المستقبلة، و مقتضى هذ الاستصحاب ان التوضوء من الباقى کعدمه و ان الشارع یرى ان المکلف فاقد الماء، حیث انه لو کان واجدا بتمکنه من استعمال المایع الباقى لم یبطل غسله أو وضوئه، و لم یحکم الشارع ببقاء حدثه، فبذلک یظهر انه فاقد الماء و وظیفته التیمم فحسب سواء توضأ بالباقى ام لم یتوضابه، و لا یعارض هذا الاستصحاب باستصحاب بقاء حدثه على تقدیر التیمّم، اذلا یثبت به أن المکلف واجد للماء و ان المایع الباقى مطلق،
و على الجملة، وجوب التیمم، مترتب على عدم تمکن المکلف من رفع حدثه بالماء، فاذا حکم الشارع ببقاء حدثه و عدم ارتفاعه بالتوضؤ من المایع الباقى، یترتب علیه وجوب التیمم لا محالة. انتهى ما فاده سیدنا الاستاذ((قدس سره))
قلت: ما افاده((قدس سره)) لا یمکن المساعدة علیه بوجه، الوجه فى ذلک ان المکلف عند اراقة احد المایعین یعلم أنه مکلّف بالصلوة مع الطهارة المائیة - ان کان الباقى ماء- و مع الطهارة الترابیة ان کان الباقى جلابا و هذا العلم الاجمالى منجز للتکلیف، لتساقط الأصول فى اطرافه فان استصحاب بقاء الحدث بعد الوضوء معارض باستصحاب بقاء الحدث بعد التیمم، فیتساقطان، و یکون العلم الاجمالى منجزا لما هو المعلوم بالاجمال من الطهارة المائیة او الترابیة و کما أن استصحاب الحدث بعد التیمم، لا یثبت انه واجد للماء فکذلک استصحاب الحدث بعد الوضوء لا یثبت انه فاقد الماء.
و على الجملة جریان احدالاستصحابین دون الآخر ممنوع لعدم الترجیح و جریان کلیها ممنوع لطرح المعلوم بالاجمال و هو حصول الطهارة اما بالوضؤ او التیمم.
و اما ماافاده الاستاذ من عدم جریان استصحاب الحدث بعد التیمم، لعدم اثباته انه واجد للماء، فمدفوع بانه یکفى فى جریان الاستصحاب، احراز الحدث و هو مانع من الدخول فى الصلوة و لا نحتاج الى اثبات انه واجد للماء، فمع قطع النظر عن العلم الاجمالى یجرى کلا الاستصحابین و اثره عدم جواز الدخول فى الصلوة، و بما ان المکلف، یعلم بحصول الطهارة اما بالماء او بالتراب، فیسقطان بالتعارض.
و ما افاده الاستاذ من ان المراد من عدم وجدان الماء فى الآیة هو عدم التمکن من استعماله اما وجدانا، کالمسافر فى البرارى فانه، فاقد للماء غالباً و امّا شرعاً کالمریض الذى یضّره الماء فانه ممنوع من استعمال الماء تعبداً و کذا من لا یجیز له المالک استعمال مائه فى الغسل و الوضوء صحیح، و لکنه لا ینتج ما ذکره من کفایة التیمم فقط; لان المکلف لا یکون ممنوعاً من استعمال المایع الموجود فى المقام لا عقلا و لا شرعاً، فلو توضأ به و کان فى الواقع ماء حصلت الطهارة المائیة و ان لم یکن ماء حصلت الطهارة الترابیة بالتیمّم.
1- القرآن الکریم: المائدة الآیة6
مساله 6 ص (454 - 465)
▲ مساله 6 ص (454 - 465)
154(مسألة6) ملاقى الشبهة المحصورة، لا یحکم علیه بالنجاسة، لکن الاحوط الاجتناب(1)
(1) کما لا یحکم بنجاسة الملاقى بالکسر، کذلک لا یحکم بنجاسة الملاقى بالفتح، فان احتمال النجاسة فى کل واحد من الملاقى و الملاقى و الطرف الآخر، موجود، فاذا جرى الأصل المؤمّن یجوز ارتکاب ما یحتمل نجاسته، و اذا سقط الاصل با المعارضة، لابد من الاجتناب
و فى المقام اختلاف بین الاعلام، فمنهم من ذهب الى ان العلم الاجمالى بالنجاسة فى الشبهة المحصورة، علّة تامة لوجوب الاجتناب، فلا حاجة الى تساقط الأصول بالتعارض، بل نفس العلم الاجمالى بمقتضى ارتکاز المتشرعة، علة تامة لوجوب الاجتناب، کما ان ادلة الاصول مغیاة بالعلم، فاذا علم بالنجاسة تفصیلا او اجمالا، لا مجال لجریان الاصل، و اختاره السید الحکیم((قدس سره))
و منهم من ذهب الى انه فرق بین العلم التفصیلى و الاجمالى فالعلم التفصیلى بالنجاسة علة تامة لوجوب الاجتناب و امّا العلم الاجمالى، فهو مقتضى له فاذا تساقط الأصول فى اطراف المعلوم بالاجمال یکون منجزا للتکلیف و الاّ لا یکون منجزاله، فنفس جریان الاصل بلامعارض مؤمّن من العقاب.
الاظهر هو هذا القول، فان العلم بالنجاسة بین الاطراف و ان کان ثابتاً محقّقا، إلاّ أن کل فرد من افراد الاطراف، یکون مشکوکا من حیث النجاسة و الطهارة، و هو موضوع للأصول، فان جرت بلاتعارض بینها، کانت مؤمنة من العقاب، کما اذا علمنا ان احد الکأسین کان نجساً، ثم جاء المطر و اصاب البول احد الکأسین، ففى الواقع یحتمل طهارة الکأس النجس بالمطر و اصابة البول له قبل وصول المطر، فکلاهما طاهران و یحتمل اصابة المطر للکاس الطاهر ثم اصابة البول له فکلاهما نجس.
و یحتمل اصابة البول لما کان نجسا فى السابق و اصابة المطر للماء الطاهر فاحدهما نجس و الآخر طاهر، فهنا، لا مانع من جریان استصحاب النجاسة لما کان نجسا سابقا و استصحاب الطهارة لما کان طاهرا فى السابق فاصابة البول لأحدهما و ان کان معلوما بالاجمال، الاّ انه لا یکون منجزا للتکلیف لان الاستصحاب جرى فى کل من الکأسین فاستصحاب النجاسة یجرى فیما کانت حالته السابقة النجاسة و استصحاب الطهارة یجرى فیما کانت حالته السابقة الطّهارة، فالعلم الاجمالى باصابة البول و المطر لأحدهما لا یکون منجزاً للتکلیف و کذا الکلام فیما اذا اضطر المکلف بشرب احدهما المعین و هو الماء، فلو کان عطشاناً یخاف الهلاک و علم باصابة قطرة بول الى کأس الماء او کأس الحلیب، کان شرب الماء جائزاً لأجل الاضطرار و شرب الحلیب ایضاً جائز لجریان اصالة الطهارة و استصحابها، هذا اذا کان الاضطرار الى احدهما المعین قبل العلم الاجمالى بالنجاسة.
و أمّا اذا کان الاضطرار بعد العلم الاجمالى بالنجاسة، فبما ان الاصلین سقطا بالتعارض، کان الاضطرار موجبا لجواز ارتکاب احدهما بلا فرق بین ان یکون الاضطرار الى احدهما المعین او غیر معین، و لا یجوز ارتکاب الآخر،
اذا عرفت ما ذکرنا فنقول: ان العلم الاجمالى علة تامة لحرمة المخالفة القطعیة و مقتضى لوجوب الموافقة القطعیة، فان جرى الاصول فى اطراف المعلوم بالاجمال، لا تجب الموافقة القطعیة و ان تساقطت بالمعارضة تجب الموافقة القطعیة.
فهنا مسائل: الاولى ما اذا کان العلم الاجمالى متعلّقا بنجاسة احد الکأسین، فاصالة الطهارة فى کل منهما تعارضها فى الآخر فتساقطان، فان التکلیف و هو وجوب الاجتناب عنهما یصیر منجزاً، ثم إن لاقى العباء مثلا احد الکاسین، فتارة یبقى جزء من الملاقى فى الملاقى کالماء و أخرى ییبس و لا یبقى شیئ منه فیه، ففى الصورة الأولى، یجب الاجتناب عن الکأسین و العباء جمیعاً; لأن الملاقى قد قسّم الى قسمین، فقسم منه انتقل الى العباء و قسم منه بقى فى الکأس، و المفروض ان وجوب الاجتناب عن الکأسین تنجز بتساقط الاصول، فتقسیمه الى کأسین او ثلاثة لا یضر بالتنجیز اصلا وهذا واضح
و أمّا الصورة الثانیة و هى ما اذا لم یبق فى الملاقى شیئ من الملاقى، فهل یجب الاجتناب عن الملاقى او لا یجب؟ فیه قولان: احدهما وجوب الاجتناب عنه کما عن بعض المعاصرین بدعوى ان العلم الإجمالى الأول اذا کان باقیا الى زمان العلم بالملاقاة و هو زمان حدوث العلم الاجمالى الثانى، کان مانعاً عن التعبد به (اى بالاصل) بوجوده البقائى لا بصرف وجوده الحدوثى، و المفروض حدوث العلم الاجمالى الثانى فى هذا الزمان ایضاً و هو العلم بنجاسة الملاقى بالکسر او الطرف الآخر، و علیه، فیکون سقوط التعبد بالاصل فیه مستندا الى وجود کلا العلمین الاجمالیین فى ذلک الزمان غایة الامر، انه مستند الى العلم الاجمالى الأول بوجوده البقائى و الى الثانى بوجوده الحدوثى و لا ترجیح فى البین بعد ما کانت النسبة الى کلیهما نسبة واحدة، فاذن یکون العلم الاجمالى الثانى، منجزا مطلقا فى تمام صور المسئلة حیث ان الاصل فى الطرف الآخر معارض مع الاصل فى الملاقى بالکسر فیها تماماً
قلت: ما افاده، لا یمکن المساعدة علیه، فان العلم بالنجاسة لا اثر له الا اذا کان مستتبعا للعلم بوجوب الاجتناب لان الذى قابل للتنجز هو حکم المولى، و حیث أنه منجّز بالنسبة الى الطرف الآخر، فالعلم الاجمالى الثانى امره دائر بین الاقل و الاکثر، فینحل الى علم تفصیلى و شک بدوى، فان وجوب الاجتناب عن الملاقى و الطرف الآخر، قد تنجز قبل الملاقاة و بعد الملاقاة و لعدم وجود اثر الملاقى فى الملاقى نشک فى حدوث النجاسة للملاقى لانه لیس عین الملاقى فعلى تقدیر نجاسته یکون فرداً آخر من النجس و حیث انه مشکوک الحدوث، فیرجع فیه الى الأصول و هى استصحاب الطهارة او قاعدتها، و لا معارض لها لان التکلیف فى الملاقى و الطرف الآخر قد تنجز، و من الواضح انه لا مجال للرجوع الى الأصول بعد تنجز التکلیف، فکیف یمکن ان یقال: سقوط التعبد بالأصل فى الملاقى مستند الى وجود کلا العلمین الاجمالیین فى ذلک الزمان.
ان قلت: اذا کان الملاقى بالفتح، یجب الاجتناب عنه، فیجب الاجتناب عن الملاقى ایضا لانه من آثاره و تابع له.
قلت: الملاقى بالکسر و ان کان من آثار الملاقى بالفتح و مسبب عنه الا انه على تقدیر نجاسته فرد آخر منها و موضوع مستقل و ان کان مسبباً عنه، الاترى انه لو کان الثوب نجساً فغسل بماء طاهر، فطهر کانت طهارته فردا آخر من الطهارة و لیست عین طهارة الماء.
و حیث ان حدوث النجاسة فیه مشکوک فیه فیرجع فیه الى الاصول و لا معارض لها.
المسألة الثانیة: ما اذا کانت الملاقاة و العلم بها قبل العلم الاجمالى کما اذا کان هناک کأسان من الماء فلاقى العباء احدهما ثم علمنا نجاسة احدهما، فهنا هل یجب الاجتناب عن الملاقى کالملاقى او لا یجب الاجتناب عنه او فیه تفصیل؟
ذهب صاحب الکفایة الى الاول و ذهب الشیخ الانصارى و المحقق النائینى الى الثانى و اختار سیدنا الاستاذ الثالث و الحق هو ما ذهب الیه صاحب الکفایة فنقول: کما یجب الاجتناب عن الملاقى، کذلک یجب الاجتناب عن الملاقى ایضاً، لأن النجس اما الملاقى و الملاقى و اما الطرف الآخر، فالتعبّد بالأصول فى الطرف الآخر یعارض التعبد بها فى الملاقى و الملاقى فى عرض واحد، فیکون التکلیف منجزاً فى الثلاثة
و هذا نظیر العلم بنجاسة اناء کبیر او انائین صغیرین، فالتعبد بالاصل فى اناء کبیر یعارض مع کل من الأصلین فى إنائین صغیرین.
و استدل الشیخ الانصارى و المحقق النائینى((قدس سرهما)) بانّ الملاقى بالفتح سبب لنجاسة الملاقى لو کان نجسافالاصل فیه یعارض الطرف الآخر و یبقى الاصل فى المسبب بلامعارض.
و استشکل على ذلک سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) قال ان لهذه الصورة ایضاً شقین:
احدهما ما اذا کان المنکشف بالعلم الاجمالى المتأخر عن الملاقاة و عن العلم بها، متقدماً علیهما، کما اذا علمنا بحدوث الملاقاة یوم الخمیس و فى یوم الجمعة حصل العلم الاجمالى بنجاسة أحد الانائین یوم الاربعا، فالکاشف- هو العلم الاجمالى و ان کان متأخرا عن الملاقاة و العلم بها الاّ ان المنکشف، مقدم علیهما.
و ثانیهما ما اذا کان المنکشف بالعلم الاجمالى المتأخر عن الملاقاة و عن العلم بها، مقارنا معها، و هذا کما اذا علمنا بوقوع ثوب فى احد الانائین یوم الخمیس، و فى یوم الجمعة حصل العلم الاجمالى بوقوع قطرة دم على احد الانائین حین وقوع الثوب فى احدهما.
اما الشق الأول، فالحق فیه ما ذهب الیه الشیخ الانصارى((قدس سره)) من عدم وجوب الاجتناب عن الملاقى، وهذا لا من جهة تقدّم الاصل الجارى فى الملاقى على الأصل فى الملاقى رتبة، فان ذلک لا یستقیم (الى ان قال):
بل الوجه فى عدم وجوب الاجتناب عن الملاقى حینئذ، انما هو تقدم المنکشف بالعلم الاجمالى، على الملاقاة و العلم بها، و ان کان الکاشف و هو العلم، متأخرا عنهما، فان الاعتبار بالمنکشف لا بالکاشف، لوجوب ترتیب آثار المنکشف - و هو نجاسة احد الانائین- من زمان حدوثه فیجب فى المثال ترتیب آثار النجاسة المعلومة بالاجمال من یوم الاربعاء لا من زمان الکاشف کما لا یخفى، و على هذا فقد تنجزت النجاسة بین الانائین و الشک فى طهارة کل منهما یوم الاربعاء قد سقط الاصل الجارى فیه بالمعارضة فى الآخر، و بقى الشک فى حدوث نجاسة أخرى فى الملاقى، و الاصل عدم حدوثها، و لا معارض لهذا الاصل لما عرفت من ان العلم الاجمالى الثانى المتولد من الملاقاة، بنجاسة الملاقى أو الطرف الآخر، مما لا اثر له.
قلت: ما افاده((قدس سره)) لا یمکن المساعدة علیه بوجه، فان العلم اذا کان متأخراً و کان المعلوم مقدماً- کما هو المفروض- یستحیل تنجزه قبل العلم، فان العلم بالنجاسة، موضوع لتنجز التکلیف و هو وجوب الاجتناب، بل علّة له، فکیف یمکن تقدم المعلول على العلة، وهل یمکن ان یقال: ان الاجتناب عن الانائین، کان واجباً على المکلف یوم الاربعاء مع ان المکلف کان جاهلا بالنجاسة فى ذلک الیوم، فنقول اذا لاقى ثوب المکلّف کلا الانائین و صلى معه تصح صلاته و اذا کان شربهما، لا یکون معاقباً، و اذا کان توضأ باحدهما و لم ینکشف انه توضأ بالنجس یحکم بصحة وضوئه.
نعم اذا کان توضأ بهما أو اغتسل یحکم بفساده لا لاجل ان التکلیف کان منجزاً بل لأجل أن شرط صحة الوضوء و الغسل طهارة الماء واقعاً لاعلماً.
فقد ظهر مما ذکرنا أن الملاقاة اذا کانت قبل العلم الاجمالى بالنجاسة یجب الاجتناب عن الملاقى بالکسر کالملاقى و الطرف الآخر مطلقا.
المسألة الثالثة: ما اذا حصلت الملاقاة قبل حدوث العلم الاجمالى و کان العلم بها متأخرا عن حدوثه کما اذا لاقى الثوب احد الانائین یوم الاربعاء و لکنّه لم یعلم بها، و حصل العلم الاجمالى بنجاسة أحدهما اجمالا یوم الخمیس، و حصل العلم بالملاقاة یوم الجمعة، فهل یحکم بطهارة الملاقى فى هذه الصورة؟ فیه خلاف بین الأصحاب.
و قال سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)): لهذه الصورة ایضاً شقان.
احدهما: ما اذا کان المنکشف بالعلم الاجمالى متقدما على الملاقاة بحسب الزمان، و ان کان الکاشف- اعنى العلم الاجمالى- متأخراً عنهما، کما اذا لاقى الثوب احد الانائین یوم الاربعاء و علمنا یوم الخمیس بطرو نجاسة على احدهما یوم الثلاثاء و حصل العلم بالملاقاة یوم الجمعة.
و ثانیهما: ما اذا کان المنکشف بالعلم الاجمالى، متحدا مع الملاقاة زمانا بان لاقى الثوب أحد الانائین یوم الخمیس، و علمنا یوم الجمعة بطرو نجاسة على احدالانائین یوم الخمیس و حصل العلم بالملاقاة حال طرو النجاسة یوم السبت.
اما الشق الاول، فلا یجب فیه الاجتناب عن الملاقى، فان النجاسة المرددة قد تنجزت بالعلم الاجمالى المتأخر من حین حدوثها، و به تساقطت الاصول فى کل واحد من الانائین، فالعلم بالملاقاة بعد ذلک لا یولد الا احتمال حدوث نجاسة فى الملاقى و الاصل عدم حدوثها. انتهى مورد الحاجة من کلامه((قدس سره))
اقول: یظهر الجواب عما أفاده عن الجواب المتقدم فى المسألة الثانیة فان النجاسة المرددة بین انائین، تستحیل ان تتنجز من حین حدوثها; فان تنجز النجاسة لیس الا بمعنى وجوب الاجتناب عنها و هو معلول للعلم الاجمالى الحادث فى یوم الخمیس، فلابد ان یکون مقارنا له، فنقول: انا نعلم بنجاسة هذالاناء او نجاسة ذاک الاناء، فوجوب الاجتناب عن الانائین یحدث بحدوث العلم بالنجاسة یوم الخمیس و یبقى ببقائه و لا یمکن ان یتحقق قبل یوم الخمیس ابداً; و فى یوم الجمعة یعلم بانه یجب الاجتناب اما عن الملاقى و الملاقى و اما عن ذاک الاناء، فالتعبد بالاصل یسقط بالتعارض، و یصیر المعلوم بالاجمال منجزا، فیجب الاجتناب عن الملاقى کالانائین.
فقد تحصل أن الملاقاة اذا کانت قبل العلم الاجمالى، یجب الاجتناب عن الملاقى بالفتح و الملاقى بالکسر و الطرف الآخر فى جمیع الفروض و تأخر العلم بالملاقاة عن العلم الاجمالى بالنجاسة، لا یؤثر فى عدم وجوب الاجتناب عن الملاقى بالکسر فان وجوب الاجتناب عنه فعلى عند العلم الاجمالى بنجاسة احد الانائین و یصیر منجزاً عند العلم بالملاقاة، ففى یوم الجمعة فى المثال الاول یعلم المکلف بوجوب الاجتناب عن هذا الاناء مع الملاقى او عن ذاک الاناء و حیث انه فى یوم الخمیس لا یعلم بالملاقاة، لا یکون وجوب الاجتناب عنه منجزا.
و مما ذکرناه فى الشق الاوّل، ظهر حکم الشق الثانى الذى ذکر فى التنقیح(1) و هو ما اذا کان المنکشف بالعلم الاجمالى، متحدا مع الملاقاة زماناً بأن لاقى الثوب احد الانائین یوم الخمیس، و علمنا یوم الجمعة بطرونجاسة على احدالانائین یوم الخمیس، و حصل العلم بالملاقاة حال طرو النجاسة یوم السبت، فالمکلف فى یوم السبت فى هذالمثال و فى یوم الجمعة فى المثال السابق یعلم بان النجس إمّا هذالاناء مع الملاقى و اما ذاک الاناء، فبما أن الأصلین یتساقطان بالتعارض، یکون المعلوم بالاجمال منجزاً.
ان قلت: ان العلم الاجمالى بنجاسة احد الانائین، فى یوم الخمیس فى المثال الأول و فى یوم الجمعة فى المثال الثانى قد اوجب تنجز المعلوم بالاجمال قبل العلم بحصول الملاقاة، لتساقط الأصول بالتعارض، فلا یترتب على العلم بالملاقاة فى یوم الجمعة و السبت الا احتمال حدوث نجاسة جدیدة و الاصل عدمها، و بذلک یفرق بین صورتى تقدم العلم بالملاقاة على العلم الاجمالى و تأخره.
قلت: العلم الاجمالى الاول، قد زال بالعلم الاجمالى الثانى المتعلق باالملاقاة، فان المکلف یعلم بنجاسة الملاقى و الملاقى او بنجاسة الاناء الآخر، فبعد تساقط الأصول بالتعارض یتنجز المعلوم بالاجمال الثانى، فیجب الاجتناب عن الملاقى و الملاقى و الاناء الآخر.
نعم قبل العلم الاجمالى الثانى اذا صلّى بالملاقى یحکم بصحة الصلوة لعدم العلم بنجاسته، و اما بعده، فیجب الاجتناب عن الملاقى و الملاقى و الطرف الاخر کما عرفت.
المسألة الرابعة: لو علم بالملاقاة ثم فقد الملاقى و علم بنجاسة احد الانائین فهل یجب الاجتناب عن الملاقى بالکسر ام لا؟
ذهب شیخنا الانصارى((قدس سره)) الى وجوب الاجتناب عن الملاقى بالکسر، للعلم الاجمالى بنجاسته او الطرف الآخر، فیجب الإجتناب عنهما لأنّ التعبد بالأصل المؤمن یسقط بالتعارض فى الطرفین، فلو صار الاناء المفقود محلا للابتلاء ثانیاً لا یجب الاجتناب عنه لجریان الاصل فیه بلامعارض.
و استشکل علیه السید الحکیم((قدس سره)) بان فقد الملاقى بالفتح، لا یوجب عدم جریان اصل الطهارة فیه لا ثبات طهارة الملاقى بالکسر بل یجرى فیه و یتعارض مع الاصل الجارى فى الطرف الآخر، و بعد التعارض و التساقط، یرجع الى الأصل فى الملاقى بالکسر بلا معارض، و الفقدان لا یمنع من جریان الأصل فى المفقود، اذا کان الاثر المقصود منه، ثابتاً لموضوع موجود، فلو غسل ثوبه النجس بماء یعتقد بنجاسته، ثم شک بعد الغسل فى طهارة الماء المغسول به، جرى استصحاب الطهارة فى الماء لا ثبات طهارة الثوب و ان کان الماء معدوماً حین جریان الاستصحاب فیه;
و کذالحال فى اجراء استصحاب الطهارة او اصالة الطهارة فى الاناء المفقود بلحاظ أثره فى الاناء الملاقى له، فلا فرق بین صورة فقد الملاقى بالفتح حال العلم بالملاقاة وصورة وجوده فى کون الاصل الجارى فى الملاقى -بالکسر- بلامعارض، فلو بنى على جواز العمل بالاصل المرخص فى احد اطراف العلم الاجمالى، کان اللازم البناء على طهارة الملاقى -بالکسر- مطلقاً، انتهى.(2)
قلت: ما افاده((قدس سره)) لا یمکن المساعدة علیه فان الاصل الجارى فى المفقود، اثره طهارة الملاقى، بالکسر- و بما انه معارض مع الأصل الجارى فى الطرف الآخر، یتساقطان ، فیصیر العلم الاجمالى منجزا للتکلیف، فیجب الاجتناب عن الملاقى -بالکسر- و الطرف الآخر
و قیاس المقام بالماء المشکوک الذى غسل به الثوب النجس لا ینفع، فان اصالة الطهارة تجرى فى الماء المعدوم و أثرها العملى طهارة الثوب. و لا معارض لها
و اما المقام، فالاثر العملى المترتب على اصالة الطهارة فى المفقود طهارة الملاقى -بالکسر- و بما انها معارضة باصالة الطهارة فى الطرف الآخر،تسقطان،فکما یجب الاجتناب عن الطرف الآخر، یجب الاجتناب عن الملاقى ایضاً کما هو قضیة العلم الاجمالى.
فلا فرق بین اجراء الأصل فى المفقود باعتبار ترتیب الاثر على الملاقى -بالکسر- و اجراء الأصل فى نفس الملاقى -بالکسر- فیقال: النجس اما هو الملاقى -بالکسر- او الطرف الآخر، فالتعبد بالاصل المؤمن یسقط فى الطرفین، فیکون العلم الاجمالى منجزاً، فیجب الاجتناب عن الملاقى و الطرف الآخر.
فقد تحصّل مما ذکرناه أمور: الاول: ان العلم الاجمالى بالنجاسة ان کان مقدماً على الملاقاة و کانت بعده، یجب الاجتناب عن الانائین دون الملاقى بالکسر الا اذا کان عین الملاقى و جزء منه موجودا فى الملاقى.
الثانى: ان الملاقاة ان کانت قبل العلم الاجمالى بالنجّاسة او مقارنة له، یجب الاجتناب عن الملاقى و الملاقى و الطرف الآخر، سواء کان العلم بها قبل العلم الاجمالى اومقارنا له او بعده.
الثالث: ان المنکشف بالعلم الاجمالى ان کان مقدّماً على الملاقاة و لکن العلم الاجمالى کان مقارنالها او مؤخرا عنها، لا مجال لجریان الاصول المؤمنة و تساقطها قبل العلم الاجمالى لما عرفت من استحالة تقدم المعلول على العلة، فان تعارض الأصول و تساقطها انما یکون بعد العلم الاجمالى لا قبله.
الرابع: لو فقد الملاقى قبل العلم الاجمالى بالنجاسة، یجب الاجتناب عن الملاقى بالکسر و الطرف الآخر و ما افاده فى المستمسک من جریان الاصل المؤمن فى الملاقى مطلقا، لا یتّم.
1- التنقیح ج1 ص423
2- المستمسک ج1 ص260
مساله 7 ص (466)
▲ مساله 7 ص (466)
155(مسألة7) اذا انحصر الماء فى المشتبهین، تعیّن التیمم(1) و هل یجب اراقتهما او لا؟ الأحوط ذلک، و ان کان الاقوى العدم(2)
(1) کما هو ظاهر موثقة سماعة المتقدمة(1) و موثقة عمار(2) عن ابى عبدالله((علیه السلام)) (فى حدیث) قال: سأل عن رجل معه إناءان فیهما ماء وقع فى احدهما قذر لا یدرى ایهما هو و حضرت الصلوة و لیس یقدر على ماء غیرهما، قال: یهریقهما، جمیعا و یتیّمم.
(2) عن القواعد وجوب الاراقة.
قال فى المستمسک: الظاهر من الامر بالاراقة الارشاد الى عدم الانتفاع بهما، کما هو کذلک فى أمثاله من الموارد.
قال شیخنا الأعظم فى طهارته: لا اشکال فى وجوب التیّمم مع انحصار الماء فى المشتبهین، لأجل النص و الاجماع المتقدمین.
و قد تقدم الکلام حول الموثقتین(3) و قلنا: ان ظاهر الامر بالاهراق هو الوجوب و تعیّن التیّمم، و الوضوء بکل من مائین و تکرار الصلوة اجتهاد فى قبال النص فراجع.
(1)(2)- س ج 1 ب8 من ابواب الماء المطلق ح2و14 ص113و116
3- ص439
مساله 8 ص(466 - 467)
▲ مساله 8 ص(466 - 467)
156(مسألة8) اذا کان اناءان أحدهما المعین نجس و الآخر طاهر فأریق احدهما و لم یعلم انه أیهما فالباقى محکوم بالطهارة(1)
و هذا بخلاف ما لو کانا مشتبهین و اریق احدهما، فانه یجب الاجتناب عن الباقى، و الفرق أن الشبهة فى هذه الصورة بالنسبة الى الباقى بدویة(2) بخلاف الصورة الثانیة، فان الماء الباقى، کان طرفاً لشبهة من الأول و قد حکم علیه بوجوب الاجتناب.
(1) قال فى المستمسک فى وجهه: لان العلم الاجمالى حدث بعد الاراقة و انعدام احد الطرفین، فالشک فى الطرف الباقى شبهة بدویة، و المرجع فى الشبهة البدویة اصالة الطهارة.
و اختاره سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) و المعلقون على العروة.
و لکن الظاهر عدم تمامیة ما ذکروه، فان العلم بالتکلیف کان ثابتاً، قبل الاراقة، و الشک انما هو فى سقوطه، فان کان المراق واقعاً هو الطاهر کان التکلیف باقیاً و ان کان هو النجس، کان ساقطاً، فاحتمال أنه هو النجس، یکفى فى حکم العقل بوجوب الاجتناب عنه هذا اولا.
و ثانیاً: ان الظرف الذى اریق مائه طرف للعلم الاجمالى، فان المکلف یعلم بنجاسته أو نجاسة الماء الباقى، فیجب الاجتناب عنهما، لان التعبد بالاصل فى کل منهما معارض بمثله فیسقطان، فلابد من الاجتناب عنهما. و لکن العمدة هو الوجه الأوّل
(2) لا تکون الشبهة بدویة، فان الشک فى سقوط التکلیف بعد ثوبته و العقل حاکم بالاشتغال لا بالبرائة و استصحاب الاشتغال ایضاً لا مانع منه.
مساله 9 ص (467 - 469)
▲ مساله 9 ص (467 - 469)
157(مسألة9) اذا کان هناک اناء لا یعلم انه لزید او لعمرو و المفروض انه مأذون من قبل زید فقط فى التصرف فى ماله، لا یجوز له استعماله(1)
و کذا اذا علم انه لزید -مثلا- لکن لا یعلم انه مأذون من قبله او من قبل عمرو(2)
(1) لأن احتمال انه لعمرو مساوق لاحتمال حرمة التصرف و لا اصل مؤمن فى البین، و اذن زید فى التصرف فى أمواله لا ینفع لانه مثبت للکبرى، و الصغرى لم تحرز و هى قول القائل: هذالمال لزید.
ثم إن بعض المعاصرین افتى بجواز التصرف حیث قال: الأظهر الجواز لأنّ عدم الجواز مبنى على احراز موضوع حرمة التصرف فى مال المسلم و هو لا یمکن، فان موضوعه مرکب من الملک و عدم الأذن و الاول محرز و الثانى لا یمکن احرازه لأن اذن زید محرز على الفرض و عدم اذن عمرو کذلک فلا شک حینئذ و استصحاب عدم اذن الفرد الواقعى المردّد بین زید و عمرو لا یجرى لانه من الاستصحاب فى الفرد المردّد.
و فیه اولا: انه لا یتعبر فى حرمة تصرف مال المسلم، احراز عدم الإذن بل یکفى فیها عدم احراز الاذن و فى المقام لم یحرز، فکیف یمکن القول بجواز التصرف، و بعبارة أخرى کان التصرف فى هذا الاناء، محرماً قطعاً قبل صدور الاذن من زید، فنشک الان فى بقائها فتستصحب، فلا نحتاج الى التمسک باستصحاب الفرد الواقعى المردد بین زید و عمرو حتى یناقش فیه بعدم الجواز.
فان قوله((صلى الله علیه وآله)): لا یحل مال امراء مسلم الابطیبة نفسه، ظاهر فى ان الحلّیة منوطة باحراز طیب نفس المالک المسلم، فما دام لم یحرز کان التصرف حرماً.
و ثانیاً: ان مالک هذا الاناء کان و لم یأذن فى التصرف فیه، فبعد اذن زید فى التصرف فى امواله، نشک فى تحقق اذن المالک و عدمه، فلا مانع من استصحاب عدمه.
و ثالثاً: ان استصحاب العدم الازلى، ینفى ملکیة زید لهذالمال، فیحرم التصرف فیه و نظیر المقام ما اذا وکلت المرأة رجلا ان یزوجه بمن یراه صلاحاً، فزوّجه لاحد وهو مردد بین زید و عمرو فان کان زیداً فقد مات و ان کان عمروا کان حیاً تستصحب المرأة حیات زوجها، فیحرم ان تتزوج بغیره.
(2) فان کونه لزید لا ینفع ما دام لم یحرز اذنه، و الاصل عدم اذن زید، و اصالة عدم اذن عمرو لا اثرلها، فلا تجرى، و لا تثبت بها أن الآذن هو زید الاّ على القول بالاصل المثبت و لا نقول به.
مساله 10 ص (469 - 470)
▲ مساله 10 ص (469 - 470)
158(مسألة10) فى المائین المشتبهین اذا توضأ بأحدهما او اغتسل و غسل بدنه من الآخر، ثم توضأ به او اغتسل، صح وضوئه او غسله على الاقوى(1)، لکن الأحوط ترک هذالنحو مع وجدان ماء معلوم الطهارة و مع الانحصار الأحوط ضم التیمم ایضاً.
(1) لا یصلح الغسل و الوضوء بهما لوجوه: الاوّل: الموثقتان المتقدمتان الآمرتان بالتیمم، و قد تقدم انهما على طبق القاعدة، فالتوضأ او الغسل بالنحو المذکور، اجتهاد فى قبال النص.
الثانى: انه یتیقن بنجاسة بدنه عند صب الماء الثانى لتطهیر مواضع الوضوء قبل انفصال الغسالة او التعدد فکل عضو من اعضاء الوضوء یعلم بنجاسته تفصیلا، فبعد انفصال الغسالة و التعدّد تستصحب النجاسة، فیحکم ببطلان الوضوء، لأن جمیع اعضاء وضوئه محکوم بالنجاسة قبله;
الثالث: تلوّث بدنه بالنجاسة فان استصحاب نجاسة البدن مانع عن الدّخول فى الصلوة، فالمانع من الدخول فى الصلوة امران: بقاء الحدث و نجاسة البدن و لو فرض ان الماء الأول کان طاهراً، فقد ارتفع به الحدث و لکن استعمال الماء الثانى اوجب نجاسة البدن، فتکون مانعة من الدّخول فى الصلاة، فالصلاة باطلة جزماً.
و أما ما ذهب الیه جمع کثیر من الاعلام من تکرار الوضوء و الصّلاة، فهو ایضاً لا یمکن المساعدة علیه لأنه یرد علیهم مضافا الى الوجوه المتقدمة، عدم جواز الدخول فى الصلاة بعد الوضوء بالماء الأول لاستصحاب الحدث فانه کان متیقّناً و الشک فى ارتفاعه، فمع بقائه تعبداً یحرم الدخول فى الصلاة، کما تدل علیه صحیحة صفوان بن مهران الجمال عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: اقعد رجل من الأحبار فى قبره، فقالوا: انا جالدوک ماة جلدة من عذاب الله عزوجل، فقال: لا
اطیقها فلم یزالوا به حتى انتهو الى جلدة واحدة فقال: لا اطیقها فقالوا: لیس منها بدّ، فقال: فیما تجلّدوینها؟ قالوا: نجلدک أنک صلّیت یوماً بغیر وضوء و مررت على ضعیف، فلم تنصره فجلّدوه جلدة من عذاب الله فامتلأ قبره ناراً.(1)
و معتبرة مسعدة بن صدقة ان قائلا قال: لجعفر بن محمد((علیهما السلام)) جعلت فداک انى امر بقوم ناصبیة و قد اقیمت لهم الصلاة و انا على غیر وضوء فان لم ادخل معهم فى الصلوة، قالوا ما شاء وا ان یقولوا، أفأصلّى معهم ثم اتوضأ اذا انصرفت و أصلّى؟ فقال جعفر بن محمد((علیهما السلام)): سبحان الله افما یخاف من یصلى من غیر وضوء ان تأخذه الأرض خسفاً؟!(2)
ثم لا یخفى ان ما ذکره المصنف هنا ینافى ما تقدم منه فى المسألة السابعة حیث افتى هناک بتعین التیمم و هو الصحیح لما عرفت.
تنبیه: قد تقدم منا جواز تکرار الوضوء و تکرار الصلاة فیما اذا لم ینحصر الماء فى المشتبهین و لکنّ التحقیق عدم جواز ذلک مطلقا لما عرفت من الوجوه، فلابد من اهراقهما و التیّمم.
1- س ج 1 ب2 من ابواب الوضوء ح2 ص258
2- س ج 1 ب2 من ابواب الوضوء ح1 ص258
مساله 11 ص (471 - 472)
▲ مساله 11 ص (471 - 472)
159(مسألة11) اذا کان هناک ماءان توضأبأحد همااواغتسل وبعد الفراغ حصل له العلم بأن أحد هماکان نجساً ولا یدرى انه هوالذى توضأبه او غیره، ففى صحة وضوئه او غسله اشکال، اذ جریان قاعدة الفراغ هنامحل اشکال(1) و اما اذا علم بنجاسة احدهما المعین و طهارة الآخر، فتوضأ و بعد الفراغ شک فى انه توضّأ من الطاهر او من النجس، فالظاهر صحة وضوئه لقاعدة الفراغ(2) نعم لو علم أنه کان حین التوضآ غافلا عن نجاسة أحدهما، یشکل جریانها.
(1) ینشاء من دلالة بعض النصوص على اعتبار الالتفات حال العمل فى جریان القاعدة، منها: موثقة بکیر بن اعین قال: قلت له: الرجل یشک بعد ما یتوضأ؟ قال: هو حین یتوضأ اذکر منه حین یشک.(1)
و منها صحیحة محمد بن مسلم عن ابى عبدالله((علیه السلام)) انه قال: اذا شک الرجل بعد ما صلّى فلم یدر أثلاثاً صلى ام اربعاً، و کان یقینه حین انصرف انه کان قد أتم، لم یعد الصلاة، و کان حین انصرف اقرب الى الحق بعد ذلک.(2)
و من أن النصوص الباقیة(3) مطلقة و الارتکازات العقلائیة تساعد اطلاقها، فان الظاهر بنائهم على عدم الاعتناء مطلقا، و تدلّ على الاطلاق و عدم اعتبار الالتفات حسنة الحسین بن ابى العلاء قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن الخاتم اذا اغتسلت قال: حوّله من مکانه، و قال فى الوضوء: تدیره فان نسیت حتّى تقوم فى الصلاة، فلا آمرک ان تعید الصلاة(4)
و حیث ان الخاتم لو کان ضیقاً بحیث یقطع بعدم وصول الماء تحته، یستلزم عدم اعتبار الطهور فى الصلاة و هو مما لا یمکن الالتزام به، فتحمل الحسنة على فرض کون الخاتم وسیعاً یصل الماء تحته، فالامر بالتدویر یحمل على الاستحباب; لان القائلین بان القاعدة تعبدیة محضة و لا اماریة فیها، ایضاً لا یلتزمون بصحة الوضوء و الصلاة مع العلم بعدم وصول الماء تحت الخاتم، فانه مردود عند الأصحاب اجمع، و تحقیق الکلام فى ذلک یجئ فى کتاب الصلاة انشاءالله تعالى.
ثم ان جریان القاعدة على القول به مبنى على عدم بقاء الطرف الآخر و الاّ لزم العلم بوجوب الاجتناب عنه او وجوب الوضوء ثانیاً لما عرفت من أن الملاقاة ان کان قبل العلم الاجمالى بالنجاسة یجب الاجتناب عن الملاقى و الملاقى و الطرف الآخر و اعضاء الوضوء هى الملاقیة لاحد الطرفین.
(2) فانه کان ملتفتا الى نجاسة أحدهما المعیّن و هو لا یقدم على التوضأ من النجس و احتمال الغفلة یدفع بأصالة عدم الغفلة.
نعم لو علم بالغفلة حین التوضأ، یشکل جریانها لما عرفت من اعتبار الالتفات او احتماله.
1- س ج1 ب42 من ابواب الوضوء ح7 ص332
2- س ج5 ب 27 من ابواب الخلل الواقع فى الصلاة ح3 ص343
3- س ج 1 ب24 من ابواب الوضوءو ج5 ب23 من ابواب الخلل الواقع فى الصلاة
4- س ج 1 ب 41 من ابواب الوضوء ح2 ص329
مساله 12 ص (472 - 475)
▲ مساله 12 ص (472 - 475)
160(مسألة12) اذا استعمل احد المشتبهین بالغصبیة، لا یحکم علیه بالضمان الاّ بعد تبیّن ان المستعمل هو المغصوب(2)
(2) فانّ العلم الاجمالى بغصبیة أحدهما موجب للعلم بحرمة التصرف و بما أن اصالة الاباحة فى کل منهما یعارضها أصالة الا باحة فى الآخر، فتسقطان، فیکون العلم بحرمة التصرف منجزاً، فالعقل یحکم بوجوب الاجتناب عنهما.
و لا ملازمة بین وجوب الاجتناب عن کل منهما و الضمان بالتصرف فى احدهما، فان موضوع الضمان هو التصرف فى مال الغیر بلا اذن منه، و لم یثبت انه تصرف فى مال الغیر، لاحتمال ان التصرف صادف مال نفسه، هذا فیما اذا کان العلم الاجمالى مقدّماً على التصرف واضح.
و أمّا اذا تصرف احدهما و اتلفه، ثم علم بغصبیة أحدهما فهل یثبت الضمان ام لا؟
ذهب السید الحکیم((قدس سره)) الى ثبوت الضمان للعلم الاجمالى اما بالضمان او بعدم جواز التصرف فى الآخر، فهذه المسألة من قبیل مسألة الملاقاة، اذا لم ینحل العلم الاجمالى القائم به، و عدمه اذا کان منحلا بعلم سابق علیه زماناً اعنى العلم بالغصبیة.
و استشکل علیه سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) بان العلم بغصبیة احد الطرفین اذا کان متأخرا عن الاتلاف فهناک اصلان:
احدهما: اصالة عدم حدوث الحکم بالضمان و هو اصل ناف مخالف للعلم الاجمالى.
و ثانیهما: اصالة عدم کون الباقى ملکاله او لمن اذن له فى التصرف فیه -لو کان هناک مجیز- حیث ان جواز التصرف فى الأموال المتعارفة التى بایدینا، یحتاج الى سبب محلّل له: من اشترائها وهبتها، و اجازة مالکها، و غیرها من الاسباب و الاصل عدم تحقق السّبب المحلّل عند الشک فیه، و هو اصل مثبت على وفق العلم الاجمالى بالتکلیف، فلا مانع من جریانه کما مر، و بهذا تبقى اصالة عدم حدوث الضمان فى الطرف المتلف سلیمة عن المعارض، فلا یترتب على العلم الاجمالى بالضمان او بحرمة التصرف فى الطرف الآخر أثر.
و قیاس المقام بالملاقى لأحد اطراف الشبهة المحصورة، مع الفارق، فان الأصلین فى المقیس علیه نافیان للتکلیف و هما على خلاف المعلوم بالاجمال و این هذا من المقام الذى عرفت ان الاصل فیه مثبت للتکلیف فى احد الطرفین، و معه لاتتساقط الأصول، و قد مرّ ان وجوب الموافقة القطعیة، مستند الى تساقط الأصول فى اطراف العلم الاجمالى و غیر مستند الى نفسه.
قلت: ما افاده لا یمکن المساعدة علیه، فان اصالة عدم کون الباقى ملکاله او لمن اذن له فى التصرف معارضة بمثلها فى الطرف الآخر و کذا اصالة الا باحة فى الطّرفین ساقطة بالتعارض، فیبقى العلم الاجمالى بالضمان او بحرمة التصرف فى الآخر، منجزا للتکلیف.
ان قلت: الطّرف الآخر قد أتلف فکیف یجرى فیه الاصل مع عدم وجود الموضوع.
قلت: الاصل یجرى فیه باعتبار أثره و هو الضمان و هو یترتب على اصالة عدم السبب المحلّل فى التالف و اثرها تحقق الضمان على المتلف فاذا تساقط الأصلان بالمعارضة، نحکم به لأجل العلم الاجمالى بان احدهما غصب.
نظیر المقام ما اذا غسلنا ثوبا نجساً بالماء ثم بعد تمامیة الغسل شککنا فیه هل هو کان طاهرا حتى یحکم بطهارة الثوب؟ او کان نجساً حتى یحکم بنجاسته؟ فتجرى اصالة الطهارة بالنسبة الیه و اثرها طهارة الثوب.
و لا یخفى أنه لو تصرف المشتبه الآخر ایضاً، لا یتعدد الضمان، بل الضمان
لاجل تصرف المغصوب یصیریقینیاً و قبل ذلک کان لازماً من باب الاحتیاط، فانّ التعبد بالاصل المؤمن کان ساقطا لأجل المعارضة فى الطّرفین، فاحتمال الأسئار الغصبیة کان موجباً لوجوب الاحتیاط.
فصل الأسئار
▲ فصل الأسئار
فصل الأسئار ص (475 - 480)
▲ فصل الأسئار ص (475 - 480)
فصل
سؤر نجس العین الکلب و الخنزیر و الکافر نجس(1) و سؤر طاهرالعین طاهر و ان کان حرام اللّحم،(2) او کان من المسوخ او کان جلاّ لا نعم یکره سؤر حرام اللحم.(3)
ما عد المؤمن(4) و الهرّة على قول(5)، و کذا یکره سؤر مکروه اللحم(6) کالخیل و البغال و الحمیر. و کذا سؤر الحائض المتهمة(7) بل مطلق المتّهم.
(1) السؤر ما باشره الحیوان سواء کان ماء او طعاماً ففى صحیحة عبدالله بن سنان عن أبى عبدالله((علیه السلام)): قال: لا بأس ان تتوضأ مما شرب منه ما یؤکل لحمه.(1)
و فى صحیحة زرارة عن أبى عبدالله((علیه السلام)): قال: فى کتاب على((علیه السلام)) ان الهر سبع، لا بأس بسؤره و انّى لا ستحى من الله ان ادع طعاماً لان الهر اکل منه.(2)
و فى موثقة معاویة بن عمار عن ابى عبدالله((علیه السلام)) فى الهر انها من أهل البیت و یتوضأ من سؤرها(3)
ثم ان ما باشره الکلب او الخنزیر او الکافر نجس اذا کانت مع الرطوبة و تدل على ذلک عدة من النصوص:
منها: صحیحة على بن جعفر عن موسى بن جعفر((علیهما السلام)) (فى حدیث) قال: و سألته عن خنزیر شرب من اناء کیف یصنع به؟ قال((علیه السلام)) یغسل سبع مرّات.
و منها: صحیحة الفضل ابى العباس عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن فضل الهّرة و الشاة والبقر و الابل و الحمار و الخیل و البغال و الوحش و السباع، فلم أترک شیئاً الاّ سألته عنه، فقال: لا بأس به حتى انهیت الى الکلب، فقال: رجس نجس لا تتوضأ بفضله و اصبب ذلک الماء و اغسله بالتراب اول مرّة ثم بالماء(4)
و منها: صحیحة محمد بن مسلم قال: سألت ابا جعفر((علیه السلام)) عن آنیة اهل الذمة و المجوس فقال: لا تأکلوا فى آنیتهم و لا من طعامهم الذى یطبخون و لا فى آنیتهم التى یشربون فیها الخمر.(5) و تفصیل الکلام فى نجاسة الکفار یأتى فى باب النجاسات انشاء الله تعالى.
و أما غیر الثلاثة من الحیوانات فلا بأس بسؤرهاکما تدل علیه صحیحة ابى العباس المشار الیها و غیرها من النصوص، و هو المشهور بین الاصحاب.
و لکن عن محمد بن ادریس فى السرائر، نجاسة ما یمکن التحرز عنه من حیوان الحضر غیر مأکول اللحم و غیر الطیر و عن المبسوط المنع عن استعمال سؤر غیر مأکول اللحم.
و لا دلیل على ما ذکراه الاّ ما ربما یتخیل من ثلاث روایات:
احدیها: موثقة عمار عن الصادق((علیه السلام)) سأل عما تشرب منه، الحمامة فقال: کل ما اکل لحمه فتوضأ من سؤره و اشرب، و عن ماء شرب منه باز او صقر او عقاب، فقال((علیه السلام)): کل شیئ من الطیر، یتوضأ مما یشرب منه(6)
ثانیتها: موثقة سماعة: هل یشرب سؤر شیئ من الدواب و یتوضأ منه؟ فقال((علیه السلام)): أما الابل و البقر و الغنم، فلا بأس.(7)
ثالثتها: مرسلة الوشاء عن الصادق((علیه السلام)): انه کان یکره سؤر کل شیئ لایؤکل لحمه.(8)
و لکن الجمیع معارض بصحیحة ابى العباس المتقدمة، فانها صریحة فى عدم البأس، فتحمل تلک الروایات على الکراهة و اولویة التنزه.
و نحوها روایة معاویة بن شریح(9) و حیث ان سندها ضعیف، فتکون مؤیدة لمضمون الصحیحة.
(2) ثم ان المسوخ او الجلال ایضاً من طاهر العین فیکون سؤره طاهراً و سیأتى فى ابواب النجاسات عدم الدلیل على نجاستهما، فالقول بنجاستهما ضعیف.
و عن السید و الشیخ و ابن الجنید المنع عن سؤر الجّلال لعدم خلو لعابه عن النجاسة، فانه تنجس باصابة عین النجس فاذا اصاب شیئاً آخر ینجّسه لا محالة.
و فیه اولا: انه اخص من المدعى فان السؤر عبارة عن کل ما باشره جسم الحیوان کرجله و ذنبه و اذنه مثلا، فانها لا تکون متنجسة لاختصاص اللعاب بالفم.
و ثانیاً: انه اعم من المدعى، فان الکلام فى سؤر الجلال، و الوجه المذکور لو تمّ یثبت نجاسة لعاب کل حیوان اصاب فمه نجساً کالجیف و نحوه.
و ثالثاً: انه لا دلیل على نجاسة داخل الفم و لعابه بعد زوال العین عنه، فان النجاسة اذا زالت عن الحیوان یکفى فى حصول الطهارة و لا حاجة الى تطهیره بالماء.
(3) للجمع بین النصوص الثلاثة المتقدمة التى استدل بها لقول صاحاب السرائر، و صحیحة البقباق المتقدمة.
(4) لصحیحة عبدالله بن سنان قال: قال ابو عبدالله((علیه السلام)): فى سؤر المؤمن شفاء من سبعین داء(10)
و فى مرفوعة محمد بن اسماعیل، قال: من شرب سؤر المؤمن تبرکاً به خلق الله بینهما ملکاً یستغفر لهما حتى تقوم الساعة.(11)
و فى الخصال باسناده عن على((علیه السلام)) (فى حدیث الاربعمأة) قال: سؤر المؤمن شفاء(12)
(5) لما تقدم فى صحیحة زرارة(13)
(6) على المشهور بین الأصحاب و لعل الوجه فیه الجمع بین موثقة سماعة و صحیحة البقباق المتقدمتین، فان البأس فى الموثقة یحمل على الکراهة بقرینة
صحیحة البقباق قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن فضل الهرة و الشاة و البقر و الابل و الحمار و الخیل و البغال و الوحش و السباع، فلم اترک شیئاً الاّ سألته عنه فقال لا یأس به (الحدیث)(14)
و قد تقدم ان نفى البأس صریح فى الجواز، فالبأس المستفاد من الموثقة یحمل على الکراهة فانه((علیه السلام)) قال فى مقام البیان: اما الابل و البقر و الغنم فلا بأس.
فیستفاد منه ان فى سؤر غیر الانعام الثلاثة بأساً -و قد عرفت انه یحمل على الکراهة.
و قد ظهر مما ذکرنا ان انکار جمع من الأصحاب کراهة سؤر الانعام الثلاثة (الخیل و البغال و الحمیر) لیس فى محله.
(7) و هى المراد من غیر المأمونة الواردة فى مارواه على بن یقطین عن ابى الحسن((علیه السلام)) فى الرّجل یتوضأ من فضل الحائض؟ قال((علیه السلام)): اذا کانت مأمونة فلا بأس(15)
ثم ان سیدنا الاستاذ((قدس سره)) استشکل على المتن بان تقیید الحائض بالمتهمة لادلیل علیه، فان الحائض قیدت فى الموثقة بالمأمونة و مقابلها ما اذا لم تکن بمأمونة لا ما اذا کانت متهمة فانها اخص من الاول فاذا وردتک امرأة ضیفاً و انت لا تعرفها فهى غیر مأمونة عندک لجهلک بحالها و لکنها لیست بمتهمة فالصحیح ان الکراهة مختصة بما اذا لم تکن بمأمونة.
قلت: أظهر افراد غیر مأمونة هى المتهمة، و حیث ان من لم تکن مأمونة و لا متهمة نادرة الوجود، فلهذا قید فى المتن بالمتهمة هذا نظیر العادل و الفاسق فان غیر العادل ظاهر فى الفاسق، و ان کانت الواسطة بینهما موجودة، و هى من بلغ و لم یرتکب المعاصى و لم یحصل له ملکة العدالة و لکنها نادرة.
و ینبغى التنبه على أمرین:
الاول: هو ان السید الحکیم و الاستاذ الخوئى((قدس سرهما)) عبّرا عمارواه على بن یقطین بالموثقة، ولکنها لیست بموثقة بل ضعیفة لاجل على بن محمد بن الزبیر الواقع فى سندها و هو لم یوثق، فعلیه لم یثبت التفصیل بین المأمونة و غیرها.
الثانى: ان النصوص المانعة عن الوضوء من سؤر الحائض کثیرة(16) فلو لم تکن معتبرة رفاعة، الدالة على جواز الوضوء من سؤر الحائض، لمنعنا من الوضوء بسؤرها، و لکنها قرنیة على حمل الروایات الناهیة على الکراهة.
روى رفاعة عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال((علیه السلام)): ان سؤر الحائض، لا بأس به ان تتوضأ منه اذا کانت تغسل یدیها(17)
الظاهر أن غسل الید طریق الى الاجتناب عن النجاسة و الا فلیس امراً تعبدیاً بحیث لو کانت یداها طاهرة ایضاً کان غسلها شرطا فى صحة الوضوء من سؤرها.
ثم ان هنا روایة اخرى و هى صحیحة العیص بن القاسم قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن سؤر الحائض؟ فقال: لا توضأ منه و توضأ من سؤر الجنب اذا کانت مأمونة.(18) هذا على نسخة الکافى فبناء علیها، تدل على کراهة شدیدة لان، اطلاقها یشمل حتى اذا کانت مأمونة.
و لکن نسخة التهذیب هکذا: توضأ منه و توضأ من سؤر الجنب اذا کانت مأمونة (بحذف کلمة لا) فعلیه تکون المأمونیة شرطاً للحائض و الجنب، فتکون موافقة لصحیحة رفاعة المتقدمة، و لکنّ اختلاف النسختین یمنع من الاعتماد علیها.
1- س ج1 ب5 من ابواب الاسئار ح1 ص167
(2)(3)- س ج 1 ب2 من ابواب الاسئار ح2 و1 ص164
4- س ج1 ب1 من ابواب الاسئار ح4 ص163
5- س ج 2 ب 14 من ابواب النجاسات ح1 ص1018
6- س ج 1ب4 من ابواب الاسئار ح2 ص166
7- س ج 1 ب5 من ابواب الاسئار ح3و2 ص167
8- س ج 1 ب5 من ابواب الاسئار ح3و2 ص167
9- س ج1 ب1 من ابواب الاسئار ح6 ص163
(10)(11)(12)- س ج17 ب18 من ابواب الاشربة المباحة ح1،2و3 ص208
13- س ج1 ب1 و10 من ابواب الاسئار ح4و2 ص163و164
14- س ج1 ب1 و10 من ابواب الاسئار ح4و2 ص163و164
15- س ج 1 ب من ابواب الاسئار ح5 ص170
16- س ج1 ب8 من ابواب الاسئار ص170و171
17- المصدر ح6 ص171
18- س ج1 ب 7 من ابواب الاسئار ح1 ص168
فصل فی النجاسات
▲ فصل فی النجاسات
فصل فی النجاسات ص (481 - 498)
▲ فصل فی النجاسات ص (481 - 498)
فصل
النجاسات اثنتا عشرة(1): الاول و الثانى: البول و الغائط من الحیوان الذى لا یؤکل لحمه(2) انسانا او غیره بریا او بحریاً صغیرا او کبیرا بشرط ان یکون له. دم سائل حین الذبح(3) نعم فى الطّیور المحرمة الاقوى عدم النجاسة(4) لکن الاحوط فیها ایضاً الاجتناب. خصوصاً الخفاش (5) و خصوصا بوله و لا فرق فى غیر المأکول بین أن یکون اصلیاً کالسباع و نحوها او عارضیاً(6) کالجلاّل، و موطوء الانسان(7) و الغنم الذى شرب لبن خنزیرة(8) و أما البول و الغائط من حلال اللحم فطاهر(9) حتى الحمار والبغل و الخیل(10) و کذا من حرام اللحم الذى لیس له دم سائل(11) کالسمک المحرم و نحوه.
(1) سوف یجیئ فى محله انها عشرة لعدم تمامیة الدلیل على نجاسة عرق الجنب من حرام و نجاسة عرق الجلاّل.
(2) السیرة القطعیة من المتشرعة قائمة على نجاسة البول و الغائط من الحیوان الذى لا یؤکل لحمه و منشأها النصوص الکثیرة المتواتره فى ابواب مختلفة:
(منها): صحیحة الحسین بن ابى العلاء قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن البول یصیب الجسد؟ قال: صبّ علیه الماء مرّتین.(1)
(و منها): صحیحة هارون بن مسلم: عن مسعدة ابن زیاد، عن جعفر، عن ابیه عن آبائه((علیهم السلام)) أنّ النبى((صلى الله علیه وآله))قال لبعض نسائه: مرى نساء المؤمنین ان یستنجئن بالماء و یبالغن فأنّه مطهّرة للحواشى و مذهبة للبواسیر(2)
(و منها): موثقة عمار عن ابى عبدالله((علیه السلام)) (فى حدیث) قال: اذا بال الرّجل و لم یخرج منه شیئ غیره، فإنّما علیه ان یغسل إحلیله وحده و لا یغسل مقعدته، و ان خرج من مقعدته شیئ و لم یبل، فانما علیه ان یغسل المقعدة وحدها و لا یغسل الإحلیل.(3)
(و منها): صحیحة ابراهیم بن ابى محمود قال: سمعت الرضا((علیه السلام)) یقول: فى الاستنجاء یغسل ما ظهر منه على الشرج و لایدخل فیه الانملة.(4)
(و منها): صحیحة عبدالله بن سنان: قال ابو عبدالله((علیه السلام)): اغسل ثوبک من ابواب ما لا یوکل لحمه.(5)
و على الجملة ان الروایات الواردة فى نجاسة البول و الغائط فى الابواب المختلفة بالغة حد التواتر الاجمالى، فلا حاجة الى ذکرها.
نعم هنا روایة دلت على طهارة بول الغلام قبل ان یطعم : السکونى عن جعفر عن ابیه((علیهما السلام)) ان علیاً قال: لبن الجاریة وبولها یغسل منه الثوب، قبل ان تطعم، لان لبنها یخرج من مثانة أمها و لبن الغلام لا یغسل منه الثوب و لا من بوله قبل ان یطعم، لأن لبن الغلام یخرج من العضدین و المنکبین.(6)
و لأجلها أفتى ابن الجنید الاسکافى بطهارة بول الغلام قبل ان یطعم.
و لکن الروایة لا دلالة لها على طهارة بول الصبى بل تدل على عدم الغسل منه،
بل یکفى فى التطهیر منه صب الماء علیه، فان مایحتاج الى العصر فى تطهیره أمر بغسله و ما لا یحتاج الیه امر بصب الماء علیه راجع الوسائل(7)
و لا تنافى بین معتبرة السکونى و صحیحة الحسین بن ابى العلاء (فى حدیث) قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن الصبى یبول على الثوب قال: تصبّ علیه الماء قلیلا ثم تعصره. و العصر یحمل على الاستحباب لما عرفت من ان ما یکفى فیه الصب لا یحتاج الى العصر کما هو المستفاد من صحیحة الحلبى: قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن بول الصبّى قال: تصبّ علیه الماء فإن کان قد أکل فاغسله بالماء غسلا.(8)
(3) لما دل على طهارة البول و الخرء مما لا نفس له کما سوف یأتى انشاء الله تعالى
(4) الاقوال فیها ثلاثة:
أحدها: ما عن المشهور من نجاسة بولها و خرئها.
ثانیها: طهارة مدفوعها مطلقا کما عن العمانى و الجعفى و الصدوق و جملة من المتأخرین.
ثالثها: التفصیل بین الخر و البول و ان الاول طاهر و فى الثانى تردد; اختاره المجلسى و صاحب المدارک((قدس سرهما))
و منشأ الاختلاف هو اختلاف الرّوایات و هى على طوائف:
احدیها: ما دلت على نجاسة البول مطلقاً کصحیحة محمد بن مسلم: قال: سألت اباعبدالله((علیه السلام)) عن الثوب یصیبه البول؟ قال: اغسله فى المرکن مرتین، فان غسلته فى ماء جار فمرة واحدة.(9)
و هذه الصحیحة و ان کانت مطلقة و لکنها منصرفة الى بول الآدمى.
ثانیتها: ما دلت على نجاسة البول مما لا یؤکل لحمه کصحیحة عبدالله بن سنان قال: قال ابو عبدالله((علیه السلام)): قال اغسل ثوبک من ابوال ما لا یؤکل لحمه.(10)
ثالثتها: ما دلت على طهارة البول و الخرءمن الطیور کصحیحة ابى بصیر عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: کل شیئ یطیر فلا بأس ببوله و خرئه.(11)
فالتعارض بین الطائفة الثانیة و الثالثة بالعموم من وجه و مورد التعارض هو الطیر الغیر المأکول، فمقتضى صحیحة عبدالله بن سنان نجاسة بوله و یلحق به الخرء بعدم القول بالفصل و مقتضى صحیحة ابى بصیر طهارته و طهارة خرئه، و مورد افتراق الأولى البول و الخرء من الحیوان الغیر المأکول اذا لم یکن طیراً ومورد افتراق الثانیة البول و الخرء من الطیر الذى یؤکل لحمه.
و المشهور بین الأصحاب تقدیم صحیحة عبدالله بن سنان بزعم شهرتها و صحة سندها و انها موافقة للسنة و هى الاخبار الدالة على نجاسة البول مطلقاً.
و فیه اولا ان شهرة صحیحة عبدالله بن سنان لیست بمثابة توجب الاطمینان بصدورها حتى تخرج صحیحة ابى بصیر عن موضوع الحجیة لشذوذها، بل کلتاهما وردتا فى کتب الحدیث و ان کان العامل بالاولى اکثر و هو لا یوجب الترجیح، فان الصدوق و الشیخ فى المبسوط قد عملا بها و العلامة فى المنتهى مال الیه.
و اما السند فکلا هما صحیحة فان ابا بصیر الذى یروى عن الصادقین((علیهما السلام)) اما یحیى بن القاسم او لیث بن البخترى المرادى و کلا هما ثقة و ابراهیم بن هاشم الواقع فى السند ایضاً ثقة وثّقه ابنه على، فلا ترجیح لسند ما رواه عبدالله على ما رواه ابو بصیر أصلا.
و اما الترجیح بموافقة السنة بدعوى ان ما دل على نجاسة بول الطیر الغیر المأکول، موافق للمطلقات الدالة على نجاسة البول مطلقا، ففیه ان المطلقات منصرفة الى بول الآدمى کما تقدم، فلا یبقى لها العموم حتى یکون موجباً لترجیح صحیحة عبدالله بن سنان.
ثم إن سیدنا الاستاذ استشکل ثانیاً، و قال: لو لم نبن على الانصراف فأیضاً لا تکون موافقة السنة مرجحة فى امثال المقام، لان موافقة الکتاب و السنة انما توجب الترجیح فیما اذا کان عمومها لفظیاً. و اما اذا کان بالاطلاق و مقدمات الحکة، فلا اثر لموافقتها; لأن الاطلاق لیس من الکتاب والسنة، فالموافقة معه لیست موافقة لهما.
و ما افاده((قدس سره)) لا یمکن المساعدة علیه، فان اطلاق کلام المولى و ان ثبت بمقدمات الحکمة، یکشف عن اطلاق مراده الجدى، فالترجیح انما یکون بموافقة الحدیث له و ان کان الکاشف عن ذلک مقدمات الحکمة فالعمدة هى المناقشة الاولى.
و ثانیا: ان الرّجوع الى المرجحات فى مورد التعارض انما یکون فیما اذا لم یمکن الجمع الدلالى باظهریة احدهما من الآخر، و صحیحة ابى بصیر فى المقام اظهر من صحیحة عبدالله بن سنان، لانه ان قدمناها علیها، یلزم الغاء عنوان الطیر لأن الباقى تحة صحیحة ابى بصیر هو الطیر المأکول اللحم و قد ثبت فى الشرع ان ما اکل لحمه لا بأس ببوله و خرئه بلا فرق بین الطیر و غیره.
بخلاف ما اذا قدمنا صحیحة أبى بصیر، فیکون الطیر لا بأس ببوله و خرئه بلا فرق بین ماکول اللحم و غیره، و یبقى تحت صحیحة عبدالله جمیع الحیوانات الغیر المأکولة اللّحم سوى الطیر الغیر المأکول و هى کثیرة کلأسد، والنمر، و الفیل، و الثعلب، و الارنب، و الکلب، و الخنزیر، و الانسان الى ما لا یعد، و لا یحصى.
و یؤید ذلک ان الطیر المأکول اللحم، لیس له مجرى للبول مستقلا عن الخرء، فإمّا لا بول له و إما ان یخرج مع خرئه فهو داخل فى الخرء، و عطف الخرء بالبول فى صحیحة ابى بصیر ظاهر فى ان الطیر له بول و خرء و هما لا یوجدان الا فى الطیور المحرمة، فعلیه تکون الصحیحة نصّاً فیها، فلابد من تقدیمها على صحیحة عبدالله بن سنان التى هى ظاهرة فیها.
ثم إن شیخنا الانصارى((قدس سره)) استدل على نجاسة خرء الطیور المحرمة بما رواه العلامة((قدس سره)) فى مختلفه من کتاب عمار بن موسى عن الصادق((علیه السلام)) قال: خرء الخطاف لا بأس به، هو مما یؤکل لحمه، و لکن کره اکله لانه استجار بک و آوى الى منزلک، و کل طیر یستجیر بک، فأجره(12)
بتقریب انه((علیه السلام)) علّل عدم البأس بخرء الخطاف بانه مما یؤکل لحمه، و ظاهره ان الخطاف لو لم یکن محلّل الاکل، کان فى خرئه بأس، فالمناط فى الحکم بطهارة الخرء هو حلیة الاکل من دون فرق فى ذلک بین الطیور و الحیوانات.
و فیه اولا: ان الشیخ الطوسى((قدس سره)) رواها و اسقط لفظ خرء، فتکون الروایة اجنبیة عن الدلالة على ان الملاک فى طهارة الخرء حلیة اکل الطیر. فمع اختلاف النسخ لا یعلم ما صدر عن الامام((علیه السلام))
و ثانیاً لو سلّمنا أن کلمة خرء موجودة فى الروایة، فحلّیة اکله لم تذکر علّة لطهارة الخرء لعدم ذکر ما دل على العلیة (مثل لأن او فإنّ او حیث ان) فمن المحتمل انه((علیه السلام)) بیّن حکمین احدهما طهارة الخرء و الآخر حلّیة اکل الخطاف من غیر صلة بینهما، بل الظاهر ان الثانى مقدمة لبیان کراهة اکله للاستیجا و لیس علة لکراهة الاکل ایضاً و ان التزم بها الاستاذ((قدس سره)) فى تقریراته; لانه لا معنى لان یکون حلیة الاکل علة للکراهة.
و أمّا ما ذهب الیه المجلسى و صاحب المدارک((قدس سرهما)) من طهارة خرء الطیر المحرم و التردید فى بوله، فاستندا فى ذلک الى ان نجاسة الخرء لم تذکر فى النصوص و انما التزمنا بنجاسته لعدم القول بالفصل بین نجاسة البول و الخرء، و هو غیر محقق فى خرء الطیر، لوجود التعارض بین صحیحة عبدالله بن سنان و صحیحة أبى بصیر.
و فیه أنک قد عرفت طهارتهما من الطیر مطلقا لاظهریة صحیحة ابى بصیر من صحیحة عبدالله بن سنان، فلم یبق مجال للتردید فى ذلک أصلا.
(5) الظاهر أن نظره فى ذلک الى دعوى العلامة الإجماع على نجاسة ما یخرج منه، فانه((قدس سره)) اجاب عن صحیحة أبى بصیر المتقدمة بانها مخصّصة بالخفاش اجماعاً. و الى مارواه داود البرقى قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن بول الخشاشیف یصیب ثوبى، فاطلب، فلا اجده، فقال: اغسل ثوبک.(13)
و حیث ان الاجماع المنقول لا حجیة فیه و روایة البرقى ضعیفة السند فالخفاش کبقیة الطیور المحرمة، بل لا مجال للقول بنجاسة فضلتیه حتى على القول المشهور من نجاسة فضلتى الطیور المحرمة لصحیحة عبدالله بن سنان; و ذلک لأن الخفاش لیس له نفس سائلة بشهادة جمع من الثقات و قد قام الاجماع على طهارة فضلة ما لا نفس له سائلة.
على ان معتبرة غیاث دلت على طهارة بول الخفاش، عن جعفر عن ابیه((علیهما السلام)) لا بأس بدم البراغیث و البق و بول الخشاشیف.(14)
(6) نقل الاجماع فیه مستفیض عن جماعة من الأصحاب على اختلاف منهم فى معقده، فمنهم من حکاه على النجاسة فى الجلال، و آخر فى الموطؤ، و ثالث فیهما و رابع: فى الدجاج الجلال، و خامس: فیما هو حرام بالعارض،
الظاهر ان منشأ اتفاق الأصحاب، هو صحیحة عبدالله بن سنان المتقدمة،: اغسل ثوبک من ابوال ما لا یؤکل لحمه، و صحیحة هشام بن سالم عن ابى عبدالله((علیه السلام)): لا تأکلوا لحوم الجلالة، و ان اصابک من عرقها شیئ، فاغسله.(15)
و هى تثبت الصغرى و صحیحة عبدالله تثبت الکبرى. و قد یدعى ان التعارض بین صحیحة عبدالله بن سنان و صحیحة محمد بن مسلم و امثالها بالعموم من وجه فالاطلاقان یتساقطان فى مورد الاجتماع، فیرجع فیه الى قاعدة الطهارة.
بیان ذلک ان محمد بن مسلم قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن البان الإبل و البقر، و الغنم و ابوالها و لحومها؟ فقال: لا تتوضأمنه، و ان اصابک منه شیئ او ثوباً لک، فلا تغسله الاّ أن تنظّف.(16)
فبول الجلال من هؤلاء مورد للتعارض فبما أنّه بول لما لایؤکل لحمه، نجس لصحیحة عبدالله بن سنان و بما انه بول بعیر او بقر او شاة، طاهر، فان مقتضى الاطلاق الاحوالى طهارته فى جمیع الحالات من الکبر و الصغر و السمن و الهزال و الجلل و غیره، فالاطلاقان یتساقطان، فیرجع الى قاعدة الطهارة.
و لکنها فاسدة فانّ صحیحة هشام بن سالم المتقدمة قد ادخل الجلاّل فیما لا یؤکل لحمه، فصحیحة محمد بن مسلم لا تشمل حالة الجلل، فالمستفاد من صحیحة ابن مسلم ان البانها و ابوالها و لحومها طاهرة فى غیره حال الجلل، فانّ الابل و البقر و الغنم بما انها مأکول اللحم، لا بأس ببولها، لا مطلقا.
ففى موثقة عمار عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: کل ما اکل لحمه، فلا بأس بما یخرج منه.(17)
و مفهومه ان مالا یؤکل فبأس فیما یخرج منه، فیؤکد اطلاق صحیحة عبدالله بن سنان المتقدمة.
و قد ظهر مما ذکرنا التعارض بین صحیحة عبدالله و صحیحة محمد بن مسلم المتقدمة لعدم شمول الثانى لحالة الجلل، و شمول الأول لها، فلم یقع التعارض بین الاطلاق الافرادى و الاطلاق الاحوالى، حتى یرجح الاول على الثانى، کما فى المستمسک(18) فراجع
(7)کما هو المعروف فانه یحرم لحمه، فیشمله صحیحة ابن سنان المتقدمة.
(8) بلا خلاف ظاهر و تدل علیه عدة من النصوص: منها موثقة حنان قال: سأل ابو عبدالله((علیه السلام)) و انا حاضر عنده عن جدى رضع من لبن خنزیرة حتى شبّ و کبر و اشتد عظمه، ثم ان رجلا استفلحه فى غنمه، فخرج له نسل فقال: أما ما عرفت من نسله بعینه فلا تقربنه، و أما ما لم تعرفه، فکله، فهو بمنزلة الجبن و لا تسئل عنه.(91)
(9) هذا هو المتسالم علیه بین الأصحاب و تدل علیه عدة من النصوص: منها: صحیحة محمد بن مسلم المتقدمة.
و منها: موثقة عمار المتقدمة.
و منها: صحیحة زرارة: انهما((علیهما السلام)) قالا: لا تغسل ثوبک من بول شیئ یوکل لحمه.(20) و نحوها غیرها
(10) کما هو المشهور بین الاصحاب لعدة من النصوص:
منها: مارواه ابو الاغرّ النحاس قال: قلت لابى عبدالله((علیه السلام)): انّى اعالج الدواب، فربما خرجت باللیل و قد بالت وراثت، فیضرب احدها برجله اویده، فینضح على ثیابى، فأصبح، فارى اثره فیه، فقال: لیس علیک شیئ.(21)
و منها: مارواه معلى بن خنیس و عبدالله بن ابى یعفور قالا: کنا فى جنازة و قدامنا حمار، فبال، فجائت الریح ببوله حتى صکّت وجوهنا وثیابنا، فدخلنا على ابى عبدالله((علیه السلام))، فأخبرناه، فقال: لیس علیکم بأس.(22)
و هاتان الروایتان و ان کان فى سندهما ضعف لاجل حکم بن مسکین و ابى الاغرّ النحاس الا ان الأصحاب عملوا بهما، فیکون ضعفهما منجبرا بعمل الاصحاب. وجعلوهما قرینة على حمل النصوص الآمرة بالغسل عن ابوالها(23) على التنزه و الاجتناب عن المکروه او على التقیة.
و لکن سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) لم یرتض ذلک لما بنى علیه من ان عمل الاصحاب لا یوجب جبر السند الضعیف و بنى على ان مقتضى الصناعة، و الجمع بین الاخبار هو الحکم بنجاسة بول الحمار و البغل و الخیل و الحکم بطهارة ارواثها.
ثم قال بعد ذلک: (ان ما یمنعنا عن ذلک، و یقتضى الحکم بطهارة ابوالها، ملاحظة سیرة الأصحاب من لدن زمانهم((علیهم السلام)) الواصلة الینا یدا بید حیث انها جرت على معاملتهم معها معاملة الطهارة لکثرة الابتلاءبها و بالاخص فى الازمنة المتقدمة فانهم کانوا یقطعون المسافات بمثل الحمیر و البغال و الفرس فلو کانت ابوالها نجسة لا شتهر حکمها و ذاع و لم ینحصر المخالف فى طهارتها با بن الجنید و الشیخ((قدس سرهما)) و لم ینقل الخلاف فیهما من غیرهما من اصحاب الائمة و العلماء المتقدمین، و هذه السیرة القطعیة، تکشف عن طهارتها و بها تحمل الاخبار المتقدمة الصریحة فى نجاسة الابوال المذکورة على التقیة، فان العامة، و لا سیما الحنفیة منهم ملتزمون بنجاستها.)
قلت: السیرة التى ادعاها الاستاذ((قدس سره)) مأخوذة من المتشرعة و هم اقتفوا آراء العلماء و عملهم و فتاویهم، و المشهور افتوا بمضمون الروایتین المتقدمتین، فیمکن ان یکون فتواهم مستندة الیهما و یمکن ان تکون مأخوذة من سیرة الأصحاب قبلهم.
و بعبارة أخرى السیرة تصبح قرینة على اعتبار الرّوایتین، فیعمل بهما و یطرح الاخبار الدالة على النجاسة لموافقتها للعامة او تحمل على الکراهة.
ثم ان المحقق الهمدانى((قدس سره)) استدل على طهارة ابوال الحیوانات الثلاثة بموثقة ابن بکیر قال: سأل زرارة ابا عبدالله((علیه السلام)) عن الصلوة فى الثعالب و الفنک و السنجاب و غیره من الوبر، فاخرج کتاباً زعم انه املاء رسول الله((صلى الله علیه وآله)) ان الصلوة فى وبر کل شیئ حرام الکه فالصلوة فى وبره و شعره و جلده و بوله و روثه و کل شیئ منه فاسد، لا تقبل تلک الصلوة حتى یصلّى فى غیره مما احل الله اکله، ثم قال: یازرارة هذا عن رسول الله((صلى الله علیه وآله))فاحفظ ذلک یازرارة، فان کان مما یؤکل لحمه فالصلوة فى وبره و بوله و شعره و ورثه و البانه و کل شیئ منه جائز اذا علمت انه زکى و قد زکّاه الذبح و ان کان غیر ذلک مما قد نهیت عن اکله و حرم علیک اکله، فالصلوة فى کل شیئ منه فاسدة، ذکّاه الذبح او لم یزکّه.(24)
تقریب الاستدلال ان المراد با لحلیة فى هذه الموثقة هى الحلیة المجردة و لم یرد منها ما أعد للاکل و قد دلّت بصراحتها على جواز الصلوة فى بول کل ما کان کذلک من الحیوانات و منها الحمیر و البغل و الفرس و یستفاد منها طهارة ابوالها لضرورة بطلان الصلوة فى النجس.
و قال سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)): و یظهر الجواب عن ذلک بما نبها علیه آنفا، و حاصله أن دلالة الموثقة على طهارة ابوال الدواب الثلاث انما هى بالظهور و الالتزام و لم تدل على هذا بصراحتها و اذاً فلا مانع من تخصیصها بالاخبار المتقدمة الصریحة فى نجاسة ابوالها، و بعبارة اخرى ان الموثقة انما دلت على جواز الصلاة فى ابوال الدّواب الثلاث من حیث انها محلل الاکل فى طبعها و بالاتزام دلت على طهارتها، و الاخبار المتقدمة قد دلت بالمطابقة على نجاسة ابوالها، فلا محالة، تخصص الموثقة بما اذا کانت الحلیة مستندة الى استعدادها للاکل.
قلت: ما افاده الاستاذ((قدس سره)) لا یمکن المساعدة علیه، فان الموثقة تدلّ على جواز الصلاة فى بول کل ما اکل لحمه سواء کان مستعدا للاکل او لا کالحمار و البغل و الفرس، و الدلیل على ذلک ذیل الموثقة حیث قال: و ان کان غیر ذلک مما قد نهیت عن اکله و حرم علیک اکله الخ. و هذه الجملة صریحة فى جواز الصلوة فى بول کل حیوان لم یحرم اکله، و الدّواب الثلاث مما لم یحرم اکلها، فالصلاة فى بولها جائزة فهى قرینة على حمل الأمر بالغسل من ابوابها على الارشاد الى الکراهة فالصلاة فى ابوالها مکروهة و الامر بالغسل انما هو لازالة الکراهة هذا اولا.
و ثانیاً: انه لو اغمضنا عن ذلک وحملنا ما یؤکل لحمه، على ما اسعتد للاکل و التزمنا فى ابوال الدواب الثلاث بالنجاسة، لزم نجاسة بول حیوان حل اکله و هو فى غایة البعد و لم یرمثل ذلک من اول الفقه الى آخره فان ما حرم اکله، بوله نجس غالباً و اما ما حلّ اکله فبوله طاهر جزماً.
نعم العکس ممکن و واقع وهو طهارة بول ما حرم اکله کالطیور و قد عرفت ان الصحیحة - دلت على طهارة بول کل ما یطیر کبول الطیور المحرمة.
ثم ان النصوص الدالة على حلیّة اکل لحوم الدواب الثلاث کثیرة:
منها: صحیحة ابى بصیر المرادى قال: سمعت ابا جعفر((علیه السلام)) یقول: ان الناس اکلوالحوم دوابّهم یوم خیبر، فامر رسول الله((صلى الله علیه وآله)) بإکفاء قدورهم و نهاهم عنها و لم یحرمها.(25)
و منها: صحیحة العلاء بطریق المحاسن عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر((علیهما السلام))قال: سألته عن لحوم الخیل و البغال و الحمیر؟ فقال: حلال و لکن الناس یعافونها.(26)
و منها: صحیحة اخرى عن محمد بن مسلم عن ابى جعفر((علیهما السلام)) انه سأل عن سباع الطیر و الوحش حتى ذکر له القنافذ والوطواط و الحمیر و البغال و الخیل فقال: لیس الحرام الا ما حرّم الله فى کتابه، و قد نهى رسول الله یوم خیبر عنها و انما نهاهم من اجل ظهورهم ان یفنوه و لیست الحمر بحرام.(27)
و انت تراى صراحة هذه النصوص فى حلیة لحوم الدواب الثلاث و قد عرفت صراحة موثقة ابن بکیر فى جواز الصلاة فى البول و اجزاء ما اکل لحمه و لیس بمحرم.
و قد ظهر مما ذکرنا ثبوت طهارة ابوال الدّواب الثلاث مع قطع النظر عن السیرة و فتوى المشهور و الراویتین الضعیفتین المتقدمتین و لکن الصلاة معها مکروهة و ارواثها کذلک الا ان کراهتها اخف لصحیحة الحلبى: لا بأس بروث الحمیر و اغسل ابوالها.(28)
و ظهر ایضاً ان الکراهة الواردة فى موثقة زرارة تحمل على الکراهة المصطلحة روى زرارة عن احدهما((علیهما السلام))فى ابوال الدواب یصیب الثوب، فکرهه فقلت: ألیس لحومها حلالا؟ فقال: بلى و لکن لیس مما جعله الله للاکل.(29)
(11) الذى لیس له دم سائل قسمان: احدهما ما لا لحم له کالذباب و النحل و الجعل و امثالها و الظاهر ان ما یخرج منه طاهر و لا یشمله ما دل على نجاسة بول ما لا یوکل لحمه لعدم اللّحم لها اولا و لایعلم ان لها بولا ثانیاً.
ثانیهما: ما اذا کان له لحم کا الاسماک المحرمة و السلحفاة، و الحیات و للثانى بول کثیر المشهور بین الاصحاب طهارة بولها و عن الحدائق انه لا خلاف فیه و کذا عن شرح الدروس و استدل لذلک بوجوه:
الاول: أصالة الطهارة.
الثانى: انصراف ما دل على نجاسة البول عن بول مثل هذه الحیوانات.
الثالث: ان النصوص کما سیجئ دلت على طهارة میتة ما لا نفس له و دمه فکذلک بوله.
قلت: قد عرفت ان صحیحة عبدالله بن سنان دلت على نجاسة البول حیث قال ابو عبدالله((علیه السلام)): اغسل ثوبک من ابوال ما لا یؤکل لحمه.
و هو بعمومه شامل للحیوان الذى له لحم و لیس له نفس سائلة کالوزغ و السمک المحرم و الحیات و نحوها.
و دعوى الانصراف ممنوعة، و اصالة الطهارة لا مجال لها مع وجود الدلیل وطهارة دمه و میتته لا تدل على طهارة بوله.
نعم لا دلیل على نجاسة خرئه لعدم دلیل لفظى على نجاسة الخرء حتى فى الحیوان الذى له نفس سائلة و انما الحق ببوله للقول بعدم الفصل.
و فى المقام حیث ان بوله محل الکلام، فالقول بالفصل موجود بل قد عرفت ان المشهور بین الاصحاب طهارة فضلتیه، فعلیه لا اشکال فى طهارة خرئه.
و اما بول ذى اللّحم الذى لیس له دم سائل، فقد استدل سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) على طهارته بموثقة حفص بن غیاث عن جعفر بن محمد عن أبیه((علیهما السلام)) قال: لا یفسد الماء الا ما کانت له نفس سائلة(30) فقد دلّت باطلاقهاعلى عدم تنجس الماء ببول ما لا نفس له و لابدمه و لا بمیتته و لا بغیرها ممّا یوجب نجاسة الماء اذا کانت له نفس سائلة بلا فرق بین ان یکون له لحم ام لم یکن، واصحابنا (قدس الله أسرارهم) و ان ذکروا هذه الروایة فى باب عدم نجاسة المیتة مما لا نفس له الاّ انه لا یوجب اختصاصها بها، فانها مطلقة و مقتضى اطلاقها عدم تنجس الماء بشیئ من اجزاء ما لا نفس له.
قلت: المراد ممّا له نفس سائلة هى میته فانّ حیّه لا یفسد الماء جزماً فبقرینة المقابلة لابد ان یراد المیتة مما لا نفس له ایضاً، فلا نظر للموثقة الى بوله و دمه و لا تکون فى مقام البیان من هذه الجهة.
ففى روایة على بن جعفر عن اخیه((علیه السلام)) و سألته عن فأرة، وقعت فى حب دهن و اخرجت قبل ان تموت ابیعه من مسلم؟ قال: نعم و یدهن به.(31)
و یستفاد من هذه الروایة ان نفس الفارة اذا خرجت قبل الموت لا تنجس الدهن مع ان لها نفساً سائلة، و لا مجال للاستدل بها على عدم تنجس الدهن ببول الفأرة فانها لا تکون فى مقام البیان من هذه الجهة هذا.
و لکنّ التحقیق یقتضى ان یقال: ان الحصر فى موثقة حفص لا یکون حقیقیاً لعدم انحصار مفسدة الماء بمیتة ذى النفس السائلة، فان النجاسات کلها یفسد الماء القلیل، بل اضافى، و المراد ان المیتة لا تفسد الماء الا اذا کانت لها نفس سائلة، فمفادها موافق لموثقة عمار السّاباطى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سأل عن الخنفسأ و الذباب و الجراد و النملة و ما اشبه ذلک، یموت فى البئر، و الزیت، و السمن و شبهه، قال: کل ما لیس له دم فلا بأس.(32) اى لا بأس بموته فى الاشیاء المذکورة، و کل ما له دم فیفسدها.
فمفادهما واحد، و لکنّ المستفاد منهما طهارة جمیع اجزاء ما لیس له دم سائل و محتویاته و منها البول و الدّم و الخرء الموجودة فیه، فاذا تفسّخ السلحفاة فى الماء ونشر ما فى جوفها من البول لا ینجس الماء و الزیت و السمن و شبهه.
فالموثقتان تدلاّن على طهارة بول ما لا نفس له و ان کان لحمیاً کالسمک المحرم و الحیة و السلحفاة و نحوها.
و لکنهما مع ذلک لا یوجبان تخصیص صحیحة عبدالله بن سنان المتقدمة الآمرة بغسل الثوب من ابوال ما لا یؤکل لحمه، فان مانعیة اجزاء ما لا یوکل لحمه او بوله أو خرئه من الصلاة لا تنحصر بنجاستها، بل توجب بطلانها و ان کانت طاهرة کما دلت علیها موثقة ابن بکیر المتقدمة.
و قد ظهر مما ذکرنا بطلان ماذکره بعض المعاصرین فى تعلیقته حیث قال: فى طهارة بول الحیوان اللحمى کالسمک المحرم او ما شاکله اشکال و لا یبعد نجاسته فانه لا قصور لاطلاق دلیل نجاسة البول عن شمول مثل المقام.
وجه البطلان ان قول الصادق((علیه السلام)): اغسل ثوبک من ابوال ما لا یؤکل لحمه ارشاد الى المانعیة لا النجاسة فان کان البول من غیر مأکول اللحم نجساً و هو فیما اذا کان ذى النفس السائلة، فمانعیته من جهة النجاسة، و ان کان طاهراً- کما فى غیر ذى النفس السائلة- فمانعیته من جهة انه بول ما لا یؤکل لحمه، فیجب ازالته لما عرفت من موثقة ابن بکیر المتقدمة.(33)
الدالة على بطلان الصلوة فى البول و الروث و جمیع اجزاء ما لا یؤکل لحمه.
و ان کان مراده من الاطلاق ما ورد فى کلام الصادق((علیه السلام)) فى جواب السائل: البول یصیب الجسد قال: صب علیه الماء مرتین.
فهو منصرف الى بول الانسان بلا شبهة فلا اطلاق له حتى یشمل بول ما لانفس له من الحیوان.
و لو تنزلنا عن ذلک وقلنا: قوله((علیه السلام)) فى صحیحة عبدالله بن سنان: اغسل ثوبک من ابوال ما لا یؤکل لحمه، ارشاد الى نجاسة کل بول من غیر المأکول اللحم، فالموثقتان المقتدمتان من حفص و عمار تخصصانها لما عرفت من دلالتهما على طهارة البول من غیر ذى النفس السائلة و ان کان مانعاً من الصلوة، بل قد عرفت أنّهما دلّتا على طهارة کل مالا نفس له بلا فرق بین اللحمى و غیره و بلا فرق بین ما کان حیّاً و میتاً و بلا فرق بین دمه و بوله و خرئه و جمیع محتویاته.
1- س ج1 ب26 من ابواب احکام الخلوة ح1 ص242
2- س ج 1 ب9 من ابواب احکام الخلوةح3 ص222
3- س ج 1 ب28 من ابواب احکام الخلوة ح1 ص244
4- س ج1 ب29 من ابواب احکام الخلوة ح1 ص245
5- س ج 2 ب8 من ابواب النجاسات ح2 ص1008
6- س ج2 ب3 من ابواب النجاسات ح4و1 ص1002،1003
7- س ج 2 ب1 من ابواب النجاسات ح1،2،3و4
8- س ج 2 ب 3 من ابواب النجاسات ح2 ص1003
9- س ج 2 من ابواب النجاسات ح1 ص1002
10- س ج2 ب8 من ابواب النجاسات ح2 ص1008
11- س ج 2 ب10 من ابواب النجاسات ح1 ص1013
12- س ج2 ب9 من ابواب النجاسات ح20 ص1012
13- س ج 2 ب 10 من ابواب النجاسات ح4و5 ص1013
14- س ج 2 ب 10 من ابواب النجاسات ح4و5 ص1013
15- س ج2 ب15 من ابواب النجاسات ح 1ص1021
16- س ج 2 ب 9 من ابواب النجاسات ح5 ص1010
17- س ج 2 ب9 ابواب النجاسات ح12 ص1011
18- المستمسک ج1 ص279
19- س ج16 ب25 من ابواب الأطعمة المحرمة ح1ص353
20- س ج2 ب9 من اوباب النجاسات ح4 ص1010
(21)(22)- س ج2 ب9 من ابواب النجاسات ح2،14،1،7،8،9،11
23- س ج2 ب9 من ابواب النجاسات ح2،14،1،7،8،9،11
24- س ج3 ب2 من ابواب لباس المصلّى ح1 ص250
25- س ج16 ب4 من ابواب الاطعمة المحرمة ح11 ص325
(26)(27)- س ج16 ب5 من ابواب الاطعمة المحرمة ح3و6 ص326و327
28- س ج2 ب9 من ابواب النجاسات ح1 و7 ص1009و1010
29- س ج2 ب9 من ابواب النجاسات ح1 و7 ص1009و1010
30- س ج2 35 من ابواب النجاسات ح2 ص1051
31- س ج2ب ب33 من ابواب النجاسات ح1 ص1049
32- س ج2 ب35 من ابواب النجاسات ح1 ص1051
33- ص491
مساله 1 ص (498 - 501)
▲ مساله 1 ص (498 - 501)
161(مسألة1) ملاقاة الغائط فى الباطن لا توجب النجاسة(1) کالنوى الخارج من الانسان أو الدود الخارج منه، اذا لم یکن معه شیئ من الغائط و ان کان ملاقیاً له فى الباطن. نعم لو ادخل من الخارج شیئاً فلاقى الغائط فى الباطن کشیشة الاحتقان، ان علم ملاقاتها له فالأحوط الاجتناب عنه.
و اما اذا شک فى ملاقاته فلا یحکم علیه بالنجاسة، فلو خرج ماء الاحتقان و لم یعلم خلطه بالغائط و لا ملاقاته له لا یحکم بنجاسته.
(1) الصور المتصورة ست:
الاولى: ان یکون الملاقى و الملاقى امراً باطنیاً، کملاقاة البول للمجرى حین الخروج فان المجرى طاهر و ان خرج منه البول فلو استبرأ ثم خرج المذى او الوذى او الودى یحکم بطهارته لان البول و الغائط اما محکوم بالطهارة فى الباطن و إمّا لا یکون منجساً لغیره اذا لاقاه فى الباطن و کذا النوى او الدود الخارج من الانسان اذا لم یکن معه شیئ من الغائط و کذا البلل الخارج من فرج المرئة.
ثم ان الفرق بین النوى و شیشة الاحتقان لم یظهر لنا وجه فانهما ادخلا من الخارج، فکیف حکم بطهارة الأول و احتاط بوجوب الاجتناب عن الثانیة.
و یدلّ على عدم التنجس بالملاقاة فى الباطن صحیحة حفص بن البخترى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) فى الرجل یبول، قال: ینتره ثلاثاً ثم ان سال حتى یبلغ السوق فلا یبالى.(1)
وصحیحة ابن ابى یعفور قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن رجل بال ثم توضّأ، ثم قام الى الصلاة، ثم وجد بللا، قال: لا یتوضأ، انما ذلک من الحبائل.(2)
و صحیحة ابراهیم بن ابى محمود قال: سألت ابا الحسن الرضا((علیه السلام)) عن المرائة و لیها قمیصها او ازارها یصیبه من بلل الفرج و هى جنب، اتصلّى فیه؟ قال: اذا اغتسلت صلّت فیهما(3)
الثانیة: ان تکون النجاسة خارجیة و الملاقى من الداخل کالبصاق الملاقى للخمر عند شربها و هى ایضاً لا توجب النجاسة لوجهین: الاول: اصالة الطهارة للشک فیها فان ما دل على تنجس الطاهر بملاقاة النجس ناظر الى ما یلاقیه فى الخارج کالثوب و الید و الرجل و امثالها.
الثانى: ما رواه عبد الحمید بن ابى الدیلم قال: قلت لابى عبدالله((علیه السلام)) رجل شرب الخمر، فیبصق، فاصاب ثوبى من بصاقه ؟ قال: لیس بشیئ(4) و نحوها ما رواه الحسین بن موسى الحناط.(5)
الثالثة: ما اذا کان الملاقى خارجیاً و الملاقى فى الداخل کالابرة التى تغرز فى البدن فان الابرة و ان لاقت الدم فى الباطن الا انه لا دلیل على ان الملاقاة فى الباطن توجب النجاسة، بل ما دل على طهارة القى یدل على ان الملاقاة فى الباطن لاتوجب النجاسة، عن عمار الساباطى قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن الرجل یتقیّأ فى ثوبه أیجوز ان یصلّى فیه و لا یغسله؟ قال: لا بأس به.(6)
الرابعة: ما اذا کانت الملاقاة فى مثل الفم مما یبصر والملاقى امرا خارجیاً کالسّن المصنوعى الذى لاقى الدم فى الفم، الظاهر ان ما دل على ان ملاقاة الدم توجب النجاسة یشمله، فلابد من تطهیره بالماء.
و اما اذا اصاب الدم الاسنان الأصلیة فیحکم بنجاستها ایضاً الا ان ازالته بماء الفم یکفى فى التطهیر و لا حاجة الى التطهیر بالماء من الخارج.
الخامسة: ما اذا کان الملاقى و الملاقى کلاهما خارجیا و لکن الملاقاة کانت فى الباطن و خارجة من الحس کما اذا بلع فصاً کالعقیق مثلا ثم أکل طعاما نجساً فلا قاه الفص فى الجوف و اذا خرج نقیاً غیر ملطّخ بالنجاسة فهل یحکم بنجاسته ام لا؟ قد یقال: بنجاسته لانّ ما دل على نجاسة ما أصابه الدّم او الخمر، یشمل الفص حقیقة لانّه جسم خارجى لاقى نجساً: فینجس.
و فیه ان ادلة تنجس الشیئ الطاهر بملاقاة النجس منصرفة عن مثل هذه الملاقاة، فانها ناظرة الى الملاقاة الخارجیة، فلا تشمل الملاقاة فى البطن.
السادسة: ان یلاقى الجسم الخارجى النجاسة الخارجیة فى الفم مثلا کما اذا اصاب الخمر السّن المصنوعى فهو یتنجس، لعدم قصور ما دل على ان نجاسة النجس یسرى الى ما یلاقیه، فان الانصراف غیر محقق فى المقام.
(1)(2)- س ج1 ب13 من ابواب نواقض الوضوء ح3،1و2 ص200
3- س ج 2 ب55 من ابواب النجاسات ح1 ص1077
(4)(5)- س ج 2 ب39 من ابواب النجاسات ح1و2ص1058
6- س ج2 ب39 من ابوبا النجاسات ح1و2 ص1058
مساله 2 ص (501 - 511)
▲ مساله 2 ص (501 - 511)
162(مسألة2) لا مانع من بیع البول و الغائط من مأکول اللحم(1) و اما بیعهما من غیر المأکول، فلا یجوز(2) نعم یجوز الانتفاع بهما فى التسمید و نحوه(3)
(1) المشهور و المعروف بین الأصحاب، جواز بیع البول و الروث من کل حیوان محلّل شرعاً، بل السیرة القطعیة و الاجماع العملى قائمة على بیع الأرواث منه، و الانتفاع بها فى الإحراق و التسمید و غیر ذلک، فمالیتها محرزة عند العقلاء.
و اما بوله، فقد یستشکل فى بیعه بوجهین: الاول: ان البیع مبادلة مال بمال کما فى اللّغة و لا مالیة فیه بحیث یرغب فیه العقلاء نوعاً، بل الأبوال مستقذرة عندهم و ان کانت من مأکول اللحم، و التّداوى بها لبعض الأمراض، لا یقتضى ما لیتها اذالابتلاء به قلیل.
و فیه اولا أنه لا یعتبر فى مالیة المال فى العوضین ان یکون مورداً لرغبة نوع العقلاء، بل یکفى فى مالیته ان یکون فیه غرض عقلائى، فعلیه قد یکون المال مورداً لرغبة العقلاء و لکن المعاملة به سفهى کبیع قدح من الماء فى ساحل الشط و البحر و بیع الثلج فى الشتاء.
و قد لا یکون فیه رغبة نوع العقلاء و لکن المعاملة به لیست سفهیة، کما اذا کان تصویر ابیه او اخیه المیت عند احد و لم یوجد الاعنده فهو مما لا یرغب فیه نوع العقلاء و لکن الابن او الأخت یشتاق الیه و یبذل فى قباله مالا جزیلا، فهذه المعاملة لا تکون سفهیة.
فبین المالیة و المعاملة السفهیة عموم من وجه فقد تکون المالیة النوعیة موجودة و لکن المعاملة سفهیة و قد لا تکون المالیة النوعیة موجودة و لکن المعامله لا تکون سفهیة کبیع التصویر المنحصر عند احد فانّ القریب یشتریه، بملبغ جزیل لاشتیاقه الى هذا التصویر.
و اما تفسیر أهل اللغة للبیع بانه مبادلة مال بمال، فانه ناظر الى الغالب و لیس فى مقام بیان ما یعتبر فى حقیقة البیع.
و ثانیاً لو اغمضنا عن ذلک و اعتبرنا المالیة عند العقلاء، فیکفى فى مالیتها التسمید فى جمیعها و التداوى فى بعضها فان التراب الموجود فى مسکن الحیوانات الأهلیة الذى یبلن فیه ینفع للتسمید و لا یکون منحصرا فى ارواثها، على ان بعضها ینفع لبعض الامراض ایضاً کبول الابل لرفع ضیق التنفس، فالنتیجة ان بیعها لا اشکال فیه اصلا.
و أمّا ما أفاده الاستاذ((قدس سره)) من انا سلّمنا کلا الامرین (اى اعتبار المالیة فى العوضین و ان الأبوال لا مالیة لها) الا ان فى صدق عنوان التجارة عن تراض على معاملة الابوال غنى و کفایة و بذلک یحکم بصحتها و التجارة اعم من البیع و غیر مقیدة بالمالیة فى العوضین. فلا یمکن المساعدة علیه فان متعلق التجارة لیس إلاّ الأموال قال الله تعالى: یا ایها الذین آمنوا لا تأکلوا اموالکم بینکم بالباطل الا ان تکون تجارة عن تراض منکم.(1)
فالمستفاد من الآیة ان اکل الاموال ان کان بالتجارة عن تراض فحلال و اما ما لا یکون مالا، فلا یستفاد منها ان تجارته موجبة لحلیة اکله. فمفادها مفاد احلّ الله البیع و المتعلق فى کلیهما المال.
الثانى ما نسب مرسلا الى الرسول الاکرام((صلى الله علیه وآله)) من (ان الله اذا حرم شیئ حرّم ثمنه)(2)
فبما أن أکل الأبوال و شربها حرام، فبیعها حرام و باطل، فثمنها ایضاً حرام، فلو تم هذه الروایة لدلت على بطلان بیع الارواث ایضاً، فیحرم ثمنها. و هى لم ترد عن طرقنا، فضلا عن اعتبارها، فلا حجیة فیها فانها رویت فى سنن البیهقى.
و لو اغمضنا عن السند فدلالتها ایضاً مقطوعة الفساد فان کثیرا من الاموال بل اکثرها یحرم اکله فکیف یتلزم بحرمة ثمنه.
نعم یمکن ان یقال: ان الاشیاء المعدة للاکل اذا حرمها الله حرّم ثمنها ایضاً فان الشحوم کانت قابلة للاکل، فحرمها الله على الیهود، فباعوها و اکلواثمنها، فلا جل ذلک لعنهم الله، حیث ان الله اذا حرم اکل الشحوم علیهم، حرّم ثمنها ایضاً.
و لکنّها بهذا اللحاظ ایضاً اجنبیة عن محل الکلام، فان الابوال و الارواث لیست معدّة للأکل، حتى یکون تحریمها موجباً لتحریم ثمنها، فالاستدلال بها لا ینفع القائلین بالمنع و ان اغمضنا عن ضعف سندها.
فقد تحصل انه لا دلیل على تحریم البیع للابوال و الارواث من مأکول اللحم لا تکلیفا و لا وضعاً.
(2) کما هو المشهور بین الاصحاب و استدلوا علیه بوجوه:
الاول: الاجماع، و یردّه ان المحصل منه غیر حاصل و المنقول لیس بحجّة على انه من المحتمل قویاً ان یکون مدرکهم فى دعواه هو الوجوه الآتیة، فاذا ناقشنا فیها یسقط الاجماع- و ان کان محصلا- فضلا عن انه غیر حاصل.
الثانى مارواه فى تحف العقول عن الصادق((علیه السلام)) (فى حدیث) او شیئ من وجوه النجس فهذا کله حرام و محرّم لان ذلک کله منهى عن اکله و شربه و لبسه و ملکه و امساکه و التقلب فیه، فجمیع تقلّبه فى ذلک حرام.(3)
فیه أنها مرسلة فلا حجیة فیها.
و لکن الاستاذ ناقش فى دلالتها ایضاً بدعوى ان الروایة انما دلّت على عدم جواز بیع النجس معلّلة بحرمة الانتفاع منه حیث قال: لان ذلک کله منهى عن اکله و شربه و لبسه... و مقتضى هذا التعلیل دوران حرمة بیع النجس مدار حرمة الانتفاع منه و بما ان الابوال مما یجوز الانتفاع به فى التسمید و التداوى و استخراج الغازات منها -کما قلیل- و غیر ذلک کما یأتى تحقیقه فى المسألة الثالثة فلا مناص من الالتزام بجواز بیعها.(4)
فیه ان هذه المناقشة غیر واردة، فان المرسلة تدل على حرمة جمیع التقلبات فیه، فبنفسها تدل على حرمة الانتفاع منه، فلو کان سندها تاماً کانت دلیلا على حرمة بیعه و الانتفاع منه، فالعمدة هى المناقشة فى السند.
الثالث: انّ البول و الغائط من غیر مأکول اللحم نجس لا مالیة لهما فلا یجوز بیعهما.
و قد عرفت الجواب عن ذلک فلا حاجة الى الاعادة.
الرابع: ما رواه الشیخ فى الخلاف من أنّ الله اذا حرم شیئاً حرم ثمنه.
و فیه أنها مرسلة و لم یوجد فى کتبنا المعدة لنقل الأحادیث فلا اعتبار بها.
و هذه الوجوه الأربعة استدل بها لعدم جواز بیع فضلتى غیر مأکول اللحم.
وهنا روایات استدل بها على المنع من بیع الغائط من حیوان غیر المأکول.
منها: روایة یعقوب بن شعیب عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: ثمن العذرة من السحت.(5)
و فیه انها ضعیفة السند بعلى بن مسکین او سکن فانه لم یوثق و مجهول.
و منها: ما رواه سماعة بن مهران قال: سأل رجل ابا عبدالله((علیه السلام)) و انا حاضر، فقال: انى رجل ابیع العذرة، فما تقول؟ قال: حرام بیعهاو ثمنها و قال: لا بأس ببیع العذرة.(6)
و هذه الروایة ان کانت واحدة فهى مجملة لا یمکن الاستدلال بها، و ان کان ذیلها روایة مستقلة فهى قرینة على حمل الحرمة على الکراهة; لانّه صریح فى جواز البیع.
على ان هنا روایة معتبرة دلّت على جواز بیعها: محمد بن مضارب عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: لا بأس ببیع العذرة(7)
و اما ما رواه فى دعائم الاسلام عن رسول الله((صلى الله علیه وآله)) انه((صلى الله علیه وآله)) نهى عن بیع العذرة.(8) فهى مرسلة لا یعتمد علیها و لو اغمضنا عن سندها فیحمل النهى على الکراهة بقرینة معتبرة محمد بن مضارب .
ثم ان سیدنا الاستاذ((قدس سره)) قال فى التنقیح: و فى بعض نسخ المکاسب و تعلیقاته، محمد بن مصادف بدل مضارب و هو غلط.
و لم یذکر((قدس سره)) وجها لکونه غلطاً و هو فى معجم رجال الحدیث ج17 ذکر اختلاف نسخ التهذیب و الاستبصار و الوافى فان فى بعضها مصادف و فى بعضها مضارب ، و کلاهما و قعافیى اسناد کامل الزیارات، فلا بأس بسند الروایة.
و لکن السید الحکیم((قدس سره)) منع عن بیع البول و الغائط من الحیوان الغیر المأکول و اعتمد فى المنع عن بیعهما بروایة تحف العقول و بعدم کون البول مالا عرفا و بنقل الاجماع مستفیضاً على عدم جواز بیع الغائط و بخبر یعقوب بن شعیب: ثمن العذرة سحت. وردّ معتبرة محمد بن مضارب بانها مهجورة و مخالفة للاجماع و ردّ حمل السحت على الکراهة بانه بعید جداً.
و فیه انک قد عرفت ان الاجماع المحصل غیر حاصل و المنقول لیس بحجة و خبر یعقوب ضعیف، و کذا روایة تحف العقول.
و لو اغمضنا عن ذلک و قلنا بانجبار ضعف السند بعمل الاصحاب فیحمل السحت على الکراهة، و ان استبعده شیخنا الانصارى((قدس سره)) و لعله من جهة ان السحت بمعنى الحرام الشدید.
و فیه انه ورد فى دعائم الاسلام عن على((علیه السلام)) انه قال: من السحت ثمن جلود السباع.(9)
و عن ابى مخلد السراج قال: کنت عند ابى عبدالله((علیه السلام)) اذ دخل علیه معتّب، فقال: بالباب رجلان، فقال: ادخلهما، فدخلا، فقال احدهما: انى رجل سرّاج ابیع جلود النمر، فقال مدبوغة هى؟ قال: نعم قال: لیس به بأس.(10)
روى فى المستدرک عن ابن عباس فى قوله تعالى: اکالون للسّحت قال: اجرة المعلمین الذین یشارطون فى تعلیم القرآن.(11)
وروى فضل بن ابى قرة قال: قلت لابى عبدالله((علیه السلام)) هؤلاء یقولون ان کسب المعلم سحت، فقال: کذبوا (کذب)اعداء الله انما ارادوا ان لا یعلّموا اولادهم القرءان، لو ان المعلّم اعطاه رجل دیة و لده لکان للمعلم مباحاً.(12)
روى فى المستدرک عن الجعفر یات عن على((علیه السلام)) انه قال: من السحت کسب الحجام و عن العیاشى عن الصادق و الکاظم((علیهما السلام)): ان للسّحت انواع کثیرة منها کسب الحجام.(13)
و فى قبالها روایات: منها صحیحة معاویة بن عمار عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سألته عن کسب الحجام، فقال: لا بأس به.(14)
قال فى التنقیح: بل فى لسان العرب ان السحت یستعمل فى الحرام تارة و یستعمل فى المکروه اخرى.
هذا کله ما فى تنقیح شرحاً و متناً بحمل السحت على الکراهة.
و لکن الظاهر عدم تمامیة هذا الحمل، فان الروایات المشتملة على السحت ضعیفة الاسناد، فلم یثبت بها ان کلمة السحت صدرت عن الامام((علیه السلام)) حتى تحمل على الکراهة بقرینة ما دل على الجواز.
ثم انه لو اغمضنا عن ذلک وقلنا ان روایة یعقوب بن شعیب، ضعفها منجبر بعمل الاصحاب وان السحت صریح فى الحرمة، فلا یحمل على الکراهة بل تقع المعارضة بین الطائفتین، و الترجیح لمعتبرة ابن مضارب لانها، مخالفة للعامة و روایة یعقوب موافقة لهم فانهم باجمعهم قائلون، ببطلان بیع النجاسات، فنعمل بقوله((علیه السلام)): خذ بما خالف العامة.
على انها موافقة للکتاب ایضاً و هو قوله تعالى: احلّ الله البیع و لکنه مع هذا الاحوط هو الترک.
(3) کما هو المعروف بین الاصحاب و عن الشیخ فى المبسوط: سرجین ما لا یؤکل لحمه و عذرة الانسان و خرء الکلب، لا یجوز بیعها و یجوز الانتفاع بها فى الزرع و الکروم و اصول الشجر بلا خلاف، و قریب منه ما عن غیره.
و قد عرفت ان الدلیل على حرمة بیعها، لا یخلو عن نقاش، فهو جائز فجواز الانتفاع یثبت بالأولویة، لان کل شیئ یجوز بیعه، یجوز الانتفاع به ولا عکس لما عرفت ان المشهور حرمة بیعها و جواز الانتفاع بها.
و لکنه حکى فخر الدین و فاضل المقداد دعوى الاجماع على اصالة حرمة الانتفاع بالنجس مطلقا، و یظهر من کلمات جماعة من الاصحاب المنع من الانتفاع با المتنجسات ایضاً -کما فى الدهن المتنجس فانهم رخصوا الاستصباح به تحت السماء.
و کیفما فقد استدل على عدم جواز الانتفاع بالأعیان النجسة و المتنجسة بالآیات و الروایات:
اما الآیات فمنها قوله تعالى: یا ایها الذى آمنوا انما الخمر و المیسر و الانصاب و الازلام رجس من عمل الشیطان، فاجتنبوه.(15)
تقریب الاستدلال ان کل رجس یجب الاجتناب عنه سواء کان خمرا او عذرة او کلبا او غیرها، و قد تقدم صحیحة البقباق الدالة على ان الکلب رجس.(16) قال: حتى انتهیت الى الکلب، فقال: رجس نجس لا تتوضأ بفضله(17) و لا شک فى ان الرجس یصدق على کل عین من اعیان نجسة، فیجب الاجتناب عنها.
و فیه اولا: ان المراد من الرجس فى الآیة هى القذارة المعنویة بمعنى الخسة الباطنیة، و الدلیل على ذلک ذکر المیسر و الانصاب و الازلام فیها فان القذارة الظاهریة غیر موجودة فیها.
و ثانیاً ان الامر بالاجتناب اذا تعلق بالذات و العین یراد منه الاجتناب عن المنفعة الظاهرة الشایعة و هو الشرب للخمر، الاترى ان التحریم تعلق فى الآیة المبارکة بالام: حرمت علیکم امهاتکم، و لا شک فى ان المراد منه خصوص النکاح لا مطلق المنافع فانها ان طبخت الغذاء للابن لا یکون حراماً.
و کذا المراد من قوله تعالى: حرمت علیکم المیتة و الدم و لحم الخنزیر. هو
حرمة الاکل لاکل المنافع، فلو دفن المیتة تحت اصل الشجر لیتقوى بها لا اشکال فیه اصلا.
و منها قوله تعالى: و الرّجز فاهجر(18) فان الاعیان النجسة یصدق علیها الرجز فلابد من الاجتناب عنها و عدم الانتفاع بها.
و فیه اولا: انه ان ارید من الرجز الاعیان النجسة فهجرها عبارة عن هجر کل عمل مناسب لها فهجر المیتة و الدم و لحم الخنزیر بهجر اکلها، فانه المنفعة الظاهرة فیها و اما دفنها تحت اصول لاشجار، فلا تشمله الآیة.
و ثانیاً انّ الرجز جاء بمعنى العذاب کما فى قوله تعالى: فانزلنا على الذین ظلموا رجزاً من السماء(19)
فیمکن ان یکون المراد هجر منشأ العذاب و هو عصیان الله تعالى فتکون الآیة اجنبیة عما نحن فیه.
و منها قوله تعالى: و یحرّم علیهم الخبائث.(20)
فان تحریم الخبائث ظاهر فى تحریم کل الانتفاع منها.
و فیه اولا: ان الخبائث بمعنى الافعال الخبیثة و الشنیعة، کما تشهد علیه آیة اخرى: قال الله تعالى: و نجیناه من القریة التى کانت تعمل الخبائث.(21) فان المراد منها العمل الخبیث و هو اللواط.
و ثانیاً لو قلنا بصدق الخبائث على الاعیان النجسة، فالمراد حرمة المنفعة الظاهرة منها کما عرفت لا مطلق الانتفاع، و المراد منها اکل الخبائث بقرینة ما قبلها و هو قوله تعالى: و یحلّ لهم الطیّبات.
و اما الروایات: فعمدتها، روایة تحف العقول، حیث قال فیها: او شیئ من وجوه النجس، فهذا کله حرام و محرم لأن ذلک کله منهى عن اکله و شربه و لبسه و ملکه و امساکه و التقلب فیه فجمیع تقلبه فى ذلک حرام.(22)
و دلالتها على حرمة الانتفاع بالنجس واضحة و لکنها ضعیفة السند فلا یعتمد علیها.
1- القران الکریم الایة30 من سورة النساء
2- المستدرک ب6 من ابواب ما یکتسب به ص427
3- س ج 12 ب2 من ابواب ما یکتسب به ح1 ص56
4- التنقیح ج1 ص474
5- س ج12 ب40 من ابواب ما یکتسب به ح1 و2 ص126
6- س ج12 ب40 من ابواب ما یکتسب به ح1 و2 ص126
7- س ج12 ب40 من ابواب ما یکتسب به ح3 ص127
8-المستدرک ج2 ص427
9- المستدرک ج2 ب31 من ابواب ما یکتسب به
10- س ج 12 ب38 من ابواب ما یکتسب به ح1
11- المستدرک ج2 ب 26 ص435
12- س ج12 ب29 مما یکتسب به ح2
13-المستدرک ج2 ب7 من ابواب ما یکتسب به ص427
14- س ج12 ب9 من ابواب ما یکتسب به ح4 ص72
15-سورة المائدة الآیة90
16- ص475
17- س ج 1 ب1 من ابواب الاسئار ح4 ص163
18-سورة المدثر الآیة5
19- سورة البقرة الآیة 59
20- سورة الاعراف الآیة157
21- سورة النبیاء الآیة74
22- س ج12 ب2 من ابواب ما یکتسب به ح1 ص56
مساله 3 ص (511 - 522)
▲ مساله 3 ص (511 - 522)
163(مسألة3) اذا لم یعلم کون حیوان معین أنه مأکول اللحم اولا، لا یحکم بنجاسة بوله و روثه(1) و ان کان لا یجوز اکل لحمه بمقتضى الأصل(2) و کذا اذا لم یعلم ان له دما سائلا ام لا، کما انه اذا شک فى شیئ انه من فضلة حلال اللحم او حرامه او شک فى انه من الحیوان الفلانى حتى یکون نجساً، او من الفلانى حتى یکون طاهرا، کما اذا رأى شیئاً لا یدرى أنه بعرة فار او بعرة خنفساء ففى جمیع هذه الصور یبنى على طهارته(3)
(1) الشک فى ذلک تارة من جهة الشبهة الحکمیة و اخرى من جهة الموضوعیة.
أما الشبهة الحکمیة: کما اذا شککنا فى ان الأرنب محلل الاکل او لا؟ فلابد من الفحص عن الادلة، فان وجدنا الدلیل على الحرمة أو الحلیة نأخذ به و ان لم نجد دلیلا على احدیهما، تصل النوبة الى الأصل العملى، و متقضاه طهارة فضلتیه، فان اصالة الطهارة محکمة.
و اما لحمه فان علم انه قابل للتذکیة، فحلال ایضاً لقوله تعالى: قل لا اجد فیما او حى الىّ محرماًعلى طاعم یطعمه الا ان یکون میتة او دماً مسفوحاً او لحم خنزیر فانه رجس او فسقاً لغیر الله به.
و لقول ابى جعفر((علیهما السلام)) فى صحیحة محمد بن قیس: من جرح صیداً بسلاح و ذکر اسم الله علیه ثم بقى لیلة اولیلتین لم یأکل منه سبع و قد علم ان سلاحه هو الذى قتله، فلیأکل منه ان شاء.
و اما الشبهات الموضوعیة -کما اذا لم تعلم لأجل الظلمة ان هذ الحیوان شاة أو ذئب، فیحکم بطهارة فضلتیه لاصالة الطهارة،
و لکن صاحب الجواهر((قدس سره)) خالف فى المقام حیث احتمل عدم جواز الرجوع الى قاعدة الطهارة قبل الفحص و الاختبار بدعوى ان الامر بالاجتناب عن ابوال مالا یؤکل لحمه، متوجه الینا، و امتثاله متوقف على الاجتناب عما شک فى انه بول ما لا یؤکل لحمه، و ذکر ان حال المقام حال الشک فى القبلة او الوقت او غیرهما مما علق الشارع علیه احکاماً، فکما ان الرجوع فیهما الى الأصل غیر سائغ، قبل الفحص فکذلک الحال فى المقام، نعم لا مانع من الحکم بطهارة ملاقیه لاستصحاب طهارته، و قال : إن المسئلة غیر منقحة فى کلامهم.
و فیه انه من غرائب ما صدر منه((قدس سره)) اما اولا، فلانه لو تم ذلک لما یجرى اصالة الطهارة قبل الفحص فى الشبهات الموضوعیة مطلقا فلو شک انه ماء او بول انسان، لابد من الفحص، فان الاحتراز عن بول الانسان یتوقف على الاجتناب عن هذالمشکوک و هو لا یلتزم بذلک فى بقیة الموارد.
و ثانیاً ان قیاس المقام على الشک فى القبلة و الوقت مع الفارق فان الامر تعلق بالصلاة مستقبلا الى القبلة، لیتحقق امتثال الأمر بالصلاة المشروطة بها، و این هذا من الامر بالاجتناب عن ابوال ما لا یؤکل لحمه، فان ما احرز انه بول لما لا یوکل، یجب الاجتناب عنه و ما شک فى انه بول المحلّل او المحرم یرجع فیه الى قاعدة الطهارة بلا اشکال، فان التکلیف هنا انحلالى لا یتوقف الاجتناب عن فرد على الاجتناب عن فرد آخر.
فاذا شککنا انه بول للمحلّل او المحرم نشک فى توجه التکلیف الینا فیرجع فیه الى اصل الطهارة،
و قد یستشکل على الرّجوع الى أصالة الطهارة فى المقام بان المطلقات دلت على ان البول اذا اصاب البدن، او الثوب لابد من تطهیره بصبّ الماء مرتین فى البدن و بالغسل مرتین فى الثوب و هذه المطلقات قد خرج من تحتها بول ما یؤکل لحمه فلا یجب تطهیر البدن او الثوب منه، فالحیوان المشکوک فى المقام من الشبهة المصداقیة و لا نعلم انه داخل تحت العام او مصداق للمخصص، و لکن الرجوع الى الأصل العدم الازلى یخرجه عن تحت المخصّص و یدخله تحت
العام، فنقول: الاصل عدم کون هذالحیوان مما حل اکله، فیحکم بنجاسة فضلتیه.
و اجاب سیدنا الاستاذ((قدس سره)) عن هذ الاشکال بان جریان الاستصحاب بلحاظ مقام الجعل، یختص بما اذا کان المشکوک فیه من الاحکام الالزامیة او مایرجع الیها لانها هى اللّتى یتعلق بها الجعل المولوى، و اما الأحکام الترخیصیة کالاباحة و الحلیة، فهى غیر محتاجة الى الجعل، بل یکفى فى ثبوتها عدم جعل الالزام من الوجوب او التحریم، و علیه فاستصحاب العدم الازلى لاثبات عدم حلیة الحیوان غیر جار فى نفسه و لا یمکن معه احراز کون الفرد المشتبه من الافراد الباقیة تحت العام و لا یجوز التمسک بالعام فى الشبهة المصداقیة، و لا مناص حینئذ من الرجوع الى قاعدة الطهارة للشک فى طهارة البول. و یمکن ان یجاب عن ذلک ان الحلیة مجعولة شرعاً کما تدل علیه موثقة ابن بکیر المتقدمة(1) حیث قال فیها: (مما احلّ الله اکله) فهو صریح فى ان الحلّیة مجعولة شرعاً، فاذا شککنا فیها نستصحب عدمها بالاستصحاب الجارى فى العدم الازلى، فنقول: هذا بول لما لم یحلّ الله اکله، فیترتب علیه انه مانع من الصلاة فلابد من تطهیره. و لکنه معارض بأنّ الأصل عدم کونه مّما حرّم الله اکله فبعد
تساقط الأصلین بالتعارض یرجع الى قاعدة الطهارة.
و قوله((قدس سره)): (انّ الاستصحاب بلحاظ مقام الجعل، یختص الخ) لا دلیل علیه اصلا، فان مقتضى اطلاق دلیل الاستصحاب، اعتباره فى کل مورد کان قابلا للتعبد و یترتب علیه الاثر و هو فى المقام مانعیته عن الصلاة.
(2) قد یستشکل على المتن بالتفصیل بین الشبهة الموضوعیة و الحکمیة حیث قال: ان کانت الشبهة موضوعیة، فالمرجع استصحاب عدمها (اى عدم التذکیة) او عدم الخصوصیة فیه بنحو الاستصحاب فى العدم الازلى و یترتب علیه حرمة أکل لحمه، و ان کانت حکمیة، فبما أنّ الأصل اللفظى من عموم او اطلاق أو الاصل العملى الموضوعى غیر موجود فى المسألة لاثبات کون الحیوان قابلا للتذکیة، فالمرجع الاصل الحکمى و هو اصالة الاباحة(2)
قلت: یستشکل علیه بوجهین: الاول: ان العموم الدال على ان جمیع الحیوانات قابل للتذکیة الا ما دل الدلیل على العدم، موجود و هو صحیح على بن یقطین قال: سألت ابا الحسن((علیه السلام)) عن لباس الفراء و السمور و الفنک و الثعالب و جمیع الجلود؟ قال: لا بأس بذلک.(3)
فان الدلیل دل على ان الکلب و الخنزیر لا یقبلان التذکیة و جلد المیتة نجس فتخرج من جمیع الجلود و اما غیرها فقابل للتذکیة و لا مانع من لبسها فى غیر حال الصلاة فیحکم بطهارتها بالتذکیة، فکل ما دل الدلیل على حرمة لحمه و لو بعد التذکیة نلتزم به کالاسد والنمر و الفیل و الثعالب و الارانب و امثالها و ما لا دلیل على حرمة لحمه، کالزرافة مثلا، لا مانع من الحکم بحلیته.
الثانى: انّا لو اغمضنا عن ذلک و سلمنا عدم الدلیل العام الدال على قبول التذکیة، فاذا شککنا فى قبول الحیوان للتذکیة و عدمه، کالزرافة مثلا، فاى مانع من الرجوع الى استصحاب العدم الازلى و نفى الخصوصیة التى بها یکون الحیوان قابلا للتذکیة، فیحکم بحرمة لحمه و لو بعد التذکیة.
ثم انه قد استشکل على المتن باشکال آخر و هو ان کل حیوان محرم الاکل اذا کان له دم سائل یکون فضلتاه نجساًو کل محلّل الأکل، فضلتاه طاهر کما تقدم، فکیف یمکن الجمع بین طهارة فضلتیه و حرمة اکل لحمه.
و یردّه ان حرمة اکل الحیوان ان ثبت بالعلم او الامارة، یحکم بنجاسة فضلتیه و فى المقام بما ان الحیوان یشک فى قبوله التذکیة و عدمه و بما ان اصالة عدم التذکیة تجرى فیه یحکم بحرمة لحمه ظاهراً، و بما انه یحتمل ان یکون محلّل الأکل واقعاً یحتمل طهارة فضلتیه، فیرجع فیهما الى قاعدة الطهارة، فلا منافاة بین الحرمة الظاهریة بالنسبة الى اللحم و طهارة ظاهریة بالنسبة الى الفضلتین.
ثم ان السید الحکیم((قدس سره)) قال اذا کان الحیوان معلوم العنوان و علم انه قابل للتذکیة و شک فى انه محلل الاکل او محرمه کالأرنب، یحکم بحرمة اکله للاستصحاب، فیقال: انه کان محرماً حال حیاته، فالآن کما کان،
و الاشکال على الاستصحاب المذکور من جهة بقاء الموضوع تارة: لأن موضوع الحرمة المعلومة الحیوان و موضوع الحرمة المشکوکة اللحم و هما متغایران عرفا.
و اخرى من جهة ان الحرمة الثابتة قبل التذکیة موضوعها غیر المذکى، و المشکوک ثبوتها بعد التذکیة، موضوعها المذکّى. (مندفع) بأن المعیار فى وحدة الموضوع المعتبرة فى جریان الاستصحاب الوحدة فى نظر العرف، بحیث یصدق الشک فى البقاء عرفاً و الاختلاف بین الحیوان و اللحم، لا یوجب التعدد فى نظر العرف و لا ینتفى لأجلد صدق الشک فى بقاء الحرمة. و کذالامر فى الثانى.
ثم استشکل على هذالاستصحاب بما ملخصه ان الحرمة المعلومة وجودها حال الحیاة الحرمة التى موضوعها اللامذکى و هى زائلة قطعاً، بعد التذکیة و المحتمل وجودها بعد التذکیة هى الحرمة الثابتة للذات نفسها و هو وجود آخر، یحتمل مقارنته لوجود الحرمة الزائلة و بقائه بعد زوالها، فیکون الاستصحاب من قبیل القسم الثالث من اقسام استصحاب الکلى، الذى لیس بحجة على التحقیق.
قلت: الظاهر ان المورد من استصحاب القسم الثانى فان الحرمة الواحدة موجودة فى حال الحیاة و هى امّا معلولة لعدم التذکیة و امّا معلولة للخصوصیة الذاتیة، فامرها مردد بین القصیر و الطّویل فان کان الموجود هو القصیر، یرتفع بالتذکیة قطعاً کما فى الشاة و ان کان الطویل یبقى بعد التذکیة ایضاً کالذئب فجریان الاستصحاب، بلامانع کما اذا علمنا بوجود الحیوان فى الدار و کان مردداً بین الذباب و الفیل، فاذا شک بعد اسبوع فى بقائه لا مانع من استصحاب الحیوان، فیترتب علیه اثر الحیوان، لا الفیل و لا الذباب.
ثم ان سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) استشکل على هذا الاستصحاب بعدم الیقین بالحالة السابقة لعدم الدلیل على حرمة الحیوان فى حال الحیاة فلو امکن اکل الحیوان حیاً کان جائزا، فلا مانع من ابتلاع السمک الصغیر حیاً.
و فیه اولا: ان السمک تذکیته اخراجه من الماء حیاً و لا یحتاج الى الذبح کبقیة الحیوانات، فلو مات فى الماء کان حراما و ان اخرج منه کان حلالا بلا فرق بین حیاته و موته، فالتذکیة فیه مزیلة للحرمة فقط فلومات فى الماء لا یکون نجساً و ان کان حراماً.
و أما الحیوان الذى له نفس سائلة، فتذکیته مزیلة للحرمة و النجاسة او الثانیة فقط و لا یخفى الفرق بین التطهیر و التذکیة فان التطهیر یستعمل فى ازالة الخبث و الحدث.
و التذکیة لها اطلاقات ثلاثة: احدها: استعمالها فى ازالة الحرمة و النجاسة، کما فى ذبح الحیوان المحلّل فانه حاو للنجاسة و محرّم قبل التذکیة فهى مزیلة للحرمة و النجاسة فان اخلّ ببعض شرائطها تبقى الحرمة و النجاسة، کما اذا ترک الاستقبال او التسمیة او غیرهما.
ثانیها: استعمالها فى ازالة النجاسة فقط کذبح الذئب.
ثالثها: فى تبرئة الانسان من الفسق کما فى تذکیة الراوى و الشاهد فیقال: ان محمد بن مسلم او زرارة او برید العجلى مثلا امامى مزکّى بعدلین یعنى برّئه العدلان عن الفسق. او ان الشاهد الفلانى قد زکّى بعدلین اى العدلان برّئاه عن الفسق فشهادته مسموعة.
فقد ظهر مما ذکرنا أمران: احدهما: ان ما افاده الاستاذ من ان الحیوان فى حال حیاته، طاهر و حلال، لا یمکن المساعدة علیه لانه اذا کان طاهرا و حلالا فتذکیته تحصیل للحاصل.
ثانیهما: ان ما افاده السید الحکیم((قدس سره)) من ان التذکیة هى بمعنى الطهارة، لیس فى محله، فانها مصدر للفعل المتعدى و الطهارة مصدر للفعل اللازم، فالتذکیة بمعنى ایجاد الطهارة لانفسها، فیقال: زکّیت هذا الحیوان اى اوجدت فیه الطهارة و الحلّیة.
نعم الذکى و هو مصدر ثلاثى مجرد بمعنى الطاهر، فیقال: کل یا بس ذکى اى طاهر.
ثم ان الاستاذ((قدس سره)) استشکل على الاستصحاب ثانیاً حیث قال: امّا ثانیاً: فلان الحرمة على تقدیر تسلیمها حال الحیاة انما تثبت على الحیوان بعنوان عدم التذکیة، و بعد فرض وقوع التذکیة علیه خارجاً و قابلیته لها یتبدل عدم التذکیة الى التذکیة، و مع زوال عنوان عدم التذکیة تنتفى حرمته لامحالة.
و مراده((قدس سره)) أنه لا یبقى الشک حتى تستصحب الحرمة.
و فیه أنّ المفروض ان الحیوان مردد بین الشاة و الذئب فان کان فى الواقع شاة تنتفى الحرمة لا محالة، و أما ان کان ذئباً، فکیف تنتفى الحرمة، و هل تکون التذکیة محلّلة للذئب و لعل هذا من طغیان قلم المقرر (رحمه الله) و الاّ فکیف یصدر من الاستاذ((قدس سره))
فقد تحصل ان الاستصحاب لا مانع منه.
نعم عمومات الکتاب و السنة مانعة عن الاستصحاب.
اما الکتاب: فمنه قوله تعالى: انما حرّم علیکم المیتة و الدم ولحم الخنزیر وما اهل به لغیر الله.(4)
و منه قوله تعالى: قل لا اجد فیما اوحى الّى محرماً على طاعم یطعمه الا ان یکون میتة او دماً مسفوحاً او لحم خنزیر فانه رجس او فسقاً أهل لغیر الله به.(5)
و مقتضى الحصر فیهما حلیة سائر الحیوانات الاّ ما أخرج بالدلیل فلو شک فى الارنب انه حلال او حرام و لم نجد دلیلا على حرمته بعد الفحص نحکم بحلیته،
و اذا کانت الشبهة موضوعیة و لم ندر للظلمة ان هذا الحیوان شاة او ذئب فبا الاستصحاب العدم الازلى ننفى کونه ذئبا، فیحکم بحلیته لعموم الکتاب.
و یمکن ان یستدل للحلیة ایضاً بقوله تعالى: الیوم احلّ لکم الطیبات و قوله تعالى: یسألونک ما ذا أحل لهم قل احل لکم الطیبات.(6)
فکل حیوان لم یکن منفورا للطّباع، داخل فى الطیبات، فیحکم بحلیته.
و اما السنة: فمنها صحیحة محمد بن قیس عن ابى جعفر((علیهما السلام)) قال: من جرح صیداًبسلاح وذکر اسم الله علیه ثم بقى لیلة او لیلتین لم یأکل منه سبع، و قد علم ان سلاحه هو الذى قتله،فیأکل منه ان شاء.(7)
و منها: موثقة محمد بن مسلم عن ابى جعفر((علیه السلام)) قال: کل من الصّید ما قتل السیف و الرمح و السهم.(8)
و منها: صحیحة الحلبى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن الصید یضربه الرجل بالسیف او یطعنه بالرمح او یرمیه بسهم، فیقتله وقد سمّى حین فعل؟ فقال: کل لا بأس به.(9)
فقد یقال: ان مقتضى الاطلاق حلیة کل صید قتل بالسلاح و ذکر اسم الله علیه.
و یرد علیه ان هذه النصوص فى مقام البیان من جهة عدم انحصار الحلیة بالذبح و فرى الاوداج بل یحل الصید المحلل الاکل بالقتل بالسلاح ایضاً.
و کذا قوله تعالى: کلو مما امسکن علیکم و اذکروا اسم الله علیه.(10)
فان ما قتله الکلب المعلم مع ذکر اسم الله حین الارسال محکوم بالحلیة و هو بحکم ما ذبحه المسلم، فکما ان ذبح المسلم ما شک فى حلیته و حرمته، لا یوجب حلیّته فکذا قتل الکلب فانه لا یزید عن ذبح المسلم.
هذا کله فیما اذا علم ان الحیوان قابل للتذکیة و شک فى حلیته و حرمته و اما اذا شک فى حلّیته و حرمته من جهة انه قابل للتذکیة ام لا؟ مثل المسوخ کالفیل و القرد و امثالهما، فهل یجرى هنا اصالة عدم التذکیة بناء على انّها مرکبة من الأمور الخارجیة و من قابلیة المحل ام لا؟ الظاهر هو الثانى، فان صحیحة على بن یقطین تدل على ان کل حیوان ذو جلد، قابل للتذکیة، قال: سألت أبا الحسن((علیه السلام)) عن لباس الفراء و السمور و الفنک و الثعالب وجمیع الجلود؟ قال: لا بأس بذلک.(11)
فکل حیوان ان علم انه غیر قابل للتذکیة کالخنزیر و الکلب و الانسان فلا اثر للتذکیة فیها و کذا اذا علم انه قابل للتذکیة و لکنها لم تقع علیه کالعضو المبان من البقر او البعیر او الشاة، فانه من المیتة.
و اما سائر الحیوانات، فیحکم بانها قابلة لها للصحیحة المذکورة فاذا ذکیت نحکم بطهارة جلدها.
و اذا شک فى ذلک و لم نعلم ان المسلم ذبحه ام لا؟ فلا اشکال فى جریان اصالة عدم التذکیة، وهل یترتب علیها نجاسة الجلد او اللحم ام لا؟ فیه قولان: أحدهما: انّ عدم التذکیة و المیتة بمعنى واحد، فیترتب على اصالة عدمها النجاسة و الحرمة فان غیر المذکّى هو المیتة، فعلیه یکون اللحوم و الشحوم و الجلود المجلوبة من بلاد الکفر محکومة بالحرمة و النجاسة و هذا ما اختاره السید الحکیم و الامام الخمینى((قدس سرهما))و ادعى علیه الاجماع.
ثانیهما: ما ذهب الیه سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) من ان غیر المذکى و المیتة و ان کانا متلازمین مفهوما الا ان مفهوم کل منهما غیر مفهوم الآخر، فالمیتة ما مات حتف انفه، و غیر المذکى ما لم یجر علیه التذکیة شرعاً فعنوان المیتة لا یثبت بأصالة عدم التذکیة، فلا یثبت النجاسة; لانها مترتبة على عنوان المیتة، فاذا لم یثبت الموضوع لم یثبت الحکم، نعم حرمة الاکل و عدم جواز الصلاة مترتبة على غیر المذکّى و هو الموضوع لهما، فتترتبان على اصالة عدم التذکیة.
و ما افاده الاستاذ لا یمکن المساعدة علیه فان موثقة سماعة تدل على ان التسمیة ان لم تذکر عند التذکیة فهو میتة کما تأتى عند السؤال عن جلود السباع.
(3) الصور المتصورة، ثلاث: الاولى : ان یشک فى ان الحیة هل لهادم سائل حتى تکون فضلتها نجسة او لیس لها دم سائل حتى تکون طاهرة.
الثانیة: ان یشک فى ان هذه الفضلة من حلال اللحم کالغزال او من حرام اللحم کالاسد.
الثالثة: انها بعرة فأرة أو خنفساء
اما الصورة الاولى: فلا شبهة فى ان اصالة الطهارة تجرى فیها فیحکم بطهارة فضلتیه، و التمسک بالاصل العدم الازلى ایضاً نتیجته الطهارة، فیقال: الاصل ان
هذا الحیوان لیس له دم سائل، و مقتضاه طهارة ما یخرج منه.
امّا الصورة الثانیة: فأصالة الطهارة فیها جاریة بلا مانع، و الاصل فى العدم الازلى ایضاً یقتضى الطهارة، فیقال: الاصل عدم کونه من حرام اللحم و مقتضاه الطهارة و لا یعارضه أصالة عدم کونه من حلال اللحم لعدم ترتب الاثر علیه، فانها لا تثبت انه من حرام اللحم، و لا عموم یدلّ على أن فضلة کل ما لم یکن حلال الّلحم نجسة، فان فضلة الطیور المحرمة طاهرة و کذا ما لا نفس له.
و اما الصورة الثالثة: فاصالة الطهارة فیها جاریة، و الاصل الموضوعى و هو اصالة عدم کونها بعرة فأر، ایضاً مقتضاه الطهارة.
1- ص491
2- تعالیق بسوطة ج1 ص78
3- س ج3 ب5 من ابواب لباس المصلى ح1 ص256
4- البقرة الآیة173
5- الانعام الآیة 145
6- المائدة الایة 4و5
(7)(8)- س ج16 ب16 من ابوبا الصید ح1،2،و3
9- س ج16 ب16 من ابوبا الصید ح1،2،و3
10-المائدة الآیة4
11- س ج3 ب5 من ابواب لباس المصلى ح1 ص256
مساله 4 ص (522 - 523)
▲ مساله 4 ص (522 - 523)
164(مسألة4) لا یحکم بنجاسة فضلة الحیة، لعدم العلم بأن دمها سائل. نعم حکى عن بعض السادة ان دمها سائل(1) و یمکن اختلاف الحیاة فى ذلک و کذا لا یحکم بنجاسة فضلة التمساح، للشک المذکور، و ان حکى عن الشهید، أن جمیع الحیوانات البحریة لیس لها دم سائل الا التمساح.
لکنه غیر معلوم، و الکلیة المذکورة ایضاً غیر معلومة.(2)
(1) حکى عن المعتبر فى احکام البئر ان الحیة دمها سائل، و ان میتتها نجسة، و نسب ذلک الى المعروف بین الاصحاب، و عن المبسوط دعوى الاجماع على نجاستها بالقتل، و عن المدارک ان المتأخرین استبعدوا و جود النفس لها.
اقول: یکفى ما ذکره العلمان فى ان الحیة لها دم سائل، واستبعاد المتأخرین لا اثرله.
(2) فیه ان الشهید ثقة، فان اخبر ان جمیع الحیوانات البحریة، لیس لها دم سائل الا التمساح، فهو مقبول، و لا مجال للمناقشة فیه لما ذکر نا غیر مرة ان خبر الثقة حجة فى الموضوعات ایضاً.
المنی نجس من کل حیوان ص (523 - 527)
▲ المنی نجس من کل حیوان ص (523 - 527)
الثالث: المنى من کل حیوان له دم سائل حراما کان او حلالا، بریا أو بحریاً.(1) و أما المذى، و الوذى، الودى، فطاهر(2) و کذا رطوبات الفرج و الدبر ما عدل البول و الغائط(3)
(1) حکى دعوى الاجماع عن جماعة کثیرة من القدماء و المتأخرین، و هو من المسلّمات، و القدر المتقین من معقد الاجماع عو منى الانسان و الحیوان الذى له دم سائل و تدل على ذلک عدة من النصوص:
منها: صحیحة محمد بن مسلم عن احدهما((علیهما السلام)) قال: سألته عن المذى یصیب الثوب، فقال: ینضحه بالماء انشاء و قال فى المنى یصیب الثوب؟ قال: ان عرفت مکانه، فاغسله، و ان خفى علیک، فاغسله کله.(1)
و منها: صحیحة اخرى عنه عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: ذکر المنى و شدّده و جعله أشد من البول، ثم قال: ان رایت المنى قبل او بعد ما تدخل فى الصلاة، فعلیک اعادة الصلاة، و ان انت نظرت فى ثوبک فلم تصبه ثم صلّیت فیه ثم رأیته بعد، فلا اعادة علیک و کذالک البول.(2)
و منها: مارواه عنبسة بن مصعب قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن المنى یصیب الثوب، فلا یدرى این مکانه؟ قال: یغسله کله.(3)
و لا یخفى ان المنى فى هذه النصوص منصرفة الى منى الانسان لانه مورد الابتلاء و کثر استعماله فیه، فالاجماع و النصوص متفقة على نجاسة منى الانسان و لا سیما بملاحظة ما فى القاموس من انه ماء الرجل و المرأة و ما عن الصحاح (المصباح) انه ماء الرجل.
و اما المنى الحیوان الذى لا یؤکل لحمه او یوکل لحمه، فالدلیل على نجاسته منحصر بالاجماع و هو محقّق فى المقام; لانه لم ینسب الخلاف الى احد من الأصحاب بلا فرق بین القدماء و المتأخرین.
نعم هنا روایات ظاهرها طهارة منى الانسان و طهارة منى حیوان الذى یؤکل لحمه:
إحدیها: صحیحة زرارة قال: سألته عن الرجل یجنب فى ثوبه أیتجفّف فیه من غسله؟ فقال: نعم لا بأس به إلا أن تکون النطفة فیه رطبة، فان کانت جافّة فلا بأس.(4)
ثانیتها: موثقة زید الشحام قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن الثوب یکون فیه الجنابة فتصیبنى السماء حتى یبتل علّى، قال: لا بأس.(5)
ثالثتها: موثقة عمار عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: کل ما اکل لحمه، فلا بأس بما یخرج منه.(6)
رابعتها: موثقة ابن بکیر المتقدمة.(7)
فالأوّلتان ظاهرتان فى طهارة منى الانسان و الاخیرتان ظاهرتان فى طهارة منى الحیوان الذى یؤکل لحمه.
و لکن الاجماع القطعى مع النصوص المتقدمة موجبة للقطع بنجاسة منى الانسان بل هى عند الامامیة من الضروریات فلابد من تأویل الروایتین او طرحهما و حملهما على التقیة لموافقتهما للشافعى و الحنبلى حیث ان الاول یقول بطهارة مطلق المنى و الثانى بطهارة منى الانسان و الحیوانات المحلّلة.
و اما الاخیرتان، فالاجماع یخصصهما بغیر المنى، فان الاجماع القطعى قائم على نجاسة مطلق المنى من ذوى النفس السائلة بلا فرق بین الحیوان المحلل و المحّرم.
ثم ان سیدنا الاستاذ((قدس سره)) استدل على نجاسة منى الانسان و الحیوان الغیر المأکول بصحیحة محمد بن مسلم المتقدمة الدالة على شدة نجاسة المنى من الحیوان الذى بوله نجس بلا فرق بین الانسان و الحیوان المحرم فان البول من کلیهما نجس و المنى اشد من البول.
و فیه انک عرفت ان النصوص المشتملة على المنى کلّها منصرفة الى منّى الانسان، فالدلیل على نجاسته من غیر الانسان منحصر فى الاجماع. فان النصوص المشتملة على المنى فى مقام بیان حکم منى الانسان، فانه مورد للابتلاء و کثر ذکره فى النصوص و اما منى مثل الاسد و الکلب و الفیل و امثالها فحیث لا یکون موردا للابتلاء فلا یراد من النصوص اصلا.
و اما المنى من غیر ذى النفس السائلة فلا دلیل على نجاسته اصلا، بل الدلیل على طهارته موجود و هو اطلاق موثقة حفص و موثقة عمار المتقدمتین.(8)
(2) کما هو المعروف بین الاصحاب بل لا خلاف فى طهارتها عندنا الا ما نسب الى ابن الجنید من نجاسة المذى الخارج عقیب الشهوة، و لعله لظاهر صحیحة الحسین بن ابى العلاء، فانها ظاهرة فى النجاسة: قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن المذى یصیب الثوب قال((علیه السلام)): ان عرفت مکانه، فاغسله و ان خفى علیک مکانه، فاغسل الثوب کله.(9)
و لکنها محمولة على الاستحباب او على التقیة لعدّة من النصوص الصّریحة فى الطّهارة:
منها: صحیحة اخرى من الحسین بن ابى العلاء سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن المذى یصیب الثوب، قال: لا بأس به فلمّا رددنا علیه، قال: ینضحه بالماء(10)
و منها: صحیحة محمد بن مسلم عن احدهما((علیهما السلام)) قال: سألته عن المذى یصیب الثوب؟ قال: ینضحه بالماء ان شاء (الحدیث)(11)
ومنها: صحیحة زرارة عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: ان سال من ذکرک شیئ من مذى أو ودى و أنت فى الصلاة فلا تغسله، و لا تقطع له الصلاة، و لا تنقض له الوضوء، و ان بلغ عقبیک، فإنّما ذلک بمنزلة النخامة، و کل شیئ خرج منک بعد الوضوء فانه من الحبائل او من البواسیر، و لیس بشیئ، فلا تغسله من ثوبک الا ان تقذره.(12)
(3) بلا خلاف ظاهر و یدل علیه صحیحة ابراهیم بن ابى محمود: سألت ابا الحسن الرضا((علیه السلام)) عن المرأة علیها قمیصها او ازارها، یصیبه من بلل الفرج و هى جنب اتصلّى فیه؟ قال: اذا اغتسلت صلّت فیهما.(1)
و أما ما خرج من الدبر غیر الغائط فلا بأس به ایضاً لما عرفت آنفا من صحیحة زرارة.
1- س ج 2 ب16 من ابواب النجاسات ح1 ص1022
2- س ج 2 ب16 من ابواب النجاسات ح2و3 ص1022
3- س ج 2 ب16 من ابواب النجاسات ح2و3 ص1022
(4)(5)- س ج2 ب27 من ابواب النجاسات ح7 و6ص1038
6- س ج2 ب9 من ابواب النجاسات ح12 ص1011
7- ص 491
8- ص495و496
(9)(10)(11)- س ج2 ب17 من ابواب النجاسات ح3،2و1 ص1023و1024
12- س ج 1ب12 من ابواب نواقض الوضوء ح2 ص196
المیتة نجسة من کل ماله دم سائل ص (527 - 539)
▲ المیتة نجسة من کل ماله دم سائل ص (527 - 539)
الرابع: المیتة(1) من کل ما له دم سائل حلالا کان او حراماً. و کذا اجزائها المبانة منها و ان کانت صغاراً(2) عدا مالا تحله الحیاة منها(3) کالصوف، و الشعر، والوبر، و العظم، و القرن، و المنقار، و الظفر، و المخلب، و الریش، والظلف، و السن، و البیضة اذا اکتست القشر الاعلى.(4)
سواء کانت من الحیوان الحلال او الحرام(5) و سواء أخذ ذلک بجز اونتف او غیرهما(6) نعم یجب غسل المنتوف من رطوبات المیتة. و یلحق بالمذکورات الإنفحة(7) وکذا اللبن فى الضرع(8) و لا ینجس بملاقاة الضرع النجس لکن الاحوط فى اللبن الاجتناب خصوصاً اذا کان من غیر مأکول اللّحم(9) و لابد من غسل ظاهر الانفحة الملاقى للمیتة(10) هذا فى میتة غیر
نجس العین، و اما فیها فلا یستثنى شیئ(11)
(1) قال فى المستمسک: (اجماعاً محصلا و منقولا فى الغنیة و المعتبر و المنتهى و الذکرى و کشف اللثام و عن نهایة الاحکام و التذکرة و کشف الا لتباس و غیرها بل فى المعتبر و المنتهى انه اجماع علماء الاسلام کذا فى الجواهر)
و النصوص الواردة فى نجاسة المیتة کثیرة، یمکن تواترها اجمالا و هى على طوائف:
الطائفة الاولى: ماورد فى موت الحیوان فى المأکول.
منها: صحیحة معاویة بن وهب عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: قلت: جرزمات فى زیت او سمن او عسل؟ فقال: اما السمن و العسل فیؤخذ الجرز و ما حوله و الزیت یستصبح به.(2) و غیرها من الروایات الواردة فى هذالباب.
الطائفة الثانیة: ما ورد فى نزح ماء البئر عند موت الحیوان فیه کصحیحة عبدالله بن سنان عن ابى عبدالله((علیه السلام)) ان سقط فى البئر دابة صغیرة او نزل فیها جنب، نزح منها سبع دلاء، فان مات فیها ثور او صب فیها خمر، نزح الماء کلّه(3) و غیرها.
و صحیحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر((علیهما السلام)) عن البئر تقع فیها المیتة؟ فقال: ان کان لها ریح نزح منها عشرون دلواً.(4)
و قد یستشکل على دلالة هذه الطائفة على النجاسة بان ما دل على عدم انفعال ماء البئر بملاقاة المیتة، یدل على طهارتها.
و یندفع بان هذه الطائفة تدل على امرین: احدهما نجاسة المیتة و الآخر نجاسة الماء، فاذاقام الدلیل على عدم انفعال ماء البئر بالملاقاة لانّ له مادة تبقى الدلالة الاولى بحالها، فان عدم الانفعال مستند الى وجود المانع و هو المادة لا لعدم وجود المقتضى، فان المقتضى اذا اقترن بالمانع لا یتحقق المقتضى فعلیه تحمل نصوص النزح على التنزه لا على رفع النجاسة.
ثم لایخفى أن السید الحکیم((قدس سره)) استشکل فى دلالة الطائفة الثانیة، و قال: (نعم قد یستشکل الاستدلال المذکور بعدم ظهورهاو امر النزج فى کونه مطهراً، لان مطهّریة النزح لیست موافقة لارتکاز العرفى، فدلالة النصوص على نجاسة الماء من هذه الجهة لا تکون ظاهرة، کى تلازمها الدلالة على نجاسة المیتة)
و هذا الذى افاده لا یمکن المساعدة علیه بوجه، بل یعد من الغرائب فانّ الامر بالنزح عن البئر عند سقوط المیتة فیها، یدل على نجاسة المیتة و انها منجسة للماء بحکم الارتکاز العرفى جزماً، فان النزح من البئر سبب ظاهر لذهاب المیاه الملّوثة بالمیتة و حصول المیاه النظیفة مکانها کما تصرح بذلک صحیحة ابن بزیع المتقدمة فى البحث عن ماء البئر عن الرضا((علیه السلام)): ماء البئر واسع لا یفسده شیئ الا ان یتغیر ریحه او طعمه، فینزح منه حتى یذهب الریح و یطیب طعمه لان له مادة.(5)
الطائفة الثالثة: ما دلت على نجاسة الماء القلیل بملاقاة المیتة.(6)
الطائفة الرابعة: ما دلت على عدم جواز الاکل من آنیة اهل الکتاب کصحیحة محمد بن مسلم عن احدهما((علیهما السلام))قال: سألته عن آنیة اهل الکتاب فقال: لا تأکل فى آنیتهم اذا کانوا یأکلون فیها المیتة.(7)
الطائفة الخامسة: ما دل على عدم جواز الصلاة فى ثوب اصابته المیتة مثل مارواه قاسم الصیقل قال: کتبت الى الرضا((علیه السلام)): انى اعمل اغماد السیوف من جلود الحمر المیتة فتصیب ثیابى، فأصلى فیها، فکتب الى: اتخذ ثوبا لصلاتک.(8)
ثم انه نسب الى صاحب المعالم((قدس سره)) ان العمدة فى نجاسة المیتة هو الاجماع، وقصور الاخبار عن اثبات نجاستها و هذا عجیب واعجب منه ما حکى عن صاحب المدارک((قدس سره)) من المناقشة فى نجاسة المیتة بدعوى انحصار مدرک القول بنجاستها فى الاجماع، و استظهر عدم تمامیة الاجماع فى المسألة.
و لا جل الخروج عن وحشة التفرد فى القول بطهارة المیتة، نسب القول بطهارتها الى الصدوق((قدس سره)) حیث انه روى فى الفقیه مرسلا عن الصادق((علیه السلام)) انه سأل عن جلود المیتة، یجعل فیها اللبن و الماء و السمن ما ترى فیه؟ فقال: لا بأس بان تجعل فیها ماشئت من ماء او لبن او سمن و تتوضأ منه و تشرب و لکن لا تصلّ فیها.(9)
و قد التزم((قدس سره)) فى اوائل کتاب الفقیه انه لا یورد فیه الا ما یفتى و یحکم بصحته و یعتقد انه حجة فیما بینه و بین الله تعالى.
فلاجل ذلک صح نسبة القول بطهارة المیتة الیه.
و فیه ان الصدوق((قدس سره)) و ان التزم فى اوائل کتابه بذلک الا ان مجرد الا یراد فیه لا یدل على انه یفتى بمضمونه لانه یتوقف على عدم وجود المعارض له و قد عرفت ان المعارض له کثیر لتواتر ما دل على نجاسة المیتة.
ثم لو فرض ان الصدوق((قدس سره)) افتى بطهارة المیتة مطلقا او افتى بطهارة جلودها بالدباغة، لا حجیة لها با لنسبة الینا، فان الروایة مرسلة نقطع بعدم صدورها لبیان الحکم الواقعى فإمّا صدرت تقیة او وردت فى المیتة التى لا نفس لها سائلة.
(2) و الوجه فیه واضح فان المیتة اذا ثبتت نجاستها، فالفهم العرفى قاض بنجاسة جمیع اجزائهامما تحله الحیاة.
(3) بلا خلاف فیه بین الأصحاب و تدل على ذلک عدة من النصوص: منها: صحیحة حریز قال: قال ابو عبدالله((علیه السلام)) لزرارة و محمد بن مسلم: اللبن و اللباء و البیضة و الشعر، و الصوف و القرن، و الناب، و الحافر و کل شیئ یفصل من الشاة و الدابة فهو ذکى، و ان اخذته منه بعد ان یموت فاغسله وصل فیه.(10)
و منها: صحیحة زرارة عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سألته عن الإنفحة تخرج من الجدى المیت؟ قال: لا بأس به قلت: اللبن یکون فى ضرع الشاة و قد ماتت؟ قال: لا بأس به، قلت: و الصوف و الشعر و عظام الفیل و الجلد و البیض یخرج من الدجاجة؟ فقال: کل هذا لا بأس به.(11)
قلت: ذکر الجلد لعله من سهو القلم و الاّ فهو لیس بطاهر بلا خلاف و لم یذکر فى مارواه الصّدوق باسناده عن ابن محبوب.
و منها مرسلة الصدوق قال: قال الصادق((علیه السلام)): عشرة اشیاء من المیتة ذکیة: القرن و الحافر، و العظم و السن و الا نفحة، و اللّبن و الشعر و الصوف، و الریش و البیض.(12)
و لکن ما رواه وهب عن جعفر عن ابیه((علیهما السلام)) یعارض ما سبق فى اللبن : ان علیا((علیه السلام)) سأل عن شاة ماتت، فحلب منها لبن؟ فقال((علیه السلام)): ذلک الحرام محضاً.(13)
و هذه الروایة حملها الشیخ على التقیة،
اقول: حیث انها موافقة للکتاب لابّد ان تقدم على ما دل على استثناء اللبن من میتة. و لکن الروایات المشتملة على استثناء اللّبن مشهورة فیمکن حمل هذه الروایة على الشذوذ.
اللهم الا ان یقال: ان الضرع جزء من المیتة فملاقات اللبن له موجبة لنجاسته و الاحوط هو الاجتناب.
و اما المنقار، و الظفر، والمخلب، و الظلف و ان لم تذکر فى النصوص و لکن حکمهایعرف مما ورد فیها، فان الحافر یشمل الظفر و الظلف، و العظم یشمل المنقار و المخلب.
(4) الدلیل على هذالقید; معتبرة غیاث بن ابراهیم عن ابى عبدالله((علیه السلام)) فى بیضة خرجت من است دجاجة میتة، قال: ان کانت اکتست البیضة الجلد الغلیظ، فلا بأس بها(14) و هى تقید الاطلاق فى غیرها.
و هل هذالشرط شرط لجواز الاکل وحده حتى یکون الطاهر مطلق البیضة الخارجة من میتة او شرط لکلیهما، فاذا انتفى هذا الشرط یکون حراماً و نجساً، الظاهر هو الأول: فان القدر المتیقن من التقید هو التقیید لجواز الاکل و اما الطهارة، فلا مانع فیها من التمسک بالاطلاقات، فیحکم بطهارتها و ان لم تکتس القشر الاعلى، فان المقید اذا دار امره بین الاقل و الاکثر، نقتصر فیه بالاقل لانه القدر المتیقن و بالنسبة الى الاکثر نرجع الى الاطلاق: فنقول: البیضة من المیتة طاهرة مطلقا و لکن حلیة اکلها مشروطة باکتساء ها للقشر الغلیظ.
و لکنه یمکن أن یقال: ان هذا الذى ذکرناه یتم فیما اذا کانت البیضة قبل اکتسائها له قابلة للتطهیر و الا فهو شرط للطهارة و الحلیة معاً لان الحکم بالطهارة مع عدم قابلیتها للتطهیر لغو; لانها ملوثة بنجاسة المیتة، فمع عدم القابلیة له تبقى نجاستها.
(5) نسب الى العلامة((قدس سره)) و الشیخ فى النهایة، ان الحکم بالطهارة مختص بالحیوان المحلّل الاکل، لان جملة من الروایات مشتملة على الدجاجة و هى محلّلة و المطلقات ایضاً منصرفة الى المحللة، فان ظاهرها هو السؤال عن جواز اکل البیضة،و لا یجوز اکل شیئ من الحیوانات المحرمة.
و فیه ان طهارة البیضة لا تختص بالطیور المحلّلة، فان بیضة الطیور المحرمة ایضاً طاهرة لانها لیست جزء للمیتة و لیست طهارتها لاجل النصوص حتى یقال: انها منصرفة الى الطیور المحلّلة.
نعم حلیة الاکل مختصة بالبیض للطیور المحلّلة، و لکنّها اجنبیة مما نحن بصدده و هى الطهارة، فانها عامة للبیض المحللة و المحرمة، فلأنها لیست جزء للمیتة و هى ظرفها، فتطهر بالغسل.
(6) نسب الى الشیخ((قدس سره)) فى النهایة ان الطهارة تختص بالمذکورات اذا جزت و اما اذا نتفت، یحکم بنجاستها.
و ذلک لوجهین: احدهما: ان نتفها یوجب مصاحبة جزء من میتة لها فلا جله یحکم بنجاستها.
ثانیتهما: روایة الفتح بن یزید الجرجانى عن ابى الحسن((علیه السلام)) قال: کتبت الیه أساله عن جلود المیتة التى یؤکل لحملها ذکیاً؟ فکتب((علیه السلام)): لا ینتفع من المیتة بإهاب و لا عصب و کلّما کان من السخال الصوف ان جزّ و الشعر و الوبر و الإنفحة و القرن و لا یتعدى الى غیرها انشاء الله تعالى.(15)
اما الوجه الاول، فیرده ما فى صحیحة حریز حیث قال فیها: اللبن، و اللباء، و البیضة و الشعر والصوف و القرن، والناب، و الحافر و کل شیئ یفصل من الشاة و الدابة فهو ذکى و ان اخذته منه بعد ان یموت فاغسله وصل فیه.(16)
فان الامر بالغسل انما هو لاجل ان الأخذ بالنتف ملازم لنجاسة اصول الصوف و الشعر، فلو کانت مصاحبة للمیتة، لما امر((علیه السلام)) بالغسل فان المیتة لا تطهر به فالامر بالغسل یدل على عدم استصحاب اصول الشعر لاجزاء المیتة، و عدم کونها مما تحله الحیوة.
و اما الوجه الثانى: ففیه اولا ان الروایة ضعیفة السند لاجل مختار بن محمد و عبدالله بن الحسن و فتح بن یزید، فانهم لو یوثقوا.
و ثانیاً انها مضطربة المتن و لم یذکر فیها خبر المبتداء و لا خبر کان.
و ثالثاً ان الجزّ جاء بعد صوف السخال و لعله لخصوصیة المورد، فان لحم السخال لطیف یمکن ان یقلع مع الصوف: فلا یعتمد على الروایة بوجه.
(7) جاء فى اللغة بکسر الهمزة و فتح الفاء مع التخفیف او التشدید للحاء و قد تکسر الفاء، و على اى التقدیر، فتطلق علیها المجبنة و بالفارسیة (پنیر مایة) و (شیردان)
و هل هى الظرف و المظروف او الظرف فقط او المظروف فقط؟ المظنون هو الأول، و لکنه لا یغنى من الحق شیئاً، فعلیه القدر المتیقن مما دل على طهارة الانفحة هو المظروف فانه طاهر على جمیع الاحتمالات أما على الاحتمال الأول و الأخیر، فواضح و امّا على الثانى فلأن الظرف اذا کان طاهراً، فالمظروف کذلک جزماً لانه لا مقتضى لنجاسته حیث انه من سنخ الحلیب و لم یلاق نجساً و لم یلاق المیتة، فعلیه لا یهم تحقیق الموضوع له للإنفحة، فلو کانت الإنفحة هى المظروف لا یکون ملاقاته للظرف الذى هو جزء المیتة موجبة لنجاسته لان طهارته مستلزمة اما لطهارة داخل الظرف او عدم منجسیته ان کان نجساً.
و لا یخفى ان النصوص الدالة على طهارة الانفحة اما واردة فى الحیوانات المحلّلة او منصرفة الیها، فلا تشمل انفحة الحیوانات المحرمة کالسباع مثلا.
فلا یحکم بطهارتها لعدم الدلیل علیها، فتکون النصوص الدالة على نجاسة المیتة محکمة فیها.
(8) على المشهور کما عن الخلاف و البیان و المعة و الدروس و المسالک و الروضة بل عن الخلاف دعوى الاجماع علیه و هو المحکى عن الصدوق و المفید و القاضى و ابن زهرة و غیرهم( قدس الله اسرارهم) بل عن الشهید ندرة القول بالنجاسة.
و لکن جماعة من الاصحاب ذهبوا الى النجاسة بل عن المنتهى و جامع المقاصد ان القول بالنجاسة مشهور و عن غایة المرام انه مذهب المتأخرین و عن السرائر نسبته الى المحصّلین، و ان ناقشه الآبى فى کشف الرموز -على ما حکى- بان الشیخین مخالفان و المرتضى و اتباعه غیر ناطقین، فما اعرف من بقى معه من المحصّلین و کیفما کان فقد استدل للقول بالطهارة بعدة من النصوص.
منها: صحیحة حریز المتقدمة(17)
ومنها: صحیحة زرارة عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سألته عن الانفحة تخرج من جدى المیت قال: لا بأس به، قلت: اللبن یکون فى ضرع الشاة و قد ماتت، قال: لا بأس به(18) الحدیث.
وما رواه الصدوق عن الصادق((علیه السلام)): قال: قال الصادق((علیه السلام)): عشرة اشیاء من المیتة ذکیة: القرن، و الحافر، و العظم، و السن، و الانفحة، و اللّبن، و الشعر، و الصوف و الریش، و البیض.(19)
و اما القائلون بالنجاسة فاستدلوا لها بوجوه:
الاول: ان الضرع جزء من میتة و اللّبن ملاق له، فیتنجس للقاعدة المسلمة و هى ان النجس منجس.
الثانى: ما رواه وهب بن وهب عن جعفر عن ابیه((علیهما السلام)): ان علیاً سأل عن شاة ماتت، فحلب منهالبن فقال على((علیه السلام)): ذلک الحرام محضاً.(20)
الثالث: روایة فتح بن یزید الجرجانى المتقدمة(21) فانها حصرت الاشیاء المحلّلة فى خمسة اشیاء و لیس اللبن منها.
و لکنها کلها ضعیفة، فان قاعدة تنجیس النجس لملاقیه مسلّمة و لکنها نخرج منها للنصوص المعتبرة المتقدمة، فانها قابلة للتخصیص، فنلتزم ان الضرع و ان کان جزء من میتة الا انه لا ینجس اللبن و لا سیما ان الملاقاة فى الداخل، فکما ان الإنفحة لا تنفعل بالملاقاة، کذلک اللبن.
و اما الثانى و هو خبر وهب بن وهب فضعیف جداً و قیل: انه عامى کذاب، بل قیل: انه اکذب البریة.
و ابن الغضائرى و ان قال: (ان له عن جعفر بن محمد احادیث کلها یوثق بها) و لکنه لا ینفع لانه لم یبیّن جهة الوثوق مع اعترافه بانه کذاب عامى.
و اما الثالث و هو روایة فتح بن یزید فقد تقدم انها ضعیفة السند و مضطربة المتن فلا یعتمد علیها، على انها قابلة للتقیید باللبن و بقیة المستثنیات
فعلیه الاقوى هو القول بالطهارة للنصوص المتقدمة
ثم ان الشیخ الانصارى((قدس سره)) قوّى القول بالنجاسة بتقریب ان روایة وهب بن وهب و ان کانت ضعیفة الا انها منجبرة بمطابقتها للقاعدة المتسالم علیها اعنى منجسیة النجس، و موافقة القاعدة جابرة لضعفها.
و اما الروایات الواردة فى طهارة اللبن و ان کانت بین صحیحة و موثقة الا أنها مخالفة للقاعدة، و طرح الاخبار الصحیحة المخالفة للقاعدة و لاصول المذهب و قواعده غیر عزیز، الا ان تعتضد بفتوى الاصحاب کما فى الإنفحة او بشهرة عظیمة توجب شذود المخالفة، و لیس شیئ من ذلک محققاً فى المقام فالعمل على روایة وهب هو المتعین.
و ملخص کلامه((قدس سره)) ان قاعدة أن النجس منجّس، قاعدة قطعیة مسلّمة، فهى جابرة لضعف روایة وهب فتقدم على ما دل على طهارة اللّبن و ان کانت صحیحة و موثقة الا اذا کانت معتضدة بفتوى الأصحاب او بشهرة عظیمة توجب شذوذ المخالف، و لیس شیئ من ذلک محققاً فى المقام.
و فیه اولا أنّ القاعدة القطعیة المسلّمة لیست حکما عقلیاً غیر قابل للتخصیص، فتخصّص بما دل على طهارة لبن المیتة من الصحیحة و الموثقة کصحیحة حریز و صحیحة زرارة و غیرهما.
و ثانیاً ان فتوى الأصحاب بمضمون الروایة لیست شرطاً لحجیتها، بل اعراض الاصحاب عندهم کاسر للسند و لیست النصوص الدالة على الطهارة معرضا عنها.
و ثالثاً: أن المشهور بین الاصحاب -کما عرفت- القول بطهارة اللبن للنصوص المتقدمة، فتکون معتضدة بفتواهم و مخصّصة للقاعدة المسلّمة، حتى لو بنینا على ما ذکره من اعتبار اعتضاد النصوص بفتوى الاصحاب، فعلیه لا یبقى المجال للعمل بروایة وهب اصلابل المتعین العمل بما دل على طهارة لبن المیتة.
(9) بل الاقوى الاجتناب عن لبن میتة غیر المأکول فان النصوص الدالة على استثناء اللبن اما مختصة بالمأکول او منصرفة الیه، فلا تشمل لبن میتة غیر ماکول اللّحم، فان نفى البأس عن اللبن ظاهر فى جواز شربه، و القول بانه ذکى ظاهر فى جواز شرب اللّبن و جواز الصلاة فى الشعر و الصوف، فتختص بالحیوان المأکول.
(10) هذا ظاهر فى ان الماتن((قدس سره)) یرى الإنفحة مجموع الظرف و المظروف، و هو و ان کان مظنونا الا ان الدلیل لم یقم على ذلک، فتکون اللفظ مجملا و قد عرفت أن القدر المتقین من الطهارة هو المظروف.
نعم لابد من غسل ظاهر الظرف لتلوثه بالمیتة، و اما باطنه، فلا یکون منجساً للمظروف إما لطهارته بناء على کونه داخلا فى الإنفحة او هو الإنفحة، و اما لعدم کونه منجساً بناء على انه خارج عن الإنفحة.
(11) فان ما دل على نجاسته کالخنزیر و الکلب، دال على نجاسة جمیع اجزائه، فکما ان نجس العین نجس فى حال حیاته، فکذلک بعد مماته و الموت فى طاهر العین موجب للنجاسة کما عرفت و أمّا فى نجس العین، فلا یوجب النجاسة لحصولها قبله و لا یمکن تحصیل الحاصل.
1- س ج 2 ب55 من ابواب النجاسات ح1 ص1077
2- س ج16 ب43 من ابواب الاطعمة المحرمة.
3- س ج1 ب15 من ابواب الماء المطلق ح1 و راجع ب16،17،18،19،21،22و23
4- الباب 22 ح1 ص142
5- س ج2 ب34 من ابواب النجاسات ح4
6- س ج1 ب4 من ابواب الماء المطلق ح1
7- س ج16 ب54 من اوباب الاطعمة المحرمة ح6
8- س ج 34 من ابواب النجاسات ح4 و5
9- س ج 34 من ابواب النجاسات ح4 و5
10- س ج 16 ب33 من ابواب الاطعمة المحرمة ح3،10،9 و11
(11)(12)(13)- س ج 16 ب33 من ابواب الاطعمة المحرمة ح3،10،9 و11
14- س ج16 ب33 من ابواب الاطعمة المحرمة ح6 ص365
15- س ج 16 ب33 من ابواب الاطعمة المحرمة ح7 ص366
16- س ج 16 ب33 من ابواب الاطعمة المحرمة ح3 ص365
17- ص530
(18)(19)- س ج 6 1 ب33 من ابواب الطعمة المحرمة ح10 و9 ص366
20- س ج16 ب33 من ابوب الاطعمة المحرمه ح11 ص367
21- ص535
مساله 1 ص (539 - 541)
▲ مساله 1 ص (539 - 541)
165(مسألة1) الاجزاء المبانة من الحى، مما تحله الحیوة کالمبانة من المیتة(1) الاّ الأجزا الصغار(2) کالثالول و البثور، و کالجلدة التى تنفصل من الشفة او من بدن الأجرب عند الحک و نحو ذلک
(1) هذا بحسب الحکم لا اشکال فیه، فکما ان المیتة محکومة بالحرمة و النجاسة فکذلک الاجزاء المبانة من الحى.
و تدل على ذلک عدة من النصوص: منها صحیحة محمد بن قیس(1) و منها صحیحة عبدالرحمان بن ابى عبدالله عن ابى عبدالله((علیه السلام))(2)
و منها ما رواه عبدالله بن یحیى الکاهلى عن ابى عبدالله((علیه السلام))(3)
ففى صحیحة محمد بن قیس عن ابى جعفر((علیهما السلام)) قال امیر المؤمنین((علیه السلام)): ما أخذت الحبالة من صید، قطعت منه یداً او رجلا، فذروه; فانه میّت، و کلوا مما ادرکتم حیاً و ذکرتم اسم الله علیه.
فهى تدلّ على أن حکم العضو المقطوع، حکم المیتة، فالحرمة و النجاسة ثابتتان للعضو المقطوع، هذا فى العضو المقطوع من غیر الآدمى.
و اما المقطوع منه فالظاهر عدم الخلاف فى نجاسته، کما تدل على ذلک مرسلة ایوب بن نوح عن بعض اصحابنا عن ابى عبدالله((علیه السلام)): اذا قطع من الرجل قطعة، فهى میتة فاذا مسّها انسان، فکل ما کان فیه عظم، فقد وجب على من یمسه الغسل فان لم یکن فیه عظم، فلا غسل علیه.(4)
و ضعفها منجبر بعمل الأصحاب. و هذا فیما خرج منه الروح بعد القطع، و اما اذا خرج منه الروح قبل القطع کالمشلول ثم قطع، فهل یحکم بنجاسته و وجوب الغسل بمسه ام لا؟ الظاهر هو الاوّل; لاطلاق المرسلة.
و یمکن ان یستفاد نجاسته من صحیحة محمد بن قیس المتقدمة ایضاً فانها تدل على ان المقطوع من الحیوان الحى، میت; فالنجاسة تترتب علیه قهراً، بلا فرق بین الصّید و الانسان فان کلیهما حیوان.
و اما اذا قطع العضو من البدن و لم ینفصل من البدن تماما و لکنه خرج منه الرّوح و انتن، فهل یحکم بنجاسته ام لا؟ الظاهر هو الثانى; فان المیتة او المیت لا یطلق علیه; فلا یعمه الحکم، فاذا انفصل تماماً جرى علیه حکم المیتة و یحکم بنجاسته.
(2) یمکن ان یستدل على هذا الاستثناء بوجهین: الاول: انصراف ما دل على نجاسة الجزء المبان من الحى کالمبانة من الصید و الیات الغنم عن ذلک.
الثانى: صحیحة على بن جعفر انه سأل اخاه موسى بن جعفر((علیهما السلام)) عن الرجل یکون به الثالول او الجرح هل یصلح له ان یقطع الثالول فى صلاته، او ینتف بعض لحمه من ذلک الجرح و یطرحه؟ قال: ان لم یتخوّف ان یسیل الدم فلا بأس، و ان تخوف ان یسیل الدّم فلا یفعله(5)
تقریب الاستدلال انه((علیه السلام)) فى مقام بیان عدم مانعیة الفعل المذکور فى الصّلوة من جمیع الجهات، بقرینة قوله((علیه السلام)): ان لم یتخوف... فلو کان((علیه السلام)) فى مقام بیان خصوص عدم قدح الفعل الیسیر فى الصلاة، لم یقل: ان لم یتخوف ان یسیل الدم فلا بأس، بل یقول: لا بأس بذلک.
فلو کان الثالول المقطوع بحکم المیتة فى النجاسة لقال((علیه السلام)): ان لم یلاقه مع الرطوبة و لم یتخوف ان یسیل الدم فلا بأس فترک الاستفصال و عدم التعرض لرطوبة الید یدل على طهارة الثالول و لو بعد القطع مع رطوبة الید.
هذالاستدلال ارتضاه الشیخ الانصارى((قدس سره)) و اصرّ علیه و لکن سیدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) لم یرتضه و قال انها عریة عن الدلالة علیه، و الوجه فیما ذکرناه أن الروایة ناظرة الى عدم قادحیة الفعل المذکور فى الصلاة لانه فعل یسیر، و لیست ناظرة الى عدم قادحیته من جمیع الجهات و اشتراط عدم سیلان الدم، مستند الى أنّ نتف الثالول یستلزم سیلانه غالباً و کأنها دلت على أن الفعل المذکور غیر مانع من الصلاة فى نفسه الا أن له لازماً تبطل به الصلاة، فلا بأس به ان لم یکن مقارنا معه، و اما نتف الثالول، فلا یلازم ملاقاته الید رطبة لا مکان ازالته بخرقة او بقرطاس او بأخذه بالید مع یبوستها.
قلت: السئوال کان عن نفس نتف الثالول فلو لو یکن الامام((علیه السلام)) فى مقام بیان الموانع، لاجاب بعدم البأس بذلک فتعرضه((علیه السلام)) لسیلان الدم قرینة على انه((علیه السلام)) فى مقام بیان الموانع، و نتف الثالول قد یکون مع رطوبة الید بالعرق و امثاله فترک الاستفصال و عدم التعرض لها کاف فى طهارة الثالول، و الالقال: ان لم یتخوف ان یسیل الدم و کانت الید جافة فلا بأس.
(1)(2)- س ج16 ب24 من ابواب الصید ح1و2 ص237
3- س ج16 ب30 من ابواب الذبایح ح1 ص295
4- س ج2 ب2 من ابواب المس ح1 ص931
5- س ج2 ب63 من ابواب النجاسات ح1 ص1082
مساله 2 ص (541 - 549)
▲ مساله 2 ص (541 - 549)
166(مسألة2) فأرة المسک(1) المبانة من الحى طاهرة على الاقوى و ان کان الاحوط الاجتناب عنها، نعم لا اشکال فى طهارة ما فیها من المسک(2) و أما المبانة من المیت ففیها اشکال(3) و کذا فى مسکها، نعم اذا اخذت من ید المسلم یحکم بطهارتها(4)، و لو لم یعلم انها مبانة من الحى او المیت.
(1) حکى عن جماعة ان فأرة المسک جلدة فى اطراف سرة الظبى یجتمع فیها الدم الطیب الرائحة، ثم یعرض للموضع حکّة تسقط بسببها فان کان الظبى مذکّى فلا اشکال و لا خلاف فى طهارتها و طهارة ما فیها من المسک.
و أمّا اذا لم یکن مذکّى، حیّاً کان حین سقطت منه او میتاً، فقد اختلف الاصحاب فى طهارتها و نجاستها، المعروف المشهور طهارتها مطلقا.
و عن کشف اللثام انّها نجسة مطلقا; و عن العلامة فى المنتهى التفصیل بین ما انفصل من الحى فالطهارة و ما انفصل من المیت فالاقرب النجاسة.
و ما یمکن ان یستدل للمشهور وجوه، أحدها: انها لیست جزءاً من الظبى و ان کانت جزءً، فهى مما لا تحله الحیاة، فهى طاهرة حتى بعد موت الظبى کالبیضة من دجاج.
ثانیها: الاطلاقات الوارة فى النصوص: منها: صحیحة على بن جعفر عن اخیه ابى الحسن((علیه السلام)) قال: سألته عن المسک فى الدّهن، أیصلح؟ فقال: انى لأصنعه فى الدهن و لا بأس(1)
فهذه الطائفة تدل على طهارته مطلقا و الا لا ستفصل((علیه السلام)) انه مأخوذ من ظبى میتة او الحى، فطهارته تدل على طهارة الجلدة بالالتزام.
ثالثها: الاجماع المدعى على طهارتها کما عن ظاهر تذکرة العلامة و ذکرى الشهید.
رابعها: صحیحة اخرى عن على بن جعفر عن اخیه موسى((علیه السلام)) قال: سألته عن فأرة المسک تکون مع من یصلى و هى فى جیبه او ثیابه؟ فقال((علیه السلام)) لا بأس بذلک(2)
قلت: اما الوجه الاول فیرده ان الفأرة جزء من الظبىو متصل به و هى من الجلد فکیف لم تحلّها الحیوة، غایة الامر انها طرء علیها الموت نعم یتم ذلک فیما اذا حان آوان انفصالها بعد التکامل فان الحیاة تنقطع منها و ان کان الظبى حیاً.
اما الوجه الثانى فنوقش فیه بامکان عدم سرایة نجاسة الفأرة الى المسک لعدم الرطوبة المسریة من جهة انجماد الدم حین صیرورته مسکاً.
و فیه ان المقصود اثبات طهارة المسک مطلقا بلا فوق بین ما اخذ من الحى او المذکّى او المیتة، فالمسک طاهر مطلقا و ان لم تثبت طهارة الفأرة.
و اما الوجه الثالث و هو دعوى الاجماع على طهارتها، فلا یعتمد علیها اصلا، فان العلامة ادعاه و نقله و هو خالف القول بالطهارة فى المنتهى و ادعى التفصیل کما عرفت.
و اما الرابع و هى صحیحة على بن جعفر ففیه اولا انها اعم من المدعى فان جواز الحمل فى الصلاة لا یدل على الطهارة فیمکن ان یقال: ان الفارة مع انها نجسة لا مانع من حملها فى الصلاة لعدم الدلیل على المنع من حمله فیها.
و ثانیا انها معارضة بصحیحة عبدالله بن جعفر قال: کتبت الیه یعنى ابا محمد((علیه السلام)): یجوز للرجل ان یصلى و معه فأرة المسک: فکتب: لا بأس به اذا کان ذکیا(3) و الجمع یقتضى تقییدها بهذه الصحیحة. ولاجلها اختار کاشف اللثام نجاستها اذا اخذت من غیر المذکى.
و لکن فى هذه الصحیحة الاحتمالات ثلاث: احدها ان یرجع اسم کان الى الظبى المفهوم من الکلام، فالمراد اذا کانت الفأرة من الظبى المذکى لا بأس بحملها فى الصلاة.
ثانیها ان یرجع الى الفارة و تذکیر الضمیر باعتابر انه مما مع المصلى فالمترتب علیه اعتبار کون الفأرة مأخوذة من الذکّى.
ثالثها ان یرجع الضمیر الى المسک، فیترتب علیه ان المسک اذا کان ذکیا اى طاهرا لا بأس بحملها فى الصلوة، فان طهارته لا ینفک عرفا عن طهارة الفأرة، و هى تتحقق فى صورتین.
احدیهما تذکیة الظبى، الثانیة اخذها بعد سقوطها من ظبى حى، و أما ما یؤخذ من میتة فهو نجس لانها مما تحله الحیاة و لکن ذلک فیما اذا کان الاخذ قبل تکاملها و آوان انفصالها و الاّ فهى طاهرة.
و هذه الصحیحة توجب تقیید اطلاق صحیحة على بن جعفر على کل تقدیر من الاحتمالات الثلاث.
و قد ظهر مما ذکر عدم تمامیة ما أفاده السید الحکیم((قدس سره)) من انّ احتمال عود الضمیر الى المسک یوجب اجمال المکاتبة فلا تصلح ان تکون مقیدة لاطلاق الصحیحة.
الوجه فى ذلک ما عرفت من ان المسک اذا کان ذکیاً یستلزم طهارة فأرته بالملازمة العرفیة و الاّ فلا ینفع طهارته فى جواز حمل فأرة نجسة فى الصلاة کما هو واضح.
فقد تحصل ان الفأرة اذا سقطت من ظبى حى او اخذت من المذکّى طاهر و امّا اذا اخذت من المیتة فنجسة اذا کان الاخذ قبل آوان انفصالها و الافطاهرة کما عرفت.
و اما القول بان الفأرة نجسة مطلقا الا اذا أخدت من المذکّى فذهب الیه کاشف اللثام((قدس سره)) لصحیحة عبدالله بن جعفر المتقدمة، فانها دلت على ان الظبى اذا لم یکن ذکیا سواء کان حیا او میتا ففى الصلاة فى فأرة مسکه بأس و لیس هذا الا لأجل نجاسة الفارة اما لاجل انها جزء من میتة او لأجل انها مبانة من الحى و هو نجس کما مرّ.
و فیه ان صحیحة على بن جعفر المتقدمة دلّت على جواز حمل الفأرة فى الصلاة و مقتضى الاطلاق فیها جواز حملها من اى قسم کانت، و لکن صحیحة عبدالله بن جعفر قیّدت جواز حملها فى الصلاة بما اذا کان ذکیا و لاعلم لنا فى اسم کان برجوعه الى الظبى او الى فأرة باعتبار انها مما مع المصلّى او الى المسک و التذکیر(و هو کان) و قرب المسک یشهد ان بالاخیر، فالمراد ان المسک اذا کان طاهرا، یجوز حمل فأرته فى الصلاة و هو یعمّ المأخوذ من مذکى و من ظبى حى،
و المسک المأخوذ من میتة بما انه لاقى الفأرة التى هى جزء المیتة نجس، فلا یجوز حمله فى الصلاة الا فیما اذا حان اوان انفصالها.
و بعبارة اخرى تتوقف تمامیة الاستدلال بالمکاتبة على رجوع الضمیر فى کان الى الظبى المفهوم من السئوال و على عموم مفهوم الشرط للظبى اذا کان حیاً و لا دلیل على شیئ من الأمرین فان الظبى لم یذکر فى السئوال و غیر المذکى مختص بالحیوان الذى ذهب روحه بلا تذکیة و اما الحى فهو خارج عن المقسم و العرف لا یرونه داخلا فى غیر المذکّى. فما ذهب الیه فى کشف اللثام لا یتم.
(2) ذکر و ان للمسک اقساما اربعة: احدها المسک الترکى و هو دم یقذفه الظبى للحیض او البواسیر، فینجمد على الاحجار و له ریح طبیة.
ثانیها المسک الهندى و هو دم یؤخذ بعد ذبح الظبى و یختلط مع روثه، فیصیر اصفر اللون او اشقر، و هذان القسمان لا شبهة فى نجاستهما، فان الدم نجس و لم یتحقق الاستحالة جزماً ثالثها دم یجتمع فى سرة الظبى و یحصل بعد شق موضع الفأرة و تغمیز اطراف السرة حتى یجتمع فیها الدم و یجمد، و هذالعمل ان کان بعد تذکیة الظبى یکون طاهراً لانه دم تخلف فى الذبیحة و ان کان قبلها فهو نجس.
رابعها دم یتکون فى فأرة الظبى بنفسه ثم یعرض للموضع حکّة ینفصل بها الفأرة مع ما فیها، و هذالقسم محکوم بالطهارة للاجماع و السیرة القطعیة المستمرة، و کذالامر اذا حان اوان انفصالها فمات الظبى فانها لا تعد جزءاً منها و ان عدّت جزءً فهى داخلة فیما لا تحله الحیوة فهى محکومة بالطهارة.
و اما اذا کانت الفأرة فى ظبى حىّ و لم تصل أو ان انفصالها فأبانها بالسکین مثلا فهل یحکم بطهارتها او نجاستها؟
الظاهر هو الثانى، فانها قبل بلوغها الى الکمال النهائى داخل فیما تحله الحیوة فقطعها یلحقها فى العضو المبان من الحى و هو بحکم المیتة.
و اما ما یسقط من الغزال بعد البلوغ الى حد الکمال فقد عرفت طهارتها بالاجماع و السیرة العملیة القطعیة، و قیل: هذا القسم هو الفرد الشایع من المسک.
و تدل على طهارة المسک صحیحة عبدالله بن سنان ایضاً عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: کان لرسول الله((صلى الله علیه وآله))ممسکة اذا هو توضأ أخذها بیده و هى رطبة، فکان اذا خرج، عرفوا انه رسول الله((صلى الله علیه وآله)) برائحته.(4)
و هذه الصحیحة تدل على طهارة المسک و طهارة الممسکة و ان کانت فأرة المسک، فان حمل الفأرة کان متعارفا فى تلک الزمان کما یظهر ذلک من أسألة حملها فى الصلاة.
ثم ان المسک طاهر کالفأرة اذا اخذت بعد بلوغها الکمال و حد الاستقلال و زوال الحیاة عنها بلا فرق بین القول بأنه دم منجمد او مستحیل او انه ماهیة اخرى.
قال فى المستمسک: و لکن الذى حکاه بعض عن محققى الفن فى هذه الاعصار: ان المسک مفهوم مباین للدم، کالمنى، و البول، و نحوهما من فضلات الحیوان و ان کانت المواد المسکیة یحملها دم الظبى، فاذا وصلت الى الفأرة، افرزت عن الاجزاء الدمویة لا شتمال الفأرة على آلة الافراز و هذا الافراز یکون تدریجیاً الى ان تملأ الفارة من المسک. فالمسک لیس دماً فعلا و لا کان أصله دماً فاستحال مسکا و قد حلّل وجزّأ، فکانت اجزائه اجنبیة عن اجزاء الدم.
فما یجتمع فى الفأرة هذا هو المسک الذى قام الاجماع و السیرة على طهارته و دلت علیها الصحیحة المتقدمة.
و اما غیره کالمعجون من دم الظبى و روثه و کبده او الدم الذى یخرج من الظبى للحیض او البواسیر او غیر ذلک، فلیس مسکا حقیقة و انما فیه اجزاء مسکیة و رائحته، فلا تشمله الاجماع و السیرة و الصحیحة الدالة على طهارة المسک، بل تشمله ما دلّ على نجاسة الدم.
(3) هذا فیما اذا مات الظبى قبل اوان انفصالها و تکاملها، و الاّ فقد عرفت انه ان مات الظبى بعد کمال الفأرة و خروج الروح عنها فهى طاهرة مع ما فیها من المسک و یغسل موضع الاتصال بالمیتة.
(4) اذا کان الشک فى الطهارة و النجاسة للشک فى التذکیة، فان ید المسلم أمارة للتذکیة و اما اذا کان الشک فى الطهارة و النجاسة للشک فى أنها اخذت من الحى او المیتة فالمرجع فیها هى اصالة الطهارة و ان اخذت من ید الکافر، و کذا اذا شک فى طهارة المسک و نجاسته، للشک فى انه أخذ من الفأرة او مسک ترکى او هندى اخذ من دم الظبى فالمرجع فیه أصل الطهارة سواء اخذ من ید المسلم او الکفار.
ثم ان سیدنا الاستاذ((قدس سره)) صوّر للشک فى طهارة الفأرة ثلاث صور: الاولى: ان یشک فى ان الفأرة من الحى او من المذکى او انها من المیتة مع الشک فى حیاة الظبى الذى اخذت منه الفأرة قال: حیث لا نعلم فیها الا بحدوث امر واحد و هو انفصال الفأرة عن الظبى و لا علم لنا بموته لاحتمال بقائه على الفرض، فاستصحاب حیاة الظبى الى زمان انفصال الفأرة بلا معارض، و لا حاجة فى اثبات طهارتها فى هذه الصورة الى ید المسلم او غیرها من أمارات التذکیة، فانها کانت او لم تکن یحکم بطهاة الفأرة باالاستصحاب.
و فیه ان الفأرة ان بلغت نهایة کمالها و غایتها خرج منها الروح و تصبح مما لا تحله الحیاة فهى محکومة بالطهارة سواء اخذت من الحى او المیت.
و اما قبل بلوغها الى هذا الحد فهو عضو حلّه الحیاة فهى محکومة بالنجاسة سواء اخذت من الحى او المیت الا المذکّى فلو اخذت منه یحکم بطهارتها.
قال الاستاذ((قدس سره)): و اما الصورة الثانیة و هى التى علمنا فیها بموت الظبى و شککنا فى ان الفارة هل اخذت منه بعد موته او قبله، فلا حاجة فیها ایضاً الى اثبات الطهارة بقیام امارة على التذکیة لان فى هذه الصورة حادثین احدهما موت الظبى و ثانیهما انفصال الفارة منه و هما مسبوقان بالحیاة و الاتصال و استصحاب کل من الحیاة و الاتصال الى زمان ارتفاع الآخر معارض، بمثله، فیتساقطان و یرجع الى قاعدة الطهارة مطلقا سواء علم بتاریخ احدهما او جهل کلا التاریخین.
و فیه ان الفارة ان لم تبلغ کمالها و غایتها و اخذت محکومة بالنجاسة بلا فرق بین ظبى الحى و المیت الا اذا ذکّى، فهى ان اخذت منه، طاهرة مع ما فیها من المسک، و اما اذا اخذت من الحى او المیت قبل بلوغها الى غایة الکمال، فهى مما تحله الحیاة و قد ابینت من الحى او المیت فهى محکومة بالنجاسة.
ثم قال: و اما الصورة الثالثة التى علمنا فیها باخذ الفارة بعد موت الظبى و ترددنا فى استناد موته الى التذکیة، فیحکم فیها بعدم کون الفارة من المذکى لاصالة عدم وقوع التذکیة على الظبى المأخوذة منه الفأرة، فیترتب علیها جمیع آثار غیر المذکى و منها النجاسة -على المشهور- الا اذا اخذت من ید المسلم فانها امارة شرعیة على التذکیة فى الجلود و هى حاکمة على أصالة عدمها، فعلى ما سلکناه فى المقام، لا نحتاج فى الحکم بطهارة الفأرة الى امارات التذکیة الا فى الصورة الاخیرة.(5)
و فیه انه قد ظهر مما ذکرنا ان الحاجة الى ید المسلم لا تکون الا فیما اذا لم تبلغ الفارة الى غایة الکمال و کانت مما تحله الحیاة، و اما اذا بلغت غایتها و اصبحت مما لا تحله الحیاة فلا فرق فى الحکم بطهارتها بین المأخوذ من الحى او المیت او المذکى.
و اما اذا اخذت من المیت او الحى و شککنا فى بلوغها الى غایة الکمال نستصحب عدم وصولها الیها، فیحکم بنجاستها.
1- س ج1 ب95 من ابواب آداب الحمام ح7 ص446
2- س ج3 ب41 من ابواب لباس المصلى ح1 ص314
3- س ج3 ب41 من ابواب لباس المصلى ح2 ص315
4- س ج2 ب58 من ابواب النجاسات ح1 ص1078
5- التنقیح ج1 ص525
مساله 3 ص (550 - 553)
▲ مساله 3 ص (550 - 553)
167(مسألة3) میتة ما لا نفس له طاهرة(1) کالوزغ و العقرب و الخنفساء، و السمک، و کذا الحیة، و التمساح، و ان قیل بکونهما ذا نفس لعدم معلومیة ذلک. مع انه اذا کان بعض الحیات کذلک، لا یلزم الاجتناب عن المشکوک کونه کذلک(2)
(1) اجماعاً کما عن جماعة و فى الذخیرة قد تکرر فى کلام الاصحاب نقل الاجماع على طهارته، و یدل على ذلک موثقة حفص بن غیاث عن جعفر بن محمد عن ابیه((علیهما السلام)) قال: لا یفسد الماء الاما کانت له نفس سائلة(1) و موثقة عمار الساباطى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: سأل عن الخنفساء و الذباب و الجراد و النملة و ما اشبه ذلک، یموت فى البئر و الزیت و السمن و شبهه؟ قال: کل ما لیس له دم فلا بأس به.(2)
ثم ان المراد من الموثقة الاولى هى المیتة فان الحیوان الحى اذا سقط فى البئر او الزیت و خرج حیاً لا بأس به و ان کان له نفس سائلة کما تدل على ذلک صحیحة على بن جعفر عن اخیه موسى بن جعفر((علیهما السلام)) (فى حدیث) و سألته عن فأرة وقعت فى حب دهن و اخرجت قبل ان تموت ایبیعه من مسلم؟ قال: نعم و یدهن منه.(3)
و الفأرة لها نفس فاذا خرجت حیاً لا توجب نجاسة الدهن فهى قرنیة على ان المراد بموثقة حفص موت مالا نفس سائلة له. فلا وجه لدعوى الانصراف کما فى المستمسک.
و قد یقال: یقع التعارض بین منطوق موثقة حفص و مفهوم موثقة عمار بالعموم من وجه و مورد التعارض ما لا نفس سائلة له فیرجع فیه الى عموم ما دل على نجاسة المیتة.
و فیه اولا ان القول بعدم الفصل بین میتة ما لا نفس سائلة له و ما لیس له دم موجود فان احدا من الفقهاء لم یفصّل بینهما فان کل من قال: بطهارة میتة ما لا نفس له، قال: بطهارة ما لا نفس سائلة له فلا فصل بینهما جزماً.
و ثانیاً ان منطوق الاولى اظهر من مفهوم الثانیة لو کان لها مفهوم فیقدم علیه، و لا یحتمل ان یخصص الاولى بالثانیة.
و ثالثاً لو اغمضنا عن ذلک فنقول: لیس فى المیتة عموم او اطلاق یرجع الیه بعد التساقط فاذن یکون المرجع بعد التساقط قاعدة الطهارة.
ثم أن موثقة سماعة تدل على الاجتناب عن ماء وقع فیه العقرب قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن جرّة وجد فیه خنفساء قد مات؟ قال: القه و توضأ منه و ان کان عقرباً، فأرق الماء و توضأ من ماء غیره.(4)
و لکنها تحمل على التنزه بقرینة ما رواه على بن جعفر عن اخیه موسى بن جعفر((علیهما السلام)) قال: سألته عن العقرب و الخنفساء و اشباههنّ تموت فى الجّرة او الدّن یتوضأ منه للصلاة؟ قال: لا بأس به.(5)
(2) لکون الشبهة موضوعیة و الأصل فیها الطهارة بل یمکن أن یتمسک بأصالة عدم کونه ذات نفس سائلة، فانه قبل وجوده لم یکن له نفس سائلة فنشک فى تحققها بعد وجوده و الاصل عدمها.
نعم فى الوزغة نسب القول بنجاستها الى الشیخ و الصدوق و ابن زهرة و سلار و غیرهم و اعتمدوا فى ذلک الى روایات ثلاث: الاولى: صحیحة معاویة بن عمار قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن الفأرة و الوزغة تقع فى البئر؟ قال: ینزح منها ثلاث دلاء(6)
الثانیة: روایة هارون بن حمزة الغنوى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) (فى حدیث): قال: غیر الوزغ فانه لا ینتفع بما یقع فیه(7)
و فى سندها یزید بن اسحاق و هو وقع فى اسناد کامل الزیارات فبناء على الاعتماد علیه تکون الروایة صحیحة.
الثالثة: ما رواه فى الفقه الرضوى فان وقع فى الماء وزغ اهریق ذلک الماء(8)
و لکن صحیحة على بن جعفر تدل على طهارتها عن اخیه موسى بن جعفر (فى حدیث) قال: سألته عن العظایة و الحیة و الوزغ یقع فى الماء فلا یموت ایتوضأ منه للصلوة؟ قال: لا بأس به. و سألته عن فأرة وقعت فى حب دهن و اُخرجت قبل ان تموت، أیبیعه من مسلم؟ قال: نعم و یدهن منه.(9)
ثم إنّ هذه الصحیحة بما انها کالصّریح فى طهارة الوزغ تکون قرینة على حمل النزح الواقع فى صحیحة معاویة بن عمار على التنزه و الاستحباب حملا للظاهر على النص.
ثم لا یخفى ان روایة الغنوى فى سندها یزید بن اسحاق و هو لم یوثق بالخصوص و لکنه وقع فى اسانید کامل الزیارات و محمد بن جعفر بن قولویه قال: لا یروى فیه (اى کامل الزیارات) الا عن ثقة، فبناء علیه تصبح الرّوایة صحیحة ویقع التعارض بین الصحیحتین لعدم امکان الجمع الدلالى بینهما، فان نفى الانتفاع کالصریح فى نجاسة الوزغ و عدم البأس بماء لاقاه الوزغ کالصریح فى الطهارة فبعد التساقط یرجع الى صحیحة الفضل ابى العباس قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام)) عن فضل الهرة و الشاة و البقر و الابل و الحمار و الخیل و البغال و الوحش و السباع، فلم اترک شیئاً الاّ سألته عنه فقال: لا بأس به حتى انتهیت الى الکلب، فقال: رجس نجس لا تتوضّأ بفضله و اصبب ذلک الماء و اغسله بالتراب أوّل مرة ثم بالماء.(10)
ثم لا یخفى ان الحیة و التمساح قد وقع الخلاف فیهما فعن بعض الاصحاب ان دمهما سائل و عن الآخر ان دمهما لیس بسائل، فان ثبت احد الامرین فهو و الاّ فبناء على جریان الأصل فى الاعدام الازلیة، یحکم بطهارة میتتهما فان الاصل عدم سیلان الدم، فانّ جملة من الأخبار دلت على طهارة میتة ما لا نفس له; قال الاستاذ((قدس سره)) و هى مخصصة لعموم ما دل على نجاسة المیتة.
و فیه أنه لم یرد دلیل عام على نجاسة المیتة، بل نجاستها تثبت من النصوص المختلفة الواردة فى موارد خاصة کموت فأرة فى الدهن او الماء او المراق و امثالها، فاذاشک فى مورد انّ هذه المیتة طاهرة او نجسة لامانع فیه من الرجوع الى اصالة الطهارة بلا حاجة الى الاصل العدم الازلى لأنه لا دلیل یدل بعمومه على نجاسة المیتة.
1- س ج1 ب10 من ابواب الاسئار ح2و1 ص173
2- س ج1 ب10 من ابواب الاسئار ح2و1 ص173
3- س ج 1 ب 9 من ابواب الاسئار ح1 ص171
4- س ج1 ب9 من ابواب الاسئار ح6 ص172
5- س ج 1 ب 10 من ابواب الأسئار ح5 ص173
6- س ج1 ب19 من ابواب الماء المطلق ح2و5
(7)(8)- س ج1 ب9 من ابواب الاسئار ح4و1
9- فقه الرضوى ص5
10- س ج2 ب1 من ابواب الاسئار ح4ص163
مساله 4 ص (554)
▲ مساله 4 ص (554)
168(مسألة4) اذا شک فى شیئ انه من اجزاء الحیوان ام لا فهو محکوم بالطهارة(1) و کذا اذا علم انه من الحیوان، لکن شک فى انه مما له دم سائل ام لا(2)
(1) لاصالة عدم کونه من اجزاء الحیوان، فیحکم بطهارته لاصالة الطهارة، و کذا اذا علم انه من الحیوان و لکن شک فى ان له دما سائلا ام لا.
(2) لأن الأصل عدم کونه دمه سائلا، و الشبهة موضوعیة فهو محکوم بالطهارة.
مساله 5 ص (554 - 558)
▲ مساله 5 ص (554 - 558)
169(مسألة5) المراد من المیتة أعم ممامات حتف انفه او قتل او ذبح على غیر وجه شرعى(1)
(1) المیتة لها اطلاقات ثلاثة احدها انها تستعمل صفة من الموت مقابل الحیاة، فیقال: هذا میّت اى لا روح فیه و هذالمعنى عام، فاذا سأل عن المذکى انه حىّ او میت؟ یقال: میت.
ثانیها انها تستعمل على مامات حتف انفه فى مقابل المقتول بالاسباب الموجبة للتذکیة و غیرها، کما فى قوله تعالى حرمت علیکم المیتة و الدم و لحم الخنزیر(1) و قوله تعالى: افان مات او قتل انقلبتم على اعقابکم.(2)
ثالثها: انها تستعمل فى ما لم یذک ذکاتاً شرعیة کما تدل على ذلک جملة من النصوص:
منها موثقة سماعة قال: سألته عن جلود السباع ینتفع بها؟ قال: اذا رمیت و سمیت فانتفع بجلده، و اما المیتة فلا.(3)
و منها مکاتبة قاسم الصیقل قال: کتبت الى الرضا((علیه السلام)) انى اعمل اغماد السیوف من جلود الحمر المیتة، فتصیب ثیابى، فأصلى فیها؟ فکتب الى: اتخذ ثوبا لصلاتک، و کتبت الى ابى جعفر الثانى((علیه السلام)): انى کنت کتبت الى ابیک((علیه السلام)) بکذا و کذا، فصعب علىّ ذلک، فصرت اعملها من جلود الحمر الوحشیة الذکیة، فکتب((علیه السلام))الىّ: کلّ اعمال البر بالصبر یرحمک الله، فان کان ما تعمل وحشیاً ذکیاً فلا بأس.(4)
و منها ما رواه على بن ابى حمزة أن رجلا سأل ابا عبدالله((علیه السلام)) و انا عنده عن الرجل یتقلّد السیف و یصلى فیه؟ قال: نعم، فقال الرجل: ان فیه الکیمخت قال: و ما الکیمخت؟ قال: جلود دواب منه ما یکون ذکیاً، و منه ما یکون میتة، فقال: ما علمت انه میتة، فلا تصّل فیه(5)
فالمراد من المیتة فى هذه النصوص ما لم یذک شرعاً، و بهذا المعنى صارت معرضا للنجّاسة و الحرمة و عدم جواز الانتفاع على قول،
ومنها صحیحة محمد بن قیس عن ابى جعفر((علیهما السلام)) قال: قال امیر المؤمنین((علیه السلام)) ما اخذت الحبالة من صید فقطعت منه یداً او رجلا، فذروه، فانه میت.(6)
ثم لا یخفى ان المیتة و المذکّى ضدان لا ثالث لهما، فالحیوان الذى لا حیات فیه امّا میتة او مذکّى و لا ثالث لهما هذا بحسب الواقع و مقام الثبوت فالمیتة و غیر المذکى، مصداقهما واحد و أمّا بحسب المفهوم فهل مفهو مهما ایضاً واحد ام لا؟ لا اشکال فى ان الموضوع للحرمة و عدم جواز الصلاة هو غیر المذکى صدق علیه عنوان المیتة ام لا؟ و أما النجاسة فلا اشکال فى ان موضوعها المیتة، و هل هى تترتب على غیر المذکى اذا نفى التذکیة با الاصل ام لا؟ ذهب سیدنا الاستاذ الخوئى الى الثانى، و قال((قدس سره)) فى وجه ذلک: ان المیتة و غیر المذکّى و ان کانا، متلازمین واقعاً و لا ینفک احدهما من الآخر فى مقام الثبوت لان المیتة و المذکى، من الضدین لا ثالث لهما، فان ما زهق روحه اما ان یستند الى سبب شرعى، فهو المذکى و اما ان یستند الى سبب غیر شرعى فهو المیتة الا ان ما لم یزکّ عنوان عدمى، و المیتة عنوان وجودى و هما مختلافان فى الاعتبار و فیما یترتب علیهما من الاحکام، و تظهر الثمرة فیما اذا شککنا فى لحم او جلد انه میتة او مذکّى، فانّه على تقدیران الاحکام المتقدمة مترتبة على عنوان ما لم یذکّ، یحکم بنجاسته و حرمة أکله و غیرهما من الاحکام، باستصحاب عدم تذکیته، و هذا بخلاف ما اذا کانت مترتبة على عنوان المیتة، لانها عنوان وجودى لا یمکن احرازه بالاستصحاب، اذ لا حالة سابقة له.
ما افاده((قدس سره)) قد اخترناه سابقاً و بنیناه علیه، و لکن نظر الدقیق یقتضى عدم تمامیته لوجهین: الاول ان المیتة لیست کما فسّره من انها عبارة عمازهق روحه بسبب غیر شرعى، بل هى عبارة عن زهاق روح لم یستند الى سبب شرعى سوا کان بلا سبب خارجى اذا مات حتف انفه او کان بسبب غیر شرعى -کما اذا قتله بلا ذکر اسم الله علیه، فاذن یصیر مفهوم المیتة عین مفهوم غیر المذکى.
الثانى موثقة سماعة المتقدمة، فانها طبقت المیتة على فاقد التسمیة فهى تدل على سعة مفهوم المیتة و أنّ زهاق الرّوح اذا لم یکن مقترناً بشرائط التذکیة، فهو میتة، فهى کالصّریح فى انّ الصید المقتول اذا لم یکن مقترنا بالتسمیة فهو میتة، فنستفید منها القاعدة الکلیة و هى انّ زهاق روح الحیوان اذا لم یکن واحد الشرائط التذکیة، فهو میتة، فلنا ان نقول: ان الجلد المجلوب من بلاد الکفر جزء من میتة فان زهاق الرّوح منه محرز بالوجدان و اقترانه بشرائط التذکیة منفى بالأصل، فهو میتة، و یترتب علیها حکمها من النجاسة و حرمة الأکل و عدم جواز الصلاة و حرمة الانتفاع على قول.
و قد ظهر مما ذکر صحة ما هو المشهور بین الأصحاب من أن کل مورد جرى فیه أصالة عدم التذکیة فهو محکوم باحکام المیتة من حرمة الاکل و النجاسة و عدم جواز الصّلاة فیه، و أما جواز الانتفاع و عدم جوازه بالمیتة فسیجئ الکلام فیه انشاء الله تعالى.
و ظهر ایضا ان مکاتبة الصیقل ایضاً تدل على ان موضوع الطهارة هو المذکى و موضع النجاسة هو غیر المذکى، فقوله((علیه السلام)): ان کان وحشیاً ذکیاً فلا بأس، و مفهومه ان لم یکن ذکیا ففیه بأس.
ثم ان المکاتبة ضعیفة السند لاجل جهالة قاسم الصیقل فلا یعتمد علیها و اما الدلالة فالظاهر تمامیتها، فان ما یعمله غماد اللسیف ان کان من الحمر المیتة فهو نجس، لابد ان یأخذ ثوبا للصلاة و ان کان ذکیاً فطاهر.
و قد ناقش سیدنا الاستاذ فى دلالتها ایضاً بدعوى انه من الضرورى انه لا دخالة للوحشیة فى طهارة المذکى بوجه و هذه قرینة قطعیة على ان حکمه هذا انما هو بلحاظ مورد عمل السائل فانه کان یدور بین جلود المیتة و بین جلود الوحشى الذکى، فلا دلالة فى ذلک على ترتب النجاسة على عنوان غیر المذکى.
و فیه أن هذه المناقشة غیر واردة، فإنا نعلم علما قطعیا بان الوحشیة لا دخالة لها فى موضوع الطهارة و انما ذکر لذکره فى کلام السائل فان الحیوان الأهلى ایضا اذا کان ذکیا طاهر فالملاک هو التذکیة بلا فرق بین الوحشیة و الاهلیة فان لم یکن ذکیا فهو میتة، فلابد من اخذ ثوب للصلاة.
و یؤکد ما ذکرنا صحیحة محمد بن قیس المتقدمة، حیث دلّت على انّ ما قطعه الحبالة، میت، فمفهوم المیت و المیتة لا یختص بما مات حتق انفه، بل یعم کل زهاق روح لم یکن واجدا لشرائط التذکیة.
فقد تحصل مما ذکر أن مفهوم المیتة عام لمامات حتف انفه و لما قتل بالرّمى مع عدم التسمیة و لما قطعه الحبالة کما فى صحیحة محمد بن قیس، و لما قطعه من الیات الغنم ففى روایة الکاهلى ان فى کتاب على((علیه السلام)) ان ما قطع منها میت لا یتنفع به(7) فغیر المذکى، میتة مفهوماً، فأحکام المیتة کلّها من حرمة الأکل و النجاسة و عدم جواز الصّلاة و غیرها تترتب على غیر المذکّى لأنه من أحد مصادیق المیتة و لا یختص مفهوم المیتة بمامات حتف انفه حتى یقال انه امر وجودى لا یثبت بأصالة عدم التذکیة فما ذکره الماتن فى المراد من المیتة هو الصّحیح.
1-المائدة الآیة3
2- آل عمران الآیة: 144
3- س ج2 ب49 من ابواب الانجاسات ح1و2 ص1070 و1071
4- س ج2 ب49 من ابواب النجاسات ح1و2 ص1070 و1071
5- س ج2 ب50 من ابواب النجاسات ح4 ص1072
6- س ج16 ب24 من ابواب الصید ح1 ص237
7- س ج16 ب30 من ابواب الذبایح ح1 ص295
مساله 7 ص (563 - 564)
▲ مساله 7 ص (563 - 564)
171(مسألة7) ما یؤخذ من ید الکافر أو یوجد فى ارضهم محکوم بالنجاسة(1) الا اذا علم سبق ید المسلم علیه.
(1) کما هو المشهور و ذلک لا لأن ید الکافر امارة على عدم التذکیة، فانه لا دلیل علیه، بل لأن أصالة عدم التذکیة تجرى على ما فى یده، فیترتب علیها امور اربعة:النجاسة، وحرمة الاکل فى اللحم و الشحم، و عدم جواز اللبس فى الصلاة، و عدم جواز بیعها و الانتفاع بها على کلام سوف یجئ،
و دعوى ان المیتة أمر وجودى، لا یثبت بأصالة عدم التذکیة لعدم حجیة الأصل المثبت، فقد عرفت اندافعهابانّ لها مفهوما عاماً و هو ما زهق روحه بلا تذکیة و ان قتل، کما تدل على ذلک موثقة سماعة المتقدمة، فمن رمى الصّید و لم یسمّ، فوجده میتاً، فلا شک فى أنه میتة و یترتب علیها الاحکام الاربعة، و لیس ذلک الاّ لأجل فقدان التذکیة ففى کل مورد انتفى التذکیة وجداناً او تعبداً، تحقق المیتة، فان مفهومها مرکب من امرین: ذهاب الرّوح و عدم الاقتران بالتذکیة، فالجلد المجلوب من بلاد الکفر، میتة لأن ذهاب الروح عنه محرز بالوجدان و التذکیة منفیة بالاصل.
مساله 8 ص (564 - 568)
▲ مساله 8 ص (564 - 568)
172(مسألة8) جلد المیتة لا یطهر بالدبغ(1) و لا یقبل الطهارة شیئ من المیتات سوى میت المسلم، فانه یطهر بالغسل(2)
(1) على المشهور شهرة عظیمة، بل قیل: تواتر نقل الاجماع علیه، بل عن شرح المفاتیح انه من ضروریات المذهب.
نعم حکى القول بالطهارة عن ابن الجنید، و عن المحدث الکاشانى و الصدوق المیل الیه، و هو مذهب اکثر العامة.
و استدل لهذالقول بعدة من الروایات: منها مرسلة الصدوق سأل الصادق((علیه السلام)) عن جلود المیتة، یجعل فیها اللبن و الماء و السّمن، ما ترى فیه؟ فقال: لا بأس بان تجعل فیها ما تشرب و لکن لا تصلّى فیها(1)
و لا شبهة فى ان المراد من الجلود هو بعد الدبغ لانها بلادبغ تنتن فلا تصلح ان یجعل فیها شیئ.
و منها خبر الحسین بن زرارة عن ابى عبدالله((علیه السلام)) فى جلد شاة میتة، یدبغ، فیصبّ فیه اللّبن او الماء فاشرب منه و اتوضأ؟ قال: نعم و قال: یدبغ، فینتفع به و لا یصلى فیه الحدیث.(2) و الحسین بن زرارة لم یوثق.
و منها روایة الفقه الرضوى: دباغة الجلد طهارته.(3)
قال الاستاذ((قدس سره)): و لا یخفى ان هذه الاخبار مضافا الى ضعف اسنادها، بل و عدم ثبوت کون بعضها روایة، فلا یمکن الاعتماد علیها فى الخروج عن عمومات نجاسة المیتة، معارضة بعدة روایات مستفیضة و فیها ما هو صریح الدلالة على عدم طهارة الجلد بالدباغة، فتتقدم على تلک الاخبار و معها لا مناص من حملها على التقیة و الیک بعضها:
منها صحیحة محمد بن مسلم قال: سألته عن جلد المیتة، أیلبس فى الصلاة اذا دبغ ؟ قال: لا و ان دبغ سبعین مرّة(4)
و منها ما رواه على بن ابى المغیرة قال: قلت لابى عبدالله((علیه السلام)): المیتة ینتفع منها بشیئ؟ فقال: لا، قلت: بلغنا ان رسول الله((صلى الله علیه وآله)) مرّ بشاة میتة فقال: ما کان على اهل هذه الشاة اذا لم ینتفعوا بلحمها ان ینتفعوا باهابها(بجلدها) قال: تلک شاة لسودة بنت زمعة زوجة النبى((صلى الله علیه وآله)) و کانت شاة مهزولة، لا ینتفع بلحمها فترکوها حتى ماتت، فقال رسول الله((صلى الله علیه وآله)): ما کان على اهلها اذا لم ینتفعوا بلحمها أن ینتفعوا باها بها اى تذکى.(5)
فقد دلّت على حرمة الانتفاع باهاب المیتة سواء دبغ ام لم یدبغ.
و منها خبر عبدالرحمان بن الحجاج عن ابى عبدالله((علیه السلام))(6)
و منها ما عن ابى بصیر عن ابى عبدالله((علیه السلام))(7)
و منها صحیحة او موثقة ابى مریم عن ابى عبدالله((علیه السلام))(8)
و منها موثقة سماعة المتقدمة(9)
فالاستاذ((قدس سره)) استدل بها على عدم جواز الانتفاع بالمیتة، و هو یدل على نجاستها و لو بعد الدبغ.
و اما ما ذکره((قدس سره)) من ان بعضها صریح فى عدم طهارة جلد المیتة بالدباغة، فلا یمکن المساعدة علیه، فان صحیحة محمد بن مسلم دلّت على عدم جواز الصلاة فى جلد المیتة و ان دبغ سبعین مرة، و هى لا تدل على عدم طهارة الجلد بالدباغة، فان عدم جواز الصلاة، اعم من النجاسة فان شعر حیوان الغیر المأکول کالهرة و الاسد و النمر، طاهر، لا یجوز الصلاة فیه بل هو((قدس سره)) یفتى بطهارة الجلد المجلوب من بلاد الکفر و عدم جواز الصلاة فیه.
ثم قال الاستاذ((قدس سره)): انّا سلّمنا مکافئتها مع الاخبار المتقدمة فتتعارضان، و الترجیح مع الطائفة الدالة على نجاسة الجلد و لو کان مدبوغاً لموافقتها السنة، اعنى عمومات نجاسة المیتة مطلقا، و مخالفتها للعامة کما مرّ.
و فیه أولا أنّه لو اغمضنا عن ضعف اسناد الأخبار المتقدمة و قلنا باعتبارها، کانت مخصّصة و مقیدة لهذة الاخبار الدالة على النجاسة لعدم الانتفاع، فلا تصل النوبة الى المعارضة لتحقق الجمع العرفى فانها تدل على الطهارة بعد الدبغ و هذه الاخبار تنفى الانتفاع مطلقاً فتحمل المطلقات على المقیدات فجلد المیتة نجس قبل الدبغ و طاهر بعده.
و ثانیاً ما عرفت من أنّه لم یرد على نجاسة المیتة عام واحد، فکیف بالعمومات، و قد تقدم ان نجاسة المیتة استفیدت من النصوص الواردة فى موارد عدیدة الدالّة على أن ملاقات المیتة موجبة لنجاسة الدهن و الماء القلیل و أمثالهما،
نعم موثقة سماعة تدل على عدم الانتفاع بالمیتة، و مقتضى الاطلاق عدم الفرق بین ان یدّبغ جلدها و عدمه و هو ظاهر فى نجاستها.
و کذا روایة على بن ابى المغیرة دلت على عدم جواز الانتفاع بالمیتة فتدل على نجاستها و لکنّ هاتین الروایتین طرف للمعارضة مع ما دل على طهارة جلد المیتة بالدباغة، فمع تساقط الطرفین بالمعارضة، لم یبق عام او مطلق دلّ على نجاسة المیتة.
ثم لا یخفى ان سند هذه الروایة محل کلام بین الرجالیین، فال النجاشى: الحسن بن على بن ابى المغیرة الزبیدى الکوفى، ثقة هو و ابوه روى عن أبى جعفر و ابى عبدالله((علیهما السلام)) و هو یروى کتاب أبیه عنه.
و العلامة و ابن داود، اعتمد على هذ التوثیق و کذا بعض آخر;
و لکن سیدنا الاستاذ((قدس سره)) ناقش فیه بان الحسن بن على طبقته متأخرة عن الباقر و الصادق((علیهما السلام)) فلا یمکن ان یروى عنهما، فعلیه لابد ان یکون (واو) و ابوه للاستیناف، فالتوثیق یختص بابنه الحسن و هو لم یوثق.
و فیه ان التوثیق ان کان مختصاً بالحسن، فلاحاجة الى ایتان کلمة هو، فان التوثیق فى کتب الرجال منحصر بکلمة ثقة او ثقة ثقة و لم ارفیها مورد واحدا ان یقول: ثقة هو. فعلیه یکون اتیان الضمیر المنفصل لضم الأب بالابن فى الوثاقة و لا مانع من عود ضمیر مستتر فى روى الى على.
و بعبارت اخرى، قول النجاشى: ثقة هو و ابوه، ظاهر فى توثیقهما، سواء قلنا: بعود ضمیر روى الى الاب او الابن و على الثانى یستشکل بعدم وحدة الطبقة، فنلتزم بعود الضمیر المستتر فى روى الى الاب، فالنتیجة ان الروایة معتبرة.
فقد تحصّل ممّا ذکرنا ان جلد المیتة، لا یطهّر بالدبغ، و ما دلّ على الطهارة ضعیف السند لا یعتمد علیه، و لو اغمضنا عن السند، تحمل على التقیة لموافقتها للعامة، فان النّصوص الدالة على النجاسة مطلقا حتى بعد الدبغ معاضدة بالشهرة العظیمة و تواتر نقل الاجماع بل دعوى الضرورة، فلابد من العمل باطلاقها، و اما استصحاب بقاء النجاسة بعد الدبغ فمبنى على جریان الاستصحاب فى الاحکام الکلیة الالهیة، فالسید الحکیم((قدس سره)) قائل بجریانه و الاستاذ الخوئى((قدس سره)) قائل بابتلائه بالمعارض و هو استصحاب عدم الجعل فبناء على جریان الاستصحاب فى العدم الازلى یرجّح قول الاستاذ و بناء على عدم جریانه یکون استصحاب النجاسة محکماً.
(2) فان ذلک هو المتسالم علیه بین الأصحاب و تشهد له روایة ابراهیم بن میمون، قال: سألت ابا عبدالله((علیه السلام))عن رجل یقع ثوبه على جسد المیت؟ قال: ان کان غسل المیت، فلا تغسل ما اصاب ثوبک منه و ان کان لم یغسل، فاغسل ما اصاب ثوبک منه، یعنى اذا برد المیت.(10)
و ابراهیم بن میمون و ان لم یوثق الا ان المسئلة اتفاقیة و قد افتى بذلک الاصحاب فلا بأس بضعف السند.
و صحیحة الحلبى دلت على غسل الثوب مطلقا، قال: سألته عن الرجل یصیب ثوبه جسد المیت، فقال: یغسل ما اصاب الثوب.(11) لو کنا نحن و هاتین الروایتین لعملنا باطلاق الصحیحة لعدم صلاحیة الاولى للتقیید لضعف السند الا ان العمل بها مورد للاتفاق فتحمل الصحیحة على ما قبل الغسل.
1- س ج 2 ب34 من ابواب النجاسات ح5 ص1051
2- س ج 16 ب34 من ابواب الاطعمة المحرمة ح7 ص369
3- فقه الرضوى ص41
4- س ج 2 ب61 من ابواب النجاسات ح1 ص1080
(5)(6)- س ج 2 ب61 من ابواب النجاسات ح2،4،3،و5 ص1080و1081
(7)(8)- س ج 2 ب61 من ابواب النجاسات ح2،4،3،و5 ص1080و1081
9- س ج2 ب49 من ابواب النجاسات ح2 ص1071
(10)(11)- س ج2 ب34 من ابواب النجاسات ح1و2 ص1050
مساله 9 ص (569 - 572)
▲ مساله 9 ص (569 - 572)
173(مسألة9) السقط قبل و لوج الروح نجس(1) و کذا الفرخ فى البیض.
(1) اتفاقا کما هن المفاتیح و بلا خلاف کما عن لوامع النراقى و استدل لذلک بوجوه:
الاول: انه قطعة مبانة من الحى، فیشمله دلیل نجاستها.
و فیه: اولا انه لیس جزء من الام بل مخلوق مستقل، فلا یشمله ما دل على نجاسة القطعة المبانة.
و ثانیاً: لو سلمنا جزئیته، فهو جزء لم تحله الحیاة، فلا دلیل على نجاسته، بل قد تقدم ان ما لم تحله الحیاة من المیتة محکوم بالطهارة.
و ثالثاً: ان الدلیل على نجاسة القطعة المبانة من الحى منحصر بالاخبار الواردة فیما تقطعه الحبال، و فى قطع الیات الغنم، و لا اطلاق لها حتى یشمل ما لم تحله الحیاة و کان میتة من اوّل.
الثانى: قولهم((علیهم السلام)): ذکاة الجنین ذکاة أمه اذا اشعر و أوبر.(1) یقتضى کونه میتة بموت أمّه، فاذا ثبت نجاسته، من المیتة، ثبت نجاسته من الحى لعدم القول بالفصل.
و فیه ان غایة ما یستفاد من الحدیث ان تذکیة الام تذکیة للجنین اذا اشعر و أوبر و یترتب علیه أن موت الأم موت للجنین، و لا نظر له الى ما سقط من الحى، و عدم القول بالفصل، لا حجیة فیه فانّ الحجة هو القول بعدم الفصل، و هو لم یتحقق، لعدم تعرض الاکثر للحکم المذکور.
الثالث: ان الجنین قبل و لوج الروح یکون حیا بحیاة امه لا بحیاة مستقلة فاذا انفصل عنها، صار میتة، فیلحقه حکمها.
و فیه انّه غیر ثابت، و قد ادّعى انه مما لم تحله الحیاة، غایة ما فى الباب انه ینمو فى بطن الأم و هو لا یدل على حیاته، فان الشعر ینمو و لا حیاة له و کذالظلف و الحافر.
الرابع: ما فى تقریرات بحث الاستاذ((قدس سره)) من الاستدلال بصحیحة حریز بن عبدالله عن ابى عبدالله((علیه السلام)): قال: کلما غلب الماء على ریح الجیفة، فتوضأ من الماء و اشرب، فاذا تغیر الماء و تغیر الطعم، فلا توضأ منه و لا تشرب.(2)
و هى مطلقة، تشمل الجنین لا شتماله على النتن، بل و یشمل المذکى ایضاً اذا أنتن، الاّ انا خرجنا عن اطلاقها فى المذکى بما دل على طهارته مطلقا، و أمّا غیره، فیبقى تحت اطلاقها و منه الجنین.
و فیه اولا ان الجیفة ظاهرة عرفا فى المیتة النتنة لافى کل ما له عفونة، فلا تشمل الجنین.
و ثانیاً لو سلّمنا انها تشمل لکل ما له عفونة، فالسقط فى اول حدوثه لا عفونة له، و العفونة تحدث له بعد مدة اصابه الهوى و الحرارة، ففى اول اوانه تجرى فیه قاعدة الطهارة، فبعد ما انتن لا دلیل على حدوث النجاسة فیه.
الخامس: ما افاده السید الحکیم((قدس سره)) من ان دعوى الاتفاق و عدم الخلاف المتقدمة من شرح المفاتیح و اللوامع، غیر ظاهرة، لعدم تعرض الاکثر للحکم المذکور.
اللّهم الا ان یستفاد من مذاق الأصحاب و هو غیر بعید، و یساعده الارتکاز المتشرعة. و بذلک یکون الخروج من قاعدة الطهارة.(3)
فیه ان الاستفادة الحدسیة من مذاق الأصحاب لو سلّم، لا تکون داخلة فى الاجماع حتى یکشف بذلک عن رأى المعصوم، فلا یمکن الفتوى بالنجاسة لذلک.
السادس: أنه میتة، فان الموت تقابل الحیاة تقابل العدم و الملکة، فلا یعتبر فى صدقه سبق الحیاة، کالموات من الأرض فانها تصدق علیها حقیقة مع عدم سبق الحیاة، و کالأعمى فانه یصدق على من تولد من الام و لم یکن له بصر، کما یصدق على من کان له البصر ثم عرض له العمى.
و ردّ بأنه لیس فى شیئ من ادلة نجاسة المیتة، ما یشمل المقام حیث أنها انما وردت فى مثل الفارة تقع فى ماء او زیت او بئر او ثور مات فى البئر او مات فیها بعیر و نحوها و کلها وردت فى المیتة المسبوقة بالحیاة، فلااطلاق فى أدلة نجاستها یشمله.
و فیه انه اذا صدق علیه المیتة، فیکفى فى الحکم بنجاسته صحیحة على بن ابى المغیرة المتقدمة حیث سأل فیها عن الصادق((علیه السلام)) المیتة ینتفع منها بشیئ؟ قال: لا. فنفى الانتفاع مطلقا، ظاهر فى النجاسة و کذا موثقة سماعة المتقدمة، حیث دلت على عدم الانتفاع بالمیتة.
فالاظهر هو ما ذکرنا من أن المیتة تصدق على السقط لان التقابل بین الحى و المیت تقابل العدم و الملکة، فصحیحة على بن ابى المغیرة المتقدمة و موثقة سماعة تشمل السقط و یساعده الارتکاز المتشرعة لعدم الفرق عندهم بین السقط قبل التنفس و بعده، و کذلک الفرخ فى البیض: فلا ینتفع منهما لنجاستهما.
1- س ج 16 ب18 منابواب الذبایح ح12 و غیره ص271
2- س ج1 ب3 من ابواب الماء المطلق ح1 ص102
3-المستمسک ج1ص333
مساله 10 ص ( 572 - 576)
▲ مساله 10 ص ( 572 - 576)
174(مسألة10) ملاقاة المیتة بلا رطوبة مسریة لا توجب النجاسة(1) على الاقوى، و ان کان الاحوط غسل الملاقى، خصوصا فى میتة الانسان قبل الغسل.
(1) کما هو المشهور، فانهم ذهبوا الى نجاسة المیتة مطلقا آدمیا کانت او غیره، و منجسیتها فیما اذا کانت الملاقاة حال رطوبتها او رطوبة الملاقى دون ما اذا کانت فى حالة الجفاف.
و فى قباله أربعة اقوال:
احدها: ما عن ابن ادریس((قدس سره)) فى السرائر من ان میت الآدمى و ان کان نجساً الا أنه غیر منجس لملاقیه سوا کانت الملاقاة قبل غسله و برده او بعدهما. ثانیها: ما ذهب الیه الکاشانى((قدس سره)) من عدم نجاسة میت الآدمى و انما وجب غسله تعبداً او انه لجنابته الحاصلة بالموت.
ثالثها: ان المیتة نجسة مطلقاً سواء کانت انسانا او غیره و منجسة سواء کانت الملاقاة معها فى حال الرطوبة او الجفاف بخلاف سائر النجاسات فانها لا تنجس الا مع الرطوبة، ذهب الیه العلامة و الشهیدان((قدس سرهم)).
رابعها: أن میت الآدمى نجس و منجس لملاقیه مطلقا سواء کانت الملاقاة مع الرطوبة او بدونها و بقیة المیتات لا تنجس الا مع الرطوبة کغیرها من النجاسات، و هذا القول ایضاً نسب الى العالامة و جماعة من الاصحاب.
أما قول ابن ادریس و الکاشانى فیردّهما ما دل على تطهیر ما لاقى بدن المیت کصحیحة الحلبى المتقدمة، فلو لم یکن نجساً أو منجساً فلما ذا أمر الامام((علیه السلام)) بتطهیر ما اصاب بدن المیت، فان الأمر بالغسل ارشاد الى نجاسة الملاقى و الملاقى.
و أما القول الثالث فقد استدل علیه بعدة نصوص:
منها: موثقة عمار عن ابى عبدالله((علیه السلام)) (فى حدیث): اغسل الاناء الذى تصیب فیه الجرز میتاً سبع مرّات(1)
ومنها: التوقیع الوارد فى امام حدثت علیه حادثة قال((علیه السلام)): لیس على من مسه الاّ غسل الید.(2)
ومنها: التوقیع الآخر فى الاحتجاج قال: کتب الیه: و روى عن العالم: ان من مسّ میتاً بحرارته، غسل یده(3)
و منها: صحیحة الحلبى المتقدمة.(4)
و هذه النصوص تدل على نجاسة المیتة و منجسیتها مطلقا انسانا کانت او حیواناً،
و فیه اولا أنّ المرتکز عند المتشرعة ان الجسم النجس او ملاقیه اذا لم یکن رطباً لا یوجب تنجس الملاقى، فهذا الارتکاز یوجب انصرافها الى ما اذا کان احدهما رطباً فاذا کان کلا هما جافاً لا توجب النجاسة.
و ثانیاً لو اغمضنا عن هذ الارتکاز و قلنا: ان النصوص مطلقة و مقتضاها نجاسة الملاقى للمیتة مطلقا و ان کانا جافین، فتعارضها موثقة ابن بکیر عن ابى عبدالله((علیه السلام)) الرجل یبول و لا یکون نده الماء فیمسح ذکره بالحائط؟ قال(ع): کل شیئ یا بس زکى.(5)
فیقع التعارض بین المطلقات و هذه الموثقة بالعموم من وجه فان مقتضى المطلقات نجاسة الملاقى للمیتة مطلقا سواء کانت الملاقاة عند الجفاف او الرطوبة. فخصوصیتها من جهة المیتة و عمومیتها من جهة الجفاف و الرطوبة، والموثقة خاصة بالیابس و عامة من حیث المیتة و غیرها، فمورد التعارض ملاقاة المیتة مع الجفاف، و بما ان الموثقة دلالتها بالعموم و المطلقات بالاطلاق، تتقدم الموثقة لان دلالتها على العموم بالوضع و دلالة المطلقات على الاطلاق بمقدمات الحکمة و منها عدم بیان المولى للمرام و العموم یصلح للبیان فان دلالته تنجیزیة و دلالة المطلق تعلیقیة، فالتنجیزى یتقدم على التعلیقى، فلا تصل النوبة الى التساقط.
و ثالثاً أنّ صحیحة عى بن جعفر- تدلّ على عدم منجسیة المیتة مطلقا - عن اخیه موسى((علیه السلام)) قال: سألته عن الرّجل یقع ثوبه على حمار میت هل یصلح له الصلاة فیه قبل ان یغسله؟ قال: لیس علیه غسله، و لیصل فیه و لا بأس.(6)
و هى تعارض النصوص المطلقة المتقدمة بالتباین; قال الاستاذ((قدس سره)): إن الاخبار الآمرة بغسل ما یلاقى الماء أو السمن الذى تقع فیه الفأرة و تموت(7) الدالة على نجاسة الملاقى المیتة الرّطبة، قد قیدت اطلاق الصحیحة بما اذا کانت میتة الحمار یابسة، و بهذا انقلبت النسبة بینها و بین المطلقات من التباین الى عموم المطلق، لان الصحیحة بعد تقییدها باالمیتة الجافة، تکون أخص مطلقاً عن المطلقات، فتقید دلالتها على نجاسة المیتة بما اذا کانت رطبة، و هذا هو انقلاب النسبة الذى صححناه فى محله.
و فیه انه لا یمکن المساعدة علیه، فان انقلاب النسبة و ان کان امرا صحیحاً فى بعض الموارد، الاّ أنه لا ینطبق فى المقام; الوجه فى ذلک انک قد عرفت ان موثقة ابن بکیر اخرجت المیتة الیابسة عن تحت تلک المطلقات فاختصت بالمیتة الرطبة، فلم تبق على عمومها حتى یخصّصها صحیحة على بن جعفر.
و بعبارة أخرى قد خصّصت المطلقات الدالة على النجاسة بموثق ابن بکیر فاختصت بالمیتة الرطبة، و خصّصت صحیحة على بن جعفر بما دل على ان المیتة الرطبة نجسة و منجسة، فاختصت بالمیتة الجافة،
ثم إن سید الحکیم((قدس سره)) استشکل على الجمع المذکور بان هذالجمع لیس عرفیا و لا شاهد له; و قال: فلو بنى على العمل بالصحیح، یتعیّن حمل أدلة لزوم الغسل على الاستحباب مطلقا (اى سواء کانت المیتة رطبة او جافة) و ما ابعد ما بین هذا القول و بین القول المحکى عن الحلى (ابن ادریس) من عدم نجاسة ملاقى المیت مطلقا. و ضعفه ظاهر، کما عرفت من النصوص الآمرة بغسل الملاقى له. و لو بنى على غض النظر عنها او عن ظاهرها، لم یبق دلیل على نجاسة المیت کما لا یخفى.
و فیه انه لا یمکن المساعدة علیه بوجه، فان العمل بصحیحة على بن جعفر، لا یوجب حمل ما دل على لزوم غسل الملاقى للمیتة على الاستحباب کموثقة عمار المتقدمة. بل لا یصح هذالحمل، فان ما دل على ان الفأرة اذا ماتت فى السمن الذائب او الماء یلقى السمن و الماء بل یجب غسل کل ما اصابه ذلک الماء، یمنع من حمل الاوامر على الاستحباب فهذا من غرائب ما صدر منه((قدس سره)) و ما ذکره من قوله: (ما أبعد ما بین هذا القول الخ) اشارة الى القول: بمنجسیة المیتة لملاقیها حتى فى حال الجفاف بلافرق بین الانسان و غیره، و بین قول الحلى من عدم نجاسة ملاقى المیت الآدمى مطلقا سواء کانت قبل الغسل أو بعده.
ثم انه قد ظهر مما ذکرنا بطلان القول الاخیر و هو ان میت الآدمى نجس و منجس مطلقا و لو کان جافاً و میت غیر الآدمى لا ینجس الاّ مع الرطوبة فانک قد عرفت ان المیت مطلقا لا ینجس الا مع الرطوبة لقوله((علیه السلام)) فى موثقة ابن بکیر: کل شیئ یا بس زکى.
1- س ج2 ب53 من ابواب النجاسات ح1 ص1076
2- س ج2 ب3 من ابواب غسل المس ح4و5ص932
3- س ج2 ب3 من ابواب غسل المس ح4و5ص932
4- ص569
5-س ج 1 ب 31 من ابواب احکام الخلوة ح5 ص248
6- س ج2 ب26 من ابواب النجاسات ح5
7- س ج1 ب4 من ابواب الماء المطلق ح1 ص106
مساله 11 ص(576)
▲ مساله 11 ص(576)
175(مسألة11) یشترط فى نجاسة المیتة خروج الروح من جمیع جسده، فلو مات بعض الجسد ولم یخرج الروح من تمامه، لم ینجس.(1)
(1) کما هو المعروف الوجه فیه ان موضوع الموت و الحیاة المأخوذ موضوعاً للطهارة و النجاسة هو البدن بلحاظ اتصاله بالروح على نحو خاص و انفصاله عنها، فاتصاف الاجزاء بهما بعین اتصاف البدن لانها عینه و لا تتصف الاجراء بهما مستقلا، فلا یصدق المیتة على الجزء مستقلا.
و تطبیقها على الجزء المبان من الحى انما هو بلحاظ الاحکام، فکما ان المیتة نجس و حرام کذلک الجزء المبان.
على انا لو سلّمنا صد ق المیتة على الجزء المبان حیقیة، فهو لا تستلزم صدقها علیه قبل الابانة، فان الاتصال بالحى یمنع عن صدق المیتة علیه.
مساله 12 ص (576 - 579)
▲ مساله 12 ص (576 - 579)
176(مسألة12) مجرد خروج الروح یوجب النجاسة، و ان کان قبل البرد(1) من غیر فرق بین الانسان و غیره، نعم وجوب غسل المسّ للمیت الانسانى مخصوص بما بعد برده(2)
(1) و هو احد القولین فى المقام اختاره الشیخ فى المبسوط و العلامة فى التذکرة و السبز وارى فى الذخیرة و بعض آخر، لاطلاق صحیحة الحلبى المتقدمة(1) و التوقیعین المتقدمین(2)
و القول الآخر عدم نجاسة الآدمى قبل برده و نسب ذلک الى الشیخ فى غیر المبسوط و جماعة أخرى بل قیل: انه نسب الى الاکثر و کیفماکان فقد استدل لهذالقول بعدة من النصوص و غیرها:
اما النصوص، فمنها صحیحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر((علیه السلام)) قال: مسّ المیت عند موته و بعد غسله و القبلة لیس بها بأس(3)
تقریب الاستدلال ان نفى البأس عن المّس و القبلة عند الموت ظاهر فى نفى الغسل و الغسل بمس المیت عند الموت و هو زمان حرارة بدن المیت.
الجواب ان کلمة عند الموت مجملة فیها احتمالان: احدهما حال النزع (اعذنا الله لدیه) الثانى حال اول حدوث الموت و هو حال الحرارة، و بما أنّ إطلاق صحیحة الحلبى المقتدمة(4)
یشمل حال الحرارة فیرتفع الاجمال و یختص کلمة عند الموت بحال النزع، فلا تکون الصحیحة دلیلا على طهارة المیت حال الحرارة هذا اولا.
و ثانیا لو اغمضنا عن ذلک و سلّمنا ان الظاهر من کلمة عند الموت هو حال الحرارة و لکنها مطلقة بالنسبة الى الجفاف و الرطوبة، و حیث ان المراد من اطلاق صحیحة الحلبى للارتکاز اوّلا و لموثقة ابن بکیر المتقدمة ثانیاً هو حال الرطوبة، فحال الجفاف یبقى تحت صحیحة ابن مسلم، فیکون المراد نفى البأس عن المسّ و التقبیل عند حرارة المیت اذا کان جافاً.
و منها صحیحة اسماعیل بن جابر، قال دخلت على ابى عبدالله((علیه السلام)) حین مات إبنه اسماعیل الاکبر، فجعل یقبله و هو میت، فقلت: جعلت فداک، الیس لا ینبغى أن یمسّ المیت بعد ما یموت، و من مسّه، فعلیه الغسل؟ فقال: أما بحرارته فلا بأس، انما ذاک اذا برد(5)
تقریب الاستدلال، ان نفى البأس کما ینفى الغسل بالضم کذلک ینفى الغسل بالفتح فتدل على عدم نجاسة المیت حال الحرارة.
الجواب ان نفى البأس ظاهر فى عدم وجوب الغسل بقرینة السؤال، حیث قال: من مسّه فعلیه الغسل، فلا نظر فیها الى نفى النجاسة و الغسل.
و منها روایة ابراهیم بن میمون المتقدمة(6) حیث جاء فى ذیلها یعنى اذا برد المیت و عبر عنها فى المستمسک بالصحیح و لم یظهر لنا وجهه فانه لم یوثق فى کتب الرجال، فهو ضعیف، على ان دلالتها ایضاً غیر تامة، فإن کلمة یعنى اذا برد المیت، لم یعلم انها من الامام((علیه السلام)) بل الظاهر انها من کلام الرواى، لانها ان کانت من کلام الامام((علیه السلام)) لقال: اذا برد المیت بلا کلمة یعنى، لان الضمیر فى کلمة (یعنى) یرجع الى الغائب و الامام((علیه السلام)) هو المتکلم الحاضر، و اما ان کانت من الراوى، فیرجع الى الامام((علیه السلام)) و هو کان غائبا عند نقل الراوى، فیکون التفسیر من الراوى فلا حجیة فیه لانه اجتهاد منه، فعلیه یکون الاطلاق فى صحیحة الحلبى محکماً، فلا فرق فى النجاسة قبل البرد و بعده; هذا کله فى النصوص.
و اما غیر النصوص، فایضاً وجوه ثلاثة:
احدها الاستصحاب فانّ المیت قبل الموت کان طاهرا، و بعد البرد یصیر نجساً جزماً و نشک فیه بعد الموت و قبل البرد و هو حین حرارته فنستصحب الطهارة.
و فیه ان اطلاق صحیحة الحلبى المتقدمة مانع من جریان الاستصحاب لانه لا مجال للاصل العملى مع وجود الاصل اللفظى.
ثانیها عدم صدق الموت مع حرارة البدن لعدم انقطاع علقة الروح ما دامت الحرارة باقیة، و لو شککنا فیه، فالاستصحاب یقتضى بقاء الحیاة و علقة الروح فیترتب علیه طهارة البدن.
و فیه ان الموت امر وجدانى یدرکه کل احد، فاذا انقطع النفس و توقف القلب و سکن الاعضاء فهو میت و ان بقیت الحرارة و لهذا لم یقع الخلاف فى الموت و عدمه بین کل من حضر عند المحتضر.
ثالثها: دعوى الملازمة بین الغسل (بالفتح) و الغسل (بالضم)، فمس المیت بعد البرد موجب لکلیهما و قبله لا یجوب شیئاً منهما.
و فیه انه لا دلیل على هذه الملازمة اصلا بل الدلیل قائم على عدمها فان النصوص (کما تأتى) تدل على عدم وجوب الغسل بالمس قبل البرد، و اطلاق صحیحة الحلبى و غیرها یدل على وجوب الغَسل لمسّ المیت مطلقا بلا فرق بین الحرارة و البرد.
(2) کما سیجئ فى محلّه
1-ص569
2- ص572
3- س ج2 ب3 من ابواب غسل المس ح1 ص931
4- ص 569
5- س ج2 ب1 من ابواب غسل المسّ ح2 ص927
6- ص568
مساله 13 ص (580)
▲ مساله 13 ص (580)
177(مسألة13) المضغة نجسة(1) و کذا المشیمة، و قطعة اللحم التى تخرج حین الوضع مع الطفل.
(1) قال العلامة فى المنتهى المشیمة اللتى فیها الولد نجسة لانها جزء حیوان أبین منه.
و عن کشف الغطاء: (و ما یخرج من بطن المرئة او الحیوان حین الولادة من لحم و نحوه، محکوم بنجاسته)
و عن عبدالکریم الحائرى((قدس سره)): (فى نجاسة المضغة و قطعة الخارجة حین الوضع اشکال و ان کان الاحتیاط فیهما حسنا)
و عن الشیخ محمد رضا آل یاسین على الاحوط و للطهارة وجه.
و کیفما کان، الدلیل على النجاسة لیس واضحاً، و ان کان الارتکاز یقتضى الاحتیاط.
و اما ما ذکره فى المنتهى، ففیه ان المشیمة لیست جزء من الام و لا من الولد.
مساله 14 ص (580 - 581)
▲ مساله 14 ص (580 - 581)
178(مسألة14) اذا قطع عضو من الحى و بقى معلقاً متصلا به، فهو طاهر مادام الاتصال(1) و ینجس بعد الانفصال نعم لو قطعت یده مثلا و کانت معلقة بجلدة رقیقة فالاحوط الاجتناب.
(1) هذا یصح فیما اذا کان الاتصال بنحو بقیت الحیاة فیه فى الجملة و جرى فیه الدّم و ان کان ضعیفا، و امّا اذا کان القطع بنحو لا یبقى فیه الرّوح و الدم و کان بحیث تعفّن اذا مضى علیه الأیام، فهو فى حکم المقطوع راساً، فاتصاله بالبدن و ان کان بأکثر من جلدة رقیقة، لا ینفع ففى هذالفرض الاحوط هو الاجتناب لأن الحکم بطهارته مع حصول العفونة مشکل و لا یقاس هذا بالمفلوج و المشلول فانهما تابعان للبدن و ان خرج عنهما الروح فهو عضو لصاحبه عرفاً و لا یحصل له العفونة و ان بقى سنین.
مساله 15 ص (581)
▲ مساله 15 ص (581)
179(مسألة15) الجند المعروف کونه خصیة کلب الماء، ان لم یعلم ذلک، و احتمل عدم کونه من اجزاء الحیوان، فطاهر و حلال(1) و ان علم کونه کذلک، فلا اشکال فى حرمته(2) لکنه محکوم بالطهارة، لعدم العلم بان ذلک الحیوان مما له نفس.
(1) لاصالة الطهارة و الحلیة.
(2) لأن الخصیة من الحیوان المحلل حرام، فضلا عن المحرم فان کلب المأحرام.
مساله 16 ص (581 - 582)
▲ مساله 16 ص (581 - 582)
180(مسألة16) اذا قلع سنه او قص ظفره، فانقطع منه شیئ من اللحم فان کان قلیلا جدا فهو طاهر(1) و الا فنجس.
(1) قال الاستاذ((قدس سره)): الوجه فى ذلک ما تقدم فى مثل الثالول و البثور من انّ ادلة نجاسة الأجزاء المبانة من الحى، مختصة بما یعدّ جزءً من الحى عرفاً فطهارته لقصور ما یقتضى نجاسته، و هذا بخلاف ما اذا لم یکن اللحم قلیلا جداً.
و فیه أن المستفاد مما دل على ان ما قطع من الیات الغنم میتة لا ینتفع به، هو أن ما قطع من الحى مما تحله الحیاة میتة فلا فرق فیه بین القلیل و الکثیر، و فى بعض روایات الیات الغنم: ان ما قطع منها میت لا ینتفع به(1)
و فى صحیحة محمد بن قیس عن أبى جعفر((علیهما السلام)): قال: قال امیر المؤمنین((علیه السلام)): ما اخذت الحبالة من صید، فقطعت منه یداً او رجلا، فذروه، فانه میت(2)
و ذکر الید و الرّجل، انما هو من أجل الغلبة الخارجیة لامن اجل خصوصیة فیهما، فلو قطعت الحبالة رأس الصید، فهو ایضاً میت بلا اشکال. ولکنه یمکن ان یقال ان هذه النصوص منصرفة عن الجزء الصغیر جداً، فالاظهر هو ما افاده الاستاذ((قدس سره))
و العجب مما ورد فى بعض کتب المعاصرین حیث قال: الاظهر انّه محکوم بالطهارة، لان روایات الحبالة الواردة فى الیات الغنم لا تشمل المقام، و التعدى عن موردها الیه بحاجة الى قرینة، و عنوان المیتة لا یصدق علیه.
الوجه فى ذلک اولا ان روایات الحبالة لم ترد فى الیات الغنم; فانها وردت فى ابواب الصید و روایات الیات الغنم وردت فى ابواب الذبایح کما عرفت فکیف عبر بذلک و هذا سهو و اضح.
و ثانیاً قد عرفت روایة الکاهلى و انها صرّحت بان ما قطع منها میت لا ینتفع به. فنفى کونه میتاً اجتهاد فى قبال النص.
1-س ج 16 ب30 من ابواب الذبایح ح1 ص295
2- س ج16 ب24 من ابواب الصید ح1 ص237
مساله 17 ص (582 - 584)
▲ مساله 17 ص (582 - 584)
181(مسألة17) اذا وجد عظما مجرداً و شک فى أنه من نجس العین أو غیره، یحکم علیه بالطهارة حتى لو علم انه من الانسان و لم یعلم انه من کافر أو مسلم(1)
(1) الشک تارة یفرض فى أن العظم من غیر الانسان و لم یعلم انه من نجس العین او طاهر العین.
و اخرى یفرض فى عظم الانسان من مسلم او کافر؟
أما الفرض الاول، فیحکم علیه بالنجاسة، بضم اصالة عدم التذکیة فان کان من نجس العین، کانت نجاسته ذاتیة و ان کان من طاهر العین تکون نجاسته عرضیة فانه عظم المیتة تعبّداً، فنجاسته اما لذاته واما من عدم وقوع التذکیة علیه
و اما الفرض الثانى، فایضاً اما له نجاسة ذاتیة او عرضیة فان کان من کافر نجس ذاتا و ان کان من مسلم، فنجس بعروض الموت و یطهر بالغسل فنستصحب جامع النجاسة بین الذاتیة و العرضیة.
و لکن سیّدنا الاستاذ الخوئى((قدس سره)) حکم بالطهارة فى الموردین بتقریب ان الانسان اذا شک فى اسلامه و کفره و هو حى، فان الاصحاب قد حکموا بطهارته من غیر خلاف نجده; بل المتسالم علیه الحکم باسلامه ایضاً فى بعض الفروض، کاللقیط فى دار الاسلام او فى دار الکفر مع وجود مسلم فیها، یحتمل تولده منه، و معه کیف یحکم بنجاسة عظمه بعد موته للشک فى انه عظم کافر او مسلم
ثم قال فى وجه ذلک: ان الکفر و ان کان امر عدمیاً و التقابل بینه و بین الاسلام تقابل العدم و الملکة، الا انه کنظائره لیس من قبیل الموضوعات المرکبة بان یکون الکفر مرکباً من قابلیة المحل و عدم الاسلام و العمى عبارة عن قابلیة المحل و عدم البصر، لیحکم بکفر من یشک فى اسلامه و بعمى من یشک فى إبصاره بضم الوجدان الى الاصل (الى ان قال): و السر فى ما ذکرناه أن الکفر من قبیل البسائط و کذلک العمى و من الظاهر ان استصحاب عدم الاسلام او عدم البصر، لا یثبت العنوان البسیط، بل الأمر بالعکس، فانه اذا شککنا فى حدوث ذلک الامر البسیط، اعنى الکفر و العمى و نظائرهما، نستصحب عدم حدوثه، فیحکم بعدم ترتب اثر ذلک الامر البسیط من النجاسة او غیرهما، و لا یعارضه اصالة عدم اسلامه، اذالاسلام لیس موضوعاً للحکم بالطهارة، و انما الکفر موضوع للحکم بالنجاسة، فان کل انسان محکوم بالطهارة غیر الکافر، فما افتى به فى المتن هو المتین.(1)
و قد عرفت ان الحکم بالنجاسة هو الاقوى، فان الانسان الحى و ان یحکم بطهارته لقاعدة الطهارة الاان العظم لا یقاس به لأن حالته السابقة هى النجاسة کما عرفت، و لا مانع من استصحابها فى الموردین.
ثم ان ما ذکره من أنّ الکفر امر عدمى و هو عدم الاسلام فى مورد قابل صحیح، الا أنّ جریان اصالة عدمه، ممنوع لأنه یؤول الى ان الاصل عدم عدمه و هو بمعنى الاسلام، فان نفى النفى اثبات هذا اولا.
و ثانیاً: ان البساطة و الترکیب من عوارض الوجود فان الموجود اما بسیط او مرکب و اما العدم فلا ترکیب فیه و لا بساطة و لا امیتاز.
نعم ان فسرالکفر بالجحود کان امرا وجودیابسیطاً و لکنه اعم منه لانه یشمل من کان شاکا فى الصانع أو الرسالة، و لم یقر بالشهادتین.
1- التنقیح ج1 ص557
مساله 18 ص (584)
▲ مساله 18 ص (584)
182(مسألة18) الجلد المطروح ان لم یعلم انّه من الحیوان الذى له نفس او من غیره -کالسمک مثلا- محکوم بالطهارة(1)
(1) لأنّ الاصل عدم کونه من حیوان له نفس سائلة، فیترتب علیه طهارة جلده ولحمه، و مع الغض عنه یرجع الى قاعدة الطهارة.
مساله 19 ص (584 - 586)
▲ مساله 19 ص (584 - 586)
183(مسألة19) یحرم بیع المیتة(1)
(1) على المشهور المعروف بین الاصحاب، بل عن التذکرة و المنتهى و التنقیح نقل الاجماع علیه و عن الخلاف نقل الاجماع على عدم ملکیتها.
و یدل على ذلک نصوص کثیرة:
منها: ما رواه السکونى عن ابى عبدالله((علیه السلام)) قال: السحت ثمن المیتة (الحدیث)(1) و منها غیره
و منها: مارواه الصدوق قال: و ثمن المیتة سحت.(2)
و منها: ما ورد عن النبى((صلى الله علیه وآله)) فى وصیته لعلى((علیه السلام)) قال: یا على من السحت ثمن المیتة.(3)
و منها: ما رواه على بن جعفر عن اخیه موسى((علیه السلام)) قال: سألته عن الماشیة تکون للرجل، فیموت بعضها، یصلح له بیع جلودها و دباغها و لبسها؟ قال((علیه السلام)): لا، و لو لبسها فلا یصلّ فیها.(4)
و منها: ما رواه فى آخر السرائر عن جامع البزنطى صاحب الرضا((علیه السلام)) قال: سألته عن الرجل تکون له الغنم، یقطع من الیاتها و هى احیاء ایصلح له ان ینتفع بما قطع؟ قال: نعم یذیبها و یسرج بها و لا یأکلها و لا یبیعها.(5)
و منها، ما فى تحف العقول عن الصادق((علیه السلام)) من تحریم بیع المیتة و النهى عنه.(6)
و فى قبالها روایة ابى القاسم الصیقل وولده، قال: کتبوا الى الرجل جعلناالله فداک، انا قوم نعمل السیوف، لیست لنا معیشة و لا تجارة غیرها و نحن مضطرون الیها، و انما علاجنا جلود المیتة و البغال و الحمیر الأهلیة لا یجوز فى اعمالنا غیرها، فیحل لنا عملها و شرائها و بیعها و مسّها بایدینا و ثیابنا و نحن نصلى فى ثیابنا و نحن محتاجون الى جوابک فى هذه المسألة یا سیدنا لضرورتنا؟ فکتب: اجعل ثوبا للصلوة.(7)
و شیخنا الانصارى حملها على التقیة لانها الغالبة فى المکاتبات و فیه ان شراء الجلود ان کان قبل الدباغة، فهو مخالف للعامة، لانهم ذهبوا الى حرمة بیعها، فکیف یکون جواز البیع و الشراء موافقاللتقیة.
و ان کان بعد الدباغة: فهم ذهبوا الى طهارة جلود المیتة بها و جواز بیعها و شرائها، و المکاتبة ناطقة بنجاستها، حیث قال: اجعل ثوباً للصلاة، فکیف تحمل على التقیة واحتمل السیدالحکیم((قدس سره))فى المستمسک بان جلد المیتة غلافاً للسیف یکون تابعا للمبیع، و الممنوع هو بیعه و شرائه مستقلا.
و فیه ان المکاتبة تدلى على جواز شراء الجلود المیتة مستقلا، حیث قرّره و لم یردع عنه.
فالانصاف ان دلالتها على جواز بیع جلود المیتة و شرائها تامة، و لکن أباالقاسم الصیقل لم یوثق، فلا تصلح لمعارضة الروایات الکثیرة الدالة على المنع و لعلّها متواترة معنى.
نعم لو کانت معتبرة، کانت قرینة على حمل الروایات المانعة على الکراهة.
(و آخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمین)
قد تم فى عید الاضحى، المبارک 1420هجرى قمرى
و انا العبد الفقیر الى رحمة ربّه الغنى (قربانعلى المحقق الکابلى خلف المرحوم محمد رضا) غفر الله لهما و حشرهما مع محمد و آله الطاهرین صلوات الله و سلامه علیه و علیهم اجمعین.
1- س ج12 ب5 من ابواب ما یکتسب به ح5،8،و17 ص62و63
2- س ج12 ب5 من ابواب ما یکتسب به ح5،8،و17 ص62و63
(3)(4)- س ج12 ب5 من ابواب ما یکتسب به ح5،8،و17 ص62و63
5- س ج 12 ب6 من ابواب ما یکتسب به ح6 ص67
6- س ج12 ب2 من ابواب مایکتسب به ح1 ص56
7- س ج12 ب38 من ابواب ما یکتسب به ح4 ص125