المباحث الفقهیة ـ کتاب الخمس

تألیف: سماحة آیة الله العظمی المحقق الکابلی(دام ظله الوارف)

کتاب الخمس

المباحث الفقهیة

کتاب الخمس

فصل فیما یجب فیه الخمس

الأول غنائم الحرب ص (4 - 40)

مساله 1 ص (40 - 43)

مساله 2 ص(43 - 53)

مساله 3 ص(53 - 58)

مساله 4 ص (58)

مساله 5 ص (58 - 59)

الخمس المعدن ص (63 - 96)

مساله 6 و 7 ص ( 96 - 102)

مساله 8 ص (102 - 103)

مساله 9 ص (103 - 105)

مساله 10 ص (105 - 107)

مساله 11 ص (107)

مساله 12 ص (107 - 113)

مساله 13 ص (113 - 116)

الخمس الکنز ص (121 - 149)

مساله 14 ص (149 - 154)

مساله 15 ص (154 - 155)

مساله 16 ص (155 - 157)

مساله 17 ص (157)

مساله 18 ص (157 - 160)

مساله 19 ص (160)

مساله 20 ص (160)

خمس الغوص ص (165 - 178)

مساله 21 ص (178)

مساله 22 ص (178)

مساله 23 ص(178 - 179)

مساله 24 ص (179)

مساله 25 ص (179 - 180)

مساله 26 ص (181 - 182)

مساله 27 ص (182 - 185)

المال الحلال المخلوط بالحرام ص (190 - 207)

مساله 28 ص (207)

مساله 29 ص (207 - 208)

مساله 30 ص (208 - 210)

مساله 31 ص (210 - 212)

مساله 32 ص (212 - 214)

مساله 33 ص (214 - 215)

مساله 34 ص (215 - 217)

مساله 35 ص (217 - 219)

مساله 36 ص (219 - 222)

مساله 37 ص (222 - 223)

مساله 38 ص (223 - 224)

مساله 39 ص (224 - 225)

ما اشتراه الذمى ص 229 - 240)

مساله 40 ص (240)

مساله 41 ص (241)

مساله 42 ص (241)

مساله 43 ص (241 - 242)

مساله 44 ص (242)

مساله 45 ص (242 - 243)

مساله 46 ص(243)

مساله 47 ص(243)

مساله 48 ص (243 - 244)

مساله 49 ص (244)

فاضل المؤونة ص (249 - 276)

مساله 50 ص (276 - 278)

مساله 51 ص (278 - 281)

مساله 52 ص (281 - 282)

مساله 53 ص (282 - 286)

مساله 54 ص (286 - 291)

مساله 55 ص (291- 293)

مساله 56 ص (293 - 301)

مساله 57 ص (301 - 304)

مساله 58 ص (305 - 306)

مساله 59 ص (306 - 310)

مساله 60 ص (310 - 315)

مساله 61 ص (315 - 318)

مساله 62 ص (319)

مساله 63 ص (319 - 320)

مساله 64 ص (320 - 326)

مساله 65 ص (326)

مساله 66 ص (327)

مساله 67 ص (327 - 330)

مساله 68 ص (330 - 331)

مساله 69 ص (331)

مساله 70 ص (331 - 332)

مساله 71 ص (332 - 339)

مساله 72 ص (339 - 351)

مساله 73 ص (351 - 352)

مساله 74 ص (352 - 356)

مساله 75 ص (356 - 361)

مساله 76 ص (361 - 362)

مساله 77 ص (362 - 364)

مساله78 ص (364 - 365)

مساله 79 ص (365 - 366)

مساله 80 ص (366 - 367)

مساله 81 ص (367 - 368)

مساله 82 ص (368 - 370)

مساله 83 ص (370)

مساله 84 ص (370 - 373)

فصل فى قسمة الخمس ومستحقّه

مساله 1 ص (377 - 390)

مساله 2 ص (390 - 395)

مساله 3 ص (395)

مساله 4 ص (396 - 401)

مساله 5 ص (401 - 402)

مساله 6 ص (402 - 406)

مساله 7 ص (406 - 415)

مساله 8 ص (415 - 418)

مساله 9 ص (418 - 419)

مساله 10 ص (419 - 420)

مساله 11 ص (420 - 422)

مساله 12 ص (422 - 423)

مساله 13 ص (423 - 426)

مساله 14 ص (426)

مساله 15 ص (426 - 428)

مساله 16 ص (428 - 430)

مساله 17 ص (430 - 431)

مساله 18 ص (431 - 432)

مساله 19 ص (432 - 435)

کتاب الانفال

ص (439 - 450)

ص (451 - 457)

ص (458 - 464)

ص (465 - 471)

ص (472 - 478)

ص (479 - 486)

کتاب الخمس

کتاب الخمس

المباحث الفقهیة

المباحث الفقهیة

بسم الله الرّحمن الرّحیم

النبیین محمد وآله الطاهرین.

وبعد فیقول العبد الفقیر الى ربه الغنى قربانعلى المحقق الکابلى خلف المرحوم محمد رضا رحمة الله علیه: هذه مجموعة بحوث فقهیة القیتها فى الحوزة العلمیة عند تشرفى بجوار کریمة أهل البیت فاطمة المعصومة سلام الله علیها حول کتاب الخمس من (العروة الوثقى) تألیف الفقیه الکبیر فخرالمحققین السید محمد کاظم الیزدى(قدس سره) وکان ذلک من أوائل السنة الدراسیة الثالثة و السبعین الى اوائل السنة الخامسة والسبعین

وهى بضاعة مزجاة أهدیها الى ناموس الدهر امام العصر (عجل الله فرجه و جعلنا من اعوانه وانصاره والمستشهدین بین یدیه) فالمأمول من کرمه ان یمنّ على بالقبول ویثبتها فى دیوان الحسنات ویسأل من الله الغفور الرّحیم، ان یبدل سیئاتى بالحسنات وینجّینى برحمته من عذاب النار یوم یمتاز الاخیار من الاشرار و یقرب المحسنون و یبعد المسیؤون ولا ینفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سلیم.

کتاب الخمس

کتاب الخمس

 

بسم الله الرّحمن الرّحیم

"الحمد لله رب العالمین الصلاة والسلام على اشرف الانبیاء والمرسلین محمدوآله الطّاهرین واللّعن الدّائم على اعدائهم اجمعین

 

کتاب الخمس

وهو من الفرائض وقد جعله الله تعالى لمحمد صلى الله علیه واله و ذریته عوضاً عن الزکاة اکرامالهم. ومن منع منه درهماً ـ اواقل ـ کان مندرجاً فى الظالمین لهم، والغاصبین لحقّهم، بل من کان مستحلا لذلک، کان من الکافرین ففى الخبر عن ابى بصیر، قال: ( قلت لأبى جعفر(علیه السلام)ما أیسر مایدخل به العبد النار؟ قال(علیه السلام) من أکل من مال الیتیم درهماً، و نحن الیتیم)(1)

وعن الصّادق (علیه السلام):(ان الله لاإله الا هو، لمّا حرّم علینا الصدقة، انزل لنا الخمس، فالصّدقة علینا حرام، و الخمس لنا فریضة، والکرامة لنا حلال)(2)

وعن أبى جعفر(علیهما السلام): (لایحلّ لا حدان یشترى من الخمس شیئاً حتى یصل الینا حقنا)(3)


وعن أبى عبد الله(علیه السلام): (لا یعذر عبد اشترى من الخمس شیئاً ان یقول: یا رب إشتریته بمالى، حتى یأذن له اهل الخمس)(2).

1-(2)(3) الوسائل ج 6 ب: 1 من أبواب ما یجب فیه الخمس حدیث 1،2، 4. 2- الوسائل ج 6 ب 3 من أبواب الأنفال حدیث 10.

فصل فیما یجب فیه الخمس

فصل فیما یجب فیه الخمس

الأول غنائم الحرب ص (4 - 40)

الأول غنائم الحرب ص (4 - 40)

وهى سبعة اشیاء:
الاوّل الغنائم المأخوذة من الکفار من أهل الحرب قهراً بالمقاتلة معهم (1) بشرط ان یکون باذن الامام(علیه السلام) من غیر فرق بین ما حواه العسکر ومالم یحوه والمنقول وغیره کالا راضى والاشجار و نحوها بعد إخراج المؤون (2) الّتى انفقت على الغنیمة بعد تحصیلها بحفظ وحمل ورعى ونحوها وبعد اخراج ما جعله الامام من الغنیمة على فعل مصلحة من المصالح وبعد استثناء صفایاء الغنیمة کالجاریة الورقة والمرکب الفاره، والسیف القاطع، والدرع، فانها للامام، وکذا قطایع الملوک فانها ایضاً له(3)

علیه السلام وامّا اذا کان الغزو بغیر اذن الامام(ع) فان کان فى زمان الحضوروامکان الاستیذان منه فالغنیمة للإمام(علیه السلام)(4)

وان کان فى زمن الغیبة، فالاحوط (5) اخراج خمسها من حیث الغنیمة، خصوصاً اذا کان للدّعاء الى الاسلام (6) فما یأخذه السلاطین فى هذه الازمنة من الکفار بالمقاتلة معهم من المنقول وغیره یجب فیه الخمس على الاحوط (7) وان کان قصدهم زیادة الملک لا الدّعاء الى الإسلام، ومن الغنائم الّتى یجب فیها الخمس الفداء الذى یؤخذ من اهل الحرب (8) بل الجزیة المبذولة لتلک السریة، بخلاف سائر افراد الجزیة(9)
ومنها ایضاً ما صولحوا علیه وکذا ما یؤخذ منهم عند الدفاع معهم، اذا هجموا على المسلمین فى امکنتهم (10) ولو فى زمن الغیبةفیجب اخراج الخمس من جمیع ذلک، قلیلا کان أو کثیراً من غیر ملاحظة خروج مؤونة السنة على ما یأتى فى ارباح المکاسب وسائر الفوائد.

 

(1) وجوب الخمس فى الغنائم مما دل علیه الکتاب والسنة المتواترة ـ کما قیل ـ وقد أطبق علیه المسلمون، أمّا الکتاب فهو قوله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شیىء، فان لله خمسه وللرسول ولذى القربى والیتامى والمساکین وإبن السبیل)(1)
ویشترط فیه أن یکون الاغتنام بالمقاتلة وبإذن الامام(ع) فلو اخذ بالسرقة او الغیلة ونحوها، کان لآخذه وان اغتنم بالمقاتلة بلا اذن منه(ع) کان للامام(علیه السلام) کما سیأتى.
ثم ان المشهور بین الاصحاب أنّ الغنیمة التى یجب فیها الخمس عامة للمنقول وغیره کالاراضى والدور والاشجار والمصانع وغیرها.
وذهب جماعة من الأصحاب الى اختصاصه بالغنائم المنقولة واستدل للمشهور بالکتاب والسنة، اما الکتاب فهو قوله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شیىء الخ) فان الغنیمة باطلاقها تشمل المنقول وغیره ولاسیما بملاحظة بیان الموصول بقوله تعالى: (من شىء) فانه یؤکّد الإطلاق لعموم مفهومه فیشمل الاراضى والعمارات کالمنقولات.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 5 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وامّا السنة فهى الرّوایات الکثیرة الدالة على وجوب الخمس فى
الغنیمة منها صحیحة عبدالله بن سنان قال: سمعت ابا عبدالله(ع) یقول: لیس الخمس الاّ فى الغنائم خاصة(2) وغیرها وسیأتى التعرض لها انشاء الله.
وقد نوقش علیه بوجوه:
الأوّل ما عن صاحب الحدائق قدس سره من أنّ ظاهر النصوص اختصاص الغنیمة التى فیها الخمس بالاموال المنقولة.
منها صحیحة ربعى عن ابى عبدالله(علیه السلام) (قال (ع): (کان رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم)، اذا اتاه المغنم أخذ صفوه وکان ذلک له ثم یقسّم ما بقى خمسة اخماس و یأخذ خمسه ثم یقسّم
أربعة أخماس بین الناس الذین قاتلوا علیه، ثمّ قسّم الخمس الذى أخذه خمسة اخماس یأخذ خمس الله عزوجلّ لنفسه ثم یقسّم الأربعة اخماس بین ذوى القربى والیتامى والمساکین وأبناء السّبیل یعطى کل واحد منهم حقاً، وکذلک الامام(ع) اخذ کما اخذ الرسول(صلى الله علیه وآله وسلم))(3)
فهذه الصّحیحة ونظائرها موجبة لتخصیص الغنیمة المذکورة، فى الآیة بالمنقولة
ویردّه أنّ مورد الصحیحة هى الغنائم المنقولة، ولاتدل على نفى الخمس عن الغنائم الغیر المنقولة، فیکفینا اطلاق الآیة المبارکة الدالّة على الخمس فى الغنیمة
مع أنه لو انجمدنا على مورد الصّحیحة، للزم منه عدم لزوم الخمس فى الاموال المنقولة الّتى تنقل بصعوبة کحجر الّرحى والمصانع العظیمة فهل یمکن القول بعدم لزوم الخمس فیها بدعوى عدم شمول النصوص لها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 6 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثانى ما أفاده الاستاذ الاعظم السید الخوئى(قدس سره) على ما فى تقریرات بعض تلامذته، قال: بل یمکن ان یقال بعدم الاطلاق فى الآیة المبارکة بالاضافة الى غیر المنقول، فان الغنیمة هى الفائدة العائدة للغانم بما هو غانم و علیه فتختص بما یقسّم بین المقاتلین وهى الغنائم المنقولة، وامّا الاراضى المحکوم علیها بانها ملک لعامة المسلمین فلا تعد غنیمة للغانم والمقاتل بما هو کذلک (الى ان قال): فالاطلاق اذاً ساقط من اصله و معه لادلیل على وجوب الخمس فى غیر المنقول(4).
وفیه اوّلا انه ینافى ما ذکره فى کتاب الخمس فى مبحث الأنفال والیک نصّ عبارته قدس سره هناک (وثانیاً ان الظهور المزبور وان کان قابلالأن یقید به الاطلاق فى صحیحة حفص الاّ أنه غیر قابل لأن یخصّص به العموم فى صحیحة معاویة بن وهب(5)، اعنى قوله(علیه السلام) (کان کل ما غنمو الخ) حیث ان دلالتها على الشمول والاستیعاب بالعموم اللفظى والدلالة الوضعیة الّتى هى اظهر من الاطلاق وأقوى من الظهور المزبور المستند الى المفهوم فانه کالصّریح فى عدم الفرق بین الارض و غیرها وان المدار على الاغتنام بمفهومه العام الشامل لکلا الموردین بمناط واحد)(6)
فاذا کانت الغنیمة مختصة بالمنقول فى قوله تعالى: (ما غنمتم) فلتکن کذلک فى قوله(ع): (کل ما غنموا) فى الصحیحة، ولکن الصحیح هو ما ذکره هناک من عموم کل ما غنموا للمنقول و غیره من الاراضى والعمارات فعلیه تکون کلمة ما غنمتم فى الآیة شاملة باطلاقها للمنقول وغیره فیجب تخمیس غیر المنقولات ایضاً.
وثانیاً: انه لو استولى المسلمون على مدینة من مدن الکفار بالحرب والمقاتلة صحّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 7 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حمل الغنیمة علیها ولا یصحّ سلبها عنها وهو شاهد على تمامیة الاطلاق فى الآیة المبارکة.
وثالثاً: أنّه على ما افاده الأستاذ فى معنى الغنیمة یلزم أن تکون صفایا الغنیمة وقطایع الملوک خارجة عن الغنیمة لانها لیست فائدة عائدة الى الغانم بما هو غانم بل تختص بالرسول او الامام علیهما السلام و صدق الغنیمة علیها من الواضحات وکذا خمس الغنیمة فانه ایضاً لا یقسم بین الغانمین وصدق الغنیمة علیه لاینکر.
ورابعاً: أن صحیحة معاویة بن وهب المشار الیها آنفاً شاهدة على صدق الغنیمة على مالا یرجع الى الغانمین حیث قال(علیه السلام) فیها: (کان کل ما غنموا للامام(ع) یجعله حیث أحب) ونظیرها مرسلة العباس الوراق عن رجل سمّاه عن ابى عبدالله(علیه السلام)(7).
فاذن لایبقى اى شبهة فى انه لم یؤخذ فى مفهوم الغنیمة عودهاالى الغانم بل المراد بها ما استولى علیه المسلمون بالمقاتلة والحرب سواء عاد الى الغانمین او الامام او المسلمین.
هذا کله بناء على ان المراد من الغنیمة فى الآیة هى ما اخذ من الکفار بالمحاربة و القتال کما هو الظاهر منها فى بدو النظر.
ویمکن ان یقال: ان المراد منها مطلق النفع والفائدة، وما اخذ من الکفار بالقتال احد مصادیقها، وذلک لما ورد من التفسیر فى صحیحة على بن مهز یار وقد جاء فیها: (قال الله تعالى: (واعلموا انما غنمتم ن شیىءفأن لله خمسه ولذى القربى والیتامى والمساکین وابن السّبیل ان کنتم آمنتم بالله وما انزلنا على عبدنا یوم الفرقان یوم التقى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 8 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الجمعان، والله على کل شىء قدیر، فالغنائم والفوائد یرحمک الله فهى الغنیمة یغنمها المرء والفائدة یفیدها الخ)(8)
والظاهر منها ان الفائدة عطف تفسیرى للغنیمة فمعناها هى الفائدة المطلقه وما اخذ من الکفار بالحرب والقتال احد مصادیقها لا انها منحصرة فیه کما تشهد لذلک الامثلة الّتى ذکرها فى تفسیر الغنیمة فتأمل فیها حتى یظهر لک صدق ما ذکرناه.
ویؤیده ما رواه حکیم مؤذن بنى عیسى عن ابى عبدالله(علیه السلام)(قال: قلت له: (واعلموا أنما غنمتم من شىء فانّ لله خمسه وللرّسول) قال هى والله الافادة یوماً بیوم، الاّ أن أبى جعل شیعتنا من ذلک فى حلّ لیزکّوا)(9) وهى صریحة فى ما ذکرنا الاّ أنّها ضعیفة السّند فلا تصلح الاّ للتّأیید.
الثالث أنّ التفسیر للغنیمة فى صحیحة ابن مهزیار ظاهر فى الفائدة الشخصیة الرّاجعة الى المستفید و الغانم وهى الغنائم المنقولة واما الاراضى المفتوحة عنوة فلیست فائدة راجعة الى الغانم و المستفید بل راجعة الى عامة المسلمین، فالتفسیر قرینة على اختصاص الخمس بالغنائم المنقولة فلا خمس فى تلک الأراضى،
على أنّ النّصوص الّدالة على أنها ملک لعامة المسلمین تخرجها عن کونها فائدة شخصیة فلا یصدق علیها عنوان الغنیمة بالمعنى المفسّر فى الصحیحة فتکون الصحیحة من ادلة القائلین باختصاص الخمس بالغنائم المنقولة وقد ایّدنا هذه المناقشة عندالبحث وقلنا: ان هذه الصحیحة تدل على عدم الخمس فى غیر المنقولة من الغنائم ولکن التأمل فیها یعطى خلاف ذلک والیک مورد الحاجة من الصّحیحة:
قال(ع): (فالغنائم والفوائد یرحمک الله فهى الغنیمة یغنمها المرء والفائدة یفیدها، والجائزة من الإنسان للانسان التى لها خطر، والمیراث الذى لایحتسب من غیر أب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 9 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولا ابن، ومثل عدو یصطلم فیؤخذ ماله، الخ)(10)
و قد عدّ من الفوائد مال اخذ من عدو اصطلم، وهو یشمل المنقول وغیر المنقول فانّ الأراضى المفتوحة عنوة مال اخذ من عدوّ إصطلم وهى مصداق للغنائم و الفوائد التى فیها الخمس، وکذالمیراث الذى لا یحتسب یشمل المنقول و غیر المنقول فعلیه تکون هذه الصحیحة من ادلّة المشهور القائلین بوجوب الخمس فى مطلق الغنائم وان کانت غیر منقولة.
ودعوى ان الصّحیحة ظاهرة فى ان الغنیمة والفائدة الراجعة الى الغانم والمستفید یجب فیها الخمس وهى لیست الاّ الغنائم المنقولة، والأراضى المفتوحة عنوة بما انها راجعة الى عامة المسلمین لا الى الغانم والمستفید، فهى خارجة عن مدلولها فلا یجب فیها الخمس.
مدفوعة: بان الغنیمة تصدق على مال اخذ من الکفار، بالحرب والمقاتلة سواء رجع الى الغانم ام لا، وقد تقدم أن الأراضى المفتوحة عنوة وصفایاء الغنیمة وقطایع الملوک وخمس الغنیمة، کلها مصداق للغنیمة ولا ترجع الى الغانمین بل راجعة الى عامة المسلمین او الامام او ارباب الخمس
وقد تقدّم ایضاً ان الغنائم المأخوذة من الکفار بالقتال بلا اذن من الامام(ع) لایرجع شىء منها الى الغانمین والمقاتلین ـ کما تدل علیه صحیحة معاویة وهب(11) بل کلها ملک للامام (ع) و قد أطلق علیها الغنیمة بلا عنایة.

الرّابع أنه لو کانت الارض ملکا لطبیعى الامة، لم تشملها الآیة الکریمة على اساس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 10 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انّه لایصدق عنوان المفید والمستفید على کل من استولى علیها بعنوة وهراقة دم، مع ان ظاهر الآیة هو ان المستولین هم الغانمون والمستفیدون، وهذا بخلاف ما اذا کانت ملکا لأحاد الأمة، فانه على هذا یصدق عنوان المفید والمستفید على کل من استولى علیها بعنوة، غایة الأمر ان ما استولى علیه کذلک، قد یرجع تمامه الیه کما اذا کان منقولا، وقد یرجع الیه بعضه مشاعاً، کما اذا کان غیر منقول کالارض کل ذلک لا یوجب التفاوت فى صدق عنوان المزبور علیه. ولعلّ القول بعدم شمول الآیة للارض المفتوحة عنوة، مبنى على أساس القول بملکیتها للطبیعى، لاللافراد(12).
والجواب عن هذه المناقشة ایضاً قد ظهر مما اجبنا به عن المناقشة الأولى، فانه لم یؤخذ فى مفهوم الغنیمة ان یکون الغانم هو المستفید منها کما عرفت، هذا اولا.
وثانیاً ان ما ذکره من ان ما استولى علیه کذلک، قد یرجع تمامه الیه کما اذا کان منقولا، لایتم، فانّ صفایاء الغنیمة والخمس لا ترجع الى الغانمین، بل قد لا یرجع الیهم شىء منها کما اذا کانت الغنیمة مأخوذة بالقتال بلا اذن من الامام(ع) فان کلها له(ع)
فعلیه لا مانع من صدق الغنیمة على الأراضى المفتوحة عنوة، وان کانت ملکاً لطبیعى الامة، لا الافراد بنحو المشاع.
وثالثا: قد تکون الغنیمة من المنقولات المأخوذة من الکفار بالقتال باذن الامام (ع)، و مع ذلک لا یرجع شىء منها الى الغانمین، کما تدل علیه صحیحة زرارة قال: الامام یجرى وینفل ویعطى مایشاء قبل ان تقع السهام، وقد قاتل رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم)بقوم لم یجعل لهم فى الفىء نصیباً، وان شاء قسّم ذلک بینهم.(13)
وهى تدلّ على أن تقسیم الغنیمة بینهم رخصة لا عزیمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 11 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ویمکن ان یقال: ان المستفاد من هذه الصّحیحة بضمها الى بقیة النصوص الواردة فى الغنیمة، ان التخمیس مقدمة للتقسیم فکلّما أراد ولى الامر تقسیمها خمّسها اولا ثم قسّمها، وفى کل مورد لم یکن التقسیم مشروعاً کما فى الاراضى المفتوحة عنوة او کان مشروعاً ولم یرده کما فى مورد هذه الصحیحة لم یتعرض للتخمیس ایضاً، فاذاً لا یکون عدم التعرض له فى الاراضى دلیلا على عدم وجوبه فیها.
ثم انّ صاحب الجواهر قدس سره قال: (إن تلک الأخبار الواردة فى المفتوحة عنوة وانها ملک للمسلمین، وکیفیة خراجها لاتأبى التقیید بما هنا من کون ذلک بعد الخمس، کما صرح به الشیخ فى نهایته، بل هو ظاهر الاصحاب، بل کأنه من المسلّمات عندهم).(14)
وإستشکل علیه سید نا الاستاذ قدس سره، بأنه غیر قابل للتصدیق ضرورة انّ نصوص الخراج أخص من آیة الغنیمة فان النسبة بین، الدلیلین عموم و خصوص مطلق ولا شک أنّ إطلاق الخاص مقدّم على إطلاق العام، ومع الغض عن ذلک، وتسلیم کون النسبة بین الدلیلین عموماً من وجه بدعوى ان الآیة تعم المنقول و غیره، وتختصّ بالخمس، کما أنّ نصوص الخراج تختصّ بغیر المنقول وتعّم مقدار الخمس و غیره اى تشمل جمیع المال، فغایته انه یتعارض الدلیلان فى مورد الاجتماع اعنى الخمس من غیر المنقول، فان مقتضى اطلاق الآیة وجوبه و مقتضى اطلاق تلک النصوص عدمه فیتساقطان لعدم الترجیح، اذ عموم الکتاب انما یتقدم على عموم السنة لدى المعارضة فیما اذا لم تکن قطعیة، کعموم خبر الواحد.
امّا السنة القطعیة کما فى المقام، فهى تعادل قطعیة الکتاب، فاذاً یرجع بعد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 12 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التساقط، الى أصالة البرائة عن الخمس.
ویمکن الجواب عن ذلک اوّلا بأن السّنة القطعیة اذا کان تواترها لفظیاً بان کانت الجملة الواحدة صادرة من المعصوم قطعاً، مثل قوله: (الأراضى المفتوحة عنوة لعامة المسلمین) او قوله فى مرسلة حماد الطویلة:(والارضون الّتى اخذت عنوة بخیل او رکاب، فهى موقوفة متروکة فى یدى من یعمرها ویحییها، ویقوم علیها)(15)
کان لما ذکر قدس سره مجال، ولکنّ الأمر لیس کذلک، فانّا نعلم اجمالا بان بعض النصوص الواردة فى الاراضى المفتوحة عنوة صادر عن المعصوم، فکل واحد منها اذا عارض الکتاب بالعموم من وجه یعدّ مخالفاً للکتاب فیسقط عن الاعتبار.
بل لو کانت الجملة الواحدة صادرة عن المعصوم جزماً وکانت مخالفة للکتاب بالعموم من وجه او بالتبّاین کانت ساقطة عن الاعتبار ایضاً لعدم العلم بجهة الصدور وللروایات الکثیرة الدالة على ان ما خالف کتاب الله زخرف او دعوه او لم نقله ونحوها(16)
وثانیاً أن فى نصوص الاراضى الخراجیة، مالا ینافى اطلاق آیة الغنیمة مثل ما رواه صفوان بن یحى وأحمد بن محمد ابن أبی نصر جمیعاً (الى ان قال): وما اخذ بالسیف فذلک الى الامام یقبّله بالذى یرى الخ(17) فانها تدل على ان ما اخذ بالسیف عنوة کلها الى الامام(ع) یقبلها بالذى یرى، ولا دلالة فیها على نفى الخمس فان الغنائم المنقولة، ان اراد الامام(ع) تقسیمها بین المقاتلین یأخذ خمسها أوّلا ثم یقسّم أربعة اخماسها وأما الاراضى، فکلّها بید الامام (ع)، فله أن یأخذ خمسها وهو حقّه(ع) ویصرفه للیتامى والمساکین وابن السبیل وله ان لا یأخذه ویقبّل کلّها ویصرف خراجها لمصالح المسلمین

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 13 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فانه(ع) ولی الامر، وله ان یتصرف فیها على اى نحو شاء، ولعل هذه هى النکته فى عدم التعرض فى الرّوایات لخمس الارض المفتوحة عنوة.
على أن الجهاد فى اکثر الموارد کان یوجب اغتنام الأموال المنقولة فلهذا کانت الروایات متعرضة لاحکامها من التخمیس والتقسیم، والاراضى المفتوحة عنوة لم تکن کثیرة ولکنّ العمدة هى الوجه الأوّل.
ثم قال الاستاذ قدس سره: (نعم هى غنیمة بمعنى آخر، اى یستفید منها المقاتل بما أنه مسلم، لکن الغنیمة بهذا المعنى لاخمس فیها لوجهین:
أمّا اوّلا فلاختصاص ادلة الخمس بالغنائم الشخصیة ومایکون ملکا لشخص الغانم، لا ما هو ملک للعنوان الکلى، کما فى الأراضى الخراجیة حیث إنها لم تکن ملکاً لاى فرد من آحاد المسلمین، وانما ینتفع منها المسلم بإزاء دفع الخراج، من غیران یملک رقبتها، بل المالک هو العنوان الکلى العام.
والمشهور انما ذهبوا الى التخمیس فى الأراضى الخراجیة، زعماً منهم أنها غنیمة للمقاتلین، لا باعتبار کونها غنیمة لعامّة المسلمین کما لا یخفى.
الجواب عن ذلک، أن ما أفاده(قدس سره) لا یخلو عن المصادرة، فان النزاع انّما هو فى أن الاراضى الخراجیة، مع انّها لیست ملکاً للمقاتلین، بل ملک لعامة المسلمین، هل فیها الخمس ام لا؟ فالقول بان اختصاص ادلة الخمس بالغنائم الشخصیة، دلیل على عدم الخمس فى الاراضى الخراجیة، مصادرة; فانا نقول: لااختصاص لآیة الخمس(18) والروایات بالغنائم الشخصیة.
منها صحیحة عبد الله بن سنان قال: سمعت أبا عبدالله(علیه السلام)یقول: لیس الخمس الاّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 14 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فى الغنائم خاصة(19) وانت ترى ان آیة الخمس مطلقة تشمل الاراضى وغیرها والصّحیحة مشتملة على الجمع المحلى باللام وهو یشمل مطلق الغنیمة أرضاً کانت أو غیرها.
والرّوایات المتعرضة لتقسیم الغنائم المنقولة وتخمیسها، لا یوجب تخصیص الآیة والرّوایات العامة بغیر الاراضى المفتوحة عنوة، فان أصالة الاطلاق والعموم محکّمة فیها کما تقدم.
ودعوى أنّ المشهور إنما ذهبوا الى التخمیس فى الاراضى الخراجیة، زعماً منهم الخ، لا شاهد علیها، بل الشاهد على خلافها، فان المشهور انما ذهبوا الى التخمیس، مع اعتقاد هم أن الاراضى الخراجیة، ملک لعامّة المسلمین، و لم یقل احد منهم انها ملک للغانمین.
ثم قال سیدنا الأستاذ: وامّا ثانیاً فلا جل ان قولهم: لا خمس الابعد المؤونة یکشف عن اختصاصه بمال تصرف المؤونة فى سبیل تحصیله، وهو کما ترى خاص بالملک الشخصى، اذ لا معنى لاخراج المؤونة فیما یکون المالک هو العنوان الکلى العام.
والجواب أن الحصراضا فى و ناظر الى الارباح والغنائم الّتى تصرف المؤونة فى سبیل تحصیلها، ولیس معناه أنه مالا مؤونة له، لا خمس فیه حتى یخرج الحلال المخلوط بالحرام، والارض الّتى اشتراها الذمى من مسلم، والهدایا والهبات التى تزید على المؤونة، فان شیئاً منها لم تصرف المؤونة فى سبیل تحصیلها، ومن الواضح ان صرف المؤونة فى سبیل التحصیل، لیس شرطاً لوجوب الخمس، حتى یقال: إن الاراضى الخراجیة، حیث لم تصرف المؤونة فى سبیل تحصیلها لیس فیها الخمس.
بل قد یتفق صرف المؤونة فى حفظ الاراضى الخراجیة ایضاً، کما اذا توجه الیها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 15 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السیل، وکان دفعه بحاجة الى المؤونة، فلا مجال للقول: بأنه لا معنى لاخراج المؤونة فیما یکون المالک هو العنوان الکلى العام مع انه سوف یجئ ان المراد من المؤونة، هى مؤونة السنة لا مؤونة الاستغنام.
الخامس أن صدق الغنیمة على شیىء لشخص أو جماعة متوقف على تحقق مجموع الاضافتین: احدیهما ان یکون ذلک الشىء عائداً الیه.
والأخرى أن یکون هو الغانم والمتغلّب والآخذ، وهذا لایصدق الاّ على الغنائم المنقولة العائدة الى المقاتلین، لأن غیر المنقولة اعنى الاراضى ونحوها، حیث انها لا ترجع الى المقاتلین، فلا تکون مشمولة لإطلاق ما غنمتم، لا باعتباره غنیمة للمقاتلین، لانتفاء الاضافة الاولى، ولا باعتباره غنیمة للمسلمین عامة، لانتفاء الاضافة الثانیة.
الجواب عن ذلک یظهر مما قد مناه، و حاصله انه على هذا یلزم ان لایکون صفایا الغنیمة داخلة فیها لا نها لاترجع الى المقاتلین، وان لا یکون المجروح او الضعیف الذى لا یقدر على أخذ الغنیمة شریکا فیها، لعدم کونه الغانم والمتغلب والآخذ وأن لا یکون ما یأخذه المقاتلون من الکفار بلا اذن من الامام(ع) غنیمة، لعدم عوده الیهم، بل یکون کله للامام(ع) کما تدل على ذلک صحیحة معاویة بن وهب المتقدمة، وقد اطلق علیه الغنیمة بلا عنایة، وحیث أنه لا یقسّم بین الغانمین، لم یتعرض لتخمیسه لما تقدم منا انّ التخمیس مقدمة للتّقسیم.
السادس أنّ ظاهر اضافة ملکیة شىء الى جماعة او الضمیر، ارادة الملک الشخصى لهم، ولو على نحو الا شاعة، واما مالایکون ملکاً لهم، وانما هو ملک لجهة وعنوان اعتبارى حقوقى، منطبق علیهم، فهو غیر مشمول لاطلاق هذه الإضافة جزماً، لکونه فردا عنائیاً لا حقیقیاً، فیکون بحاجة الى قرنیة تدل علیه، کما فى أدلّة الاراضى الخراجیة، فانه قد ثبت فى محله، أنها لیست ملکاً لأفراد المسلمین بنحو الاشاعة، وانما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 16 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هى ملک للعنوان الاعتبارى و هو لیس مسلماً بالحمل الشایع، فلا یمکن ان یکون مشمولا لاطلاق ما غنمتم، الا اذا أرید بالغنم مجرد فعل الاستیلاء والأخذ من الکفار الذى یصدق على عمل المقاتلین.
ویؤکّد ذلک، أن وجوب الخمس، وان کان مستلزما لحکم وضعى بانتقال مقدار خمس المال الى صاحب الخمس، وهو یمکن أن یتعلق بالأموال العامة أیضاً، الا انه من ناحیة اخرى، مستبطن لحکم تکلیفى بوجوب الدفع والاداء، بقطع النظر عن الحکم الوضعى، ولهذا کان الخمس، والزکاة، واجبین عبادیین، ثابتین فى باب الامول، ولو لم نقل بثبوت الحکم الوضعى، وتعلّقهما بعین المال، ومن الواضح أن هذا لحکم التکلیفى، انما یتعلّق با لافراد الحقیقیین، وهم المکلفون، لا العناوین والجهات الحقوقیة الا عتباریة بما هى کذلک.
الجواب عنه یظهر مما تقدمّ منا، من أن الغنیمة تصدق على ما استولى علیه المسلمون من اموال الکفار مطلقا، سواء کان منقولا او غیر منقول، ولایصح سلب الغنیمة عن الاراضى و الدّور والحوانیت و امثالها، وهو شاهد على أن قوله تعالى: (ما غنمتم) لیس ظاهراً فى الملکیة الشخصیة، بل ظاهر فى ما استولى علیه المسلمون سواء کان ملکاً للغانمین أو الامام أو المسلمین، و سواء کان منقولاً أو غیر منقول.

وامّا ما ذکره من أن الحکم الوضعى مستبطن للحکم التکلیفى، وهو وجوب الدفع والاداء الخ، ففیه أنه لا مانع من ان یکون الخطاب، متوّجها الى المقاتلین او المسلمین، وکان المباشر فى مقام الإمتثال، هو رئیسهم، و ولى امرهم، وهو النبى او الامام علیهما السلام والنصوص الدالة على ذلک کثیرة:
منها صحیحة ربعى عن ابی عبد الله(علیه السلام)، قال کان رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم)اذا اتاه المغنم اخذ صفوه، وکان ذلک له، ثم یقسّم مابقى خمسة اخماس، ویأخذ خمسه، ثم یقسّم أربعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 17 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أخماس بین الناس الذین قاتلوا علیه، ثم قسّم الخمس الّذى أخذه، خمسة اخماس، یأخذ خمس الله عزّوجل لنفسه، ثم یقسّم الأربعة اخماس بین ذوى القربى والیتامى والمساکین وابناء السّبیل، یعطى کل واحد منهم حقاً، وکذا الإمام أخذ کما أخذ الرّسول(صلى الله علیه وآله وسلم)(20).
ومنها ما رواه السید المرتضى فى (رسالة المحکم والمتشابه) عن على(علیه السلام)(21) قال: الخمس یجرى (یخرج) من أربعة وجوه من الغنائم التى یصیبها المسلمون من المشرکین، ومن المعادن ومن الکنوز ومن الغوص ویجرى هذا الخمس على ستة اجزاء فیأخذ الامام منها سهم الله وسهم الرسول و سهم ذى القربى، ثم یقسّم الثلاثة السهام الباقیة بین یتامى آل محمد و مساکینهم وابناء سبیلهم.
ومنها صحیحة أحمد بن محمد بن أبی نصر عن الرضا(علیه السلام)، قال: سئل عن قول الله عزّوجلّ: (واعلموا أنما غنمتم من شىء فأن لله خمسه و للرّسول ولذى القربى) فقیل له: فما کان لله فلمن هو؟ فقال: لرسول الله (ص) و ماکان لرسول الله فهو للامام، فقیل له: أفرأیت ان کان صنف من الأصناف اکثر و صنف أقل ، ما یصنع به؟ قال: ذاک الى الامام، أرأیت رسول الله کیف یصنع ألیس انما کان یعطى على ما یرى کذلک الامام(21)
ویؤیّد ذلک نصوص الاراضى الخراجیة، فانّها ملک لعامة المسلمین، ولکن قبالتها بید الامام(علیه السلام) فتخمیسها مثل تقبیلها بیده(علیه السلام)ولا محذور فیه اصلا، لا حظ صحیحة البزنطى عن الرضا(علیه السلام) (الى ان قال): وما أخذبالسّیف فذلک الى الإمام(علیه السلام)،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 18 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

یقبّله بالذى یرى الخ(22)
فالمستفاد من النصوص، أن تخمیس الغنیمة وتقبیلها، بید الامام، ولا محذور فیه أصلا.
السابع أن ارتکازیة عدم جعل الضرائب عرفاً وعادةً، خصوصاً مثل الخمس والزکاة الّتى هى تکالیف مالیة عبادیة، على الأموال العامة التى حالها او مصارفها نفس مصرف تلک الضربیة، یمکن أن یشکل قرینة لبیة مانعة عن إنعقاد الاطلاق فى الآیة للأرض الخراجیة.
الجواب عن ذلک، اولا، أن مصارف الخمس والزکاة تغایر مصارف الاراضى الخراجیة، فان الفقر معتبر فى مستحقى الخمس والزکاة غالباً، ولا یعتبر فى المسلمین الّذین هم المصرف للأراضى الخراجیة، فلا یکون هناک ارتکاز مانع عن الاطلاق، کیف: والشیخ فى الخلاف (المسالة 18) قال: (ما لا ینقل ولایحوّل من الدور والعقارات والارضین، عندنا ان فیه الخمس، فیکون لأهله) وأنت ترى أن کلامه (قدس سره) ظاهر فى دعوى الاجماع على ذلک.
وعن المحقق(قدس سره) فى جهاد الشرایع: (وامّا ما لا ینقل، فهو للمسلمین قاطبة وفیه الخمس، والامام مخیّر بین افراز خمسه لأربابه وبین ابقائه واخراج الخمس من ارتفاعه). وقد تقدم ان المشهور بین الاصحاب، هو وجوب الخمس فى غنائم غیر منقولة فلو کان المرتکز عدم الخمس فى الأموال العمومیة، کیف اشتهر وجوبه فیها حتى أنّ صاحب الجواهر قال: (بل هو ظاهر الاصحاب، بل کأنه من المسلمات عندهم).
وثانیاً، ان المستحق یملک الزکاة ونصف الخمس او تمامه على قول، وله ان یبیع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 19 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حتى من الکفار، ولایجوز ذلک فى الأراضى الخراجیة، فکیف یحکم بوحدة المصرف.
الثامن ما عن السید البروجردى(قدس سره) من ان الخطاب فى الآیة ینصرف الى المقاتلین فلا بدّ أن تکون الغنیمة التى فیها الخمس، راجعة الیهم بما هم مقاتلون، لا ما لا یکون عائدا الیهم، او یکون عائدا الیهم بما هم مسلمون، والاراضى الخراجیة لا تکون عائدة الیهم کذلک.
الجواب ان الخطاب متوجّه الى المسلمین، کما فى رسالة المحکم والمتشابه للسید المرتضى عن على(علیه السلام): وتقدّمت(23) فان الغنیمة عائدة الى المسلمین حیث ان صفایا ها عائدة الى امامهم، والخمس عائد الى أربابه والمنقولات بعد التخمیس عائدة الى المقاتلین، والأراضى والدور والعقار ونحوها عائدة الى عامة المسلمین، فعلیه لا وجه لدعوى الإنصراف واخراج ثلاث طوائف من المسلمین من الخطاب مع أنّ الغنیمة تعود الیهم على سبیل منع الخلو ولا سیما أنه تعالى اکّد الاطلاق بقوله: من شىء، فانه مانع عن الانصراف عند العرف فعلیه یکون المراد من الغنیمة ما استولى علیه المسلمون بلا فرق بین المنقول وغیره او مطلق الفائدة على ما فسّرت فى صحیحة على بن مهزیار المتقدمة(24) المؤیّدة بما رواه حکیم مؤذن، هذا کلّه فى الاستدلال بالآیة.
وأمّا السّنة فهى روایات کثیرة: منها صحیحة عبدالله بن سنان عن ابی عبدالله(علیه السلام)، (لیس الخمس الاّ فى الغنائم خاصة)(25)
ومنها صحیحة عماربن مروان، قال: سمعت أبا عبدالله(علیه السلام) یقول: فیما یخرج من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 20 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المعادن والبحر والغنیمة والحلال المختلط بالحرام اذا لم یعرف صاحبه والکنوز الخمس(26)
والغنائم فى الصحیحة الاولى، جمع محلّى باللام وهو یفید العموم فتشمل الغنائم المنقولة وغیرها کالاراضى، والدور، والحوانیت والمصانع والأشجار وغیرها، هذا ان قلنا: ان المراد بالغنائم هى غنائم دار الحرب، وامّا ان قلنا: ان المراد بها مطلق الفوائد ـ کما فسّرت بها فى صحیحة على بن مهزیار المتقدمة ـ فایضاً یتم الاستدلال، فان الاراضى المفتوحة عنوة داخلة فى الفوائد، بل عرفت ان نفس تلک الصحیحة تدل على ثبوت الخمس فیما یؤخذ من عدو یصطلم، سواء کان منقولا أو غیر منقول.
وأمّا الغنیمة الواقعة فى الصّحیحة الثانیة، فهى تشملها بالاطلاق، فالاستدلال بها ایضاً لابأس به، واما غیرها من النصوص المشتملة على الغنیمة فلا یتم الاستدلال بها، لأنها اما مشتملة على التقسیم، فتکون مختصة بالغنائم المنقولة کصحیحة ربعى وامثالها، واما ضعیفة السند کروایة ابی بصیر وما شاکلها، نعم هى مؤیّدة للقول المشهور،عن ابی جعفر(علیهما السلام)قال: کل شىء قوتل علیه على شهادة أن لا إله الاّالله وأنّ محمداً رّسول الله فان لنا خمسه ولایحلّ لأحد أن یشترى من الخمس شیئاً حتى یصل الینا حقنا(27)
فان کلمة کل، من آداة العموم، فتشمل المنقول وغیره، وحیث أنّ فى سندها على بن ابی حمزة وهو لم یوثق، لایعتمد علیها.
قد یقال: إن ذیلها قرینة على ان المراد من قوله: (کل شى قوتل علیه الحدیث) هو المنقول، لان الاراضى الخراجیة لایحل شرائها، وان دفع خمسها، والمستفاد من الذیل أنّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 21 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ما تعلق به الخمس إن وصل الیهم خمسه، یحل شرائه، والحاصل أن مفهوم الذیل قرینة على ان المراد من عموم الصّدر هو المنقول.
وفیه أن عموم الصّدر شامل للمنقول وغیره بالعموم الوضعى، ومفهوم الذّیل شامل لهما بالاطلاق، وما دل على أن الأراضى الخراجیة، لایصح بیعها وشرائها یقید اطلاق مفهوم الذیل، فیختص بغیر الاراضى الخراجیة، وهذا لتقیید لایوجب تخصیص عموم الصدر بغیر الاراضى بوجه.
ثم انه قریب مما ذکرنا، ما أفاده الشّهید الصّدر(قدس سره) من ان الغایة لیس لها مفهوم، وانما مفهومها انتفاء شخص الحکم المغیّى، وهو فى المقام الحرمة من ناحیة الخمس، لا مطلقا، فلا دلالة لذیل الروایة على ارادة خصوص المنقول، بل یعمّ غیر المنقول ایضاً، ویدلّ على ارتفاع شخص تلک الحرمة فیه بدفع حقهم وخمسهم، وهو لا ینافى حرمة الشراء، من ناحیة اخرى وهو کون الباقى للمسلمین.
وقد یجاب عن ذلک بأن ظاهر الذیل النظر الى ما کان فى معرض البیع والشراء مما بایدى المخالفین الما نعین للخمس، ومن الواضح ان ما کان کذلک، انما هو الغنائم المنقولة، لا الأراضى الخراجیة، فانها لم تکن فى معرض البیع والشراء، ولا یحتمل ان یکون نظر الامام (ع) الى تصحیح بیعها وشرائها بدفع الخمس، فالذیل لا اشکال فى اختصاصه بالمنقول.
ویردّه ان هذا الاستظهار لا منشأله اصلا، فان الذیل عام لکل من الشیعة والسنة وکل من تعلق الخمس بما له، وذکر الشراء لیس الا من باب المثال، والاّفکما أن شرائه حرام، بیعه واکله وهبته وکل التقلبات فیه حرام، فعلیه یکون الذیل ناظراً الى عدم جواز التصرف فیما تعلّق به الخمس، قبل ادائه، فاذا ادّاه یحلّ التصرف فیه من هذه الجهة، وهو لاینافى حرمة خصوص بیع الاراضى الخراجیة بدلیل آخر، فعلیه لا تصح المناقشة فى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 22 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دلالة هذه الروایة، والمناقشة انما هى فى سندها کما تقدم.
الوجه الثالث مما استدل به على القول المشهور الاجماع، وقد استند فیه الى ما عن المدراک من أن اجماع المسلمین علیه، والى ما عن الشیخ(قدس سره)فى الخلاف قال: (ما لا ینقل ولایحوّل من الدور والعقارات والأرضین، عندنا أن فیه الخمس (الى ان قال) : دلیلنا اجماع الفرقة واخبارهم)
ویردّه أولا أن الإجماع المحصّل غیر حاصل، والمنقول لیس بحجة
وثانیاً: انه معلوم المدرک، فانه هى الآیة والروایات الدالة على خمس الغنیمة، فلا اجماع تعبّدى فى المقام. نعم نقل الاجماع مؤید للقول المشهور.
وقد یقال: إن الشیخ لم یدّع الإجماع على ثبوت الخمس فى الأراضى الخراجیة بل نظر الشیخ، دعوى الاجماع على حکم اصل الاراضى الخراجیة، لا مسألة ثبوت الخمس فیها.
ویردّه انه ناشىءٌ من عدم التعمق فى عبارة الشیخ(قدس سره) فان کلمة عندنا الواقعة فیها ظاهرة فى دعوى الاجماع، وهى قرینة على ان مراده من قوله: (دلیلنا اجماع الفرقة واخبارهم) هو الاجماع على الخمس فى مطلق الغنیمة الشامل للاراضى الخراجیة، وان الاخبار تدل علیه، وعلى أن الأراضى بعد الخمس، لا تنقسم بین الغانمین بل هى لعامة المسلمین، وأنّ الغنائم المنقولة تنقسم بینهم.
وقد اتضح الى هنا ان الغنائم فیها الخمس مطلقا، بلا فرق بین المنقول وغیره کما هو المشهور بین الاصحاب.
استدلّ المخالفون للمشهور ـ منهم صاحب الحدائق(قدس سره) القائلون باختصاص وجوب الخمس، بالغنائم المنقولة، بوجوه:
الأول ان الرّوایات الخاصة المشتملة على التخمیس مشتملة على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 23 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التقسیم، وحیث ان التقسیم مختص بالغنائم المنقولة، ولا یعّم الأراضى وما شاکلها فالتخمیس کذالک.
منها صحیحة ربعى المتقدمة عن ابی عبدالله(علیه السلام) قال: (کان رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم)اذا تاه المغنم اخذ صفوه وکان ذلک له، ثم یقسّم ما بقى خمسة اخماس(28)
ومنها مرسلة حمادبن عیسى عن بعض أصحابنا عن العبد الصّالح(علیه السلام) قال: (الخمس من خمسة اشیاء من الغنائم، والغوص، ومن الکنوز، ومن المعادن، والملاحة، یؤخذ من کل هذه الصنوف الخمس، فیجعل لمن جعله الله له، ویقسّم الاربعة الاخماس بین من قاتل علیه و ولى ذلک، قال: وللامام صفو المال، ان یأخذ الجاریة الفارهة والدابة الفارهة والثواب والمتاع، مما یحّب او یشتهى، فذلک له قبل قسمة المال وقبل اخراج الخمس، ولیس لمن قاتل شىءٌ من الارضین) الحدیث(29)
تقریب الا ستدلال بها انه من الواضح، ان مثل هذا السیاق یکون واضح الدلالة والظهور فى خروج الارضین المفتوحة عنوة عما ذکره اوّلا بعنوان الغنائم التى یخرج خمسها، ویقسّم ما بقى منها بین المقاتلین.
والجواب عن ذلک أنه مع غض البصر عن ارسالها تکون دلیلا للقول المشهور فان الغنائم جمع محلّى باللام یشمل المنقول وغیره، والتقسیم حیث کان مختصا بالمنقول استثنى الأرضین منه، فلو کان الخمس ایضاً مختصاً بالمنقول لاستثنى الارضین منه ویقول لیس فى الارضین الخمس، وبعبارة اخرى المرسلة مشتملة على التخمیس والتقسیم وحیث کان التقسیم مختصاً بالمنقول اخرج الارضین ونبّه على ذلک فلو کان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 24 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

التخمیس ایضاً مختصاً به لنبه علیه ایضاً فاستثناء الارضین من التقسیم دون التخمیس اقوى شاهد على شمول التخمیس لها.
ومنها صحیحة عبدالله بن سنان عن ابی عبدالله(علیه السلام) فى الغنیمة (قال(علیه السلام): یخرج منه الخمس، ویقسّم ما بقى بین من قاتل علیه و ولى ذلک)(30) وحیث انّ التقسیم مختص بالمنقول فالتخمیس کذلک.
ونحوها صحیحة هشام بن سالم عن ابی عبدالله(علیه السلام)(31)
الجواب ان صحیحة ربعى وهاتین الصّحیحتین مشتملة على التقسیم فهى قرینة على ان مواردها الغنائم المنقولة، ولا سیما صحیحة ربعى حیث اشتملت على کلمة (اتاه المغنم) وهى کالصریح فى المنقول، فاثبات الخمس فى المنقولات لا ینفیه عن غیرها ولا سیما أن إطلاق (ماغنمتم من شیىء) فى الآیة، وعموم الغنائم الواردة فى النصوص لا یبقى المجال لانعقاد الاطلاق المقامى لهذه الصحاح.
ان قلت لو کان تخمیس الأراضى المغنومة واجبا لصرّح به فى هذه الصحاح وغیرهالکثرة الابتلاء بها، فمن عدمه نستکشف عدم الوجوب.
قلت اطلاق الآیة وعموم النصوص شامل لمطلق الغنائم سواء کانت منقولة او غیر منقولة، فلو لم یکن الخمس فى الثانیة واجبا لنفاه عنها صریحا، فمن عدم النفى الصریح نستکشف أن الاطلاق فى الآیة والعموم فى النصوص باق بحاله.
ومما ذکرنا ظهر الجواب عن صحیحه معاویة بن وهب، قال: قلت لابی عبدالله(علیه السلام): السریة یبعثها الامام (علیه السلام) فیصیبون غنائم کیف یقسم؟ قال(ع): ان قاتلوا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 25 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

علیها مع امیر امرّه الامام(ع)، اخرج منها الخمس لله وللرسول،وقسّم بینهم اربعة اخماس، وان لم یکونوا قاتلوا علیها المشرکین، کان کل ما غنموا للامام (ع) یجعله حیث أحبّ(32)
توضیح الجواب أن السئوال مشتمل على التقسیم وهو قرینة على ان مورده هى الغنائم المنقولة، والجواب ناظر الیها فلا تکون الصحیحة دلیلا على نفى الخمس عن غیر المنقولة منها.
الثانى ان الروایات الواردة لبیان احکام الاراضى الخراجیة، لم یتعرض فى شىء منها لوجوب الخمس، ومن الطبیعى ان سکوتها عنه مع کونها فى مقام البیان دلیل على عدم الوجوب.
الجواب ان تلک الروایات على طائفتین احدیهما ناطقة بان الاراضى الخراجیة ملک للمسلمین، وقد تقدم انه یقع التعارض بینها وبین الآیة المبارکة الدالة على الخمس فى مطلق الغنیمة بالعموم من وجه، وبما انها مخالفة للکتاب تسقط عن الحجیة فتبقى الآیة والنصوص الدالة على الخمس فى مطلق الغنیمة بلا معارض.
الطائفة الثانیة ماتکون ناظرة الى نتاجها لا رقبتها فتبیّن ان فیها العشر ونصف العشر ولا تکون فى مقام بیان حکم رقبتها، فاذاً لا تکون سکوتها عن بیان وجوب الخمس فى رقبتها دلیلا على عدم وجوبه.
الثالث ان آیة الغنیمة قد فسرت بصحیحة على بن مهزیار قال(ع) (فالغنائم والفوائد یرحمک الله فهى الغنیمة یغنمها المرء، والفائدة یفیدها، والجائزة من الإنسان للانسان الّتى لها خطر، والمیراث الّذى لا یحتسب من غیر أب ولا إبن، ومثل عدوّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 26 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

یصطلم، فیؤخذ ماله الحدیث)(33)
فتکون الغنیمة بمقتضى هذا لتفسیر هى الفائدة الشخصیة یفیدها المرء، والنصوص دالّة على أنّ الارض المفتوحة عنوة ملک لعامة المسلمین فلا تکون فائدة شخصیة فلا یصدق علیها عنوان الغنیمة بالمعنى المفسر فى الصّحیحة فلا یجب فیها الخمس.
الجواب عن ذلک ان التفسیر ناظر الى ان الغنیمة بمعنى مطلق الفائدة لا الفائدة الشخصیة، فیمکن ان تکون الفائدة عائدة الیه ویمکن أن تکون عائدة الى غیره والشّاهد على ذلک هى الامثلة التى ذکرها للغنیمة والفائدة ومنها مال یؤخذ من عدو یصطلم سواء کان منقولا أو غیره، فیشمل الأرض المفتوحة عنوة المأخوذة من المشرکین فعلیه تکون الصّحیحة دلیلا للقول المشهور.
وتؤکدها روایة أبی بصیر عن أبی جعفر(علیهما السلام) قال: کل شىء قوتل علیه على شهادة أن لا إله إلاّالله، وأنّ محمداً رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) فان لنا خمسه، ولا یحلّ لأحد أن
یشترى من الخمس شیئاً حتى یصل الینا حقنا(34)
فانها تدلّ على الخمس فى کل ما قوتل علیه، ارضا کان او غیرها.
ومما دلّ على أن الغنیمة بمعنى مطلق الفائدة روایة حکیم مؤذن عن ابی عبدالله(علیه السلام) (قال: قلت له: (واعلموا انما غنمتم من شىء فأن لله خمسه، وللرسول،) قال: هى والله ألإفادة یوماً بیوم، إلاّ أن أبى جعل شیعتنا من ذلک فى حلّ، لیزکّوا(35) وهى من أوضح ما دلّ على أن الغنیمة بمعنى الفائدة المطلقة، و ضمیر هى، راجعة الى الغنیمة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 27 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المستفادة من قوله تعالى: غنمتم، کما فى قوله تعالى: اعدلوا هو اقرب للتقوى، فان ضمیر هو یرجع الى العدل المستفاد من اعدلوا.
ولکن سندها ضعیف لا جل محمد بن سنان وحکیم، فتکون الروایة مؤیدة للتفسیر الوارد فى صحیحة ابن مهزیار.
(2) وذلک لأن السلطة على الغنیمة، وان تحقّقت قبل وصولها بید الإمام، الاّ أن الغنیمة بالحمل الشایع، لا تتحقّق، الاّ بالوصول بید الامام (ع) فما دل على أن الخمس بعد المؤونة، یشمل المقام، فلابد أن یکون اخراج الخمس، بعد کسر المؤون.
على أن اخراج المؤون من الجمیع، هو مقتضى قاعدة العدل والانصاف فان المال المشترک، اذا احتاج الى المؤون، کانت على جمیع المال والشرکاء، حیث أن تحمیلها على بعض الشرکاء مخالف للعدل.
ومما ذکرنا یظهر ضعف ما عن الخلاف والشهیدین وغیرهم، من أن مقتضى اطلاق الآیة، اخراج الخمس من الجمیع، ثم اخراج المؤون من البقیة.
وجه الضعف، أنّ الإطلاق، لا نظر له الى هذه الجهة، کى یعّول علیه، نعم قد یستشکل على ما ذکرنا من قاعدة العدل، بأنه مبنى على تعلّق الخمس بالعین على نحو الاشاعة، او الکلى فى المعین، واما اذا کان تعلّقه بالعین على نحو تعلّق الحق بها، فالمؤونة على العین، لاعلى الحق.
والجواب عن ذلک، أن الصّحیح هو ما ذکرناه، وان قلنا: إن تعلق الخمس بالعین من قبیل تعلّق الحق بها، فان العین موضوع للحق فیکون مؤونتها مؤونته، و حفظها حفظه، وهو یؤول الى العین جزماً، ولکن التحقیق على ما سوف یجىء ـ أن الخمس کسر مشاع، فى مالیة العین، فتکون مؤونتها مؤونته بلا اشکال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 28 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقد یقال: ان تعلق الخمس بالعین ان کان بنحو المشاع، فالمؤونة على الجمیع، وأما ان کان بنحو الکلى فى المعیّن، أو بنحو تعلق الحق بالعین، کان المال بأجمعه ملکاً للغانمین، فعلیهم حفظها، کما فى العین المرهونة والعبد الجانى، فعلیه، کان الحکم باخراج المؤونة من الجمیع مشکلا.
والجواب: أوّلا أن الغنیمة قبل تصّرف الإمام(ع) باخراج الخمس وأخذ الصفایا والبذل للمصالح، والتقسیم بین الغانمین، لا تکون ملکا لهم، والاّ لزم ان یکون اخذ الصفایا وقطع الملوک، والبذل للمصالح، اخراجاً لها من ملک الغانمین، وهو خلاف ظاهر الاخبار، وان صحّ له ذلک من جهة الولایة على الانفس والاموال، فعلیه لا وجه لاختصاص المؤونة بالغانمین على أن مؤونة الغنیمة من المصالح، فللامام ان یجعل سهماً من الغنیمة لها.
وثانیاً ان ظاهر الأخبار عدم ملکیة الغانمین قبل القسمة وانها تحصل لهم بها: منها صحیحة ابن اذینة وابن سنان عن ابی عبدالله(علیه السلام)(36) (الى ان قال): وان حضرت القسمة فله ان یسدّ کل نائبة تنوبه قبل القسمة، وان بقى بعد ذلک شیىءٌ یقسّمه بینهم، وان لم یبق لهم فلا شىء علیه.
منها صحیحة زرارة، قال: الامام(ع) یجرى وینفل ویعطى ما یشاء قبل ان تقع السهام وقد قاتل رسول الله (ص) بقوم، لم یجعل لهم فى الفىء نصیبًا، وان شاء قسّم ذلک بینهم،(37) وهى ظاهرة فى أن جعله(ص) لهم نصیبا موجب لملکیتم.
ومنها مرسلة حماد عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح(علیه السلام): وسیأتى مورد الحاجة منها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 29 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فعلیه کیف تختصّ المؤونة بالغانمین، مع أنه قد لایبقى لهم بعد سد النوائب، شیىءٌ، او لا یجعل ولى الامر لهم شیئًا من الفىء.
(3) کما تدل على ذلک عدة من النصوص منها صحیحة زرارة المتقدمة ومرسلة حماد الطویلة عن العبد الصالح(علیه السلام)(فى حدیث) قال: وللامام صفو المال، ان یأخذ من هذه الاموال، صفوها الجاریة الفارهة والدابة الفارهة، والثوب، والمتاع مما یحب او یشتهى فذلک له قبل القسمة وقبل اخراج الخمس، وله ان یسدّ بذلک المال جمیع ما ینوبه من مثل اعطاء المؤلّفة قلوبهم، وغیر ذلک مما ینوبه، فان بقى بعد ذلک شیىءٌ، اخرج الخمس منه، فقسّمه فى أهله، وقسم الباقى على من ولى ذلک، وان لم یبق بعد سدّ النّوائب شیىءٌ فلا شىء لهم الحدیث(38).
ومنها صحیحة داود بن فرقد قال: قال ابو عبدالله(علیه السلام): قطایع الملوک کلها للامام، ولیس للناس فیها شیىءٌ(38).
ومنها موثقة أبی بصیر (بناء على وثاقة احمد بن هلال حیث قال النجاشى: انه صالح الروایة) عن ابی عبدالله(علیه السلام)، قال سألته عن صفو المال؟ قال: الإمام یأخذ الجاریة الرّوقة، والمرکب الفاره، والسیف القاطع والدرع، قبل أن تقسم الغنیمة، فهذا صفو المال(38).
ومنها موثقة سماعة، قال: سألته عن الانفال، فقال: کل ارض خربة او شىء یکون للملوک، فهو خالص للامام، ولیس للناس فیها سهم، قال: ومنها البحرین لم یوجف علیها بخیل، ولا رکاب(38).
ومنها صحیحة ابی صباح الکنانى، قال: قال أبو عبدالله(علیه السلام): نحن قوم فرض الله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 30 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

طاعتنا، لنا الانفال، ولنا صفو المال(39)
(4) هذا هو المشهور بین الأصحاب، بل ادعى علیه الاجماع، واستدل علیه بوجوه: الأول الاجماع، والظاهر تحقّقه فى المقام، ولکنّه محتمل المدرک.
الثانى مرسلة العباس الورّاق عن رجل سماه، عن أبی عبدالله(علیه السلام)قال: اذا غزى قوم، بغیر اذن الإمام(ع)، فغنموا، کانت الغنیمة کلهاللامام، واذا غزوا بامر الامام، فغنموا، کان للامام، الخمس(40)
وهذه الروایة، وان کانت مرسلة، والحسن بن احمد بن یسار (بشار) مجهول، ولکنها، حیث تطابق التسالم بین الاصحاب، یوثق بصدورها، فلابأس بالعمل بها;
وقد ظهر مما ذکرنا، عدم المجال للمناقشة فیها ـ تارة بأن الشهرة الفتوائیة، لا توجب الإنجبار، لعدم ثبوت الاستناد بها ـ وأخرى، بعدم انجبار الرّوایة الضعیفة بالشهرة; وذلک، لأن الأصحاب، استند وابها، فى کتبهم، وأفتوا بمضمونها.
الثالث، صحیحة معاویة بن وهب المتقدمة(40)، تقریب الاستدلال، ان جواب الامام(علیه السلام) بقوله: إن قاتلوا علیها مع أمیر أمّره الامام، علیهم، اخرج منها الخمس، بیان لاعتبار الاذن فى القتال، وتقسیم الغنیمة، فان القتال بأمر الامیر هو قتال بالاذن; ومفهومه أحد الأمرین:
1 ـ عدم القتال اصلا، کما اذا هرب المشرکون، وترکوا قریتهم، رُعباً من السّریة، فالاغتنام داخل فى قوله تعالى: (وما افاء الله على رسوله منهم، فما او جفتم علیه من خیل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة31 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولارکاب)(41) والمظنون قویاً ان هذا هوالمراد من قوله(ع): (وان لم یکونوا قاتلوا علیها المشرکین)
2 ـ القتال معهم بلا اذن بأن یخالف السریة أمیر هم وقاتلوا المشرکین بلا اذن منه وهذا الاحتمال ضعیف، خارجا لانّ السریة اذا کان لها الأمیر یکون قتالهم وعدمه بامره عادة فاذا کان بامره یکون باذن الامام(ع)
فالاستدلال بها على ما ذهب الیه المشهور تام.
ثم انه ربما یقع التعارض بین هذه الصحیحة و صحیحة الحلبى عن ابی عبدالله(علیه السلام) فى الرجل من أصحابنا یکون فى لو ائهم، ویکون معهم، فیصیب غنیمة؟ قال (ع): یؤدى خمساً ویطیب له(42).
فانّ الغنیمة المأخوذة، لم تکن باذن الإمام (ع) ومع ذلک، قال (ع)یؤدّى خمساً ویطیب له.، وقال فى الجواهر: (أو هو کالمأ ذون فیه للغانمین عداالخمس کما عن المنتهى قوته، بل فى المدارک: أنه جیّد، بل یشهد له حسنة الحلبى)
وفیه أنه، لا ظهور فى صحیحة الحلبى فى التحلیل والإذن، والاّ لحلّل الجمیع واذن فیه کما ورد التحلیل، فى غیر واحد من الموارد، لیطیب منکحهم وولادتهم. ومع ذلک ما ذکره احد المحتملات.
بل یمکن أن یقال: إن جهاد سلاطین الجور، وغزواتهم، کان ممضًى للائمة(ع): فعلیه کان الخمس، متعلقاً بغنائمهم، وحیث انهم کانوا معتقدین للخمس فى الغنیمة، وفى مقام العمل، لا یخمّسونها، أمر الإمام(علیه السلام) باخراج الخمس المتعلّق بها، فاذن، لاتقع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 32 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المعارضة، بین الصّحیحتین.
کما انه یحتمل أن غزواتهم لم تکن ممضاة عندهم(علیهم السلام)، ومع ذلک أمر(ع) بالتخمیس تقیة، فعلیه ایضاً ترتفع المعارضة.
وبالجملة المحتملات ثلاثة: احدها ما فى الجواهر من الاذن فى التصرف فیها بغیر مقدار الخمس; الثانى ان تکون غزواتهم ممضاة عندهم(علیهم السلام); الثالث ان یکون الجواب بالتخمیس للتقیة; والاّ کان جمیعها للامام(علیه السلام) لان الغزو کان بلا اذن منهم(ع).
فالمعا رضة ترتفع على کل واحد من الاحتمالات الثلاثة.
ثم إنّ جماعة من الأصحاب: کالمحقق فى النافع والعلامة فى المنتهى (على ما فى کتاب الخمس والأنفال) والسید فى المدارک، حکى عنهم الاستشکال فى التفصیل بین الإذن وعدمه وقوّوا المساواة بینهما، حیث ذهبوا الى تخمیس الغنیمة مطلقاً، وان کان القتال بلا اذن من الامام (ع) وذلک، لعموم قوله تعالى: واعلموا انما غنمتم من شىء وقوله تعالى: فکلوا مما غنمتم ولخصوص صحیحة الحلبى المتقدمة وصحیحة على بن مهزیار الطویلة، حیث قال فیهما فى عداد ما فیه الخمس: (ومثل عدو یصطلم فیؤخذ ماله)(43) فان المال المأخوذ من العدو بالقتال بعد الاصطلام یجب فیه الخمس بلا فرق بین ان یکون القتال معه مع الاذن من الامام او بلا اذن منه.
والجواب عن ذلک أن مرسلة الوراق المنجبرة بعمل الاصحاب المقرونة بدعوى الاجماع، ومفهوم صحیحة معاویة بن وهب تقیّد الاطلاقات، وامّا صحیحة الحلبى فقد تقدم الجواب عنها آنفاً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 33 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(5) الوجه فى ذلک، أن الإجماع بالتفصیل بین الإذن وعدمه، دلیل لبىّ یؤخذ منه بالقدر المتقین، وهو زمن الحضور، وصحیح معاویة بن وهب ایضاً مختص بزمن الحضور، لأن بعث السریة من الامام (ع) وذیلها وهو قوله(ع): یجعلها حیث أحبّ شاهد على ذلک.
وأمّا مرسلة الوراق، فأیضاً لا یبعد ظهورها فى زمن الحضور، فان الاذن و عدمه یتصوران، للحاضر، ولا أقل من عدم ظهورها فى شمول زمن الغیبة، فاذن لا مانع من التمسک باصالة الاطلاق، فى آیة الغنیمة بالنسبة الى زمان الغیبة، والالتزام بلزوم اخراج الخمس من الغنیمة ولکنّ الذى یشکل الأمر فى ذلک هى مشروعیة الجهاد فى زمن الغیبة، فان لنا کلاماً فیها سوف یأتى; نعم اذا هاجم الکفار على المسلمین وقاتلوهم للدّفاع فغلبوا علیهم وأخذوا منهم الغنائم لابد من تخمیسها لاطلاق الآیة المبارکة.
بقى شىء وهو أن بعض المعاصرین قال فى کتاب خمسه: (ولکنّ الظاهر أن لفظ الامام، فى باب الجهاد، یشمل للحاکم الاسلامى فى عصر الغیبة ایضاً، فیمکن الإستیذان منه، هذا مضافاً الى ان حمل روایة الورّاق وکلام الأصحاب، على خصوص صورة إمکان الاستیذان، بلا وجه، واطلاق الخاص محکّم على إطلاق العام).
ویردّه أن التتبع فى موارد استعمال لفظ الامام، یعطى اختصاصه بإمام الاصل فانّه یقوم مقام الرّسول (ص) فى الفىء والأنفال وهو الوراث لمن لاوراث له وهو الذّى یقول، الخمس لنا ویأخذه، ویأخذ صفایاء الغنیمة، وقطائع الملوک وهو الّذى یحلّل الخمس للشیعة فى بعض الموارد وهکذا.
على أن الأصحاب متّفقون ظاهراً على ان الفقیه الجامع للشرائط، لیس له الاذن فى الجهاد فى زمن الغیبة، قال فى الجواهر: (فلا خلاف بیننا، بل الاجماع بقسیمه علیه، فى أنّه انما یجب على الوجه المزبور، بشرط وجود الإمام(علیه السلام)وبسط یده، أو من نصبه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة34 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للجهاد)(44) فاذا ضممنا هذا الإجماع الى مرسلة الوراق تکون النتیجة، عدم مشروعیة الجهاد والغزاء، الاّ باذن الإمام المعصوم، فلوا قدموا على ذلک فى عصر الغیبة، کان حراماً.
ویؤیّد ذلک ما أفاده الإمام الخمینى(قدس سره) فى ختام کتاب الأمر بالمعروف والنهى عن المنکر من تحریر الوسیلة قال (مسألة 2 ـ فى عصر غیبة ولى الامر وسلطان العصر عجّل الله فرجه الشریف، یقوم نوابه العامة ـ وهم الفقهاء الجامعون لشرائط الفتواى والقضاء مقامه فى اجراء السیاسات وسائر ما للامام(علیه السلام)، الاّ البدءة بالجهاد.)
فانه(قدس سره) کان مرجعاً شجاعاً، انقلابیاً جامعاً للشرائط، قائلا بولایة العامة للفقیة، مبسوط الید، ومع ذلک لم یجّوز للفقیه، الأمر بالجهاد الابتدائى;
ویدلّ على ذلک النصوص الکثیرة التى نعلم بصدور بعضها من المعصوم(علیه السلام)
منها ما رواه بشیر الدهان عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: قلت له: انى رأیت فى المنام انى قلت لک: ان القتال مع غیر الامام المفترض طاعته، حرام: مثل المیتة والدّم ولحم الخنزیر، فقلت لى، نعم هو کذلک فقال ابو عبدالله(علیه السلام)هو کذلک هو کذلک(45).
ومنها ما رواه سدیر قال: قال ابو عبد الله(علیه السلام): یا سدیر الزم بیتک وکن حلساً من أحلاسه، واسکن ما سکن الّلیل والنهار، فاذا بلغک أن السفیانى قد خرج، فارحل الینا ولو على رجلک(46).
ومنها ما رواه ابو بصیر عن ابی عبدالله (علیه السلام) قال: کل رایة ترفع قبل قیام القائم "عجلّ الله فرجه" فصاحبها طاغوت یعبد من دون الله (عزوجل)(46).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 35 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومنها غیرها من الروایات الدالة على ان الجهاد انما هو مع امام الاصل اذا کان مبسوط الید.
وقد ظهر مما ذکرنا الجواب عما ذکره بعض المعاصرین الآخر فى کتاب خمسه قال (دامت برکاته): (بل من یتتّبع الرّوایات فى مثل هذه الابواب والاحکام الّتى ترتبط بالحکومة و الجماعة، یطمئن بأن عنوان الامام فیها، مستعمل فى معناه الشرعى العام، وأن إرادة أشخاص المعصومین، بعید عنها غایة البعد، بل التعبیر عن اشخاص المعصومین فى الروایات، کان تعبیراً کنائیاً ورمزیاً غالبا لا مثل هذه التعابیر)(47)
توضیح الجواب ان ما ذکره فى باب الجماعة، صحیح فان الامام یطلق على غیر المعصوم غالباً، وامّا فى الاحکام المرتبطة بالحکومة والأنفال، فالمراد من الامام هو الامام المعصوم، الاّ نادراً.
وتدلّ على ذلک روایات کثیرة جدّاً: منها صحیحة احمد بن محمد بن ابی نصر عن الرضا(علیه السلام) قال: سئل عن قول الله (عزّوجلّ): (واعلموا انما غنمتم من شىء فان لله خمسه وللرسول ولذى القربى) فقیل له: فما کان لله فلمن هو؟ فقال لرسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) وما کان لرسول الله فهو للامام فقیل له: افرأیت ان کان صنف من الأنصاف اکثر و صنف اقل وما یصنع به؟ قال: ذلک الى الامام أرأیت رسول الله کیف یصنع؟ الیس انما کان یعطى على ما یرى کذلک الامام.(48)
ومنها مارواه السید المرتضى عن على(علیه السلام) قال: الخمس یجرى (یخرج) من أربعة وجوه: من الغنائم التى یصیبها المسلمون من المشرکین، ومن المعادن، ومن الکنوز ومن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 36 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الغوص، ویجرى هذا الخمس على ستة اجزاء فیأخذ الامام منها سهم الله وسهم الرسول وسهم ذى القربى الحدیث)(49)
ومنها ما رواه محمد بن مسلم قال: سمعت اباعبدالله(علیه السلام)یقول: وسئل عن الأنفال؟ فقال: کل قریة یهلک أهلها، اویجلون عنها فهى نفل لله (عزّوجلّ) نصفها یقسم بین الناس، ونصفها لرسول (صلى الله علیه وآله وسلم) فما کان لرسول الله فهو للامام(50)
ومنها موثقة سماعة بن مهران قال: سألته عن الأنفال، فقال: کل ارض خربة او شىء یکون للملوک فهو خالص للامام(50).
ومنها صحیحة محمد بن مسلم عن ابی جعفر(علیه السلام)(51) ومنها موثقة ابی بصیر عن ابی عبدالله(علیه السلام)(51) ومنها مرسلة عباس الوراق عن ابى عبدالله (علیه السلام)(51).
ومنها صحیحة حفص بن البخترى عن ابی عبدالله(علیه السلام)(51)وهى تدل على أنّ المراد من الإمام هو الإمام المعصوم(علیه السلام) ومنها مارواه السید المرتضى(51) ومنها موثقة اسحاق بن عمار عن ابی عبدالله (ع)(51) ومنها ما رواه الشیخ المفید(قدس سره) عن الصادق(ع)(51) وهى تشهد على ان المراد من الامام هو المعصوم(علیه السلام) ومنها صحیحة أبی الصباح الکنانى قال: قال ابو عبدالله(علیه السلام): نحن قوم فرض الله طاعتنا لنا الأنفال ولنا صفوالمال(52) وهذه الصحیحة اقوى شاهد على ان المراد من الامام الذى له الانفال وصفوالمال وقطائع الملوک فى النصوص هو الامام المعصوم، لا مطلق حاکم اسلامى ومنها مارواه أبو على بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 37 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

راشد عن أبی الحسن الثالث(53) وهو ایضا شاهد على ان المراد من الامام المذکور فى النصوص هو الامام المعصوم.
ومنها معتبرة الحارث بن المغیرة النصرى عن ابی جعفر(علیهما السلام)(54) وهى ایضاً شاهدة على ان الامام الذى له الانفال وصفوالمال لیس إلاّ الإمام المعصوم حیث صرّح فیها ابو جعفر(علیه السلام) لنا الانفال ولنا صفوالمال.
(6) وجه التخصیص التنصیص بالخمس فى روایة ابی بصیر عن ابی جعفر علیهماالسلام قال: کل شئ قوتل علیه على شهادة أن لاّإله إلا الله، وأن محمداً رّسول الله فان لنا خمسه، ولا یحلّ لأحد أن یشترى من الخمس شیئاً حتى یصل الینا حقنا(55).
ولکن عرفت عدم مشروعیة الجهاد والغزوالابتدائى فى زمن الغبیة، فاذن کان کل ماغنموا للامام(علیه السلام) فلابد أن یسلّم الى الفقیه الجامع للشرائط نعم اذا کان القتال مع الکفّار بعد هجومهم على البلاد الاسلامى، فانهزموا کانت الغنائم المأخوذة منهم، متعلقة للخمس، لمشروعیة القتال کما تقدم فعلیه یکون الأحوط فیما یأخذه السلاطین من الکفار بالتهاجم والجهاد ـ وان کان للدّعاء الى الاسلام ـ تسلیمه الى الحاکم الاسلامى الذى هو النائب العام لولى العصر (عجّل الله فرجه الشریف) او الاستیذان منه فى الصرف فى مصالح العامة، والأحوط رعایة الأهم فالأهم.
(7) الوجه فى التوقف وعدم الافتاء بالوجوب هو احتمال شمول المرسلة لزمن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة38 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الغیبة ایضاً، فعلیه تکون الغنیمة کلها للامام، لعدم تحقق الاذن منه(علیه السلام).
وفیه أنه لا وجه لهذ الاحتیاط أصلا، لأنه إن قلنا باختصاص المرسلة بزمن الحضور، ففى زمن الغیبة، یحتاج الجهاد، الى المجوز حتى تکون الغنیمة فیها الخمس وقسّم الباقى بین المقاتلین، و قد عرفت أنه لیس لأحد أن یأذن الجهاد فیه فاذا لم یکن مشروعاً، کانت الغنیمة للامام.
وإن قلنا بشمول المرسلة لزمن الغیبة، فالامرأ وضح، فانها ناطقة بان الجهاد ان کان بغیر أمر الإمام، کانت الغنیمة کلها له(علیه السلام)
فعلیه لا احتیاط بالتخمیس، بل الاحتیاط انما هو فى دفع الغنمیة کلها للفقیه الجامع للشرائط.
(8) وجوب الخمس متوقف على امرین أحد هما مشروعیة الحرب، ثانیهما الغلبة على الکفار، والاول فى عصر الغیبة لا یکون الاّ فى الحرب الدّفاعى، والثانى ممکن فى کل عصر فاذا تحققا یجب تخمیس الفداء اذا کان اخذه بعد الغلبة و تحقق الأسر، فیصدق علیه الغنیمة بالمعنى الاخص.
وکذا الجزیة المبذولة على رؤوسهم، فان صدق الغنیمة بالمعنى الأخص التى یجب تخمیسها فورا بلا استثناء مؤونة السنة، یتوقف على الغلبة، وکذا ما أخذ بالصّلح فانه غنیمة بالمعنى الاخص ان کان بعد الغلبة، وامّا مع عدمها فهو غنیمة بالمعنى الاعم، کما اذا تهیّأ المسلمون للقتال، وخاف الکفار فاعطوا مبلغاً للصلح او تقبّلو الجزیة، لا یکون داخلا فى الغنیة الحربیة، بل یکون من الانفال لعدم ایجاف الخیل والرکاب، وکذا الکلام ان هربوا للخوف من المسلمین، فأنّ ما ترکوه داخل فى الانفال.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة39 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(9) قد عرفت ان ما صولحوا علیه داخل فى الغنیمة بالمعنى الاخص اذا کان اخذه بعد الغلبة علیهم، والاّ فداخل فى الغنیمة بالمعنى الأعم، فلایجب تخمیسه فوراً وهو من الانفال.


(10) قد عرفت أنّ الکفار إن هاجموا على المسلمین یجب الدّفاع على الحر والعبد والذکر والانثى والسلیم والمریض والبصیر والاعمى والاعرج وکل من کان قادراً على الدفاع، بل لو یخشى منهم على بیضة السلام، یجب على کل من علم بالحال، النهوض، ولا یختصّ بمن قصدوه من المسلمین ویتأکد الوجوب على الاقربین فالأقربین، نعم لو علموا ان المهاجمین علیهم قادرون على الدّفاع لا یجب على الجیران معاونتهم، فلو غلبوا على الکفار، واغتنموا منهم کانت غنیمة حربیة و یجب التخمیس بلا استثناء مؤونة السنة.


وامّا ان کان المهاجمون من المسلمین، فلایکون ما یغتنم منهم غنیمة حربیة بل یردّ علیهم ما أخذ منهم، وان کان ما تلف من انفسهم واموالهم فى المعرکة هدراً لاحرمة له ولا ضمان بخلاف ما تلف من المدافعین، فان ضمانه على المهاجمین، وقتیلهم بحکم الشهید فى الأجر والثواب لصحیحة عبد الله بن سنان عن ابی علیه السلام: (قال: قال رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) : من قتل دون مظلمته فهو شهید(56)


وأمّا بقیة أحکام الشهید فلا یترتب علیه، لأنّها مختصة بالقتیل فى المعرکة مع الجهاد المشروع


1- سورة الأنفال الآیة: 41.

2- الوسائل ج 6، باب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1 وهناک روایات کثیرة.


3- الوسائل ج 6، ب 1 من أبواب قسمة الخمس، حدیث 3، ص 356.

4- مستند العروه الوثقى کتاب الخمس ص 12.


5- الوسائل ج 6، ب 1 من الانفال، حدیث 3، ص 365.

6- مستند العروة الوثقى کتاب الخمس ص 355.

7- الوسائل ج 6، ب 1 من أبواب الانفال، حدیث 16، ص 369.

8- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یحب فیه الخمس، حدیث 5، ص 350.


9- الوسائل ج 6، ب 4 من ابواب الانفال، حدیث 8، ص 381.

10- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس حدیث 5، ص 350.


11- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 3، ص 365.

12- الأراضى، ص 221.


13- الوسائل ج 6، ب 1 من أبواب الأنفال، حدیث 2، ص 365.

14- الجواهر، ج 16، ص 9.

15- الوسائل ج 11، ص 5.


16- الوسائل ج 18، ب 9 من ابواب صفات القاضى.


17- الوسائل ج 11، ب 72، من أبواب جهاد العدو و مایناسبه ج 1، ص 120.

18- واعلموا انما غنمتم من شىء فان لله خمسه و للرسول و لذى القربى: سورة الانفال الآیة: 41

19- الوسائل ج 6، ب 2، من ابواب ما یجب فیه الخمس حدیث 1، ص 338.

20- (2) الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب قسمة الخمس حدیث 3 و 12 ص 356 و 360.


21- الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب قسمة الخمس، حدیث 1، ص 362.

22- الوسائل ج 11، ب 72 من ابواب جهاد العدو وما ینا سبه، حدیث 2، ص 120.

23- ص 19.


24- ص 8.


25- الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس حدیث 1 ص 338.

26- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یحب فیه الخمس، حدیث 6، ص 344.


27- الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5 ص 339.

28- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب قسمة الخمس، حدیث 3، ص 356.


29- الوسائل ج 11، ب 41 من ابواب جهاد العدو، حدیث 2، ص 84 و 85.

30- الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1، ص 341.


31- الوسائل ج 11، ب 41 من ابواب جهاد العدو، حدیث 5، ص 86.

32- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 3، ص 365.

33- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5، ص 350.


34- الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5، ص 339.


35- الوسائل، ج 6، ب 4 من أبواب الأنفال، حدیث 8، ص 381

36- الوسائل ج 15، ب 27 من ابواب المهور، ص 38.


37- الوسائل، ج 6، ب 1، من ابواب الانفال، حدیث 2 ص 365.

-38 الوسائل، ج 6، ب 1، من ابواب الانفال، حدیث 4، 6، 15، 8، ص 365 و 366 و 367 و 369.

39- الوسائل ج 6، ب 2 من أبواب الأنفال، حدیث 2، ص 373.


40- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الأنفال، حدیث 16 و 3 و تقدمت الثانیة فى ص 28.

41- سورة الحشر 59 الآیة 6.


42-الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 8، ص 340.



43- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5، ص 349.

44- جواهر ج 21، ص 11.


45- الوسائل ج 11 ب 12 من ابواب جهاد العدو، حدیث 1، ص 32.


46- الوسائل ج 11، ب 13 من أبواب الجهاد العدو، حدیث 3 و 6، ص 36 و 37.

47- کتاب الخمس ص 63


48- الوسائل ج 6، ب 2، من ابواب قسمة الخمس، حدیث 1، ص 362.

49- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب قسمة الخمس، حدیث 12، ص 361.


50- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 7 و 8 ص 367.


51- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال وما یختص بالامام حدیث 12، 15، 16، 18، 19، 20، 21.


52- الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب الأنفال وما یختص بالامام، حدیث 2.

53- الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب الانفال وما یختص بالامام، حدیث 6.


54- الوسائل ج 6، ب 4 من ابواب الانفال ومایختص بالامام، حدیث 14.


55- الوسائل ج 6، ب 2 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5 ص 339.



56- الوسائل ج 11 ب 46 من ابواب جهاد العدو، حدیث 8 ص 92.

مساله 1 ص (40 - 43)

مساله 1 ص (40 - 43)

مسألة 1): اذا أغار المسلمون على الکفار، فأخذوا أموالهم، فالأحوط ـ بل الأقوى ـ اخراج خمسها(1) من حیث کونها غنیمة ـ و لو فى زمن الغیبة ـ فلا یلاحظ فیها مؤونة السنة، وکذا اذا اخذوا بالسرقة والغیلة. نعم لو أخذ وامنهم بالربا أو بالدعوى الباطلة. فالأقوى الحاقه بالفوائد المکتسبة، فیعتبر فیه الزیادة عن مؤونة السنة وان کان الاحوط اخراج خمسه مطلقا.


(1) قال سیدنا الاستاذ(قدس سره): (اذ لا فرق بمقتضى إطلاق الآیة و غیرها بین الغنائم المأخوذة منهم فى قتال مبنى على الدّعاء الى الاسلام وتوسعة اراضى المسلمین او على مجرّد أخذ الاموال، والاستیلاء علیها کما تقدم).
وفیه أولا، أن الجهاد الّذى کان الغرض منه الدّعاء الى الاسلام وأعلاء کلمة التوحید، لم یکن مشروعاً فى زمن الغیبة، لإنتفاء الإذن من الامام المعصوم(علیه السلام)، فکیف الاغارة التى کان الغرض منها نهب الأموال ، لا الدعاء الى الاسلام، مع أن فیها خطر النفس کالجهاد;
وثانیاً، أن الإغارة، لایخلو عن أن القتال یصدق علیهاام لا؟ فعلى الأول لابدّ ان یکون باذن من الإمام المعصوم وهو منتف، وعلى الثانى کان کل ما أخذوه من الکفار للامام(ع) کما هو المصرّح به فى صحیحة معاویة بن وهب المتقدمة.
وعلى الجلمة التّخمیس مختصّ بالغنیمة المأخوذة من الکفار بالقتال المشروع وهو قد یکون بالإذن من الامام المعصوم، و قد یکون لأجل الدفاع وکلاهما منتف فى المقام فعلیه لابد أن یسلّم ما اخذ بالاغارة للفقیه الجامع للشرائط أو الاستیذان منه فما ذهب الیه الماتن من التخمیس لا وجه له.
وأما ما أخذ بالسّرقة والغیلة منهم، فهل یلحق بالغنیمة المأخوذة بالقتال بعد الغلبة. کما هو مختار المتن، أو یلحق بمطلق الفائدة کما اختاره سیّدنا الأستاذ(قدس سره)فیه و جهان، الظّاهر هو الثانى، و ذلک لأحد وجهین:
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 41 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الأول أن المستفاد من الآیة: (واعلموا أنما غنمتم من شئ) والرّوایات الواردة فى تخمیس الغنیمة کصحیحة ربعى المتقدمة وأمثالها، هواختصاص التخمیس الفورى قبل إخراج مؤونة السنة، بالغنیمة المأخوذة من الکفار بعد الغلبة علیهم بالقتال، فلا تشمل ما یؤخذ منهم، بلا قتال، هذا اوّلا.
والثانى لو تنزلنا عن ذلک، وقلنا: لا ظهور فى الآیة والرّوایات فى الاختصاص و یحتمل شمولها لمطلق ما یؤخذ منهم ـ و لو کان بالسرقة والغیلة ـ، فنقول: لا شک فى أنّ المتیقن منها هو المأخوذ بالقتال، والمرجع فى مورد الشک هو اطلاق قوله(ع) فى حسنة الأشعرى: (الخمس بعد المؤونة) فانّ الطریقة المألوفة عند العرف أنّه کلما دار الأمر فى الخارج عن تحت العام أو المطلق، بین الأقل والاکثر، هو الالتزام بخروج الاقل، والرجوع فى الزّائد عنه الى العام او المطلق فاذن یکون المأخوذ بغیر القتال مطلقا ملحقا بالفائدة المطلقة بلا فرق بین ما اخذ بالرّبا او دعوى الباطلة او السرقة.
ویؤکّد ما ذکرنا قوله(ع) فى صحیحة على بن مهزیار: (ومثل عدوّ یصطلم فیؤخذ ماله) والمراد منه هو المأخوذ من عدو عقائدى بالقهر والغلبة، وأما العدو الغیر العقائدى کالمسلم فلا یحلّ اخذ ماله وان کان عدواً للانسان لبعض الامور الشخصیة، وأما إذا اخذ مال الکافر بلا إصطلام کما فى السّرقة والغیلة والرّبا والدعاوى الباطلة فداخل فى مطلق الفائدة والخمس فیها بعد مؤونة السنة.
و قد یقال: انّ مادلّ على أن الخمس بعد المؤونة، مطلق ، ـ کما فى حسنة الاشعرىـ وهى ناظرة الى مادل على وجوب الخمس ، فتتقدم علیه لکونها ناظرة الیه وحاکمة علیه، والحاکم یقدم على المحکوم بلاملاحظة النسبة.
والجواب عن ذلک أن صحیحة ربعى وأمثالها صریحة فى عدم إستثناء المؤونة من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة42 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الغنیمة فهى مخصّصة ومقیّدة لما دل على أن الخمس بعد المؤونة، حیث أن موردها خصوص الغنیمة المأخوذة من الکفار بالقهر والغلبة.
وقد یستدل لما اختاره الماتن من التّخمیس قبل المؤونة بما دّل على وجوب الخمس فى مال الناصب: عن الحفص بن البخترى عن أبی عبدالله(علیه السلام)قال: (خذ مال الناصب حیثما وجدته، وادفع الینا الخمس)(1) و هى صحیحة.
ونحوها معتبرة معلى بن خنیس(2)
وفى خبر اسحاق بن عمار، قال: قال ابو عبدالله(علیه السلام): مال الناصب وکل شیئ یملکه حلال الا امرأته، فان نکاح اهل الشرک جائز، وذلک ان رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) قال: لاتسبّوا أهل الشرک، فانّ لکل قوم نکاحاً، ولولا أنا نخاف علیکم ان یقتل رجل منکم برجل منهم و رجل منکم خیر من الف، رجل منهم، لامرناکم بالقتل لهم، ولکن ذلک الى الإمام(ع)(3)
وفى بعض الأخبار جواز قتل الخوارج، کخبر عمار السجستانى عن ابی عبدالله(علیه السلام) ان عبدالله بن النجاشى قال له و عمار حاضر: إنى قتلت ثلثة عشر رجلا من الخوارج کلهم سمعته یبرء من على بن ابی طالب(علیه السلام)، فسألت عبدالله بن الحسن فلم یکن عنده جواب و عظم علیه، وقال انت مأخوذ فى الدنیا والآخرة، فقال أبو عبدالله(علیه السلام) فکیف قتلتهم یا أبابحیر؟ فقال: منهم من کنت اصعد سطحه بسلّم حتى اقتله، و منهم من دعوته بالّلیل على بابه ، فاذا خرج قتلته، منهم من کنت أصحبه فى الطریق، فاذا خلى لى، قتلته، و قد استتر ذلک علّى فقال ابو عبدالله(علیه السلام): لو کنت قتلتهم بامر الامام لم یکن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 43 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

علیک شیئ فى قتلهم، ولکنک، سبقت الإمام، فعلیک ثلاثة عشر شاة، تذبحها بمنى و تتصدّق بلحمها، لسبقک الامام ولیس علیک غیر ذلک(4).


فاذا کان الناصب مهدور الدم والمال، ویحّل ماله بالتخمیس بلا استثناء المؤونة، ففى الحربى بالأولویة، فاذن یجب تخمیس ما اخذ منه بالسرقة والغیلة کالغنیمة الحربیة.


وفیه أن الأولویة ممنوعة، فان موثقة ابن ابى یعفور تدل على أن الناصب شرمن الیهودى والنصرانى والمجوسى، وانجس من الکلب، عن ابی عبدالله(ع) (فى حدیث) قال: وایّاک ان تغتسل من غسالة الحمّام; ففیها تجمع غسالة الیهودى والنصرانى والمجوسى والناصب لنا اهل البیت فهو شرهم، فانّ الله تبارک و تعالى لم یخلق خلقا انجس من الکلب، وإن الناصب لنا اهل البیت لأنجس منه(5)


والمشرک وان لم یذکر فیها، الا ان المستفاد منها أن الناصب شرّ منه أیضاً لأنهّا تدل على أن الکلب أنجس من المشرک، والناصب أنجس من الکلب


1- (2) الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس حدیث 6 و 7 ص 340.
3- الوسائل ج 11، ب 26 من أبواب جهاد العدو، حدیث 2، ص 60.

4- الوسائل ج 19، ب 22 من ابواب دیات النفس، حدیث 2، ص 170.
5- الوسائل ج 1، ب 11 من أبواب الماء المضاف، حدیث 4، ص 159.

مساله 2 ص(43 - 53)

مساله 2 ص(43 - 53)

(مسألة 2): یجوز اخذ مال النّاصب أینما وجد(1) لکن الاحوط اخراج خمسه مطلقا. وکذا الأحوط اخراج الخمس مما حواه العسکر من مال البغاة اذا کانوا من النصّاب ودخلوا فى عنوانهم والاّ فیشکل حلّیة مالهم(2)

(1) کما هو المشهور، بل عن الحدائق نسبته الى الطائفة المحقّة، سلفاً و خلفاً و تدلّ على ذلک ، النصوص المتقدمة.
وقد نوقش فیها بوجهین: الأوّل أن الأصحاب اعرضوا عنها و لا سیما القدماء فهى ساقطة عن الاعتبار.
وفیه أن عدم ذکر القدماء هذه المسألة فى کتبهم، لا یوجب اعراضهم عنها و لعلّه لأجل الخوف والتّقیة، وعن الحدائق أنه قال فى جواب ابن ادریس القائل (بان الناصب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحةالصفحة 44 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

مسلم، لا یجوز أخذ ماله): إن اطلاق المسلم على الناصب، وأنه لا یجوز اخذ ماله من حیث الاسلام، خلاف ما علیه الطائفة المحقّة سلفاً و خلفاً من الحکم بکفر الناصب ونجاسته وجواز أخذ ماله، بل قتله، وتدل على نجاسته موثقة إبن أبی یعفور.
ویظهر من هذا لکلام دعوى الاجماع على کفر الناصب وجواز أخذ ماله و نجاسته وقتله. وقال فى المستمسک: ان جواز أخذ مال الناصب اینما وجد هو المشهور بین الأصحاب، فعلیه لم یثبت الإعراض بل الظاهران المشهور عملوا بها فاذن لا اشکال فى نجاسته وحلّیة ماله بعد التخمیس.
الثانى لو لم یثبت الإعراض أو بنى على عدم قدحه فى الاعتبار، قلنا انها معارضة بروایات دلّت على حرمة أموال الخارجین على أمیرالمؤمنین(علیه السلام)والناصبین له الحرب فى الجمل وصفین ونهروان، وهى بمجموعها ربّما تکون متواترة وفیها المعتبرة کروایة مستعدة بن زیاد عن جعفر بن محمد الصّادق عن أبیه(علیهما السلام)قال: قال مروابن الحکم: لما هزمنا على(علیه السلام)بالبصرة ردّ على الناس اموالهم من أقام بینة أعطاه، ومن لم یقم بینة، أحلفه(1)
وفیه أنه قد ورد روایات عدیدة على أنه(علیه السلام) قسّم المغنم اولا بین المقاتلین: منها ما رواه فى المستدرک عن الدعائم (روینا عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) أنه لما هزم أهل الجمل، جمع کل ما أصاب فى عسکرهم ممّا اجلبوا به علیه فخمّسه، وقسّم اربعة اخماسه على اصحابه، ومضى، فلما صار الى البصرة، قال أصحابه: یا أمیرالمؤمنین، إقسم بیننا ذراریهم واموالهم، قال (علیه السلام): لیس لکم ذلک، قالوا: کیف أحللت لنا دمائهم، ولم تحلّل لناسبى ذراریهم؟ قال (علیه السلام): حاربَنا الرّجال، فقتلنا، فامّا النساء فلا سبیل لنا علیهن،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحةالصفحة 45 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

لانهن مسلمات وفى دارالهجرة، فلیس علیهن من سبیل، وما أجلبوا به علیکم واستعانوا به على حربکم وضمّه عسکرهم وحواه، فهو لکم، وما کان فى دورهم، فهو میراث على فرائض الله(2)
ومنها ما عن شرح الأخبار لصاحب الدعائم فى حدیث: (وکان على(علیه السلام)قد أغنم أصحابه، ما أجلب به اهل البصرة الى قتاله، اجلبوا به یعنى اتوابه فى عسکرهم، ولم یعرض لشیئ غیر ذلک، لورثتهم، وخمّس ما أغنمه ممّا أجلبوا به علیه، فجرت أیضاً بذلک السنة.
ومنها ما ورد فى حدیث آخر: فأمر على(علیه السلام)منادیا ینادى وما کان بالعسکر، فهو لکم مغنم، وما کان فى الدّور، فهو میراث، یقسّم بینهم.
ومنها ماورد فى المختلف عن الحسن بن أبی عقیل: (روى ان رجلا من عبدالقیس، قام یوم الجمل، فقال: یاامیرالمؤمنین، ما عدلت حین تقسم بیننا اموالهم ولاتقسم بیننا نسائهم، ولا أبنائهم، فقال له: ان کنت کاذباً فلا أماتک الله حتى تدرک غلام ثقیف، وذلک ان دارالهجرة حرمت ما فیها، ودارالشرک أحلّت ما فیها، فایکم یأخذ اُمّه من سهمه.
وعن العلاّمة فى المختلف، أنه قال بعد نقل هذالحدیث: (لنا ما رواه ابن ابی عقیل، وهو شیخ من علمائنا، تقبل مراسیله لعلمه و عدالته).
ومنها ماورد فى محاجة أهل النهروان، مع أمیرالمؤمنین(علیه السلام) عن کتاب الهدایة للحسین بن حمدان (قلت لنا یوم الجمل: لا تقتلوهم مولّین واحلّلت لنا سبی الکراع والسلاح والذرارى، فما العلّة فیما اختلف فیه الحکمان الحدیث.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحةالصفحة 46 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فالمستفاد منها وغیرها مما یصل الیه المتتبع ان التقسیم لما حواه العسکر قد تحقق جزماً وقد افتى بجوازه عدة من الاکابر، منهم الشیخ فى الخلاف، حیث حکى عنه انه قال: ما یحویه عسکر البغاة، یجوز اخذه والانتفاع به، ویکون غنیمة یقسّم فى المقاتلة.
وعنه فى باب قتال اهل البغى من النهایة: (ولا یجوز سبیى الذرارى، على حال ویجوز للامام أن یأخذ من اموالهم، ما حوى العسکر، ویقسّم على المقاتلة. وعن السید أبی المکارم بن زهرة فى الغنیة: (ولا یغنم ممّن أظهر الاسلام و من البغاة والمحاربین، الاّ ما حواه العسکر من الأموال و الأمتعة الّتى تخصّهم، کلّ ذلک بدلیل الاجماع المشار الیه).
وعن العلاّمة فى المختلف: (قال ابن أبی عقیل: یقسّم أموالهم الّتى حواها العسکر).
وجوّز ابن الجنید قسمة ما حواه العسکر ایضاً وهو اختیار ابن البراج وابی صلاح وعن المسالک: (القول بالجواز للاکثر، ومنهم المصنف والعلاّمة فى المختلف، ومن حججهم سیرة على(علیه السلام) فى اهل الجمل، فانه قسّمه بین المقاتلین، ثم ردّه على أربابه). فقد ظهر مما ذکرنا أن أخذ مال النّاصبى، جائز، وهل یخمّس فوراً أو بعد المؤونة؟ الظاهر هو الاّول ، فانه لو صرف فى المؤونة، لم یدفع خمسه، فیلزم عدم إمتثال قوله(ع): وادفع الینا خمسه.
وقد یقال: إن قوله: الخمس بعد المؤونة حاکم على الحدیث المذکور، فانّه ناظر الیه وشارح له.
ویردّه أن مادلّ على ذلک،ناظرالى خمس الفوائد المطلقة ولا یشمل ما ثبت فیه الخمس بعنوان خاص: کمال الناصب والمعدن والکنز والغوص والغنیمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحةالصفحة 47 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

إن قلت: مادّل على أن الخمس بعد المؤونة مطلق، ومقتضاه استثناء المؤونة من کل ما وجب فیه الخمس، سواء کان معدنا او کنزا او غوصاً او مأخوذا من الناصب مثلا ودعوى أنه ناظر الى الفوائد المطلقة تحتاج الى القرینة ولا قرنیة على ذلک.
قلت: الخمس المتعلق بالضیاع والصنعة والتجارة بل جمیع ما یستفید الرجل من قلیل او کثیر قد قیّد ببعد المؤونة کما فى النّصوص(3) فما دل باطلاقه على أن الخمس بعد المؤونة کصحیحة إبن أبی نصر و صحیحة إبراهیم الهمدانى مثلا(4) یحمل عل المقیّد فى النصوص المشار الیها وهو معنى قولنا: إن الاطلاق ناظر الى خمس الفوائد.
ولو تنزلنا عن ذلک وقلنا بعدم الحمل فى ما اذا کان کل من المقید والمطلق مثبتاً فنقول ان مقتضى الاطلاق فى قوله(ع): (الخمس بعدالمؤونة) وحکومته على ادلة الخمس حتى بالنسبة الى المعدن والکنز والمأخوذ من الناصب وامثالها ـ وان کان تقییدها بمؤونة السنة ـ الا أنّ السیرة القطعیة قائمة على ان هذا القسم من الخمس، ملحق بالخمس فى الغنائم الحربیة فى عدم استثناء مؤونة السنة منها.
ولکن سیدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره) قد أجاب بنحو آخر: قال: (بل یکفینا مجرد الشک فى ذلک، والتردد فى أن مادلّ على أن الخمس بعد المؤونة، هل یختص بالخمس بعنوان الفائدة وارباح المکاسب، اوانه یعمّ مثل المقام نظرا الى أنّ الحکم الوضعى ـ اعنى تعلق الخمس بالمال وکون جزء من خمسة اجزائه ملکا للامام(ع) ثابت منذ التسلّط علیه على اى حال من غیر شبهة واشکال غایة الأمر، قیام الدلیل على جواز التأخیر والتصرف فى تمام المال الى نهایة السنة تسهیلا وارفاقا منهم(علیهم السلام)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحةالصفحة 48 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وأنه لاخمس الا فى الفاضل عن مؤونة السنة، حیث قد ثبت هذا الترخیص فى طائفة من تلک الاموال الّتى تعلّق بها الخمس فاذا شک فى سعة هذا الدلیل وضیقه وأنه هل یشمل المال المأخوذ من الناصب او لا؟ کان المرجع أصالة عدم جواز التصرف فى ملک الغیر، اعنى الخمس المتعلق بالامام(علیه السلام) ، اذا التصرف یحتاج الى الدلیل بعد فرض کونه ملکا للغیر کما عرفت. ومقتضى الأصل عدمه، ونتیجته وجوب التخمیس ابتدأً من غیر اخراج مؤونة السنة، فیکون الحکم التکلیفى ایضاً ثابتاً کالوضعى)(5)
وفیه أنه لا یمکن المساعدة علیه، فان المفروض أن قوله(ع) الخمس بعد المؤونة مطلق ولسانه لسان الحکومة فاذا کان الدلیل مطلقاً وشکّ فى اختصاصه بالخمس بعنوان الفائدة ام لا؟ کان المرجع هى أصالة الاطلاق لا الرجوع الى الأصل العملى، فنقول: لو کان مراده(ع) من قوله(ع): (الخمس بعد المؤونة) خمس الفائدة لابدّ من التقیید والبیان، فمن عدمه نستکشف إطلاق موضوع حکمه فیکون اخراج الخمس بعد المؤونة حتى فیما اخذ من الناصب.
وقد یقال: (اذا صدق فى مورد عنوان ربح المکسب او الفائدة، وصدق ایضاً عنوان خاص کالمعدن أو الغنیمة أو الغوص وجب دفع الخمس فوراً، وحرم صرفه فى المؤونة، باعتبار ان دلیل الاستثناء یجوّز ذلک من حیث کونه ربحاً أو فائدة وهو لاینا فى حرمته من حیث کونه معدناً أو غنیمة، فان العنوان المبیح، لا ینا فى العنوان غیر المبیح کما هو واضح.
وهذا ایضاً لا یمکن المساعدة علیه، فانّ الإطلاقین اذا تعارضابالعموم من وجه وکان لسان احدهما لسان الحکومة یتقدم على الآخر، بلا فرق بین ان یکونا مشتملین
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحةالصفحة 49 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

على الالزام او الترخیص او بالاختلاف هذا اوّلا.
وثانیاً إن اشتمال احد الاطلاقین على الالزام لایوجب ترجیحه على الآخر اصلا فان التعارض مآله إلى التکاذب فى مقام الجعل سواء کان بالتباین أو العموم من وجه فیتساقطان مع عدم الحکومة نعم فى باب التّزاحم لایتصور مزاحمة المباح للحرام ولکنه اجنبى عن المقام.
فالمتحصل أنّ الاقوى اخراج خمس ما اخذ من الناصب بلا إخراج المؤونة کالمعدن والغوص والکنز والغنیمة الحربیة، والتخمیس بعد إخراج مؤونة السنة مختص بالفوائد والأرباح.
(2) لانّ الدلیل على حلّیة مال البغاة ان کانوا نصاباً، موجود، فیخمّس ثم یقسّم بین المجاهدین، وامّا ان لم یکونوا جمیعهم نصاباً بل بعضهم کان غیر ناصب او جمیعهم، وکان خروجهم لطلب الرئاسة، أو حرصاً على حطام الدنیا، من غیر ان یحمل بغض أهل البیت، و ینصب العداوة لهم، فقد وقع الخلاف بینهم، فذهب جماعة من الأصحاب الى أنهم إن لم یرجعوا الى طاعة الامام، حلّ ما حواه العسکر، وان رجعوا الى طاعته، ردّت الیهم أموالهم، فعن الشیخ فى المبسوط: (اذا انقضت الحرب بین أهل العدل والبغى، اما بالهزیمة أو بأن عادوا إلى طاعة الإمام، وقد کانوا أخذو الأموال واتلفوا وقتلوا نظرت فکل من وجد عین ماله عند غیره کان احق به، سواء کانوا من اهل العدل او اهل البغى، لما رواه ابن عباس ان النبیّى(صلى الله علیه وآله وسلم)قال: المسلم اخو المسلم، لایحلّ دمه وماله ، الابطیبة من نفسه، وروى أن علیاً(علیه السلام)لما هزم الناس یوم الجمل، قالوا: یاامیرالمؤمنین، الا تأخذ اموالهم؟ قال: لا، لانهم تحرّموا بحرمة الاسلام، فلایحل اموالهم فى دارالهجرة. وروى أبوقیس: أنّ علیاً (ع) نادى، من وجد ماله فلیأخذه، فمّر بنا رجل فعرف قدراً یطبخ فیها، فسألناه أن یصبر حتى ینضج فلم یفعل، ورمى برجله ، فأخذها، وقد روى أصحابنا أن ما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحةالصفحة 50 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

یحویه العسکر من الأموال ، فانه یغنم وهذا یکون، اذا لم یرجعوا الى طاعة الامام، فأمّا ان رجعوا الى طاعته فهم أحق باموالهم;) انتهى کلام الشیخ.
وعن السید المرتضى فى الناصریات ـ بعد ما نقل عن الناصر تقسیم ما احتوت علیه عساکر اهل البغى;: (هذا غیر صحیح لأن أهل البغى، لایجوز غنیمة اموالهم وقسمتها، کما تقسم اموال اهل الحرب، ولا أعلم خلافاً بین الفقهاء فى ذلک، ومرجع الناس کلهم فى هذا الموضع، على ما قضى به أمیرالمؤمنین(علیه السلام)فى محاربى البصرة فانه(ع) منع من غنیمة اموالهم، فلمّا رُجع(ع) فى ذلک، قال: أیکم یأخذ عائشة فى سهمه؟ ولیس یمنع ان یخالف حکم قتال اهل البغى، لقتال اهل دارالحرب، فى هذا الباب ، کما یخالف فى أننا لانتبع مولّیهم، وان کان اتباع المولّى من باقى المحاربین جائزاً; وانما اختلف الفقهاء فى الانتفاع بدواب أهل البغى وبسلاحهم فى حال قیام الحرب، فقال الشافعى: لا یجوز ذلک، وقال ابوحنیفة: یجوز ما دامت الحرب قائمة انتهى کلام السید المرتضى(قدس سره).
وعن ابن إدریس فى السرائر بعد نقل کلام الشیخ والسید: (الصحیح ما ذهب الیه المرتضى، وهو الذّى أختاره وافتى به والذّى یدلّ على صحة ذلک، ما استدل به (ض) وایضاً فاجماع المسلمین على ذلک، وإجماع أصحابنا منعقد على ذلک، وقول الرسول(صلى الله علیه وآله وسلم): (لا یحل مال إمراء الا عن طیب نفسه)، وهذالخبر قد تلقّاه الأمة بالقبول، ودلیل العقل یعضده ویشیّده، لأنّ الأصل بقاء الأملاک على أربابها) انتهى کلام ابن ادریس.
وعن الشهید فى الدّروس: (ولا یجوز سبى نساء الفریقین، ونقل الحسن أن للامام ذلک،ان شاء، لمفهوم قول علىّ(علیه السلام): إنى مننت على أهل البصرة کما منّ رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) على أهل مکّة، وقد کان لرسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم)ان یسبى، فکذا الإمام وهو شاذ، ولایقسّم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحةالصفحة 51 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

اموالهم الّتى لم یحوها العسکر اجماعاً، وجوز المرتضى قتالهم بسلاحهم على دوابهم، لعموم قوله تعالى: (فقاتلو الّتى تبغى حتى تفئ الى أمرالله) وما حواه العسکر، اذا رجعوا الى طاعة الامام حرام ایضاً، وان اصرّوا فالاکثر على ان قسمته کقسمة الغنیمة ، وانکره المرتضى و ابن ادریس، وهو الاقرب، عملا بسیرة على(علیه السلام) فى أهل البصرة فانه(ع) أمر بردّ اموالهم، فاخذت حتى القدور) انتهى کلام الشهید(قدس سره)

وانت ترى أن الفقهاء إختلفوا فیما حواه عسکر البغى فى حلیّته وعدمها والعمدة هى سیرة (على علیه السلام) فى حرب الجمل، ویستفاد من اخبار کثیرة أنه(ع) قسّم الغنیمة بین المقاتلین وأنّ ردّها علیهم کان مناً منه(ع) علیهم.
ویدلّ على المن عدة من النصوص: منها موثقة ابی بکر الحضرمى، قال: سمعت ابا عبدالله (علیه السلام)یقول: لسیرة على(علیه السلام) فى أهل البصرة کانت خیراً لشیعته مما طلعت علیه الشمس، إنّه علم ان للقوم دولة فلو سباهم، لسبّیت شیعته، قلت: فاخبرنى عن القائم (عجل الله فرجه) یسیر بسیرته؟ قال: لا إنّ علیاً(علیه السلام)سار فیهم بالمنّ، لما علم من دولتهم، وان القائم (عج) یسیرفیهم بخلاف تلک السیرة، لانّه لادولة لهم(6)
ومنها مارواه الحسن بن هارون بیاع الأنماط، قال: کنت عند ابی عبدالله(علیه السلام) جالساً، فسأله معلّى بن خنیس أیسیر الامام القائم(علیه السلام) بخلاف سیرة على(علیه السلام) قال: نعم، وذلک أن علیا(ع) سار بالمن والکف، لأنه علم ان شیعته سیظهر علیهم، وان القائم(علیه السلام) اذا قام سار فیهم بالسیف والسّبى، لأنه یعلم أن شیعته، لن یظهر علیهم من بعده أبداً(7)
ومنها مارواه ابوحمزة الثمالى قال: قلت لعلى بن الحسین(علیهما السلام): بما سار على بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحةالصفحة 52 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أبی طالب(علیه السلام) فقال: ان ابا الیقظان کان رجلا حاداً رحمه الله فقال: یاأمیرالمؤمنین بماتسیر فى هؤلاء غداً؟ فقال: بالمنّ کما سار رسول الله فى أهل مکّة(8)
ومنها مارواه عبدالله بن سلیمان قال: قلت لأبى عبدالله(علیه السلام): إن الناس یروون أنّ علیا(علیه السلام) قتل اهل البصرة وترک اموالهم فقال: ان دارالشرک، یحلّ ما فیها، وإن دارالاسلام، لایحلّ ما فیها فقال ان علیاً(ع) انما منّ علیهم کما منّ رسول الله على اهل مکّة، وانما ترک على(علیه السلام) لأنه کان یعلم، أنه سیکون له شیعة، وأن دولة الباطل ستظهر علیهم، فارادان یقتدى به فى شیعته وقد رأیتم آثار ذلک، هو ذایسار فى الناس بسیرة على(علیه السلام) ولو قتل على(علیه السلام)اهل البصرة جمیعاً واتّخذ اموالهم، لکان ذلک له حلالا، لکنه منّ علیهم لیمنّ على شیعته من بعده(9)
ومنها صحیحة زرارة عن ابی جعفر(علیهما السلام) قال: لولا انّ علیاً(علیه السلام) سار فى اهل حربه بالکف عن السّبى والغنیمة، للقیت شیعته من الناس بلاء عظیماً، ثم قال: والله لسیرته کانت خیراً لکم مما طلعت علیه الشمس(10)
وقد تقدم فى ص 52 و 51 مادل على تقسیم الغنائم فى حرب الجمل، فرّدها علیهم و عدم سبى نسائهم و ذراریهم،کان منّاً علیهم وحکمته هو ما جرى على الشیعة بعده(علیه السلام).
وقد ظهر مما ذکرناه أنّ ماذکره الشهید(قدس سره) من أن مادل على جواز سبى الذرارى والنساء شاذ، لایمکن المساعدة علیه لما عرفت من استفاضة النصوص الدّالة على ذلک،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحةالصفحة 53 ] ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ویجوز ایضاً عقردوابهم وقتلها وکسر شوکتهم کما امر الامیر، (علیه السلام) بعقر جمل عائشة.
فقد تحصّل مما ذکرناه أن اغتنام ما حازه البغاة للحرب مع الامام، جائز فللامام الاغتنام والتقسیم بین المقاتلین، وله المنّ والردّ علیهم سواء کانوا نصّاباً أم لا.
ویؤیّد ذلک أن البغاة یریدون هدم الحکومة الاسلامیة: فما دام لم یرجعوا الى طاعة الامام ـ کما یجوز قتلهم، یجوز اغتنام اموالهم الّتى أعدّوها للقتال مع امام المسلمین، وان رجعوا الى طاعة الامام، فالأمر بیده، له ان یردّ اموالهم الیهم، وله ان لایردّها، اذا رأى المصلحة فى دلک.
وقوله(صلى الله علیه وآله وسلم): (لا یحل مال امرا الاّ بطیب نفسه) منصرف عن الأموال الّتى اعدوها لهدم الحکومة الاسلامیة.

1- الوسائل ج 11، ب 25 من أبواب جهاد العدو، حدیث 5، ص 58.

2- المستدرک ج 2، ب 23 من ابواب جهاد العدو، حدیث 1.

3- الوسائل ج 6، ب 8 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث: 1،2،3،4،5.
4- الوسائل ج 6، ب 12 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث: 1، 2، ص 354.

5 مستند العروة الوثقى ص 27.

6- الوسائل ج 11، ب 25 من ابواب جهاد العدو، حدیث 1، ص 56.
7- الوسائل ج 11، ب 25 من ابواب جهاد العدو وما یناسبه، حدیث 3، ص 57.

8- الوسائل ج 11، ب 25 من ابواب جهاد العدو وما یناسبه، حدیث 4، 6، 8، ص 58 و 59.
9- الوسائل ج 11، ب 25 من ابواب جهاد العدو وما یناسبه، حدیث 4، 6، 8، ص 58 و 59.
10- الوسائل ج 11، ب 25 من ابواب جهاد العدو وما یناسبه، حدیث 4، 6، 8، ص 58 و 59.

مساله 3 ص(53 - 58)

مساله 3 ص(53 - 58)

(مسألة 3) یشترط فى المغتنم ان لایکون غصباً (1) من مسلم أو ذمّى او معاهد أو نحوهم ممن هو محترم المال، والاّ فیجب ردّه الى مالکه، نعم لو کان مغصوبا من غیرهم من اهل الحرب لابأس بأخذه وإعطاء خمسه وان لم یکن الحرب فعلا مع المغصوب منه، وکذا اذا کان عند المقاتلین مال غیرهم من اهل الحرب، بعنوان الأمانة من ودیعة او اجارة او عاریة أو نحوها;

 

(1) المشهور بین الأصحاب وجوب الرّد الى مالکه، ونسب الى الشیخ والقاضى فى بعض کتبه، أن الغنیمة للمقاتلین، وعلى الإمام أن یعطى قیمته لاربابها من بیت المال;
واستدلّ للقول المشهور بوجهین: الأوّل عمومات دالّة على انه لا یحل مال امرأ الاّ بطیب نفسه;
الثانى صحیحة هشام بن سالم عن ابى عبدالله(علیه السلام)قال: سأله رجل، عن الترک یغزون على المسلمین، فیأخذون أولادهم، فیسرقون منهم، أیردّ علیهم؟ قال: نعم والمسلم أخو المسلم، والمسلم احق بماله، اینما وجده(1)
وهذه الصحیحة ـ کما ترى ـ ناطقة بان المسلم احق بماله، اینما وجده
واستدلّ للشیخ والقاضى بمرسلة هشام بن سالم عن بعض أصحاب
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 54 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أبی عبدالله(علیه السلام)عن ابی عبدالله(علیه السلام) فى السّبى یأخذ العدو من المسلمین فى القتال من اولاد المسلمین، او من ممالیکهم فیحوزونه ثم إن المسلمین بعد قاتلوهم فظفروا بهم وسبوهم واخذوا منهم ما اخذوا من ممالیک المسلمین واولادهم الذین کانوا اخذوهم من المسلمین کیف یصنع بما کان أخذوه من اولاد المسلمین ومما لیکهم؟ قال: فقال: أمّا أولاد المسلمین، فلا یقامون فى سهام المسلمین ولکن یردّون الى أبیهم وأخیهم والى ولیّهم بشهود، واما الممالیک، فانهم یقامون فى سهام المسلمین فیباعون، وتعطى موالیهم قیمة اثمانهم من بیت مال المسلمین(2)
وفیه أولا أنّ الرّوایة المرسلة لاحجیة فیها ولم یعمل بها المشهور حتى یدّعى الانجبار.
وثانیاً أنها معارضته بالصّحیحة المتقدمة، فالعمل بالصّحیحة متعیّن.
ثم إنّ هنا روایة ربما تنافى الصحیحة المتقدمة وهى صحیحة الحلبى عن ابی عبدالله(علیه السلام)قال: سألته عن رجل لقاه العدو واصاب منه مالا او متاعاً ثم ان المسلمین اصابوا ذلک کیف یصنع بمتاع الرّجل؟ فقال: اذا کان أصابوه قبل ان یحوزوا متاع الرجل، ردّ علیه وان کانوا أصابوه بعد ما حازوه فهو فیئ للمسلمین فهو أحق بالشفعة(3)
واحتمل سیدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره) فیها ثلثة احتمالات: أحدها ان المراد بالحیازة هى المقاتلة، فیکون المعنى ان اصابة المال ان کانت بعد القتال، فهو فىء للمسلمین، قال(قدس سره): ولکن هذالتفسیر غیر ظاهر، بل بعید کما لا یخفى، ومن ثم فسرالحیازة فى الجواهر بالمقاسمة بعد ارجاع الضمیر فى قوله: (واذا کانوا أصابوه) الى الرجل، اى اذا اصابوا صاحب المال قبل التقسیم ردّ الیه، وان اصابوه بعد القسمة، فهو فیئٌ للمسلمین.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 55 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ولکنه ایضاً خلاف الظاهر.
ولا یبعد أن یکون الأقرب من هذین الاحتمالین، تفسیر الحیازة بالإستیلاء على المال واغتنامه مع عود الضمیر الى الرّجل، لیکون المعنى أنه إن عرف صاحب المال قبل أن یغتنم، فهو له والاّ فللمسلمین، کما ربما یقرّب.
هذا المعنى ما هو المشهور بل المتسالم علیه بینهم من أنّ مجهول المالک لو عرف صاحبه بعد الصرف فیما قرّره الشرع من صدقة ونحوها، لم یستحق شیئاً، ومن ثم فرّ قوا بینه وبین اللّقطة بانه لو تصدق بها، ضمن على تقدیر العثور على صاحبها، بخلاف التصدق بمجهول المالک فانه لاضمان فیه بتاتاً، فیکون الاغتنام فى المقام ـ بعد کون المال المبحوث عنه من قبیل مجهول المالک ـ بمثابة التصدق فى سائر الموارد، حیث أنه باذن من صاحب الشرع فلاضمان بعده وإن عثر على مالکه. وکیفما کان وهذا الاحتمال وان کان اقرب کما عرفت، الا أنه بعد غیر واضح، فلا تخلو الصّحیحة من کونها مضطربة الدّلالة فلا تصلح للاستدلال بعد تکافؤ الاحتمالات) انتهى کلام الاستاذ(قدس سره).
ثم قال(قدس سره) بعدأ سطر: (فالا قوى ما علیه المشهور من استرداد المالک ماله حیثما وجده من غیر فرق بین ما قبل القسمة وما بعدها، عملا باطلاقات احترام المال حسبما عرفت.
وللنظر فیما افاده مجال واسع، فان ارادة المقاتلة من الحیازة، منتفیة جزماً لأنه لا معنى لکون متاع الرجل مفعولا لقوله(ع): قبل ان یحوزو (اى یقاتلوا متاع الرجل) کما هو واضح فان طرف القتال کان هو الکفار لا المتاع.
وکذا اذا کانت الحیازة بمعنى الإستیلاء فان الظاهر من اصابة المسلمین لمتاع الرجل کانت بعد القتال والاستیلاء، ولا یتصورّ أن یصیب المسلمون المتاع الذى کان بید الکفار، قبل الاستیلاء علیهم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 56 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وماذکره(قدس سره) من أن فتوى المشهور فى مجهول المالک یقّرب احتمال الاستیلاء لا یصحّ بوجه فان الاستیلاء والاغتنام، لا یوجب ملکیة الغانمین للغنیمة بل یتصرف فیها الامام کیف ما یشاء الاترى صحیحة زرارة: (قال الامام یجرى وینفل ویعطى ما یشاء قبل ان تقع السهام)(4) فاىّ مانع له(ع) ان یعطى متاع الرجلّ لصاحبه.
فعلیه یتعیّن ان تکون الحیازة بمعنى التقسیم وحیازة کل غانم سهمه فان الحیازة اذا کانت باعطاء الإمام، یوجب الملکیة وقد تقدم منا ان الغنیمة ما دامت لم تقسم، لم تکن ملکا للغانمین، والالزم ان یکون اعطاء الامام ملک الغانمین لغیرهم وهو خلاف ظاهر صحیحة زرارة وغیرها مما دل على ان للامام ان یصرفها فى کل ما ینوبه وقد لا یقسّم ولا یعطى للغانمین شیئاً کما تقدم.
ویؤیده أمران احدهما فتوى المشهور فى مجهول المالک حیث افتوا بان العثور على المالک بعد الصّدقة لا یوجب عوده الیه والتقسیم فى المقام بمنزلة الصدقة فیمنع من رجوع المتاع الیه بلاثمن.
ثانیهما مرسلة جمیل عن رجل عن ابی عبد الله(علیه السلام): فى رجل کان له عبد (عبید خ) فأدخل دار الشرک، ثم أخذ سبیاً الى دار الإسلام؟ قال: ان وقع علیه قبل القسمة فهو له، وإن جرى علیه القسم فهوأ حق به بالثمن(5)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 57 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فعلیه لا مجال للقول بأن الصّحیحة مضطربة المتن فلا تصلح للاستدلال بعد تکافؤ الاحتمالات.
بل لا اضطراب فى متنها ولایحتمل ان تکون الحیازة بمعنى القتال او الاستیلاء بل المتعین انها بمعنى القسمة، فتکون هذه الصّحیحة مقیدة لصحیحة هشام الدالّة على ان المسلم احق بماله اینما وجده، بما اذا کان وجدانه قبل قسمة الغنیمة، وامّا اذا کان بعد قسمتها، فهو أحقّ بالشفعة، فلا بد من اعطاء الثمن للغانم، ولوکان من بیت المال.
على أن صحیحة هشام وردت فى مورد السرقة، وهى لاتوجب ذهاب حرمة مال المسلم بوجه، فهوأ حق بماله أینما وجده، بخلاف ما اذا کان المغنم، من الکفار، مال المسلم، فان مقتضى صحیحة الحلبى أنه احق به مادام، لم یقسّم، واما بعد القسمة حیث أن الغانم یملک سهمه باعطاء ولى الامر، کان المالک أحق بالشفعة، فلا بد ان یعطى الثمن ولو من بیت المال.
بقى الکلام فى أن المالک المسلم یتضرّر بأن یعطى الثمن ویأخذ ماله بالشفعة؟
ویمکن أن یقال: بأنّ هذا الضّرر یتدارک، ویستدلّ على ذلک بوجوه:
الأول قاعدة لا ضرر، فان الحکم الضّررى ـ اذا لم یتدارک ـ غیر مجعول، لقوله(ص): (لا ضرر ولا ضرار فى الاسلام) وتدارک هذا لضرر لایکون الاّ من بیت المال.
الثانى مرسلة هشام المتقدمة (ص 60) فانها تدل على أن قیمة الممالیک تعطى للموالى من بیت مال المسلمین.
الثالث روایة طربال عن أبی جعفر(علیهما السلام) قال: سأل عن رجل کان له جاریة فأغار علیه المشرکون، فأخذ وها منه ثم ان المسلمین بعد غزوهم، فأخذ وها فیما غنموا منهم، فقال: ان کانت فى الغنائم واقام البینة ان المشرکین أغاروا علیهم، فأخذوها منه، ردّت علیه، وان کانت قد اشتریت وخرجت من المغنم فاصابها ردّت علیه برمّتها، وأعطى الذى، اشتراها الثمن من المغنم من جمیعه، قیل له: فان لم یصبها حتى تفرّق الناس، وقسّموا جمیع الغنائم، فأصابها بعد؟ قال: یأخذها من الّذى هى فى یده، اذا أقام البینة، ویرجع الذى هى فى یده على امیر الجیش بالثمن.(6)
فان أمیر الجیش لا یعطى الثمن من کیسه بل یعطیه من بیت المال.

1- (3) الوسائل ج 11، ب 35 من جهاد العدو، حدیث 3،1،2 ص 74.

2- (3) الوسائل ج 11، ب 35 من جهاد العدو، حدیث 3،1،2 ص 74.

4- الوسائل ج 6، ب 1، من ابواب الانفال، حدیث 2، ص 365.
5- الوسائل ج، 11 ب 35 من ابواب جهاد العدو حدیث 4 ص 74.

6- الوسائل ج 11، ب 35 من ابواب جهاد العدو، حدیث 5، ص 75.

مساله 4 ص (58)

مساله 4 ص (58)

(مسألة 4): لایعتبر فى وجوب الخمس فى الغنائم بلوغ النصاب عشرین دیناراً، فیجب اخراج خمسه قلیلا کان او کثیرا على الأصح(1)

(1) قال فى الجواهر: (وفاقاً لصریح جماعة وظاهر آخرین، بل لا اعرف فیه خلافاً، سوا ما یحکى من ظاهر غریة المفید من اشتراط بلوغ مقدار عشرین دیناراً وهو ضعیف جداً لا نعرف له موافقًا، ولا دلیلا، بل هو على خلافه متحقّق کما عرفت). انتهى.


العمدة فى المقام هو إطلاق الأدلّة، ولا سیما قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شىء فأنّ لله خمسه.


فان الشىء یطلق على القلیل والکثیرة، ولا دلیل على تقییده ببلوغ عشرین دیناراً حتى روایة ضعیفة فعلیه کان الأنسب للماتن(قدس سره): على ما هو الصّحیح او حتماً أو جزماً، واما التعبیر بالأصح فهو فیما کان فى مقابله، قول صحیح لمدرک قوى، ولیس لقول المفید(قدس سره)حتى مدرک ضعیف.

مساله 5 ص (58 - 59)

مساله 5 ص (58 - 59)

(مسألة 5): السلب من الغنیمة، فیجب اخراج خمسه على السّالب(1)

(1) هذا مبنى على ما هو المعروف من النبى(صلى الله علیه وآله وسلم) (من قتل قتیلا فله سلبه) وحیث أن الرّوایة، عامیة، ولم تثبت من طرقنا، فلا حجیّة فیها، فیکون السّلب کبقیة الغنائم، والّذى یخرج خمسها هو الإمام، لانفس کلّ غانم;
نعم لو أعلن الإمام فى المعرکة وقال: (من قتل قتیلا، فله سلبه)، فالسّلب یکون

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة59] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

جعلا للقاتل، وظاهر هذا لکلام أنه بتمامه ملک للقاتل، لا خصوص اربعة اخماسه، فلیس على السالب تخمیسه.
وبعبارة اخرى، قد تقدم أن جعائل الامام، تخرج من الغنیمة قبل التخمیس، فلا یتعلق بها خمس الغنیمة.
تتمّة قد ورد النصّ الصّحیح، انه لیس الخمس، الاّ فى الغنائم خاصة(1) ونحن نعلم بوجوب الخمس فى غیر الغنائم ایضاً جزماً.
والجواب عن ذلک، بأحد وجوه:
الاوّل أن الخمس الواجب بظاهر القرءان، لیس الاّ فى الغنائم، فانّه فى غیرها ثبت بالسنة وبما ورد عن اهل البیت(علیهم السلام)
الثانى ان یکون المراد من الغنائم، مطلق المنافع، فتشمل الغوص والمعدن والکنز و ارباح المکاسب والغنیمة الحربیة، ویخصص الحصر بالنسبة الى الحلال المختلط بالحرام، والأرض الّتى اشتراها الذّمى من مسلم.
الثالث ان یکون المراد بالغنیمة هى الغنیمة الحربیة، والحقت البقیة بها بتخصیص الحصر، مثل ماورد فى باب الصوم: (لا یضر الصائم ما صنع، اذا اجتنب ثلاث خصال: الطعام والشراب، والنساء، والإرتماس فى الماء)(2)
الرابع ان یکون هذا الحدیث صادراً للتقیة، فان خمس غنائم الحرب مما هو متسالم علیه بین المسلمین، وفى البقیة خلاف، فلهذا خصّ الخمس فى الغنائم.

1- الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1، ص 338.
2- الوسائل ج 7، ب 1 من ابواب ما یمسک عنه الصائم، حدیث 1، ص 19.

الخمس المعدن ص (63 - 96)

الخمس المعدن ص (63 - 96)

(الثانى) المعادن (1) من الذهب و الفضّة والرصاص والصفر والحدید والیاقوت

(1) قال فى المستمسک: (اجماعاً محصلا ومنقولا، صریحاً فى الخلاف والسرائر والمنتهى والتذکرة والمدارک وغیرها، وظاهراً فى کنز العرفان. وعن مجمع البحرین والبیان ـ بل فى ظاهر الغنیة ـ نفى الخلاف فیه بین المسلمین عن معدن الذهب والفضة، کذا فى الجواهر).
ثم انّ المعادن جمع معدن، وهو اسم مکان من عدن بمعنى الإقامة فکل شیئ صدق علیه المعدن او اشتمل علیه النص، ففیه الخمس، واما ما لا یصدق علیه المعدن ولم یشتمل علیه النصوص، فلا خمس فیه.
وتدلّ على وجوب الخمس فى المعادن ـ مضافاً الى الاجماعات ـ عدة من النصوص:
منها صحیحة محمد بن مسلم عن ابى جعفر(علیهما السلام)قال: سألته عن معادن الذّهب والفضة، والصفر والحدید والرصاص؟ فقال: علیها الخمس جمیعاً(1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 64 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والزبرجد والفیروزج والعقیق والزیبق والکبریت والنفط والقیر والسبخ

ومنها صحیحة الحلبی (فى حدیث) قال: سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن الکنز کم فیه؟ قال: الخمس، وعن المعادن کم فیها؟ قال: الخمس، وعن الرصاص والصفر والحدید، وما کان من المعادن کم فیها؟ قال: یؤخذ منها کما یؤخذ من معادن الذهب والفضّة.(2)
ومنها صحیحة أخرى عن محمد بن مسلم قال:سألت ابا جعفر(علیهما السلام)عن الملاحة، فقال: وما الملاحة؟ فقال (فقلت): ارض سبخة مالحة، یجتمع فیه الماء، فیصیر ملحاً، فقال: هذا لمعدن، فیه الخمس، فقلت: والکبریت والنفط یخرج من الأرض؟ قال: فقال: هذا وأشباهه فیه الخمس.(2)
ومنها صحیحة عمار بن مروان، قال: سمعت أبا عبدالله(علیه السلام) یقول: فیما یخرج من المعادن والبحر والغنیمة والحلال المختلط بالحرام اذا لم یعرف صاحبه والکنوز الخمس (2)
ولا یخفى ان عمار بن مروان مشترک بین الیشکرى الثقة والکلبى الذى لم یوثق، قال النجاشى: عمار بن مروان مولى بنى ثوبان بن سالم مولى یشکر واخوه عمرو، ثقتان روى عن ابی عبدالله(علیه السلام) له کتاب.
وقال الشیخ: عمار بن مروان له کتاب اخبرنا به المفید(قدس سره) وحیث ان عمار بن مروان الیشکرى ثقة وله کتاب، وعمار بن مروان الکلبى لم یوثق ومجهول، فاللفظ عند اطلاقه ینصرف الى ما هو المعروف المشهور الذى وثقه النجاشى وله کتاب، فاذن تکون الرّوایة صحیحة، ولا سیما انّ الرّاوى عنه هو الحسن بن محبوب بلا واسطة; وهو لایروى عن عمار بن مروان الکلبى الا بواسطة ابی ایوب الخزاز.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 65 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والزاج والزرنیخ والکحل والملح بل والجص والنورة وطین الغسل وحجر الرّحى و المغرة وهى الطین الاحمر على الاحوط، وان کان الاقوى عدم الخمس فیها من حیث المعدنیة، بل هى داخلة فى ارباح المکاسب، فیعتبر فیها الزیادة عن مؤونة السّنة والمدار على صدق کونه معدناً عرفاً، واذا شکّ فى الصّدق، لم یلحقه حکمها(2) فلا یجب خمسه من هذه الحیثیة بل یدخل أرباح المکاسب، و یجب خمسه اذا زادت

(2) لا یخفى أنّ الرّجوع الى کتب اللّغة فى معنى المعدن، لایوجب زوال الشک لانها مختلفة فى معناه، فلا یستفاد منها شئ یطمئن به النفس; وکذلک کتب الفقهاء فانهمّ اختلفوا فى معناه، حیث أنّ بعضهم اعتبر فى المعدن فى باب الخمس ـ مضافاً الى اشتماله على خصوصیة یعظم الانتفاع بها ویصیربها ذا قیمةـ أن یصیر خارجاً بتلک الخصوصیّة عن حقیقة الأرضیة ، ویتبدّل بها صورته النوعیة، کما هو المستفاد من المنتهى والتّذکرة.
وعدة أخرى، لم یعتبرو اذا لک، بل عمّموه لما تصدق علیه الأرض قطعاً کالرّخام و حجارة الرّحى والمغرة والجص قبل احتراقه والأحجار الّتى تصنع منها القدور، وهذا هو المستفاد من البیان والدّروس والمسالک.
فاذن لا مناص من القول: بما عرفت من أن کل شیىء صدق علیه المعدن عرفا أو إشتمل علیه النصّ، یجب فیه الخمس، بلا ملاحظة مؤونة السّنة.
وأمّا اذا شکّ فى ذلک، ـ ولو لإجمال اللّفظ ـ قال فى المستمسک: اذا أجمل اللّفظ، یرجع فى مورد الشک ، الى الأصل وهو عدم تملک الخمس لأهله، بناء على انه حق فى العین، وعموم مادلّ على الملک بالحیازة، وتبعه بعض المعاصرین فى کتاب خمسه.
وفیه اوّلا أن تعلق الخمس فیه قطعى، سواء کان معدناً أو فائدة، وعلى الثانى تشملها موثقة سماعة: (قال: سألت ابالحسن(علیه السلام)عن الخمس؟ فقال: فى کل ما أفاد النّاس من قلیل أو کثیر.(3)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 66 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن مؤونة السّنة، من غیر اعتبار بلوغ النصاب فیه، ولا فرق فى وجوب اخراج خمس المعدن بین أن یکون فى أرض مباحة أو مملوکة

بعد ضم قوله(ع): الخمس بعد مؤونته ومؤونة عیاله(4)
فانّ ما شکّ فى کونه معدناً، امّا معدن وامّا فائدة، فهو متعلّق الخمس غایة الأمر لو صدق علیه المعدن عرفاً یجب تخمیسه بلا إخراج مؤونة السنة، فان السیرة القطعیة قائمة على تخمیس العناوین الخاصة بلا إخراج مؤونة السنة منها (کالمعادن والغوص والغنیمة والحلال المختلط بالحرام والکنوز) وامّا الفوائد والأرباح فیجب تخمیسها بعد مؤونة السّنة لقوله(ع) الخمس بعد المؤونة(4).
وبما أن السیرة دلیل لبّى یوخذ منه بالقدر المتیقن، یلحق المشکوک بالفائدة المطلقة فیجب تخمیسها بعد مؤونة السنة، فلا یجرى الأصل فى عدم تملک الخمس لأهله.
وثانیاً أنّه لا أثر للرّجوع الى ما دلّ على الملک بالحیازة، فان الملک لا یکون مانعاً من الخمس بل فى کثیر من الموارد، یکون موضوعاً له، ولا سیما بناء على ان تعلق الخمس بالعین من قبیل حق الرهانة، أو ان تعلّقه انما یکون بمالیة العین ـ فان التاجر یملک الربح، فیتعلّق به الخمس، والوارث یملک المیراث ممن لا یحتسب فیتعلق به الخمس، والمتهب یملک الهبة، فیتعلق بها الخمس.
نعم بناء على ان تعلّقه بالعین على النحو المشاع یکون الملک بالحیازة مانعاً ومنافیا لما لکیة أرباب الخمس له، الاّ أنّ الکلام فى أن المحیز هل یملک جمیع العین المحازة او اربعة أخماسها؟ الظاهر هو الثانى، فان القائل بالاشاعة یقول إن ارباب الخمس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة67 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

شریک فى الفائدة من الاوّل وقد رخصّ المالک فى التصرف فیها الى آخر السنة، فان بقى منها شیئ یخمّس والاّ فلا; وعلى الجملة لا مجال لأصالة عدم تملک الخمس لأهله.
وقد یناقش فى التمسک بأصالة العموم فى المقام بانه من موارد احتمال اجتماع عنوان مبیح مع عنوان غیر مبیح، والّذى لا یمکن فیه التّمسک باطلاق دلیل الاباحة لنفى احتمال الحظر من ناحیة العنوان الآخر، وقال : فى موضع آخر: اذا قال المولى: اکرم کل عادل، وقال لیس الوجوب فوریاً، وقال: اکرم کل عالم فوراً فاذا کان زید عالما عاد لا، یجب اکرامه فوراً، واذا شک فى فرد أنه عالم ام لا وکان عادلا لایمکن التمسک بقوله: اکرم کل عادل، لنفى فوریّة وجوب اکرامه.
الجواب أنّ الشک فى کونه عالما اذا کان للشک فى المصداق نستصحب عدم کونه عالما ونتمسک بقوله: اکرم کل عادل ونحکم بعدم وجوب اکرامه فوراً، وکذا اذا کان الشک فى کونه عالماً للشبهة المفهومیة، کما اذا شک فى ان العارف بانساب العرب،یصدق علیه العالم ام لا فیحکم بعدم وجوب الاکرام فوراً بالنسبة إلیه، فاذا کان عادلا یجب اکرامه مع جواز التراحى، ففى محل الکلام کلما صدق علیه المعدن عرفاً یجب تخمیسه فوراً واذا شک فى ذلک ولو لاجمال مفهوم المعدن، انتفى التخمیس الفورى لعدم شمول السّیرة له، فلا مانع من التمسک بقوله(ع) کلّ ما أفاده ففیه الخمس بعد مؤونة السنة; وهو نتیجة الجمع بین مادل على تخمیس الفائدة وحکومة مادلّ على أنّ الخمس بعد المؤونة علیه.
ویجرى نظیره فى مورد دوران الأمر بین المبیح والحاظر: فاذا قال المولى:العصیر العنبى حلال، ودلّ دلیل آخر على أن العصیر العنبى اذا غلى یحرم، فاذا وضعناه فى القدر على النار، وشککنا فى الغلیان، فان کانت الشبهة موضوعیة نستصحب عدمه فنقول: هذا عصیر عنبى بالوجدان وغلیانه منتف بالأصل فیحکم بحلیته، فان کل عصیر عنبى غیر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة68 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولا بین أن یکون تحت الأرض أو على ظهرها(3) ولا بین أن یکون المخرج مسلماً أو کافراً ذمیاً بل ولو حربیاً(4)

مغلّى حلال، واذا شک فى ذلک لأجل الشبهة المفهومیة یکون المرجع هو اصل البرائة عن الحرمة فلا یکون احتمال الحظر مقدماً على اصالة الاباحة.
(3) لإطلاق الأدلّة، فانّ اطلاق المعدن کما یشمل مایخرج من المباحة کذلک یشمل ما یخرج من المملوکة، ویشمل ایضاً ما کان تحت الارض وما کان على ظهرها; ـ على أن صحیحة محمد بن مسلم صریحة فى اطلاق المعدن على ما فى ظهر الارض، قال: سألت أبا جعفر(علیهما السلام) عن الملاحة، فقال: وما الملاحة؟ فقال: (فقلت): ارض سبخة مالحة یجتمع فیه الماء فیصیر ملحاً فقال: هذالمعدن فیه الخمس، فقلت: والکبریت والنفط یخرج من الأرض؟ قال: فقال: هذا وأشباهه فیه الخمس(5)
ومما ذکرنا ظهر أنّ ما عن کشف الغطاء: (انه لو وجد شیئاً من المعدن مطروحاً فى الصحراء فأخذه فلا خمس فیه) یشبه الاجتهاد فى قبال النص، قال فى الجواهر: ولعلّه لظهور الأدلّة فى اعتبار الاخراج.
وفیه ان الاخراج لا یعتبر، کما فى الملح فى السبخة.
نعم لو کان المعدن مطروحاً وعلم سبق یدالانسان علیه، فهو لقطة یجرى علیه حکمها، وان لم یعلم ذلک، واحتمل أنه اخرجه السّیل او الزلزلة او الحیوان ونحوها، یجب اخراج خمسه، حیث أن الإخراج لا یعتبر فى التخمیس، فضلا أن یکون المخرج انساناً.
(4) وذلک کلّه لا طلاق الأدلّة، وهو المشهور بین الأصحاب ، لان الکفار کما هم مکلفون باالاصول ، یکونون مکلفین بالفروع عندهم.
وسیدنا الأستاذ الخوئى (قدس سره) رجح عدم تکلیفهم بها لوجوه:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة69 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الأول أن الخطابات القرانیة المشتملة على الفروع تتوجّه الى المؤمنین، مثل قوله تعالى: یا ایها الذین آمنوا أنفقوا ممّا رزقناکم(6)
وقوله تعالى: یاأیّها الّذین آمنوا، کتب علیکم الصّیام کما کتب على الّذین من قبلکم(7)
وقوله تعالى: إن الصلاة کانت على المؤمنین کتابا موقوتاً(8)
وقوله تعالى: الزانى لاینکح الا زانیة، او مشرکة، والزانیة لا ینکحها إلاّ زان او مشرک وحرّم ذلک على المؤمنین(9)
الثانى الروایات: منها صحیحة زرارة قال: قلت لابی جعفر(علیهما السلام): (أخبرنى عن معرفة الامام منکم، واجبة على جمیع الخلق؟ فقال: إن الله (عزّوجلّ) بعث محمداً الى الناس أجمعین رسولا وحجّة لله على جمیع خلقه فى أرضه، فمن آمن بالله وبمحمد رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم)واتّبعه وصدّقه، فإنّ معرفة الإمام منّا واجبة علیه، ومن لم یؤمن بالله و برسوله ولم یتّبعه ولم یصدّقه ویعرف حقهما، فکیف تجب علیه معرفة الامام؟ وهو لا یؤمن بالله ورسوله ویعرف حقهما(10).
ومنها مارواه أبان بن تغلب فى تفسیر قوله تعالى: (وویل للمشرکین الّذین لایؤتون الزّکاة) قال: قال لى أبو عبدالله (علیه السلام): یا أبان أترى ان الله (عزّوجلّ) طلب عن المشرکین زکاة أموالهم، وهم یشرکون به، حیث یقول: ویل للمشرکین الذین لایؤتون الزکاة، وهم بالآخرة هم کافرون؟ قلت له: کیف ذلک؟ جعلت فداک فسّره لى، فقال: ویل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 70 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

للمشرکین الذین أشرکوا بالامام الاوّل وهم بالأئمة الآخرین کافرون، یا أبان: انما دعا الله تعالى العباد الى الایمان به فاذا آمنوا بالله وبرسوله، افترض علیهم الفرائض(11)
ومنها صحیحة عمران بن موسى عن موسى بن جعفر(علیهما السلام)قال: قرأت علیه آیة الخمس، فقال: ماکان لله فهو لرسوله، وما کان لرسوله، فهو لنا، ثم قال: والله لقد یسّر الله على المؤمنین ارزاقهم بخمسة دراهم، جعلوا لربهم واحدا، واکلوا اربعة احلأ (الحدیث)(12)
الثالث أن تکلیف الکفّار بالفروع، غیر معقول فى اکثر الموارد، فان الکافر اذا فاتته الصّلاة والصّوم والحج والخمس والزکاة فهل هو مکلّف بها ام لا؟ فان امر بها فى حال الکفر، لا یمکن له الامتثال لعدم تمشى قصد القربة منه، وان امر بها فى حال الاسلام، فلا یمکن الامتثال ایضاً، لأنّ الإسلام یجبّ ما قبله.
وقد أجیب عنه بوجهین: ألأوّل أن الکافر، کان متمکناً من القضاء بأختیار الاسلام فى الوقت، فیصلّى اداء، فان فاتته فقضاءً، کما کان متمکناً من الزکاة باسلامه قبل أوان تعلّق الزکاة، بل بعد أوان تعلّق الزکاة وقبل الإخراج وقد فوّت على نفسه هذ التکلیف بسوء الاختیار المستند الى عدم قبول الاسلام ومن الواضح ان الإمتناع بالاختیار، لاینافى الاختیار عقابا وان نافاه خطاباً، فا التکلیف وان کان ساقطاً بمناط امتناع خطاب العاجز، الاّ أنّ الملاک الفعلى الملزم موجود، وتفویته موجب للعقاب بحکم العقل، ومن أجله لا مانع من تعلّق الزکاة والخمس والقضاء بالکافر کالمسلم بملاک واحد، ولیس هو الاّ کالمتوسط فى الارض المغصوبة، فانه عاص فى الدخول والمکث والخروج بملاک انه کان قادراً على ترک الدّخول من الأوّل، فلو ترکه، لم یبتل باالمحذور.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 71 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

والجواب عن ذلک أنه فى مقام التّصور وإن کان ممکناً، الا أنه لا دلیل علیه فى مقام الإثبات، اذ لا طریق لنا الى استعلام ملاکات الاحکام من غیر ناحیة الاوامر أنفسها، والمفروض امتناع تعلّق الأمر فى المقام لعدم إمکان امتثاله فى حال من الحالات کماعرفت، ومعه کیف یستکشف تحقق المناط والملاک، لیکون تفویته المستند الى سوء الاختیار مستوجبا للعقاب، فعلیه لایکون قوله تعالى: (ویل للمشرکین الّذین لا یؤتون الزکاة) دالا على ثبوت الأمر بالزّکاة، ومع عدم امکان الامر لا یحرز الملاک ایضاً، کما عرفت.
الوجه الثانى ان دلیل التکلیف بالنسبة الى مطلق العبادات، وان کان قاصر الشّمول بالنسبة الى الکافر، کما ذکر، الاّ ان ادلّة الوضع الّتى مرجعها الى شرکة الفقراء معه فى المال غیر قاصر الشّمول له، فلا محذور اصلا أن یقال: عشر ما له او خمس ما له للفقراء أو الامام، ونتیجته جواز انتزاع المال منه قهراً او اختیاراً.
والجواب عن ذلک، اولا ان ما دلّ على الوضع، ناظر الى ما یخرج منه ولا نظر له الى انّ المخرج من هو؟ ألا ترى صحیحة محمد بن مسلم عن أبی جعفر(علیهما السلام) (قال: سألته عن معادن الذّهب والفضة والصّفر والحدید والرصّاص؟ قال: علیها الخمس جمیعاً(13)
ولا یکون فى مقام البیان من غیر جهة المقدار حتى یقال: ان الخمس على الکبیر والصغیر والمجنون والکافر والمسلم; وکذا الکلام فیما دل على وجوب الزکاة فانه ناظر الى المقدار الذى یخرج ولا نظر له الى أنّ المالک من هو.
وثانیاً انه لو کان الامر کما ذکر من عموم الوضع لکل من الملاّک ولو کان کافراً لاخذ النبى (ص) الزکاة من الکفار جبراً، کما یؤخذ الخمس من الذمى الذى اشترى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 72 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الارض من مسلم، ولو اخذها لظهر وبان وشاع، ولم یردفیه حتى روایة واحدة فمنه یکشف عدم وجوبها على الکفار.
على أنّ السّیرة القطعیة من صدر الاسلام، قائمة على قرار الکفار الذمى على دینهم، فلو کان شرب الخمر واکل لحم الخنزیر حراماً علیهم، لنهو هم عن ذلک ولو لاجل النهى عن المنکر.
وامّا الاستدلال للقول المشهور بقوله تعالى: (ولله على الناس حج البیت من استطاع الیه سبیلا، ومن کفر فان الله غنى عن العالمین)، غیر تام، لأن الذیل شاهد على وجوب الحج على غیر الکافر حیث إنه بترک الحج یصیر کافراً، وامّا هو فکافر قبل ترکه، وتحصیل الحاصل محال.
وقد یستدل للقول المشهور بصحیحة احمد بن محمد بن ابى نصر (قال: ذکرت لأبى الحسن الرضا(علیه السلام) الخراج وما سار به اهل بیته، فقال: العشر ونصف العشر على من اسلم طوعاً ترکت ارضه فى یده، واخذ منه العشر ونصف العشر فیما عمر منها، وما لم یعمر منها، اخذه الوالى فقبّله ممن یعمّره وکان للمسلمین، ولیس فیما کان اقل من خمسة او ساق شىء، وما اخذ بالسّیف فذلک الى الامام، یقبله بالذى یرى کما صنع رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم)بخیبر قبل ارضها ونخلها، والناس یقولون: لا تصلح قبالة الأرض والنخل اذا کان البیاض اکثر من السواد، وقد قبلّ رسول الله (ص) خیبر و علیهم فى حصصهم العشر ونصف العشر(14).
فیظهر من ذیل هذه الصحیحة ان اهل خیبر، کانوا یعطون العشر ونصف العشر للرسول(صلى الله علیه وآله وسلم) وهو لیس الاّ الزّکاة على الکفّار.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 73 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وفیه اوّلا انه لم یظهر منها کفر المتقبل، ولعل القبالة کانت مع من اسلم منهم.
وثانیاً انه لو فرض ان القبالة کانت مع الکفار، فالعشر او نصف العشر کان علیهم بحسب الشرط، حیث إن الأرض کانت للمسلمین، وجعل الشرط علیهم ولىّ المسلمین،واین هذا من الاراضى التى کانت ملکا للکفار وتحت أیدیهم.
وثالثا قد وردت عدة من الروایات، دلّت على عدم شىء على الکفار، غیر الجزیة، منها صحیحة محمد بن مسلم عن ابی جعفر(علیهما السلام)فى اهل الجزیة، یؤخذ من أموالهم ومواشیهم شىءٌ سوى الجزیة؟ قال: لا(15).
ومنها صحیحة اخرى عن محمد بن مسلم قال: سألته عن أهل الذّمة ماذا علیهم مما یحقنون به دمائهم واموالهم؟ قال: الخراج، وان أخذ من رؤوسهم الجزیة فلا سبیل على ارضهم وان اخذ من أرضهم، فلا سبیل على رؤوسهم(16).
وفى حدیث آخر: (لیس للامام اکثر من الجزیة(3)
فلو کان الخمس أو الزکاة واجباً علیهم لأخذ منهم الرّسول أو الإمام(علیهما السلام) فالمستفاد من الجمیع أن الکفّار لیسوا مکلّفین بالفروع.
ثم إنا لو قلنا بمقالة المشهور من أن الکفّار مکلّفون بالفروع، وقلنا: إن حدیث الجب منجبر بعمل الأصحاب، فلا شک فى انه ناظر الى الاحکام الثابتة بالاسلام والمختصة به، فهى المجبوبة والمحکومة بالسقوط لو حصل مناشئها فى حال الکفر کفوات الصلاة والصیام وحولان الحول فى الانعام وفوات الحج عن المستطیع قبل الاسلام ونحو ذلک، وأمّا الأحکام المشترکة بین جمیع الأدیان والأمور الإعتباریة جرت علیها سیرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 74 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولا بین ان یکون بالغًا اُوصبیًا، وعاقلا او مجنونًا فیجب على

العقلاء کالعقود والایقاعات والدّیون والضمانات وما شاکلها فالحدیث غیر ناظر الى جبّها جزماً، فالاشکال على الاستدلال بالحدیث بانه مستلزم للتخّصیص الأکثر المستهجن فى غیر محلّه، فلا یلتفت الیه.
فالمتحصّل مما ذکرنا أن الکفّار غیر مکّلفین بالفروع الثابتة بالاسلام ومنها الخمس والزکاة، وامّا بناء على القول المشهور، فلوا خرجوا لمعدن او ملکوا لنصاب حال الکفر، فتلف قبل الاسلام لیس علیهم شىء بعده وامّا ان کان باقیاً بعد الاسلام فان قلنا بحجیة حدیث الجبّ، لیس علیهم شىء لأن الاسلام یجبّ ما قبله، وان لم نقل بحجیته، فلا بد من اخراج خمس المعدن والزکاة من النصاب لأن السیرة على عدم التدارک مختصة بما اذا لم یکن متعلق التکلیف باقیا، والا فلا بد من اخراج الخمس والزکاة.
ثم لا یخفى انه لو زنى کافر بمسلمة، یقتل الزانى، سواء قلنا: بانّهم مکلفون بالفروع اولم نقل بذلک، وذلک للدلیل الخاص الوارد فى المقام وهو صحیحة حنان بن سدیر عن ابی عبدالله(علیه السلام)(قال: سألته عن یهودى فجر بمسلمة؟ قال (ع) یقتل)(17).
ولو زنى الذّمى بمسلمة و ثبت عند الحاکم ثم أسلم، لا یسقط القتل عنه بلاخلاف ظاهر، وذلک لاطلاق الصحیحة المتقدمة ولروایة جعفر بن رزق الله، (قال: قدّم الى المتوکّل رجل نصرانى فجر بإمرأة مسلمة، واراد ان یقیم علیه الحد، فاسلم فقال یحیى بن اکثم: قد هدم ایمانه شرکه وفعله، وقال بعضهم: یضرب ثلاثة حدود، وقال بعضهم: یفعل به کذا وکذا، فأمر المتوکل بالکتاب الى ابى الحسن الثالث(علیهما السلام) وسؤاله عن ذلک، فلما قدم الکتاب، کتب ابوالحسن(علیه السلام): یضرب حتى یموت، فانکر یحیى بن اکثم وانکر فقهاء العسکر ذلک وقالوا: یا امیر المؤمنین سله عن هذا فانه شىءٌ لم ینطق به کتاب ولم تجىء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 75 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولیّهما اخراج الخمس (5)

به السنة، فکتب: ان فقهاء المسلمین قد انکروا هذا وقالوا: لم تجىء به سنة ولم ینطق به کتاب، فبیّن لنا بما او جبت علیه الضرب حتى یموت؟ فکتب(علیه السلام): بسم الله الرحمن الرحیم (فلمّا رأو بأسنا قالوا آمنا بالله وحده، وکفرنا بما کنّا به مشرکین ? فلم یک ینفعهم ایمانهم لمّا رأو بأسنا سنة الله الّتى قد خلت فى عباده وخسر هنا لک الکافرون) قال: فأمر به المتوکّل فضرب حتى مات)(18)
(5) ما ذکره(قدس سره) من التعمیم، مبنى على ما هو المشهور ( ـ کما فى المستند) من أن ما دلّ على الخمس، یدلّ على أنّه من أحکام الوضع، فلا یکون مشروطاً بشرائط التکلیف، کالجنابة والضمان، ففى المقام ما دل على ان المعدن فیه الخمس، یدل على ان خمسه مال الامام (ع) فعلیه لا بد من أن یخرج الولى مال الامام من مال الصّبیى والمجنون، کما یجب على الولى أداء بقیة دیونه.
قال فى الجواهر: (وکذا لافرق بین المکلّف وغیره کما صرح به فى البیان وان کان لم یخاطب هو باخراج الخمس، الاّ أنه یثبت فى المال نفسه ذلک لاطلاق الأدلّة بل ظاهرها ان الحکم المذکور، من الوضعیات الشاملة للمکلفین وغیرهم.)
وفیما ذکروه نظر من وجوه: امّا اولا فلأن قلم التشریع مرفوع عن الصّبى والمجنون، روى ابن ظبیان قال: أتى عمر بإمرأة مجنونة قد زنت، فامر برجمها، فقال على (علیه السلام): أما علمت أن القلم یرفع عن ثلاثة: عن الصبى حتى یحتلم، وعن المجنون حتى یفیق، وعن النائم حتى یستیقظ؟(19)
ویؤیده الرّوایات الکثیرة النافیة للزکاة فى مال الیتیم فانها متعلقة بالمال کالخمس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة76 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وکلاهما واجب مالى ثبت فى المال بعنوان الخمس والعشر ونصف العشر فکما ان العشر ونصف العشر فى الزکاة مختص بالبالغین فکذا الخمس، فانهما من سنخ واحد.
ففى صحیحة زرارة عن أبی جعفر(علیهما السلام) (قال: ما أنبت الارض من الحنطةوالشعیر والتمر والزّبیب ما بلغ خمسة او ساق، والوسق ستون صاعاً، فذلک ثلاثمأة صاع، ففیه العشر، وما کان منه یسقى بالرّشاء والدوالى والنواضح ففیه نصف العشر، وماسقت السماء أو السّیح او کان بعلا ففیه العشر (الحدیث)(20)
وثانیا أنّ الصّغیر والمجنون لم یتوجّه الیهما التکلیف التعبدى باخراج الخمس، کما عرفت لأن القلم مرفوع عنهما، ولا وجه لتوجه الامر التعبدى ابتداءً الى الولى، والاّ لتعلّق جمیع اوامر الصوم والصلاة بدلا عن الصغیر والمجنون بولیّهما وهذا باطل جزماً.
وثالثا انه لایمکن للولى ان یقصد التقرب بالتخمیس،لأنه ان قصد قرب نفسه بالله، فهو لا یصح لأن اخراج خمس مال الغیر لا بدان یکون مقربا له من الله، لا لنفسه، على أنه على هذا یکون تصرف الولى فى مالهما بالتخمیس ضرریاً، ویشترط فى صحة تصرفات الولى عدم المفسدة والضرر على القاصر.
وإن قصد قرب الصّبى والمجنون من الله، فهو لم یطلب منهما، فکیف یقصد ما لم یطلب.
ودعوى أن وجوب تخمیس ما لهما انما یکون رعایة لحقوق الناس، کما هو الحال فى اداء دینهما، فانه واجب على الولى، مدفوعة بانّ القیاس مع الفارق، فان اداء الدین امر توصلّى لا یعتبر فیه قصد القربة، فیصح الاداء وان قصد الرّیأ، وأما فى المقام، فلا بد من أن یقع مع قصد القربة، وقد عرفت المحذور فیه، ومن اجله یمکن أن یقال: إن الخمس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 77 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ویجوز للحاکم الشّرعى اجبار الکافر على دفع الخمس مما اخرجه(6) وان کان لو أسلم سقط عنه مع عدم بقاء عینه (7)

کالزکاة لا یتعلّق بمال الصّبى والمجنون.
فعلیه لا یجب على ولیّهما إخراج الخمس من مالهما ولو کان معدناً، فلواحضر الولى للمحاکمة وقال الله تعالى: لِمَ ما أخرجت خمس مال الصّبى؟ یقول الولى: لِمَ قلت:رفع القلم عن الصّبى، فلو قال تعالى مقصودى کان قلم التکلیف، یقول الولى: لِمَ ما قیّدت الرّفع بالتکلیف. ـ ثم لا یخفى أن حدیث الرّفع حیث ورد فى مورد الامتنان على الامة، یشمل مثل تشریع الصلاة والصوم والحج والزکاة والخمس وامثالها ولا یشمل ضمان ما أتلفه الصّبى أو المجنون نفساً کان أو مالا فان رفعه خلاف الامتنان على الأمة.
(6) هذا مبنى على أنّ الکفار مکلّفون بالفروع; وعلى ما قوّیناه لیس له الإجبار على ذلک لعدم وجوب الخمس علیه، والمعلوم من سیرة النبى(صلى الله علیه وآله وسلم) ایضاً عدم الإجبار، بل قد عرفت دلالة النصوص على أنه لیس على الکافر الاّ الجزیة.
(7) هذا یناقض ما تقدم منه(قدس سره) فى المسألة السابع عشر من الزکاة حیث قال هناک: لو أسلم الکافر بعد ما وجبت علیه الزّکاة، سقطت عنه وان کانت العین موجودة، فان الاسلام یجبّ ما قبله.
هل الصّحیح ما ذکره هنا او هناک؟ لا اشکال فى أنه على ما بنى علیه من انّ الکفّار مکلّفون بالفروع، وأن حدیث الجب حجّة، لعمل الأصحاب به، صحّ ما ذکره هناک، لأنّ حدیث الجب قطع وجوب الزکاة ورفعه، حیث انه کان قبل الاسلام، فلا یجب اخراج الخمس والزکاة علیه وان کانت العین باقیة.
وأمّا بناء على ما قویناه من عدم تکلیف الکفار بالفروع، فلا یجب علیهم اخراج الخمس والزکاة بعد الاسلام وان کانت العین موجودة، ولم نقل بحجیة حدیث الجب، فان الکافر فى أوان تعلّق الخمس والزکاة لم یکن مکلّفاً بهما، وأمّا بعد الإسلام فلا مقتضى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة78 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ویشترط فى وجوب الخمس فى المعدن بلوغ ما اخرجه عشرین دیناراً (8)

للوجوب.
وقد یفصّل وجوب القضاء على الکافر بعد اسلامه بین القول بانه تابع للاداء، فیجب علیه القضاء، والقول بأنه بفرض جدید، فلا یجب.
وفیه أنّ المعلوم من سیرة النبى(صلى الله علیه وآله وسلم)عدم الامر بالقضاء مطلقاً، ولو أمر (ص) به فى بعض الموارد لنقل الینا وظهر وبان، ولم یعهد ذلک حتى فى مورد واحد.
(8) الاقوال فى المسألة ثلاثة، احدها عدم اعتبار النصاب فى المعدن اصلا، وهذا هو المشهور بین القدماء، حتى الشیخ فى أحد قولیه، وقد ادعى فى الخلاف الاجماع على عدم اعتبار النصاب، وکذا ابن ادریس فى السرائر فعن الخلاف فى (المسئلة 141) قد بینّا ان المعادن فیها الخمس، ولا یراعى فیها النصاب وبه قال الزهرى وابوحنیفة کالرکاز سواء، الا أن الکنوز لا یجب فیها الخمس الاّ اذا بلغت الحد الذى تجب فیه الزکاة..دلیلنا اجماع الفرقة.
وعن السّرائر (اجماع أصحابنا منعقد على استثناء الکنوز واعتبار المقدار فیها، وکذلک الغوص، ولم یستثنوا غیر هذین الجنسین فحسب، بل اجماعهم منعقد على وجوب اخراج الخمس من المعادن جمیعها على اختلاف اجناسها، قلیلا کان المعدن أو کثیراً، ذهباً کان او فضّة من غیر اعتبار مقدار، وهذا اجماع منهم بغیر خلاف). وهذا هو المشهور بین القدماء.
وثانیها اعتبار النصاب وهو دینار واحد، وهو قول ابی صلاح الحلبى، واستدل على ذلک بروایة البزنطى عن محمد بن على بن ابی عبدالله عن ابى الحسن(علیه السلام)، قال: سألته عما یخرج من البحر من اللؤلؤ والیاقوت والزبرجد وعن معادن الذهب والفضة هل فیها زکاة؟ فقال: اذا بلغ قیمته دیناراً ففیه الخمس(21).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 79 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ثالثها ما اختاره الشیخ فى النهایة وابن حمزة فى الوسیلة والمفید فى الغریة وهو المشهور بین المتأخرین، بل نسب الى عامتهم تارة والى قاطبتهم أخرى وهو اعتبارالنصاب عشرین دیناراً، واستدلوا على ذلک بصحیحة البزنطى.
قال: سألت أباالحسن(علیه السلام) عما اخرج المعدن من قلیل او کثیر، هل فیه شىءٌ؟ قال(علیه السلام): لیس فیه شىءٌ حتى یبلغ ما یکون فى مثله الزکاة عشرین دیناراً(22).
امّا القول الأوّل، فمبنى على دعوى الاجماع ومطلقات الأخبار، ودعوى الاجماع ضعیفة من وجوه: الأول أن الشیخ فى النهایة وابن حمزة فى الوسیلة والمفید فى الغریة وابو صلاح الحلبى، قد خالفوا صریحاً، فان الثلاثة الاولى، اعتبروا النصاب بعشرین دیناراً، والأخیر اعتبر النصاب بدینار واحد، وعامّة المتأخرین اعتبروا نصاب العشرین.
الثانى ان کثیرا من القدماء لم یتعرضوا لنصاب المعدن، لا انهم اعتبرو عدم النصاب فیه، فکیف یصحّ دعوى الاجماع.
الثالث أن صحیحة البزنطى ناطقة باعتبار نصاب العشرین، والشیّخ فى النهایة استدل بها، مع أنه نفسه(قدس سره) ادعى الاجماع على عدم اعتبار النصاب فى الخلاف.
وامّا مطلقات الأخبار، فتقیّد بصحیحة البزنطى المتقدمة، فعلیه یکون الاقوى هو القول الثالث.
واما القول الثانى الذى اختاره الحلبى، فمبنى على روایة ضعیفة تقدمت فان محمد بن على بن ابی عبدالله لم یوثق ولم یمدح، ولم یرد عنه الاّ روایتان فى تمام الفقه، احدیهما هذه الرّوایة، والاخرى ما یروى عنه على بن اسباط.
نعم لو قلنا: ان البزنطى من اصحاب الاجماع، وهو لا یروى الا عن ثقة تکون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 80 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الروایة معتبرة، الا أن هذا لم یثبت، بل ثبت خلافه فانه روى عن الضّعفاء کمفضل بن صالح وأمثاله، فعلیه لا دلیل لما اختاره الحلبى.
ثم ان صحیحة البزنطى الّتى اعتمد نا علیها فى اعتبار نصاب العشرین قد نو قش فیها من وجوه: أحدها ان الصحیحة لا تعرض لها بالنسبة الى الخمس بوجه، لا سؤالا ولا جواباً، بل الظاهر من سیاقها أنها ناظرة الى السئوال عن زکاة الذهب والفضّة، بعد اخراجهما من المعدن، وبما أنهما غیر مسکو کین حینئذ ولازکاة الا فى المسکوک، فجوابه(علیه السلام)بالوجوب بعد بلوغ النصاب محمول على التقیة، لموافقته لمذهب الشافعى.
وفیه اولا ان دعوى ظهور السیاق فى ان السئوال انما هو عن زکاة الذهب والفضة بعد الاخراج عن المعدن، بلا موجب، فان المعدن المذکور فى السئوال، مطلق یشمل کل المعادن.
وثانیا ان حمل کلمة الشىء الواقع فى السئوال، على الزکاة لا شاهد علیه اصلا فان السئوال ناظر الى حق من حقوق الله، وهو کما ینطبق على الزکاة، ینطبق على الخمس فجوابه(ع) بقوله: لیس فیه شىءٌ، یعنى انه لیس فیه شىءٌ من حق الله الا ان یبلغ مقداراً یکون فى مثله الزکاة عشرین دیناراً، وبما ان المرتکز فى الذهن ـ لا سیما البزنطى ـ الذى هو من الا جلاّء هو الخمس فى المعدن، لا الزکاة، کان الجواب ظاهراً فى ان الخمس انما هو بعد بلوغ النصاب;
ویؤکد ما ذکرنا صحیحته الأخرى عن أبی الحسن الرضا(علیه السلام) قال: سألته عما یجب فیه الخمس من الکنز؟ فقال: ما یجب الزکاة فى مثله ففیه الخمس(23).
فانها مصرحة بالخمس، مع أنه(ع) عبّر نظیر قوله(ع) فى تلک الصحیحة: ما یکون

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 81 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فى مثله الزکاة، وهذه الجملة مع قوله(ع): (مایجب الزکاة فى مثله ففیه الخمس) بمعنى واحد، فهى تشهد على أن المراد من الشى فى حدیث المعدن هو الخمس، وحیث ان المعدن والکنز اخوان، فحکمهما ایضاً واحد، وهو أنّ نصابهما عشرون دیناراً، فالتعبیر بعشرین دیناراً فى الصّحیحة الأولى، یرفع اجمال قوله(ع) فى الصّحیحة الثانیة: (ما یجب الزکاة فى مثله).
ویؤیّده صحیحة زرارة عن أبی جعفر(علیهما السلام)قال: سألته عن المعادن ما فیها؟ فقال: کل ما کان رکازاً ففیه الخمس (الحدیث)(24).
فان الرکاز یشمل المعدن والکنز جمیعاً وحکمهما ایضاً واحد وهو التخمیس والحاصل ان الحمل على التّقیة لا یصار الیه الاّ عند الضّرورة ولا ضرورة هنا لذلک أصلا.
ثانیها ان الصحیحة ساقطة عن الحجیة لإعراض قدماء الاصحاب عنها فانهم لم یعملوا بها.
وفیه أنه لو بنینا على أنّ إعراض المشهور موجب للسقوط عن الاعتبار فنقول: قد عمل بها من القدماء الشیخ وابن حمزة والمفید فى الغریة (کما قیل) وعدّة من القدماء لم یتعرضوا لهذه المسألة، لا أنهم تعرضوا لها وصرّحوا بعدم اعتبار النّصاب فیها، والمتأخرون قد عملوا بها اجمع، فلا اعراض أصلا.
ثالثها أن إرادة الخمس من صحیحة البزنطى یستلزم إرتکاب التقیید ببلوغ العشرین فى صحیحة محمد بن مسلم، (قال: سألت أبا جعفر(علیهما السلام)عن الملاحة فقال: وما الملاحة؟ فقال: (فقلت): ارض سبخة مالحة یجتمع فیه الماء فیصیر ملحاً، فقال: هذا المعدن فیه الخمس (الحدیث)(25)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة82 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فان قیمة الملح المتخذ من السبخة لا تبلغ عشرین دیناراً، إلاّ نادرا ـ لا سیما ـ اذااعتبر نا الاخراج دفعة واحدة فیلزم حمل المطلق على الفرد النادر، فلابد من انکار اعتبار النصاب فى المعدن، وحمل الصحیحة على ارادة الزکاة تقیة.
وفیه اولا أن المحذور إنّما یتوجّه لو کان الحکم فى الصحیحة متعلقا با الملح، بما هو ملح، ولیس کذلک، بل الحکم متعلق بالمعدن، حیث قال(علیه السلام): (لیس فیه شىءٌ حتى یبلغ ما یکون فى مثله الزکاة عشرین دینارا) فالمعنى ان المعدن فیه الخمس اذا بلغ قیمته عشرین دیناراً، والموضوع لهذا الحکم هو المعدن وله انواع کثیرة، تبلغ قیمة ما أخرج من کل نوع عشرین دیناراً غالباً، مثل الذهب والفضة والحدید والصفر والنحاس والعقیق والفیروزج والرصاص والیاقوت وامثالها، ومعدن الملح أحد الأنواع، ونمنع الندرة فیه أیضاً ـ لا سیما فى الامکنة التى یعزّفیها الملح، فالتّاجر یستعین بعمّال لاخراج الملح الحجرى من المعدن، وکذا اذا کان فى سطح الأرض السبخة، فما یجمعونه من السبخة أو یخرجونه من المعدن یکون مالیته عشرین دینارا غالباً، نعم ما یحوزه غیر التاجر للاستفادة الشخصیة یمکن ان لایبلغ قیمته عشرین دیناراً، ولکنّه لا یضّر فى التقیید اصلا ولا یوجب حمل المطلق على الفرد النّادر کما هو واضح.
وثانیاً انه لو تنزلنا عن ذلک، وقلنا: ان اخراج الملح أو جمعه دفعة واحدة لا تبلغ قیمته عشرین دیناراً غالباً، فنقول: لا یضر ذلک فى تقیید المعدن بعشرین دیناراً فان الموضوع وهو المعدن لا یحمل على الفرد النادر، والنادر هو الملح وهو فرد من افراد الموضوع، لا أنه نفس الموضوع.
ثم إنّ السیّد الحکیم(قدس سره) قال فى المستمسک: (إن مقتضى اطلاق السئوال عن المعدن، عموم السئوال للفضة والذهب وغیرهما، وحینئذفالمراد مما یکون فى مثله الزکاة، المالیة، یعنى یبلغ مالیة فیها الزکاة ولأجل ان ثبوت الزکاة فى المالیة وعدمها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة83 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

یختلف باختلاف النصاب الملحوظ، وانه نصاب الذهب او الفضة او اقلهما او اکثرهما، ولاقرینة على تعیین احدهما، یکون الکلام المذکور محملا، لکن قوله(ع) بعده: (عشرین دیناراً) رافع لهذا الإجمال، فیتعیّن التقویم بها لا غیر، فلا یکفى فى معدن الفضة بلوغ مأتى درهم اذا لم تکن قیمتها عشرین دیناراً واذا بلغت قیمتها ذلک، وجب فیها الخمس، وان لم تبلغ قیمتها مأتى درهم.).
وقال بعض المعاصرین: (اىّ داع للامام(ع) فى أن یقول أوّلا کلاما مجملا محتملا لاربعة وجوه ثم رفع اجماله، وهل هو بصدد ایراد المعّمى واللغز؟!
فالظاهر أن فى قوله(علیه السلام): (حتى یبلغ ما یکون فى مثله الزکاة) دلالة على دخالة هذه الحیثیة وان الاعتبار و العنایة ببلوغ نصاب الزّکاة فیکون قوله: عشرین دیناراً واردا مورد المثال.)
قلت: ما ذکره وإن کان محتملا، الاّ أن الحمل على المثال لایمکن المصیر الیه بلا قرینة، فان الإمام(ع) لو لم یکن له عنایة بعشرین دیناراً لاکتفى بقوله(ع): (حتى یبلغ ما یکون فى مثله الزکاة) فلو فرض أن قیمة المعدن بلغت مأتى درهم و کانت تساوى عشرة دنانیر، لایمکن الا لتزام بوجوب الخمس فیه، فانه من الاجتهاد فى قبال النص. نعم الاحوط هو الأخذ با قلّ الامرین.
وامّا قوله: (أىّ داع للامام الخ،) فجوابه أن داعیه(علیه السلام) یمکن ان یکون بیان أن نصاب المعدن فى الخمس هو مقدار نصاب الذهب فى الزکاة وهو یکون عشرین دیناراً، وقبل اتیان العشرین تکون المحتملات موجودة طبعاً وبعد اتیانه ارتفع الإجمال وظهر المراد، بل یمکن أن یقال: إنّ قوله(علیه السلام): عشرین دینارا مبیّن لاجمال صحیحة البزنطى ایضاً عن أبی الحسن الرّضا(علیه السلام) (قال: سألته عما یجب فیه الخمس من الکنز، فقال: ما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة84 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد استثناء مؤونة الاخراج والتصفیة ونحوهما (9)

یجب الزکاة فى مثله ففیه الخمس)(26)
ولکنّه یتوقف على کون المعدن والکنز محکومین بحکم واحد من جمیع الجهات. والاذعان بذلک مشکل، فان الرکاز وان یصدق علیهما غالبا الا أنهما موضوعان مستقلان فى باب الخمس فیمکن ان یکون نصاب المعدن، نصاب الذهب ونصاب الکنز نصاب النقدین فى الزکاة.
(9) عن المدارک أنّ هذا الحکم مقطوع به فى کلام الأصحاب، وعن الخلاف (المسألة 139) وقت وجوب الخمس فى المعادن حین الأخذ ووقت الاخراج حین التصفیة والفراغ منه ویکون المؤون وما یلزم علیه من اصله، والخمس فیما یبقى، واما احتساب النفقة من أصله، فعلیه اجماع الفرقة.
فالکلام یقع فى مقامین: الأول هل التخمیس واجب فى کل ما أخرجه من المعدن، او خاص بما یبقى بعد المؤونة، فلو کان المخرج قیمته ستون دیناراً وکانت المؤونة عشرین، فهل یجب تخمیس الستین أو الأربعین بعد اخراج العشرین؟
لا شک فى ان الصحیح هو الثانى، وذلک لأن الخمس فى اکثر الموارد یتعلق بالغنیمة والفائدة، وهى لا تصدق على ما اخرج من المعدن الاّ بعد استثناء المؤونة، وقد دلّت صحیحة عبد الله بن سنان على ذلک، قال: سمعت أبا عبدالله(علیه السلام) یقول: لیس الخمس الاّ فى الغنائم خاصة(27) فان المراد منها هى الفوائد، والظّاهر أن هذا مما تسالم علیه الأصحاب، کما عرفت عن الخلاف والمدارک.
وامّا الروایات الواردة فى ان الخمس بعد المؤونة، فبعضها ناطقة بمؤونته ومؤونة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 85 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

عیاله، وبعضها مطلقة، وحیث أنّ المطلقة قابلة للحمل على المقیّد فلا مجال للاستدلال بها فى المقام، لعدم ظهورها فى مؤونة الاخراج.
نعم یمکن الاستدلال بصحیحة زرارة عن أبی جعفر(علیهما السلام) قال: سألته عن المعادن ما فیها؟ فقال(ع): کل ما کان رکازاً ففیه الخمس، وقال: ما عالجته بمالک، ففیه ما أخرج الله سبحانه منه من حجارته مصفّى الخمس(28)
وهذه الصّحیحة کالصریح فى اختصاص الخمس بالمصفّى وبما یبقى بعد اخراج المال المعالج به اخراج المعدن، کما نبّه على ذلک صاحب الحدائق والمحقق الهمدانى(قدس سرهما).
ودعوى ان الظاهر من المصفّى التصفیة الذاتیة وهى تصفیته من التراب والرمل لا التصفیة المالیة التى هى معنى إصطلاحى، مدفوعة بأنّه على هذا یلزم لغویة قوله(ع): ما عالجته بمالک وهو اقوى قرینة على ان المراد من مصفّى هى التصفیة المالیة.
المقام الثانى فى أنه بعد ما علم اعتبار اخراج المؤونة من المعدن قبل التخمیس، فهل النصاب یلاحظ بعد اخراج المؤونة، کما هو المشهور بین الاصحاب، بل أدعى نفى الخلاف فیه؟ أو یلحظ قبل اخراج المؤونة کما هو مختار صاحب المدارک والسّید الحکیم والاستاذ آیة الله الخوئى (ره) وبعض المعاصرین.
واختار صاحب الجواهر القول المشهور، واستدلّ بأصالة البرائة عن وجوب الخمس، فان المتیقن من وجوبه ما کان بالغاً حدّ النصاب بعد استثناء المؤونة وأمّا إذا بلغ حدّ النصاب قبل استثنائها، فوجوب الخمس فیه مشکوک فیه فیدفع بالأصل، فیقال: الأصل عدم وجوب اخراجه فوراً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 86 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

قال سیدنا لاستاذ(قدس سره): وهذا له وجه، لولا الاطلاق فى صحیحة البزنطى حیث (قال الامام(علیه السلام): لیس فیه شىءٌ حتى یبلغ ما یکون فى مثله الزکاة عشرین دیناراً) المقتضى لوجوب إخراج الخمس فعلا بعد بلوغ المجموع حد النصاب سواء کان کذلک بعد اخراج المؤون ایضاً ام لا.
وفیه ان ما ذکره صاحب الجواهر لا وجه له، وان قلنا بعدم الاطلاق فى صحیحة البزنطى، وذلک لأنها اذا کانت مجملة، نأخذ منها بالقدر المتیقّن، وهو ما اذا لم یصل المعدن الى حد النصاب اصلا، واما اذا بلغ حده، وشککنا فى أنه هل اعتبر قبل المؤونة او بعدها یکون المورد من موارد اجمال المخصص المنفصل الدائر بین الأقل والاکثر، فنقتصر با التخصیص بالمقدار المتیقن، وهو ما اذا لم یصل المعدن الى حد النصاب اصلا;
وأمّا اذا بلغ حدّه قبل المؤونة فنشکّ فى انه خارج عن تحت العام ام لا، فنتمسک بأصالة العموم أو الاطلاق، فنحکم بوجوب الخمس فوراً، فکیف یرجع الى أصالة عدم وجوب الخمس فوراً فانّ الأصل العملى لایجرى مع وجود الأصل اللّفظى.
ولکنّه یمکن أن یقال: إن التّمسک بالعموم أو الإطلاق فى المقام لا یجوز وذلک لان الذى یجب اخراج خمسه اذا بلغ النصاب هو المعدن المصفّى کما عرفت فى صحیحة زرارة، وهو ما یصدق علیه الغنیمة کما فى صحیحة عبد الله بن سنان، بناء على ما هو الاظهر من أن الغنائم بمعنى الفوائد، ومن الواضح أنه لا یصدق المعدن المصفّى ولا الغنیمة الاّ بعد إخراج المؤونة، فعلیه لابد أن یبلغ النصاب ما هو المعدن المصفّى والغنیمة فانّهما متعلّقان للخمس.
ویردّه أنه فرق بین متعلّق الخمس ومتعلّق النّصاب ولا دلیل على تعلق الثانى بالغنیمة والمصفّى، بل ظاهر صحیحة البزنطى تعلّقه بما أخرجه المعدن ولو قبل المؤونة. ولو أغمضنا عن إطلاق صحیحة البزنطى فنقول: إذا بلغ المعدن حدّ النصاب، لابدّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة87 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فلا یجب اذا کان المخرج أقل منه، وان کان الاحوط اخراجه اذا بلغ دینارا

من تخمیسه ولو بعد اخراج المؤونة فان الذى لا یجب تخمیسه هو ما لم یصل الى حد النصاب أصلا وامّا اذا بلغ حدّه ولو قبل اخراج المؤونة فلا دلیل على خروجه من تحت العموم والاطلاق المثبت للخمس فى المعدن فنقتصر بخروج ما لم یصل الى حد النصّاب اصلا کما عرفت.
فما ذکره صاحب الجواهر من الرّجوع الى الاصل العملى لا وجه له وان لم نقل باطلاق صحیحة البزنطى، ولکن الاطلاق فیها لاینکر، فالنتیجة ان ما أخرجه المعدن ان بلغ حدّ النصاب یجب تخمیسه ولو بعد اخراج المؤون، فالنصاب یلحظ قبل اخراجها والخمس یتعلق بالمصفى والغنیمة بعد اخراجها;
ولکن الذى یوهنه أمور: أحدها أنه لو فرض أن المعدن المخرج بلغ عشرین دیناراً، وکانت المؤونة المصروفة ایضاً عشرین دیناراً، فبناءً على ما تقدم من اعتبار النصاب قبل المؤونة یکون مقتضى مفهوم صحیحة البزنطى وجوب الخمس هنا، مع انه لا یمکن لما عرفت من لزوم إخراج المؤونة قبل الخمس، وهذا بخلاف ما اذا عتبرنا النصاب بعد المؤونة فانّ عدم التخمیس هنا لعدم بلوغ النصاب;
ثانیها أنه لو فرض أن المخرج من المعدن کان عشرین دیناراً، والمؤونة کانت تسعة عشر دیناراً، فیلزم تخمیس الدینار الواحد، وهو ینافى مایستفاد من الصحیحة من نفى الخمس عن القلیل أو الکثیر، حتى یبلغ عشرین دیناراً، وظاهرها ان العشرین کلها متعلق الخمس،
ولو فرض أن المعدن المخرج کان تسعة عشر دیناراً بلا مؤونة، لا یجب فیه الخمس لعدم بلوغ النصاب، فتخمیس الدینار الواحد الباقى بعد المؤونة على خلاف ارتکاز المتشرعة، حیث ان اغتنام تسعة عشر لایکون متعلّق الخمس فکیف یکون اغتنام دینار واحد متعلّقاً له.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 88 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ثالثها انه لو فرض اعتبار النصاب قبل اخراج المؤونة، لما ینطبق علیه مفهوم صحیحة البزنطى، وهو أنه اذا بلغ المعدن عشرین دیناراً ففیه الخمس وظاهره ان الخمس فى تمام العشرین، وفى الفرض المذکور لا یکون الخمس فى تمامها بل فیما یبقى بعد اخراج المؤونة، وهذا ما ذکره شیخنا الأنصارى(قدس سره).
ویؤیّده التشبیه بالزکاة حیث قال(علیه السلام): (حتى یبلغ ما یکون فى مثله الزکاة عشرین دیناراً) فکما أن الزکاة تکون فى تمام العشرین، وهو نصف دینار فکذلک الخمس لابد أن یکون فى تمام العشرین، فلو اعتبرنا النصاب قبل المؤونة لا یکون الخمس فى تمام العشرین بل قد لا یبقى شیئ حتى یخمّس وقد یبقى دینار واحد کما عرفت.
وقال بعض المعاصرین بعد نقل کلام الشیخ(قدس سره): (ویرد علیه ان مفهوم کلامه(علیه السلام) ان المعدن اذا بلغ عشرین دیناراً ففیه شیئ) وقد ظهر فى المسألة الاولى ان أصل اخراج المؤونة بلا اشکال، فحینئذ فقید بعد المؤونة إما ان یرجع الى الشرط یعنى (اذا بلغ) أو یرجع الى الجزاء اعنى (ففیه شئ) ولازم الاول اعتبار النصاب بعد المؤونة، ولازم الثانى اعتباره قبلها، ولا مرجّح لأحد الا طلاقین، فیتعارضان، ویرجع الى اطلاقات ثبوت الخمس فى المعدن،
ومقتضاها اعتبار النصاب اولا، حیث إنّ اصل إخراج المؤونة متیقن واما کون اعتبار النصاب ایضاً بعدها، فمشکوک فیه، فالاحوط ان لم یکن اقوى اعتبار النصاب قبل المؤونة).
وفیه أنّ الوجوه الثلاثة الموهنة لرجوع القید الى الجزاء ولا سیما الاخیر یرجّح رجوعه الى الشرط، فیکون المعنى: إذا بلغ المعدن بعد اخراج المؤونة عشرین دیناراً یجب فیها الخمس، فکما أن تمام العشرین فى باب الزکاة متعلق لها فکذا تمامها فى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة89 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بل مطلقاً (10) ولا یعتبر فى الاخراج ان یکون دفعة فلو اخرج دفعات وکان المجموع نصاباً وجب اخراج خمس المجموع(11)

المقام متعلّق للخمس ولایکون هذا الاّ اذا اعتبرنا النصاب بعد المؤونة کما هو المشهور بین الأصحاب.
(10) الاحتیاط إنما هو لروایة محمد بن على بن أبی عبدالله المتقدمة الدالة على وجوب الخمس اذا بلغ دیناراً، وقد تقدم انها ضعیفة السند.
وامّا الاحتیاط باخراج الخمس مطلقا فلاطلاقات الخمس فى المعدن وکلاهما استحبابى.
(11) هذا هو الصّحیح وفاقاً للجواهر ولظاهر جماعة وصریح آخرین، لا طلاق الادلّة فانّ قوله فى صحیحة البزنطى:(حتى یبلغ ما فى مثله الزکاة عشرین دیناراً) یشمل الدفعة والدفعات، بل یشمل الدفعات ولو تخلّل بینها الاعراض;
ولکن سیدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره) خالف فى المقام وقال: الأقوى تبعاً لجمع آخرین عدم الانضمام نظرا الى ان المنسبق من النصّ بحسب الفهم العرفى فى أمثال المقام کون الحکم انحلالیاً ومجعولا على سبیل القضیة الحقیقیة ، فیلاحظ کل اخراج بانفراده واستقلاله، بعد انعزا له عن الإخراج الآخر، کما هو المفروض، فهو بنفسه موضوع مستقل بالإضافة إلى ملاحظة النصاب فى مقابل الفرد الآخر من الإخراج)(29)
وفیه أنّ العبرة بالمخرج لا بالاخراج، وهو الذى قد یبلغ النصاب وقد لایبلغه، وهو الذى یصدق علیه الإغتنام والحیازة والملک، فاذا بلغت الغنیمة المخرجة من المعدن، النصاب تشملها الصّحیحة، ولا نظر لها الى الدفعة والدفعات.
وبعبارت أخرى الضّریبة المالیة وهو الخمس تتعلّق بالغنیمة المنحازة المستخرجة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 90 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وان اخرج أقل من النصاب فاعرض ثم عاد وبلغ المجموع نصاباً فکذلک على الاحوط(12)
واذا اشترک جماعة فى الاخراج ولم یبلغ حصّة کل واحدمنهم النصاب ولکن بلغ المجموع نصاباً فالظاهر وجوب خمسه (13)

من المعدن، للنصوص، وصحیحة البزنطى تدلّ على اعتبار النصاب فیها، فلا فرق بین الدفعة والدفعات، والاخراج ملحوظ بلحاظ آلىّ طریقى، لا أنّه بنفسه موضوع، حتى یلاحظ الانحلال بالنسبة الیه;
وعن الشّهید فى الدّروس:(لا فرق بین ان یکون الاخراج دفعة او دفعات) وقال الشهید الثانى فى المسالک: (لو أعرض عنه، ثم تجدّدله العزم، ضمّ بعضه الى بعض).
نعم لو أخرج المعدن وأتلفه، ثم أخرج ثانیاً، لا ینضمّ الى التّالف لعدم الموضوع وأما لو لم یتلف وکان باقیاً، وأعرض عن الإخراج ثم بداله الاخراج، ینضم الى الأول فاذا بلغ النصاب، لابدّ من تخمیسه.
(12) بل عرفت أنه الأقوى، لما عرفت أن العبرة ببلوغ المخرج للنصاب ولا دلیل على اعتبار الموالات فى الاخراج .
(13) قال فى الجواهر: (لا فرق قطعاً بین اتحاد المستخرج للمعدن وتعدّده بحیث اشترکوا فى حیازته اذا بلغ نصیب کل واحد منهم النصاب، واما اذا لم یبلغ، فقد صرّح غیر واحد بعدم الوجوب على واحد منهم، بل لا اعرف من صرّح بخلافه، لکن قد یقال: بظهور صحیح ابن ابی نصر السابق، بل وغیره من الاخبار بخلافه، کما اعترف به الشهید فى بیانه وهو احوط ان لم یکن أولى).
وقال سیدنا الاستاذ المرحوم(قدس سره) (على ما فى تقریرات بعض تلامذته): فهل یلاحظ النصاب فى المجموع أو فى حصّة کل واحد منهم؟ نسب الثانى الى المشهور ولکنه غیر واضح، فان مقتضى اطلاق صحیح البزنطى أن العبرة بالاخراج لا بالمخرج وان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة91 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

المدار ببلوغ ما أخرجه المعدن حد النصاب سواء کان المخرج واحداً او متعدداً(30)
وفى المستمسک نسب خلاف المشهور الى شیخنا الاعظم وصاحب الحدائق و المستند، لاطلاق صحیح البزنطى، ویظهر منه(قدس سره) ایضاً اختیاره، کما هو مختار صاحب المتن;
ولکن الظّاهر هو صحّة القول المشهور، وهو اعتبار بلوغ حصّة کل واحد منهم النصاب، وذلک لأن الاخراج سبب للملکیة والحیازة والاغتنام، والنصاب لا یتعلّق الاّ بما هو مملوک للمالک ویصدق علیه الغنیمة، وبما ان کل مکلّف موضوع مستقل، فلابد ان یصل نصیبه حد النصاب، حتى یجب علیه التخمیس، فمعنى قوله(ع) فى الصّحیحة (: لیس فیه شئ حتى یبلغ ما یکون فى مثله الزکاة عشرین دیناراً) أنه لیس فیه شئ حتى یبلغ ما ملکه المکلّف بالاخراج مقداراً، یکون فى مثله الزکاة عشرین دیناراً، فاذا لم یصل ما ملکه حدّ النصاب، کیف یضمّ الیه نصیب غیره وملکه، مع أن کلا منهم مکلّف مستقل; ویدلّ على ذلک التشبیه بما یکون فى مثله الزّکاة; فان عشرین دیناراً اذا کان لاثنین لا یکون فیه الزکاة، فیمکن أن یقال: إن النکتة فى قوله(ع): ما یکون فى مثله الزکاة، هو أن العشرین دیناراً، لابد ان یکون لمالک واحد، وإلاّ یلزم ان یلغى قوله(ع): فى مثله الزّکاة لکفایة قوله(ع): حتى یبلغ عشرین دیناراً فلا یمکن حمل کلام الامام(ع) على ما یلزم منه الّلغویة فیه.
ودعوى أنّ صحیحة البزنطى مطلقة، ولم یقیّد إعتبار النصاب لمالک واحد فنتمسک بالاطلاق، ونحکم بوجوب خمس المعدن اذا بلغ النّصاب مطلقاً، سواء کان المالک واحداً أو متعدداً، مدفوعة:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة92 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وکذا لا یعتبر اتحاد جنس المخرج، فلو اشتمل المعدن على جنسین أو أزید وبلغ قیمة المجموع نصاباً، وجب إخراج خمسه (14) نعم لو کان هناک معادن متعدّدة، اعتبر فى الخارج من کل منها بلوغ النصاب دون المجموع (15) وان کان الاحوط کفایة بلوغ المجموع خصوصاً مع اتحاد جنس المخرج منها، سیما مع تقاربها، بل لا یخلو عن قوة مع الاتحاد والتقارب.

بأن الصّحیحة انما هى فى مقام البیان، من ناحیة الکمیة والمقدار لمالک واحد، لما عرفت من أنّ التشبیه بالزکاة، لا یکون الاّ من هذه النّاحیة، فنقول: ان المکلّف اذا اخرج المعدن وملک النصاب، وجب علیه الخمس بمقتضى الصّحیحة، وامّا اذا لم یملکه بل ملک نصفه، وملک النصف الآخر شریکه، لا ینضم أحدهما الى الآخر، لعدم الدلیل على الانضمام، والمعهود من نصاب عشرین دیناراً فى باب الزّکاة انما هو اذا کان لما لک واحد.
والحاصل أنّ الشّرکة لا توجب زیادة التکلیف، فلو کان الشّرکاء عشرین نفراً، وأخرجوا المعدن، وبلغ عشرین دیناراً، فلو قلنا بوجوب الخمس، لزم ان کل من ملک دیناراً وجب علیه الخمس مع أنه لو أخرج واحد منهم بانفراده تسعة عشر دیناراً، لا یجب علیه الخمس، فالقول بوجوب خمس دینار واحد، على کل من من الشرکاء، مخالف لارتکاز المتشرعة ایضاً، ولا یحتمل ان تکون الشرکة، دخیلة فى هذالحکم، بل التشبیه بالزکاة ـ کما عرفت ـ ناطق بوحدة المالک للنصاب.
فقد تحصّل أنّ الصّحیح هو ما علیه المشهور، من عدم وجوب الخمس، الا اذا بلغ نصیب کل واحد منهم عشرین دیناراً.
(14) صحّ ما ذکره(قدس سره) فإنّ المخرَج اذا بلغ النّصاب، تشمله الصّحیحة فلابدّ من اخراج خمسه، ولا فرق بین أن یکون فى المعدن جنس واحد أو جنسان.
(15) نسب الى جملة من المحققین، اعتبار وحدة المعدن، ادّعى السید الحکیم(قدس سره)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة93 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

فى المستمسک انصراف المعدن الى الفرد.
واختار سیدنا الاستاذ الأعظم(قدس سره) ایضاً وحدته، فاذا کان هناک، معادن متعدّدة، اعتبر فى الخارج من کل منها، بلوغ النصاب، سواء کان الخارج من جنسین أو من جنس واحد، لان ذلک هو مقتضى الانحلال وظهور القضیة فى کونها حقیقیة، فلابد أن یلاحظ کلّ معدن بحیاله، من غیر فرق بین صورتى التقارب والتباعد(31)
ویظهر من الجواهر ایضاً ترجیح هذالقول، لا نسباق الأدلة خصوصاً صحیحة البزنطى المشتملة على النصاب(32)
وعن الشهید فى الدّروس، وکاشف الغطاء فى کشفه تبعاً للشهید فى مسالکه وسبطه فى مدارکه، عدم اعتبار الوحدة فى المعدن فلو کان هناک معادن متعدّدة; وبلغ المخرج منها النصاب، وجب الخمس.
وهذالقول هو الأقوى، لان المعدن اسم للجنس، وهو یصدق على القلیل والکثیر، والفرد والأفراد والنّصاب انما یعتبر فیما ملکه المکلّف بالاخراج والحیازة والاغتنام من المعدن، وأما أن المعدن واحدٌ او متعدّد فلا دخل له فى هذالحکم اصلا.
وامّا ما ذکره سیدنا الأستاذ من کون الحکم انحلالیّاً ومجعولا على سبیل القضیة الحقیقیة، فیلاحظ کل اخراج بانفراده واستقلاله، بعد انعزا له عن الاخراج الآخر، کما هو المفروض، فهو بنفسه موضوع، مستقل بالاضافة الى ملاحظة النصاب فى مقابل الفرد الآخر من الاخراج:
فمدفوع بما تقدّم من أن الإخراج ملحوظ بلحاظ آلى مقدّمى، والمحلوظ الإستقلالى هو المخرَج، وهو الّذى قد یکون قلیلا وقد یکون کثیراً، والشاهد علیه هو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 94 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

قوله(ع):(لیس فیه شئ حتى یبلغ ما یکون فى مثله الزکاة عشرین دیناراً).
فانه ـ کما ترى ـ ناظر الى المخرج فان بلغ عشرین دیناراً، ففیه الخمس وإلاّ، فاالاخراج لیس الاّ سبباً للملکیة والحیازة والاغتنام، فالسؤال والجواب والنصاب، کلها ناظر الى المسبّب، لا السبب، فعلیه لو کان المخرَج بالغاً للنصاب یجب فیه الخمس، سواء کان الإخراج أو المعدن واحداً أو متعدداً.
نعم اذا کان المعادن متعددة و متغایرة کما اذا کان فى بعضهاالنفط وفى الآخر الحدید وفى الثالث الذهب مثلا لا ینضم احدها الى الآخر لان الظاهر من الصّحیحة، هو الجنس الواحد فلا تشمل الاجناس المختلفة، فلابد أن یبلغ کل جنس حد النّصاب، ولا ینضم أحدها إلى الآخر، کما هو الحال فى نصاب الزکاة فان الاجناس المختلفة لاینضم بعضها الى بعض فى نصابها، وامّا الجنس الواحد اذا کانت افراده عدیدة کثلاثة معادن من ذهب مثلا، فلا اشکال فى ضم المخرج من بعضها الى البعض الآخر ولو کانت الاخراجات عدیدة.
ولو تنزّلنا عن ذلک، واحتملنا ان المراد من المعدن الواقع فى صحیحة البزنطى هو المعدن الواحد الشخصى ویحتمل أن یکون المراد هو الواحد بالجنس، فتصیر مجملة، فنأخذ بالقدر المتیقن، وهو ما اذا کان المخرج من الواحد الشخصى بالغاً حدالنصاب فیجب تخمیسه.
وامّا اذا کان المخرج من المعادن العدیدة الواحدة بالجنس، بالغاً حده کمعادن الثلاثة من الفضة مثلا فهل یجب تخمیسه أم لا؟ یمکن أن یقال: بالاوّل لأن المخصّص اذا کان مجملا ودار امره بین الاقل والاکثر نقتصر بخروج المتقین وهو ما اذا لم یصل الى حدّ النصاب اصلا او وصل حدّه ولکن کان المخرج من معادن عدیدة مختلفة بالجنس بالغاً حدّه کالذهب والفضة والحدید مثلا فان الصحیحة لا تشملها حیث ان امرها دائر بین

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة95 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وکذا لا یعتبر استمرار التکون ودوامه (16) فلو کان معدن فیه مقدار ما یبلغ النصاب فأخرجه ثم انقطع جرى علیه الحکم بعد صدق کونه معدناً.

الواحد الشخصى والواحد الجنسى وامّا المختلف بالجنس فهو خارج عن تحتها.
والحاصل ان المستفاد من الجمع بین مادل على وجوب الخمس فى المعدن وما دلّ على اعتبار النصاب فیه ان کل معدن بلغ حد النصاب، کالزکاة یجب فیه الخمس، فاذا بلغ المخرَج من المعدن الواحد الشخصى، حدّه یجب تخمیسه جزماً، واذا بلغ المخرج من المعادن المختلفة بالجنس، لا یجب تخمیسه، وهو ملحق بمالم یبلغ النّصاب کالاجناس المختلفة فى الزکاة ، وهو خارج عن تحت العام بلا شبهة، واذا بلغ المخرج من المعادن المتحدة فى الجنس، حدّه، فهل هو ملحق بالأوّل، حتى یجب تخمیسه أو ملحق بالثانى حتى لا یجب الظاهر هو الأول، فان قوله(ع): (حتى یبلغ ما یکون فى مثله الزکاة. الخ) یشمله، فان البالغ حدّ النصاب، یکون من المعادن المتحدة فى الجنس فیضم بعضها الى بعض کالزکاة.
ولو اغمضنا عن ذلک وشککنا فى شموله له، لوجب تخمیسه ایضاً لقول ابی جعفر(علیهما السلام) فى صحیحة زرارة: (کل ما کان رکازا ففیه الخمس) فان ما لم یبلغ حد النصاب او بلغه و کان من المعادن المختلفة فى الجنس کالحدید والنفط والذهب مثلا خارج عن العام جزماً واما المعادن المتعددة المتحدة فى الجنس کثلاثة معادن من ذهب فهل هى خارجة عنه ام لا؟ نتمسک فیها بأصالة العموم فنقول: بوجوب الخمس فیها.
(16) لا طلاق الادلة، وعن کشف الغطأ الاستشکال فیه، وکانّه لدعوى انصراف المعدن الوارد فى الصّحیحة، فى ماله مادة ودوام، والاّ لا یصدق علیه ما أخرجه المعدن.
وفیه أولا انّ الانصراف بدوىّ لا یعبأبه، ویشهد له أن الامام(ع) طبّق الرّکاز على المعدن، وهو لا یکون ظاهراً فیماله دوام جزماً.
وثانیاً لو سلّم ان المعدن منصرف الى ماله دوام، لکفى نا صحیحة زرارة المقدمة: (کلما کان رکازاً ففیه الخمس)(33) والرکاز یصدق علیه جزماً
على أن دوام المعدن محدود فننقل الکلام الى الجزء الأخیر منه فلو اخرجه وکان مقدار النصاب ولم یبق غیره تحت الارض فهل یجب تخمیسه أم لا؟ لا مجال للثانى، فیجب تخمیسه.

1- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1، ص 342.

2- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 2،4،6 ص 342، 343، 344.

3- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6، ص 349.

4- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 4، 1، ص 350، 348.

5- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 4، ص 343.

6- السورة البقرة الآیة 254.
7- السورة البقرة الآیة 183.
8- السورة النساء الآیة 103.
9- السورة النور الآیة 3.
10- اصول الکافى ج 1، باب معرفة، الامام والرّد الیه، حدیث 3، ص 180.

11- تفسیر القمى ج 2، ص 262.
12- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6، ص 338.

13- الوسائل ج 6، ب 3 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1، ص 342.

14- الوسائل ج 11، ب 72 من ابواب جهاد العدو، حدیث 2، ص 120.

15- الوسائل ج 11، ب 68، من ابواب جهاد العدو، حدیث 4 ص 115.
16- (3) الوسائل ج 11، ب 68 من ابواب جهاد العدو، حدیث 3 و 2، ص 114.

17- الوسائل ج 18، ب 36 من أبواب حدّ الزنا، حدیث 1، ص 407.

18- الوسائل ج 18، ب 36 من ابواب حد الزنا، حدیث 2، ص 407.
19- الوسائل ج 1، ب 4 من ابواب مقدمات العبادات، حدیث 10، ص 32.

20- الوسائل ج 6، ب 1، من ابواب زکاة الغلات، حدیث 5، ص 120.

21- الوسائل ج 6، ب 3 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5، ص 343.

22- الوسائل ج 6، ب 4 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1، ص 344.

23- الوسائل ج 6، ب 5 من ابواب فیه الخمس، حدیث 2، ص 345.

24- الوسائل ج 6، ب 3 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 3، ص 343.

25- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 4، ص 343.

26- الوسائل ج 6، ب 5 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 2، ص 345.
27- الوسائل ج 6، ب 2 مما یجب فیه الخمس، حدیث 1، ص 338.

28- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 3، ص 343.

29- مستند العروة الوثقى کتاب الخمس، ص 49.

30- مستند العروة الوثقى، کتاب الخمس، ص 50.

31- مستند العروة الوثقى کتاب الخمس، ص 51.
32- جواهر الکلام، ج 16، ص 20.

33- الوسائل ج 6، ب 3، من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 3، ص 343.

مساله 6 و 7 ص ( 96 - 102)

مساله 6 و 7 ص ( 96 - 102)

(مسألة 6): لو أخرج خمس تراب المعدن قبل التصفیة، فان علم بتساوى الأجزاء فى الاشتمال على الجوهر او بالزیادة فیما اخرجه خمساً، اجزءَ والافلا (1) لاحتمال زیادة الجوهر فیما یبقى عنده.


(1) ما أفاده(قدس سره) یوافق ما عن المسالک والمدارک، وقد استشکل علیهما فى الجواهر، قال(قدس سره) (لکن قد یشکل بظهور ذیل صحیح زرارة السّابق فى أوّل البحث فى تعلّق الخمس بعد التّصفیة وظهور الجوهر، بل قد یدّعى ظهور غیره فى ذلک ایضاً)(1)
وفیه أنّه یعدّ من الغرائب، وان نسب الى الشیخ الاعظم ایضاً، وذلک أوّلا أن الظّاهر من الصّحیحة ان وقت اخراج الخمس من المعدن هو بعد التصفیة، لا ان تعلق الخمس بعدها، والمراد من التصفیة کما ذکرنا سابقاً هو تصفیة المخرج من المؤونة وذلک لأمور:
الأول قوله(ع) فى صحیحة زرارة: (ما عالجته بمالک) فأنّ المراد منه ما صرفته من المؤونة فى الاخراج، یکون الخمس فى المصفىّ منه أى من المؤونة.
الثانى قوله: (من حجارته) فانّ الأحجار الکریمة المخرجة عن المعدن لا تحتاج الى التصفیة، بل تحتاج الى التجلیة، الا ترى أن العقیق والفیروزج والدّر والحدید الصینى والیاقوت وامثالها لا تحتاج الى التصفیة بل تحتاج الى التجلیة والتقطیع، نعم بعض المعادن کالذهب والفضة یحتاج الى التصفیة عن التراب، ولکن الصحیحة متعرضة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 97 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(مسألة 7): اذا وجد مقداراً من المعدن، مخرجاً مطروحاً فى الصّحرأ فان علم أنه خرج من مثل السیل او الریح او نحوهما او علم ان المخرج له حیوان أو انسان. لم یخرج خمسه، وجب علیه إخراج خمسه على الأحوط اذا بلغ النصاب (2) بل الأحوط ذلک وان شک فى أن الانسان المخرِج له أخرج خمسه أم لا(3)

للاحجار، على أنه لو کان المراد من المصفّى التصفیة من التراب، یصبح قوله: ما عالجته بمالک کاللّغو لعدم الحاجة الى ذکره.
الثالث ان الّذى یحتاج الى البیان هو ان الخمس فى المعدن هل هو بعد المؤونة او قبلها، واما أن الخمس فى الاحجار الکریمة، لا فى التراب، فهو من الواضحات لایحتاج الى التنبیه والبیان.
وثانیاً أنه لو کان تعلق الخمس بعد التصفیة عن تراب المعدن، لزم عدم لزوم الخمس على من أخرجه وباعه قبل التصفیة، فلیس التخمیس على البایع لعدم تعلّق الوجوب ولیس على المشترى، لعدم کونه مخرج المعدن بل هو انما اشتراه بالثمن، فیلزم سقوط الخمس عن المعدن، مع انّ المستفاد من الرّوایات أنّ الخمس على من أخرجه، وهذه المناقشة ذکره المحقق الهمدانى، وتبعه جملة من الأساطین. (قدس الله اسرار هم).
ومما یدلّ صریحا على ان الخمس على المخرج مرسلة الحرث بن حصیرة الأزدى قال: وجد رجل رکازاً على عهد امیرالمؤمنین(علیه السلام) فابتاعه أبی منه بثلاثمأة درهم ومأة شاة متبع، فلامته أمّى وقالت: اخذت هذه بثلاثمأة اولادها مأة وأنفسها مأة، وما فى بطونها مأة، قال: فندم أبی فانطلق لیستقیله، فابى علیه الرّجل، فقال خذ منى عشر شیاة، خذ منى عشرین شاة، فاعیاه، فأخذ أبی الرکاز واخرج منه قیمة الف شاة، فاتاه الآخر، فقال: خذ غنمک وأتنى ما شئت، فابى فعالجه فاعیاه، فقال : لأضرنّ بک; فاستعدى أمیرالمؤمنین(علیه السلام)على أبی فلما قصّ أبی على أمیرالمؤمنین(علیه السلام)أمره، قال لصاحب الرّکاز: أدّ خمس ما أخذت، فان الخمس علیک، فانّک انت الذى وجدت الرّکاز، ولیس على الآخر شیئ لأنه إنما اخذ ثمن غنمه.(2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 98 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ثم لا یخفى أن ما ذکره الماتن(قدس سره) من اعتبار العلم بالتساوى او بزیادة ما أخرجه خمساً، مبنى على الإحتیاط فى الشبهة الوجوبیة الموضوعیة، ولعلّه لاحد وجوه:
الاول ما ذکره سیدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره) من قاعدة الاشتغال فإنّ التکلیف بالتخمیس معلوم، فلابد من إحراز الخروج عن عهدة هذالتکلیف، فان الاشتغال الیقینى یقتضى البرائة الیقینیة.
وفیه أنّ المورد من موارد دوران الامر بین الأکثر والأقل الاستقلالى، وهو مجرى للبرائة بالنسبة الى الاکثر، فلو فرض أن المالک علم أن المؤدّى للخمس کان مشتملا على خمسة دنانیر یقینا ویحتمل الزّیادة، یعلم ببرائة ذمته اذا کان المخرَج من المعدن خمسة وعشرین دیناراً واذا کان أزید من ذلک بقیت ذمته مشغولة، وحیث ان الزائد مشکوک یجرى فیه اصل البرئة.
الثانى ما أفاده بعض المعاصرین (دامت برکاته) قال: (الصحیح جریان الاستصحاب الشخصى فى المال الباقى بالمقدار المحتمل بقائه من ملک الغیر فیه، فانه کان یعلم قبل الدفع أنّ خمسه الخارجى مشاعاً لصاحب الخمس وبعد الدفع یشک فى انتقال تمامه او بعضه الى المالک، فیستصحب ما لا یتیقن إنتقاله).
وفیه أن هذا الاستصحاب لا یجرى، فانّ الخمس المعلوم أنه حق الإمام(علیه السلام)دفع الیه أو إلى نائبه، والزائد عنه لم یعلم اشتراکه فیه، والأصل ینفیه، فینتفى اشتراک الامام(ع) فى البقیة.
وبعبارة اخرى لنا علمان: علم باشتراکه(ع) وعلم بوصول ما له الیه بدفع الخمس فان کان اشتراکه بنسبة هذا المدفوع أو أقل فقد وصل تمام حقه الیه وارتفع الاشترک وان کان اشتراکه بالزائد من نسبة هذالمدفوع فقد بقى الاشتراک، والاصل عدم اشتراکه بالزائد کما ان الأصل عدم الزیادة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 99 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الثالث روایة زید الصائغ الواردة فى باب الزکاة (قال: قلت لابی عبدالله(علیه السلام): إنى کنت فى قریة من قرى خراسان، یقال لها بخارى، فرأیت فیها دراهم تعمل ثلث فضّة وثلث مسّاً وثلث رصاصاً، وکانت تجوز عندهم، وکنت اعملها وأنفقها، قال: فقال ابوعبدالله(علیه السلام): لابأس بذلک، اذا کان تجوز عندهم، فقلت: أرأیت ان حال علیه الحول وهى عندى، وفیها ما یجب علىّ فیه الزکاة ازکّیها؟ قال: نعم انما هو مالک، قلت: فان اخرجتها الى بلدة لا ینفق فیها مثلها، فبقیت عندى حتى حال علیها الحول، أزکیها؟ قال: ان کنت تعرف ان فیها من الفضة الخالصة ما یجب علیک فیه الزکاة، فزکّ ما کان لک فیها من الفضة الخالصة من فضة ودع ما سوى ذلک من الخبیث، قلت: وان کنت لا اعلم ما فیها من الفضة الخالصة الاّ أنى اعلم أنّ فیها ما یجب فیه الزکاة؟ قال: فاسبکها حتى تخلص الفضة ویحترق الخبیث ثم تزکى ما خلص من الفضة لسنة واحدة.)(3)
وفیه أنها ضعیفة السند لاجل زید الصائغ فانّه لم یوثق ولم یمدح فلا یعتمد علیها;
فالنتیجة أن الأصل المؤمّن وهو اصالة عدم الزّیادة جاریة فى المقام بالنسبة الى ما أخرجنا خمسه، ولا معارض لها اصلا، ومع ذلک الاحوط هو مراعاة الاحتیاط.
الرابع أنّ الرّجوع الى البرائة فى جمیع موارد دوران الامر بین الاقل والأکثر، یوجب العلم بمخالفة قطعیة کثیرة، حتى بالنسبة الى شخص واحد، الأترى ان من ثبت دیونه الکثیرة فى الدفتر، لو اقتصر فى مقام الاداء بالمتیقّن بلا مراجعة الدفتر، یقع فى المخالفة قطعاً، واذا ضممنا إلیه النّصاب فى الزکاة، والاستطاعة فى الحج والربح فى الخمس، وقلنا: بعدم لزوم الفحص، یقع فى المخالفة القطعیة کثیراً، فعلیه لا مناص من الالتزام بلزوم الفحص، وروایة زید الصائغ، تؤیّد ذلک.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 100 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ولا یخفى أن هذا الوجه لا یجرى فى المقام، فان خمس تراب المعدن یحتمل ان یکون جوهره مساویاً أو أکثر أو أقل من بقیة السهام فدفعه للامام أو نائبه یکفى وان قلنا بعدم الجواز، بأخذ القدر المتیقّن فى باب الدیون والنّصاب والاستطاعة والربح; والفرق واضح،
(2) قال فى الجواهر: (وفى کشف الاستاذ (لو وجد شیئاً من المعدن مطروحاً فى الصّحراء فأخذه فلا خمس) ولعلّه لظهور الأدلة فى إعتبار الإخراج; وان کان للنظر فیه مجال، بل قد یدّعى تناول الأدلّة لمثله مع فرض مطروحیته مباحاً، بان کان المخرج له حیواناً مثلا، وقد یشهد له فى الجملة ما صرح به غیر واحد من الأصحاب، من أنّ المعدن ان کان فى ملک مالک، فأخرجه مخرجه، کان المعدن لصاحب الأرض وعلیه الخمس، بخلاف الارض المباحة، فانه لمخرجه، اذ لا فرق عند التأمل بین المطروح وبین ذلک)(4)
وعن المحقق الاردبیلى ایضاً المناقشة فى وجوب الخمس، ولعلّها لأن المأخوذ فى لسان الدّلیل هو الاخراج، فما استولى علیه بلا اخراج، لا یشمله الدلیل;
واختاره سیّدنا الأستاذ(قدس سره) ایضاً، لأن المأخوذ فى لسان الدّلیل هو الاخراج، وهو منتف: فلا تشمله ادلّة الخمس;
وما ذکروه لا یمکن المساعدة علیه، لما عرفت من ان الاخراج ملحوظ بلحاظ آلى، والملحوظ الاستقلالى، هو المعدن المخرج الذّى یصدق علیه الحیازة والاغتنام من الطبیعة، والتعبیر بالاخراج انما هو لا نه الطریق المتعارف الغالب فى حیازة المعادن لا أنّ له موضوعیة وخصوصیة دخیلة فى الحکم، ویشهد على ما ذکر نا ان الملح الموجود فى سطح الأرض السّبخة، معدنٌ یجب إخراج خمسه، اذا بلغ النصاب، مع أنه لا یحتاج الى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 101 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الاخراج، فعلیه لا مجال للتّردّد فى اخراج الخمس من المعدن المطروح فى الصّحراء، وهذا هو الأقوى;
(3) اذا علم أن المخرج له هو الإنسان، وکان قاصداً للحیازة، فهل یجوز له الإعراض عنه اختیاراً ام لا؟ الظّاهر هو الثّانى، فانه تضییع للخمس على صاحبه وهو ممنوع; ولو لم یعلم أنه اعرض عنه أم لا؟ فلا یجوز استملاکه، کما لا یجب تخمیسه ویجرى علیه حکم المال المجهول ما لکه، فان إحتمل أن المالک یرجع إلیه، لا یجوز التصرف فیه ونقله الى مکان آخر;
واذا علم أن المالک اعرض عنه، او لم یعلم ان المخرج قصد الحیازة أم لا؟ أو لم یعلم أن ا لمخرج انسان أو حیوان أو زلزلة او سیل مثلا، جاز حیازته واستملاکه، ویجب علیه تخمیسه، وان شک فى ان المالک قبل الاعراض اخرج خمسه ام لا؟ فان استصحاب بقاء الخمس جار فى المقام.
وهل یوجب الاعراض قطع ملکیة المالک أو هى باقیة ما دام لم یحزه غیره فاذا حازه انقطع ملک الأول؟ نسب الى المشهور الأوّل، والى جماعة من الاصحاب الثانى،
وقد قوّى بعض المعاصرین القول المشهور (کما فى کتابه الاراضى) بدعوى الارتکاز القطعى لدى العرف والعقلاء على أن المال المعرض عنه یصبح من المباحات.
ولکن الاقوى هو القول الثانى لوجهین الأوّل هو ارتکاز العرف والعقلاء ویشهد علیه ان المالک لو ندم عن اعراضه وجاء لحمل ما له مقارنا للآخر الذى یرید حیازته فوضعا أیدیهما علیه فى آن واحد، لا شک فى أن العقلاء یحکمون بانه للمالک الاول ولا یقسّمونه لهما وهو کاشف عن أن علاقة المالک لم تنقطع بمجرد الاعراض.
الثانى صحیحة عبدالله بن سنان عن أبى عبدالله(علیه السلام)قال: من أصاب مالا او بعیراً فى فلاة من الارض قد کلت وقامت، وسیّبها صاحبها، مما لم یتبعه، فاخذها غیره فأقام علیها وانفق نفقته، حتى احیاها من الکلال ومن الموت فهى له، ولا سبیل له علیها وانما هى مثل الشىء المباح(5)
وهذه الصّحیحة ـ کما ترى ـ تدّل على أن الثّانى تصرف فیها وأحیاها من الموت فحکم(ع) بعده أنها له، فالاعراض بعد تصّرف الغیر یوجب انقطاع الملکیة من المُعرض لابمجرّده.

1- جواهر الکلام ج 16، ص 21.
2- الوسائل ج 6، ب 6، من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1، ص 346.

3- الوسائل ج 6، ب 7 من ابواب زکاة الذهب والفضة، ص 104.

4- جواهر الکلام، ج 16 ص 22.

5-الوسائل ج 17، ب 13 من ابواب اللّقطه، حدیث 2، ص 364.

مساله 8 ص (102 - 103)

مساله 8 ص (102 - 103)

(مسألة 8) لو کان المعدن فى الارض مملوکة فهو لکهما(1) وإذا أخرج غیره لم یملکه بل یکون المخرج لصاحب الأرض وعلیه الخمس من دون استثناء المؤونة لأنه لم یصرف علیه مؤونةً.


(1) الأقوال فى المسألة ثلاثة: أحدها ما اختاره الماتن(قدس سره) وهو أن المعدن تابع للأرض فى الملکیة، ونسب هذا لقول الى ابن ادریس وجماعة أخرى فالمعدن اذا کان فى أرض الأنفال تابع لها، فیکون محکوماً بحکمها، واذا کان فى ملک خاص، فهو تابع له، وما کان فى الارض المفتوحة عنوة، تابع لها، ومحکوم بحکمها، ومن عاصرنا هم من معلّقى العروة الوثقى، إختاروا هذا لقول، تبعاً لصاحب العروة حیث لم یستشکلوا علیه فى هذه المسألة.
القول الثانى أن المعادن کلّها من الأنفال، بلا فرق بین ما کان فى ملک خاص وما کان فى الأراضى المباحة، وما کان فى المفتوحة عنوة، فهو ملک للامام(علیه السلام) ـ کما عن الشیخ المفید والطوسى وسلار وقاضى وجمع آخر;
القول الثالث، أنها من المباحات الأصلیة وان الناس فیها شرع سواء کما عن المحقق والشهید وجماعة اخرى;
واستدل للقول الأول بوجوه: الأول السّیرة العقلائیة بل الشرعیة على دخولها فى ملک صاحب الأرض تبعا للارض، فتلحق الطبقة السافلة بالعالیة والباطنة بمحتویاتهابالظاهرة; وحیث أن السّیرة دلیل لبّى لا اطلاق لها، فیؤخذ منها القدر المتیقن، وهو ما یعدّ عرفاً تابعاً لها ومن ملحقاتها، کالسّرداب والبئر و مایکون عمقه بهذا المقدار بالنسبة للدار، فلو وجد المعدن فى هذا المقدار من العمق، یعدّ عرفاً تابعاً للأرض المملوکة;
الثانى أن المعادن تعدّ نماء للأرض، فیملکها مالکها لانّ مالک الاصل مالک لکل نمائه المتصل و نتاجه المنفصل، کما لک الشجرة فانه مالک نمائها وثمرتها.
الثالث ان المعدن جزء من الارض او شأن من شئونها، فیکون تابعاً للارض عرفاً فى الملکیة.
والاقوى هو القول الثانى وأنّ المعادن کلّها من الانفال، وتدل على ذلک موثقة اسحاق بن عمار(1) فعلیه یکون تفصیل الکلام فى ذلک موکولا الى بحث الانفال وسیجئ فى آخر الکتاب انشاءالله.

1- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 20، ص 371.

مساله 9 ص (103 - 105)

مساله 9 ص (103 - 105)

(مسألة 9) اذا کان المعدن فى معمور الارض المفتوحة عنوة(1) التى هى للمسلمین فاخرجه احد من المسلمین ملکه وعلیه الخمس. وان اخرجه غیر المسلم ففى تملّکه اشکال(2) وأمّا اذا کان فى الارض الموات حال الفتح فالظاهران الکافر ایضاً یملکه(3) وعلیه الخمس(4)


(1) ما أفاده(قدس سره) واضح بناء على ما هو الاقوى من أن المعادن من الأنفال وأُبیحت للشیعة، فلا حاجة الى الاستیذان من الحاکم فى عصر الغیبة.
وامّا بناء على القول بالتّبعیة للملک، فلابد من الاستیذان من الحاکم الاسلامى لأنّ الأرض المفتوحة عنوةً ملک لعامّة المسلمین وولایتها بید الحاکم الاسلامى، ولا فرق فى ذلک بین المسلم والکافر فان مع الاذن یسوغ لهما وبدونه لا یجوز حتى للمسلم;
وأمّا بناء على ما هو المنصور من أن المعدن مطلقا من الأنفال، فلا حاجة للشیعة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 104 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الى الاستیذان، لأنها أبیحت للشیعة، وأمّا غیرهم فبما أنّهم لا یعتقدون لزوم الاستیذان، لایستأذنون، وللحاکم أن یمنعهم من الإخراج، فان لم یمنعهم هل یملکون ما یخرجونه من المعدن وما یحیون من الموات ام لا؟ الظاهر هو الاول، وذلک لعدة من النصوص التى سوف تجىء عند البحث فى الانفال انشاءالله.
(2) هذا الاشکال مبنى على أنّ المعدن فى الأرض المفتوحة عنوة تابع لها فیکون ملکاً لعامة المسلمین کالارض، ولکنّک عرفت أن المعدن مطلقا من الأنفال، فعلیه یکون حکمه حکمها والبحث فیه موکول الى البحث عن الانفال وسیجىء انشاءالله.
(3) نظره(قدس سره) فى الملک الى عموم ادلة الإحیاء، منها صحیحة محمد بن مسلم: قال: سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن الشراء من أرض الیهود و النصارى؟ فقال: لیس به بأس، قد ظهر رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) على أهل خیبر، فخارجهم على أن یترک الأرض فى أیدیهم، یعملونها ویعمرونها، فلا أرى به بأساً، لو أنک إشتریت منها شیئاً، وأیّما قوم، أحیوا شیئاً من الأرض وعملوها، فهم أحق بها وهى لهم(1)
واستشکل علیه سیّدنا الأستاذ(قدس سره) بأن العموم ناظر الى الإحیاء والإخراج اعم منه، فلا یشمل العموم للاخراج.
وفیه أوّلا أن إحیاء کل شىء بحسبه فإحیاء المعدن هو اخراجه فتشمله عمومات الإحیاء.
وثانیا، لو سلّمنا ذلک، فیکفى فى المقام معتبرتا السکونى إحدیها عن أبی عبدالله(علیه السلام) (قال: قال رسول (ص): من غرس شجراً أو حفر وادیاً بدیّاً، لم یسبقه إلیه أحد
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 105 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

او أحیى ارضاً میتةً فهى له، قضاء من الله ورسوله)(2)


وهذه المعتبرة تشمل اخراج المعدن من الوادى، کما تشمل إجراء الماء منه.


الثانیة عن جعفر بن محمد عن أبیه عن آبآئه عن على(علیه السلام) (أنه سأله عن رجل أبصر طیراً، فتبعه حتى وقع على شجرة، فجاء رجل آخر فأخذه؟ قال(علیه السلام)للعین ما رأت وللید ما اخذت)(3)


فانها واضحة الدلالة على أن الید اذا اخذت ما هو مباح فهو لها فتشمل المعدن ایضاً وتمام البحث یجىء فى البحث عن الانفال انشاءالله.


(4) هذا مبنى على أن الکفار مکلّفون بالفروع الثابتة فى الاسلام وقد تقدم، أن الأقوى عدم ثبوتها علیهم وأنه لیس علیهم الاّ الخراج او الجزیة على ما وضعه علیهم ولىّ الأمر(علیه السلام)

1- الوسائل ج 11، ب 71 من ابواب جهاد العدو، حدیث 2، ص 118.

2- الوسائل ج 17، ب 2 من ابواب احیاء الموات، حدیث 1، ص 328.
3- الوسائل ج 17، ب 15 من ابواب للّقطة، حدیث 2، ص 366.

مساله 10 ص (105 - 107)

مساله 10 ص (105 - 107)

(مسألة 10): یجوز استیجار الغیر لاخراج المعدن، فیملکه المستأجر وان قصد الأجیر تملکه لم یملکه (1)

(1) صحّ ما ذکره(قدس سره) فإنّ اخراج المعدن عمل محترم، فیصح فیه الإستیجار، وکذا یصح فى حیازة المباحات کالإحتطاب والاحتشاش بل یصح فى احیاء الارض ایضاً کما سیجىء فى مبحث الانفال انشاء الله.
وهل یجوز التوکیل فى کل ما یجوز فیه الاستیجار أم لا؟ یظهر من صاحب الجواهر وبعض المعاصرین الأوّل، بدعوى أن النیابة والوکالة من سنخ القبض القابل لها قطعاً، وبأن الشاهد على ذلک ارتکاز العرف والعقلاء ایضاً، وبان الظاهر أنه لیس فى الشرع تأسیس فى هذا السنخ من الأمور.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 106 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وفیه أن التوکیل فى الأمور التى جرى فیها بناء العقلاء علیه لا مانع منه کالتوکیل فى العقود والایقاعات من الأمور الاعتباریة بل جار فى بعض الامور التکوینیة ایضاً کالقبض والاقباض والأمور الحسبیة کاخذ الوجوهات واجراء القصاص وأخذ الدّیة وامثالها ممّا یکون التّوکیل فیها تسلیط الموکّل للوکیل فیها، فلو لم یوکّله لیس له ذلک، فلو لم یوکّل زید عمرواً فى بیع داره وطلاق زوجته وقبض دیونه واجراء القصاص واخذ الدّیة لیس له ذلک;
وأما الاحتطاب والاحتشاش والالتقاط واحیاء الموات وأمثالها فلا یحتاج عمرو الى الوکالة، لانه بنفسه مسلّط على ذلک، فالتوکیل فى مثل هذه الأمور لیس تسلیطاً وإعطاء الصّلاحیة للوکیل، فلم یحرز بناء العقلاء على ذلک ولا أثر للوکالة فى أمثالها فان کل شخص له حیازة الحطب و الحشیش واخذ اللقطة واحیاء الموات واخراج المعدن فلا یکون التوکیل فیها عقلائیاً
وبعبارة أخرى التوکیل انما یجوز فیما اذا کان العمل حقا اختصاصیّاً للموکل کالتزویج وأخذ المهر وقبض الدین وأمثالها، وأما اذا کان العمل حقاً عاماً لجمیع المسلمین کاحیاء الموات واخراج المعدن والاحتطاب وامثالها فلا معنى للوکالة فیها کما عن المحقق فى الشرایع، ویجىء تمام الکلام فى مبحث احیاء الموات انشاءالله.
لا یقال: إن التّوکیل وانتخاب الوکیل فى مجلس الشورى، لایکون تسلیطا للوکیل فینتقض ما ذکرتم بذلک، فانه یقال انه تسلیط بنحواتم، فان الوکلاء اذا صَوّبوا أمراً، لابدّ للدّولة والحکومة تنفیذه، واذا سلبوا اعتمادهم عن رئیس الوزراء یسقط عن الحکومة، فیسقط دولته، ولیس هذا الاّ من قدرتهم المنبعثة من توکیل الموکلّین;
فرع: هل یحتاج التملک بالحیازة الى قصده أم لا؟ فیه قولان: اختار بعض المعاصرین الثانى، قال: مقتضى إطلاق الأدلّة کقوله: (من أحیى ارضاً مواتاً فهى له) العدم.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 107 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فیه أن الفاعل المختار إذا قصد الإحیاء أو الحیازة، فقد قصد الملکیة ارتکازاً وان لم یخطرها فى قلبه، ویشهد لما ذکرنا انه لو حفر بئراً وصادف حجراً فقلعه وطرحه، لم یملکه وإن بدا انّه من الأحجار الکریمة، لأنه أراد حفر البئرو لم یرد حیازة الحجر فأنّ قصد الإحیاء والحیازة لا ینفک عن قصد الملکیة ارتکازاً.


ویشهد لما ذکرنا الأخبار الدالة على أن الحائز للسمکة لوباعها ووجد المشترى جوهرا فى بطنها یکون ملکا للمشترى لا البایع ولا یکون ذلک إلاّ لانتفاء قصد الحیازة للجوهر;


وقد یجاب عن ذلک بأن مایوجد فى جوف السمکة، لم تقع الید علیه مستقلا، بل تبعاً بلا توجه الیه;


وفیه أنه لو کان الحائز للسّمکة عالماً بأنّ فى جوفها الجوهر وقصد حیازتهما فهل یمکن القول: بعدم الملکیة لعدم وقوع الید علیه مستقلا؟! وهذا مما لا یلتزم به احد من الفقهاء، فمنه یعلم ان انتفاء الملکیة للجوهر فى فرض عدم العلم به لیس الاّ لعدم قصد حیازته، لا لعدم وقوع الید علیه مستقلا;

مساله 11 ص (107)

مساله 11 ص (107)

(مسألة 11) اذا کان المخرج عبداً، کان ما أخرجه لمولاه وعلیه الخمس (1)

(1) هذا واضح فإنّ العبد وعمله لمولاه، فما اخرجه من المعدن، ملک له ویجب علیه خمسه، ولا فرق فى ذلک بین القول بما لکیته وعدمه;

مساله 12 ص (107 - 113)

مساله 12 ص (107 - 113)

(مسألة 12)اذا عمل فیما اخرجه قبل اخراج خمسه عملا یوجب زیادة قیمته کما اذا ضربه دراهم او دنانیر، او جعله حلّیاً او کان مثل الیاقوت والعقیق فحکّه فصّاً مثلا، اعتبر فى الاخراج خمس مادته(1) فیقوم حینئذ سبیکة أو غیر محکوک مثلا ویخرج خمسه وکذا لو إتّجربه فربح قبل أن یخرج خمسه ناویاً الإخراج من مال آخر ثم ادّاه من مال آخر(2). وأمّا اذا اتجربه من غیر نیة الاخراج من غیره فالظاهر ان الربح مشترک بینه وبین أرباب الخمس.

 

(1) اذا کان هذالعمل بإذن ولى الأمر وأذن له فى تأخیر أداء الخمس وانتقاله الى الذّمة، صح ما ذکره(قدس سره) سواء قلنا بما لعلّه المشهور من أن تعلّق الخمس بالعین بنحو المشاع فیها او بنحو المشاع فى المالیة کما هو الاظهر او بنحو الکلّى فى المعین، کما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة108 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

سیجئ منه (رحمه الله).
والوجه فیه أن ولى الأمر اذا اذن بأن یکون الخمس فى ذمة المالک، یبقى ما أخرجه من المعدن، ملکاً شخصیاً له، فالعمل الموجب لزیادة قیمته، لا یکون الاّ له.
وامّا إذا لم یکن العمل بإذنه، فتصرّفه فى خمس المخرج لایجوز، لأنه تصرّف فى مال الغیر، فلو زادت قیمته، یکون خمسه لأرباب الخمس لا محالة;
وقال صاحب الجواهر(قدس سره): (ولو لم یخرج الجوهر من المعدن حتى عمله دراهم او دنانیر او حُلّیاً ونحو ذلک من الآلات، فزادت قیمته، اعتبر فى الاصل الذى هو المادة الخمس، وفى الزائد حکم المکاسب، فیقوّم سبیکه ویخرج خمسه).
وإستشکل علیه سیّدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره) قال: (ویندفع بما اوضحناه مستقصىً فى بحث المکاسب من أنّ الهیئة من حیث هى لا مالیة لها ولا یقسط الثمن علیها أبداً ولا شأن لها عدا أنها توجب ازدیاد مالیة المادة المتلبسة بها، لأو فریة رغبة العقلاء الیها بالاضافة الى المجردة عنها، ولاجلها یبذل المال بازائها اکثر مما یبذل بازاء العارى عن تلک الصفة، من غیر ان یکون لنفس تلک الهیئة حظّ من المالیة.
ومن ثم لم یلتزم ولا ینبغى ان یلتزم احد بجواز بیع المادة دون الهیئة وبالعکس او یقال بشرکة شخصین فى العین على أن تکون المادة لأحدهما والهیئة للشریک الآخر، فیفرض الفرش المنسوج بالشکل الخاص مادته لزید وهیئته لعمرو، وهکذا غیر الهیئة من سائر العوارض، کالالوان أو الکیفیات من البرودة والحرارة ونحوهما، فان المایع البارد وان کان فى الصیف أغلى من الماء، الاّ أن نفس المادة أثمن، لا أن مقداراً من الثمن یدفع بازاء صفة البرودة.
وعلى الجملة فلا ینبغى التأمل فى عدم مقابلة الهیئة بشیئ من المال، والا لاستحق الغاصب، قیمة ما أحدثه فى العین من الهیئة وهو مقطوع الفساد، بل یجب علیه رد المادة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة109 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

بهیئته الفعلیة، وان او جبت زیادة المالیة.
وعلیه فالتعلیل بان الصفة بتمامها لعاملها، فى غیر محله، فانها لیست لأحد لا للعامل ولا لغیره لعدم مالیتها بوجه حسب ما عرفت، فضلا عن أن تکون ملکا لأحد.
بل الوجه فیما ذکره(قدس سره) من دفع خمس المادة فقط من دون ملاحظة الهیئة عدم المقتضى لملاحظتها، الا اذا بنینا على تعلق الخمس بنفس العین من حیث هى بحیث تکون العین الخارجیة بخصوصیاتها الشخصیة مشترکة بین المالک و مستحق الخمس على سبیل الاشاعة، فیلزم حینئذ ملاحظة الصفات والهیئات کالمواد لدى التقویم وتخریج الخمس.
وأمّا بناء على أن الخمس کالزکاة حق متعلّق بمالیة العین، واما الشخصیة فهى للمالک من غیر أن یشارکه فیها أحد، فلا جرم تقوّم مالیة العین فى زمان تعلق الخمس وحدوثه، ویملک المستحق الخمس من هذه المالیة ومن البیّن أن هذه المالیة ـ اى مالیة العین فى زمان التعلق ـ التى هى متعلّق الخمس لم تزدد ولم تتغیّر باحداث الهیئة من جعل السبیکة مسکوکا أو غیر المحکوک محکوکاً.
نعم لو فرضنا الزیادة فى تلک المالیة من اجل الترقى القیمة السوقیة، وجب ملاحظتها، اذ اللازم الخروج عن عهدة الخمس من تلک المالیة المتوقف فعلا على ملاحظة القیمة الفعلیة بعد أن لم یؤدّ الخمس فى وقته کما هو المفروض. وأمّا الزیادة الناشئة من قبل عمل المالک واحداثه الصّفة فلا مقتضى لملاحظتها فى مقام التقویم بوجه حسب ما عرفت.، وحیث ستعرف فى محلّه انشاالله تعالى ان المبنى الأوّل هو الأصح، فالاقوى لزوم اخراج خمس المجموع.)(1) إنتهى کلام الاستاذ(قدس سره)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة110 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وقال بعض تلامذته فى تأییده: (وانما هى حیثیات تعلیلیة فى ازدیاد مالیة الاعیان ومن هناک لاتملک بملکیة مستقلة، ولا یعقل عرفاً وعقلائیا الشرکة بین شخصین فى مال بان یملک أحدهما العین منه والآخر صفته (الى ان قال): وبناء على هذا اذا ارتفعت مالیة العین نتیجة العمل الّذى صبّه صاحب المعدن على المعدن کانت الصفة الحاصلة حیثیة تعلیلّیة لازدیاد قیمة العین بما فیها الخمس ایضاً فلابد وان یدخل فى التقویم لا محالة.(2)
وفى ما ذکراه مواقع للنظر:
الأوّل أن ذلک وان کان ممکناً، ولکن الدّلیل لم یقیما على ذلک الا التّشبیه بعمل الغاصب فى العین المغصوبة، وأنه لا یستحق شیئاً وان احدث فى العین هیئة توجب زیادة المالیة; وهذا التشبیه والقیاس غیر تام، لأنّ عدم استحقاق الغاصب قیمة ما أحدثه من الهیئة فى العین إنما هو لکون عمله مصداقاً للظلّم والعدوان فلا احترام له حتى یقابل بالمال، وهذا بخلاف المقام فان المفروض أن المخرج للمعدن زعم عدم وجوب فوریة التخمیس فصنعه درهماً أو دیناراً أو حلّیاً أو فصّاً فعمله محترم فکیف لایقابل بالمال؟
ودعوى أنّ الصفة الحاصلة، حیثیة تعلیلیة لزیادة القیمة، لا دلیل علیها، بل الدّلیل على خلافها، فانّ الحیثیة التعلیلیة علّة لحدوث المعلول، ولکن المعلول لایزول بزوالها، بل یبقى وان زالت العلّة، ألا ترى أنّ النار حیثیة تعلیلیة لصیرورة الخشب فحماً وأسود، والسواد یبقى وان زالت النار، وهکذا إشراق الشمس حیثیة تعلیلیة لسواد الوجه، وهو یبقى وإن ذهبت الشمس، والمقام لیس کذلک فان زیادة القیمة تحدث بحدوث الهیئة وتبقى ببقائها وتزول بزوالها، فهى حیثیة تقییدیة، کعدالة الامام فى الجماعة فانها حیثیة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 111 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تقییدیة لجواز الاقتداء، فیحدث بحدوثها ویبقى ببقائها ویزول بزوالها;
الثانى ما ذکره من أن الأوصاف والأعراض لیست أموالا الخ
فنقول: هى أموال، فإن مالیتها ثابتة عرفاً وعقلا، أمّا الأوّل فإن أهل العرف یمیلون الى السجّاد التى نسجت بکیفیة عالیة، بحیث لو لم تکن تلک الکیفیة، لم یمیلو الیها أصلا والمال سمّى مالا لمیل العقلاء وأهل العرف إلیه والفلم مورد لعلاقة العقلاء مع أنه لیس الاّ الهیئة.
وامّا الثانى فلأن نسجه بکیفیة خاصة یکون نتیجة عمله وجهده، والعقلاء متفقون على أن الإنسان الحر مالک لعمله وجهده ونتیجته;
وامّا القول بأنّ الأوصاف والأعراض لیست أموالا مستقلة، فصحیح الاّ أنّ الموصوف والمعروض ایضاً لیس مالا مستقلا، فان السّجاد المنسوجة بکیفیة خاصة، لا استقلال لمادتها ایضاً فکلّ من مادتها وهیئتها تحتاج الى الآخر، واما الصوف قبل أن ینسج وان کان مستقلا الاّ أنه لم یکن مورداً للّرغبة، والسّجاد التى مورد لها مرکبة من المادة والهیئة.
الثالث ما ذکره من عدم إمکان الشرکة بین مالک العین والصّفة عرفاً و عقلائیاً، فنقول: إنها ممکنة وواقعة، ألا ترى أن التاجر یعطى الحبل والحریر للعامل لینسج السجّاد بکیفیة خاصة، وهو ینسج فاذا تمّ یباع ویکون الرّبح بینهما بالتنصیف أو التّثلیث بحسب ماتوا فقا علیه من أوّل، وکذا الکلام لو کان أحدهما مالکاً للماء والآخر مالکاً للثلاّجة فجعل الماء فیها فانجمد، وکان ثمن الثلج مشترکاً بینهما، ولا أرى أىّ مانع من هذه الشرکة.
فعلیه لو کان تصرّفه فیما أخرج من المعدن جائزاً ـ ولو کان ذلک لزعمه أن اخراج خمسه لیس بفورى ـ کان متعلّق الخمس ذات المعدن ومادته من غیر انضمام الهیئة،
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة112 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وهى داخلة فى مکسبه، فالخمس واعتبار النصاب کلاهما فى المادة.
نعم لو کان عمله فى المادة قبل إخراج الخمس، تقصیراً فى أدائه، أعتبر النصاب قبل العمل والصنع، والخمس فى المادة والهیئة بعده، وذلک لأنّ عمله کان کعمل الغاصب، غیر مشروع، فلا احترام له.
(2) هذا مبنى على أن للمالک ولایة على أداء الخمس من مال آخر، ولکنه لابد أن یخرجه من مال آخر قبل الإتجار، فانّ مجرد النّیة باخراج الخمس من مال آخر لایکفى فى صحة المعاملة حتى بالنسبة للخمس، فتکون المعاملة بالنسبة الیه فضولیة متوقفة على اجازة ولىّ الأمر، فلو أجازها تصحّ المعاملة، والعوض یکون مشترکا بین المالک وأرباب الخمس بالنسبة کنفس المثمن. وإن ردّها، لم ینتقل خمس المادة المستخرجة الى المشترى، فلو قبضها، یؤخذ منه، ولو اتلفها، یؤخذ القیمة منه أو من البایع.
هذا کله اذا لم نقل بصّحة البیع فیما اذا باع شیئا ثم ملکه، والاّ فلو بنینا على أنّ للمالک ولایة على اداء الخمس من مال آخر، فادّاه منه، یملک الخمس بعده فیکون تمام الربح للمالک، ولارباب الخمس کان ما أدّاه من مال آخر.
ثم إنّ سیّدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره) قال: والصحیح فى المقام أن یقال : إذا بنینا على صحّة الشراء ممّن لم یخمّس العین إستناداً الى نصوص التحلیل(3) وشمولها للمقام ـ کما هو الأظهر، على ما سیجئ فى محلّه انشاء الله تعالى ـ فلا اشکال فى صحة البیع حینئذ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة113 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

غایته أن الخمس ینتقل من المثمن الى الثمن، ولأجله یشترک الرّبح بتمامه بین المالک وأرباب الخمس(4)


قلت: ما أفاده صحیح اذا کان المشترى شیعیاً فإنّ تحلیل متعلّق الخمس له صحیح و مستلزم لانتقال الخمس من المبیع الى الثمن، وامّا اذا کان مخالفاً أو کافراً فلا تحلیل لهما فتکون المعاملة فى مقدار الخمس فضولیة منوطة بإجازة الحاکم.


وبعبارة أخرى ان نصوص التحلیل وردت فى مقام الامتنان على الشیعة فیما اذا انتقل الیهم مال تعلق به الخمس ممن لا یعتقده کالکافر والمخالف او یعتقده کاالشیعى الفاسق، واین هذا ممن یعتقده وباع متعلّقه واراد ان یخرج الخمس من مال آخر کما فى المقام.

1- مستند العروة الوثقى کتاب الخمس، ص 68 ـ 70.

2- کتاب الخمس ج 1 ص 201.

3- الوسائل ج 6، ب 4 من ابواب الانفال، حدیث 4، (صحیحة ابی خدیجه) و حدیث 6 (صحیحة یونس بطریق الصدوق فان
حکم بن مسکین ثقة) ص 379، 380.

4- مستند العروة الوثقى کتاب الخمس، ص 71.

مساله 13 ص (113 - 116)

مساله 13 ص (113 - 116)

(مسألة 13) اذا شکّ فى بلوغ النصّاب وعدمه، فالاحوط الاختبار(1)

(1) الشبهة موضوعیة وجوبیة، المشهور فیها عدم لزوم الفحص والاختبار ولکن جماعة من الفقهاء التزموا بوجوب الفحص والإختبار لوجوه:
الأوّل أنّ فى موارد إمکان الاختبار والاستعلام، فى غیر باب الطهارة والنجاسة فى الشبهات الموضوعیة، لو رجع الى أصالة البرائة، یصدق غمض العین، لأن أدلة الأصول المرخصة، لاإطلاق لها لمثل ذلک، وهو یوجوب الفحص فى المقام بمقدار الاختبار الذى أشار الیه فى المتن، خصوصاً فى الواجبات المالیة التى بطبعها تحتاج الى المحاسبة والمراجعة ومن هنا حکم الفقهاء بوجوب الفحص فى الشبهات الموضوعیة منها کما فى باب الزکاة والشک فى الاستطاعة فى الحج، فراجع کلماتهم (قدس الله اسرارهم)
وفیه أن قوله(علیه السلام): رفع ما لا یعلمون مطلق بالنسبة الى عدم الفحص فلو شکّ فى نصاب الغلات، لا مانع من الرّجوع الى أصل البرائة، بل الى استصحاب عدم الوصول الى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 114 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

حدّ النصاب، وکذا لو شک فى الاستطاعة، یرجع الى أصالة عدمها، وأصالة عدم وجوب الحج;
على أن الفقهاء لم یتّفقوا على وجوب الفحص عند الشک فى النصاب والاستطاعة، ورجع بعضهم الى البرائة و بعضهم الى وجوب الفحص أو الاحتیاط فى ذلک.
الثانى أنه لو بنى على الرجوع الى أصل البرائة او عدم الوصول الى حد النصاب والاستطاعة بمجرد الشک بلا فحص واختبار، لزمت المخالفة القطعیة الکثیرة، وهى لاتجوز.
وفیه أنه لو اُرید أن الرّجوع الى استصحاب عدم بلوغ النصاب أو عدم بلوغ الاستطاعة او برائة الذمة من الدین موجب للوقوع فى المخالفة الکثیرة بالنسبة الى المکلفین فهو مسلّم، الا أنه لا یمنع من الرجوع الیها قبل الفحص بالنسبة الى کل مکلّف، فان العلم بان المکلّف نفسه أو رفیقه او جاره یقع فى مخالفة الواقع، فهو لا یمنع من الرّجوع الى الاصول; ألا ترى أنه لو علم اثنان أن أحدهما جنب لا یجب الغسل على أىّ منهما وکلاهما یرجع الى استصحاب الطّهارة.
نعم لو علم أنه نفسه لو رجع الى اصالة البرائة فى الواجبات المالیة قبل الفحص، لوقع فى مخالفة الواقع کثیراً، لا یجوز له الرجوع الیها فان العلم الاجمالى کما هو منجّز للتکلیف فى الواجبات العرضیة، کذلک منجّز فى الواجبات التّدریجیة والطّولیة
ألا ترى أنه لو رجع الى اصالة البرائة عند الشک فى نصاب الزکاة او نصاب المعدن فى الخمس، او الشک فى استطاعة الحج او الشک فى مقدار الدّین الثابت فى الدفتر بالنسبة الى الزائد عن المقدار المتیقن، قبل الفحص، لوقع فى مخالة الواقع کثیراً، والمسألة لم تکن معنونة فى کلام الاصحاب حتى یدّعى الاجماع على عدم الفحص، بل بناء العرف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة115 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

والعقلاء فى أمثال هذه الموارد على الفحص والإختبار لا الرجوع الى اصالة البرائة بمجرد الشک،
ویؤید ذلک روایة زید الصائع الواردة فى باب الزکاة وقد تقدّمت(1) وحیث أنه لم یوثق ولم یمدح تکون مؤیدة لوجوب الفحص;
والمناقشة فیها بانها وردت فى مورد العلم بوجود النصاب، والشک انما هو فى مقداره، ووجوب الفحص فیه لا یمکن أن یتعدّى منه الى مورد الشک فى اصل النصاب وتعلق الزکاة والخمس مدفوعة:
بأن العلم الاجمالى بوجود النصاب ینحلّ الى علم تفصیلىّ وشکّ بدوى، فنقول: لماذا لم یرجع الامام(ع) الى أصالة البرائة بالنسبة الى الزائد عن قدر المتیقن وأمره بسبک الدّراهم، فان الشک فى الزائد على القدر المتیقن، شک بدوى، فمنه یستفاد أنه إن أمکن إزالة الشک بالفحص والاختبار لابدّ منها;
الثالث ما ذکره بعض الأصحاب من ان المتعارف فى المالیات هو التقدیر والحساب ولذا کان عمل العرف فیها، على ذلک، وخطاب الزکاة والخمس والحج ودیون الناس، منزّل على المتعارف، ومن البدیهى عدم جواز اجراء البرائة فى مقدار الدّین، اذا کان دفتر وکتاب، بل لابدّ من الفحص والحساب، فعلیه، لانحتاج فى اثبات وجوب الفحص، الى دعوى لزوم المخالفة القطعیة الکثیرة، لو لم نحکم بوجوب الفحص.
وفیه أن بناء العرف فى المالیّات على التقدیر والحساب ولا سیما فى الدّین اذا کان هناک دفتر وکتاب، إنما هو لأجل الوقوع فى المخالفة القطعیة، والاّ فلابناء تعبّدى للعرف على التقدیر والحساب، فمآل هذا الوجه إلى السابق فى خصوص المالیات فقد ظهر أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 116 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الأقوى فى أمثال المقام هو الاختبار.
الرّابع ما فى کتاب الخمس والانفال، قال: (موضوع الأصول العملیة هو الشک والظاهر أن المراد به لیس نفس التردید بما هو صفة نفسانیة بل یراد به التحیّر وعدم الحجة على الواقع کما ان العلم یرادبه احراز الواقع، والحجة علیه، ولایقال لمن شکّ فعلا ولکن یمکن له رفع شکه بأدنى توجّه وفحص: أنه متحیّر فى وظیفته وبعبارة أخرى من یکون علمه فى کیسه و مفتاح علمه بیده، لا یسمّى شاکاً ومتحیّراً ولا یکون عدم علمه بالواقع عذراً له، عند العقلاء وهذا من غیر فرق بین الشّبهات التّحریمیة والوجوبیة.)
قلت: ما ذکره لا یتم باطلاقه فانّ صحیحة زرارة تنفى الفحص صریحاً قال: (قلت فهل علىّ إن شککت أنّه أصابه شیئ أن أنظر فیه؟ قال: لا ولکنک إنما ترید أن تذهب بالشک الّذى وقع من نفسک) "الحدیث" فانها صریحة فى عدم وجوب النظرو الاختبار وان أمکن به کشف الواقع; فالقول بلزوم الفحص والاختبار مطلقاً یعدّ اجتهاداً فى قبال النصّ.
ولکنّه یمکن أن یقال: إن الصّحیحة وردت فى مورد النّجاسة والطّهارة، والتعدىّ منه الى باب الأموال کالشک فى الدین والنصاب والاستطاعة والرجوع فیها الى البرائة و لا سیما اذا کان هناک دفتر و کتاب، لعلّه مخالف للسّیرة القطعیة، فانها فى هذه الموارد قائمة على الفحص والحساب، ولعلّ الوجه فیها هو الوقوع فى المخالفة القطعیة الکثیرة لو بنى على الرجوع الى البرائة بمجرد الشکّ بلا مراجعة الدّفتر والحساب.

1- ص 111، س ج 6 ص 346.

الخمس الکنز ص (121 - 149)

الخمس الکنز ص (121 - 149)

الثالث الکنز (1)

(1) الکلام فیه یقع فى جهات:
الأولى فى دلیل وجوب الخمس فیه، وقد حکى عن الخلاف والتذکرة والانتصار انه اجماعى، وعن المدارک: (اجمع العلماء کافة على وجوب الخمس فیه، وعن الحدائق وظاهر الغنیة أو صریحها نفى الخلاف فیه;
لا شک فى أن وجوب الخمس فیه مما تسالموا علیه، وتدل علیه عدة من النصوص: منها صحیحة الحلبی أنه سأل اباعبدالله(علیه السلام) عن الکنز کم فیه؟ قال: الخمس(1)
ومنها صحیحة إبن أبی نصر البزنطى عن أبی الحسن الرّضا(علیه السلام)(قال: سألته عما یجب فیه الخمس من الکنز؟ فقال: ما یجب الزکاة فى مثله ففیه الخمس)(1)
ومنها صحیحة عمار بن مروان (قال: سمعت أبا عبدالله(علیه السلام) یقول: فیما یخرج من المعادن والبحر والغنیمة والحلال المختلط بالحرام اذا لم یعرف صاحبه والکنوز الخمس)(2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 122 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ولا یخفى أنّ عمار بن مروان الیشکرى وثّقه النّجاشى وله کتاب، وقد یقال: إن عمار بن مروان الکلبى لم یوثق، وما فى سند هذا الحدیث یمکن أن یکون هو الکلبى، وهذاالإحتمال یوجب سقوط الروایة عن الاعتبار.
وفیه أولا أن عمار بن مروان الیشکرى الثقة له کتاب وهو المعروف المشهور فى کتب الرّجال فالاطلاق ینصرف الیه.
ودعوى أن هذا إن کان یوجب الإنصراف ففى کلام الرّجالیین وکتبهم الرجالیة لا فى الأسانید وکلام المحدّثین.
مدفوعة بان الرجالیین یبحثون عن اسانید الاحادیث الّتى فى کتب المحدثین فاذا کان الإسم مشترکاً بین شخصین، وکان أحدهما معروفاً مشهوراً وله کتاب، والآخر مجهولا شاذاً ینصرف الإطلاق الى المشهور لأنس اللفظ الناشى من کثرة الاستعمال فیه، وان کان السبب فى هذا الأنس هو کثرة الإستعمال والشهرة عند الرجالیین.
وثانیاً أنّ الصدوق روى بإسناده عن ابن محبوب عن أبی ایوب عن عمار بن مروان عن أبی عبدالله(علیه السلام) الفقیه، الجزء 2، باب وجوب التقصیر فى الصوم فى السفر،الحدیث 409، والشیخ فى التهذیب، الجزء 4، باب حکم المسافر والمریض فى الصیام، الحدیث، 640، والظاهر بملاحظة ما ذکره فى المشیخة: ان المراد بعمار بن مروان فیها هو الکلبى.
ولکن محمد بن یعقوب الکلینى روى هذه الروایة عن عدة من اصحابنا، عن سهل بن زیاد، عن الحسن بن محبوب، عن أبی ایوب، عن محمد بن مروان (الکلبى) الکافى، الجزء 4، باب من لا یجب له الافطار والتقصیر فى السفر من کتاب الصیام، الحدیث: 3 وحیث ان الکافى اضبط، فمنه یظن ان المذکور فى المشیخة فیه، تحریف من سهو قلم الصدوق، او من غلط النساخ، والصحیح هو محمد بن مروان الکلبى و هو الذى ذکره

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة123 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

الشیخ فى رجاله فى اصحاب الباقر(علیه السلام) واما عمار بن مروان الکلبى، فلا وجود له فى کتب الرّجال.
ویؤکّد ذلک ان الصدوق روى عن محمد بن مروان وابتداء به فى السند، الفقیه، الجزء 2، باب فضل شهر رمضان، وثواب صیامه، الحدیث 261، والجزء 3، باب العتق و أحکامه، الحدیث 241، مع انه لم یذکر الیه طریقا فى المشیخة، فمن المظنون ان الطریق المزبور هو طریقه الى محمد بن مروان الذى روى الحسن بن محبوب عن ابی ایوب عنه کما فى الکافى.
فمن هذا البیان یظهر أن عمار بن مروان واحد، و هو الیشکرى الثقة و اما عمار بن مروان الکلبى فکما لا وجود له فى کتب الرجال، کذلک لا وجود له فى أسانید الاحادیث ایضاً، لأنّ الموجود هو محمد بن مروان.
وثالثاً أن عمار بن مروان الیشکرى الثقة المذکور فى کتب الرّجال، ینقل الشیخ کتابه بطریق یقع فیه الصدوق نفسه، حیث یقول الشیخ: (اخبرنا به المفید عن محمد بن على بن الحسین عن أبیه عن سعد والحمیرى و محمّد بن یحیى و احمد بن ادریس عن احمد بن محمد و محمد بن الحسین جمعیاً عن محمد بن سنان عنه) فلو کان الکلبى الذى یروى عنه الصدوق غیر الیشکرى الذى یروى کتابه عن محمد بن سنان کیف لا یذکر طریقه الیه فى المشیخة، ویذکر طریقه الى شخص غیر معروف وینقل فى کتابه روایات عنه بلا لقب الکلبى، وهذا بعید عنه جدّاً.
فتحصل أن عمار بن مروان الکلبى، امّا هو نفس الیشکرى، او سهى قلمه الشریف فکتب بدل محمد بن مروان الکلبى، عمار بن مروان، فعلیه لم یثبت عمار بن مروان الکلبى غیر الیشکرى الثقة، فما حاوله الأردبیلى(قدس سره)فى جامع الروات، وبعض المعاصرین فى کتابه، هو الاظهر من أن الکلبى والیشکرى رجل واحد.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 124 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهو المال المذخور(2) فى الأرض أو الجبل أو الجدار أو الشجر

ومنها صحیحة ابن ابی عمیر عن غیر واحد عن ابی عبدالله(علیه السلام) (قال: الخمس على خمسة أشیاء على الکنوز والمعادن والغوص والغنیمة ونسى ابن ابى عمیر الخامس)(3)
ولا یخفى أن أحمد بن زیاد بن جعفر الهمدانى الواقع فى سندها هو شیخ الصّدوق وقد وثقه صریحاً، حیث قال: ثقة فاضل دیّن، فلا یضر عدم توثیقه فى کتب الرّجال وعدم التّعرض له، وما فى الوسائل من ضبط (عن جعفر) غلط امّا من هذه النسخة وامّا من صاحب الوسائل، لو کان جمیع نسخ الوسائل کذلک، والصواب ابن جعفر کما أثبته فى الخصال(4) فان جعفر جدّ أحمد لا أنه راو آخر.
ومنها صحیحة زرارة عن ابی جعفر(علیهما السلام)قال: سألته عن المعادن ما فیها؟ فقال: کل ما کان رکازاً ففیه الخمس) (الحدیث)(5)
(2) الجهة الثانیة فى أنه هل یعتبر فى الکنز قصد الدّفن للإدّخار، أو یشمل کل ما هو مستتر ومدفون فى الارض ولو بلا قصد من الانسان، کما اذا دفنه السّیل أو الزّلزلة أو الخسف أو نحو ذلک؟ المشهور هو الثانى.
ولکّن الشهید الثانى فى الرّوضة والمسالک اختار الأول، فخصّ الکنز بما اذا کان الإدّخار مقصوداً للمالک والاّ فهو فى حکم اللّقطة، بل ربما یظهر ذلک من کلام کل من فسّر الکنز بالمال المذخور، فان الاّدخار لایتحقق بلا قصد.
وکیفما کان فالصّحیح هو القول المشهور، فان الکنز عبارة عما هو مستور فى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة125 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و المدار الصّدق العرفى (3) سواء کان من الذهب أو الفضّة المسکوکین(4) او غیر مسکوکین أو غیرهما من الجواهر

الأرض باىّ وجه کان، ولا دلیل على إعتبار القصد فیه، کما نشاهد فى المدن الّتى جعل الله عالیها سافلها، فان الجواهر المدفونة فیها یصدق علیها الکنز مع انها عار عن القصد.
ولو تنزّلنا عن ذلک وقلنا: إن الکنز عبارة عما دفنه الإنسان للادّخار نتمسک فیما لم یدفنه الإنسان بصحیحة زرارة المتقدمة (: کلّ ما کان رکازاً ففیه الخمس) ولاشبهة فى أن قصد الإدّخار لم یؤخذ فى الرکاز فیشمل ما دفن فى الارض مطلقا ولو کان بواسطة الخسف والزّلزلة والسّیل ونحوها او کان تکوّنه فى جوف الارض کالمعدن.
(3) الجهة الثالثة هل یعتبر فى صدق الکنز کون المال مدفوناً ومستتراً فى الأرض، او لا یعتبر ذلک، بل یشمل کل ما هو مستتر ولو کان فى الجدار أو الشجر أو السقف او نحو ذلک؟ ظاهر کلام جملة من اللّغویین والفقهاء الأوّل، حیث فسّره بالمدفون فى الأرض، بل صرّح کاشف الغطاء ـ کما فى الجواهر ـ بعدم الخمس فى المدفون فى غیر الأرض.
وفیه أنه لا دلیل علیه أصلا، فانّ الکنز والرّکاز ما هو مستتر عن الانظار بحیث لا یعثر علیه أحد بسهولة، ولو کان فى الشجر أو الجدران، وذکر الارض فى کلام الفقهاء أو اللغویین ناشىء من الغلبة، والا فالکنز یصدق على ما ذکر بلا تأمّل; نعم لا یصدق على المخبوء فى الصندوق وتحت الحطب، والورق ونحو ذلک، فانّه من اللّقطة بلا اشکال.
ولو شکّ فى صدق الکنز والّرکاز فى موضع، لا یجرى علیه حکمه من وجوب التخمیس ودعوى الالحاق بالکنز بتنقیح المناط، لا تخلو عن خفاء، فانه لو بنى على ذلک، لشمل الکنز المخبوء فى الصندوق وبین الکتب والاوراق والماء ونحو ذلک، وهذا مما یقطع بفساده.
(4) الجهة الرّابعة هل یختص الکنز بالذّهب والفضّة المسکوکین او یعّمهما وغیر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة126 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

المسکوکین، او یعمّ جمیع الجواهر او الاعم منها؟
فعن الشیخ فى النهایة ـ بعد ما ذکر أوّلا ثبوت الخمس فى الکنوز قال: (والکنوز اذا کانت دراهم او دنانیر، یجب فیها الخمس فیما وجد منها، اذا بلغ الى الحدّ الذى قدّ منا ذکره).
وعن المسبوط: (ویجب ایضاً فى الکنوز الّتى توجد فى دار الحرب من الذهب والفضّة والدّراهم والدّنانیر).
وعن التذکرة: (ویجب الخمس فى کل ما کان رکازاً وهو کل مال مدخور تحت الأرض على إختلاف أنواعه (الى ان قال): وقول الباقر(علیه السلام): کل ما کان رکازاً ففیه الخمس.)
وعن کشف الغطاء (أنّ الظاهر تخصیص الحکم بالنقدین وغیره یتبع حکم اللقطة).
وعن مصباح الففیه للهمدانى، وعن المستند للنراقى ما حاصله (:إن ظاهر اطلاق جماعة وصریح المحکى عن الاقتصاد والوسیلة والتحریر والمنتهى والتذکرة والبیان والدروس التعمیم، لعموم الأدلّة وظاهر الشیخ فى النهایة والمبسوط، والجمل والسرائر والجامع، الاختصاص بکنوز الذهب والفضّة، ونسبه بعض من تأخّر الى ظاهر الاکثر وهو الاظهر، لمفهوم صحیحة البزنطى).
والمصنف واکثرا لمعلّقین خصّصو الحکم بالجواهر، وبعضهم عمّم الحکم لکل مال معتدبه مدفون، وان کان غیر الجواهر.
فالأقوال فى المسئلة أربعة: أحد ها إختصاص الحکم بالذّهب والفضة المسکوکین، کما عن الشیخ فى النهایة وکاشف الغطاء واختاره الأستاذ(قدس سره)قال الأستاذ: فان السؤال بقوله: (عمّا ..) ظاهر فى السئوال عن الجنس والماهیة لا عن المقدار
والکمیة، وقال ایضاً: فانها ظاهرة فى السئوال عن جنس المستخرج وماهیته، لا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة127 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

عن مقداره وکمیته، فان حمل المماثلة على التقدیر فى المالیة، بعید عن سیاقها غایته.
ثانیها التعمیم لمطلق الذّهب والفضة، سواء کانا مسکوکین او غیر مسکوکین، کما عن الشیخ فى المبسوط وجمع آخر.
ثالثها التعمیم لمطلق الجواهر کما هو المستفاد من کلام المصنف واکثر محشّى العروة.
رابعها التعمیم لکل مال مدفون ولو کان غیر الجواهر، کما عن العلاّمة فى التذکرة وبعض من عاصر ناهم (وهو المرحوم گلپایگانى)(قدس سره)
ومنشأ هذه الأقوال هو الإختلاف فى فهم الروایات: أمّا القول الأول فقد استدلّ الاستاذ المرحوم له بصحیحة البزنطى، قال: سألته عما یجب فیه الخمس من الکنز؟ فقال: ما یجب الزّکاة فى مثله ففیه الخمس(6) قال: فان السئوال بقوله: (عمّا..الخ) ظاهر فى السئوال عن الجنس والماهیة لا عن المقدار والکمیة، وعلیه فالمماثلة ظاهرة فى التماثل من حیث الجنس الذّى هو المسئول عنه، لا فى شیى آخر، فانه خلاف المنسبق او المنصرف من إطلاق المماثلة کما لا یخفى، وبما ان الجنس المستخرج من الکنز الذى یکون فى الجنس المتسانخ والمماثل له الزکاة منحصر فى النقدین، فطبعاً یختص الخمس ایضاً بهما(الى ان قال): فانّها (أى صحیحة البزنطى) ظاهرة فى السئوال عن جنس المستخرج وماهیته، لا عن مقداره وکمیته، فان حمل المماثلة على التقدیر فى المالیة بعیدٌ عن سیاقها غایته کما عرفت(7)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة128 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وقال(قدس سره) فى موضع آخر من کتاب الخمس(8): فالمماثلة تستدعى اختصاص الخمس فى الکنوز بالنقدین، کما أنها تستدعى اعتبار النصاب ایضاً، قضاءً لإطلاق المماثلة الظّاهرة فى أنها من جمیع الجهات اى فى الجنس والمقدار، فیعتبر فى تخمیسه بلوغه عشرین دیناراً ان کان من الذهب المسکوک ومِأتى درهم ان کان من الفضّة المسکوکة.
وأنت ترى أن کلامیه لا یخلو من التناقض، حیث قال أوّلا: فان حمل المماثلة على التقدیر فى المالیة، بعید عن سیاقها غایته.
وقال فى الموضع الثانى: کما أنها تستدعى اعتبار النصاب ایضاً قضأً لاطلاق المماثلة الظاهرة فى انها من جمیع الجهات أى فى الجنس والمقدار.
ولکنه لاعصمة الاّ لأهلها.
وما ذکره(قدس سره) لایمکن المساعدة علیه، فان السئوال فى صحیحة البزنطى ناظر الى السئوال عن النصاب والمقدار جزماً، فان صاحب الریاض أسند الى الاصحاب أنهم، فهموا منها المماثلة فى المقدار والمالیة، نظیر صحیحته الأخرى الواردة فى المعدن (قال: سألت أبالحسن(علیه السلام) عمّا أخرج المعدن من قلیل أو کثیر هل فیه شىء؟ قال(علیه السلام): لیس فیه شىء حتى یبلغ ما یکون فى مثله الزکاة عشرین دیناراً)(9)
وحیث ان السائل فى الصحیحتین هو البزنطى والمجیب هو الرضا(علیه السلام) وجهة السئوال فیها هو النصاب فى المعدن والکنز، فیمکن أن یقال: إنّ الصّحیحة الثانیة قرینة على أن السئوال فیهما لا یکون عن الجنس فانّ السئوال عن الجنس فى الثانیة، منتف

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 129 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

جزماً، فیمکن ان یکون السئوال فى الأولى ایضاً کذلک، فعلیه لا یبقى مجال للاستدلال باختصاص خمس الکنز فى النقدین.
على أن کلیهما مما یخرج من الأرض، أحدهما متکوّن فیها والآخر دفن فیها، ویشملهما الرّکاز، فیقوى أن یکون حکمهما واحداً، فکما أن خمس المعدن عام لکل ما هو رکاز، فکذلک الکنز، فلا یعتبر فى خمسهما الاّ النصاب.
ولو تنزّلنا عن ذلک، وإحتملنا أن غیر الذّهب والفضّة المسکوکین کالعقیق والفیروزج والیاقوت واللّؤلؤ وامثالها والذهب والفضة بلا سکة وبقیة الاحجار الکریمة، إذا بلغت حد النصاب، فهل هى خارجة أم لا؟ فنقول: قد ثبت فى الاصول ان المخصص اذا کان مجملا دار أمره بین الاکثر والاقل، نلتزم بخروج الأقل عن تحت العام او المطلق، وفى الزائد عنه نتمسک بعموم العام والاطلاق، ففى المقام المقدار الذى نتیقن بخروجه عن تحت قوله(ع): کلما کان رکازاً ففیه الخمس وقوله(ع): فى الکنوز الخمس، ما کان کنزاً ورکازاً ولم یبلغ حد النصاب، فهو خارج قطعاً، وأمّا الزائد عنه فالمرجع فیه هو العام فیجب تخمیسه لأنه رکاز بلغ حد النصاب.
فقد ظهر أنّ خمس الکنز لا یختص بالنقدین، بل یعم غیرهما ایضاً.
وهل یختص الکنز بالجواهر وهى الأشیاء الثمینة أو یعمّ غیرها ایضاً؟ قد عرفت من المصنف الاختصاص، ووافقه اکثر محشّى العروة، ولعل وجهه هو اختصاص مفهوم الکنز بذلک،
قلت: إختصاص مفهوم الکنز بالجواهر لایثمر ثمرة، فان المدفون فى الارض لو کان حدیداً او صفرا او نحاساً او رصاصاً وامثالها یجب فیه الخمس اذا بلغ حد النصاب لقوله(ع): کلما کان رکازا ففیه الخمس، فانّه یصدق علیها بلا اشکال فیجب فیها الخمس إذا بلغت النصاب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 130 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وسواء کان فى بلادالکفار الحربیین او غیر هم او فى بلاد الاسلام(5) فى الارض الموات

وامّا الاشیاء التى لا تبقى تحت الأرض الى أمد بعید کالکتب والفراش والخشب وامثالها فهى فى حکم اللّقطة فلا بد من إجراء حکمها علیها.
فقد ظهر مما ذکرنا ضعف بقیة الاقوال، فلا حاجة الى النقص والابرام والبحث فیها.
(5) الجهة الخامسة فى حکم الکنز من حیث المکان الذى یوجد فیه، فان وجدفى دار الکفر، لا اشکال فى جواز تملّکه واخراج خمسه، ولاخلاف فى ذلک بین الأصحاب،
وأمّا اذا وجد فى دار الاسلام، فعن المبسوط والقاضى والفاضلین والشهیدین (فى البیان والمسالک) ونسب الى اکثر المتأخرین تارة والى الاشهر أخرى والى فتوى الاصحاب ثالثةً، : أنه یجرى علیه حکم اللقطة;
وکأنّه لأن أرض الاسلام واثره معاً أمارة على تملک المسلم له، فلا تجرى فیه أصالة الاباحة.
واستدلوا على ذلک بوجوه: الأوّل أصالة عدم تملکه من غیر تعریف، فانّ الملکیة أمر حادث یحتاج ثبوته الى دلیل، ومقتضى الأصل عدمه.
الثانى ان کونه فى دار الاسلام أمارة لکونه لمحترم المال من مسلم او ذمّى فان من فى هذه الدّار محکوم بحصن الدم والمال، فما لم یثبت أنه فئ للمسلمین لا یجوز تملکه، بل یجب الفحص عن مالکه.
الثالث موثقة محمد بن قیس عن ابی جعفر(علیهما السلام)قال: قضى على(علیه السلام) فى رجل وجد ورِقًا فى خربة، ان یعرّفها، فان وجد من یعرفها والا تمتّع بها(10)
فانها تدل على عدم جواز تملک الورق قبل تعریفها، وقد حملوها على الکنز باعتبار أن الورق الموجود فى الخربة اذا لم یکن کنزاً مذخورا تحت الأرض، لا معرّف له

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 131 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أو الأرض الخربة الّتى لم یکن لها مالک اوفى ارض مملوکة له بالاحیاء او بالابتیاع مع العلم

لیعرّف، اذ لا علامة له حینئد، فانه سکّة من درهم او دینار کغیره من المسکوکات.
وقد أورد علیه غیر واحد بأن مجرد کونه فى دار الاسلام، لا یکون أمارة شرعیة على أنه ملک للمسلم او ذمّى، فیمکن أن یتمسک بأصالة عدم وضع المسلم أو الذمى یده على هذا المال، فیجوز استملاکه بعد احراز عدم احترامه بمقتضى هذا الأصل.
وقد استشکل على هذا الایراد بان مقتضى الأصل عدم جواز التصرف فى مال أىّ أحد ما لم یثبت جوازه، فإن أخذ المال ظلمٌ وتعدٍّ وهو قبیح عقلا الاّ ما أخرجه الدلیل، مثل مال الکافر الحربی، فحرمة التصرف لیست منوطة بالاسلام، بل جواز التصرّف منوط بالکافر الحربی فما دام لم یثبت أنه من الحربی، لا یجوز التصرّف فیه.
وبعبارة اخرى لو شککنا فى مال أنه من مسلم او حربى، کان مقتضى الاصل عدم جواز التصرّف فیه، لا أنّ الأصل جوازه، الا اذا ثبت انه لمسلم، بل الامر بالعکس فالنتیجة أنّ ما هو المعول علیه فى المقام هى اصالة الاحترام فى مال کل أحد بالسیرة العقلائیة، وحکم العقل القاضى بقبح الظلم، الا اذا ثبت ان الشارع ومالک الملوک ألغى احترامه کمال الکافر الحربی، فبعده لا یراه العقل ظلماً، وهذا ما اختاره المحقق الهمدانى وسیدنا الاستاذ الخوئى (قدس سرهما)
وقال أیضاً: ومن هنا لا ینبغى الشک من أحد حتى من صاحب المدارک فى أنّا اذا وجدنا شخصاً مجهول الحال فى بادیة وشککنا فى أنه مسلم او کافر حربی، لا یجوز لنا أخذ ما له بأصالة عدم إسلامه، او رأیناه قد وضع ما له فى مکان معیّن او إدّخره فیه، فانّه لا یجوز لنا إستملاکه بإجراء الأصل المذکور بالضّرورة.
وعلى الجملة فجواز التصرف عل الاموال یتوقف على احرازه إمّا باذن من المالک او من مالک الملوک، فاصالة عدم وضع المسلم یده على هذا لمال لا اساس لها بتاتاً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة132 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعدم کونه ملکاً للبایعین وسواء کان علیه اثر الاسلام ام لا ففى جمیع هذه یکون لواجده وعلیه الخمس

ولایترتب علیها أثر، بل لا بد من الفحص والتعریف ولا یجرى علیه حکم الکنز.
وقد یستشکل علیه بانه (ان ارید حکم العقل الأولى بقبح التصرف فى مال الغیر بدون اذنه وکونه ظلماً، فلو سلّمت هذه الکبرى العقلیة، فلا إشکال فى الشک فى تحقق موضوعها فى المقام بحسب الفرض، بل لا اشکال فى ارتفاع موضوعها بحکم الشارع وتجویزه التصرف فى المال، من غیر فرق بین یکون التجویز واقعیاً کما فى مال الکافر الحربی، او ظاهریاً کما فى موارد الشک، وجریان اصل شرعىّ ناف لموضوع الحرمة، والالزم عدم جریان الاستصحاب ولا الاصول والامارات الأخرى المؤمّنة فى باب الاموال المشتبهة وهذا واضح البطلان.)
ویردّه أنه اذا سلّم حکم العقل والکبرى الکلیة بقبح التصرف فى مال الغیر وکونه ظلماً، فلا یبقى مجال للشک فى تحقق موضوعها فى المقام فضلا عن ان یقال: بارتفاع موضوعها بحکم الشارع، فان الموضوع لحکم العقل بقبح التصرف هو کونه مال الغیر لا کونه مال المسلم، حتى یقال: الاصل عدم وضع المسلم یده على هذالمال.
مع أنّه معارض بان الاصل عدم وضع الحربى یده على هذالمال، وجواز التصرف یتوقّف على احراز انه مال الحربى.
فلنا ان نقول: ان کون هذالمال للغیر محرز بالوجدان، وکونه من حربى منفى بالاصل، فلایبقى مجال للقول بجواز التصرف، فان الموضوع لجوازه احراز ان هذالمال مال الحربی.
نعم لو کان الموضوع لحکم العقلاء وسیرة العقلاء قبح التصرف فى مال المسلم لکان لما ذکر مجال، فان اصالة عدم وضع المسلم یده على هذالمال تنفى قبح التصرف بل الحرمة الا ان الامر لیس کذلک.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 133 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ومما ذکرنا ظهر بطلان ما فرّعه علیه وجعله لازماً علیه من قوله: (والاّلزم عدم جریان الاستصحاب ولا الاصول والأمارات الأخرى المؤمّنة فى باب الاموال المشتبهة)
وجه البطلان أن الأصول المؤمّنة، لا مانع لها أصلا، ألا ترى أنه لو کان الکافر الحربى مالکاً للفرس، ووجدنا فرسه فى الصّحراء وشککنا فى أنه باعه من مسلم او باق فى ملکه، او أسلم هو ام لا؟ لا مانع من جریان الإستصحاب فى الموردین واثره جواز اغتنام الفرس وکذا اذا شککنا فى موته وکان له وارث مسلم، نستصحب حیاته فنغتنمه.
واما الإستدلال بموثقة محمد بن قیس على أنّ الکنز فى بلاد الاسلام مطلقا محکوم بحکم اللّقطة، فغیر تامّ، لأنها بقرینة صحیحة محمد بن مسلم تحمل على صورة إحتمال الوصول للمالک بالتعریف، روى عن ابی جعفر(علیهما السلام)قال: سألته عن الدار یوجد فیها الورق، فقال: ان کانت معمورة فیها أهلها، فهى لهم، وان کانت خربة جلى عنها أهلها، فالذى وجد المال أحق به(11)
وهى کما ترى ظاهرة فى ان اهل الخربة اذا جلى ولایمکن الوصول الیهم، فیکون الواجد أحق به.
وفى موثقة محمد بن قیس(11) حیث لم یفرض جلاء الأهل، فیحتمل الوصول الیهم، فلهذا أمر (ع) بالتعریف، فلو ادعى مالک الخربة أنها له; یسلّم إلیه، وان لم یدّع ذلک، کان الواجد هو المتمتّع بها.
وأمّا الصّحیحة الثانیة لمحمد بن مسلم عن أحدهما (علیهما السلام) (فى حدیث) قال: سألته عن الورق یوجد فى دار؟ فقال(ع) ان کانت معمورة فهى لأهلها، فان کانت خربة، فانت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 134 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

أحق بما وجدت (12).
فهى تحمل بقرینة الأولى على عدم الوصول الى المالک.
وامّا النصوص المشتملة على الکنز الآمرة باخراج خمسه، فانها ناظرة الى الکنوز الّتى لا یحتمل الوصول الى ملاّکها أو ورثتهم ـ کما هو الغالب ـ ولأجل هذا یظهر منها انها للواجد.
منها صحیحة عماربن مروان (وهو الیشکرى الثقة) قال: سمعت اباعبدالله(علیه السلام) یقول: فیما یخرج من المعادن والبحر والغنیمة والحلال المختلط بالحرام اذا لم یعرف صاحبه والکنوز الخمس.(13)
فانها ظاهرة فى أن الکنوز للواجد کالمعدن والغوص والغنیمة;
ومنها صحیحة إبن أبی عمیر عن غیر واحد عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: الخمس على خمسة اشیاء: على الکنوز والمعادن والغوص والغنیمة ونسى ابن أبی عمیر الخامس(14)
ولا یخفى أن هذالحدیث روى الصّدوق فى الخصال عن احمد بن زیاد بن جعفر الهمدانى (کما فى جامع الأحادیث جلد 8، ص 564 ) وقد وثقه الصّدوق صریحاً (فما فى الوسائل عن جعفر غلط) فان جعفر جدّ الراوى وهو لم یذکر فى الرّوات فلا اشکال فى أن السند صحیح.
ومنها صحیحة الحلبى (فى حدیث) قال: سألت أباعبدالله(علیه السلام) عن الکنز کم فیه؟ قال: الخمس، وعن المعادن کم فیها؟ قال: الخمس وعن الرصاص والصفر والحدید وما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة135 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

کان من المعادن کم فیها؟ قال: یؤخذ منها کما یؤخذ من معادن الذّهب والفضة(15)
والمستفاد من هذه الصّحاح أن الکنز للواجد، کما أن المعدن والغوص والغنیمة له; ولا فرق فى ذلک بین أن لم یکن للکنز وارث من الأوّل، أو کان و قد إنقراض، ومقتضى القاعدة الإنتقال الى الإمام(ع) لأصالة عدم وجود وارث محترم، فیدخل فى موضوع من مات ولیس له وارث المحکوم بالدخول فى ملکه(ع) وهذا ما اختاره سیّدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره).
وقد استشکل علیه بعض تلامذته: (من أنه لو فرض احتمال عدم وجود وارث له، وجریان استصحاب عدم الوارث، ثبت أنه للإمام(ع) ومن الانفال، وحینئذ لا یجوز تملّکه، بل یجب دفعه الى الحاکم، لأنّ أخبار التّحلیل لایستفاد منها جواز تملک کل ما هو للامام(ع) من قبل الشیعى کیف، وإلاّ جاز تملّک مجهول المالک والخمس ومال مسلم یموت ولا وارث له، وغیرها ممّا هو للامام(ع) مع أنه لا یقول به احد، بل المستفاد من اخبار التحلیل مجموع أمرین:
1 ـ إباحة التصرف فى رقبة الأرض التى کانت من الانفال.
2 ـ إباحة ما ینتقل من حقهم الى الانسان من قبل المخالف، أو الأعم منه ومن الشیعى (الى ان قال): وثانیاً لو فرض الإذن والاباحة فى التملک لم یکن علیه الخمس الاّ بعنوان مطلق الفائدة، نظیر من یتملّک مجهول المالک باذن الحاکم الشرعى (الى آخر کلامه).
ولکن الظاّهر عدم ورود هذا لاعتراض على سیدنا الاستاذ(قدس سره)وذلک، لأن المستفاد من روایات الکنز أمران; أحدهما الإذن فى التملک.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 136 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ثانیهما التخمیس فوراً فانه لا خمس الاّ فى ملک، حیث أنّ الأمر بالتخمیس اذن فى تملّک البقیة، وقد اعترف هو نفسه بذلک، قال: (غایة الامر حیث یعلم انه لا خمس الاّ فى ملک، أو لا یجوز التصرف فى مال بدفع خمسه الاّ من قبل مالکه، فتشکلّ دلالة التزامیة بملاک دلالة الاقتضا، على أن الکنز یکون لواجده فى الجملة والاّ کان الحکم بالتخمیس لغواً، وهذا یکفى فیه ثبوت القدر المتیقن وهو الکنز الذى یعلم بعدم وجو مالک محترم له کما فى الکنوز القدیمة مما کان قبل الاسلام، ولعلّه حال اغلب الکنوز فى زمن صدور هذه الروایات، فلا یمکن ان یستدل بها لاثبات التعمیم المطلوب).
قلت: الکنوز جمع محلّى بالاّم تدلّ على العموم بالوضع فما دام لم یرد فیه التخصیص نتمسک بأصالة العموم، ولا مجال لدعوى القدر المتیقن فى العموم الوضعى کما هو واضح.
فمع دلالة النّصوص المشتملة على الکنوز على التخمیس والتملک لا نحتاج فى التملک الى اخبار التحلیل حتى یناقش فى شمولها للمقام، کما لا نحتاج فى التخمیس الى الاخبار الآمرة بتخمیس الأرباح بعد المؤونة.
وقد ظهر مما ذکرنا دفع اشکال آخر وهو ماقد یقال: (من أنا نعلم أن هذالمال للغیر، إمّا الوارث وإمّا الامام(ع) والمفروض ان القاعدة تحکم بالاشتغال وعدم جواز التصرف فى مال الغیر مطلقاً الاّ اذا أحرز إذن مالکه أو مالک الملوک وکلاهما مفقود هنا.
وجه الدفع أنه اذا شک فى وجود الوارث لمالک الکنز نستصحب عدمه فاذا نفى الوارث بالتعبّد، یکون الکنز للامام(ع) وهو الوارث لمن لا وارث له وأمر الامام بتخمیس الکنز، دالّ على اکتفائه(ع) بالخمس وتحلیل البقیة للآخذ والمخرج له،
وبما أنه حکم شرعى إلهى، فقد أحرز إذن المالک و مالک الملوک، فکیف یقال: إن کلیهما مفقود فى المقام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 137 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولو کان فى أرض مبتاعة مع إحتمال کونه لأحد البایعین عرّفه (6) المالک قبله فان لم یعرفه

(6) ذکر البیع إنّما هو للمثال، وإلاّ فلا خصوصیة له، ویجرى الحکم فى کل ناقل للعین من الهبة والارث والصلح والمهر و نحو ذلک، او ناقل للمنفعة کما اذا وجد المستأجر کنزاً فى العین المستأجرة;
والکلام تارة فیما تقتضیه القاعدة، وأخرى فیما یستفاد من النصوص:
أمّا الکلام فى المقام الأوّل، فالمشهور فیه هو ما ذکره الماتن(قدس سره) من لزوم التعریف، وقد یقال: إن مقتضى أصالة عدم وضع ید محترمة علیه، هو جواز التصرف وعدم لزوم التعریف;
وفیه ما عرفت من أنّ کل ما کان للغیر، لا یجوز التصرف فیه، الا باذن المالک او مالک الملوک، ففى المقام حیث فرض احتمال کونه من أحد البایعین، فلابد من التعریف;
فیعرّف أوّلا البایع الأخیر، فان عرفه، والاّ فالبایع قبله، فان لم یعرف فالبایع قبله کل ذلک لقاعدة الید، فالبایع الأخیر ان لم یعرفه، سقطت یده فتحى الید السابقة فان أنکره فتحیى من قبلها;
وقد استشکل الأستاذ على هذه القاعدة بوجهین:
الأول أن قاعدة الید امارة للمالکیة، ومقتضاها اعطاء الکنز للبایع الأخیر، بلا تعریف، فلو وضع رجل ودیعةً عند شخص ومات ذوالید، دفعها الودیعى الى ورثة ذى الید بلا تعریف وفحص، فلو کانت حجّةً فى المقام، لما کان مجال للتعریف.
الثانى لا حجّیة لهذه الید لأنّها زائلة غیر فعلیة، سواء قلنا: إن دلیل حجیتها السیرة العقلائیة (وهى العمدة) أو بعض النصوص مثل ما دل على جواز الشهادة استناداً الى الید، فحجّیتها خاصة بالید الفعلیة، وهى الکاشفة عن الملکیة، وأمّا الزائلة، فهى ساقطة عن درجة الاعتبار، ولا أمارّیة لها بوجه لخروجها عن مورد السّیرة والأخبار بالضّرورة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 138 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فالمالک قبله وهکذا فان لم یعرفوه فهو للواجد وعلیه الخمس

قلت: الید أمارة لما فى تحتها إذا کان ذوالید عالماً به، فلو باع داره و جاء بعد أیام وقال: دفنت فى ناحیة من الدّار دراهم ودنانیر ولم یکن عندى مجال لإخراجها ونقلها، یسمع ذلک منه ولا مجال للقول بأن یدک زالت فلا تکون أمارة للملک، واذا لم یکن عالما بما فى تحت یده لا تکون الید أمارة للملک;
والّذى یدلنا على ذلک (مضافاً الى حکم العقل) ما ورد فى السمکة التى حازها من البحر وباعها، فوجد المشترى جوهراً فى جوفها، فحکم الامام(علیه السلام) بأنه للواجد، ولیس ذلک الاّ لأن الید لا کاشفیة فیها الاّ بالنسبة الى ما علمه ذوالید.
ففى المقام اذا احتملنا أنّ ذالید کان عالماً به ونسیه حین البیع، لابد من أن یعرّف له فانّ یده مظنة لوصول المال الى المالک، ویمکن ان یکون مراد المشهور هو ما ذکرناه فعلیه لا اشکال فیه.
وقد ظهر مما ذکرنا الجواب عن اشکال آخر فى المقام وهو ما قیل: (من أنّ الصّحیح فى مناقشة هذالوجه انکار اصل الید، فانّ الذّى انتقل عنه المکان، کانت یده على الأرض والمکان، لا على ما جوفه من الأموال والکنوز المدفونة غیر الظاهرة، ولا دلیل على أنّ مجرّد الید على الأرض امارة على ما فى جوفها، إذ لا یمکن أن یستفاد من أدلّة حجّیة الید اللفظیة أو اللّبیة، الأماریة لا کثر ممّا یکون تحت الید بالمباشرة اى تحت تصرفه لأن المراد بالید والمستفاد من أدلّة حجّیتها إنما هو ذلک، لا اکثر.)
توضیح الجواب أن الید أمارة لمالکیة ذى الید لکل ما علمه تفصیلا أو جمالا، فلو دفن البایع الکنز فى سرداب الدّار ونسى حین البیع أن یخرجه، فجاء بعد أیام لأن یخرجه، فهل یجوز للمشترى أن یمنعه ببرهان أن یدک لم تکن علیه مباشرة؟ کلاّ،
نعم فرق بین الید المباشرة وغیرها، فلو باع الدار ورحل عنها وبقى بساط هناک فللمشترى ان یدفعه الى الدار التى انتقل الیه البایع فیفرغ بذلک ذمته، فانه لا یحتمل ان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة139 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

یکون لشخص آخر، وهذا بخلاف الکنز فانه حیث لم یکن تحت یده مباشرة یحتمل انه کان له ویحتمل أنه للبایع السابق أو الا سبق، فلهذا لا یفرغ ذمته بدفعه الى الدار التى انتقل الیها بل لابد من تعریفه له، فان عرفه وإلاّ فیعرّف السابق أو الأسبق، والسرّ فیه أن ذالید المباشرى، نعلم انه عالم به فتکون یده أمارة تامة، وأمّا ذوالید الغیر المباشرى فلا نعلم انه عالم بما فى تحت یده، بل نحتمله فلهذا لابد من تعریفه له، فان عرفه، نعلم انه کان عالماً بما فى تحت یده، فتکون یده أمارة تامة، وان لم یعرفه سقطت یده عن الاعتبار;
والحاصل أنّ البایع الأخیر والسابق والاسبق، ان لم یعرفوه، واحتمل انه کان من قدیم الزمان ولم یکن له مالک محترم فعلا، یتملکه وعلیه الخمس، وان علم ان له مالک محترم فعلا، فان احتمل الوصول الیه، لابدّ من التعریف الواجب فى اللقطه، فان وجد، والاّ یتصدّق عنه، هذا کله ما تقتضیه القاعدة;
وأمّا الکلام فى المقام الثانى، فنقول: إن الرّوایات التى یمکن ان یستدل بها او یستأنس للمقام، ثلاث:
الأولى صحیحة عبدالله بن جعفر الحمیرى قال: سألته(علیه السلام) فى کتاب عن رجل اشترى جزوراً أو بقرة أو شاة أو غیرها للأضاحى او غیرها، فلمّا ذبحها وجد فى جوفها صرّة فیها دراهم او دنانیر او جواهر أو غیر ذلک من المنافع لمن یکون ذلک؟ وکیف یعمل به؟ فوقّع(علیه السلام): عرّفها البایع فان لم یعرفها فاالشیئ لک رزقک الله إیاه(16)
تقریب الاستدلال واضح، فان السئوال عن البایع لا یکون الاّ لاجل الوصول الى مالک الصّرة، فان کونه مالکاً لها هو اقرب الاحتمالات، وهو مظنّة وصول المال الى مالکه، ففى المقام ایضاً نقول: إن البایعین مظنة لوصول المال الى مالکه، فلابد من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 140 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

تعریفهم، ولا یضرّ بالاستدلال، أن الصرّة قد ابتلعت بین ایام قلائل، والکنز یحتمل قدمه، وذلک لأنّ المستفاد منها، ان المال المحترم اذا امکن إیصاله الى مالکه، فلابد من السعى فى ذلک، وهو یقتضى أن یعرّفه لمن کان المال تحت یده ولو تبعاً،
والحکم بتملّک الصّرة إمّا حکم ولائى صادر عن ولىّ الأمر، أو مبنى على حصول الیأس من المالک حیث أن الحیوان یمشى فى أماکن مختلفة متباعدة بحیث ینتفى عقلائیاً العثور على مالکها، فانّ اللّقطة، عند ذلک یصّح تملّکها کما یصح التصدّق بها عن مالکها.
الثانیة موثقة إسحاق بن عمار قال: سألت أبا إبراهیم(علیه السلام) عن رجل نزل فى بعض بیوت مکّة، فوجد فیه سبعین درهماً مدفونة، فلم تزل معه ولم یذکرها حتى قدم الکوفة، کیف یصنع؟ قال: یسأل عنها أهل المنزل لعلّهم یعرفونها، قلت: فان لم یعرفوها، قال یتصدّق بها;(17)
ومقتضى اطلاقها، السئوال عن اهل المنزل سواءً کانوا فیها أو باعوها وخرجوا منها وسواء کانت منهم أو من الحجاج والزّائرین النازلین فیها، ولیس ذلک إلاّ لأنّهم مظنة لوصول المال الى المالک. فتقریب الإستدال واضح;
الثالثة صحیحة محمد بن مسلم عن أبی جعفر(علیهما السلام) قال: سألته عن الدار یوجد الورق فیها؟ فقال: ان کانت معمورة فیها أهلها، فهى لهم، وان کانت خربة، قد جلى عنها أهلها، فالذّى وجد المال أحق به(17).
فهى وإن وردت فى اللّقطة إلا أنّ الإستیناس بها للمقام ممکن، فان الورق الذّى یوجد فى خربة، قد جلى أهلها، لا یمکن إیصاله إلى مالکه لجلائه، فهو لواجده.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 141 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وإن إدّعاه المالک السّابق فالسابق، أعطاه بلابیّنة(7) وان تنازع الملاّک فیه یجرى علیه

وقد وردت صحیحة أخرى عن محمد بن مسلم عن احدهما(علیهما السلام)(فى حدیث) قال: سألته عن الورق یوجد فى دار فقال: ان کانت معمورة فهى لأهلها، فان کانت خربة، فأنت أحق بما وجدت.
والخربة فیها تقیّد بقرینة الصّحیحة السّابقة بما جلى عنها أهلها، فانه فى فرض الجلاء، لا یمکن إیصاله إلى مالکه، فلهذا یکون الواجد أحقّ به
وأمّا موثقة محمد بن قیس الآمرة بالتعریف فتحمل على الورق التى لها علامة عن أبى جعفر(علیهما السلام) قال: قضى على(ع) فى رجل وجد ورقة فى خربة أن یعرّفها، فان وجد من یعرفها، والاّ تمتّع بها(18)
وفى معجم الوسیط: الورق بالفتح یراد بها الدّرهم، وبالکسر یراد منها الفضة سواء کانت مسکوکة أو غیر مسکوکة،
فتحمل على الفضة الّتى لها علامة، والاّ فلا تکون قابلة للتّعریف.
وعلى الجملة، المستفاد من الرّوایات أن مال الغیر ان أمکن إیصاله الى مالکه، لابدّ منه وإلاّ فرخّص فى التّملک، کما رخّص فى التّصدق عن مالکه بحسب اختلاف الموارد. (7) ان حصل الوثوق من کلامه، لاحاجة الى البینة، کما اذا ذکر بعض العلائم والأمارات الموجبة للوثوق، کما هو المستفاد من صحیحة عبدالله بن جعفر وموثقة اسحاق المتقدمتین فان المعرفة لا تتحقق بدون ذکر بعض الخصوصیات والعلائم.

ولو لم یعرفه ولم یقدر على ذکر بعض الخصوصیات والعلائم ولکن أقام بیّنة على ذلک، یعطى ایضاً بلا اشکال.
وان لم یقدر على اقامتها ایضاً فهل یعطى بمجرد ادعاء المالک السابق ام لا؟ یظهر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة142 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حکم التدّاعى (8)

من المصنّف الأوّل، ولکنّه مشکل، لما عرفت من أنّ الید أمارة للملکیة اذا کان ذوالید عارفاً لما فى تحتها والاّ فحاله حال الجوهر الذى وجده المشترى من جوف السّمکة المشتراة، فانه لا یکون للبایع ولو ادّعاه وکان تحت یده تبعاً للسمکة، ولیس ذلک الاّ لعدم علمه ومعرفته لما فى جوفها.
(8) مقصود العبارة أن الواجد للکنز هو المشترى للأرض وهو لا یدّعى أنه له بل فى صدد معرفة المالک وتسلیمه له، فعلیه یکون المُلاّک المنازعون غیره من البائعین السابقین فالتّداعى الذّى حکم به الماتن صحیح،
وقد ظهر مما ذکرنا عدم ورود الاشکال على المتن، وان صدر من الأعلام المعلّقین على العروة کالسید الحکیم والإمام الخمینى و الگلپایگانى والشریعتمدارى والخونسارى (قدس الله اسرارهم) وجماعة من المعاصرین فى تعلیقاتهم المستقلة على العروة، فانهم باجمعهم، لم یتوجهوا الى مراد الماتن من العبارة ولذا استشکلوا علیه، فراجع تعلیقاتهم حتى یظهر لک صدق ما إدّعیناه.
1 ـ فقال السید الحکیم(قدس سره) (: هذا لو کان النزاع من المُلاّک المشترکین واما لو کان من المترتّبین کان اللاّحق منکراً لموافقة قوله، للید، والسّابق حنیئذ مدّعیاً لمخالفة قوله لها، فیجرى علیهما حکم المدعى والمنکر)
2 ـ وقال الإمام الخمینى(قدس سره): (مع عرضیة الملاّک فى الید، واما مع الطّولیة فالسابق مدّع واللاحق منکر.)
3 ـ وقال الگلپایگانى(قدس سره): (مشکل ویمکن ان یقال: بکون اللاّحق منکراً والسابق علیه مدّعیاً.)
4 ـ وقال الشّریعتمدارى: (فى الملاک المشترکین، وأمّا فى الملاک المترتبین کما هو ظاهر العبارة أو محتملها قالمالک اللاّحق منکر والسابق مدعى، لأنّ الید الفعلیة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة143 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

للاّحق والسّابق لا یدله فلا یجرى علیه حکم التّداعى).
5 ـ وقال بعض المعاصرین (دامت برکاته): (الظاهر من هذه العبارة بقرنیة السیاق الملاّک الطّولیة، مع أن الحکم فى هذه الصّورة، لیس هو التداعى قطعاً بل یقدّم السابق على الأسبق (الى ان قال): وبعبارة اُخرى اللاّحق بمنزلة المنکر والسّابق بمنزلة المدّعى، فیجرى علیهما حکم المّدعى والمنکر، لا المتداعیین).
6 ـ وقال معاصر آخر: (إتّجه التّفصیل بین المُلاّکین المترتّبین والمشترکین، فیحکم فى الأول بکون اللاّحق منکراً لموافقة قوله: للید والسّابق مدّعیاً، فیجرى علیهما حکم المدّعى والمنکر.)
7 ـ وقال معاصر ثالث: (إذا کان الملاک فى مرتبة واحدة وأما مع السّبق واللّحوق ـ کما لعلّه الظاهر من العبارة ـ کان اللاّحق منکراً والسابق مدّعیاً.)
8 ـ وقال الخونسارى(قدس سره): (محل اشکال).
قلت: توضیح عدم ورود هذه الاشکالات، أن الواجد للکنز هو ذو الید وهو المشترى الأخیر ولا یدّعى أن الکنز له، بل فى صدد معرفة المالک له حتى یسلّمه له، وأمّا البایعون الذّین فرض تنازعهم، فلا ید لأحدهم على الأرض الّتى وجد فیها الکنز، بل زالت أیدیهم کلّهم، فکیف یعدّ المنکر من لا یدله علیه فعلا، فیکون کلّهم مدّعیاً فصحّ ما فى المتن من الحکم بالتداعى هذا کلّه فى موضوع المسألة.
وأمّا حکمها، فلا اشکال فى أنه اذا عرفه بعضهم وذکر علامته وأوصافه ولم یقدر على ذلک الآخر، یعطى الأوّل لحصول الوثوق بانّه مالک.
وإن ذکر الأوصاف والعلائم کلاهما، وأقام أحدهما بیّنة دون الآخر، أعطى لذى البینة وإن أقام کلٌ منهما بیّنة على تمام المال، کلّفا بالحلف، فان حلفا أو نکلا، قسّم لهما نصفین وإن حلف أحدهما دون الآخر، یعطى المال للحالف; وذلک لموثقة اسحاق بن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة144 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولو ادّعاه المالک السابق ارثاً وکان له شرکأٌ نفوه دفعت الیه حصّته (9) وملک

عمار عن أبی عبدالله(علیه السلام) (إنّ رجلین اختصما إلى أمیرالمؤمنین(علیه السلام) فى دابة فى ایدیهما، وأقام کل واحد منهما البیّنة أنها نتجت عنده، فأحلفهما على(علیه السلام) فحلف أحدهما وأبى الآخر ان یحلف، فقضى بها للحالف، فقیل له: فلو لم تکن فى ید واحد منهما وأقاما البینة؟ فقال: أُحلفهما فأیّهما حلف ونکل الآخر جعلتها للحالف، فان حلفا جمیعاً جعلتها بینهما نصفین، قیل له: فان کانت فى ید أحدهما وأقاما جمعیاً البیّنة؟ قال: أقضى بها للحالف الّذى هى فى یده)(19)
ولا یخفى أن هذه الموثقة تقیّد الإطلاق فى موردین من موثقة غیاث بن ابراهیم عن أبی عبدالله(علیه السلام)، (إن أمیرالمؤمنین(علیه السلام)اختصم الیه رجلان فى دابة وکلاهما أقاما البیّنة أنه أنتجها، فقضى بها للّذى فى یده; اى بعد الحلف وهذا اُحد التقییدین) وقال: لو لم تکن فى یده جعلتها بینهما نصفین)(20) أى بعد تحلیفهما.
فأنّ إطلاق ذیلها ـ کما ترى ـ یقیّد بحلفهما، وهذا ثانیهما، وأمّا حلف أحدهما ونکول الآخر فیخرج عن الاطلاق للموثقة المتقدمة وأمّا ان نکلا عن الحلف فسیأتى الکلام فیه.
(9) لا یخفى أن إعطاء المالک حصته، وتملّک الواجد للباقى، لا یجتمعان، وذلک لما عرفت من أن الید الزّائلة لا حجّیة فیها إلا بالنسبة الى التّعریف، فالمُلاّک السابقون یعرّفون، لان الدار کانت تحت أیدیهم، فیحتمل أن یکون الکنز لواحد منهم، فان إدعى أحدهم أنه کان میراثاً من أبیه وهو له ولإخوته، فنفوه، فان ذکر العلائم والأوصاف بحیث حصل الوثوق للواجد بصدقه، یعطى حصته، وبما أن الشرکأ یُقرّون بأنه لیس لهم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 145 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الواجد الباقى وأعطى خمسه، ویشترط فى وجوب الخمس فیه النصّاب وهو عشرون دیناراً(10)

لا یعطون.
وکذا لو أقام بیّنةً على أنه کان من أبیه وانتقل بالإرث الى الإخوة، ولکنهم نفوه، فلایعطون، لأنّ الإقرار یقدّم على البیّنة، فیصبح غیر حصّة المدّعى، مجهول المالک فلا یصح للواجد تملّکه واعطاء خمسه.
وبالجملة کون حصّة منه للمدّعى، وهو البایع السابق، لقیام ا لبینة أو ذکر الاوصاف لا یجتمع مع کون الباقى کنزاً من القرون السّابقة البعیدة، بل لازمه کون الباقى للمالک المحترم المجهول، فعلیه لابدّ من التّصدق، ولا یصحّ التّملک والتخمیس، فما ذکره الماتن(قدس سره) لایمکن المساعدة علیه.
أللّهم الا أن یقال: ان عمومات واطلاقات روایات الکنز، غیر قاصرة الشمول للمقام، فان المقدار الّذى قامت البینة على أنه للمالک السابق یعطى له، واما الزائد فیصدق علیه الکنز فیستملک ویخمّس.
ولکنه یندفع بما یستفاد من موثقة اسحاق بن عمار المتقدمة(21) فانها تدل على تصدّق الدفینة ان لم یعرف صاحبها.
فالجمع بین هذه الموثقة ونصوص الکنز، حملها على مالا مالک له لطول المّدة وانقراض الملاّک، فکل مورد یحتمل فیه وجود المُلاّک، یجب أن یتصدّق بعد التعریف وعدم وجدان المالک.
(10) ما ذکره(قدس سره) مبنى على الاستدلال بصحیحة البزنطى عن ابی الحسن الرضا(علیه السلام) (قال: سألته عما یجب فیه الخمس من الکنز؟ فقال: ما یجب الزکاة فى مثله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 146 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ففیه الخمس)(22)
بناء على أن یراد منه عشرون دیناراً، کما صرّح بذلک فى صحیحته الأخرى: (قال: سألت أبالحسن(علیه السلام)عما أخرج المعدن من قلیل او کثیر، هل فیه شیئ؟ قال: لیس فیه شیئ حتى یبلغ ما یکون فى مثله الزکاة عشرین دیناراً(23) فتحمل الأولى على الثانیة بقرینة ان الراوى فیهما هو احمد بن محمد بن أبی نصر البزنطى، والمروى عنه هو الرضا(علیه السلام)ومورد السئوال هو الخمس فى کلیهما.
وفیه أنه وان کان محتملا الاّ أنه لیس جمعاً عرفیاً، فان السئوال فى إحدیهما عن خمس الکنز وفى الأخرى عن خمس المعدن، وان کان الجامع بینهما وهو الرکاز موجوداً.
والظاهر ان المراد من الصّحیحة الاولى هو احد الامرین: عشرین دیناراً او مأتى درهم، فانهما نصاب الزکاة فى النقدین، فاذا بلغت قیمة الکنز مقدار أقلّ الامرین، فیجب تخمیسه، ان کان غیر النقدین، واما فیهما فلابدّ ان یبلغ عشرین دیناراً او مأتى درهم.
وقال سیّدنا الأستاذ الخوئى(قدس سره): فالمماثلة تستدعى إختصاص الخمس فى الکنوز، باالنقدین، کما أنها تستدعى اعتبار النصاب ایضاً، قضاءً لا طلاق المماثلة الظاهرة فى أنها من جمیع الجهات اى فى الجنس والمقدار.
وفیه أنه قد عرفت فیما سبق ان المتیقن من المماثلة هى المماثلة فى المقدار ـ کما اتفق علیه الاصحاب ـ فعلیه نشک فى ان المماثلة فى الجنس ایضاً أرید منها أم لا؟ فعلى الأوّل، لا یجب الخمس الاّ فى کنز النقدین، وعلى الثانى یجب فى مطلق الکنز البالغ للنّصاب وإن کان غیر النقدین، فاذن نشک فى أن الکنز البالغ للنصاب ان لم یکن من


ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 147 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

نقدین، هل خرج من النّصوص الدّالة على وجوب الخمس فى الکنوز أم لا؟ فیتمسک باطلاقها وعمومها ویحکم بوجوب الخمس فیه، لان الامر دائر بین قلّة التخصیص وکثرته فیقتصر فى الأقل لأنّه المتیقن خروجه من تحت العام وهو ما اذا لم یصل الکنز حدّ النصاب أصلا وأمّا اذا بلغ حدّه ولم یکن من نقدین فنشک فى خروجه من تحت العام والمرجع فیه هو التمسک باصالة العموم وعدم التخصیص الزائد بل لنا أن نقول: إن التمسک باصالة العموم فى صحیحتى عمار وابن أبی عمیر یرفع الاجمال عن صحیحة البزنطى فتختص بنصاب الزکاة فیکون المراد: ان الکنز اذا بلغ مقدار نصاب الزکاة فیجب فیه الخمس بلا فرق بین النقدین وغیرهما.
ویمکن أن یستأنس لما ذکرنا بوجوه:
الأوّل ما ذکره صاحب الریاض(قدس سره) من أن الأصحاب فهموا من صحیحة البزنطى المتقدمة المماثلة فى المقدار والمالیة.
الثانى ما رواه الشیخ المفید(قدس سره) قال: سئل الرضا(علیه السلام) عن مقدار الکنز الّذى یجب فیه الخمس، فقال: ما یجب فیه الزّکاة من ذلک بعینه، ففیه الخمس ومالم یبلغ حدّ ما تجب فیه الزّکاة فلا خمس فیه(24)
الثالث صحیحة اخرى من الزنطى وتقدمت آنفاً فانّ السئوال فیها عن مقدار النصاب فى المعدن ولکن الجواب یشبه بما اجاب(ع) عن السئوال عن الکنز، فلا تبعد ان تکون قرینة على أن المراد من تلک الصحیحة ایضاً هو السئوال عن المقدار لا الجنس، فان الراوى والمروى عنه واحد فیهما ومورد السئوال فى کلیهما هو الخمس.
الرابع أن الروایات الکثیرة المستفیضة، ظاهرة فى وجوب الخمس فى مطلق الکنز

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 148 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ولا سیما صحیحة زرارة المتقدمة: (کلّما کان رکازاً ففیه الخمس)(25) فوجوب الخمس فیما یصدق علیه الکنز، واضح لا حاجة الى السئوال عن جنسه، والّذى یحتاج الى السّئوال هو المقدار الذى یجب فیه الخمس، فلا بد من حمل السئوال على السئوال عن المقدار، وان النصاب هل هو معتبر فیه ام لا؟; اضف الى ذلک ان الروایات المستفیضة المشتملة على الکنز، امّا صادرة عن على(علیه السلام) أو الباقر أو الصادق أو الکاظم(علیهم السلام)فالکنوز من حیث الجنس لا شبهة فى ان الخمس واجب فى جمیع انواعه کما هو مقتضى الجمع المحّلى باللاّم الموضوع للعموم، فلم یبق مجال الاّ بالنسبة الى المقدار والنصاب، فحیث ان صحیحة البزنطى عن الرضا(علیه السلام)هى آخر حدیث ورد فى الکنز، فالسئوال والجواب، ناظران الى المقدار لا غیر، فأنّ الکنوز بجمیع انواعها قد ظهر من النصوص السابقة أن فیها الخمس.
نعم لو کان دلیل وجوب الخمس فى الکنز منحصراً فى هذه الصحیحة: (قال: سألته عما یجب فیه الخمس من الکنز؟ فقال: ما یجب الزکاة فى مثله ففیه الخمس)(26)
لکان لدعوى أن السئوال والجواب ناظران الى الجنس، مجال، ولکن الامر لیس کذلک، فان أربعة عشر حدیثا(27) دلّت على وجوب الخمس فى الکنوز أو الکنز أو الرکاز فلم یبق مجال للسئوال عن جنس الکنز، والّذى بقى مورداً للسئوال هو المقدار، فعلیه یکون السئوال والجواب ناظرین الیه فى الصحیحة الأخیرة المرویة عن الرضا(علیه السلام)کما عرفت وهى الحدیث الخامس عشر الوارد فى الکنز.
الخامس أنّ المستفاد من روایات المعدن والکنز، أنّهما استغنام من الطبیعة ومن واد واحد ـ وان کان احدهما متکوناً فى الأرض والآخر حادث فیها ـ ویشهد لذلک تعبیر الرّکاز فى بعض النّصوص عنهما.
وحیث إن السئوال والجواب فى إحدى صحیحتى البزنطى ناظران الى الکمیّة والنصاب صریحاً، فیمکن أن تکون هذه قرینةً على أنّ المراد من الأخرى أیضاً ذلک فان الراوى فیهما واحد والمروى عنه کذلک والجوابان متشابهان.
أضف الى ذلک أن استغنام المعدن کما لا فرق بین انواعه، فلیکن الکنز کذلک فلا فرق بین أنواعه فى وجوب الخمس والاستملاک، فاذن یقوى أن یکون السئوال والجواب فى الصحیحة المشتملة على الکنز ایضاً ناظرین الى خصوص الکمیّة والمقدار بلا فرق بین ان یکون الکنز من النقدین أو غیرهما.

1- الوسائل ج 6، ب 5 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1 و 2 ص 345.
2- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6 ص 344.

3- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 7، ص 344.
4- الخصال ص 137، طبع المکتبة العلمیة.
5- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 3، ص 343.

6- الوسائل ج 6، ب 5 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 2، ص 345.
7- مستند العروة الوثقى کتاب الخمس، ص 77 و 79.

8- مستند العروة الوثقى کتاب الخمس، ص 96.
9- الوسائل ج 6، ب 4 من ابواب ما یجب فى الخمس، حدیث 1.

10- الوسائل ج 17، ب 5 من ابواب اللقطة، حدیث 5، ص 355.

11- الوسائل ج 17، ب 5، من أبواب اللّقطه، حدیث 1 و 5 و 2، ص 354، 355.

12- الوسائل ج 17، ب 5، من أبواب اللّقطه، حدیث 2، ص 355.
13- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6، ص 344.
14- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 7، ص 344.

15- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس حدیث 2، ص 342.

16- الوسائل ج 17، ب 9 من ابواب اللّقطة، حدیث 2 و 1، ص 359.

17- الوسائل ج 17، ب 5، من ابواب اللقطة حدیث 3 و 1 و 2، ص 355، 354.

18- الوسائل ج 17، ب 5، من ابواب اللقطة حدیث 5، ص 355.

19- الوسائل ج 18، ب 12 من ابواب کیفیة الحکم حدیث 2 ص 182.
20- الوسائل ج 18، ب 12 من ابواب کیفیة الحکم، حدیث 3، ص 182.

21- الوسائل ج 17، ب 5 من أبواب اللقطة حدیث 3، ص 355 تقدمت فى ص 106.

22- الوسائل ج 6، ب 5 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 2، ص 345.
23- الوسائل ج 6، ب 4 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 2، ص 344.

24-الوسائل ج 6، ب 5 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6، ص 346.

25- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 3، ص 343.
26- الوسائل ج 6، ب 5 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 2، ص 345.
27- الوسائل ج 6، ص 339، حدیث 2 و 4، ص 340، حدیث 9، ص 341، حدیث 11 و 12، ص 342، حدیث 2، ص 343، حدیث 3، ص 344، حدیث 6 و 7، ص 345، حدیث 1 و 3، ص 346، حدیث 4 و 6.

مساله 14 ص (149 - 154)

مساله 14 ص (149 - 154)

(مسألة 14) لو وجد الکنز فى ارض مستأجرة او مستعارة (1) وجب تعریفهما(2) وتعریف المالک أیضاً فإن نفیاه کلاهما، کان له وعلیه الخمس(3) وإن إدّعاه احدهما اعطى بلابیّنة(4) وان ادعاه کل منهما ففى تقدیم قول المالک وجه لقوة یده(5) والأوجه الاختلاف بحسب المقامات فى قوة احدى الیدین.


السّادس أن النصوص المشتملة على الکنوز سبعةٌ اثنتان منها صحیحتان وهما صحیحة عماربن مروان(1) وصحیحة إبن ابی عمیر(1) فهذه اللفظة بما أنها جمع محلّى باللاّم یشمل جمیع انواع الکنز، فان کان المراد من صحیحة ابن أبی نصر: (ما یجب الزکاة فى مثله ففیه الخمس) (2) هو المقدار والنصاب یبقى جمیع انواع الکنز تحت العام، وان کان المراد هو الجنس والمقدار معاً یخرج غیر النقدین تماماً عن تحته، فالأمر دائر بین قلّة التخصیص وکثرته، فنلتزم بقلته وهو ما لم یبلغ حدّ النصاب أصلا وامّا ما بلغ حدّه وکان غیر النقدین، فبما انا نشک فى خروجه، نتمسک باصالة العموم وعدم التخصیص،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 150 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وهذا یوجب رفع إجمال صحیحة البزنطى وإختصاصها ببیان المقدار، وهذالوجه وان أشرنا الیه فیما سبق الا أن التکرار انما هو للتوضیح.
أضف الى ذلک ان الالتزام بتخصیص غیر النقدین یوجب تخصیص الاکثر، حیث أنه یخرج عن الکنوز الذهب والفضة غیر المسکوکین، والعقیق والفیروزج والدّر والیاقوت وألماس والحدید الصینى والزمرّد واللاّجورد والخ ویبقى تحته خصوص النقدین البالغ للنصاب وهو مستهجن.
(2) وجوب التعریف للمستأجر او المستعیر او المالک، مبنى على احتمال أنه له، فان المال المحترم اذا احتمل انه للمالک المحترم; یجب أن یعرّف له، لأن الأمانة الشرعیة لابد من أن تردّ الى مالکها فى فرض الإمکان، فان عرفه أحدهم وبیّن الاوصاف والعلامة، یعطى له.
وأمّا إن کان محفوفاً بالقرائن الدّالة على أنه من قدم الزّمان، ولم یحتمل أن مالک الدّار أو المستأجر او المستعیر مالک له، فلا وجه لتعریفه لهم، فان مجرد الید على الدار لا یکون یداً علیه وأمارة لملکیته، ولو لم یکن ذو الید مطّلعاً علیه، وقد عرفت أن الید أمارة للملکیة لکل ما کان ذو الید مطّلعاً علیه و مستولیاً، وأمّا اذا لم یکن کذلک فلا تکون أمارة علیه، کما عرفت فى الجوهرة الّتى فى جوف السمکة مع عدم اطّلاع الصّائد علیها فعلیه یکون الکنز للواجد وعلیه الخمس.
وأمّا إن لم تکن قرینة على أنه من قدم الزمان، ویحتمل أن مالکه موجود فعلا فان لم یعرفه المالک والمستأجر والمستعیر، یعرّف لکل من یحتمل أنه المالک، فان لم یوجد لابدّ من أن یتصدّق من قبل المالک، وأصالة عدم مالک محترم لا أثر لها لما تقدم من أن الأصل بحکم العقل والعقلاء عدم جواز التصرّف فى مال الغیر، فانه تعدٍّ وظلم، إلا إذا کان الإذن من المالک أو مالک الملوک، کمال الحربى.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 151 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وقد تقدّمت موثقة إسحاق بن عمار الدّالة على أنّ الدراهم المدفونه ان لم یعرف صاحبها یتصدّق بها(3)
فما ذکره الماتن(قدس سره) من قوله: فان نفیاه کلاهما، کان له وعلیه الخمس، لابدّ ان یحمل على الکنز الّذى لا یحتمل وجود المالک له، بعد تعریف صاحب الدار والمستأجر ونفیهما له فعلى ذلک لا وجه لتعریف غیر المالک والمستأجر، فان التعریف لازم فى موضع یحتمل وجود المالک له، فان إطمأنّ بعدم وجود المالک للکنز، لا وجه للتعریف.
وعلى الجملة الجمع بین وجوب التعریف والاستملاک مع عدم وجدان المالک، یصح فیما اذا اطمأنّ من عدم وجدان المالک بعدم وجوده.
(3) اذا اطمأنّ أنهّ لا مالک له ـ کما عرفت ـ وإلاّ لزم تعریف المالک السّابق والاسبق والمستأجر والمستعیر.
(4) لو کان المراد أنه لا حاجة الى البینة ولا الى بیان العلائم والأوصاف، فهذا مما لا یمکن المساعدة علیه فان المالک والمستأجر والمستعیر، لم تکن ایدیهم على الکنز، لعدم إطلاعهم علیه، فکیف یعطى بلابینة وبلا حصول الوثوق من ذکر الاوصاف وهذا لایکون من ردّ الامانة إلى أهلها، فلابد للواجدان یطمئن بوصول المال الى مالکه.
(5) فانّ مالک العین یده أقوى من مالک المنفعة، لأنه کان مالکاًلهما وقد ملّک المنفعة للمستأجر، فیده فرع ید المالک.
ولکنّ التحقیق یقتضى أن یقال: إن قلنا إن الید الزائلة طریق للملکیة فالحکم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 152 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

یختلف بحسب المقامات، وذلک لأنه اذا کانت الدار لزید وآجرها لعمرو منذ زمن اشتراها طوال سنین، کانت یدالمستأجر اقوى بلااشکال، ولو اشتراها وسکن فیها طوال سنین، وآجرها من عمرو مدّة شهر، لاشکّ فى أن ید المالک أقوى ففى الأوّل یقدّم قول المستأجر وفى الثانى یقدّم قول المالک.
وإن تساویا فى الإستیلاء على الدّار أو کان المستأجر زائدا قلیلا، فالحکم هو التداعى.
وإن قلنا: إن الید لا تکون طریقا للملکیة الاّ بالنسبة الى ما کان ذوالید مطّلعاً علیه کان الحکم هو التداعى مطلقاً بلا فرق بین من کان إستیلائه أقل أو اکثر، فعلیه إن أقاما البینة وکانت لکل منهما، أحلفا، فان حلفا أو نکلا یقسّم بینهما نصفین ، وإن حلف احدهما ونکل الآخر، یعطى للحالف.
وقد یقال: إن موثقة إسحاق بن عمار الدّالة على التنصیف المذکور، معارضة بصحیحة عبد الرّحمان بن أبی عبدالله عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: کان على(علیه السلام) اذا أتاه رجلان (یختصمان) بشهود عَدْلهم سواء وعددهم أقَرع بینهم على ایّهما تصیر الیمین کان یقول: (اللّهم ربّ السماوات السبع وربّ الارضین السبع@ ایّهم کان له الحق فادّه إلیه) ثمّ یجعل الحقّ للّذى یصیر علیه الیمین اذا حلف(4)
والجواب عن ذلک ان موثقة اسحاق مختصّة بدعوى المال وصحیحة عبدالرحمان عامة لمطلق الدعاوى فتخصّص باالموثقة، ففى موارد دعوى المال یعمل بالموثقة وفى دعاوى غیر المالى ـ کدعو النکاح والطلاق والرجوع وامثالها یعمل بالصحیحة وإن أقام أحدهما شاهداً واحداً یؤمر بالیمین، فان حلف یعطى له.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 153 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ثم إنه لو رجّح ید أحدهما على الأخرى وأقاما البیّنة کلاهما، فلابدّ من إحلاف ذى الید، فان حلف یعطى له وذلک جمعاً بین موثقة غیاث بن إبراهیم عن ابى عبدالله(علیه السلام) والروایات الدالة على ان البینة على المدعى والیمین على من أنکر، روى غیاث عن ابى عبدالله(علیه السلام) أن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) اختصم الیه رجلان فى دابة، وکلاهما أقاما البینة أنه انتجها، فقضى بها للّذى فى یده، وقال: لو لم تکن فى یده جعلتها بینهما نصفین(5): اى بعد حلفهما لموثقة اسحاق الآتیه فان البیّنتین اذا تساقطتا بالتعارض یکون ذوالید موظّفاً بالحلف فاذا حلف تکون الدابة له;
و تدل على ذلک صریحا ذیل موثقة اسحاق بن عمار: (قیل: فان کانت فى ید احدهما وأقاما جمیعاً البیّنة؟ قال: أقضى بها للحالف الذى هى فى یده(5).
فان هذالذّیل یقیّد إطلاق قوله(علیه السلام) فى موثقة غیاث: قال: (فقضى بها للذّى هى فى یده) فانه مطلق من حیث الحلف وعدمه فیقیّد بصورة الحلف.
وأمّا إن لم تکن البیّنة لأحدهما، فأحلفا فان حلف أحدهما دون الآخر کان المال له، وان حلف کلاهما، کان المال بینهما نصفین، وإن نکلا ولم یحلف أحدهما وکان فى أیدیهما أو علم أنه لأحدهما أقرع بینهما وإلاّ فلا تصل النّوبة الى القرعة، کما فى المقام فانه لاید لأحدهما فاذا نکلا عن الحلف یحکم بان المال لیس لهما، فان علم اجمالا بوجود المالک المجهول لابدّ من التعریف فان لم یوجد یتصدّق به، وان إطمأن من عدم وجدان المالک بعدم وجوده یتملک فان بلغ النصاب یخمس وإلاّ فلا;
ثم ان الدلیل على فصل الخصومة بالحلف ـ مضافاً الى ما تقدم ـ صحیحة سلیمان بن خالد عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: فى کتاب على(علیه السلام) أن نبیاً من الأنبیأ شکا إلى ربه، فقال: یاربّ کیف أقضى فیما لم أر ولم أشهد؟ قال: فأوحى الله إلیه: احکم بینهم بکتابى واضفهم الى اسمى فحلّفهم به، وقال: هذا لمن لم تقم له بیّنة(6)

1- الوسائل ج 6، ب 3، من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6 و 7 ص 344.
2- الوسائل ج 6، ب 5، من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 2، ص 345.

3- الوسائل ج 17، ب 5، من ابواب اللّقطة حدیث 3، ص 355.

4- الوسائل ج 18، ب 12، من أبواب کیفیة الحکم، حدیث 5، ص 183.

5- الوسائل ج 18، ب 12، من ابواب کیفیة الحکم، حدیث 3 و 2، ص 182.

6- الوسائل ج 18، ب 1 من أبواب کیفیة الحکم، حدیث 1، ص 167.

مساله 15 ص (154 - 155)

مساله 15 ص (154 - 155)

(مسألة 15) لو علم الواجد أنه لمسلم موجود هو أو وارثه فى عصره مجهول ففى اجراء حکم الکنز أو حکم مجهول المالک علیه وجهان(1) ولو علم أنه کان ملکاً لمسلم قدیم فالظاهر جریان حکم الکنز علیه(2)


(1) المصنّف ترددّ ولم یرجّح أحد الوجهین أمّا إجراء حکم الکنز فلعمومات الأدلّة وإطلاقاتها فانها تشمل مطلق الکنز وان کان مالکه المسلم موجوداً ولم یعرف.
وأمّا الوجه فى عدم اجراء حکم الکنز علیه فلانصرافه الى مالا مالک له بل انقطع علاقة المالکیة کما اذا کان من زمن طوفان نوح او من خسف بعض الأمم السابقة فلا یشمل ما له مالک مسلم وان لم یعرف تفصیلا وعلم اجمالا، فانه داخل فى مجهول المالک الّذى یتصدّق کما هو المستفاد من موثقة اسحاق بن عمار (قال: سألت أبا إبراهیم(علیه السلام) عن رجل نزل فى بعض بیوت مکة فوجد فیه نحواً من سبعین درهما مدفونة، فلم تزل معه ولم یذکرها حتى قدم الکوفة، کیف یصنع؟ قال: یسأل عنها أهل المنزل لعلّهم یعرفونها، قلت: فان لم یعرفوها، قال: یتصدّق بها)(1)
والأوجه هو الثانى فانّ هذه الموثقة أقوى شاهد على عدم شمول العمومات والإطلاقات لمثل هذا الکنز الّذى لم ینقطع علاقة المالکیة عنه، فالوظیفة فیه هو التصدّق لاالتملک والتخمیس.
(2) وذالک لعدم العلم بوجود الوارث له وأصالة عدم الوارث نافیة له فیکون للامام(علیه السلام)لأنه وارث من لاوارث له، فمقتضى نصوص الکنز جواز التملک والتخمیس.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 155 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقد یقال: إن ارث من لا وارث له لا یجوز تملکه جزماً، والاّ جاز ذلک فى کل مسلم یموت ولا وارث له، واخبار التحلیل لا تثبت ذلک.


وفیه أن نفس أخبار الکنز وافیة فى التملک والتخمیس ولا نحتاج إلى اخبار التحلیل فانّ صدق الکنز علیه یمیّزه عن غیره مما لا وارث له فتشمله عمومات الکنز واطلاقاتها.


نعم لو أحتمل وصول المال الى مالکه المحترم بالتعریف، فلابدّ منه لما مضى سابقاً من أن کل مال للغیر لایجوز التصرف فیه، عقلا إلاّ باذن مالکه أو مالک الملوک، فان لم یوجد واطمأن من ذلک بعدم الوجود، فلا مانع من التملک والتخمیس، ولکن فى المقام لا مجال للتعریف لأن من یدعى انه وارث لا یمکن له إثبات ذلک لطول الزّمان.


والفرق بین هذا الفرع ومورد موثقة اسحاق بن عمار، لا یکاد یخفى، فان المقام یصدق علیه الکنز بلا شبهة، وبعد الیأس من المالک یتملک ویخمّس.


وأمّا مورد الموثقة فهو من مجهول المالک، حیث ان مالکه موجود لم یعرف ولکن علقة المالکیة باقیة، فبعد عدم الوصول الیه لابد من ان یتصدق عنه.

1- الوسائل ج 17، ب 5، من أبواب اللّقطة، حدیث 3، ص 355.

مساله 16 ص (155 - 157)

مساله 16 ص (155 - 157)

(مسألة 16): الکنوز المتعددة لکل واحد حکم نفسه فى بلوغ النصاب وعدمه(1) فلو لم یکن آحادها بحدّ النصاب وبلغت بالضم لم یجب فیها الخمس، نعم المال الواحد المدفون فى مکان واحد فى ظروف متعدّدة، یضم بعضه إلى بعض فانه یعدّ کنزاً واحداً وان تعدد جنسها (2)

(1) ما ذکره(قدس سره) مبنى على الانحلال فى صحیحة البزنطى (قال: سألته عما یجب فیه الخمس من الکنز؟ فقال: ما یجب الزکاة فى مثله ففیه الخمس).(1)
فیدّعى أنها ظاهرة فى الإنحلال ولحاظ کل کنز بحیاله فى مراعاة النصاب.
وفیه أوّلا أنّ الکنز المحلّى باللاّم ظاهر فى الجنس وهو یصدق على القلیل والکثیر ولکن قوله(علیه السلام): (ما یجب الزکاة فى مثله ففیه الخمس) ظاهر فى اعتبار النصاب ـ کما تقدم ـ وإعتبار الوحدة أمر خارج عن الجنس، فهو یحتاج الى دلیل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة156 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وثانیاً أنّ اکثر الروایات فى المقام مشتمل على الکنوز وفیها صحیحتان صحیحة عمار بن مروان وصحیحة ابن ابی عمیر(2) وقد تقدّمتا، فلو کانت ثلاثة کنوز وبلغ المستخرج منها عشرین دیناراً أو مأتى درهم، یشمله قوله(ع): (ما یجب الزّکاة فى مثله ففیه الخمس) فالحکم یتعلّق بالجنس ولا یعتبر فیه الاّ بلوغ النصاب وامّا الاجتماع والوحدة فخارجان عن الجنس کما هو واضح.


وثالثاً أن المستفاد من الرّوایات أن الخمس فى الکنز بما أنه استغنام من الطبیعة واستمتاع من الأرض واجبٌ، ومن الواضح أنه لم یلحظ فیه وحدة الکنز ولا تعدّده.


ورابعاً أنه قد خرج عن عمومات وجوب الخمس فى الکنوز الکنز الذى لم یصل الى حد النصاب، وأمّا اذا وصل المستخرج من الکنوز العدیدة حدّ النصاب، فلا نعلم بخروجه من تحت عمومات الخمس فى الکنوز.


فلابدّ من تخمیسه عملا بأصالة العموم: فتحصّل أنّ المستخرج من الکنوز العدیدة اذا بلغ حدّ النصاب، لابدّ من تخمیسه.


(2) صدق المال الواحد مع تعدّد الجنس غیر ظاهر فلو کانت الدنانیر مدفونة فى ظرف والعقیق فى ظرف آخر، والالماس فى ظرف ثالث، یصدق علیها اموال عدیدة مدفونة فى مکان واحد، لا أنها مال واحد. نعم لایبعد صدق الکنز الواحد علیها مع وحدة المکان.


وقد عرفت أن الوحدة لم تعتبر فى مفهوم الکنز، فان المستخرج من الکنوز العدیدة اذا بلغ النصاب یجب فیه الخمس.

1- الوسائل ج 6، ب 5 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 2، ص 345.

2- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6 و 7، ص 344.

مساله 17 ص (157)

مساله 17 ص (157)

(مسألة 17): فى الکنز الواحد لا یعتبر الاخراج دفعة (1) بمقدار النصاب فلو کان مجموع الدّفعات بقدر النّصاب، وجب الخمس، وان لم یکن کل واحدة منها بقدره.

(1) لا مجال لتوهم اعتبار اخراج الکنز من مدفنه فضلا عن إعتبار الاخراج دفعةً، لأنه لیس له فى النصوص عین ولا أثر، فان العبرة انما هى بالاستیلاء سواء أبقاه فى مکانه أو نقله عنه، والتملک لا یتوقّف على الإخراج.


فلو استولى علیه وحاسبه وعرف انه بحد النصاب یجب تخمیسه وان لم ینقله من مکانه الى مکان آخر بل ابقاه لکونه أحفظ وأسترو أخذ منه کل یوم لحوائجه ومؤونه.

مساله 18 ص (157 - 160)

مساله 18 ص (157 - 160)

(مسألة 18): إذا اشترى دابة ووجد فى جوفها شیئاً فحاله حال الکنز الذّى یجده فى الارض المشتراة فى تعریف البایع وفى اخراج الخمس ان لم یعرفه (1) ولا یعتبر فیه بلوغ النصاب . وکذا لو وجد فى جوف السمکة المشتراة مع إحتمال کونه لبایعها(2) وکذا الحکم فى غیر الدّابة والسمکة من سائر الحیوانات.

(1) اما التعریف للبایع فهو واجب ان احتمل أنه له کما اذا کانت الدابة أهلیة، فمن المحتمل أنها ابتلعته مع علوفة البایع وتدل علیه صحیحة عبدالله بن جعفر الحمیرى (قال: سألته(علیه السلام)فى کتاب عن رجل إشترى جزوراً أو بقرة أو شاة أو غیرها للأضاحى أو غیرها، فلّما ذبحها وجد فى جوفها صرّة فیها دراهم أو دنانیر أو جواهر أو غیر ذلک من المنافع لمن یکون ذلک؟ وکیف یعمل به؟ فوقع(علیه السلام) عرّفها البایع، فان لم یعرفها فالشی لک رزقک الله إیاه(1).
وأمّا اذا صاد غزالا فباعه فوجد المشترى جوهرة فى بطنها، فهى له بلا تعریف البایع لعدم احتمال أنها له، فیتملکّها وحیازة الغزال لا یکون حیازتها لما عرفت من أن الحیازة لا تتحقق الاّ مع العلم والقصد، وکذالک الید على الغزال لا تکون أمارة الملکیة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 158 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالاضافة الى الجوهرة لعین ما عرفت فى الحیازة.
وأما ما ذکره من الوجوب، فعن المدارک نسبته الى قطع الأصحاب و عن ظاهر الکفایة والحدائق الاتفاق علیه وهو مختار الشیخ والمفید و بعض آخر من القدماء (قدس الله اسرارهم).
ولکنّه لا دلیل علیه ـ کما عن غیر واحد الاعتراف به ـ فدعوى الاجماع علیه موهونة جداً والحاقها بالکنز موضوعاً أو حکماً لا دلیل علیه اصلا، وصحیحة عبدالله بن جعفر المتقدمة، ظاهرة فى عدم الالحاق، حیث قال(ع) فى ذیلها: (فالشیئ لک رزقک الله إیاه) وهو ظاهر فى أن جمیعه له لا خصوص أربعة أخماسه، فلو کان تخمیسه واجبا، لقال: وادفع الینا خمسه کما قال فى مال النّاصب(2) و فى ما أخذه من الغنیمة من فى لواء بنى أمیة(2).
وفى محکى السرائر: (أن علیه الخمس بعد مؤونة طول سنته، لأنه من جملة الغنائم والفوائد) وهو الأقوى.
ومن الغریب ما ذکره الماتن من وجوب الخمس وان لم یبلغ حدّ النصاب .
وقد یقال فى وجهه (: إن الفائدة المجانیة المحضة کالمسروق من أموال الکفار، ایضاً فیها الخمس بلاإستنثاء المؤونة، إمّا لکونه غنیمة عرفاً ولغة کما هو المستظهر من الماتن فى مبحث خمس الغنیمة، أو لدلالة صحیحة إبن مهزیار علیه ومن الواضح أنّ المقام على تقدیر جواز التملک من قبل الواجد یکون فائدة مطلقة، کالمأخوذ من الکفار غیلة أو سرقة بلا فرق، فیجب فیه الخمس بلاإعتبار النصاب لاختصاص دلیله بالکنز والمعدن، کما لا استثناء لمؤونة السنة لاختصاص دلیله بأرباح المکاسب ونحوها، لا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 159 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفائدة المغتنمة، فتأمّل جیّداً.)
وفیه أن تشبیه ما یوجد فى جوف الدّابة بما یؤخذ من الکفار سرقة وغیلة، لا یستلزم وجوب الخمس، فان المأخوذ من الکفار بالسرقة والغیلة یدخل فى الغنیمة المصطلحة والمقام لیس منها بل یشبه اللقطة او عینها على أن الصحیحة ـ کما عرفت ـ ظاهرة فى عدم وجوب الخمس فیه.
وأمّا صحیحة على بن مهزیار: (ومثل مال یؤخذ ولایعرف له صاحب)(3).
فلو بنى على الاستدلال بها لمثل المقام، فلابد من أن یستدل بها لمطلق اللقطة سواء کانت فى الصّحرا أو جوف الحیوان، ولکنه لم یستدلّ بها أحد من الأصحاب، بل لم یجب فیها الخمس حتى بعد التعریف الاّ اذا تملّکها بعد التعریف وزادت عن المؤنة و لم یجئ مالکها، فلابد من تخمیسها لأنها فائدة زادت عن المؤونة.
فالصّحیحة أجنبیة عن المقام، نعم یصح الاستدلال بها لما یوجد فى جوف السمکة حیث یحتمل تکوّنه فى جوفها او فى البحر ولم یحرز سبق ید الإنسان له وامّا اللقطة فبما انها مسبوقة بیده جزما، یعرف لها صاحب اجمالا فلا یشملها قوله (ع): (ولایعرف له صاحب).
ومن هنا ذهب استاذنا الخوئى والسیدالحکیم والشاهرودى وغیرهم من معلّقى العروة الى عدم وجوب الخمس الاّ بعد المؤونة، لعدم الدلیل علیه، بل للدلیل على العدم وهو صحیحة عبدالله بن جعفر المتقدمة(4).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 160 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(2) هذا لاحتمال یجئ فیما اذا ربّى السمکة فى حیاض البیت مثلا فکل ما یوجد فى جوفها، یحتمل قویّاً أنه لما لکها، فلابدّ من التعریف له.


وأما اذا صادها البایع من البحر، فلا یحتمل ان تکون اللّولوءة التى فى جوفها من البایع، فلا وجه للتعریف له، وقد تقدّم ان حیازة السمکة لا تکون حیازة لما فى جوفها من الجوهرة، لانتفاء قصد الحیازة وکذا الید على السمکة لا تکون طریقا الى ملکیة الجوهرة التى فى جوفها لانتفاء العلم فتکون للواجد ولا یجب فیها الخمس الاّ بعد المؤونة.

1- الوسائل ج 17، ب 9، من ابواب اللّقطة، حدیث 1 و 2، ص 359.

2 ـ الوسائل ج 6، ب 2، من أبواب ما یجب فیه، الخمس حدیث 6 و 8، ص 340.

3- الوسائل ج 6، ب 8، من أبواب ما یجب فیه الخمس ،حدیث 5، ص 349 و 350.
4- ص 171.

مساله 19 ص (160)

مساله 19 ص (160)

(مسألة 19) انما یعتبر النصاب فى الکنز بعد إخراج مؤونة الاخراج(1)

(1) قد تقدم الکلام فى ذلک فى المعدن وقلنا: إن الخمس یتعلّق بما اغتنمه وأفاده، فقبل اخراج المؤون لاتصدق ـ الغنیمة والفائدة فى جمیع المخرج.

مساله 20 ص (160)

مساله 20 ص (160)

(مسألة 20) اذا اشترک جماعة فى کنز، فاالظاهر کفایة بلوغ المجموع نصاباً(1) وان لم یکن حصّة کل واحد بقدره.

(1) بل الظاهر عدم کفایة ذلک ـ کما تقدم فى المعدن ـ فانّ کل مکلّف موضوع مستقل للتکلیف، فیعتبر النّصاب بالنسبة الیه، وقلنا: إن التّشبیه بالزکاة یدلّ على ذلک، فلو کان عشرون دیناراً أو مأتا درهم مشترکاً بین اثنین لا تجب علیهما الزّکاة، فکذلک الخمس فى المعدن والکنز.

خمس الغوص ص (165 - 178)

خمس الغوص ص (165 - 178)

(الرابع) الغوص وهو اخراج الجواهر من البحر (1) مثل اللؤلؤ والمرجان وغیرهما

(1) وجوب الخمس فى الغوص مما لا خلاف فیه بین الأصحاب ـ کما عن الحدائق الاعتراف به، بل عن ظاهر الإنتصار وصریح الغنیة والمنتهى الإجماع علیه، وعن التذکرة نسبته إلى علمائنا.
وتدّل على ذلک عدّة من النصوص: منها صحیحة الحلبى (قال: سألت ابا عبدالله(علیه السلام) عن العنبر وغوص اللّؤلوء؟ فقال: علیه الخمس)(1) ومنها صحیحة عمار بن مروان (وهو الیشکرى الثقة) قال: سمعت ابا عبدالله(ع) یقول: فیما یخرج من المعادن والبحر والغنیمة والحلال المختلط بالحرام اذا لم یعرف صاحبه، والکنوز، الخمس)(2).
ومنها صحیحة إبن أبى عمیر عن غیر واحد عن أبی عبدالله(علیه السلام)(قال: الخمس على خمسه أشیاء: على الکنوز والمعادن والغوص والغنیمة، ونسى ابن ابی عمیر الخامس)(3).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 166 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وسندها صحیح فان الصّدوق(قدس سره)یرویها فى الخصال عن احمد بن زیاد بن جعفر الهمدانى فجعفر لیس من الرواة بل هو جد أحمد، فما فى الوسائل (عن جعفر الهمدانى) إمّا سهو من قلم الحر(قدس سره) أو من النساخ، راجع الخصال وجامع احادیث الشیعة، تجد صدق ما إدّعیناه. فوجوب الخمس فى الغوص فى الجملة لا إختلاف فیه نصّا وفتوًى.
ولکن الاختلاف انّما هو فى حدوده وشرائطه، فالکلام یقع فى موضعین الأوّل فیما ذهب الیه الفقهاء من الأقوال.
الثانى فیما هو الأرجح منها الموضع الأول أن الفقهاء اختلفوا فیه على اقوال خمسة.
أحدها ما عن صاحب المدارک(قدس سره) من اختصاص الخمس باللّؤلؤ والعنبر الواردین فى صحیحة الحلبى المتقدمة ومبناه هو العمل بالصحیح الاعلائى دون غیره وهو لا یکون عنده الاّ هذه الصحیحة.
ولکن الأمر لیس کذلک فانّ صحیحتى إبنى مروان وأبی عمیر لا اشکال فى سندهما، فان عمار بن مروان وان کان مشترکابین الیشکرى الثقة والکلبى الذى لم یوثق،الا أن الاول معروف مشهور وله کتاب والثانى مجهول والمطلق ینصرف الى ما هو المشهور المعروف فلا اشکال فى سندها.
وامّا ما رواه إبن أبی عمیر عن غیر واحد، فهو ایضاً صحیحة لأنّ التعبیر بهذا العنوان ظاهر فى أنّ الروایة مسلّمة عند ابن أبی عمیر عن جماعة ولا یرى حاجة الى ذکر اسمائهم. فعلیه تکون الرّوایات المعتبرة ثلاث لا واحدة کما عن صاحب المدارک.
القول الثّانى ما عن المحقّق وجماعة أخرى منهم المحقق الهمدانى (قدّس الله أسرارهم) من إعتبار کلا العنوانین: الغوص والإخراج من البحر، فالخمس واجب فیما أخرج من البحر بالغوص، لان کلا العنوانین أخذ فى النّصوص، فلابدّ من تقیید کلّ منهما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة167 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالآخر، کما هو مقتضى صناعة الإطلاق والتقیید، فلا خمس فیما یخرج من البحر بالآلة أو یؤخذ من فوق الماء، کما لا یجب الخمس فیما یخرج من الشطوط والأنهار بالغوص.
القول الثالث ما ذهب الیه السّیدالحکیم(قدس سره) فى المستمسک، قال :(والتّحقیق أنّ نصوص الغالب قد إشتملت على عنوانین أحدهما ما یخرج من البحر والثانى الغوص وبینهما عموم من وجه لشمول الأوّل لما أخرج من البحر بالآلة ولما اخذ من وجه الماء وشمول الثانى لما اخرج من الأنهار والشطوط، ولا جل ذلک قیل: یدور الأمر بین الاخذ بکل من العنوانین و تقیید کل منهما بالآخرة وارجاع الاوّل الى الثانى والعکس وحینئذ یشکل تعیین احد المحتملات المذکورة بعینه، لکن التحقیق ان النصوص المشتملة على ذکر الغوص واردة فى مقام الحصر، ولا کذلک نصوص ما یخرج من البحر، فیتعین ان تکون مقیّدة لإطلاق غیرها. وحینئذ لامجال لتعمیم الحکم للاخراج لا بطریق الغوص، کالاخراج بالآلة أو من وجه الماء. وحمل ذکر الغوص على الغالب خلاف ظاهر الکلام
الوارد فى مقام التحدید. مع أنّه لیس بأولى من حمل المطلق على الغالب ثم الظّاهر من الغوص فى المقام ـ ولو بقرینة سیاقه مساق ما فیه الخمس من الکنز والمعدن ـ المعنى العرفى المجعول مهنة عند نوع من الناس، المختص عندهم بغیر الحیوان، ولیس المراد منه اللّغوى، کى یدّعى شموله للغوص للحیوان. وفى شموله للغوص فى الأنهار والشطوط تأمّل).
والفرق بین هذا القول وقول المحقّق(قدس سره) هو أنّ المحقق نفى الخمس فیما یخرج بالغوص من الأنهار والشطوط، والسّید الحکیم تأمّل فى ذلک.
والإعتراض الواضح علیه هو أنه(قدس سره) قال: (مع أنه لیس بأولى من حمل المطلق على الغالب) توضیح الإعتراض هو أنه لا یتصوّر حمل المطلق على الغالب فانّ المطلق یشمل المقیّد وغیره، وهذا بخلاف العکس فانّ حمل الغوص على الغالب ممکنٌ بأن یقال:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة168 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخمس عام لکل ما یخرج من البحر والتعبیر بالغوص إنما یکون لاجل کون الإخراج غالباً به فتأمّل جیّداً.
القول الرّابع ما ذهب الیه الأستاد(قدس سره) من أنّ العبرة فى الخمس بصدق کل واحد من العنوانین، فیکون کلّ من الغوص والإخراج من البحر موضوعاً مستقلا لوجوب الخمس، نظراً الى عدم الموجب للتّقیید بعد کونهما مثبتین وعدم التنافى فى البین لیتصدّى للعلاج أو لإرجاع أحدهما الى الآخر.
القول الخامس الغاء کلّ من خصوصیتى الغوص والإخراج من البحر فالموضوع لوجوب الخمس هى الجواهر الثمینة المتکوّنة فى الماء، سواء کان طریق الوصول الیه الغوص أو آلة أخرى وسواء کان فى ا لبحار، أو الشّطوط والأنهار، ومن اجل ذلک قد یعبّر بالغوص وقد یعبّر بما یخرج من البحر، وفى صحیحة الحلبى ـ کما عرفت ـ سئل عن العنبر ولم یذکر طریق الوصول الیه، ولکنّه ذکر فیها طریق الوصول إلى اللّؤلؤ وهو الغوص فالمتحصّل هو أنه لا خصوصیة للغوص ولا الخروج من البحر بل کل منهما طریق للوصول الى ما هو موضوع الخمس، سواء کان من نبات البحر کألیسر والمرجان أو من سنخ المعادن کالیاقوت أو روث دابة بحریة کالعنبر، یقال: لا ریح لها ولا طعم الاّ إذا سحقت أو احرقت، فلا فرق بین ما یوجد فى البحر أو فى الشطوط والأنهار.
الموضع الثانى فیما هو الأرجح والأقوى من الأقوال:
امّا ما إختاره صاحب المدارک، فقد ظهر جوابه من حجیة صحیحة عمار بن مروان وصحیحة إبن أبی عمیر، فلا یکون الدّلیل منحصراً فى صحیحة الحلبى، حتى یختص الخمس بما تضمنته من اللؤلؤ والعنبر.
وأمّا القول الثانى وهو ما إختاره المحقّق فى الشرایع وجماعة أخرى والمحقق الهمدانى من تقیید کل من العنوانین بالآخر، وان الخمس واجب فیما یخرج من البحر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة169 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالغوص، فلا یجب فیما یخرج من البحر بغیر الغوص، کما لا یجب فیما یخرج من الشّطوط والأنهار بالغوص.
فیردّه أولا أنّ العنبر المذکور فى صحیحة الحلبى، لم یفرض فیه الغوص ولا الخروج من البحر، مع أنّ الخمس واجب فیه فمنه یعلم أنّه لا یعتبر فى الخمس أحد العنوانین فضلا عن کلیهما، فلو القاه البحر الى الساحل واخذه الانسان یجب فیه الخمس، والسّر فیه أن الغوص والإخراج من البحر کل منهما طریق للوصول الى ما فى الماء من الثروة، وبما أنّ الغالب یکون الوصول الیها بهما، ذکرا فى لسان الدّلیل نظر الى الغلبة، والعرف ایضاً لا یفهم الموضوعیة لهما من النّصوص;
فکما أن عنوان الإخراج فى لسان نصوص المعدن لا یکون الاّ ملحوظاً بلسان آلى ـ کما تقدم ـ فکذلک عنوان الاخراج من البحر والغوص، فالملحوظ بلحاظ استقلالى هى الثروة المتکوّنة فى الماء وهى محطّ النظر فى الخمس، من النصوص، والوصول الیها فى الغالب یکون بالغوص والاخراج من البحر.
ومما ذکرنا ظهر الجواب عما أفاده السّید الحکیم(قدس سره) فان الغوص وان ذکر فى مقام الحصر، الا أن المراد منه ما یخرج به ولا خصوصیة له أصلا، والا لما وجب الخمس فى العنبر الموجود فى السّاحل بقذف الموج له، او لاجل الجزر والمدّ، مع أن صحیحة الحلبى المتقدمة صریحة فى وجوب الخمس فیه.
أضف الى ذلک أنه لو غاص فى البحر و أخرج منه الجوهر بالزحمة والجهد المتعب کان متعلق الخمس، ولازمه وجوب الخمس فیما یخرج من البحر بالآلة بلا جهد و تعب بالأولویة، فان الجهد والمشقة لو لم یکن مانعا من وجوب الخمس، لا یکون شرطاً فیه جزماً.
والحصر فى صحیحة إبن أبی عمیر لا ینافى ما ذکرناه، فانّا لا نلتزم بوجوب أمر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة170 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

معدنیاً کان أو نباتیاً (2)

سادس بل نقول: الغوص والإخراج طریقان إلى ما فى البحر من الثروة.
ومما ذکرنا ظهر أیضاً ضعف ما إختاره سیّدنا الأستاذ الخوئى(قدس سره) من اعتبار کل من الغوص والاخراج بحیاله واستقلاله، وذلک لما عرفت أن کلا منهما ملحوظ بلحاظ آلى والطریقیة لا بلحاظ استقلالى والموضوعیة، ویشهد لذلک العنبر الموجود فى صحیحة الحلبى، فان الخمس فیه واجب بلا غوص وإخراج کما اذا اخذ من فوق الماء أو من السّاحل.
على أن کون کل منهما موضوعاً للوجوب یحتاج الى تعدد الجعل، وهو خلاف الظاهر فى صحیحة إبن أبی عمیر الحاصرة لوجوب الخمس فى خمسة أشیاء، بل مخالف لظاهر صحیحة عمار ایضاً، فانها ظاهرة فى أن الخمس واجب فى الخمسة المذکورة فیها لا غیرها، والظاهر من الصّحیحتین ان الغوص والاخراج من البحر لیسا الاّطریقین للوصول الى ما یجب فیه الخمس من الثروة الموجوة فى البحر من الجواهر والمعادن، لا الحیوان کالسّمک مثلا فان ذکر الغوص وما یخرج من البحر فى سیاق المعادن والکنوز فى صحیحتى ابنى مروان وابى عمیر شاهد على ان المراد منهما ما هو من سنخ المعدن والکنز من اللّؤلؤ والیاقوت والمرجان وامثالها، لا الحیوان البحرى.
على أنّ السّیرة القطعیة جاریة على عدم الخمس فى السّمک بمجرد الاخراج من البحر. کما سیجىء.
(2) ما یخرج من البحر قد یکون من سنخ النبات کالیُسر والمرجان وقد یکون من معادنه کالیاقوت وقد یکون ممّا یختلف فیه کالعنبر والاقوال فیه مختلفة: أحدها انه حیوان بحرى، ثانیها أنّه روث حیوان البحر، ثالثها أنه جلد بعض حیواناته، رابعها أنه نبع عین فى البحر نظیر عین الزاج والکبریت، خامسها أنه نبات بحرى، سادسها أنه نوع سمکة فى البحر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 171 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا مثل السّمک ونحوه من الحیوانات (3)

واختلاف الأقوال وأهل اللّغة فیه لا یضّر فیما هو المهم من وجوب الخمس فیه فانّ صحیحة الحلبى ـ کما عرفت ـ دلت على ذلک.
(3) فانها تؤخذ غالباً بالإصطیاد لا بالغوص، فانه إسم للمهنة الخاصة لحیازة جواهر البحر لا حیواناته.
وأما صحیحة عمار المشتملة على عنوان ما یخرج من البحر وإن تشمل حیواناته، الاّ أن السّیاق المشتمل على المعادن والکنوز، شاهد على أن المراد منه الجواهر لا الحیوان.
ولو اغمضنا عن ذلک ـ لاجل ان المال المختلط بالحرام والغنیمة ایضاً مذکور فیها وهو یضعّف قرینّیة السیاق على اختصاص ما یخرج من البحر فى الجواهر;
فنقول إنّ الأسماک خارجة عن مورد روایات الخمس، للسیرة القطعیة المستمرة من زمن المعصومین الى زماننا هذا على عدم تخمیس الاسماک، فانها کانت مورد اللابتلأیومیاً، فلو کان الخمس فیها واجباً، لشاع وظهر وکان من الواضحات، فمنه یستکشف عدم وجوبه فیها.
قال الاستاذ(قدس سره): بقى شیىء (وهو أنّ عنوان الاخراج من البحر هل یصدق على الأخذ من سطح الماء أوّلا؟ الظاهر عدم الصّدق، فان البحر اسم للمأ لا الفضاء کما فى مثل الدار ونحوها ومن الضرورى أنّ الخروج فرع الدّخول، فاخراج الشیىء من البحر لا یکاد یصدق إلاّ اذا کان داخلا فیه، فأخرج وصار خارجه، وهذا غیر متحقق فى الأخذ من وجه الماء وظاهره.
وأولى منه بعدم الصّدق أخذ ما ألقاه البحر بنفسه الى السّاحل خارج الماء ففى هذه الموارد لا یجب الخمس بعنوان ما أخرج من البحر، وإن وجب بعنوان الفائدة).
وفیه أوّلا ما عرفت من أن الإخراج أو الغوص طریق غالبّى لحیازة ما فى البحر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة172 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عرفاً لا أنه موضوع وله دخل فى الحکم، فإنّ المراد بالغوص ما من شأنه أن یخرج به، لامعناه الحدثى المصدرى، لأنّه لا معنى لتعلّق الخمس به.
وثانیاً ان العنبر المذکور فى صحیحة الحلبى أقوى شاهد على عدم اعتبار الغوص والإخراج، فبإلغا، الخصوصیة، نقول فى غیره ایضاً إذا ظهر فى الساحل لاجل المدّ والجزر، أو ألقاه البحر فى السّاحل: إنّ فیه الخمس.
إن قلت: مقتضى الحصر فى صحیحة إبن أبی عمیر المتقدمة، أن غیر الخمسة لا خمس فیه، فعلیه لا بدّ ان یکون العنبر، مخرجاً و محازاً بالغوص، والاّ فلا خمس فیه.
قلت: اوّلا إن الغوص المذکور فى الخمسة، لیس المراد منه معناه الحدثى ـ کما مرّ ـ بل المراد ما من شأنه أن یخرج بالغوص غالباً، والعنبر من شأنه ان یخرج کذلک، وأمّا قذف البحر له فى السّاحل، فیتّفق أحیاناً، فلا ینافى وجوب الخمس فیه.
وثانیاً انّ الحصر المذکور لابدّ من أن یرفع الید عنه بصحیحة عمار بن مروان المتقدّمة، فان ما یخرج من البحر بغیر الغوص یجب فیه الخمس قطعاً، إمّا فوراً بناءً على أنه موضوع مستقل لوجوب الخمس، وإمّا بعد المؤونة بناء على أنّ المخرج من البحر قد قیّد بالغوص فما یخرج بغیره یدخل فى الفائدة المطلقة، وکذا تخرج من هذا الحصر الأرباح والفوائد التى فیها الخمس بعد المؤونة، فالحصر المذکور لیس حقیقیاً.
فاذاً لا مانع من الإلتزام بأنّ العنبر داخل فى الغوص، بمعنى ما من شانه أن یخرج به، وان لم یخرج به بل أخذ من سطح الماء أو الساحل، والخمس واجب فیه بلا إخراج مؤونة السنة وأن الفوائد والأرباح خارج منه یجب فیها الخمس بعد المؤونة.
وثالثاً إن نفس صحیحة الحلبى ظاهرة فى عدم إعتبار الغوص فى العنبر وذلک لأن الإمام(ع) أوجب الخمس فیه بلا قید الغوص، فلو کان الغوص فیه معتبراً لقال(علیه السلام): علیه الخمس اذا اخرجه بالغوص، فعدم تقیید العنبر بالغوص لا فى السئوال ولا فى الجواب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة173 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فیجب فیه الخمس بشرط ان یبلغ قیمته دیناراً فصاعداً (4)

کاشف عن وجوب الخمس فیه وان أخذ من سطح الماء أو من الساحل بلا غوص.
ومن ذلک یستکشف ان الغوص لا یعتبر فى غیره ایضاً، فان حکم الأمثال واحد وأخذه فى النّصوص، لا یکون الاّ لأجل أن الغالب یکون الوصول الى الجواهر البحرى به.
فعلیه لو وجد فى السّاحل بعد الجزر الجواهر الثمینة، یجب فیها الخمس لأنّ الموضوع ـ کما تقدم ـ نفسها بلا إعتبار الغوص أو الأمر الآخر فیها.
وقد عرفت أیضاً أن ایجاب الخمس فى الغوص الّذى فیه التعب والجهد والزّحمة یستلزم وجوبه فیما یخرج من البحر بلا جهد وتعب بالأولوّیة.
(4) اعتبار النّصاب فى الغوص هو المشهور بین الأصحاب بل نسب الى غیر واحد من الأصحاب دعوى الاجماع علیه منهم العلاّمة فى التذکرة والمنتهى واستدل له بروایة محمد بن على بن أبى عبد الله عن أبی الحسن(علیه السلام) (قال: سألته عما یخرج من البحر من اللؤلؤ والیاقوت والزّبرجد، وعن معادن الذهب والفضة، هل فیها زکاة؟ فقال: اذا بلغ قیمته 2دیناراً ففیه الخمس(4).
أمّا دعوى الإجماع فموهونة من وجوه: الأول أنه إجماع منقول وقد ثبت فى الأصول عدم حجّیته.
الثانى ان الشیخ المفید الذى هو من القدماء ذهب الى نصاب عشرین دیناراً.
الثالث أن المدرک له هى روایة محمد بن على المتقدمة فلا اجماع تعبدىّ فى المقام فلا یعبأبه بل لا بدّ من ملاحظة المدرک، والرّاوى لهذه الرّوایة لم یوثق ولم یمدح، بل لم یرو عنه فى تمام الفقه الاّروایتان، إحدیهما هذه الرّوایة الثانیة ما روى عنه على بن أسباط. وتمام الکلام حولها سیأتى انشاءالله.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة174 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نعم لو بنیناعلى ما هو المعروف بین الأصحاب من أن أصحاب الإجماع ومنهم البزنطى لا یرسلون ولا یروون الاّ عن ثقة، فالرّجل محکوم بالوثاقة لروایة البزنطى عنه.
قال الشیخ فى العدّة: (وان کان احد الرّاویین مسنداً والآخر مرسِلا، نظر فى حال المرسِل، فان کان ممن یعلم أنّه لا یرسل الاّ عن ثقة موثوق به، فلا ترجیح لخبر غیره على خبره ولأجل ذلک سوّت الطّائفة بین ما یرویه محمد بن أبى عمیر وصفوان بن یحیى وأحمد بن محمد بن أبى نصر وغیرهم من الثقات الذین عرفوا بانهم لا یروون ولا یرسلون إلاّ عن من یوثق به، وبین ما أسنده غیرهم).
وهذه التّسویة الّتى ذکرها الشیخ ذکرها النجاشى ایضاً فى ترجمة محمد بن أبى عمیر ولکنها لم تثبت لعدم ذکرها فى کلام أحد من القدماء.
فمن المطمئن به أن منشأ هذه الدعوى هو دعوى الکشى الإجماع على تصحیح ما یصّح عن هؤلآء، قال الکشى فى رجاله(5) (أجمعت العصابة على تصدیق هاؤلاء الأوّلین من اصحاب ابی جعفر وأصحاب أبی عبدالله(علیهما السلام) وانقادوا لهم بالفقه، فقالوا: افقه الاوّلین ستة زرارة، ومعروف بن خربوذ وبرید وابو بصیر الاسدى والفضیل بن یسار ومحمد بن مسلم الطائفى. قالوا: وافقه الستة زرارة).
وقال الکشى فى تسمیّة الفقهأ من أصحاب أبی عبدالله(علیه السلام) (أجمعت العصابة على تصحیح ما یصح عن هؤلاء وتصدیقهم لما یقولون، وأقروا لهم بالفقه من دون اولئک الستة الذین عددناهم و سمیّناهم، ستة نفر: جمیل بن دراج وعبدالله بن مسکان وعبدالله بن بکیر وحماد بن عثمان وحماد بن عیسى وأبان بن عثمان.)
وقال فى تسمیة الفقهأ من أصحاب أبی ابراهیم وأبی الحسن الرضا(علیهما السلام): (أجمع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 175 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أصحابنا على تصحیح مایصح عن هؤلاء وتصدیقهم وأقرّو الهم بالفقه والعلم، وهم ستة نفر آخر دون الستة نفر الذین ذکرناهم فى أصحاب ابی عبدالله(علیه السلام) منهم یونس بن عبد الرّحمان وصفوان بن یحیى بیّاع الصّابرى ومحمد بن أبى عمیرو عبدالله بن المغیرة والحسن بن محبوب وأحمد بن محمد بن ابی نصر.)
قد إختلف الأصحاب فیما هو المراد من کلام الکشى، فقد ذهب جملة منهم الى أن السند اذا انتهى الى أحد اصحاب الاجماع، فلا ینظر الى الواسطة بینهم و بین المعصوم، فیحکم بحجیّة الرّوایة.
فمنهم الشهید الثانى والعلاّمة والمجلسى والشیخ البهائى وصاحب الوسائل والسید بحر العلوم (قدّس الله أسرارهم).
وجملة من الأصحاب یقولون: إن أصحاب الإجماع الّثمانیة عشر نفسهم ثقاة وعدول، لا أنّهم لا یروون إلاّ عن ثقة.
وقد یقال: إن کلام الکشى: اجمعت العصابة على تصحیح ما یصح عن هؤلاء هو دعوى الإجماع على حجّیة روایات هذه الجماعة.
فکلام الکشى ذو احتمالات ثلاثة: أحدها أن اصحاب الاجماع اذا رووا روایة فهو توثیق لراویها، فلا نحتاج الى اثبات وثاقتهم.
الثانى إن أصحاب الاجماع اذا روى أحدهم روایة کانت حجّة فلا حاجة الى النظر فى روّاة کانت واسطةً بینه وبین المعصوم.
الثالث أنه لا هذا ولا ذلک،بل الاجماع قائم على وثاقة أصحاب الاجماع وفقاهتهم وعدالتهم.
امّا الاحتمال الأول فهو وان لم یبعد أن یکون مراد الکشى، الا أنه قد ثبت روایة هذه الجماعة عن الضعفاء، فهذا بن أبی عمیر روى عن على بن ابی حمزة البطائنى کتابه،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة176 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وکذا صفوان روى عنه کتابه، وقال على بن الحسن بن فضّال: إنه (اى البطائنى) کذّاب ملعون.
وکذا روى احمد بن محمد بن ابی نصر عن المفضل بن صالح وهو أبو جمیلة وقد ضعّف فى کتب الرّجال. وفى کتب الحدیث روایات کثیرة عن هؤلاء قد رووا عن الضّعفاء، فکیف نلتزم بتصحیح ما یصحّ عنهم، وأنهم لا یروون الاّ عن ثقة
وأما الإحتمال الثانى فهو أیضاً لا یفید وإن ثبت أنّ مراد الکشى ذلک، لأن إدّعأ الاجماع على الحجیة لا حجیّة فیها، فانّ الاجماع المنقول بخبر الواحد، بما أنه اخبار عن الحدس، فلا حجیة فیه، فان الحجة هو الاخبار عن الحسّ فقط.
فعلیه یتعین الأخذ بالاحتمال الثالث، فنلتزم بأن الاجماع قائم على وثاقتهم وعدالتهم، فان کان مراد الکشى ذلک، فنعم الوفاق، وان کان غیره فلا یعبأبه.
والعجب من الشیخ الطوسى(قدس سره) فانه کما عرفت منه فى العدّة من تسویة الأصحاب بین مراسیل ابن ابی عمیر وصفوان والبزنطى ومسانید غیرهم، قال فى التهذیب والاستبصار بعد ذکر روایة محمد بن أبی عمیر عن بعض أصحابنا عن زرارة عن ابى جعفر (علیهما السلام): (فأوّل ما فیه أنه مرسل وما هذا سبیله لا یعارض به الاخبار المسندة)(6)
ثم لا یخفى أن متن الرّوایة المذکورة أیضاً لا یخلو عن الإضطراب، فان الضمیر الواقع فى الجواب ضمیر مذکر یعود الى ما یخرج من البحر، والسئوال عن المعادن یبقى بلا جواب ولو کان الجواب ناظراً إلیهما لکان المناسب تأنیث الضمیر بان یقول: اذا بلغ قیمتها دیناراً ففیها الخمس.
ولکنّه مع ذلک کلّه، فالا قرب هو العمل بالرّوایة لانه هو المشهور قال فى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 177 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فلا خمس فیما ینقص من ذلک، ولا فرق بین اتّحاد النوع وعدمه، فلو بلغ قیمة المجموع دیناراً، وجب الخمس، ولا بین الدّفعة والدفعات، فیضمّ بعضها إلى بعض(5)
کما أنّ المدار على ما أخرج مطلقاً وإن إشترک فیه جماعة لا یبلغ نصیب کلّ منهم النصاب(6)
ویعتبر بلوغ النّصاب بعد اخراج المؤون، کما مرّفى المعدن(7)
والمخرج بالآلات من دون غوص فى حکمه على الأحوط(8) وأمّا لو غاص وشدّه بآلة فأخرجه فلا إشکال فى وجوبه فیه
نعم لو أخرج بنفسه على الساحل أو على وجه الماء، فأخذه من غیر غوص لم یجب فیه من هذه الجهة(9) بل یدخل فى أرباح المکاسب، فیعتبر فیه مؤونة السنة ولا یعتبر فیه النصاب.

المستمسک: (هو المشهور نقلا وتحصیلا شهرةً کادت تکون إجماعاً، بل فى التذکرة و المنتهى نسبته إلى علمائنا ، کذا فى الجوهر) فاذا ضممنا هذه الشهرة الى روایة محمد بن على المتقدمة، ولا حظنا أنّ راویها البزنطى، یحصل الوثوق بمضمونها.
(5) وذلک للاطلاق کما تقدّم فى المعدن.
(6) وجوب الخمس فى الغوص تکلیف متوّجه الى الغائصین المکلفین ، فکما أن کلّ مکلّف موضوع مستقل، فنصابه ایضاً مستقل کمامر فى المعدن ولادلیل على ضمّ ما أخرجه مکلّف الى ما اخرجه مکلّف آخر.
(7) مرّ الکلام فیه عند البحث فى المعدن فلا حاجة إلى الإعادة.
(8) بل على الأقوى لأن الموضوع للخمس هو الجوهر الموجود فى الماء اذا حازه المکلف فلا فرق بین أنحاء الاخراج، ولا یحتمل أن الجواهر المخرجة بالآلة وان کانت کثیرة لم یجب الخمس فیها، وکان مختصّاً بما أخرجه بالغوص وخاطر نفسه به، وقد عرفت أنّ ایجاب الخمس فى الثانى، یستلزم الوجوب فى الأوّل بالأولویة.
(9) قد تقدم أنّ المفهوم من النّصوص هو ان المتعلق للخمس هى الثروة البحریة المتکّونة فیه، فاذا حازها المکلّف یجب فیها الخمس، وعنوان الغوص إنّما هو طریق للوصول الیها غالباً، ولا موضوعیة له، ولأجل ذلک عبّر فى صحیحة عمّار بالاخراج من البحر.

1- الوسائل ج 6، ب 7، من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1، ص 347.
2- الوسائل ج 6، ب 3، من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6، ص 344.
3- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 7، ص 344.

4- الوسائل ج 6، ب 3 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5، ص 343.

5- رجال الکشى، ص 206 الطبعة الحدیثة.

6- التهذیب ج 8، ب عتق واحکامه، حدیث 932 والإستبصار ج 4، ب ولاء السّائبة، حدیث 87.

مساله 21 ص (178)

مساله 21 ص (178)

(مسألة 21) المتناول من الغواص، لا یجرى علیه حکم الغوص اذا لم یکن غائصًا(1) وأمّا اذا تناول منه وهو غائص ایضاً، فیجب علیه اذا لم ینو الغوّاص الحیازة والاّ فهو له، ووجب الخمس علیه.


(1) الغّواص إذا أخرج الجوهر من البحر فإمّا یقصد الحیازة اولا یقصدها فعلى الأوّل یملکه وعلیه الخمس، سواء بقى فى ملکه أو یعطیه غیره.


وعلى الثانى اذا تناوله غیره وقصد الحیازة یملکه وعلیه الخمس، وهو لا یقلّ عما یقذفه البحر فى الخارج فیحوزه المکلّف، فان الغوص طریق للوصول الى الجوهر غالباً لا أنّ الغوص بمعناه الحدثى موضوع للخمس، بل هو عنوان للجوهر الذى من شأنه ان یخرج من الماء بالغوص، وان وصل الى المکلّف بغیر الغوص والدخول فى الماء.

مساله 22 ص (178)

مساله 22 ص (178)

(مسألة 22) اذا غاص من غیر قصد للحیازة(1) فصادف شیئاً، ففى وجوب الخمس علیه وجهان والأحوط إخراجه(2)

(1) اذا غاص فى البحر بقصد السباحة وصادف شیئاً من الجواهر فأخرجه قاصداً للحیازة، یجب تخمیسه على الأقوى، فانه لا دلیل على اعتبار قصد الحیازة من الأوّل،


(2) قد عرفت أن الأقوى ذلک.

مساله 23 ص(178 - 179)

مساله 23 ص(178 - 179)

(مسألة 23) اذا اخرج بالغوص حیواناً، وکان فى بطنه شئ من الجواهر، فان کان معتاداً، وجب فیه الخمس، وان کان من باب الاتفاق بان یکون بلع شیئاً اتفاقاً، فالظاهر عدم وجوب خمسه وان کان احوط(1)

(1) هذا لاحتیاط لا یترک، والوجه فیه أنه من الثروة البحریة، وقد اخرج من البحر تبعاً للحیوان، فتشمله صحیحة عمار بن مروان هذا أولا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 179 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وثانیا قد تقدم أنّ الغوص الّذى فیه الخمس، لیس بمعناه الحدثى، فأنّه غیر قابل للتخمیس، بل المراد هو الجوهر البحرى الذى من شأنه أن یخرج به ومن الواضح أنه أخرج بالغوص تبعاً للحیوان، فیشمله نصوص الغوص.


والعجب من الماتن(قدس سره) حیث تقدم منه فى المسألة الثامنة عشر وجوب الخمس فیما یوجد من بطن الحیوان المشترى، اذا لم یعرفه البایع، مع أن النصّ ظاهر فى عدم وجوب الخمس هناک حیث قال(علیه السلام)فالشیئ لک، رزقک الله إیّاه(1)


وامّا فى المقام فنفى الخمس، مع أنه قد اخرج بالغوص من البحر تبعاً للحیوان فالاقوى هو العکس وعدم وجوب الخمس هناک، ووجوبه هنا.

1- الوسائل ج 17، ب 9، من ابواب اللقطة حدیث: 1 و 2، ص 359.

مساله 24 ص (179)

مساله 24 ص (179)

(مسألة 24) الانهار العظیمة کدجلة والنیل والفرات حکمها حکم البحر(1) بالنسبة الى ما یخرج منها بالغوص، اذا فرض تکون الجوهر فیها کالبحر.

(1) صح ما ذکره(قدس سره) فان صحیحة ابن ابى عمیر المتقدمة المشتملة على الغوص تشمل الأنهار الکبیرة جزماً، حیث ان الغوص فیها مطلق، وان کان اسماً للمهنة ففى فرض عدم تکّون الجوهر فیها، لا مجال لهذا البحث، وفى فرض التکّون لا فرق بینها و بین البحر فى الغوص.


فما عن الشیخ الأعظم الأنصارى من المیل الى عدم شمول نصوص الغوص للأنهار لا یمکن المساعدة علیه.

مساله 25 ص (179 - 180)

مساله 25 ص (179 - 180)

(مسألة 25) اذا غرق شئ فى البحر، واعرض مالکه عنه، فأخرجه الغوّاص ملکه(1) ولا یلحقه حکم الغوص على الأقوى (2) وان کان من مثل اللؤلؤ والمرجان لکّن الأحوط اجراء حکمه علیه

(1) أمّا تملک الغوّاص له، اذا أعرض عنه المالک، فلمعتبرة السکونى عن ابى عبدالله(علیه السلام)قال: واذا غرقت السّفینة وما فیها، فأصابه الناس، فما قذف به البحر على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 180 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ساحله، فهو لأهله، وهم أحقّ به وما غاص علیه النّاس وترکه صاحبه، فهو لهم(1) وقریب منها روایته الاخرى (1) المرویة عن الشعیرى وهو السکونى، وإسمه مسلم بن أبی زیاد، ولکنها ضعیفة السند لأجل أمیة بن عمرو فیه، فإنّه لم یوثق.


(2) لان النّصوص المشتملة على خمس الغوص، منصرفة عن مثل الغریق و ظاهرةٌ فى الثروات التکوینیة فى البحر الّتى لم تسبقها الید، نعم لو أخرجه غیر المالک یدخل فى مطلق الفائدة، فأن مَضى الحول وبقى منه شئٌ یخمّس بملاک مطلق الفائدة الزائدة عن المؤونة.


ثم إن المالک لو اعرض عن المال قلباً، فلا اشکال فى أنه لمن أخذه وان لم یعرض عنه کذلک، وأعرض عنه عملا لعدم القدرة على الأخذ أو الانقاذ، فان اخذه أو انقذه غیره، فان لم یعرف المالک ولم یطالبه، کان له، وان عرف أو طالبه، لابد من أن یعطى له، وذلک لصحیحة البزنظى عن الرّضا(علیه السلام)(قال: سألت اباالحسن الرّضا(علیه السلام) عن الرّجل یصید الطّیر یساوى دراهم کثیرة وهو مستوى الجناحین فیعرف صاحبه، أو یجیئه، فیطلبه من لا یتّهمه؟ فقال: لا یحلّ له إمساکه یرّده علیه، فقلت له: فان صاد ما هو مالک لجناحیه، لا یعرف له طالباً؟ قال: هو له.(2)


وأمّا صحیحة زرارة المطلقة، فتقیّد بهذه الصحیحة: عن زرارة عن أبی عبدالله(علیه السلام) (قال: اذا ملک الطّائرُ جناحه، فهو لمن أخذه)(2) فهى تقیّد بما اذا لم یعرف له صاحب کما هو الغالب.

1- الوسائل ج 17، ب 11، من ابواب اللّقطة حدیث: 1 و 2، ص 362.
2- الوسائل ج 16، ب 36 و 37 من ابواب الصّید، حدیث 1، 1، ص 295 و 296.

مساله 26 ص (181 - 182)

مساله 26 ص (181 - 182)

(مسألة 26) اذا فرض معدن من مثل العقیق او الیاقوت او نحوهما تحت الماء، بحیث لا یخرج منه إلاّ بالغوص، فلا اشکال فى تعلق الخمس به، لکن هل یعتبر فیه نصاب المعدن أو الغوص؟ وجهان، والاظهر الثانى (1)

(1) الأمر دائر بین تقیید إطلاق المعدن، فیختص بما اذا کان فى غیر البحر و تقیید اطلاق الغوص بغیر المعدن الموجود فى البحر.
قال فى المستمسک: لا ینبغى التأمل فى ترجیح الأوّل، للتصریح فى نصوص الغوص بالیاقوت والزبرجد الّذین هما من المعادن) ومراده من الأول هو التصرف فى اطلاق المعدن بحمله على غیر البحرى، فیبقى نصوص الغوص على اطلاقها فاذا غاص واخرج المعدن من تحت أرض البحر یجب تخمیسه اذا بلغ دیناراً.
ونظره من نصوص الغوص هو روایة محمد بن على بن أبی عبدالله(1) المتقدمة(2) ومرسلة الصدوق عن ابی الحسن(علیه السلام)(3) ومتنهما واحد.
وقال سیدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره): (ان الظاهر من المعدن المذکور فى قبال الغوص فى صحیحة ابن ابی عمیر هو ما لا یتوقف اخراجه على الغوص فیختصّ بما یتکوّن فى البّر فى قبال الغوص الذى هو عبارة عما یتکّون فى البحر وان کان من المعدنیات کالعقیق أو الیاقوت، وتؤیّده روایة محمد بن على بن ابی عبدالله المتقدمة، حیث أنها اعتبرت فى وجوب الخمس فیما یخرج من البحر من اللّؤلؤ وکذا الیاقوت والزبرجد الّذین هما من سنخ المعادن بلوغ قیمته دیناراً الّذى هو نصاب الغوص، وهذا هو الصّحیح.)
قلت: ما ذکره العلمان (قدّس سرّهما) لا یمکن المساعدة علیه، فان ذکر الیاقوت والزّبرجد فى الروایة لا یصلح أن یکون قرینة على ان المعادن الموجودة فى البحر کلها داخل فى الغوص وذلک لاحتمال تکوّنهما فى البحر على سطح الارض کالیسرو المرجان واللؤلؤ، فنقول: ان ادلّة الغوص تشمل کل ما یتکوّن فى البحر على سطح الارض سواء کان من سنخ المعدن أو غیره، فاذا أخرجه بالغوص وبلغ قیمته دینارا وجب الخمس فیه.
وأما المعادن الموجودة فى أعماق أرض قعر البحر بحیث لا یمکن اخراجها بالغوص کالنفط والغاز والحدید والصفر والرّصاص وامثالها، بل یحتاج الى حفر أعماق الارض تحت الماء، فلا تشملها نصوص الغوص بل تبقى تحت أدلة المعدن ونصابها عشرون دیناراً، فعلیه لابدّ فى المقام من التفصیل بین المعادن الواقعة تحت الماء على سطح الارض فهى داخلة فى الغوص ویکون نصابها دیناراً واحداً والمعادن المرکوزة تحت الارض بحیث یحتاج استخراجها الى حفر الأرض والاخراج من اعماقها فیکون نصابها عشرین دیناراً.

1- الوسائل ج 6، ب 3، من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5، ص 343.
2- ص 186.
3- الوسائل ج 6، ب 7، مما یجب فیه الخمس، حدیث 2، ص 347.

مساله 27 ص (182 - 185)

مساله 27 ص (182 - 185)

(مسألة 27) العنبر اذا اخرج بالغوص جرى علیه حکمه، وان اخذ على وجه الماء او السّاحل ففى لحوق حکمه له وجهان (1)
والأحوط اللّحوق، وأحوط منه اخراج خمسه وان لم یبلغ النصاب ایضاً.


(1) من أنه من الجواهر النفیسة البحریة فهو ملحق بالغوص، وإن أخذ من السّاحل أو فوق الماء وذکره فى عداد الغوص فى صحیحة الحلبى وکلمات الاصحاب شاهد علیه.
ومن أن الأصحاب تسالموا على ثبوت الخمس فیه، وتسالموا على ان عناوین ما فیه الخمس سبعة، فاذن لابد من الحاقه بواحد منها، والحاقه بالمعدن أولى لشباهته به حیث ان له مکانا مخصوصاً، ولا سیما بناء على ما قیل من أنه نبعُ عین فى البحر، فعلیه هو معدن حقیقةً.
قلت: الشیخ المفید وان یظهر منه(قدس سره) أنه من المعدن، حیث اعتبر نصابه عشرین

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة183 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دیناراً، وعن الشیخ فى المبسوط انه نبات فى البحر، وهو الأقوى لأنّا نقول باعتبار خبرالثقة فى الموضوعات ایضاً فعلیه یکون محکوماً بحکم الیسر والمرجان حیث أنهما من نبات البحر ، فعلیه یکون الاقوى هو قول الشیخ جعفر(قدس سره) فى کشف الغطأ من أنه من الغوص أو بحکمه.
وأمّا ما عن المحقق فى الشرایع من انه إن اخرج بالغوص روعى فیه مقدار دینار، وإن جنى من وجه الماء او من الساحل کان له حکم المعادن، فلا یمکن المساعدة علیه بوجوه:
الأوّل أنه نبات بحرى کما عن الشیخ فى المبسوط، فهو کالمرجان داخل فى الغوص، سواء أخذ من سطح الماء أو من قعره أو من السّاحل.
الثانى لا موجب لا لحاقه بالمعدن لعدم ثبوت انه نبع عین، والحاقه به لشباهته له ـ حیث ان له مکاناً مخصوصاً ـ لا وجه له، فانه ان ارید به البحر فکلّ الجواهرات البحریة بل حتّى الاسماک مکانها البحر، فهل یمکن ان یحکم بانها من المعادن؟
وان ارید منه غیر ذلک، فلا دلیل علیه.
الثالث أن الاصحاب عَنوَنوه مع الغوص وصحیحة الحلبى المشتملة علیه مشتملة للغوص، ومن شأنه ان یخرج بالغوص، فیکون محکوما بحکمه، فلا مجال لا لحاقه بالمعدن أصلا.
فلو حصل مما ذکرنا لنا الوثوق بانه داخل فى الغوص فهو محکوم بحکمه فیکون نصابه دیناراً واحداً ـ کما هو الظاهر بملاحظة کلام الشیخ(قدس سره).
وان لم یحصل الوثوق بذلک، فلابد من تخمیسه مطلقاً، وان لم یبلغ قیمته دیناراً، فان وجوب الخمس فیه نصّاً وفتوىً، مما لا شبهة فیه.
ومما ذکرنا ظهر ضعف کلام الشیخ المفید(قدس سره) من أنّ نصابه عشرون دیناراً، فانه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة184 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مبنىٌ على أنه من المعادن، وقد ظهر عدم ثبوته.
وأمّا ما ذکره سیّدنا الأستاذ(قدس سره) من ان الأقوى البناء على عدم الحاقه لا بالغوص ولا بالمعدن اذا اخذ من ظاهر الماء او السّاحل، لعدم اندراجه فى عنوان الغوص حینئذ وهو ظاهر، ولا فى عنوان المعدن لعدم ثبوت کونه منه، ومقتضى اطلاق الصحیحة من غیر مقیّد، وجوب الخمس حینئذ مطلقاً.
فمدفوع أوّلا بانه یصدق علیه أنه أخرج من البحر، ولو کان خروجه بقذف امواج البحر له الى الساحل، فإن کلّ شئ کان تکوّنه فى البحر، اذا القى فى الساحل یصدق علیه أنه أخرج منه، فتشمله صحیحة عمار بن مروان.
وثانیاً قد تقدّم أن المراد بالغوص لیس معناه المصدرى بل المراد منه هو الجوهر الّذى من شأنه أن یخرج بالغوص، فلا یبعد أن تشمله صحیحة ابن ابی عمیر أیضاً.
ویؤیّد ذلک انحصار الخمس فى سبعة اشیاء، کما هو المتسالم علیه بین الأصحاب فلا یکون العنبر خارجاً عنها، فاذن لابدّ أن یکون داخلا فى الغوص، لأنه لا مجال لدخوله فى غیره.
فالمتحصل مما ذکرنا أن الأقوال بالنسبة الى حکم العنبر خمسة:
أحدها ما عن النّهایة وجمع من الفقهأ وصاحب المدارک، من أنه جوهر بحرىّ لا یدخل فى الغوص ولا فى المعدن، فلا نصاب فیه، فیجب تخمیسه مطلقاً.
ثانیها ما عن الشیخ المفید وبعض آخر من أنه من المعدن، فیعتبر نصابه عشرین دیناراً.
ثالثها ما عن المحقق فى الشرایع من أنه إن أخذ بالغوص یلحق به، فنصابه دینار واحد، وان أخذ من وجه الماء أو من السّاحل، فهو ملحق بالمعدن، فنصابه عشرون دیناراً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 185 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رابعها ما عن کاشف الغطأ(قدس سره) من أنه داخل فى الغوص، وما نقل من الشیخ(قدس سره) من أنه نبات بحرى یقوّى هذالقول، وهو الاقوى کما عرفت.
خامسها ما ذهب الیه سیدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره) من أنه إن اخرج بالغوص، فهو داخل فیه، وإن أخذ من سطح الماء أو من الساحل، فیجب فیه الخمس مطلقاً، ولا یکون داخلا فى الغوص ولا فى المعدن.
وفیه ما عرفت من ان العنبر المأخوذ من سطح الماء أو من السّاحل، مخرج من البحر، ولو کان بقذفه فى السّاحل، او بأخذه من سطح الماء، فتشمله صحیحة عمّار المتقدمة، فیجب تخمیسه، ولا دلیل على اعتبار ان یکون المخرج هو الانسان.

المال الحلال المخلوط بالحرام ص (190 - 207)

المال الحلال المخلوط بالحرام ص (190 - 207)

(الخامس) المال الحلال المخلوط بالحرام على وجه لا یتمیّز مع الجهل بصاحبه وبمقداره، فیحلّ باخراج خمسه (1) ومصرفه مصرف سائر اقسام الخمس على الاقوى

(1) الأقوال فى المسألة ثلاثة: ألأوّل ما هو المشهور وهو وجوب اخراج الخمس کما ذکره المصنّف، ومصرفه مصرف سائر اقسامه.
الثانى وجوب التصّدق به للفقراء.
الثالث التخییر بین الخمس المصطلح وبین الصّدقة
أمّا القول الأوّل فقد استدل له بعدة من الرّوایات:
منها صحیحة عمار بن مروان قال: سمعت أبا عبدالله(علیه السلام) یقول: فیما یخرج من المعادن والبحر والغنیمة والحلال المختلط بالحرام، اذا لم یعرف صاحبه والکنوز الخمس.(1)
ومنها صحیحة ابن أبی عمیر عن غیر واحد عن ابی عبدالله(علیه السلام) قال: الخمس على خمسة أشیاء على الکنوز والمعادن والغوص والغنیمة ونسى ابن ابى عمیر الخامس.(1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 190 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وعن الصدوق(قدس سره) فى الخصال: قال المصنف: أظنّ الخامسَ الذى نسیه ابن ابی عمیر، ما لا یرثه الرجل وهو ان یعلم ان فیه من الحلال والحرام، ولا یعرف أصحاب الحرام فیؤدّیه الیهم، ولا یعرف الحرام بعینه فیجتنبه، فیخرج منه الخمس.
وفیه ان ظنّ الصدوق لا حجّیة فیه ولا یغنى من الحق شیئاً، فالاستدلال بصحیحة ابن ابی عمیر لتخمیس المال المختلط بالحرام غیر تام.
ومنها روایة الحسن بن زیاد عن ابی عبدالله(علیه السلام) قال: إن رجلا أتى أمیرالمؤمنین(علیه السلام)فقال: یا أمیرالمؤمنین إنى أصبت مالا لا اعرف حلاله من حرامه، فقال: أخرج الخمس من ذلک المال، فان الله (عزّوجلّ) قد رضى من ذلک المال بالخمس، واجتنب ما کان صاحبه یعلم.(2)
وفى سندها حکم بن بهلول وهو لم یوثق ولم یمدح، فلا یعتمد علیها ولکنها مؤیّدة للمقام.
ومنها موثقة عمار عن أبی عبدالله(علیه السلام) أنه سأل عن عمل السلطان یخرج فیه الرّجل؟ قال: لا إلاّ أن لا یقدر على شیئ یأکل ولا یشرب ولا یقدر على حیلة، فان فعل فصار فى یده شیئ فلیبعث بخمسه الى أهل البیت.(2)
تقریب الاستدلال أن التخمیس بلا اخراج المؤنة ظاهر فى أنّ ما فى ید السلطان حیث أنه مخلوط بالحرام یحللّ به.
ومنها مارواه الصّدوق عن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) قال: جاء رجل الى أمیرالمؤمنین، فقال: یا أمیرالمؤمنین(ع) أصبت مالا ، أغمضت فیه أفلى توبة؟ قال: إیتنى خمسه فأتاه بخمسه، فقال: هو لک، إنّ الرّجل اذا تاب تاب ماله معه.(2)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 191 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وحیث انها مرسلة، تکون مؤیدة للمقام، والعمدة هى صحیحة عمار والموثقة.
وامّا القول الثانى (وهو وجوب التصّدق) فاستدل له بمعتبرة السکونى عن ابى عبدالله(علیه السلام) قال أتى رجل أمیرالمؤمنین(علیه السلام) فقال: إنى کسبت مالا أغمضت فى مطالبه حلالا وحراماً، وقد أردت التوبة، ولا أدرى الحلال منه والحرام وقد إختلط علّى فقال امیرالمؤمنین(علیه السلام): تصدّق بخمس مالک، فان الله قد رضى من الاشیاء بالخمس، وسائر المال لک حلال.(3)
والتصدّق إنّما یکون للفقراء لقوله تعالى: انما الصّدقات للفقراء والمساکین (الخ) وتؤیّدها الرّوایات الأخرى الواردة فى المال المجهول المالک بأنّه یتصدّق عن مالکه فان المال اذا یتصدّق به عن مالکه، فهو نحو وصول الیه، حیث إن ثوابه یکون للمالک ویعود إلیه، فعلیه لایتم الاستدال بصحیحة عمار للتخمیس لأنّها مبتلاة بالمعارض فبعد التسّاقط، یرجع الى مادّل على أنّ المجهول المالک یتصدق به عنه.
وفیه أنه غیر تام لأنّ المتن المذکور، موافق لما رواه صاحب الوسائل عن الکافى والصّدوق فى الفقیه رواها بنحو آخر، وهو هکذا: قال على(علیه السلام): أخرج خمس مالک، فإنّ الله (عزّوجلّ) قد رضى من الانسان بالخمس وسائر المال کلّه لک حلال.
وأنت ترى أن هذا المتن لایعارض صحیحة عمار بل یعاضدها.
وبما أن نسخة الکافى والفقیه متعارضة، فتسقط الرّوایة عن الإعتبار.
فتبقى صحیحة عمار الدّالة على التخمیس بلا معارض.
واّما القول الثالث فاختاره المحقق الهمدانى(علیه السلام) بتقریب ان الخمس فى المال المختلط لیس کالخمس فى بقیة الأشیاء بحیث یکون هذا الکسر ملکا فعلیّاً للسّادة کبقیة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 192 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

موارد الخمس من الغنمیة والمعدن والکنز والغوص وأرباح المکاسب، بل الخمس هنامطّهر ویکون الباقى له بعد الخمس.
فعلیه یکون له التّصدّى لتطیهر المال بنحو آخر بأن یعطى المجهول المالک بأجمعه للفقیر قاصداً للتصّدق بما فیه من مال الغیر، فیکون ردّاً للمظالم، وحیث ان السهمین مجهولان حسب الفرض فیقتسمان بعد ذلک بالتّراضى أو القرعة أو نحو ذلک فیحصل التطهیر وتُبرء الذمة.
وأمّا روایة السکونى فایضاً غیر ظاهرة فى وجوب التصدّق بنحو الوجوب التعیینى فانها واردة فى مقام دفع توّهم الحظر من أجل احتمال عدم جواز التصرف فى المال المختلط حتى بالتصّدق، فغایة ما یستفاد منها جواز التصدّق بخمس المال المختلط فالنتیجة أن المکلّف مخیرّ بین التخمیس والتصّدق.
وفیه أوّلا أن الامر بالتخمیس ثابت لصحیحة عمار بن مروان المتقدمة فانها کالصریح فى ان المال المخلتط بالحرام یخمّس، وظاهرها ان الخمس فیه کالخمس فى الغنیمة والمعدن وغیره، وحمل الخمس فیها على معنى آخر، مخالف لظاهرها لوحدة السیاق، کما هو واضح.
وثانیاً أنّ معتبرة السکونى قد عرفت اختلاف نسخة الکافى والفقیه فیها فانّ الثانى مشتمل على التخمیس; فالتصدّق بالمال المختلط غیر ثابت، وصحیحة عمار ترجّح نسخة الفقیه، بل ذیل المعتبرة على نسخة الکافى ایضاً یرجح نسخة الفقیه، حیث قال فیها: (فان الله قد رضى من الأشیاء بالخمس).
فعلیه یکون القول: بالتخییر بین التخمیس والتصدّق اجتهاداً فى مقابل النص.
وقد ظهر مما ذکرنا أنّه لا مجال لدعوى ورود الأمر بالتّصدّق فى مقام دفع توهم الحظر، لما عرفت من أن الأمر بالتّصدّق غیر ثابت لإختلاف النسختین، والترّجیح انما هو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة193 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وامّا إن علم المقدار ولم یعلم المالک تصدّق به عنه (2)

بالتخمیس لوجهین کما عرفت.
ثم لا یخفى أن صحیحة عمار بن مروان الدّالة على التخمیس تخصّص الرّوایات الدّالة على أن المال المجهول المالک یتصدّق به من قبل المالک، لانّ مورد الصّحیحة خاص بالمختلط، فاذن لایبقى مجال للقول بالتخییر بین التخمیس والتصدّق بل المتعیّن هو التخمیس، ومصرفه مصرف سائر الاقسام على الاقوى.
(2) الأقوال فى المسألة ایضاً ثلاثة: أحدها ما عن صاحب الحدائق من وجوب التخمیس هنا ایضاً، فیلحق بالفرع السابق، وهو ما اذا لم یعلم المقدار ولا المالک.
ثانیها التخمیس ثم التصدّق بالزائد ان علم ان الحرام المختلط اکثر من الخمس بل یکون بمقدار ربع المال مثلا.
ثالثها ما حکاه الشیخ الاعظم الأنصارى(قدس سره) من وجوب التصدّق سواء کان الحرام اکثر من الخمس أو أقل منه أو بمقداره، وعن المحقق الثانى ایضاً انتسابه إلى المشهور.
وعن الحدائق ـ بعد أن حکى القول بوجوب التصدّق ثم الصدقة بالزائد فى صورة الزّیادة ـ قال: (ولقائل ان یقول: إن مورد تلک الاخبار الدالة على التصدّق انما هو المال المتمیّز لحدّ ذاته لمالک مفقود الخبر، والحاق المال المشترک به ـ مع کونه مما لا دلیل علیه ـ قیاس مع الفارق (الى ان قال): وبما ذکرنا یظهر ان الاظهر دخول هذه الصورة تحت اطلاق الاخبار المتقدمة وأنه لا دلیل على اخراجها.)
وفیه أولا ان التعمیم فى صحیحة عمار وموثقة السکونى لصورة العلم بالمقدار لایحتمل فلو فرض أن الحرام الف تومان، والحلال تسعة وتسعون الف تومان، کیف یحکم باعطاء عشرین الف تومان، وکذا العکس کما اذا کان الحلال الف تومان والحرام تسعة و تسعون الف تومان، فکیف یحکم بحلیة الجمیع باعطاء عشرین الف تومان.
وثانیاً أن ذیل معتبرة السکونى ناطق بأن الله قد رضى من الاشیاء بالخمس، وهو

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة194 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ظاهر فى الاختصاص بصورة الجهل بالمقدار، لأنّ المرجع فى حکم المجهول المطلق هوالله، وأمّا إن علم المقدار، فالمرجع فیه هو المالک، فعلیه یکون التعلیل حاکما على اطلاق صحیحة عمّار لو فرض له إطلاق، فتختص بصورة الجهل بالمقدار.
ولکنّ هذالوجه لایخلو عن تأمل، فانّ الله (عزّوجلّ) اذا رضى فى معلوم المقدار بالخمس، فله إرضاء المالک بذلک وهو مالک الملوک، فعلیه لایبقى لذیل المعتبرة ظهور فى الاختصاص بصورة الجهل بالمقدار، فلا یصلح للحکومة على صحیحة عمّار، فعلیه تکون العمدة هو الوجه الأوّل.
وأمّا القول الثانى، فیمکن أن یستدل له بأن الخمس واجب لأجل صحیحة عمار ومعتبرة السکونى، والصّدقه بالزائد واجبة للرّوایات الّدالة على أن المجهول المالک یتصّدق به.
وعلى هذالقول لو کان الحرام أقل من الخمس، یتعیّن التّصدق ولا یجب التّخمیس.
وفیه أنّ أدلة التخمیس ان شملت صورة العلم بالمقدار، فلا حاجة الى التّصدق الا ترى أن ذیل المعتبرة ناطق بانّ الله رضى من الأشیاء بالخمس، فبعد رضاه (جلّ شأنه) لا حاجة الى الصّدقة، فان مالک الملوک قادر على إرضاء المالک، وان لم تشملها ـ کما استظهرناه ـ فلا حاجة الى التخمیس، بل لابد من التصدّق بالمقدار الحرام، وان کانت النّصوص الدّالة على التّصدّق مختصة بالمتمیّز، فانه من المقطوع عدم جواز اتلافه واحراقه، فامّا أن یتملک مجموعه ویتصرّف فیه کیفما یشاء وهذا أیضاً لا یجوز لحرمة التّصرف فى مال الغیر، فلابد من التّصدّق فانه نوع إیصال له إلى مالکه.
وقد ظهر مما ذکرنا أن الأقوى هو القول الثالث من وجوب التّصدق فى معلوم المقدار; ویمکن أن یستفاد ذلک ایضاً من الروایات الواردة فى المال المجهول المالک;

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 195 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

منها معتبرة داوود بن ابی یزید عن ابی عبدالله(علیه السلام) قال: قال رجل: إنّى قد أصبت مالا وانى قد خفت فیه على نفسى، ولو اصبت صاحبه دفعته الیه، وتخلّصت منه، قال: فقال له أبو عبدالله(علیه السلام): والله أن لو أصبته کنت تدفعه إلیه؟ قال: إى والله، قال: فأنا والله ماله صاحب غیرى قال: فاستحلفه أن یدفعه الى من یأمره، قال: فحلف فقال: فاذهب فاقسمه فى إخوانک، ولک الأمن مما خفت منه قال: فقسّمته بین اخوانى.(4)
وهذه المعتبرة کما ترى، ظاهرة فى أن المال المجهول مالکه ملک للامام(علیه السلام) کإرث من لا وارث له، فأمر(ع) ان یتصدق به.
ومنها صحیحة یونس بن عبدالرّحمن قال: سُأل أبوالحسن الرّضا(علیه السلام) وأنا حاضر ـ الى أن قال: فقال: رفیق کان لنا بمکّة فرحل منها الى منزله ورحلنا الى منازلنا، فلمّا ان صرنا فى الطریق، أصبنا بعض متاعه معنا فأى شیئ نصنع به؟ قال: تحملونه حتّى تحملوه الى الکوفة، قال: لسنا نعرفه ولا نعرف بلده ولا نعرف کیف نصنع؟ قال: اذا کان کذا فبعه وتصدّق بثمنه، قال له: على من جعلت فداک؟ قال: على أهل الولایة.(5)
ومنها موثقة إسحاق بن عمار قال: سألت ابا إبراهیم(علیه السلام)عن رجل نزل فى بعض بیوت مکّة فوجد فیه نحواً من سبعین درهماً مدفونة فلم تزل معه ولم یذکرها حتى قدم الکوفة کیف یصنع؟ قال(ع) یسأل عنها اهل المنزل لعلّهم یعرفونها، قلت: فانْ لم یعرفوها؟ قال یتصدق بها.(6)
وهذه الروایات ـ کما ترى ـ ناطقة بالتصدق فى المال الّذى لا یعرف صاحبه الاّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 196 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنّ مواردها هى الأموال المتمیزة لا المخلوطة، فبناء على الغاء خصوصیة المورد کما هولیس ببعید، نتمسک بها فى الموارد المخلوطة ایضاً، فکل مورد لا تشمله الروایات المشتملة على التخمیس، لا بدان یتصدّق بالحرام المخلوط.
على أن إطلاقها یشمل ما إذا وضعها بین دراهمه واختلط بها.
ثم إن سیدنا الاستاذ(قدس سره) قال: (نعم هنا روایة واحدة لا یبعد شمولها للمتمیّز وغیره وهى روایة على بن ابى حمزة (قال: کان لى صدیق من کتّاب بنى أمیة، فقال لى: استأذن لى على ابی عبد الله(علیه السلام) فاستاذنت له علیه فأذن له فلّما أن دخل سلّم و جلس، ثم قال: جعلت فداک، انى کنت فى دیوان هؤلاء القوم فأصبت من دنیاهم مالا کثیراً، واغمضت فى مطالبه فقال أبوعبدالله(علیه السلام): لولا أن بنى أمیة وجد والهم من یکتب ویجبى لهم الفىء ویقاتل عنهم ویشهد جماعتهم، لما سلبوانا حقّنا، ولو ترکهم الناس وما فى أیدیهم ما وجد واشیئًا الاّ ما وقع فى أیدیهم قال: فقال الفتى: جعلت فداک فهل لى مخرج منه؟ قال: ان قلت لک تفعل؟ قال: أفعل قال له: فاخرج من جمیع ما کسبت (اکتسبت) فى دیوانهم فمن عرفت منهم رددت علیه ما له ومن لم تعرف تصدقت به، وأنا اضمن لک على الله (عزوجل) الجنّة، فأطرق الفتى طویلا ثم قال له: لقد فعلت جعلت فداک، قال ابن ابی حمزة فرجع الفتى معنا الى الکوفة فما ترک شیئًا على وجه الأرض الاّخرج منه حتى ثیابه الّتى کانت على بدنه قال: فقسمت له قسمة واشترینا له ثیاباً وبعثنا الیه بنفقة، قال: فما أتى علیه الاّ أشهر قلائل حتى مرض، فکنّا نعوده قال: فدخلت یوماً وهو فى السوق قال: ففتح عینیه ثم قال لى: یا على وفى لى والله صاحبک، قال: ثم مات فتولّینا أمره، فخرجت حتى دخلت على ابی عبد الله(علیه السلام)، فلّما نظر الىّ قال لى: یا على وفینا والله لصاحبک، قال: فقلت: صدقت جعلت فداک والله، هکذا والله قال لى عند موته).(7)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 197 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والأحوط أن یکون باذن المجتهد الجامع للشرائط(3) ولو انعکس بان علم المالک وجهل المقدار تراضیا

قال الأستاذ: (فان من البعید جداً ان یکون هذا الشخص عارفا باشخاص الأموال التى کانت لغیره بل بطبیعة الحال یکون اکثرها نقوداً مختلطة فى أمواله ولو بین من یعرف ما لکه وبین من لا یعرف، فأعطى الإمام(ع) له الولایة باعطأ من یعلم بمقدار ما یعلم، والتصدّق عمن لا یعرفه، ولکنها ضعیفة السند جداً لان فى سندها ابراهیم بن اسحاق النهاوندى وهو ضعیف فلا یعتمد علیها.)
وفیه ان الاستدلال بها لرد صاحب الحدائق لا یتم ولو کان السند معتبراً لان فى مورها یکون تفریغ الذمة منحصراً فیما ذکره(علیه السلام) ولا یحتمل وجوب الخمس هنا لأنّ ما فى یده کلّه کان حراماً، وصاحب الحدائق یقول بالتخمیس اذا اختلط الحرام بالحلال وان کان مقدار الحرام معلوماً.
نعم یمکن ان یستأنس بها بوجه آخر وهو انه یستفاد منها ان مقدار الحرام ان کان معلوماً فلابدّ من ان یتصدق به، ففى مورد الروایة حیث کان کل المال حراماً فما عرف صاحبه ردّه الیه ومالم یعرف صاحبه یتصدّق به.
وحیث أنّها ضعیف السّند فتکون مؤیّدةً للمقام.
فعلیه یکون التخمیس منحصراً فى فرض اختلاط الحرام بالحلال وعدم العلم بالمقدار ولا بالمالک.
(3) الوجه فیه أن المال المجهول ما لکه بما أنه مال الغیر یحتاج التصرف فیه الى اذن من له الولایة على مال الغائب، وفى عصر الغیبة لا ولایة الاّ للمجتهد الجامع للشرائط فانّه نائب عن ولى الأمر(عج).
وتدل على ذلک معتبرة داود بن ابی یزید وصحیحة یونس بن عبد الرّحمان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة198 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المتقدمتان(8) فان قوله(علیه السلام): (والله ما له صاحب غیرى) وان کان ظاهراً فى کونه ملکاً شخصیًا له، إلاّ أنه لابد من رفع الید عن هذا الظهور بوجوه:
الأوّل عدم سئواله عن نوعیة المال، فلو فرض ان نوعًا من المال ضاع منه(ع) لسأل عن نوعیته، فمنه یظهر أن مراده الولایة على المال لا أنه مالک حقیقىّ والاّ کان له(ع) ان یملکه للواجد.
الثانى عدم مطالبته فلو کان ملکا له(ع) لطالبه منه ولو شاء لتصدّق به بیده.
الثالث الأمر بالتصدّق کبقیة النصوص الدالة على ذلک، ظاهر فى أنه لیس ملکاً له(ع) بل ملک للغیر.
الرابع قوله(ع) ولک الأمن ممّا خفت منه فانّه ظاهر فى أن التصدّق موجب للأمن لا أن صرف ما له الشخصى موجب له.
الخامس لو اغمضنا عن جمیع ذلک کلّه، تکون النصوص ا لکثیرة الآمرة بالتصدّق بالمال الذى لا یعرف صاحبه، قرینة على حمل قوله: (ما له صاحب غیرى) على الولایة والمرجعیة لا الملکیة الشخصیة.
السادس أن المعروف بین الاصحاب انه یتصدق به عن المالک المجهول ولم یحک عن أحد أنّه یتصدّق به عن الإمام(ع) فهو قرینة على ولایته لا ملکیته.
وأمّا صحیحة یونس فایضاً تدلّ على ولایته لا ملکیته حیث أمر(علیه السلام)ببیعه والتصدّق بثمنه على أهل الولایة، فانه کاشف عن ولایته علیه والاّ لم یأمر بالبیع والتّصدّق بثمنه.
وأمّا احتیاط المصنف بالاستیذان وعدم الافتأبه فمنشأه الروایات الآمرة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة199 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالصلح ونحوه(4) وإن لم یرض المالک بالصلح ففى جواز الاکتفاء بالأقل او وجوب اعطاء الاکثر، وجهان الأحوط الثانى والأقوى الاوّل اذا کان المال فى یده وان علم المالک والمقدار وجب دفعه الیه.

بالتّصدّق للمال المجهول المالک واحتمال أن نفس الأمر به اذن من ولى الأمر بالتصدق، واحتمال ان تکون الروایات فى مقام بیان الحکم الشرعى وان حکم المال المذکور هو وجوب التصدّق به ولم تکن فى مقام بیان اعتبار الاذن وأن نفس الامر بالتصدق اذن منه(علیه السلام)بالتصدق، وحیث ان الاصل عدم جواز التصرّف فى مال الغیر، وتحقق الإذن من ولى الامر مشکوک فالأحوط هو الإستیذان من الحاکم.
(4) إن تراضیا بالصّلح فلا کلام، وکذا لو تراضیا بالقرعة، فلو کانت المحتملات ثلاثة (النصف، الربع، الثلث) یکتب کل واحد فى رقعة، فیأخذ بعد الاختلاط أحدها ویعمل به.
وان لم یرض المالک بالصّلح فالوجوه المحتملة ثلاثة: التخمیس، او اعطاء الاقل أو إعطاء الاکثر.
الوجه الاول أنه نسب الى العلامة(قدس سره) التخمیس وان احتمل الزیادة والنقیصة، واستدل له بروایة الحسن بن زیاد المتقدمة.
وفیه اوّلا انها ضعیفة السند بحکم بن بهلول وهو لم یوثق ولم یمدح.
وثانیاً ان ذیلها هکذا: (واجتنب ما کان صاحبه یعلم) فلو اغمضنا عن السند لا یصح الاستدلال ایضاً لأنّ المفروض فى المقام أن المالک یعرف.
والعجب من السید الحکیم(قدس سره) حیث التزم باطلاقها وقال: إنه مقیّد بمصحّح عمارالمقیّد بصورة الجهل بالمالک.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة200 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وثالثاً إنه اجتهاد فى قبال النص فان صحیحة عمار ناطقة بالتخمیس فیما اذا لم یعرف المالک، فاذا عرف لادلیل على التخمیس.
الوجه الثانى هو الاکتفاء بالاقل ـ کما اختاره المصنّف ـ فیما اذا کان المال فى یده، وبرائة ذمة المالک بدفع الاقل الى مالک الحرام یتوقف على أمور:
احدها أن تکون الید أمارة للملکیة حتى بالنسبة الى الکّلى، فان کل جزء من اجزأ المال المختلط اذا کان شخصیًا تتعارض قاعدة الید فیه بقاعدتها بالنسبة الى غیره من بقیة الاجزاء الخارجیة للعلم الاجمالى بأن بعضها یکون ملکاً للغیر، فاجراء القاعدة فى بعضها ترجیح بلا مرجح، وفى الجمیع موجب لطرح العلم الاجمالى بان بعضها للغیر
وأمّا بالنسبة الى الکلّى، فان قلنا بان قاعدة الید أمارة بالنسبة الى الاکثر فهو ملک لذى الید، والذى یتیقّن بخروجه عن تحتها هو الأقل وهو یکون لمالک الحرام، الظاهر هو جریان القاعدة بالنسبة الى الکلى وهو الاکثر فیحکم بأنّ الزائد على الأقل ملک لذى الید لأجل قاعدتها، فان کان المختلط مثلیًا کالدراهم والحنطة والشعیر والسمن وامثالها، فالظاهر انه یجوز لذى الید التقسیم وتسلیم الأقل لمالک الحرام، وان کان الاحوط هو الاستیذان من الحاکم.
ثانیها ان تکون الید امارة حتى بالنسبة الى ذیها، فان المسلّم هى اماریتهابا لنسبة الى الغیر، فلو رآى مالا فى ید غیره یحکم بانه ملکه وأما بالنسبة الى ذیها فمحل تأمل واشکال: فکیف یحکم ذو الید بانه مالک للمال لأجل أنه فى یده ولم یعلم أنه دخل فى ملکه ام لا؟ فان الانسان اعرف بما فى یده وتحت سلطانه وانه له او لغیره نعم یمکن ان یقال: الغالب هو العلم بأنّ ما فى یده له او لغیره وقد ینسى الانسان سبب ملکیته، فیحکم بأنه ملکه لأنه فى یده.
ثالثها أنّ التقسیم والافراز یحتاج الى الإذن من الحاکم، و لا سیما فى القیمیات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة201 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والأحوط هو الاستیذان من الحاکم مطلقا.
والحاصل أن دفع الأقل یوجب برائة الذمة، اذا قلنا بجریان قاعدة الید بالنسبة الى الکلى، وقلنا بحجیتهابالنسبة الى نفس ذى الید ایضاً واستأذن حین دفع الأقل من الحاکم.
الوجه الثالث أن برائة الذّمّة تحصل على دفع الاکثر على کل تقدیر، وأمّا دفع الأقل فیوجب البرائة فى خصوص ما اذا لم یکن ذو الید مقصّراً فى اقتناء مال الغیر وعدم دفعه الیه، فلو علم تفصیلا أنّ مقداراً معیناً من مال الغیر عنده، وهو لا یرضى بذلک، فتسامح فى الدفع حتى نسى المقدار، فهنا یجب دفع الاکثر لأن التکلیف کان منجزاً بالنسبة الیه ولا یعلم بحصول الامتثال وفراع الذمة الاّ بدفع الاکثر فلو دفع الأقل وکان مال الغیر فى الواقع هو الاکثر یستحق العقوبة، لأنه قصّر فى دفعه الى مالکه حتى نسى مقداره.
ونظیر المقام ما اذا علم اجمالا بنجاسة أحد الکأسین وصار التکلیف منجزاً ثم فقد أحد هما، وقد اتفقوا على وجوب الاجتناب عن الآخر، فأنّ العلم بنجاسته فعلا وإن کان منتفیاً الا أنه قبل فقدان أحدهما قد تنجز التکلیف وهو باق فلو شربه وکان فى الواقع نجساً استحق العقاب.
وقد یستشکل على ذلک بانّ العلم بالحرام إن ارید به العلم التفصیلى السابق فقد زال بالنسیان بحسب الفرض، وبزواله تزول منجّزیته، فان منجّزیة کل منجّز تدور مداره، والعلم فى کل زمان منجّز لمتعلّقه فى ذلک الزّمان لا اکثر، ولهذا لا منجّزیة فى موارد الشک السّارى.
وهذالاشکال لا أساس له أصلا، فان العلم فى المقیس علیه ایضاً قد زال بعد فقدان أحد الطّرفین، فکیف یبقى منجزیته، والتشبیه بالشک السارى عجیب فانه اذا طرأ یوجب زوال التنجیز فى المقیس والمقیس علیه بلا فرق أصلا.
وملّخص الکلام فى المقامین أنّ التکلیف اذا تنجز بالعلم أو الحجة الأخرى کانت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة202 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مخالفته القطعیة موجبة لاستحقاق العقاب قطعًا ومخالفته الإحتمالیة موجبة لا ستحقاب العقاب احتمالا، فلا بد من تحصیل المؤمّن وهو فى المقامین لیس الاّ الاحتیاط وهو فى إعطاء الاکثر، فلو اعطى الاقل وکان الحرام هو الاکثر واقعاً، کان مالک الحلال مستحقّاً للعقاب لأنه قد خالف التکلیف المنجز بترک الاحتیاط فعلا وبعدم دفعه الى مالکه قبل عروض النسیان، فان النسیان المسبوق بالتقصیر لا یکون عذراً أبداً.
هذا کله فیما اذا کان المال بیده، وأمّا اذا لم تکن المال بیده وکان بید ثالث او لم یکن ید علیه أصلا، فاذا دار الامر بین الأقل والاکثر، فلا اشکال فى أنّ الأقل المتیقّن یعطى لمالکه والاکثر المتیقن یعطى لمالکه، فلو کان مجموع المال خمسة دراهم یعطى لمالک الاقل درهم واحد ولمالک الاکثر ثلاثة دارهم ویبقى درهم واحد فى البین فهل یرجع فیه الى قاعدة العدل والانصاف، فینصّف بینهما أو یرجع الى القرعة؟ فیه خلاف، وقد یقال بالصّلح جبراً.
واستدل للتنصیف بقاعدة العدل والإنصاف وان هذه القاعدة هى المرکوزة عند العقلاء فهى قاعدة عقلائیة، ولعلّ نکتتها أن فى التنصیف یکون وصول الحق الى صاحبه ولو بمقدار النصف، وهو أولى من إعطائه لأحدهما الذى یحتمل فیه حرمان المالک، وبعبارة أخرى العقلاء یرجّحون الموافقة القطعیة المقرونة بالمخالفة القطعیة على الموافقة الاحتمالیة المقرونة بالمخالفة الاحتمالیة، والروایات الدلة على التنصیف تکون إمضاء لهذه القاعدة:
منها صحیحة عبد الله بن المغیرة عن أبی عبد الله(علیه السلام) فى رجلین کان معهما در همان، فقال احدهما: الدرهمان لى، وقال الآخر: هما بینى وبینک. فقال: أمّا الذى قال: هما بینى وبینک، فقدأ قربأن احد الدرهمین لیس له، وانه لصاحبه وبقسّم الآخر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة203 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بینهما.(9)
ومنها موثقة اسحاق بن عمار المتقدمة(10)
ومنها موثقة غیاث بن ابراهیم عن ابی عبدالله(علیه السلام) المتقدمة(10)
ومنها معتبرة السکونى عن الصادق عن ابیه(علیهما السلام) فى رجل استودع رجلا دینارین فاستودعه آخر دیناراً، فضاع دینار منها، قال: یعطى صاحب الدینارین دیناراً ویقسّم الآخر بینهما نصفین.(11)
وانت ترى أنّ الامام(علیه السلام) حکم بالتنصیف فى موارد التدّاعى والودیعة وبما أنّ المورد لا خصوصیة له، فیحکم بالتنصیف فى کل مورد کان المال مردداً بین شخصین ففى المقام ایضاً لا بد من التّنصیف.
ولکن فى قبال هذه الروایات روایات اخرى تدل على القرعة:
منها صحیحة داود بن سرحان عن ابی عبد الله(علیه السلام)فى شاهدین شهدا على امر واحد، وجاء آخران فشهدا على غیر الّذى شهدا علیه (شهد الاّ ولان) واختلفوا قال: یقرع بینهم فأیّهم قرع علیه الیمین وهو اولى بالقضاء.(12)
ومنها صحیحة عبد الرحمان بن ابی عبد الله عن ابى عبدالله(علیه السلام) قال: (کان على(علیه السلام)اذا أتاه رجلان (یختصمان) بشهود عدلهم سواء وعددهم اقرع بینهم على أیّهما تصیر الیمین الحدیث)(12)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 204 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومنها حسنة محد بن حکیم عن ابی الحسن(علیه السلام) قال: سألت أبالحسن(علیه السلام)عن شیىء؟ فقال لى: کل مجهول ففیه القرعة، قلت له: ان القرعة تخطىء وتصیب، قال: کلّما حکم الله به فلیس بمخطئ.(13)
ومنها صحیحة أبی بصیر عن أبى جعفر(علیهما السلام) قال بعث رسول الله علیاً(علیهما السلام)الى الیمن، فقال له حین قدم: حدِّثنى باعجب ما ورد علیک، فقال: یا رسول الله أتانى قوم قد تبا یعوا جاریة، فوطأها جمیعهم فى طهر واحد، فولدت غلاماً، فاحتجوا فیه کلّهم یدّعیه، فاسهمت بینهم، فجعلته للذى خرج سهمه وضمنته نصیبهم، فقال رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم): لیس من قوم تقارعوا ثمّ فوّضوا أمرهم الى الله إلاّ خرج سهم المحقّ(14)
اذا عرفت ذلک فنقول: ان الاخبار الدالة على التنصیف وردت فى التّداعى والودعى، فنلتزم بالتنصیف فى مواردها، وأمّا الالتزام بالتنصیف فى جمیع موارد الإختلاط لأجل تلک النصوص، فمشکل لعدم وجود الاطلاق أو العموم فیها.
ودعوى أنها ممضیة للقاعدة المرکوزة فى الاذهان وهى قاعدة العدل والانصاف مدفوعة، بان القاعدة المذکورة لیست مرکوزة فى الأذهان عند العقلأ، بل المرکوز عندهم مع العلم بان المال لیس مشترکا بین الشخصین بل مختص باحدهما هى القرعة لاالتنصیف، فالا لتزام بالتنصیف فى مورد النصوص الخاصة انما هو للتّعبد.
فقاعدة العدل والانصاف بحسب الارتکاز مختصة فى المال المشترک بین فردین اذا لم یعلم أنّ سهم أحدهما اکثر من الأخر او مساوله او اقل منه.
واما مع العلم بعدم الاشتراک وعدم معرفة المالک تفصیلا فالمرتکز فى الاذهان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 205 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هى القرعة واخبارها إمضاء لما هو المرتکز فیها وبما أنها طریق الى الواقع فلا تکون مخالفة لقاعدة العدل والانصاف، بل مؤکدة لها فان العدل یقتضى وصول المال الى المالک والقرعة طریق الیه.
ان قیل: إنّ روایات القرعة واردة فى الأمور المشکلة المحیّرة والّتى لا طریق میسور للحلّ فیها کالمردّد بین أن یکون ذکراً او أنثى، وان یکون حّرا او عبداً او ابن هذا او ذاک، فلا تشمل مثل المال المردّد بین اثنین أو اکثر والذى یکون حلّه سهلا بالتراضى أو التقسیم او التنصیف، ولیس من المشکلات عرفاً.
قلنا: فیه اولا انّه لیس فى اخبار القرعة عنوان المشکل، بل فى بعضها عنوان المجهول کما فى حسنة محمد بن حکیم، وفى صحیحة ابی بصیر: (لیس من قوم تقارعوا ثمّ فوّضوا أمرهم الى الله إلاّ خرج سهم المحق)(15) فعنوان المشکل لم یؤخذ فى لسان الدلیل کما هو واضح لمن یراجع اخبار القرعة، فتعبیر الفقهأ بان الموضوع فى أخبار القرعة هو المشکل لا اصل له اصلا وان صدر عن جملة من الفقهاء.
وثانیا أن المورد فى جملة من أخبار القرعة وان کان ما ذکره الاّ أنه لا ینافى العموم المصّرح به فى حسنة محمد بن حکیم حیث قال: کل مجهول فیه القرعة، و الاطلاق فى صحیحة ابی بصیر کما عرفت.
وثالثا ان الموراد الکثیرة وردت فیها القرعة ولا تکون من الامور المشکلة المحیرة راجع الوسائل ج 18، ب 12 و 13، من أبواب کیفیة الحکم تجد صدق ما ادّعیناه ففى کل مورد من الشبهات الموضوعیة، قامت فیه أمارة أو جرى أصل من الاصول من الاستصحاب أو البرائة او الاحیتاط أو قاعدة الید فهو، والاّ فیکون من المجهول الذى فیه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة206 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القرعة، نعم اذا تصالحا بغیر القرعة لا مانع منه فأنّ باب الصلح واسع.
ومما ذکرنا ظهر بطلان ما قد یدّعى من أنّ ادلة القرعة لا یمکن العمل بها، ما لم یوافق علیها المشهور کالشاة الموطوئة المشتبهة فى قطیعة غنم والإنسان المشتبه بین الحر والعبد او بین انه ابن هذا او ذاک، وإلاّ لزم تأسیس فقه جدید.
وجه البطلان أن الموارد الّتى لم تجر فیها الأصول والقواعد ولم تقم فیها الأمارة، لیست بکثیرة، حتى یلزم تأسیس فقه جدید.
ورابعاً أنّ المستفاد من روایات القرعة أنها طریق لتشخیص الواقع ووصول المال الى مالکه، فمع امکان ذلک بالقرعة کیف یحکم بالتنصیف فى غیر ما قام الدلیل علیه به. فالنتیجة أنه لا دلیل على التعمیم فى قاعدة العدل والانصاف، ولا یمکن استفادته من النصوص الواردة فى التّداعى والودعى خاصة.
بخلاف النصوص الواردة فى القرعة،فانّ العام والمطلق فیها موجود، وتدلّ على أن القرعة طریق للوصول الى الواقع.
ثم إنّ صاحب الجواهر(قدس سره) حکى عن جماعة وجوب الصلح ولو اجباراً فیما اذا علم الصّاحب وجهل قدر المال، فالحاکم یجبرهما بالصّلح.
وفیه أنّ الإجبار بالصّلح لم یدلّ علیه دلیل إالاّ فیما اذا لم یرضیا بالقرعة ولا بالصّلح، فللحاکم إجبارهما بأحدهما لأجل فصل الخصومة.
فالمتحصّل أنّ الدّوران بین الأقل والاکثر ان کان مع العلم بمقدار من الطرفین وکان مقدار آخر مردّداً بین أن یکون لصاحب الأقل أو لصاحب الاکثر، یرجع فیه الى القرعة، ان لم یکن هناک تنازع وتحالف، والاّ ینصّف المشکوک بینهما.
وامّا اذا دار الأمر بین المتبانیین وکان أحدهما أکثر قیمة من الآخر کالشاة و الفرس فان کان الإستیلاء على الحرام عدواناً، فلابد من إعطاء الفرس لصاحب الحرام لان التکلیف منجّز، ولا یحصل الفراغ الیقینى الاّ به.
وإن لم یکن عدواناً بل کان الإختلاط بلا تقصیر منه، فلابدّ من الرّجوع الى القرعة لما عرفت من أنها لکل أمر مجهول.

1- الوسائل ج 6، ب 3، من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6 و 7، ص 344.

2- الوسائل ج 6، ب 10 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1،2،3، ص 352 و 353.

3- الوسائل ج 6، ب 10 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 4، ص 353.

4- الوسائل ج 17، ب 7 من ابواب اللقطة، حدیث 1، ص 357.
5- الوسائل ج 17 ب 7 من ابواب اللّقطة، حدیث 2، ص 357.
6- الوسائل ج 17، ب 5 من أبواب اللّقطة، حدیث 3، ص 355.

7- الوسائل ج 12، ب 47 من ابواب ما یکتسب به، حدیث 1، ص 144.

8- ص 208.

9- الوسائل ج 13، ب 9 من احکام الصلح، حدیث 1، ص 169.
10-ص 158.
11- الوسائل ج 13، ب 12 فى احکام الصلح، حدیث 1، ص 171.
12- الوسائل ج 18، ب 12 من ابواب کیفیة الحکم، حدیث 6، 5، ص 183.

13- الوسائل ج 18، ب 13 من أبواب کیفیة الحکم، حد یث 11، ص 189.
14- الوسائل ج 18، ب 13 من أبواب کیفیة الحکم، حدیث 6، ص 188.

15- الوسائل ج 18، ب 13 من ابواب کیفیة الحکم، حدیث 6، ص 188.

مساله 28 ص (207)

مساله 28 ص (207)

(مسألة 28) لا فرق فى وجوب اخراج الخمس وحلیة المال بعده بین ان یکون الإختلاط بالإشاعة(1) او بغیرها کما اذا اشتبه الحرام بین أفراد من جنسه أو من غیر جنسه.


(1) الاختلاط بالاشاعة کما اذا اختلط السّمن بالسّمن أو النّفط بالنّفط أو الماء بالماء وأمثالها ویلحق بها فى الحکم اختلاط الحنطة بالحنطه والشعیر بالشعیر والأرز بالأرز وأمثالها، فطریق التحلیل منحصر بالتخمیس.


والإختلاط بغیر الإشاعة کما اذا اختلط قطعة من الغنم بقطعة أخرى مثلا فانّ الحلال من الحرام متمیّز واقعاً، ولکنّ المالک لا یعرف کلا منهما من الآخر;


والوجه فیه هو اطلاق النصوص المشتملة بالتخمیس.


إن قلت اذا کان الحرام متمیزاً فى الواقع ولکن مالک الحلال لا یعرفه فهو مجهول عنده فلما ذا لایرجع فیه الى القرعة فانها لکل أمر مجهول.


قلت: اذا صدق علیه الحلال المختلط بالحرام، ولم یعرف صاحبه تشمله صحیحة عمار المتقدمة(1) فیخرج عن عموم کل مجهول فیه القرعة.

1- ص 148.

مساله 29 ص (207 - 208)

مساله 29 ص (207 - 208)

(مسألة 29) لا فرق فى کفایة اخراج الخمس فى حلّیة البقیة فى صورة الجهل بالمقدار والمالک، بین أن یعلم إجمالا زیادة مقدار الحرام اونقیصته(1) عن الخمس وبین صورة عدم العلم ولو اجمالا، ففى صورة العلم الاجمالى بزیادته عن الخمس ایضاً یکفى اخراج الخمس فانه مطّهر للمال تعّبداً وان کان الأحوط مع اخراج الخمس المصالحة مع الحاکم الشرعى ایضاً بما یرتفع به یقین الشغل، واجراء حکم مجهول المالک علیه وکذا فى صورة العلم الإجمالى بکونه انقص من الخمس. وأحوط من ذلک المصالحة معه بعد اخراج الخمس بما یحصل معه الیقین بعدم الزیادة(2)

(1) قد تقدم أنّ کفایة التخمیس فى فرض العلم بزیادة الحرام تفصیلا موهونة فکذا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 208 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اذا علم ذلک إجمالا فلو علم أن الحرام إما ثمانیة آلاف او سبعة آلاف والحلال الفان اوثلاثة آلاف؟ کیف یحکم بتحلیل الخمس للجمیع مع العلم بان الحرام اکثر من الخمس بکثیر.


وکذا الکلام فى العکس کما اذا علم ان الحلال سبع وتسعون او ثمان وتسعون والحرام الفان أو ثلاثة آلاف؟ فکیف یحکم بوجوب خمس الجمیع وهو عشرون الفاً.


فعلیه نقول: إن صحیحة عمار منصرفة عن صورة العلم بالمقدار اجمالا او تفصیلا فتختص بصورة الجهل بالمقدار، والحرام المعلوم مقداره لابدّ من أن یتصدّق به عن المالک، وفى المقدار المشکوک، یصالح مع الحاکم، وکذا الکلام فى معتبرة السکونى.


وبعبارة أخرى النصوص الدالة على التخمیس فى المال المختلط، ملقاة الى العرف والارتکاز العرفى قرینة على اختصاصها بعدم العلم، بمقدار الحرام لا تفصیلا ولا إجمالا.


(2) هذا الإحتیاط لا یترک إذا علم أن الحرام المعلوم بالاجمال، زائد على الخمس، وأمّا اذا کان أقل من الخمس فأخرج خمس المجموع، فلا یبقى وجه للاحتیاط أصلا.

مساله 30 ص (208 - 210)

مساله 30 ص (208 - 210)

(مسألة 30) اذا علم قدر المال ولم یعلم صاحبه بعینه لکن علم فى عدد محصور ففى وجوب التخلص من الجمیع ولو بارضائهم بأىّ وجه کان، او وجوب إجراء حکم مجهول المالک علیه، او استخراج المالک بالقرعة، أو توزیع ذلک المقدار علیهم بالسّویة وجوه، أقواها الأخیر.(1) وکذا اذا لم یعلم قدر المال وعلم صاحبه فى عدد محصور فانه بعد الأخذ بالأقل کما هو الأقوى(2) أو الاکثر کما هو الأحوط یجرى فیه الوجوه المذکورة.

(1) لا قوة فى ذلک لما تقدم من عدم تمامیة قاعدة العدل والإنصاف الاّ فى موارد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة209 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خاصة دلّ الدّلیل على التنصیف.
امّا وجه الأول فهو حکم العقل بوجوب الإحتیاط وتفریغ الذّمة لقوله(صلى الله علیه وآله وسلم): (على الید ما أخذت حتى تؤدى)(1) واختاره سیدنا الاستاذ المرحوم(قدس سره) وحاصل ما أفاده أنّ الضّرر إنما یتوجه الى المکلّف لأجل حکم العقل بالامتثال وتفریغ الذمة، وهذا الضرر غیر مرفوع بحدیث لاضرر فیجب على المکلّف ارضاء الجمیع ولو کان باعطائهم من کیسه، ولا مجال للقرعة لأنها لکل أمر مشکل وهو یرتفع بالاحتیاط ودلیل نفى الضرر یرفع حکم الشرع اذا کان ضرریّاً وهو لا یکون فى المقام ضرریّاً بل الضررى هو حکم العقل باحراز الامتثال.
وفیه أوّلا أن هذا الدلیل أخصّ من المدعى فانه لو تمّ انما یتمّ اذا کان الاستیلاء على مال الغیر عدواناً وغصباً، فانّ العقل یحکم بالخروج عن ضمانه باىّ وجه اتفق، والغاصب یؤخذ باشق الأحوال، واما اذا کان الاستیلاء علیه بلا ظلم وعدوان کما اذا سرق عشرة کیلوات من سمنه مع عشرة کیلوات من سمن غیره واختلط بفعل السارق ثم فرّ السارق وبقى عشرون کیلو فى مکانه فاستولى علیه أحد المالکین وکان المالک الآخر مردداً بین عشرین نفرا وعلم أنه أحد العشرین، فهل یحکم العقل باعطاء کل واحد من العشرین عشرة کیلوات سمن، کلاّ. فهنا یکفى القرعة بلا اشکال لأنها لکل امر مجهول.
وثانیاً لم یؤخذ عنوان المشکل فى شئ من نصوص القرعة، فما اشتهر من ان القرعة لکل امر مشکل لااصل له اصلا کما عرفت، وقد تقدم حسنة محمد بن حکیم الدالة على ان القرعة لکل شئ مجهول، فبما ان مالک الحرام مجهول تفصیلا ومعلوم بالاجمال بین عشرین نفراً لا مانع من تعیین المالک بالقرعة حتى فیما إذا کان الاستیلأ على مال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 210 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الغیر ظلماً وعدواناً فانها طریق لتشخیص المجهول شرعاً.


وثالثا أن مادل على ان المکلف ضامن لما اخذه ویجب علیه ردّه الى مالکه، هل له اطلاق یشمل صورة العلم الاجمالى بوجود المالک فى عدد محصور ام لا؟ فعلى الثانى لا یحکم العقل بوجوب ردّه الى مالکه لعدم اطلاق الدلیل، وعلى الأول یحکم العقل بذلک فعلیه یکون منشأ الضرر هو اطلاق الدّلیل فکیف یحکم بعدم شمول الدلیل لنفى الضرر، ذلک الضرر المتوجه الى مالک الحلال.


فالحاصل أن المالک یتعیّن بالقرعة، والأحوط أن یعطى له بقصد التصدّق عن المالک، فان کان هو المالک واقعاً فقد وصل المال الى مالکه ولا یضرّه قصد التصدّق وان کان غیر المالک، فقد وقع التصدّق عن المالک ووصل الیه ثوابه.


وقد ظهر مما ذکرنا أن اجراء حکم مجهول المالک علیه لا ینافیه بل یؤکدّه فانّ التصدّق تحقّق.


(2) قد عرفت ان مالک الحلال ان کان غاصباً لابد له من اعطاء الاکثر لأنّ التکلیف منجّز والإشتغال یقینىّ، والفراغ الیقینى لایحصل الاّ باعطاء الاکثر کما مرّ.

1- کنز العمال ج 5، ص 257، حدیث: 5197، مستدرک الوسائل ب 1، من کتاب الودیعة حدیث 12.

مساله 31 ص (210 - 212)

مساله 31 ص (210 - 212)

(مسألة 31)اذا کان حق الغیر فى ذمته لا فى عین ماله، فلا محل للخمس(1) وحینئذ فان علم جنسه ومقداره ولم یعلم صاحبه أصلا أو علم فى عدد غیر محصور تصدّق به عنه باذن الحاکم، أو یدفعه إلیه وان کان فى عدد محصور ففیه الوجوه المذکورة. والأقوى هنا أیضاً الأخیر (2) وان علم جنسه ولم یعلم مقداره بان تردد بین الأقل والاکثر، أخذ بالاقل المتیقن ودفعه الى مالکه ان کان معلوماً بعینه وان کان معلوماً فى عدد محصور فحکمه کما ذکر (3) وان کان معلوما فى غیر المحصور او لم یکن علم اجمالى ایضاً، تصدق به عن المالک باذن الحاکم او یدفعه الیه، وان لم یعلم جنسه وکان قیمیاً فحکمه کصورة العلم بالجنس اذ یرجع الى القیمة (4) ویتردد فیها بین الأقل والاکثروإن کان مثلیاً ففى وجوب الاحتیاط وعدمه وجهان(5).

(1) لأن الخمس إنمّا یتعلّق بالمختلط بالحرام وهو لایتصور فى الذمة لان الاختلاط من أوصاف الأعیان الخارجیة، ونصوص الباب ایضاً ناظرة الیها، ولا تشمل الذمة فان اشتغالها انما هو بالحرام.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 211 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولکنه یتمّ فیما اذا أتلف مال الغیر ابتداء، فانّه یشتغل به الّذمة.
وأمّا إذا اختلط، بالحلال ثم أتلفه مالک الحلال، فان قلنا بمقالة المحقق الهمدانى من ان خمس المختلط مطهر للمال تعبداً ولیس من سنخ بقیة الأخماس فالشریک لمالک الحلال هو مالک الحرام لا الإمام علیه السلام، فالذمة مشغولة بالحرام لا بالخمس.
وامّا اذا قلنا: إنّ خمس المختلط، هو الخمس الإصطلاحى کما یشهد به وحدة السّیاق فى النصوص کصحیحة عمار وغیرها، فبإتلاف المختلط ینتقل الخمس الى الذمّة کما ینتقل الیها باتلاف ما اخرجه من المعدن وهذا هو الاظهر کما اختاره السید الاستاذ الخوئى وشیخنا الاعظم الأنصارى (قدس سرهما) فلابد من إعطائه للامام أو نائبه.
(2) قد عرفت أنه لاقوة فیه بل الأقوى هو القرعة على التفصیل الذى تقدم.
(3) وهو التوزیع بین المحصورین کما اختاره، وقد عرفت ان التوزیع یصح فى خصوص المتنازعین والودعى لاختصاص الدلیل بهما، ولایمکن الالتزام به فى کل الموارد.
(4) کما اذا علم أنه أتلف حیوان الغیر ولا یعلم أنه کان شاة أو بقرة، و قد التزم بالانحلال والأخذ بما هو أقل قیمة.
وفیه أنه یتمّ فى غیر الغاصب، وأما الغاصب فهو یؤخذ باشق الأحوال فلابدّ له أن یدفع الى المالک أو إلى الفقیر ما هو الاکثر لأنّ التکلیف منجّز بالنسبة الیه، ولا یتیقّن بفراغ الذّمة إذا دفع الأقل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 212 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(5) کما لو دار الامر بین أن التالف هل هو الحنطة او الشعیر فالمالک یعلم باشتغال ذمته باحدهما وبما ان الأمر دائر بین ما هو اغلى قیمة وما هو ارخص؟ فالا وجه هو الاحتیاط بدفع ما هو أغلى قیمة، لأنّه موجب للفراغ الیقینى.


والوجه فى عدم الاحتیاط والاکتفاء بدفع الأرخص هو أن دفع هذا المقدار من المالیة واجب على کل تقدیر، والزائد مشکوک فیجرى فیه أصالة البرائة;


وفیه أن التکلیف اذا کان منجزاً فاحتماله مساوق لاحتمال العقاب فلا یجرى فیه أصل البرائة، نظیر الشبهات الحکمیة قبل الفحص عن الأدلّة فانها لیست مجرى للبرائة.


ولعلّ مراد المصنف من عدم ایجاب الاحتیاط هوالتنصیف لانه مبناه فى المال المردّد فینصّف الحنطة والشعیر.


ولکن الأظهر هو القرعة ان لم یکن تنازع فى البین وإلاّ فالتّنصیف کما تقدم.

مساله 32 ص (212 - 214)

مساله 32 ص (212 - 214)

(مسألة 32) الأمر فى اخراج هذالخمس الى المالک کما فى سائر اقسام الخمس فیجوز له الاخراج(1) والتعیین من غیر توقف على اذن الحاکم کما یجوز دفعه من مال آخر(2) وان کان الحق فى العین

(1) الوجه فى ذلک أن السّیرة القطعیة جاریة على أن المالکین یخرجون خمس اموالهم وکانوا فى عصر الحضور یسلّمونه للامام (ع) وبعده یسلمون الى نوابه، ووحدة السیاق فى النصوص المشتملة على خمس المال المختلط، ناطقة بان الخمس فى الاقسام محکوم بحکم واحد، فحکم خمس المال المختلط حکم خمس المعدن والغوص والکنز والغنیمة فاخراجه، لایحتاج الى اذن الحاکم، وان کان الاستیذان أولى واحوط.
(2) الدّفع من مال آخر لایبعد أن یکون مورداً للتّسالم بین الأصحاب، وان کان ظاهر آیة الخمس والنصوص الواردة فیه تعلقه بنفس العین.
وقد استدل لجواز الدفع من مال آخر بصحیحة البرقى قال: کتبت الى ابی جعفرالثانى(علیه السلام):

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة213 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هل یجوز أن أخرج عما یجب فى الحرث من الحنطة والشعیر وما یجب على الذهب دراهم قیمة ما یسوى ام لایجوز إلاّ ان یخرج عن کل شیئ ما فیه؟ فأجاب (علیه السلام): أیما تیّسر یخرج(1)


فانّ صدرها وان کان ظاهراً فى الزکاة، ولکن ما یجب فى الذهب مطلق یشمل الخمس والزّکاة معاً، فاذا جاز اخراج الدّرهم مکان الذهب، فکذا فى غیره بالاولویة.


على أن کلام الامام(علیه السلام) عام، یشمل غیر الدّرهم أیضاً، فانّ العبرة بعموم کلامه(علیه السلام)ویمکن أن یقال: إن سیرة المشترعه ایضاً قائمة على ذلک فى الخمس والزکاة.


وامّا لو نوقش فى عموم الصحیحة وقیل بإختصاصها بالزکاة، وفى السّیرة بانها غیر محرزة فنقول: لا اشکال فى جواز دفع النقود مکان العروض أصلا، وکذا لا اشکال فى جواز اخراج خمس کل مال من نفسه.


انما الاشکال فى جواز دفع العروض عن النقود أو عن عروض أخرى الاّ اذا کان لصالح الفقیر، فلو فرض ان الفقیر یحتاج الى اللباس بحیث لو دفع الیه النقود اشترى بها اللّباس لا مانع من اعطاء القماش الذى یحتاجه، بل قد یکون اعطاء نفس ما تعلّق به الخمس موجبا لمشقه الفقیر، کما اذا تعلّق الخمس بالحدید فانّ إعطاء خمسه من عینه یوجب المشقة علیه لاجل حمله وبیعه، فاعطاء الأرز أو الدّقیق أو السکرا والدهن مکانه أصلح للفقیر.


وعلى الجملة لابدّ من إعطاء النّقود أو نفس ما تعلّق به الخمس وان اراد اعطأ العروض عن عروض أخرى أو النقود، فلابد من ملاحظة صلاح الفقیر.

1- الوسائل ج 6، ب 9، من ابواب زکاة الغلات، حدیث 1، ص 131.

مساله 33 ص (214 - 215)

مساله 33 ص (214 - 215)

(مسألة 33) لو تبیّن المالک بعد اخراج الخمس فاالاقوى ضمانه(1)

ولکن الذى یهوّن الخطب أن الخمس مطلقا لابد أن یعطى بید الفقیه او باذنه فاذا اذن فى اعطاء العروض مکان العروض الاخرى لا اشکال فیه.
(1) وذلک بدعوى قوله: من أتلف مال الغیر فهو له ضامن. وعلى الید ما اخذت حتى تؤدّى.
ومادلّ على إخراج الخمس، یستفاد منه الحکم التکلیفى وهو جواز التصرف فى البقیة، بعد اخراج الخمس، وأمّا أنّ الضمان منتف فلا یستفاد منه.
وفیه أن المستفاد من روایات الخمس جواز التصرف فى البقیة وعدم الضمان.
منها معتبرة السکونى بطریق الصّدوق(قدس سره) عن ابی عبدالله(علیه السلام) قال: أتى رجل أمیرالمؤمنین(علیه السلام)فقال: إنى کسبتُ مالا أغمضت فى مطالبه حلالا وحراماً وقد أردتّ التّوبة ولا ادرى الحلال منه والحرام وقد اختلط علىّ، فقال أمیرالمؤمنین(علیه السلام): تصدق بخمس مالک فان الله (عزوجلّ) قد رضى من الانسان بالخمس، وسائر المال کلّه لک حلال.(1)
فان ذیلها ـ کما ترى ـ صریح فى حلّیة کل الباقى له، وهى ظاهرة فى عدم الضمان.
فان قلت: الحلّیة مع عدم ظهور المالک، لا تنافى الضمان مع ظهوره الا ترى ان صحیحة داود بن ابى یزید تدلّ على ما هو نظیر ذلک حیث قال فیها: فاذهب فاقسمه فى إخوانک، ولک الأمن مما خفت منه.(2)
فهى ظاهرة فى عدم الضمّان بعد التصدّق والتقسیم بین الإخوان ومع ذلک قد ورد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 215 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

کما هو کذلک فى التصدّق عن المالک فى مجهول المالک فعلیه غرامته له حتى فى النصف الذى دفعه الى الحاکم بعنوان انه للامام(ع)

النصّ على الضمان لو ظهر المالک وطلب المال وهو معتبر حفص بن غیاث قال: سألت أباعبدالله(علیه السلام)عن رجل من المسلمین او دعه رجل من اللّصوص دراهم أو متاعاً واللّص مسلم هل یردّ علیه؟ فقال: لا یردّه فان أمکنه أن یردّه على اصحابه فعل، والاّ کان فى یده بمنزلة اللّقطة یصیبها فیعّرفها حولا، فان أصاب صاحبها ردّها علیه، والاّ تصدّق بها، فان جاء طالبها بعد ذلک، خیّره بین الأجرو الغرم، فان إختار الأجر فله الاجر، وان اختار الغرم غرم له، وکان الأجر له.(3)


فکما أن الأمن من العقاب بعد تصدّق اللقطة، لا ینافى الضمان مع ظهور المالک ومطالبته، فکذلک حلّیة ما بقى من المال المختلط بالحرام بعد الخمس لا ینافى الضمان مع ظهور المالک ومطالبته.


قلت: لو ورد النص على ضمان مالک الحلال بعد التخمیس وظهور المالک ومطالبته، لالتزمنا بذلک، ولکن النصّ منتف فى المقام، واجراء حکم اللّقطة فى المقام قیاس، لیس من مذهبنا.


فالاظهر أنه لا دلیل على الضمان لو ظهر المالک وطالب ماله، بل معتبرة السکونى ظاهرة فى عدم الضمان.

1- الوسائل ج 6، ب 10 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 4، ص 353.
2- الوسائل ج 17، ب 7 من ابواب اللّقطة، حدیث 1، ص 357.
3-الوسائل ج 17، ب 18 من ابواب اللقطة، حدیث 1، ص 368.

مساله 34 ص (215 - 217)

مساله 34 ص (215 - 217)

(مسألة 34): لو علم بعد اخراج الخمس أنّ الحرام ازید من الخمس أو أقل، لا یستردّ الزائد على مقدار الحرام (1)

(1) وذلک لاطلاق النصوص الدالّة على تحلیل هذالمال بالتخمیس فبعده لا أثر لکون المدفوع اکثر من الحرام ، فان من له الولایة أعمل ولایته بایجاب التخمیس هذا أولا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 216 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فى الصّورة الثانیة، وهل یجب علیه التصدّق بما زاد على الخمس فى الصّورة الأولى اولا؟ وجهان(2) احوطهما الأوّل وأقواهما الثّانى.

وثانیاً أن ما دفعه المالک للامام(ع) أو السادة، کان قربة الى الله وما دفع کذلک، لا یسترجع کما دل علیه النصوص.(1)
(2) بل هنا وجوه ثلاثة (الاوّل) ما عن الشهید فى البیان من احتمال استدراک الصدقة فى الجمیع بالاسترجاع، فان لم یمکن أجزأ وتصدّق بالزائد.
(الثانى) ما قواه المصنف من الالتزام بعدم وجوب شیئ على المالک والاجتزاء بالتخمیس.
(الثالث) وجوب التصدّق بالزائد - کما اختاره سیدنا الاستاذ(قدس سره) قال فى مقام الاشکال على المصنف: (فان هذا ایضاً بعید عن سیاق الرّوایة ولا سیما روایة السکونى الّتى هى العمدة کما مر، اذا الموضوع فیها من لا یدرى الحلال من الحرام فالاجتزاء بالتخمیس خاص بصورة الجهل بالمقدار، ومراعى بعدم إنکشاف الخلاف، وأمّا من تبین له الحال، وعلم بالمقدار ووجود الحرام بعد التخمیس ایضا، فالنص منصرف عن مثله جزماً، لارتفاع الموضوع حنیئذ، وانقلابه بموضوع آخر، وعلیه فالاظهر هو الوجه الثالث).
وفیه أوّلا أنه مناف لما تقدم منه(قدس سره) عند ظهور المالک بعد التخمیس حیث نفى الضمان له قال فى وجهه: (فلظهور الأدلّة فى عدم الضمان بعد الأداء للتصریح فى روایة السکونى وغیرها بحلیة بقیة المال بعد التخمیس وان الباقى له الخ )
وثانیاً أنّ الحکم بضمان الزائد عن الخمس ووجوب دفعه بعنوان الخمس او الصدقة مخالف لعموم معتبرة السّکونى حیث قال فیها: وسائر المال کلّه لک حلال

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 217 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومقتضاه حلّیته له سواء انکشف الخلاف أم لا؟


ودعوى الانصراف لا وجه لها اصلا، والاّ فلابدّ من دعوى الانصراف عن فرض ظهور المالک ایضاً فیقال: الباقى لک حلال مادام لم یظهر المالک والاّ فلا بد من إرضائه فلا حلّیة للباقى الاّ عند الجهل بالمالک وبالمقدار أبداً.


والحاصل أن التفکیک بین ظهور المالک وظهور المقدار بعد التخمیس لا وجه له فان کان الباقى حلالا لمالک الحلال، ففى الموردین (کما هو الصحیح) وان لم یکن حلالا ففیهما; فالمراد من المعتبرة ان الباقى حلال سواء ظهر المالک بعد التخمیس ام لا و سواء انکشف الخلاف بعده ام لا، فعلیه الأقوى هو ما اختاره المصنف (قدس) من کفایة التخمیس وان إنکشف بعده ان الحرام کان رائداً على الخمس.


ومما ذکرنا ظهر ضعف ما فى الجواهر ایضاً، فانه بعد ما نقل عن البیان احتمال استدراک الصّدقة فى الجمیع بالاسترجاع، ونقل عن الکشف احتمال الاجتزأ بالسابق (اى التخمیس) قال: وهما معًا کما ترى أوّلهما مبنى على حرمة الصدقة على بنى هاشم، کما أن ثانیهما مستلزم لحلّیة معلوم الحرمة.


وجه الضعف ان الشارع حکم بتحلیل المختلط، بالخمس، حیث قال: (وسائر المال کلّه لک حلال) ألیس للشارع الولایة على ذلک؟

1- الوسائل ج 13، ب 11 من ابواب الوقوف والصدقات، ص 316.

مساله 35 ص (217 - 219)

مساله 35 ص (217 - 219)

(مسألة 35) لو کان الحرام المجهول ما لکه معینًا فخلّطه بالحلال لیحلّله بالتخمیس خوفاً من احتمال زیادته على الخمس فهل یجزیه إخراج الخمس(1) أو یبقى على حکم مجهول المالک، وجهان، والأقوى الثانى لانه کمعلوم المالک، حیث ان مالکه الفقراء قبل التخلیط.

(1) الاجتزاء باخراج الخمس مبنىّ على التمسّک باطلاق النّصوص الحاکمة بالتّخمیس فى المال المختلط.
وإبقاء حکم مجهول المالک، مبنىّ على عدم شمولها لذلک، بدعوى أن المقام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة218 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

کمعلوم المالک، ولذا قواه المصنف، لأجل أن مالکه الفقراء قبل التخلیط.
وعن الشیخ الانصارى(قدس سره)(أنه لو علم قدر الحرام أولا ثمّ تصرّف فیه وخلّطه مع ماله حتى نسیه، او علم عین الحرام فتصرّف فیه واشتبه فى ماله، فجهل قدره، فالظاهر أن حکمه حکم مجهول المالک، فیجب التصدّق لا الخمس لسبق الحکم به فلا یرتفع بحصول الاختلاط، لکن لا یبعد دعوى اطلاق الأخبار ولعلّه لذا قال فى کشف الغطاء: لو خلّط الحرام مع الحلال عمداً خوفاً من کثرة الحرام لیجتمع مع شرائط الخمس، فیجتزى باخراجه، فأخرجه، عصى بالفعل، وأجزأ الاخراج، وفیه نظر اذا المقدار الخلیط اذا حکم سابقاً بکونه للفقراء باعتبار تمیزه فیصیر کمعلوم المالک الخ).
وفیه أوّلا أنه لو کان ذلک مانعا عن التخمیس، لزم حمل مطلقات التخمیس فى المختلط على الفرد النّادر، فانّ الغالب هو العلم بالحرام مع تمیزه ومعرفة المالک کا الأموال المأخوذة بالرّبا والسّرقة والرّشوة والمعاملة الفاسدة، فالواجب الأوّلى هو الرّد الى مالکه المعلوم، فاذا نسى المالکین یجب التّصدّق عنهم واذا حصل الإختلاط یجب التخمیس فالواجب السابق لا یکون مانعاً عن اللاّحق مع تغیّر الموضوع.
وثانیا لو کان سبق وجوب التصدّق مانعاً عن التخمیس، لإستفصل الإمام(علیه السلام)عن أن التخلیط هل کان عمدیّاً أم لا؟ وعلى الأول یجب التصدّق عن المالک، وعلى الثانى یجب التخمیس، فترک الاستفصال والسکوت فى مقام البیان کاف فى وجوب تخمیس المختلط مطلقاً.
وثالثاً أن ما ذکره المصنف من أن مالکه الفقراء قبل التخلیط، ففیه أوّلا أن الفقراء قبل القبض لایکونون مالکین لمجهول المالک بل یکونون مصرفاً له.
وثانیاً أنه یناقض ما تقدم منه (فى مسألة 33) حیث قال هناک: لو تبیّن المالک فالمخرِج للخمس والتّصدّق ضامن له، فلو کان المالک هو الفقرأ فقد وصل الیه المال، فلما ذا یکون ضامناً؟

مساله 36 ص (219 - 222)

مساله 36 ص (219 - 222)

(مسألة 36) لو کان الحلال الّذى فى المختلط ممّاتعلّق به الخمس، وجب علیه بعد التخمیس للتّحلیل; خمس آخر للمال الحلال الّذى فیه(1)


(1) لو کان المختلط بالحرام مالا مخمّساً، أو المال الّذى لا خمس فیه کالمیراث، فالأمر واضح، فانّه یطهّر بالخمس الواحد;
وامّا ان کان المال الّذى تعلّق به الخمس بعنوان آخر، کالمعدن والکنز والغنیمة والغوص والأرباح، فهل یحتاج الى التخمیسین أو یکفى خمس واحد؟ قد یقال: بالثانى لقوله(علیه السلام) فى معتبرة السکونى المتقدمة: وسائر المال کلّه لک حلال.
وفیه أنّ المعتبرة لا تکون فى مقام البیان إلاّ من جهة الإختلاط ولا تکون فى مقام البیان من جهة انطباق عنوان آخر علیه، کما فى قوله تعالى: کلوا مما أمسکن، فانه ناظر الى حلّیّة الصّید مع عدم الذّبح الشرعى، ولا یکون فى مقام البیان من جهة الطّهارة والنجاسة بالنسبة الى رطوبة فمّ الکلب المعّلم فلا یصح التمسک بالاطلاق والحکم بطهارة تلک الرّطوبة لعدم کونه فى مقام البیان من هذه الجهة.
فعلیه لابّد فى المقام من التّخمیس مرّتین عملا بإطلاق الّدلیلین مرة من جهة الاختلاط واخرى من جهة الأرباح مثلا، وانّما الکلام فى المتقدم منهما والمتأخر، فقد ذکر الماتن(قدس سره) أنه یخمس تمام المال أولا للتحلیل من أجل الإختلاط بالحرام، ثمّ بعدئذ یخمس مرة اخرى للمال الحلال الذى فیه بعنوان الارباح مثلا.

واستشکل علیه سیدنا الاستاذ(قدس سره) (بانه غیر ظاهر ضرورة ان الخمس بعنوان الاختلاط حسب ما یستفاد من الأدلة خاص بالمال المخلوط فیه الحلال بالحرام فموضوعه المال المؤلّف من هذین الصنفین فبعضه له وبعضه حرام لا یعرف صاحبه، وامّا المشتمل على صنف ثالث بحیث لا یکون له ولا یکون من المال الحرام الّذى لا یعرف صاحبه فهو غیر مشمول لتلک الأدلّة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة220 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومقامنا من هذا القبیل، اذ بعد کون حصّته من هذا المجموع متعلّقة للخمس کما هو المفروض، فهو یعلم أن مقداراً من هذا المال المختلط ـ اعنى الخمس من حصّته ـ لا له ولا من المال الحرام بل هو ملک للسّادة والامام. وعلیه فلابدّ من اخراجه واستثنائه أوّلا لیتمحّض المال فى کونه حلالا مخلوطاً بالحرام، ثمّ یخمّس بعدئذ للتحلیل وبعنوان الاختلاط.
فالنتیجه أن التخمیس بعنوان الأرباح مثلا مقدم على التخمیس من ناحیة الاختلاط عکس ما ذکره فى المتن ولا شکّ ان بین الکیفیتین فرقاً واضحاً یستتبع ثمرةً عملیّةً.
فمثلا اذا فرضنا ان مجموع المال خمسة وسبعون دینارا ـ کما ذکرناه فى المنهاج فعلى طریقة الماتن یخرج أولا خمس المجموع للتحلیل فیبقى ستّون ثم یخرج خمس الأرباح فیبقى له ثمانیة وأربعون دیناراً.
وأمّا على طریقتنا فیخرج خمس المتیّقن کونه من المال الحلال أولا فلنفرض أنه خمسون فیخرج خمسه للارباح وهى عشرة فتبقى خمسة وستون ثم یخرج خمس هذا المجموع بعنوان الاختلاط وهو ثلاثة عشر، فتبقى له من مجموع المال اثنان وخمسون دیناراً، فتختلف عن الطّریقة الأولى بأربعة دنانیر.)
فیه أولا أنه لا دلیل على تقدیم تخمیس الحلال ولا على الأخذ بالقدر المتیقن بل الأمر بالعکس، فان الحلال مخلوط بالحرام على الفرض، والحکم الاوّلى فیه هو وجوب التخمیس، ومالک الحلال هو مالک لکل المال الاّ خمس التحلیل، وأمّا خمس الأرباح فهو فى طول الملک، وهو لا یمنع من خمس التحلیل.
وبعبارة أخرى الربح المختلط بالحرام یصدق علیه الحلال الختلط بالحرام فتشمله صحیحة عمّار فیجب تخمیسه للتحلیل أولا، ثم یخمسّ للّربح، فالربح لا یصدق على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة221 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المختلط قبل التخمیس للتحلیل، فکیف یقدم خمس الربح على تخمیس المختلط.
وأما کون الحلال مشترکاً بین المالک وارباب الخمس فلا یمنع عن صدق الحلال المختلط بالحرام أصلا، لعدم الدّلیل على اعتبار وحدة مالک الحلال.
على أنه إن قلنا بأنّ الخمس یتعلقّ بالملک وفى طوله یکون مالک الحلال واحداً ولکن العمدة هى ان اشتراک الاثنین أو ثلاثة فى الحلال لا یمنع عن صدق الاختلاط بالحرام فى المجموع ووجوب تخمیسه للتحلیل.
فقد اتّضح أن الواجب الأوّل هو التخمیس للتحلیل والثانى هو تخمیس الربح اذا حال الحول ووصل رأس السنة، وان کان المختلط هو المعدن وأمثاله فاللازم ایضاً هو التّخمیس للتّحلیل أوّلا وتخمیس المعدن ثانیاً.
وقد یستشکل على ذلک بأن التخمیس على هذا النحو یستلزم تخمیس خمس الأرباح ایضاً وهذا مشکل، فان الخمس ملک للامام(علیه السلام)، فکیف یتعلّق به الخمس.
وفیه أنّ وجوب تخمیس المختلط أمرٌ تعبّدى، فنلتزم به بلا فرق بین أن یکون الحلال ملکاً شخصیّا لمالک الحلال أو مشاعاً وبین غیره ولو کان الامام(علیه السلام)
أضف الى ذلک أن تخمیس المختلط بمنزلة افراز الحرام، فلا یستلزم تخمیس خمس الأرباح الحلال.
على أن تخمیس الحلال فى طول الملک، فیصدق أن الحرام اختلط بما له کما عرفت.
نعم لو جمع الحاکم الخمس فى مکان فاختلط بالحرام بحیث لا یعرف مالکه ولا مقداره، لا حاجة الى تخمیسه، لأنّ مصرف هذا الخمس مع غیره واحد.
وقد یتخّیل أن المال اذا کان متعلّقًا لخمسین، فلابدّ من ان یخرج الخمسان فى عرض واحد، فیقسّم المال خمسة اخماس، فیعطى الخمسان للامام(ع) ویأخذ المالک ثلاثة أخماس.
ولکنّه فاسد لأنه على هذا یلزم أن یخمس خمس التحلیل ایضاً بخمس الارباح وهو مما یقطع بعدم وجوبه، فلو کان المختلط خمسة وعشرین دینارا، یخرج أولا خمس التحلیل خمسة دنانیر فیبقى الربح الحلال عشرین دینارا وخمسه أربعة دنانیر وعلى الفرض المتقدم کان خمسه خمسة دنانیر، والدینار الزائد کان خمس خمس التحلیل مع أنه لا یکون متعلّقا للخمس جزماً فتأمل جیداً.

مساله 37 ص (222 - 223)

مساله 37 ص (222 - 223)

(مسألة 37) لو کان الحرام المختلط فى الحلال من الخمس او الزکاة او الوقف الخاص او العام فهو کمعلوم المالک(1) على الاقوى فلا یجزیه إخراج الخمس حنیئذ


(1) اذا النّصوص الحاکمة بالتخمیس فى المختلط بالحرام اذا لم یعرف صاحبه، ظاهرة فى الحرام الذى له مالک شخصىّ ولم یعرف.
وأمّا إذا لم یکن له مالک شخصى وکان له مالک کلّى وللحاکم ولایة علیه فلا تشمله وحکمه هو المراجعة للحاکم الشرعى وهو المتّبع سواء أمر بالتخمیس أو صالح مع مالک الحلال; فلیس له التخمیس بلا مراجعته.
ولکن سیدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره) عمّم المالک بالشخصى والکلّى قال: (اذ لا فرق فى المالک المعلوم الذى یجب ایصال المال إلیه بین المالک الشخصى والکّلى کما فى هذه الموارد، فلا بدّ فى إصلاح المال حینئذ من مراجعة الحاکم الشرعى الذى له الولایة على الکلى والتراضى معه بما یتّفقان علیه ولا یجزى اخراج الخمس لانصراف نصوص الإختلاط عن مثل الفرض، اذا لموضوع فیها الخلط بما لا یعرف صاحبه الشخصى او الکلى، لا ما یعرف صاحبه کذلک کما لا یخفى).
وفیه أنّ ما أفاده خلاف الظاهر فأنّها ظاهرة فى عدم معرفة مالکه الشخصى، والاّ فالمالک الکلى یعرف فى جمیع موارد الاختلاط، وهو ولىّ الأمر، کما تدلّ على ذلک

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة223 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صحیحة داود بن أبى یزید المتقدمة(1) حیث قال الامام(علیه السلام): (والله ما له صاحب غیرى).


فلو أعتبر فى تخمیس المختلط عدم معرفة المالک ولو بالعنوان الکّلى، لم یبق مورد للتخّمیس ، لأنّ ولىّ الأمر یعرف فى کل المورد، فکما یکون ولىّ الأمر فى موارد الأخماس والزکوات والأوقاف هو المآل والملجأ فکذا فى مجهول المالک.


وعن کشف الغطاء (ولو کان الاختلاط من أخماس أو زکاة، فیحتمل أن یکون کمعلوم الصّاحب وأن یکون کالسابق وهو أقوى، ولو کان مع الأوقاف، فهو کمعلوم الصّاحب فى وجه قوى).


وفیه أولا أنک قد عرفت أن الظّاهر من النّصوص الحاکمة بتخمیس المختلط بالحرام اذا لم یعرف صاحبه، هو الصاحب الشخصى، فلا تشمل ما اذا اختلط الحلال بالخمس والزکاة والأوقاف، فان طریق التخلص هو المراجعة الى الحاکم لا التخمیس فالفرق بینهما غیر ظاهر، فکما أن ولى الأمر له ولایة بالنسبة الى الأخماس والّزکوات فکذلک بالنسبة الى الأوقاف.


وثانیاً قد جرت السّیرة العملیة على التصالح مع الحاکم فى الاخماس والزکوات المختلطة، ولم یعهد من أحد تخمیسها لأجل الإختلاط بالحرام، فمنه یعلم أن هذا القسم من الاختلاط لا یکون موجباً للتخمیس.

1- ص 208، الوسائل ج 17، ب 7 من ابواب اللّقطة، حدیث 1، ص 357.

مساله 38 ص (223 - 224)

مساله 38 ص (223 - 224)

(مسألة 38) اذا تصرّف فى المال المختلط قبل اخراج الخمس با لأتلاف، لم یسقط وإن صارا لحرام فى ذمته(1)

(1) وذلک لما تقدم من أنّ تعلّق الخمس بالمختلط، کتعلّقه بغیره من المعدن والکنز والغوص وغیرها، فکما لو أتلفها قبل التخمیس اشتغلت الذّمة به، فکذا فى المختلط.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 224 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فلا یجرى علیه حکم ردّ المظالم على الأقوى وحینئذ فان عرف قدر المال المختلط، اشتغلت ذمّته، بمقدار خمسه، وان لم یعرفه ففى وجوب دفع ما یتیقّن معه بالبرائة أو جواز الاقتصار على ما یرتفع به یقین الشغل وجهان: الاحوط الأول والاقوى الثانى(1)

(1) هذا یصحّ فیما اذا لم یکن الاستیلاء على الحرام واتلاف المختلط بتقصیر من مالک الحلال، کما اذا زعم أنه ماله فأخلطه بما له الأخر وأتلفه، ثمّ علم أنّه کان للغیر.


واما اذا کان ذلک عدواناً، فبما أنه غاصب یؤخذ باشق الاحوال والتکلیف منجّز وهو بوجوده الواقعى موجب لا ستحقاق العقاب، فلو کان اشتغال الذّمة فى الواقع بالاکثر، ودفع الأقل، یبقى استحقاق العقاب لعدم جریان اصل مؤمّن منه فانّ التکلیف إذا کان منجزاً کان إحتماله موجباً للاحتیاط، وأصالة البرائة بالنسبة الى الاکثر غیر جاریة کما لا تجرى فى الشبهات الحکمیة قبل الفحص حیث إنّ إحتمال التکلیف کاف فى لزوم الاحتیاط.

مساله 39 ص (224 - 225)

مساله 39 ص (224 - 225)

(مسألة 39) اذا تصّرف فى المختلط قبل اخراج خمسه ضمنه کما اذا باعه مثلا(1) فیجوز لولى الخمس الرّجوع علیه، کما یجوز له الرّجوع على من انتقل الیه، ویجوز للحاکم أن یمضى معاملته، فیأخذ مقدار الخمس من العوض، اذا باعه بالمساوى قیمة او بالزیادة، وأمّا إذا باعه بأقل من قیمته، فإمضائه، خلاف المصلحة، نعم لو إقتضت المصلحة ذلک، فلا بأس.

 

(1) حیث إنّ خمس المال المختلط، لم یکن ملکاً للمتصرف، کان التصرّف موجباً للضمان، والبیع بالنسبة الیه فضولى، فان اختار الحاکم الرّد، یحکم بفساد البیع، وجاز له الرجوع على کل من البایع والمشترى، فان المشترى ایضاً ضامن، على ما هو المقرّر فى تعاقب الأیدى، فان کان جاهلا یرجع الى البایع، فیکون قرار الضّمان علیه.
وإن إختار الإمضاء أخذ خمس العوض فیما لو باعه بالمساوى أى ثمن المثل أو بالزیادة، وامّا لو باعه بأقلّ من ثمن المثل، فلیس له الامضأ لأنه على خلاف المصلحة، الاّ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة225 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اذ اقتضاه المصلحة من ناحیة أخرى، فیجوز، هذا ما تقتضیه القاعدة.
ولکنّ هنا نصوصاً دلّت على صحة المعاملة ان کان المشترى مؤمناً، والعمدة فیها صحیحتان إحدیهما صحیحة أبی خدیجة عن أبی عبدالله(علیه السلام)(قال: قال رجل وأنا حاضر: حلّل لى الفروج، ففزع ابو عبدالله(علیه السلام)، فقال له رجل : لیس یسئلک ان یعترض الطریق، انما یسألک خادماً یشتریها او إمرأة یتزوّجها او میراثا یصیبه او تجارة او شیئًا أعطیه، فقال: هذا لشیعتنا حلال الشاهد منهم والغائب والمیت منهم والحى وما یولد منهم الى یوم القیامة، فهو لهم حلال أما والله لا یحلّ الالمن أحللنا له، الحدیث)(1)
الثانیة صحیحة رواها الصدوق بطریقه عن یونس بن یعقوب (قال: کنت عند أبى عبدالله(علیه السلام) فدخل علیه رجل من القمّا طین فقال: جعلت فداک تقع فى أیدینا الاموال والارباح وتجارات، نعلم ان حقک فیها ثابت، وإنّا عن ذلک مقصّرون، فقال أبو عبدالله(علیه السلام): ما أنصفناکم إن کلّفناکم ذلک الیوم.(2)
وهاتان الصّحیحتان تدلاّن على أن ما انتقل الى الشیعة بالبیع او المیراث أو غیرهما مما کان متعلقاً لحق الإمام(علیه السلام) محلّل لهم، ومقتضى الإطلاق عدم الفرق بین ان یکون من انتقل عنه المال شیعیّاً لا یبالى بالخمس أو مخالفاً او کافراً فعلیه لاحاجة فى صحّة المعالمة الى إمضاء الحاکم الشرعى لها بل هى ممضاة من قبل الإمام(علیه السلام) وتفصیل الکلام یأتى فى محله انشاءالله.

1- (2) الوسائل ج 6، ب 4 من أبواب الأنفال، حدیث 4 و 6 ص 379 و 380.

ما اشتراه الذمى ص 229 - 240)

ما اشتراه الذمى ص 229 - 240)

(السادس) الأرض التى اشتراها الذّمى من المسلم(1)

(1) حکى هذا عن إبنى حمزة وزهرة ونسب الى المشهور بین المتأخرین وعن المحقق فى المعتبر نسبته الى الشیخ المفید والطوسى ومن تابعهما، وعن العلامة فى التذکرة والمنتهى نسبته الى علمائنا، بل عن الغنیة دعوى الاجماع علیه;
وعمدة ما استدل على هذا صحیحة أبی عبیدة الحذّأ (قال: سمعت أبا جعفر(علیهما السلام) یقول: أیّما ذمّى اشترى من مسلم أرضًا، فإنّ علیه الخمس.(1)
وتؤیّدها مرسلة الشیخ المفید(قدس سره) فى المقنعة عن الصّادق (علیه السلام) (قال:الذّمى اذا اشترى من المسلم الأرض فعلیه فیها الخمس)(1)
قلت: أمّا دعوى الإجماع، ففیها أوّلا أنها موهونة لعدم تحققه عند القدماء، بل عن إبن أبی عقیل وإبن الجنید والمفید وسلاّر والحلبى عدم ذکرهم له، وظاهرهم العدم.
وثانیاً لو تنزلنا عن ذلک، فهو لیس إجماعًا تعبدیًا، حیث أن مدرکه هى صحیحة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 230 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الحذّاء، فلو نا قشنا فى دلالتها، لَما یبقى دلیل على وجوب الخمس فى رقبة الأرض.
وثالثًا إنّ الشیخ من القدماء ویظهر من عبارته فى الخلاف عدم الخمس فى رقبة الأرض بل یظهر منها أن الخمس فى حاصلها، قال فى (مسألة 84) من الزکاة: (اذا اشترى الذمّى أرضًا عشریة وجب علیه فیها الخمس، وبه قال أبو یوسف، فانه قال: (علیه فیها عشران، وقال محمد: علیه عشر واحد وقال أبو حنیفة: تنقلب خراجیة، وقال الشّافعى: لا عشر علیه ولاخراج; دلیلنا إجماع الفرقة، فانّهم لا یختلفون فى هذه المسألة، وهى مسطورة لهم، منصوص علیها، روى ذلک ابوعبیدة الحذّاء)
فان کلامه(علیه السلام) کالصریح فى أن الخمس فى حاصل الأرض لا فى رقبتها حیث قال: وبه قال أبو یوسف الخ فان أبا یوسف، لا یقول بعشرین فى رقبة الأرض، بل فى حاصلها، والعشران هو الخمس;
فالشیخ(قدس سره) إستفاد من صحیحة الحذّاء، أنّ الخمس فى حاصل الأرض المشتراة من مسلم لا فى رقبتها.
والتّعبیر بالخمس فى هذه الصّحیحة، نظیر التعبیر بالعشر فى صحیحة إبن أبی نصر، قال: ذکرت لأبى الحسن الرضأ الخراج وما سار به اهل بیته؟ فقال: العشر ونصف العشر على من أسلم فیما عمّر منها (الحدیث).(2)
فکما انّ المراد من العشر ونصف العشر لا یکون الاّ عشر الزّرع الحاصل من الارض فکذلک الخمس فى صحیحة الحذاء، یکون المراد منه خمس الحاصل لا خمس رقبة الارض.
والّذى یدلّنا على ذلک (مضافا الى ما تقدم) صحیحة محمد بن مسلم الّتى رواها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة231 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المشایخ الثلالثة وعلى بن ابراهیم فى تفسیره (قال: قلت لأبی عبدالله(علیه السلام): أرأیت ما یأخذ هؤلاء من هذا الخمس من أرض الجزیة ویأخذ من الدّهاقین جزیة رؤسهم أما علیهم فى ذلک شیئ موظّف؟ فقال: کان علیهم ما أجازوا على أنفسهم ولیس للامام(ع) أکثر من الجزیة ان شاء الإمام وضع ذلک على رؤوسهم ولیس على أموالهم شئ وإن شاء فعلى أموالهم ولیس على رؤوسهم شیئ فقلت: فهذاالخمس فقال: إنما هذا شئ کان صالحهم علیه رسول الله)(صلى الله علیه وآله وسلم)(3)
وأنت ترى أن هذالخمس المذکور فیها لیس إلاّ الخمس على حاصل الأرض وکان أخذه متعارفاً معهوداً بین الناس، حیث قال محمد بن مسلم: (أرئیت ما یأخذ هؤلاء من هذالخمس، فهذالخمس هو خمس الحاصل من سنخ الجزیة لا الخمس الواجب فى الغنائم والمعدن والأرباح وغیرها على المسلمین.
ویؤکّد ذلک عدم ذکر هذالخمس فى الروایات المشتملة على الخمس بل لم یذکر هذالخمس الاّ فى صحیحة الحذّاء ومرسلة المفید، حیث ورد فیها (فانّ علیه فیها الخمس).
وهذه المرسلة وإن قیل: کانت ظاهرة فى وجوب الخمس على نفس الارض الا أنها تحتمل احتمالا عقلائیاً ان یکون المراد الخمس فى حاصلها ونتاجها لافى نفسها کما لوقیل: (إنّ علیه فیها العشر) فانّ هذه الجملة ظاهرة فى أن العشر فى الحاصل والنتاج لا فى نفسها.
فألى حدّ الآن لم یقم دلیل على وجوب الخمس فى نفس الارض ورقبتها، اذا اشتراها الذّمى من مسلم، فعلیه یجب على الذّمى خمس الحاصل والنتاج، وهو محکوم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 232 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سواء کانت ارض مزرع أو مسکن أو دکان أو خان أو غیرها(1) فیجب فیها الخمس

بحکم الزکاة والجزیة، ومصرفه مصرفهما، فیجب على الذّمى ذلک فى کل سنة بخلاف الخمس على ما هو المشهور بین المتأخرین فانه یجب فى رقبة الأرض فى السنة الأولى لافى کل سنة.
ومن المظنون قویّاً أن الخمس المذکور فى صحیحة الحذاء لو عبرّ عنه (عشران) لم یستظهر أحد من الفقهاء عنها وجوب الخمس فى رقبتها بل کانت ظاهرة فى أن العشرین فى حاصلها لافى رقبتها مع أنّ العشرین هو الخمس، وحیث أن الخمس ظاهر فى خمس الذات بقرینة بقیة الموارد، استظهروا منه ذلک فى الأرض ایضاً، مع ان المراد منه هو العشران فى الحاصل لافى الذات والرقبة کما عرفت.
(1) هذا مبنى على ما اختاره من تعلّق الخمس على رقبة الأرض، وأمّا بناء على المختار من وجوب الخمس على الحاصل والنّاتج، فیختص بأرض الزراعة.
والقائلون بمقالة المشهور إختلفوا على ثلاثة أقوال: الأول ما عن الاکثر من أن الخمس واجب فیما اذا کانت المشتراة هى أرض الزراعة لاغیرها.
الثانى ما اختاره الماتن وجملة من الأعلام تبعاً لصاحب الجواهر من عموم الحکم لمطلق الأرض والعقار الذى یشتریه الذّمى من مسلم سواء کان مستقلا أو تبعاً.
الثالث ما عن الفقیه الهمدانى وتبعه جملة من محشّى العروة من التفصیل بین الأرض المشتراة تبعا للدار والدکان مثلا، فلا خمس فیها، والأرض المشتراة بالإصالة، ففیها الخمس وان کان علیها البنأ، کما إذا اشترى کلا من أرض الدار وبنائها على حیاله واستقلاله، فیتعلّق الخمس فى الأرض لا البناء.
واستدل للقول الأول بان الظاهر من صحیحة الحذّاء هو شراء الارض خالیة من البناء مطلقا، فتکون ظاهرة فى الأرض الزراعیة.
ویشهد لذلک ما ورد فى باب الزکاة من أن فى الارض العشر او نصف العشر، فکما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة233 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومصرفه مصرف غیره من الأقسام على الأصح (1)

انهما لا یکونان الاّ فى الأرض فکذالمقام ولا یحتمل ان المراد منها مطلق الارض ولو کانت أرض الدار والبستان او الدکان.
وفیه أنه یؤیّد ما ذکرنا من ان المراد من الخمس هو خمس الحاصل و النتیجة، لاخمس رقبة الارض، فکما أنّ العشر ونصف العشر لا یکون الا فى الحاصل والناتج فکذالخمس.
ولکن لو تنزّلنا عن ذلک وقلنا بتعلّق الخمس برقبة الأرض فالملاک فى الوجوب هو شراء الذّمى للأرض من مسلم بلا فرق بین أرض الزّراعة و الدّار والدکان والبستان و بلا فرق بین الشراء الاستقلالى والتبعى، فعلیه صحّ ما أفاده الماتن من التعمیم.
وأمّا القول الثالث فهو مبنى على أن المأخوذ فى لسان الصحیحة هو شراء الأرض، وهو لا یصدق الاّ على ما اذا کان الشراء استقلالا لا تبعاً فلو اشترى داراً أو دکانا أو بستاناً لا یصدق علیه شراء الأرض، فلا تشمله صحیحة الحذاء فلا یجب الخمس، وأمّا اذا اشترى أرض الدّار وبنائها بحیث کان کل منهما مقصوداً بالاصالة، وجب الخمس فى أرضها وهذا القول إختاره جماعة من محشى العروة منهم الامام الخمینى(قدس سره).
وفیه أنّ صدق الشراء لا یتوقّف على الشراء الاستقلالى، بل یصدق على الشراء التّبعى بلا اشکال، فان من اشترى داراً او دکاناً او بستاناً یصدق علیه أنه اشترى ارضها بلا عنایة، فلو کان المشترى ذمیاً یجب علیه تخمیس أراضیها و هذا واضح لاسترة علیه.
(1) هذا مبنى على أن وجوب الخمس على الذّمى لأجل شراء الأرض أمر تعبّدى، وعن الشیخ الاعظم الانصارى(قدس سره) نفى الاشکال فیه، کما هو ظاهر الأصحاب; وأمّا على ما قویناه من أن الخمس هنا عوض عن العشر الذى کان على بایع المسلم مع الضّریبة الزائدة على الذّمى وهى العشر الآخر، فهو فى حکم الزکاة والجزیة، فلیس مصرفه مصرف الخمس، بل یرجع الى بیت المال وولایته على الحاکم، فیصرفه فى مصالح المسلمین.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 234 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفى وجوبه فى المنتقل الیه من المسلم بغیر شراء من المعاوضات اشکال(1) فالأحوط اشتراط مقدار الخمس علیه فى عقد المعاوضة(2) وان کان القول بوجوبه فى مطلق المعاوضات لا یخلو عن قوة(3)

(1) عن الشیخ الأعظم فى کتاب الخمس أنه قال: (هل الحکم المذکور یختص بالشراء، کما هو ظاهر المشهور، اویعمّ مطلق المعاوضة کما اختاره کاشف الغطأ أو مطلق الانتقال ولو کان مجاناً، کما هو ظاهر الشّهیدین؟ فیه اشکال، من اختصاص النّص والفتوى بالشراء، ومن عمومه عرفاً لسائر المعاوضات، ومن أنّ المناط هو الانتقال).
قلت: الظاهر ان العرف لا یرى خصوصیة فى الشّراء، فلو انتقل الأرض من مسلم إلى ذّمى بأىّ وجه کان یجب علیه الخمس ـ کما هو ظاهر الشهیدینَ والتعبیر بالشراء فى النص یحمل على الغالب، فان الانتقال الیه فى الغالب انما یکون بالشراء، والانتقال بالهبة والصلح ونحوه یکون نادراً.
والمقام نظیر بیع المصحف والعبد المسلم من الکافر، فانه اذا کان حراماً فمطلق الانتقال الیه حرام.
(2) فبناء على ما ذکره المنصف، یقول المالک المسلم مخاطباً للذمّى: صالحتک هذه الارض بالسیّارة الّتى ترکبها بشرط أن تدفع خمسها الى الحاکم الاسلامى، فلو قال الذمى: قبلت هذه المصالحة، وجب علیه ان یدفع خمسها الیه وکذا لو قال: وهبت لک هذه الأرض بشرط أن تهب لى سیّارتک و تعطى خمس الأرض، للحاکم الاسلامى، فیقول الذّمى: قبلت مع هذا الشرّط.
(3) لما عرفت من أنّ الملاک هو تملّک الذمّى لأرض المسلم وانتقالها الیه کما عن الشهیدین; وهذا على ما قویّناه من تعلّق الخمس بالنّتاج والحاصل واضح; وأما على ما اختاره المصنف من تعلّقه برقبة الأرض تعّبداً، فیتوقّف على أن الشراء المأخوذ فى صحیحة الحذّاء لا موضوعیة له بل طریق الى تملّک الذمّى للأرض بأىّ معاوضة کانت،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة235 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وإنمّا یتعلق الخمس برقبة الأرض دون البناء والأشجار والنخیل اذا کانت فیها(1) ویتخیّر الذمّى بین دفع الخمس من عینها أو قیمتها(2)

فالمستفاد منها عموم المعاوضة، کما عن کاشف الغطاء(قدس سره).
قلت لو استفاد العرف من الصّحیحة أن الشراء لا موضوعیة له بل ذکر لأجل أن الانتقال فى الغالب انما یکون به، فلابد من الالتزام بأنّ مطلق الانتقال الى الذمّى یوجب الخمس، لا خصوص المعاوضة لأنه لا یحتمل ان یکون اعطائه العوض للمسلم دخیلا فى وجوب الخمس، بحیث لو وهبهاالمسلم له مجاناً لایجب علیه الخمس، فالأمر دائر بین الإختصاص بالشراء، ومطلق الانتقال،
فما یظهر من الماتن تبعاً لکاشف الغطأ، لا یمکن المساعدة علیه، بل الاظهر هو ما اختاره الشهیدان من أن المناط هو مطلق الانتقال.
وعلى الجملة الجمود على العنوان المأخوذ فى الصّحیحة یقتضى اختصاص الحکم بالتخمیس بالشراء، فلا یتعدّى الى مطلق المعاوضة، وان قلنا: إن الشراء لا خصوصّیة له عند العرف وذکره فیها للغلبة، فلابّد من الحکم بالتخمیس لمطلق الانتقال.
(1) هذا واضح فانّ الدلیل دلّ على أن خمس الأرض علیه وهى لاتشمل البناء والاشجار.
(2) لما سیجئ انشاالله تعالى فى محلّه أنّ مالک المال لا یکون مُلزماً بدفع الخمس من نفس العین بل له دفع القیمة.
وقد یقال: إن السیرة العملیة فى خمس الفائدة قد جرت على تخییر المالک بین دفع العین والقیمة وأمّا خمس الأرض فى المقام ، فلا دلیل على کفایة دفع القیمة عنه، فلابّد من دفع نفس العین.
وفیه أنه لایحتمل فى المقام تعیّن التخمیس من نفس العین، بل السیرة القطعیة قائمة على کفایة دفع القیمة، لأنّ هذالخمس إمّا هو نفس الجزیة أو شبیه بها، وعلى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة236 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومع عدم دفع قیمتها، یتخیّر ولىّ الخمس بین أخذه وإجارته (1)

التّقدیرین لا شکّ فى کفایة القیمة لو لم نقل بتعینّها.
(1) هذالتخییر الذّى ذکره لا یکون له واقع على مبناه فانّ مالک الخمس اذا اختاره، ولم یجز له قلع الغرس والبناء فأىّ أثر لإختیاره، فلابد من القول بأن مالک الخمس یتعیّن علیه أخذ الأجرة لإبقاء البناء والغرس.
ثم إن سیدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره) ناقش فى جواز الایجار بالإضافة الى النّصف الّذى هو حقّ السّادة بأن المالک هو الکلى، فالمقدار الثابت من ولایة الحاکم الشرعى، ولایته على القبض عنهم والصّرف علیهم، وأمّا الولایة على التصرف فیه بایجار ونحوه، فیحتاج إلى دلیل آخر یثبت له هذه الولایة زائداً على ولایته على القبض والصّرف، ولیس لنا ذلک. إذن فتصدّیه للایجار مشکل.
وفیه أولا أنّه سیجئ فى محلّه أن الخمس کلّه حق للامام(علیه السلام)والسّادة هى المصرف له فیصرفه لهم ولغیرهم بما یراه من الصّلاح، فاذن یکون لنائبه أیضاً الولایة على الجمیع.
نعم فرق بین الامام المعصوم ونائبه العام وهو الفقیه الجامع للشّرائط فانه(علیه السلام) له التحلیل والعفو والاسقاط، متى ماشاء لجمیع الخمس بلا فرق بین السّهمین المصطلحین کما تدلّ على ذلک نصوص کثیرة کما سیجئ انشاء الله تعالى منها الصحیحتان المتقدمتان(4) بل له الولایة على الأنفس والأموال مطلقاً، بخلاف نائبه العام فإن له الولایة على الخمس، والتصرف فیه بما یراه صلاحاً من البیع والایجار والبذل و المصالحة ونحوها، ولا فرق فى ذلک بین السّهمین أصلا;
والوجه فى ذلک أنّ الخمس بأجمعه ملک لمنصب الإمامة، والفقیه نائب له(علیه السلام)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 237 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وتمام الکلام یجئ فى محلّه انشاء الله.

وثانیاً أنه(قدس سره) التزم بصحة الایجار فیما اذا کانت الارض مشغولة بالغرس والبناء حیث أفتى بعدم جواز القلع للغرس والبناء وبوجوب اعطأ الاجرة على الذمّى،
فنقول: اذا کان تصدىّ الحاکم للایجار بالنسبة الى سهم السادة مشکلا، فلابد من أخذ قیمة أرض الخمس لانفسها کى لا یحتاج الى الایجار الّذى لیس له ذلک، فان اخذ خمس الأرض کما یمکن باخذ نفس الأرض المشغولة بالغرس والبنأ کذلک یمکن بأخذ قیمتها.
ان قلت: المفروض ان الذمّى لا یدفع قیمة خمس الأرض بل یدفع نفس الارض المشغولة بالغرس والبناء، فلامناص الاّ من أخذ الأرض المشغولة وایجارها له.
قلت: إن کان الذمّى باختیاره، فلا یدفع الخمس أصلا لاعینا ولا قیمة لعدم اعتقاده به، وان کان الأخذ بالإجبار، فلیجبر على دفع القیمة، حتى لا یلزم محذور الایجار الّذى لیس للحاکم أن یتصدّى له.
ثم إنّ المحقق العراقى(قدس سره) قال فى شرح تبصرة المتعلّمین: (ولو کانت الأرض مشغوله بزرع او غرس، فلا یستحق أرباب الخمس من الغرس والزّرع شیئاً، حتى على فرض التعلّق بالعین، فضلا عن المختار من التعلّق بالذمة، وحینئذ لا یستحق قلع الغرس والزرع فى شیئ حتى على التعلّق بالعین، لأن الارض انتقلت الیه مشغولة بزرع الغیر، فلا یستحق الأجرة ایضاً من صاحب الزرع بل له حقّ البقأ الى أمده کما هو الشأن فى کل مورد تنتقل الأرض الى الغیر بوصف کونها مشغولة للغیر عن حق.)
وفیه أن حدوث الزرع والغرس والبناء وان کان عن حق فى ملک المسلم قبل البیع، وبعده إنتقل الى الذّمى، ولکن نفس الأرض انتقل خمسها الى الامام (بناء على تعلّق الخمس بنفس الأرض) ومن الواضح أن بقاء الغرس والزرع فى ملکه(علیه السلام) لا یکون عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة238 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حق، فانه یتوقّف على ان یکون مالک الغرس والرزع مالکا لمنفعة الخمس بقاءً، وهو مقطوع العدم، فأنّ خمس الأرض بما له من المنفعة انتقل الى الامام(ع) على الفرض.
ثم إنّ سیدنا الحکیم(قدس سره) استدل لعدم جواز قلع الغرس والزّرع والبنأ بقاعدة لا ضرر، قال(قدس سره): (وکأنه لدلیل نفى الضرر، ولیس فى ابقائه ضرر على المالک، وانما هو خلاف سلطنته على ما له، لکن دلیل نفى الضرر مقدم على دلیل السلطنة لحکومته علیه کغیره من أدلة الأحکام الأولیة ولا سیما، بملاحظة مورد روایة سمرة(5) فان تکلیفه بالاستیذان، خلاف سلطنته على نفسه.
فان قلت: یمکن دفع الضرّر بالقلع بضمان القیمة، فیتخیّر مالک الأرض بین الابقاء والقلع مع الضمان.
قلت: الضمان تدارک للضرّر، والمنفى مطلق الضرر، لا خصوص الضرّر الغیرالمتدارک، فلاحظ;
نعم لو کان ابقاء الغرس یوجب ضرراً على المالک بنقص ارضه وفسادها، تعارض تطبیق القاعدة فى الفردین، فیرجع إلى قاعدة السلطنة.
فان قلت: إستیفاء الأرض ضرر على المالک، فیعارض ضرر قلع الغرس. قلت: المنافع کلها مبنیة على الاستیفاء، فامّا أن یستوفیها المالک، وإمّا ان یستوفیها صاحب الغرس، والاّ کانت معدومة، ولیس أحد الاستیفائین ضرراً، فلا یقاس استیفاء المنفعة بإتلاف العین، او سقوطها عن المالیة کما فى قلع الشجر أو البنأ کما یظهر بالتأمّل، وحیث یدور الأمر بین إستیفاء صاحب الغرس للمنفعة واستیفاء المالک وضیاع المنفعة بلا استیفاء، یتعین الأوّل، وذلک یوجب منع المالک عن التصرف وقصر سلطنته فیرجع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 239 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولیس له قلع الغرس والبناء بل علیه ابقائهما بالأجرة(1) وان اراد الذمّى دفع القیمة وکانت مشغولة بالزرع أو الغرس أو البناء تقوّم مشغولة بها مع الأجرة، فیؤخذ منه خمسها، ولانصاب فى هذالقسم من الخمس(2) ولا یعتبر فیه نیة القربة(3) حین الأخذ حتى من الحاکم، بل ولا حین الدّفع الى السادة;

الأمر الى التعارض بین قاعدة الضرر وقاعدة السّلطنة لاغیر، وقد عرفت لزوم تقدیم الاولى) انتهى.
وفیه أولا أنّ المنفعة لها مالیة، فتفویتها موجب للضمان کإتلاف المال و لأجل ذلک نوجب أجرة المثل فیما اذا غصب داراً ومنع المالک من السکنى فیها وان لم یسکن الغاصب فیها ایضاً فضمان الغاصب لأجرة المثل لا یکون الا لتفویت المنفعة على المالک، فکما أن قلع الغرس ضرر على المشترى، کذلک إبقائه بلا اجرة ضرر على مالک الخمس لأنه موجب لتفویت المنفعة.
وثانیاً ان قلع الغرس لا یکون ضرراً دائماً ـ کما اذا قلعه من أرض الخمس وغرسه فى ملک المشترى فلا یکون هناک ضرر على المشترى أصلا.
وأمّا الاشکال على ما افاده من أن الضررین اذا تساقطا فیرجع الى قاعدة السلطنة ـ بأن قاعدة السلطنة ایضاً متعارضة، فمدفوع بان سلطنة المالک على أرض الخمس، لا معارض لها، فان سلطنة الذمى على شجره المغروس، لا تقتضى جواز ابقائه على أرض الغیر، بخلاف سلطنة ولى الخمس على الارض فانها مقتضیة لجواز قلع ما للغیر فان إبقائه على أرضه مناف لسلطنته على الأرض.
(1) قد تقدم انه لایتعین علیه بل له أحد الأمرین امّا یأخذ خمس قیمة الأرض وأما یأخذ أجرة ابقائهما على ارض الخمس.
(2) بلا اشکال ولا خلاف لإطلاق النص وهو صحیحة الحذاء کما مرّ.
(3) لأنه من سنخ الضریبة والجزیة ولا دلیل على عبادیته حتى یبحث عن ان الکافر.

لا یتمشى منه قصد القربة، فهل یجب على من ینوبه من الحاکم أو غیره أم لا؟ بل لا دلیل لفظى على اعتبار قصد القربة فى بقیة انواع الخمس أیضاً بل الدلیل علیه هو الاجماع والسّیرة العملیة، وهو دلیل لبىّ لا یشمل المقام.

1- الوسائل ج 6، ب 9 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1 و 2، ص 352.

2- الوسائل ج 6، ب 4 من أبواب زکاة الغلات، حدیث 4، ص 125.

3- الوسائل ج 11، ب 68 من ابواب جهاد العدو، حدیث 2، ص 114.

4- ص 238.

5- الوسائل ج 17، ب 12 من ابواب احیاء الموات، حدیث 1،3،4، ص 240 و 241.

مساله 40 ص (240)

مساله 40 ص (240)

(مسألة 40) لو کانت الأرض من المفتوحة عنوة، وبیعت تبعاً للآثار ثبت فیها الحکم لانها للمسلمین، فاذا اشتراها الذمّى وجب علیه الخمس وان قلنا: بعدم دخول الأرض فى المبیع وان المبیع هو الآثار(1) ویثبت فى الارض حق الإختصاص للمشترى، واما اذا قلنا: بدخولها فیه فواضح کما أنه کذلک اذا باعها منه أهل الخمس بعد اخذ خمسها، فانهم مالکون لرقبتها ویجوز لهم بیعها.


(1) الصوّر المتصورة هنا أربع: الاولى ان یتقبلها المسلم من الحاکم الاسلامى، فغرس فیها الأشجار واحاط بها حائطاً مثلا، فباعها للذمّى تبعاً للآثار، فحکم المصنف بوجوب الخمس على الذمّى وان قلنا: بعدم دخول الارض فى المبیع.
وفیه أن شراء الأرض لم یتحقق هنا لعدم حصول الملک للذمّى بالنسبة الى الأرض، فلا تشملها الصّحیحة الدالة على وجوب الخمس على الذمّى اذا اشترى الأرض من مسلم، ولهذا اعترض علیه المعلّقون فى العروة.
الصّورة الثانیة ان یتملّکها السادة بالخمس بناء على أنّ الأراضى المفتوحة عنوة متعلقة للخمس ـ فیبیعها المالک للذمّى، فشراء الذمّى یتحقق هنا حقیقة فتشملها صحیحة الحذاء، فانها أرض اشتراها الذمّى من مسلم فیجب علیه الخمس.
الصّورة الثالثة أن یحیى المسلم مواتاً من الأراضى المفتوحة عنوة فانه یملکها، فاذا باعها من الذمى ملکها بالشراء فیجب علیه الخمس.
الصورة الرابعة ان یبیعها الحاکم الاسلامى من الذمّى لمصلحة من المصالح فالذمّى یملکها لانّه شراها ممن یملک الأمر ویجوز له البیع، فیجب علیه الخمس.

مساله 41 ص (241)

مساله 41 ص (241)

(مسألة 41) لا فرق فى ثبوت الخمس فى الأرض المشتراة بین أن تبقى على ملکیة الذّمى بعد شرائه او انتقلت منه بعد الشراء الى مسلم آخر کما لو باعها منه بعد الشراء، أو مات وانتقلت الى وارثه المسلم، أو ردّها الى البایع باقالة أو غیرها فلا یسقط الخمس بذلک، بل الظاهر ثبوته أیضاً لو کان للبایع خیار، ففسخ بخیاره(1)

(1) الوجه فى ذلک کلّه هو إطلاق النصّ فانه ناطق، بان الموضع للخمس هو الشراء، فاذا تحقّق یجب التخمیس سواء بقیت الأرض بید الذمّى او انتقلت الى غیره.

مساله 42 ص (241)

مساله 42 ص (241)

(مسألة42) اذا اشترى الّذمّى الأرض من المسلم وشرط علیه عدم الخمس، لم یصح وکذا لو اشترط کون الخمس على البایع(1) نعم لو شرط على البایع المسلم أن یعطى مقداره عنه، فالظاهر جوازه.

(1) فانّ الشرط فى الموردین مخالف للسنّة ومحرّم للحلال، فان وجوب الخمس على الذمى المشترى للأرض قد ثبت شرعاً بالسنة، فاشتراط عدمه او کونه على البایع مخالف لها;


نعم لا مانع من اشتراط العمل بان یشترط اعطاء مقدار الخمس عنه وبنیابته، وبما أنه لیس مخالفاً للسنة، تشمله ادلّة الشروط فلو لم یف به البایع، یکون للمشترى خیار تخلّف الشّرط، ولکنّه لو فسخ لا یسقط عنه الخمس.

مساله 43 ص (241 - 242)

مساله 43 ص (241 - 242)

(مسألة 43) اذا اشتراها من مسلم ثم باعها منه أو من مسلم آخر، ثم اشتراها ثانیاً وجب علیه خمسان خمس الأصل للشراء أوّلا وخمس اربعة اخماس للشراء ثانیاً(1)

(1) ما افاده(قدس سره) یتمّ فیما اذا کان من مسلم غیر شیعى فان الذمى مکلّف بتخمیس کل الأرض بالشراء الأوّل، وحیث أنه لم یخمّسه کان خمسها ملکاً لولىّ الخمس، وحیث إنه باعها من مسلم غیر شیعى، یکون المبیع أربعة أخماسها فاذا اشتراها ثانیاً یملکها فقط لا تمامها فیجب علیه خمس تمام الأرض للشراء الأول، وخمس أربعة أخماسها بالشراء الثانى، إلاّ إذا أجاز ولىّ الخمس، فیجب علیه تخمیس الجمیع ثانیاً ایضاً.

وأما اذا کان المشترى هو الشیعى فیملک تمام الأرض لأجل اخبار التحلیل فاذا باعها یکون المبیع کلّها، فیجب علیه خمسان من خمسة أخماس ولکّن الخمس الأوّل قد اشتغلت ذمته بقیمته، فلابدّ من إعطائها، وأما الثانى فمتعلقه نفس الأرض، ویتخیّر الذمّى بین الدّفع منها أو من قیمتها.

مساله 44 ص (242)

مساله 44 ص (242)

(مسألة 44) اذا إشترى الأرض من المسلم ثم أسلم بعد الشراء، لم یسقط عنه الخمس(1) نعم لو کانت المعاملة مما یتوقف الملک فیه على القبض فأسلم بعد العقد وقبل القبض، سقط عنه لعدم تمامیة ملکه فى حال الکفر(2)

(1) لأن الخمس قد تعلّق برقبة الأرض بالشراء على الفرض، فهو بنحو المشاع أو الکلّى فى المعّین فى نفس العین أو فى مالیّتها، ملک لولى الخمس، فکما أن الاسلام لا یوجب سقوط دیونه، فکذلک لایوجب سقوط الخمس.


نعم لو قیل بتمامیة حدیث الجب (الاسلام یجبّ ما قبله) ولو لعمل المشهور به وقلنا: إنّه جابر للسّند، أمکن القول بسقوطه للاطلاق.


اللّهم ألا أن یقال: إن الأرض اذا کانت باقیة، لابدّ من إعطاء خمسه لولیّه وهذا نظیر ما إذا أسلم الذّمى وکان الوقت باقیاً للصّلاة، فلا یمکن القول بعدم وجوبها لحدیث الجبّ.


(2) کما فى الهبة المعّوضة، فانّ الذمى إذا أسلم بعد العقد وقبل القبض لم یتحقق مالکیته للأرض الموهوبة، فلا خمس علیه اذا قبض بعد الاسلام.

مساله 45 ص (242 - 243)

مساله 45 ص (242 - 243)

(مسألة 45) لو تملّک ذمّى من مثله بعقد مشروط بالقبض، فاسلم الناقل قبل القبض، ففى ثبوت الخمس وجهان أقواهما الثبوت(1)

(1) کما إذا باع أحد الذّمیین مقداراً من التمر سلفاً بقطعة من الارض، فاسلم مالک الأرض قبل اقباضها من الذّمى فأقبضها له، فان هذا لارض قد انتقلت الى الذمى من المسلم، ثمناً للتمر بعد الاقباض، فعلیه الخمس فیها، لان الناقل کان مسلماً حین الانتقال وحصول الملکیة، ولا فرق بین ان تکون الارض المنتقلة الى الذمى مبیعاً اوثمناً وفى المثال تکون ثمناً فان المبیع هو التمر بعد مدّة وفى صحیحة الحذاء وان اعتبرت مبیعة ومشتراة الا انها حملت على الغالب فان الغالب فى الأرض أنها مشتراة ولا تکون ثمناً، وعلى اىّ تقدیر الأظهر هو ثبوب الخمس على التقدیرین.

مساله 46 ص(243)

مساله 46 ص(243)

(مسألة 46) الظاهر عدم سقوطه اذا شرط البایع على الذّمى أن یبیعها بعد الشراء من مسلم(1)

(1) الوجه فیه ظاهر، فان المستفاد من صحیحة الحذاء ـ کما عرفت ـ هو أنّ شراء الذمى موضوع لوجوب الخمس، وشرط بیعها وإخراجها عن ملکه لا یضرّ بذلک وهذا الشرط لا ینافى مقتضى العقد، ودعوى انصرافها عن مثل هذا لبیع المشروط لا وجه لها.


نعم لو شرط البایع على المشترى ان یبیعه منه ثانیاً، فیه اشکال مشهور ذکر فى محّله، والعمدة فیه هى الرّوایات المانعة عن ذلک، ولکن الذى ذکر فى المتن لم یشترط فیه بیعها من البایع فلا إشکال فیه.

مساله 47 ص(243)

مساله 47 ص(243)

(مسألة 47) اذا اشترى المسلم من الذّمى أرضاً ثم فسخ بإقالة او بخیار ففى ثبوت الخمس فیه وجه ولکن الأوجه فیه خلافه حیث ان الفسخ لیس معاوضة(1)

(1) الوجه فى وجوب الخمس على الذّمى هو ان الارض انتقلت بالفسخ من المسلم الى الذّمى، فبناء على أنّ مطلق الانتقال موجب للخمس، یجب علیه ذلک.


ولکن الأوجه عند المصنف هو أن مطلق المعاوضة موجب للخمس وبما أنّ الفسخ لیس معاوضة، فلا یجب علیه الخمس، فانه فکّ للمعاوضة واعدام لها، والملک السابق یعود الى کلّ من المتبایعین بالفسخ ولم یتلقّ الذّمى ملکیّتها من مسلم حتى یجب علیه الخمس.

مساله 48 ص (243 - 244)

مساله 48 ص (243 - 244)

(مسألة 48) من بحکم المسلم بحکم المسلم(1)

(1) کما اذا باع ولىّ الطفل المسلم أرضه من ذمّى، فان صحیحة الحذاء تشمله، فیجب الخمس على الذمى، وأمّا اذا کان الشراء لطفل الذّمى، فکذا یجب على ولیّه اخراج الخمس، ودعوى عدم التّبعیة لأولاد الکفار ـ کما عن السید محمود الشاهرودى(قدس سره)فلا وجه لها أصلا، فانّهاتابعة لآبائها ـ کما نرى فى النجاسة وغیرها.

مساله 49 ص (244)

مساله 49 ص (244)

(مسألة 49) اذا بیع خمس الأرض الّتى اشتراها الذمى، علیه، وجب علیه خمس ذلک الخمس الذى اشتراه وهکذا (1)

(1) اذا قبض ولىّ الخمس خمس الأرض، فلا اشکال فى جواز بیعه سواء قلنا: إن صاحب الخمس یملکه بنحو المشاع او الکلى فى المعین او یملک ما لیّته او قلنا: إن الخمس یتعلق بالمال کتعلق حقّ الرّهانة فى العین المرهونة او کتعلق حق الجنایة على الجانى.
وامّا اذا لم یقبضه، فیصحّ البیع بناء على الإشاعة أو الکلّى فى المعیّن ولا یصحّ اذا کان الخمس من قبیل حقّ الرّهانة أو الجنایة لأنّ المبیع لابّد أن یکون عیناً خارجیّاً أو کلیاً فى الذمة، والحق لا یکون کذلک;
وامّا اذا کان متعلّق الخمس مالیّتها فقط فبیعها وان کان صحیحاً قبل القبض الا أنه لا یوجب الخمس على الذّمى لأنه لم یشتر الارض بل اشترى مالیّتها وصحیح الحذّاء یوجب الخمس فیما اذا اشترى الذّمى أرض المسلم لا مالیّتها فقط فان اقباض المالیة لا یتوقف على اقباض الأرض بل یتحقق باقباض مال آخر بمقدار خمسها ایضاً.
واما اذا دفع الذمّى قیمة خمس الأرض ثم اشتراها ثانیا لا یجب علیه الخمس ثانیاً لعدم اشترائه لارض المسلم بعد الأوّل.
وأما اذا دفع الخمس من نفس الارض ثم اشتراه ثم خمّسه وهکذا یجب تکرار الخمس حتى لا یبقى مقدار قابل للتخمیس. هذا کلّه مبنى على تعّلق الخمس برقبة الأرض وعرفت أن الأقوى تعلّق الخمس بحاصلها ونتا جها لابرقبتها.

فاضل المؤونة ص (249 - 276)

فاضل المؤونة ص (249 - 276)

(السابع) ما یفضل عن مؤونة سنته ومؤونة عیاله(1)

(1) قال فى الجواهر: (الخامس مما یجب فیه الخمس ما یفضل عن مؤونة السنة على الاقتصاد له ولعیاله من أرباح التجارات والصناعات والزراعات، بلا خلاف معتدّبه أجده فیه، بل فى الخلاف والغنیة والتذکرة والمنتهى الإجماع علیه، بل فى ظاهر الانتصار والسرائر أو صریحهما ذلک، (الى ان قال): وهو الذى استقر علیه المذهب والعمل فى زماننا هذا).
وقال سیدنا الاستاذ(قدس سره): الظاهرتسالم الاصحاب وإتفاقهم، قدیماً وحدیثاً على الوجوب، اذ لم ینسب الخلاف الاّ الى ابن الجنید وابن ابی عقیل.
وقال السید الحکیم(قدس سره): (وخلافهما لا یضرّ، لکثرة خلافهما فى المسلمات) مع أنّ عبارتهما لا تکون صریحة فیه.
وکیف کان فقد استدل على وجوب الخمس فى الأرباح والفوائد الزائدة على المؤونة بالاجماع تارة وبالکتاب أخرى وبالسنة ثالثة.

أما الاجماع و إن اعتمد علیه کثیر من الأصحاب الا أنّه معلوم المدرک فان مدرکه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة250] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هو الکتاب والسنة فلا یکون تعبّدیاً، فاذن لابّد من الاستدلال بالکتاب والسنة،
أمّا الکتاب فهو قوله تعالى: (واعلموا أنّما غنمتم من شئ فأنّ لله خمسه وللرسول ولذى القربى والیتامى والمساکین وابن السبیل)(1)
تقریب الاستدلال أن (الغنیمة) بهذه الهیئة وإن قیل: باختصاصها بغنائم دار الحرب، إمّا لغة او إصطلاحاً (وان کان لم یظهر له أىّ وجه) الاّ ان کلمة (غنم) بالصیغة الواردة فى الآیة المبارکة، ترادف کلمة ربح وإستفاد وماشاکل ذلک، فتعم مطلق الفائدة، ولم یتوهّم أحد اختصاصها بدار الحرب، هکذا قرّب سیدنا الاستاذ(قدس سره).
ویؤیّد التعمیم أمران: الأول عموم الخطاب وهو قوله تعالى: واعلموا الخ. فانه مثل قوله تعالى: واعلموا أنّما أموالکم وأولادکم فتنة. وقوله تعالى: واعلموا أن الله مع المتقین; وقوله تعالى: واعلمو أن الله شدید العقاب; وقوله تعالى: واعلموا أنکم الیه تحشرون; وقوله تعالى: فاعلموا أن الله عزیز حکیم; وقوله تعالى: واعلموا أنکم ملاقوه; وقوله تعالى: واعلموا أن الله بکل شیئ علیم; وقوله تعالى: واعلموا أنّ الله بما تعلمون بصیر; وقوله تعالى: واعلموا أن الله یعلم ما فى أنفسکم فاحذروه; الى غیر ذلک مما یبلغ زُهّاء اربعة وعشرین مورداً.
فالخطاب فى هذه الآیات متوجّه الى عموم المکلفین ومثلها آیة الغنیمة فالخطاب لعموم المکلفین لا خصوص المقاتلین، یناسب أن یکون غنمتم بمعنى نفعتم.
الثانى قوله تعالى: من شیىء فانه ظاهر فى عموم ما غنمتم للقلیل والکثیر، فلو کانت الآیة مختصّة بالغنیمة من الکفّار، لم یناسب التّعبیر بالشىء الشامل للیسیر جداً.

و القرطبی من أهل السنة اعترف فی تفسیر بشمول الآیة لمطلق الأرباح و الفوائد،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة251] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولکنه خصّها بغنائم دار الحرب للاجماع الذى ادعاه على ذلک.
ولکن هنا إشکالا مشهوراً وهو أنه لو کان الخمس فى مطلق الأرباح والفوائد بمقتضى الآیة المبارکة واجبا، فلماذا لم یکن اخذه وجبایته فى عصر الرسول الاکرم(صلى الله علیه وآله وسلم)وخلفائه، معروفا مثل الزکاة، ولماذا لم ینقل ذلک فى الاحادیث والتأریخ، فلو کان ذلک ثابتاً لنقل الینا بطبیعة الحال وشاع وبان وظهر، ولم یوجد من هذا القسم من الخمس عین ولا أثر فى صدر الاسلام الى زمان الصادقین(علیهما السلام)حیث ان الروایات القلیلة الواردة فى المقام کلها صدرت منذ هذا العصر.
وأجاب سیدنا الاستاذ(قدس سره) عن هذا الاشکال بجوابین:
الأول ان تبلیغ الأحکام وبیانها کان تدریجیّاً، وتأخیر التبلیغ عن عصر التشریع کان بإیداع بیانه من النبى(ص)الى الامام(ع) لیظهره فى ظرفه المناسب له حسب المصالح الوقتیة الباعثة على ذلک، فالأمر على هذا المبنى الحاسم لمادّة الاشکال ظاهر لاسترة فیه.
وفیه أن تدریجیّة تبلیغ الأحکام وان کان مسلّماً الا أن تبلیغ هذا الحکم قد تحقّق فى صدر الإسلام حین نزول آیة الخمس فانّه(قدس سره) إعترف بأن (غنمتم بمعنى ربحتم وأفدتم، فلا ینبغى التأمّل فى اطلاق الآیة المبارکة فى حدّ ذاتها وشمولها لعامّة الأرباح والغنائم.
فعلیه قد تحقّق تبلیغ هذا الحکم فى عصره(ص) فلا یبقى مجال لإنکاره فیه فعلیه یستشکل لماذا لم یجمع خلفاء الجور خمس الارباحُ والفوائد استناداً الى هذه الآیة فانهم کانوا أهل اللّسان و عرفوا معنی الآیة المبارکة وزعموا انهم خلفاء الرسول(ص) و لم یکن ذلک مخالفاً لشئونهم، و لماذا لم یجیء بعض المسلمین الذیّن هم أهل اللّسان بخمس الارباح الی النبی(ص) ولو فی مورد واحد، ولم ینقل ذلک أصلاً، فمنه یکشف عدم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة252] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شمولها لمطلق ا لأرباح وإلاّ فلابّد من التماس جواب آخر.
الثانى قال(قدس سره): وأما مع الغضّ عن ذلک، فبإبداء الفرق بین الزّکاة والخمس، نظراً الى أن الأوّل ملک للفقراء وحقّ یصرف فى مصالح المسلمین وقد أُمر(صلى الله علیه وآله وسلم) بالأخذ قال الله تعالى: (خذ من أموالهم صدقة الخ).
فمقدمة للأخذ الواجب علیه، لا محیص له من بعث العمال لجبایة الزکوات. وأمّا الخمس فهو حقّ له(ص) ولأقربائه، فیشبه الملک الشخصى، حیث لا تعود فائدته لعامة المسلمین، ومن ثمّ لم یؤمر فى مورده إلاّ بالتّبلیغ، کما فى سائر الأحکام من الصّلاة والصّیام، دون الأخذ، فلم یکن ثمة باعث على جبایته بل قد لا یناسب ذلک شأنه وجلالته کما لا یخفى.
وفیه أنه(صلى الله علیه وآله وسلم) قد أخذ خمس المغنم وغنیمة الحرب کما تدل علیه صحیحة ربعى عن أبی عبدالله(علیه السلام)(2) وغیرها فکما أن اخذ خمس غنیمة الحرب لم یکن منافیًا لشأنه وجلالته فکذلک خمس الارباح ولا یخفى ان الآیتین قبل آیة الخمس وسیاقها، شاهدة على أن المراد من کلمة غنمتم هى غنیمة الحرب، حیث أنها وردت فى القتال، والمورد وإن لم یکن مخصّصًا و موجباً للتّخصیص إلاّ أنّ الوجوه التى عرفتها قد تؤیّد هذا المعنى الخاص.
ولکن الانصاف أن الآیة المبارکة ظاهرة فى العموم وفى عموم الإغتنام والاستفادة ولا سیما بملاحظة قوله تعالى: من شئ واستدلال الامام(ع) بها لوجوب الخمس فى غیر الغنیمة الحربیة کما سیجى، فعلیه تبقى السئوالات بحالها.

والصّحیح فی الجواب أن یقال: إن النّبی الاکرم (صلى الله علیه وآله وسلم) یطبق هذا لحکم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة253] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالاضافة الى الأرباح لِحِکَم ومصالح لا نعلمها ولعل منها کان فقرالمسلمین، أو کونهم حدیثو عهد بالاسلام واستیحاشهم من هذه الضریبة المالیة على سبیل منع الخلو، ومع عدم تصدّیه(ص) لذلک، لم یجترء المسلمون ان یسبقوه(ص) بذلک وامّا عدم اقدام على(علیه السلام) فى زمان خلافته لذلک، فلعلّه کان لعین ما لاحظه النبى(صلى الله علیه وآله وسلم).
وأمّا عدم تصدّى الخلفأله، فلوجهین على سبیل منع الخلو: أحدهما أنه کان مخالفًا لسیرة النبى(ص) وثانیهما انه کان موجباً لرفع شأن ذى القربى وهم یعاندونه ولا یعترفون حقه وفضله، وهذا معاویة (لعنه الله) أمر أئمة الجور بسبّ على(علیه السلام) ولعنه (العیاذ بالله) على المنابر،
هذا کله ما یرجع الى الاستدلال بالکتاب لوجوب الخمس.
وأمّا السنّة فهى کثیرة وهى العمدة: منها صحیحة أبی على بن راشد قلت له: امرتنى بالقیام بأمرک وأخذ حقک، فاعلمت موالیک بذلک، فقال لى بعضهم: وأىّ شیئ حقه، فلم أدر ما أجیبه؟ فقال: یجب علیهم الخمس، فقلت ففى أىّ شیىء فقال: فى أمتعتهم وصنایعهم (ضیاعهم) قلت: والتاجر علیه والصّانع بیده؟ فقال: اذا أمکنهم بعد مؤونتهم.(3)
ومنها صحیحة على بن مهزیار عن ابراهیم بن محمد الهمدانى (قال: کتب الیه ابراهیم بن محمد الهمدانى أقرأنى على کتاب أبیک فیما أوجبه على اصحاب الضّیاع أنه اوجب علیهم نصف السدس بعد المؤونة وأنه لیس على من لم یقم ضیعته بمؤونته نصف السدس ولا غیر ذلک، فاختلف من قبلنا فى ذلک فقالوا: یجب على الضّیاع الخمس بعد المؤونة مؤونة الضّیعة وخراجها، لا مؤونة الرّجل وعیاله، فکتب وقرأه على بن مهزیار: علیه الخمس بعد مؤونته ومؤونة عیاله وخراج السّلطان(3)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة254] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومنها صحیحة أخرى عن على بن مهزیار(4) وهى طویلة.
ومنها موثقة سماعة قال: سألت أبالحسن(علیه السلام) عن الخمس؟ فقال: فى کل ما أفاد الناس من قلیل أو کثیر.(4)
ومنها صحیحة أحمد بن محمد بن عیسى عن (بن) یزید قال: کتبت: جعلت الفداء تعلّمنى ما الفائدة وما حدّها؟ رأیک أبقاک الله أن تمن علىّ ببیان ذلک لکى لا اکون مقیماً على حرام لاصلاة لى ولا صوم، فکتب: الفائدة مما یفید إلیک فى تجارة من ربحها، وحرث بعد الغرام أو جائزة.(4)
ومنها معتبرة أبی بصیر عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: کتبت إلیه فى الرّجل یهدى الیه مولاه والمنقطع الیه هدیة تبلغ ألفى درهم أو أقل او اکثر هل علیه فیها الخمس؟ فکتب(علیه السلام): الخمس فى ذلک، وعن الرّجل یکون فى داره البستان فیه الفاکهة یأکله العیال انما یبیع منه الشىء بمأة درهم أو خمسین درهماً هل علیه الخمس؟ فکتب أماما اکل فلا، واما البیع فنعم هو کسائر الضیاع.(4)
ومنها صحیحة ابن ابی نصر قال: کتبت الى ابى جعفر(علیهما السلام): الخمس أخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤنة؟ فکتب بعد المؤونة.(5)
ومنها صحیحة ابراهیم بن محمّد الهمدانى أنّ فى توقیعات الرّضا(علیه السلام)إلیه أن الخمس بعد المؤونة.(5)
وهاتان الصحیحتان وان لم یصرّح فیهما بالفائدة والأرباح، ولکن الظاهر ان المؤونة هى من الأرباح والفوائد فتد لاّن على ثبوت الخمس فیها بعدها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة255] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفى قبالها طائفة من الرّوایات تدل على تحلیل الخمس للشیعة منها صحیحة الفضلأ عن أبی جعفر(علیهما السلام) قال: أمیرالمؤمنین على بن أبی طالب(علیه السلام): هلک الناس فى بطونهم وفروجهم، لانهم لم یؤدّوا الینا حقّنا، ألاوإنّ شیعتنا من ذلک وآبائهم فى حل.(6)
ومنها صحیحة على بن مهزیار عن أبی جعفر(علیه السلام) قال: قرأت فى کتاب لأبی جعفر (علیه السلام)من رجل یسأله أن یجعله فى حلّ من مأکله ومشربه من الخمس فکتب بخطه: من أعوزه شیئ من حقّى فهو فى حل.(6)
وهذه الصحیحة تدلّ على التحلیل فى فرض الإعواز لامطلقا.
ومنها صحیحة زرارة عن أبی جعفر(علیهما السلام) انه قال: إن أمیرالمؤمنین(علیه السلام)حلّلهم من الخمس یعتى الشیعة لیطیب مولدهم.(6)
ومنها صحیحة ضریس الکناسى قال: قال ابوعبدالله(علیه السلام): أتدرى من أین دخل على النّاس الزّناء؟ فقلت: لا أدرى; فقال: من قبل خمسنا أهل البیت الاّ لشیعتنا الأطیبین فانّه محلّل لهم ولمیلادهم.(6)
ومنها صحیحة أبی خدیجة عن أبی عبدالله(علیه السلام) وتقدمت(7)
ومنها ما رواه الصّدوق بسنده الصّحیح عن یونس بن یعقوب وتقدمت.(7)

و منها صحیحة مسمع بن عبد الملک (فی حدیث) قال: قلت لابی عبد الله(علیه السلام) : انی کنت ولّیت الغوص فأصبت اربعمأة الف درهم و قد جئت بخمسها ثمانین الف درهم و کرهت ان أحبسها عنک واعرض لها وهی حقک الذی جعل الله تعالی لک فی أموالنا، فقال: و مالنا من الأرض و ما اخرج الله منها اِلأ الخمس یا اباسیار الأرض کلّها لنا، فما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة256] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أخرج الله منها من شئ فهو لنا، قال: قلت له: أنا احمل الیک المال کلّه، فقال لى یا أباسیّار قد طیبناه لک وحللناک منه، فضم الیک مالک، وکل ما کان فى أیدى شیعتنا من الأرض فهم فیه محلّلون ومحلّل لهم ذلک الى ان یقوم قائمنا فیجیبهم طسق ما کان فى ایدى سواهم، فان کسبهم من الارض حرام علیهم حتى یقوم قائمنا، فیأخذ الارض من ایدیهم ویخرجهم منها صغرة.(8)
ومنها معتبرة الحارث بن المغیرة النصرى قال: دخلت على ابى جعفر(علیهما السلام) فجلست عنده، فاذا بخیة قد استأذن، علیه فأذن له (الى ان قال): یا بخیة ان لنا الخمس فى کتاب الله ولنا الانفال ولنا صفوالمال (الى ان قال): أللّهم إنا قد أحللنا ذلک لشیعتنا (الحدیث)(8)
ولایخفى أن جعفر بن محمد بن حکیم الواقع فى سندها لم یوثق ولکنه وقع فى اسناد کامل الزیارات فان قلنا: بکفایته فى التوثیق تکون الرّوایة معتبرة.
ومنها ما رواه محمد بن یعقوب الکلینى عن اسحاق بن یعقوب فیما ورد علیه من التوقیعات بخطّ صاحب الزّمان (عجّل الله فرجه الشّریف) وهو طویل وننقل جملتین منه (وامّا الحوادث الواقعة فارجعوا فیها الى روّات حدیثنا فأنّهم حجتى علیکم وأنا حجّة الله علیهم (الى ان قال): وأمّا الخمس فقد أبیح لشیعتنا وجعلوا منه فى حلّ الى وقت ظهور أمرنا لتطیب ولادتهم ولا تخبث(9)

ولأجل هذه الرّوایات حکی عن جملة من الأعلام سقوط الخمس فی زمن الغیبة مطلقاً کما عن سلار و صاحب الذخیرة و بعض آخر، او سقوطه عن الأرباح والفوائد کما

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 257 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن إبنى أبی عقیل وجنید.
وقد یجاب عن هذه الرّوایات بأنها منافیة لحکمة جعل الخمس فانّه وجب لیکون عوضاً عن الزّکاة للسادة فإن الزکاة علیهم حرام، فلو کان الخمس حلالا لکل الشیعة، لوقع فقراء السّادة فى ضیق وشدّة الى یوم القیامة.
وفیه أولا أن السّادة بالإضافة إلى غیرهم قلیلة وفقرائهم أقل ویحلّ زکاتهم لفقرائهم، فلو لاحظنا النسبة بین زکاة العوام وفقرائهم وزکاة السادة وفقرائهم لا تکون فقراء السادة أقلّ نصیباً من فقراء العوام بالنسبة الى نفوسهم فلو حلّل الخمس للجمیع لایلزم وقوع فقراء السادة فى شدة وضیق، بل حالهم حال فقراء العوام.
وثانیا لا تناسب بین البدل والمبدل أصلا فانّ الخمس هو خمس ثروة العالم: لاحظ المعادن کآبار النفط والغاز ومعدن الذهب والفضة والحدید والنحاس والصفر وأرباح التجارات والمصانع العظیمة ووالخ فکیف یکون نصفه وهو عُشر ثروة العالم بدلا عن الزکاة التى هى بتمامها تقل من عُشر عشر الخمس فلو کانت تحل للسّادة کان سهم فقرائهم منها أقل قلیل من نسبة الواحد الى مأة الف بالنسبة للخمس، فکیف یکون مأة الف بدلا عن الواحد، فتأمّل جیّداً فانّ البدلیة لاتستقیم بوجه.
والجواب الصّحیح هو أن الرّوایات الکثیرة دلّت على عدم التّحلیل فهى تعارض روایات التحلیل، فلابدمن الجمع بینهما.
منها صحیحة على بن ابراهیم عن أبیه (قال: کنت عند أبى جعفر الثانى(علیه السلام)اذ دخل علیه صالح بن محمدبن سهل وکان یتولّى له الوقف بقم; فقال: یاسیّدى اجلعنى من عشرة آلاف درهم فى حلّ، فانى قد انفقتها، فقال له: أنت فى حلّ، فلمّا خرج صالح، فقال أبوجعفر(علیه السلام): احدهم یثبّ على اموال (حق) آل محمد و ایتامهم ومساکینهم وابناء سبیلهم فیأخذه ثم یجئ فیقول: اجعلنى فى حلّ اتراه ظنّ أنی أقول: لا أفعل، والله لیسألنهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 258 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الله یوم القیامة عن ذلک سئوالا حثیثاً(10).
ومنها معتبرة أبی بصیر عن أبی جعفر(علیه السلام)(قال: سمعته یقول; من إشترى شیئا من الخمس لم یعذره الله، اشترى ما لا یحل له).(11)
ومنها ما رواه محمد بن زید الطبرى (قال: کتب رجل من تجار فارس من بعض موالى أبی الحسن الرّضا(علیه السلام) یسأله الإذن فى الخمس، فکتب الیه: بسم الله الرّحمن الرحیم، ان الله واسع کریم، ضمن على العمل الثواب وعلى الضّیق الهم، لا یحل مال الاّ من وجه أحلّه الله، إنّ الخمس عوننا على دیننا وعلى عیالنا وعلى موالینا (اموالنا) وما نبذله ونشترى من اعراضنا ممن نخاف سطوته فلا تزوّوه عنا، ولا تحرموا انفسکم دعانا ما قدرتم علیه، فان اخراجه مفتاح رزقکم وتمحیص ذنوبکم وما تمهدون لانفسکم لیوم فاقتکم، والمسلم من یفىلله بما عهد الیه، ولیس المسلم من أجاب باللّسان وخالف بالقلب والسلام)(12)
ومنها ما رواه محمد بن زید (قال: قدم قوم من خراسان على أبی الحسن الرّضا(علیه السلام) فسألوه ان یجعلهم فى حلّ من الخمس، فقال: ما امحل هذا تمحضونا المودّة بألسنتکم وتزوون عنّا حقّاً جعله الله لنا وجعلنا له وهو الخمس لا نجعل لا نجعل لا نجعل لأحد منکم فى حلّ).(12)

ومنها غیرها من الروّایات الدّالّة على ذلک.(13)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة259 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذه الطائفة من الرّوایات وان کان بعضها غیر نقى السند الاّ أن بعضها الأخر معتبر فالمجموع یصلح أن یعارض الأخبار الدالة على التحلیل.
والمشهور بین الأصحاب الجمع بین الطائفتین بحمل اخبار التحلیل على ما وصل الى الشیعة من الکافر او المخالف وکان متعلقا للخمس قبله وحمل مادلّ على عدم التّحلیل على ما تعلق به الخمس فى ید الشیعى من الأرباح وغیرها واستشهدوا علیه بطائفة أخرى من الرّوایات، منها صحیحة ابی خدیجة عن ابی عبدالله(علیه السلام)(14)
ومنها صحیحة یونس بن یعقوب بطریق الصّدوق (14) وتقدمتا(15)
فانهما ظاهرتان فى أنّ مایصل بید الشیعى وانتقل الیه وکان متعلّقاً للخمس حلّ له ولا حاجة الى اخراج خمسه وهذا هو المراد من أخبار التحلیل.
وأما مادل على عدم التحلیل فالمراد منه ما کان بید الشیعى وتعلّق به الخمس کالأرباح مثلا بعد مؤونة السنة، هذا;
ولکنّ المستفاد من عدّة من النصوص ان التحلیل عام للربح الذى تعلّق به الخمس فى ید الشیعى ایضاً:

منها روایة عبدالله بن سنان قال: قال ابو عبدالله(علیه السلام) علی کل إمرإٍ غنم أو اکتسب الخمس ممّا أصاب لفاطمة(علیها السلام) ولمن یلی امرها من بعدها من ذریتها الحجج علی الناس فذلک لهم خاصة، یضعونه حیث شاءوا وحّرم علیهم الصّدقة حتّی الخیاط لیخیط قمیصاً بخمسة دوانیق فلنا منه دانق، الاّ من أحللناه من شیعتنا لتطیب لهم به الولادة انه لیس من شئ عندالله یوم القیامة أعظم من الزنا إنّه لیقوم صاحب الخمس فیقول: یا ربّ سَل هؤلاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 260 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بما أبیحوا.(16)
ومنها ما رواه حکیم مؤذن بنى عیس (ابن عیسى) عن ابی عبدالله(علیه السلام) قال: قلت له: (واعلموا أنما غنمتم من شئ فأن لله خمسه وللرسول) قال: هى والله الا فادة یوماً بیوم الاّ أنّ أبى جعل شیعتنا من ذلک فى حلّ لیزکوا.(17)
ومنها ما رواه معاذ بن کثیر بیّاع الا کیسة، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: موسّع على شیعتنا أن ینفقوا مما فى أیدیهم بالمعروف فاذا قام قائمنا حرم على کل ذى کنز کنزه حتى یأتوه به و یستعین به.(17)
ومنها معتبرة مسمع بن عبدالملک (فى حدیث) قال: قلت لابی عبدالله(علیه السلام): إنی کنت ولّیت الغوص، فأصبت أربعمأة ألف درهم وقد جئت بخمسها ثمانین ألف درهم، وکرهت أن أحبسها عنک، واعرض لها وهى حقّک الذى جعل الله تعالى لک فى أموالنا، فقال: ومالنا من الأرض وما أخرج الله منها الاّ الخمس، یا أباسیّار الأرض کلّها لنا، فما أخرج الله منها من شیئ فهو لنا، قال: قلت: له: أنا أحمل الیک المال کلّه، فقال لى: یا أباسیار قد طیّبناه لک وحللناک منه فضّم الیک مالک، وکلّ ما کان فى ایدى شیعتنا من الأرض فهم فیه محلّلون، ومحلّل لهم ذلک، الى أن یقوم قائمنا فیجیبهم طسق ما کان فى أیدى سواهم، فان کسبهم من الأرض حرام علیهم حتى یقوم قائمنا فیأخذ الارض من أیدیهم ویخرجهم منها صغرة.(18)

و یمکن ان یجاب عنها بان الرّوایات الثلاثة الاولی ضعیفة السند و الأخیرة وان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 261 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

کانت معتبرة الاّ أنها دلّت على حلّیة خمس الأرباح لخصوص مسمع ولا تدل على حلّیته لکل الشیعة، واما حلّیة ما فى أیدیهم من الأرض فلا ینافى وجوب الخمس على ما فى ایدیهم من الأرباح.
ولکن التّعلیل بطیب الولادة المذکور فى عّدة من روایات التحلیل یعمّم فان المستفاد من تلک الروایات أن للائمة(علیهم السلام) علاقة بطیب ولادة الشیعة فلو لم یعط الشیعى خمس الارباح لا یکون ذلک موجباً لخبث الولادة ولا یرضون بذلک أصلا،
على أن صحیحة یونس تعمّ الأرباح الّتى کانت بید الشیعى وتعلق بها الخمس فلا تخصّ بما کان متعلّقا للخمس قبل الوصول بیده.
ویشهد لذلک قوله: أنّا عن ذلک مقصّرون، فان المالک اذا لم یؤدّ خمس مازاد عن المؤونة من الأرباح یکون مقصّراً.
ثم إنّ السّید الحکیم(قدس سره) إستشکل على نصوص التحلیل حیث قال: (نعم یشکل الإستدال بالنصوص المذکورة وغیرها بان الشبهة فى المقام موضوعیة وهى صدور الاذن من الامام(ع) وعدمه، فلا ترفع الید عن أصالة عدم صدور الإذن الاّ بحجة من علم او بیّنة، وخبر الثقة غیر ثابت الحجّیّة فى الموضوعات).
وفیه أولا ان خبر الثقة حجة فى الموضوعات لاستقرار السیرة من المتشرعة على ذلک.
وثانیاً أنّ تحلیل الخمس الى یوم القیامة، حکم کلّى ولیس اذناً من شخص خاص فى ملکه الشخصى، حتى تکون الشبهة موضوعیّة.
وثالثا أنّا نقطع اجمالا بصدور بعضها من المعصوم فلا شکّ فى التّحلیل وحصول الإذن فى الجلمة، فلا یبقى المجال لدعوى عدم حجّیة خبر الثقة فى الموضوعات.

والحاصل أن نصوص التحلیل کثیرة وقویّ السند وواضح الدلالة و لا سیّما
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 262 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بملاحظة التّعلیل بطیب الولادة المذکور فى بعضها، ولکنه مع ذلک کله لا مجال للالتزام بمضمونها مطلقاً، وذلک لقیام السّیرة القطعیة العملیة من ا لمتشرعة من زمن الائمة(علیهم السلام) الى زماننا هذا على تسلیم الخمس الیهم والى وکلائهم(علیهم السلام) فان کثیراً من العلماء والأمنأ والثّقاة کانوا وکلأ عن الائمة وعن المجتهدین الى زماننا، هذا، فلو کان الخمس محلّلا للشیعة مطلقا فلما ذا وکلّوا الأمناء والعلماء والثّقات لجبایته ودفعه الیهم(علیهم السلام) فى زمان الحضور والى نوّاب ولىّ العصر(علیه السلام) فى زمن الغیبة;
فعلیه لابدّ من أن یجاب عن أخبار التحلیل بأحد الوجوه على سبیل منع الخلو: أحدها ما عرفت من المشهور من حملها على الأموال الّتى کانت متعلقة للخمس وانتقلت الى الشیعى بشهادة صحیحتى أبی خدیجة ویونوس على ذلک، وخصّوا ذلک بما اذا کان المنتقل عنه لایعتقد بوجوب الخمس کالکافر والمخالف، فلا یجرى فیما اذا کان المنتقل عنه شیعیاً فاسقاً.
وردّه سیدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره) حیث قال: (ولکنا لا نعرف وجهاً لهذا التقید بعد ان کانت الروایتان المتقدمتان صحیحتا یونس وسالم بن مکرم مطلقتین من هذه الجهة، فانّ المذکور فیهما وقوع الأموال فى الأیدى، أو الشراء أو إصابة الارث او نحوه ویجمعها انتقال ما فیه الخمس من الغیر، سواء کان ذلک الغیر الممتنع من دفع الخمس معتقداً فاسقاً او مخالفاً منکراً.)
واستشکل علیه بعض تلامذته بامکان المنع عن الاطلاق المذکور أمّا فى معتبرة ابی خدیجة فباعتبار ان السائل لم یذکر فیها جهة الحرمة التى افترضها فى الفروج، وانما اشار الیها اشارة، وکانّها حیثیة معهودة ومفهومة بین السائل والامام(ع)، فلعّل الذى کان معهوداً هو الحرمة الناشئة من ناحیة خمس غنائم الحرب والسبایا الامر المصرّح به فى جملة من روایات التحلیل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 263 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهذا لاشکال غیر وارد اصلا، فان المعهودیة بین السائل والامام(ع) منتفیة قطعأ، وذلک لقول الرّواى: ففزع أبو عبدالله(علیه السلام) فلو کان السئوال عن الأمر المعهود، لم یفزع(ع) جزماً فهو قرینة على عدم المعهودیة. هذا اولا.
وثانیاً لو تنزّلنا وقلنا إنّ السئوال کان عن الامر المعهود وهو الجوارى والسبایا والغنائم، فنقول: إن هذه الأمور لم تکن بید المخالفین دائماً، بل کانت تصل بید الشیعى کثیراً بحسب العادة إما بالشراء أوالجائزة أو الهبة ونحو ذلک فاذا اشتراها شیعى آخر من الشیعى،تشملها الصّحیحة اذا کان المنتقل عنه فاسقاً لایبالى الحلال من الحرام;
ولکن هذا الجواب مبنىّ على أن لا تشمل أخبار التحلیل الشیعى الفاسق اذا کان منتقلا إلیه، والاّ کانت الاموال المنتقلة الیه من الکفار والمخالفین محلّلة له فکان الحلال الذى بید الشیعى منتقلا الى شیعى آخر فالانتقال الثانى خارج عن مورد اخبار التحلیل.
والحاصل مقتضى اطلاق الصحیحتین عدم الفرق بین ان یکون المنتقل عنه لایعتقد وجوب الخمس کالکافر والمخالف أو یعتقده ویکون عاصیاً فاسقاً کالشیعى الذى لایبالى من الحرام، فاذا انتقل متعلّق الخمس منه الى شیعى آخر حلّ للمنتقل الیه ویکون ضمانه على المنتقل عنه ان کان الانتقال بمثل الهبة أو بجلعه مهراً للزوجة، وان کان بالمعاوضة فیتعلّق الخمس بالعوض.
وهنا کلام لم یتعرّض له الفقهاء وهو أنه هل یکفى فى المنتقل الیه ان یکون شیعیاً وان کان فاسقاً أو یعتبر أن یکون متّقیاً متشرعاً فلا تحلیل للشیعى الفاسق؟ مقتضى الاطلاق فى صحیحة أبی خدیجة هو الأول حیث قال(ع): هذا لشیعتنا حلال الشاهد منهم والغائب والمیت منهم والحى وما یولد منهم الى یوم القیامة.(19)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 264 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومقتضى الارتکاز ومورد السئوال والقدر المتیقن هو الثانى وکذا مقتضى قوله(ع) فى صحیحة یونس: (ما أنصفناکم ان کلّفناکم ذلک الیوم)(20) هو ذلک فان الشیعى المتّقى المتشرع ان کلّف بالتخمیس مضافا الى اعطاء العوض یکون منافیاً للانصاف.
وأمّا الشیعى الفاسق الذى لایبالى من اکل الحرام، ان کلّف بالتخمیس لایکون على خلاف الانصاف.
وبعبارة اخرى هذا الکلام منه(علیه السلام) نحو عنایة وعطوفة وشفقة بالنسبة للشیعى وهو یناسب من کان متّقیاً ومتشرّعاً ومطیعاً وأمّا الفاسق المتمرّد فلیس اهلا لذلک، فالأحوط اختصاص التّحلیل بذلک.
ثانیها حمل أخبار التحلیل على حلّیة السّبایا والجوارى والفروج کصحیحة الفضلأ وصحیحة زرارة المعلّلة بطیب المولد، وصحیحة ضریس.
ثالثها حمل الأخبار الدالّة على التحلیل المطلق (کمعتبرة الحارث بن المغیرة النصرى وامثالها) على الاختصاص بزمن الصادقین(علیهما السلام)وهو لا ینافى ایجابه فى زمن الرضا والجواد(علیهما السلام)
رابعها الحمل على المورد الخاص کصحیحة فضیل أو شخص خاص کصحیحة مسمع.
وعلى الجملة تحمل أخبار التحلیل على المحامل الأربعة على سبیل منع الخلو، واماما لا یقبل الحمل علیها کروایة معاذ بن کثیر بیاع الاکیسة فتطرح لضعف السند.

و أمّا مکاتبة اسحاق بن یعقوب فتحمل علی حلیة خمس السبایا و الجواری، لاحتمال ان یکون لام الخمس اشارة الی الخمس المذکور فی السئوال، ولعلّه کان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 265 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السئوال عن خمس الجوارى والسبایا.
فاذن لا دلیل على التحلیل حتى فى زمن الائمة المتأخرة بل عرفت قیام السّیرة القطعیة على عدم التحلیل.
ثم إنّ صاحب الحدائق خصّ التحلیل بسهم الامام(علیه السلام) لانه حقهم(علیهم السلام)وأمّا حق السّادة فلیس حقّهم کى یشمله التحلیل.
وقد یؤیّد ذلک بما ورد فى صحیحة على بن مهزیار حیث قال(علیه السلام): من أعوزه شىء من حقّى فهو فى حلّ(21) قال الاستاذ: المراد هو سهم الامام(ع).
وفیه أنّه ضعیف جداً، فانّ الخمس کلّه حق للامام(علیه السلام) فإنّ الیتامى والمساکین وإبن السّبیل من بنى هاشم من مصارفه، وذلک لوجوه:
الأول صحیحة على بن مهزیار المفسرة لحق الامام(ع) قال: قال لى على بن راشد: قلت له: أمر تنى بالقیام بأمرک وأخذ حقک، فاعلمت موالیک بذلک، فقال لى بعضهم: واىّ شیىء حقه، فلم ادر ما أجیبه؟ فقال: یجب علیهم الخمس فقلت: ففى اىّ شیىء؟ فقال: فى أمتعتهم وصنایعهم (ضیاعهم) قلت والتاجر علیه والصانع بیده؟ فقال: اذا امکنهم بعد مؤونتهم(22).
فانها (کما ترى) فسّرت الحق بالخمس فالخمس کلّه حق للامام(ع)
الثانى صحیحة أخرى عن على بن مهزیار عن ابی جعفر(علیه السلام) الى أن قال(ع): ولم اوجب علیهم ذلک فى کل عام (الى ان قال): تخفیفاً منى عن موالى ومنّاً منّى علیهم(23))

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة266 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فأنّ ایجاب الخمس بیده وتخفیفه، کذلک، وهو ظاهر فى ان الخمس کله حق الامام(علیه السلام)، والاّ کان یخفّف نصفه لا جمیعه.
الثالث نصوص التحلیل فانه یتعلّق بجمیع الخمس لا نصفه، فمنه یعرف ان الخمس کله حق للإمام بما هو امام، الا ترى صحیح مسمع فان التحلیل تعلّق بجمیع السهمین فلو لم یکن الخمس کلّه حقاً له(ع) کیف حلّل کلّه.
وقد ظهر مما ذکرناه فى الجواب عن اخبار التحلیل ضعف بقیة الأقوال التى لم نتعرض لها ولعلها تبلغ الى تسعة اقوال، ولا حاجة الى التعرّض لها.
ثم إنّ سیّدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره) فرّع على ما اختاره من التحلیل فى الخمس عدم حلّیة المیراث لمن انتقل الیه اذا لم یکن متعلقا للخمس بل کان الخمس فى ذمة المّیت; قال(قدس سره): (وأمّا اذا انتقل مال لم یکن بنفسه متعلقا للخمس بل الخمس ثابت فى ذمة من انتقل عنه لا فى عین ماله، فالظاهر خروجه عن نصوص التحلیل، وهذا کما لو وجب الخمس على المکلّف فأتلفه ولو بمثل الهبة فانتقل الخمس الى ذمّته ثم مات وانتقلت أمواله الى الوارث الشیعى، فان مثل هذا النقل المستند الى الإرث غیر مشمول لدلیل التحلیل اذ لا یصدق علیه أنّ فیه حقّهم، وقد ذکرنا فى محلّه ان حق الدیّان غیر متعلّق بالاعیان بل تنتقل الترکة الى الورثة لکن فیما زاد على مقدار الدّین لتأخّر مرتبة الإرث عنه على مانطقت به الآیة المبارکة: (من بعد وصیة یوصى بها او دین) أمّا مقدار الدّین فهو باق على ملک المیت، یصرف فى تفریغ ذمته عنه ولم ینتقل الى الورثة لکى یتوهم اندراجه فى نصوص التحلیل، وعلى الجملة حال الخمس من هذه الجهة حال الزّکاة وغیرها من سائر الدیون المحکومة بلزوم اخراجها من الترکة أوّلا ثم التقسیم بین الورثة، فمقدار الخمس لم ینتقل الى الوارث بتاتا بل هو دین باق على ملک المیت، ومورد روایات التحلیل هو المال الخارجى الذى فیه حقهم.)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 267 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من ارباح التجارات ومن سائر التکسبات من الصناعات والزراعات والاجارات(1) حتى الخیاطة والکتابة والنجارة والصید وحیازة المباحات واجرة العبادات الاستئجاریة

واستشکل علیه بعض تلامذته (أوّلا أنّ ظاهر اخبار التحلیل أن کل حرمة دخلت فى الأموال نتیجة غصب حقهم أو فیئهم محلّلة للشیعة، وهذا مطلق یشمل ما اذا کانت الحرمة من جهة کون العین الخارجیة ابتداءً متعلقة لحقهم او کون حقهم فى الذمة ولکنه بنحو أوجب حرمة المال وعدم جواز التصرف فیه.
وثانیاً ان معتبرة ابی خدیجة کانت مشتملة على المیراث الذى یصیبه الشیعى وفیه الحرمة من ناحیة حقوقهم وهو مطلق یشمل ما اذا کانت حرمته من جهة کونه بنفسه متعلقاً للخمس ابتداءً او من ناحیة بقائه على ملک المورث نتیجة اشتغال ذمته بحقّهم) وفیه أن التحلیل هنا لیس تحلیلا لما له فان، المال لیس للامام(ع) بل للمیت فان أرید به تفریغ ذمة المیّت عن الخمس، فهذا لیس منةً على الشیعى المنتقل الیه بل منة على المیّت وقد لا یکون مورداً للامتنان، کما اذا کان مخالفا او کافراً; وإن أرید به حلیته للمنتقل الیه مع بقاء شغل ذمة المیت بالخمس فلا معنى له، فانه معدّ لتفریغ ذمة المیت ولم یصرف فیه، فکیف صار حلا لا للمنتقل الیه.
مضافاً الى أنّ ظاهر أخبار التحلیل تعلّقه بالمال الخارجى لا للدّین الثابت فى الذّمة.
(1) قد صرّح بالتجارة فى عدة من النصوص: منها صحیحة على بن مهزیار عن ابی على بن راشد المتقدمة(24) وهى مشتملة على الصانع ایضاً.
ومنها صحیحة أحمد بن محمد بن عیسى عن (بن) یزید المتقدمة(24)
وهى مشتملة عى الحرث والجائزة ایضاً والمراد من الحرث هو الزّراعة ولکن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة268 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

من الحج والصوم والصلاة والزیارات وتعلیم الأطفال وغیر ذلک من الأعمال الّتى لها أجرة، بل الاحوط ثبوته فى مطلق الفائدة وان لم تحصل بالاکتساب کالهبة والهدیة والجائزة والمال الموصى به ونحوها، بل لا یخلو عن قوة (1)

موثّقة سماعة تدلّ على أنّ الخمس فى کلّ ما افاد الناس من قلیل أو کثیر(25)
وصحیحة على بن مهزیار ایضا تدل على العموم عن ابی جعفر الجواد(علیه السلام)(الى أن قال): (فاما الغنائم والفوائد فهى واجبة علیهم فى کل عام قال الله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شىء فأن لله خمسه وللرسول ولذى القربى والیتاما والمساکین وابن السّبیل ان کنتم آمنتم بالله وما أنزلنا على عبدنا یوم الفرقان یوم التقى الجمعان والله على کلّ شىء قدیر، فالغنائم والفوائد یرحمک الله فهى الغنیمة یغنمها المرأ، والفائدة یفیدها، والجائزة من الانسان للانسان التى لها خطر، والمیراث الذى لا یحتسب من غیر أب ولا إبن ومثل عدو یصطلم، فیؤخذ ماله، ومثل مال یؤخذ ولا یعرف له صاحب وما صار الى موالىّ من اموال الخرمیة الفسقة، فقد علمت ان اموالا عظاماً صارت الى قوم من موالىّ، فمن کان عنده شىء من ذلک فلیوصله الى وکیلى، ومن کان نائیاً بعید الشقّة، فلیتعمّد لا یصاله ولو بعد حین فأنّ نیة المؤمن خیر من عمله، فأمّا الذى أوجب من الضّیاع والغلاّت فى کلّ عام، فهو نصف السّدس ممّن کانت ضیعته تقوم بمؤونته، ومن کانت ضیعته لا تقوم بمؤونته، فلیس علیه نصف سدس ولا غیر ذلک(26).

(1) قد اختلفت کلمات الأصحاب فی الهبة و الهدیة و الجائزة، و المال الموصی به و نحوها، فعن الحلّی فی السّرائر نسبة الوجوب الی أبی صلاح الحلبی فی کتاب الکافی، ثم انکر علیه وقال: (ولم یذکره أحد من أصحابنا الاّالمشار الیه و لوکان صحیحاً لنقل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 269 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

امثاله متواتراً والاصل برائة الذمة)
وعن المحقق والشهید یظهر خلاف ذلک حیث نسبا الوجوب الى الاصحاب وفى الدروس نسب الخلاف الى ابن ادریس خاصة، والمحقق فى المعتبر نسب الخلاف إلى بعض أصحابنا، واراد به ابن ادریس.
ویظهر من هذا لاختلاف عدم تحقق الإجماع على أحد الطّرفین، والعمدة هى الأخبار:
منها صحیحة على بن مهزیار عن محمد بن الحسن الاشعرى قال: کتب بعض اصحابنا الى أبی جعفر الثانى(علیه السلام) اخبرنى عن الخمس أعلى جمیع ما یستفید الرّجل من قلیل وکثیر من جمیع الضروب وعلى الصنّاع؟ وکیف ذلک؟ فکتب بخطّه الخمس بعد المؤونة(27)
فانّ الجواب ظاهر فى وجوب الخمس على الجمیع بعد المؤونة.
واما السند فان محمد بن الحسن الاشعرى الراوى لهذا الحدیث لم یوثق بالخصوص ولکن معجم الثقات نقل عن المستدرک أنّ احمد بن محمد بن عیسى روى عنه وهوالّذى اخرج الرّواین عن الضّعفا من قم، فروایته عنه یدلّ على عدم ضعفه فلا أقل أن تکو روایته حسنة.
ومنها صحیحة اخرى عنه وتقدمت آنفاً.
ومنها صحیحة ثالثة عنه عن ابن راشد وتقدمت.
ومنها موثقة سماعة وقد مناها آنفاً.
ومنها صحیحة احمد بن محمد بن عیسى عن ابن یزید وقدمناها عن قریب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 270 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومنها معتبرة ابی بصیر عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: کتبت الیه فى الرّجل یهدى الیه مولاه والمنقطع الیه هدیة تبلغ الفى درهم او أقل او اکثر هل علیه فیها الخمس؟ فکتب(علیه السلام): الخمس فى ذلک وعن الرجل یکون فى داره البستان فیه الفاکهة یأکله العیال انما یبیع منه الشىء بمأة درهم او خمسین درهماً هل علیه الخمس؟ فکتب(ع): أماما أکل فلا وأمّا البیع فنعم هو کسائر الضیاع(28)
ویمکن ان یستدل على ذلک بالآیة المبارکة ایضاً: (واعلموا انما غنمتم من شىء فان لله خمسه وللّرسول ولذى القربى الخ)
وقد عرفت أن صحیحة على بن مهزیار الطویلة فسّرت الغنیمة بالفائدة والجائزة والمیراث الّذى لا یحتسب ومایؤخذ من العدو عند الاصطلام، ونحو ذلک، ولعلّ تقیید الجائزة بالخطر لبقائها الى رأس السنة فان الجائزة القلیلة لا تبقى الیه عادة، وهى تدل على ان مایؤخذ من العدو أحد مصادیق الغنیمة لا انها منحصرة فیه.
وقد یفسّر الغنیمة بنفع بلا مشقة، وهو ینافى مورد الآیة فان غنیمة الحرب لها مشقة عظیمة، ولکنه یمکن ان یقال إن مشقة الجهاد انما هو للدّفاع عن الاسلام اوللّدعوة الیه فالغنیمة الواصلة الى المجاهدین نفع لم یتحملوا المشقة لأجله لأنّه لم یکن هدفاً للجهاد والمجاهدین.
وقد ظهر مما ذکرنا الجواب عن صحیحة عبد الله بن سنان عن أبى عبدالله(علیه السلام): لیس الخمس الاّ فى الغنائم خاصة(29)
فانها تشمل کل الفوائد والمنافع من المعادن والغوص والکنز وما وصل بید

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 271 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نعم لاخمس فى المیراث الاّ فى الذى ملکه من حیث لا یحتسب، فلا یترک الاحتیاط فیه، کما اذا کان له رحم بعید فى بلد آخر لم یکن عالمابه، فمات وکان هو الوارث له(1) وکذا لا یترک الاحتیاط فى حاصل الوقف الخاص، بل وکذا فى النذور(2)

المجاهدین من الکفار وأرباح التّجارة والصّناعة والزّراعة والهبة والمیراث ممن لا یحتسب واجرة الملک والعمل ونحو ذلک.
(1) الاقوال فى خمس المیراث ثلاثة: القول بعدم الوجوب مطلقا ولعلّه المشهور; والقول بالوجوب مطلقاً کما عن الحلبى; والتفصیل بین المحتسب فلا یجب فیه، وغیره فیجب فیه وهو الاقوى;
والعمدة فى عدم وجوبه فى المحتسب هو ان المیراث مما کثر الابتلاء به بین الناس بحیث لا یکون مصر من الأمصار الاّ ویقع الإبتلاء به فى کل یوم فى عدة موارد فلو کان الخمس فى مطلق المیراث واجباً، لشاع وظهر وبان بحیث لم یختلف فیه إثنان، کیف، والمشهور هو عدم الوجوب.
وأمّا الوجوب فى غیر المحتسب فلصحیحة على بن مهزیار المتقدمة فانها صریحة بوجوب الخمس فیه، وما ذکره فى المتن من وجود رحم بعید فى بلد آخر الخ، من باب المثال والاّ فیمکن فرضه فى رحم قریب فى البلد ولم یکن عالما به بشرط عدم کونه أبا أو ابناً.
(2) کما اذا وقف البستان على أولاده فثمراته تصیر ملکاً لهم کالمیراث فاذا زادت عن المؤنة یجب تخمیسها لصدق الفائدة علیها بل معتبرة ابی بصیر المتقدمة آنفا ایضاً باطلاقها تشملها فان البستان فى الدار یمکن ان یکون وقفاً.
وکذا حاصل وقف العام بعد القبول والقبض ان زاد عن المؤونه فانه فائدة یجب تخمیسها کالهبة، فالفرق بین الخاص والعام لا یکون الا فى اعتبار القبول فى الثانى دون الاول.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 272 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والأحوط استحباباً ثبوته فى عوض الخلع والمهر ومطلق المیراث حتى المحتسب منه(1) ونحو ذلک

وأمّا النذر فحاله حال الهبة فى اعتبار القبول والقبض، فان المنذور لا یدخل فى ملک المنذور له الاّ بعدهما.
واما نذر النتیجة بان ینذر أن یکون المال الفلانى ملکاً للمنذور له فصّحته محل اشکال، وذکروا فى وجهه انه یوجب سلب الاختیار عن المنذور له.
وفیه انه لو کان مانعاً لکان مانعاً عن الملک فى الوقف الخاص والإرث ایضاً فانه فیهما یحصل بلا اختیار الموقوف علیه والوارث.
والظاهر أنّ عدم صحة نذر النتیجة انّما هو لعدم کون متعلّق النذر فعلا اختیاریّاً للنّاذر فان ملکیة الشىء الفلانى للمنذور له لا تکون باختیار الناذر فلا یصح مثل هذا النّذر.
وأمّا الإرث والوقف الخاص فدلیلهما متکفّل لحصول الملکیة للوارث والموقوف علیه.
(1) قد یستشکل على عدم وجوب الخمس فى المیراث المحتسب، بدعوى انه لو لم یکن واجباً فیه لکان واضحاً وشایعاً ولم یکن مورداً للخلاف.
وفیه أولا أن الأمر بالعکس فنقول: لو کان الخمس واجباً فیه لکان واضحاً وشایعاً لکثرة الابتلاء به فى کل یوم وفى کلّ البلاد، کیف، والقائل به شاذ کما عرفت و یؤیّده ان الوضوح والشیوع من اوصاف الوجود لاالعدم.
وثانیاً أنه لو کان الخمس فى کل المیراث واجباً، لکان تخصیصه بالمیراث الذّى لا یحتسب، بلا وجه کما فى صحیحة على بن مهزیار المتقدمة، وعلیه فا لأظهر عدم وجوب الخمس فى مطلق المیراث، بل مختص بالمیراث الذى لا یحتسب.

وأمّا عوض الخلع و المهر فلا خمس فیهما لعدم صدق الفائدة و الغنیمة علیهما فان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 273 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأوّل عوض عن السلطة على نفس الزوجة، فبأخذه تنقطع سلطة الزوج علیها، والمهر عوض عن البضع فبأخذه یتسلّط الزوج على نفس الزوجة وینقطع سلطنتها على نفسها، فلیس لها أن تمنع الزوج عن التصّرف فیها.
ولکن السید الحکیم استشکل على ذلک وقال:(قدس سره)(لم یتضح الفرق بین هذین وغیرهما من الفوائد. وما فى الحدائق فى الثانى من انه عوض ـ لو سلم ـ لا یجدى، إذ یکون حاله حال الأجرة الّتى هى عوض عن العمل ولذا عدّهما فى نجاة العباد فى سلک الهبة والهدیة وغیرهما من افراد الفائدة.)
وفیه أن الفرق بینهما وبین بقیة الفوائد واضح، فانّ الاجرة فى الاجارة وان کانت عوضاً عن العمل إلا أن العمل لا یمکن التحفظ علیه واقتنائه فلو لم یعمل ولم یأخذ الأجرة، ضاع العمل وینصرم وکذا أجرة الدار فانها تقع عوضاً عن المنفعة ولکنها بحیث لو لم یستفها المستأجر لتلفت وضاعت، فعلیه تکون الأجرة داخلة فى الفائدة والغنیمة، فاذا زادت على المؤونة یتعلّق بها الخمس;
ومنه ظهر حکم الخلع فانه عکس المهر یوجب زوال سلطة الزوج على الزوجة ویکون عوضاً عنها فلا یکون داخلا فى الفائدة والغنیمة.
هذا کله على ان السیرة القطعیة قائمة على عدم الخمس فى المهر ولم یفت به احد من الفقها، فلو کان الخمس فیه واجباً لظهر وشاع وبان ولم یختف لأحد أصلا لکثرة الابتلاء به فى کل مکان.
ثم إنّ صاحب الوسائل عقد الباب الحادى عشر لعدم الخمس فى أجرة الحج، ولا فیما یصل به صاحب الخمس وروى فیه روایتین إحدیهما صحیحة على بن مهزیار (قال: کتبت الیه یا سیدى رجل دفع الیه مال یحج به هل علیه فى ذلک المال حین یصیر الیه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة274 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخمس او على ما فضل بیده بعد الحج؟ فکتب(علیه السلام) لیس علیه الخمس)(30)
الثانیة روایة على بن الحسین بن عبد ربّه (قال: سرح الرّضا(علیه السلام)) بصلة الى أبى، فکتب الیه أبى هل علىّ فیما سرحت إلىّ خمس؟ فکتب الیه لا خمس علیک فیما سرح به صاحب الخمس).(30)
واستشکل علیه سیّد ناالأستاذ الخوئى(قدس سره) فى الأولى حیث قال: (وانت خبیر بما فیها من قصور الدّلالة وان صحّ السند. امّا أولا فلا جل أنه لم یفرض فیها ان المال المدفوع الیه کان بعنوان الاجرة، ومن الجائز ان یکون قد بذل للصرف فى الحج کما هو متعارف و مذکور فى الروایات ایضاً من غیر تملیک ولا عقد اجارة، بل مجرّد البذل و اجازة الصرف فى الحج. ومن الواضح عدم وجوب الخمس فى مثل ذلک إذ لاخمس الاّ فیما یملکه الانسان ویستفیده والبذل المزبور لیس منه حسب الفرض.
وامّا ثانیاً فلقرب دعوى ان السئوال ناظر الى جهة الوجوب الفعلى اذ لم یسأل أنه هل فى المال خمس أولا؟ حتى یکون ظاهراً فى الحکم الوضعى لیلتزم بالاستثناء، بل یقول: هل علیه خمس، ولا ریب ان کلمة على اذا دخلت على الضمیر الراجع الى الشّخص، ظاهرة حینئذ فى التکّلیف وغیر ناظرة الى الوضع.
وعلیه فلو سلمنا ان الدفع کان بعنوان الایجار فالسئوال ناظر الى وقت الاخراج وانه هل یجب الخمس فعلا او بعد العودة من الحج، فجوابه(علیه السلام)بانه لیس علیه الخمس، أى لیس علیه ذلک فعلا، لا أن هذا المال لم یتعلّق به الخمس.
وعلى کل حال فلا ینبغى الاشکال فى انه لا فرق فیما ینتفع به الانسان بین اجرة الحج وغیرها واحتمال التخصیص باطل جزماً.) انتهى کلام الاستاذ.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة275 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والجواب عن ذلک ان اطلاق کلامه(علیه السلام): لیس علیه الخمس ینفیه مطلقا، سواء کان ما دفع الیه اجرة للحج او کان بذلاله وسواء کان السئوال ناظراً الى الحال أو المستقبل فلو کان الخمس واجباً علیه فى المستقبل لفصّل بینهما بوجوب الخمس اذا زاد على المؤونة.
وأمّا قوله: (لم یفرض فیها أن المال المدفوع الیه کان بعنوان الأجرة الخ.)
فنقول: لم یفرض فیها انه کان بذلا، فاطلاق الجواب یکفى فى نفى الخمس على التقدیرین فالانصاف أن الاستدلال بها تام سنداً ودلالةً.
وامّا الرّوایة الثانیة فهى ضعیفة لأجل سهل فلا فرق بین ما سرح به صاحب الخمس وغیره فیجب تخمیسه إن زاد على المؤونة.
تنبیه
لو اشترى سیارة بمیلیون تومان وآجرها فى سنتین بثلاث مأة الف تومان ووصل رأس السّنة، وبقى منها مأتا الف تومان فهل یجب تخمیس کل ما بقى فى آخر السنة ام لا؟ الاظهر هو عدم وجوب تخمیس الجمیع وذلک لأنه ان باع السیارة مسلوبة المنفعة الى سنتین بثمان مأة الف تومان لا یجب علیه الخمس، لان الخمس انما هو بعد مؤونة التحصیل ومؤونة الأهل والعیال، لان مأتى الف تومان وان بقیت عند رأس السنة الاّ أن قیمة السیارة قد نقصت بمقدارها.
نعم لو اشتراها بمیلیون تومان وأجرها فى سنتین بمأتى الف تومان، وعند رأس السنة یسوى قیمتها میلیون تومان، ولکنها لو لم تکن مسلوبة المنفعة، تسوى میلیون ومأتى الف تومان فهنا یجب تخمیس المأتین لانهار بحها، فلوکات عنده سیارة أخرى اشتراها ایضاً بمیلیون تومان ورفع قیمتها الى میلیون ومأتى الف تومان یجب تخمیس المأتین لأنّ الخمس یتعلق بارتفاع القیمة;

ویجرى هذا الکلام فى مکائن الخیاطة والتولید والعمل ولنساجة وغیرها.


وهکذا الکلام لو آجر نفسه مثلا خمس سنین بخمسمأة الف تومان، فوصل رأس السنة، فلو کان أخذ الأجرة تماماً لا یجب علیه الا تخمیس مأة الف لأنّهار بح هذه السنة، وامّا أربعمأة الف أخرى، فلا یجب تخمیسها لأنه مدین للعمل.


ویمکن ان یقال: ان العامل الاجیر ان کان عبداً فینقص قیمته حیث انه مسلوب المنفعة، فلا بدّ من کسره عند رأس السنة، وأمّا الحر فبما انه لا یقابل بالمال، فلا یتصور نقص القیمة فیه، فاستثناء هذا العمل من الحرّ لا یخلو عن تأمّل.


ولکنه یمکن الجواب عن ذلک بان الخمس یتعلق بالرّبح والفائدة، فلو کان مدینًا للعمل فى السنوات الآتیة، لم یصدق علیه أنّه ربحه وأفاد فعلیه لا بد من کسره وعدم تخمیس مازاد عن هذه السنة، فأنّ عمل الحر اذا کان متعلقا للایجار یقابل بالمال، ویترتب علیه انه لوحبسه الظالم فى تمام السنتین کان ضامناً لعمله للمستأجر لانه فوّته علیه.

1- القرأن الکریم السورة: الأنفال 8 ـ الآیة: 41.
2- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب قسمة الخمس، حدیث 3، ص 356.
3- الوسائل ج 6، ب 8 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 3، 4، ص 348، 349.
4- الوسائل ج 6، ب 8 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5، 6، 7، 10، ص 349، 350، 351.
5- الوسائل ج 6، ب 12 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1 و 2، ص 354.
6- الوسائل ج 6، ب 4 من ابواب الانفال، حدیث 1 و 2 و 15 و 3، ص 379 و 383.
7- ص 238.
8- الوسائل ج 6، ب 4، من ابواب الانفال، حدیث: 12 و 14، 382، 383.
9- الوسائل ج 6، ب 4، من ابواب الانفال، حدیث: 16، ص 383 کمال الدین و تمام النعمة ب 45 ـ التوقیعات، ص 484 و 485.
10- الوسائل ج 6، ب 3، من ابواب الأنفال حدیث: 1 ص 375.
11- الوسائل ج 6، ب 3، من ابواب الأنفال حدیث 5، ص 376.
12- الوسائل ج 6، ب 3، من ابواب الأنفال حدیث 2،3 ص 375،376.
13-الوسائل ج 6، ب 3، من ابواب الانفال.
14- الوسائل ج 6، ب 4، من ابواب الانفال حدیث 4 و 6، ص 379، 380.
15- ص 238.
16- الوسائل ج 6، ب 8، من ابواب ما یجب فیه الخمس حدیث: 8، ص 351.
17- الوسائل ج 6، ب 4، من ابواب الانفال حدیث 8،11، ص 381،382.
18- الوسائل ج 6، ب 4، من ابواب الانفال حدیث 12، ص 382.
19- الوسائل جلد 6، ب 4، من ابواب الأنفال حدیث: 4، ص 379.
20- الوسائل جلد 6، ب 4، من ابواب الأنفال، حدیث 6 ص 380.
21- الوسائل ج 6، ب 4 من ابواب الانفال، حدیث 2، ص 379.
22- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 3، ص 348.
23- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5، ص 349.
24- ص 266 و 227.
25- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب مایجب فیه الخمس، حدیث 6، ص 350.
26- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5، ص 349.
27- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1، 348.
28- الوسائل ج 6 ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس حدیث 10 ص 351.
29- الوسائل ج 6، ب 2 من أبواب ما یجب فیه الخمس حدیث 1، ص 338.
30- الوسائل ج 6، ب 11 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1، 2 ص 354

مساله 50 ص (276 - 278)

مساله 50 ص (276 - 278)

(مسألة 50) اذا علم أنّ مورّثه لم یؤد خمس ما ترکه وجب اخراجه(1) سواء کانت العین التّى تعلّق بها الخمس موجودة فیها او کان الموجود عوضها، بل لو علم بإشتغال ذمته بالخمس وجب اخراجه من ترکته مثل سائر الدیون


(1) قد أسلفنا البحث عن ذلک مفصّلا، وقلنا: إنّ المستفاد من صحیحة أبی خدیجة وصحیحة یونس بن یعقوب هو أنّ ما انتقل الى الشیعى عن الکافر أو المخالف أو الشیعى الفاسق الغیر المبالى بالشرع یکون حلالا له ولا وجه للتقیید بالذّى لا یعتقد الخمس کما هو المشهور.

بقی امور لا بدّ التّنبیه علیها: الأول أن الشیعی المتقی المقیّد بالشّرع اذا توفی أثناء السّنة، لا بدّ من تخمیس ما ترکه من الأرباح واخبار التحلیل لا تشمله فانها وردت للامتنان علی الشیعة، و لا إمتنان علیهم لو کان متعلّق الخمس و ماترکه المیت حلالاً علی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 277 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ورثته الشیعى، ولکّن الشیعى المتوفّى بقى مشغول الذّمة بالخمس وهنا لا بدّ من التّخمیس وتفریغ ذمة المیّت، فانّه لم یکن مقصّراً فى الأداء.
وهکذا اذا توفّى بعد انقضاء السنة، ولم یخمسّ فاضل المؤونة، ولکنه کان بصدد التخمیس ولم یوفّق لذلک، فعلیه یکون اخبار التحلیل ولا سیما الصحیحتین مختصة بالذّى لا یعتقد الخمس أو لا یبالى به اصلا ولایکون بصدد التخمیس.
الثانى انه لو کان المتوفّى والوارث کلاهما لا یبالى بالخمس ولا یکونان فى مقام الإطاعة والإمتثال، فهنا لا مجال للقول بانّ الإرث المتعلق للخمس یکون حلالا للمنتقل الیه وحراماً على المتنقل عنه ویکون بانفراده مشغول الذمة وضامنا للخمس بل کلاهما ضامن ولا ترجیح لأحدهما على الآخر.
أللهم إلا ان یقال: ان اطلاق صحیحة أبی خدیجة یشمل جمیع الشیعة بلافرق بین المطیع والفاسق ولا سیما فى الفروج حیث إنها مورد السئوال.
الثالث أنه اذا کان المنتقل عنه کافراً او مخالفاً والمنتقل الیه شیعیاً فاسقًا وطاغیاً لا یبالى بالخمس ولایکون بصدد التخمیس اصلا، فهل یکون ما انتقل الیه حلالا له أم لا؟ فیه تأمّل واشکال، وان لا یبعد القول بالتحلیل لا طلاق صحیحة أبی خدیجة حیث قال(ع) فیها: (هذا لشیعتنا حلال الشاهد منهم والغائب والمیت منهم والحى ومایولد منهم الى یوم القیامة.)(1)
وهذا بخلاف ما اذا کان کلاهما أهل الولایة فان التحلیل بالاضافة الى المنتقل الیه وعدم ضمانه وضمان المنتقل عنه بانفراده مع انهما طاغیان وعاصیان بلا مرجح، الاّ ان دعوى الاطلاق کما عرفت غیر بعید.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 278 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرابع هو أن المستفاد من النصوص ان عصیان الشیعة بالنسبة الى أمر الخمس وطغیانهم لایکون موجباً لسرایة الزنا بالنسبة الى اولادهم بان لا یکونوا اولاد حلال، فان طیب ولادة الشیعة کان هدفاً لهم(علیهم السلام) ولا یرضون بخبث ولادتهم باىّ وجه.
وتدل على ذلک عدة روایات: منها صحیحة الفضیل عن ابی عبد الله(علیه السلام)قال: من وجد برد حبّنا فى کبده فلیحمد الله على أوّل النعم، قال: قلت: جُعلت فداک ما اول النعم؟ قال طیب الولادة، ثم قال ابو عبدالله(علیه السلام): قال أمیر المؤمنین(ع) لفاطمة(علیها السلام)أحلّى نصیبک من الفىء لآباء شیعتنا، لیطیبوا، ثم قال ابو عبدالله(علیه السلام): إنّا أحللنا امهات شیعتنا لآبائهم لیطیبوا.(2) ومنها غیرها(2)
الخامس أن المال المتعلّق للخمس إن انتقل الى الشیعى فان کان بالمعاوضة انتقل الخمس الى بدله، وان کان بالهبة وامثالها انتقل الخمس الى ذمة المنتقل عنه وهذا انما یکون باجازة ولىّ الأمر منة على المنتقل الیه.
السادس اذا کان الخمس فى ذمة المتوفّى، یبقى مقداره من الترکة فى ملکه فیجب أن یؤدّى به ما فى ذمّته لیفرغ ذمته عنه، فأن اخبار التحلیل لا تشمل ما فى الذمة بل تخص ما هو متعلق الخمس من الاعیان الخارجیة ـ کما تقدم ـ

1- الوسائل ج 6، ب 4 من ابواب الانفال، حدیث 4، ص 379.

2- الوسائل ج 6، ب 4 من ابواب الانفال، حدیث 10 و غیره من الروایات المرویة هناک.

مساله 51 ص (278 - 281)

مساله 51 ص (278 - 281)

(مسألة 51) لا خمس فیما ملک بالخمس أو الزکاة او الصّدقة المندوبة وان زاد عن مؤونة السنة(1) نعم لو نمت فى ملکه، ففى نمائها یجب، کسائر النّماءات

(1) استد لّواعلى ذلک بوجوه:
الأوّل ما عن کاشف الغطاء والشیخ الانصارى (قدس سرهما) فى کتاب خمسه من أن السّادة أو الفقراء ما لکون للخمس والزّکاة فیدفع الیهم ما یطلبونه، فلا یصدق علیه عنوان الفائدة لا نصرافها عنه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 279 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفیه ان الملکیة لا تمنع عن صدق الفائدة بوجه، فان التاجر اذا عامل معاملة رابحة، یملک الربح ویجب فیه الخمس، بل لاخمس الا فى الملک، فالملکیة شرط لوجوب الخمس والزکاة لا انها مانعة.
ودعوى انصراف الفائدة عن الخمس والزکاة اذا قبضهما المستحق لا شاهد علیها. على أنّ الفقیر لا یملک الاّ بالقبض وقبله یکون المالک هو الکلّى لا الاشخاص. والّذى یمنع عن صدق الفائدة هو إعطاء العوض والبدل ـ کما تقدم ـ والفقیر لا یبذله، وامّا مجرد الاستحقاق فلا یمنع.
الثانى روایة على بن الحسین بن عبدر به، قال: سرّح الرّضا(علیه السلام)بصلة الى أبى، فکتب الیه أبى هل علّى فیما سرّحت الىّ خمس؟ فکتب الیه لا خمس علیک فیما سرح به صاحب الخمس(1)
تقریب الاستدلال أنّ المراد بصاحب الخمس هو ولىّ الخمس فیعمّ الفقیه الجامع للشرائط، واما المالک اذا اعطاه للسید المستحق، فلا خمس فیه ایضاً للقول بعدم الفصل.
وفیه أنّ الروایة ضعیفة بسهل بن زیاد والا فیتمّ الاستدلال با النسبة الى الخمس لا الزکاة والصدقات المندوبة.
ویظهر من تقریر بحث سیدنا الاستاد الخوئى(قدس سره) المناقشة فى دلالة الروایة بوجهین: (أحدهما انها مختصة بهدیة الامام(علیه السلام) لسهم الامام وعدم الخمس فیها اجنبى عما ملکه السید من الخمس.
ثانیهما انها تنفى الخمس عن خصوص الهدیة المملوکة، فلا تدلّ على ان السید اذا اخذ الخمس ممن وجب علیه، لم یجب علیه الخمس.)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 280 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفیه أولا أنه لا دلیل فى الرّوایة على أنّ الصلة کانت سهم الامام(ع) ومن الجائز انها کانت من سهم السّادة.
وثانیا أن الصّلة تجمع مع الخمس فلو سرّح الامام الخمس الى المستحق یصدق انه(ع) سرّح بصلة الیه.
فالاطلاق فى کلام الامام ـ على فرض صدوره یشمل الخمس الذى یسرّحه الفقیه الى المستحق، فالعمدة هى المناقشة فى السّند.
الثالث أن الخمس الذى یصل الى المستحق یکون معلولا لا یجابه وتشریعه، فلا یمکن ان یکون موضوعاً له وعلة لا یجابه;
وبعبارة أخرى وجوب تخمیس الربح مقدّم على الخمس فلو کان تخمیس الخمس الذى وصل الى المستحق واجباً لزم تأخیره، فیلزم ان یکون الشىء الواحد مقدماً ومؤخراً.
وهو نظیر الاشکال المعروف فى حجّیة خبر الواحد بالاضافة الى خبر الواسطة فلو قال الشیخ أخبرنى المفید انه قال: اخبرنى الصفار انه قال: اخبرنى الامام(علیه السلام)، فخبر المفید غیر ثابت لنا الابعد قول الشارع: صدّق العادل، فعلة ثبوت خبر المفید هو وجوب تصدیق الشیخ، فکیف یکون وجوب التصدیق حکماً لخبر المفید ومعلولا له.
والجواب عن ذلک ان وجوب خمس الفائدة أو وجوب تصدیق العادل قضیّة کلّیة حقیقیّة، تنحل بانحلال الموضوع، فکلّما تحقق الموضوع یلحقه حکمه بلا فرق بین الموضوعات العرضیة والطولیة، فهنا موضوعات کثیرة واحکام کثیرة ولا اشکال فى أن یکون بعض الأحکام دخیلا فى اثبات موضوع آخر،فاذا تحقق الموضوع یلحقه حکمه بلا فرق بین الموضوعات فى أنّ للحکم دخلا فى تحقق الموضوع أم لا.
على أن هذه الوجوه لا تشمل الصّدقة المندوبة أصلا، فلو زادت عن مؤونة السنة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 281 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

یجب تخمیسها بلا اشکال لصدق الفائدة علیها جزمًا.
ولکنّها غیر تامة بالنسبة الى الصدقة الواجبة والخمس ایضاً فلو زادت عن مؤونة السنة یجب تخمیسها بلا فرق بین الثلاثة.
وناقش المرحوم آیة الله الشاهرودى بأنه لا یتصور زیادة ما ملکه بالخمس أو الزّکاة عن المؤونة لعدم جواز تملّک المستحق ما زاد على مؤونة السنة.
وفیه أنّ تملک المستحق مقدار مؤونة السّنة اللائقة بحاله جائز حتماً فلو قترّ على نفسه، یزید عن مؤونة السنة قهراً.

1- الوسائل ج 6، ب 11 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 2، ص 354.

مساله 52 ص (281 - 282)

مساله 52 ص (281 - 282)

(مسألة 52)اذا اشترى شیئاً ثم علم أن البایع لم یؤدّ خمسه کان البیع بالنسبة الى مقدار الخمس فضولیاً(1) فان امضاه الحاکم رجع علیه بالثمن ویرجع هو على البایع اذا ادّاه، وان لم یمض فله ان یأخذ مقدار الخمس من المبیع، وکذا اذا انتقل الیه بغیر البیع من المعاوضات(2) وان انتقل الیه بلاعوض، یبقى مقدار خمسه على ملک أهله(3)

(1) ان قلنا بشمول أخبار التحلیل للمقام کان المبیع للمشترى حلالا وتعلّق الخمس بالعوض;


وان لم نقل بذلک لا اشکال فى کون البیع فضولیاً بالنسبة الى مقدار الخمس، فان أمضاه الحاکم، یأخذ ثمن خمس المبیع من المشترى وهو یرجع الى البایع إن ادّاه، وان لم یمض، فله ان یأخذ مقدار خمس المبیع، فاذا اخذه کان للمشترى الخیار لتبعّض الصفقة، وإن علم ذلک من الأول وإشتراه، لا یکون له الخیار، وإن أخذ الحاکم خمسه، وکذا اذا انتقل الیه بغیر البیع من المعاوضات.


(2) کالاجارة والصلح والهبة المعوّضة ونحوها.


(3) هذا اذا لم یمضه الحاکم والاّ فلا یبقى على ملک أهل الخمس، فأنّ إمضاء الحاکم بمنزلة الإستیفاء.


وان قلنا بشمول اخبار التحلیل للمقام ـ کما هو الاظهر ـ فما انتقل الى الشیعى کان حلالا له، وان لم یمضه الحاکم، والحلّیة للمنتقل الیه وان کان مجاناً، والضمان على المنتقل عنه، بلا فرق بین المعاوضة والهبة، فانه کان، موظفاً بالتخمیس وقصّر فباع أو وهبه، فیکون ضامناً، فلامنافاة بین حلّیة المال للمنتقل الیه وضمان المنتقل عنه، فإنّ التحلیل للمنتقل الیه امتنان علیه، بما انه شیعى، والمنتقل عنه بما أنه مقصرّ یکون الضمان علیه.


وممّا ذکرنا ظهر أنّ ما ذکره سیدنا الأستاذ الخوئى(قدس سره) من ان المشترى ان کان مؤمناً فالمعاملة ممضاة وصحیحة، قد لا یجتمع مع ضمان المنتقل عنه مطلقاً فإن امضاء الهبة، إستیفاء للمال، فکیف یکون ضامناً، اللّهم أن یقال: ان المقصود من الإمضاء حلّیة العین المنتقلة للمنتقل الیه، لا اکثر فیکون المنتقل عنه ضامناً مطلقا لأنه مقصرّ فى إخراجه، ولکنه یستقیم ان قلنا بان الکفار، مکلّفون بالفروع والا فلا معنى لضمانه إن کان کافراً فانه غیر مکلّف بالتخمیس فکیف یحکم بضمانه، وامّا المخالف والشیعى المقصر فیحکم بضمانهما;

مساله 53 ص (282 - 286)

مساله 53 ص (282 - 286)

(مسألة 53) اذا کان عنده من الأعیان التى لم یتعلّق بها الخمس أو تعلّق بها لکنّه أداه فنمت وزادت زیادة متصلة أو منفصلة وجب الخمس فى ذلک النماء(1)


(1) وذلک لصدق الفائدة على الزّیادة، فلو ورث عجلا یسوى قیمته الف تومان، فکبر وصار بقرة وبلغت قیمتها عشرین الف تومان، یصدق على النمّو الفائدة جزماً، هذا فى الزیادة المتصّلة.
وأما المنفصلة فالأمر فیها أوضح کالنتاج فى الغنم والثمرة فى البستان والصّوف فى الشاة، فلو اخذت الف شاة للدّیة لا خمس فیها، ولکنّها اذا انتجت الف سخلة وبقیت الى رأس السنة یجب تخمیسها لأنها فائدة وغنیمة، وهکذا الکلام فى المهر والخلع والمیراث المحتسب فانّ الفائدة والغنیمة لاتصدق علیها ولکنّها تصدق على نتاجها جزماً فیجب تخمیسها عند رأس السنة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة283 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأمّا لو ارتفعت قیمتها السّوقیة من غیر زیادة عبنیة، لم یجب خمس تلک الزیادة لعدم صدق التکسّب ولا صدق حصول الفائدة، نعم لو باعها لم یبعد وجوب خمس تلک الزیادة من الثمن(1)

تنبیه
یستثنى من الأعیان الّتى لم یتعلّق بها الخمس ونمت زیادة متّصلة الزرع الّذى لم یحن وقت الاستفادة منه، کالحنطة والشعیر والأرز ونحوها فان الغنیمة والفائدة منصرفة عنها قبل التصفیة، فاذا صفّاها من التبن فکلّ من الحبوب والتبن یعدّ غنیمة، فان بقى الى السنة القادمة یجب التخمیس والاّ فلا.
وهذالکلام یجرى فیما اذا توفّى المالک اثناء السنة فان الأرباح والفوائد التى کانت ملکاً له یجب تخمیسها لانقضاء سنته بالموت بخلاف الغریة والفصیلة التى زرعت لتصیر شجرة والقصیل الذى کان المقصود منه الحنطة والشعیر فإنّها لاتصدق علیها الغنائم والفوائد، حتى یجب تخمیسها، وکذا لکام فى الدلب والخلاف وأمثالهما من الاشجار فما دام لم یصل آوان الاستفادة منها لا یجب التخمیس لعدم صدق الفائدة علیها.
(1) بل بعید فان الدّار اذا کانت میراثا او مهرا او دیة او عوضاً عن الخلع وکانت عند تملّکها تسوى قیمتها مأة ألف تومان وبعد عدة من السنین تسوى میلیون تومان فان باعها بذلک یصدق عرفاً انه باع المیراث او المهر او الدیة أو عوض الخلع بمیلیون تومان ولا یصدق عرفاً انه أفاد أو اغنتم أو ربح.
وبعبارة أخرى إذا فرض أنّ الدّلیل دلّ على عدم الخمس فى المیراث والمهر والدیة وعوض الخلع شمل الدّار المذکورة من دون ملاحظة أن قیمتها زادت أو نقصت.

نعم یمکن الفرق بین هذه الأمور الّتی لم یتعلّق بها الخمس و الأمور الّتی تعلّق بها و ادّاه کالدار الّتی اشتراها من الأرباح، ففی رأس السنة أخرج خمسها ثم مضت السنون وارتفع قیمتها السوقیة، فباعها باضعاف قیمتها الأولی فان الخمس یتعلّق بمازاد علی

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 284 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

القیمة الاولى لصدق الفائدة علیه بلا اشکال، فالتّسویة بین الصّنفین ـ کما یظهر من المصنف(قدس سره)ـ لا وجه لها.
ویلحق بذلک السرقفلیة فلو اشترى دکانّاً بمأة الف وسکن فیه عدة سنوات وارتفع السّرقفلیة لا یجب تخمیسها لعدم صدق الفائدة، فاذا باعها بمیلیون تومان یجب تخمیس تسعمأة ألف لصدق الفائدة علیها بلا اشکال.
هذا اذا باعها بالنقود من جنس الأول، وأمّا إذا باعها بنقود من جنس آخر کما اذا اشتراها بالتومان وباعها بالدّلار أو باعها بعروض، فهل یتعلّق الخمس بالزیادة أم لا؟ قد یقال: بعدم وجوب الخمس فى الزّیادة بدعوى أن العرف لا یرى هنا حصول الغنیمة والفائدة بخلاف ما اذا باعها بجنس الثمن الأوّل، فیصدق الغنیمة على الزائد عن الثمن الأول ـ کما عن بعض الاصحاب.
وفیه ان صدق الفائدة والغنیمة على ما زاد على الثمن الأول بلا شبهة عند العرف، الا ترى انه لو اشترى سجادة بالف تومان وباعها بعد سنین بالف دلار یحاسب العرف فیحکم بأنه ربح واغتنم باکثر من أربعماة الف تومان، وکذا اذا باعها بسیارة تسوى باکثر من أربعماة ألف تومان یصدق أنه ربح واستفاد واغتنم جزماً، فان نظر العرف الى المالیة لا خصوص الثمن.
هذا کله فیما اذا کان الغرض من الشراء الإقتناء، واما اذا کان الغرض هى التجارة فزادت قیمتها السوقیة بلا زیادة فى العین، فلا اشکال فى وجوب الخمس فى ارتفاع القیمة، باعها أو لم یبعها، لأن العرف یرى ارتفاعها فائدة وغنیمة، والسیرة من العقلأ جاریة على ذلک.
على أن صحیحة محمد بن قیس تدلّ علیه: (قال: قلت لأبی عبدالله(علیه السلام): رجل دفع الى رجل الف درهم مضاربة فاشترى أباه وهو لایعلم، فقال: یقوّم فاذا زاد درهماً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 285 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا اذا لم تکن العین من مال التجارة ورأس مالها، کما اذا کان المقصود من شرائها أو إبقائها فى ملکه الانتفاع بنمائها أو نتاجها او أجرتها او نحو ذلک من منافعها.
وأمّا اذا کان المقصود الاتّجار بها، فالظاهر وجوب خمس ارتفاع قیمتها بعد تمام السنة. اذا امکن بیعها واخذ قیمتها.

واحداً أعتق واستسعى فى مال الرّجل(1)
فانّها تدلّ على ان زیادة درهم واحد على أصل القیمة تعدّ فائدة ولو قبل الانضاض، فان نصف الدرهم مثلا یکون للمشترى العامل، فیعتق منه بمقداره ویسعى فى الباقى، وان لم یبعه ـ کما عرفت ـ .
وقد تحصّل مما ذکرنا عدة امور:
الأول أن الرّبح والفائدة والغنیمة لا فرق فیه بین أن یکون من جنس الثمن أو غیره او العروض فلو اشترى سلعة بالف تومان وباعها بسلعة أخرى تسوى قیمتها عشرة آلاف وبقت الى آخر السنة تکون الفائدة تسعة آلاف فلابدّ من تخمیسها.
الثانى أن مطلق النمو فیه الخمس الا ما لا تصدق علیه الفائدة والغنیمة وذلک کالزرع قبل او ان حصاره حین ما کان قصیلا، وکالفسیل الذى یغرس ولم یصل أو ان الاستفادة منه، فانه وان کان ینمو فى کل سنة الا انه مادام لم یصل اوان قطعه والاستفادة منه او بیعه، لا یجب التخمیس فى کل سنة لعدم صدق الفائدة والغنیمة، وکذا الاشجار المثمرة التى کان الغرض من غرسها الاستفادة من ثمرها لمؤونة السنة.
الثالث ان البقرة او الشاة او الناقة المشتراة للاستفادة عن لبنها إن کبرت أو سمنت لا یجب الخمس فیها لأنّ المقصود منها اللّبن لا الکُبر والسّمن وکذا اذا کان الفرض من الشراء صوفها وسخالها.

نعم الشیاه المشتراة للاستفادة من کبرها وسمنها لابدّ من تخمیس الکبر والسّمن لصدق الفائدة والغنیمة علیهما بلا شبهة.

1- الوسائل ج 13، ب 8، من أحکام المضاربة، حدیث 1، ص 188.

مساله 54 ص (286 - 291)

مساله 54 ص (286 - 291)

(مسألة 54) اذا اشترى عیناً للتکسّب بها فزادت قیمتها السّوقیة ولم یبعها غفلة أو طلباً للزّیادة ثم رجعت قیمتها الى رأس مالها أو أقل قبل تمام السنة لم یضمن خمس تلک الزّیادة لعدم تحققها فى الخارج(1) نعم لو لم یبعها عمداً بعد تمام السنة واستقرار وجوب الخمس ضمنه(2)


(1) التحقق فى الخارج لیس مناطاً للضمان، بل المناط هو التعدى أو التفریط على أن هذا الکلام ینافى ما تقدم منه(قدس سره) فى المسألة السابقة حیث قال: فالظاهر وجوب خمس ارتفاع قیمتها، بعد تمام السنة، فلو کان المناط فى وجوب الخمس هو التحقق فى الخارج، فکیف حکم هناک بوجوب الخمس لارتفاع القیمة ولو لم یبعها.
ویمکن أن یکون المراد من هذه العبارة أن الزیادة على المؤونة لم تحقّق هنا لعدم انقضاء السنة، فلهذا لا ضمان فیه.
(2) استشکل علیه آیة الله الشاهرودى(قدس سره) فى حاشیة العروة قال: (لکن الکلام فى استقراره خصوصاً فیما اذا کان الإمساک لاجل طلب الزیادة).
وفیه أن الإمساک لا یجوز بعد إنقضاء السنة، فان المالک موظّف شرعاً بالبیع والتخمیس فالامساک وعدم التخمیس موجب للضّمان اذا رجعت القیمة الى رأس المال فانّه تفریط بالنسبة للخمس،
وقال بعض المعلّقین الآخر: (المدار فى الضّمان على التفریط، فلو أمسکه لا على وجه التفریط، إمّا لعدم مشتر فعلى او لانتظار مشتر أنفع وأرجح أو لغیر ذلک مما هو معمول بینهم فلا ضمان).
وفیه أنه لم یتوجه الى مرام السیّد الماتن(قدس سره) فانه صرّح بعدم البیع عمداً وهو کالصریح فى وجود المشترى مع إرتفاع القیمة، فهو مقصّر فى عدم البیع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 287 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

واستشکل على المتن سیدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره) بان تعلق الخمس فى العین إمّا یکون بنحو المشاع فى العین ـ کما هو المختار ـ او بنحو الکلى فى المعیّن فى نفس العین ـ کما هو مختار الماتن(قدس سره) ـ وعلى التّقدیرین لا یکون المالک فى فرض تنزّل القیمة ضامناً لخمس إرتفاع القیمة، بل اللازم علیه تخمیس العین بالنسبة.
ولکن ظاهر عبارة المتن تعلّق الضّمان بالخمس من تلک الزیادة التالفة بالتّنزّل فیکون الضمان بمقدار الخمس مما تلف، فلو فرضنا أن قیمة العین کانت خمسین دیناراً فزادت وصارت فى آخر السنة مأة دینار، ثم رجعت بعد تمام السنة الى الخمسین ضمن عشرة دنانیر التى هى خمس الخمسین التالفة بعد زیادتها.
بل قد یفرض استیعاب الخمس لجمیع المال، کما لو کانت قیمة العین عشرین دیناراً فزادت ترقیّا فاحشاً حتى بلغت مأة وعشرین دیناراً، ثم تنزّلت الى ما کانت علیه من العشرین، فیجب حینئذ دفع تمام العشرین الذى هو خمس المأة الزائدة (الى ان قال): وعلى الجلمة فظاهر ما فى المتن من التعبیر بالضمان هو ما ذکرناه، مع انه لا دلیل علیه بوجه، ضرورة ان نقصان المالیة لا یستوجب الضمان بتاتاً لإنحصار موجب الضمان بتلف المال إمّا ذاتا أو وصفاً، کما لو جعله معیباً، حیث یضمن حینئذ صفة الصحة، واما تلف المالیة التّى هى أمر اعتبارى، لا تکاد تقع تحت الید، فلیس هو من موجبات الضمان، الاّ اذا أتلف تمام المالیة بحیث کانت العین معه بحکم التالف وان کانت موجودة، کما لو غصب نقداً رائج المعاملة کالدینار، فسقط عن الاعتبار وصار قرطاساً لا یسوى فلساً واحداً، فانه نظیر المال الملقى فى البحر فى السقوط عن المالیة، وان کانت العین موجودة،
وأمّا دون البلوغ هذالحد بحیث کانت المالیة باقیة، وان نقصت عما کانت علیه، فطرأ التّلف على مقدار من المالیة لا على نفس المال، فلم یدل اىّ دلیل على ضمانها،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 288 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن ثم لو غصب مالا فأبقاه عنده حتى نزلت قیمته السّوقیة، ثم ردّه الى المالک خرج عن عهدة الضمان وإن کان آثماً، إذ أنّ ضمان الید مغیّى بالأداء بمقتضى قوله ما ورد من أن: (على الید ما اخذت حتى تؤدّى) وقد أدّى العین بنفسها حسب الفرض ولا دلیل على ضمان المالیة التالفة التى هى أمر اعتبارى لاتقع تحت الید کما عرفت،
وعلیه فالتّعبیر بالضمان ـ کما جاء فى المتن ـ کانه فى غیر محلّه بل کان الأولى ان یعبّر بعدم سقوط الخمس بدلا عن التعبیر بالضمان، اذ لا موجب لسقوط الخمس ـ بعد استقراره ـ بالتنزل بل هو بعد باق فى العین فنخمّس نفس هذالعین بنفس تلک النسبة التى کانت علیها;
ففى المثال السّابق حینما ترقّت العین من العشرین الى المأة والعشرین وتعلّق الخمس بالمأة الزائدة، فبما أن المالک یملک رأس المال بضمیمة أربعة اخماس الزیادة فمرجع ذلک الى تعلّق حق السّادة بسدس مالیة العین الفعلیة لأنّ نسبة العشرین الذى هو خمس الزیادة الى المأة والعشرین التى هى القیمة الفعلیة هى السّدس، فاذا تنزّلت القیمة ورجعت الى ماکانت علیه من العشرین تستحقق السّادة حینئذ من العین نفس النسبة التى کانوا یستحقونها اولا أعنى السّدس فتقسّم العشرون ستة أجزاء جزء للسّادة والباقى للمالک، لا أنه یضمن ذلک الخمس لکى یؤدّى تمام العشرین (الى أن قال) لکنّ هذا
المعنى لا یساعده ظاهر العبارة بل ظاهرها ضمان نفس الخمس من الزیادة التّالفة، وقد عرفت أنه لا وجه له لعدم استیجاب نقص المالیة للضّمان فى أىّ مورد کان حتى فى موارد الغصب الذى هو من أشدّ أنواع الضّمان بحیث ورد ـ کما قیل ـ: الغاصب یؤخذ بأشقّ الأحوال، فمع بقاء العین یجب الأداء من مالیة العین على النسبة التى کانت علیها سابقاً حسب ما عرفت.

والتحقیق إبتناء المسألة علی کیفیة تعلّق الخمس بالأعیان، فبناء علی أن الخمس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 289 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

متعلّق بالعین ـ کما هو ظاهر أدلة وجوبه ـ وقد صرّح به الماتن فى المسألة (75) فلا اثر لتنزّل القیمة بعد تعلّق الوجوب وتأخیر الاداء فى الضمان، فان متعلّق الحق هو نفس العین الخارجیة وهى موجودة من دون نقصان، وانما النقیصة فى أمر اعتبارى وهو القیمة، ولا موجب للضمان بالنسبة الیه.
ولا فرق فى ذلک بین القول بأن التعلّق من باب الاشاعة ـ کما هو الصحیح ـ أو من باب الکلّى فى المعیّن ـ على ما اختاره ـ فانّ متعلّق الحق على کلا التقدیرین هو الخمس من العین الموجودة، وانما یفترقان فى جواز التصرف فى غیر مقدار الخمس قبل ادائه وعدم جوازه، وهذا أمر أخر خارج عن محل الکلام.
نعم إذا قلنا: إن الخمس متعلّق بالمالیة وأنها من قبیل الکلى فى المعیّن وجب الخروج عن عهدة ذلک المقدار المعیّن من الکلّى ولا اثر لتنزل القیمة أو ارتفاعها، نظیر ما لو کان المیت مدیناً بمبلغ معیّن کمأة دینار فانه یجب اخراج هذا المقدار من عین الترکة ثم التقسیم بین الورثة، سواء ترقت القیمة السوقیة للترکة لدى إرادة التقسیم أم تنزّلت لکونه مدیناً بعین هذا المقدار ولاإرث الاّ بعد الدین. انتهى کلامه(قدس سره) بنحو من التلخیص. وفیما أفاده(قدس سره) مواقع للنّظر:
الأول ان تعلّق الخمس بالعین باىّ معنى کان، غالبى لا دائمى ففى مثل المعادن والغوص والغنیمة والحلال المختلط بالحرام والکنوز، یکون المتعلق هو العین، وأمّا فى الفوائد فقد لا یکون المتعلّق العین بل المالیة القائمة بالحق کحق السّر قفلى أو القائمة بارتفاع القیمة کما فى المقام، فان قول الکاظم(علیه السلام)فى مقام الجواب عن سئوال الخمس: (فى کل ما أفاد الناس من قلیل او کثیر) یشملهما بلا شبهة، ومن الواضح ان المتعلق للخمس فیهما لیس هو العین.

الثانی ان ما ذکره(قدس سره) من أنه (لادلیل علی ضمان المالیة التالفة الّتی هی أمر

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة290 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اعتبارى لا تقع تحت الید) محلّ إشکال، لأنّ دلیل الضّمان لا ینحصر بقاعدة الید، بل الدلیل على الضمان اتلاف المالیة لقاعدة الاتلاف: (من أتلف مال الغیر فهو له ضامن) وهذا الحدیث وان لم یروعن طرقنا، الا أنه مروى عن طریق أهل السّنة(1) ومضمونه موافق للعقل والنقل، فلا حاجة الى النظر فى سنده، وقد عمل به الأصحاب، فارتفاع القیمة له مالیة یبذل العقلاء بازائها المال، فالمالک بتقصیره فوّتها على صاحب الخمس، فیکون ضامناً بمقتضى هذا الحدیث، بل ضمان وصف الصحة عند الإتلاف أو کون المبیع معیبًا، لا یکون إلاّ لأجل النقص فى المالیة، ولأجله یرجع فى تشخیصه الى المقوّمین، فلو فرض أن المبیع کان معیبًا ولکنه لا یوجب النقص فى المالیة، لا یوجب الأرش.
وما ذکره من أن المالیة التالفة لا تقع تحت الید، فلا ضمان فیها، ینتقض بالمالیة التالفة فى العبد والحیوان فى ید الغاصب، فانه ضامن لعمل العبد ومنافع الحیوان مع أنهما لم تقع الید علیهما.
الثالث ان ما ذکره من المثال وأن أرباب الخمس تستحق سدس الباقى بعد تنزّل القیمة، لم نعرف له وجها أصلا، بل یعدّ من الغرائب، فان العشرین الّتى کانت رأس المال ولم یتعلّق بها الخمس ـ على الفرض ـ قبل ارتقاء القیمة، کیف صارت مشترکة بین المالک وأرباب الخمس بعد تنزلّ القیمة، ومن المظنون أن هذا من طغیان القلم.
الرابع قوله(قدس سره): (لا اثر لتنزل القیمة أو إرتفاعها) فان اشتراک ارباب الخمس والضمان ناشىءٌ من إرتفاع قیمة العین وعدم بیعها، فکیف لا یکون له اثر، نعم لا اثر لتنزّل القیمة فى رفع الضمان، فانّ المالیة الخاصّة النّاشئة من إرتفاع القیمة صارت ملکاً لأرباب الخمس، والتّنزّل الناشىء من تقصیر المالک، لا یوجب رفع الضمان بالنسبة الى ملکهم.

الخامس أنه لیس ظاهر جمیع أدلة الخمس أنه متعلّق بالعین، بل هو کذلک فى اکثر الموارد، ولکنّه قد لا یکون المتعلّق هو العین ـ کما عرفت ـ الاترى أنه لو کانت العین المخمّسة التى قیمتها عشرون دیناراً، معدّة للتجارة فارتفع قیمتها الى مأة وعشرین ووصل رأس السنة ولم یبعها حتى تنزّلت الى عشرین دیناراً، فاشتراک ارباب الخمس لا یکون الاّ فى المأة المرتفعة فانها المتعلق للخمس لا العین فبما أن المالک قصّر ولم یبعها فقد فوّت الخمس على أربابه فلا بد من ان یکون ضامناً ولافرق فى ذلک بین القول بأن الخمس یتعلق بالعین بالاشاعة أو الکلّى فى المعین أو المالیة، وإن کان الأقوى هو الأخیر، فانّ هذا النّزاع إنما یجىء فیما اذا کان متعلّق الخمس هو العین کما هو الغالب، واما اذا کان المتعلّق مثل ارتفاع القیمة أو حقّ السّرقفلى أو الدّین فى الذمّة، فلا یجىء بل یکون المتعلّق هو المالیة لا غیر.


على أنّه سیجىء إنشاءالله ان متعلق الخمس هى المالیة فى الأعیان الخارجیة وغیرها فان الخمس ضریبة اسلامیة شرعت لمصلحة الجامعة والفقراء، ولم تلحظ فیها إلاّ المالیة.

1- سنن البیهقى ج 6، ص 90، کنز العمال ج 5، ص 257.

مساله 55 ص (291- 293)

مساله 55 ص (291- 293)

(مسألة 55) اذا عمّر بستاناً وغرس فیه أشجاراً ونخیلا للانتفاع بثمرها وتمرها لم یجب الخمس فى نموّ تلک الأشجار والنّخیل(1)


(1) قد تعرّض ـ کما ترى ـ للصّورتین، قد یقال: بمنافاته لما ذکره فى المسألة الثالثة والخمسین، حیث حکم هناک بوجوب الخمس فى النماء مطلقاً، وهنا فصّل بین ما أعدّه للمؤونة وما أعدّه للتجّارة، فالّنماء متعلق للخمس فى الثانى دون الأوّل.
والجواب عن ذلک أن التعرض هنا إنما هو لإستثناء، المؤنة، فان الأشجار المثمرة الّتى غرست للمؤونة، لا یجب الخمس لا فى النماء المتصل منها ولا فى النماء المنفصل کالثمرة الاّ اذا زادت عن المؤونة، وکذا لاخمس فى إرتفاع قیمة نفس الأشجار لأنها تعدّ من المؤنة، ونحوها البقرة والشیاه والناقة الّتى کان المقصود لبنها للمؤونة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 292 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأمّا إن کان من قصده الاکتساب بأصل البستان، فالظّاهر وجوب الخمس فى زیادة قیمته وفى نموّ أشجاره ونخیله(1)

(1) هذه هى الصّورة الثانیة، ولا یخفى أنّ الاکتساب بأصل البستان قد یکون بتعمیره وغرس أشجاره وبیعه لتکثیر الثروة والمال، وأخرى با لتجارة بثمره مع اقتناء أصله وعلى التقدیرین یکون الهدف والغرض تکثیر الثروة والمال.


فعلى الأول لا اشکال فى وجوب الخمس فى زیادة قیمته السوقیة وفى نموّ اشجاره ونخیله کما فى المتن ـ


وأمّا على الثانى فهل یجب الخمس فى ترقّى قیمته السّوقیة ونموّ أشجاره ونخیله أم لا؟ ألظّاهر هو الأوّل، فانّ الغرض إذا کان هو تکثیر الثروة والمال والفائدة، یکون ترقّى القیمة ونموّ الاشجار داخلا فیه فیشمله قوله(علیه السلام) کل ما أفاده ففیه الخمس، ویلحق به شراء السّیارات والمکائن للاکتراء فلو اشترى خمسین سیارة ومثلها مکائن الخیاطة وامثالها للاکتراء تکثیراً، للثروة والمال فزادت قیمتها السوقیة فى رأس السنة کانت داخلة فى الأرباح والفوائد، فیجب تخمیسها.


وقد ظهر مما ذکرنا ما فى کلام الأستاذ(قدس سره) حیث حکم بعدم وجوب الخمس مادام لم یبعها، ولکن الانصاف ان التخمیس ان لم یکن أقوى، فهو احوط.


وقال بعض المعاصرین: (موضوع المسألة بشقّیه من مصادیق صدر المسألة الثالثة والخمسین اعنى الزیادة المتصلة، فلا یرى وجه لعنوانه بخصوصه، کما أنه لا وجه للحکم بعدم الخمس هنا فى الشق الأول والحکم بالوجوب هناک مطلقاً، وقد عرفت أنّ الأقوى فى کلا الشقین ثبوت الخمس عند فعلیة الفائدة بان حان وقت قطعها، أو وقت المعاملة علیها وأخذ ثمنها.)


قلت: الایراد غیر وارد على المصنّف فانّ الوجه لعنوانه بخصوصه وللحکم بعدم الخمس هنا فى الشّق الأوّل إنّما هو الصّرف فى المؤونة، فمن عمّر بستاناً وغرس فیها أشجاراً ونخیلا للانتفاع بثمرها وتمرها للمؤونة، لا یجب الخمس فى نموّها وثمرها الاّ فیما زاد على المؤونة، وقد تقدّم ان البقر او الغنم او الناقة المشتراة للمؤونة لا یجب الخمس فى کبرها أو سمنها، فإن المقصود منها اللّبن للمؤونة لا الکبر او السّمن أو ارتفاع القیمة.

مساله 56 ص (293 - 301)

مساله 56 ص (293 - 301)

(مسألة 56) اذا کان له أنواع من الاکتساب والاستفادة کأن یکون له رأس مال یتجربه، وخان یوجره وارض یزرعها وعمل ید مثل الکتابة أو الخیاطة أو النجارة او نحو ذلک، یلاحظ فى آخر السّنة ما إستفاده من المجموع من حیث المجموع، فیجب علیه خمس ما حصل منها بعد خروج مؤونة سنته(1)


(1) اختلف الأصحاب على قولین الأول ما ذکره الماتن(قدس سره) وفاقاً للشهید فى الدّروس والحدائق والمدارک والمحقّق فى الشرائع،
فانّهم لا حظوا مجموع الفوائد فى السنة فائدة واحدة اوّلها أوّل الفائدة او حین الشروع فى الاکتساب على خلاف بینهم، ولا حظوا مجموع المؤون فى السنة الواحدة مؤونة واحدة، فحکموا بالتخمیس بعد اخراجها منها فى آخر السنة.
الثانى ما إختاره الشّهید الثانى فى الرّوضة والمسالک والأستاذ الخوئى فى تقریراته ونسبه إلى غیره ایضاً.
وعلى هذا القول لا ینضّم ربح الى ربح، بل لکل ربح سنة تخصه، فلو ربح فى کل یوم من السّنة فله رأس السّنین: ثلاث مأة وستین وآخر السنین کذلک ومؤنة کل ربح تخصّه بعد حصوله، فقد تکون المؤونة مختصّة بربح کما اذا ربح فى أول المحّرم وربح ثانیاً فى أوّل الربیع، فمؤونة المحرم والصفر من هذا الربح فقط ومؤونة الرّبیع الأوّل منهما إن بقى الرّبح الأوّل الى ذلک الزّمان، فان ربح فى اوّل الرّجب ثالثاً وبقى من الربح الأوّل والثانى شىٌ، تکون مؤونة الرجب مشترکة بین ثلاثة ارباح وهکذا.

وتظهر الثمرة بین القولین فی موردین: أحدهما فیما اذا ربح فی اول المحرم مثلاً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 294 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عشرة آلاف تومان وربح فى اول الرجب ثلاثین الفًا وصارت المؤونة بین الربحین عشرین ألفاً وبقى الى آخر السنة (وهو آخر یوم من ذیحجة) عشرة آلاف فعلى القول الأوّل یخمس عشرة آلاف فقط والثلاثون الفًا قد صرفت فى المؤونة.
وعلى القول الثانى لا بد من تخمیس عشرین الفًا، لان المؤونة بعد الربح الثانى هى عشرة آلاف فقط واما عشرة آلاف مصروفة قبل ظهور الربح الثانى فهى لا تکسر منه، لأن المؤونة تلحق الربح اذا کانت بعد ظهوره، وأمامّا کانت قبل ظهوره، فلا دلیل على کسرها منه.
ثانیهما ما اذا ربح فى آخر یوم من ذیحجة، فعلى القول الأوّل لا تلحقه المؤونة لانقضأ السنة، وعلى القول الثانى تلحقه المؤنة الى مثله من العام القابل، فان بقى شیىء یجب تخمیسه، والاّ فلا.
واستدل للقول الثانى بوجوه:
الأوّل ان کل ربح له استقلال، فتقییده بالسنة الّتى مبدأها حصول الربح الأول، یحتاج الى دلیل ولا دلیل علیه، وبعبارة أخرى لا دلیل على ضمّ بعض الأرباح الى البعض الآخر الذى مبدأ سنته أول حصوله وآخر سنته مضىّ إثنى عشر شهراً منه بحیث یعدّ الأرباح فیها ربحاً واحداً، والمؤونة فیها مؤونة واحدة، حتى تکسر المؤونة المتقدمة من الرّبح المتأخرّ.
ویمکن أن یقّرب هذا الوجه بوجهین: احدهما ضم بعض الفوائد الى البعض حتى تکون الفوائد واحدة، فتکسر منها مؤونة واحدة وان کانت قبل حصول بعض الفوائد، وهذا لا دلیل علیه.
ثانیهما لاوجه لتقیید الرّبح الثّانى بالسنة الّتى مبدأها أو ان الرّبح الأوّل، وهذا ایضاً لا دلیل علیه، فلا تکسر مؤنة السّنة اذا کانت قبل حصول الربح.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 295 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وحیث أنحلّ الوجه الأوّل الى الوجهین، فیبقى هنا وجه ثالث:
فنقول: الوجه الثالث أنه قد تقدّم ان کلا من المعدن والغوص والکنز مثلا موضوع مستقل للخمس عرفاً بلا ضمّ بعضها الى بعض، ولا یظهر الفرق بینها وبین المقام، فلابدّ فى المقام ایضاً من لحاظ کل نفع بحیاله واستقلاله.
الوجه الرّابع أن ظاهر الرّوایات الدّالة على استثناء المؤونة من الربح هو الاستثناء الفعلى من الرّبح الموجود، فلا یشمل ما اذا کانت المؤونة من القرض مثلا، ثم أفاد فائدة بعدها، فلو أردنا أن أدّیناه من الرّبح، لا یشمله قوله(ع): الخمس بعد المؤونة.
اللّهم الاّ ان یقال: إن الدّین اذا صرف فى المؤونة، فادّاه من الربح یصدق عند العرف أنّ الربح صرف فى المؤونة.
ولکنه یمکن الجواب عن ذلک بان المورد من موارد دوران الأمر فى المخصّص المنفصل بین الأقل والأکثر، فان القدر المتیقّن من المؤونة المستثنات من وجوب الخمس فى کلّ فائدة، هى المؤونة الواقعة بعد حصول الرّبح، وأمّا الحاصلة قبله فهل خرج مقدارها عن تحت العام أم لا؟ کان المرجع فیه أصالة العموم وعدم التخصیص. فالنتّیجة مع القول الثانى.
واستدلّ للقول الأوّل أیضاً بوجوه:
الأوّل قول الجواد(علیه السلام) فى صحیحة على بن مهزیار الطّویلة: (فامّا الغنائم والفوائد فهى واجبة علیهم فى کل عام(1) فالغنائم والفوائد فى کل عام لوحظت أمراً وحدانیًا فى

کل سنة و عام، والمؤونة ایضاً لو حظت أمراً وحدانیاً فی تمام الستة، فکما ان الفوائد مقیّدة بالعام، فالمؤونة المستثناة منها أیضاً مقیّدة بالعام، فالفوائد والمؤونة کلتا هما لوحظتا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 296 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سنویة;
واستشکل سیّدنا الأستاذ الخوئى(قدس سره) على هذا الاستدلال (بعدم کون الصّحیحة ناظرة الى الضّم ولا الى عدمه، وانما هى بصدد التفرقة بین الغنائم وغیرها، حیث أنه(علیه السلام) اسقط الخمس فى سنته تلک عن جملة من الموارد واکتفى فى بعضها بنصف السدس، واما فى الغنائم والفوائد فلم یسقط خمسها، بل أوجبه بکامله فى کل عام وأمّا کیفیة الوجوب من ملاحظة الأرباح منضمة أو مستقلة فهى لیست فى مقام البیان من هذه الناحیة بتاتًا، فلا دلالة لها على ذلک أصلا.
قلت: ما أفاده(قدس سره) وان کان غیر بعید الاّ أن الجملة المذکورة لا تخلو عن الظهور فیما ذهب الیه المشهور فان قوله(علیه السلام): فى کل عام ظاهر فى العام المتعارف بین المتشرعة من وحدة المبدأ والمنتهى لا أن کلّ ربح له عام غیر عام الربح الآخر وهکذا حتى یکون لمأة ربح فى مأة یوم مأة عام.
ویؤکّد ذلک ذیلها:وأمّا الذى أوجب من الضّیاع والغلاة فى کل عام الخ فانه ایضاً ظاهر فى العام المتعارف المطابق للقول المشهور.
الثانى صحیحة أخرى عن على بن مهزیار عن الهادى(علیه السلام)(2) حیث قال(ع): علیه الخمس بعد مؤونته ومؤونة عیاله وخراج السلطان.
فأنّ خراج السلطان یؤخذ سنویًا، فالمؤونة والرّبح کذلک;

وبتقریب آخر إن المؤونة و الخراج مطلقة فهی کما تشمل المؤونة والخراج بعد حصول غلّة الضیعة کذلک تشملهما اذا استدان لهما قبل حصولها، فاذا انقضت السنة و کان عنده من غلّتها مقدار ما استدان لهما لا یجب تخمیسه لقوله(ع): بعد مؤونته و مؤونة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة297 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عیاله وخراج السلطان.
الثالث ما قیل: من أن الإلتزام بالمنهج الثّانى الّذى ذهب الیه الشّهید الثانى وسیدنا الاستاذ (قدس سرهما) یستلزم العسر والحرج الشدید فانّ من کان له الأرباح والفوائد الکثیرة فى کل یوم، فلا بدّمن ضبط کل ربح فى کلّ یوم دقیقًا لئلاّ یختلط الأرباح فى انتهاء سنة کل ربح ویخمّس عنده، والتحفظ على ذلک فى ابتداء کل ربح وإنتهائه، حرجّى جزمًا.
وما أجاب به الاستاذ(قدس سره) بقوله: (فلا نعقل له، معنى محصّلا حتى فى التّدریجیات مثل العامل أو الصانع الّذى یربح فى کل یوم دیناراً مثلا فانه ان لم یبق ـ کما هو الغالب ـ حیث یصرف ربح کل یوم فى مؤونة الیوم الثانى فلا کلام، وإن بقى یخمّس الفاضل على المؤونة).
فلا یمکن المساعدة علیه، فان الحرج یلزم فى التاجر الّذى یکون له انواع التجارات ویستفید من کل نوع فى کل یوم عشرات آلاف دلار، فکیف یحاسب کل ربح عند انتهاء سنته.
والجواب الصّحیح الحاسم لاصل هذا الوجه هو أن الحرج والعسر لا یلزم على المنهج الثانى أصلا، فان إستثناء المؤونة بعد کل ربح الى آخر سنته رخصة، لا عزیمة، فینتفى موضوع العسر والحرج فانّه یلزم فى الأحکام الإلزامیة لا الترخیصیة فانه یجوز للتّجار الّذى له انواع التجارات ویربح فى کل یوم من کل نوع منها عشرات آلاف دلار، أن یجعل له رأس سنة واحد أو اثنین أو ثلاثة أو اکثر، فلا عسر ولا حرج اصلا، والعجب من الاعلام حیث إنهم لم یتنّبهوا لهذا لجواب.

ثم ان سیّدنا الأستاذ(قدس سره) قال: (وامّا إرتکاب تقیید آخر اعنی ضم الأرباح بعضها الی بعض بحیث یستثنی حتی المؤون الحاصلة قبل الرّبح المتجدّد، ای المؤونة المتخلّلة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 298 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بین الرّبحین، فهذا لم یقم علیه دلیل; وبعبارة أخرى الذى ثبت انما هو استثناء المؤونة من الربح المتقدم لا من الرّبح المتأخر، ولو کان الربحان فى سنة واحدة لوضوح عدم عدّ السّابق من مؤونة الرّبح اللاّحق لکى یستثنى منه لعدم صرفه فیها فما هو الموجب للاستثناء.)
والجواب عن ذلک أن مؤونة السنة للمکلّف وعائلته تخرج من الرّبح فیها مطلقاً، اى ولو کانت قبل حصول الرّبح، وذلک لصحیحتى على بن مهزیار عن الهادى والجواد(علیهما السلام).
أمّا تقریب الاستدلال بالصّحیحة الاولى فهو أنّ الامام(علیه السلام)قال: (الخمس بعد مؤنته ومؤنة عیاله وخراج السلطان) .(3)
فنقول: اذا جاء الجابی للخراج من قبل السلطان، قبل ان تحصل فوائد الضیعة، فاستدان مقدار الخراج وادّاه، فهل یجوز اداء الدین من حاصل الضیعة ام لا؟ فان قیل: لا فهو اجتهاد فى قیال النص وان قیل نعم کما هو الصّحیح، فیجرى مثله فى مؤونته ومؤونة عیاله، ویترتب على ذلک أنّه إن أخّراداء دین الخراج والمؤونة الى أن إنقضت سنة فوائد الضّیعة، یجوز استثناء ممّازاد على المؤنة بمقتضى هذه الصّحیحة.
وأما تقریب الاستدلال بالثانیة فهو أنّ الضّیعة هى الأرض المغُلّة، فان کانت الضیعة تقوم بمؤونة السنة وزادت یجب اخراج الخمس او نصف السدس (ولکنه کان مختصًّا بتلک السنة تخفیفًا) فلو استدان للمؤونة قبل وصول حاصل الضیعة فحصلت وکفت لأداء الدّین وبقیة المؤونات، یجب تخمیس ما زاد على المؤونة، والاّ فلا;

والحاصل أن المراد من قیام الضّیعة بالمؤونة هی مؤونة السنة والعام الّذی جعله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 299 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المکّلف لنفسه ولا اشکال فى أن اداء الدین للمؤونة من مؤونات السنة والعام، فلو زادت الضیعة فى آخر السنة بمقدار الدین لا یجب تخمیسه، ولو لم یبق من غلّة الضیعة مقدارا الدین للمؤونة، لا تصدق أن الضیعة تقوم بمؤونته.
اذا عرفت هذا فنقول: الظاهر جواز جعل رأس السنة أوّل السنة القمریة لصحیحة على بن مهزیار، فانّ قول الجواد(علیه السلام): (فأمّا الغنائم والفوائد فهى واجبة علیهم فى کل عام). وهذه الجملة أفادها فى قبال قوله(ع) فى صدر الصحیحة: (إنّ الذى أو جبت فى سنتى هذه وهذه سنة عشرین ومأتین فقط) فالمقصود من تلک الجملة هى سنة إحدى وعشرین ومأتین وبعدها، فعلیه لا یبقى مجال للقول بأنّ المراد من کل عام یمکن أن یکون کل عام الرّبح، بحیث یکون کلّ ربح مبدأً للعام علیحدة.
ونحوه الکلام فى (کل عام) وقع فى ذیلها فان المراد منه بقرینة المقابلة عام واحد وعشرین وما فوقه، فغلّة الضّیعة إن قامت بمؤونته ومؤونة عیاله فى کل عام، فیجب الخمس فیما زاد عن المؤونة، وان لم تقم بها وان کان من جهة أداء الدّین للمؤونة فلا یجب علیه شىء.
وأمّا الاستدلال بالصّحیحة الأخرى المشتملة على خراج السلطان فقد عرفته آنفاً ولا حاجة الى الاعادة.

وقد ظهر مما ذکرنا الجواب عن الاشکالات المتقدمة علی القول المشهور فان الفوائد فی العام الواحد بمنزلة فائدة واحدة لصحیحة علی بن مهزیار: (فاما الغنائم و الفوائد فهی واجبة علیهم فی کل عام) فان هذه الجملة أفادها الإمام(ع) فی قبال قوله: (فی سنة هذه ئ هذه سنة عشرین و مأتین فقط) و فی قبال قوله(ع): (و إنّما أو جبت علیهم الخمس فی سنتی هذه فی الذهب و الفضةالخ) فبقرینة المقابلة یفهم أن المراد من کل عام، هوعام واحد و عشرین و ما بعده، و لا یکون المراد کل عام مبدأه أول حصول الرّبح،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 300 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فعلیه تحسب الفوائد فى کل عام فائدة واحدة والمؤون فیه مؤونة واحدة بلا فرق بین المؤونة قبل الربح وبعده فتجبر المؤونة المتقدمة بالربح المتأخّر اذا کانتا فى عام واحد.


واما الوجه الثالث وهو قیاس الفوائد بالمعدن والغوص والکنز ففیه أنّ القیاس مع الفارق، فان تلک العناوین ثبت الخمس فى کل عنوان منها مستقلا بخلاف المقام فان الخمس لم یثبت لکل ربح مستقلا بل ثبت فى الجمیع بعنوان الفوائد کما فى هذه الصحیحة المشار الیها أو بعنوان کل فائدة کما فى موثقة سماعة هذا أولا.


وثانیاً ان مؤونة العیال والسّنة لم یعتبر فیها بخلاف المقام فانّ الخمس لا یجب فیها الاّ بعد المؤونة وانقضاء السّنة.


وأمّا الوجه الرابع (وهو أن ظاهر الروایات الدالة على استثناء المؤونة من الربح هو الاستثناء الفعلى من الرّبح الموجود) فجوابه أن صحیحتى على بن مهزیار المشتملتین على خراج السلطان والضیعة وکل عام، ظاهرتان فى کسر مؤونة الرجل وعیاله وخراج السلطان من الرّبح سوأً کانت المؤونة والخراج قبله أو بعده على التقریب المتقدم، فعلیه لا یکون المخصّص مجملا حتى یؤخذ بالقدر المتیقن.


وبالتقریب الآخر أن المؤونة المستثناة فى النّصوص أمرها دائر بین المؤونة فى السنة الجعلیة والمؤونة فى السنة الّتى مبدأها حصول الربح ولا یمکن استثناء کلتیهما قطعاً، لأنّ غایة الإرفاق فى الرّبح الواحد ترخیص تخمیسه، بعد المؤونة فى العام الواحد، ولا یکون الترخیص باکثر منه جزماً فعلیه یکون المستثنى إحدى المؤونتین، فالمورد من موارد إجمال المخصّص الدّائر بین الأقل والأکثر، فنقول أوّلا: إنّ قوله(ع) فى صحیحة على بن مهزیار: فأمّا الفوائد والغنائم فهى واجبة علیهم فى کلّ عام، ظاهر فى العام الذى من سنخ العام الذى ذکره(ع) ایضاً بقوله(ع): (فى عامى هذا) بعد أسطر، وهو اشارة الى سنة عشرین ومأتین، فاذاً یکون المراد من کل عام الأعوام التى مبدأها أوّل المحرم بعد عام عشرین ومأتین وهو عام واحد وعشرین واثنین وعشرین و هکذا، فعلیه لا یحتمل أن یکون المراد من کل عام، الأعوام التى مبدأها حصول الأرباح، فالمؤونة المستثناة من الأرباح فى العام لا فرق فیها بین أن کانت قبل الأرباح أو بعدها فان العبرة بالمؤنة فى مثل العام المذکور فهى تستثنى من الرّبح فیه مطلقاً.


وثانیا لو اغمضنا عن ذلک وتنزلنا عنه، فنقول: المخصّص المشتمل على استثناء المؤونة مجمل دائر أمره بین الأقل والاکثر، فان کان مبدأ العام اوّل المحرّم مثلا لاتستثنى المؤونة من الأرباح التى حصلت فى آخر السنة وان کان المبدء حصول الربح یکون المستثنى المؤونة من کل ربح الى سنة کاملة من حین حصوله فیکون المستثنى اکثر، فاذاً نقتصر باستثناء الأقل وحیث إن استثناء الزائد مشکوک فیه، نرجع فى مورده الى قوله (ع) فى موثقة سماعة (:قال: سألت أباالحسن(علیه السلام) عن الخمس؟ فقال(ع): فى کل ما أفادالناس من قلیل او کثیر)(4)


ولا فرق فیما ذکرناه بین کون الفوائد والأرباح من سنخ واحد او من الانواع المختلفة ـ کما اذا کان بعضها من التجارة وبعضها من الزراعة وبعضها من الخیاطة مثلا ـ


ثم إن الظاهر من الصحیحة المشار الیها وان کان هو العام القمرى ـ کما عرفت ـ الاّ أن الالتزام بذلک فى غایة الاشکال، فانّ للأصحاب فى المقام قولین أحدهما أن أوّل السّنة هو الشروع فى الاکتساب، ثانیهما أن أولها ظهور الربح، وسوف نتعرض لتحقیق ذلک انشاءالله تعالى.

1- الوسائل ج 6، ب 8 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5.
2- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 4 وتقدمت فى ص 186.
3- الوسائل ج 6، ب 8 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 4.

4- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6، ص 350.

مساله 57 ص (301 - 304)

مساله 57 ص (301 - 304)

(مسألة 57) یشترط فى وجوب خمس الرّبح أو الفائدة استقراره(1) فلو اشترى شیئاً فیه ربّح وکان للبائع الخیار لا یجب خمسه الا بعد لزوم البیع ومضىّ زمن خیار البایع

 

(1) لا اشکال فی أنّ النماء المنفصل فی زمن الخیار ملک للمشتری کما اذا اشتری

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 302 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بستاناً ببیع الخیار وکان الخیار للبایع بعد انقضاء السنة فان الّثمرات فى الاثناء ملک للمشترى وکذا منافع العین کسکنى الدار فانها ایضاً ملک للمشترى، وهذا لا اشکال فیه.
قال فى المستمسک فى وجه ما أفاده الماتن: (لأنه منصرف النصوص لکن یکفى الاستقرار الواقعى بنحو الشرط المتأخر، فحینئذ یجب تخمیسه اذا کان البیع یلزم بعد ذلک. فلو ربح فى آخر السنة وکان لزوم البیع فى اثناء السنة اللاحقة، فاذا لم یفسخ من له الفسخ فى السنة الثانیة انکشف تحقق الربح فى السنة السابقة، وکان من ارباحها، لا من ارباح السنة اللاحقة.)
وقد أستشکل علیه (بأن الشرط المتأخر إنما یتصّور فى الأمور الاعتباریة وأمّا الأمور التکوینیة الواقعیة کالرّبح وأمثالها، فالأمر فیها دائر بین الوجود والعدم ولا نعقل أن تکون معلّقة على أمر متأخّر، وبعبارة أخرى الربح قوامه على تملّک مال زائد على ما بذل لطرف المعاملة، فالملکیة الزائدة على المال المبذول قد تحققّت وهى لم یتعلق بأمر متأخّر لأنّ الملک فعلّى وکون ما وصل بیده أزید مما بذله أمر تکوینى لایقبل التعلیق.)
ولازم هذا الکلام لزوم التخمیس لهذا الربح المتزلزل وان فسخ المشترى المعاملة بعد یوم أو یومین، ولا أظن أن یلتزم به أحد من الفقهأ حتى المستشکل.
والصحیح هو ما افاده السید الحکیم فى المستمسک، فان ذات المال أمر تکوینى لا یعلّق بأمر متأخر ولکنه لیس متعلّقا للخمس والمتعلّق هو ما یعتبر ربحاً وفائدة عند العرف والعقلا، ولا مانع من أن یکون ذلک معلّقاً على انقضاء الخیار فاذا انقضى ولم یفسخ یصدق عندهم أنه رَبَحَ وأفاد واذا لحقه الفسخ لا تشمله موثقة سماعة: (کلّ ما أفاده ففیه الخمس) لعدم صدق الرّبح والفائدة علیه.

ثم انّ سیدنا الأستاذ(قدس سره) فصّل فی المقام بین ما اذا اشتری العین بما هو المتعارف خارجا فی البیع الخیاری من نقصان قیمته من البیع القطعی و بین ما اشتراه أقل من القیمة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 303 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المتعارفة، فلو اشترى ما هو یسوى فى البیع القطعى بعشرة آلاف وفى البیع الخیارى بثمانیة آلاف، بخمسة آلاف فقد تحقق الربح عند الشراء سواء الزم البیع بعد ذلک ام لا لجواز بیعه من شخص آخر بثمانیة آلاف فقد ربح فعلا ثلثة آلاف فیجب خمسه، فیکون من ارباح هذه السنة لا السنة الآتیة.
وفیه أولا أنه لا یجوز بیع ما اشتراه ببیع الخیار اتفاقاً وهو من المسلمات فى الفقه، وهو(قدس سره)ایضاً صرّح فى منهاج الصالحین(1) بعدم جواز البیع فى زمن الخیار، فکیف التزم هنا بالجواز.
وثانیاً أنّ هذالربح لا یکون ربحاً عند العرف الا بعد انقضاء زمن الخیار، وذلک لأن المشترى لو باعه بثمانیة آلاف وقبل انقضاء مدّة الخیار فسخ البایع وأعطى له ما أخذه منه وهو خمسة آلاف، یطلب منه عشرة آلاف وهى القیمة الواقعیة للعین، فانها لو کانت قائمة بعینها، أخذها البایع بالفسخ وان کانت تالفة کما هو المفروض یأخذ قیمتها منه، فاین الرّبح الحاصل للمشترى، بل هو یخسر الفین لأنّ القیمة الواقعیة للعین کانت عشرة آلاف على الفرض.
نعم لو لم یفسخ الى ان ینقضى زمن الخیار ولزم البیع یستفید فائدتین احدیهما تکون فى السنة السّابقة، وهى ثلاثة آلاف، وثانیتهما تکون فى السّنة اللاّحقة وهى ألفان الحاصلة بعد اللّزوم، وکلتاهما لا تکون فائدة قبله، بل الثانیة معلولة له، فانّها قبله لم تکن موجودة.

وقد یقال: إن الفائدة الحاصلة فی السّنة السابقة بما انها متزلزلة لم تکن مشمولة لدلیل الخمس، و بعد ما انقضی زمن الخیار، شملها دلیله فتکون فائدة للسّنة الاّحقة لا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 304 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السابقة، واستثناء المؤونة ایضاً انما هو من حین تعلّق الخمس، فان بقیت الى انتهاء السنة اللاّحقة یجب تخمیسها وإلاّ فلا.
ویمکن ان یجاب عنه بان الفائدة قد حصلت فى السّنة السابقة و وجوب خمسها کان مشروطا بعدم فسخ البایع بنحو الشرط المتأخر، وبما ان فسخ البایع کان منتفیاً فى علم الله، فنکشف من عدم الفسخ نها کانت متعلّقة للخمس من الأوّل، ونحن لم نعلمه، فاحراز تعلق الخمس قد تحقق حین انقضاء زمن الخیار، لا نفسه، فان الربح الذى یبقى فى ملک المالک، یکون متعلّقاً له، والربح تحقق سابقاً، والعلم ببقائه فى ملک المالک قد حصل عند انقضاء زمن الخیار، فیکون ذلک الربح متعلّقا للخمس، وکان من ارباح السنة الماضیة لا الاّحقة.
والذى یکشف عن ذلک کشفاً قطعیاً هو أنه لو صرفه فى مؤونة السنة الماضیة لم یتعلق به الخمس حین انقضاء زمن الخیار، فکیف یحکم بانه لایستثنى من أجل المؤونة من وجوب الخمس، لأنه لم یصرف فیها بعد تعلّقه وهو زمن انقضأ الخیار.
فعلیه لا یبقى المجال لما ذکره بعض الأصحاب قال (: وحیث إنّ سنة المؤونة المستثناة تبدأ من حین تعلّق الخمس، فیکون حکم هذا الربح حکم سائر أرباح السنة اللاحقة رغم تقدم صدق الربح علیه).
الوجه فى ذلک أنّ ربح السّنة اذا صرف فى مؤونتها، لم یتعلق به الخمس، سواء قلنا: إن الخمس یتعلّق به مشروطاً بالشرط المتأخر وهو عدم الصرّف فى المؤونة، او قلنا: ان الخمس یتعلق به بعد انقضاء السنة ففى المقام بما أنه صرف فى المؤونة، لم یتعلق به الخمس اصلا.
نعم اذا بقى الى زمان انقضاء الخیار، کان التخمیس واجباً.

1- منهاج الصالحین، خیار الشرط، مسألة 16.

مساله 58 ص (305 - 306)

مساله 58 ص (305 - 306)

(مسألة 58) لو اشترى ما فیه ربح ببیع الخیار، فصار البیع لازماً فاستقا له البایع، فأقاله لم یسقط الخمس الاّ اذا کان من شأنه أن یقیله(1) کما فى غالب مواردبیع شرط الخیار اذا ردّ مثل الثمن.

(1) اختلفوا هنا على أقوال:


القول الأول ما یظهر من الإمام الخمینى(قدس سره) فى حاشیة العروة من القول بسقوط الخمس مطلقا یعنى وان کان بعد انقضاء السنة.


القول الثانى ما یظهر من المصنّف(قدس سره) من التفصیل بین ان تکون الإقالة من شأنه، فیسقط الخمس، وبین أن لا تکون من شأنه فلا یسقط بلا فرق بین أن تکون فى وسط السنة أو بعد انقضائها.


القول الثالث التفصیل بین أن تکون فى وسط السنة، فیسقط مطلقاً، وان تکون بعد انقضاء السنة فلا یسقط مطلقاً، بلا فرق بین أن تکون من شأنه أولا؟ کما عن الاکثر وهذا هو الأقوى.


أما القول الأوّل، فیرد علیه أنه بعد ما إنقضت السنة واستقر وجوب الخمس فى الربح، فیکون الخمس ملکاً لأربابه، وهى تکون تصرّفاً فى ملک الغیر بلا اذن منه، فما هو المجوّز لمثل هذا التصرّف المتلف؟


ومما ذکرنا ظهر الاشکال على ما اختاره الماتن(قدس سره) من ان الإقالة ان کانت من شأنه، فیسقط الخمس والاّ فلا.


فان الخمس على الرّبح قد استقر بعد انقضاء السنة، فکیف تکون الإقالة الموافقة لشأنه، مجوزة لاتلاف الخمس الذى هو مال الغیر.


وهنا اشکال آخر على المصنّف وهو ان الإقالة فى وسط السنة تجوز وان لم تکن موافقة لشأنه، کما اذا کان المشترى عاملا یُمرّ معاشه بالمشقه، وذلک لانها مستحبة شرعاً والعمل الاستحبابى راجح من کل أحد وان لم یکن موافقاً لشأنه، فالاستحباب والشأنیة قد یجتمعان وقد یفترقان فالاقالة من الغنى المعروف الموجّه مستحبة ولایقة بشأنه، ومن العامل الفقیر مستحبة ولا تکون لائقة بحاله.


وقد تکون لائقة بشأنه ولا تکون مستحبة کمااذا عامل التاجر المسلم مع غیر المسلم مثلا وربح فیها المسلم وندم غیره فاستقاله فى محضر التجّار فان الاقالة لائقة بشأنه ولا تکون مستحبة لانّ المستحب هى إقالة المسلم.

مساله 59 ص (306 - 310)

مساله 59 ص (306 - 310)

(مسألة 59) ألأحوط اخراج خمس رأس المال(1) اذا کان من أرباح مکاسبه فاذا لم یکن له مال من اول الامر فاکتسب او استفاد مقدار او أراد أن یجعله رأس المال للتجارة و یتجربه، یجب اخراج خمسه على الأحوط ثم الا تجاربه.


(1) لعلّ المشهور هو أن رأس المال لایعدّ مؤونة فیجب تخمیسه وفى قباله احتمالات بل اقوال بالتفصیل:
أحدها ما عن الشیخ الاعظم(قدس سره) حیث أنه بعد أن عدّ من المؤونة تتمیم رأس المال لمن احتاج الیه فى المعاش کاشتراء الضیعة لأجل المستغل، قال:
(والظّاهر أنه لا یشترط التمکن من تحصیل الرّبح منه بالفعل، فیجوز صرف شیئ من الربح فى غرس الاشجار لینتفع بثمرتها ولو بعد سنین وکذا اقتئاء اناث أولاد الانعام).
وفیه أن عدّ رأس المال من المؤونة موقوف على صدقها علیه عرفاً وهو محلّ تأمل واشکال، ولا یقاس على الدار والشجر والمرکب وامثالها فان الاستفادة من الدار انما هو بالسکنى و من الشجر انما هو باکل الثمر ومن المرکب بالرکوب وأما رأس المال فالاستفادة منه لا ینحصر بالاتجار، بل یمکن ان یصرفه فى المؤونة ویمکن ان یتجربه ویصرف ریعه فیها ومن أجل ذلک یشکل صدق المؤونة علیه واما صرف شىء من الربح فى غرس الاشجار فهو یعدّ من المؤونة.
ثانیها ما اختاره سیدنا الاستاذ الاعظم(قدس سره) من التفصیل بین رأس مال یعادل مؤونة سنته وبین الزائد علیه، فلا خمس فى خصوص الأوّل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 307 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال(قدس سره): (والوجه فیه استثناء المؤونة ممّا فیه الخمس، ولا ینبغى التأمّل فى أن المستثنى انما هو مؤونة السنة لا مؤونة عمره ومادام حیاً وعلیه فاذا اکتسب أو استفاد مقداراً یفى بمؤنة سنته کما لو کان مصرفه فى کل یوم دیناراً، فحصّل على ثلاثمأة وستین دیناراً، وکان بحاجة الى رأس المال فى اعاشته وإعاشة عائلته، جاز أن یتخذ رأس مال من غیر تخمیس نظراً الى أن صرف المبلغ المذکور فى المؤونة یمکن على أحد وجهین، إمّا بان یضعه فى صندوق و یسحب منه کل یوم دیناراً، أو بان یشترى به سیارة مثلا ویعیش باجرتها کل یوم دیناراً اذا الصرف فى المؤونة لم ینحصر فى صرف نفس العین واتلاف المال بذاته، بل المحتاج الیه هو الجامع بین صرف العین وصرف المنافع لتحقّق الإعاشة بکلّ من الأمرین، فهو مخیرّ بینهما، ولا موجب لتعیّن الأول بوجه، إذن لابدّ من التفصیل بین ما اذا کان محتاجاً الى رأس المال ولم یکن له رأس مال آخر بحیث توقفت إعاشته الیومیة على صرف هذالمال عیناً أو منفعة، فلا خمس فیه وبین غیره ففیه الخمس ضرورة عدم کون مطلق رأس المال بلغ ما بلغ کعشرة آلاف مثلا من مؤونة هذه السنة وقد عرفت ان المستثنى هو مؤونة السنة لا غیرها). انتهى کلامه.
ثالثها التفصیل بین رأس المال الذى یکون من شأن المکلّف تملکه له من اجل الاتجار وغیره کما اذا فرض انه کان فى مجتمع او قوم یکون خلاف ذلک مهانة وضعة له عرفاً واجتماعیاً، فیصدق المؤونة حینئذ على ما یتخذه رأس المال للتجارة، فلا یجب خمسه، أو کان بحیث یتوقف اعاشته على اتخاذ مبلغ لرأس المال، فلو خمّسه، لا یفى الباقى باعاشته ـ کما هو مختار الإمام الخمینى(قدس سره).

رابعها ما عن الشهید محمد باقرالصدر(قدس سره) فی تعلیقته علی منهاج الصالحین من التفصیل بین ما اذاکان رأس المال بمقدار مؤونته، ولم یکن له مال آخر یعتاش به وکان یتوقّف الاتجار او العمل علی ذلک المقدار من المال بحیث لو نقص منه خمسه لم یکن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 308 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

یکفى لاتّخاذه رأس المال، فیسقط الخمس فى مثل ذلک ، وبین ما اذا زال أحد القیود المذکورة، فیجب الخمس عندئذ فى تمام رأس المال،
والوجه فى ذلک فى مثل هذه الحالة سوف یکون التکلیف بالخمس مساوقاً لإضطرار المالک الى صرف المال المذکور فى مؤونته وعدم اتخاذه رأس المال للتجّارة وبالتّالى عدم وصول الخمس لا صحابه، فان المالک اذا کان یجب علیه دفع خمس هذالمال، فسوف لا یمکنه أن یتخذه رأس مال للتجارة لعدم وجود مال آخر له لیدفع خمسه منه أو یصرفه فى مؤونته، فیضطران یصرف نفس المال فى مؤونته مباشرة، وبالتالى لا یکون لأصحاب الخمس شیئ ایضاً.
ومثل هذه الحالة لا تشمله أدلّة الخمس، لا من جهة صدق المؤونة على رأس المال، بل لاحد تقریبین یمنعان عن شمول حکم الخمس لمثل هذا الربح:
أحدهما أنه یلزم من شمول أدلّة الخمس له عدم شمولها له بحسب النتیجة الخارجیة وهو لغو عرفاً.
ثانیهما ان ظاهر أدلّة الخمس الإرفاق بالمکلّفین وجعل الخمس على أرباحهم بنحو لا یستوجب الاحراج والتضییق علیهم، وترکهم لتجاراتهم واعمالهم، فتکون الاطلاقات منصرفة عن مثل هذه الحالة.) انتهى ما عن الشهید الصدر(قدس سره).
فلنشرع فى البحث حول هذه الأقوال: أمّا ما أفاده سیّدنا الاستاذ(قدس سره) فیشمل سنة الربح فقط، والأمر فى أرباحها واضح کما أفاده(قدس سره) فان المکلّف له ان یجلعلها رأس المال ویستفید من فوائده، فى مؤونة السنة وله ان یصرفها فى مؤونته یوما فیوما الى آخر السنة وهذا واضح.

انما الکلام فیما اذا جعلها رأس المال و استفاده من ریعه فی مؤونة السنة و انقضی سنة الرّبح ورأس المال باق، فهل یجب تخمیسه أم لا؟ وحیث انه من أرباح السنة وزاد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 309 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عن مؤونتها، فلابدّ من تخمیسه لقول الکاظم(علیه السلام) کما فى موثقة سماعة: (فى کل ما أفاد الناس من قلیل او کثیر).(1)


ولقول الجواد(علیه السلام) کما فى صحیحة على بن مهزیار: (فأما الغنائم و الفوائد فهى واجبة علیهم فى کل عام)(1) فان الرّبح الّذى جعل رأس المال زاد عن مؤونة السنة وفى السّنة القادمة وإن کان مورداً للحاجة إلاّ أنّ مؤونتها لا تستثنى من أرباح السنة الماضیة ولا دلیل على خروجها عن تحت العموم، فاذن لا دلیل على التّخصیص وإخراج رأس المال عن تحته الاّ اذا کان تخمیسه موجباً لعدم قدرته على اعاشته أو حفظ شأنه اللائق بحاله، فلا یجب تخمیسه.


وامّا ما افاده الامام الخمینى(قدس سره) من أن رأس المال الذى یحتاج المکلف الى مجموعه بحیث اذا اخرج خمسه لایفى الباقى باعاشته أو حفظ شأنه، فلا خمس فیه فهو الصّحیح فان مجّرد الحاجة فى السنة القادمة لایوجب خروجه عن تحت عمومات الخمس لأنّ الأرباح الزائدة عن مؤونة السنة الماضیة موردٌ للحاجة فى السنة القادمة غالباً فیلزم عدم تخمیس الفوائد فى اغلب الموارد;


فعلیه نقول: المستثنى هو رأس المال الّذى لو خمّسه لا یقدر فى السنة القادمة على اعاشته او حفظ شأنه بحیث لو أخرج خمسه لوقع فى المضیقة والحرج أو واجه المهانة بین أصنافه وأقرانه،


وأمّا ما أفاده الشهید الصدر(قدس سره) من انه یلزم من وجوب تخمیس رأس المال عدم وجوبه.


فیردّه أنه لا یجب تخمیس الرّبح فى أول ظهوره وإن جعل رأسَ المال فالمالک له ان یتّجربه الى آخر السنة فاذا انقضت وبقى رأس المال، لا مانع من شمول عمومات الخمس له، ولا یلزم من وجوب تخمیسه عدمه اصلا فانه ربح زائد عن مؤونة السنة فیجب تخمیسه.


فالحاصل أن الرّبح الذى جعل رأس المال لایجب تخمیسه عند ظهور الرّبح، وعندما یجب تخمیسه وهو آخر السّنة، لا یلزم من وجوب التخمیس عدمه نعم اذا کان موجبا للحرج والضیق یرجع الى الوجه الآتى.


وأما الوجه الثّانى الّذى ذکره(قدس سره) من أن التخمیس اذا کان موجبا للاحراج والتضییق على المکلّف فلا تشمله أدلّة الخمس فهو صحیح وراجع الى ما اخترناه آنفاً، وملخّصه أنّ تخمیس رأس المال ان کان موجباً للحرج و التضییق أو المهانة فلا یجب لأنّ النصوص الدّالّة على إخراج المؤونة عن تحت العمومات، تدّل على إخراج هذالنّحو من رأس المال بالأولویة ولا یخفى الفرق بین المؤونة ورأس المال فانّ ما یصرف للتوسعة على العیال اذا لم یصل الى حد الاسراف داخل فى المؤنة فلا یجب تخمیسه، بخلاف رأس المال الذى یوجب تکثیر الثروة والتوسعة على العیال فان تخمیسه واجب والمستثنى هو رأس المال الذى یکون تخمیسه موجبا للحرج والضیق أو المهانة، لا مطلق رأس المال، فمطلق الحاجة الى رأس المال لا یوجب سقوط الخمس عنه.


نعم لو کان رأس المال موجباً لحفظ شئونه وعرضه ولو خمّسه لواجه بالمهانة وزوال العرض کان داخلا فى المؤونة بخلاف ما کان تخمیسه موجباً للحرج والضیق فانه خارج عن عمومات الخمس بالأولویة وان لم تصدق علیه المؤونة فافهم.

1- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5 و 6، ص 350.

مساله 60 ص (310 - 315)

مساله 60 ص (310 - 315)

(مسألة 60) مبدأ السّنة الّتى یکون الخمس بعد خروج مؤونتها حال الشروع فى الاکتساب فیمن شغله التکسّب(1) وأما من لم یکن مکتسباً وحصل له فائدة اتفاقاً فمن حین حصول الفائدة.

 

(1) کما عن الدّروس و الحدائق و شیخنا الاعظم الانصاری فی خمسه و اختاره

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 311 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السید الحکیم (قدس الله أسرارهم).
واختار الشهید الثانى وصاحب المدارک والجواهر وسیدنا الاستاذ الخوئى (قدس الله اسرارهم) ان مبدأ السنة هو حصول الربح کما تقدم.
ونسب الى القیل أنه کما ان مبدأ الیوم والأسبوع والشهر امر تکوینى بدیهى فکذلک مبدأ السنة، اذا لم یضرب فى الشرع له حدّ وانما احاله الى ما هو المتعارف بین الناس والمتداول عندهم، ولا یضرّ فیه اختلاف المبدأ بإختلاف البلدان والمتداول بینهم، حیث أن المبدأ عند جملة من الناس تحویل الشمس الى الحمل وعند اخرى المحرّم وعند ثالثة أمرآخر، فیرجع فى ذلک الى ما هو المتعارف فى کل منطقة وبلد، فاذا اتّجر تاجر فى البلاد الایرانیة قبل یوم من التّحویل مثلا وربح فیها، فیخرج منه مؤونته، من التحویل السابق الى هذالتحویل لوقوع الربح فى هذه السنة، ولا معنى لاخراجها بالنسبة الى السّنة الآتیة، لأنها غیر السنة التى حصل فیها الرّبح.
نعم لو فرض الشرّوع فى الکسب فى سنة وظهور الربح فى سنة أخرى کما فى غرس الاشجار للاثمار ـ مثلا ـ کان الاعتبار بالسنة التى حصل فیها الربح ولکن المبدأ فى کل منطقة ما هو المتداول بینهم فى تعیین السنین وضبط التواریخ.
وعن صاحب الحدائق(قدس سره) انه قال: (ولا یعتبر الحول فى کل تکسّب، بل مبدأ الحول من حین الشروع فى التکسب بانواعه، فاذا تم الحول خمّس ما بقى عنده.)

و عن شیخ النصاری (قدس) انه قال فی خمسه ما حاصله: الاظهر من الروایات و الفتاوی ان المراد بالعام هو العام الذی یضاعف الیه الرّبح عرفاً، ویضاف المؤونة بالنسبة الیه، و أمّا مبدأ حول المؤونة فیما یحصل بالاکتساب هو زمان الشروع فی التکسب، و فیما لایحصل بقصد و اختیار زمان حصوله، أمّا الأول فلأن المتعارف وضع مؤونة زمان الشروع فی الاکتساب من الربح المکتسب، فالزارع عام زراعته الشتویة من أوّل الشتاء

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة312 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهو زمان الشروع فى الزرع، وأما الثانى فلأن نسبة الازمنة السابقة الیه على السواء فلا وجه لعدّ بعضها من سنته، بل السنة من حین ظهوره، والحاصل أن مبدأ الحول ما تعارف بین الناس فى اضافة الربح الیه واخراج مؤونته من ذلک الربح، فمثل الزارع و التّاجر والصانع انما یأخذون من مستفادهم مؤونة حول الاشتغال فتراهم ینفقون على الربح الموجود ویستدینون علیه، بل قد یکون الربح فى آخر السنة، وبالجملة فالمراد بالحول حول الربح وهو مختلف فقد یکون زمان ظهور الربح أوّل الحول وقد یکون وسطه وقد یکون آخره، نعم لو لم یکن عرف فمبدأ الحول حین وجود الفائدة.) انتهى کلامه(قدس سره).
ولا یخفى ان مراده(قدس سره) من الروایات هى الروات المشتملة على الخمس بعد المؤونة:
منها حسنة الاشعرى(1) ومنها مارواه على بن الشجاع النیسابورى(1) ومنها صحیحة ابن راشد(1) ومنها صحیحة ابن مهزیار الطویلة(1) ومنها صحیحة أخرى عن على بن مهزیار(1)
قلت: التعارف الذى ادعاه شیخنا الاعظم الانصارى(قدس سره) لا یکون فى جمیع الموارد، بل یختصّ ببعضها ، مثل البقال ونحوه، فلو شرع فى البقالة فى أول الحمل مثلا، یکون اول سنته لانه اوّل سنة ربحه ایضاً، ففى کل مورد کان الشروع فى الکسب مقارنا لحصول الربّح، صحّ ما ذکره(قدس سره).

وامّا اذاکان بینهما فصل طویل، کما اذاکان مبدأ الزرع فیالخریف و حصول الربح فی الصیف، فلا یمکن ان یقال: إن مبدأ السنة هو المیزان مثلاً لانه علیه یلزم ان یخمس الرّبح - و هو الحنطة مثلاً - فی أول حصوله، فلم یخرج منه مؤونته و مؤونة عیاله، مع أن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 313 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرّوایات ناطقة بأن الخمس بعد المؤونة.
والسیرة القطعیة جاریة على عدم تخمیس حاصل الزّرع فى بدو حصوله ولا أظنّ ان یلتزم به فقیه.
وکذالأمر فى التجارة فى کثیر من الأوقات، فیمکن أن یبدأ التجارة فى أول الحمل، فیسافر الى آمریکا أو الیابان ـ مثلا ـ وطال وصول مال التجارة للمقصد الى آخر السنة، فیلزم تخمیس الربح فیه قبل اخراج المؤونة وهو مخالف للسّیرة من المتشرعة; فعلیه لابد من تثلیث الأقسام أحدها أن یکون حصول الربح عند الشروع فى الکسب کالخباز والبقال والطباخ وامثالها، فاوّل سنتهم هو حین الشروع فى الکسب حیث انه یقارن أول حصول الربح.
ثانیها ان یکون ظهور الرّبح بعد الشروع فى الکسب بفصل طویل کما اذا زرع فى الخریف وانتج فى الصیف او شرع فى سفر التجارة وظهر الربح بعد سنة ففى هذا القسم یکون رأس السنة أول ظهور الربح فان بقى الى العام القابل مثل هذالحین یجب تخمیسه والاّ فلا، فمؤونة العائلة یخرج منه بعد حصوله و مؤونة الاسترباح ایضاً تکسر منه وان کانت قبل حصوله، فالخمس یتعلق بما زاد على المؤونتین.
ثالثها أن یحصل الرّبح والفائدة بلا کسب وعمل کالهبة والجائزة ونحوهما فان بقیت الى هذا الحین من العام القابل یجب تخمیسها والاّ فلا وهذا القسم لا مؤونة قبل حصوله وهو الفارق بینه وبین القسمین السّابقین.
ثم لا یخفى انه قد تقدم ان الظاهر من صحیحة ابن مهزیار الطویلة أن العبرة بالسنة هى السنة القمریة(2) ولکن الذى یمنعنا عن الالتزام بذلک أمران:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 314 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أحدهما أن للأصحاب قولین فى المسألة الأول أن أول السنة هو اول الشروع فى الاکتساب کما هو المشهور ومختار الماتن(قدس سره).
الثانى أن أؤلها هو ظهور الرّبح کما عن الشهید الثانى(قدس سره) واختاره سیدنا الاستاذ(قدس سره)وبعض المعاصرین ، فالالتزام بظاهر الصحیحة طرح لکلا القولین.
ثانیهما الرّوایات الدّالة على استثناء المؤونة من الربح الموجود المتعلّق للخمس کما تقدم ومقتضى الجمع بینهما جواز الأخذ بکل منهما فیجوز ان یجعل رأس السنة أوّل العام کاوّل المحرم کما هو ظاهر صحیحة إبن مهزیار، ویجوز أن یجعل ظهور الربح کما هو ظاهر الرّوایات المشتملة على استثناء المؤونة.
وأمّا جعله أول الشّروع فى الاکتساب فان کان مقارناً لظهور الربح فمآله الى ظهور الربح، والتعارف متحقق هنا، وأما اذا کان منفصلا عنه کما اذا طلب التاجر المال من آمریکا أوالیابان بالمخابرة مثلا، فوصل مال التجارة بعد سنة، فلا تعارف فى أن مبدأ السنة هو حین المخابرة
والظاهر أنه لا تعارف فى مثل الزراعة ایضاً على جعل رأس السنة اول الشروع فیها، فان من زرع فى الخریف وکان أو ان الحصاد فى الصّیف لا یخمسّ أول الخریف تمام حاصله ونتاجه، بل یؤخّره الى الصّیف من العام القابل أوالى الرّبیع منه کما تقدّم.
ثم إنّ سیّدنا الأستاذ ذکر فى وجه ما أفاده أمرین (احدهما ان الوارد فى النصوص لوکان عنوان (عام الربح) أو سنة الربح، لأمکن أن یقال: أن إطلاقه على الکاسب یفترق عن غیره کما ذکر، ولکنّه لم یرد حتى لفظ السّنة، فضلا عن عام الربح وانما الوارد فیها استثناء المؤونة، فقد ذکر فى صحیحة ابن مهزیار ـ من بعد مؤونته ومؤونة عیاله ـ (الى ان قال) وقد عرفت أن هذا ظاهر فى المؤونة الفعلیة دون ما کان مؤونة سابقاً.
الثانى أنه لو لم یثبت ذلک، فیکفینا مجردا لشک فى ذلک للزوم الاقتصار فى
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 315 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المخصصّ المنفصل الدائر بین الأقل والاکثر على المقدار المتیقن وهو المؤون المصروفة بعد ظهور الرّبح، وأمّا اخراج المؤون السّابقة عن الرّبح المتأخر، فهو مشکوک فیرجع الى اطلاق ما دل على وجوب الخمس فى کل ما أفاد من قلیل او کثیر) انتهى.
قلت: المؤونة المذکورة فى النصوص یراد منها مؤونة عام الربح فلو جعل رأس السنة أوّل المحرم کان المستثنى من ربح العام مؤونته بلا فرق بین المؤنة قبل الرّبح وبعده وقد عرفت أن المستفاد من صحیحة على بن مهزیار جواز جعل رأس السنة من السّنین القمریة.
وامّا لو جعل رأس السنة أوّل ظهور الرّبح فالمؤونة المستثناة من حین ظهوره الى مثل هذا الحین من العام القابل، ولا تستثنى المؤونة الواقعة قبله لان الظاهر من قوله (ع): الخمس بعد المؤونة، ان المؤونة تستثنى من الربح الموجود ثم یخمس، ولا یشمل المؤونة الواقعة قبل ظهوره.
ولکن الثمرة بین التصویرین لیست بکثیرة فان المکلف لو استدان للمؤونة قبل ظهور الربح على التصویر الثانى جاز ادائه من الربح المتأخر قبل انقضاء عام الربح، نعم لو انقضى العام قبل ادائه لا یستثنى مقداره من الرّبح لانه لیس من عام الربح على هذالتصویر.

1- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1،2،3،4،5.
2- راجع ص 312.

مساله 61 ص (315 - 318)

مساله 61 ص (315 - 318)

(مسألة 61) المراد بالمؤونة مضافاً الى ما یصرف فى تحصیل الربح(1) مایحتاج الیه لنفسه وعیاله فى معاشه بحسب شأنه اللائق بحاله فى العادة من المأکل والملبس والمسکن وما یحتاج الیه لصدقاته وزیاراته وهدایاه وجوائزه واضیافه والحقوق اللازمة له بنذر أو کفارة أو ادأء دین أو أرش جنایة أو غرامة ما اتلفه.

(1) المؤونة صنفان: أحدهما مؤونة التّحصیل، فانها تخرج من الربح جزماً، فلو سافر الى الخارج ـ مثلا ـ وأعطى أجرة الطائرة مأة ألف تومان واستفاد فى التجارة مأتى ألف تومان، کانت الفائدة والغنیمة مأة الف تومان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 316 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على أنّ النصوص المشتملة على اخراج المؤونة من الربح، تشمل هذه المؤونة کصحیحة ابن ابی نصر قال: کتبت الى ابی جعفر(علیه السلام)الخمس أخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة؟ فکتب بعد المؤونة.(1)
وصحیحة إبراهیم بن محمد الهمدانى إن فى توقیعات الرضا(علیه السلام) الیه أن الخمس بعد المؤنة.(1)
وصحیحة أحمد بن محمد بن عیسى عن (بن) یزید قال: کتبت جعلت لک الفداء تعلّمنى ما الفائدة وما حدّها؟ رأیک أبقاک الله ان تمنّ علىّ ببیان ذلک لکى لا اکون مقیما على حرام لا صلاة لى ولاصوم، فکتب: الفائدة مما یفید الیک فى تجارة من ربحها، وحرث بعد الغرام، او جائزة.(2)
وهذه الصحیحة کما ترى تعرّف الفائدة بعد الغرام فلا تصدق قبل اخراج الغرامة
الثانى مؤونة الأهل والعیال وکلما یحتاج إلیه فى حیاته الإجتماعیة وهى امّا واجبة أو مستحبة او مباحة، أمّا الأولى کالا نفاق على النفس والزّوجة وأطفال الصغار وکالحج الواجب واداء الدین والنذر والکفارة;
وأما الثانیة فکالصدقات المندوبة والحج المندوب وزیارة المشاهد المشرّفة واطعام الفقراء والمساکین وضیافة المؤمنین ونحوها.
وأمّا الثالثة فکاشتراء المرکب البهىء والدار الواسعة والفروش الراقیة اللائقة بحاله، والثوب الفاخرو نحوها، هذا کله لا اشکال فیه.
انما الکلام فیما یظهر من المصنف وبعض المعاصرین من اعتبار اللیاقة بحاله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 317 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عمداً أو خطأً وکذا ما یحتاج الیه من دابة او جاریة او عبد او اسباب او ظرف او فرش او کتب، بل وما یحتاج الیه لتزویج اولاده او ختانهم ونحو ذلک مثل ما یحتاج الیه فى المرض وفى موت أولاده او عیاله الى غیر ذلک مما یحتاج الیه فى معاشه;
ولو زاد على ما یلیق بحاله مما یعدّ سفهاً وسرفاً بالنسبة إلیه لا یحسب منها.

وشأنه حتى فى المستحبات ، فلو فرض أن العمل المستحب کان زائدا على شأنه بمعنى انه خلاف الأولویة العرفیة والشرعیة المترقبة منه ومن مثله، لا تشمله الاطلاقات المشتملة على استثناء المؤونة، وهذا بمعنى أن القید المأخوذ فى المؤونة لیس مجرد عدم الاسراف والسّفه الممنوعین شرعاً، بل القید أوسع من ذلک، فیشمل کل ما کان غیر مناسب وخلاف الأولى. ثم قال (: انه لو فرض الشک فى ذلک، کفانا التمسک باطلاقات الخمس لاثبات عدم الاستثناء).
وفیه أن المستحبات حیث أنها مأمور بها وموجبة للقرب الى الله تعالى فهى لائقة بشأن کل مؤمن، فان أتى بها ـ باى وجه کان ـ یثاب علیها، وبعبارة اخرى: بعد ما تعلّق الأمر بالفعل، لا یتصور أن لا یکون لائقا بشأن المؤمن، مع تمکنه من إتیانه، فکلّ ما یصرفه فیه یعدّ من المؤونة بلا إشکال، ألا ترى ان المؤمن الفقیر الذى لا تکون زیارة الحسین(علیه السلام)لائقة بشأنه لشّدة فقره لو أعدّ الزّاد والرّاحلة بالمشقة وزاره(علیه السلام) فهل یمکن أن یقال: إن ما صرفه فى سفر الزّیارة، لا یکون من المؤونة لعدم کونها لائقة بشأنه!!
ثم إنّ المصنّف عدّ من المؤونة غرامة ما اتلفه عمداً کما اذا غصب مال الغیر وأتلفه بالا کل أو الحرق وکما اذا قتل نفساً محترمة فأداء الدیة من المؤونة وهکذا.

و استشکل علیه بعض المعاصرین بالتفصیل بین ما أتلفه لمؤونته و ما اتلفه فی غیرها، فلو غصب مال الغیر و صرفه فی قوت عائلته، تکون غرامته من المؤونة وأمّا اذا ألقاه فی البحر، فلا تعد غرامته من المؤونة لانّ العرف لا یحکم بانها من المؤونة، بل حالها حال ما اذا أتلف الربح المتعلّق به الخمس عمداً فانه، ضامن لخمسه، ولا یشمله ما دل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 318 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على استثناء المؤونة من الخمس.


وحاصل کلامه انصراف ادلة استثناء المؤونة عن غرامة ما ألقاه فى البحر، ولا أقل من الاجمال الموجب للتمسک بعموم الخمس، فلا بدّ من تخمیس الغرامة ثم دفعها الى المتلف منه.


ولکن الظّاهر من کلمات الأصحاب هو أن ما کان من أروش الجنایات أو قیم المتلفات حتى اذا کانت عمدیة تعدّ من المؤونة.


والوجه فى ذلک أنّ أداء ذلک واجب علیه والمصارف الواجبة من المؤنة بلا اشکال بلا فرق بین أن یکون سببها حراماً کقتل النفس المحترمة والجرح أو مباحاً کاالاستدانة لشراء المرکب البهىء، مثلا فانّ أداء الدّیة والدّین واجب. فاذا ادّا هما من الأرباح، لا یجب تخمیسها قبله.


ویترتب على ذلک أنه لو انقضت السّنة وکان الفاضل على المؤونة خمسین ألفاً مثلا ولم یخمسّه وصرف کلّه فى المؤونة، ثم ندم واراد التدارک واداء خمس ما أتلفه، یکفى أن یؤدى من الأرباح عشرة آلاف خمس الخمسین، ولا یجب علیه أن یؤدّى خمس هذا الربح وهو الفان، وذلک لأنّ العشرة المذکورة قد صرفت فى المؤونة، فلا یجب تخمیسها، مع أن خمس الخمسین الّتى زادت على مؤنة السنة السابقة، کان صرفه فى المؤونة بعد انقضاء السنة حراماً على أنه لو أدّى خمس الخمسین من نفسها وبقى هذه العشرة الى آخر السنة کان تخمیسها واجباً.


وحیث أنّ المکلّف کان مدیناً من أرباب الخمس عشرة آلاف وأداء الدّین واجب، کان إعطاء عشرة آلاف فیه صرفاً فى المؤونة،


ونسب هذه الفتوى الى السید الحکیم(قدس سره) فى منهاج الصّالحین أیضاً.

1- الوسائل ج 6، ب 12 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1 و2، ص 354.
2- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 7، ص 350.

مساله 62 ص (319)

مساله 62 ص (319)

(مسألة 62) فى کون رأس المال للتجارة مع الحاجة الیه من المؤونة اشکال(1) فالأحوط کما مرّ اخراج خمسه أولا وکذا فى الآلات المحتاج إلیها فى کسبه مثل آلات النجارة للنّجار وآلات النساجة للنسّاج وآلات الزّراعة للزّراع وهکذا فالاحوط اخراج خمسها ایضاً أولا.

(1) نشأ من الشک فى صدق المؤنة علیه، فان صدقت علیه لا یجب تخمیسه وان لم تصدق یجب فاحتاط(قدس سره) لأجل شمول العمومات له والشک فى خروجه للشک فى صدق المؤونة علیه.


وقد عرفت أنّ الحق هو التّفصیل بین ما یتوقف علیه حفظ شئونه وعرضه، او کان تخمیسه موجبا للحرج والضیق، وبین ما لا یکون کذلک وان کان مورداً للحاجة، فانّ مجرد الحاجة الى رأس المال لا یکون موجباً لخروجه عن عمومات الخمس، فان الأرباح الفاضلة عن مؤونة سنة الرّبح تکون مورداً للحاجة فى السنة القادمة غالبا وهذا لا یوجب سقوط الخمس عنها.


فرأس المال وسیلة لتحصیل المؤونة لا أنه نفس المؤونة فلهذا یکون الاحوط تخمیسه ومما ذکرنا یظهر حکم الآلات المحتاج الیها فى کسبه، مثل آلات النجارة والنساجة والزّراعة وأمثالها، فلو کانت دخیلة فى حفظ شئونه أو کان تخمیسها موجبا لوقوعه فى الحرج والضّیق، لا یجب تخمیسها وإلاّ وجب.

مساله 63 ص (319 - 320)

مساله 63 ص (319 - 320)

(مسألة 63) لا فرق فى المؤونة بین ما یصرف عینه فتتلف، مثل المأکول والمشروب ونحوهما(1) وبین ما ینتفع به مع بقاء عینه مثل الظروف والفروش ونحوها فاذا احتاج الیها فى سنة الربح، یجوز شرائها من ربحها وان بقیت للسّنین الآتیة ایضاً.

(1) صحّ ما أفاده(قدس سره) فان المؤنة مستثناة من الرّبح، فاذا اشتراها منه سقط عنه الخمس، سواء تلفت کالمأ کول والمشروب وأجرة الدّار وأجرة الحمال والمرکب، أو بقیت کالفرش والظرف والدّار والمرکب واللّباس الصّیفى والشتوى فانها تعدّ من المؤون،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة320 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقیت او تلفت، وهذا مما لا اشکال فیه حتى اذا باعها فانّه لا یصدق علیها الغنیمةوالفائدة.
إنّما الإشکال فى موردین: أحدهما حلّى النّسوان المشترى فى أو ان الشباب فانّه فى أو ان الشیب لا یکون موردًا للحاجة، فهل یجب تخمیسه أم لا؟
ثانیهما ما إذا اشترى داراً من الأرباح، فباعها لصغرها مثلا، وأراد شراء دار أخرى، فهل یجب تخمیس الثمن بمجرد القبض أم لا؟
أمّا المورد الأولّ، فالظاهر فیه عدم وجوب التخمیس، لانه لا یصدق علیه عنوان الفائدة والغنیمة، حیث أنهما تصدقان على حدوث الرّبح عرفاً، وأمّا بعد الاستغناء عنه فهو مال لایراه العرف فائدة وغنیمة.
وأمّا المورد الثانى، فقد یقال فیه: بوجوب تخمیس الثمن ثم شراء الدّار، ولعلّه مبنى على ان الدار من المؤون، فاذا باعها، کانت قیمتها فائدة لا تصدق علیها المؤونة، فیجب تخمیسها.
والجواب عن ذلک أن الفائدة والغنیمة اعتبر فى مفهومهما الحدوث فلا تصدقان على قیمة الدّار، بل یصدق علیها المال، وکذا الکلام فى حلّى النسوان إذا باعه، والمؤون الأخرى، کالمرکب والفرش والثلاّجة ونحوها فاذا باعها، لا تصدق على قیمتها الفائدة حتى تخمسّ.
ولأجل هذه النکتة أفتى سیّدنا الأستاذ الخوئى(قدس سره) بعدم وجوب الخمس على الصّبى اذا ربح ولیّه فى ماله قبل البلوغ، فان الفائدة وان تصدق علیه حین حدوثه، الا أن قلم التکلیف والوضع رفع عن الصبى، فاذا بلغ وجرى علیه القلم، لم یفد فانّ ما بقى عنده مال لا تصدق علیه الفائدة. وما أفاده متین. وهو الأقوى.

مساله 64 ص (320 - 326)

مساله 64 ص (320 - 326)

(مسألة 64) یجوز إخراج المؤونة من الرّبح وإن کان عنده مال لا خمس فیه بان لم یتعلق به، أو تعلّق وأخرجه، فلا یجب إخراجها من ذلک، بتمامها ولا التّوزیع(1) وان کان الاحوط التوزیع، والأحوط منه اخراجها بتمامها من المال الّذى لا خمس فیه.

(1) الأقوال فی المسألة ثلاثة: أحدهما ما عن المحقق الاردبیلی والقمی (قدس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 321 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سرهما) من عدم جواز صرف الرّبح فى المؤونة، ان کان عنده مال آخر لها.
واستدل لذلک اولا بان الروایات الدالة على جواز الصرف فى المؤونة ضعیفة السند. والعمدة فى جواز صرف الربح فى المؤونة هو الاجماع ودلیل الضّرر، وبما أن الاجماع دلیل لبىّ یؤخذ منه بالقدر المتیقن، وهو ما اذا لم یکن للمالک مال آخر للمؤونة والاّ فاطلاقات دلیل الخمس فى کل فائدة هى المحکمة.
وثانیاً بأنّه لو أغمضنا عن ذلک، وقلنا: باعتبار الرّوایات الدالّة على استثناء المؤونة فهى منصرفة الى صورة الاحتیاج، وهو فیما اذا لم یکن له مال آخر للمؤونة;
على أن الاحتیاط ایضاً یقتضى ذلک.
وثالثًا بأن اخراج المؤونة من الّربح یستلزم عدم الخمس فى أرباح نحو السلاطین والأکابر وزراعاتهم لکثرة مؤوناتهم، وذلک ینافى حکمة تشریع الخمس.
وفیه أن ما دلّ على استثناء المؤونة، کصحاح على بن مهزیار(1) لا ضعف فى سندها أصلا، وبما انها مطلقة، تدلّ على جواز الصّرف فى المؤونة من الارباح سواء کان له مال آخر ام لا؟ فهى تخصّص عموم ما دلّ على ان الخمس فى کل فائدة وتقید الاطلاقات.
وامّا دعوى الانصراف، فممنوعة، فان منشأه غلبة استعمال اللفظ فى حصة خاصة من معناه وهى مفقودة، فانّ ذوى الأرباح کالتاجر والصانع والزارع وامثالهم یکون مال آخر عندهم غالباً، والانصراف لا یکون الى الأفراد النادرة.
وأمّا الإحتیاط وان کان حسناً الاّ انه غیر لازم لدلالة الاطلاقات على استثناء المؤونة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 322 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولو کان عنده عبد أو جاریة أو دار أو نحو ذلک مما لو لم یکن عنده، کان من المؤونة، لا یجوز احتساب قیمتها من المؤونة(2) واخذ مقدارها، بل یکون حاله حال من لم یحتج الیها اصلا

وأمّا لزوم عدم تخمیس أموال السّلاطین والأکابر فهو غیر ضائر ونلتزم به، فان تشریع الخمس انما هو على الفوائد الزائدة على المؤونة.
على أنّ لزوم ذلک ممنوع، فانّ السّلاطین والأکابر کما تکون مؤوناتهم کثیرة، کانت أرباحهم اکثر، فلا ینافى استثناء المؤونة منها حکمة تشریع الخمس.
ثانیها ماعن الشهیدین فى الدروس والمسالک من توزیع المؤونة على المالین المملوکین له عملا بالحقین ورعایة لقاعدة العدل والانصاف بالنسبة، فلو کان الربح مساویاً للمال الآخر الذى لا خمس فیه، یقسّم المؤونة علیهما نصفین، وان کان احدهما ضعف الآخر تقسم اثلاثاً وان کان احدهما ربع الآخر، تقسّم أرباعاً.
وفیه انها لا دلیل علیها أصلا، ومخالفة لا طلاق النّصوص الدّالة على أنّ الخمس بعد المؤنة، فان الظاهر منها أنّ خمس الأرباح بعد إخراج المؤونة منها سواء کان له مال آخر أم لا، فلو کان التوزیع لازماً لنبّه علیه الإمام(علیه السلام)ولیس فى النصوص منه عین ولا أثر.
ثالثها ما هو المشهور بین الأصحاب من أن المؤونة تخرج من الأرباح کما هو المستفاد من الصّحاح المشار الیها، وعن الشهید الثانى فى الرّوضة أنه قوّاه، وحکى هذا القول عن المحقق الثانى والمدارک والکفایة والذخیرة وشارح المفاتیح والحدائق وکشف الغطأ والجواهر وشیخنا الأعظم الأنصارى (قدّس الله اسرارهم) وهذا هو الأقوى لا نه المستفاد من النصوص کما عرفت.

(2) قال فی الجواهر: (قد یقوی عدم احتساب ما عنده من دار وعبد و نحوه مما هو من المؤونة ان لم یکن عنده، من الأرباح لظهور المؤونة فی الاحتیاج واردة الإرفاق،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 323 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فمع فرض استغنائه عن ذلک ولو بسبب انتقال بارث ونحوه مما لا خمس فیه، وقد بنى على الاکتفاء به، یتجه حینئذ عدم تقدیر احتساب ذلک من المؤونة)(2)
وعن الشیخ الأعظم(قدس سره) (ولو تبرع متبرع بمؤونة، فالظاهر عدم وضع مقدار المؤونة کلاًّ او بعضًا من المال الآخر غیر المخمّس، فلیس له الاندار من الربح)
وفى المستمسک: (لظهور المؤونة المستثناة فیما یحتاج الیه، ومع وجود الأمور المذکورة، یکون مستغنیًا غیر محتاج، مضافاً الى أن ظاهر دلیل استثناء مقدار الربح ـ الراجع للمؤونة ـ خصوص ما یصرف ویبذل للمؤونة، لا استثناء مقدارها مطلقا)(3)
وقد یقال: إن قیمة الدّار الموروثة تحسب من المؤونة فتکسر من الأرباح فلا تخمّس مقدار قیمتها، وقال فى الجواب عن آیة الله الحکیم(قدس سره): (لو أرید انّ مفاد أدلّة الاستثناء اخراج ما یصرف فى المؤونة بالفعل لا ما یعادله، فهو صحیح الاّ أنه غیر منطبق فى المقام لان المفروض ان العین الّتى یرید استثناء قیمتها مصروفة بالفعل فى مؤونته لاحتیاجه الیها وسکونته فیها فى هذه السنة، وان أرید أن المؤونة لا بد فى استثنائها من الصرف علیها من الربح لا من مال آخر، فهذا خلاف ما تقدم فى النقطة السابقة (وهى النقطة الثالثة) حیث قال فیها: والوجه فى ذلک أن الجبران والاحتساب فى نفسه صرف فى المؤونة عرفاً، فانّه لا یتوقّف على التّصرف فى عین الربح، بل غالباً ما یکون الصّرف فى المؤونة فى باب التکسبات ممن لهم أرباح تدریجیة ونفقات تدریجیة ایضاً کذلک، فحمل أدلة إستثناء المؤونة على الصرف من عین الربح تقیید بالفرد النادر وغیر عرفى فى باب التجارات والتکسبات، فاذا ثبت ذلک فى التکسبات، ثبت فى غیرها من الارباح والفوائد ایضاً، لعدم احتمال الفرق عرفا ولا فقهیًا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة324 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وان أرید أن المستثنى احداث المؤونة وشرائها، فهو غیر تام لان المستثنى طبیعى المؤونة الصّادقة على الحدوث والبقاء) انتهى کلامه.
ثم نقض على الاکابر (منهم آیة الله الحکیم قدس سره) بما حاصله انه لو کان عنده من القوت من السنة الماضیة وخمّسها وکان عنده الرّبح، لا یجوز انتخاب القوت من الرّبح لعدم الحاجة الیه، بل لا بد من اختیار المخمّس للقوت، ونقض ایضاً بمن استأجر الدّار لسنتین أو اکثر، فانه مالک للمنفعة فى السّنة الثانیة، فلا یجوز اخراج اجرة السنة الثانیة من أرباحها، لانّه کان مالکاً لمنفعة الدار فى هذه السنة من السنة السابقة، فلم یکن محتاجًا الیها، بل لا یجوز اخراج اجرة السنة الثانیة، بناء على ذلک، لا من أرباح السنة السابقة لعدم کونها مؤونة هذه السنة ولا اللاحقة لعدم امکان اخراج قیمة ما یملکه من المؤون من أرباح تلک السّنة، وهذا ما لا یلتزم به فقهیًا. انتهى کلامه.
الجواب أمّا عن النقض الأول، فبأن المکّلف مادام لم یصرف القوت الباقیة من السنة الماضیة فى المؤونة، فهو یحتاج الى المأکل والملبس والمشرب ومقتضى اطلاق قوله(علیه السلام) : الخمس بعد المؤونة، جواز رفع احتیاجه من الرّبح الموجود، أو من القوت الباقیة من السنة الماضیة.
وهذا بخلاف الدار الموروثة التى سکن فیها، فانه ارتفع حاجته الى المسکن، فلا یحتاج إلى أن یختصّ من الرّبح شیئاً له، هذا.
مضافاً الى أنه لوصحّ کسر قیمة الدّار الموروثة المسکونة من ربح السنة لأجل المؤونة، لصحّ کسرها من ربح کل سنة الى آخر العمر لأن سکناها فى کل سنة من مؤونتها فلابّد من کسرها من ربحها، وکذا قیمة اثاثیة المنزل من البساط و الغسّالة والثلاجة ونحوها، ولازمه سقوط خمس الأرباح غالباً الا ترى أنه لو کانت داره المسکونة قیمتها عشرة ملایین و سیّارته اللائقة بحاله مع أثاثیة المنزل خمسة ملایین تومان مثلا وفى کل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة325 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سنة یکسر من الربح مبلغ خمسة عشر میلیوناً لانها مصروفة فى المؤونة فلابد من کسرها من ربح کل سنة، فهل یبقى ما یفضل عن المؤنة حتى یخمّس؟!
والحاصل أن الکسر من الرّبح على هذالنحو لأجل المؤونة ممالم یقل به أحد من الأصحاب ولا یمکن الالتزام به بوجه.
وقد ظهر مماذکرنا انه لو اشترى داراً من ربح السنة للحاجة الیها، لا یتعلق بها الخمس لأجل الصرف فى المؤونة، وفى السنة الآتیة لا یکسر قیمتها من ربحها بدعوى أن الدّار مصروفة فى المؤونة فلابد من کسر قیمتها من ربحها فى کل سنة.
وذلک لما عرفت من أن الحاجة قد ارتفعت بشراء الدار فى السنة الأولى وفى السنة الثانیة لا یحتاج الى شراء الدّار الأخرى أو استیجارها کى یکسر قیمتها او أجرتها من ربحها، وهذا نظیر ما اذا صرف القوت الباقى من السنة الماضیة فى المأکل، فلا یحتاج الى أن یختص من الرّبح شیئاً له;
واما النقض الثانى، فنقول فى جوابه: إنه من استأجر داراً لخمس سنین مثلا، فاما ان یشترط الموجر على المستأجر اجرتها نقداً، او یشترط اجرة کل سنة فى نفسها، فعلى الأول یجب على المستأجر ان یعطى تمام الأجرة نقداً فى أوّل السّنة فیکون تمامها من مؤونة هذه السنة، نظیر ما اذا کان مدیناً من السنوات الماضیة فادّاه فان اداء الدین من المؤونة.
وعلى الثانى تکون أجرة کل سنة من مؤونة تلک السنة فانه مدین من الموجر وأداء الدّین من المؤونة.
نعم فى الفرض الأول لو لم یؤدّ أجرة خمس سنین نقداً وبقیت فى ذمته الى أن انقضت السّنة، تکسر من الرّبح الباقى الفاضل على المؤونة اجرة السنة المنقضیة فقط لانها دین لأجل المؤونة، وأمّا أجرة أربع سنین الباقیة فلابد من تخمیسها لأنها لا تعدّ دیناً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة326 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للمؤونة فى سنة الربح، وکذا الدین الباقى فى ذمته من السنین الماضیة، فان أدّاه فى اثناء السنة من ربحها یعدّ من المؤونة وان بقى الى انقضاء السنة لا یستثنى من الرّبح بل لابد من تخمیس کلّ الرّبح فالنقض غیر وارد أصلا.
نعم قد جرت السیرة من المتشرعة على المصرف فى المؤونة ممّا هو مشترک بین الرّبح ورأس المال و مستهلک کل منهما فى الآخر ولا یمیّز الرّبح والخسارة غالبا الاّ فى آخر السنة، فهناک یخرج رأس المال بتمامه و یخمّس الزائد علیه، وقد یجبر رأس المال بالربح وهذا لاجل الاستهلاک و قیام السیرة من المتشرعة لا اشکال فیه.
واما لو کان عنده المیراث أو الصّداق أو المخمّس مع الربح فله ان یصرف فى المؤونة من الرّبح، وامّا لو صرف من الصّداق أو المیراث أو المخمّس فالاحوط عدم الجبران بالربح، فالجبران مختص بالتجار والکسبة فى خصوص رأس المال لما عرفت.

1- الوسائل ج 6، ب 8 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 3،4،5، ص 348.
2- الجواهر ج 16، ص 64.
3- المستمسک ج 9، ص 541.

مساله 65 ص (326)

مساله 65 ص (326)

(مسألة 65) المناط فى المؤونة ما یصرف فعلا لا مقدارها فلو قتّر على نفسه لم یحسب له(1) کما انه لو تبرّع بها متبرع لا یستثنى له مقدارها(2) على الأحوط بل لایخلو عن قوة

(1) کما عن کشف الغطاء والجواهر ومال الیه الشیخ الاعظم(قدس سرهم) وعن الجمال فى حاشیة الرّوضة: (لا یبعد أن یکون المراد باستثناء قدر الاقتصاد استثناء ما بذله فى مؤونته، ما لم یتجاوز قدر الاقتصاد، لا انه یستثنى قدر الإقتصاد حتماً.)
والوجه فى ذلک أنّ الظّاهر مما دلّ على استثناء المؤونة من الخمس هو المؤونة المصروفة بالفعل لا مقدارها وان لم یصرف ولم ینفق.
وعن العلامة والشهیدین والمحقق الثانى انه لو قتّر على نفسه حسب له بل عن المناهل عدم الخلاف فیه. ولکن الأظهر هو الأوّل.
(2) لأنّ الرّبح لم یصرف فى المؤونة والمصروف فیها هو مال التبرع، فإستثناء مقداره من الربح یحتاج الى دلیل مفقودٌ.

مساله 66 ص (327)

مساله 66 ص (327)

(مسألة 66) اذا استقرض من ابتداء سنته لمؤونته أو صرف بعض رأس المال فیها قبل حصول الرّبح یجوز له وضع مقداره من الرّبح(1)

(1) ما أفاده(قدس سره) مبنى على ما اختاره من أن رأس السنة، هو مبدأ الشروع فى الاکتساب، فلو شرع فیه ولم یستفد واستقرض للمؤونة او صرف بعض رأس المال فیها قبل حصول الربح، وضع مقداره من الرّبح عند انتهاء السنة.


وأمّا على ما اختاره سیدنا الأستاذ الخوئى(قدس سره) من أن مبدأ السنة مطلقا هو حصول الرّبح، فالقرض للمؤونة، لایجوز وضعه من الربح المتأخر عند انتهاء السنة، لأن المستفاد من الأدلّة أن مؤونة السنة له ولعیاله، إنمّا توضع من الرّبح بعد حصوله لأنه مبدأ السنة وامّا ما صرفه قبله، فلا دلیل على وضعه من الرّبح المتأخر بعد انقضاء السنة فانه دین لمؤونة السنة الماضیة، وأمّا أداء ما اقترضه، من الرّبح قبل انقضأ سنته فلا اشکال فیه، فان أداء الدّین واجب ولا اشکال فى أنه من المؤونة، و قد تقدّم أن هذا لقول هو الأظهر.


وأمّا مؤونة تحصیل الرّبح فهى توضع و تستثنى من الرّبح عند انقضأ السنة لأنّ مقدارها لایصدق علیه الرّبح حتى یجب تخمیسه.

مساله 67 ص (327 - 330)

مساله 67 ص (327 - 330)

(مسألة 67) لو زاد ما اشتراه وادّخره للمؤونة من مثل الحنطة والشعیر والفحم ونحوها مما یصرف عینه فیها، یجب اخراج خمسه عند تمام الحول(1) وأمّا ما کان مبناه على بقاء عینه والانتفاع به مثل الفرش والاوانى والالبسة والعبد والفرس والکتب ونحوها، فالاقوى عدم الخمس فیها(2) نعم لو فرض الاستغنأ عنها، فالاحوط اخراج الخمس منها وکذا فى حلىّ النسوان اذا جاز وقت لبسهن لها(3)

(1) الوجه فیه واضح فانّ مازاد على المؤونة یجب تخمیسه عند انتهاء الحول لأنه فائدة لم تصرف فى المؤونة.
(2) لصدق الصّرف فى المؤونة علیها أیضاً.
(3) الاحتیاط بالتخمیس استحبابی، فانّها عند الاستغناء لا تصدق علیها الفائدة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة328 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والغنیمة فلا یجب التخمیس.
ولکنّه قد یقال: إنّ التخمیس فیها واجب، لأنّ عمومات الخمس دلّت على وجوبه فى کل فائدة، والمخصّص دلّ على عدم وجوبه فى المؤونة وأمره دائر بین التخصیص الأفرادى والتقیید الأحوالى، والتّرجیح مع الثانى، فالمؤونة ما دامت مؤونة، کانت خارجة عن تحت العام، فاذا انتهت مؤونیته ولو بانتهأ العام، نتمسک بالعموم، ومقتضاه وجوب الخمس فى کل فائدة، ومنها ما بقى مما انتفع به.
الجواب عن ذلک، أنّ ظاهر دلیل المخصّص أن الفائدة التى تصدق علیها المؤونة خارجة عن تحت العام، وبما أن ما یصرف عینه فیها یکون التخصیص بالنسبة الیه إفرادیاً، یکون التخصیص بالنسبة الى ما یبقى عینه بعد المؤونة ایضاً کذلک لأنهما أخرجا عن تحت العام بلفظ واحد وهو قوله(علیه السلام): (الخمس بعد المؤونة) فلا یحتمل ان تکون المؤونة مستعملة فى المعنیین (التخصیص الافرادى، والتقیید الاحوالى) فانه لو سلّم إمکانه، فلا شک فى انه خلاف الظاهر، فعلیه یکون المراد هو التخصیص الأفرادى فقط، فحیثیة المؤونة حیثیة تعلیلیة وتکون علة لخروج مطلق المؤونة عن تحت العام، وبعده لا دلیل على شمول العام لها ثانیاً;
وبعبارة أخرى ، الفائدة مشترکة بین المالک وأرباب الخمس، والمؤونة لا تکون مشترکة بل مختصة بالمالک کالفرش واللّباس والدار مثلا وکذا حلّى النسوان وبعد انقضاء السنة أو الإستغناء عنها لا دلیل على اشتراک ارباب الخمس مع المالک.
والسّر فى ذلک هو ان العام المشتمل على الافراد، قد یکون الزمان ملحوظا فى کل فرد قیداً فیکون مفرّداً له، وقد یکون ظرفاً له، فعلى الأوّل اذا خرج فرد عن العام فى زمان یکون الخروج منحصراً فى ذلک الزمان، وفیما بعده یکون ذلک الفرد مشمولا له بلا حاجة الى دلیل آخر;

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 329 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وعلى الثانى اذا خرج فرد عن تحت العام، لایکون ذلک الفرد مشمولا له بعد ذلک، فان کان للدلیل المخصّص اطلاق، نحکم بخروجه دائماً، والا نرجع الى الاستصحاب ولا مجال للتمسک بالعام ثانیاً.
ومحل کلامنا من هذالقبیل، فان الزمان بالاضافة الى الفوائد لو حظ ظرفاً لا قیداً، والدّلیل المخصّص المخرج للمؤونة أیضاً کذلک، فاذا شککنا بعد إنقضاء السنة فى مثل الدار، فى وجوب الخمس، نستصحب عدم الوجوب، أو نرجع الى أصالة البرائة، ولا یرجع الى العموم، لأن بقائها على عدم الوجوب، لا یوجب تخصیصاً زائداً، وکذا الکلام فیما استغنى عنه کحلّى النساء فى زمان الشیب.
ثم إن بعض المعاصرین یصرّ على أنه اذا دار الأمر بین التخصیص والتقیید، یقدّم التقیید لأنه أسهل عندالعرف، فان التخصیص اخراج الفرد عن تحت العام فى جمیع حالاته والتقیید إخراج للفرد عن تحته فى بعض حالاته، فبالنّتیجة، یکون فیه قلّة التخصیص، فالعرف یرجّح التقیید على التخصیص لانه القدر المتیقن;
ویترتّب علیه ثمرة مهمّة، وهى ما إذا اشترى الدّار من الرّبح وبعد مضىّ السّنین کثرت عائلته، فباعها لغرض شراء دار أوسع، فلابد من تخمیس ثمنها أولا ثم اشتراء دار أخرى، وذلک لأن تلک الدار کانت مستثناة من الخمس مادامت مؤونة، فبالبیع خرجت عن کونها مؤونة، وکذا حلّى النساء اذا مضى وقت لبسها کایام الشیب، وکذا بعض الآلات والأسباب الّتى استغنى عنها;
وفیه ما عرفت من أن الدّوران الّذى ذکره، لایجرى فى المقام بل یتعین فیه التخصیص، وذلک لأن المؤونة تشمل المأکول والمشروب والصدقة والهدیة والجائزة ومصرف الضیافة والزیارة والکفارة والنذر والختان والتزویج والتداوى واداء الدین وارش الجنایة و غرامة ما أتلفه ونحو ذلک، ومن الواضح أن عنوان المؤونة فى هذه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة330 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الموارد حیثیة تعلیلیة وعلة لخروجها عن وجوب الخمس، فهى قرینة قطعیة على انها فى مثل الدار والبساط والمرکب والثلاجة والتلفزیون والرّادیو و المسجّلة والأوانى وظروف البیت وامثالها ایضاً تکون حیثیة تعلیلیة لا تقییدیة، فان اللفظ الواحد فى الاستعمال الواحد، لا یمکن أن یراد منه معنیان متضاد ان بحیث یکون بالنسبة الى أحدهما حیثیة تعلیلیة وبالنسیة الى الآخر حیثیة تقییدیة، وبما ان المعنى الثانى لا یمکن أن یراد فى الجمیع، فلا محالة یکون المراد هوالمعنى الأول لصحّة انطباقه علیهما، فنقول: ان صدق عنوان المؤونة على الصنفین یکون علّة لخروجهما عن عمومات الخمس.


فتحصّل أنّ الأقوى عدم وجوب الخمس فیما صدقت علیه المؤونة وان بقى الى انقضاء السنة او استغنى عنه فى زمان الشیب أو باعه فى اثناء السنة.

مساله 68 ص (330 - 331)

مساله 68 ص (330 - 331)

(مسألة 68) اذا مات المکتسب فى اثناء الحول بعد حصول الرّبح، سقط اعتبار المؤونة فى باقیه، فلا یوضع من الرّبح مقدارها على فرض الحیاة(1)

(1) الوجه فى ذلک أنّ الإرفاق فى تأخیر اداء الخمس، کان للمالک المکتسب لأجل مؤونته ومؤونة عیاله وبعد موته لا عائلة له ولا مال فانه انتقل الى الورثة الاّ مقدار تجهیزه من الکفن والدّفن، فان لم یکن ما ترکه الا مقدار الکفن و الدّفن، فلا موضوع للخمس، فانه ملحق بمؤونته فى أیام حیاته، فلا یجب تخمیسه بملاک أنّه لا خمس للمؤونة، وان کان ما ترکه اکثر من ذلک، فان کان من الارباح یجب تخمیسه بعد اخراج التجهیز، لانّه بالموت انقضى سنته.
ثم إنّ الدّلیل على أن تجهیز المیت من المؤونة، مضافاً الى أنه المتفاهم مما دلّ على عدم الخمس فى المؤونة، أنه إذا دار الأمر بین اداء الدین للمؤونة وتجهیز المیت ـ اذا کانت الترکة بمقدار أحدهما ـ یکون التجهیز مقدّماً، فمنه یعلم أنه لا خمس فیما یجهّز به المیّت.
وان کان بعضه مخمّساً، کالرّبح الباقى من السّنة الماضیة، وبعضه من الرّبح فى السّنة الجاریة، ولکنّه أستعمل فى المؤونة کالبساط المستعمل، وبعضه ربحاً زائداً على المؤونة الى حین الموت، فلا خمس الاّ فى هذا لأخیر، وهذا واضح.
نعم لو کان مدیناً لأجل المؤونة الى حین الموت، یکسر من الرّبح لما عرفت من أن دین المؤونة یوضع من الرّبح، فیخمّس الباقى، وأمّا ان کان الدّین لغیرها، او کان من مؤنة السنة الماضیة قبل حصول الرّبح فلا یوضع من الرّبح عند الموت، بل لابّد من التخمیس، ثم أداء الدّین، کما هو الحال فیما اذا انقضى رأس سنة الحى.

مساله 69 ص (331)

مساله 69 ص (331)

(مسألة 69) اذا لم یحصل له ربح فى تلک السّنة وحصل فى السّنة اللاّحقة، لا یخرج مؤونتها(1) من ربح السنة اللاحقة.


(1) وذلک لما عرفت من أن مؤونة کل سنة، تخرج من ربحها لا من ربح غیرها، نعم لو استدان لمؤونتها، جاز اداء الدین من ارباح هذه السّنة لأن اداء الدین من المؤون.

مساله 70 ص (331 - 332)

مساله 70 ص (331 - 332)

(مسألة 70) مصارف الحج من مؤونة عام الإستطاعة فاذا استطاع فى اثناء حول حصول الرّبح وتمکن من المسیر بان صادف سیر الرفقة فى ذلک العام، أحتسب مخارجه من ربحه وأما اذا لم یتمکن حتى انقضى العام، وجب علیه خمس ذلک الربح فان بقیت الاستطاعة الى السنة الآتیة، وجب والاّ فلا. ولو تمکّن وعصى حتى انقضى الحول، فکذلک على الاحوط(1) ولو حصلت الاستطاعة من ارباح سنین متعددة، وجب الخمس فیما سبق على عام الاستطاعة، وأمّا المقدار المتمّم لها فى تلک السّنة، فلایجب خمسه إذا تمکن من المسیر، واذا لم یتمکن، فکما سبق، یجب اخراج خمسه.

(1) لعلّ الوجه فى عدم الجزم بالوجوب، أن الأمر کان متوجهاً الیه بصرفه فى الحج، فمع عصیانه أیضاً یحتمل أن یکون تعلّق الأمر بصرفه فى الحج، مخرجاً له من الخمس، ولا یقاس بالتقتیر، فانّ الأمر بالصّرف، لم یکن هناک، ولهذا لم یجزم فى المقام بوجوبه واحتاط بالتخمیس.
واستشکل علیه سیّدنا الاستاذ(قدس سره) بأن المناط فى سقوطه بالصّرف الفعلى، فاذا لم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة332 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

یصرفه وزاد على المؤونة، یجب التخمیس.


والذى ینبغى ان یقال: إنه اذا عصى فقد استقر علیه الحج، فیجب علیه فى القابل، فان کان ذا مال و ثروة بحیث لا یتوقف حجه فى القابل على هذا الربح، لابّد من تخمیسه کما لا یخفى،


واذا توقف علیه بحیث لو خمّسه، لما تمکن من المسیر، فالاظهر عدم وجوبه لأنه مفوّت للحج الواجب.

مساله 71 ص (332 - 339)

مساله 71 ص (332 - 339)

(مسألة 71) اداء الدین من المؤونة، اذا کان فى عام حصول الربح(1)

(1) لا وجه لما أفاده(قدس سره) فانّ الدّین لو کان من السنین السابقة واشترى به داراً للسکنى أو الفرش أو الثلاجة أو التلفزیون أو غیرها ممّا یعدّ مؤونة وان کانت عینها باقیة، أو اشترى المأکولات والمشروبات أو صرفه فى الحج أو زیارة العتبات العالیات أو فى اروش الجنایات أو غیرها، فأدائه واجب علیه فیکون من مؤونة سنة الأداء، بلا فرق بین أن یکون متمکناً منه قبل عام الرّبح أم لا؟ فالتقیید بعدم التمکن من ادائه قبل عام حصول الربح لا وجه له أیضاً، فلو کان متمکناً منه ولم یؤدّه فى السنوات السابقة، کان ادائه فى سنة الرّبح من مؤونتها.
نعم اذا بقى هذالدّین الى انتهاء عام الرّبح، فهل یستثنى مقداره من الرّبح المتعلّق به الخمس أو یخمّس کلّه؟ قال سیّدنا الاستاذ(قدس سره): لا ینبغى الشک فى عدم إستثنائه من أرباح هذه السّنة، لأن المستثنى منها خصوص ما یعدّ من مؤون هذه السّنة، ولا ریب فى أنّ دیون السّنین السابقة، حتى ما کانت لأجل مؤونتها ـ فضلا عما کانت لأجل غیر المؤونة ـ لا تکون من مؤونة هذه السنة فالاستثناء لا یثبت جزماً.
وفیه أن الأظهر فى المقام هو التفصیل، فان الدین اذا کان فى العام السابق لشراء الدّار مثلا، وقد بقى الدین والدّار الى آخر سنة الرّبح، فیستثنى منه مقدار الدّین بلا تخمیس، فان سکناه فیها قبل عام الرّبح، لا یکون مانعاً لکونها مؤونة لهذالعام أیضاً، وکذا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة333 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

غیرها مما هو مؤونة لعام الربح ایضاً کالفرش والثلاجة و التلفزیون ونحوها.
وان کان الدّین قبل عام الرّبح، مصروفاً فى الأکل والشّرب والحج والضّیافة والزّیارة ونحوها، فلا یستثنى مقداره من الرّبح بعد انقضاء عامه فلابدّ من التخمیس أولا، ثم الأداء لأنّه لم یصرف فى مؤونة عام الرّبح، نعم لو أدّاه قبل انقضاء العام، یعدّ من مؤونته کما تقدم.
وأمّا إن کان الدّین قبل عام الربح لشراء بستان أو أرض او دکان او نحوها مما لم یکن من المؤونة، فهل یصحّ أدائه من أرباح سنة الرّبح قبل اداء خمسها أم لا؟
ذهب بعض المعاصرین الى الثّانى، قال فى وجه ذلک: (ان تلک الأعیان لیست من المؤونة لکى یکون اداء ثمنها منها یعتبر مؤونة، ولا شرائها فى سنة الفائدة، حتى تصبح فائدة هذه السنة اذا ادّى ثمنها من أرباحها، ولا یمکن ان تصبح فائدة من حین شرائها اذا أدّى ثمنها من أرباح السنة الثانیة عوضاً عنها، وإلاّلزم ان یکون مبدأ سنة هذه الأرباح متقدما على ظهورها وتحققها فى الخارج وهو خلف، وأما صیرورتها من أرباح السنة الثانیة بقاء فهى منوطة بوجود دلیل یدل على جواز اداء ثمنها من فائدة هذه السنة لکى یکون مردّه ثبوتاً الى انتقال خمسها إلیها وأنها تقوم مقام فائدتها، ویجب علیه
اخراج الخمس منها فى نهایتها، والفرض عدم وجود دلیل کذلک، لان المستفاد من روایات استثناء المؤونة من الفوائد والارباح هو جواز تصرف المالک فى تلک الفوائد والأرباح طول فترة السنة فى اطار أمرین:
أحدهما: فى إطار المؤونة و متطلبات حاجاته حسب شؤونه ومکانته.
والآخر فى إطار الاتّجار والمداولة بها بالبیع والشراء ونحوهما (الى آخر کلامه)
قلت: لا یمکن المساعدة على ما أفاده (دامت برکاته) فان البستان الذى اشتراه فى الذّمة دخل فى ملکه من حین الشراء وبقیت قیمته فى ذمته الى السنة الثانیة ویجب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة334 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

علیه ادائها، فاذا أدّاها من فائدة هذه السنة، فقد أتى بأمر واجب فان أداء الدّین واجب، فیصدق علیه الربح بعد أداء الدین فان مالیة الفائدة قد تجسّدت بالبستان، فاذا بقى الى آخر السنة یجب تخمیسه، واذا غرق فى البحر أو ذهب به السیل، لا یجب علیه الخمس لانتفاء الموضوع.
وبعبارة أخرى لا فرق فى وجوب أداء الدین السابق من الرّبح اللاحق بین أن یکون منشأه أروش الجنایات أو زیارة العتبات العالیات أو الضیافة والصّدقات أو الذّهاب الى مکة وعرفات أو شراء الدار والبستان والخانات، فلایجب تخمیس الفائدة حین أداءالدین فى شئ منها، نعم اذا بقى البستان والخانات الى آخر السنة، یجب تخمیسها، لما عرفت من أن مالیة الفائدة قد تجسّدت فیها.
واما الدّار التى اشتراها بالدّین قبل عام حصول الرّبح فقد عرفت أنّ الدین اذا بقى الى آخر سنة الرّبح یستثنى من الخمس لانه دین للمؤونة. فلایجب تخمیس الدار لانها مؤونة ولایجب تخمیس مقدار الدین من الربح لانه دین صرف فى المؤونة والخمس انما یتعلّق بالربح بعد المؤونة.
وامّا ما دفعه من الرّبح لاداء دین البستان والخانات فلایجب تخمیسه حین الدّفع لانّه أداء للدین وهو واجب علیه وهو داخل فى الامر الأول من الأمرین الذین ذکرا فى کلامه، فاذا بقى البستان والخانات الى آخر السنة یجب تخمیسهما لأنّ الربح قد تجسّم بهما والعرف حاکم بان البستان والخانات من أرباح هذه السنة، ولا نقول: بانهما ربح من أوّل دخولهما فى ملک المشترى، حتى یقال: لزم أن یکون مبدأ سنة هذه الأرباح متقدماً على ظهورها و تحقّقها فى الخارج و هو خلف; بل نقول: إن الرّبح یصدق علیهما من حین أداء ثمنهما من الأرباح، والدّلیل على جوازه بل وجوبه هو أنّ أداء الدّین واجب، والرّبح الّذى یصرف فى الواجب لا یجب تخمیسه جزماً ولو اتفق له حادثة غیر مترقبة واحتاج

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة335 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الى بیع البستان والخان فى اثناء السّنة، وصرف ثمنهما فیها، لایکون عاصیاً بترک تخمیس الفائدة حین أداء الدین ولعمرى أنّ هذا واضح لا سترة علیه أصلا.
وأمّا اذا کان الدّین قبل عام حصول الرّبح وصرف فى المؤونة، ولم یبق بازائه شئ، فقد عرفت جواز ادائه من الرّبح المتأخر، وأمّا اذا لم یؤدّه حتى انقضى العام، فلا یستثنى من الربح المذکور مقدار الدین، لانه لم یصرف فى مؤونة عام الربح وهذا واضح.
وأما اذا کان الدّین للمؤونة بعد الشروع فى الاکتساب وبعد حصول الرّبح، فبناء على ما اختاره الأستاذ(قدس سره) یستثنى مقداره من الرّبح الباقى فى آخر السنة.
وما أفاده(قدس سره) هو الأقوى ویظهر وجهه من الجواب عما اعترض علیه;
قال بعض المعاصرین (دامت برکاته): (ان استثناء ذلک "اى الدین ورأس المال الّذین صرفا فى مؤنة السنة" من الفائدة فى نهایة السنة انما یتم على أحد تقدیرین:
الأوّل أن یکون موضوع وجوب الخمس هو الفائدة الزائدة على رأس المال الموجود عندالتاجر فى بدایة السنة، وعندئذ فاذا صرف من رأس ماله المخمس فى مؤونته لا من الفائدة عنده، لم یصدق عنوان الزائد على ما یوازیه من الفائدة وکذلک الحال فى الدین.
الثانى ان یکون المراد من المؤونة المستثناة من الفائدة والغنیمة مقدارها وان لم یصرف خارجاً فى شئ.
ولکن کلا التقدیرین خاطئ جدّاً ولا واقع موضوعىّ له: أما التّقدیر الأوّل فلیس فى أدلّة الخمس منه عین ولا أثر، لما مرّ من أن المستفاد منها أن موضوع وجوب الخمس هو الفائدة التى یستفیدها المر، فاذا صرف منها فى المؤنة، فان بقى شئ منها بعد ذلک، وجب علیه أن یخمسه والاّ فلا شئ علیه،
وأمّا التقدیر الثانى، فقد تقدم موسّعاً أن روایات المؤونة ظاهرة فى المؤونة الفعلیة،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة336 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا الأعم منها ومن مقدارها وان لم یصرف.)انتهى.
ویمکن الجواب عن ذلک بوجوه:
الأول أن قوله(ع): (الخمس بعد المؤونة(1)) ظاهر بقرینة ارتکاز المتشرعة فى أن رتبة الخمس بعد المؤونة بلا فرق بین ان تکون المؤونة من نفس الفائدة أو من الدّین مثلا، فلو کان مدیناً للمؤونة بألف وکانت الفائدة ألفاً، لا یراه العرف مشمولا لدلیل الخمس.
الثانى لو تنزلنا عن ذلک، فنقول: إن دلیل استثناء المؤونة لیس منحصراً فى الحدیث المذکور، بل ذیل صحیحة ابن مهزیار الطّویلة ایضاً یدلّ على ذلک قال الجواد(علیه السلام): (فأمّا الّذى أوجب من الضیاع والغلات فى کل عام، فهو نصف السّدس ممن کانت ضیعته تقوم بمؤونته، ومن کانت ضیعته لا تقوم بمؤونته، فلیس علیه نصف سدس ولا غیر ذلک).(2)
فمن کانت فائدة ضیعته عند إنقضاء السنة الفاً وکان مدیناً للمؤونة بخمسة آلاف لا یجب علیه تخمیس الألف جزماً لان هذالشخص مصداق لقوله(علیه السلام): ومن کانت ضیعته لا تقوم بمؤونته الخ.
والتعبیر بنصف السّدس، لا یضرّ بالإستدلال لانّه کان مبنیاً على التخفیف.
الثالث بناء على ما ذکره من عدم استثناء مقدار المؤونة وما یوازیها من ربح السنة وفائدتها، یلزم عدم استثناء مؤونة استخراج المعدن منه لان الاستثناء یتعلق بالمقدار وما یوازى المؤونة، مع أن هذا المعاصر یقول: إستثناء مؤونة الصرف من موضوع وجوب الخمس فى المعدن یکون على القاعدة، حیث لا یصدق عنوان الفائدة والغنیمة الاّ على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 337 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الباقى.
فنقول: کما یتوقف صدق الفائدة والغنیمة على المعدن، على اخراج ما یوازى مؤونة الإستخراج منه، کذلک یتوقف صدق ربح السّنة وفائدتها على استخراج ما یوازى مؤونة السنة من الرّبح فى آخر السنة.
وإن قیل: الغنیمة لا تصدق على جمیع ما أخرج من المعدن، بل مختصّة بغیر ما یوازى مؤونة الاستخراج ، بخلاف الأرباح الباقیة فى آخر السنة فان الغنیمة تصدق علیها وان کان المالک مدیناً من أجل مؤونة السنة.
قلنا: لو سلّم ذلک، لزم عدم صدق الغنیمة على الأرباح الباقیة فى آخر السنة، إذا خسر التّاجر فى سبیل الإسترباح مقداراً من رأس المال قبل حصول الربح، مع أن المعاصر التزم فى النقطة الرابعة عشرة فى آخر کتاب الخمس، حیث قال: (واما اذا کان الخسران قبل الربح فلا یستثنى منه). بعدم استثناء الخسران من الربح فنقول: أىّ فرق بین مؤونة استخراج المعدن ومؤونة استرباح التاجر حتى تکون الاولى ما نعة عن صدق الغنیمة على المعدن والثانیة لا تکون کذلک، مع أن کلتیهما مؤونة فى سبیل الاستغنام.

وأما اذا کان الدّین لأجل شراء سیارة للاکتراء ـ مثلا ـ فان کانت باقیة الى آخر السنة وأدىّ قیمتها من الأرباح، فهى من الأرباح، یجب تخمیسها کبقیتها بعد استثناء الدین، سواء زادت قیمتها أو نقصت،
وإن تلفت، کما اذا إحترقت فى اثناء السنة وکان الدین باقیاً، فلا اشکال فى وفائه من الأرباح قبل انتهاءالسنة، واذا انتهت السنة قبل الوفاء فهل یستثنى من الرّبح حتى لا یجب الخمس فیه، أو لا یستثنى؟ فیه وجهان:
الأوّل ما ذهب الیه سیّدنا الأستاذ من عدم الاستثناء لأن تلف هذالمال الخارجى الأجنبى عن التجارة، لا ینافى صدق الرّبح فى التّجارة الذى هو الموضوع لوجوب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة338 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أو کان سابقاً ولکن لم یتمکن من أدائه إلى عام حصول الرّبح(2) واذا لم یؤدّ دینه حتى انقضى العام، فالأحوط إخراج الخمس أولا وأداء الدّین مما بقى(3)

الخمس ، فقد ربح فى تجارته وفضل عن مؤونته.
الثانى هو التفصیل بین ما إذا کانت حرفته التجارة واشترى سیارة للاکتراء، فالأمر کما أفاده الأستاذ من عدم الجبر بربح التجارة.
وأمّا اذا أخذ المکارى ایضاً حرفة له، فاشترى الإبل والخیول والحمیر والبغال، بعضها بالدین و بعضها بالنقد من الأرباح، فمات ما اشتراه بالدّین قبل الوفاء وبقى الدین الى آخر السنة، فهل یجب التخمیس قبل اداء الدّین من الأرباح، أو یحاسب الخسارة والربح والدّین، فیجبر الخسارة بالرّبح، ثم یخمّس الزائد؟ والظّاهر أن الثّانى هو المفتى به بین الأصحاب، والأحوط هو تخمیس الأرباح من غیر استثناء الدّین المذکور.
(2) قد تقدم أنه وان تمکن من أدائه قبل عام الربح ولم یؤدّ، کان أدائه فیه من المؤونة.
(3) إن کان الدّین لمؤونة سنة الرّبح، کان الإحتیاط المذکور استحبابیّاً وإن لم یکن لذالک، فالأقوى هو التخمیس أولا ثم الاداء، وقد تقدم أنه ان ادّاه قبل انقضاء السّنة لایجب التخمیس قبل الأداء.
وأمّا اذا کان الدّین قبل حصول الربح وبعد الشروع فى الاکتساب، فاستشنائه من الرّبح المتأخّر، مبنى على ما إختاره الماتن(قدس سره) من أن مبدأ السنة أوّل الشروع فى الاکتساب.
وأمّا على المختار من أن مبدئها ظهور الرّبح، فلا یستثنى منه الاّ الدّین بعد ظهور الرّبح، او کان قبله ومصرفه بعد ظهوره للمؤونة کما تقدم.
ثم ان الدّین والمصرف ان کانا قبل ظهور الرّبح، وبقى الى انقضاء عام الرّبح فاحتیاط الماتن بالتخمیس مبنى على احتمال أنّ الأمر بالأداء قبل انتهاء العام محقِّقٌ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة339 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وکذا الکلام فى النذور والکفّارات(4)

لکونه مؤونة،
ولکنک عرفت أن الصّحیح هو أنّ نفس الأداء مؤونةٌ لا الأمر به.
(4) صحّ ذلک فى الکفارات والنذر المطلق وأمّا النذر المعین فیستثنى من الخمس کما اذا قال: لله علىّ أن أذبح هذه الشاة لإقامة عزاء الحسین(علیه السلام) فانه التزام واجب علیه، وتعدّ مؤونة، فلا یجب تخمیسها فى آخر السنة، والعجب من المعلّقین على العروة کیف لم یستثنوه من الخمس.

1- الوسائل ج 6، ب 12 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 2، ص 354.
2- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5، ص 350.

مساله 72 ص (339 - 351)

مساله 72 ص (339 - 351)

(مسألة 72) متى حصل الرّبح وکان زائداً على مؤونة، السّنة تعلّق به الخمس(1) وان جاز له التأخیر فى الاداء الى آخر السنة فلیس تمام الحول شرطاً فى وجوبه

(1) الکلام یقع فى موضعین أحدهما فى زمان تعلّق الخمس وأنه حین ظهور الربح او بعد انتهاء السنة.
ثانیهما فى انه لو بنى على الأوّل، فهل یجوز التأخیر الى انتهاء السنة ام لا؟
أما الموضع الأوّل، فنسب الى المشهور أن الخمس یتعلّق بالربح من حین حصوله، فیکون الامام(علیه السلام) شریکا مع المالک من ذلک الوقت.
وتدل على ذلک عدّة من الروایات، منها موثقة سماعة (قال: سألت ابالحسن(علیه السلام) عن الخمس، فقال: فى کل ما افاد الناس من قلیل أو کثیر)(1)
وکذا ظاهر الآیة: (واعلموا انّما غنمتم من شیئ، فأنّ لله خمسه)(2) فبناء على أن المراد من الغنیمة هو مطلق الفائدة کما تدل علیه بعض الرّوایات (3) فاالمستفاد من الآیة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 340 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والرّوایات، ان الخمس یتعلق بالربح من حین حصوله، فلا یصغى الى ما نسب الى ابن ادریس من انه یتعلق بالربح من حین انتهاء السنة، فلوکنا نحن والآیة وهذه الرّوایات، لقلنا بوجوب الخمس من حین حصول الفائدة فوراً;
ولکن عدّة من الرّوایات دلّت على ان الخمس بعد المؤونة: (منها) حسنة محمد بن الحسن الاشعرى(4) و(منها) روایة ابن شجاع النیسابوری(4) و(منها) صحاح على بن مهزیار(4) و(منها) صحیحة ابن ابی نصر(5) و(منها) صحیحة ابراهیم بن محمد الهمدانی(5).
ولا اشکال فى أنّ المراد من البعدیة هو البعدیة فى الرتبة، یعنى أن المؤونة فى الأهمیة فى الرّتبة الأولى، والخمس فى الرّتبة الثانیة، نظیر قوله تعالى: من بعد وصیّة توصون بها أو دین(6)
فهى تدل على أنّ رتبة الوصیة والدّین مقدمة على الارث.
ففى المقام تکون رتبة المؤونة مقدمة على الخمس، فالرّبح إن زاد على المؤونة یجب تخمیسه والاّ فلا،
ولافرق فى ذلک بین القول بان التکلیف والوضع مشروط بالشرط المتأخر وهو عدم الصرف فى المؤونة الى آخر السنة، والقول بان متعلق التکلیف والوضع حصّة خاصة من الفائدة وهى ما لم یصرف فى المؤونة وکان عند الله معلوماً، فانّ مآل القولین واحد، ولاثمرة بینهما.
وأما القول بان الوجوب یتعلق بمازاد على المؤونة فى آخر السنة کما عن ابن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 341 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ادریس(قدس سره)فمضافاً الى أنه خلاف الظاهر، یلزم منه جواز اتلاف الربح زائداً على لیاقته وشأنه، وهذا مما لم یلتزم به احدحتى ابن ادریس(قدس سره) فان ارباب الخمس شریک للمالک فیما لم یصرف فى المؤونة الى آخر السنة، فتصرّف المالک فیه بقدر حاجته ولیاقته جائز، ولا یجوز بما زاد على ذلک، لأنّه یوجب تضییع حقّ أرباب الخمس.
ثم إن سیدنا الأستاذ الخوئى(قدس سره) فرّق بین مؤونة الاسترباح ومؤونة الرّجل وعائلته، فحکم بأنّ الخمس والوجوب مشروط بشرط متأخّر فى الأولى، دون الثّانیة، بدعوى أن ما دلّ على أن الخمس بعد المؤونة، ناظر الى ذلک، وأمّا ما دل على ان الخمس بعد مؤونته و مؤونة عیاله، فظاهره ان الوجوب مشروط بشرط متأخّر، والخمس وهو تعلّق حق ارباب الخمس فعلىٌّ.
وفى ما أفاده(قدس سره) مواقع للنّظر:
الأوّل أن ما دل على أن الخمس بعد المؤونة، ظاهر فى مؤونة الرّجل وعیاله فکل مصرفه ومصرف عیاله، لیس فیه الخمس وهو ظاهر.
وأمّا لو ارید منه بعد مؤونة الإسترباح، یکون المراد، الخمس بعد اخراج مقدار مؤونة الاسترباح، وهذا فیه إضماران، أحدهما الإخراج والثانى المقدار، ولاشک فى أنّ الأصل عدم الإضمار، ولایمکن الالتزام به بلا قرینة.
الثانى أن المشروط بالشّرط المتأخّر هو خمس الفائدة حیث انه مشروط بعدم الصرف فى مؤونة العائلة الى آخر السنة، لاخمسها بعد مؤونة الإسترباح، فانه مشروط بالشرط المقارن، فالمعنى ان خمس الفائدة، یقترن باخراج مقدار مؤونة الاسترباح، فانها مقدمة على الربح زماناً، ویخرج مقدارها من الفائدة حین حصولها، فاین الشّرط المتأخّر.؟!
الثالث انه لو کان المراد من المؤونة مؤونة الاسترباح، فلا موجب لحمل کلمة بعد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة342 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على الرتبى دون الزّمانى، فاذا حصل الرّبح والفائدة، یصح أن یقال: إن فى الآن الأوّل، یخرج مقدار مؤونة الإسترباح، وبعد ذلک، یخرج خمس البقیة، فلا محذور لحمل کلمة بعد على الزّمانى أصلا.
على أنه یمکن أن یقال: إن الاتیان بکلمة بعد مشعربان المراد من المؤونة هى مؤونة العائلة، فانها هى الّتى تتأخر من الرّبح الى انقضاء السنة، وهى الّتى تتقدم رتبتها على خمس الفائدة، وهو رتبته بعدها، وامّا مؤونة الاسترباح، فیصحّ فى استثنائها ان یقال: خمس الفائدة یستثنى منه مؤونة الاسترباح، فلا یحتاج الى الاتیان بکلمة (بعد) فانّ هذه الکلمة، تدل على الشرط المتأخر، أو تأخّر الرّتبة وخمس الفائدة بعد مؤونة الإسترباح، لیس مشروطا بالشّرط المتأخّر.
الرابع لو تنزلنا عما ذکرنا وقلنا: إن الأمر یدور بین الحمل على مؤونة العائلة فى السنة، ومؤونة الاسترباح، فنقول: الترجیح مع الأول وذلک لأنه کلّما دار الأمر بین حمل خطاب المولى على المولوى أو الارشادى، یقدّم الاول لانه المناسب لمقام المولى، وأمّا الارشاد، فلا یمکن المصیر الیه الا فى موارد لا یمکن الحمل على المولوى، ـ کما فى قوله تعالى: أطیعو الله واطیعو الرّسول، فانه لا یمکن ان یحمل على المولوى للزوم التسلسل، ولانه لا یکون فى ترک المأموربه الاّعقاب واحد; وقد تقدم من الأستاذ(قدس سره) فى (صفحة 249) من تقریراته أن اخراج مؤونة الاسترباح من الربح أمر على القاعدة (ضرورة عدم صدق موضوع الخمس اعنى الغنیمة والفائدة الا بعد اخراجها بأجمعها من اجرة الدلاّل والدکان والحمال وما شاکل ذلک، فان من اشترى بضاعة باثنى عشر دیناراً وباعها بخمسة عشر وأعطى الدلاّل دیناراً واحداً، لا یقال: إنه ربح ثلاثة دنانیر، بل ربح دینارین فقط، وهکذا وهذا ظاهر).
فعلیه إن قلنا: ان المراد من قوله(ع): الخمس بعد المؤونة، هى مؤونة الاسترباح،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة343 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

یکون ارشاداً الى ما یحکم به العقل، وان قلنا: إن المراد مؤونة العائلة فى السنة، یکون الخطاب مولویاً، فیرجّح على الأول.
فقد تحصّل مما ذکرنا أن الخمس وضعاً وتکلیفاً، مشروط بالشرط المتأخّر وهو عدم الصرف فى المؤونة، فاشتراک ارباب الخمس مع المالک ووجوب اخراجه کلاهما مشروط بعدم الصّرف فى المؤونة الى نهایة السّنة، وذلک للجمع بین ما دل على وجوب الخمس فى الغنیمة والفائدة، ومادل على أن الخمس بعد المؤونة، کصحاح البزنطى وعلى بن مهزیار وابراهیم بن محمد الهمدانى وغیرها;
هذا تمام الکلام فى الموضع الأول، وقد ظهر أن الخمس یتعلّق بالفائدة والغنیمة من حین حصولها; لا بعد انتهاء السّنة;
أما الکلام فى الموضع الثانى وهو جواز تأخیر اداء الخمس الى آخر السنة، فقد استدلوا علیه بوجوه:
الأول الاجماع ـ کما فى غیر واحد من الکلمات ـ على جواز التأخیر، احتیاطا وارفاقاً من جهة المؤونة;
الثانى السّیرة القطعیة العملیة القائمة على جواز التأخیر من المتشرعة ـ کما هو واضح ـ فانّ ذلک عندهم من الواضحات، ولا یرتاب فیه أحد.
الثالث صحیحة على بن مهزیار الطّویلة، قال(ع) فیها: فأمّا الغنائم والفوائد، فهى واجبة علیهم فى کل عام(7) والواجب لا یکون الاّمرة واحدة فى نهایة العام مع أنّ الأرباح فى الغالب کثیرة متدرّجة، فلا یجب التخمیس عند ظهور کل ربح.
الرابع صحیحة ابن ابی نصر البزنطى، قال: کتبت الى أبی جعفر(علیه السلام)الخمس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 344 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة؟ فکتب(ع) بعد المؤونة.(8)
وهذه الصّحیحة کالصریح فى جواز تأخیر إخراج خمس الفائدة الى انقضاء السنة فان کلمة (قبل) فى السئوال قرینة على أن المراد من البعد هو البعد الزّمانى لاخصوص الرّتبى والمراد منه انقضاء السنة; وقد تقدم أنها غیر ناظرة الى مؤونة الاسترباح.
ومقتضى الإطلاق جواز التأخیر وان کان الرّبح یوازى أضعاف المؤونة. الخامس صحیحة ابراهیم بن محمد الهمدانى: ان فى توقیعات الرضا(علیه السلام)إلیه، أنّ الخمس بعد المؤونة.(8)
السادس أنّ المؤونة مؤونتان، إحدیهما محدودة، والأخرى غیر محدودة، أمّا الأولى، فهى المصارف الضّروریة الّتى لابد منها، کالمأکل والملبس والمسکن ونحوها، وفى الغالب یمکن تحدیدها فى أوّل السنة بحدّ;
وأما الثانیة فهى المصارف الغیر الضروریة للمکلّف وله ان یفعل وله أن لا یفعل، کالهبة اللائقة بحاله والزیارة والضیافة والصدقة المندوبة والحج المندوب ونحوها، فانها من المؤونات ولیست محدودة بحدّ.
فلأجل جواز هذه الأمور، لا یجب تخمیس الربح فى أوّل الظهور والحصول.
ولکنّ الظاهر عدم صحة الاستدلال بهذه الامور إلاّ بصحیحة البزنطى ونظائرها، والوجه فى ذلک ان الاجماع المحصل غیر حاصل، والمنقول لیس بحجة.
على أن المدرک لهذا الاجماع، معلوم وهو النصوص الدالة على أن اخراج الخمس بعد المؤونة;
وأمّا السّیرة من المتشرعة وان کانت قائمة على إخراج الخمس فى آخر السنة الا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة345 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أن منشأها فتاوى العلماء، وهى ناشئة من النّصوص المشار الیها، فلا تکون السّیرة دلیلا مستقلا;
وأمّا صحیحة على بن مهزیار، فلا دلالة لها على تأخیر إخراج الخمس الا بملاحظة النصوص المشار الیها، والاّ فقلنا: الغنائم والفوائد یجب تخمیسها فوراً، کما فى غنیمة الحرب، فلا دلالة فیها على التأخیر الى آخر السنة، الاّ بعد ضمّ ما دلّ على أنّ الخمس بعد المؤونة الیها،
على أن بعض الأمثلة المذکورة فیها لا یؤخّر تخمیسها الى آخر السنة کالمیراث ممن لا یحتسب والمال المأخوذ من عدوّ یصطلم، فان تخمیسهما فوری
وأمّا الوجه السادس، فهو ایضاً متفرّع على قولهم(علیهم السلام): الخمس بعد المؤونة، والاّ فلا دلالة له على جواز التأخیر کما هو واضح.
وملخّص الکلام أن مادلّ على ان الخمس فى کل ما أفاده من قلیل او کثیر، یدلّ على ثبوته من الأوّل، ومقتضى الجمع بینه وبین مادل على ان الخمس بعد المؤونة و مادلّ على إخراجه بعد المؤونة، أنه وضعاً وتکلیفاً مشروط بالشرط المتأخر وهو عدم الصّرف فى المؤونة الى آخر السنة.
وانکر بعض المعاصرین الشرط المتأخّر فى المقام، ولکنه قال: (فالنتیجة أن التعلّق بالفائدة مشروط بعدم الصرف فى المؤونة طول فترة السنة).
وهذا الکلام کما ترى ـ اعتراف منه بان تعلّق الخمس بالفائدة مشروط بالشرط المتأخر، فلا تغفل.
وینبغى التنبیه على أمر وهو أنه قال البزنطى: کتبت الى أبى جعفر(علیه السلام)الخمس أخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة؟ فکتب بعد المؤونة(9)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 346 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ویستفاد من هذه الصّحیحة أمر ان: أحدهما ان المراد من قبل المؤونة هو أول زمان حصول الرّبح ومن بعد المؤونة هو انقضاء السنة، فلا یحمل البعد على الرّتبى وحده، لأن السؤال ناظر الى زمان الإخراج، فالجواب ظاهر الى ان زمان اخراج الخمس بعد المؤونة وهو زمان انقضاء السنة.
ثانیهما أن مقتضى اطلاق الجواب جواز تأخیر تخمیس الفائدة الى انقضاء السنة وإن علم المالک أن الرّبح یوازى اضعاف المؤونة.
فما ذهب الیه بعض المعاصرین من (أنه لا مبرّر لتأخیره الى نهایة السنة، على أساس أنّه علم بتحقق موضوعه فى الخارج وهو الفائدة الفاضلة على المؤونة).
مبنى على الغفلة عن هذا الاطلاق، والاّ فهو المبرّر لجواز التأخیر، کما هو واضح.
بل یمکن أن یقال: إنّ هذه الصّحیحة، تصلح ان تکون قرینة على المراد من النصوص الاخرى المشتملة على ان الخمس بعد المؤونة، فتحمل کلمة (بعد) على البعد الزمانى والرّتبى، فیکون المراد وجوب اخراج الخمس حین انقضاء السنة، فکما أنّ رتبة الخمس متأخّرة عن المؤونة فزمان اخراجه ایضاً متأخّر ولا اشکال فى ذلک أصلا، فإنّ القائلین بأن المراد من کلمة (بعد) هو خصوص الرّتبى، ادّعوا ظهورها فى ذلک وشبّهوها بکلمة بعد فى قوله تعالى: من بعد وصیة یوصى بها أودین.
ودعوى الظهور ممنوعة لأجل القرینة المذکورة والتشبیه لا یصلح للّدلیلیة.
ثم إن التفصیل الّذى ذکره سیّدنا الأستاذ(قدس سره) بین الوضع والتکلیف من أن الوضع مطلق والتکلیف بالاخراج مشروط بالشرط المتأخّر، مبنى على أن مادلّ على أن الخمس بعد المؤونة، مختص بمؤونة الاسترباح، فیبقى مادلّ على أن کلّ ما أفاده، ففیه الخمس، على اطلاقه، وقید بعد المؤونة فى جمیع النصوص یرجع الى التکلیف لا الوضع، ففى صحیحة البزنطى: أخرجه بعد المؤونة، وفى صحیحة على بن مهزیار: علیه الخمس بعد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة347 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وانما هو ارفاق بالمالک لإحتمال تجدّد مؤونة أخرى، زائدا على ما ظنّه، فلو أسرف أو اتلف ما له فى اثناء الحول، لم یسقط الخمس(2) وکذا لووهبه أو اشترى بغبن حیلة فى اثنائه.

مؤونته ومؤونة عیاله وبعد خراج السلطان وفى صحیحته الأخرى: یجب علیهم الخمس (الى ان قال) اذا امکنهم بعد مؤونتهم، فیکون الوجوب مقیّداً ببعد المؤونة، وفى الصحیحة المتقدمة، علیه الخمس بعد مؤونته ومؤونة عیاله، وکلمة علیه تدل على الوجوب، وهکذا غیرها.
الجواب عن ذلک، أنک قد عرفت أن قوله(ع): الخمس بعد المؤونة ناظر الى مؤونة السّنة، لامؤونة الإسترباح، فیکون نفس الخمس والوضع مشروطاً بالشرط المتأخّر أیضاً.
(2) مقتضى الجمع بین النّصوص الدّالة على وجوب الخمس فى الفائدة والنّصوص الدّالة على أن الخمس بعد المؤونة أو أن إخراجه بعد المؤونة، هو أن المستثنى من متعلق الخمس خصوص المؤونة اللائقة بحاله عرفاً، ومن الواضح أن الاسراف والتبذیر خارج عن المؤونة عرفاً ومحرّم فى نفسه، فیظلّ خمسه فى ذمة المالک،
وکذالکلام لو وهبها لزوجته فراراً من الخمس أو اشترى من ابنه سیارة تسوى بالف بعشرة آلاف فى أثناء السنة بداعى سقوط الخمس عن الفائدة، فان نصوص المؤونة لا تشملها، لانها حیلة.
بقى الکلام فى أن إفساح المجال للمالک فى صرف الفائدة فى حاجاته ومتطلباته الى نهایة السنة، وعدم الخمس الاّفیما بقى منها فى آخرالسنة، هل یکون إرفاقاً بالمالک ام لا؟
قد یقال بالثانى بدعوى أن قوله(ع): الخمس بعد المؤونة، ظاهر، بل ناصّ فى أنه قید للموضوع وهو الفائدة، باعتبار انه ینص على أن الخمس المتعلّق بالفائدة فى لسان المطلقات، هو متعلّق فى الواقع بحصة خاصة منها وهى الحصة الفاضلة الّتى لاتصرف فى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة348 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المؤونة، وهذا یعنى انه یدلّ على ان الخمس المجعول فى الشریعة المقدّسة، انما جعل فى الفائدة التى لم تصرف فى المؤونة، وأما ما صرف فیها فهو غیر مجعول فیه، وعلى هذا فلا موضوع للارفاق.
وثانیاً مع الاغماض عن ذلک، الا أن دلالته على أن حدوث وجوب الخمس متأخر عن اخراج المؤونة، مبنیة على ان المراد بالبعدیة البعدیة الزمانیة، مع أنّ الأمر لیس کذلک، اذ لا شبهة فى ان المراد منها البعدیة الرتبیة، کما فى قوله تعلى: (من بعد وصیة یوصى بها اودین)(10) ونقصد بالبعدیة الرتبیة أن الفائدة اذا صرفت فى المؤونة، انتفى وجوب الخمس بانتقاء موضوعه باعتبار أنه متعلّق بها، شریطة ان لا تصرف فیها، فیکون الصرف فى المرتبة المتقدمة على تعلّق الخمس بها.
وان شئت قلت: إن وجوب الخمس مجعول فى الفائدة التى تظل باقیة فى نهایة السّنة ولم تصرف فى المؤونة، وأما ما صرف فیها الى نهایة العام من الفائدة، فلا یکون متعلّقا له، لان تعلقه بها مشروط بعدم الصرف فیها وهذا بخلاف الترخیص فى الصرف فانه مطلق وغیر مقیّد بعدم تعلق الخمس بها فالنتیجة ان التعلق بالفائدة، مشروط بعدم الصرف فى المؤونة طول فترة السنة وأما الصرف فهو غیر مشروط بعدم التعلّق، وهذا معنى تقدم المؤونة رتبة على وجوب الخمس، وتأخره عنها کذلک.) هذا ما أفاده بعض المعاصرین دامت برکاته.
وفیه أولا ان دعوى التنصیص فى قوله(ع): الخمس بعد المؤونة فى أنه قید للموضوع وهو الفائدة لا وجه لها أصلا، بل لا ظهور له فى ذلک، نعم هو أحد المحتملین، والمحتمل الآخر، وجوب إخراج الخمس بعد المؤونة، فالاحتمالان متشابهان، والجملة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 349 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجملة،
ولکن القرینة المعتبرة، قائمة على أن المراد هو المحتمل الثانى، وهى صحیحة البزنطى المتقدمة(11) وهى صریحة فى أن إخراج الخمس بعد المؤونة، حیث أنه سأل عن أبی جعفر(علیه السلام) الخمس أخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة فکتب(ع): بعد المؤونة; فهو صریح فى أن إخراج الخمس بعد المؤونة.
فقول الرضا(علیه السلام) فى صحیحة ابراهیم بن محمد الهمدانى المتقدمة(11): إن الخمس بعد المؤونة یحمل على قول الجواد(علیه السلام): أخرج الخمس بعد المؤونة;
وأمّا تعلّق الخمس، فهو فى أوّل حصول الفائدة والغنیمة کما یدلّ علیه الکتاب والسنة، لا سیما موثقة سماعة قال: سألت أبالحسن(علیه السلام) عن الخمس؟ فقال: فى کل ما أفاد الناس من قلیل أو کثیر.(12) فهى صریحة فى أن کل الفائدة متعلّق للخمس، فاذا ضممنا الیها قول أبی جعفر(ع) فى صحیحة البزنطى: أخرجه بعد المؤونة، تکون نتیجة الجمع، أن الفائدة التّى هى متعلّقة للخمس قد رخّص الشارع للمالک فى صرفها للمؤونة اللائقة بحاله الى انقضاء السنة فان بقى منها شىء یجب اخراج خمسه وإلاّ فلا; وهذا هو الإرفاق للمالک، وقد اعترف بذلک طىّ کلماته حیث قال: (بخلاف الترخیص فى الصرف، فانه مطلق وغیر مقیّد بعدم تعلّق الخمس بها) وهذا الکلام اعتراف منه بأن الفائدة المتعلقة للخمس یجوز صرفها فى المؤونة.
وثانیاً لو أغمضنا عن ذلک وتنزّلنا وقلنا: إنّ إخراج الخمس عن الفائدة الباقیة فى آخر السّنة تدلّ على انها متعلّقة للخمس، لا کل الفائدة، فالارفاق ایضاً محقّق، والوجه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 350 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فى ذلک أن المعدن والکنز والغوص وما اخذه من الکافر الحربى وفائدة التجارة والکسب کلها غنیمة وفائدة، والخمس فیها واجب فوراً الاّ الأخیر فلم یستثنى المؤونة الاّ منه، فلنا أن نقول: لا ارفاق للمالک بالنسبة الى الأربع الأولى لعدم اخراج مؤنة السنة عنها بخلاف الأخیر فان نفس استثناء المؤونة عنه إرفاق للمالک; ولا سیما أنه موسّع الى انقضاء السنة لاحتمال تجدد مؤونة لم تکن بحسبان من أول حصول الفائدة.
ثم قال المعاصر (دامت برکاته): (ومن هنا یظهر ان قوله(علیه السلام) فى صحیحة على بن مهزیار: (یجب علیهم الخمس بعد مؤونتهم)(13) وقوله(علیه السلام) فى صحیحته الأخرى: (یجب على الضیاع الخمس بعد المؤونة)(13) لا یدل على تأخّر وجوب الخمس عن السنة وحدوثه بعدها زماناً، هذا اضافة الى ان التفکیک بین التکلیف وهو الوجوب والوضع وهو الخمس مما لا معنى له، فان المجعول فى باب الخمس بمقتضى أدلته انما هو الوضع بالاصالة، وأمّا التکلیف، فهو مجعول بالتبع، فان جعله مستقلا فى مقابل جعل الخمس لغو محض، باعتبار ان جعل الخمس، یستلزم جعله لا محالة.)
الجواب عن ذلک یظهر بالتأمل فیما قدمناه، فان صحیحة البزنطى تفکک بین الوضع والتکلیف، قال: کتبت الى ابی جعفر(علیه السلام): الخمس أخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة؟ فکتب بعد المؤونة.(14) وهى صریحة فى أن وجوب الاخراج بعد المؤونة. وهو لایکون الاّ عندانقضاء العام فهى تقید کل النصوص الدّالة على ان الخمس بعد المؤونة، أو أن علیه الخمس بعد المؤونة أو یجب علیهم الخمس اذا أمکنهم بعد مؤونتهم، أو علیه الخمس بعد مؤونته ومؤونة عیاله وخراج السلطان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 351 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فکما أن رتبة الخمس بعد المؤونة، کذلک زمان اخراجه ایضاً بعد المؤونة وقد عرفت أن مقتضى اطلاق الجواب فى صحیحة البزنطى، جواز تأخیر الإخراج الى انقضاء العام وان علم أن الأرباح توازى اضعاف المؤونة.
وقد ظهر مما ذکرنا أن ما فرّعه المعاصر، على حمل بعد المؤونة على خصوص بعدیة الرتبة، لا یبتنى على اساس صحیح، فلا حاجة الى التعرض تفصیلا.
وظهر أیضاً أن التفکیک بین الوضع والتکلیف لیس جزا فاًبل لأجل الإفساح للمالک لإحتمال تجدّد مؤونة زائدة على ما حسبه حین حصول الفائدة، ارفاقاً للمالک.
هذا بناء على أن الوجوب والواجب کلاهما استقبالى، وأمّا بناء على أنّ الوضع یستتبع التکلیف فالخمس المتعلّق بالفائدة یستتبع وجوب الاخراج، ولکنه مشروط بالشرط المتأخر وهو عدم الصّرف فى المؤونة الى انقضاء السنة، فالإرفاق محقّق على کلا المبنیین.

1- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6.
2- القرأن الکریم، السورة الانفال(8)، الآیة 41.
3- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5، و باب 4 من ابواب الانفال حدیث 8.

4- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1 - 2 - 3 - 4 - 5.
5- الوسائل ج 6، ب 12 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1 ـ 2.
6- النّساء، الآیة 12.

7- الوسائل ج 6، ب 8 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5، ص 350.

8- الوسائل ج 6، ب 12 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1 و 2 ص 354.

9- الوسائل ج 6، ب 12 من أبواب مایجب فیه الخمس، حدیث 1، ص 354.

10- السورة النساء، الآیة 12.

11- ص 357.
12- الوسائل ج 6، ب 8 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6، ص 350.

13- الوسائل ج 6، ب 8 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 3 و 4، ص 348 و 349.
14- الوسائل ج 6، ب 12 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1، ص 354.

مساله 73 ص (351 - 352)

مساله 73 ص (351 - 352)

(مسألة 73) لو تلف بعض أمواله مما لیس من مال التجارة، او سرق او نحو ذلک، لم یجبر بالربح وان کان فى عامه اذ لیس محسوبا من المؤونة(1)

(1) الجبر، یبتنى على أحد أمرین على سبیل منع الخلو: احدهما ان یستفاد من الروایات الدالة على ان الخمس بعد المؤونة، ان الملاک فى وجوبه هو زیادة الثروة، فلابد فى المقام من جبر التالف بالربح لعدم تحققه.
الثانى ان یستفاد منها ان کل خسارة واردة على المکلف داخلة فى المؤونة.
ولکن شیئا منهما لم یثبت، فلا مجال للجبر أصلا.
وعن شیخنا الاعظم الانصارى القطع بعدم الجبر، معلّلا بان التالف لیس داخلا فى المؤونة، ولایکون مانعاً عن صدق الاستفادة على الرّبح.
ثم إن السّید الحکیم(قدس سره)فصّل بین القول باختصاص الخمس بفائدة الإکتساب، فیجبر بها خصوص الخسران الواقع فیه لا غیر، والقول بعموم الخمس لکل فائدة، فالجمیع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة352 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ملحوظ بلحاظ واحد، فیکون موضوعاً واحداً، فالجبر فى محلّه.
وفیه أن القول بعموم الخمس لکل فائدة، لایستلزم القول بالجبر مطلقاً فلو ورث سیّارة من أبیه فى السّنة السابقة أو فى سنة الرّبح، فاحترقت واستفاد فیها بما یعادل قیمتها ـ مثلا ـ ، لا یمنع احتراق السیارة عن صدق الفائدة على ما استفاده فى سنة الرّبح، نعم لو شک فى صدقها، فالمرجع هى أصالة البرائة، ولکنه لا منشأ لهذالشک.
وبعبارة أخرى، موثقة سماعة وأمثالها، یثبت الخمس فى کل فائدة، ولم یخرج منها الاّ المؤونة، فاذا انتهت السنة وبقیت الفائدة، لابد من تخمیسها، سواء تلف ماله الآخر أم لا، ولا دلیل على ان کل تالف داخل فى المؤونة، حتى یکون الجبر فى محلّه. کما ان.
تلف بعض الاموال، لایکون مانعًاعن صدق الفائدة على الربح.

مساله 74 ص (352 - 356)

مساله 74 ص (352 - 356)

(مسألة 74) لو کان له رأس مال وفرّقه فى أنواع من التّجارة فتلف رأس المال أو بعضه من نوع منها، فالاحوط عدم جبره بربح تجارة أخرى(1) بل وکذا لأحوط عدم جبر خسران نوع بربح أخرى، لکن الجبر لا یخلو عن قوة خصوصاً فى الخسارة(2).

(1) هذا لاحتیاط مبنى على صدق الفائدة على فائدة تجارة اخرى وإن تلف رأس المال فى غیرها من التجارة، وکذا لأمر فى الخسارة فی احدیهما والرّبح فى الاخرى، والفتوى بالجبر مبنى على عدم صدق الفائدة عرفاً فى السنة، مع التلف او الحسارة فى التجارة الاخرى، ولا أقل من الشک فى ذلک، ونتیجته هو الجبر فانه مع الشک فى صدق الاستفادة لا یجب الخمس ولکنّ الأظهر هو الأوّل.
(2) فیه تأمّل، فان الظاهر من النصوص أنّ موضوع الخمس هو الاغتنام والفائدة وهو محقّق، والتلف أو الخسارة فى نوع آخر لا یمنع من صدق الفائدة فى هذا النوع، والّذى یوجب انتفاء الموضوع هو الصرف فى المؤونة من نفس الفائدة أو من الدّین الّذى استدانه بعد حصولها لما تقدم من أن الفائدة الّتى لم تکن بمقدار الدین للمؤونة، لا یصدق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة353 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نعم لو کان له تجارة وزراعة مثلا، فخسر فى تجارته، او تلف رأس ماله فیها فعدم الجبر لا یخلو عن قوة، خصوصاً فى صورة التلف، وکذا العکس(3)

علیها انها تقوم بمؤونته، کما تدل علیه صحیحة على بن مهزیار.(1)
(3) بل هو قوى جداً لما عرفت آنفًا، فان الرّبح الحاصل من إحدیهماتصدق الفائدة علیه بلا شبهة، فان التجارة والزراعة، لیستا من سنخ واحد بل لا تکونان تحت نوع واحد، ولا علاقة بینهما.
وقال الامام الخمینى(قدس سره): (الظاهر أن المیزان فى الجبر وعدمه هو استقلال التجارة ورأس المال وعدمه بمعنى انه لو کان له رأس مال جعله فى شعب یجمعها شعبة مرکزیة بحسب المحاسبات والدخل والخرج والدفتر، یجبر النقص ولو کان الأنواع مختلفة;
ولوکان له رأس مال آخر مستقل غیر مربوط بالآخر من حیث رأس المال والجمع والخرج والمحاسبات، لم یجبر به نقص الآخر ولو کان الاتجار بنوع واحد، وکذا لحال فى التّجارة والزّراعة، فیجرى فیهما ما ذکرنا من استقلال رأس المال وعدمه.)
وفیه أن أهل العرف، یعلمون أنّ رأس المال والنّفع والضرر کلّها یرجع الى مکلّف واحد، فلا فرق فى نظرهم بین أن یجعل رأس ماله مستقلا او غیر مستقل وتحت مرکزیة واحدة، فانه فعل المالک، فاذا صدق فى آخر السنة انه أفاد فى تجارته أو زراعته یجب علیه الخمس، والظاهر ان الخسارة الواردة فى النوع الآخر لا یمنع من صدق الفائدة فى هذا النوع فضلا عن التّلف.
ثم إنّ سیّدنا الأستاذ الخوئى(قدس سره)استشکل على المتن فى مسألة التجارة والزّراعة، قال(ره): (ولکن للمناقشة فیه مجال اذالعنوان وإن تعدّد الاّ أن شیئًا منها لم یکن ملحوظا بالذات، بل الکل مقدمة للاسترباح ولتحصیل المال، والاختلاف إنما هو فى سبیل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 354 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

واما التجارة الواحدة فلو تلف بعض رأس المال فیها وربح الباقى فالاقوى الجبر وکذا فى الخسران والرّبح فى عام واحد فى وقتین سواء تقدم الربح او الخسران فانه یجبر الخسران بالرّبح

تحصیله، فهو فى آخر السّنة، یلاحظ مجموع العائد من کسبه المنشعب الى قسمین او أقسام، فاذا ربح فى البعض وخسر فى الآخر یجرى الکلام المتقدم حینئذمن أنه لم یربح بمقدار خسارته، ولا أقل من الشک فى صدق الاستفادة وشمول الادلة له، ومقتضى الأصل البرائة عن الوجوب;، والمتحصّل من جمیع ما مرّأن الاظهر هو الجبر سواء تعدد العنوان أو اتحد وسواء تعددت الأنواع فى العنوان الواحد ام اتحدت مع فرض تقدم الربح على الخسارة دون العکس حیث ان الربح المتعقب بالخسارة کانه لا ربح) انتهى کلامه زید فى علوّ مقامه.
وفیما أفاده(قدس سره) مواقع للنّظر:
الأوّل أن مبناه(قدس سره) جبران مؤونة العمل والاسترباح ولو کانت قبل ظهور الرّبح، بالرّبح المتأخّر، وعدم جبران الخسارة المتقدمة على الرّبح ولو کانت فى التّجارة الواحدة;
فلو کان عنده میلیون تومان رأس المال وخسر مأة الف فى أجرة الطّیارة وأمثالها فى الشهر الأوّل، وخسر مأة ألف تومان فى التجارة فى الشّهر الثانى، وربح فى الشهر الثالث وبعده مأتى ألف تومان، فهو یقول: بجبران أجرة الطیارة وأمثالها بالرّبح المتأخر عند انقضاء السنة وعدم جبران الخسارة فى الشهر الثانى لأنها من السنة الماضیة والسابقة، فنقول: الفرق بینهما لیس بعرفى، فلو کانت مؤونة الاسترباح ما نعة عن صدق الرّبح على الرّبح المتأخر، فکذلک الخسارة الواقعة فى سبیل الاسترباح، مانعة عند العرف عن صدق الربح والفائدة على الرّبح المتأخر، فان الخسارتین وقعتا فى التجارة الواحدة;
ولو ربح فى التجارة فى الشهر الأول وخسر فى الزراعة فى الشهر السادس مثلا، یبنى على جبران الخسارة فى الزراعة بربح التجارة عند انقضاء السنة، مع انها لا تمنع عن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة355 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

صدق الربح والفائدة على ربح التجارة فان کلا منهما نوع مستقل، فلو کانت تلک الخسارة مانعة عن صدق الربح والفائدة على فائدة التجارة، کانت الخسارة الواقعة فى التجارة قبل الربح مانعة عن صدق الفائدة على الربح المتأخر بطریق اولى لأنّ التّجارة واحدة على الفرض، والعرف لا یرون الرّبح المسبوق بالخسارة فى التجارة الواحدة ربحاً وفائدة.
الثانى اذا خسر فى الزّراعة وربح فى التجارة وکان الرّبح مقدماً على الخسارة، یقول بجبرانها بالرّبح فى التجارة، مع أن الزّراعة ما دام لم یربح فیها لم یشرع سنتها، فکیف تجبر خسارة الزّراعة فى السنة السابقة بربح التجارة فى هذه السنة، ولم تجبر خسارة التّجارة بالربح فى هذه التّجارة الواحدة.
الثالث قوله(قدس سره): وهو فى آخر السنة، یلاحظ مجموع الفائدة من کسبه الخ فانّ کل ربح له سنة مستقلة، ولا سیما فى مثل التجارة والزّراعة، وقد یکون آخر سنة التجارة أوّل سنة الزّراعة أو وسطها، فکیف یحاسب الجمیع فى آخر سنة بعض الأنواع، مع أن النوع الآخر لم یشرع سنته لعدم ظهور الربح فیه.
فالذى ینبغى أن یقال: إنّ التّاجر اذا ربح وانقضت سنة الرّبح وبقى منه شیئ تصدق علیه الفائدة عند العرف وان خسر فى النوع الآخر، وهو لا یمنع عن صدق الفائدة علیه، فیجب تخمیسها; بخلاف ما اذا کان الربح والخسارة فى التجارة الواحدة وکانت الخسارة مساویة، للربح او اکثر منه، فانها تمنع عن صدق الفائدة على ما بقى منه عند انقضاء السنة، فان العرف لا یرون هذه التجارة رابحة بلا فرق بین ان تکون الخسارة قبل الربح أو بعده، فکما أن مؤونة الإسترباح تمنع عن صدق الفائدة على ما یوازیها کذلک الخسارة فى سبیل الاسترباح تمنع عن صدق الفائدة على ما یوازیها، عند العرف، وکون الخسارة قبل الربح أو بعده لا یؤثّر فى نظر هم فى التّجارة الواحدة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 356 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نعم التلف ان کان قبل ظهور الرّبح، فالظاهر انه لا یستثنى من الربح المتأخر وأمّا ان کان بعده، فهو، مانع عند العرف عن صدق الفائدة على ما بقى منها فى آخر السّنة، فیجبر بالرّبح.


ولا یقاس التلف والخسارة بمؤونة السنة فانها تلحق الفائدة فلا بد من أن تکون بعدها، وأما الخسارة، فهى مانعة عن صدق الفائدة على مازاد على المؤونة فى آخر السّنة فى تجارة واحدة مطلقا، والتلف یمنع عنه ان کان بعدها.

1- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5، ص 350.

مساله 75 ص (356 - 361)

مساله 75 ص (356 - 361)

(مسألة 75) الخمس بجمیع أقسامه، متعلق بالعین(1)

(1) التعلّق بالعین یقابل التّعلّق بالذّمة کالدّین، فلو تلف جمیع مال المدین یبقى الدّین فى الذمة، بخلاف الخمس، فان الأرباح إن تلفت بلا تعدّ وتفریط، سقط الخمس.
وهل التعلّق بالعین بنحو الاشاعة او الکلى فى المعیّن او الشرکة فى المالیة أو تعلّق الحق بموضوعه کحق الرّهانة؟ أقوال:
الأوّل ما نسب الى المشهور بین المتأخرین من انه ملک بنحو الکسر المشاع ومن آثاره عدم جواز التّصرف فى المال إلاّ باذن ولى الخمس، والظّاهر من آیة الغنیمة هو ذلک.
الثانى ما إختاره الماتن(قدس سره) من أنه ملک بنحو الکلّى فى المعّین ومن آثاره جواز التّصرف فى متعلّق الخمس، مادام مقدار الخمس باقیاً.
الثالث أن یکون ارباب الخمس شریکا فى المالیة، نظیر إرث الزوجة من البناء فانها لا ترث من عینه، بل من مالیته، ونسب هذا القول الى الشهید الصّدر(قدس سره).
الرابع ما یظهر من السید الحکیم(قدس سره) فى المستمسک من أنه من قبیل حق الرهانة استدلّوا للقول الأوّل بالکتاب والسّنة:
أمّا الکتاب فقو له تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شیىء فان لله خمسه.
ولا شبهة فى ظهوره فى الکسر المشاع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 357 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأمّا السّنة، فهى کثیرة: منها موثقة سماعة: قال: سألت أبالحسن(علیه السلام)عن الخمس؟ فقال: فى کلّ ما أفاد الناس من قلیل أو کثیر.(1)
ومنها صحیحة عمار بن مروان(2)
ومنها صحیحة عبد الله بن سنان(3) ومنها الروایات الکثیرة فى ابواب مختلفة.
ودعوى انها ظاهرة فى الظرفیة، وبما ان الظرف غیر المظروف فتدل هذه الروایات على ان الخمس حق لارباب الخمس، من قبیل حقّ الرّهانه فى العین للّدائن،
مدفوعة بأن الظّرفیة تصح فى الجز والکل أیضاً، فیقال: الّرأس فى البدن والید فى الجسد والغرفة فى الّدار والدار فى المدینة.
وأمّا ما دل على أن الخمس على خمسة اشیاء(4) أو من خمسة اشیاء(4) أو علیها الخمس(5)، فلا ینافى ما ذکرناه، فان الاول یدل على ثبوته على خمسة اشیاء والثانى یدل على انه یخرج منها، والثالث یدل على الحکم التکلیفى وهو وجوب الخمس علیه.
فمثل هذه الرّوایات لا ینافى ما هو ظاهر الآیة والرّوایات من الدّلالة على الکسر المشاع، حیث لا نظر فیها الى کیفیة التعلق.
ولکن الأظهر هو القول الثالث وهو الشّرکة فى المالیة; ویمکن الاستدلال علیه بوجوه:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 358 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأول أنّ السّیرة القطعیة من المتشرعة، قائمة على جواز دفع القیمة ـ ولو من النقود ـ ولیس لأرباب الخمس إجبارالمالک بالدّفع من نفس العین، فهى تنفى الشرکة الحقیقیة، فعلیه تکون الشرکة فى المالیة، وهى قرینة على الالتزام بخلاف الظاهر فى الآیة المبارکة والرّوایات.
والذّى یؤکّد قیام السیرة أن متعلّق الخمس قد یکون السماد من فضلة الحیوانات وقد یکون فحماً وقد یکون حطباً وقد یکون خشباً و قد یکون حدیدا و رصاصاً وقد یکون أدویة یونانیة أو عصریة وقد یکون حماراً او غنماً أو بقراً أو فرساً أو تبناً وعلفاً، الى غیر ذلک، ولم یعهد استیجازة المالکین من المرجع فى تبدیلها بالنقود بان یقول المالک للمرجع هل تجیزنى ان ادفع الیک قیمة الاشیاء المذکورة او ادفع الیک خمس نفس السماد والفحم والتبن وووبل یحاسب الأشیاء المذکورة بالنقود ویدفع للمرجع أو الفقیر منها. وهو أقوى شاهد على ان المتعلّق هو مالیة العین لانفسها.
الثانى أن الحکمة فى ایجاب الواجبات المالیة من الزکاة والخمس والکفارات ونحوها، انما هو رفع حاجات الفقراء فى إمرار المعاش وایجاد التوازن فى الجامعة نسبیًا، وهو یتحقق بإعطاء المال لهم، ولا یتوقف على الدّفع من نفس العین.
ویشهد لذلک صحیحة زرارة ومحمد بن مسلم عن أبی عبدالله(علیه السلام) (فى حدیث) قال: ان الله عزوجل فرض للفقراء فى مال الاغنیأ ما یسعهم ولو علم ان ذلک لا یسعهم لزادهم، انهم لم یؤتوا من قبل فریضة الله عزّوجلّ، ولکن أوتوا من منع من منعهم حقهم، لا مما فرض الله لهم ولو أن الناس أد واحقوقهم، لکانوا عایشین بخیر(6).
وهى ـ کما ترى ـ تشیر الى الحکمة المذکورة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة359 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ویتخیّر المالک بین دفع خمس العین أو دفع قیمته من مال آخر(2)

الثالث قد دلّت روایات الزکاة على انها تتعلّق بالمالیة کقوله(ع): فى کل خمس من الإبل شاة، وهو صریح فى أن متعلق الزکاة لیس کسراً مشاعاً من نفس العین،
وکصحیحة البرقى (قال: کتبت الى أبی جعفر الثانى(علیه السلام): هل یجوز ان أخرج عما یجب فى الحرث من الحنطة والشعیر وما یجب على الذهب، دراهم قیمة ما یسوى أم لا یجوز الاّ ان یخرج عن کل شىء ما فیه؟ فاجاب(علیه السلام): أیما تیسّر یخرج(7)
فانها صریحة فى تعلّق الزّکاة بالمالیة لا بالعین بنحو الکسر المشاع.
وأما استدلال سیّد نا الاستاذ بها بانها مطلقة، فتشمل خمس الذهب ایضاً: فغیر ظاهر، حیث ان ذکر الحرث والحنطة والشعیر، قرینة على ان السؤال انما هو عن الزکاة فى الذهب ایضاً، والجواب ناظر الى السئوال، اللّهم الاّ أن یقال: إن القرینة المذکورة شاهدة على ان زکاة الذهب مورد للسؤال جزماً وهو لا ینافى ان یکون المراد مما یجب فى الذهب مطلق حق مالى یتعلق به وهو یشمل الزکاة والخمس.
(2) وعن شیخنا الأعظم فى خمسه انه استظهر من حاشیة المدقق الخوانسارى، نسبته الى مذهب الأصحاب، وفى المستمسک لعلّه کذلک.
وقال سیّدنا الاستاذ(قدس سره) (على ما فى تقریرات بحثه: (ولعلّ هذا هو المتسالم علیه بین الأصحاب، وان لم یذکر واذلک الاّ فى باب الزکاة وکانه لبنائهم على الاشتراک فى هذه الأحکام).
قلت: قد عرفت أنّ السیرة القطعیة قائمة على جواز دفع النقود من الأجناس مطلقاً، وأمّا إعطاء الجنس عن الجنس الآخر أو عن النقد فهو جائز اذا کان دفعه بصالح الفقیر، کما اذا دفع الیه الدهن بدلا عن الحدید او التبن او الحطب مثلا وأما ان لم یکن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 360 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نقداً أو جنساً، ولایجوز له التّصرف فى العین قبل اداء الخمس(3) وان ضمنه فى ذمته، ولو أتلفه بعد استقراره، ضمنه، ولو اتجربه قبل اخراج الخمس کانت المعاملة فضولیة بالنسبة الى مقدار الخمس(4) فان امضاه الحاکم الشرعى أخذ العوض والارجع بالعین بمقدار الخمس، ان کانت موجودة، وبقیمته ان کانت تالفة ، ویتخیّر فى أخذ القیمة بین الرّجوع على المالک أو على الطرف المقابل الّذى أخذها وأتلفها، هذا اذا کانت المعاملة بعین الرّبح .

کذلک فجوازه مبنى على تمامیة الاجماع والسیرة، کما هى لیست ببعیدة، ولکن الأحوط أن یقول للفقیر: إن هذالمال عوض عن الخمس الذى تعلّق بذلک المال، فان رضى، فهو والاّ فالأحوط هو دفع النقد أو من نفس ما تعلق به الخمس.
(3) بلا فرق بین الأقوال الأربعة، فان الفائدة على الاقوال الثلاثة مشترکة بین المالک وأرباب الخمس، وأمّا على القول الرابع فهى متعلقة لحق الغیر کحق الرّهانة، ولا دلیل على انتقاله فى ذمة المالک بقوله: الخمس فى ذمّتى بحیث یجوز له التّصرف فى العین،
نعم لو تقبّل الحاکم بان یکون الخمس فى ذمته، جاز تصرفه فى العین. وأمّا إتلاف العین، فموجب للضّمان وان کان بالصرف فى المؤونة، فانه کان جائزاً قبل استقرار الخمس، واما بعده فلا،
وأما الاتلاف بالاسراف والتبذیر، فلایجوز حتى قبل انقضاء السنة واستقرار الخمس، وأما المعاملة والاتجار بعد الانقضاء وقبل اخراج الخمس بأن یدفع متعلّق الخمس الى الطرّف، فلایجوز، وتکون المعاملة فضولیة الاّ اذا کان من انتقل الیه الخمس شیعیّاً، فیحلّ له لاخبار التحلیل.
(4) هذا یصحّ ان لم یکن من انتقل الیه الخمس شیعیاً والاّ حلّ له بلااجازة الحاکم ولا تکون المعاملة فضولیة، فیرجع الحاکم الى الدافع فى أخذ قیمة الخمس ولیس له

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة361 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وأمّا اذا کانت فى الذمة ودفعها عوضاً، فهى صحیحة ولکن لم تبرأ ذمته بمقدار الخمس ویرجع الحاکم به ان کانت العین موجودة وبقیمته ان کانت تالفة مخیّراً حینئذ بین الرّجوع على المالک أو الآخذ ایضاً.(5)

الرّجوع الى الآخذ وإن کانت العین عنده موجودة.
(5) قد عرفت أن الآخذ ان کان شیعیاً، لیس للحاکم الرّجوع الیه بل یرجع الى الدّافع لأنّه أتلف الخمس، فانتقل الى ذمّته.

1- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6.
2- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6.
3- الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب من ما یجب فیه الخمس، حدیث 1.
4- الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 2 و 4.
5- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1.

6- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب ما یجب فیه الزکاة، حدیث 2.

7- الوسائل ج 6، ب 9 من ابواب زکاة الغلاّت، حدیث 1.

مساله 76 ص (361 - 362)

مساله 76 ص (361 - 362)

(مسألة 76) یجوز له أن یتصرف فى بعض الرّبح مادام مقدار الخمس منه باقیاً فى یده مع قصد إخراجه من البقیة، اذ شرکة أرباب الخمس مع المالک إنّما هى على وجه الکّلى فى المعین(1) کما ان الأمر فى الزکاة ایضاً کذلک وقد مرّ فى بابها

(1) قد استشکل علیه الأستاذ(قدس سره) (بعدم الدلیل علیه، بل الدلیل على خلافه، فانّ المستفاد من آیة الغنیمة وموثقة سماعة وامثالها هو الکسر المشاع فى العین وهو ظاهر هما، وأما الروایات الدالة على ان الخمس على خمسة أشیاء او من خمسة اشیاء فلاتنافى ما هو الظاهر منهما، ولا تکون فى مقام بیان کیفیة التعلّق، فهى ساکتة من هذه الجهة، فعلیه لابد من الأخذ بما هو ظاهر الآیة والروایات الدالة على الکسر المشاع فى العین.
إن قیل: إن تعلّق الخمس بالفائدة، انما یکون من باب الشرکة فى المالیة، فارباب الخمس یکونون شرکاء المالک فى مالیة العین وهى کلیة قابلة للانطباق على أبعاض العین، فله التصرف فیما شاء منها، مادام مقدار مالیة الخمس باقیاً.
قلنا: ان الشرکة فى المالیة ایضاً مانعة عن التصرف لعدم کون المالیة المزبورة کلیة، وانما هى ساریة فى جمیع أجزاء العین، فکل جزء من الأجزاء مشترک بین المالک والمستحق، لکن لا بشخصیته، بل بمالیته، نظیر شرکة الزوجة مع الورثة فى مالیة البناء وان لم ترث من نفس الأعیان.
هذا ما افاده الاستاذ(قدس سره) (وغیّرنا العبارة).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 362 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قلت: أوّلا قد تقدم أن کیفیة تعلّق الخمس، انما تکون من الشرکة فى المالیة والاّ لما جاز اعطاء غیر ما تعلّق به الخمس من مال آخر بدلا عنه بلارضى الشریک.


وبعبارة أخرى لو کانت الشرکة حقیقیة فى نفس العین، لما جاز التقسیم بلا إذن الشریک، فضلا عن أن یعطى عوض حصّة الشریک من مال آخر.


وثانیاً أن الشرکة فى المالیة، لاتنحصر فى المشاع، بل یمکن ان تکون بنحو الکلى فى مالیة العین، فیکون خمس مالیة العین لأرباب الخمس، فلو أعطى للفقیر مالا یسوى مالیة خمس العین، یکفى، فعلیه یجوز التصرف فى الربح مادام مقدار الخمس باقیاً، کما أفاده الماتن(قدس سره).


ثم انه لو علم أن متعلّق الخمس هى مالیة العین والربح ولم یعلم انها بنحو الإشاعة ـ کما قرّبه الأستاذ ـ أو بنحو الکلى فى المعین ـ کما أفاده الماتن ـ الأقرب هو الثانى، فإن لحاظ المالیة بنحو المشاع لا مقتضى له، بل هو لغو، فانّ المفروض هو کفایة اعطاء مال آخر بدلا عن الخمس.

مساله 77 ص (362 - 364)

مساله 77 ص (362 - 364)

(مسألة 77) اذا حصل الربح فى ابتداء السنة أو فى اثنائها، فلا مانع من التصرف بالاتجّار(1) وان حصل منه ربح، لا یکون ما یقابل خمس الرّبح الأول منه لأرباب الخمس، بخلاف ما اذا اتّجربه بعد تمام الحول، فانه إن حصل ربح، کان ما یقابل الخمس من الرّبح لأربابه، مضافاً الى أصل الخمس، فیخرجهما أوّلا ثم یخرج خمس بقیته إن زادت على مؤونة السنة.

(1) فان الخمس وإن تعلّق بالرّبح من أوّل حصوله، الاّ ان وجوب إخراجه مشروط بعدم الصرف فى المؤونة، ـ کما تدل علیه صحیحة إبن أبی نصر قال: کتبت الى ابی جعفر(علیه السلام): الخمس أخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة؟ فکتب بعد المؤونة(1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 363 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فعلیه یجوز التأخیر الى آخر السنة، وفى اثنائها یجوز له أن یتصرف فیه بانواع التصّرفات، مادام لم یکن سرفاً وتبذیراً وتضییعاً للمال.
وقد یقال: اذا علم المالک أن الأرباح التى وصلت بیده فى أثناء السنة اکثر بکثیر من مؤونته السنویة ومتطلبات حوائجه، لا تصحّ المعاملة والاتجار بها قبل اداء الخمس، لانه ملک لاصحابه والمعاملة الواقعة علیه فضولیة.
الجواب عنه إن الصحیحة المذکورة باطلاقها تنفى وجوب اخراج الخمس قبل انقضاء السنة وصریحة فى وجوب الإخراج عند انقضاء السنة فعلیه لا مانع من الاتّجار بها فى الأثناء وهو واضح.
انما الکلام فیما اذا اتّجر بالربح ثانیاً وثالثاً ورابعاً، قبل انتهاء السنة وحصل الأرباح، فهل یکون ربح خمس الربح الأول للمالک أو لأرباب الخمس؟ اختار فى الجواهر الثانى،
قال: (فلو ربح أولا ـ مثلا ستّمأة وکانت مؤونته منها مأة وقد أخذها فاتجر بالباقى مثلا من غیر فصل معتدّ به، فربح خمسمأة، کان تمام الخمس مأتین وثمانین، مأة من الربح الأول ویتعبها نمائها من الرّبح الثانى وهو مأة ایضاً، فیکون الباقى من الربح الثانى أربعمأة، وخمسها ثمانون فیکون المجموع مأتین وثمانین کما ذکرنا).
وفیه أولا أنه لا دلیل علیه، بل مقتضى إطلاق صحیحة البزنطى المتقدمة الدّالة على وجوب اخراج الخمس بعد المؤونة، أن کلّما زاد على المؤونة عند انقضاء السنة یجب تخمیسه، فعلیه لا یجب الحساب فى اثناء السنة کى تکون النتیجة فى المثال المتقدم، أن الخمس مأتان وثمانون، بل الخمس مأتان فقط والسیرة القائمة بین المتشرعة ایضاً لیست الاّ على حساب واحد فى آخر السنة.
وثانیاً انه على ما ذکره فى الجواهر، یلزم حساب کل ربح علیحدة فى کل یوم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة364 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حتى یعرف مقدار الخمس والرّبح الذى یلحقه، وهو مستلزم للعسر والحرج فنقول: کما لا یجب التخمیس فى اثناء السنة، کذلک لا یجب الحساب ایضاً.
وثالثاً لو اتفق له بعض المؤونات الغیر المترقبة قبل انقضاء السنة، یجوز له صرف الخمس فیه، وهو کاشف عن عدم صحة ذلک، وإلاّ فکیف یجوز صرف مال الغیر فى مؤونته.
واما اذا کان الاتّجار بالرّبح بعد تمام الحول وقبل التخمیس، کان ما یقابل الخمس من الربح لأربابه اذا أجاز الولى.

1- وسائل ج 6، ب 12 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1، ص 354.

مساله78 ص (364 - 365)

مساله78 ص (364 - 365)

(مسألة 78) لیس للمالک ان ینقل الخمس الى ذمته، ثم التصرف فیه(1) کما اشرنا الیه نعم یجوز ذلک له بالمصالحة مع الحاکم، وحینئذ فیجوز له التصرف فیه ولا حصّة له من الربح اذا إتجربه، ولو فرض تجدّد مؤون له فى اثناء الحول على وجه لا یقوم بها الربح، إنکشف فساد الصّلح

(1) الانتقال الى الذمة فى اثناء السنة، لا یستقیم على مبناه من جواز التصرف فى الرّبح بالاتجار وغیره بلا اذن من الحاکم کما صرّح بذلک فى المسألة السابقة،
نعم صحّ ذلک على مسلک صاحب الجواهر(قدس سره) من أن ربح الخمس یلحق به ویکون بمنزلة نمائه.
وأمّا بعد انقضاء السنة، فیجوز للحاکم أن یصالح مع المالک وجعل الخمس فى ذمته لمصلحة، کما اذا کان الرّبح من الأمور الّتى لا ینتفع بها الحاکم کزبر الحدید مثلا، فیصالح مع المالک ویجعل الخمس فى ذمته،
ولکنّ مراد الماتن لا یکون بعد انقضاء السنة، وذلک لقوله: (ولو فرض تجدّد مؤون له فى اثناء الحول )
ویمکن أن یقال: إن فى اثناء السنة أیضاً قد یحتاج الى المصالحة مع الحاکم کما اذا ربح فى أول السّنة ربحاً کثیراً اضعاف مؤونته، ومرض وهو یعلم ان ورثته بعد موته لا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة365 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

یؤدّون الخمس، فیصالح مع الحاکم خمس الأرباح بمقدار نقود فى ذمته ویعطى الحاکم سنداً لا ثبات انه مدینه.


ولکنّ هذه المصالحة وان کانت معقولة، الا أنها، لا توجب تصحیح العبارة حیث قال: (وح فیجوز له التصرف فیه) فان جواز التصرف لا یتوقف على المصالحة.


وقد یحتاج الى المصالحة لأجل انه اجتهاداً او تقلیداً یرى ان ترکة المیت ان کانت متعلقة للخمس، یجب تخمیسها، ولکنّ وارثه یرى عدم تعلّق الخمس بها لأخبار التحلیل، فهو یصالح مع الحاکم ویعطى له سنداً للاعتراف بالدّین، حتى یأخذه الحاکم من الترکة; ولکن هذه المصالحة ایضاً لا توجب تصحیح العبارة لما عرفت.

مساله 79 ص (365 - 366)

مساله 79 ص (365 - 366)

(مسألة 79) یجوز له تعجیل اخراج خمس الرّبح اذا حصل، فى أثناء السّنة ولا یجب التأخیر إلى آخرها، فانّ التأخیر من باب الإرفاق کما مرّ وحنیئذ، فلو اخرجه بعد تقدیر المؤونه بما یظنّه، فبان بعد ذلک عدم کفایة الرّبح لتجدّد مؤون لم یکن یظنّها، کشف ذلک عن عدم صحته خمساً(1) فله الرّجوع به على المستحق مع بقاء عینه. لا مع تلفها فى یده الا اذا کان عالماً بالحال فان الظاهر ضمانه حنیئذ.

(1) لا وجه لما افاده(قدس سره)، فان إخراج المؤونة لیس شرطا لصّحة التخمیس بحیث لو خمّس الفائدة قبل اخراجها کان باطلا، بل ترخیص وارفاق للمالک، فله أن لا یستفید من هذالارفاق وخمّس کلّ الفائدة حین أوّل حصولها ولهذا قوّى شیخنا الانصارى وصاحب الجواهر(قدس سرهما) عدم جواز الاسترجاع من الفقیر حتى مع بقاء العین، والوجه فیه أن الخمس ملک لأربابه من الأول وعند ظهور الرّبح، وقد أجاز ولى الأمر صرف ملک الغیر فى المؤونة إرفاقاً فاذا لم یصرفه فیها واعطاه للمالک وقبضه، فبأىّ موجب یؤخذ منه بعدئذ حتى مع البقاء فضلا عن التلف.
وقال سیّدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره): (ما ذکراه هو الأصح بناء على ما عرفت من تعلّق الخمس من الأول على سبیل الاطلاق، وان جاز التأخیر من باب الارفاق، اذ معه لا وجه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة366 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لما ذکره الماتن(قدس سره) : من الکشف عن عدم الصّحة خمساً، فان الاخراج المذکور، صادر من أهله فى محله، غایة الامر البدار لم یکن واجبا علیه.)
وقد تقدمت صحیحة ابن أبی نصر الدّالّة على أن اخراج الخمس بعد المؤونة. وظاهرها أن وجوب الأخراج بعد المؤونة، لا أن مشروعیته بعدها بحیث لا یکون الاخراج قبلها مشروعاً.

مساله 80 ص (366 - 367)

مساله 80 ص (366 - 367)

(مسألة 80) اذا اشترى بالرّبح قبل اخراج الخمس جاریة ، لا یجوز له وطؤها، کما انه لو اشترى به ثوباً، لا تجوز الصّلاة فیه، ولو اشترى به ماء للغسل او الوضوء لم یصحّ وهکذا(1)

(1) اذا انتهت السنة واستقر الخمس على الرّبح، فان اشترى به بالشراء الشخصى، البساط أو الثوب او الماء مثلا، فبناء على الاشاعة، تکون المعاملة فضولیة بالنسبة الى مقدار الخمس، فلا یجوز التصرف فیه الامع اجازة الحاکم لها، هذا احدى الصور.
الثانیة أن تکون المعاملة بالنقد الکلى ولم یکن فى ذهنه أدائه من الربح غیرالمخمّس، ثم بدا له ان یؤدّیه منه وهنا یحکم بصحة المعاملة ویصحّ الوضوء والصّلاة بذلک الماء والثوب والبساط، وتبقى ذمته مشغولة، بمقدار الخمس لاربابه.
الثالثة أن تکون المعاملة بالکلى مع قصد اداء الثمن من الربح غیر المخمس، فهل یضرّ هذا القصد بکلیة المعاملة، فتلحق بالصورة الأولى اولا یضرّبها، فتکون داخلة فى الصورة الثانیة؟ وجهان: ذهب بعض الاصحاب الى الالحاق بالصّورة الأولى، بدعوى أن حمل الرّوایات الکثیرة الواردة فى الأبواب المختلفة کالزکاة ونحوها، فى حکم المعاملة بمال الغیر ومال الیتیم والمجنون، على صورة کون المعاملة بشخص الثمن، حمل على الفرد النادر، فیجب حملها على الاعم منها ومن صورة المعاملة بالثمن الکلى، مع نیة الأداء من مال الغیر والعرف أیضاً یعدّون مثل هذه المعاملة، من مصادیق المعاملة بمال الغیر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 367 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نعم لو بقى منه بمقدار الخمس فى یده وکان قاصداً لاخراجه منه، جاز وصحّ کما مرّ نظیره(2)

الوجه الثانى أن إنشاء المعاملة اذا کان بالکلى، کان الثمن کلیًا، وقصد الأداء من الرّبح غیر المخمّس، لا یصیّره شخصیاً، فالثمن کلى والأداء من غیر المخمس لا یوجب أن تکون المعاملة، فضولیة، فتلحق هذه الصورة بالثانیة، وان کان الاحوط هو الاول.

(2) هذا مبنى على ما اختاره من ان تعلّق الخمس بالمال على نحو الکلّى فى المعین، ولکن قصد الاخراج منه، لا یکون شرطا فى صحة التصرف فى اربعة أخماسه، فیصح وإن لم یقصد ذلک،


وامّا التّصرف فى الخمس الباقى، فلا یجوز من غیر اذن الولى مطلقا.

مساله 81 ص (367 - 368)

مساله 81 ص (367 - 368)

(مسألة 81) قد مرّ ان مصارف الحج الواجب اذا استطاع فى عام الرّبح وتمکّن من المسیر، من مؤونة تلک السنة، وکذا مصارف الحج المندوب الزیارات(1)
والظاهر أن المدار على وقت انشاء السفر، فان کان إنشائه فى عام الرّبح، فمصارفه من مؤونته ذهاباً وإیاباً وان تمّ الحول فى اثناء السفر(2) فلا یجب اخراج خمس ما صرفه فى العام الآخر فى الایاب او مع ا لمقصد وبعض الذهاب.


(1) وان لم یتمکن من المسیر وبقى الرّبح الى العام القابل، یجب تخمیسه لانه زادعن المؤونة، وان صرفه فى زیارة الائمة(علیهم السلام) ایضاً سقط الخمس.
وإن قصّر عن الذهاب الى الحج وصرف الربح فى مؤونة اخرى، کان عاصیًا ولکنه ان تمکن فى العام القابل من المسیر وحجّ من أرباحه کانت مصروفة فى المؤونة، فلا یجب تخمیسها.
(2) یمکن أن یکون نظره(قدس سره) الى أن الحج مع الذهاب والایاب کله عمل واحد عند العرف، فاذا کان انشاء السفر فى عام الربح، کان جمیع مصاریفه من مؤونة هذا العام حتى یصل الى مقرّه ویستقر فیه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 368 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولکنه بلا اشکال فى مثل الدّابة أو السیارة التى اشتراها لسفر الحج وبقیت الى العام القابل أو اعطى أجرة المنازل فى المکة والمدینة أو أجرة الطائرة للذهاب والایاب وأمثالها.


وأمّا مثل النقود الباقیة عنده وان کانت مؤونة الإیاب بعد انقضاء السنة فلا أقل من الشک فى خروجها عن عموم مثل قوله(ع): کل ما أفاده ففیه الخمس، فنتمسک بأصالة عدم التخصیص ونحکم بوجوب الخمس.


وأمّا التحف التى اشتراها للاولاد والأصدقاء، فالظاهر عدم وجوب تخمیسها لانها من مؤنة الحج عرفاً وان کانت باقیة الى انقضاء السنة.

مساله 82 ص (368 - 370)

مساله 82 ص (368 - 370)

(مسألة 82) لو جعل الغوص أو المعدن، مکسبًا له، کفاه إخراج خمسهما أولا ولا یجب علیه خمس آخر من باب ربح المکسب بعد اخراج مؤونة سنته(1)

(1) قد یتخیّل أنّ تعدّد العنوان والجهات فى باب الخمس، یوجب تعدّده فلو جعل الغوص أو المعدن مکسباً له، یجب تخمیسه عند الخروج فوراً، لان کلا من هذه العناوین موضوع لوجوب الخمس، کما فى صحیحة عمار بن مروان قال: سمعت أبا عبدالله(علیه السلام) یقول: فیما یخرج من المعادن والبحر والغنیمة والحلال المختلط بالحرام اذا لم یعرف صاحبه والکنوز الخمس(1)
ویجب خمس آخر فى آخر السنة لمادل على أن الخمس فى مطلق الفائدة وحیث أن نصوصًا أخرى دلت على ان الخمس بعد المؤونة، فلابدّ من تخمیس مازاد على المؤونة فى آخر السنة.
فالجمع بین موثقة سماعة، وصحیحة إبن إبی نصر یقتضى تخمیس کل مازاد على المؤونة فى آخر السنة: قال سماعة: سألت أبالحسن(علیه السلام) عن الخمس؟ فقال فى کل ما أفاد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 369 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الناس من قلیل او کثیر(2)
وقال ابن ابی نصر: کتبت الى ابی جعفر(علیه السلام) الخمس اخرجه قبل المؤونة أو بعد المؤونة؟ فکتب بعد المؤونة(3)
ولکن هذا لتخیّل فاسد، فان الفائدة کما تصدق على أرباح التجارة، کذلک تصدق على ما یخرج من المعادن والبحر والغنیمة و غایة ما فى الباب قد اعتبر فى بعض المصادیق النصاب وفى الآخر عدم الصرف فى المؤونة هذا.
مضافاً الى النصوص الدالّة على أن الخمس مرة واحدة:
منها صحیحة عمر ابن موسى عن موسى بن جعفر(علیهما السلام) قال: قرأت علیه آیة الخمس، فقال : ما کان لله فهو لرسوله وما کان لرسوله فهو لنا، ثم قال: والله لقد یسّرالله على المؤمنین أرزاقهم بخمس دراهم جعلوا لربّهم واحداً واکلوا أربعة أحلاّء.(4)
ومنها ما رواه على بن شعبة فى تحف العقول عن الرضا(علیه السلام) فى کتابه إلى المأمون قال: والخمس من جمیع المال مرة واحدة.(5)
ومنها صحیحة حفص بن البخترى عن ابی عبدالله(علیه السلام): خذ مال الناصب أینما وجدته وادفع الینا الخمس.(5)
ومنها صحیحة الحلبى عن ابی عبدالله(علیه السلام) فى الرجل من أصحابنا، یکون فى لوائهم ویکون معهم، فیصیب غنیمة، قال: یؤدّى خمساً ویطیب له.(5) والمستفاد من المجموع انه لیس فى المال الاّ خمس واحد.

1- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6، ص 344.

2- الوسائل ج 6، ب 8 من الواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6، ص 350.
3- الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 1، ص 354.
4- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6، ص 338.
5- الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6 و 8 و 13، ص 340 و 341.

مساله 83 ص (370)

مساله 83 ص (370)

(مسألة 83) المرأة الّتى تکتسب فى بیت زوجها ویتحمّل زوجها مؤونتها یجب علیها خمس ما حصل لها(1) من غیر اعتبار إخراج المؤونة، اذهى على زوجها الاّ أن لا یتحمّل.

(1) لا اشکال فى وجوب الخمس فى جمیع ما حصّلته الزوجة ان أقام الزوج بجمیع مؤونها، وان لم تکن واجبة علیه، وإن أقام بالنفقة الواجبة فقط لا یجب الخمس الاّ فیما زادت عن مؤونتها اللائقة بحالها، فیجب علیها الخمس بعد المؤونة کالزّوج، فان لها أن تستأذن زوجها لسفر زیارة الائمة(علیهم السلام) وان توسّع فى حلّیها وألبستها وتتصدّق للفقراء ونحو ذلک.

مساله 84 ص (370 - 373)

مساله 84 ص (370 - 373)

(مسألة 84) الظاهر عدم اشتراط التکلیف والحریة فى الکنز والغوص والمعدن والحلال المختلط بالحرام والارض الّتى یشتریها الذّمى من المسلم، فیتعلق بها الخمس ویجب على الولىّ والسّید اخراجه(1)

(1) وذلک لإطلاق الأدلّة، فان مقتضاه تعلق الخمس بالعناوین المذکورة مطلقاً، کما هو المشهور بین الأصحاب، ولکن هذه الشهرة، لم تکن عند قدماء الأصحاب،
قال بعض المعاصرین:(لا یخفى ان المسألة غیر معنونة فى کتب القدماء من أصحابنا المعدّة لنقل الفتاوى المأثورة عن الائمة (علیهم السلام) کالمقنع والهدایة والغنیة ونحوها، فلا اجماع فى البین ولا شهرة، فیجب التمسک بالأدلّة)
وعن صاحب المدارک أنه قوّاه.
وقال سیدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره): (ان المستفاد مما دل على رفع القلم عن الصّبى والمجنون إستثنائهما عن دفتر التشریع وعدم وضع القلم علیهما بتاتاً کالبهائم، فلا ذکر لهما فى القانون ولم یجر علیهما شىء).
والظاهر شمول رفع القلم للمقام، فان رفع القلم، ظاهر فى رفع التشریع فالتکلیف والوضع والادانة، مرتفعة، فان رفع المطلق، یناسب رفع التشریع وهو موافق للامتنان;

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 371 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نعم لو کان الرّفع مستلزماً لعدم الإمتنان على الأمة، لا یشمله الحدیث کما اذا کسر الصّبى ظرف الغیر، فانه موجب للضّمان، لأن رفعه یستلزم الظلم على الغیر، وهو مناف للامتنان على الأمة، وکذا اذا کان مال الصبى مخلوطا بالحرام.
واماما ذکره الاستاذ من أن الصّبى والمجنون کالبهائم، فمبنىّ على المسامحة والاّ فالفرق ظاهر، حیث ان التأدیب والتعزیرو رد فى الاطفال دون البهائم، وفوّض تحدیده الى الحاکم.
وذهب بعض المعاصرین الى الفرق بین البلوغ والعقل وقال باعتبار البلوغ فى الخمس لأجل موثقة عمار الساباطى عن ابی عبدالله(علیه السلام) قال: سألته عن الغلام متى تجب علیه الصلاة؟ قال: اذا أتى علیه ثلاث عشرة سنة فان احتلم قبل ذلک فقد وجبت علیه الصّلاة وجرى علیه القلم(1) (یدلّ، بمقتضى دلالة القضیة الشرطیة على المفهوم على انتفاء جرى القلم بانتفاء الاحتلام، ومقتضى إطلاقه عدم الفرق بین القلم الوضعى والقلم التکلیفى (الى ان قال): اما اعتبار العقل فیه، فلا دلیل علیه لا الخاص ولا العام، أما الاول فهو مفروض العدم اذ لیس فى شىء من روایات الباب ما یدل على اعتباره.
وأما الثانى، فلانّ حدیث رفع القلم عن المجنون ساقط سنداً، فلا یمکن الإعتماد علیه، فمن أجل ذلک فالا ظهر عدم اعتباره.)
قلت: أولا إن حدیث رفع القلم، منجبر بعمل الأصحاب واستند الیه سیدنا الاستاذ فى موارد عدیدة مع أنه لا یرى العمل جابراً، فالظاهر انه مورد للتّسالم.
وثانیا إن النّصوص الکثیرة دلّت على أن الثواب والعقاب والأمر والنّهى تدور مدار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 372 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العقل،
منها صحیحة محمد بن مسلم عن أبی جعفر(علیه السلام) قال: لما خلق الله العقل استنطقه; ثم قال له: أقبل فاقبل ثم قال له أدبر فأدبر، ثم قال: وعزّتى وجلالى ما خلقت خلقاً هو أحبّ الى منک، ولا أکملتک الاّ فیمن أحبّ، أمّا إنى إیّاک آمر، وایّاک انهى، وایّاک اعاقب، وإیّاک أثیب(2)
وهى تدلّ بوضوح على أن التکلیف لا یتوجه الى المجنون أصلا، فالصّحیح ان العقل شرط فى عموم التکالیف منها وجوب الخمس.
وثالثاً أنّ التّکلیف یتوجّه الى العبد لا یجاد الداعى فى نفسه الى الفعل أو الترک وهو لا یمکن بالنسبة الى المجنون، فیکون لغواً لا یصدر من الحکیم. ودعوى أن التکلیف یتوجه الى الولى مدفوعة بانه یتوقّف على احراز الملاک بالنسبة الى مال المجنون ولا دلیل علیه اصلا.
ثم إنّ المستفاد من صحیحة محمد بن مسلم وموثقة عمّار وحدیث رفع القلم أنّ البلوغ والعقل، شرط لمطلق التکلیف.
ویؤیدّ اعتبار البلوغ فى وجوب الخمس، ورود نصّ خاص لنفى الزکاة فى مال الیتیم، فانّها والخمس یرتضعان من ثدى واحد، ویکون الخمس عدلا للزکاة، فعلیه یکون حدیث الرفع المؤّید بالصحیحة والموثقة حاکماً على الاطلاقات والعمومات المثبتة للخمس على الغوص والمعدن والکنز والفائدة.
نعم لا یشمل مال الصّبى والمجنون اذا کان مختلطاً بالحرام، فان رفعه یستلزم عدم الامتنان بالنسبة الى صاحب المال: فلیس للولى التّصرف فى مالهما قبل التخمیس;
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة373 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفى تعلّقه بأرباح مکاسب الطّفل اشکال(2) والاحوط اخراجه بعد بلوغه.

وامّا الحرّیة فلا دلیل على شرطیتها لوجوب الخمس الاّ اذا بنینا على عدم ملکیة العبد ، فیتوجّه التکلیف الى سیّده.
(2)ناشئٌ من اطلاق النصوص والفتاوى، وقیل: إنّ تصریحهم باشتراط الکمال فى الزکاة، واهمالهم له هنا کالصّریح فى عدم اشتراطه هنا.
ومن اطلاق قوله(علیه السلام):"لیس على مال الیتیم فى الدّین والمال الصامت شىءٌ)،(3) فانه یدلّ على عدم وجوب الخمس فى مال الیتیم.
ولکنه لا یصلح ان یکون مدرکا لتفصیل الماتن، لانه لو تم اطلاقه ولم یکن مختصاً بباب الزکاة، یدلّ على نفى الخمس فى مال الیتیم مطلقا بلا فرق بین ارباح المکاسب وغیرها.

1- الوسائل ج 1، ب 4 من ابواب مقدمة العبادات، حدیث 12، ص 32.

2- الوسائل ج 1، ب 3 من أبواب مقدمة العبادات، حدیث 1، ص27.

3- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب من تجب علیه الزکاة، حدیث 2، ص 54.

فصل فى قسمة الخمس ومستحقّه

فصل فى قسمة الخمس ومستحقّه

مساله 1 ص (377 - 390)

مساله 1 ص (377 - 390)

(مسألة 1) یقسم الخمس ستة أسهم على الأصح(1) سهم لله سبحانه وسهم للنّبى(صلى الله علیه وآله وسلم)، وسهم للإمام(علیه السلام) وهذه الثلاثة الآن لصاحب الزّمان أرواحنا له الفداء وعجّل الله تعالى فرجه، وثلاثة للایتام والمساکین وأبناء السّبیل.

(1) على ما هو المشهور بین المتأخرین، واستدلوا لذلک بعدّة من النصوص منها مرسلة حماد الطّویلة.(1)
ومنها مرسلة عبدالله بن بکیر عن أحدهما(علیهما السلام)(1)
ومنها مرسلة أحمد بن محمّد عن بعض أصحابنا(1)
وأنت ترى أنّ هذه الرّوایات کلها مراسیل، فلا یعتمد علیها.
وفى قبالها صحیحة ربعى عن أبی عبدالله(علیه السلام)، قال: کان رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) اذا أتاه المغنم أخذ صفوه وکان ذلک له،ثم یقسم ما بقى خمسة أخماس ویأخذ خمسه،ثم یقسّم أربعة أخماس بین الناس الّذین قاتلوا علیه، ثم قسّم الخمس الذى أخذه خمسة اخماس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 378 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

یأخذ خمس الله عزّوجلّ لنفسه ثم یقسّم الأربعة أخماس بین ذوى القربى والیتامى والمساکین وأبناء السبیل، یعطى کل واحد منهم حقاً، وکذلک الإمام أخذ کما أخذ الرّسول(صلى الله علیه وآله وسلم).(2)
وهذه الصّحیحة ـ کما ترى ـ صریحة فى التقسیم الى خمسة أقسام.
ولعلّه لأجل هذه الصّحیحة، ذهب إبن الجنید الى التقسیم بخمسة اقسام وان المراد من ذوى القربى مطلق قرابة الرسول(صلى الله علیه وآله وسلم)والمراد من الیتامى والمساکین وابن السبیل مطلقهم لا خصوص بنى هاشم و نسب الى صاحب المدارک المیل إلیه لضعف الروایات المشتملة على تسدیس السهام ولصحیحة ربعى المتقدمة حیث تدلّ على سهام خمسة.
ثم ان هنا طائفتین من الاخبار احدیهما تدل على ان الخمس لله تعالى والاخرى تدل على انه للامام(علیه السلام) لمنصب الامامة.
فمن الطائفة الأولى صحیحة عمران بن موسى عن موسى بن جعفر(علیهما السلام) قال: قرأت علیه آیة الخمس فقال: ما کان لله فهو لرسوله وما کان لرسوله فهو لنا ثم قال: والله لقد یسّر الله على المؤمنین ارزاقهم بخمسة دراهم، جعلوا لربهم واحداً واکلوا أربعة احلاّء(3)
ومنها معتبرة السکونى عن جعفر بن محمد عن أبیه عن آبائه(علیهم السلام) قال: قال على(علیه السلام)،: الوصیة بالخمس لأنّ الله تعالى قد رضى لنفسه باالخمس(4)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 379 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وامّا الطّائفة الثانیة فهى کثیرة: منها ما رواه على بن الحسین المرتضى فى (رسالة المحکم والمتشابه) نقلا من تفسیر النعمانى باسناده الآتى عن على(علیه السلام) قال: وامّاما جاء فى القرءان من ذکر معایش الخلق وأسبابها، فقد أعلمنا سبحانه ذلک من خمسة أوجه: وجه الإمارة ووجه العمارة ووجه الإجارة ووجه التجارة ووجه الصدقات، فأمّا وجه الإمارة، فقوله: واعلموا أنما غنمتم من شىء فان لله خمسه وللرسول ولذى القربى والیتاما، والمساکین فجعل لله خمس الغنائم، والخمس یخرج من أربعة وجوه من الغنائم الّتى یصیبها المسلمون من المشرکین، ومن المعادن، ومن الکنوز ومن الغوص(5) المراد من وجه الإمارة هو وجه منصب الامامة.
ومنها ما رواه ابن الشجاع النیسابورى انه سأل اباالحسن الثالث(علیه السلام)عن رجل أصاب من ضیعته من الحنطة مأة کر ما یزکى فأخذ منه العشر عشرة اکرار، وذهب منه بسبب عمارة الضیعة ثلاثون کراً وبقى فى یده ستون کراً، مالّذى یجب لک من ذلک؟ وهل یجب لأصحابه من ذلک علیه شىء؟ فوقّع لى منه: الخمس ممّا یفضل من مؤونته(6)
ومنها صحیحة على بن مهزیار قال: قال لى أبو على بن راشد: قلت له: أمرتنى بالقیام بأمرک وأخذ حقّک، فأعلمت موالیک بذلک، فقال لى بعضهم: وأىِّ شىء حقّه؟ فلم أدرما اجیبه؟ فقال: یجب علیهم الخمس، فقلت: ففى اىّ شىء؟ فقال: فى أمتعتهم وصنایعهم (ضیاعهم) قلت: والتاجر علیه والصّانع بیده؟ فقال: اذا امکنهم بعد مؤونتهم(6)
ومنها صحیحة محمد بن مسلم عن أبی جعفر(علیهما السلام) فى قول الله عزّوجلّ: (واعلموا انما غنمتم من شىء، فان لله خمسه وللرسول ولذى القربى) قال: هم قرابة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 380 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) والخمس لله وللرسول ولنا(7)
ومنها مارواه محمد بن الفضیل عن أبی الحسن الرّضا(علیه السلام) قال: سألته عن قول الله عزوجلّ: (واعلموا انما غنمتم من شىء فانه لله خمسه وللرسول) قال: الخمس لله والرّسول وهو لنا(7)
ومنها صحیحة ابن ابى نصر البزنطى عن الرّضا(علیه السلام) قال: سئل عن قول الله عزّوجلّ: (واعلموا أنما غنمتم من شىء فانّ لله خمسه وللرسول ولذى القربى) فقیل له: فما کان لله فلمن هو؟ فقال: لرسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) وماکان لرسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم)فهو للامام، فقیل له افرأیت ان کان صنف من الأصناف اکثر وصنف أقل ما یصنع به؟ قال: ذاک الى الامام ارأیت رسول الله کیف یصنع ألیس انما کان یعطى على ما یرى کذلک الامام.(8)
وهذه الصّحیحة ـ کما ترى ـ تدلّ بوضوح على أن مطلق الخمس توزیعه بید الامام(علیه السلام)وانه لمنصب الامامة.
ومنها صحیحة على بن مهزیار الطّویلة(9) وهذه الصّحیحة تدلّ على أن إیجاب الخمس وإسقاطه وتخفیفه بید الإمام(علیه السلام) فاذاً یکون أمرالخمس مفوّضاً من قبل الله تعالى الیه(علیه السلام) ، وهو اقوى شاهد على ان الخمس مطلقاً ملک لمنصب الإمامة.
والیک محل الشاهد منها، وهو قطعتان: ألأولى قوله(علیه السلام): (وانما أوجبت علیهم الخمس فى سنتى هذه فى الذهب والفضّة الّتى حال علیهما الحول، ولم اوجب ذلک علیهم فى متاع ولا آنیة ولا دوابّ ولا خدم ولا ربح ربحه فى تجارة ولا ضیعة الاّ فى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 381 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ضیعة سأفسّرلک أمرها تخفیفاً منّى عن موالىّ ومّناً منّى علیهم) الحدیث.
القطعة الثانیة قوله(علیه السلام) : (وما صار الى موالىّ من اموال الخرّمیة الفسقة، فقد علمت أن أموالا عظاماً صارت الى قوم من موالى، فمن کان عنده شئٌ من ذلک، فلیوصله الى وکیلى ومن کان نائیاً بعید الشقّة فلیتعمّد لا یصاله ولو بعد حین، فان نیة المؤمن خیر من عمله، فأمّا الذى أوجب من الضیّاع والغلات فى کل عام، فهو نصف السّدس ممن کانت ضیعته تقوم بمؤونته، ومن کانت ضیعته لا تقوم بمؤونته، فلیس علیه نصف السدس ولا غیر ذلک). ودلالتهما على ما ذکرنا واضح.
ومنها روایة عبدالله بن سنان قال: قال أبوعبدالله(علیه السلام) : على کل إمرأ غنم او اکتسب الخمس ممّا أصاب لفاطمة(علیها السلام) ولمن یلى أمرها من بعدها من ذرّیتها الحجج على الناس فذاک لهم خاصة، یضعونه حیث شاءوا، وحرّم علیهم الصدقة حتى الخیاط لیخیط قمیصاً بخمسة دوانیق، فلنا منه دانق الاّ من أحللناه من شیعتنا لتطیب لهم به الولادة، الحدیث)(10)
ودلالتها على أن الخمس کلّه مختص للائمة(علیهم السلام)، واضحة، ولکن فى سندها عبدالله بن قاسم الحضرمى وهو لم یوثق فتکون مؤیّدة لما ادّعیناه.
ومنها أخبار التحلیل الواردة فى أبواب مختلفة، فان المستفاد منها أن الخمس کله للامام(علیه السلام)والاّ فلا وجه لتحلیل مال الغیر وهو الیتامى والمساکین وابن السبیل، لغیرهم.
وبعبارة أخرى لو کان التسهیم فى الآیة المبارکة والرّوایات، ناظراً الى الملکیة وأن نصف الخمس، ملک للامام والنصف الآخر ملک للیتامى و المساکین وابن السّبیل، فلیکن التحلیل ناظراً الى النصف الذى هو ملکه(علیه السلام)، مع أن التحلیل فى موارده لجمیع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 382 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخمس للشیعة وان کان غنیاً; فمنه یستکشف أن الخمس جمیعه لمنصب الامامة، والیتامى والمساکین وابن السّبیل مصارف له ولیسوا بمالکین لنصفه.
ویؤکّد ماذکرناه آیة الفئ، فانّه من الأنفال وملک لمنصب الرسالة والإمامة باتّفاق الفقهأ، ومع ذلک قد قسّم بسهام ستة کالخمس;
قال الله تعالى: (ما أفاءالله على رسوله من أهل القرى، فللله وللرسول ولذى القربى والیتامى والمساکین وابن السبیل، کى لا یکون دولة بین الأغنیاء منکم)(11).
فان المستفاد منها ومما قبلها: (وما أفاءالله على رسوله منهم، فما أو جفتم علیه من خیل ولا رکاب)(11) هو أن الفیئ للرّسول(صلى الله علیه وآله وسلم)، ومع ذلک قد قسّم الى سهام ستة، فکما أن الیتامى والمساکین وابن السبیل، لیسوا بمالکین للفئ بل هم مصارف له، فکذلک فى الخمس;
وعن الشیخ(قدس سره) فى التبیان: (ان الآیتین تنظران الى مال واحد هو الفئ یشیر الصّدر الى من بیده هذالمال; والذیل الى من یستحق الصرف فیه، وان النبى ومن یقوم مقامه، یضعه فى المذکورین فى هذه الآیة).
فکما أن الفئ یکون لولىّ الأمر ومن الأنفال، یقسّم الى سهام ستة، فکذلک الخمس، فکلاهما یختصّان لمنصب الولایة والامارة وریاسة الحکومة الاسلامیة، کالنبى والامام(علیهما السلام).
قال فى الجواهر : (بل لولا وحشة الانفراد عن ظاهر اتفاق الأصحاب لأمکن دعوى ظهور الاخبار فى ان الخمس جمیعه للامام(علیه السلام) ، وان کان یجب علیه الانفاق منه على الاصناف الثلاثة الذین هم عیاله، ولذا لو زاد کان له(علیه السلام) ولو نقص کان الاتمام علیه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة383 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ویشترط فى الثلاثة الاخیرة الایمان(2)

من نصیبه وحلّلوا منه من ارادوا.)(12)
ثم إنّ هنا دلیلا عقلیّاً على ان نصف الخمس، لیس ملکاً للیتامى والمساکین وابن السبیل، بل کلّه ملک لمنصب الإمامة، والاصناف الثلاثة من المصارف، فالامام(علیه السلام) یعطیهم مقدار رفع احتیاجهم، وآیة الغنیمة کآیة الفئ تبیّن مصارف الخمس، حیث تصرّح بالیتامى والمساکین وابن السّبیل;
وهو أن الخمس، خمس ثروة العالم، فانها عبارة عن معادن النفط، والغاز والحدید والنحاس والصفر والقلع والذهب والفضة والفحم والفیروزج والیورانیوم واموال التجارة وأرباحها والاراضى المحیاة وحاصلها الزائدة على المؤونة والمصانع وأرباحها وغیرها مما لا یحصى، فکیف یکون هذه الثروة الضخمة نصفها مختصاً وملکاً لعدّة قلیلة وهى فقراء بنى هاشم.
فاعتبار هذه الثروة العظیمة، ملکاً لهم، لا یوافق الحکمة، وعلى خلاف مصالح الأمة. فاذن لا مناص من الالتزام بان الخمس کله ملک لمنصب الامامة والإمارة لمن هو اهل لها، فیصرف للاصناف الثلاثة لرفع حاجاتهم ومسکنتهم.
(2) بناء على ما هو المشهور من أنّ نصف الخمس، ملک للأصناف الثلاثة.
وامّا بناء على ما هو المختار من أن الخمس کلّه لمنصب الإمامة، فلا مجال لهذالشرط فان ولىّ الأمر، له أن یصرفه على ما یراه صلاحاً، وقد تقتضى المصلحة أن یعطیه لغیر المؤمن.
وأما على المشهور من أن نصف الخمس ملک للیتامى والمساکین وابن السّبیل، وللمالک ان یعطیه لهم بیده بلا اجازة الحاکم، فعن الغنیة والمختلف دعوى الاجماع على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 384 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

إعتبار الایمان فیهم; وفى الجواهر: بل لا أجد فیه خلافاً محققاً.
وعن المحّقق(قدس سره) فى الشرایع: الایمان معتبر فى المستحق على تردّد.
وعن المحقق الثانى: أنّ من العجائب هاشمى مخالف، یرى رأى بنى أمیة، فیشترط الإیمان لا محالة.
وقد استدلوا على اعتبار الایمان فیهم بوجوه:
الأوّل الإجماع ـ کما عن الغنیة والمختلف مؤیّداً بما فى الجواهر: بل لا اجد فیه خلافاً محقّقاً ـ کما عرفت.
وفیه أنّ الاجماع المحصّل، غیر حاصل، والمنقول، لیس بحجة.
الثانى أنه قد تضمنت جملة من النصوص أن الخمس بدل عن الزکاة والایمان معتبر فى مستحقّ الزّکاة جزماً، فکذلک البدل.
وفیه أنّ الرّوایات الدّالة على البدلیة، کلّها ضعاف، فلا یعتمد علیها.
ولکنّ سیّدنا الأستاذ(قدس سره) ، قرّب الاستدلال بنحو آخر، قال: فان صحیحة محمد بن مسلم المتقدمة وغیرها، دلت على ان الله عزوجل فرض للفقراء فى مال الاغنیاء ما یسعهم، ولو علم أنّ ذلک لا یسعهم، لزادهم(13)
بتقریب عدم خروج السادة عن حکمة هذالتشریع لیکونوا، أسوأ حالا وأقل نصیباً من غیرهم، وحیث أنهم ممنوعون عن الزّکاة بضرورة الفقه، فلا جرم یستکشف بطریق الإن أن الخمس المجعول لهم، قد شرّع عوضاً وبدلا عن الزّکاة، إجلالا عن أو ساخ ما فى أیدى الناس.
وفیه أوّلا أنّ غایة ما یستفاد من صحیحة محمد بن مسلم وآیة الخمس أن رفع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 385 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حاجات فقراء السّادة لوحظ فى تشریع الخمس وأمّا أنّ الإیمان معتبر فیهم أو لا یعتبر فلا یستفاد من ذلک أصلا;
وثانیاً لو اغمضنا عن ذلک وسلّمنا البدلیّة التى قرّبها الاستاذ، فنقول: ان غایة مایستفاد من ذلک هى البدلیة فى الجملة لا البدلیة من جمیع الجهات حتى یقال: إنّ کل ما یعتبر فى مستحق الزکاة معتبر فى مستحق الخمس، فیحتمل أن یکون انتسابهم الى الرّسول الاکرم کافیاً فى استحقاق الخمس وان لم یکونوا مؤمنین.
الثالث قاعدة الاشتغال ، فان المالک، إن أعطى الخمس للهاشمى المؤمن الفقیر، تفرغ ذمّته قطعاً واذا اعطى لغیر المؤمن، نشکّ فى فراغ ذمته والأصل هو الاشتغال.
وفیه أنّ مادلّ من الکتاب والسّنة على اعطاء الخمس للهاشمى الفقیر حاکم على أصالة الاشتغال، فلا تصل النوبة الیها.
الرابع صحیحة على بن بلال قال: کتبت الیه أسأله (کتب الیه یسأله عن الزکاة والصدقة) هل یجوز أن ادفع زکاة المال والصدقة الى محتاج غیر أصحابى؟ فکتب لا تعط الزکاة والصّدقة الاّ أصحابک(14)
فان مقتضى فحواها، عدم جواز اعطاء الخمس، لغیر الشیعة، فان الزکاة والصدقة، وان لم تشملا الخمس، الا أن اوساخ ایدى الناس اذا لم یجز اعطائها لغیر المؤمن، فالخمس بالأولویة، فانه کرامة.
الخامس ان روایة عبدالله بن سنان دلت على أن مبغض الشیعة ناصب عن ابی عبدالله(علیه السلام) (لیس الناصب من نصب لنا أهل البیت لأنک لاتجد رجلا یقول: أنا أبغض محمداً وآل محمد، ولکن الناصب من نصب لکم وهو یعلم أنکم تتولّونا وانکم من

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 386 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

شیعتنا)(15)
وروى ابن ادریس فى آخر السرائر عن موسى بن محمد بن على بن عیسى (قال: کتبت الیه یعنى على بن محمد(علیهما السلام) أساله عن الناصب هل احتاج فى امتحانه الى اکثر من تقدیمه الجبت والطاغوت واعتقاد امامتهما؟ فرجع الجواب: من کان على هذا فهو ناصب)(16)
وتدل معتبرة عمر بن یزید على عدم اعطاء الصدقة على النصّاب،: قال: سألته عن الصدقة على النصّاب وعلى الزیدیة ؟ فقال: لا تصدّق علیهم بشئ ولا تسقهم من الماء ان استطعت، وقال: الزیدیة هم النصّاب(17)
وتدلّ صحیحة حفص بن البخترى على حلیة مال الناصب (عن ابی عبدالله(علیه السلام) قال: خذ مال الناصب حیثما وجدته وادفع الینا الخمس(18).
والمستفاد من هذه الرّوایات أن المخالفین نصّاب لا یجوز اعطاء الزکاة لهم، بل یحلّ اکل مالهم;
فاذاً لا یجوز اعطاء الخمس لهم بالأولویة لما عرفت من أن الزکاة أو ساخ أیدى الناس، والخمس کرامة، والناصبى یحلّ اکل ماله، فکیف یکون صالحاً للاکرام.
إن قلت: قد ورت الرّوایات الکثیرة(19) على اشتراط الایمان و الولایة فى مستحق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 387 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفى الایتام الفقر(3) وفى أبناء السبیل الحاجة فى بلد التسلیم.

الزکاة، ولم یرد فى باب الخمس حتى روایة واحدة على اعتبار الایمان فى مستحقیه، ولعلّ ذلک کان لاجل انتسابهم الى الرسول(صلى الله علیه وآله وسلم) وانه کاف فى الإستحقاق مع الفقر.
قلت: الوجه فى ذلک هو ان التوزیع فى باب الزّکاة کان بید المالک; والفقراء کان بعضهم أهل الولایة وبعضهم من المخالفین، فالاعطاء کان مورداً لابتلأ المالکین، فوقع السؤال مثلا هل یجوز ان ادفع زکاة المال والصدقة الى محتاج غیر أصحابى ؟ فجاء الجواب : لا تعط الزکاة والصدقة الا لأصحابک.
وأمّا الخمس، فبما أن توزیعه لم یکن بید المالک، وکانت وظیفته هو الدفع الى الامام(علیه السلام)بأجمعه، لم یقع السؤال عن اعطائه لغیر الأصحاب لعدم ابتلاء المالکین بذلک، وهذا وجه آخر لکون الخمس باجمعه حقاً لمنصب الامامة والإمارة، وکان العمل المستمر، اعطائه باجمعه للامام(علیه السلام) أو وکلائه ولم یرد ولو فى مورد واحد أن المالک أعطى نصف الخمس لفقراء السادة.
(3) هذالشرط ایضاً مبنى على ما اختاره من المسلک المشهور من أن المالک یعطى نصف الخمس بیده للمستحقین، وأمّا بناء على ما استظهرناه من النصوص من أن الخمس بأجمعه، یسلّم الى الإمام(علیه السلام)، فلا مجال لهذالبحث.
نعم فى زمن الغیبة، حیث ان المسؤول ومن یسلّم الیه الخمس، هو الفقیه الجامع للشرائط، فیبقى للبحث مجال حتى یتّضح ما هو المستفاد من الأدلّة:
المشهور بین الأصحاب هو اعتبار الفقر فى الیتامى وأبناء السّبیل، ونسب الى المبسوط والسرائر عدم اعتباره فیهما، لان ظاهر الآیة یتناولهما مطلقاً.
قال سیدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره): فى وجهه: (کما هو المعروف المشهور بین الفقهأ، وینبغى ان یکون کذلک، اذ العلّة فى تشریع الخمس سدّ حاجة بنى هاشم کالزکاة لغیر بنى هاشم، فلا خمس للغنى وان کان هاشمیاً، کما لا زکاة له، ویؤیّده بعض النصوص

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة388 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وان کان غنیاً فى بلده (4)

الضعیفة).
وفیه أن الخمس مع وسعته وضخامته، لایعقل ان یکون علّة تشریعه سدّ حاجات بنى هاشم، فان واحداً من المأة منه، یکفى لسدّحاجات فقرائهم فکیف تکون العلة فى التشریع فى جمیع موارده هو ذلک.
وقال بعض المعاصرین : (إن الارتکاز العقلائى والمتشرعى المحفوف بالخطاب یقتضى انصراف العناوین المذکورة فى مصارف الحقوق والأموال العامة الى صورة الحاجة واللّزوم، والحاجة فى الیتیم والمسکین تساوق الفقر لا محالة.)
وفیه ان هذالارتکاز یمکن ان یکون ناشئاً من فتوى المشهور الناشئة من مرسلة حماد الدالة على اعتبار الفقر فى الیتیم.
والظّاهر أن منشأ الانصراف هى غلبة استعمالها فى الذین لا أب لهم مع کونهم فقراء، ولاسیما أنها إقترنت فى الآیة بالمساکین وابن السبیل، وان المنظور هو الاعانة الاقتصادیة، فلو قیل إن فى البلد الفلانى، مؤسّسة لاعانة الایتام، لا یشک أحد فى ان المراد هو الایتام الفقراء لا الأغنیاء.
وأمّا مدرک المشهور فى اعتبار الفقر فیهم فهى مرسلة حماد الطویلة، ولکن إرسالها مانع عن الاعتماد علیها.
إن قلت: اذا کان الفقر فى الیتامى، معتبراً، فلماذا لم یکتف بالمساکین فانهّا تشمل الأیتام الفقراء.
قلت: النکتة هى الإهتمام بشأنها، فان البالغ الفقیر، یمکن له التشبّث الاقتصادى، وأمّا الیتیم، فلا یقدر على ذلک، فهو أشدّ حرماناً من المسکین ولهذا ذکره مستقلا.
(4) هذا اذا لم یکن قادراً على الإقتراض، والاّ فلا یکون مصرفا للخمس فأنّ ابن السّبیل ظاهر فى ذلک، حیث لا یعرف الاّ السبیل، وامّا العابر من السّبیل اذا کان غنیاً

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة389 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولا فرق بین أن یکون سفره فى طاعة أو معصیة(5) ولا یعتبر فى المستحقین العدالة، وان کان الأولى ملاحظة المرجّحات، والأولى أن لا یعطى لمرتکبى الکبائر، خصوصاً مع التجاهر، بل یقوى عدم الجواز اذا کان فى الدّفع إعانة على الاثم، ولا سیّما اذا کان فى المنع الردع عنه، ومستضعف کل فرقة ملحق بها;

قادراً على الاقتراض، فلا یصدق علیه إبن السّبیل فالفقر والاحتیاج فى بلد التسلیم، کاف اذا لم یکن قادراً على الاستدانة.
(5) هذا التعمیم مشکل، ألا ترى انه لو کان قاصداً لقطع الطّریق فضاع زاده أو اختلسه آخر، کیف یعطى له الخمس، حتى یقدر على المسیر وقطع الطریق فان حرمة الإعانة على الإثم، تشمل المورد جزماً.
نعم لا یعتبر فى المستحق العدالة لا طلاق الکتاب، وأما ملاحظة المرجحات فلا اشکال فى حسنها، ومارواه على بن ابراهیم فى تفسیره فى المستحقین للزکاة(20) یدلّ على ملاحظة المرجحات وحسنها.
وروایة داود الصرمى تمنع من اعطاء الزکاة لشارب الخمر فتشمل تارک الصّلاة والمحارب والسارق بالاولویة، وحیث انها ضعیفة السند، فلا تکون دلیلا على المنع، (قال: سألته عن شارب الخمر یعطى من الزکاة شیئاً؟ قال: لا)(21)
نعم لو کان إعطاء الخمس إعانة على الاثم، لا اشکال فى عدم جوازه، وکذا اذا کان فى عدم الاعطاء ردعاً عن المعصیة، فان النهى عن المنکر واجب ویتحقق بترک اعطاء الخمس.
ولا بأس بذکر أقوال العلماء فى باب الزّکاة، حتى یتضح الأمر فى باب الخمس

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 390 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ایضاً، فعن الشیخ فى النهایة: (ولا یجوز أن یعطى الزکاة من اهل المعرفة الاّ اهل السترو الصلاح، وأمّا الفسّاق وشرّاب الخمور، فلا یجوز أن یعطوا منها شیئاً.
وعن الخلاف: (الظّاهر من مذهب أصحابنا أن زکاة الأموال لا تعطى الاّ العدول من أهل الولایة دون الفسّاق منهم، وخالف جمیع الفقهاء فى ذلک، وقالوا: اذا أعطى الفاسق برأت ذمته، و به قال قوم من أصحابنا، دلیلنا طریقة الإحتیاط.)
وعن السیّد المرتضى فى الإنتصار: (ومما انفردت به الامامیة، القول بانّ الزکاة، لا تخرج الى الفساق وان کانوا معتقدى الحق وأجاز باقى الفقهاء أن تخرج الى الفساق وارباب الکبائر، دلیلنا على صحة مذهبنا الاجماع المتردّد وطریقة الاحتیاط، والیقین ببرائة الذّمة.)
وعن السید ابی المکارم فى الغنیة: (ویجب ان یعتبر فیمن تدفع الزکاة الیه من الأصناف الثمانیة الاّ المؤلفة قلوبهم والعاملین علیها، الایمان والعدالة بدلیل الاجماع المتکرّر.)
وعن العلامة فى المختلف: (نقل عن الشیخ فى المبسوط والجمل والاقتصاد وعن أبی صلاح وابن حمزة ایضاً، اعتبار العدالة، وعن ابن الجنید أنه لایجوز اعطاء شارب الخمر او مقیم على کبیرة منها شیئاً.)
وهؤلاء الأجلاء وان اعتبروا فى مستحقى الزکاة العدالة، الا ان الاجماع لم یتحقّق، ففى مستحقى الزّکاة والخمس ، تکون العدالة مرجحة، لا انها شرط فى الاستحقاق، وذلک لإطلاق أدلتهما.

1- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب قسمة الخمس، حدیث 8 ـ 2 ـ 9، ص 356، 358، 359.

2- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب قسمة الخمس، حدیث 3، ص 356.
3- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6، ص 338.
4- الوسائل ج 13، ب 9 من کتاب الوصایا، حدیث 3، ص 361.

5- الوسائل ج 6، ب 2 من أبواب ما یجب فیه الخمس حدیث 12، ص 341.
6- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 2 و 3، ص 348.

7- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب قسمة الخمس، حدیث 5 و 18 ص 357 و ص 361.
8- الوسائل ج 6، ب 2 من أبواب قسمة الخمس، حدیث 1، ص 362.
9- الوسائل ج 6، ب 8 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5، ص 349، 350.

10- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 8، ص 351.

11- قرأن کریم سورة (59): حشر الآیة 7 و 6.

12- جواهر الکلام ج 16، ص 155.

13- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب ما تجب فیه الزکاة، حدیث 2، ص 3.

14- الوسائل ج 6، ب 21 من ابواب الصدقة، حدیث 1، ص 288.

15- الوسائل ج 6، ب 2 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 3، ص 339.
16- الوسائل ج 6، ب 2 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 14، ص 341.
17- الوسائل ج 6، ب 5 من ابواب المستحقین للزکاة، حدیث 5 و احادیث أخر، ص 152،153.
18- الوسائل ج 6، ب 2، من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6، ص 340.
19- الوسائل ج 6، ب 5 من ابواب المستحقین للزکاة، حدیث 5 و احادیث أخر، ص 152،153.

20- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب المستحقین للزکاة، حدیث 7، ص 145.
21- الوسائل ج 6، ب 7 من ابواب المستحقین للزکاة، حدیث 1، ص 171.

مساله 2 ص (390 - 395)

مساله 2 ص (390 - 395)

(مسألة 2): لا یجب البسط على الاصناف بل یجوز دفع تمامه الى أحدهم(1)

(1) کما هو المشهور بین الاصحاب المتأخرین، ولکن یظهر من جماعة من الاصحاب وجوب البسط، فعن الشیخ فى المبسوط: (والخمس اذا أخذه الإمام، ینبغى ان یقسّمه ستة اقسام، وعلى الامام ان یقسّم هذه السهام بینهم على قدر کفایتهم ومؤونتهم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة391 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فى السّنة على الاقتصاد، ولا یخص فریقا منهم بذلک دون فریق بل یعطى جمیعهم على ما ذکرنا من قدر کفایتهم.)
وعن أبی الصّلاح (: یلزم من وجب علیه الخمس، اخراج شطره للإمام والشطر الآخر، للیتامى والمساکین وابن السّبیل لکل صنف ثلث الشطر.)
وعن المحقق فى الشرائع: (هل یجوز أن یخصّ بالخمس طائفة ؟ قیل نعم وقیل: لا وهو الأحوط.)
وعن الحدایق أنّه قوى وجوب البسط، وأطال الکلام فى تضعیف ما نسب الى المشهور من عدم وجوب البسط.
واستدل لوجوب البسط بالآیة المبارکة الواردة فى خمس الغنیمة الدالة على التسهیم بسهام ستة، وبالنصوص الدالة على ذلک.
تقریب الاستدلال أن اللاّم الدّاخلة على الله والرّسول وذى القربى تدلّ على الملکیة، وعطف الیتامى والمساکین وابن السبیل بالواو على مدخول اللام، یقتضى التشریک فى الملکیة، فعلیه یکون مدلول الآیة ان نصف الخمس ملک للأصناف الثلاثة، کما ان النّصف الآخر، ملک لله وللرسول ولذى القربى، وکذا لکلام فى النصوص الدالّة على التسهیم.
إن قیل: إن ظاهر الآیة هو ملکیة الیتامى والمساکین وإبن السّبیل على نحو الاستغراق، کما هو ظاهر الجمع المحلّى باللاّم، وهو غیر مراد قطعاً لعدم امکام توزیع نصف الخمس الى جمیع افراد الیتامى والمساکین من بنى هاشم فاذن نرفع الیدعن ظهور اللاّم فى الملکیة الاستغراقیة، ونحملها على الجنس فنلتزم أن جنس الیتیم والمسکین وابن السبیل، مصرف لنصف الخمس، لا أنهم ما لکون له.
قلنا: إن تعذر الملکیة الاستغراقیة، لایستلزم ان نرفع الیدعن ظهور اللام فى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة392 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الملکیة بالنسبة الى الأصناف الثلاثة، فنقول: ان مدلول الآیة هو ملکیة صنف الیتامى وصنف المساکین وصنف ابن السبیل، فلا بد من بسط نصف الخمس الى الأصناف الثلاثة، ولو باعطاء بعض کل صنف کما هو مقتضى الجنس، ولو کانت ارادة الجنس من الیتامى والمساکین منافیة للتّسهیم والتقسیم ومستلزمة لکونهم مصرفا للخمس، للزم جواز صرف مجموع الخمس حتى سهم الامام(علیه السلام)ایضاً فى من عداه من الأصناف الثلاثة.
هذا مضافاً الى أن البسط، یوجب القطع بالفراغ عما اشتغلت به الذمة فیجب. الجواب أن الآیة المبارکة وان کانت ظاهرة فى ملکیة الأصناف الثلاثة لمکان العطف الاّ انّها غیر مرادة من الآیة المبارکة لوجوه:
الأول ما تقدم من الرّوایات الکثیرة الدّالة على ان الخمس کله حق الامام(ع) فهى قرینة على ارتکاب خلاف الظاهر فى الآیة، وأن ذکر الیتامى والمساکین وابن السّبیل، انما یکون لبیان المصرف.
الاترى صحیحة ابن ابی نصر(1) تدل على ان العطاء برأى الامام کالرسول(صلى الله علیه وآله وسلم)، فلو کانوا مالکین، لابد من ایصال ملک کل صنف الى مالکه، لا ان یعطى برأیه.
الثانى أن نصف الخمس ثروة عظیمة ضخمة، تزید على فقراء بنى هاشم باضعاف مضاعفة، ولا مقتضى لتملیکها لهم، کما تقدم.
الثالث ان احد الثلاثة هو ابن السبیل وهو نادر الوجود، فلو کان مالکاً للثلث، لعطّل فى کثیر من الموارد، ولا بد من الإدّخار له وهو کما ترى، فعلیه لا یجب البسط على الأصناف الثلاثة لعدم الملکیة لهم.
ثم إنّ سیدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره) ذهب الى عدم ملکیة الاصناف الثلاثة فلا یجب

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 393 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

البسط وأنّ المالک هو الجامع بینها وهو الهاشمى المحتاج واستدل على ذلک بوجوه:
الأول ان من الاصناف ابن السبیل وهونادر الوجود، فلوکان البسط واجبا لزم تعطیل سهمه أو الإدّخار له وهو کما ترى.
الثانى ان الآیة المبارکة، ظاهرة فى العموم الاستغراقى للیتامى والمساکین فان الجمع المحلّى باللاّم، یفید العموم ومقتضاه ملکیة کل فرد من افراد الیتامى والمساکین للخمس بحیث لو اعطى بعضهم دون بعض، یضمن للآخرین وهذا مقطوع العدم ومخالف للسّیرة القطعیة القائمة على الاقتصار على یتامى البلد ومساکینهم، ومن البدیهى ان کلمة الیتامى مثلا لم یرد بها یتامى البلد فقط، فهذه قرینة قطعیة على عدم ارادة الملک وأن الموارد الثلاثة مصارف محضة.
ومن الواضح ان جعل الخمس لهم، انما هو بمناط القرابة من رسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) عوضاً عن الزّکاة المحرّمة علیهم، ومرجع ذلک الى ان النصف من الخمس ملک لجامع بنى هاشم والقرابة المحتاجین من الیتامى والمساکین وابناء السّبیل، فیدور الامر حینئذ بین ارادة تملیک جنس الیتیم وجنس المسکین وجنس ابن السبیل لیقتضى البسط على الأصناف ولزوم التقسیم بینهم اثلاثاً، وبین ارادة تملیک جنس الثلاثة الجامع بینهم، وهو المحتاج من بنى هاشم، لیقتضى عدم البسط،
واذ لا قرینة على الأول، فالمقتضى اعنى دلالة النص على التوزیع والبسط، قاصرة، بل القرینة على خلافه، قائمة، وهى ما عرفت من ندرة وجود ابن السبیل المستلزمة لتعطیل هذا لسهم.
الثالث ان الخطاب فى الآیة الشریفة، لما کان متوجّهاً الى آحاد المکلفین کل بالنسبة الى ما غنمه، فالحکم طبعاً مما یبتلى به کثیراً، وعلیه فلو وجب البسط لظهر وبان وشاع، بل أصبح من الواضحات، فکیف ذهب المشهور الى عدم الوجوب، هذا کله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة394 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وکذا لا یجب استیعاب افراد کل صنف، بل یجوز الاقتصار على واحد، ولو اراد البسط، لا یجب التساوى بین الاصناف أو الأفراد.

بالنسبة الى المالک المکلف باخراج الخمس.
وفیما أفاده(قدس سره) مواقع للنظر:
الأوّل أن قیام السّیرة على عدم البسط وإن کان موجوداً، الاّ انها لا حجیة فیها لعدم إتصالها بز من المعصوم(ع) لما عرفت من أن الخمس باجمعه، کان یسلّم الى المعصوم(ع) ولم یرد فى الرّوایة ولا التأریخ أن المالک، قسّم الخمس بیده للسادة، بل الرّوایات مطبقة على تسلیمه للامام(علیه السلام)، فالسیرة المنقطعة لا قیمة لها.
الثانى قد تقدم ان المستفاد من الرّوایات مالکیة الامام(ع) بما هو امام لجمیع الخمس وانه حق الإمارة والامامة، فلا مالکیة للاصناف الثلاثة ولا للجامع بینها وهو الهاشمى المحتاج، فعلیه تکون الاصناف، مصرفا للخمس ولیسوا بمالکین له، ولا دلیل على أن المالک هو الجامع.
الثالث ما ذکره فى الأخیر من أن الحکم مما ابتلى به کثیراً، فلو کان البسط واجباً، لشاع وبان وظهر.
وفیه أن الحکم لم یکن مورداً لابتلاء العموم، ولم یرد فى النصوص ولا فى التواریخ، ان الغانمین أخرجوا خمس الغنیمة ووزعوه بین المستحقین بل أمر الاخراج والتوزیع کان بید النّبى أو الإمام(علیهما السلام)، وهو یعطى على ما یرى کما تدل على ذلک صحیحة ابن ابى نصر(2) وصحیحة ربعى(3)
فالحاصل ان البسط لا یجب على الامام ولا على من أجازه(علیه السلام).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 395 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وممّا یؤکّد عدم الملکیة والبسط، آیة الفىء فانه من الأنفال وهى ملک للرسول(صلى الله علیه وآله وسلم)وبعده للامام ومع ذلک جاء فیه مثل آیة الخمس: قال الله تعالى: ما أفاءالله على رسوله من أهل القرى، فللّه وللرسول ولذى القربى والیتامى والمساکین وابن السبیل کى لا یکون دولة بین الاغنیاء منکم(4) بیّن فیها المصرف کآیة الخمس ولایحتمل ان یکون الفىء ملکا للاصناف الثلاثة، بل هى مصرف للفى مع ان التعبیر نفس تعبیر آیة الخمس.

1- الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب قسمة الخمس حدیث 1، ص 362.

2- الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب قسمة الخمس، حدیث 1، ص 362.
3- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب قسمة الخمس، حدیث 3 و 8، ص 356.

4- القرءان الکریم سورة الحشر 59 ـ الآیة 7.

مساله 3 ص (395)

مساله 3 ص (395)

(مسألة 3)مستحق الخمس من انتسب الى هاشم بالأبّوة، فان انتسب الیه بالامّ، لم یحل له الخمس(1) بل تحل له الزکاة، ولا فرق بین أن یکون علویّاً او عقیلیّاً او عباسیّاً، وینبغى تقدیم أتمّ علقة بالنبى(صلى الله علیه وآله وسلم) على غیره او توفیره کالفاطمیین.

(1) کما هو المشهور بین الاصحاب، ونسب الخلاف الى السید المرتضى(قدس سره) وأنه قال: إن المنتسب الى الهاشم بالام ایضاً یستحق الخمس.


واستدل للمشهور بأمرین: الأوّل مرسلة حماد الطّویلة(1) حیث صرح فیها، (من کانت امه من بنى هاشم وأبوه من سائر قریش فانّ الصّدقات تحل له ولیس له من الخمس شىء)


الثانى إن الرّوایات الدّالة على تحریم الصّدقة دلّت على تحریمها على الهاشمى أو بنى هاشم أو مطّلبى وهذه العناوین تختص عرفاً بالمنتسب بالأب لا الأم، فان تقسیم القبائل والنسب، یکون بواسطة الآباء لا الأمهات،


نعم لا فرق بین العلوى والعقیلى والعباسى والحارثى واللّهبى، فان جمیعهم من اولاد هاشم، الاّ ان تقدیم العلوى بل الفاطمى ارجح لانه الاتم علقة بالنبى(صلى الله علیه وآله وسلم).

1- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب قسمة الخمس، حدیث 3 و 8، ص 356.

مساله 4 ص (396 - 401)

مساله 4 ص (396 - 401)

(مسألة 4) لایصدّق من ادّعى النّسب الابالبیّنة او الشیاع المفید للعلم(1) ویکفى الشیاع والاشتهار فى بلده، نعم یمکن الاحتیال فى الدفع الى مجهول الحال بعد معرفة عدالته بالتوکیل على الإیصال الى مستحقه

(1) فانّ کل دعوى على خلاف الأصل تحتاج الى الاثبات، وطرق الاثبات ثلاثة،: البینة، الشیاع المفید للعلم أو الاطمینان، فانه حجة ببناء العقلأ وان کان ناشئًا من الإشتهار فى البلد.
ونسب الى کاشف الغطاء تصدیق مدّعى النسب بمجرد دعواه کما یصدّق مدعى الفقر بذلک.
وفیه أنّ القیاس مع الفارق، فانّ دعوى الفقر، مطابقة للأصل وهو استصحاب بقاء الفقر، بخلاف النسب، فان دعواه على خلاف الأصل فلا بدّ من اثباتها، حیث أن الأصل عدم الانتساب الى هاشم ولو قبل وجوده، ولا یعارضه عدم الانتساب الى غیر هاشم لعدم الأثر له، فان الموضوع فى الزکاة هو عدم الانتساب الى هاشم لا الانتساب الى غیر هاشم.
وقد یوجّه کلام کاشف الغطاء بانّه من المظنون ان نظره (قدس سره) الى أنّ النسب مما لا یعرف الاّ من قبله، أو من الشئون الّتى هو أعرف بها من غیره، وقد ورد فى مرسلة یونس: (خمسة أشیاء یجب على الناس ان یأخذوا فیها بظاهر الحکم: الولایات والتناکح والمواریث "والانساب" والذبایح والشهادات)(1).
وفیه ان النسب لا یکون من الاشیاء التى لا تعرف الاّ من قبله، فان الولد اذا تولّد، یعرفه الجیران والاقوام، ولیس من قبیل الطهر والحیض الذى لا یعرف الا من قبل المرأة، على ان الروایة لیست بحجة للارسال.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 397 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على وجه یندرج فیه الأخذ لنفسه ایضاً(2) ولکن الأولى بل الاحوط عدم الاحتیال المذکور

(2) هذا الاحتیال ذکره فى الجواهر وقال: إنّه یکفى فى برائة الذمة، وإن علم أن الوکیل قبضه لنفسه، وعلّله بان المدار فى ثبوت الموضوع على علم الوکیل دون الموکل ما لم یعلم الخلاف، ثم قال: لکن الانصاف انه لا یخلو عن تأمل ایضاً.
قال سیدنا الاستاذ(قدس سره): (والإنصاف أن تأمله(قدس سره) فى صحة هذا الاحتیال فى محلّه، والوجه فیه أن الأصل المذکور، لمّا کان مستنداً الى السیرة القائمة على البناء على الصحة، والقدر المتیقن منها ما اذا لم یعلم الموکل الکیفیة الّتى وقع الفعل علیها خارجاً، کما اذا او کله على عقد ولم یعلم الموکل صحة ما أجراه من العقد وانه هل أجراه بالصیغة العربیة اولا؟
ففیما اجراه بصیغة فارسیة، ولکنه شک فى صحته بالشبهة الحکمیة، فلاجل ان شمول دلیل اصالة الصّحة لذلک حینئذ غیر معلوم، کان اجراء الأصل وقتئذ فى غایة الاشکال.
ویلحقه فى الاشکال موارد الشک فى صحة الکیفیة المعلومة بشبهة موضوعیة کما فى المقام، حیث یعلم الموکل أن الوکیل أخذه لنفسه باعتقاده الاستحقاق، لکنه یشکّ فى استحقاقه، فان البناء على الصّحة حینئذ مشکل جدّاً لعدم احراز قیام السیرة فى مثل ذلک علیه، ومن الواضح ان علم الوکیل طریقى محض ولیس بموضوعى، فلا اثر له فى تصحیح العمل باالنسبة الى الموکل المکلف بایصال الحق الى أهله، فکما أنه اذا صدر عنه مباشرةً، لم یکن مجزیاًللشک فى الاستحقاق المستتبع للشک فى الفراغ، فکذالک اذا صدر عن وکیله وان کان الوکیل، یرى الإستحقاق)
قلت: ان علم الموکل ان الوکیل معتقد بسیادته وفقره، فهو یکفى فى فراغ الذمة لأنّ العبرة بعلم الوکیل بالاستحقاق، فاذا علم الوکیل ان زیداً من بنى هاشم وفقیر، فاعطاه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة398 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الخمس، یکفى فى فراغ ذمة الموکل، وان لم یعلم فقره وانه من بنى هاشم، وکذلک اذاعلم نفسه کذلک، بل یکفى فى فراغ ذمة الموکّل وان لم یعلم انه معتقد لا ستحقاقه ام لا؟ فلو أخذه لنفسه، یحمل على الصّحة لأصالة الصّحة، فان المسلم الثقة الأمین، کما هو المفروض، لا یعمل عملا فاسداً.
وما ذکره(قدس سره) من أن علم الوکیل طریقى محض ولیس بموضوعى، فلا اثر له، فلا یمکن مساعدته بوجه، فان السیرة من المتشرعة، قائمة على توکیل الامین وتفویض توزیع الوجوهات الیه، ولا شک فى ان تشخیص المستحقین مفوض الیه، فکیف لا یکون علمه بالاستحقاق والاعطأ، موجبا لفراغ ذمة الموکل.
وصحیحة على بن یقطین صریحة فى ذلک، (قال: سألت اباالحسن(علیه السلام)عمن یلى صدقة العشر (على) من لابأس به فقال(ع): ان کان ثقة فمره ان یضعها فى مواضعها، وان لم یکن ثقة، فخذها أنت وضعها فى مواضعها.)(2)
وهى وإن وردت فى الزّکاة إلاّ أنّها والخمس من هذه الجهة، لا فرق بینهما.
والحاصل أن جواز توکیل الأمین فى توزیع الوجوهات وعدم کفایة اعطائه للمستحق بتشخیصه فى فراغ ذمة الموکل، لا یجتمعان، بل الصحیحة صریحة فى فراغ الذمة، ومقتضى اطلاقها جواز الأخذ لنفسه ان یرى استحقاقه.
ومما ذکرنا ظهر بطلان ما قد یقال: (ان التمسک بأصالة الصّحة فى عمل الوکیل او الواسطة، غایته اثبات عدم خطأه فى اعتقاده وهو لا یکفى فى احراز الامتثال من ناحیة احتمال تعمدّه للخلاف، والنافى له وثاقته وعدالته، لا أصالة الصّحة ـ کما هو واضح ـ فاذا فرض اشتراط التعدد فى ذلک ـ کما هو المفروض ـ لاتکفى اصالة الصّحة;

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 399 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على انه یمکن ان یقال: بعدم جریان اصالة الصحة فى المقام حتى اذا علمنا بعدم تعمده للکذب وانحصر منشأ الشک فى خطأه واشتباهه، لما تقدم من ان الوکیل فى المقام مجرّد واسطة وآلة فى الایصال، ولیس فعله منقسماً الى صحیح وفاسد، لتجرى فیه اصالة الصحة، فانها مخصوصة بما اذا کان احتمال الغفلة او الاشتباه فى فعل یقع موضوعاً للاثر الشرعى وینقسم بلحاظه الى الصّحیح والفاسد ولیس مطلق الاشتباه والخطأ منفیًا بها.)
توضیح البطلان من وجوه: الأول انه اجتهاد فى قبال النص وقد عرفت مدلول صحیحة ابن یقطین.
الثانى أنه خصّ اصالة الصّحة باحتمال الغفلة والخطأ، وهو فاسد جزماً، فانها تجرى حتى فى موارد احتمال تعمد الخلاف، الاترى ان أهل البوادى والبرارى یشترون الاجناس، ویعرضونها فى السوق ویشتریها العلماء والمتدیّنون بلا اىّ فحص وسؤال، مع احتمال انهم اشتروها من الاطفال والمجانین والغاصب عمداً، إمّا لاجل عدم المبالات بالدّین او للجهل بحکم المسألة وبطلان البیع ونسب الى المشهور جواز اقتداء من یرى السورة جزءً للصّلاء، بمن لا یراها جزءً لها اذا احتمل أنه یقرأها فى الصلاة، إعتماداً على أصالة الصّحة ومن المظنون انه اشتبهت أصالة الصّحة بأصالة الظهور فان احتمال الغفلة والخطأ منفى بالأصل فى أصالة الظهور.
الثالث قوله: إن الوکیل لیس له الاّ ایصال الوجه الى المستحق، فلا یکون فعله منقسماً الى الصحیح والفاسد لتجرى فیه أصالة الصّحة.
وقد عرفت أن الوکیل المفوّض، وظیفته تشخیص المستحق من جهة نسبه وفقره، فلوا عطى لشخص واحتملنا انه لیس بمستحق، والوکیل سامح فى التحقیق والفحص، فهذا لعطاء فاسد، ننفى الاحتمال بأصالة الصحة، فالعطاء الصحیح انما هو اذا کان للمستحق، والفاسد اذا کان لغیر المستحق.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 400 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولکنه یمکن أن یقال: إنّ أصالة الصحة تجرى فى موارد لا یکون المطلوب فیها حصول الوثوق والاطمینان کجواز الشراء من أهل البادیة والسوق مع احتمال أنهم حصّلو الأجناس بمعاملات فاسدة، فهنا یکفى احتمال الصّحة فى جریان أصالة الصّحة.
وهذا بخلاف مرحلة الإمتثال: فان المطلوب فیها هو الیقین بفراغ الذمة، ولا أقل من حصول الوثوق والاطمینان وهو لا یحصل باجراء اصالة الصّحة فالعمدة هى وثاقة الوکیل وعدالته، فان کان ثقة، یکفى توکیله فى الاعطاء، کما دلّت على ذلک صحیحة على بن یقطین المتقدمة(3)
قد یقال: إن هذه الصّحیحة وأمثالها، لا تدلّ على أن الاعطاء للثقة کالا عطاء للمستحق، (بل الصحیح أنه بالتّأمل فى مفاد هذه الرّوایات، یظهر أنها اجنبیة عن إثبات کفایة الدفع للثّقة فى مقام احراز الامتثال: وان مفادها مطلب آخر هو عدم اشتراط المباشرة فى اداء فریضة الزکاة وجواز تولّى غیر المالک لدفعها، فکانّ السائل کان یحتمل اشتراط المباشرة فیها کسائر العبادات (الى ان قال): والشاهد على ذلک ان االسائل قد فرض فى سؤاله دفع الزکاة الى ثقة یضعها فى مواضعها، وهذا یعنى انه فرغ عن أن الثقة یضعها فى اهلها، فوصول الحق الى اهله، مفروغ عنه عنده، وانما سؤاله عن تولّى الغیر لذلک)
ویردّه أن قوله: یضعها فى مواضعها، لیس فى کلام السائل حتى یقال: إنه عیّن المواضع، والمتولّى لصدقة العشر یوصلها الى مواضعها المعینة، بل هو فى کلام الامام(علیه السلام)، فالمراد: سلّم الزکاة الى الثقة ومره أن یضعها فى مواضعها المقرّرة فى الشرع، فتشخیص المواضع قد فوّض الى الثقة، وهو موجب لفراغ الذمّة، فعلى المسلک المشهور

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 401 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فى الخمس من أن التوزیع للاصناف بید المالک، یجرى هذ الّذى ورد فى الزکاة من جواز التوکیل وفراغ الذمة به.


وتؤیّده روایة شهاب بن عبد ربه (فى حدیث) قال: قلت لابى عبدالله(علیه السلام): انى اذا وجبت زکاتى اخرجتها فادفع منها الى من اثق به یقسّمها، قال: نعم لابأس بذلک، أما أنه أحد المعطین.(4)


والنصوص وان وردت فى الزکاة الا أنها تشمل الخمس على المسلک المشهور من أن المالک یوزّع نصف الخمس الى الأصناف الثلاثة بلا مراجعة الحاکم.

1- الوسائل ج 18، ب 22 من ابواب کیفیة الحکم، حدیث 1.

2- الوسائل ج 6، ب 35 من ابواب المستحقین للزکات، حدیث 1، ص 193.

3- ص 411.

4- الوسائل ج 6، ب 35 من ابواب المستحقین للزکاة، حدیث 4، ص 194.

مساله 5 ص (401 - 402)

مساله 5 ص (401 - 402)

(مسألة 5) فى جواز دفع الخمس الى من یجب علیه نفقته اشکال(1)

(1) قوى بل لا إشکال فى عدم جوازه وذلک لصحیحة عبد الرّحمان بن الحجاج عن ابی عبدالله(علیه السلام)، قال: خمسة لا یعطون من الزکاة شیئًا: الأب والأم والولد والمملوک والمرأة، وذلک انهم عیاله لازمون له(1)
فانها وان وردت فى الزکاة الاّ أنّ التّعلیل یشمل الخمس ایضاً فان الملاک فى عدم العطاء کونهم واجبى النفقة، ولا فرق فیه بین الزکاة والخمس.
وفى العلل عن ابی عبدالله(علیه السلام)أنه قال: خمسة لا یعطون من الزکاة: الولد والوالدان والمرأة والمملوک لانه یجبر على النفقة علیهم(2)
وحیث ان سندها ضعیف تکون مؤیدة للصحیحة ولاتکون دلیلا.
هذا على المسلک المشهور من أن المالک یوزّع نصف الخمس للأصناف الثلاثة واما على المختار من أن الخمس با جمعه ملک لمنصب الامامة، ففى زمن الغیبة یمکن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 402 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

خصوصاً فى الزوجة، فالأحوط عدم دفع خمسه الیهم بمعنى الانفاق علیهم محتسباً مما علیه من الخمس، أمّا دفعه الیهم لغیر النفقة الواجبة مما یحتاجون الیه(2) مما لا یکون واجباً علیه کنفقة من یعولون ونحو ذلک، فلا بأس به، کما لابأس بدفع خمس غیره الیهم ولوللانفاق مع فقره حتى الزوجة، اذا لم یقدر على انفاقها.

للفقیه ان یجیز الخمس للخمسة المذکورة فى الصحیحة، اذا رأى صلاحاً فى ذلک.
(2) لأنّ الممنوع هو النفقة الواجبة علیه، وأما دفعه لغیرها مما ذکره الماتن فلا مانع منه لعدم شمول صحیحة إبن الحجاج لهؤلآء، وکذا لا مانع من دفع خمس الغیر الى الخمسة المذکورة فى الصحیحة اذا کان فقیراً عاجزاً عن الانفاق علیهم.

1- الوسائل ج 6، ب 13 من ابواب المستحقین للزکاة، حدیث 1، ص 165.
2- الوسائل ج 6، ب 13 من ابواب المستحقین للزکاة، حدیث 4، ص 166.

مساله 6 ص (402 - 406)

مساله 6 ص (402 - 406)

(مسألة 6) لا یجوز دفع الزائد عن مؤونة السنة لمستحق واحد ولو دفعة على الأحوط(1)

(1) بل على الأقوى وان کان دفعة، فان الذى یملکه الفقیر مقدار مؤونة السنة وأمّا الزائد علیها، فلا یدخل فى ملکه، وفاقاً للدروس والمسالک وجعله فى الجواهر الأقوى فى النظر، بل قال: لا اجد فیه خلافاً.
واستدل لذلک بوجوه: أحدها مرسلة حماد حیث جاء فیها: یقسّم بینهم على الکتاب والسّنة، ما یستغنون به فى سنتهم، فان فضل عنهم شىء فهو للوالى، فان عجز او نقص عن إستغنائهم، کان على الوالى ان ینفق من عنده بقدر ما یستغنون به، وإنما صار علیه ان یمونهم لانّ له ما فضل عنهم.(1)
واستشکل على هذالاستدلال شیخنا الاعظم الانصارى(قدس سره) فى کتاب خمسه، بأن المرسلة ظاهرة بصورة اجتماع الخمس جمیعه عند الامام(علیه السلام) وتولّیه القسمة بینهم، ولعلّ ذلک حینئذ لئلاّ یحصل العوز على بعض المستحقین، فیکون حیفاً علیهم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 403 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ویحتاجون الى أخذ الصدقة، وذلک خلاف مقتضى مقامه الأقدس ومحله الأرفع، ولا یجرى فى حق المالک، ولذا تدل ایضاً على وجوب اعطاء الکفایة من الخمس مع الامکان واعطاء التتمة من مال الإمام مع عدم الامکان، والأول لم یقل به أحد بالنسبة الى المالک فى زمان الغیبة وعدم بسط الید، والثانى محل الخلاف بین الاعلام، فالعمدة فى المنع، عدم ثبوت اطلاق یقتضى جواز الاعطاء مطلقا (اى ولو کان زائدا على مؤونة السنة)، ودلیل التشریع، وارد فى مقام الاستحقاق لاغیر والأصل یقتضى الاحتیاط.
وقد یستشکل على ماذکره الشیخ(قدس سره) بأن هذا خلاف الظاهر جداً حیث أن تمام النظر فى المرسلة الى تحدید الخصوصیات المقررة فى باب الخمس والزکاة شرعاً، فکما تکون دلالتها على السهام بعنوان الحکم الشرعى، کذلک دلالتها على المقدار المقرّر للصرف على الفقیر والمسکین، تکون بعنوان الحکم الشرعى الأوّلى.
وفیه انه یظهر من المرسلة ان الامام(علیه السلام) ،علیه إغناء الاصناف الثلاثة، حیث قال: (یقسّم بینهم على الکتاب والسّنة ما یستغنون به فى سنتهم، فان فضل عنهم شئ فهو للوالى وان عجز أو نقص عن استغنائهم کان على الوالى ان ینقق من عنده بقدر مایستغنون به)
والجملة الفعلیة الدّالة على الانفاق بقدر الغناء فى السنة، تدل على الوجوب ومن المعلوم أن ذلک انما یکون فى زمان کونه(ع) مبسوط الید، والا فلا مجال له(ع) باغنائهم، وأمّا فى زمان الغیبة، فلم یقل أحد من الفقهاء بوجوب اغنائهم على المالک المعطى للخمس لهم، فعلیه کیف یمکن ان تحمل المرسلة على بیان الحکم الکلى الأوّلى المشتمل لزمان الحضور والغیبة، فعلیه لو کان للآیة اطلاق، یتمسک به لجواز الإعطاء بمقدار یزید على مؤونة السنة.
ولکن الظاهر عدم الاطلاق لها، فانها لاتکون فى مقام البیان من هذه الجهة، بل فى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة404 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مقام بیان اصل التشریع والمصرف، فلا مجال للتمسک بالاطلاق.
ثانیها قاعدة الإشتغال، فانّ على المالک تفریغ ذمته عن الخمس الّذى فى ذمته، فان أعطى للفقیر بمقدار سنته وللفقیر الآخر کذلک، یعلم بفراغ ذمته، وان اعطى للفقیر الواحد اکثر من مؤونة السنة، یشک فى فراغ الذمة ویحتمل عدم الفراغ، فیحکم العقل بان الاشتغال الیقینى یقتضى البرائة الیقینیة، فیحکم بعدم اعطاء فقیر الواحد اکثر من مؤنة السنة;
على أن استصحاب الاشتغال ایضاً یؤکّد قاعدته، وهذالوجه تام لابأس به،
وقد یقال: (مقتضى التحقیق فى امثال المقام، جریان استصحاب عدم جعله للعنوان الخاص (وهو الفقیر الذى لا یملک مؤونة سنته حتى حین الدفع) وبه ینفى حرمة التصرف فیه، واما استصحاب عدم جعله للعنوان العام، فلا تترتب علیه حرمة التّصرف، وانّما الحرمة تترتب على فرض جعله للعنوان الخاص لأن الحرام هو التصرف فى مال الغیر (اى زائداً عن مؤونة السنة) لا فیما لم یجعل للمتصرف نفسه، فراجع وتأمّل.) انتهى.
وفیه ان استصحاب عدم جعله للعنوان الخاص لا یترتب علیه فراغ الذمة فانه لیس اثراً شرعیاً لهذالاستصحاب هذا أولا.
وثانیاً لو اغمضنا عن ذلک وقلنا بجریانه، فهو معارض باستصحاب عدم جعله للعنوان العام وهو طبیعى الفقیر الهاشمى الذى لم یملک المؤونة قبل الدفع، ویترتب علیه بقاء الاشتغال.
وبعبارة اخرى إن جرى الأصلان فیسقطان بالتعارض، فیکون حکم العقل ببقاء الاشتغال المؤید باستصحابه محکّماً، وان لم یجرى الأصلان فالحکم هو الاشتغال من الأوّل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة405 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثالثها الرّوایات الواردة فى باب 8 من ابواب المستحقین للزکاة.
منها صحیحة ابی بصیر قال: سمعت أباعبدالله(علیه السلام) یقول: یأخذ الزکاة صاحب السبعمأة اذا لم یجد غیره قلت: فان صاحب السبعمأة تجب علیه الزکاة، قال: زکاته صدقة على عیاله، ولا یأخذها الا ان یکون اذا اعتمد على السبعمأة انفذها فى أقل من سنة، فهذا یأخذها ولا تحل الزکاة لمن کان محترفاً وعنده ما تجب فیه الزکاة أن یأخذ الزکاة.(2)
ومنها مارواه على بن اسماعیل الدغشى قال: سألت أباالحسن(علیه السلام) عن السائل وعنده قوت یوم، أیحلّ له أن یسأل ؟ وإن اعطى شیئاً من قبل أن یسأل یحلّ له ان یقبله ؟ قال: یأخذ وعنده قوت شهر ما یکفیه لسنته من الزکاة لانها انما هى من سنة الى سنة(2)
ومنها مارواه الشیخ المفید(قدس سره) فى المقنعة عن یونس بن عمار قال: سمعت اباعبدالله(علیه السلام)یقول : تحرم الزّکاة على من عنده قوت السنة ویجب الفطرة على من عنده قوت السنة الحدیث(3)
وهذه الرّوایات کما ترى تدل على حرمة أخذ الزکاة على من عنده قوت السنة وجوازه ان لم یکن عنده قوت السنة، ولا فرق بین مستحق الخمس و الزکاة من هذه الجهة فکما لا یجوز أخذ الزکاة والخمس تدریجاً لا یجوز دفعةً ایضاً زائداً عن قوت السنة ، فان المجوّز للأخذ هو الاستحقاق وهو منتف باالنسبة الى مازاد عن القوت. والاستدلال بها مبنى على المسلک المشهور.
رابعها صحیحة زرارة ومحمد بن مسلم عن أبی عبدالله(علیه السلام) (فى حدیث) قال: ان الله عزّوجلّ فرض للفقراء فى مال الاغنیاء ما یسعهم، ولو علم ان ذلک لا یسعهم لزادهم،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 406 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

انهم لم یؤتوا من قبل فریضة الله عزّوجلّ، ولکن أوتوا من منع من منعهم حقهم، لا مما فرض الله لهم، ولو أن الناس أدوّا حقوقهم لکانوا عائشین بخیر(4)
فان ما فرضه فى مال الاغنیاء قوت سنة الفقراء لا اکثر فلو اخذ الفقیر اکثر من قوت السنة، فقد أخذ حقّ الآخرین.
والاستدلال بهذه الروایات مبنى على المسلک المشهور من ان الخمس للاصناف الثلاثة بدل عن الزکاة وان التوزیع انما هو بید المالک.
وأما على المختار من أن الخمس بأجمعه لمنصب الإمامة والأصناف الثلاثة مصرف ولیسوا بمالکین له، فالأمر بید الامام أو نائبه، فیعطى الفقرأ بما یراه صلاحاً.
خامسها الإجماع والتسالم على عدم الجواز، وقال فى الجواهر: لا أجد فیه خلافاً.
وفیه أن الاجماع التعبدى غیر حاصل، فانّ المجمعین استندوا الى احد الوجوه المتقدمة على سبیل منع الخلو.

1- الوسائل ج 6، ب 3 من ابواب قسمة الخمس، حدیث 1، ص 363.

2- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب المستحقین للزکاة، حدیث 1 و 7، ص 158 و 160.
3- الوسائل ج 6، ب 8 من ابواب المستحقین للزکاة، حدیث 10، ص 161.
4- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب ما تجب فیه الزکاة، حدیث 2، ص 3.

مساله 7 ص (406 - 415)

مساله 7 ص (406 - 415)

(مسألة 7) النصف من الخمس الذى للامام(علیه السلام)، أمره فى زمان الغیبة راجع الى نائبه وهو المجتهد الجامع للشرائط، فلابد من الایصال الیه او الدفع الى المستحقین باذنه(1)

(1) اختلف الأصحاب فیه على اقوال کثیرة تصل الى ستة عشر قولا:
القول الأول ما عن الشیخ فى النهایة أنه قال: وقال قوم: یجب ان یقسم الخمس ستة اقسام، فثلاثة أقسام للامام، یدفن أو یودع عند من یوثق بامانته والثلاثة الاقسام الآخر، تفرق على مستحقه من ایتام آل محمد و مساکینهم وابناء سبیلهم، وهذا مما ینبغى ان یکون العمل علیه، ولو ان انساناً استعمل الاحتیاط وعمل على أحد الأقوال المتقدم ذکرها من الدفن او الوصایة لم یکن مأثوماً.)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 407 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفیه اولا انه مبنىّ على ان نصف الخمس ملک شخصى للامام(ع) وقد عرفت انه ملک لمنصب الامامة، فلا یجب الدفن أو الإیداع والوصیة، بل لا یجوز ذلک.
وثانیاً لو تنزلنا عن ذلک وقلنا: انه ملک شخصى له عجل الله فرجه، فنقول: ان الایداع والوصیة تفریط بالنسبة الى مال الغیر، ویکون فى معرض التلف والخطر وأمّا الدفن فصحیح لو لم یعلم رضاه بمصرف آخر، وهو ترویج الدین واقامة دعائمه ونشر احکامه، ومن المقطوع انه (عجل الله فرجه) راض بذلک فعلیه لا یجوز الدفن للعلم بعدم رضاه (عجل) به.
القول الثانى ما ذهب الیه الشیخ المفید(قدس سره) فى المقنعة من ان شطر الخمس الّذى هو للامام(علیه السلام)، لابد من حفظه الى وقت ایابه، والشطر الآخر، یصرف فى ایتام آل محمد وابناء سبیلهم ومساکینهم على ما جاء فى القرأن.
ویظهر الجواب عنه مما اجبنابه عن قول الشیخ فلا حاجة الى الاعادة.
القول الثالث اباحته للشیعة مطلقا، کما نسب الى سلار فى المراسم والى صاحب المدارک والذخیرة والمفاتیح والوافى وعن کشف الرموز نسبته الى قوم من المتقدمین.
وعن الحدائق اختیاره ونسبته الى جملة من معاصریه، وقال صاحب الوسائل: باب إباحة حصّة الإمام من الخمس للشیعة، مع تعذر ایصالها الیه وعدم احتیاج السادات. وقد ناقش بعض المعاصرین فى نسبة التحلیل الى المراسم وقال: ان سلاّر قال: باب اباحة الانفال، لا الخمس، والظاهر أن المناقشة فى محلها.
والجواب عن القول بالتحلیل قد تقدم وقلنا: إن مقتضى الجمع بین الاخبار هو حمل اخباره على ما انتقل الى الشیعى من غیره ببیع أو اهداء او میراث او غیرها.
ویحمل بعضها على التحلیل فى زمان ذالک الامام القائل به لأنّه اباحة مالکیة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة408 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فلایشمل الازمنة المتأخرة، ولاسیما ان الائمة المتأخرة اکّدوا على اخراجه.
الرابع ما عن ابی صلاح الحلبى وابن ادریس وابن براج والعلامة من صرف حصة الاصناف الیهم وحفظ سهم الامام(علیه السلام) حتى یوصل الیه، ولو بایداعه عندالأمین والایصاء به عندالموت.
والجواب عن هذا القول، ظهر مما اجبنابه عن الشیخ فى النهایة فلا نعید.
الخامس دفع حصّة الاصناف الثلاثة الیهم، وکذا حصّة الامام(علیه السلام)تتمیماً لهم، وعن المختلف انه استقربه ونقله عن جملة من علمائنا، وعن المحقق فى الشرایع، اختیاره وقیل: انه المشهور بین المتأخرین من علمائنا ونسب الى غریة المفید ایضاً.
واعتمدوا فى هذالقول الى المرسلتین المتقدمتین عن حماد وعن احمد بن محمد الدالتین على انه مع عدم کفایة الخمس فى حوائجهم، على الامام ان یتمّها من ماله.
وفیه اولا ان المرسلتین لا حجیة فیهما ـ وثانیاً انهما ظاهرتان فى زمان بسط یدالامام(علیه السلام)ووصول الخمس باجمعه الیه، فلا تشملان زمان عدم البسط.
وثالثاً انه لا ظهور فیهما فى ان التتمیم من ماله(علیه السلام) ولعلّ التتمیم کان من مال آخر من بیت المال.
ورابعاً انّ مرسلة حماد تدلّ على التتمیم عند اعواز الزکاة ایضاً، فعند بسط الید، کان علیه رفع حاجة مطلق الفقراء لا خصوص بنى هاشم.
السادس ما اختاره صاحب الوسائل من انه اذا تعذر الایصال الیه(ع) تصرف حصّته الى الأصناف الثلاثة، ومع عدم حاجتهم تصرف الى الشیعة.
وفیه انه مع تعذرّ الایصال، لابد أن تصرف فیما فیه یحرز رضائه(ع) وهو ترویج الدین واقامة دعائمه کما تقدم.
السابع ما عن ابن حمزة فى صرف حصته(علیه السلام) فى موالیه العارفین بحقه من اهل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة409 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الفقر والصلاح والسداد لانه (عجل الله فرجه) یعول من لاحیلة له.
وفیه اولا أنه یختص بزمان بسط الید، وثانیا انه تصرف فیما یحرز فیه رضائه(ع) وهو ترویج الدین واقامة احکامه.
الثامن ان خمس الارباح کله للامام(علیه السلام) فهو محلّل للشیعة فى زمن الغیبة بلا فرق بین السهمین.
وفیه ان الجواب عن اخبار التحلیل، قد تقدم، وخمس الارباح لو کان کله للامام(ع) فلابد من أن یصرف فیما یحرز فیه رضائه(علیه السلام) وقد عرفت ذلک.
التاسع قصر اخبار التحلیل على جواز التصرف فى المال الذى فیه الخمس قبل اخراج الخمس منه بان یضمن الخمس فى ذمته وهو اختیار المجلسى(قدس سره).
لا یخفى ان عدّ قول المجلسى من الاقوال الراجعة الى السهم المبارک فى زمن الغیبة، لا یصح فانه لم یبیّن مصرفه فى هذالزمان، فکیف یذکر فى عداد الاقوال بالنسبة الى حصته (عجل الله فرجه) فى زمن الغیبة، فان البحث والاقوال والکلام انما هو فى حصته فى هذالزمان، لا فى اخبار التحلیل والعجب من بعض المعاصرین، کیف عدّه فى عداد الاقوال الراجعة الى حصّته(ع) فى زمن الغیبة.
العاشر ما عن الشهید فى الدروس من صرف حصّة الاصناف الیهم والتخییر فى حصّته(ع) بین الدفن والوصیة للامین وصلة الاصناف مع الاعواز باذن الفقیه.
والجواب عن هذالقول ایضاً ظهر مما قدمناه من انه اذا علمنا رضاه فى أن تصرف حصّته لترویج الدین، فکیف تصرف فیما لا یحرز رضائه(علیه السلام).
الحادیعشر صرف النصف الى الاصناف الثلاثة وجوباً او استحباباً وحفظ نصیب الامام(علیه السلام) وجواز صرف العلماء إیاه فى المستحقین من الاصناف، وهو اختیار الشهید فى البیان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 410 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثانى عشر سقوطه مطلقا وعن الحدائق انه نسبه الى الفاضل الخراسانى وشیخه المحدث الصالح البحرانى وجملة من المعاصرین.
الثالث عشر ان سهم الامام فى زمان الغیبة فى حکم المال المجهول مالکه فانّ مالکه وإن عرف، الاّ انه لا یمکن الوصول الیه، فیتصدق عنه فانّه لا فرق فى وجوب التصدّق بین مالا یعرف صاحبه أو یعرف ولا یمکن الوصول الیه، کما تدلّ على ذلک صحیحة یونس بن عبدالرّحمان قال: سأل ابوالحسن الرّضا(علیه السلام) وأنا حاضر ـ الى ان قال فقال: رفیق کان لنا بمکة فرحل منها الى منزله، ورحلنا الى منازلنا، فلمّا ان صرنا فى الطریق اصبنا بعض متاعه معنا، فاىّ شیئ نصنع به؟ قال: تحملونه حتى تحملوه الى الکوفة، قال: لسنا نعرفه ولا نعرف بلده ولا نعرف کیف نصنع به، قال: اذا کان کذا فبعه وتصدّق بثمنه، قال له: على من جعلت فداک ؟ قال: على اهل الولایة(1)
وهذا القول قوّاه فى الجواهر واختاره المحقق الهمدانى فى مصباح الفقیه.
وفیه أنه یتوقف على أمرین أحدهما کون نصف الخمس ملکا شخصیاً للإمام(علیه السلام) ثانیهما عدم العلم برضاه عجل الله فرجه فى بعض المصارف.
وکلاهما غیر تام أما الأوّل فلما عرفت من ان الخمس أو نصفه لیس ملکاً شخصیاًللامام(علیه السلام)، بل هو لمنصب الإمامة، فعلیه یکون باجمعه مفوضاً الى الفقیه الجامع للشرائط بعد غیبته وعدم حضوره فان الجامعة بحاجة الى زعیم الدینى فى کل عصر وزمان.
وأما الثانى فلانا نعلم برضاه(علیه السلام) ، فى أن یصرف لترویج الدّین وتقویته واقامة الحوزة العلمیة، فمع ذلک کیف یتصدق به عنه (عج).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 411 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الرابع عشر ما اختاره جمیع المعاصرین ومن قارب عصرنا من الفقهاء من أنه یصرف لا قامة الحوزة العلمیة وترویج الدّین ودعم قوائمه، فانه من اهم الامور فى هذالعصر حیث قل فیه المروّجون والمبلّغون للاحکام الدینیة التى انسلخ عنها اکثر المسلمین وألها هم المادّیات وهذالقول هو الصّحیح وبالتأمل فى هذالقول یظهر لک بطلان جمیع الاقوال السّابقة.
بقى الکلام فى انه هل یمکن للمالک احراز رضاه(علیه السلام) فى صرفه لترویج الدین واقامة الحوزة العلمیة بلا مراجعة الفقیه الجامع للشرائط ام لا؟

نسب الى غریة المفید الأول وعن صاحب الحدائق المیل الیه لعدم الدلیل على ذلک، کما اعترف به فى الجواهر ایضاً، قال الحکیم(قدس سره) : وادلّة الولایة على الغائب مثل قوله(علیه السلام) : جعلته قاضیّاً وحاکماً، لا یشمل نفس الجاعل، فان للامام ولایتین إحدایهما قائمة بذاته المقدسة بما أنه مالک وذو مال کسائر الملاک وذوى المال ـ المستفادة من قوله(صلى الله علیه وآله وسلم): (النّاس مسلّطون على أموالهم )(2) والأخرى قائمة به بما انه الامام واولى بالمؤمنین من انفسهم ـ وموضوع الثانیة غیره، وأدلّة ولایة الحاکم، انما هى فى مقام جعل ولایة الثانیة له والامام خارج عن موردها، فانّه الولى لا المولّى علیه، ولیس ما یدل على جعل الولایة الأولى له بل المقطوع به عدمه) انتهى کلام الحکیم(قدس سره).
وفیه اولا أن الخمس کله ولا أقل من أن سهم الامام(علیه السلام)لیس ملکاً شخصیّاً له(ع) بل ملک لمنصب الامامة والزعامة، فیکون من المصالح العامة الراجعة الى المسلمین، فمن کان حجة له علیهم ـ کما فى روایة اسحاق بن یعقوب، فولایته على هذا لمال ثابتة بلا شبهة، ولأجل ذلک لو کان هذا لمال عند امام ـ مثلا ـ ومات لم ینتقل الى مطلق ورثته

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة412 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بل ینتقل الى من هو امام بعده، بخلاف امواله الشخصیة فانها لمطلق الورثة، فاذا کان غائباً کما فى عصرنا کانت الولایة للزعیم الدینى الحاضر.
وثانیاً لو اغمضنا عن ذلک وقلنا: إن الخمس أو نصفه ملک لشخصه(علیه السلام)، فجواز تصرف المالک بلا اذن من الحجة مشکوک فیه، فلابد للمالک تسلیمه الیه أو الاستیذان منه فى التصرف لاحتمال انحصار رضاه بتصرف الزعیم الدینى والفقیه الجامع للشرائط.
وثالثاً ان مال الامام(علیه السلام) سواء کان لشخصه أو منصبه، لابدّ من ان یصرف فى مواردیهتمّ به الشارع، وفى موارد دوران الامر بین المهم والاهم، لا بد من ان یصرف فى الأهم، وتشخیصه لا یتیسّر الاّ للولى الفقیه والزعیم الدّینى، فلابدّ من التسلیم الیه او الاستیذان منه.
ورابعاً ان المستفاد من مجموعة من الرّوایات التى نشیر الیها، العنایة على زعامة ولىّ الفقیه بالمقدار المیسور، ولا شک فى أن اعطاء الخمس وبقیة الوجوهات مشیّد لها وعدمه یوجب وهنها، فعلیه لا طریق لتحصیل رضاه(علیه السلام)، الا بالتسلیم له أو الاستیذان منه.
ففى مقبولة عمر بن حنظلة: قال: ینظران من کان منکم ممن قد روى حدیثنا ونظر فى حلالنا وحرامنا وعرف احکامنا، فلیرضوابه حکماً، فانى قد جعلته علیکم حاکماً، فاذا حکم بحکمنا، فلم یقبل منه، فانمّا استخفّ بحکم الله وعلینا ردّ، والرادّ علینا الرادّ على الله، وهو على حدّ الشرک بالله(3)
وفى صحیحة أبی خدیجة: اجعلوا بینکم رجلا قد عرف حلالنا وحرامنا، فانّى قد

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 413 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

والاحوط له الاقتصار على السادة(2) مادام لم یکفهم النصف الآخر.
وأما النصف الآخر الذى للاصناف الثلاثة، فیجوز للمالک دفعه الیهم بنفسه(3) لکن الاحوط فیه ایضاً، الدفع الى المجتهد او بإذنه لانه اعرف بمواقعه والمرجحات التى ینبغى ملاحظتها.

جعلته علیکم قاضیاً(4)
قال الصدوق: قال على(علیه السلام): قال رسول اللله(صلى الله علیه وآله وسلم): اللّهم ارحم خلفائى ـ ثلاثا ـ قیل: یا رسول الله: ومن خلفائک؟ قال: الّذین یأتون بعدى یروون حدیثى وسنّتى(4)
روى محمد بن یعقوب عن اسحاق بن یعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمرى ان یوصل لى کتاباً، قد سألت فیه عن مسائل اشکلت علىّ فورد التوقیع بخط مولانا صاحب الزمان(علیه السلام): أمّا ما سألت عنه ارشدک الله وثبّتک ـ الى ان قال: وأما الحوادث الواقعة، فارجعوا فیها الى رواة حدیثنا، فانهم حجتى علیکم وأنا حجّة الله(4)
(2) هذا الاحتیاط لا وجه له، لما عرفت من أنه ملک لمنصب الامامة والزعامة الکبرى، بل لو قلنا: ملک لشخصه الشریف ایضاً لا وجه للاحتیاط المذکور، لما تقدم من أن مصرفه لترویج الدین وتبلیغ الاحکام وارشاد الجهال والامر با لمعروف والنهى عن المنکر واقامة الحوزة العلمیة و العدالة الاجتماعیة وامثالها.
(3) هذا هو المشهور بین الأصحاب، وفى قباله أقوال أخر:
منها أنه أیضا محلّل للشیعة. ومنها انه مثل سهم الامام، لابد أن یحفظ له(علیه السلام) بالدفن. ومنها الایصاء وایداعه عند الأمین حتى یصل الى الامام(علیه السلام).
وهذه الأقوال الثلاثة لا دلیل علیها اصلا، مضافاً الى أنها توجب حرمان الأصناف الثلاثة التى ذکرت فى الکتاب العزیز، على ان الدفن أو الایصاء یجعله فى معرض التلف.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 414 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقد تقدم أن الخمس کلّه لمنصب الإمامة، والأصناف الثلاثة جعلت مصرفاً لیسوا بمالکین للنّصف وعرفت أنّ هذا هو الاقوى، فعلیه یجب على المالک تسلیم الخمس کلّه الى الفقیه الجامع للشرائط او الاستیذان منه فى مصرفه.
وأمّا الافراز فهل یجوز للمالک أو لابدّ من الاستیذان من الفقیه؟
ذهب سیدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره)الى اعتبار الاستیذان من الفقیه بدعوى أن الخمس یتعلّق بالمال على نحو المشاع فى العین، فارباب الخمس شریک للمالک ویعتبر فى تقسیم المال المشترک اذن الشریک ان کان شخصاً خاصاً، وان کان عنواناً کلیّاً کما فى المقام فلا بد من الاستیذان من ولیّه وهو الفقیه الجامع للشرائط، وأما الدّفع الى الاصناف الثلاثة، فلا یحتاج الى الاستیذان من الحاکم الشرعى لعدم الدلیل علیه.
وفیه أولا أن الخمس مشترک على مبناه بین الامام والهاشمى الفقیر فتقسیمه الى السهمین یحتاج الى الاستیذان من الفقیه، لأنّ نصفه ملکه والنصف الآخر للهاشمى الفقیر، وله ولایة علیه.
وثانیاً أن السیرة العملیة القائمة بین الشیعة فى عهد الحضور هى محاسبة المالک وافراز الخمس من الأرباح وغیرها وتسلیمه بأجمعه الیه(علیه السلام) ولم یعهد حتى فى مورد واحد ان المالک سلّم نصف الخمس الى الاصناف الثلاثة او سأل الامام(علیه السلام) عن شرائط الاصناف الثلاثة، بخلاف الزکاة فان السئوال عن شرائط المستحقین لها وتسلیم المالک لها الیهم بنفسه ورد کثیراً.
فمنه یعلم ان الخمس کله کان یسلّم الى الامام فى عهد الحضور والى نائبه فى عصر الغیبة والدفع الى الاصناف من وظائفهما، لا من وظیفة المالک.
وبعبارة أخرى الدّفع الى الاصناف الثلاثة، لم یکن مورداً لابتلاء المالکین حتى یسألوا عن شرائطهم وأوصافهم، کالأ سألة الواردة فى الزکاة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 415 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم إنه یمکن أن یستدل بالسیرة المذکورة على ان تعلّق الخمس بالمال انما هو بمالیة العین على نحو الکلّى فى المعین، لا على نحو المشاع فى نفس العین، فان إفراز المالک له وتقدیمه الى الإمام(علیه السلام) وعدم الرّدع عنه، شاهد على ذلک کما قویّناه سابقاً.

1- الوسائل ج 17، ب 7 من ابواب اللّقطة، حدیث 2، ص 357.

2- البحار الطبعة الحدیثه ج 2، ب 33، حدیث 7، ص 272.

3- الوسائل ج 18 ب 11 من ابواب صفات القاضى حدیث 1.

4- الوسائل ج 18 ب 11 من ابواب صفات القاضى حدیث 6، 7، 9.

مساله 8 ص (415 - 418)

مساله 8 ص (415 - 418)

(مسألة 8) لا اشکال فى جواز نقل الخمس من بلده الى غیره اذا لم یوجد المستحق فیه بل قد یجب(1) کما اذا لم یمکن حفظه مع ذلک او لم یکن وجود ا لمستحق فیه متوقعاً.


(1) هذا مبنى على المسلک المشهور من تقسیمه الى سهمین: سهم الامام وسهم السادة وأمّا على المختار، فلا یجرى هذا التفصیل الاّ فیما اذا استأذن المالک من ولى الفقیه، دفع مقدار منه الى الأصناف الثلاثة.
فان وجد المستحق دفع الیه وان لم یوجد ویتوقع حصوله وامکن الحفظ یجوز الحفظ کما یجوز النقل، وان لم یمکن الحفظ او امکن ولا یتوقع وجود المستحق، یجب النقل، ولا ضمان لو تلف، وذلک للنصین الواردین فى الزکاة:
أحدهما صحیحة محمد بن مسلم قال: قلت لابی عبدالله(علیه السلام): رجل بعث بزکاة ماله لتقسّم، فضاعت، هل علیه ضمانها حتى تقسّم؟فقال: اذا وجدلها موضعاً فلم یدفعها، فهو لها ضامن، حتى یدفعها، وان لم یجد من یدفعها الیه، فبعث بها الى أهلها، فلیس علیه ضمان، لانها قد خرجت من یده، وکذلک الوصى الذى یوصى إلیه، یکون ضامناً لما دفع الیه إذا وجد ربّه الذى أمر بدفعه الیه، فان لم یجد، فلیس علیه ضمان(1).
الثانیة صحیحة زرارة قال: سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن رجل بعث الیه اخ له زکاته لیقسمها، فضاعت، قال: لیس على الرسول ولا على المؤدّى ضمان، قلت: فانه لم یجد لها أهلا، ففسدت وتغیرت أیضمنها؟ قال: لا، لکن ان (اذا) عرف لها أهلا، فعطبت أو فسدت،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 416 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بعد ذلک، ولا ضمان حینئذ علیه لو تلف، والاقوى جواز النقل مع وجود المستحق ایضا، لکن مع الضمان لو تلف(2) ولا فرق بین البلد القریب والبعید، وان کان الأولى القریب، الامع المرجح للبعید.

فهو لها ضامن حتى یخرجها(2)
وهاتان الصحیحتان وان وردتا فى الزکاة الا ان التعلیل بقوله: لأنها خرجت من یده والتشبیه بالوصى بقوله: کذلک الوصى، ید لان على ان ذلک جار فى کل حق مالىّ، فیشمل الخمس ایضاً.
على ان النقل فى هذا الفرض احسان الى السادة ولاضمان على المحسن لقوله تعالى: ما على المحسنین من سبیل(3)
فعلیه کما لا ضمان علیه وضعاً، لا منع عنه تکلیفاً، فیجوز النقل بلاضمان لو تلف، ولکنه مبنى على جواز الافراز والعزل فى مقام الدفع، کما هو الاظهر وقد تقدم.
أمّا فى غیر مقام الدفع فلا دلیل على انعزاله بالعزل، کما اذا عزل الخمس وجعله فى الصّندوق مثلا، فسرق، فلا مجال للقول: بأنّ المسروق هو الخمس فقط بل المسروق هو مال المالک بناء على أن تعلّقه فى العین بنحو الکلى فى المعین، فما دام مقدار الخمس باقیاً، لا یحکم بتلفه.
نعم بناء على القول بالا شاعة، یکون المسروق مشترکا بین المالک وارباب الخمس وأمّا لو کان العزل باذن الحاکم أو بتوکیله، فلا اشکال فى انعزاله وتشخّصه به.
(2) یمکن ان یورد علیه بوجهین: الأول ان ما ذکره هنا من الضمان لو تلف، ینافى ما سیأتى منه فى المسألة الخامسة عشر من الاشکال فى جواز العزل، فلو لم یتشخص

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 417 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالعزل، کیف یحکم بانّ التّالف هو الخمس وهو له ضامن، ولافرق فى ذلک بین وجود المستحق فى البلد وعدمه.
الثانى إذا جاز النقل مع وجود المستحق فى البلد، فلا موجب للضّمان لأن یده ید أمانة بالنسبة الیه ولم یُفرط ولم یفرّط فیه، فلماذا یکون ضامناً.
ولکنّ الکلام فى جوازه، فانّ المستفاد من الصّحیحتین المتقدمتین آنفاً، عدم جواز النقل فى فرض وجود المستحق فى البلد.
وأمّا صحیحة هشام بن الحکم(4) وإن دلّت فى الزکاة على انه إن أدّى مقداراً منها فى البلد جاز نقل مقدار آخر الى بلدة اخرى، فیقتصر فى موردها ولا یمکن التعّدى الى باب الخمس.
ولکن الّذى یحسم البحث فى النقل هو أن الخمس بأجمعه ملک لمنصب الامامة ـ کما تقدم فاعطائه للاصناف الثلاثة ایضاً لا بد من ان یکون باذن الفقیه الجامع للشرائط، والمتبع نظره فى جمیع الخمس فان اجاز النقل یجوز والاّ فلا.
نعم العزل والافراز فى مقام الدّفع الى الحاکم الشرعى أو وکیله، لایحتاج الى الإستیذان، لکفایة الاطلاقات الدالة على دفع الخمس أو إخراجه أو ادائه او وجوبه، فى تحقق الإذن وأن ذلک مفوّض الى المالک، فلو عزله وحمله للدّفع الى المرجع الدینى فتلف فى الطریق لآفة سماویة بلا افراط وتفریط منه، لا یکون ضامناً;
على أن السیرة من المتشرعة من عهد الحضور الى زماننا هذا على ذلک فان الشیعة کانوا یخرجون الخمس ویدفعونه الیهم(علیهم السلام) أو وکلائهم ولم یردعوا عن ذلک، فیکون إمضاءً.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 418 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم إنه قد یقال: (ان وجوب ایتاء الزکاة والخمس تکلیف فورىّ لأنّ مرجعه الى وجوب رد مال الغیر الیه وحرمة منعه عنه، فانه بعد ان تعلّق الخمس او الزکاة بالمال، تنتقل حصّة منه الى الغیر، فیجب ردّه ویحرم منعه، کما هو فى سائر المقامات، وهذا حکم انحلالى ثابت فى کل آن آن، فیکون منع الحق وابقائه لدیه فى کل آن حراماً وهو مساوق مع الفوریة، وهذا تام سواء قلنا بأنّ مفاد الاوامر الکثیرة بدفع الزکاة والخمس، ارشاد الى نفس هذا الحکم، او انه حکم تکلیفى ووجوب عبادى مستقل فى خصوص هذه الأموال، فان عدم فوریة هذا التکلیف الجدید، لاینافى الفوریة بالملاک الذى ذکرنا. فما عن جملة من الاعلام من انه لا دلیل على الفوریة فى المقام مما لا یمکن المساعدة علیه)(5)


وفیه انه اذا بنینا فى الأصول على أن الأمر لایدلّ الاّ على نفس ایجاد الطبیعة ولم یعتبر فیه الفور ولا التراخى، فلا موجب للالتزام بالفوریة فى المقام.


نعم فى المال المغصوب، یجب ردّه الى مالکه فوراً ففوراً لحرمة التصرف فیه وإبقائه عنده نوع من التصرف، والمقام لایقاس به فانّ الخمس متعلّق للأمر وحال امتثاله، حال امتثال بقیة الاوامر، یجوز التأخیر فى امتثالها مادام لم ینته الى التهاون والتساهل.

1- الوسائل ج 6، ب 39 من ابواب المستحقین للزکاة، حدیث 1، ص 198.

2- الوسائل ج 6، ب 39 من ابواب المستحقین للزکاة، حدیث 2، ص 198.
3- القرءان الکریم، السورة التوبة: 9 ـ الایه 91.

4- الوسائل ج 6، ب 37 من ابواب المستحقین، حدیث 1، ص 195.

5- کتاب الخمس، ص 454.

مساله 9 ص (418 - 419)

مساله 9 ص (418 - 419)

(مسألة 9) لو اذن الفقیه فى النقل، لم یکن علیه ضمان(1) ولو مع وجود المستحق وکذا لوو کّله فى قبضه عنه بالولایة العامّة، ثم أذن فى نقله.

(1) هذا بناء منه(قدس سره) على أن للفقیه ولایة على الخمس بأجمعه وإن جاز للمالک دفع النصف الى الاصناف الثلاثة بلا اذن منه.
وأمّا على المختار من أن الخمس بأجمعه ملک لمنصب الإمامة، وفى زمان الغیبة، یکون مرجعه الفقیه، فعدم الضمان أوضح، بلا فرق بین وجود المستحق وعدمه، فان ید

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة419 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النّاقل ید أمانة، سواءاً أذن فى النقل أو وکلّه فى القبض والنقل.
قال بعض المعاصرین: فى عدم الضمان مطلقا فى هذه الحالة اشکال بل منع، على أساس انه لا یستفاد من الدّلیل کصحیحة ابن ابی نصر المتقدمة، ولایة الفقیه على التصرف فى سهم السّادة مطلقاً وان لم تکن فیه مصلحة، بل المستفاد منها ثبوت ولایته على التصرف فیه بما یراه، وعلیه فان کانت فى النقل مصلحة رغم وجود المستحق فى البلد، فالامر کما فى المتن سواء کان مرد إذنه الى التّوکیل الضمنى فى القبض من قبله ثم نقله ام کان الاذن فى النقل فقط من دون توکیل، وان لم تکن فیه مصلحة، فلا ولایة له، وعندئذ فلا اثر لاذنه ولا یرفع الضمان اذا تلف.
فیه أولا انه لا ینطبق على ما اختاره فى ولایة الفقیه: قال: فالنتیجة فى نهایة المطاف أن کل ما هو ثابت فى الاسلام للنبى الاکرم(صلى الله علیه وآله وسلم) والامام(علیه السلام)مرتبطا بالدین الاسلامى فى مرحلة تطبیق الشریعة واجراء حدودها والحفاظ علیها بما یراه، فهو ثابت للفقیه الجامع للشرائط ایضاً، اذ احتمال اختصاص ذلک بزمن الحضور غیر محتمل.
فنقول: لا اشکال فى أنه یجوز للنبى والامام(علیهما السلام) اجازة النقل من بلد الى بلد ولو مع وجود المستحق فى المنتقل عنه، فکذلک الفقیه.
ولا وجه للتفکیک بینهما فى ذلک.
وثانیاً قد أسلفنا ان الخمس بأجمعه ملک لمنصب الإمامة فى زمن الحضور وملک لمنصب الزعامة الدینیة فى زمن الغیبة والاصناف الثلاثة لیسوا الاّ المصرف له، فاجازة الفقیه کاجازة الامام(علیه السلام) وما لاصلاح فیه لایصدر عنهما.

مساله 10 ص (419 - 420)

مساله 10 ص (419 - 420)

(مسألة 10) مؤونة النقل على النّاقل فى صورة الجواز ومن الخمس فى صورة الوجوب(1)

(1) فعلى مبناه صحّ ما فى المتن، فاذا وجد المستحق فى البلد، یجوز اعطائه له بلا مؤونة، فنقله الى بلد آخر مع المؤونة، لا یکون على صلاح المستحقین فلا وجه لان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة420 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تکون مؤونته من الخمس، وهذا بخلاف ما اذا لم یوجد فى البلد ولم یتوقّع حصوله فى المستقبل، فانّ مصلحة أرباب الخمس، تقتضى ایصاله الیهم ولو فى بلد آخر، فعلیه لو کانت له مؤونة، فلابدّ من ان یحاسب من الخمس ولا مقتضى لکونها على الناقل الامار بما یتخیّل من ان الایصال اذا کان واجباً علیه فمؤونته ایضاً علیه.


ولکنه فاسد بأن الّذى یجب على الملکف هو إعطائه للمستحق وأما تحمل الضرر، فمنفى بقاعدة لاضرر، نظیرما اذا کان المال ودیعة عند أحد فمات المالک، فان ردّ المال وان کان واجباً الى الورثة الا انه لو کانت له مؤونة لا تجب على الودعى، بل على نفس المال.


ان قلت: هذا لضرر معارض بالضرر على اصحاب الخمس، فلا مجال للتمّسک بقاعدة لا ضرر على نفى الضرر من المالک.


قلت: الظاهر من القاعدة هو نفى الاضرار الشخصیة بالنسبة الى الاشخاص الحقیقیة، وأمّا بالنسبة الى الاشخاص الحقوقیة، فلا یصدق الضرر بل قلة النفع، فلو کان الخمس مأة تومان وکانت مؤونة النقل عشرین توماناً فوزّع الثمانون بینهم، لا یصدق عند العرف انهم تضرّروا، فان للمالک ان یعطیها للآخرین ولم یصل الیهم شئٌ; هذا کلّه على المسلک المشهور;


وأمّا على المختار من أنّ أمر الخمس مطلقاً بید الحاکم والزعیم الدینى فالنقل وعدمه ومؤونته کلها منوط باذن الحاکم.

مساله 11 ص (420 - 422)

مساله 11 ص (420 - 422)

(مسألة 11) لیس من النقل لو کان له مال فى بلد آخر، فدفعه فیه للمستحق عوضاً عن الذى علیه فى بلده(1)

(1) صحّ ما ذکره(قدس سره) ولکن کفایته فى فراغ الذمة وتحقق الامتثال یتوقف على الإذن من حاکم الشرع کما عرفت، فان الخمس باجمعه لمنصب الامامة.
وأمّا على المشهور من أن نصفه للأصناف الثلاثة، فان قلنا: إن المتعلّق هى مالیة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة421 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وکذا لو کان له دین فى ذمة شخص فى بلد آخر، فاحتسبه خمساً، وکذا لونقل قدر الخمس من ماله الى بلد آخر، فدفعه عوضاً عنه

العین فیکفى ایضاً، وأما إن قلنا: إن المتعلّق نفس العین بنحو المشاع أو الکلّى فى المعیّن، فیکفى اذا کان ما فى البلد الآخر أو فى الذمة او ما یدفع عوضاً عنه، من النقود أو من غیرها بشرط أن یکون بصالح الفقیر، کما اذا کان متعلّق الخمس صبرة من بعرة الحیوانات أو الحطب اوزبر الحدید وأمثالها، ودَفَعَ السمن او السکر او الأرز مثلا عوضاً عنها للهاشمى الفقیر المشغول لتحصیل العلوم الدینیة، فان ارتکاز المتشرعة حاکم بالکفایة جزماً والتفصیل قد تقدم فى مسألة (75).
ثم إنّه قد استدل لعدم جواز النقل فى باب الزکاة بوجوه:
احدها الاجماع على عدم جواز النقل.
ثانیها ان النقل ینافى الفوریة الواجبة فى ا لدفع.
ثالثها أن فى النقل خطر التلف فى الطریق.
رابعها النصوص: منها صحیحة الحلبى عن ابی عبدالله(علیه السلام) قال: لا تحل صدقة المهاجرین للاعراب، ولا صدقة الاعراب فى المهاجرین(1)
خامسها ما تضمّن الضّمان بالنقل مع وجود المستحق کصحیحة محمد بن مسلم.(2)
وحیث ان الزکاة والخمس اخوان یرتضعان من ثدى واحد فالحکم فیهما سیّان.
وفیه انها لاتدل على عدم جواز النقل فى الزکاة التى هى موردها فضلا عن الخمس. فان الاجماع لا مجال لدعواه فى الزکاة فضلا عن الخمس، ولو تنزلنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 422 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وسلّمنافمعقده النقل ولا نقل فى المقام.
وأما الفوریة، فقد عرفت عدم وجوبها فى البایین، ولو سلمناها، فنقول: لا نقل فى المقام حتى تنافى الفوریة.
وأما الخطر فهو منتف فى المقام لعدم النقل.
وأما صحیحة الحلبى فمقتضى الجمع بینها وبین مادل على جواز النقل، الحمل على الکراهة، فعلى فرض التعدى من الزکاة الى الخمس تثبت الکراهة بنحو الموجبة الجزئیة وهى مورد الصحیحة.
وأما اعطاء خمس المهاجرین للمهاجرین فى مکان آخر وخمس الاعراب للاعراب کذالک فلا کراهة فیه ان لم یکن المستحق فى بلد الخمس موجوداً.

1- الوسائل ج 6، ب 38 من ابواب المستحقین للزکاة، حدیث 1، ص 197.
2- الوسائل ج 6، ب 39 من ابواب المستحقین للزکاة، حدیث 1، ص 198.

مساله 12 ص (422 - 423)

مساله 12 ص (422 - 423)

(مسألة 12) لو کان الّذى فیه الخمس فى غیر بلده فالأولى دفعه هناک، ویجوز نقله الى بلده مع الضمان(1)

(1) الا حوط عدم النقل اذا وجد فیه المستحق، وعلى المختار لا بد ان یکون الدفع الى المستحق هناک أو النقل الى بلد آخر باذن المرجع.
ولو استأذن لدفع نصف الخمس الى الاصناف الثلاثة ونقله الى بلد آخر فیجىء فیه التفصیل فان کان المستحق فى بلده ونقله الى بلد آخر وتلف یکون ضامناً وان لم یکون فیه ونقله وتلف، لم یکون ضامناً، لعدم التقصیر والتفریط، وتدل على ذلک صحیحة محمد بن مسلم الواردة فى الزکاة وتقدمت (فى مسألة 8).
فالاحوط کما عرفت عدم النقل، والظاهر عدم الفرق بین الزکاة والخمس الاّ فى الاستیذان من الفقیه فى الخمس دون الزّکاة.
نعم قد عرفت أن صحیحة هشام(1) دلت على أنه إن اعطیت حصّة من الزکاة للمستحقین فى البلد، جاز نقل حصة أخرى الى بلد آخر فیقتصر فى موردها ولا یتعدّى الى الخمس.

1- الوسائل ج 6، ب 37 من ابواب المستحقین للزکاة، حدیث 1، ص 195.

مساله 13 ص (423 - 426)

مساله 13 ص (423 - 426)

(مسألة 13) اذا کان المجتهد الجامع للشّرائط فى غیر بلده، جاز نقل حصة الامام(ع) إلیه(1) بل الاقوى جواز ذلک و لوکان المجتهد الجامع للشرائط موجوداً فى بلده


(1) هذا مبنى على ما هو المشهور من أن الخمس یقسّم الى قسمین وامّا على المختار من أن الخمس بأجمعه حق لمنصب الامامة، فلابدّ من نقله الى الفقیه او الاستیذان منه للصرف فى المحصّلین وفقراء السادة فى المنطقة.
وقال بعض المعاصرین: (لا یجوز لأىّ واحد التصرف فیها (اى حصة الامام) بدون إذنه وإجازته، وعلى هذا فالمالک وان کانت له الولایة على افراز الخمس وعز له من ماله کما تقدم الا أنّ ایصاله الى المجتهد اذا توقّف على النقل، فلابدّ ان یکون ذلک باذنه، فلو نقل بدون الاذن والإجازة منه وتلف فى الطریق ضمن للتفریط.)
وفیه أنّ النّصوص التى تدلّ على دفع الخمس وادائه وایصاله، ناصّة فى النقل الى الامام(علیه السلام)، فهى کما تتکفل للعزل والإخراج کذلک تتکفّل لنقله الیه(علیه السلام)، بل تقدّم منا ان المستفاد منها هو العزل الذى کان مقدّمة للدّفع والإیصال، والاّ فالعزل الذى لا یقع فى مسیر النقل والایصال لا یوجب التشخص والانعزال وقلنا: لو عزله ووضعه فى الصندوق وسرق لا یحکم بأن المسروق هو الخمس، بخلاف ما إذا عزله ووضعه فى السیارة، للدفع الى الفقیه والایصال الیه فسرق بلا تعدّ وتفریط او احترقت السیارة بما فیها من الحمل لا یکون ضامناً.
فلنذکر مجموعة من النصوص: منها صحیحة حفص بن البخترى عن ابی عبدالله(علیه السلام) خذ مال الناصب حیثما وجدته وادفع الینا الخمس(1)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 424 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ایضاً بل الاولى النقل اذا کان من فى بلد آخر افضل او کان هناک مرجّح آخر(2)

ومنها صحیحة الحلبى عن ابی عبدالله(علیه السلام)، فى الرجل من أصحابنا، یکون فى لوائهم یکون معهم، فیصیب غنیمة؟ قال: یؤدى خمساً ویطیب له.(2)
ومنها صحیحة على بن مهزیار الطویلة (الى ان قال): (فقد علمت ان اموالا عظاماً صارت الى قوم من موالى، فمن کان عنده شىء من ذلک، فلیوصله الى وکیلى)(3)
ومنها موثقة عمار (الى ان قال أبوعبدالله(علیه السلام): فلیبعث بخمسه الى اهل البیت(4) و هى صریحة فى الأمر بالنقل.
الاترى ان الدفع والاداء والایصال، نصّ فى النقل فکیف یحتاج الى اذن جدید هذا مضافاً الى أن المعاصر المذکور قد صرّح بان النصوص تدل على وجوب إخراجه منها وایصاله الى اهله بالالتزام.
قلت: قد عرفت أن صحیحة ابن مهزیار آمرة بالایصال صراحة، وبعض النصوص الآخر یدل على ذلک باالالتزام. فلا مجال للقول بأنّ النقل الى الفقیه یحتاج الى اذن جدید.
(2) اذا کان المجتهد الجامع للشرائط موجوداً فى البلد ونقل الخمس أو حقّ الامام الى بلد آخر باجازته، فلا اشکال فى جوازه وعدم الضمان فى فرض التلف.
وکذا لا اشکال فى جوازالنقل وعدم الضمان عندالتلف اذا لم یکن الفقیه موجوداً فى بلده، لما عرفت من دلالة النصوص على جواز ذلک، بل وجوبه.
وأمّا اذا کان الفقیه الجامع للشّرائط موجوداً فى البلد، فهل یجوز النقل بلا اذن منه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 425 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الى البلد الآخر للتسلیم الى الفقیه فیه ام لا؟ وجهان:
الوجه الأول جواز النقل للإطلاق فى صحیحة ابن مهزیار: فلیوصله الى وکیلى فان من بیده الخمس مأمور بالایصال الى وکیله(علیه السلام) ، ومقتضى الاطلاق عدم الفرق بین الوکیل فى البلد والوکیل فى خارجه.
الوجه الثانى أن الحسبة ، لا تقتضى النقل الاّ فى فرض عدم من یصلح للقبض فى البلد، والفرض أن الفقیه موجود فیه. الأظهر هو الأول مع الضمان فى فرض التلف لصحیحة محمد بن مسلم المتقدمة(5) ولکن الأحوط هو الثانى.
وهل تکون الأعلمیة مرجّحة أم لا؟ وجهان:
الأول أن الأعلم کما یتعیّن تقلیده تتعیّن زعامته فى عصر الغیبة، فهو المرجع الوحید لجامعة الشیعة، فکما لایکون الأمامان فى عرض واحد فکذلک المرجعان، فعلیه یجب تسلیم الخمس الیه أو الاستیجازة منه.
الثانى إن سیرة المتشرعة جاریة على تعدد المرجع فى کل عصر، والعلماء لا یفتون بانحصار المرجعیة فى واحد، بل تکتب الرسالة فى کل عصر عدّة کثیرة من الفقهاء مع الاختلاف فى الفضیلة بینهم، والمقلّد لکل واحد منهم موجود وفى مکاتبة اسحاق بن یعقوب أرجع فى الحوادث الواقعة الى روّاة الحدیث لا الى راو واحد وعبّر فیها: إنهم حجّتى علیکم.(6)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة426 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأظهر هو الثانى فعلیه لا تکون الأفضلیة مرجحة، فانّها لا توجب الخبرویة فى المصرف وحسن المدیریة فى الحوزة والاستفادة الاکثر من الوجوه فى الجامعة الشیعیة، بل مرجّحة فى مقام الاستنباط والتقلید.
وکذالکلام فى التقلید، فانه لا یوجب حصر وجوه المقلِّد على المقلَّد، فان المرجّح هو حسن المدیریة وان لم یکن مقلَّداً.

1- الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 6، ص 340.

2- الوسائل ج 6، ب 2 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 8، ص 340.
3- الوسائل ج 6، ب 8 من أبواب مایجب فیه الخمس، حدیث 5، ص 350.
4- الوسائل ج 6، ب 10 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 2، ص 353.
5- مسألة 8، ص 428.
6- الوسائل ج 18، ب 11 من ابواب صفات القاضى، حدیث 9، ص 101.

مساله 14 ص (426)

مساله 14 ص (426)

(مسألة 14) قد مرّ انه یجوز للمالک ان یدفع الخمس من مال آخر له نقدا او عروضاً ولکن یجب أن یکون بقیمته الواقعیة(1) فلو حسب العروض بازید من قیمتها، لم تبرأ ذمّته وان قبل المستحق ورضى به.


(1) قد تقدم کفایة النقود مطلقا والعروض اذا کانت بصلاح الفقیر أو باذن الحاکم او قلنا: إن المتعلّق مالیة العین لا بنحو المشاع أو الکلى فى المعیّن هذا على مبنى المشهور وأمّا على المختار فلابد من التسلیم الى الحاکم او الاستیذان منه، فلو استأذن منه لدفعه الى الاصناف الثلاثة، فلابد من اعطاء العروض بقیمته الواقعیة ولا اثر لقبول المستحق باکثر منها لعدم ولایته على ذلک، فلو قبل ما یسوى عشرة دنانیر عوض العشرین تفرغ ذمته بالنسبة الى العشرة وتبقى العشرة الأخرى فى ذمته.


نعم لو باع مایسوى عشرة بعشرین ثم حسبها خمساً باجازة الحاکم او مطلقا لا مانع منه بشرط أن لم یقل له أولا: خذها بعشرین واحسبها لک خمساً.

مساله 15 ص (426 - 428)

مساله 15 ص (426 - 428)

(مسألة 15) لا تبرأ ذمّته الا بقبض المستحق او الحاکم(1)

(1) قد تقدّم ان قبض المستحق ایضاً لابد أن یکون باذن الحاکم، لأنّ الخمس کلّه لمنصب الامامة والإمارة.
وأما العزل بلا قبض، فان کان فى مقام الدفع الى من له القبض، فقد عرفت انه یکفى، فلو تلف بلاتعدّ وتفریط، لا یکون ضامناً.
وأمّا العزل من غیر ان یکون فى مسیر الدفع، فلا دلیل على ازالة الشیوع وتعیّن الخمس فى المعزول، کما هو الحال فى الزکاة، فان الدلیل قام فیها بتحقّق العزل وتعیّنها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 427 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سواء کان فى ذمته أو فى العین الموجودة، وفى تشخیصه بالعزل اشکال(2)

فیه، فلو تلف المعزول کان زکاة.
وأما الخمس لو عزل لا فى مسیر الدفع الى الحاکم، فتلف، لا یکون خمساً.
(2) قوى لما عرفت من عدم الدلیل على ذلک فى الخمس، فان المستفاد من النصوص هو جواز العزل فى مسیر ا لدفع فقط.
ففى موثقة عمار عن أبی عبدالله(علیه السلام) (الى ان قال): فلیبعث بخمسه الى اهل البیت(1)
وقد تقدم فى (مسألة 13) ثلاث صحاح من النصوص دلّت على ذلک.
والسیرة العملیة للشیعة المستمرة من زمن المعصومین الى زماننا هذا، قائمة على افراز المالکین لأخماسهم وعرضها للأئمة ووکلائهم، ولم یردعوا عن ذلک فذلک إمضاء لها.
وأمّا العزل الذى لم یکن فى مسیر الدّفع والبعث، فلا دلیل علیه أصلا وهذا بخلاف الزکاة، فان المالک اذا اخرجها وعزلها ثم ضاعت فقد برئت ذمته کما تدل على ذلک روایات، منها صحیحة عبید بن زرارة عن أبى عبدالله(علیه السلام) انه قال: اذا اخرجها من ماله فذهبت و لم یسمّها لاحد فقد برء منها(2)
والتّعدّى منها إلى الخمس لأجل أنّ کلا منهما واجب مالى، فهما أخوان یرتضعان من ثدى واحد، مشکل، فان الدلیل مختص بالزکاة والتّعدى یکون قیاساً فان الفرق بینهما من جهات : إحدیها أن المالک یضعها فى مواضعها من غیر مراجعة الحاکم، والخمس لابدّ أن یسلّم الى الحاکم أو یستأذن منه.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 428 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثانیة أن الزّکاة تقسّم الى ثمانیة أقسام والخمس لیس کذلک.
الثالثة أنه قد عبّر فى الرّوایات أن الزکاة من الاوساخ والخمس کرامة.
الرابعة متعلّق الزکاة أشیاء ومتعلّق الخمس أشیاء أخر الى غیر ذلک.

1- الوسائل ج 6، ب 10 من أبواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 2، ص 353.
2- الوسائل ج 6، ب 39 من أبواب المستحقین للزکاة، حدیث 4، ص 199.

مساله 16 ص (428 - 430)

مساله 16 ص (428 - 430)

(مسألة 16) اذا کان له فى ذمة المستحق دین جازله احتسابه خمساً وکذا فى حصّة الامام(ع) اذا اذن المجتهد(1)

(1) قد استشکل على المتن بإشکالین: الاول ما ذکره سیدنا الأستاذ(قدس سره)قال: (مقتضى ما تقدم من ظهور أدلّة الباب فى تعلّق الخمس بعین المال، عدم الإجتزاء بالأداء من مال آخر وعدم الولایة للمالک علیه الاّ ما اثبته الدّلیل و قد ثبت به ولایته على التبدیل بمال آخر عیناً نقداً کان أو عروضاً او بالنقد خاصّة من درهم او دینار او ما یقوم مقامهما من النقود على الخلاف المتقدم ـ أمّا ولایته على احتساب الدّین خمساً بجعل ماله فى ذمة المستحق خمساً بدلا من الخمس المتعلق بالعین، فهو یحتاج الى دلیل، ولم یرد علیه دلیل فى المقام کما ورد فى الزکاة.
ولا یفرّق فیما ذکرناه بین القول بکون الخمس ملکاً لبنى هاشم او کونهم مصرفاً له، ولا بین الملک بنحو الاشاعة او الکلى فى المعّین او غیرهما، فان تعلّق الخمس بالعین حسب ما هو المستفاد من الأخبار، أمر مطّرد فى جمیع هذه التقادیر ولا مجال لرفع الید عنه بتبدیله بمال آخر، الا بمقدار دلالة الدلیل، ولا دلیل على تبدیله بالدین، وان ورد فى الزکاة، نعم یجوز ذلک اذا أجاز الحاکم الشرعى ولو من باب الحسبة کما لا یخفى، ولا فرق فیما ذکرناه بین حق السادة وحق الامام(ع) لوحدة المناط فیهما کما هو ظاهر.)(1)
وفیه اولا أن الخمس کلّه حق الامام(علیه السلام)، فلابد عند تسلیمه لغیره من الاستجازة منه أو من وکیله، فاذا اجاز وفوّض أمره الى المالک، جازله احتساب الخمس دیناً على

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 429 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المستحق، بلا فرق بین سهم الامام وسهم السادة.
وثانیاً لو تنزلنا عن ذلک، وقلنا بمقالة المشهور من عدم لزوم الاستجازة من الحاکم الشرعى بالاضافة الى حصّة الأصناف، فنقول: ان هذا یتم لو قلنا بتعلّق الخمس فى العین بنحو الاشاعة، أو الکلى فى المعیّن.
واما بناء على المختار من تعلقه بمالیة العین، فوظیفة المالک، دفع خمس مالیة العین، وهى کما تصدق على المال الخارجى، تصدق على ما فى الذّمة.
فلو کان له فى ذمّة المستحق، عشرة کلوات من السکر، یجوز بیعها من المستحق ومن غیره والبیع مبادلة مال بمال، وهذالمال کما یجوز جعله مبیعاً صحّ جعله خمساً.
الثانى ما استشکله السیّد الحکیم(قدس سره) قال: (الظاهر من الاحتساب انه ایقاع لا تملیک، ولذا لا یکون موقوفاً على القبول ولا على القول بجواز تملیک ما فى الذّمة وعلى هذا فجوازه یتوقف على أحد أمور:
الأول ان یکون اللام للمصرف لا للملک، اذ یکفى فى الصرف ابراء الذمة و اسقاط ما فیها، لکن جعل اللام للمصرف خلاف الظاهر، ولاسیما بقرینة السهام الراجعة الى الامام(ع).
الثانى أن تکون اللاّم للملک، لکن المالک لما کان هو الطبیعة، فالمالک أو الفقیه بحسب ولایته على المال المذکور الذى لیس له مالک معین، یصرفه فى مصالح الطبیعة ، ومنها إبراء الذمّة لبعض أفرادها.
وفیه ان ثبوت هذه الولایة المطلقة لا دلیل علیه، وانما الثابت هو الولایة على تطبیق الطبیعة على لفرد وبعد التطبیق المذکور یدفع الیه ملکه نظیر تطبیق الکلى المملوک على الفرد المعیّن فى بیع الصاع من صبرة او الدین الذى فى الذمة على المال الخارجى المعیّن، فالولایة فى الموردین المذکورین على تطبیق المملوک وفى المقام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة430 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

على تطبیق المالک، والولایة على الصرف فى مطلق مصلحة الطبیعة، لا دلیل علیه.


الثالث البناء على صحة عزل الخمس فى المال الذى فى الذّمة وبعد تطبیق المستحق الکلى على صاحب الذمة، یسقط المال قهراً لکن عرفت الاشکال فى جواز العزل فى المال الخارجى فضلا عن المال الّذى فى الذمة، ومن ذلک یظهر الاشکال فى جواز الاحتساب فى هذالقسم من الخمس)(2)


الجواب عن هذالاشکال ان الخمس کما ذکرنا ـ ملک لمنصب الامامة والأصناف الثلاثة لیسوا بمالکین بل مصارف له، والإمام(علیه السلام) کان یعطى لهم برأیه وفى عصر الغیبة، یکون العطاء لهم بنظر الفقیه، فاذا أجاز احتساب ما فى الذّمة خمساً لا اشکال فیه أصلا.


ولعلّ حذف اللام عن الأصناف الثلاثة فى الآیة المبارکة ودخولها على الله والرسول وذى القربى، اشارة الى عدم مالکیتهم وانهم مصارف له.


أن قیل دخول واو العطف على الأصناف الثلاثة بحکم دخول اللام علیها فلا فرق بین الثلاثة الأولى والأخیرة فى أنهم مالکون للخمس.


قلنا: لو کان المراد کذلک، لدخل الّلام على اسم الجلالة فقط ودخل واو العطف على الخمسة أجمع، فتکرار الّلام على الثلاثة الأولى وعدم دخولها على الاصناف الثلاثة، لا یعرف له وجه إلاّ أن الثلاثة الاولى مالکون والاصناف مصارف له ولیسوا بمالکین.

1- مستند العروة الوثقى ص 339.
2- مستمسک العروة الوثقى ج 9، ص 589 و 590.

مساله 17 ص (430 - 431)

مساله 17 ص (430 - 431)

(مسألة 17) اذا اراد المالک ان یدفع العوض نقدا أو عروضاً، لا یعتبر فیه رضى المستحق او المجتهد بالنسبة الى حصة الامام(ع)(1) وان کانت العین الّتى فیها الخمس موجودة، لکن

(1) وذلک لأنّ دفعه الى أهله، وظیفة المالک، فله امتثال التکلیف بالخمس بالدفع نقداً أو عروضاً، فبالقبض یتحقق الإیصال الى أهله، وکفایة العروض ـ بناء على المختار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 431 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاولى(2) اعتبار رضاه خصوصاً فى حصّة الامام(علیه السلام).

من أن المتعلق هو المالیة ـ على القاعدة، نعم بناء على القول بالاشاعة أوالکلّى فى المعین، لابدّ من دفع عین ما تعلق به الخمس أو النقود، وکفایة غیرهما یحتاج الى دلیل، الاّ بناء على ما تقدم منا من أن تعویض العروض المتعلقة للخمس بعروض أخرى التى تکون بصالح أهل الخمس، قد یکفى بالأولویة، کما اذا تعلّق الخمس بزبر الحدید وعوّضه المالک بالسکر أو الدهن أو الأرز أو القماش، بل قد یکون العروض أصلح للمستحق من النقود أیضا، کما اذا کان بحاجة الى العبأ مثلا ودفعه المالک بدلا عنها.


(2) هذا اذا لم یعمل ولایته والاّ فلابد من العمل بما حکم به نقدا کان او عروضاً.

مساله 18 ص (431 - 432)

مساله 18 ص (431 - 432)

(مسألة 18) لا یجوز للمستحق أن یأخذ من باب الخمس ویردّه على المالک(1) الا فى بعض الأحوال کما اذا کان علیه مبلغ کثیر ولم یقدر على أدائه بان صار معسراً واراد تفریغ الذمة، فحنیئذ لا مانع منه اذا رضى المستحق بذلک.

(1) وذلک لوجوه: الأول ان المستحق یأخذ الخمس لیصرفه فى حاجاته و مؤونته ولا یجوز له الإسراف والتبذیر، فبذله للمالک یعدّ اسرافاً وتبذیراً لأنه لا یکون من شؤوناته وحاجاته.
الثانى أن الدّفع اذا کان بنیة الاسترجاع، لا یکون جدّیاً وموجباً للتقرب الى الله، فان الدفع المقرّب هو ما اذا کان لأن یصرفه المستحق فى حاجاته و مؤونته.
وفیه ان هذالاشکال وارد فیما اذا کان البذل بشرط الاسترجاع، فانه مانع عن تحقق الإمتثال، لان الدفع کذلک خارج عن المأمور به.
وأما اذا کان الدّفع مطلقاً لأجل استحقاقه وأهلیته، فهو جدّى ومقرب وان ظنّ الارجاع لان الدفع مطلق وبطیب النفس، سواءً أرجع أو لم یرجع، والظن بالارجاع اذا لم یکن شرطا عندالبذل ، لا یغیّره عن کونه جدّیاً.
نعم یبقى الاشکال على المستحق فان الإرجاع اذا لم یکن من شؤوناته ولائقا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة432 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بحاله، یعدّ اسرافاً وتبذیراً، فلا یجوز له شرعاً.
الثالث ان الإرجاع ینافى حکمة التشریع، فان حکمته ایجاد التوازن فى الجامعة ورفع حاجات الفقراء فى معاشهم، والأرجاع لا یکون داخلا فى ذلک وصحیحة محمد بن مسلم المتقدمة(1) تدلّ على ذلک.
فارجاع المال للمالک، یوجب ضیاع حق الفقراء، فهو یدخل فى المانعین من حقوقهم، ولا ولایة للمستحق على ذلک اذا لم یکن لائقاً بحاله ومن شؤوناته.

والانصاف أن هذالاشکال، وارد على المستحق لانه خارج عن شؤوناته الّلائقة بحاله.


وأمّاالفقیه الجامع للشرائط، فله الإرجاع فى بعض الموارد لأحد وجهین على سبیل منع الخلو: أحدهما أن الإرجاع فى المورد الذى ذکر فى المتن، یکون من شؤونه، فلا مانع منه.


ثانیهما أن ولى الفقیه قد یرى المصلحة فى الارجاع والمصالحة کما اذا کان المالک مشغول الذمة بالنسبة الى ما صرفه من الأموال فى الماضى، وکان عنده فعلا کثیر من الأرباح ولا یخمسها إلا اذا صالح الفقیه معه بالنسبة الى الماضى، فالمصالحة معه، توجب جلب وجوهات اکثر لولى الفقیه.

1- فى مسألة 6، من هذالفصل، ص 419.

مساله 19 ص (432 - 435)

مساله 19 ص (432 - 435)

(مسألة 19) اذا انتقل الى الشخص مال فیه الخمس ممن لا یعتقد وجوبه(1)

(1) کما هو المشهور بین الأصحاب، و قد تقدم البحث عن ذلک مفصلا وقلنا: إن النصوص الواردة فى المقام على ثلاث طوائف : إحدیها دلّت على التّحلیل مطلقاً، والأخرى دلّت على عدم التحلیل مطلقاً، والثالثة دلّت على التحلیل فیما اذا انتقل متعلق الخمس الى الشیعى من الغیر بأىّ نحو کان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة433 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

کالکافر ونحوه لم یجب علیه اخراجه، فانّهم ـ علیهم السلام ـ اباحوا لشیعتهم ذلک سواء کان من ربح تجارة أو غیرها وسواء کان من المناکح والمساکن والمتاجر او غیرها.

فنذکرهنا بعض هذه الطوائف:
فمن الطائفة الأولى صحیحة الفضلاء عن أبی جعفر(علیهما السلام) قال: قال أمیرالمؤمنین على بن ابی طالب(علیه السلام) : هلک الناس فى بطونهم و فروجهم لأنّهم لم یودّوا الینا حقّنا، ألا وإن شیعتنا من ذلک وابنائهم فى حلّ(1) على ما فى الفقیه، وفى التّهذیب (آبائهم) بدل ابنائهم.
ومن الطائفة الثانیة معتبرة أبی بصیر عن أبی جعفر(علیهما السلام) قال: سمعته یقول: من إشترى شیئاً من الخمس، لم یعذره الله، اشترى ما لا یحلّ له.(2)
ومنها صحیحة عمرابن موسى عن موسى بن جعفر(علیهما السلام) قال: قرأت علیه آیة الخمس، فقال: ما کان لله فهو لرسوله وما کان لرسوله فهو لنا، ثم قال: والله لقد یسرّالله على المؤمنین ارزاقهم بخمسة دراهیم، جعلوا لربّهم واحداً واکلوا اربعة أحلاّء(2)
ومن الطائفة الثالثة صحیحتان إحدیهما صحیحة یونس بن یعقوب (بطریق الصدوق) قال: کنت عند ابی عبدالله(علیه السلام) ، فدخل علیه رجل من القماطین، فقال: جعلت فداک، تقع فى ایدینا الأموال والأرباح وتجارات، نعلم أن حقک فیها ثابت، وإنا عن ذلک مقصّرون، فقال ابو عبدالله(علیه السلام) : ما أنصفناکم ان کلّفناکم ذلک الیوم.(3)
ثانیتها صحیحة أبی خدیجة عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: قال رجل وأنا حاضر: حلّل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 434 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لى الفروج، ففزع أبو عبدالله(علیه السلام)، فقال له رجل : لیس یسألک أن یعترض الطّریق، انّمایسألک خادماً یشتریها او امرأة یتزوّجها، او میراثاً یصیبه او تجارةً او شیئاً أعطیه؟ فقال:هذا لشیعتنا حلال الشاهد منهم والغائب، والمیت منهم والحىّ وما یولد منهم الى یوم القیامة، فهو لهم حلال، أما والله، لا یحلّ الاّ لمن أحللنا له(4)
فهذه الطّائفة شاهدة على أن ماانتقل الى الشیعى عن غیره سواء کان المنتقل عنه کافراً أو مخالفا أو شیعیاً یحلّ للمنتقل الیه بأىّ نحو کان.
وأما الطائفة الثانیة، فهى تحمل على الارباح والفوائد التى زادت عن المؤونة، فیجب تخمیسها للروایات الکثیرة الموجبة للوثوق والاطمینان.
واما الطائفة الأولى، فما صدر منها من على(علیه السلام)، لابد من ان تحمل على زمانه(علیه السلام) فانها باطلاقها وان تشمل عصر الکاظم والرضا والجواد(علیهم السلام) الاّ أن النصوص الصادرة منهم صریحة فى وجوب الخمس، فنرفع الید عن الاطلاق لهذه النصوص.
وأما ما صدر عن الصادقین(علیهما السلام)، فلابدّ أن یحمل على ما انتقل الى الشیعى من الغیر کان معتقداً للخمس او غیر معتقد له، فذهاب المشهور الى الاختصاص بما اذا انتقل متعلق الخمس الى الشیعى عمّن لا یعتقد بوجوب الخمس کالکافر والمخالف ممّا لا وجه له، فان الاخبار الدالة على التحلیل مطلقة، کما ان صحیحتى یونس وابی خدیجة (کما ترى) لا تقیید فیهما بمن لا یعتقده. وکذا لا وجه لما ذهب الیه بعض الأصحاب من اختصاص التحلیل بالمناکح والمتاجر والمساکن، فانه بلا دلیل، حیث ان الاخبار الدالة على التحلیل مطلقة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة 435 ] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وعلى الجملة الروایات الکثیرة الدّالة على وجوب الخمس لاسیما ما صدر من الامام السابع و من بعده منهم(علیهم السلام) لا یمکن رفع الید عنها بوجه فلابد من حمل مادل على التحلیل، على صنف خاص أو زمن خاص.

(تمّ کتاب الخمس)

1- الوسائل ج 6، ب 4 من ابواب الانفال، حدیث 1، ص 379.
2- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب ما یجب فیه الخمس، حدیث 5 و 6، ص 338.
3- الوسائل ج 6، ب 4 من ابواب الانفال، حدیث 6، ص 380.

4- الوسائل ج 6، ب 4 من ابواب الانفال، حدیث 4، ص 379.

کتاب الانفال

کتاب الانفال

ص (439 - 450)

ص (439 - 450)

تذییل فى الانفال

وهى جمع نفْل أو نَفَل بمعنى الزیادة، على أقسام:
1 ـ منها کل أرض کانت مملوکة للکفار، وفتحت بغیر قتال وهراقة دم.
2 ـ ومنها کل أرض موات وبطون الأودیة ورؤوس الجبال والآجام.
3 ـ ومنها کل ما یصطفیه الامام(ع) من الغنیمة.
4 ـ ومنها صفایاء الملوک وقطائعهم غیر المغصوبة.
5 ـ ومنها میراث من لا وارث له.
6ـ ومنها ما اغتنمه المقاتلون من الکفار بغیر اذن الامام(علیه السلام).
7 ـ ومنها کل ارض خربة باد أهلها.
8 ـ ومنها المعادن.
9 ـ ومنها سیف البحار.
فلنتعرض للأدلة التى تدل على انها من الانفال وهى للامام(علیه السلام).
(منها) الکتاب العزیز (وما افاء الله على رسوله منهم فما اوجفتم علیه من خیل ولا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة440] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

رکاب، ولکن الله یسلّط رسله على من یشاء والله على کل شئ قدیر)(1)
وقوله تعالى: (ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى، فلله وللرسول ولذى القربى والیتاما والمساکین وبن السبیل، کى لا یکون دولة بین الاغنیاء منکم)(1)
وقد اختلفت کلمات الاصحاب فى مدلول الآیة الثانیة:
فعن المحقق الاردبیلى فى کشف آیاته ما هذا لفظه (المشهور بین الفقهاء أن الفئ له(صلى الله علیه وآله وسلم)، وبعده للقائم مقامه، یفعل به ما یشاء کما هو ظاهر الآیة الأولى، والثانیة تدلّ على انه یقسّم کالخمس، فاما ان یجعل هذا غیر مطلق الفئ، فیئاً خاصاً، کان حکمه هکذا، او منسوخاً، او یکون تفضّلا منه وکلام المفسرین ایضاً هنا لا یخلو من شى انتهى.
ویظهر من شیخ الطائفة فى التّبیان، أن الآیتین تنظران الى مال واحد هو الفئ یشیر الصّدر الى من بیده أمر هذالمال، والذیل الى من یستحق الصرف فیه، وان النبى(صلى الله علیه وآله وسلم) ومن یقوم مقامه، یضعه فى المذکورین فى هذه الآیة.
وقد استشکل فى الآیة الثانیة بأنها إن کانت مبیّنة لإجمال الأولى، فینا فیه ما هو المسلّم نصّاً وفتوى من ان المأخوذ بلاخیل ولا رکاب، من الانفال، وهى بید ولى الأمر یضعها حیث مایشاء.
وان کانت مساوقة لآیة الغنیمة وبیانها کقوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شئ فان لله خمسه وللرسول ولذى القربى الخ الواقعة فى سورة الأنفال، فلا توافق ما هو المسلم ایضاً من ان الغنیمة تخمّس، وخمسها یقسّم الى أقسام ستّة وهى تدل على ان الفئ کله یُقسّم الى أقسام ستة.
وقد أجاب سیدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره) عن هذالاشکال : (بان موضوع الآیة الاولى هو ما لم یوجف علیه بخیل ولا رکاب وهو راجع الى النبى الاکرم(صلى الله علیه وآله وسلم) والآیة المبارکة،ظاهرة فى ذلک، ومع التنزل عن ظهور الآیة ودعوى سکوتها عن بیان المصرف،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة441] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فالرّوایات صریحة الدلالة على ذلک ولا خلاف فى المسألة.
وأمّا الآیة الثانیة فموضوعها ـ ما افاءالله على رسوله من اهل القرى، والمراد به ما یؤخذ منهم بالقتال وبعد الغلبة علیهم ودخول قراهم بقرینة المقابلة مع الآیة الأولى، ولم یذکر فیها ان ما یرجع الى الرسول الاکرم(ص) اىّ مقدار ممّا غنمه المسلمون، الا أن آیة الغنیمة قد کشفت القناع عنه وبیّنت ان ما یغنمه المسلمون فخمسه یرجع الیه(ص) کما وبیّن ایضاً مصرفه فى کلتا الآیتین، ولا یقدح تخصیصه(ص) بالذّکر مع انه احد الستة، لکونه المحور والاصیل فى هذا لتسهیم کما لا یخفى، هذا.
وان صحیحة محمد بن مسلم عن ابی جعفر(علیه السلام) صریحة فى ان الآیة الثانیة ناظرة الى الغنیمة، کما ان الاولى ناظرة الى الانفال،
قال(ع): (الفىء والانفال ما کان من ارض لم یکن فیها هراقة الدّماء وقوم صولحوا واعطوا بایدیهم، وما کان من أرض خربة او بطون أودیة فهو کلّه من الفىء فهذالله ولرسوله، فما کان لله فهو لرسوله یضعه حیث یشاء، وهو للإمام بعد الرّسول، وأمّا قوله: (وما افاء الله على رسوله منهم فما او جفتم علیه من خیل ولا رکاب) قال: الاترى هو هذا، وأما قوله: (ما أفاء الله على رسوله من اهل القرى) فهذا بمنزلة المغنمالخ(2)
ولاینافیه التعبیر بالمنزلة المشعر بالمغایرة، لجواز کون التغایر من اجل اختلاف المورد بعد الاشتراک فى الحکم نظراً الى ان الغالب فى الغنائم الاستیلاء علیها فى دار الحرب ومیدان القتال لا من اهل القرى، فاشیر الى تنزیل احدى الغنیمتین منزلة الاخرى). انتهى.
فیه أوّلا أنه لا دلالة للآیة الثانیة على أن الفىء اخذ بالقتال، ودعوى المقابلة بین الآیتین لا شاهد علیها اصلا، بل الآیة الآولى ناظرة الى ان الفىء المأخوذ من بنى نضیر، لم یکن بقدرة المجاهدین بایجاف الخیل والرّکاب بل کان بقدرة الله تعالى وهى بمنزلة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة442] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الصغرى.
والآیة الثّانیه بمنزلة الکبرى وهى تشمل قریة بنى نضیر وغیرها من القرى والفىء المأخوذ منها یصرف فى الموارد المذکورة فى الآیة الثانیة.
وثانیاً الآیة الثانیة کالصریح فى أن الفىء المنقول ـ کما هو الظاهر ـ کلّه یصرف فى الموارد المذکورة فى الآیة لا أن خمسه یصرف فیها، ویؤکّد ذلک التّعلیل: (کى لا یکون دولة بین الاغنیاء منکم) فانه لا یناسب ان یکون علّة لتقسیم خمس الفىء لا جمیعه فانّ الثانى ان لم یصرف فى الموارد المذکورة، انسب بان یکون دولة بین الاغنیاء لانّه خمسة اخماس.
ومجرّد وحدة المصرف للفىء فى هذه الآیة مع مصرف الخمس فى سورة الانفال لا یکون قرینة على ان المراد من الفىء هو خمسه کما هو واضح.
وثالثاً أن ما استشهد به من صحیحة محمد بن مسلم لا یکون شاهداً على ما ادّعاه، فان الفىء فیها نزل منزلة الغنیمة لا انّه نفسها وفى التنزیل یکفى الشباهة بوجه والفىء یشبه المغنم فى ان توزیعه بید ولى الامر مثله ولو کان الفىء هى الغنیمة لقال(ع) هذا هو المغنم لا انه بمنزلته.
وامّا الجواب عن ذلک بان الغالب فى الغنائم الاستیلأ علیها فى دار الحرب ومیدان القتال لا من اهل القرى فاشیر الى تنزیل احدى الغنیمتین منزلة الأخرى، فلا یمکن المساعدة علیه، لأنّ الحرب اذا وقع فى القرى فهى دار الحرب ومیدان القتال لانه قد یقع فى خارج القرى وربما یقع فى نفسها فکل مکان وقع فیه فهو میدان القتال ودار الحرب.
وأمّا ذیل الصّحیحة: (کان ابی یقول ذلک ولیس لنا فیه غیر سهمین: سهم الرسول وسهم القربى، ثم نحن شرکاء الناس فیما بقى.) فلا ینطبق على الفى ولا على الخمس لانّ سهم الله وسهم الرسول وسهم ذى القربى یختص بالامام فى الموردین وسهام الاصناف تکون ولایتها بیده (ع)، فالأولى أن یحمل على التقیة کما یشعر به قوله: (کان ابی یقول ذلک).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة443] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وممّا یوکّد ما ذکرنا من أنّ المنقسم فى الآیة نفس الفىء لاخمسه صحیحة(3) ریان بن الصلت التى ینقله الصّدوق فى المجالس السنیة بسند صحیح عن الرضا(علیه السلام) فانّه(ع) قسّم نفس الفىء الى الاقسام لا خُمسَه، کما یقول الاستاذ(قدس سره)وکلامه(ع) فیها اشارة الى الآیة المبارکة وکذا صحیحة محمد بن مسلم ـ بناءً على توثیق ابن قولویه ـ فانها تدل على ان الارض التى جلى اهلها نصفها لرسولله ولذى القرى والنصف الآخر للناس والمراد منه الیتامى والمساکین وابن السبیل فهى تؤکد ظاهر الآیة.
ومن ادلّة الانفال الروایات وهى کثیرة: منها صحیحة حفص بن البخترى عن ابى عبدالله(ع)(4)
ومنها موثقة اسحاق بن عمار(4) ومنها معتبرة زرارة (4)
ومنها موثقة سماعة (4) ومنها صحیحة محمدبن مسلم (4)
وبالجملة الروایات الدالة على ذلک کثیرة جداً.

انما الکلام فى ان هذا القسم من الانفال هل یختص بالاراضى، او یعمّ غیرها ایضاً؟
قیل: لعل المشهور بین الفقهاء هو الاختصاص بالاراضى حیث قیّدوا الموضوع فى کلماتهم بها، وقال السید الحکیم(قدس سره):(واطلاق بعضها ـ کالمصّحح ـ (اى صحیحة حفص المتقدمة) وان کان یشمل الارض وغیرها لکّنه مقّید بما هو مقید بها، الوارد فى مقام الحصر والتحدید فان وروده کذلک یستوجب ثبوت المفهوم له وهو النفى عن غیر الارض فیحمل المطلق فى الاثبات علیه). انتهى کلامه(قدس سره)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة444] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ونظره(قدس سره) مما ورد فى مقام الحصر الى روایة محمدبن مسلم(5)
وموثقة سماعة (5) ومعتبرة زرارة (5) وصحیحة محمدبن مسلم (5) وروایة الحلبى(5) وغیرها.
ولکن الاظهر هو التعمیم فان النصوص المشتملة على الاراضى وان کانت کثیرة الاّ انها تحمل على المثال لا الحصر، وذلک للنصوص الأخرى الدالة على العموم منها صحیحة معاویة بن وهب(6) فانها بعمومها تدل على ان کل ما غنمه المسلمون بلاقتال فهو للامام(علیه السلام) فیعدّ من الانفال والقدر المتیقن منه هى الاموال المنقولة بحیث لا یمکن اخراجها عن تحت العام فعلیه تحمل الاراضى المذکورة فى النصوص على المثال فلا تدل على الحصر.
نعم لو لم ترد هذه النصوص، لقلنا باختصاص الفىء والانفال بالاراضى، للروایات الواردة فیها، فان اکثرها مشتملة علیها وبعضها ورد فى مقام الجواب عن السئوال الظاهر فى الحصر.
ثم لا یخفى أن ما افاء الله على رسوله من غیر قتال کما لا فرق فیه بین المنقول وغیر المنقول کذلک لا فرق فى الثانى بین الموات والمحیاة فان کلیهما داخل فى الانفال کما هو مقتضى اطلاق صحیحة حفص المتقدمة.
وقال سیدنا الاستاذ الخوئى(قدس سره): (لا یخفى ان مقتضى المحافظة على العنوان المأخوذ فى هذا لقسم من الانفال بحیث یعدّ قسما برأسه وبحیاله واستقلاله، فى مقابل القسم الآتى، تعمیم الحکم لمطلق الارض التى یستولى علیها المسلمون بغیر قتال، سواء کانت من الموات أو المحیاة کما یقتضیه ایضاً اطلاق کلماتهم، اذ لو کانت مختصة بالموات لم یکن وجه حینئذ للتقیید بعدم القتال المأخوذ فى هذا العنوان، ضرورة ان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة445] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اراضى المیتة التى یستولى علیها المسلمون تعدّ من الانفال حتى اذا کان ذلک مع القتال اذ الشرط فى الاراضى التى تکون ملکاً للمسلمین المأخوذة من الکفار بالقتال المعبّر عنها بالاراضى الخراجیة تارة وبا لمفتوحة عنوة اخرى ان تکون عامرة حال الفتح والافهى من الانفال سواء کان الاستیلاء مع القتال او بدونه فالموضوع فى هذا القسم اعم من کون الاراضى خربة مواتاً ام عامرة محیاة حسبما عرفت.
نعم فى صحیحة حفص المتقدمة قیدت الارض بالخربة وظاهرها الاختصاص لکن لا بد من رفع الید عنه تحکیماً لعموم ـ کل غنیمة ـ الوارد فى صحیحة ابن وهب المتقدمة) انتهى موضع الحاجة من کلامه زید فى علوّ مقامه.
وفیه أوّلا ان قوله(ع) فى صحیحة حفص: (وکل ارض خربة وبطون الأودیة) لیس مربوطاً وتفسیراً لقوله(ع): مالم یوجف علیه بخیل ولارکاب بل هو موضوع مستقل وداخل فى الانفال کما هو واضح، وهذه نظیر موثقة محمدبن مسلم عن ابی عبدالله(علیه السلام)(7) أنه سمعه یقول: إن الأنفال، ما کان من أرض لم یکن فیها هراقة دم او قوم صولحوا واعطوا بأیدیهم، وما کان من ارض خربة او بطون أو دیة، فهذا کله من الفىء، والانفال لله وللرسول، فما کان لله، فهو للرسول، یضعه حیث یحب.
وثانیاً ان کلامه هنا من عموم صحیحة معاویة بن وهب للاراضى المحیاة مناف لما تقدم منه(قدس سره)فى صفحه 11 و 12 من المستند حیث قال هناک: (بل یمکن ان یقال بعدم الاطلاق للآیة المبارکة بالاضافة الى غیر المنقول فان الغنیمة هى الفائدة العائدة للغانم بما هو غانم فعلیه تختص بما یقسّم بین المقاتلین وهى الغنائم المنقولة وامّا الاراضى المحکومة علیها بانها ملک لعامة المسلمین فلا تعدّ غنیمة للغانم والمقاتل).
فنقول: اذا لم تعدّ الأراضى غنیمة فکیف تشمل صحیحة معاویة الأرض المحیاة فى ما لم یوجف علیه بخیل ولارکاب حیث قال(ع) فیها: (کان کل ما غنمو اللامام یجعله

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة446] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

حیث احب).
ولکن الصّحیح هو ما عرفت من ان قوله(ع) فى صحیحة حفص: (الانفال ما لم یوجف علیه بخیل ولارکاب) یشمل المنقول وغیر المنقول ولا فرق فى الثانى بین الموات والمحیاة، وأمّا قوله(ع) فیها: (وکل ارض خربة) فهو موضوع مستقل هذا تمام الکلام فى القسم الاول من الانفال.
والثانى منها الأرض الموات ذاتاً او عرضاً کما اذا کان لها المالک فتلف او انجلى فعرضها الموتان، فان النصوص الکثیرة تدلّ على انها من الانفال.
منها صحیحة حفص بن البخترى المتقدمة(8) عن ابی عبدالله(علیه السلام) قال: الانفال ما لم یوجف علیه بخیل ولارکاب، او قوم صالحوا او قوم اعطوا بأیدیهم، وکل ارض خربة وبطون الأودیة، فهو لرسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم) وهو للامام من بعده، یضعه حیث یشاء. وهى تشمل على عناوین خمسة:
1 ـ ما لم یوجف علیه بخیل ولا رکاب.
2 ـ ارض الصلح.
3 ـ الارض التى سلّمها اهلها للمسلمین ابتداء.
4 ـ الارض الخربة.
5 ـ بطون الاودیة.
ومنها موثقة سماعة بن مهران(9)
ومنها موثقة زرارة عن ابى عبدالله(علیه السلام)(9)
ومنها موثقة محمدبن مسلم عن ابی عبدالله(علیه السلام)(9)
ومنها موثقة اسحاق بن عمار عن ابی عبدالله(علیه السلام)(9)
الانفالاحیاء الموات

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة447] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولا یخفى ان النصوص الواردة هنا وان کانت کثیرة جداً الا انها لما لم تکن نقبة السند لم نتعرضها وفیما اشرنا الیه من النصوص المعتبرة کفایة.
على ان المسألة مما تسالم علیها الاصحاب فلا شبهة فیها ولااشکال.
ثم ان الموات اذا احیى ها احد من المسلمین، فلا اشکال فى اختصاصها به ملکا، او حقًا فلو عرض علیها الموت ثانیاً وعرف المالک فهل هى باقیة على ملکه ولیست من الانفال او زال ویکون من الانفال أو التفصیل بین ما اذا قام آخر باحیائها فیزول والاّ فلا یزول، فهنا اقوال ثلاثة.
وذهب الشهید الثانى وجماعة اخرى الى زوال الملکیة بالموت لوجهین الأوّل النصوص الدالة على ان (من أحى أرضاً مواتاً فهى له).
فمقتضى الاطلاق فیها عدم الفرق بین سبق ملکیة احد وعدمه.
وقد یناقش فیه بانه تمسک بالعام فى الشبهة المصداقیة فانّ الارض الموات التى تملک بالاحیاء انما هى اذا لم تکن ملکاً للغیر والافالتصرف فیها حرام عقلا وشرعًا أمّا حکم العقل فهو استقلاله بقبح التصرف فى مال الغیر عدواناً وظلماً فلو کانت الملکیة للمحیى باقیة یکون التصرف فیها قبیحاً فیکون حراماً.
وامّا الشرع فلحکمه بانه لا یحلّ مال امرء مسلم الا بطیب نفسه.
ویمکن أن یجاب عنها بانهاتتم اذا ثبت ان الموات تصلح ان تکون ملکاً لأحد فاذا شک فى ذلک یکون التمسک بقوله(ع): (من احیى ارضاً مواتاً فهى له) لاثبات انها ملک للمحى من التمسک بالعام فى الشبهة المصداقیة.
ولکن الکلام فى اثبات ذلک وقد استدل علیه بوجهین الأوّل الاستصحاب فان هذه الأرض کانت ملکاً للمالک حین حیاتها وبعد زوالها یشک فى بقائه وعدمه فیستصحب.
وفیه أوّلا ان الحیاة بالنسبة الى الارض هى حیثیة تقییدیة فبحدوثها تحدث الملکیة وهى باقیة مادامت الحیاة باقیة فاذا زالت زالت.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة448] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وبکلمة اخرى الحیاة علة لحدوث الملکیة فتبقى ببقائها وتزول بزوالها.
وثانیاً لو اغمضنا عن ذلک وتنزلّنا فنقول: إن الحیاة امرها دائر بین ان تکون حیثیة تعلیلیة اوتقییدیة، فعلى الأولى الملکیة باقیة وعلى الثانیة زائلة فعند الشک فى بقائها لا
مجال للاستصحاب للشک فى بقاء الموضوع.
وقد یقال: إنّ الظاهر بمقتضى الارتکاز القطعى لدى العرف ان موضوع الملک ذات الارض والحیاة وان کانت صفة طارئة علیها الا انها شرط خارجى وغیر مقوم للموضوع، وبعبارة أخرى ان مناسبة الحکم والموضوع هنا کانت بدرجة تقتضى أنها جهة تعلیلیة محضة فلا یکون لها أىّ دخل فى موضوع الحکم اصلا.
والجواب عن ذلک، ان دعوى الارتکاز القطعى، لا شاهد علیها اصلا، فان اهل العرف یرون ان الملکیة اثر للحیاة وفرعها فکیف تبقى بدونها.
ومناسبة الحکم والموضوع، تقتضى أن الحیاة بالاضافة الى الملک جهة تقییدیة لا تعلیلیة فانه منتف بدونها، ویشهد لما ذکرنا أن الانسان لا یملک بالاحیاء الاّ اثر أعضائه وجوارحه المنطبع فى الارض ولهذا لایملک اعماق الارض المحیاة لأنها لیست متأثرة منها فاذا زال الاثر زالت الملکیة المترتبة علیه.
والدّعوى المذکورة نظیر أن یقال: إن العصمة اثر وفرع للکرّیة ولکنّها لا تزول بزوالها فتبقى العصمة وإن زالت الکریة.
ولو تنزلّنا عن ذلک ولم نقل أنها جهة تقییدیة، فنقول: لا اقل من الشّک فى انها حیثیة تقییدیة او تعلیلیة، فعند زوالها یشک فى بقاء الموضوع فلا مجال للاستصحاب کما تقدم.
وثالثاً لو تنزلنا عن ذلک ایضاً فنقول: إن الشبهة حکمیة ولا مجال لجریان الاستصحاب فیها، فان استصحاب الملکیة الثابتة فى زمان الحیاة معارض باستصحاب عدم جعلها بعد الحیاة فیسقطان بالتعارض فاذاً نتمسک باطلاق قوله(ع):(من احیى ارضاً میتة فهى له) سواء کانت ملکا لاحد عند الحیاة اولم تکن ولکن الذى یمکن أن یقال: إن

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة449] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سیرة المتشرعة، قائمة على بقاء الارض الخربة على ملک مالکها، ولا یعاملون معها معاملة المباحات الاولیة الا اذا ثبت ان المالک اعرض عنها.
نعم فى فرض عدم الاعراض، فللحاکم ان یأمر المالک بالاحیاء والاستثمار، فان أبى عن ذلک، فله ان یسلمها لغیره للاحیاء والاستثمار; وان لم یعرف المالک، فللحاکم ذلک من الأوّل.
ثم ان بعض المعاصرین فصّل بین الملک والحق واجاب عن الشهید الثانى(قدس سره)بانّ ما ذکره یتمّ بناء على القول بکون الاحیاء موجباً لعلاقة المحیى بالارض على مستوى الحق واما ان قلنا بان اثر الاحیاء هو حصول الملک فالارتکاز العرفى یقتضى أن الحیاة جهة تعلیلیة له فهو قائم برقبة الارض لا بحیاتها فلا یزول بزوالها هذا بخلاف ما اذا قلنا انّ اثر الحیاة هو الحق فانها بالنسبة الیه جهة تقییدیة فالحق یحدث بحدوثها ویزول بزوالها.
وفیه انه لعلّه یعدّ من الغرائب لأن الاحیاء موجب لحصول العلاقة بین المحیى والمحیاة فان سمّیناها ملکاً، تکون الحیاة جهة تعلیلیة وان سمّیناها حقاً، تکون جهة تقییدیة له وهذا لفرق، بلا فارق، فان الإحیاء امر تکوینى له حیثیة واحدة بالنسبة الى أثره سواء سمّیناه ملکاً او حقاً فان کانت تعلیلیة فعلى التقدیرین وان کانت تقییدیة فکذلک.
الثانى صحیحة سلیمابن خالد(10) قال: سألت اباعبدالله(علیه السلام) عن الرّجل یأتى الأرض الخربة، فیستخرجها ویجرى انهارها ویعمرها ویزرعها ماذا علیه؟ قال: الصدقة قلت: فان کان یعرف صاحبها، قال: فلیؤدّ الیه حقه، ومثلها صحیحة الحلبى.
فانها تدلّ على بقاء الأرض مع الخراب على ملک صاحبها.
ولکنّ هذا الاستدلال لا یتم لأنها معارضة بصحیحتى معاویة بن وهب(10) وابی خالد الکابلى(10) فانهما ظاهرتان فى انقطاع علاقة المالک الأول وحیث انهما معارضتان بهما فلا یتم الاستدلال، للتساقط الاّ اذا امکن الجمع بنحو آخر کما یجىء.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة450] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم ان السید الحکیم(قدس سره) قال: (ان صحیحتى سلیمان والحلبى، لا یصلحان لمعارضة الصحیحین الأوّلین: (الکابلى وابن وهب) لصراحة الاول منهما فى تملک الثانى بالاحیاء فى خصوص صورة تملک الأوّل بالاحیاء فیمکن أن یجعل شاهداً للجمع بین صحیح معاویة والصحیحین الاخیرین، بحمل الاول على الصورة المذکورة، والأخیرین على التملک بغیره. مضافاً الى أن مورد السّؤال فى الصّحیحین الاولین: صورة اعراض المالک الأوّل وترکه للارض، والاخیران خالیان عن ذلک، فیمکن حملهما على صورة البناء على تعمیرها.)
وفیه انّ الاحیاء فى صحیحة الکابلى ذکر من باب المثال، والاّ فلو اشتراها ایضاً، یکون الحکم کذلک، لان المالک الواقعى والحقیقى هو الامام(علیه السلام)، فلا فرق بین الشراء والاحیاء.
هذا مضافاً الى ان التملک فى الأراضى بأىّ نحو کان ینتهى الى الإحیاء، لأنّ اعطاء الامام(علیه السلام)، لها لشخص فى الغیبة الکبرى فى غایة البعد، فالسّبب الوحید هو الإحیاء، فاذا باع المالک فقد باع المحیاة مع الواسطة أو بلا واسطة.
نعم یمکن الجمع بین الصحاح بنحو آخر، وهو أن صحیحتى الکابلى وابن وهب مشتملتان على الترک والإخراب، وهما ظاهرتان فى الاعراض ففى فرضه، تکون الارض للمحیى الثانى سواء کان ملک الاول مستندا الى الشراء أو الإحیاء، وأمّا صحیحتا سلیمان والحلبى، فمطلقتان وتحملان على فرض عدم الاعراض، فاذاً تنتفى المعارضة.
بقى الکلام فى ان نفس الاعراض، هل یوجب انقطاع علاقة المالک وتصبح من المباحات الأصلیة او أنه موجب للتّرخیص الضمنى، وان بقیت فى ملک المالک، مادام لم یتصرف فیها غیره قولان، نسب الى المشهور الأول، وذهب جماعة الى الثانى.
الاقوى هو القول الثانى، وذلک لان ا لمال، کان ملکاً للمعرض، فبالاعراض علمنا الترخیص فیه لتصرف الغیر، وامّا أن علاقته عن المال انقطعت نهائیاً، فلا دلیل علیه الا بعد تصرف الغیر فیه.

1- (2) القران الکریم السورة: 59، الحشر الآیة 6 و 7.
2- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 12.
3- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب قسمة الخمس، حدیث 10، ص 360، جامع الاحادیث، ج 8، ص 594 و 595.
4- (3) (4) (5) (6) الوسائل ج 6، ب 1 من الانفال، حدیث 1، ص 364 و حدیث 20 ص 371 و حدیث 9 و 8 و 10 ص 367.
5- (2)(3)(4)(5) الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال حدیث 7 و 8 و 9 و 10 و 11، ص 367 و حدیث 3 ب 1 من ابواب الانفال
ص 365.

6- الوسائل ج 6، ب 1، من ابواب الانفال حدیث 3، ص 365.
7- الوسائل ج 6، ب 1 من الانفال، حدیث 10، ص 367.
8- الوسائل ج 6 ب 1 من ابواب الانفال حدیث 1، ص 364.
9- (3) (4) (5) الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 8، 9، 10، 20.
10- (2) (3) الوسائل ج 17، ب 3 من أبواب احیاء الموات، حدیث 3، ا، 2، ص 329.

ص (451 - 457)

ص (451 - 457)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة451] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ویشهد لما ذکرنا ما اذا ندم المالک عن الاعراض، فرجع للتصرف فیه قبل ان یتصرف فیه الغیر ووصلا عنده فى أن واحد ووضعا ایدیهما علیه، فهل یحکم العقلاء بتنصیف المال او یحکمون بتقدیم المالک؟ الظاهر هو الثانى، ومنه یظهر بقاء علاقته فیه،
ودعوى الارتکاز القطعى على انه یلحق بالمباحات الأصلیة، لا شاهد علیها، بل عرفت أن العقلاء یحکمون ببقاء علاقة المالک، نعم اذا تصرف الغیر فیه، تنقطع علاقة المالک نهائیاً، کما هو المستفاد من صحیحة عبدالله بن سنان عن ابی عبدالله(علیه السلام)، قال: من اصاب مالا أو بعیراً فى فلاة من الأرض قد کلّت وقامت وسیّبها صاحبها مما لم یتبعه، فأخذها غیره، فاقام علیها وانفق نفقته حتى أحیاها من الکلال ومن الموت، فهى له، ولا سبیل له علیها، وانما هى مثل الشىء المباح.(11)
ثم إن مقتضى الجمع بین صحیحتى سلیمان وحلبى وصحیحتى الکابلى وابن وهب هو ان ما کان له مالک فعلىّ ولم یعرض عنه، باق على ملکه، فلو أحیاها احد لا بد من ان یؤدى الى المالک حقه، والسیرة القطعیة ایضاً جاریة على ذلک کما هو المستفاد من صحیحتى سلیمان والحلبى.(12)
وأمّا صحیحتا الکابلى وابن وهب، فظاهر هما الإعراض روى ابو خالد الکابلى عن ابی جعفر(علیهما السلام) قال: وجدنا فى کتاب على(علیه السلام)، إن الأرض لله، یورثها من یشاء من عباده والعاقبة للمتقین أنا وأهل بیتى الذّین أورثنا الأرض ونحن المتقون والارض کلها لنا، فمن أحیى ارضاً من المسلمین فلیعمرها ولیؤدّخراجها الى الامام من اهل بیتى وله ما اکل منها، فان ترکها وأخربها، فاخذها رجل من المسلمین من بعده فعمّرها وأحیاها، فهو احق بها من الذى ترکها، فلیؤدّ خراجها الى الامام من اهل بیتى وله ما أکل منها حتى یظهر القائم من اهل بیتى بالسیف، فیحویها ویمنعها ویخرجهم منها، کما حواها رسول(صلى الله علیه وآله وسلم)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة452] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومنعها، الا ما کان فى ایدى شیعتنا، فانه یقاطعهم على ما فى أیدیهم ویترک الأرض فى ایدیهم(13)
فان کلمة أخربها ظاهرة فى الاعراض، فالجمع بین الطائفتین هو ما عرفت من حمل الأولیین على عدم الاعراض وحمل الاخریین على الاعراض.
وهل الإعراض، مختص بالمالک الشخصى، أو یعمّ ما اذا کان المالک هى الجهة کالاراضى الموقوفة على الزّوار أو العلماء مثلا، او یعمّ حتى اذا کان المالک هو عموم المسلمین کالاراضى المفتوحة عنوة اذا عرضها الخراب فاذا کانت داخلة فى الانفال، یملکها من احیاها، وان کانت باقیة فى ملک المسلمین، لا یملکهاالمحیى:
نسب الى المحقق وصاحب الجواهر الثانى، ویشکل اتمامه بدلیل، فانّ صحیحة الحلبى ولو سلم اطلاقها لما بعد الحیاة، الا أن مادل بعمومه على أن کل أرض خربة، للامام(ع) یقدم علیها، والیک نصّهما: قال الحلبى: (سئل ابو عبدالله(علیه السلام) عن السواد ما منزلته؟ فقال: هو لجمیع المسلمین لمن هو الیوم ولمن یدخل فى الاسلام بعد الیوم ولمن لم یخلق بعد الحدیث).(14)
وفى صحیحة حفص ابن البخترى (الى ان قال أبوعبدالله(علیه السلام)): وکل أرض خربة وبطون الأودیة، فهو لرسول الله، وهو للامام بعده یضعه حیث یشاء(15)
ومحل التعارض الأرض الخربة المسبوقة بالسواد والحیاة، فاطلاق صحیحة الحلبى تدل على انها لعامة المسلمین وعموم صحیحة حفص تدلّ على أنها من الأنفال، وبما ان العموم الوضعى، یقدّم على الاطلاق، فیحکم بان الارض الخربة، داخلة فى الأنفال، فیملکها المحیى، وهذا هو الاظهر وان کان على خلاف ما هو المشهور من ان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة453] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المفتوحة عنوة ملک للمسلمین وان عرض علیهاالموت والخراب.
ثم ان السید الحکیم(قدس سره) قال: (ان موات المفتوح عنوة ملک للمسلمین ولیس من الأنفال لأنها لها مالک معلوم، قد ملکه بالفتح لا بالاحیاء، کما نصّ على ذلک فى الشرایع وغیرها على نحو یظهر کونه من المسلّمات. وفى الجواهر ادعى القطع بذلک، واطلاق ما دل على ان الموات للامام(علیه السلام)، مقید بغیر ذلک للصّحیحین المتقدمین، ومراده منهما صحیحا سلیمان والحلبى.
وفیه أولا ما عرفت من أن صحیحة حفص، تدل بعمومها على ان کل ارض خربة وبطون الأودیة، لرسول الله(صلى الله علیه وآله وسلم)، وهو یتقدم على مادل على ان المفتوحة عنوة ملک للمسلمین کصحیحة الحلبى المتقدمة،
وأمّا صحیحة سلیمان بن خالد الدالة على أن المحیاة ان عرض علیهاالخراب، تبقى فى ملک مالکها، فهى، منصرفة عن مثل مالک الأرض المفتوحة عنوة، فانها لعموم المسلمین.
وثانیاً لو تنزلنا عن ذلک، فنقول: ان المفتوحة عنوة ان عرض علیها الخراب یتحقق الاعراض عنها عادة، لان المالک هو العموم، لا الفرد، وعموم المسلمین، لا یعزمون إحیائها، لان کل فرد یقول: لا تخصّنى حتى اکون بصدد احیائها، فتبقى على ما علیه من الخراب والموات.
وتظهر الثمرة بین القولین فیما اذا کانت الارض او الدار، تحت ید احد وادعى الملکیة، فیحکم بانها له لاحتمال ان الارض الخراجیة، خربت ودخلت فى الانفال، فاحیاها ذوالید، او من کانت بیده قبله، فیصح شرائها ان کانت ارضاً وشرائها مع مالها من الأرض ان کانت، داراً.
وهذا بخلاف قول المشهور من بقائها على ما کانت علیه، ولو بعد الخراب، فلا تصلح الید ان تکون أمارة مالکیة لأن الأراضى الخراجیة ملک للمسلمین إلى یوم القیامة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة454] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ثم إن الأنفال، کما تشمل الأرض الموات والخربة، کذلک تشمل ما لارب لها وان کانت محیاة کاراضى المازندران وامثالها من بعض الجزائر، فان العبرة هى بما لا رب لها من الاراضى، کما فى موثقة اسحاق بن عمار قال: سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن الأنفال؟ فقال: هى القرى الّتى قد خربت وانجلى أهلها فهى لله وللرسول، وما کان للملوک فهو للامام وما کان من الأرض بخربة (من ارض الجزیة تفسیر قمى) لم یوجف علیه بخیل ولارکاب، وکل أرض لا رب لها والمعادن، منها، ومن مات ولیس له مولى، فما له من الانفال.(16)
نعم فى مرسلة حماد: کل ارض میتة لا رب لها(17) ولکن القید ینزّل على الغالب، حیث ان الغالب فیما لا رب لها من الأراضى، هى المیتة، على أنها مرسلة لا حجّیة فیها، مضافاً الى أن صحیحة ابی خالد الکابلى، تدل على أن الأرض کلّها للامام(علیه السلام).
ومن الأنفال کل ارض موات وبطون الأودیة ورؤوس الجبال والآجام وسیف البحار ولا شبهة فى أن هذه الأمور من الأنفال، فإنّ رؤوس الجبال والآجام وبطون الأودیة قد وردت فى مرسلة حماد وافتى بها المشهور ولو نوقش فى المرسلة للارسال، فیکفى موثقة اسحاق بن عمار حیث قال فیها: وکل ارض لارب لها کما عرفت فهى تشمل الموات حتى سیف البحار فانه أرض لا رب لها.
وأمّا بطون الأودیة، فقد وقعت فى صحیحتى حفص ومحمدبن مسلم، والبحث وقع فیها هل هى منها وان کانت محیاة أو ان کانت مواتاً، تعدّ منها، فیکون ذکرها بعد ارض خربة من ذکر الخاص بعد العام کقوله تعالى: فیهما فاکهة ونخل ورمان، فان النخل والرمّان داخلان فى الفاکهة ومع ذلک ذکر ابعدها؟ والظاهر هو الثانى، فان مناسبة الحکم والموضوع، تقتضى ذلک حیث أنه یبعد أن تکون بطون الأودیة لها خصوصیة، لم تدخل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة455] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فى ملک المسلمین وان کانت محیاة حال الفتح، والاّلزم أن نقول فى رؤوس الجبال: مثل ذلک، وهذا بعید غایته.
فقد تحصل ان بطون الاودیة ان کانت محیاة حال الفتح، داخلة فى ملک المسلمین والاراضى الخراجیة ولیست من الأنفال.
ومنها المعادن واختلفوا فیها على أقوال ثلاثة: احدها أنها تابعة للأرض فان کانت فى الأرض المملوکة فلما لکها وان کانت فى الارض المفتوحة عنوة، فهى ملک للمسلمین وان کانت فى الأنفال، فمحکومة بحکمها، نسب هذا القول الى محمدبن ادریس والفاضل والشهید واختاره فى العروة ومن عاصرناهم من معلّقیها قدس الله اسرارهم.
ثانیها أنها من المباحات الأصلیة والناس فیها شرع سواء، ذهب الیه المحقق وجماعة اخرى. ثالثها أنها من الانفال مطلقاً، کما عن المفید والطوسى وسلاّر والکلینى والقمى فى التفسیر والقاضى والسبزوارى وکاشف الغطأ،قدس الله اسرارهم. وهذا هو الأقوى، وتدل علیه عدة من الرّوایات:
منها موثقة اسحاق بن عمار (قال: سألت أبا عبدالله(علیه السلام) عن الأنفال؟ فقال: هى القرى الّتى قد خربت وانجلى اهلها، فهى لله وللرسول، وما کان للملوک، فهو للإمام وما کان من أرض الجزیة، لم یوجف علیها بخیل ولارکاب، وکلّ أرض، لارب لها والمعادن، منها ومن مات ولیس له مولى، فما له من الانفال.(18)
ومنها مارواه محمدبن مسعود العیاشى عن ابی بصیر عن ابی جعفر(علیهما السلام) قال: لنا

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة456] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الأنفال، قلت: وما الأنفال؟ قال: منها المعادن والآجام(19)
ومنها ما رواه داود بن فرقد عن أبی عبدالله(علیه السلام) (فى حدیث) قلت: وما الانفال؟ قال: بطون الأودیة ورؤوس الجبال والآجام والمعادن.(19)
ومنها ما رواه فى المستدرک عن کتاب عاصم بن حمید الحناط عن ابی بصیر عن ابی جعفر(علیهما السلام) الى ان قال: ولنا الانفال قال: قلت له: وما الانفال؟ قال: المعادن منها والآجام(20)
والعمدة هى موثقة اسحاق والبقیة مراسیل.
ونوقش فیها، باحتمال عود الضمیر فى (منها) الى الارض التى لارب لها، فیکون المراد، ان المعادن من الارض التى لارب لها من الانفال، لا کل المعادن حتى ما کان فى الأرض الّتى لها ربّ بالخصوص او بالعموم کما اذا کانت فى المفتوحة عنوة، فانها لجمیع المسلمین، ولا سیما ان کلمة منها فى بعض النسخ، بدّلت بفیها فعلیه یعود الضمیر الى الارض التى لارب لها، والمعادن فى هذه الارض تکون من الانفال لا جمیع المعادن.
الجواب عن ذلک، أن عود الضمیر الى الانفال، متعیّن، لأنه إن عاد الى الأرض التى لارب لها، بقى المبتداء بلاخبر، فان قوله: (ما کان من ارض الجزیة لم یوجف علیها بخیل ولارکاب وکل ارض لا رب لها والمعادن) بعد العطف یجعل مبتدأً و(منها) بعد التعلق بفعل مقدر یجعل خبراً للمبتداء فلو عاد الضمیر الى الارض لا یوجد للمبتدأ خبر، فیبطل المعنى.
وقد ظهر من هذا البیان ان نسخة فیها غلط، لانه على هذا یرجع ضمیر فیها إلى الأرض، فلا یوجد الخبر للمبتداء فیبطل المعنى،
فقد تحصّل أن الاستدلال بالموثقة على کون المعادن من الانفال، تام، والمراسیل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة457] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مؤیدة لها.
ویؤکّد ذلک أن الثروات الکثیرة الطبیعیة کمعادن النفط والغاز والحدید والذهب والفضة وامثالها، لا بدان تکون من الانفال وبالتالى لحکومة المسلمین فان کل ما کان من الانفال، یکون لمنصب الامامة فیصرفها الامام فى مصالح المسلمین وادارة شئونهم ولولا ذلک، لزم ان تکون دولة بین الاغنیاء، وهى امر معرض عنه عند الشارع.
واستدلوا للقول الثانى بوجوه: الاوّل الاصل العملى فان مقتضاه عدم دخول المعدن فى ملک احد فان ذلک یحتاج الى الدلیل وهو منفى فان الروایات الثلاث ضعیفة السند والموثقة وان کانت معتبرة من حیث السند الاّ انّها غیر تامة من حیث الدّلالة.
وفیه انه قد عرفت تمامیتها، فتکون المعادن من الانفال وملکاً للامام(علیه السلام) ولا مجال للأصل مع وجود الدلیل.
والرّوایات الثلاثة الأخرى وان کانت ضعیفة السند الا انها تؤید ما ذکرنا حیث أنها صریحة فى ان المعادن من الانفال، ولا فرق فى ذلک بین ان یکون المعادن فى الارض الموات او فى المحیاة والاملاک الشخصیة فان مالک الارض لیس مالکا للمعدن لانه موجود مستقل والارض ظرف له لا انه تابع لها کالثمرة بالنسبة الى الشجرة، ویشهد لذلک ذکر المعادن فى قبال الارض فى الرّوایات، فلو کانت تابعة لها لم یکن وجه لذکرها فى قبالها.
الثانى السیرة المستمرة من صدر الاسلام الى یومنا هذا قائمة على استخراجها وحیازتها بلا اذن من ولى الأمر، وهذا یکشف بوضوح عن انها لیست من الانفال والا کان اللاّزم الاستیذان من ولى لامر،
وفیه اولا بالنقض فى احیاء الموات من الأرض، فان السیرة قائمة على احیائها بلااستیذان من ولى الامر مع انها من الأنفال جزماً، فما تقول فیها نقول فى المعادن.
وثانیاً بالحل، فان نصوص التحلیل کما تشمل الاراضى، تشمل المعادن، فانها محللّة للشیعة مطلقا، بل المستفاد من بعض الرّوایات ان الاحیاء موجب للملکیة مطلقا

11- الوسائل ج 17، ب 13 من ابواب اللقطة، حدیث 2، ص 364.
12- الوسائل ج 17، ب 3 من ابواب احیاء الموات، حدیث 3، ص 329.
13- الوسائل ج 17، ب 3 من ابواب احیاء الموات، حدیث 2، ص 329.
14- الوسائل ج 17، ب 18 من ابواب احیاء الموات، حدیث 1، ص 346.
15- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 1، ص 364.
16- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 20، ص 371.
17- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 4، ص 365.
18- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 20 ص 371 والموثقة فى تفسیر القمى ج 1، ص 254 وهناک الجزیة مکان
خربة.
19- (2) الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 28 و 32 ص 372.
20- المستدرک ج 7، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 1، ص 295.

ص (458 - 464)

ص (458 - 464)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة458] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

کقوله(ع): من أحیى أرضاً مواتاً فهى له.
وامّا المعادن فاحیائها هو استخراجها وحیازتها لا مجرد الوصول الیها کما تقدم.
الثالث النصوص الدالة على وجوب الخمس فى المعادن فانها ظاهرة فى أن أربعة الأخماس، ملک للمستخرج، فیستفاد منها انها لیست من الانفال.
وفیه ان الجمع بین هذه النصوص ومادل على انّ المعادن من الأنفال هو ان المالک وهو الامام(علیه السلام)، قد اقتنع بخمسها وجعل أربعة اخماسها للمستخرج نتیجة لزحمته، فهى لا تنافى کونها من الأنفال وکذالامر فى احیاء الارض الموات. حیث ان تخمیسها واجب، مع أنها من الأنفال جزماً.
ویؤکّد ما ذکرناه عدة من النصوص: منها صحیحة ابی خالد الکابلى(21)
ومنها صحیحة مسمع بن عبدالملک(22) عن ابی عبدالله(ع) حیث قال فیها الارض کلها لنا، فما اخرج الله منها من شئ فهو لنا.
ومنها مارواه یونس بن ظبیان أو المعلى بن خنیس عن ابی عبدالله(علیه السلام)(22)
ومنها صحیحة حفص بن البخترى عن ابی عبدالله (علیه السلام)(23)
واما القول الثالث وهو التفصیل بین ماکان المعادن فى ارض الانفال وما کان فى الأرض المفتوحة عنوة وما کان فى الأرض المملوکة الشخصیة.
فقد استدل علیه بما ملخّصه، أن موثقة اسحاق بن عمار بما انها مجملة فیؤخذ منها القدر المتیقن وهو المعادن الموجودة فى ارض الانفال، فانها تعدّ من الانفال وهى الارض التى لا رب لها.
واما لمعادن الموجودة فى الارض المفتوحة عنوة والموجودة فى الاراضى

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة459] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الشخصیة، فلا تشملها ومقتضى الاصل العملى عدم کونها، ملکاً للامام.
وامّا کونها ملکا لجیمع المسلمین فقد استدل علیه بان مصدر علاقة المسلمین بالارض الّتى کانت بایدى الکفار وتحت سیطرتهم، انما هو استیلاء جیوش المسلمین علیها بعنوة وهراقة دم واخذها منهم بالسیف، ومن الطبیعى أن اثر الاستیلاء یمتد الى المصادر والثروات الطبیعیة کالمناجم ونحوها الموجودة فى الارض سواء کانت متوغلة فى اعماقها ام کانت على وجهها باعتبار ان الاستیلاء خارجاً على بقعة من الأرض لدى العرف والعقلاء، استیلاء على جمیع ما فى هذه البقعة من الثروات الطبیعیة على أساس أن الاستیلاء على الظرف، استیلاء على المظروف طبعاً، وبذلک یختلف مفهوم الاستیلاء والاخذ بالسیف عن مفهوم الاحیاء وعلى اثر هذالاختلاف یختلف النتیجة.
فان ملکیة الارض ان کانت نتیجة الاستیلاء علیها والاخذ بالسیف فامتدّت الى المعادن الموجودة فیها على الأساس المذکور.
ولنأخذ فى المناقشة على هذالتفصیل، فنقول: اولا قد عرفت، أن موثقة اسحاق بن عمار، ظاهرة فى أن المعادن من الانفال، فاذن لا فرق بین ما کان منها فى الارض المفتوحة عنوة، والأرض المملوکة الشخصیة، والارض التى لا رب لها.
وثانیاً لو اغمضنا عن ذلک فنقول: إن الاراضى الموات التى کانت المعادن فیها هل کانت من الانفال قبل استیلاء المسلمین علیها ام لا؟ لا اشکال فى أنها کانت مما لا رب لها وکانت من الأنفال، وبالتالى ملکا للامام(علیه السلام)، فکیف یکون استیلاء المسلمین موجباً لتملکهم، فکما أن الموات التى کانت تحت سیطرة المسلمین کانت من الانفال وملکاً للامام(علیه السلام)مع ما فیها من المعادن، فکذلک ما کانت تحت سیطرة الکفّار مع فیها من المعادن.
وکذلک الأرض التى کانت ملکا شخصیاً للمسلم تحت سیطرة الکفار فانها، لاتصبح ملکا للمسلمین لأجل سیطرتهم واستیلائهم على الکفار، فان السیطرة والفتح عنوة لا توجب الاتملک المسلمین لما کان ملکاً للکفار لا غیر.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة460] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ان قلت ان موثقة اسحاق دلّت على ان الخربة التى لم یؤجف علیها بخیل ولا رکاب، تکون من الأنفال، وما اخذ من الکفار عنوة قد أوجف علیه بخیل ورکاب، فلا یکون من الأنفال، فیکون من المفتوحة عنوة ملکا لجیمع المسلمین.
قلت أولا هذه الجملة فى الموثقة غیر ثابتة، فإن المذکور فى تفسیر على بن ابراهیم والمستمسک هى أرض الجزیة، وهى اذا لم یوجف علیها بخیل ولا رکاب، تکون من الانفال فان الأرض الخربة والموات مطلقا، ملک للامام(علیه السلام) لأنها من الانفال لما عرفت من ان ایجاف الخیل والرّکاب، یوجب انتقال ملک الکفار للمسلمین لا انتقال کل ما کان تحت استیلائهم کالأنفال والأرض التى کانت ملکاً شخصیاً للمسلم.
وثانیاً لمّا نزلت آیة الأنفال کانت الاراضى الخربة مما لم یوجف علیها بخیل ولا رکاب، فکانت من الانفال وملکا للامام(علیه السلام)، فایجاف الخیل والرکاب بعد ذلک، لا یوجب خروجها عن ملک الامام ودخولها فى ملک المسلمین کما هو الحال فى الارض التى کانت ملکا للمسلم.
نعم لو کانت الأرض الخربة والموات قبل نزول آیة الأنفال، ممّا اوجف علیه بخیل ورکاب کانت ملکا للمسلمین مع تأمل ولم تکن ملکاً للامام، ولکن الامر بالعکس.
وحیث ان نزول آیة الأنفال، کان فى البدر وهو اوّل فتوحات المسلمین، فطبعاً کانت الاراضى الخربة والموات کلها ملکا للامام(علیه السلام) لانها لم یوجف علیها بخیل ولا رکاب وکذالکلام فیما لا رب لها من الاراضى فانها قبل الحرب صارت ملکا له(ع).
فتحصّل ان ما کان قبل الفتح، ملکا للمسلمین أو امامهم، یبقى على ما کان ولا یدخل بالفتح فى ملک المسلمین حتى یکون من الاراضى الخراجیة.
ومنها البحار فانها ایضا من الانفال ویمکن ان یستدل على ذلک بعدة روایات، منها ماراوه فى الکافى: الدنیا کلها لله ولرسول الله ولنا وفى بعضها الدنیا والآخرة للامام(ع)، یضعها حیث یشاء ویدفعها الى من یشاء وفى بعضها أن الله أقطع آدم الدنیا،

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة461] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فما کان لآدم فلرسول الله وما کان لرسول الله فهو للائمة(علیهم السلام)(24)
ومنها صحیحة حفص بن البخترى عن ابی عبدالله (علیه السلام)(25)
ومنها صحیحة مسمع بن عبدالملک عن أبی عبدالله(علیه السلام)(26)
ومنها مارواه یونس بن ظبیان او معلى بن خنیس عن ابی عبدالله(علیه السلام)(26)
ومنها صحیحة ابی خالد الکابلى عن ابی جعفر علیهما السلام.(27)
ثم لا یخفى أن المستفاد من هذه الروایات وامثالها ان الارض للامام وهى محللة للشیعة ومحرمة على غیرهم ویکون ما فى أیدیهم من الارضین غصباً ولازمه انه یجوز للشیعة أن یأخذ من غیرهم أموالهم باىّ وجه اتفق ولو کان بالسرقة والغیلة والاجبار، وهذا خلاف سیرة المتشرعة ومرتکزاتهم، فانها قائمة على المعاملة مع المخالفین معاملة املاکهم الشخصیة، فکیف یمکن الجمع بین هذه السیرة والروایات المتقدمة.
وتؤیّد السیرة النصوص الدالة على ان من احیى ارضاً مواتاً فهى له وفى صحیحة محمد بن مسلم أیّما قوم احیوا شیئاً من الارض وعملوه، فهم احق بها وهى لهم(28) وبهذالمضمون روایات اخرى.
ومقتضى اطلاقها ان الکافر ایضا یملک بالاحیاء فضلا عن اهل السنة ولکن قد یقال إن صحیحة الکابلى تقیّدها بالمسلم، وهو یشمل المخالف ایضاً، هکذا قیل وصحیحة عمر بن یزید مختصة باالمؤمنین(29)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة462] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ویمکن ان یقال ان صحیحة الکابلى متعرضة لاحیاء المسلمین ولعلهم کانوا مورداً للابتلاء ولا ظهور فیها على عدم جواز الاحیاء من غیر المسلم فان اثبات الشئ لا ینفى ماعداه، وصحیحة ابی بصیر صریحة فى جواز احیاء الذمى(30)
وکذا صحیحة اخرى عن محمد بن مسلم(31) وامّا صحاحه الاخرى فتدل على ذلک باالاطلاق وصحیحة الفضلا(31) وصحیحة زراره ایضاً مطلقة(31) راجع المسألة التاسعة من کتاب الخمس.
وبالجلمة لایستفاد من هذه النصوص اختصاص الشیعة بالاحیاء وعدم جواز احیاء غیرهم وامّا صحیحة الکابلى ومسمع فبقرینیة السیرة المستمرة بین المتشرعة وهذه النصوص، لابد ان تحملا على مرحلة الانشأ لا الفعلیة، فان حرمة تصرف غیر الشیعة فى الاراضى و ما خرج منها لو کانت فعلیة لما جرت السیرة العملیة والارتکاز على عدم جواز اخذ مالهم بالسرقة والغیلة والاجبار، ولما دلت الرّوایات على ان بکلمة لا اله الا الله، محمد رسول الله حقنت الدماء والاموال، ولعلّ شرط فعلیتها، هو ظهور الدولة الحقة.
وکیفما کان لا اشکال فى أن النّصوص الدّالة على أن الاحیاء سبب للمک او الحق تدل بوضوح على الإذن العام حتى لغیر المسلم، یدل على ذلک صحیحة محمد بن مسلم، قال: سألته عن الشراء من ارض الیهود والنصارى قال: لیس به بأس الى ان قال: وایمّا قوم، احیوا شیئاً من الأرض او عملوه، فهم احق بها وهى لهم(32)
ثم لا یخفى ان بعض المعاصرین أصرّ على انه تقع المعارضة بین مادل على أن ما لا رب لها من الأرضین ومادلّ على أن الخربة للامام(ع) من طرف ومادل على ان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة463] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المفتوحة عنوة وما اخذ بالسیف لجمیع المسلمین من طرف آخر ویتقدم الثانى على الاول والیک نصّ عبارته: (والصحیح فى المقام ان یقال: ان نصوص مالکیة الامام(ع) لا تصلح ان تقع طرفا للمعارضة مع نصوص مالکیة المسلمین.
بیان ذلک ان نصوص مالکیة الامام(ع) تصنف الى مجموعات ثلاث الاولى جائت بهذا النص (کل ارض لا رب لها فهى للامام(ع)) الثانیة جائت بنص آخر (کل ارض خربة للامام)(ع)
الثالثة جائت بنصّ ثالث: (وما کان من الارض بخربة لم یوجف علیه بخیل ولا رکاب) وبما ان المجموعة الثالثة ظاهرة لدى العرف فى ان ملکیة الامام(ع) للارض الخربة لم یثبت لطبیعى الارض على نحو الاطلاق وانما ثبتت لحصة خاصة منها وهى الارض التى لم یوجف علیها بخیل ولا رکاب - فبطبیعة الحال توجب تقیید اطلاق المجموعة الثانیّة فتصبح النتیجة ان الارض الخربة انما تکون للامام اذا لم تکن مأخوذة من الکفار بهراقة الدماء، والا فهى فئ للمسلمین، واما المجموعة الأولى، فهى لا یمکن أن تعارض نصوص مالکیة المسلمین للارض المیتة، اذا فتحت عنوة، لان تلک النصوص
بحد نفسها، حاکمة علیها باعتبار أنها تخرج الأرض عن کونها مما لا ربّ لها وتجعل المسلمین رباًلها، فلا یمکن ان تقع تلک المجموعة طرفاً للمعارضة لهذه النصوص، وعلیه فلا معارض لها اصلا.
وفیه أولا أنه لا یخلو عن المصادرة، فان الأرض التى لا ربّ لها، صارت قبل الحرب ملکاً للإمام(علیه السلام)، فکما ان أرض المسلم الذّى کان بین الکفار، خارجة عن تحت ما أخذ بالسّیف، فکذلک أرض إمام المسلمین خارجة عنه، فتظل فى ملکه(علیه السلام) فاالنتیجة أن ما أخذ بالسیف وکان ملکاً للکفار أصبح ملکاً للمسلمین.
وثانیاً أن المجموعة الثالثة هکذا: (وما کان من أرض الجزیة، لم یوجف علیه بخیل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة464] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ولا رکاب)(33) على ما فى تفسیر على بن ابراهیم، والظاهر ان نسخة الوسائل: (بخربة) اشتباه لأن الخربة اذا کانت مأخوذة بالسّیف، لا تکون داخلة فى الأراضى الخراجیة لعدم صحّة جعل الخراج علیها، فلا تکون ملکاً للمسلمین، بخلاف أرض الجزیة فانها ان کانت مأخوذة بالسیف تکون ملکا للمسلمین ومن الأراضى الخراجیة وإن کانت مأخوذة بلا ایجاف خیل ورکاب، تکون من الأنفال وملکا للامام(علیه السلام).
وثالثاً أنه لو تنزلنا عن ذلک وشککنا فى ان الصحیح هو نسخة الوسائل او نسخة التفسیر، فعلى الأول تکون الخربة المأخوذة بالسیف ملکا للمسلمین، وعلى الثانى تکون الخربة مطلقاً ملکا للامام وداخلة فى الانفال، وحیث ان نسخة الوسائل لم تثبت انها صادرة عن الامام(علیه السلام)، فاطلاق المجموعة الثانیة: (کل ارض خربة للامام) محکّم لعدم ثبوت التقیید. وقال سیدنا الاستاذ: ان الاراضى المیتة التى یستولى علیها المسلمون، تعدمن الانفال، حتى اذا کان ذلک مع القتال(34)
فعلیه لواحیى ها أحد، صار مالکاً لها لنصوص الإحیاء.
وأما المیاه، فالمشهور بین الأصحاب، أنها کلها من المشترکات العامة و أن الناس فیها شرع سواء وذلک لوجوه: الاول الاجماع قال فى الجواهر: الاجماع بقسمیه علیه.
وفیه أن الاجماع المحصّل، غیر حاصل، والمنقول لیس بحجة، على انّه محتمل المدرک لإحتمال أن المدرک هو بعض الوجوه الآتیة.
الثانى بعض الرّوایات، فعن محمّد بن سنان عن أبی الحسن(علیه السلام): قال: سألته عن ماء الوادى ؟ فقال : إن المسلمین، شرکاء فى الماء والنّار والکلأ(35) وفى روایة نبویة: الناس شرکاء فى الثلاثة النار والماء والکلاء.
وفیه ان الروایة الأولى ضعیفة لأجل محمد بن سنان، والثانیة مرسلة، لم یثبت من

21- الوسائل ج 17، ب 3 من إحیاء الموات، حدیث 2، ص 329.
22- (3) الوسائل ج 6، ب 4 من الانفال، حدیث 12، ص 382 و17 ص 384.
23- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 18، ص 370.
24- اصول الکافى ج 1، ص 409، ب ان الارض کلها للامام، حدیث 7.
25- الوسائل ج 6، ب 1، من ابواب الانفال، حدیث 18، ص 370.
26- (4) الوسائل ج 6، ب 4 من ابواب الانفال، حدیث 12 و 17، ص 382 و 384.
27- الوسائل ج 17، ب 3 من ابواب احیاء الموات، حدیث 2، ص 329.
28- الوسائل ج 17، ب 1 من ابواب احیاء الموات، حدیث 1، ص 326.
29- الوسائل: ج 6، ب 4 من ابواب الانفال، حدیث 13، ص 383.
30- الوسائل ج 17، ب 4 من ابواب احیاء الموات حدیث 1، ص 330.
31- (3)(4) الوسائل ج 17، ب 1 من ابواب احیاء الموات، حدیث 3، 4، 5، 6، ص 326 و 327.
32- الوسائل ج 17، ب 1 من ابواب احیاء الموات، حدیث 1، ص 326.
33- تفسیر القمى ج 1، ص 254.
34- المستند کتاب الخمس، ص 356.
35- الوسائل ج 17، ب 5 من ابواب احیاء الموات، حدیث 1، ص 331.

ص (465 - 471)

ص (465 - 471)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة465] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

طریقنا، على أنّ الأولى أخص من المدّعى، حیث انها مختصة بالمسلمین والمدّعى هو الاشتراک بین جمیع النّاس.
الثالث أصالة عدم ملکیة احد على المیاه، فان دخولها فى الملکیة یحتاج الى دلیل ولا دلیل على ذلک، فتبقى من المباحات الاوّلیة، والناس فیها شرع سواء.
وفیه ما تقدم من الروایات الکثیرة الدالة على ان المیاه والارض للامام(علیه السلام).
منها مارواه فى الکافى من أن الدّنیا کلّها للإمام(علیه السلام)(36)
ومنها صحیحة حفص بن البخترى عن ابی عبدالله(علیه السلام)، قال: ان جبرئیل، کرى برجله خمسة أنهار لسان الماء یتبعه الفرات، ودجلة ونیل مصر، ومهران ونهر بلخ، فماسقت اوسقى منها، فللامام، والبحر المطیف بالدنیا وهوا فسیکون(37)
ومنها صحیحة مسمع بن عبدالملک (فى حدیث) قال: قلت لابی عبدالله(علیه السلام): إنى کنت ولّیت الغوص، فاصبت أربعمأة ألف درهم وقد جئت بخمسها ثمانین الف درهم وکرهت ان احبسها عنک واعرض لها وهى حقک الذى، جعل الله تعالى لک فى أموالنا، فقال : ومالنا من الأرض وما أخرج الله منها الاّ الخمس، یا اباسیّار الارض کلها لنا، فما اخرج الله منها من شئ فهو لنا، قال: قلت له: أنا أحمل إلیک المال کلّه، فقال لى: یا أباسیّار، قد طیّبناه لک و حللّناک منه، فضّم الیک مالک، وکل ما کان فى أیدى شیعتنا من الارض، فهم فیه محللّون ومحلّل لهم ذلک (الحدیث)(38)
ومنها مارواه یونس بن ظبیان او المعلى بن خنیس، قال: قلت: لابی عبدالله(علیه السلام): مالکم من هذه الأرض ؟ فتبسّم ثم قال: ان الله بعث جبرئیل وأمره ان یخرق بإبهامه ثمانیة أنهار فى الأرض: منها سیحان وجیهان وهو نهر بلخ والخشوع وهو نهر الشاش ومهران

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة466] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهو نهر الهند ونیل مصر ودجلة والفرات، فما سقت او استقت، فهو لنا و ما کان لنا فهو لشیعتنا ولیس لعدوّنا منه شئ الا ما غصب علیه، وان ولیّنا لفى أوسع فیما بین ذه الى ذه یعنى ما بین السماء والارض(39)
ومنها صحیحة ابی خالد الکابلى المتقدمة.(40)
ولا اشکال فى ان المستفاد من هذه النصوص ان الأرض کلها وما فیها للامام(ع) وله أن یعطیها أیّاً من شاء، فمنه یظهران التفصیل الذى ذهب الیه بعض المعاصرین من أن الماء فى ارض الامام للامام وفى الارض المفتوحة عنوة للمسلمین وفى الارض الشخصیة، داخلة فى المشترکات بین الناس، مما لا یمکن المساعدة علیه، فان المستفاد من النصوص المشار الیها، ان الأرض مع ما فیها کلها للامام(ع) وقد حلّل التصرف فیها للشیعة مع بعض القیود، واما غیرهم، فالحرمة لهم باقیة فى مرحلة الانشاء لاجل المصالح الى ظهور الدولة الحقة.
إن قلت: لو کان الأمر کذلک، فلا معنى لتقسیم الأراضى والمیاه بین الانفال وغیر الانفال، فلو کان کلها للامام، فما معنى لهذا التفصیل؟
قلت: التفصیل انما هو من قبیل اعطاء المولى بعض أملاکه لعبده، فیقال: إن ذلک المال مال المولى وذلک مال العبد مع ان العبد وما فى یده لمولاه وفى بعض الروایات جاء ان الناس عبیدنا.
فقد ظهر انه کما لا وجه للتفصیل بین المیاه کذلک لا وجه لکونها من المشترکاة فان مقتضى النصوص المتقدمة انها للامام(علیه السلام) ولکن قبل ظهور الدّولة الحقة یجوز التصرف فیها للعموم، لقیام السیرة القطعیة على ذلک.
ثم لا یخفى انه لا فرق فیما ذکرنا بین ان یکون ملکیة الاشخاص للاراضى والمیاه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة467] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قبل تاریخ تشریع الانفال وبعده فان لسانها على نحو آب عن التخصیص والاراضى والمیاه والمعادن کلها للامام، خلافاً لبعض المعاصرین فى کتابه فانه خصّ ملکیة الامام بالاراضى التى کانت لا مالک لها بعد نزول آیة الانفال، حیث قال:
(ان المیاه مطلقا اى سواء کانت مکشوفة ام کانت مکنوزة فى أعماق الارض اذا کانت فى الأرض الّتى هى داخلة فى ملکیة الامام(ع) فهى تخضع الأرض فى مبدأ الملکیة)
(وقال دامت برکاته فى ص 131 من کتابه): (واما اذا کان ـ احیاء الکافر ـ متقدماً زمنیاً على ذلک فلا اشکال فى انه یوجب علاقته بالارض على مستوى الملک لما تقدم فى ضمن الا بحاث السابقة من أنّ عملیة الاحیاء من احد اسباب الملک بنظر العقلاء فاذا کانت الارض مواتاً ولم یکن لها مالک بالفعل فهذه العملیة توجب صلة المحیى بها على مستوى الملک بلا فرق بین کون المحیى مسلما او کافراً) وقال فى ص 359: واما المعادن الباطنة الموجودة فى ارض مملوکة لفرد معیّن فلا دلیل على کونها من الانفال.
وانت خبیر بان صحیحة مسمع وصحیحة الکابلى وغیرهما دلّت على ان الارض کلها للامام(علیه السلام) ومقتضى الحصر فى اشراج غیر الشیعة منها حینما ظهرت دولة الحق اخراج غیرهم منها وان کانوا ملکوا بالاحیاء قبل نزول آیة الانفال.
ویجرى هذا الکلام فى الاراضى المفتوحة عنوة اذا کانت ملکا للامام(علیه السلام) فکما انها لا تدخل فى ملک المسلمین ولا تشملها الاغتنام فکذالک المیاه والمعادن الموجودة فیها فلا فرق فیها قبل استیلاء المسلمین وبعده علیها.
والذى یؤید ذلک أن الاغتنام لا یخلو عن الاشعار بأن المغتنم منهم مطلقاً حقیر وذلیل وشرافة الاسلام وجیوشه اوجب انقطاع ملکیتهم عن اموالهم وسلبها وجواز استرقاقهم وهذا کیف ینطبق على ملک الإمام(ع) مع انه لا ینطبق على ملک المسلم اذا کان تحت سیطرتهم.
فالحاصل ان ملک الامام مع ما فیه من المعادن والمیاه اذا کان تحت سیطرة الکفار

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة468] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لا یکون ملکالهم فکذالک اذا انقطع سیطرتهم ودخل فى استیلاء المؤمنین لا یدخل فى ملکهم بل یبقى على ما کان علیه.
ثم لا یخفى ان المیاه والنفوط والغاز المکنوزة فى الأرض اذا وصل الیها الحافر فکل ما استخرجها یکون ملکاً له وبالنسبة الى ما لم یستخرجه یکون له حق الاختصاص و الأولویة نتیجة لبذل الجهد والعمل فلا یجوز لغیره حفر بئر یضرّه وینقص ماوصل الیه ولاجل ذلک جعل فى الشرع الاقدس حریماً للبئر والعین بخمسمأة ذراع فى الأرض الصلبة والف ذراع فى الرخوة وذلک لدفع الضرر غالبا بذلک والاّ فلو تضرر بازید من ذلک یجوز منعه ایضاً فالعبرة هى بالاضرار.
ثم ان بعض المعاصرین فصّل بین کون المیاه من الانفال وکونها من المشترکات فعلى الأول التزم بان الحافر المکتشف للماء لا یملکه بل یتحقق له الاختصاص على مستوى الحق بخلاف المیاه الموجودة فى الاملاک الشخصیة فبما انها من المشترکات والمباحات فالعلاقة الحاصلة للحافر المکتشف تکون على مستوى الملک.
وفیه انه قد تقدم انه لا ملازمة بین الامرین فیمکن ان نقول بالانفال وملکیة الامام(علیه السلام)ومع ذلک یحصل للحافر والمکتشف الملک نظیر ملکیة العبد لما وهبه مولاه فان العین الموهوبة ملک للعبد ومع ذلک ملک لمولاه فان العبد وما فى یده لمولاه ویستفاد ذلک بوضوح من معتبر سکونى(41)
وفصّل ثانیاً بین المیاه والمعادن فان الحافر الکاشف للمیاه المکنوزة یمتدّ حقه الى عروقها تحت الارض بحیث لا یجوز للاخر حفر البئر او العین والقناة بقربه فانه یضرّ بالحافر الأول بنقص مائه او قطعه بخلاف المعدن فان الحافر المکتشف له لا یمتد حقه بامتداد عروقه فلآخر ان یحفر من طرف آخر لاکتشافه واخراجه.
وفیه انه لا یتمّ فى المعادن المایعة کالنفط والمتحرکة کالغاز فلو حفر بئراً للنفط

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة469] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قرب بئر الحافر الاول یضعف فورانه وجریانه وهو ضرر علیه وکذا الکلام فى الغاز.
نعم یتمّ ما ذکره فى المعادن الجامدة کالحدید والذهب والفضة والرصاص والصفر وامثالها.
ینبغى التنبیه على امر وهو انه هل یعتبر فى المحیی ان یکون مسلماً ام لا فیه قولان:
نسب الى المشهور اعتباره بل ادعى علیه الاجماع قال العلامة فى التذکرة: اذا اذن الامام(ع) لشخص فى احیاء الارض ملکها المحیی اذا کان مسلماً ولا یملکهاالکافر بالاحیاء ولا یأذن له فى الاحیاء فان اذن له الامام(ع) فاحیاها، لم یملک عند علمائنا.
وعن المحقق فى جامع المقاصد انه قال: یشترط کون المحیی مسلماً، فلو احیاهاالکافر، لم یملک عند علمائنا وان کان الاحیاء باذن الامام.
وفیه ان الامام مالک للارض کما هو المختار، او له ولایة علیها وان کان ملکه منحصراً فى الانفال الواردة فى النصوص وعلى التقدیرین لا مانع من تملکه فان الملکیة لیست امرا عبادیاً حتى لا یتمشى منه قصد القربة بل هى امر عقلائى لا یختص بالمسلمین فاذا اذن له ولى الامر فهو امضاء لما هو عندالعقلاء من السیرة الجاریة على ذلک.
وکیفما کان فقد استدل على اعتبار الاسلام فى المحیی بوجهین:
الاول بالاجماع الذى یظهر من کلام العلامة(قدس سره).
وفیه اولا ان الاجماع غیر محقّق جزما لذهاب جملة من الاساطین الى عدم اعتباره کالشیخ فى المبسوط وابن ادریس فى السرائر والشهید فى اللمعة والمحقق فى النافع على ما حکى عنهم.
وثانیاً لو تنزلنا عن ذلک وقلنا بتحقّقه فهو محتمل المدرک بل معلوم المدرک فان المدرک هى صحیحة الکابلى ومسمع وعمر بن یزید.
وثالثاً لو اغمضنا عن ذلک ایضاً فنهایته انه اجماع منقول وقد حقق فى الاصول

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة470] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عدم اعتباره.
الثانى صحیحة أبی خالد الکابلى(42) عن ابی جعفر(علیه السلام) حیث ذکر المسلمون فى موردین منها وقیل فى وجه الاستدلال بها: (ان فى هذا الصّحیحة قد قید المحیی بکونه من المسلمین وهذالتقیید على اساس وقوعه فى مقام البیان یدل على اعتبار الاسلام فى المحیی وهذه الدلالة لابأس بها نظراً الى انها تقوم على اساس دلالة القید على المفهوم وقد ذکرنا انه لا مانع من الالتزام بها بنکتة ان القید ظاهر لدى العرف فى الاحتراز فیدل على ان الحکم فیها لم یثبت للطبیعى الجامع بینه وبین غیره والالکان القید لغواً.)
وفیه ان القید یدل على الاحتراز اذا لم یکن نکتة لذکره والا فلا یدل على ذلک ویحتمل ان یکون ذکره لنکتة ان غیر المسلم حیث لا یعتقد بالاسلام فلا یعمل بدستوراته وأو امره فان غیر المسلم لا یعتقد بان الارض للامام کى یلتزم باعطاء الخراج له، ویحتمل ان یکون ذکره لغلبة وجوده حین صدور هذا الکلام کقید الربائب التى فى حجورکم فى الآیة المبارکة فان المحرّم هو مطلق الربیبة سواء کانت فى الحجور او لم تکن فیها وحیث ان الغالب فیها هو انها تربّى فى حجور زوج الام فلأجله قیدت بالحجور.
والّذى یدلّنا على أن القید لم یذکر للاحتراز عدّة روایات دلالتها اظهر فى العموم:
منها صحیحة ابی بصیر عن ابی عبدالله(علیه السلام)(43)
ومنها معتبرة السکونى عن ابی عبدالله(علیه السلام)(44)
ومنها صحیحة محمد بن مسلم(45) عن ابی عبدالله(علیه السلام).
والذى یدلنا على ذلک ایضاً ان الاصحاب حکموا فى الارض العامرة المفتوحة

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة471] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عنوة انها ملک للمسلمین فلو لم یکن احیاء الکفار موجباً للملکیة لفصّل الامام(ع) بین ما احیوها و ما ملکوها بالشراء من المسلمین مع أن التّفصیل غیر مذکور فمنه یستکشف، ان احیائهم موجب لملکیتهم.
وعن الشهید فى اللمعة (ویتملکه من احیاه مع غیبة الامام) قال الشهید الثانى: (سواء فى ذلک المسلم والکافر لعموم من احیى ارضاً میتة فهى له. ولا یقدح فى ذلک کونها للامام(ع) على تقدیر ظهوره لان ذلک لا یقصر عن حقه من غیرها کالخمس والمغنوم بغیر اذنه فانه بید الکافر والمخالف على وجه الملک حال الغیبة ولا یجوز انتزاعه منه فهنا اولى.
وعن جامع المقاصد (ولا یخفى ان اشتراط اذن الامام(ع) انما هو مع ظهوره، اما مع غیبته فلا والاّ لامتنع الاحیاء وهل یملک الکافر بالاحیأ فى حال الغیبة وجدت فى بعض الحواشى المنسوبة الى شیخنا الشهید على القواعد فى بحث الانفال من الخمس انه یملکه به ویحرم انتزاعه منه وهو محتمل ویدل علیه ان المخالف والکافر یملکان فى زمان الغیبة حقهم من الغنیمة ولا یجوز انتزاعه من ید من هو فى یده الاّ برضاه، وکذا القول فى حقهم(علیهم السلام). من الخمس عند من لا یرى اخراجه بل حق باقى الاصناف المستحقین للخمس بشبهة اعتقاد حل ذلک فالارض الموات اولى (الى ان قال): فیجرى
العمومات مثل قوله(ع): (من احیى ارضاً میتة فهى له) على ظاهرها فى حال الغیبة ویقصر التخصیص على حال ظهور الامام(علیه السلام) فیکون اقرب الى الحمل على ظاهرها وهذا متجه قوى متین.
قلت اولا یکفى فى الاذن قوله(علیه السلام): (ایمّا قوم احیوا شیئاً من الارض وعملوها فهى احق بها وهى لهم ) والسند صحیح.
وثانیاً ان الانفال انما تکون ملکا لمنصب الامامة فیمکن لنوّابه الاذن فى احیاء الکفار لها، اذا رأوالصلاح فى ذلک.

36- اصول الکافى ج 1، ب ان الارض کلها للامام، حدیث 7، ص 409.
37- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 18، ص 370.
38- الوسائل ج 6، ب 4 من ابواب الانفال حدیث 12، ص 382.
39- الوسائل ج 6، ب 4 من ابواب الانفال حدیث 17، ص 384.
40- فى صفحة 463.
41- الوسائل ج 17، ب 2 من احیاء الموات، حدیث 1، ص 328.
42- الوسائل ج 17، ب 3 من ابواب احیاء الموات، حدیث 2، ص 329.
43- الوسائل ج 17، ب 4 من احیاء الموات، حدیث 1، ص 330.
44- الوسائل ج 17، ب 2 من احیاء الموات، حدیث 1، ص 328.
45- الوسائل ج 11، ب 71 من ابواب جهاد العدو، حدیث 2، ص 118.

ص (472 - 478)

ص (472 - 478)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة472] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومنها میراث من لا وارث له کما تدل علیه موثقة اسحاق بن عمار المتقدمة(46) ویمکن ان یلحق به کل مال مجهول المالک بحیث لا یعرف مالکه ولو فى جمع محصور فاما ان یسلم الى الحاکم الشرعى وامّا ان یتصدق باذنه.
وتدلّ على ذلک صحیحة داودبن أبی یزید(47)
ومنها قطایع الملوک وصفایاهم کما فى صحیحة داودبن فرقد(48) ومرسلة حماد الطویله(49) وموثقة ابی بصیر على قول(49)
ومنها ارض الصلح وهى ما اعطوا للمسلمین باختیارهم وأیدیهم والدلیل علیه صحیحة محمدبن مسلم(49)
ومنها الغنیمة بلا اذن الامام کما تدل علیه صحیحة معاویة بن وهب(49)
بقى الکلام فى حکم الانفال لا شبهة فى ان الامام(علیه السلام) اباح وحلّل قسماً من الانفال للشیعة کاراضى الموات والاودیة والبحار والانهار وکل ارض لا رب لها وان کانت محیاة فللشیعة الاستفادة منها باىّ وجه کان ولکن لابدّ من بذل الجهد والعمل والصنع.
وامّا بالنسبة الى غیر الشیعة فقد عرفت أنّ المطلقات المجوزة للاحیا والعمومات تشمل غیر الشیعة ایضاً حتى الیهود والنصارى فضلا عن المخالف والسیرة القطعیة من المتشرعة قائمة على ذلک فلو احیى الیهود والنصارى ارضاً مواتاً فى بلاد الاسلام لم یجوّزوا اخذها منهم قهراً فضلا عن المخالفین.
لا اشکال فى أن الرسول او الامام(علیه السلام) اذا اقطع قطعة من الموات او المعدن للشخص صحّ ولا اشکال فیه، والإقطاع هو اعطاء حق العمل للشخص أو الأشخاص بان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة473] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

یعملوا فیها ویستفیدون ویستثمرون منها بمقدار طاقتهم وقدرتهم ولا یقطع زائداً عن الحاجة لانه باعث لتعطیل الارض والثروة والاقطاع بهذا النحو بمکان من الامکان ولانرى به بأساً.
ولکن بعض المعاصرین استشکل بان اثباته بدلیل معتبر مشکل جدّاً حیث لم یرد فى دلیل معتبر ان النبى الاکرم(صلى الله علیه وآله وسلم) او الامام(علیه السلام) اقطع لفرد أو جماعة هذه الارض أو ذلک المعدن.
نعم نقل عن النبى الاکرم(صلى الله علیه وآله وسلم) أنه اقطع ـ عبدالله بن مسعود ـ الدور وهى اسم موضع بالمدینة. واقطع ـ وایل بن حجر أرضاً بحضر موت ـ وأقطع الزبیر حضر فرسه. ولکن کل ذلک لم یثبت بنصّ معتبر.
وفیه انه یمکن ان یناقش فیه بان الاقطاع بهذا لمعنى لایحتاج الى دلیل فان الرّسول او الامام بما انه مالک للانفال فله أن یسلّم الأرض او المعدن للشخص أو الاشخاص بأن یعطى له حق الاختصاص مقدمة للاحیاء ولئلاّ یزاحمه فرد آخر فان وفر له شروط الاحیاء واستخراج المعدن فهو والاّ یسلّمها لفرد آخر، وهذا لیس امراً على خلاف القاعدة حتى یحتاج الى دلیل معتبر.
فکما یجوز لهما ذلک یجوز التملیک ایضاً فان أمر الانفال بیدهما یتصرف فیها باىّ نحو کان.
ثم قال هذا المعاصر: نعم یمتاز التفسیر الاول عن التفسیر الثانى فى نقطة اخرى وهى ان الاقطاع بالتفسیر الثانى خاص بالنبى الاکرم والامام(علیهما السلام)ولیس لاحد غیر هما ذلک واما الاقطاع بالتفسیر الاول فهو غیر خاص بهما.
ویمکن أن یناقش فیه بأن الولایة العامة ان ثبت للفقیه الجامع للشرائط ـ کما هو مختار الامام الخمینى(قدس سره) ـ فله کلا الأمرین وان لم یثبت ذلک، فلیس له اىّ منهما فالتفصیل بین الأمرین لیس بوجیه.
وأمّا الحماء فى الأراضى الموات والانفال فهل یجوز مطلقا او لایجوز مطلقا أو فیه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة474] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تفصیل لا اشکال فى جوازه للامام(علیه السلام) مطلقا فانه مالک ومسلط علیها مطلقا واما ذو السلطة والقدرة والحکم فلا یجوز له ذلک مطلقا لان الاسلام لا یرى لحمائه اثراً مطلقا وان تعارف ذلک فى بعض الرّساتیق والجبال ولکنّه تحکم بالقدرة والسلطة بملاک ان الحق لمن غلب.
نعم اذا یرى الفقیه الجامع للشرائط صلاحا فى ذلک فله ذلک فانه نائب للامام(علیه السلام) فعلیه اذا تنازع أهل القریة فى ذلک فقسّمها الفقیه بینهم حسماً لمادة النزاع صحّ ذلک ولا یجوز التعدّى عنه.
هذا کلّه فى الأنفال والثروات العامة.
وامّا ما کان من الانفال ولم یکن من الثروات العامة کقطایع الملوک وصفایاهم ومیراث من لا وارث له والغنیمة بلا اذن الامام والمال المجهول مالکه، فامرها بید الفقیه الجامع للشرائط ولا تشملها الاباحة الصادرة منهم بالنسبة الى الانفال فان ابا حتها توجب الهرج والمرج والتشاح والتنازع.
بقى امور لابأس بالتعرض لها ولا یخلو من الفائدة:
احدها أن الاحیاء هل یکون قابلا للتّبرع ام لا؟ قال بعض المعاصرین بعدم صحة ذلک لأن حصول الملک او الحق للمتبرع له باحیاء المتبرع یقوم على اساس امکان اضافة عملیة الاحیاء الى غیر المباشرلها وهو المتبرع له فى مفروض المسألة بان یکون قیام المتبرع باحیاء الارض وعمارتها مقدمة لسیطرة غیره علیها وموجبا لا ضافتها الیه.
ولکن لا یمکن تحقق هذه الاضافة فان عملیة الاحیاء بما انها فعل تکوینى خارجى فهى تقوم بالمحیى نفسه قیاماً مباشریاً ومن الطبیعى انها بالرغم من قیامها به لا تعقل اضافتها بنفسها الى غیره فان منشأ الاضافة الیه على حد اضافة الفعل الى الفاعل انما هو صدورها عنه والمفروض هنا عدمه ومن الواضح ان مجرد نیّة التبرع لا یصحح الاضافة کما هو الحال فى غیره من الافعال التکوینیة وعلیه، فلا یوجد مبرّر وسبب لملکیة غیر المباشر أو أحقیته والاحیاء بما انه قائم بالمحیی فهو یبرّر علاقته بما یحییه

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة475] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

دون غیره.
وفیه انه لا یمکن المساعدة علیه فان عملیة الاحیاء عمل محترم قابل للتبرع کالحج فانه عمل تکوینىٌ من الاحرام والطواف والسعى والوقوف با لعرفات والمشعر والرمى للجمرات والحلق والتقصیر وذبح الهدى فانها کلها امور تکوینیة یصح ایجاد ها لنفسه وللمتبرع له،
الاترى ان سیرة العقلاء تشهد على صحة ذلک کما اذا کان المؤمن مریضاً ذا عائلة ولم تکن له دار سکنى فأراد رجل من الاخیار ان یبنى له داراً فى الارض الموات من الاحجار والطین والاشجار الّتى لارب لها فاذا کملت دعاه الى سکناها ویقول له قد بنیت هذه الدار لک تبرّعاً وهذا مرضىّ عند العقلأ کما هو مرضىّ عند الشرع والمتشرعة.
الثانى هل یجوز التوکیل فى الإحیاء ام لا بحیث یحصل للموکّل ملک بفعل الوکیل او حق ام لا؟ قال بعض المعاصرین: انه یرتکز على تعقل صحة اسناد فعل الوکیل من جهة الوکالة الى الموکل لیکون احیاء الوکیل احیاء الموکل ولکن لا یتعقل هذا الاسناد والانتساب فى المقام وامثاله وذلک لان انتساب فعل الوکیل الى الموکل انما هو فى الامور الاعتباریة کالبیع والاجارة والهبة والمضاربة والنکاح والطلاق وماشاکل ذلک فانه على اساس الوکالة فى تلک الموارد یصدق على الموکل انه باع داره مثلا ـ اذا باع وکیله او انه عقد على امرأة اذا عقد وکیله وهکذا.
وامّا فى الأمور التکوینیة کالاحیاء ونحوه فلا یعقل انتساب فعل الوکیل الى الموکل على اساس الوکالة فان الفعل الخارجى التکوینى بطبعه غیر قابل للتّوسعة فى الانتساب فانه انما ینتسب الى من یقوم به هذا الفعل بنحو من انحاء القیام دون غیره لعدم علاقته به والوکالة فیه لا توجب فیه هذه العلاقه والانتساب (الى ان قال بعد کلام طویل لایهمنا ذکره): ولکن مع هذا کله لا یبعد بناء العقلاء على صحة الوکالة فى مثل عملیة الاحیاء والحیازة والقبض وما شا کل ذلک ومن هنا کان المشهور بین الفقهاء صحة الوکالة فى القبض رغم انه امر تکوینى، والسّر فیه ان هذه الامور وان کانت تکوینیة الا انها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة476] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لدى العرف والعقلاء تمتا زعن غیرها من الامور التکوینیة کالاکل والشرب والقیام والقعود وماشاکل ذلک فى امکان انتسابها الى غیر المباشر لجهة من الجهات کالوکالة ونحوها) انتهى ملخّصاً.
وتحقیق المقام یقتضى التکلم فى مقامین المقام الاوّل فى الوکالة بالنحو الکلى المقام الثانى فى الوکالة فى الاحیاء والحیازة.
اما المقام الاول فملخص الکلام فى ذلک أن الوکالة والاحیاء والحیازة والقبض وامثالها امور عقلائیة تصح فى کل مورد جرت فیه سیرة العقلاء ولم یرد فیه نهى من الشرع والاستقراء فى مواردها یعطى ان الوکالة تصح فى کل مورد تعطى للوکیل سلطة وصلاحیة کانت منتفیة فیه قبلها مع عود اثرها الى الموکل ولافرق فى ذلک بین الامور الاعتباریة و التکوینیة امّا فى الأمور الاعتباریة کالوکالة فى البیع والشراء والاجارة والنکاح والطلاق والعتق وامثالها واما فى الامور التکوینیة کالوکالة فى القبض فى الدین والوجوهات والمیراث والمهر وامثالها وکالوکالة فى الحج عن الحى اذا کان عاجزا عن المناسک وکالوکالة فى العبادات المستحبة عن الحى.
واما المقام الثانى وهى الوکالة فى الاحیاء والحیازة فلا بد فیها من التفصیل: فان قلنا یعتبر فى المحیی والمحیز فى الانفال الاسلام تصح وکالة الکافر فیهما من قبل المسلم فان توکیله له یعطى له صلاحیة وسلطة فى الاحیاء والحیازة لأن الکافر لیس له صلاحیة لهما على الفرض واما توکیل المسلم للمسلم فیهما فلا یصح لانه لا یمنح له سلطة وصلاحیة زائدة على ما کانت له فاذاً لا تکون السیرة العقلائیة قائمة علیه فلا تکون عقلائیة فلا یمکن القول بصحتها فما ذکره المعاصر من انه ان قلنا بصحة الوکالة فى الامور التکوینیة صحت فى الأحیاء والحیازة، لا یصح لان هذه الوکالة لا تمنح للوکیل سلطة وصلاحیة الاّ اذا قلنا باعتبار الاسلام فى المحیى والمحیز فانها بناء علیه تمنح للوکیل صلاحیة وسلطة اذا کان کافراً فانه لا صلاحیة له فى الاحیاء والحیازة فاذا وکلّه المسلم فیهما یمنح له الصلاحیة والسلطة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة477] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وبعبارة اخرى السّیرة العقلائیة جاریة فى التوکیل فیما اذا کان المتعلق حقاً اختصاصیاً للموکل بلا فرق بین الامور الاعتباریة والتکوینیة فان قبض المبیع وقبض الثمن فى المتبایعین حق اختصاصى لهما فیجوز التوکیل فیهما وکذا قبض الدین حق اختصاصى للدائن وحق الازدواج مختص بالزوج والزوجة فیجوز التوکیل فیهما وحق البیع والشراء، مختص بالبایع والمشترى، فیجوز التوکیل فیهما وحق الطلاق مختص بالزوج، فیجوز التوکیل فیه.
ومما ذکرنا ظهر انّ التوکیل فى الأمور التکوینیة التى یرجع اثرها الى الموکل وکانت من الحقوق الخاصة للموکل لیس على خلاف القاعدة حتى یحتاج الى دلیل خاص وظهر ایضاً ان التوّکیل فى الحیازة والقبض وعملیة الإحیاء لیس من باب واحد فان القبض حیث انه من الحقوق الخاصة للموکل، یصح التوکیل فیه مطلقاً بلا فرق بین الموارد.
وامّا عملیّة الإحیاء والحیازة بالنسبة الى المسلمین فلیست من الحقوق الخاصة لبعضهم دون بعض حتى یصحّ التوکیل فیها فان توکیل المسلم للمسلم لا یمنح له اىّ صلاحیة وسلطة حتى یصح فیه التوکیل (و در فارسى توکیل به معنى سپردن است و آن در جاى صدق مى کند که وکیل داراى آن چیز نباشد) ومن الواضح أن عملیة الاحیاء والحیازة حق لکل من المسلمین فکیف یصح فیها التوکیل.
وهذا بخلاف قبض الدین أو المبیع او الثمن او المهر فانه حق اختصاصى للموکل فان لم یوکّل فیه احداً لیس هذا لحق الاّ لنفسه.
ثم انّ هذا لمعاصر عطف الحیازة على الاحیاء فى عدم جواز التبرع فیهما وجواز التوکیل فیهما مع ان المطلب على العکس تماماً فان التبرّع فى الحیازة امر مرغوب فیه عقلا وشرعا امّا العقل فیحکم بحسنه ویستقل فیه وامّا الشرع فهو یحکم بالعدل والاحسان حیث قال الله تعالى فى کتابه الکریم ان الله یأمر بالعدل والاحسان.
ثم إنّ السیرة القطعیة بحسب الاستقراء جاریة على جواز الوکالة فى کل مورد کان

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة478] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

متعلّق الوکالة حقاً اختصاصیّاً للموکل بلا فرق بین الامور الاعتباریة والتکوینیة وعدم الردع عنها یکون امضاءً لها.
وصحیحة محمد بن ابی عمیر موکدة لامضائها(50)
ویمکن ان یستدل على صحة التبرع فى الحیازة والاحیاء بنحو آخر بأن نقول: التبرع بالحیازة والاحیاء حسنة وکل من جاء بالحسنة فله عشر امثالها فالتبرع بهما له عشر امثاله من الأجر والثواب.
فعلیه یکون معنى قوله(ع): (من أحیى أرضاً مواتاً فهى له)
امّا ملکاً او حقًا او اجرة او ثوابًا ومثل التبرع للشخص، التبرع لله تعالى کما اذا بنى مسجداً فى الموات فان الاحیاء یکون للتبّرع لله حیث أن المسجد بیت لله وکذا اذا احیاها لبناء الحسینیة فان احیائها تبرع للحسین(علیه السلام) والعائد الى المحیى هو الأجر والثواب وکذا الکلام اذا کان الاحیاء للمدرسة الدینیة فان الاحیاء تبرّع من المحیى الى المحصّلین للعلوم الدّینیة والعائد الى المحیى هو الاجر والثواب.
الثالث هل یجوز الاستیجار فى الاحیاء ام لافنقول:
إن إحیاء الارض الموات للمستأجر بعملیة الأجیر یمکن أن یقرّب بنحو ین احدهما ثبوتى والاخر اثباتى.
التقریب الأول هو أن عقد الایجار و الإستیجار یوجب ان یکون المستأجر مالکاً لعمل الاجیر وهو احیاء الارض فاذا کان مالکا للاحیاء فهو مالک للارض المحیاة قهراً لعدم امکان التفکیک بین الامرین بل یمکن أن یقال: إنّ عمل الأجیر اذا اسند الى الفاعل یسمّى احیاءً واذا اسند الى القابل وهى الارض یسمّى حیاة نظیرالایجاد والوجود فانهما امر واحد اذا اسند الى الفاعل یسمى ایجاداً واذا اسند الى القابل یسمى وجوداً وموجوداً.
وکیفما کان فان المستأجر بعقد الایجار یملک عملیة الاحیاء الصادرة من الاجیر

46- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 20.
47- الوسائل ج 17 ب 7 من ابواب اللّقطه، حدیث 1 ص 357.
48- الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 6.
49- (5)(6)(7) الوسائل ج 6، ب 1 من ابواب الانفال، حدیث 4، 15، 10، 3.
50- الوسائل ج 13، ب 7 فى أحکام الوکالة حدیث 1، ص 290.

ص (479 - 486)

ص (479 - 486)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة479] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وهو یستتبع مالکیة ارض المحیاة قهراً، وهذا التقریب انما هو فى مقام الثبوت.
التقریب الثانى ان المستأجر بما أنه مالک لعملیة الإحیاء فى ذمة الاجیر فیصح اسناد تلک العملیة الیه حقیقة وعلى هذا فتملّک المستأجر الارض المحیاة انما هو بوصف کونه قائماً باحیائها فیشمله قوله(ع) (من احیى ارضاً مواتا فهى له) فیکون نفس المستأجر محییًا للارض، وهذا لتقریب انما هو فى مقام الاثبات.
وقد یستشکل علیه بان ملکیة المستأجر لعملیة الاحیاء لا تحقق صحة اسنادها الیه حقیقة اسناد الفعل الى الفاعل، لیکون المستأجر مشمولا لعمومات ادلة الاحیاء وانما تحقق صحة اسنادها الیه اسناد الملک الى المالک، فالاضافة فى المقام اضافة الملکیة لا اضافة الفعلیة، ومن الواضح ان اضافة الملکیة لا تؤثّر فى علاقة المستأجر بالمحیاة فان المؤثر فیها انما هو الاضافة الفعلیة وهى مفقودة فى المقام، ضرورة انه لا یصدق فى المقام عرفا على المستأجر انه قائم بعملیة الاحیاء من جهة قیام اجیره بها.
وفیه ان الصدق العرفى لا یکون قابلا للانکار ان فعل المحیی للاحیأ قد یکون بلا واسطة کما اذا باشره بنفسه وقد یکون مع الواسطة کما اذا کان الاحیاء بواسطة الأجیر، الاترى انه لو اراد من له امکان مالى باحیاء قطعة کبیرة من ارض الموات فیستخدم فى کل یوم خمسین اجیراً فاحیى ها فى شهر واحد فاذا سئل عن المحیى لها یجاب بان المحیى ذلک الفرد المستأجر، لا انه هو الاجراء الذین یصل عددهم الى الف وخمسة مأة نفر فلا یکذب المجیب عند العرف اذا اسند الاحیاء الى صاحب العمل لا العمال، بل لو اسنده الیهم، لا یصدّق عند العرف.
وهکذا الکلام لو عمّر فیها قصراً فان فعل الاعمار یستند الى المستأجر جزماً واسناده الى العمال یکون مورداً للسخریة والاستهزاء.
الاترى أنه لو عمّر التاجر الخیّر مسجداً فى الارض الموات بواسطة العمال تشمله الآیة المبارکة (انما یعمر مساجد الله من آمن بالله والیوم الآخر) فإحیاء الأرض واعمار المسجد فیها یستند الیه عند العرف والعقلأ ولایستند الى العمال والاجراء والمصداق

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة480] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للآیة المبارکة هو التاجر فقط، ولا سیما اذا کان فى العمال من لا یکون مسلماً وکان یهودیاً او نصرانیاً او کان کلهم غیر مسلم فان مقتضى عقد الایجار صحة هذه الاجارة فعلیه لا یکون العامر والمحیى للارض الاالمستأجر فیصح ان یقال انه احیى هذه الارض وصیّرها مسجداً فتشمله العمومات: (من احیى ارضاً میتة فهى له)
الرابع هل یشترط فى الاحیاء ان لا تکون الارض المیتة حریما لعامر من بلد او قریة او بستان او مزرعة او قنات او بئر او عین او نهر ونحو ذلک.
قال فى الجواهر (فى مقام اعتبار هذا لشرط) (بلا خلاف اجده فیه کما اعترف به غیر واحد بل فى التذکرة: لا نعلم خلافاً بین علماء الامصار ان کل ما یتعلق بمصالح العامر کالطریق والشرب وسیل ماء العامر ومطرح قمامته وملقى ترابه وآلاته او لمصالح القریة کقناتها ومرعى ماشیتها ومحتطبها ومسیل میاهها لایصح لاحد احیائه ولا یملک بالاحیاء وکذا حریم الآبار والانهار والحائط وکل مملوک لا یجوز احیاء ما یتعلق بمصالحه لمفهوم المرسل المزبور (: من احیى میتة فى غیر حق مسلم فهى له(51)) ولانه لو جاز احیائه ابطل الملک فى العامر على اهله وهذا مما لا خلاف فیه) وعن المحقق فى جامع المقاصد الاجماع علیه وکیفما کان فقد استدل على عدم جواز احیاء الحریم بوجوه:
احدها الاجماع الذى ادعاه فى جامع المقاصد.
الثانى قاعدة الضرر فانه(ص) قال: لاضرر ولاضرار فى الاسلام.
الثالث مرسل البیهقى المزبور.
الرابع صحیحة احمد بن عبدالله (اومحمدبن عبدالله) قال: سألت الرّضا(علیه السلام) عن الرجل تکون له الضیعة وتکون لها حدود تبلغ حدودها عشرین میلا او اقل او اکثریأتیه الرجل فیقول: اعطینى من مراعى ضیعتک واعطیک کذا وکذا درهماً، فقال ان کانت

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة481] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الضیعة له فلا بأس(52)
الخامس خبر ادریس بن یزید او زید عن ابی الحسن(علیه السلام) قال: سألت وقلت: جعلت فداک ان لناضیاعاً ولنا حدود ولنا الدواب وفیها مراعى وللرجل مناغنم وابل ویحتاج الى تلک المراعى لا بله وغنمه ایحل له ان یحمى المراعى لحاجته الیها؟
فقال(ع): اذا کانت الارض ارضه فله ان یحمى ویصیر ذلک الى مایحتاج الیه، قال: وقلت له: الرجل یبیع المراعى؟ فقال: اذا کانت الارض ارضه فلا بأس(53)
وعن جماعة من الاصحاب منهم صاحب المسالک ان الحریم ملک کا لاصل بل فى المسالک انه الاشهر.
قال فى الجواهر: ربما کان ظاهرهما الملکیة (اى ظاهر الروایتین) وعلّل ذلک بأنه مکان استحقّه بالاحیاء فملک کالمحیى، ولان معنى الملک موجود فیه لدخوله مع المعمور فى بیعه، ولان الشفعة تثبت فى الدار بالشرکة فى الطریق المشترک المصرح فى النصوص المزبورة ببیعه معها(54)
والجواب امّا عن الاجماع اولا انه منقول ولا حجیة فیه وثانیاً ان مدرکه احد الوجوه الآتیة.
وامّا مرسل البیهقى فلا رساله لا یعتمد علیه،
واما قاعدة الضرر فلا بأس فى الاستدلال بها فان التصرف فى الحریم من الغیر ان کان موجباً لتضرّر صاحب الملک فلا یجوز.
وأمّا صحیحة محمدبن عبدالله المؤیدة بروایة ادریس فقد استظهر فى الجواهر منهما ان الحریم ملک کذى الحریم کما عن جماعة من الاصحاب.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة482] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وفیه انها لا تدل على ذلک بل تدل على ان المراعى کانت فى الضیعة المملوکة لا فى حریمها.
ولو تنزلنا عن ذلک فنقول انهما مجملتان ولا ظهور لهما فى کون المراعى فى الحریم لا فى نفس الضیعة.
واما التعلیل فلا یدل على الملکیة فان المحیى للارض یستحق الانتفاع بالمحیاة فلا یجوز مزاحمته فیه واما استحقاقه للحریم زایداً على ذلک فلا دلیل علیه اصلا.
ومنه یظهر الجواب عن التعلیل الثانى فان الحریم لا یکون داخلا فى المبیع بل للمشترى حق الانتفاع من المبیع ولا یجوز مزاحمته فیه ولا جل ذلک یذکر فى السند
حدود المبیع لا حدود الحریم فلوکان داخلا فى المبیع لا بد من ذکر حدوده فى السند.
واما الاستدلال بنصوص الشفعة ففیه اولا ان الطریق کالدار محیاة فأنّ احیاء کل شیىء بحسبه فاذاً کانت المحیاة ملکاً للشرکاء، وهو لایستلزم ملکیة غیر المحیاة من الحریم.
وثانیاً انها تدل على ثبوت الشفعة بین الشرکاء مع انه قد ثبت فى باب الشفعة انه لا شفعة الاّ بین الشریکین فاذا کانت الشرکة بین اکثر من شریکین انتفت الشفعة.
ثم ان صاحب الجواهر استظهر من السیرة المستمرة جواز التنازل فى الحریم لغیر اهل البلد والقریة وعدم الاعتراض على النازل فى مرعى الماشیة ومحطبهم وان استلزم بعد بعض الحقوق والاّ لکان بین کل واحد وجماعة مسافة بعیدة.
وفیه انه لا ملازمة بین کون الدور فى القرى والبلدان متلاصقة وجواز النزول فى الحریم لانه یمکن الجمع بین عدم جواز النزول فى الحریم، وکون الدور فى القرى والبلدان، متلاصقة.
فان ذلک یمکن تصویره بانحاء احدها أن من احیى داراً فى الموات حیث کان بحاجة شدیدة الى الجار دعا غیره باعمار الدار متلا صقة بداره او دعى جماعة الى اعمار الدّور فى جواره متلاصقة دفعًا للسراق والمحاربین.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة483] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الثانى انه یمکن ان جماعة من المسلمین کانوا احیو الارض مشترکین للزراعة ثم قسموا الارض وبنوا على اعمار کل واحد منهم داراً فى ملکه، فلا یبقى لکل دار، حریم فى اطرافها.
الثالث ان یبنى ولى الامر، او الدولة، مدینة للمستضعفین، فاسکنهم فیها کما هو المتعارف فى هذا العصر، فان الحریم لا یبقى لکل دار على حده.
الرابع ان یحیى شخص واحد ساحة کبیرة من الارض او تملکها با لارث فباعها للناس لاعمار الدور والمساکن.
ثم لا یخفى أن حریم کل شىء بحسبه فالطریق حدّه خمس اذ رع لموثقة البقباق عن ابی عبدالله(علیه السلام)(55) وهذا لقول اختاره المحقق والعلامة والفخر نا سباله الى کثیر، واختاره فى المسالک ایضاً وایّده بأصالة البرائة یعنى لو شک فى انه هل یجوز له احیاء مازاد من الخمس او یمنع عنه الى سبع اذرع فاالأصل هى البرائة.
وعن جماعة أخرى من الأصحاب إن حدّ الطّریق هى سبع أذرع وذلک لمعتبرة السکونى عن ابی عبدالله(علیه السلام)(56)
ویمکن الجمع بینهما بان مادلّ على خمس اذرع یحمل على ما اذا لم یکن الطریق طریقا للقوافل، ومادل على السبع، یحمل على ما اذا کان طریقا لها، فان الحمل على التعبّد فى مثل المقام لا یمکن ولا سیما فى العصر الحاضر فان سبع اذرع ایضاً لا یکفى لعبور السیّارات.
وفى موثقة اخرى عن ابی العباس البقباق عن ابی عبدالله(علیه السلام)قال: قلت له:

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة484] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطریق الواسع هل یؤخذ منه شىء اذا لم یضر بالطریق؟ قال لا.(57)
والمستفاد من هذه الموثقة هو ان الطریق العام الذى کان معبراً للنّاس اذا کان ازید من سبع لا یجوز احیاء الزائد عنه وان لم یضرّ بالمارة وذلک لأنّ الطریق کان معبراً للعموم فهو متعلق لحقهم فلا یجوز احیاء جزء منه.
وهذا بخلاف ما اذا أو جدوا لطریق ابتداءً فاذا لم یکن معبراً للقوافل یکفى فیه خمس اذرع وان کان معبراً لها فلابدّ من سبع.
فبملاحظة النصوص وما هو الواقع الخارجى، لا بد من ان یقسم الطریق الى اقسام:
احدها ان یکون الطّریق معبراً عاماً للسّابق فما جرى علیه العبور والمرور فهو طریق مشروع لا یجوز تغییره واحیاء بعضه بلا فرق بین ان یکون اربع اذرع او ثلاث او خمس او سبع او ازید منه.
ثانیها ان قوماً ارادوا لا ستطراقهم احیاء طریق فتشا حّوا فیه بین اربع اذرع وخمس وسبع فهنا یکتفى بخمس بشرط ان لا یکون معبراً للقوافل والجمال مع الحمولة.
ثالثها ان یکون الطّریق یعدّ لعبور القوافل فاذا تنازعوا فیه فلا بد من جعله سبع اذرع وان کان فى القوم الّذین تشاحوا من لم یکن له بعیر وجمال ولکن الاخر کان له ذلک فهنا لا بد من اختیار السبع.
رابعها ما اذا تشا حوا فى عرضه لعبور السّیارات فهنا لا یکفى سبع اذرع بل لا بد من ان یکون عرضه عشرة أمتار أو اکثر وذلک لعبور السیارات الکبار کما اذا جائت سیارة من الأمام وأخرى من خلف، فلا بد من ان یکون عرض الطریق بمقدار، لا یقع الاستکاک بینهما.
وهل یجوز تغییر الطریق بان یجعله داراً او مزرعة او بستاناً ام لا؟ لا شک فى حرمة ذلک لانّه متعلق حق العموم وکذا لا یجوز تضییقه ایضاً لعین الملاک وان لم یزاحم

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة485] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العابرین.
ویستثنى من ذلک ما اذا أوجد طریقا أحسن من الاول بحیث کان الاستطراق منه وهجر الاوّل فانه بعد هجره لا مانع من احیائه.
ثم الکلام یقع فى أمور: أحدها حریم الشرب وهو النهر والقناة والعین الجاریة على الارض مثلا، فحریمه بمقدار مطرح ترابه والمجاز على حافتیه للانتفاع به ولا صلاحه على قدر ما یحتاج الیه عادةً وهذا مما لاخلاف فیه وتشتمل علیه مرفوعة ابراهیم بن هاشم: قال: حریم النهر حافتاه ومایلیهما(58)
وحیث انه امر على القاعدة فلا یضرّها الارسال.
ثانیها حریم بئر المعطن بکسر الطأ التى یستقى منها لشرب الابل وهو اربعون ذراعاً وتدل علیه معتبرة السکونى عن ابی عبدالله(علیه السلام)(58)
وامّا صحیحة حماد بن عثمان(58) وان لم یکن فیها قید المعطن الا انها قابلة للتقیید فتحمل علیه لمعتبرة السکونى.
ثالثها حریم بئر الناضح ـ وهى البئر الّتى یستقى منها للزرع وغیره ـ وهو ستون ذراعاً لمعتبرة السکونى المتقدمة.
رابعها حریم العین والقناة، وهو ان یکون الفصل بینها وبین عین او قناة اخرى فى الارض الصلبة، خمسمأة ذراع، وفى الأرض الرخوة الف ذراع وهذا مما اطبق علیه الاصحاب کما عن جامع المقاصد، ویدل علیه خبر عقبة بن خالد المنجبر بعمل الاصحاب رواه المشایخ الثلاثة عن ابی عبدالله(علیه السلام)(59) وحیث انه منجبر بعمل الاصحاب فیقید به الروایات المطلقة کمرسلة حفص عن ابی عبدالله(علیه السلام)(60) الدالة على اعتبار الفصل

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ [الصفحة486] ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بالف ذراع.
وکروایة مسمع عنه(علیه السلام)(61) الدالة على اعتبار الفصل بین العینین بخمسمأة ذراع وکمعتبرة السکونى (61) الدالة على اعتبار الفصل بذلک
ولا یخفى ان هذه التحدیدات الواردة فى الرّوایات ناظرة الى الغالب فان الضّرر یدفع بها غالباً والاّ فلا بد من الفصل بمقدار یدفع به الضّرر سواء فى ذلک الأقل والاکثر وذلک لصحیحة محمدبن الحسین عن ابی محمد(علیه السلام)(62)
فعلیه قد یکون الضرر بحفر قناة او عین اخرى باکثر من الف ذراع فلا یجوز وقد لا یکون الضرر بالحفر فى اقل من خمسمأة ذراع فیجوز.
ومنه یظهر أن للقناة والعین والبئر حریمین احدهما ما یتوقف علیه الاستفادة منها وهو أربعون ذراعاً او ستون أو اقل أو اکثر.
ثانیهما ان یکون حفرقناة او عین او بئر اخرى مضرّاً بالاولى من جهة نقصان مائها، فعلیه لوا حیى رجل آخر فى اقلّ من الف ذراع مزرعةً او داراً او رباطاً او حانوتاً لا مانع منه لا نه لا یضرّ با لاستفادة من القناة والعین ولا یوجب نقصان مائهما.

(تم بالخیر ما اردنا ایراده الحمدلله رب العالمین.)
قم المقدسة
الثنأ والتحیة


52- الوسائل ج 17، ب 9 من ابواب احیاء الموات، حدیث 1، ص 336.
53- الوسائل ج 12، ب 22 من ابواب عقد البیع وشروطه، حدیث 1، ص 276.
54- الوسائل ج 17، ب 4 من ابواب الشفعة، حدیث 1 و 2 و 3، ص 318.
55- الوسائل ج 13، ب 15 من کتاب الصّلح، حدیث 1، ص 173، قال(ع): اذا تشاح قوم فى طریق فقال بعضهم سبع اذرع وقال
بعضهم اربع اذرع فقال ابو عبد الله(علیه السلام): لا بل خمس اذرع.
56- الوسائل ج 13، ب 15 فى احکام الصّلح، حدیث 2، ص 173.
57- الوسائل ج 12، ب 27 من عقد البیع، حدیث 1، ص 281.
58- (2) (3) الوسائل ج 17، ب 11 من احیاء الموات، حدیث 4، 5، 1، ص 339 و 338.
59- الوسائل ج 17، ب 11 من احیاء الموات حدیث 3، ص 338.
60- الوسائل ج 17، ب 13 من احیاء الموات، حدیث 1، ص 342.
61- (2) الوسائل ج 17، ب 11 من احیاء الموات حدیث 6، 5 ص 338 و 339.
62- الوسائل ج 17، ب 14 من احیاء الموات، حدیث 1، ص 342.